الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»
وفي كونهم عليه لبداً ثلاثة أوجه:أحدها: أنهم المسلمون في اجتماعهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله ابن جبير. الثاني: أنهم الجن حين استمعوا من رسول اللَّه قراءته، قاله الزبير بن العوام. الثالث: أنهم الجن والإنس في تعاونهم على رسول اللَّه في الشرك، قاله قتادة.{قلْ إني لا أَمْلِكُ لكم ضَرّاً ولا رَشَداً} يعني ضراً لمن آمن ولا رشداً لمن كفر، وفيه ثلاثة أوجه:أحدها: عذاباً ولا نعيماً.الثاني: موتاً ولا حياة.الثالث: ضلالاً ولا هدى.{قل إني لن يُجيرَني مِنَ اللَّهِ أَحدٌ} روى أبو الجوزاء عن ابن مسعود قال: انطلقتُ مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليلة الجن حتى أتى الحجون فخط خطاً ثم تقدم عليهم فازدحموا عليه، فقال سيد لهم يقال له وردان: أنا أزجلهم عنك، فقال: {إني لن يجيرني من اللَّه أحد}ويحتمل وجهين:أحدهما: لن يجيرني مع إجارة اللَّه لي أحد.الثاني: لن يجيرني مما قدره الله علي أحد.{ولن أجدَ مِن دُونهِ مَلْتَحداً} فيه ثلاثة أوجه:أحدها: يعني ملجأ ولا حرزاً، قاله قتادة.الثاني: ولياً ولا مولى، رواه أبو سعيد.الثالث: مذهباً ولا مسلكاً، حكاه ابن شَجرة، ومنه قول الشاعر: {إلا بلاغاً مِن اللَّه ورسالاتِه} فيه وجهان:أحدهما: لا أملك ضراً ولا رشداً إلا أن أبلغكم رسالات اللَّه، قاله الكلبي.الثاني: لن يجيرني من الله أحد إن لم أبلغ رسالات اللَّه، قاله مقاتل.روى مكحول عن ابن مسعود: أن الجن بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الليلة، وكانوا سبعين ألفاً، وفرغوا من بيعته عند انشقاق الفجر.
وفيه ثلاثة أقاويل:أحدها: يا أيها المزمل بالنبوة، قاله عكرمة.الثاني: بالقرآن، قاله ابن عباس.الثالث: بثيابه، قاله قتادة.قال إبراهيم: نزلت عليه وهو في قطيفة.{قُمِ الليلَ إلا قليلاً} يعني صلِّ الليل إلا قليلاً، وفيه وجهان:أحدهما: إلا قليلاً من أعداد الليالي لا تقمها.الثاني: إلا قليلاً من زمان كل ليلة لا تقمه وقد كان فرضاً عليه.وفي فرضه على مَنْ سواه من أُمّته قولان:أحدهما: فرض عليه دونهم لتوجه الخطاب إليه، ويشبه أن يكون قول سعيد ابن جبير.الثاني: أنه فرض عيله وعليهم فقاموا حتى ورمت أقدامهم، قاله ابن عباس وعائشة.وقال ابن عباس: كانوا يقومون نحو قيامه في شهر رمضان ثم نسخ فرض قيامه على الأمة، واختلف بماذا نسخ عنهم على قولين:أحدهما: بالصلوات الخمس وهو قول عائشة.الثاني: بآخر السورة، قاله ابن عباس.واختلفوا من مدة فرضه إلى أن نسخ على قولين:أحدهما: سنة، قال ابن عباس: كان بين أول المزمل وآخرها سنة.الثاني: ستة عشر شهراً، قالته عائشة، فهذا حكم قيامه في فرضه ونسخه على الأمة.فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان فرضاً عليه، وفي نسخه عنه قولان:أحدهما: المدة المفروضة على أمته في القولين الماضيين.الثاني: أنها عشر سنين إلى أن خفف عنها بالنسخ زيادة في التكليف لتميزه بفضل الرسالة، قاله سعيد بن جبير.قوله {قم الليلَ إلاّ قليلاً} لأن قيام جميعه على الدوام غير ممكن فاستثنى منه القليل لراحة الجسد، والقليل من الشيء ما دون النصف.حكي عن وهب بن منبه أنه قال: القليل ما دون المعشار والسدس.وقال الكلبي ومقاتل: القليل الثلث.وَحدُّ الليل ما بين غروب الشمس وطلوع الفجر الثاني.ثم قال تعالى: {نِصْفَهُ أو انقُصْ مِنْهُ قليلاً} فكان ذلك تخفيفاً إذا لم يكن زمان القيام محدوداً، فقام الناس حتى ورمت أقدامهم، فروت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قام في الليل فقال: أيها الناس اكلفوا من الأعمال ما تطيقون، فإن اللَّه لا يمل من الثواب حتى تملوا من العمل، وخير الأعمال ما ديم عليه.ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: {عَلِم أنْ لن تُحْصوه فتابَ عليكم فاقْرَؤوا ما تيسّر من القرآن}.{أوزِدْ عليه ورَتِّل القرآنَ تَرْتيلاً} فيه ثلاثة أوجه:أحدها: بيّن القرآن تبياناً، قاله ابن عباس وزيد بن أسلم.الثاني: فسّرْه تفسيراً، قاله ابن جبير.الثالث: أن تقرأه على نظمه وتواليه، لا تغير لفظاً ولا تقدم مؤخراً مأخوذ من ترتيل الأسنان إذا استوى نبتها وحسن انتظامها، قاله ابن بحر.{إنّا سنُلْقي عليكَ قوْلاً ثَقيلاً} وهو القرآن، وفي كونه ثقيلاً أربعة تأويلات:أحدها: أنه إذا أوحي إليه كان ثقيلاً عليه لا يقدر على الحركة حتى ينجلي عنه، وهذا قول عائشة وعروة بن الزبير.الثاني: العمل به ثقيل في فروضه وأحكامه وحلاله وحرامه، قاله الحسن وقتادة.الثالث: أنه في المزان يوم القيامة ثقيل، قاله ابن زبير.الرابع: ثقل بمعنى كريم، مأخوذ من قولهم: فلان ثقيل عليّ أي كريم عليّ، قاله السدي.ويحتمل تأويلً خامساً: أن يكون ثقيل بمعنى ثابت، لثبوت الثقيل في محله، ويكون معناه أنه ثابت الإعجاز لا يزول إعجازه أبداً.{إنّ ناشئةَ الليل هي أَشدُّ وطْئاً} فيها ستة تأويلات:أحدها: أنه قيام الليل، بالحبشية، قاله ابن مسعود.الثاني: أنه ما بين المغرب والعشاء، قاله أنس بن مالك.الثالث: ما بعد العشاء الآخرة، قاله الحسن ومجاهد.الرابع: أنها ساعات الليل لأنها تنشأ ساعة بعد ساعة، قاله ابن قتيبة.الخامس: أنه بدء الليل، قاله عطاء وعكرمة.السادس: أن الليل كل ناشئة، قال ابن عباس: لأنه ينشأ بعد النهار.وفي {أشد وطْئاً} خمسة تأويلات:أحدها: مواطأة قلبك وسمعك وبصرك، قاله مجاهد.الثاني: مواطأة قولك لعملك، وهو مأثور.الثالث: مواطأة عملك لفراغك، وهو محتمل.الرابع: أشد نشاطاً، قاله الكلبي، لأنه زمان راحتك.الخامس: قاله عبادة: أشد وأثبت وأحفظ للقراءة.وفي قوله: {وأَقْوَمُ قِيلاً} ثلاثة تأويلات:أحدها: معناه أبلغ في الخير وأمعن في العدل، قاله الحسن.الثاني: أصوب للقراءة وأثبت للقول لأنه زمان التفهم، قاله مجاهد وقتادة، وقرأ أنس بن مالك {وأهيأ قيلاً} وقال أهيأ وأقوم سواء.الثالث: أنه أعجل إجابة للدعاء، حكاه ابن شجرة.{إن لك في النهارِ سَبْحاً طويلاً} فيه ثلاثة تأويلات:أحدها: يعني فراغاً طوياً لنَومك وراحتك، فاجعل ناشئة الليل لعبادتك، قاله ابن عباس وعطاء.الثاني: دعاء كثيراً، قاله السدي وابن زيد والسبح بكلامهم هو الذهاب، ومنه سبح السابح في الماء.{واذكر اسم ربك} فيه وجهان:أحدهما: اقصد بعملك وجه ربك.الثاني: أنه إذا أردت القراءة فابدأ بسم الله الرحمن الرحيم، قاله ابن بحر. ويحتمل وجهاً ثالثاً: واذكر اسم ربك في وعده ووعيده لتتوفر على طاعته وتعدل عن معصيته.{وتَبتَّلْ إليه تَبْتِيلاً} فيه أربعة تأويلات:أحدها: أخلص إليه إخلاصاً، قاله مجاهد.الثاني: تعبد له تعبداً، قاله ابن زيد.الثالث: انقطع إليه انقطاعاً، قاله أبو جعفر الطبري، ومنه مريم البتول لانقطاعها إلى الله تعالى، وجاء في الحديث النهي عن التبتل الذي هو الانقطاع عن الناس والجماعات.الرابع: وتضرّع إليه تضرّعاً.{ربُّ المشْرِقِ والمْغرِبِ} فيه قولان:أحدهما: رب العالَمِ بما فيه لأنهم بين المشرق والمغرب، قاله ابن بحر.الثاني: يعني مشرق الشمس ومغربها.وفي المراد بالمشرق والمغرب ثلاثة أوجه:أحدها: أنه استواء الليل والنهار، قاله وهب بن منبه.الثاني: أنه دجنة الليل ووجه النهار، قاله عكرمة.الثالث: أنه أول النهار وآخره، لأن نصف النهار أوله فأضيف إلى المشرق، ونصفه آخره فأضيف إلى المغرب.{فاتّخِذْهُ وَكيلاً} فيه ثلاثة أوجه:أحدها: مُعيناً.الثاني: كفيلاً.الثالث: حافظاً.
|