الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: منحة الخالق على البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***
(قوله فما يرجع إلى الشاهد البلوغ والحرية إلخ) ترك السمع وقد ذكره فيما مر آنفا عن الشروح وبه تصير ثمانية عشر (قوله فالحاصل أن شرائطها أحد وعشرون إلخ) هذا الحاصل غير موافق لما مر بل الموافق له أن يقال فالحاصل أن شرائطها أربعة وعشرون شرائط التحمل ثلاثة وشرائط الأداء أحد وعشرون منها شرائط الشاهد سبعة عشر عشرة عامة وسبعة خاصة ومنها شرائط نفس الشهادة ثلاثة وشرط مكانها واحد. (قوله وإنما قلنا أو حكما ليدخل إلخ) قال بعض الفضلاء ونظر فيه المقدسي بأن الواجب في هذا إعلام المدعي بما يشهد فإن طلب وجب عليه أن يشهد وإلا لا إذ يحتمل أنه ترك حقه (قوله فإن كانت أسرع وجب الأداء إلخ) فيه تأمل مقدسي وكأنه لعدم ظهور وجه الوجوب حيث كان هناك من يقوم به الحق حموي كذا نقله بعض الفضلاء ولكنه بحثه في مقابلة المنقول فقد ذكر المسألة في شرح الوهبانية عن الخانية (قوله السادس أن لا يقف الشاهد إلخ) قال الرملي قال في الجوهرة وكذا إذا خاف الشاهد على نفسه من سلطان جائر أو غيره أو لم يتذكر الشهادة على وجهها وسعه الامتناع ا هـ. (قوله وفي شرح منظومة ابن وهبان إلخ) أقول: قال شارحها العلامة عبد البر بن الشحنة نقلا عن مختصر المحيط للخبازي أخرج الشهود إلى ضيعة اشتراها فاستأجر لهم دواب ليركبوها إن لم يكن لهم قوة المشي ولا طاقة الكري تقبل شهادتهم وإلا فلا فإن أكل طعاما للمشهود له لا ترد شهادته وقال الفقيه أبو الليث الجواب في الركوب ما قال أما في الطعام إن لم يكن المشهود له هيأ طعامه للشاهد بل كان عنده طعام فقدمه إليهم وأكلوه لا ترد شهادتهم وإن هيأ لهم طعاما فأكلوه لا تقبل شهادتهم هذا إذا فعل ذلك لأداء الشهادة فإن لم يكن كذلك لكنه جمع الناس للاستشهاد وهيأ لهم طعاما أو بعث لهم دواب وأخرجهم من المصر فركبوا وأكلوا طعامه اختلفوا فيه قال الثاني في الركوب لا تقبل شهادتهم بعد ذلك وتقبل في أكل الطعام وقال محمد لا تقبل فيهما والفتوى على قول الثاني لجري العادة به سيما في الأنكحة ونثر السكر والدراهم ولو كان قادحا في الشهادة لما فعلوه كذا في الفجرية. ا هـ. (قوله وتعقبه في فتح القدير بقوله إلخ) قال العلامة عبد البر بن الشحنة وعندي أن الوجه كما قال شيخ الإسلام سيما وقد فسد الزمان وعلم من حال الشهود التوقف وهذا مطلق عن مسائل الفروج والظاهر أن هذا مطرد في كل حرفة لا يتوجه فيها تأويل (قوله وفي الملتقط الإشهاد على المداينات والبيوع فرض) قال في التتارخانية عن المحيط وذكر في فتاوى أهل سمرقند أن الإشهاد على المداينة والبيع فرض على العباد إلا إذا كان شيئا حقيرا لا يخاف عليه التلف وبعض المشايخ على أن الإشهاد مندوب وليس بفرض. (قوله وحكى الفخر الرازي في التفسير إلخ) قال الرملي هذا ظاهر في أنه إذا ادعى أنه أخذ مالي أو دابتي تسمع وإن لم يبين وجه الأخذ ا هـ. ذكره الغزي (قوله وأورد المعارضة إلخ) قال الرملي عبارة فتح القدير وأن النص أوجب أربعة رجال بقوله تعالى: {أربعة منكم} فقبول امرأتين مع ثلاثة مخالف لما نص عليه من العدد والمعدود وغاية الأمر المعارضة بين عموم قوله تعالى: {فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان} وبين هذه فتقدم هذه؛ لأنها مانعة وتلك مبيحة ا هـ. ولا يخفى عليك ما في كلامه من المخالفة والإيهام تأمل. (قول المصنف ولبقية الحدود والقصاص رجلان) قال الرملي أطلقه فشمل القصاص في النفس والعضو وفي الخانية ولو شهد رجل وامرأتان بقتل الخطأ أو بقتل لا يوجب القصاص تقبل شهادتهم وكذا الشهادة على الشهادة وكتاب القاضي إلى القاضي؛ لأن موجب هذه الجناية المال فقبل فيه شهادة الرجال مع النساء. ا هـ. أقول: علم به قبول شهادة رجل وامرأتين في طرف الرجل والمرأة والحر والعبد وكل ما لا قصاص فيه وكان موجبه المال ويعلم به كثير من الوقائع الحالية. (قوله أي وشرط امرأة أي شهادتها) قال الرملي سيأتي قريبا أن قبول شهادتها لثبوت سماع الدعوى لا لثبوت الرد بها فافهم والله سبحانه وتعالى أعلم قال في الخانية وفيما لا ينظر إليه الرجال كالقرن والرتق ونحوه اختلفت الروايات وآخر ما روي عن محمد أنه إن كان قبل القبض وهو عيب لا يحدث ترد بشهادة النساء وهو قول أبي يوسف الآخر والمرأة الواحدة والمرأتان سواء والمرأتان أوثق، وأما الحبل فيثبت بقول النساء في حق الخصومة ولا ترد بشهادتهن (قوله وظاهر اقتصاره على الثلاثة إلخ) قال الرملي ذكر في الدرر والغرر والولادة واستهلال الصبي للصلاة عليه والبكارة وعيوب النساء امرأة ا هـ. فدخل في قوله وعيوب النساء الحبل؛ لأنه من العيوب التي يرد بها المبيع تأمل (قوله وأشار بقوله فيما لا يطلع عليه رجل إلخ) قال الرملي قدم في باب ثبوت النسب في شرح قوله والمعتدة إن جحدت ولادتها بشهادة رجلين إلخ أنه أفاد بقوله بشهادة رجلين قبول شهادة الرجال على الولادة من الأجنبية وأنهم لا يفسقون بالنظر إلى عورتها إما لكونه قد يتفق ذلك من غير قصد نظر ولا تعمد أو للضرورة كما في شهود الزنا وفي منح الغفار نقلا عن السراج الوهاج وقال بعض مشايخنا تقبل شهادته أيضا وإن قال تعمدت النظر إليها. ا هـ. وأقول: فثبت الخلاف في التعمد ظاهر أو يمكن التوفيق بأن يحمل كلام النافي على التعمد لا لتحمل الشهادة والمثبت على التعمد لها إحياء للحقوق بإيصالها إلى مستحقها بواسطة أداء الشهادة عند الحاجة إليها وفي كلامهم نوع إشارة إليه وربما أفهم كلام الزيلعي في شرح قوله ولو قال شهود الزنا تعمدنا النظر قبلت أرجحية القبول وأيضا عبارته في هذا المحل ثم اختلفوا فيما إذا قال تعمدت النظر قال بعضهم تقبل كما في الزنا لطرحه ذكر مقابله وقياسه على الزنا والراجح فيه القبول تأمل ثم رأيت في التتارخانية نقلا عن العتابية واختلف المشايخ فيما إذا دعي إلى تحمل الشهادة عليها وهو يعلم أنه لو نظر إليها يشتهي فمنهم من جوز ذلك بشرط أن يقصد بذلك تحمل الشهادة لا قضاء الشهوة قال شيخ الإسلام الأصح أنه لا يباح ذلك ذكره في كتاب الكراهية. (قوله أطلقه فشمل المال وغيره) قال الرملي والشهادة على قتل الخطأ وما لا يوجب القصاص من قبيل الشهادة على المال قال في الخانية ولو شهد رجل وامرأتان بقتل الخطأ أو بقتل لا يوجب القصاص تقبل إلى آخر ما مر. (قوله لو قضى القاضي بشهادة الفاسق صح عندنا) قال الرملي وفي جامع الفتاوى وأما شهادة الفاسق فإن تحرى القاضي الصدق في شهادته تقبل وإلا فلا (قوله وقال أبو حنيفة يقتصر الحاكم على ظاهر العدالة) قال الرملي أي يجوز له الاقتصار على سبيل الجواز لا الوجوب (قوله ولا يسأل حتى يطعن الخصم) قال الرملي ولو بالجرح المجرد ولا ينافيه قوله فيما يأتي ولا يسمع القاضي الشهادة على جرح مجرد؛ لأن عدم سماعها لعدم دخوله تحت الحكم وإلا فالخبر عن فسق الشهود يمنع القاضي عن قبول شهادتهم والحكم بها فالطعن به مسموع منه قبل التزكية وسيظهر من مسائل الطعن والله تعالى أعلم (قوله وقال أبو يوسف لو قضى القاضي بغير تزكية الشهود أجزأت) قال الرملي عبارة القدوري وقال أبو يوسف ومحمد لا بد أن يسأل عنهم في السر والعلانية ومقتضاه أن القاضي يأثم بترك السؤال ولا ينافيه الإجزاء تأمل (قوله وفي التهذيب للقلانسي إلخ) قال العلامة المقدسي بعد ذكر ما في التهذيب لا يخفى أنه مخالف لما في الكتب المعتمدة ولا يقال يجب العمل به لأن الشاهد مجهول كالمزكي غالبا والمجهول لا يعرف المجهول؛ لأنا نقول الأمر كذلك لكن قال الفقيه لو استقصى مثل ذلك لضاق الأمر ولا يوجد مؤمن بغير عيب كما قيل ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى المرء نبلا أن تعد معايبه نقله بعض الفضلاء (قوله وفي السراجية والفتوى على أنه يسأل في السر) قال القهستاني وعن محمد أن تزكية العلانية بلاء وفتنة وتزكية السر أحدثها شريح وعليه الفتوى كما في المضمرات وغيره ويشكل ما في الاختيار أنه يسأل سرا وعلانية وعليه الفتوى ا هـ قلت: يمكن إرجاعه إلى قوله يسأل أي لا يكتفي بالعدالة الظاهرة فهو ترجيح لقولهما تأمل (قوله وإنما قدرناه؛ لأنه لا يسأل عن حرية الشاهد وإسلامه إلخ) قال الرملي قدمنا أن سؤاله عن العدالة على سبيل الوجوب فنفى سؤاله عن الحرية والإسلام ينفي الوجوب أيضا حتى لو سأله عنهما كان حسنا تأمل (قوله وفرق في الظهيرية بينهما إلخ) قال الرملي أي بين النصراني إذا أسلم وكان عدلا حيث تقبل وبين الصبي إذا بلغ حيث لا تقبل حتى يسأل عنه ويتأتى بقدر ما يقع في قلوب أهل مسجده ومحلته أنه صالح (قوله ويكتفي بالسكوت من أهل العلم والصلاح فيكون سكوته تزكية للشاهد) مخالف لما قدمه عن غاية البيان من قوله ومن عرفه بالفسق لم يصرح به بل يسكت احترازا عن هتك الستر أو يكتب الله أعلم به إلخ ثم رأيت بخط ثقة معزيا إلى المقدسي بعد ذكر ما في الملتقط قال أبو نصر كان سكوته منه طعنا في الشهادة (قوله وعلى قول من يقبل إلخ) جزم به في الخانية حيث قال فإن القاضي يسمع ذلك ويسأل عنهم فإن عدلوهم سأل القاضي الطاعنين بم يطعنون لاحتمال أنهم طعنوا بما لا يكون جرحا عند القاضي فإن بينوا ما يكون طعنا فإن الجرح أولى وإلا فإن القاضي لا يلتفت إليهم ويقضي بشهادة شهود المدعي وكذا لو عدل المزكي الشهود وطعن المشهود عليه وقال للقاضي سل عنهم فلانا وفلانا وسمى قوما يصلحون إلخ (قوله عند سؤال القاضي عن الشاهد) كان ينبغي أن يزيد أو عند طعن الخصم وبرهن عليه سرا لأنه تقبل حينئذ؛ لأنهم لم يفسقوا بإظهار الفاحشة بخلاف ما إذا برهن علانية لا يقبل برهانه لفسق شهوده بإظهار الفاحشة كما سيأتي آخر الباب الآتي وحينئذ يظهر الجواب الآتي عما في الملتقط تأمل (قوله من بحث المجمل أنه) أي المجمل وتعديل الخصم لا يصح. (قوله وأطلق في الواحد فشمل العبد والمرأة والأعمى) سيأتي بذكر أن المرأة والأعمى لا تجوز ترجمتهما فالظاهر أن المراد الإطلاق بالنسبة للتزكية. (قوله شرحها في شرحي منظومة ابن وهبان) أي في شرحها لمصنفها وشرحها لابن الشحنة وعبارة الثاني فشاهد الغريب هو أن يجتمع الخصوم بباب القاضي ومنهم شخص يدعي الغربة والغرم على السفر وفوت الرفاق بالتأخر ويطلب تقديمه لذلك فلا تقبل منه إلا بشاهدين على ذلك ولا يحتاج إلى تزكيتهما لتحقق الفوت بطول المدة بالتزكية والعدوى هو ما لو سمى شخصا بينه وبين المصر أكثر من يوم وله عليه دعوى لا يرسل القاضي خلفه حتى يقيم بينة بالحق الذي يدعيه ولا يشرط تعديلهما ونقل عن محمد أنه اشترط تعديل هذين لما فيه من الإلزام على الغير وكلما كان كذلك سبيله التعديل وإليه مال الحلواني وقال أنه روي عن الإمام وأما شاهد رد الطينة فهو ما لو ادعى على شخص ليس بحاضر معه بحق وذكر أنه امتنع من الحضور معه أعطاه القاضي طينة أو خاتما وقال أره إياه وادعه إلي وأشهد عليه فإن أراه ذلك وقال لا أحضر وشهد عند القاضي بذلك مستوران لا يسأل عنهما قالوا وفيما نقل عن محمد إشارة إلى تعديلهما حيث قيد بما فيه إلزام على الغير وقال الصدر الشهيد أن عدم التعديل أنظر للناس وبه نأخذ لخوف اختفاء الخصم مخافة العقوبة فإذا شهدا كتب إلى الوالي في إحضاره، وأما شاهدا تعديل العلانية فلا تشترط تزكيتهما ظاهرا بعد سؤال القاضي عن الشهود المطلوب تعديلهم في السر بمن يثق به من أمنائه وأخبره بعدالتهم ولا بد من المغايرة بين شهود السر والعلانية وإنما لم تشترط عدالتهم؛ لأنها للاحتياط إجابة للمدعي إلى ما طلب ا هـ. ملخصا. (قوله ولا بد من بيان الثمن في الشهادة على الشراء إلخ) سيذكر المسألة أيضا في آخر باب الاختلاف في الشهادة عند قول المتن ومن شهد لرجل أنه اشترى عبد فلان بألف إلخ ويأتي بسط الكلام عليها هناك (قوله: وأما كونه من المرئيات فبالكتابة إلخ) أي بناء على ما قاله النسفي وهو خلاف ما عليه العامة نعم أفتى به الشيخ سراج الدين قارئ الهداية إذا كان على رسم الصكوك واعترف بأنه خطه أو شهدوا عليه به وقد شاهدوا كتابته وعرفوا ما كتبه أو قرأه عليهم هذا حاصل ما أجاب به في موضعين من فتاواه (قوله إلا في تذاكر الباعة) رأيت في هامش نسخة قوله يا ركار بالياء المثناة تحت والراء المهملة آخرها راء مركب معناه المذكر وهو هنا الدفتر (قوله وفي الجامع الصغير شرط رؤية وجه المرأة) قال الرملي وسيأتي المختار للفتوى في آخر شرح المقولة ا هـ. قلت: ما سيأتي غير هذا كما سنبينه (قوله فإن عرفهما باسمهما ونسبهما عدلان) هكذا في النسخ بضمير التثنية في الثلاثة والصواب حذفه والضمير للمؤنثة كما في جامع الفصولين وفيه ولا يجوز الاعتماد على إخبار المتعاقدين باسمهما ونسبهما لعلهما تسميا وانتسبا باسم غيرهما ونسبه يريدان أن يزورا على الشهود ليخرجا المبيع من يد مالكه فلو اعتمد على قولهما نفذ تزويرهما وبطل أملاك الناس وهذا فصل غفل عنه كثير من الناس فإنهم يسمعون لفظ الشراء والبيع والإقرار والتقابض من رجلين لا يعرفونهما ثم إذا استشهدوا بعد موت صاحب البيع شهدوا على ذلك الاسم والنسب ولا علم لهم بذلك فيجب أن يحترز عن مثل ذلك وطريق علم الشهود بالنسب أن يشهد عندهم جماعة لا يتصور تواطؤهم على الكذب عند أبي حنيفة وعندهما شهادة رجلين كاف كما في سائر الحقوق أقول: يحصل للقاضي العلم بالنسب بشهادة عدلين فينبغي أن يحصل للشهود أيضا بشهادة عدلين كما هو قولهما. ا هـ. (قوله ولو قال المؤلف إلخ) ظاهره أن كلامه لا يشمل مسألة النهي المذكورة مع أنه يشملها وسيأتي قريبا تقييد مسألة النهي بما إذا لم يكن من المدعي. (قوله وهل يشترط رؤية وجهها إلخ) لم يذكر جواب الاستفهام وما ذكره بعده لا يصلح جوابا له ولعل في العبارة سقطا وقد مر في هذه القولة عن الجامع الصغير اشتراطه وعبارة الخلاصة وهل يشترط رؤية وجهها اختلف المشايخ فيه منهم من لم يشترط وإليه مال الإمام خواهر زاده وفي النوازل قال يشترط رؤية شخصها وفي الجامع الصغير يشترط رؤية وجهها إلى آخر ما قدمه وتقدم عن جامع الفصولين لو أخبر الشاهد عدلان أنها فلانة بنت فلان يكفي للشهادة على الاسم والنسب عندهما وعليه الفتوى قال أبو السعود فتحصل منه أن الفتوى على عدم اشتراط رؤية وجه المرأة ا هـ. (تنبيه) لا يخفى أن هذا كله عند عدم معرفته لها أما إذا عرفها فيشهد عليها بدون رؤية وجهها ولكن هذا ظاهر إذا رأى وجهها ثم تنقبت فشهد على إقرارها مثلا في حال تنقبها فهذا لا شك أنه لا يحتاج إلى تعريف من غيره إذ تعريف غيره حينئذ لا يزيد على معرفته، وأما إذا كانت متنقبة وكان يعرفها قبل فعرفها بصوتها وهيئتها ولم ير وجهها وقت التنقب أو الإقرار فهل يكفي ذلك ظاهر إطلاقهم أنه لا يكفي ففي العمادية قالوا لا يصح التحمل بدون رؤية وجهها وبه يفتي شمس الإسلام الأوزجندي وظهير الدين المرغيناني ا هـ. ولم يفصل بين ما إذا عرفها بصوتها أو لا وفي البيري على الأشباه لا يجوز أن يشهد على من سمعه من وراء حائط أو من فوق البيت وهو لا يراه وإن عرف كلامه؛ لأن الكلام يشبه بعضه بعضا كما في التتارخانية وفي منية المفتي أقرب من وراء حجاب لا يجوز أن يشهد على إقرارها إلا إذا رأى شخصها ولم يشترط في النوادر رؤية وجهها ا هـ. وانظر كلام الفتح فإنه يفيد ذلك أيضا (قوله كان أبو حنيفة إلى قوله وهو المختار) قال الرملي هنا حذف ولعله بعد قولها أنها فلانة وعندهما يكتفي بشهادة اثنين أنها فلانة ثم راجعت النوازل فوجدتها كما أصلحتها ثم قال وكان أبو يوسف وأبوك يقولان يجوز إذا شهد عنده عدلان أنها فلانة. (قوله وفيه نظر؛ لأنها لا تكون ملزمة لا بالقضاء) أي لا تكون ملزمة للخصم والظاهر أن مراد المحقق أنها ملزمة للقاضي الحكم بها إذ لا يجوز له تأخير الحكم بها إلا في مواضع تقدمت في القضاء وما ذكر المحقق صرح به في النهاية كما ذكره في الدر المختار ثم قال ويخالفه تصوير صدر الشريعة وغيره ا هـ. وعبارة الصدر سمع رجل أداء الشهادة عند القاضي لم يسع له أن يشهد على شهادته ا هـ. (قوله وترك المؤلف قيدين آخرين) لا يخفى أنه ليس مراده هنا بيان أحكام الشهادة على الشهادة حتى يستوفي شروطها وإنما ذلك له باب مخصوص سيأتي ومراده هنا إظهار الفرق بينهما وبين غيرها من المسموعات والمرئيات في اشتراط الإشهاد وعدمه فتدبر. (قوله ولا يشترط ذكر الأسماء في الأقضية) قال الرملي وفي آخر الفصل الثاني من جامع الفصولين في دعوى الحكم بلا تسمية القاضي بعد كلام قدمه قال فالحاصل أنه في دعوى الفعل والشهادة على الفعل هل تشترط تسمية الفاعل فيه اختلاف المشايخ رحمهم الله وأدلة الكتب فيها متعارضة ثم ذكر مسائل وقال وهذه المسائل كلها تدل على أن تسمية الفاعل ليست بشرط لصحة الدعوى والشهادة فتأمل عند الفتوى (قوله وحاصل ما ينفعنا هنا إلخ) الأنفع ما في شرح الوهبانية عن العمادية من قوله حتى لو سمع من الناس أن هذا فلان بن فلان الفلاني وسعه أن يشهد به وإن لم يعاين الولادة على فراشه وطريقة معرفته أن يسمع ذلك من جماعة لا يتصور تواطؤهم على الكذب عند الإمام وعندهما إذا أخبره بذلك عدلان يكفي وذكر أن الفتوى على قولهما ا هـ. وفي التتارخانية عن المحيط وإذا قدم عليه رجل من بلد آخر وانتسب إليه وأقام معه دهرا لم يسعه أن يشهد على نسبه حتى يشهد له رجلان من أهل بلده عدلان أو يكون النسب مشهورا وذكر الخصاف هذه المسألة وشرط لجواز الشهادة شرطين أن يشتهر الخبر والثاني أن يمكث فيهم سنة فإنه قال لا يسعهم أن يشهدوا على نسبه حتى يقع معرفة ذلك في قلوبهم وذلك بأن يقيم معهم سنة وإن وقع في قلبه معرفة ذلك قبل مضي السنة لا يجوز أن يشهد وروي عن أبي يوسف أنه قدر ذلك بستة أشهر والصحيح أنه إذا سمع من أهل بلده من رجلين عدلين حل له أداء الشهادة وإلا فلا أما إذا سمع ذلك ممن سمع من المدعي لا يحل له أن يشهد وإن اشتهر ذلك فيما بين الناس لكنه إن شهد عنده جماعة حتى يقع الشهرة حقيقة وعرفا ووقع عنده أنه ثابت النسب من فلان أو شهد عنده عدلان حتى ثبت الاشتهار شرعا حل له أن يشهد (قوله ولا يحكم به إلا بعد دعوى مال) قال الرملي لا يخفى أن دعوى الاستحقاق في الوقت من هذا القبيل؛ لأنه دعوى مال ومثله الوصية ونحوها تأمل (قوله لما في البزازية قال رجل لامرأة إلخ) قال في جامع الفصولين من الفصل الثاني عشر لو أخبرها عدل أن زوجها مات أو طلقها ثلاثا فلها التزوج ولو أخبرها فاسق تحرت وفي إخبار العدل بموته إنما يعتمد على خبره لو قال عاينته ميتا أو شهد جنازته لا لو قال أخبرني مخبر به ويأتي تمامه. ا هـ. (قوله ومسائل تعارض الخبر بموته وحياته فيها) أي في البزازية حيث قال ولو أخبر واحد بموت الغائب واثنان بحياته إن كان المخبر عاين الموت أو شهد جنازته وعدل لها أن تتزوج هذا إذا لم يؤرخا أو أرخا وكان تاريخ الموت آخرا أو إن كان تاريخ الحياة آخرا فشاهد الحياة أولى وفي وصايا عصام شهدا بأن زوجها فلانا مات أو قتل وآخر على الحياة فالموت أولى (قوله فإنه لا تجوز إلا بالمعاينة) قال بعده في شرح الوهبانية لابن الشحنة هكذا ذكر رشيد الدين ولا تظفر بهذه الرواية في شيء من الكتب في غير فتاواه ا هـ. ومثله في جامع الفصولين تأمل (قوله وكذا في الإسعاف) قال الرملي وقع في عبارة الإسعاف ما لفظه، وأما الشهادة على شرائطه وجهاته فذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله أنه لا تجوز الشهادة على الشرائط والجهات بالتسامع وهكذا قاله الشيخ الإمام الأستاذ ظهير الدين رحمه الله. ا هـ. أقول: والمراد بقوله وجهاته أي بعد استقرار الوقف على جهة لو حصل التنازع فيها بمجردها لا تقبل بالسماع فافهم والله تعالى أعلم ثم بعد مدة رأيت في خلال المطالعة في فتاوى شيخنا قال بعد نقله صحة الشهادة على الجهة بالسماع وأنها من باب الشهادة على الأصل لكن وقع في الإسعاف عبارة تنافي هذا ظاهرا حيث قال لا تجوز الشهادة على الشرائط والجهات ومثله في قاضي خان في أواخر فصل في دعوى الوقف إلا أن يحمل قولهما والجهات على أن المراد بها قولهم إن قدرا من الغلة لكذا ثم يصرف الفاضل لكذا ويكون ذلك بعد بيان الجهة ا هـ. فقوله ويكون ذلك بعد بيان الجهة هو عين ما قلته والله تعالى هو الموفق فتأمل (قوله وجوابه أنه إنما عمل فيها بذلك عند الضرورة) أي ضرورة انقطاع الثبوت بموت الشهود والمدعي أعم لكن لا يخفى أنه عند حياة الشهود على شرائط الوقف لا حاجة إلى الشهادة بالتسامع وإنما يحتاج إليها عند موتهم فكان فيه ضرورة (قوله وليس معنى الشروط أن يبين الموقوف عليه إلخ) قال الرملي قال في صدر الشريعة والمراد بأصل الوقف أن هذه الصيغة وقف على كذا فبيان المصرف داخل من أصل الوقف أما الشرائط فلا تحل فيها الشهادة بالتسامع ا هـ. وهو معنى قوله في فتح القدير وليس في معنى الشروط أن يبين الموقوف عليه (قوله وظاهر ما في المعراج أن الأمير كالقاضي) صرح به في البزازية حيث قال وكذا يجوز الشهادة على أنه قاضي بلد كذا أو والي بلد كذا وإن لم يعاين التقليد والمنشور ا هـ. وصرح به في الخلاصة أيضا. (قوله وقوله) أي المصنف (قوله وشرط في العناية لفظ الشهادة على ما قالوا) كذا في الخلاصة والظاهر أن فيه سقطا أو تحريفا وعبارة الخلاصة ولا يشترط أن يتلفظ المخبر بالموت بلفظ الشهادة عند من يشهد أما الذي يشهد عند القاضي يتلفظ بلفظ الشهادة، وأما الفصول الثلاثة التي يشترط فيها شهادة العدلين ينبغي أن يشهدا عنده بلفظ الشهادة قال أستاذنا ظهير الدين في الأقضية وهذا اختيار الصدر الإمام الشهيد برهان الأئمة وفي مختصر القدوري إنما تجوز الشهادة بالتسامع إذا أخبره من يثق به فهذا يدل على أن لفظ الشهادة ليس بشرط ا هـ. وفي شرح ابن الشحنة والجواب في القضاء والنكاح نظير الجواب في النسب فقد فرقوا جميعا بين الموت والأشياء الثلاثة فاكتفوا بخبر الواحد في الموت دونها والفرق أن الموت قد يتفق في موضع لا يكون فيه إلا واحد بخلاف الثلاثة لأن الغالب كونها بين جماعة ومن المشايخ من لم يفرق وتمامه فيه وفي جامع الفصولين والصحيح أن الموت كنكاح وغيره لا يكتفى فيه بشهادة الواحد ومن المشايخ من قال لا فرق بين الموت والثلاثة وإنما اختلف الجواب لاختلاف الموضوع موضوع مسألة الموت أنه أخبره واحد عدل ولم يذكر العدل في الثلاثة فلو كان المخبر في الثلاثة عدلا أيضا حل لهم أن يشهدوا ثم في الثلاثة إذا ثبت الشهرة عندهما بخبر عدلين يجب الإخبار بلفظ الشهادة وفي الموت لما ثبت بخبر الواحد بالإجماع لا يجب بل يكتفي بمجرد الإخبار (قوله فينقض القضاء في حق الميراث لا في حق النسب) هذا مناف لقوله لكن يستثنى من النسب إلخ. (قوله لا يحل له أن ينكحها) لعله مبني على الرواية الآتية قريبا عن أبي حنيفة تأمل (قوله أن القاضي إلخ) مقول القول (قوله سهو إلا أن يحمل إلخ) رده العلامة المقدسي بأنه لا سهو في كلام الزيلعي ومراده أن القاضي لا يقضي قضاء محكما مبرما بحيث لو ادعى الخصم لا يقبل منه بدليل ما صرح به قبيل هذا في أول القول بأنه يقضي به قضاء ترك بمعنى أنه يترك في يد ذي اليد ما دام خصمه لا حجة له حموي وأقول: لا حاجة إلى تكلف إبداء وجه التوفيق ودفع المعارضة لأن المسألة مختلف فيها فما في الزيلعي يبتنى على قول المتأخرين من أن القاضي ليس له أن يقضي بعلمه وهو المفتى به وما في الخلاصة والبزازية يبتنى على مقابله أبو السعود وفي الحواشي السعدية ولا يتوهم المخالفة بين ما ذكر الزيلعي وما في النهاية فإن ما في شرح الكنز هو ما إذا رأى القاضي قبل حال القضاء ثم رأى حال قضائه في يد غيره كما لا يخفى. ا هـ. (قول المصنف وإن فسر للقاضي إلخ) بقي في كلام المصنف مسألة من المتن لم يذكرها المؤلف وهي قوله بعد هذه المسألة ومن شهد أنه حضر دفن فلان أو صلى على جنازته فهو معاينة حتى لو فسر للقاضي قبل قال الشارح الزيلعي؛ لأنه لم يشهد إلا بما علم فوجب قبولها لدخوله تحت قوله تعالى: {إلا من شهد بالحق وهم يعلمون} وقال تعالى: {وما شهدنا إلا بما علمنا}. (قوله واستثنى العمادي في الفصول الوقف إلخ) أفتى العلامة ملا علي التركماني بعدم القبول مستندا إلى إطلاق عبارة الكنز والزيلعي والعيني والوقاية والنقاية والمختار والاختيار ثم قال وفي الخيرية من الشهادة والشهادة على الوقف بالسماع أن يقول الشاهد أشهد به لأني سمعت من الناس أو بسبب أني سمعت من الناس ونحوه وفيه خلاف فالمتون قاطبة قد أطلقت القول بأن الشاهد إذا فسر أنه يشهد بالسماع لا تقبل وبه صرح قاضي خان وكثير من علمائنا وعبارة قاضي خان ولو قالوا شهدنا بذلك؛ لأنا سمعنا من الناس لا تقبل شهادتهم ا هـ. قلت: وعبارة الخانية إذا شهد الشهود بما تجوز به الشهادة بالسماع وقالوا شهدنا لذلك؛ لأنا سمعنا من الناس لا تقبل شهادتهم انتهت ثم نقل نحوه عن فتاوى شيخ الإسلام علي أفندي التركية وعربها ثم قال فتحرر من النقول المعتبرة أن الشاهد في أصل الوقف إذا فسر أنه يشهد بالتسامع لا تقبل شهادته كما هو صريح المتون المتقدمة التي تمشي غالبا على ظاهر الرواية وبه صرح كثير من أصحابنا كما تقدم نقله عن الخيرية وما في التنوير تبعا للدرر مستندا في الدرر لما في العمادية وفي التنوير إلى الخلاصة قائلا وهو الأصح فذاك قول مخالف لما عليه المتون وكثير من أصحابنا على أنا نقابل ما في العمادية والخلاصة بما في الخانية من عدم قبوله؛ لأن قاضي خان فقيه النفس كما صرح به في البحر من باب العيب وأنه يقتصر على الأشهر فكان المعتمد وصرحوا بأن قاضي خان من أجل من يعتمد على تصحيحاته ويكفينا أنه ظاهر الرواية وليس هذا في الوقف خاصة بل في جميع المواضع التي يجوز للشاهد الشهادة فيها بالتسامع وأنت على علم بأن ما في المتون والشروح مقدم على ما في الفتاوى وإنما أكثرت النقل في المسألة للاختلاف فيها لمحرره علي بن محمد التركماني غفر الله لهما وللمؤمنين ا هـ. ذكره في مجموعته الفقهية الكبرى ومن خطه نقلت.
|