الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج المشهور بـ «شرح النووي على مسلم»
.باب نَصْرِ الأَخِ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا: وَقَوْله: «فَنَادَى الْمُهَاجِر يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، وَنَادَى الْأَنْصَارِيّ يَا لَلْأَنْصَار» هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَم االنُّسَخ: «يَالَ» بِلَامٍ مَفْصُولَة فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَفِي بَعْضهَا: «يَا لَلْمُهَاجِرِينَ وَيَا لَلْأَنْصَار» بِوَصْلِهَا، وَفِي بَعْضهَا: «يَا آل الْمُهَاجِرِينَ» بِهَمْزَةٍ ثُمَّ لَام مَفْصُولَة، وَاللَّام مَفْتُوحَة فِي الْجَمِيع، وَهِيَ لَام الِاسْتِغَاثَة. وَالصَّحِيح بِلَامٍ مَوْصُولَة، وَمَعْنَاهُ أَدْعُو الْمُهَاجِرِينَ، وَأَسْتَغِيث بِهِمْ. وَأَمَّا تَسْمِيَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّة فَهُوَ كَرَاهَة مِنْهُ لِذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ مِمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّة مِنْ التَّعَاضُد بِالْقَبَائِلِ فِي أُمُور الدُّنْيَا وَمُتَعَلِّقَاتهَا، وَكَانَتْ الْجَاهِلِيَّة تَأْخُذ حُقُوقهَا بِالْعَصَبَاتِ وَالْقَبَائِل، فَجَاءَ الْإِسْلَام بِإِبْطَالِ ذَلِكَ، وَفَصَلَ الْقَضَايَا بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّة. فَإِذَا اِعْتَدَى إِنْسَان عَلَى آخَر حَكَمَ الْقَاضِي بَيْنهمَا، وَأَلْزَمَهُ مُقْتَضَى عِدْوَانه كَمَا تَقَرَّرَ مِنْ قَوَاعِد الْإِسْلَام. وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِر هَذِهِ الْقِصَّة: «لَا بَأْس» فَمَعْنَاهُ لَمْ يَحْصُل مِنْ هَذِهِ الْقِصَّة بَأْس مِمَّا كُنْت خِفْته؛ فَإِنَّهُ خَافَ أَنْ يَكُون حَدَثَ أَمْر عَظِيم يُوجِب فِتْنَة وَفَسَادًا، وَلَيْسَ هُوَ عَائِدًا إِلَى رَفْع كَرَاهَة الدُّعَاء بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّة. قَوْله: «فَكَسَعَ أَحَدهمَا الْآخَر» هُوَ بِسِينٍ مُخَفَّفَة مُهْمَلَة أَيْ ضَرَبَ دُبُره وَعَجِيزَته بِيَدٍ أَوْ رِجْل، أَوْ سَيْف وَغَيْره. 4682- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَة» أَيْ قَبِيحَة كَرِيهَة مُؤْذِيَة. قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْهُ لَا يَتَحَدَّث النَّاس أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُل أَصْحَابه» فيه مَا كَانَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْحِلْم، وَفيه تَرْك بَعْض الْأُمُور الْمُخْتَارَة، وَالصَّبْر عَلَى بَعْض الْمَفَاسِد خَوْفًا مِنْ أَنْ تَتَرَتَّب عَلَى ذَلِكَ مَفْسَدَة أَعْظَم مِنْهُ، وَكَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَأَلَّف النَّاس، وَيَصْبِر عَلَى جَفَاء الْأَعْرَاب وَالْمُنَافِقِينَ وَغَيْرهمْ لِتَقْوَى شَوْكَة الْمُسْلِمِينَ، وَتَتِمّ دَعْوَة الْإِسْلَام، وَيَتَمَكَّن الْإِيمَان مِنْ قُلُوب الْمُؤَلَّفَة، وَيَرْغَب غَيْرهمْ فِي الْإِسْلَام، وَكَانَ يُعْطِيهِمْ الْأَمْوَال الْجَزِيلَة لِذَلِكَ، وَلَمْ يَقْتُل الْمُنَافِقِينَ لِهَذَا الْمَعْنَى، وَلِإِظْهَارِهِمْ الْإِسْلَام، وَقَدْ أُمِرَ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ، وَاَللَّه يَتَوَلَّى السَّرَائِر، وَلِأَنَّهُمْ كَانُوا مَعْدُودِينَ فِي أَصْحَابه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُجَاهِدُونَ مَعَهُ إِمَّا حَمِيَّة، وَإِمَّا لِطَلَبِ دُنْيَا، أَوْ عَصَبِيَّة لِمَنْ مَعَهُ مِنْ عَشَائِرهمْ. قَالَ الْقَاضِي: وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء هَلْ بَقِيَ حُكْم الْإِغْضَاء عَنْهُمْ، وَتَرْك قِتَالهمْ، أَوْ نُسِخَ ذَلِكَ عِنْد ظُهُور الْإِسْلَام، وَنُزُول قَوْله تَعَالَى: {جَاهِدْ الْكُفَّار وَالْمُنَافِقِينَ} وَأَنَّهَا نَاسِخَة لِمَا قَبْلهَا: وَقِيلَ: قَوْل ثَالِث أَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ الْعَفْو عَنْهُمْ مَا لَمْ يُظْهِرُوا نِفَاقهمْ، فَإِذَا أَظْهَرُوهُ قُتِلُوا. 4683- سبق شرحه بالباب. .باب تَرَاحُمِ الْمُؤْمِنِينَ وَتَعَاطُفِهِمْ وَتَعَاضُدِهِمْ: 4685- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَثَل الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادّهمْ وَتَرَاحُمهمْ» إِلَى آخِره صَرِيح فِي تَعْظِيم حُقُوق الْمُسْلِمِينَ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض، وَحَثّهمْ عَلَى التَّرَاحُم وَالْمُلَاطَفَة وَالتَّعَاضُد فِي غَيْر إِثْم وَلَا مَكْرُوه. وَفيه جَوَاز التَّشْبِيه وَضَرْب الْأَمْثَال لِتَقْرِيبِ الْمَعَانِي إِلَى الْأَفْهَام. 4686- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَدَاعَى لَهُ سَائِر الْجَسَد» أَيْ دَعَا بَعْضه بَعْضًا إِلَى الْمُشَارَكَة فِي ذَلِكَ. وَمِنْهُ قَوْله: تَدَاعَتْ الْحِيطَان أَيْ تَسَاقَطَتْ، أَوْ قَرُبَتْ مِنْ السَّاقِط. 4687- سبق شرحه بالباب. .باب النَّهْيِ عَنِ السِّبَابِ: قَالَ اللَّه تَعَالَى: {وَلَمَنْ اِنْتَصَرَ بَعْد ظُلْمه فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيل} وَقَالَ تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمْ الْبَغْي هُمْ يَنْتَصِرُونَ} وَمَعَ هَذَا فَالصَّبْر وَالْعَفْو أَفْضَل. قَالَ اللَّه تَعَالَى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْم الْأُمُور} وَلِلْحَدِيثِ الْمَذْكُور بَعْد هَذَا. «مَا زَادَ اللَّه عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا» وَاعْلَمْ أَنَّ سِبَاب الْمُسْلِم بِغَيْرِ حَقٍّ حَرَام كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سِبَاب الْمُسْلِم فُسُوق» وَلَا يَجُوز لِلْمَسْبُوبِ أَنْ يَنْتَصِر إِلَّا بِمِثْلِ مَا سَبَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ كَذِبًا أَوْ قَذْفًا أَوْ سَبًّا لِأَسْلَافِهِ. فَمِنْ صُوَر الْمُبَاح أَنْ يَنْتَصِر بِيَا ظَالِم يَا أَحْمَق، أَوْ جَافِي، أَوْ نَحْو ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَا يَكَاد أَحَد يَنْفَكّ مِنْ هَذِهِ الْأَوْصَاف. قَالُوا: وَإِذَا اِنْتَصَرَ الْمَسْبُوب اِسْتَوْفَى ظُلَامَته، وَبَرِئَ الْأَوَّل مِنْ حَقِّهِ، وَبَقِيَ عَلَيْهِ إِثْم الِابْتِدَاء، أَوْ الْإِثْم الْمُسْتَحَقّ لِلَّهِ تَعَالَى. وَقِيلَ: يَرْتَفِع عَنْهُ جَمِيع الْإِثْم بِالِانْتِصَارِ مِنْهُ، وَيَكُون مَعْنَى عَلَى الْبَادِئ أَيْ عَلَيْهِ اللَّوْم وَالذَّمّ لَا الْإِثْم. .باب اسْتِحْبَابِ الْعَفْوِ وَالتَّوَاضُعِ: قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَا زَادَ اللَّه عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا» فيه أَيْضًا وَجْهَانِ: أَحَدهمَا أَنَّهُ عَلَى ظَاهِره، وَأَنَّ مَنْ عُرِفَ بِالْعَفْوِ وَالصَّفْح سَادَ وَعَظُمَ فِي الْقُلُوب، وَزَادَ عِزّه وَإِكْرَامه. وَالثَّانِي أَنَّ الْمُرَاد أَجْره فِي الْآخِرَة وَعِزّه هُنَاكَ. قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَا تَوَاضَعَ أَحَد لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّه». فيه أَيْضًا وَجْهَانِ: أَحَدهمَا يَرْفَعهُ فِي الدُّنْيَا، وَيُثْبِتُ لَهُ بِتَوَاضُعِهِ فِي الْقُلُوب مَنْزِلَة، وَيَرْفَعهُ اللَّه عِنْد النَّاس، وَيُجِلّ مَكَانه. وَالثَّانِي أَنَّ الْمُرَاد ثَوَابه فِي الْآخِرَة، وَرَفْعه فيها بِتَوَاضُعِهِ فِي الدُّنْيَا. قَالَ الْعُلَمَاء: وَهَذِهِ الْأَوْجُه فِي الْأَلْفَاظ الثَّلَاثَة مَوْجُودَة فِي الْعَادَة مَعْرُوفَة، وَقَدْ يَكُون الْمُرَاد الْوَجْهَيْنِ مَعًا فِي جَمِيعهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة. وَاَللَّه أَعْلَم. .باب تَحْرِيمِ الْغِيبَةِ: .باب بِشَارَةِ مَنْ سَتَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَيْبَهُ فِي الدُّنْيَا بِأَنْ يَسْتُرَ عَلَيْهِ فِي الآخِرَةِ: قَالَ: وَالْأَوَّل أَظْهَر لِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيث الْآخَر: «يُقَرِّرهُ بِذُنُوبِهِ يَقُول: سَتَرْتهَا عَلَيْك فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرهَا لَك الْيَوْم». 4692- سبق شرحه بالباب. .باب مُدَارَاةِ مَنْ يُتَّقَى فُحْشُهُ: قَالَ: وَكَانَ مِنْهُ فِي حَيَاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْده مَا دَلَّ عَلَى ضَعْف إِيمَانه، وَارْتَدَّ مَعَ الْمُرْتَدِّينَ، وَجِيءَ بِهِ أَسِيرًا إِلَى أَبِي بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ. وَوَصْف النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ بِأَنَّهُ بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَة مِنْ أَعْلَام النُّبُوَّة؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ كَمَا وَصَفَ، وَإِنَّمَا أَلَانَ لَهُ الْقَوْل تَأَلُّفًا لَهُ وَلِأَمْثَالِهِ عَلَى الْإِسْلَام. وَفِي هَذَا الْحَدِيث مُدَارَاة مَنْ يُتَّقَى فُحْشه، وَجَوَاز غِيبَة الْفَاسِق الْمُعْلِن فِسْقه، وَمَنْ يَحْتَاج النَّاس إِلَى التَّحْذِير مِنْهُ، وَقَدْ أَوْضَحْنَاهُ قَرِيبًا فِي بَاب الْغِيبَة، وَلَمْ يَمْدَحهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا ذَكَرَ أَنَّهُ أَثْنَى عَلَيْهِ فِي وَجْهه وَلَا فِي قَفَاهُ، إِنَّمَا تَأَلَّفَهُ بِشَيْءٍ مِنْ الدُّنْيَا مَعَ لِين الْكَلَام. وَأَمَّا: «بِئْسَ اِبْن الْعَشِيرَة أَوْ رَجُل الْعَشِيرَة» فَالْمُرَاد بِالْعَشِيرَةِ قَبِيلَته، أَيْ بِئْسَ هَذَا الرَّجُل مِنْهَا. .باب فَضْلِ الرِّفْقِ: وَقَالَ الْقَاضِي: مَعْنَاهُ يَتَأَتَّى بِهِ مِنْ الْأَغْرَاض، وَيُسَهَّل مِنْ الْمَطَالِب مَا لَا يَتَأَتَّى بِغَيْرِهِ. 4695- سبق شرحه بالباب. 4696- سبق شرحه بالباب. 4697- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّه رَفِيق» فيه تَصْرِيح بِتَسْمِيَتِهِ سُبْحَانه وَتَعَالَى وَوَصْفه بِرَفِيقٍ. قَالَ الْمَازِرِيُّ: لَا يُوصَف اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى إِلَّا بِمَا سَمَّى بِهِ نَفْسه، أَوْ سَمَّاهُ بِهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ أَجْمَعَتْ الْأُمَّة عَلَيْهِ. وَأَمَّا مَا لَمْ يَرِد إِذْن فِي إِطْلَاقه، وَلَا وَرَدَ مَنْع فِي وَصْف اللَّه تَعَالَى بِهِ، فَفيه خِلَاف، مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَبْقَى عَلَى مَا كَانَ قَبْل وُرُود الشَّرْع، فَلَا يُوصَف بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَة، وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَهُ. قَالَ: وَلِلْأُصُولِيِّينَ الْمُتَأَخِّرِينَ خِلَاف فِي تَسْمِيَة اللَّه تَعَالَى بِمَا ثَبَتَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَبَرِ الْآحَاد، فَقَالَ بَعْض حُذَّاق الْأَشْعَرِيَّة: يَجُوز؛ لِأَنَّ خَبَر الْوَاحِد عِنْده يَقْتَضِي الْعَمَل، وَهَذَا عِنْده مِنْ بَاب الْعَمَلِيَّات، لَكِنَّهُ يَمْنَع إِثْبَات أَسْمَائِهِ تَعَالَى بِالْأَقْيِسَةِ الشَّرْعِيَّة، وَإِنْ كَانَتْ يَعْمَل بِهَا فِي الْمَسَائِل الْفِقْهِيَّة. وَقَالَ بَعْض مُتَأَخِّرِيهِمْ: يَمْنَع ذَلِكَ. فَمَنْ أَجَازَ ذَلِكَ فَهِمَ مِنْ مَسَالِك الصَّحَابَة قَبُولهمْ ذَلِكَ فِي مِثْل هَذَا، وَمَنْ مَنَعَ لَمْ يُسَلِّم ذَلِكَ، وَلَمْ يَثْبُت عِنْده إِجْمَاع فيه، فَبَقِيَ عَلَى الْمَنْع. قَالَ الْمَازِرِيُّ: فَإِطْلَاق (رَفِيق) إِنْ لَمْ يَثْبُت بِغَيْرِ هَذَا الْحَدِيث الْآحَاد جَرَى فِي جَوَاز اِسْتِعْمَاله الْخِلَاف الَّذِي ذَكَرْنَا. قَالَ: وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون (رَفِيق) صِفَة فِعْل، وَهِيَ مَا يَخْلُقهُ اللَّه تَعَالَى مِنْ الرِّفْق لِعِبَادِهِ. هَذَا آخِر كَلَام الْمَازِرِيّ، وَالصَّحِيح جَوَاز تَسْمِيَة اللَّه تَعَالَى رَفِيقًا وَغَيْره مِمَّا ثَبَتَ بِخَبَرِ الْوَاحِد، وَقَدْ قَدَّمْنَا هَذَا وَاضِحًا فِي كِتَاب الْإِيمَان فِي حَدِيث: (إِنَّ اللَّه جَمِيل يُحِبّ الْجَمَال) فِي بَاب تَحْرِيم الْكِبْر، وَذَكَرْنَا أَنَّهُ اِخْتِيَار إِمَام الْحَرَمَيْنِ. 4698- سبق شرحه بالباب. .باب النَّهْيِ عَنْ لَعْنِ الدَّوَابِّ وَغَيْرِهَا: وَقَوْله: (نَاقَة وَرْقَاء) بِالْمَدِّ أَيْ يُخَالِط بَيَاضهَا سَوَاد، وَالذَّكَر أَوْرَق، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَوْنهَا كَلَوْنِ الرَّمَاد. قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خُذُوا مَا عَلَيْهَا وَأَعْرُوهَا» هُوَ بِهَمْزَةِ قَطْع وَبِضَمِّ الرَّاء يُقَال: أَعْرَيْته وَعَرَّيْته إِعْرَاء وَتَعْرِيَة فَتَعَرَّى، وَالْمُرَاد هُنَا خُذُوا مَا عَلَيْهَا مِنْ الْمَتَاع وَرَحْلهَا وَآلَتهَا. 4700- قَوْله: (فَقَالَتْ: حِلْ) هِيَ كَلِمَة زَجْرٍ لِلْإِبِلِ وَاسْتِحْثَاث يُقَال: حِلْ حِلْ بِإِسْكَانِ اللَّام فيهمَا. قَالَ الْقَاضِي: وَيُقَال أَيْضًا: حِلٍ حِلٍ بِكَسْرِ اللَّام فيهمَا بِالتَّنْوِينِ وَبِغَيْرِ تَنْوِين. 4701- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَنْبَغِي لِصِدِّيقِ أَنْ يَكُون لَعَّانًا وَلَا يَكُون اللَّعَّانُونَ شُهَدَاء وَلَا شُفَعَاء يَوْم الْقِيَامَة» فيه الزَّجْر عَنْ اللَّعْن، وَأَنَّ مَنْ تَخَلَّقَ بِهِ لَا يَكُون فيه هَذِهِ الصِّفَات الْجَمِيلَة، لِأَنَّ اللَّعْنَة فِي الدُّعَاء يُرَاد بِهَا الْإِبْعَاد مِنْ رَحْمَة اللَّه تَعَالَى، وَلَيْسَ الدُّعَاء بِهَذَا مِنْ أَخْلَاق الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ وَصَفَهُمْ اللَّه تَعَالَى بِالرَّحْمَةِ بَيْنهمْ وَالتَّعَاوُن عَلَى الْبِرّ وَالتَّقْوَى، وَجَعَلَهُمْ كَالْبُنْيَانِ يَشُدّ بَعْضه بَعْضًا، وَكَالْجَسَدِ الْوَاحِد، وَأَنَّ الْمُؤْمِن يُحِبّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبّ لِنَفْسِهِ، فَمَنْ دَعَا عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِم بِاللَّعْنَةِ، وَهِيَ الْإِبْعَاد مِنْ رَحْمَة اللَّه تَعَالَى. فَهُوَ مِنْ نِهَايَة الْمُقَاطَعَة وَالتَّدَابُر، وَهَذَا غَايَة مَا يَوَدّهُ الْمُسْلِم لِلْكَافِرِ، وَيَدْعُو عَلَيْهِ، وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيث الصَّحِيح: «لَعْن الْمُؤْمِن كَقَتْلِهِ» لِأَنَّ الْقَاتِل يَقْطَعهُ عَنْ مَنَافِع الدُّنْيَا، وَهَذَا يَقْطَعهُ عَنْ نَعِيم الْآخِرَة وَرَحْمَة اللَّه تَعَالَى. وَقِيلَ: مَعْنَى لَعْن الْمُؤْمِن كَقَتْلِهِ فِي الْإِثْم، وَهَذَا أَظْهَر. 4702- قَوْله: (بَعَثَ إِلَى أُمّ الدَّرْدَاء بِأَنْجَادٍ مِنْ عِنْده) بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَبَعْدهَا نُون ثُمَّ جِيم، وَهُوَ جَمْع نَجَد بِفَتْحِ النُّون وَالْجِيم، وَهُوَ مَتَاع الْبَيْت الَّذِي يُزَيِّنهُ مِنْ فُرُش وَنَمَارِق وَسُتُور، وَقَالَهُ الْجَوْهَرِيّ بِإِسْكَانِ الْجِيم. قَالَ: وَجَمْعه نُجُود حَكَاهُ عَنْ أَبِي عُبَيْد فَهُمَا لُغَتَانِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَة اِبْن مَاهَان بِخَادِمٍ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة، وَالْمَشْهُور الْأَوَّل. 4703- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُمْ لَا يَكُونُونَ شُفَعَاء وَلَا شُهَدَاء» فَمَعْنَاهُ لَا يَشْفَعُونَ يَوْم الْقِيَامَة حِين يُشَفَّع الْمُؤْمِنُونَ فِي إِخْوَانهمْ الَّذِينَ اِسْتَوْجَبُوا النَّار، «وَلَا شُهَدَاء» فيه ثَلَاثَة أَقْوَال: أَصَحّهَا وَأَشْهَرهَا لَا يَكُونُونَ شُهَدَاء يَوْم الْقِيَامَة عَلَى الْأُمَم بِتَبْلِيغِ رُسُلهمْ إِلَيْهِمْ الرِّسَالَات، وَالثَّانِي لَا يَكُونُونَ شُهَدَاء فِي الدُّنْيَا أَيْ لَا تُقْبَل شَهَادَتهمْ لِفِسْقِهِمْ، وَالثَّالِث لَا يُرْزَقُونَ الشَّهَادَة وَهِيَ الْقَتْل فِي سَبِيل اللَّه، وَإِنَّمَا قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَنْبَغِي لِصِدِّيقٍ أَنْ يَكُون لَعَّانًا، وَلَا يَكُون اللَّعَّانُونَ شُفَعَاء بِصِيغَةِ التَّكْثِير، وَلَمْ يَقُلْ: لَاعِنًا وَاللَّاعِنُونَ لِأَنَّ هَذَا الذَّمّ فِي الْحَدِيث إِنَّمَا هُوَ لِمَنْ كَثُرَ مِنْهُ اللَّعْن، لَا لِمَرَّةٍ وَنَحْوهَا، وَلِأَنَّهُ يَخْرُج مِنْهُ أَيْضًا اللَّعْن الْمُبَاح، وَهُوَ الَّذِي وَرَدَ الشَّرْع بِهِ، وَهُوَ لَعْنَة اللَّه عَلَى الظَّالِمِينَ، لَعَنَ اللَّه الْيَهُود وَالنَّصَارَى، لَعَنَ اللَّه الْوَاصِلَة وَالْوَاشِمَة، وَشَارِب الْخَمْر وَآكِل الرِّبَا وَمُوكِله وَكَاتِبه وَشَاهِدَيْهِ، وَالْمُصَوِّرِينَ، وَمَنْ اِنْتَمَى إِلَى غَيْر أَبِيهِ، وَتَوَلَّى غَيْر مَوَالِيه، وَغَيَّرَ مَنَار الْأَرْض، وَغَيْرهمْ مِمَّنْ هُوَ مَشْهُور فِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة. .باب مَنْ لَعَنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ سَبَّهُ أَوْ دَعَا عَلَيْهِ وَلَيْسَ هُوَ أَهْلاً لِذَلِكَ: 4706- سبق شرحه بالباب. 4707- وَمَعْنَى: «اِجْعَلْهَا لَهُ صَلَاة» أَيْ رَحْمَة كَمَا فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى، وَالصَّلَاة مِنْ اللَّه تَعَالَى الرَّحْمَة. قَوْله: (جَلَدَّهُ) قَالَ: وَهِيَ لُغَة أَبِي هُرَيْرَة، وَإِنَّمَا هِيَ جَلَدْته. مَعْنَاهُ أَنَّ لُغَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ الْمَشْهُورَة لِعَامَّةِ الْعَرَب (جَلَدْته) بِالتَّاءِ، وَلُغَة أَبِي هُرَيْرَة (جَلَدَّهُ) بِتَشْدِيدِ الدَّال عَلَى إِدْغَام الْمِثْلَيْنِ وَهُوَ جَائِز. 4708- قَوْله: (سَالَمَ مَوْلَى النَّصْرَيَيْنِ) بِالنُّونِ وَالصَّاد الْمُهْمَلَة سَبَقَ بَيَانه مَرَّات. 4709- سبق شرحه بالباب. 4710- سبق شرحه بالباب. 4711- سبق شرحه بالباب. 4712- وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَغْضَب كَمَا يَغْضَب الْبَشَر» فَقَدْ يُقَال: ظَاهِره أَنَّ السَّبّ وَنَحْوه كَانَ بِسَبَبِ الْغَضَب، وَجَوَابه مَا ذَكَرَهُ الْمَازِرِيُّ قَالَ: يَحْتَمِل أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَيْ دُعَاءَهُ وَسَبَّهُ وَجَلْده كَانَ مِمَّا يُخَيَّر فيه بَيْن أَمْرَيْنِ: أَحَدهمَا هَذَا الَّذِي فَعَلَهُ، وَالثَّانِي: زَجْره بِأَمْرٍ آخَر، فَحَمَلَهُ الْغَضَب لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى أَحَد الْأَمْرَيْنِ الْمُتَخَيَّر فيهمَا، وَهُوَ سَبّه أَوْ لَعْنه وَجَلْده وَنَحْو ذَلِكَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ خَارِجًا عَنْ حُكْم الشَّرْع وَاَللَّه أَعْلَم. قَوْله: (حَدَّثَنَا عِكْرِمَة بْن عَمَّار قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن أَبِي طَلْحَة) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع النُّسَخ، وَهُوَ صَحِيح، وَهُوَ إِسْحَاق بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي طَلْحَة نَسَبَهُ إِلَى جَدّه. قَوْله: (كَانَتْ عِنْد أُمّ سُلَيْمٍ يَتِيمَة وَهِيَ أُمّ أَنَس) فَقَوْله: (وَهِيَ أُمّ أَنَس) يَعْنِي أُمّ سُلَيْمٍ هِيَ أُمّ أَنَس. قَوْله: (فَقَالَ لِلْيَتِيمَةِ أَنْتِ هِيَهْ) هُوَ بِفَتْحِ الْيَاء وَإِسْكَان الْهَاء وَهِيَ هَاء السَّكْت. قَوْلهَا: (لَا يَكْبَر سِنِّي، أَوْ قَالَتْ: قَرْنِي) بِفَتْحِ الْقَاف، وَهُوَ نَظِيرهَا فِي الْعُمْر. قَالَ الْقَاضِي: مَعْنَاهُ لَا يَطُول عُمْرهَا؛ لِأَنَّهُ إِذَا طَالَ عُمْره طَالَ عُمَر قَرْنه، وَهَذَا الَّذِي قَالَ فيه نَظَر؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَم مِنْ طُول عُمْر أَحَد الْقَرْنَيْنِ طُول عُمْر الْآخَر، فَقَدْ يَكُون سِنّهمَا وَاحِدًا، وَيَمُوت أَحَدهمَا قَبْل الْآخَر. وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا: «لَا كِبَر سِنّك» فَلَمْ يُرِدْ بِهِ حَقِيقَة الدُّعَاء، بَلْ هُوَ جَارٍ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ فِي أَلْفَاظ هَذَا الْبَاب. قَوْله: (تَلُوث خِمَارهَا) هُوَ بِالْمُثَلَّثَةِ فِي آخِره أَيْ تُدِيرهُ عَلَى رَأْسِهَا. 4713- قَوْله: (عَنْ أَبِي حَمْزَة الْقَصَّاب عَنْ اِبْن عَبَّاس) أَبُو حَمْزَة هَذَا بِالْحَاءِ وَالزَّاي اِسْمه عِمْرَان بْن أَبِي عَطَاء الْأَسَدِيِّ الْوَاسِطِيّ الْقَصَّاب بَيَّاع الْقَصَب. قَالُوا: وَلَيْسَ لَهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْر هَذَا الْحَدِيث، وَلَهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس مِنْ قَوْله أَنَّهُ يُكْرَه مُشَارَكَة الْمُسْلِم الْيَهُودِيّ، وَكُلّ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَبُو جَمْرَة عَنْ اِبْن عَبَّاس فَهُوَ بِالْجِيمِ وَالرَّاء، وَهُوَ نَصْر بْن عِمْرَان الضُّبَعِيُّ، إِلَّا هَذَا الْقَصَّاب فَلَهُ فِي مُسْلِم هَذَا الْحَدِيث وَحْده، لَا ذِكْر لَهُ فِي الْبُخَارِيّ. قَوْله: «عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ: كُنْت أَلْعَب مَعَ الصِّبْيَان فَجَاءَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَوَارَيْت خَلْف بَاب، فَجَاءَ فَحَطَأَنِي حَطْأَة، وَقَالَ: اِذْهَبْ اُدْعُ لِي مُعَاوِيَة» وَفَسَّرَ الرَّاوِي أَيْ قَفَدَنِي. أَمَّا (حَطَأَنِي) فَبِحَاءٍ ثُمَّ طَاء مُهْمَلَتَيْنِ وَبَعْدهَا هَمْزَة، و(قَفَدَنِي) بِقَافٍ ثُمَّ فَاء ثُمَّ دَال مُهْمَلَة. وَقَوْله: حَطْأَة بِفَتْحِ الْحَاء وَإِسْكَان الطَّاء بَعْدهَا هَمْزَة، وَهُوَ الضَّرْب بِالْيَدِ مَبْسُوطَة بَيْن الْكَتِفَيْنِ، وَإِنَّمَا فَعَلَ هَذَا بِابْنِ عَبَّاس مُلَاطَفَة وَتَأْنِيسًا. وَأَمَّا دُعَاؤُهُ عَلَى مُعَاوِيَة أَنْ لَا يَشْبَع حِين تَأَخَّرَ فَفيه الْجَوَابَانِ السَّابِقَانِ: أَحَدهمَا أَنَّهُ جَرَى عَلَى اللِّسَان بِلَا قَصْد، وَالثَّانِي أَنَّهُ عُقُوبَة لَهُ لِتَأَخُّرِهِ. وَقَدْ فَهِمَ مُسْلِم رَحِمَهُ اللَّه مِنْ هَذَا الْحَدِيث أَنَّ مُعَاوِيَة لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقًّا لِلدُّعَاءِ عَلَيْهِ، فَلِهَذَا أَدْخَلَهُ فِي هَذَا الْبَاب، وَجَعَلَهُ غَيْره مِنْ مَنَاقِب مُعَاوِيَة لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَة يَصِير دُعَاء لَهُ. وَفِي هَذَا الْحَدِيث جَوَاز تَرْك الصِّبْيَان يَلْعَبُونَ بِمَا لَيْسَ بِحَرَامٍ. وَفيه اِعْتِمَاد الصَّبِيّ فِيمَا يُرْسِل فيه مِنْ دُعَاء إِنْسَان وَنَحْوه مِنْ حَمْل هَدِيَّة، وَطَلَب حَاجَة، وَأَشْبَاهه. وَفيه جَوَاز إِرْسَال صَبِيّ غَيْره مِمَّنْ يَدُلّ عَلَيْهِ فِي مِثْل هَذَا، وَلَا يُقَال: هَذَا تَصَرُّف فِي مَنْفَعَة الصَّبِيّ؛ لِأَنَّ هَذَا قَدْر يَسِير وَرَدَ الشَّرْع بِالْمُسَامَحَةِ بِهِ لِلْحَاجَةِ، وَاطَّرَدَ بِهِ الْعُرْف وَعَمَل الْمُسْلِمِينَ. وَاَللَّه أَعْلَم. .باب ذَمِّ ذِي الْوَجْهَيْنِ وَتَحْرِيمِ فِعْلِهِ: 4715- سبق شرحه بالباب. 4716- سبق شرحه بالباب.
|