الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: صبح الأعشى في كتابة الإنشا **
وهي على ضربين وقد جعلها القضاعي في خططه ثلاثة أحياز وتشتمل على خمس وخمسين كورة إلا أنه ذكرها سرداً غير مبينة ولا مرتبة. وقد أوردتها هنا مبينة مرتبة ونبهت على ما هو مستمر منها على حكمه وما تغير حكمه بإضافته إلى غيره من الأعمال المستمرة مع بقاء أسمائه وما درس اسمه الحيز الأول أعلى الأرض وهو الصعيد والمراد ما هو من كورها جنوبي الفسطاط إلى نهايته في الجنوب وسمي صعيداً لأن أرضه كلما ولجت في الجنوب أخذت في الصعود والارتفاع. وقد ذكر القضاعي فيه عشرين كورة: الأولى - كورة الفيوم وهي كورة باقية مستمرة الحكم إلى الآن وسيأتي ذكرها في الكلام على الأعمال المستقرة فيما بعد إن شاء الله تعالى. الثانية - كورة منفٍ ومنفٌ هي مدينة مصر القديمة المتقدمة الذكر التي بناها مصر بن بيصر بن حام بن نوح عليه السلام. وقد تقدم أنها على اثني عشر ميلاً من الفسطاط في جنوبيه على القرب من البلدة المعروفة الآن بالبدرشين. الثالثة - كورة وسيم ووسيم بفتح الواو وكسر السين المهملة وسكون الياء المثناة تحت وميم في الآخر بلدة من عمل الجيزة معروفة والثابت في الدواوين أوسيم بزيادة ألف في أولها وسكون الواو. الرابعة - كورة الشرقية وكأن المراد بها عمل إطفيح الآن إذ هو شرقي النيل وليس بالوجه القبلي عمل مستقلٌ شرقي النيل سواه. الخامسة - كورة دلاص وبوصير أما دلاص فبدال مهملة مفتوحة ولام ألف ثم صاد مهملة قال في الروض المعطار: كانت مدينة عظيمة بها عجائب الأبنية وبها كان مجتمع سحرة مصر وأما بوصير فالمراد هنا بوصير قوريدس التي قتل بها مروان الحمار آخر خلفاء بني أمية ودلاص وبوصير هذه كلاهما الآن من عمل البهنسى وسيأتي ذكره في الأعمال المستقرة. قال في الروض المعطار: قال الجاحظ: بها ولد عيسى بن مريم عليه السلام. وذكر أن نخلة مريم كانت قائمة بها إلى زمانه. قلت: والمعروف أن مولد عيسى عليه السلام كان بالقدس من أرض الشام على ما سيأتي ذكره في الكلام على الإيمان في أواخر الكتاب إن شاء الله تعالى. السادسة - كورة أهناس وأهناس بفتح الهمزة وسكون الهاء وفتح النون وألف وسين مهملة في الآخر وتعرف بأهناس المدينة كانت مدينة في القديم وهي الآن من جملة عمل البهنسى الآتي ذكره في الأعمال المستقرة. السابعة - كورة القيس والقيس بفتح القاف وسكون الياء المثناة تحت وسين مهملة في الآخر الثامنة - كورة البهنسى وهي ذات عمل مستقر وسيأتي ذكرها في الكلام على الأعمال المستقرة فيما بعد إن شاء الله تعالى. التاسعة - كورة طحا وجير شنودة. أما طحا فبفتح الطاء والحاء المهملتين وألف في الآخر كانت في القديم مدينةً ذات عمل ولذلك تعرف بطحا المدينة وهي الآن من عمل الأشمونين الآتي ذكرها في الكلام على الأعمال المستقرة وإليها ينسب أبو جعفر الطحاوي إمام الحنفية ومحدثهم. وأما جيرشنودة فمن الأسماء التي درست ولم تعلم حقيقتها. العاشرة - كورة بويط قال ابن خلكان: بويط بضم الباء الموحدة وفتح الواو وسكون الياء المثناة تحت وطاء مهملة في الآخر. وقال في تقويم البلدان بهمزة مفتوحة في أوله وباء ساكنة وهو اسم واقع على بلدتين بالديار المصرية: إحداهما بعمل البهنسى في لحف الجبل عن طريق المارة وإليها ينسب أبو يعقوب البويطي: أحد رواة الجديد عن الإمام الشافعي رضي الله عنه. والثانية من عمل سيوط وتعرف ببويط البتينة وإليها ينسب شرق بويط والظاهر أنها المرادة هنا. الحادية عشرة - كورة الأشمونين وأنصنا وشطب. أما مدينة الأشمونين فذات عمل مستقر وسيأتي ذكرها في الكلام على الأعمال المستقرة فيما بعد أن شاء الله تعالى. وأما أنصنا فقال في تقويم البلدان: هي بفتح الهمزة وسكون النون وكسر الصاد المهملة وفتح النون وألف في الآخر وهي مدينة قديمة خرابٌ في البر الشرقي من النيل قبالة الأشمونين. وقد ذكر ابن هشام في السيرة أن مارية القبطية التي أهداها المقوقس النبي صلى الله عليه وسلم من كورتها من قرية يقال لها حفن وأنصنا الآن من جملة عمل الأشمونين. وأما شطبٌ فبضم الشين المعجمة وسون الطاء المهملة وباء موحدة في الآخر وهي مدينة قديمة بنيت في زمن شداد بم عديم أحد ملوك مصر بعد الطوفان قد خربت وعمر عليها قرية صغيرة سميت باسمها وهي الآن من جملة عمل سيوط الآتي ذكره في الأعمال المستقرة. الثانية عشرة - كورة سيوط وهي مستقر الحكم وسيأتي ذكرها في الأعمال المستقرة. الرابعة عشرة - كورة قهقوه وهي من الأسماء التي درست ونسيت ولم أعلم بالصعيد بلدة تسمى الآن بهذا الأسم. الخامسة عشرة - كورة إخميم والدير وأبشاية أما كورة إخميم فمن الكور المستمرة الحكم وسيأتي الكلام عليها في الكور المستقرة. وأما الدير فيجوز أن يكون المراد به الدير والبلاص وهي بلدة في شرقي شمالي قنا هي الآن من عمل قوص الآتية الذكر. السادسة عشرة - كورة هو ودندرة وقنا أما هو فبضم الهاء وسكون الواو وهي مدينة صغيرة على ساحل البر الغربي الجنوبي من النيل ويضاف إليها في الدواوين الكوم الأحمر فيقال هو والكوم الأحمر. وأما دندرة فبفتح الدال المهملة وسكون النون وفتح الدال الثانية والراء المهملة وهاء في الآخر وهي مدينة قديمة خرابٌ على الساحل الغربي الجنوبي من النيل في شرقي هو وبها كانت البرباة العظيمة المتقدم ذكرها في عجائب الديار المصرية. وأما قنا فبكسر القاف وفتح النون وألف في الآخر وهي مدينة شرقي النيل وبها ضريح السيد الجليل عبد الرحيم القنائي المعروف بالبركة وإجابة الدعاء عنده وهذه البلاد الثلاث الآن من جملة عمل قوص الآتي ذكره في الكلام على الأعمال المستقرة. السابعة عشرة - كورة قفطٍ والأقصر. أما قفط فبكسر القاف وسكون الفاء وطاء مهملة في الآخر كانت مدينة قديمة بالبر الشرقي من النيل جنوبي قنا المتقدمة الذكر بناها قفط بن قبطيم بن مصر بن بيصر بن حام بن نوح عليه السلام أحد ملوك مصر بعد الطوفان فخربت وبقيت آثارها وعمرت على القرب منها مدينة صغيرة سميت باسمها. وأما الأقصر فبضم الهمزة وسكون القاف وضم الصاد المهملة وراء مهملة في الآخر وتسمى الأقصرين أيضاً على التثنية وهي مدينة خراب بالبر الشرقي من النيل قد عمر على القرب منها قرية سميت باسمها وبها ضريح السيد الجليل أبو الحجاج الأقصري وكانت بها بربارة عظيمة فخربت واعلم أن بين قفط والأقصر مدينة قوص وقد ذكر القضاعي كورتها في جملة الكور فكيف يستقيم أن تذكر قفط والأقصر كورة واحدة!. الثامنة عشرة - كورة قوص وهي مستمرة الحكم وسيأتي الحكم وسيأتي الكلام عليها في جملة الأعمال المستقرة إن شاء الله تعالى. التاسعة عشرة - كورة أسنا وأرمنت أما أسنا فبفتح الهمزة وسكون السين المهملة وفتح النون وألف في الآخر وهي مدينة حسنة بالبر الغربي من النيل ويقال: إنه لم يسلم من تخريب بخت نصر من مد الديار المصرية سواها وذلك أن أهلها هربوا منه إلى الجبل بالقرب منها فتبعهم وقتلهم هناك وترك البلد على حالها. وأما أرمنت فبفتح الهمزة وسكون الراء المهملة وفتح الميم وسكون النون وتاء مثناة في الآخر وهي مدينة صغيرة بالبر الغربي الشمالي من النيل ببنها وبين أسنا مرحلة وكلاهما الآن من عمل قوص وقد جرى على الألسنة الجمع بينهما في اللفظ فيقال: أسنا وأرمنت وكان ذلك لكثرة اجتماعهما في أقطاعٍ واحد. العشرون - كورة أسوان وسيأتي ذكرها في الكلام على الأعمال المستقرة مع الأعمال القوصية إن شاء الله تعالى. الحيز الثاني أسفل الأرض وقد ذكر القضاعي: أنها ثلاث وثلاثون كورة في أربع نواحٍ: الناحية الأولى كور الحوف الشرقي وبها ثمان كور الأولى - كورة عين شمسٍ وعين شمس مدينة قديمة خرابٌ على القرب من المطرية من ضواحي القاهرة الآتي ذكرها في الأعمال المستقرة. قال القاضي محي الدين عبد الظاهر: رأيت على حاشية بعض كتب التواريخ أن ملكها كان عظيم الشأن وعاش إلى زمن يوسف عليه السلام وتزوج ابنته. الثانية - كورة أتريب وأتريب مدينة خرابٌ على القرب من بنها العسل من أعمال الشرقية الآتي ذكرها في الأعمال المستقرة بناها أتريب بن قبطيم بن مصر بن بيصر بن حام بن نوح عليه السلام. الثالثة - كورة نتا وتمي أما نتا فلا يعرف بالحوف الآن بلدة اسمها نتا وإنما نتا بعمل الغربية وأما تمي فبضم التاء المثناة فوق وفتح الميم وياء مثناة تحت في آخرها وهي مدينة خرابٌ بعمل المرتاحية بها آثارٌ عظامٌ رأيت فيها أبواباً من حجر صوان قطعة واحدة ارتفاعها نحو عشرة أذرع قائمة على قاعدة من صوان أيضاً. الرابعة - كورة بسطة وبسطة بفتح الباء الموحدة وسكون السين وفتح الطاء المهملتين وهاء في الآخر وهي مدينة خرابٌ تعرف الآن بتل بسطة من عمل الشرقية. الخامسة - كورة طرابية وهي من الأسماء التي درست ولم تعرف. السادسة - وكورة فربيط وهي من المجهول أيضاً. السابعة - كورة صان وإبليل وهي من المجهول. الثامنة - كورة الفرما والعريش أما الفرما فقال في تقويم البلدان: هي بفاء وراء مهملة وميم مفتوحات ثم ألف وهي بلدة خرابٌ على شاطيء بحر الروم على بعد يومٍ من قطية. قال ابن حوقل: وبها قبر جالينوس الحكيم. وأما العريش فبفتح العين المهملة وكسر الراء المهلمة وسكون الياء المثناة تحت وشين معجمة في الآخر قال في الروض المعطار: كانت مدينة ذات جامعين مفترقي البناء. وثمار وفواكه. قال في تقويم البلدان: وهي الآن منزلة على شط بحر الروم وبها آثار قديمة من الرخام وغيره. الناحية الثانية بطن الريف وأصل الريف في لغة العرب موضع الزرع والشجر إلا أنه غلب بالديار المصرية على أسفل الأرض منها وفيها سبع كور: الأولى - كورة بنا وبوصير أما بنا فبفتح الباء الموحدة والنون وألف في الآخر. وبوصير تقدم ضبطها في الكلام على بوصير المعروفة بمصر يوسف بالجيزية عند ذكر قواعد مصر القديمة وبنا وبوصير هذه كلاهما من عمل الغربية الآتي ذكره في الأعمال المستقرة. الثانية - كورة سمنود وسمنود بفتح السين المهلمة وضم النون المشددة والواو ودال مهلمة في الآخر وهي مدينة صغيرة من الأعمال الغربية كان لها عمل مستقر في أول الأمر ثم أضيفت إلى عمل الغربية. الثالثة - كورة نوسا ونوسا بفتح النون والواو والسين المهملة في الآخر وهي الآن قرية من قرى المرتاحية. الرابعة - كورة الأوسية وهي من الأسماء التي درست وجهلت. الخامسة - كور البجوم بالباء الموحدة والجيم وهي من الأسماء المندرسة أيضاً ولا يعرف مكان بالديار المصرية اسمه البجوم إلا أرض بأسفل عمل البحيرة على القرب من الإسكندرية السادسة - كورة دقهلة ودقهلة بفتح الدال المهملة والقاف وسكون الهاء وفتح اللام وهاء في الآخر وهي مدينة قديمة بالجزيرة بين فرقة النيل المارة إلى دمياط والفرقة التي تصب ببحيرة تنيس وإليها ينسب عمل الدقهلية وهي الآن قرية من عمل أشموم الآتي ذكرها في الأعمال المستقرة وإن كان العمل في الأصل منسوباً إليها. السابعة - كورة تنيس ودمياط أما تنيس فقال في اللباب: هي بكسر المثناة فوق والنون المشددة وسكون الياء المثناة تحت وسين مهملة في الآخر والجاري على الألسنة فتح التاء كانت مدينة عظيمة فطمى عليها الماء قبل الفتح الإسلامي بمائة سنة فأغرق ما حولها وصارت بحيرةً وسيأتي الكلام عليها في الكلام على بحيرتها وهي الآن قرية صغيرة بوسط البحيرة والماء محيط بها. قال في الروض المعطار: وكانت تربتها من أطيب الترب وبها تحاك الثياب النفيسة التي ليس لها نظير في الدنيا وقد قيل: إن الجنتين اللتين أخبر الله تعالى عنهما في سورة الكهف بقوله: " واضرب لهم مثلاً رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب " الآية كانتا بتنيس. وأما دمياط فسيأتي ذكرها في الكلام على الأعمال المستقرة إن شاء الله تعالى. الناحية الثالثة الجزيرة بين فرقتي النيل الشرقية والغربية الأولى - كورة دمسيس ومنوف أما دمسيس فبفتح الدال المهملة وسكون الميم وكسر السين وسكون الياء المثناة تحت وسين مهملة في الآخر وهي الآن بلدة من عمل الغربية. وأما منوف فمن الأسماء التي نسيت وجهلت. الثانية - كورة طوة منوف وهي من الأسماء التي جهلت ولا يعلم بالديار المصرية الآن بلدة اسمها طوة غير بلدين بالوجه القبلي إحداهما بالأشمونين والثانية بالبهنساوية. الثالثة - كورة سخا وتيدة والفراجون. أما سخا فبفتح السين المهملة والخاء المعجمة وألف في آخرها وهي بلدة حسنة كانت ذا ت عمل ثم استقرت من عمل الغربية الآن. وأما تيدة فبفتح التاء المثناة فوق وسكون الياء المثناة تحت وفتح الدال المهملة وهاء في الآخرها وهي الآن قرية من قرى الغربية. وأما الفراجون فبالألف واللام في أولها ثم فاء مفتوحة وراء مهملة مشددة بعدها ألف وجيم مضمومة وواو ساكنة ونون في الآخر وهي بلدة مضافة إلى تيدة فيقال: تيدة والفراجون. الرابعة - كورة نقيزة وديصا وهما من الأسماء التي نسيت وجهلت. الخامسة - كورة البشرود وهي من الأسماء التي جهلت. الناحية الرابعة الحوف الغربي الأولى - كورة صا وصا بصاد مهملة مفتوحة وألف في الآخر وهي مدينة خرابٌ شرقي الفرقة الغربية من النيل بناها صا بن قبطيم بن مصر بن بيصر بن حام بن نوح عليه السلام أحد ملوك مصر بعد الطوفان وبها الآن آثار عظيمة وقد عمرت بالقرب منها قرية سميت باسمها وكأن عملها كان من البر الغربي. الثانية - كورة شباس وشباس بفتح الشين المعجمة والباء الموحدة وألف ثم سين مهملة اسم لثلاث بلاد من عمل الغربية الآن وهي شباس الملح وشباس أنبارة وشباس سنقر وتعرف بشباس الشهداء وكأن المراد الثالثة فإنها أعظمها. الثالثة - كورة البذقون وهي من الأسماء التي درست وجهلت. الرابعة - كورة الخيس والشراك أما الخيس فلا تعرف بالبحيرة الآن بلدة تسمى الخيس وإنما الخيس بفتح الخاء المعجمة وسكون الياء وسين مهملة في الآخر بلدة من عمل الشرقية. وأما الشراك فبكسر الشين المعجمة المشددة وفتح الراء المهملة وألف ثم كاف وهي بلدة من عمل البحيرة. الخامسة - كورة خربتا بكسر الخاء المعجمة وسكون الراء المهملة وكسر الباء الموحدة وفتح التاء المثناة فوق وهي قرية معروفة من عمل البحيرة ومنها سار من سار من المصريين لقتل السادسة - كورة قرطسا ومصيل. أما قرطسا فبفتح القاف وسكون الراء المهلمة وفتح الطاء والسين المهملتين وألف في الآخر وهي قرية من عمل البحيرة الآن وأما مصيل فمن الأسماء التي جهلت. السابعة - كورة المليدس وهي من الأسماء التي جهلت. الثامنة - كورة إجنا ورشيد والبحيرة أما إجنا فمن الأسماء التي جهلت ولا يعرف بالبحيرة بلد اسمها إجنا وإنما أخنويه من عمل الغربية والعامة نقول إخنا. وأما رشيد بفتح الراء المهلة وكسر الشين المعجمة وسكون الياء المثناة تحت ودال مهملة في الآخر فبلدة عند مصب الفرقة الغربية التي يقع الاعتناء بحفظها. وفي ذلك نظر لاعتباره الغربية ورشيد من سواحل البحيرة وبينهما بعدٌ يبعد معه أن يجتمعا في كورة واحدة. وأما البحيرة فالظاهر أنه يريد بحيرة بوقير المتقدم ذكرها في الكلام على القواعد القديمة ويأتي بقية الكلام عليها في الأعمال المستقرة إن شاء الله تعالى. العاشرة - كورة مريوط ومريوط بفتح الميم وسكون الراء المهلمة وضم الياء المثناة تحت وسكون الواو وطاء مهملة في الآخر وهي ناحية غربي الاسكندرية داخله الآن في عملها بها الحادية عشرة - كورة لوبية ومراقية أما لوبية فبلام وواو وباء موحدة ثم ياء مثناة تحت وهاء في الآخر قال في الروض المعطار: وهي كورة من كور مصر الغربية متصلة بالإسكندرية. قال: وقد قيل: إن الاسكندر كان منها. وأما مراقية فبميم وراء مهملة وألف وقاف وياء مثناة تحت وهاء في الآخر. وقد ذكر القضاعي في تحديد الديار المصرية ما يقتضي أنهما بجوار برقة فقال إن الذي يقع عليه اسم مصر من العريش إلى لوبية ومراقية ثم قال: وفي آخر أرض مراقية تلقى أرض انطابلس وهي برقة والظاهر أن لوبية غربي مريوط ومراقية غربي لوبية وهي آخر أرض الديار المصرية من جهة الغرب. الحيز الثالث كور القبلة وفيها خمس كور الأولى - كورة الطور وفاران. أما الطور فضبطه معروف. قال في المشترك: والطور في اللغة العبرانية اسم لكل جبل ثم صار علماً لجبال بعينها منها: جبل طورزيتا بلفظ الزيت وهو اسم لجبل برأس عين من بلاد الجزيرة وجبل بالقدس وجبل مطل على طبريةً وطور هارون بالقدس وطور سينا وهو المراد هنا وهو جبل داخلٌ في بحر القلزم على رأسه ديرٌ عظيم وفي واديه بساتين وأشجار وهو على مرحلة من فرضة الطور المتقدمة الذكر في تحديد بحر القلزم وكأنها سميت باسمه لقربها منه. قال ابن الأنباري في كتابه الزاهر: وسمي الطور بطور بن إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام. وأما فاران فبفاء مفتوحة بعدها ألف ثم راء مهملة بعدها ألف ثانية ثم نون قال في الروض المعطار: وهي مدينة صغيرة من بر الحجاز على جون على البحر. قال: ولجبال فاران ذكر في التوارة. الثانية - كورة راية والقلزم. أما راية فمن الأسماء التي جهلت وقد ذكرها ابن سعيد مقرونة بالقلزم فقال: وراية والقلزم من كور مصر. وأما القلزم فقال في المشترك: هو بضم القاف وسكون اللام وضم الزاي المعجمة ثم ميم في الآخر وهي مدينة قديمة على ساحل بحر القلزم وإليها ينسب البحر المذكور. قال في القانون: وطولها ست وخمسون درجة وثلاثون دقيقة وعرضها ثمانً وعشرون دقيقة وعلى القرب منها غرق فرعون. الثالثة - كورة أيلة وحيزها ومدين وحيزها والعونيد وحيزها والحوراء وحيزها. أما أيلة فقال في تقويم البلدان: وهي بفتح الهمزة وسكون الياء المثناة تحت وفتح اللام وهاء في الآخر قال: وهي كانت مدينة صغيرة خراباً على ساحل بحر القلزم. قال في القانون: طولها ست وخمسون درجة وأربعون دقيقة. قال في تقويم البلدان: وبها زرع يسير وهي مدينة اليهود الذين جعل منهم القردة والخنازير وعليها طريق حجاج مصر. قال: وهي في زماننا برج وبه والٍ من مصر وليس بها مزدرع وكان بها قلعة البحر فبطلت ونقل الوالي إلى البرج. وأما مدين فضبطها معروف وهي في الأصل اسم لقبيلة شعيبٍ عليه السلام وكانوا مقيمين بها فسميت البلد بهم وهي مدينة خرابٌ على بحر القزم محاذيةٌ لتبوك من بلاد الشام على نحو ست مراحل منها وعدها في الروض المعطار من بلاد الشام وبها بئر التي استقى منها موسى عليه السلام لبنات شعيبٍ وسقى غنمهن. قاال ابن سعيد: وسعة البحر عندها نحو مجرى. وأما العونيد فبعين مهملة وواو وياء مثناة تحت ونون ودال. قال في الروض المعطار: وهي مدينة قريبة من نصف الطريق بين جدة والقلزم. قال: وعلى القرب منها مرسى صنا ينحدر الماء بها عن أثر قدم من أوسط الأقدام بينة الكعب والأخمص والأصابع لم يعفها الزمان ولا وأما الحوراء فبحاء مهملة مفتوحة بعدها واو ساكنة وراء مهملة مفتوحة ثم ألف في الآخر. قال في الروض المعطار: وهي مدينة على ساحل وادي القرى بها مسجد جامع وبها ثمانية آبار عذبةٍ وبها ثمار ونخل وأهلها عرب من جهينة وبلي. قلت: والمعروف في زماننا أن الحوراء منزلة بطريق حجاج مصر لعلها على القرب منها. الرابعة - كورة بدا يعقوب وشعيبٍ ولم أعلم حقيقة مكانهما. قلت: ذكر القضاعي أيلة ومدين وما والاهما مما على ساحل بحر القلزم من بر الحجاز في أعمال مصر جرياً على ما قدمه من إدخال ذلك في تحديد الديار المصرية على أنه قد أهمل من جملة الديار المصرية حيزين آخرين: الحيز الأول بلاد ألواح إذ هي داخلة في حدود الديار المصرية على ما حدده هو وغيره. قال في اللباب: وهي بفتح الهمزة وسكون اللام وفتح الواو وفي آخره حاء مهملة وقال في المشترك: واح بغير ألف ولام ويجمع على واحات وهي ناحية غربي بلاد الصعيد منقطعة عنه خلف الجبل الغربي من جبلي مصر المتقدم ذكرهما. قال في مسالك الأبصار: وهي بين مصر والإسكندرية والصعيد والنوبة الحبشة. قال في تقويم قال البكري: وهو إقليم مستقلٌ غير مفتقر إلى سواه قال في الروض المعطار: وهي آخر بلاد الإسلام وبينها وبين بلاد النوبة ست مراحل. قال: وفي هذه الأرض شبية وزاجية وعيون حامضة الطعوم ولكل نوع منها منفعة وخاصة وبها العيون الجارية والبساتين والثمار والتمر الكثير وبها مدن كثيرة مسورة وغير مسورة. قال في المشترك: وهي ثلاث كور: واح الأولى وواح الوسطى وواح القصوى. قلت: والأولى منها - مقابل الأعمال البهنساوية وهي أعمرها وأكثرها ثمرة ومنها يجلب التمر والزبيب الكثير وتعرف بواح البهنسى وبألواح الخاص. والثانية - مقابل شمالي الأعمال الأسيوطية وتعرف بألواح الداخلة وهي تلو ألواح الأولى في العمارة بها مدن مشهورة منها السلمون والهنداو والقلمون والقصير وغيرها. والثالثة - مقابل جنوبي ألواح الثانية وتعرف بألواح الخارجة وبين ريف الصعيد وبين جميعها عرض جبل مصر الغربي ومسيرته ثلاث مراحل فما دونها بحسب اختلاف الأماكن والطرق. قال في التعريف: وهي جارية في إقطاع أمراء مصر وهم يولون عليها من قبلهم. قال: ومغلها كأنه مصالحة لعدم التمكن من استغلاله أسوة بقية ديار مصر لوقوعه منقطعاً في البلاد النائية والقفار النازحة. الحيز الثاني برقة بفتح الباء الموحدة وسكون الراء المهملة وفتح القاف وهاء في الآخر. قال في تقويم البلدان: وهي من الإقليم الثالث. قال في كتاب الأطوال: وطولها اثنتان وأربعون درجة وخمس وأربعون دقيقة وعرضها اثنتان وثلاثون درجة. وهي أرض متسعة الأرجاء مديدة الفضاء وهي من أزكى الأراضي دواب وأمراها مرعى. قال في مسالك الأبصار: أخبرني بعض من رآها أنها شبيهة بأطراف الشام وجبال نابلس في منابت أشجارها وكيفية أرضها وما هي عليه وأنها لو عمرت بالسكان وتأهلت بالزراع كانت إقليماً كبيراً يقارب نصف الشأم قال: وبها الماشية والسائمة الكثيرة: من الإبل والغنم والخيل وخيلها من أقوى الخيل وأصلبها حوافر وصورها بين العراب والبراذين وقد جمعت بين حسن العراب وكمال تخاطيطها وصلابة البراذين وثباتها على الوعور وهي إلى محاسن العراب أقرب ولكنها لا تبلغ شأو خيل البحرين والحجاز وفحولها أنجب من إناثها. قال: وكذلك بها المدن المبنية والقصور العلية والآثار الدالة على ما كانت عليه من الجلالة. قال ابن سعيد: وهي سلطنة طويلة وإن لم يكن لها استقلاق لاستيلاء العرب عليها وهي إلى أفريقية أقرب منها إلى مصر قال: وكان سريرها في القديم بمدينة طبرقة. وذكر صاحب الروض المعطار: أن قاعدتها كانت مدينة أنطابلس وقد تقدم من كلام القضاعي في تحديد الديار المصرية في آخر الحد الشمالي ما يوافقه. قال في مسالك الأبصار: ومن مدنها طلميثا. قلت: والتحقيق أن برقة قسمان: قسم محسوب من الديار المصرية وهو ما دون العقبة الكبرى إلى الشرق وقسم محسوب من إفرقية وهو ما فوق العقبة المذكورة إلى الغرب وهذه المدن الثلاث مما يلي جهة المغرب والقسمان كلاهما اليوم بيد العرب أصحاب الماشية. قال في مسالك الأبصار: وربما زرع بعضهم في بعض أرضها فأنجب ولكنهم أهل بادية لا عناية لهم بعمارة ولا زرع. قال: وأمرها إلى صاحب مصر يقطعه بالمناشير تارة لبعض الأمراء وتارة للعرب يأخذون عدادها وكأنه يريد القسم الذي هو من مصر.
ولها وجهان: الوجه الأول القبلي العمل الأول - الجيزية. وهو أقربها إلى الفسطاط والقاهرة ومقر ولايته مدينة الجيزة بكسر الجيم وإسكان الياء المثناة تحت وفتح الزاي المعجمة وبعدها هاء وموقعها في الإقليم موقع الفسطاط وطولهما وعرضهما واحد وإليها ينسب الربيع الجيزي راوي الأم عن الشافعي رضي الله عنه . قال في الروض المعطار: ويقال إن بها قبر كعب الأحبار وهي مدينة لطيفة على ضفة النيل الغربية مقابل جزيرة المقياس المتقدمة الذكر والنيل بينهما وبعض هذا العمل يأخذ في جهة الشمال إلى الوجه البحري الآتي ذكره. قال في الروض المعطار: والجيزة اختطها عمرو بن العاص رضي الله عنه. العمل الثاني - الأطفيحية. وهو شرقي النيل في جنوب الفسطاط مصاقبٌ بركة الحبش وبساتين الوزير. ومقر ولايته مدينة إطفيح بكسر الهمزة وإسكان الطاء المهملة والفاء والياء والحاء المهملة وربما قلبت الطاء تاءً مثناة فوق وهي مدينة لطيفة في البر الشرقي وموقعها في الإقليم الثالث ولم يتحرر لي طولها وعرضها وعملها ما بين المقطم والنيل آخذاً عنها جنوباً وشمالاً وليس لعملها كبير ذكر. العمل الثالث - البهنساوية. وهو مما يلي عمل الجيزة من الجهة الجنوبية ومقر ولايته مدينة البهنسى. قال في المشترك: بفتح الباء وسكون الهاء وفتح النون وسين مهملة مفتوحة وألف مقصورة وهي مدينة لطيفة قديمة بالصعيد الأدنى بالبر الغربي من النيل تحت الجبل بطوق المزدرع مركبة على ضفة بحر الفيوم. وموقعها في الإقليم الثاني من الأقاليم السبعة. قال في الأطوال: طولها إحدى وخمسون درجة وثلاثون دقيقة وعرضها ثمان وعشرون درجة. العمل الرابع - الفيومية. وهو مصاقبٌ لعمل البهنسى من غربيه وبينهما منقطع رمل. وهو من أعظم الأعمال وأحسنها عمارة كثير البساتين غزير الفواكه دار الأرزاق. ويقال إنه كان متصل مياه الديار المصرية فاستخرجه يوسف عليه السلام وجعله ثلثمائة وستين قرية لتمير كل قرية منها بلد مصر يوماً من أيام السنة. قلت: وأما الآن فقد نقصت عدة قراه بسبب ما عراها من ركوب ماء البركة التي هي متصل مياهه المتقدم ذكرها في جملة بحيرات الديار المصرية وركوب مائها على أكثر القرى المجاورة لها ولولا ما هو شامل له من بركة الصديق عليه السلام لكانت قد غطت جميع بلاده إذ المياه تنصب إليها شتاءً وصيفاً على ممر الدهور وتعاقب الأيام وليس لها مصرف تتصرف منه ضرورة إحاطة الجبال بها من الجهات التي هي بصدد أن تصرف منها ولقد اجتهد بعض حكام الزمان على أن يتحيل في عمل مصرف يقطع في الجبل لتتصرف منه مياهها فلم يجد إلى ذلك سبيلاً. ولو كان ذلك في حيز الإمكان لفعله يوسف عليه السلام. قال ابن الأثير في عجائب المخلوقات: ويقال إنه على جميع الفيوم سورٌ دائر ومقر ولايته مدينة الفيوم وموقعها في الإقليم الثالث من الأقاليم السبعة. قال في القانون: وطولها أربع وخمسون درجة وثلاثون دقيقة وعرضها ثمان وعشرون درجة وعشرون دقيقة. وقال في تقويم البلدان: القياس أن طولها ثلاث وخمسون درجة وعرضها تسعٌ وعشرون درجة وهي مدينة حسنة على ضفة البحر المنهى حسنة الأبنية زاهية المعالم. وبها الجوامع والربط والمدارس وهي راكبة على الخليج المنهى من جانبيه وهو مخترق وسطها. العمل الخامس - عمل الأشمونين والطحاوية. وهو مصاقب لعمل البهنسي من جنوبيه وهو عمل واسع كثير الزرع واسع الفضاء متقارب القرى. ومقر الولاية به مدينة الأشمونين بضم الألف وسكون الشين المعجمة وضم الميم وسكون الواو وفي الآخر نون. وموقعها في الإقليم الثالث من الأقاليم السبعة على ما ذكره في تقويم البلدان والإقليم الثاني على ما يقتضيه كلام المقر الشهابي بن فضل الله في مسالك الأبصار حيث جعل آخر الإقليم الثاني دهروط من البهنساوية. قال في القانون: طولها ست وخمسون درجة وعشرون دقيقة وعرضها ست وعشرون درجة وهي مدينة لطيفة بالبر الغربي من النيل كانت في الأصل مدينة قديمة بناها أشمون بن قبطيم بن مصر بن بيصر بن حام بن نوح عليه السلام ثم خربت ودثرت وبنيت هذه المدينة على القرب منها. وكان هذا العمل فيما تقدم عملين: أحدهما عمل الأشمونين هذا والثاني عمل طحا المدينة بفتح الطاء والحاء المهملتين وألف في الآخر وقد تقدم ذكرها في الأعمال القديمة ثم أضيفا وجعلا عملاً واحداً. العمل السادس - المنفلوطية. وهو مصاقبٌ لعمل الأشمونين من جنوبيه وهو من أخص خاص السلطان الجاري في ديوان وزراته ومنه يحمل أكثر الغلال إلى الأهراء السلطانية بالفسطاط. ومقر ولايته مدينة منفلوط. قال في تقويم البلدان: بفتح الميم وسكون النون وفتح الفاء وضم اللام ثم واو وطاء مهملة في الآخر. وموقعها الإقليم الثالث من الأقاليم السبعة فيما ذكره في تقويم البلدان ومن أواخر الإقليم الثاني على ما يقتضيه كلام مسالك الأبصار. قال في كتاب الأطوال: وطولها اثنتان وخمسون درجة وعشرون دقيقة وعرضها سبع وعشرون درجة وأربعون دقيقة. وهي مدينة لطيفة بالبر الغربي من النيل بالقرب من شطه. العمل السابع - الأسيوطية وهو عمل جليل ومقر الولاية به مدينة أسيوط بضم الألف وسكون السين وضم المثناة تحت وفي آخرها طاء مهملة. هكذا ضبطه السمعاني في كتاب الأنساب: وذكرها في الروض المعطار في حرف الهمزة ووقعت في شعر ابن الساعاتي بغير ألف في قوله: لله يوم في سيوط وليلةٌ عمر الزمان بمثلها لا يغلط والطير تقرأ والغدير صحيفةٌ والريح تكتب والغمام ينقط وإثبات الألف فيها هو الجاري على ألسنة العامة بالديار المصرية والثابت في الدواوين حذفها وموقعها في الإقليم الثاني من الأقاليم السبعة. قال في الأطوال: وطولها إحدى وخسمون درجة وخمس أربعون دقيقة وعرضها اثنتان وعشرون درجة وعشر دقائق. وهي مدينة حسنة في البر الغربي من النيل على مرحلة من منفلوط وبها مساجد ومدراس وأسواقٌ وقياسر وحمامات. العمل الثامن - الإخميمية. وهو مصاقبٌ لعمل أسيوط من جنوبيه وهو عمل ليس بالكبير وبلاده أكثرها بالبر الغربي عن النيل وحاضرته مدينة إخميم. قال في تقويم البلدان: بكسر الألف وسكون الخاء المعجمة والمثناة تحت بين الميمين والأولى منهما مكسورة وموقعها في أواخر الإقليم الثاني من الأقاليم السبعة. قال في الأطوال: وطلوها إحدى وخمسون درجة وثلاثون دقيقة وعرضها ست وعشرون درجة. وهي مدينة لطيفة بالبر الشرقي عن النيل على مرحلتين من أسيوط وبها كانت البرابي العظام العمل التاسع - القوصية. وهو مصاقبٌ لعمل أسيوط من جنوبه وهو عمل متسع الفضاء بعيد ما بين القرى ينتهي آخره إلى أسوان آخر الديار المصرية في البر الشرقي والغربي وهي بلاد الثمر ومنها يجلب إلى سائر البلاد المصرية ومقر ولايته مدينة قوص. قال في المشترك: بضم القاف وسكون الواو وفي الآخر صاد مهملة وموقعها في الإقليم الثاني من الأقاليم السبعة. قال ابن سعيد: طولها سبع وخمسون درجة وعرضها ست وعشرون درجة وهي مدينة جليلة في البر الشرقي عن النيل ذات ديار فائقة ورباع أنيقة ومدارس وربطٍ وحمامات يسكنها العلماء والتجار وذوو الأموال وبها الباستين والحدائق المستحسنة إلا أنها شديدة الحر كثيرة العقارب حتى إنه يقبض لها من يدور في الليل في شوارعها بالمسارج لقتلها ويقاربها في الكثرة أيضاً سام أبرص. قال المقر الشهابي بن فضل الله في مسالك الأبصار: أخبرني عز الدين حسن بن أبي المجد الصفدي أنه عد في يوم صائف على حائط الجامع بها سبعين سام أبرص على صف واحد. ومما يدخل في عملها مما له ولاية مستقلة مدينة أسوان قال السمعاني بفتح الهمزة وسكون السين المهملة وفتح الواو وبعدها ألف ونون وخالف ابن خلكان في تاريخه فضبطه بضم الهمزة وغلط السمعاني في فتحها. وهي مدينة في أوائل الحد الجنوبي من الديار المصرية وموقعها في الإقليم الثاني من الأقاليم السبعة. قال في الأطوال: طولها اثنتان وخمسون درجة وعرضها اثنتان وعشرون درجة وثلاثون دقيقة. قال في القانون: طولها سبع وخمسون درجة وعرضها اثنتان وعشرون درجة وثلاثون دقيقة. وهي في البر الشرقي من النيل ذات نخيل وحدائق وهي من قوص على نحو خمس مراحل. قال في التعريف: وواليها وإن كان من قبل السلطان فإنه نائب الوالي قوص. قلت: أما الآن فقد صار لها والٍ مستقلٌ بنفسه لا حكم لوالي قوص عليه وسيأتي الكلام عليها في مراكز البريد ويأتي الكلام على ولايتها في جملة الولايات بالديار المصرية إن شاء الله تعالى. الوجه الثاني البحري وهو كل ما سفل عن القاهرة إلى البحر الرومي حيث مصب النيل. وإنما سمي بحرياً لأن منتهاه البحر الرومي ولا يلزم من ذلك تسمية الجانب الشرقي من الديار المصرية بحرياً لأن نهايته إلى بحر القلزم لأن انتهائه إليه ليس حقيقياً لانقطاع بحر القلزم عن بلاد الديار المصرية بالجبال والبراري المقفرة بخلاف بحر الروم فإنه متصل بالبلاد مجاور لها فناسب النسبة إليه. قلت: وقد وقع للمقر الشهابي بن فضل الله في التعريف في بلاده وأعماله من الوهم ما لا يليق بمصري على ما سيأتي بيانه في موضعه إن شاء الله تعالى. وهذا الوجه هو أرطب الوجهين وأقلهما حراً وأكثرهما فاكهة وأحسنهما مدناً ويشتمل على ثلاث شعب تحوي سبعة أعمال. الشعبة الأولى شرقي الفرقة الشرقية من النيل وفيها أربعة أعمال العمل الأول - الضواحي: جمع ضاحية وهي في أصل اللغة البارزة للشمس وكأنها سميت بذلك لبروز قراها للشمس بخلاف المدينة لغلبة الكن بها وهو ما يجاور القاهرة من جهة الشمال من القرى وولايتها مضافة إلى ولاية القاهرة وداخلة في حكمها وليست منفردة بمقر ولاية غيرها. العمل الثاني - القليوبية. وهو مصاقبٌ للضواحي من شماليها مما يلي جهة النيل وهوعمل جليل حسن القرى كثير البساتين غزير الفواكه. ومقر الولاية به مدينة قليوب - بفتح القاف وإسكان اللام وضم المثناة تحت وسكون الواو وباء موحدة في آخرها - وموقعها في الإقليم الثالث من الأقاليم السبعة ولم يتحرر لي طولها وعرضها غير أنها من القاهرة في جهة الشمال على نحو فرسخ ونصف من القاهرة. قلت: ومن بلادها بلدتنا قلقشنده وهي بلدة حسنة المظهر غزيرة الفواكه وإليها ينسب الليث بن سعد الإمام الكبير وقد ذكر ابن يونس في تاريخه: أنه ولد بها. قال: وأهل بيته يذكرون أن أصله من فارس وليس لما يقولونه ثبات عندنا. قال ابن خلكان: بفتح القاف وسكون اللام وفتح القاف الثانية والشين المعجمة وسكون النون وفتح الدال المهملة وبعدها هاء ساكنة وهكذا هي مكتوبة في دواوين الديار المصرية وأبدل ياقوتٌ في معجم البلدان اللام راءً وهو الجاري على ألسنة العامة وعليه جرى القضاعي فيما رأيته مكتوباً في خططه: قال ابن خلكان: وهي على ثلاثة فراسخ من القاهرة وهي بلدة حسنة المنظر كثيرة البساتين غزيرة الفواكه وإليها ينسب الليث بن سعد الإمام الكبير. قال ابن يونس في تاريخه: ولد بها ثم قال: وأهل بيته يذكرون أن أصله من فارس وليس لما وقال القضاعي في خططه في الكلام على دار الليث بالفسطاط: وكان له دار بقرقشندة بالريف بناها فهدمها ابن رفاعة أمير مصر عناداً له وكان ابن عمه فبناها الليث ثانياً فهدمها فلما كانت الثالثة أتاه آتٍ في منامه فقال له يا ليث: وبقي الليث حتى توفي في منتصف شعبان سنة خمس وسبعين ومائة وصلى عليه موسى بن عيسى الهاشمي أمير مصر للرشيد. وترجم له ابن خلكان بالأصبهاني ثم قال في آخر ترجمته: ويقال إنه من قلقشندته. قلت: وما قاله ابن يونس أثبت ويجب الرجوع إليه لأمرين: أحدهما أنه مصري وأهل البلد أخبر بحال أهل بلدهم من غيرهم. والثاني أنه قريب من زمن الليث فهو به أدرى إذ يجوز أن يكون أصله من أصبهان ثم نزل آباؤه قلقشندة المذكورة وولد بها وسكنها فنسب إليها كما وقع في كثير من النسب وإعادة داره بها بعد هدمها ثلاث مرات على ما تقدم ذكره في كلام القضاعي دليل اعتنائه بشأنها وميله إليها وحينئذ فلا منافاة بين النسبتين. وذكر في الروض المعطار أنه كان له ضيعة على القرب من رشيد من بلاد الديار المصرية العمل الثالث - الشرقية. وهو مصاقب للضواحي من شماليها مما يلي جهة المقطم والقليوبية من جهة الشمال أيضاَ وهو من أعظم الأعمال وأوسعها. إلا أن البساتين فيه قليلة بل تكاد أن تكون معدومة لا تصاله بالسباخ وبداوة غالب أهله وآخر العمران فيها من جهة الشمال الصالحية وما وراء ذلك منقطع رمال على ما تقدم ذكره في المنقطع عنها من جهة الشرق ومقر ولايته مدينة بلبيس. قال في تقويم البلدان: بكسر الباء الموحدة وسكون اللام وفتح الباء الموحدة وسكون المثناة تحت ثم سين مهملة. كذا ذكره والجاري على الألسنة ضم الباء في أولها وموقعها في الإقليم الثالث من الأقاليم السبعة. قال في تقويم البلدان: والقياس أن يكون طولها أربعاً وخمسين درجة وثلاثين دقيقة وعرضها ثلاثين درجةً وعشر دقائق. وهي مدينة متوسطة بها المساجد والمدارس والأسواق وهي محط رحال الدرب الشامي. وفي الركن الشمالي الجنوبي من هذا العمل بنها. قال النووي في شرح مسلم: بكسر الباء والمعروف فتحها وهي البلدة التي أهدى المقوقس إلى النبي صلى الله عليه وسلم من عسلها وفي آخره من جهة الشرق قطيا بفتح القاف وسكون الطاء المهملة وفتح الياء المثناة تحت وألف في الآخر. كذا وقع في التعريف ومسالك الأبصار. وفي تقويم البلدان: إبدال الألف في آخره بهاء وهي قرية بالرمل المعروف بالجفار على طريق الشأم على القرب من ساحل قال في التعريف: وجعلت لأخذ الموجبات وحفظ الطرقات وأمرها مهم ومنها يطالع بكل صادر ووارد. العمال الرابع - الدقهلية والمرتاحية. وهو مصاقبٌ لعمل الشرقية من جهة الشمال وأواخره تنتهي إلى السباخ وإلى بحيرة تنيس المتصلة بالطينة من طريق الشام ومقر الولاية به مدينة أشموم بضم الهمزة وإسكان الشين المعجمة وبعدها ميم ثم واو وميم ثانية كما ضبطه في تقويم البلدان ونقله عن خط ياقوت في المشترك والذي في اللباب إبدال الميم في آخرها بنون وعزاه في تقويم البلدان للعامة. قال في تقويم البلدان: والقياس أن طولها أربع وخمسون درجة وعرضها إحدى وثلاثون درجة وأربع وخمسون دقيقة. وهي مدينة صغيرة على ضفة الفرقة التي تذهب إلى بحيرة تنيس من فرقة النيل الشرقية من الجهة وبآخر هذا العمل مدينة دمياط بكسر الدال المهملة وسكون الميم وياء مثناة من تحت وألف وطاء قال في الأطوال: طولها ثلاث وخمسون درجة وخمسون دقيقة وعرضها إحدى وثلاثون درجة وخمس وعشرون دقيقة. وقال ابن سعيد: طولها أربع وخمسون درجة وعرضها إحدى وثلاثون درجة وعشرون دقيقة وهي واقعة في الإقليم الثالث وهي مدينة حسنة عند مصب الفرقة الشرقية من النيل في بحر الروم ذات أسواق وحمامات وكان عليها أسوار من عمارة المتوكل: أحد خلفاء بني العباس فلما تسلطت عليها الفرنج وملكتها مرة بعد مرة خربت المسلمون أسوارها في سنة ثمان وأربعين وستمائة خوفاً من استيلائهم عليها وهي على ذلك إلى الآن ولها ولاية خاصة بها. الشعبة الثانية غربي فرقة النيل الغربية وفيها عملان العمل الأول - عمل البحيرة وهو مما يلي عمل الجيزة المقدم ذكره من الجهة البحرية وهو عمل واسع كثير القرى فسيح الأرضين. ومقر ولايته مدينة دمنهور - بفتح الدال المهملة والميم وسكون النون وضم الهاء وسكون الواو وفي آخرها راء مهملة - وتعرف بدمنهور الوحش. وهي مدينة متوسطة ذات مساجد ومدارس وأسواق وحمامات. وموقعها في الإقليم الثالث ولم يتحرر لي طولها وعرضها غير أنها على نحو مرحلة من الإسكندرية بين الشرق والجنوب فليعتبر طولها وعرضها منها بالتقريب. قلت: ويدخل في هذا العمل حوف رمسيس والكفور الشاسعة. العمل الثاني - عمل المزاحمتين. وهو ما جاور خليج الإسكندرية من جهة الشمال إلى البحر الرومي وبعضه بالبر الشرقي من النيل وحاضرته مدينة فوة. قال في تقويم البلدان: بضم الفاء وتشديد الواو وهي مدينة متوسطة بالبر الشرقي من فرقة النيل الغربية يقابلها جزيرة لها تعرف بجزيرة الذهب ذات بساتين وأشجار ومنظرٍ رائق وليس بها ولاية وإنما يكون بها شادٌ للخاص يتحدث في كثير من أمور الولاية وهي في الحقيقة كإخميم مع قوص. ويلي هذين العملين غرباً بشمال مدينة الإسكندرية - بكسر الهمزة وسكون السين المهلمة وفتح الكاف وسكون النون وفتح الدال وكسر الراء المهملتين وتشديد الياء المثناة تحت المفتوحة وهاء في الآخر - وموقعها في الإقليم الثالث. قال في كتاب الأطوال: طولها إحدى وخمسون درجة وأربع وخمسون دقيقة وعرضها ثلاثون درجة وثمانٌ وخمسون دقيقة وقد تقدم القول على أصل عمارتها في الكلام على قواعد الديار المصرية قبل الإسلام. وهي الآن بالنسبة إلى ما تشهد به التواريخ من بنائها القديم جزءٌ من كل وهي مع ذلك مدينة رائقة المنظر حسنة الترصيف مبنية بالحجر والكلس مبيضة البيوت ظاهراً وباطناً كأنها حمامةٌ بيضاء ذات شوارع مشرعة كل خط قائم بذاته كأنها رقعة الشطرنج يستدير بها سوران منيعان يدور عليهما من خارجهما خندقٌ في جوانب البلد المتصلة بالبر ويتصل البحر بظاهرها من الجانب الغربي مما يلي الشمال إلى المشرق حيث دار النيابة وبهما أبراج حصينة عليها الستائر المسترة والمجانيق المنصوبة. قال ابن الأثير في عجائب المخلوقات: ويقال إن منارها كان في وسط البلد وإن المدينة كانت سبع محجات وإنما أكلها البحر ولم يبق إلا محجة واحدة وهي المدينة الباقية الآن وصار مكان المنار منها على مسيرة ميل. قال: ويقال إن مساجدها أحصيت في وقت من الأوقات فكانت عشرين ألف مسجد وبها الجوامع والمساجد والمدارس والخوانق والرط والزوايا والحمامات والديار الجليلة والأسواق الممتدة. وفيها ينسج القماش الفائق الذي ليس له نظير في الدنيا وإليها تهوي ركائب التجار في البر والبحر وتمير من قماشها جميع أقطار الأرض وهي فرضة بلاد المغرب والأندلس وجزائر الفرنج وبلاد الروم والشام وشرب أهلها من ماء النيل من صهاريج تملأ من الخليج الواصل إلى داخل دورها واستعمال الماء العامة الأمر من آبارها وبجنبات تلك الآبار والصهاريج بالوعاتٌ تصرف منها مياه الأمطار ونحوها وبها البساتين الأنيقة والمستنزهات الفائقة ولهم بها القصور والجواسق الدقيقة البناء المحكمة الجدر والأبواب وبها من الفواكه والثمار ما يفوق فواكه غيرها من الديار المصرية حسناً مع رخص الثمن وليس بها مزارع ولا لها عملٌ واسع وإن كانت متحصلها يعدل أعمالاً: من واصل البحر وغيره وهي أجل ثغور الديار المصرية لا يزال أهلهاعلى يقظة من أمور البحر والإحتراز من العدو الطارق وبها عسكر مستخدم لحفظها. قال في مسالك الأبصار: وليس بالديار المصرية مدينة حاكمها موسوم بنيابة السلطنة سواها. قلت: وهذا فيما تقدم حين كانت النيابة بها صغيرة في معنى ولاية أما من حين طرقها العدو المخذول من الفرنج في سنة سبع وستين وسبعمائة واجتاح أهلها وقتل وسبى فإنها استقرت من حينئذ نيابةً كبرى تضاهي نيابة طرابلس وحماة وما في معناهما وهي على ذلك إلى الآن وسيأتي الكلام على نيابتها في الكلام على ترتيب المملكة فيما بعد إن شاء الله تعالى. الشعبة الثالثة ما بين فرقتي النيل الشرقية والغربية وهو جزيرتان الجزيرة الأولى - جانبها الشرقي يمتد في طول فرقة النيل الشرقية إلى مصبه في البحر الملح حيث دمياط بالقرب منها وجانبها الغربي يمتد في طول فرقة النيل الغربية إلى تجاه أبي نشابة من عمل الجيزة فينشأ بحر أبيار المتقدم ذكره ويمتد في طولها إلى قرية الفرستق خارج الجزيرة من الغرب فيتصل بفرقة النيل التي تفرع منها على ما تقدم ويمتد في طولها إلى مصبه في البحر الملح حيث وتشتمل هذه الجزيرة على عملين: العمل الأول - المنوفية. وأوله من الجنوب من القرية المعروفة بشطنوف على أول الفرقة الغربية من النيل ومقر ولايته مدينة منوف - بضم الميم والنون وسكون الواو وفاء في الآخر - وهي مدينة إسلامية بنيت بدلاً من مدينة قديمة كانت هناك قد خربت الآن وبقيت آثارها كيماناً وولايتها من أنفس الولايات وقد أضيف إليها عمل أبيار وهو جزيرة بني نصر الآتي ذكرها فيما بعد إن شاء الله تعالى وهي مدينة حسنة ذات أسواق ومساجد ومسجد جليل للخطبة وحمام وخانات. قلت: وربما غلط فيها بعض الناس فظن أنها منف المتقدمة الذكر في الكلام على قواعد مصر القديمة وبينهما بعد كثير إذ منف المتقدمة الذكر جنوبي الفسطاط على اثني عشر ميلاً منه كما تقدم ذكره وهذه شمالي الفسطاط والقاهرة في أسفل الأرض. العمل الثاني - الغربية. وهو مصاقبٌ للمنوفية من جهة الشمال ويمتد إلى البحر الملح بين مصبي النيل إلا ما هو من عمل المزاحمتين على فرقة النيل الغربية من الشرق وهو عمل جليل القدر عظيم الخطر به البلاد الحسنة والقرى الزاهية والبساتين المتراكبة وغير ذلك وفي آخره مما يلي بحر الروم موقع ثغر البرلس. ويندرج فيه ثلاث أعمال أخر كانت قديمة وهي القويسنية والسمنودية والدنجاوية ومقر ولايته مدينة المحلة. قال في المشترك: - بفتح الميم والحاء المهملة وتشديد اللام ثم هاء في الآخر - وتعرف بالمحلة الكبرى وقد غلب عليها اسم المحلة حتى صار لا يفهم عند الإطلاق إلا هي. قلت: ووقع في التعريف التعبير عنها بمحلة المرحوم وهو وهمٌ وإنما هي قرية من قراها. قال في المشترك: ويقال لها محلة الدقلا بفتح الدال المهملة والقاف وهي مدينة عظيمة الشأن جليلة المقدار رائقة المنظر حسنة البناء كثيرة المساكن ذات جوامع ومدارس وأسواق وحمامات وهي تعادل قوص من الوجه القبلي في جلالة قدرها ورياسة أهلها ويفرق بينهما بما يفرق به بين الوجه القبلي والوجه البحري من الرطوبة واليبوسة. الجزيرة الثانية - ما بين بحر أبيار المتقدم ذكره وبين الفرقة الغربية من النيل وتعرف بجزيرة بني نصر وهي عمل واحد وحاضرته مدينة أبيار - بفتح الهمزة كما قاله في الروض المعطار وإسكان الباء الموحدة وفتح المثناة تحت وبعدها ألف ثم راء مهملة - وهي مدينة لطيفة حسنة المنظر يعمل فيها القماش الفائق من المحررات وغيرها وموقعها من الإقليم الثالث من الأقاليم السبعة ولم يتحرر لي طولها ولا عرضها وهي مضافة إلى ولاية منوف وليس بها الآن ولاية مستقلة. في من ملك الديار المصرية جاهليةً وإسلاماً قال السلطان عماد الدين صاحب حماة في تاريخه: وكانت أهل مصر أهل ملك عظيم في الدهور الخالية والأزمان السالفة ما بين قبطي ويوناني وعمليقي وأكثرهم القبط. قال: وأكثر من تملك مصر الغرباء. وهم على ثلاثة مراتب: المرتبة الأولى من ملكها قبل الطوفان وقل من تعرض له من المؤرخين قد تقدم في الكلام على ابتداء عمارة مصر أن أول من عمرها قبل الطوفان نقراووس بن مصريم بن براجيل بن رزائيل بن غرباب بن آدم عليه السلام ومعنى نقراووس بالسريانية ملك قومه وهو الذي عمر مدينة أمسوس أول قواعد مصر المتقدم ذكرها ثم ملكها بعده ابنه نقراووس الثاني مائة وسبع سنين ثم ملكها بعده أخوه مصرام بن نقراووس الأول ثم ملكها بعده عنقام الكاهن ولم تطل مدة ملكه ويقال إن إدريس عليه السلام رفع في زمانه ثم ملكها بعده ابنه غرناق ثم ملك بعده رجل من بني نقراووس اسمه لوجيم ثم ملك بعده رجل اسمه خصليم وهو أول من عمل المقياس للنيل على ما تقدم ذكره ثم ملك بعده ابنه هرصال ومعناه بالسريانية خادم الزهرة وهي مدينة شرق النيل وعمل سرباً تحت النيل إليها وهو أول من عمل ذلك وأقام في الملك مائة وأربعاً وثلاثين سنة ويقال إن نوحاً عليه السلام ولد في زمانه ثم ملك بعده ابنه بدرسان ثم ملك بعده أخوه شمرود وكان طوله فيما يقال عشرين ذراعاً ثم ملك بعده فرسيدون بن بدرسان المتقدم ذكره مائة وستين سنة ثم ملك بعده ابنه شرناق مائة وثلاث سنين ثم ملك بعده ابنه سهلوق مائة وتسع سنين ثم ملك بعده ابنه سوريدين وهو الذي بنى الأهرام العظام بمصر على ما تقدم ذكره في الكلام على عجائب مصر وخواصها ثم ملك بعده ابنه هرجيب نيفاً وسبعين سنة وهو الذي بنى الهرم الأول من أهرام دهشور ثم ملك بعده ابنه مناوش ثلاثاً وسبعين سنة ثم ملك بعده ابنه أقروس أربعاً وستين سنة وفي أيامه حصل القحط العظيم وسلطت الوحوش والتماسيح على الناس وأعقمت الأرحام حتى يقال أن الملك تزوج ثلثمائة امرأة يبغي الولد فلم يولد له وذلك مقدمة الطوفان ثم ملك بعده رجل من يبت أهل الملك اسمه أرمالينوس ثم ملك بعده ابنه عمه فرعان وهو أول من لقب بلقب الفراعنة وكان قد كتب إلى ملك بابل يشير عليه بقتل نوح عليه السلام وفي زمنه كان الطوفان وهلك فيمن هلك. المرتبة الثانية من ملكها بعد الطوفان إلى حين الفتح الإسلامي وللمؤرخين في ذلك خلف كثير وقد جمعت بين كلام التواريخ التي وقفت عليها في ذلك وهم على طبقات: الطبقة الأولى ملوكها من القبط قد تقدم في الكلام على ابتداء عمارتها أن أول من عمرها بعد الطوفان بيصر بن حام بن نوح عليه السلام وكان بيصر قد كبر سنه وضعف فأقام يسيراً ثم مات فدفن في موضع دير أبي هرميس غربي الأهرام. قال القضاعي: ويقال إنها أول مقبرة دفن فيها بأرض مصر وملك بعده ابنه مصر فعمر وطالت مدة ملكه وعمرت البلاد في أيامه وكثر خيرها ثم مات وملك بعده ابنه قبطيم وإليه ينسب القبط ويقال إنه أدرك بلبلة الألسن التي كانت بعد نوح عليه السلام وهي ريح خرجت عليهم ففرقت بينهم وصار كل منهم يتكلم بلغة غير لغة الآخر وخرج منها باللغة القبطية ثم ملك بعده ابنه قفط وهو الذي بنى مدينة قفط بالصعيد الأعلى وسماها باسمه وآثارها باقية إلى الآن ثم ملك بعده أخوه أشمن وهو الذي بنى مدينة أشمونين المتقدم ذكرها بالوجه القبلي وطالت مدته حتى نقل أنه بقي ثمانمائة سنة وقيل ثمانمائة وثلاثين ثم ملك بعده أخوه أتريب وهو الذي بنى مدينة أتريب المتقدمة الذكر بالوجه البحري من الديار المصرية ثم ملك بعده أخوه صا وهو الذي بنى مدينة صا المتقدم ذكرها بالوجه البحري أيضاً ثم ملك بعده قفطريم بن قفط ويقال: إنه الذي وضع أساس الأهرام الدهشورية غير الهرم الأول الذي بناه هرجيب المتقدم ذكره قبل الطوفان وهو الذي بنى مدينة دندرى بالصعيد الأعلى وآثارها باقية إلى الآن ثم ملك بعده ابنه بودشير وهو الذي أصلح جنبتي النيل بهندسته ثم ملك بعده ابنه عديم ثم ملك بعده ابنه شدات وهو الذي تمم الأهرام الدهشورية التي وضع أساسها قفطريم المتقدم ذكره. ويقال: إن مدينة شطب التي بالقرب من مدينة أسيوط بنيت في أيامه وآثارها باقية إلى الآن وهو أوّل من ولع بالصيد واتخذ الجوارح والكلاب السّلوقية وعمل البيطرة من ملوك مصر ومات عن أربعمائة وأربعين سنة ثم ملك بعده ابنه منقاوش ويقال: إنه أوّل من عمل له الحمّام بمصر ثم ملك بعده ابنه مناوش وطالت مدّته في الملك حتّى بقي فيما يقال ثمانمائة سنة وقيل ثمانمائة وثلاثين سنة ثم ملك بعده منقاوش بن أشمن نيفاً وأربعين سنة وقيل ستين سنة وهو أوّل من عمل له الميدان بمصر وأوّل من بنى البيمارستان لعلاج المرضى وفي أيامه بنيت مدينة سنتريه بالواحات ثم ملك بعده ابنه مرقوره نيفاً وثلاثين سنة وفي كتب القبط أنه أوّل من ذلل السباع وركبها ثم ملك بعده بلاطس خمساً وعشرين سنة ثم ملكت بعده بنت من بنات أتريب خمساً وثلاثين سنة وهي أوّل من ملك مصر من النساء ثم ملك بعدها أخوها قليمون تسعين سنة وفي أيامه بنيت مدينة دمياط على اسم غلام له كانت أمه ساحرة له وفي أيامه بنيت أيضاً مدينة تنّيس ثم ملك بعده ابنه فرسون مائتين وستين سنة ثم ملك بعده ثلاثة ملوك أو أربعةٌ لم يعين اسمهم ثم ملك بعدهم مرقونس الكاهن ثلاثاً وسبعين سنة ثم ملك بعده ابنه أيساد خمساً وسبعين سنة ثم ملك بعده ابنه صا وأكثر القبط تزعم أنه أخوه نيفاً وثلاثين سنة ثم ملك بعده ابنه تدراس وهو الذي حفر خليج سخا المتقدم ذكره في خلجان مصر القديمة ثم ملك بعده ابنه ماليق ويقال: إنه خالف دين آبائه في عبادة الأصنام ودان بدين التوحيد. ولما أحس بالموت صنع له ناووساً وكنز معه كنوزاً عظيمة وكتب عليها أنه لا يستخرجها إلا أمة النبي الذي يبعث في آخر الزمان ثم ملك بعده ابنه حريا وفي بعض التواريخ حرايا خمساً وسبعين سنة ثم ملك بعده ابنه كلكن وفي بعض التواريخ كلكي نحواً من مائة سنة وهو أول من أظهر علم الكيمياء بمصر وكان قبل ذلك مكتوماً وفي زمنه كان النمروذ بأرض بابل من العراق ثم ملك بعده أخوه ماليا ثم ملك بعده حربيا بن ماليق ثم ملك بعده طوطيس بن ماليا وفي بعض التواريخ طوليس سبعين سنة وفي بعض التواريخ أنه ملك بعد أبيه ماليا والقبط تزعم أن الفراعنة سبعة هو أولهم وهو الذي أهدى هاجر لإبراهيم عليه السلام ثم ملكت بعده أخته حوريا وهي التي بنى لها جيرون المؤتفكي صاحب الشام مدينة الإسكندرية حين خطبها على أحد الأقوال في عمارتها ليجعلها مهراً لها ثم احتالت عليه فسمته هو وجميع عسكره في خلع فماتوا ثم ملكت بعدها بنت عمها زلفى ويقال دلفة بنت مأموم ثم ملك بعدها أيمين الأتريبي وهو آخر ملوك القبط من هذه الطبقة. والذي ذكره القضاعي وغيره أنه ملكها بعد وفاة بيصر ابنه مصر ثم قفط بن مصر ثم أخوه أشمن ثم أخوه أتريب ثم أخوه صا ثم ابنه تدراس ثم ابنه ماليق ثم ابنه حريا ثم ابنه كلكن ثم أخوه ماليا ثم حربيا ثم طوطيس بن ماليا ثم ابنته حوريا وهي أول من ملكها من النساء الطبقة الثانية ملوكها من العماليق ملوك الشام أول من ملكها منهم الوليد بن دومع العمليقي وقال السهيلي: الوليد ابن عمرو بن أراشة اقتلعها من أيمين: آخر ملوك القبط المتقدم ذكره وهو الفرعون الثاني عند القبط وقيل هو من سمي بفرعون وقام في الملك مائة وعشرين سنة ثم ملك بعده ابنه الريان مائة وعشرين سنة والقبط تسميه نهراوس وهو الفرعون الثالث عند القبط ونزل مدينة عين شمسٍ وكانت الملوك قبله تنزل مدينة منفٍ وفي أيامه وصل يوسف عليه السلام إلى مصر وكان من أمره ما قصه الله تعالى في كتابه. ويقال إنه آمن بيوسف عليه السلام ثم ملك بعده ابنه دارم ويقال دريوس وهو الفرعون الرابع عند القبط وفي أيامه توفي يوسف عليه السلام وفي أيامه ظهر بمصر معدن فضة على ثلاثة أيام في النيل ثم ملك بعده ابنه معدان ويقال معاديوس وهو الفرعون الخامس عند القبط إحدى وثلاثين سنة ثم ملك بعده ابنه أقسامس وهو الفرعون السادس عند القبط وبعضهم يزعم أن منارة الإسكندرية بنيت في زمنه وأهل الأثر يسمونه كاسم وربما قالوا كامس ثم ملك بعده ابنس لاطس ثم ملك بعده رجل اسمه ظلما كان من عماله فخرج عليه فقتله وملك مكانه وهو الفرعون السابع عند القبط وهو فرعون موسى. قال المسعودي: وهو الوليد من مصعب الموجود في كتب الأثر والوليد بن مصعب هو فرعون موسى وهو الوليد بن مصعب بن عمرو بن معاوية بن أراشة يجتمع مع الوليد بن دومع في أراشة وهو آخر من ملك مصر من العمالقة وبعضهم يقول ظلما بن قومس من ولد أشمون أحد مولك القبط المتقدم ذكرهم وعلى هذا فيكون فرعون موسى من القبط وهو أحد الأقوال فيه وهو الذي يعول عليه القبط ويوردونه في كتبهم وآخرون يجعلونه من لخم من الشأم والظاهر الأول وهو أول من عرف العرفاء على الناس وفي زمنه حفر خليج سردوس المتقدم ذكره في خلجان النيل ويقال: إنه عاش دهراً طويلاً لم يمرض ولم يشك وجعاً إلى أن أهلكه الله تعالى بالغرق. الطبقة الثالثة ملوكها من القبط بعد العمالقة أول من ملكها منهم بعد فرعون دلوكة وطالت مدتها في الملك حتى عرفت بالعجوز وإليها ينسب حائط العجوز المبني بالطوب اللبن المستدير على بلاد مصر في لحف الجبلين: الشرقي والغربي وأثره باق بالوجه القبلي إلى الآن ويقال إنها التي بنت البرابي بمصر ثم ملك بعدها رجل من أبناء أكابر القبط اسمه دركون بن بطلوس ويقال دركوس بن ملوطس ثم ملك بعده رجل اسمه تودس ثم ملك بعده ابنه لقاش نحواً من خمسين سنة ثم ملك بعده مرينا بن لقاش نحواً من عشرين سنة ثم ملك بعده ابنه بلطوس ويقال بلوطس بن مياكيل أربعين سنة ثم ملك بعده مالوس ويقال فالوس ويقال فالوس بن توطيس عشر سنين ثم ملك بعده مياكيل. قال المسعودي: وهو فرعون الأعرج الذي غزا بني إسرائيل وخرب بيت المقدس ثم ملك بعده نوله وهو الذي غزا رحبعم ابن سليمان عليه السلام بالشام وقيل إن الذي غزا رحبعم كان اسمه شيشاق. قال السلطان عماد الدين صاحب حماة: وهو الأصح. وقال: ثم لم يشتهر بعد شيشاق المذكور غير فرعون الأعرج وهو الذي غزاه بختنصر وصلبه والذي ذكره المسعودي أنه ملك بعد مياكيل المتقدم ذكره مرنيوس ثم ملك بعده ابنه بغاش ثمانين سنة ثم ملك بعده ابنه قومس عشرين سنة ثم ملك بعده ابنه كاييل. قال المسعودي: وهو الذي غزاه بخنتصر وصلبه وخرب مصر وبقيت مصر أربعين سنة خراباً. ملوكها من الفرس أول من ملكها في جملة مملكة الفرس بهراسف بواسطة أن بخنتصر كان نائباً له ومن حين استولى عليها بخنتصر توالت عليها الولاة من جهته وهو ببابل سبعاً وخمسين سنة وشهراً كما ذكر صاحب حماة إلى أن مات فولي بعده ابنه أولات سنةً واحدةً ثم أوليها بعده أخوه بلطشاش بن بخنتصر ثم استقرت مصر والشام بأيدي نواب الفرس عن ملوكهم. فلما مات بهراسف ملك بعده كيبستاسف ثم ملك بعده ابنه أردشير بهمن بن أسفيديار بن كيبستاسف وأنبسطت يده حتى ملك الأقاليم السبعة ثم ملك بعده ابنه دارا وفي زمنه ملك الإسكندر بن فيلبس على اليونان فقصده فلما قرب منه قتله جماعة من قومه ولحقوا بالإسكندر وهو آخر من ملك مصر من الفرس ولم أقف على تفصيل نواب الفرس بمصر إلا أنه كان منهم كسرجوس الفارسي وهو الذي بنى قصر الشمع بالفسطاط على ما تقدم ذكره وبعده طحارست الطويل وفي أيامه كان بقراط الحكيم. الطبقة الخامسة ملوكها من اليونان أول من ملكها منهم الإسكدنر بن فيلبس حين غلب دارا ملك الفرس على ملكه واستولى على ما كان بيده وكان مقر ملكه مقدونية من بلاد الروم القديمة وانحاز له ملك العراق والشام ومصر وبلاد العرب. فلما مات تفرقت ممالكه بين الملوك فملك مصر ونواحي الغرب البطالسة من ملوك اليونان كان كل منهم يلقب بطليموس. فأول من ملكها منهم بطليموس المنطيقي عشرين سنة ويقال: إنه أول من لعب بالبزاة وضراها ثم ملك بعده بطليموس محب أخيه أربعين سنة وقيل ثماناً وثلاثين سنة وهو الذي نقل التوراة من العبارينة إلى اليونانية وفي أيامه ظهرت عبادة التماثيل والأصنام ثم ملك بعده بطليموس الصائغ خمساً وقيل ستاً وعشرين سنة ثم ملك بعده بطليموس محب أبيه سبع عشرة سنة ثم ملك بعده بطليموس صاحب علم الفلك أربعاً وعشرين سنة وهو الذي ألف كتاب المجسطي ثم ملك بعده بطليموس محب أمه سبعاً وعشرين سنة ثم ملك بعده بطليموس الصائغ الثاني ثم ملك بعده بطليموس المخلص ست عشر سنة وقيل سبع عشرة سنة ثم ملك بعده بطليموس الإسكندراني تسع سنين وقيل اثنتي عشرة سنة ثم ملك بعده بطليموس اسكندروس ثلاث سنين ثم ملك بعده بطليموس محب أخيه الثاني ثمان سنين ثم ملك بعده بطليموس دوتيسوس الطبقة السادسة ملوكها من الروم أول من ملكها منهم أغشطش. ويقال بشينين معجمتين ومهملتين ولقبه قيصر وهو أول من تلقب به ثم صار علماً على ملوك الروم. قصد قلوبطرا المتقدم ذكرها فلما أحست بقربة منها عمدت إلى مجلسها فجعلت فيه الرياحين والمشموم وأعملت الفكر في تحصيل حية إذا نهشت الإنسان مات لحينه ولم يتغير حاله فقربت يدها منها حتى ألقت سمها في يدها وانسابت الحية في الرياحين وجاء أغشطش فوضع يده في الرياحين فنهشته الحية فبقي يوماً ومات بعد أن ملك الروم ثلاثاً وأربعين سنة وفي أيامه ولد المسيح عليه السلام ثم ملك بعده الروم ومصر طيباريوس ويقال طبريوس ويقال طبريس اثنتين وعشرين سنة. قال المسعودي: وفي زمنه رفع المسيح عليه السلام قال: ولما مات أغشطش اختلف الروم وتحزبوا وتنازعوا في الملك مائتين وثمانياً وتسعين سنة لا نظام لهم ولا ملك يجمعهم ثم ملكهم عانيوس. قال صاحب حماة: وكان رفع المسيح في زمنه وهو مخالفٌ لما تقدم من كلام السمعودي ثم ملك بعده قلديوس أربع عشرة سنة ثم ملك بعده نارون ثلاث عشرة سنة وهو الذي قتل بطرس وبولص الحواريين برومية وصلبهما ثم ملك بعده ساسانوس عشر سنين ثم ملك بعده طيطوس سبع عشرة سنة ثم ملك بعده دومطيتوش ويقال أديطانش خمس عشرة سنة وكان على عباد الأصنام فتتبع اليهود والنصارى وقتلهم ثم ملك بعده أدريانوس ستاً وثلاثين سنة فأصابته علة الجذام فسار إلى مصر يطلب طباً لذلك فلم يظفر به ومات بعلته ثم ملك بعده ايطيثيوس ويقال أبطاوليس ثلاثاً وعشرين سنة وهو الذي بنى بيت المقدس بعد تخريبه الثانية وسماه إيليا ومعناه بيت الرب وهو أول من سماه بذلك ثم ملك بعده مرقوس ويقال قومودوس سبع عشرة سنة ثم ملك بعده قومودوس ثلاث عشرة سنة وكان دين النصارى قد ظهر في أيامه وفي زمنه كان جالينوس الحكيم ثم ملك بعده قوطنجوس ستة أشهر ثم ملك بعده سيوارس ثماني عشرة سنة ثم ملك بعده ايطيثيوس الثاني أربع سنين ثم ملك بعده اسكندروس ثلاث عشرة سنة ثم ملك بعده بكسمينوس ثلاث سنين ثم ملك بعده خورديانوس ست سنين ثم ملك بعده دقيانوس وقيل دقيوس سنة واحدة فقتل النصارى وأعاد عبادة الأصنام ومنه هرب الفتية أصحاب الكهف وكان من أمرهم ما قص الله تعالى في كتابه العزيز ثم ملك بعده غاليوس ثلاث سنين ثم ملك بعده علينوس و ولديانوس اشتركا في الملك وقيل إن ولديانوس انفرد بالملك بعد ذلك وأقام فيه خمس عشرة سنة ثم ملك بعده قلوديوس سنة واحدة ثم ملك بعده أردياس ويقال أردليانوس ست سنين ثم ملك بعده قروقوس سبع سنين ثم ملك بعده ياروس وشركته سنتين ثم ملك بعده دقلطيانوس إحدى وعشرين سنة وهو آخر عبدة الأصنام من ملوك الروم وبملكه تؤرخ النصارى إلى اليوم وعصي عليه أهل مصر فسار إليهم من رومية وقتل منهم خلقاً عظيماً وهم الذين يعبر عنهم النصارى الآن بالشهداء. ثم ملك بعده قسطنطين المظفر إحدى وثلاثين سنة فسار من رومية إلى قسطنطينية وبنى سورها واستقرت دار ملكهم وأظهر دين النصرانية وحمل الناس عليه ثم ملك بعده ابنه قسطنطين فشيد دين النصرانية وبنى الكنائس الكثيرة ثم ملك بعده إليانوس ويقال إليانس سنة واحدة وهو ابن أخي قسطنطين المتقدم ذكره فرفض دين النصرانية ورجع إلى عبادة الأصنام وبموته خرج الملك عن بني قسطنطين ثم ملك بعده بطريق من بطارقة الروم اسمه بوثيانوس ويقال سيوتيانوس سنة واحدة فأعاد دين النصرانية ومنع عبادة الأصنام ثم ملك بعده قالنطيانوس أربع عشرة سنة ثم ملك بعده خرطيانوس ثلاث سنين ثم ملك بعده باردوسيوس الكبير تسعاً وأربعين سنة ثم ملك بعده ادقاديوس بقسطنطينة وشريكه أويوريوس برومية ثلاث عشرة سنة ثم ملك بعدهما مرقيانوس سبع سنين وهو الذي بنى دير مارون بحمص ثم ملك بعده واليطيس سنة واحدة ثم ملك بعده لاون الكبير سبع عشرة سنة ثم ملك بعده زيتون ثمان عشرة سنة ثم ملك بعده اسطيسوس سبعاً وعشرين سنة وهو الذي عمر أسوار مدينة حماة ثم ملك بعده بوسيطيتنوس تسع سنين ثم ملك بعده بوسيطيتنوس الثاني ثمانياً وثلاثين سنة ثم ملك بعده طبريوس ثلاث سنين ثم ملك بعده طبريوس الثاني أربع سنين ثم ملك بعده ماريقوس ثمان سنين ثم ملك بعده ماريقوس الثاني ويقال مرقوس اثنتي عشرة سنة ثم ملك بعده قوقاس ثمان سنين ثم ملك بعده هرقل واسمه بالرومية أوقليس وهو الذي كتب إليه النبي صلى الله عليه وسلم يدعوه إلى الإسلام وكانت الهجرة النبوية في السنة الثانية عشرة من ملكه. قال المسعودي: وفي تواريخ أصحاب السير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هاجر وملك الروم قيصر بن قوق ثم ملك الروم بعده قيصر بن قيصر وذلك في خلافة أبي بكر رضي الله عنه وهو الذي حاربه أمراء الإسلام بالشام واقتلعوا الشام منه. والذي ذكر ه في التعريف في مكاتبة الأذفونش صاحب طليطلة من ملوك الفرنج بالأندلس أن هرقل الذي هاجر النبيّ صلى الله عليه وسلم في زمنه وكتب إليه لم يكن الملك نفسه وإنما كان متسلم الشام لقيصر وقيصر بالقسطنطينيّة لم يرم وأن النبيّ صلى الله عليه وسلم إنما كتب لهرقل لأنه كان مجاوراً لجزيرة العرب من الشام وعظيم بصرى كان عاملاً له ويظهر أن قيصر الأخير الذي ذكره هو الذي كان المقوقس عاملاً له على مصر. ويقال: إن المقوقس تقبّل مصر من هرقل بتسعة عشر ألف ألف دينار. واعلم أنه كان الحال يقتضي أن نذكر نوّاب من تقدّم من ملوك الروم واليونان والفرس على مصر ولكن أصحاب التواريخ لم تعتن بأمر ذلك فتعذر العلم به. وإذا ذكر الأصل استغني به عن الفرع. وذكر القضاعيّ: أنه بعد عمارة مصر من خراب بختنصّر ظهرت الروم وفارس على سائر الملوك التي وسط الأرض فقاتلت الروم أهل مصر ثلاث سنين إلى أن صالحوهم على شيء في كل عام على أن يكونوا في ذمتهم ويمنعوهم من ملوك فارس ثم ظهرت فارس على الروم وغلبوهم على الشأم وألحّوا على مصر بالقتال ثم استقرّ الحال على خراج مصر أن يكون بين فارس والروم في كل عام وأقاموا على ذلك تسع سنين ثم غلبت الروم فارس وأخرجوهم من الشأم وصار ما صولحت عليه أهل مصر كله خالصاً للروم وجاء الإسلام والأمر على ذلك. المرتبة الثالثة من وليها في الإسلام الضرب الأول فيمن وليها نيابةً وهو الصدر الأول وهم على ثلاث طبقات: الطبقة الأولى عمّال الخلفاء من الصحابة رضوان الله عليهم قد تقدّم أنها لم تزل بيد الروم والمقوقس عامل عليها إلى خلافة عمر رضي الله عنه ولم تزل كذلك إلى أن فتحها عمرو بن العاص والزّبير بن العوّام في سنة عشرين من الهجرة وقيل سنة تسع عشرة في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه و وليها عمرو بن العاص من قبل عمر وهو أول من وليها في الإسلام وبقي عليها إلى سنة خمس وعشرين وبنى الجامع العتيق بالفسطاط ثم وليها عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أبو يحيى العامري فمكث فيها إحدى عشرة سنة وتوفي سنة ست وثلاثين ثم وليها عن عليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه قيس بن سعد الخزرجيّ في أول سنة سبع وثلاثين ثم وليها عنه مالك بن الحارث النخعيّ المعروف بالأشتر في وسط سنة سبع وثلاثين وكتب له عنه عهداً يأتي ذكره في الكلام على العهود إن شاء الله تعالى فسمّ ومات قبل دخوله إلى مصر ثم وليها عنه محمد بن أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه في آخر سنة سبع وثلاثين فمكث دون السنة ثم وليها عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه عمرو بن العاص ثانياً سنة ثمان وثلاثين خمس سنين وتوفي بها سنة ثلاث وأربعين ثم وليها عنه عقبة بن عامر الجهنيّ في سنة أربع وأربعين فمكث فيها ثلاث سنين وكسراً ثم وليها عنه مسلمة بن مخلّدٍ الخزرجيّ سنة سبع وأربعين فمكث فيها خمس عشرة سنة. الطبقة الثانية عمّال خلفاء بني أميّة بالشام لما أفضت الخلافة بعد معاوية إلى ابنه يزيد وليها عنه سعيد بن يزيد بن علقمة الأزديّ في سنة اثنتين وستين فمكث فيها سنتين وكسراً ثم وليها عنه عبد الرحمن الفهريّ في سنة أربع وستين وأقرّه على الولاية بعد يزيد ابنه معاوية ثم مروان بن الحكم فمكث فيها اثنتين وعشرين سنة ثم وليها عن عبد الملك بن مروان عبد الله بن عبد الملك بن مروان في أول سنة ست وثمانين فمكث فيها خمس سنين ثم وليها عنه قرّة بن شريك في سنة تسعين وأقره عليها الوليد بن عبد الملك بعده فمكث فيها سبع سنين ثم وليها عن سليمان بن عبد الملك عبد الملك بن رفاعة في سنة سبع وتسعين فمكث فيها ثلاث سنين وكسراً ثم وليها عن عمر بن عبد العزيز أيوب بن شرحبيل الأصبحي آخر سنة تسع وتسعين فمكث فيها سنتين وستة أشهر ثم كانت خلافة يزيد بن عبد الملك فوليها عنه بشر بن صفوان الكلبيّ سنة إحدى ومائة فمكث فيها سنتين وستة أشهر أيضاً ثم وليها عن هشام بن عبد الملك محمد بن عبد الملك أخو هشام في سنة خمس ومائة فمكث فيها أشهراً ثم وليها عنه عبد الله بن يوسف الثقفيّ في ذي الحجة سنة خمس ومائة فمكث فيها أربع سنين وستة أشهر ثم وليها عنه عبد الملك بن رفاعة ثانياً في سنة تسع ومائة وعزل فيها ثم وليها عنه الوليد أخو عبد الملك بن رفاعة في سنة تسع المذكورة فمكث فيها عشر سنين وكسراً وتوفّي سنة تسع عشرة ومائة ثم وليها عنه عبد الرحمن الفهري ثانياً في آخر سنة تسع عشرة ومائة فأقام بها سبعة أشهر ثم وليها عنه حنظلة بن صفوان ثانياً في سنة عشرين ومائة فمكث فيها سنين وكسراً وعزل ثم وليها عن مروان بن محمد الجعديّ فوليها عنه حسان بن عتابة التّجيبي سنة سبع وعشرين ومائة فمكث فيها خمس سنين أو دونها ثم وليها عنه حفص بن الوليد سنة ثمان وعشرين ومائة فمكث فيها ثلاث سنين وستة أشهر ثم وليها عنه الفزاريّ سنة أحدى وثلاثين ومائة فمكث فيها سنة واحدة ثم وليها عنه عبد الملك بن مروان مولى لخمٍ سنة إحدى وثلاثين ومائة وهو آخر من وليها عن بني أمية. الطبقة الثالثة عمّال خلفاء بني العبّاس بالعراق أول من وليها في الدولة العباسية عن أبي العبّاس السّفاح: أوّل خلفائهم صالح بن عليّ بن عبد الله بن عباس سنة ثلاث وثلاثين ومائة فمكث فيها أشهراً قلائل ثم وليها عنه عبد الملك مولى بني أسد آخر سنة ثلاث وثلاثين ومائة فمكث فيها ثلاث سنين ثم وليها عنه صالح بن عليّ ثانياً في ذي الحجة سنة ست وثلاثين ومائة. ثم وليها عن أبي جعفر المنصور عبد الملك سنة تسع وثلاثين ومائة فمكث فيها ثلاث سنين ثم وليها عنه النّقيب التميميّ سنة إحدى وأربعين ومائة فمكث فيها سنتين ثم وليها عنه حميد الطائيّ: سنة ثلاث وأربعين ومائة فمكث فيها سنة واحدة ثم وليها عنه يزيد المهلّبيّ سنة أربع وأربعين ومائة فمكث فيها تسع سنين ثم وليها عنه عبد الله بن عبد الرحمن بن معاوية سنة اثنتين وخمسين ومائة فمكث فيها سنتين وستة أشهر ثم وليها عنه محمد بن عبد الرحمن بن معاوية سنة أربع وخمسين ومائة فمكث فيها سنة واحدة ثم وليها عنه موسى بن علي اللخميّ في سنة خمس وخمسين ومائة فمكث فيها سنتين وستة أشهر. ثم وليها عن المهدي عيسى الجمحيّ سنة إحدى وستين ومائة فمكث فيها سنة واحدة ثم وليها عنه واضح مولى المنصور في سنة اثنتين وستين ومائة ثم وليها عنه زيد بن منصور الحميري في وسط سنة اثنتين وستين ومائة ثم وليها عنه يحيى أبو صالح في ذي الحجة من السنة المذكورة ثم وليها عنه سالم بن سوادة التميميّ سنة أربع وستين ومائة ثم وليها عنه إبراهيم العباسيّ في سنة خمس وستين ومائة ثم وليها عنه معين الدين ختهم في سنة ست وستين ومائة. ثم وليها عن الهادي أسامة بن عمرو العامري في سنة ثمان وستين ومائة ثم وليها عنه الفضل بن صالح العباسيّ في سنة تسع وستين ومائة ثم وليها عنه علي بن سليمان العباسيّ آخر السنة المذكورة. ثم وليها عن الرشيد موسى العباسي في سنة اثنتين وسبعين ومائة ثم وليها عنه محمد بن زهير الأزدي سنة ثلاث وسبعين ومائة ثم وليها عنه داود بن يزيد المهلبي سنة أربع وسبعين ومائة ثم وليها عنه موسى بن عيسى العباسي سنة خمس وسبعين ومائة ومات بها ثم وليها عنه عبد الله بن المسيب الضبيّ في أول سنة سبع وسبعين ومائة ثم وليها عنه هرثمة بن أعين سنة ثمان وسبعين ومائة ثم وليها عنه عبد الملك العباسيّ في سلخ ذي الحجة من السنة المذكورة ثم وليها عنه عبيد الله بن المهديّ العباسيّ في سنة تسع وسبعين ومائة ثم وليها عنه موسى بن عيسى التّنوخيّ في آخر سنة ثمانين ومائة ثم وليها عنه عبيد الله بن المهديّ ثانياً سنة إحدى وثمانين ومائة ثم وليها عنه إسماعيل بن صالح في آخر السنة المذكورة ثم وليها عنه إسماعيل بن عيسى بن موسى سنة اثنتين وثمانين ومائة ثم وليها عنه الليث البيورديّ في آخر السنة المذكورة ثم وليها عنه أحمد بن إسماعيل في آخر سنة تسع وثمانين ومائة ثم وليها عنه عبد الله بن محمد العباسيّ المعروف بابن زينب في سنة تسعين ومائة ثم وليها عنه مالك بن دلهم الكلبيّ سنة اثنتين وتسعين ومائة ثم وليها عنه أو عن الأمين الحسين بن الحجاج سنة ثلاث وتسعين ومائة. ثم وليها عن الأمين حاتم بن هرثمة بن أعين سنة خمس وتسعين ومائة ثم وليها عنه عباد أبو نصر مولى كندة سنة ست وتسعين ومائة ثم وليها عنه أو عن المأمون المطّلب بن عبد الله الخزاعي سنة ثمان وتسعين ومائة. ثم وليها عن المأمون العباس بن موسى سنة ثمان وتسعين ومائة ثم وليها عنه المطلب بن عبد الله ثانياً في سنة تسع وتسعين ومائة ثم وليها عنه السريّ بن الحكم في سنة مائتين ثم وليها عنه سليمان بن غالب في سنة إحدى ومائتين ثم وليها عنه أبو نصر محمد بن السريّ في سنة خمس ومائتين ثم وليها عنه عبيد الله في سنة ست ومائتين ثم وليها عنه عبد الله بن طاهر مولى خزاعة في سنة عشر ومائتين وهو أول من جلب البطّيخ الخراسانيّ المعروف بالعبدليّ من خراسان إلى مصر فنسب إليه ثم وليها عنه عيسى الجلّوديّ في سنة ثلاث عشرة ومائتين ثم وليها عنه عمرو بن الوليد التميميّ في سنة أربع عشرة ومائتين ثم وليها عنه عيسى الجلّوديّ ثانياً في آخر السنة المذكورة ثم وليها عنه عبدويه بن جبلة في سنة خمس عشرة ومائتين ثم وليها عنه عيسى بن منصور مولى بني نصر في سنة ستّ عشرة ومائتين. وفي هذه السنة دخل المأمون مصر وفتح الهرم. ثم وليها عن المعتصم بالله المسعوديّ في أول سنة تسع عشرة ومائتين ثم وليها عنه المظفّر بن كيدر في وسط السنة المذكورة أشهراً قلائل ثم وليها عنه موسى بن أبي العباس في آخر السنة المذكورة ثم وليها عنه مالك بن كيدر في سنة أربع وعشرين ومائتين ثم وليها عنه عليّ بن يحيى في سنة ست وعشرين ومائتين. ثم وليها عن الواثق بالله عيسى بن منصور الجلّوديّ ثانياً في سنة تسع وعشرين ومائتين ثم وليها عن المتوكل عليّ بن يحيى ثانياً في سنة أربع وثلاثين ومائتين ثم وليها عنه إسحاق الختليّ في سنة خمس وثلاثين ومائتين ثم وليها عنه خزاعة في سنة ست وثلاثين ومائتين ثم وليها عنه عنبسة الضّبيّ في سنة ثمان وثلاثين ومائتين ثم وليها عنه يزيد بن عبد الله في سنة اثنتين وأربعين ومائتين وأقرّه عليها بعده المنتصر بالله ثم المستعين بالله. ثم وليها عن المستعين بالله مزاحم بن خاقان في سنة ثلاث وخمسين ومائتين ثم وليها عنه أحمد بن مزاحم في سنة أربع وخمسين ومائتين وأقرّه عليها المهتدي بالله.
|