الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة
.مسألة أقر في مرضه أنه قد كان أوصى بعتق عبده: قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله، كأنما أقر أنه قد أوصى به، فلا اختلاف في ذلك ولا إشكال، وبالله التوفيق. .مسألة أوصى لرجل بثلث ماله وقال على ألا ينقص ابني فلان من نصف مالي: قال محمد بن رشد: وجه هذا القول أن الثلث الموصى به حقه أن يؤخذ من حظ الابنين نصفه من حظ كل واحد منهما، فلما أوصى ألا ينقص أحد ابنيه من حظه شيئا، كان الموصى له بنصف الثلث، فوجب أن يتحاص هو والموصى له بالثلث بجميع الثلث، والابن الذي أوصى ألا ينقص من حظه شيء بنصف الثلث، فيصير للموصى له بجميع الثلث ثلثا الثلث، ويقسم الابنان بقية المال بينهما بنصفين؛ إذ لا تجوز وصية لوارث، إلا أن يجيزها الورثة. وأما القول الثاني الذي ذكر أنه قيل في المسألة، فلا أعرفه نصا لأحد من أصحابنا، والذي يشبه أن يقال أن يكون للموصى له بالثلث نصف الثلث، وهو سدس جميع المال، ويكون خمسة أسداسه بين الابنين بنصفين؛ لأن الموصي لما أوصى بثلثه، وألا ينقص أحد ابنيه من نصف المال شيئا، فقد أوصى أن يؤخذ جميع الثلث من حظ الابن الآخر، ذلك ما لا يجوز له؛ إذ لا يجب أن يؤخذ من حظه منه إلا نصفه، فتبطل الوصية بنصف الثلث؛ إذ أوصى أن يؤخذ من حظ أحد ابنيه زائد على ما يجب أن يؤخذ من حظه منه، وينفذ بالنصف الثاني ويكون خمسة أسداس المال بين الابنين. وهذا أظهر من القول الذي ذكره، وقال فيه: إنه أحسن، والله أعلم. .مسألة هلك وترك ولدين فأوصى لأحد ولديه ولرجل أجنبي بجميع ماله: قال محمد بن رشد: هذه مسألة فيها نظر، وللصحيح فيها في وجه النظر أن يعطى الأخ الذي أجاز لأخيه الوصية، جميع الثلاثة الأسهم الذي بيده، فيصير المال جميعه للموصى لهما به، وهو الأجنبي وأحد الابنين؛ لأن الوصية بجميع المال قد أجازها الابنان جميعا حين أجازا للأجنبي جميعا، وأجاز الذي لم يوص له للذي أوصى له؛ لأن الذي أوصى له لا شك في إجازته لنفسه، فقد اجتمع الابنان جميعا على إجازة الوصية، وهما إذا أجازاها وجب أن يكون جميع المال بين الموصى لهما بنصفين، وهذا بين والله أعلم. .مسألة مرض فباع في مرضه دارا ثمنها ثلاثمائة دينار بمائتي دينار: قال محمد بن رشد: قد مضى قول سحنون هذا متكررا في سماع أبي زيد من كتاب المديان والتفليس، ومضى القول عليه هناك مستوفى، فأغنى ذلك عن إعادته، وبالله التوفيق. .مسألة أوصى لرجل بعبد بعينه فلم يحمله الثلث: قال محمد بن رشد: هذا يجري على اختلاف قول مالك في الذي يوصي له بشيء لا يحمله الثلث، فيقطع له الورثة بالثلث، هل يجعل له الثلث في الشيء الذي أوصى له به، أو يكون شائعا في جميع مال الميت؟ فعلى القول بأنه يجعل له الثلث في الشيء الذي أوصى له به، لا يكون للموصى له بالعبد شيء إذا مات، كان موته قبل أن يقطعوا له بالثلث أو بعد أن قطعوا له بالثلث، وعلى القول بأنه يكون له الثلث شائعا في جميع مال الميت، يكون له ثلث ما بقي بعد العبد إن مات بعد أن قطعوا له بالثلث، وأما إن مات بعد أن قال الورثة: لا نجيز، ونحن نقطع له بالثلث، ولم ينفذوا له ذلك بحكم، أو بقول بات مثل أن يقولوا: لا نجيز، وقد قطعنا له بالثلث، فالمصيبة منه على ما في سماع أبي زيد، وجعل في هذه الرواية قولهم: نعم، جوابا لقوله: اخلعوا قطعا بالثلث خلاف ظاهر ما في سماع أبي زيد، وبالله التوفيق. .مسألة يوصي بالجارية لرجل ثم يثب عليها فيطؤها: قال محمد بن رشد: مثل هذا في سماع أبي زيد، وهو مما لا اختلاف فيه أعرفه، وإنما يكون الرجوع بالتفويت، وأما بالوطء والاستخدام فلا، وبالله التوفيق. .مسألة حضرته الوفاة فقال ثلث مالي لفلان وفلان وفلان إن قبل فلم يقبل: قال محمد بن رشد: هذه مسألة صحيحة بينة على ما في المدونة وغيرها إن شاء الله. .مسألة أوصى أن تباع جاريته ممن يتخذها أم ولد: قال محمد بن رشد: هذا كما قال؛ لأن البيع على هذا لا يجوز، ولا تجوز الوصية لما لا يجوز، فإن وقع ذلك فسخ البيع إن عثر عليه قبل أن يفوت. وقد قيل: إن البيع على هذا مكروه، لا يفسخ إذا وقع ورضي البائع بترك الشرط، فعلى هذا القول يكره تنفيذ الوصية، ويؤمر الوصي أن لا ينفذها، فإن نفذها لم يرد البيع إذا رضي البائع بترك الشرط، وبالله التوفيق. .مسألة أوصى لفقراء بني عمه وفقراء أقاربه وأشهد على ذلك أغنياء بني عمه: قيل لابن القاسم: فإن استغنى بعض فقراء بني عمه، وافتقر بعض أغنيائهم، هل يخرج الغني، ويدخل الفقير؟ قال: نعم، وإنما يقسم على كل من كان فقيرا يوم يكون القسم، ولو قسم على قوم عاما، وبعض بني عمه أغنياء، ثم جاء القسم من قابل، وقد افتقرا الأغنياء، واستغنى الفقراء الذين قسم عليهم تحول القسم إلى الأغنياء الذين لم يكن عليهم قسم، وأخرج منه الفقراء الذين قسم عليهم، فهذا قول مالك. قال محمد بن رشد: هذه مسألة صحيحة بينة، لا إشكال فيها، يفتقر إلى بيان وشرح، والله الموفق. .مسألة يوصي أن يباع غلامه رقبة: قال محمد بن رشد: قول ابن القاسم في هذه الرواية: إنه يباع من العبد الذي بيع على العتق في الوصية، فأعتقه المشتري بقدر ما يقع عليه من الدين الطارئ على تركة الموصي، ولا يرجع بشيء من ذلك على المشتري فيما وضع عنه من ثمنه، هو على قياس القول بأنها وصية للعبد، فإن لم يوجد من يشتريه للعتق إلا بوضيعة أكثر من الثلث قيل للورثة: إما بعتموه بما وجدتم، وإما أعتقتم ثلثه. وأما على قياس القول بأنها إنما هي وصية للمشتري، فإن لم يجد الورثة من يشتريه للعتق إلا بوضيعة أكثر من ثلث ثمنه، لم يلزمهم بيعه، ولا تنفذ الوصية له، وهو قول مالك في رسم الوصايا من سماع أشهب، فلا يباع من العبد شيء في الدين الطارئ، وإنما يكون الدرك في ذلك على المشتري، فيرجع عليه بثلث ثمن العبد الذي وضع له، ويمضي عتق العبد. وهو قول مالك في رواية ابن كنانة عنه على قياس رواية أشهب المذكورة، وقول مالك الذي ذكره عنه ابن القاسم في آخر المسألة أيضا، وقد مضى الكلام عليها في موضعها، إلا أن قول ابن القاسم في هذه الرواية على قياس القول بأنها وصية للعبد؛ أنه يباع من العبد قدر ثلث الدين إن كان العبد ثلث المال، وقدر ربع الدين إن كان العبد ربع المال، يريد ما لم يتجاوز ذلك ثلث رقبة للعبد على ما فسره أصبغ نظرا، والقياس ألا يباع منه في الدين الطارئ إلا قدر ما يقع من الدين على ثلث العبد؛ لأنه هو الذي أعتق من مال الميت، وأما الثلثان منه فإنما أعتقهما المشتري، وقد قال ذلك أصبغ فيما اعتمده من تفسير قول ابن القاسم، وهو قوله: والثلثان غير الميت أعتقهما، ومن غير ماله عتقا، ووجه العمل في ذلك أن ينظر ما يقع ثلث العبد من جميع مال الميت لا جميع العبد كما قاله ابن القاسم وأصبغ، فإن كان ثلث العبد من جميع مال الميت العشر أو التسع أو الثمن بيعت رقبة العبد بعشر الدين أو بتسعه أو بثمنه، وإن أتى البيع على جميعه. وأما قول أصبغ في تفسير قول ابن القاسم: إنه إن كان العبد ربع جميع مال الميت أو خمسه؛ بيع من رقبة العبد بربع الدين أو بخمسه ما بينه وبين ثلث رقبة العبد، فلا يستقيم، فانظر ذلك نظرا صحيحا، وتدبره بين ذلك صحة قولي في اعتراضي لقول ابن القاسم، وأصبغ لم يوجب على الوصي في ظاهر هذه الرواية ضمانا، وهو ظاهر ما في رسم الأقضية، من سماع يحيى، خلاف ما مضى في رسم الأقضية، من سماع أشهب، وقد مضى القول على ذلك هنالك مستوفى، وبالله التوفيق. .مسألة أوصى لرجل بعبد أو دابة غائبة عن الموضع: قال محمد بن رشد: قد مضى الكلام على هذه المسألة في رسم الأقضية الثاني، ورسم الوصايا من سماع أشهب مستوفى، فاكتفينا بذلك عن إعادته هنا، وبالله التوفيق. .مسألة أوصى أن يشترى عبد من ثلثه فيعتق: قال محمد بن رشد: قوله: إنه ينظر إلى الوصايا وإلى الرقبة الأولى، فإن قصر الثلث عنهم، تحاصوا فيه، هو مثل ما في المدونة من أن الرقبة بغير عينها لا تبدأ على الوصايا، وقد اختلف في ذلك وفي الوصية بالحج، فقيل: إنها كلها سواء في التحاص، وقيل: تبدأ الرقبة على الحج، ويتحاص المال مع الحج ومع الرقبة، والوجه في ذلك أن الرقبة آكد، ثم المال، ثم الحج، فتتحاص الرقبة مع المال، لقرب ما بينهما، والمال مع الحج أيضا لقرب ما بينهما، وتبدأ الرقبة على الحج، لبعد ما بينهما. وقيل: تبدأ الرقبة على المال والحج، وقيل: يبدأ الحج، على الرقبة والمال. وأما قوله: إذا أوصى بوصايا، وقال ما بقي من ثلثي، فاجعلوه في كذا وكذا، ثم أوصى بعد ذلك بوصايا، فإن الوصايا تبدأ قبل الذي جعل فيه ما بقي من ثلثه، وإن كانت الوصايا بعدما أوصى أو قبله، فهو سواء، فهو مثل ما تقدم في رسم الصلاة، من سماع يحيى، وفي رسم أسلم، من سماع عيسى، وذلك على ما بينه محمد بن المواز، حسبما بيناه واستوفينا القول فيه في رسم أسلم، من سماع عيسى المذكور، وبالله التوفيق. .مسألة أوصى فقال بيعوا عبدي بعشرين: قال محمد بن رشد: قد مضى الكلام على هذه المسألة مستوفى، في رسم جاع، فباع امرأته، من سماع عيسى، فلا معنى لإعادته، والله أعلم. .مسألة توصي لزوجها فلما علم الزوج أن الوصية لا تثبت له طلقها البتة: قال محمد بن رشد: قد مضى الكلام على هذه المسألة مستوفى في سماع سحنون، فلا معنى لإعادته. .مسألة ما يضمن فيه الوصي: قال محمد بن خالد: وقال ابن نافع مثله. قال محمد بن رشد: إيجاب الضمان على الوصي في هذه المسألة بين؛ إذ قد تبين عداؤه بتعجيل تنفيذ وصيته في سفره من المال الذي تركه فيه، دون أن يتثبت ويتربص حتى يرجع إلى بلده، فينظر هل له وصية أخرى؟ وإنما يضمن إن كانت الوصية التي كتبها في بلده عند سفره أولى من هذه وأحق بالتبدئة، ولا يحملها ثلثه جميعا. وقد مضى في رسم الأقضية، من سماع أشهب تحصيل القول فيما يضمن فيه الوصي مما لا يضمن، فأغنى ذلك عن إعادته هنا، وبالله التوفيق. .مسألة أوصى فقال ما بقي من ثلثي فهو لفلان: قال محمد بن رشد: وقع في بعض الروايات: يعطى الذي أوصى له بقية الثلث ثلث الثلث، وهو غلط وتصحيف، والله أعلم. وقد حمل ذلك ابن حارث على أنه اختلاف من قول أشهب، مرة قال: له جميع الثلث، ومرة قال: له ثلث الثلث. والمسألة متكررة من قول مالك في مواضع من سماع عيسى، وقد مضى الكلام عليها في رسم أوصى منه، وبالله التوفيق. .مسألة إقرار المريض في مرضه بدين لوارث: قال محمد بن رشد: هذا من قول ابن القاسم، خلاف قوله وروايته عن مالك في رسم نذر سنة، من سماع ابن القاسم؛ لأنهما حكما فيه للخارج إلى سفر بحكم المريض، لا يجوز له أن يفعل ما يفعل الصحيح، فعلى قولهما لا يجوز إقراره بالدين لبعض ورثته عند الخروج إلى غزو أو سفر إن مات في غزوه أو في سفره، كما لا يجوز إقرار المريض في مرضه بدين لوارث إن مات من مرضه ذلك، وقد مضى هناك من القول على ذلك ما فيه زيادة بيان، وبالله التوفيق. .مسألة يكون عنده اللقيط فيتصدق هو نفسه عليه بصدقة: قال محمد بن رشد: رواية ابن القاسم هذه التي حكاها سحنون، ليست في كل الروايات، ويمكن أن تتأول على المعلوم من مذهبه، بأن يقال: معنى ذلك، بخلافة من أب أو سلطان. وقول ابن وهب في هذه الرواية: إن الرجل يحوز للقيط يكون في حجره ما يتصدق به عليه، هو مثل رواية ابن غانم عن مالك، ونحو ما في المدونة من الرجل تجوز مقاسمته على من التقطه، خلاف قوله في رسم الأقضية، من سماع يحيى، من كتاب الصدقات والهبات؛ لأنه لا تجوز الحيازة في ذلك إلا للأب والأم، والأجداد والجدات، ولا يجوز ذلك لسائر القرابات. فقول ابن القاسم: إن الحيازة في ذلك لا تجوز إلا للأب والوصي، قول ثالث في المسألة. وقد مضى الكلام على هذا في رسم إن خرجت، من سماع عيسى، من كتاب الحبس، وفي رسم الأقضية، من سماع يحيى، من كتاب الصدقات والهبات، وبالله التوفيق. .مسألة أوصى لرجل بشيء بعينه ثم أوصى بذلك الشيء لغيره: ألا ترفق بهم؟ قال: فأشهدكم أني إذا مت فثلثي لها، ثم إنه مرض، فأوصى بثلثه، فقال: لا أرى لأقاربه شيئا. قال محمد بن رشد: قول أشهب هذا خلاف مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة وغيرها، فيمن أوصى لرجل بشيء بعينه، ثم أوصى بذلك الشيء لغيره، وروايته عن مالك في المدونة وغيرها، فيمن أوصى لرجل بشيء بعينه، ثم أوصى بذلك الشيء لغيره؛ أنهما يشتركان فيه، ولا تكون وصيته الثانية نقضا لوصيته الأولى، وكذلك على مذهبه إذا أوصى لرجل بثلثه، ثم أوصى به لغيره، يشتركان فيه، ولا تكون وصيته الآخرة نقضا لوصيته الأولى، وذلك على ما قال مالك: إذا أوصى لرجل بثلث ماله، ثم أوصى الآخر بجميع ماله؛ أنهما يشتركان في الثلث على أربعة أجزاء، ولا تكون وصيته للآخر بجميع ماله نقضا لوصيته الأولى بثلث ماله. وقد روى علي بن زياد عن مالك في الرجل يوصي بعبده لرجل، ثم يوصي به لآخر؛ أنه يكون للآخر، فعلى هذه الرواية يأتي قول أشهب، ولا فرق على مذهب ابن القاسم بين أن يوصي بثلثه لرجل، ثم يوصي به لآخر، وبين أن يوصي بعبده لرجل، ثم يوصي به لآخر، إلا في التحاص إذا كان ثم وصايا سوى ذلك، فإن الذي أوصى لهما بالعبد يضربان جميعا به، واللذين أوصى لكل واحد منهما بالثلث يضرب كل واحد منهما بما أوصى له به من الثلث كاملا، وبالله التوفيق.
|