فصل: بَابٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْحَجِّ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)



.بَابٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْحَجِّ:

قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ مَاتَ وَهُوَ صَرُورَةٌ فَلَمْ يُوصِ أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ، أَيَحُجُّ عَنْهُ أَحَدٌ يَتَطَوَّعُ بِذَلِكَ عَنْهُ وَلَدٌ أَوْ وَالِدٌ أَوْ زَوْجَةٌ أَوْ أَجْنَبِيٌّ مِنْ النَّاسِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَتَطَوَّعُ عَنْهُ بِغَيْرِ هَذَا يُهْدِي عَنْهُ أَوْ يَتَصَدَّقُ عَنْهُ أَوْ يَعْتِقُ عَنْهُ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي رَجُلٍ أَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ بِأَنْ يُحَجَّ عَنْهُ صَرُورَةٌ أَحَبُّ إلَيْك أَنْ يَحُجَّ عَنْ هَذَا الْمَيِّتِ أَمْ قَدْ حَجَّ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا أَوْصَى بِذَلِكَ أُنْفِذَ ذَلِكَ وَيَحُجُّ عَنْهُ مَنْ قَدْ حَجَّ أَحَبُّ إلَيَّ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأُحِبُّ لَهُ إذَا أَوْصَى أَنْ يَنْفُذَ مَا أَوْصَى بِهِ، وَلَا يَسْتَأْجِرُ لَهُ إلَّا مَنْ قَدْ حَجَّ وَكَذَلِكَ سَمِعْت أَنَا مِنْهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ جَهِلُوا فَاسْتَأْجَرُوا مَنْ لَمْ يَحُجَّ أَجْزَأَ عَنْهُ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى هَذَا الْمَيِّتُ فَقَالَ يَحُجُّ عَنِّي فُلَانٌ بِثُلُثِي، وَفُلَانٌ ذَلِكَ وَارِثٌ أَوْ غَيْرُ وَارِثٍ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ وَارِثًا دَفَعَ إلَيْهِ قَدْرَ كَرَائِهِ وَنَفَقَتِهِ وَرَدَّ مَا بَقِيَ عَلَى الْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ وَارِثٍ دَفَعَ الثُّلُثَ إلَيْهِ فَحَجَّ بِهِ عَنْ الْمَيِّتِ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْ الْمَالِ عَنْ الْحَجِّ شَيْءٌ فَهُوَ لَهُ يَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ، قُلْت: لِمَ جَعَلَ مَالِكٌ لِهَذَا الرَّجُلِ مَا فَضَلَ عَنْ الْحَجِّ؟
قَالَ: سَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يُدْفَعُ إلَيْهِ النَّفَقَةُ لِيَحُجَّ عَنْ الرَّجُلِ فَيَفْضُلُ عَنْ حَجِّهِ مِنْ النَّفَقَةِ فَضْلٌ لِمَنْ تَرَاهُ؟ قَالَ مَالِك: إنْ اسْتَأْجَرَهُ اسْتِئْجَارًا.
فَلَهُ مَا فَضَلَ، وَإِنْ كَانَ أَعْطَى عَلَى الْبَلَاغِ رَدَّ مَا فَضَلَ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَسِّرْ لِي مَا الْإِجَارَةُ وَمَا الْبَلَاغُ؟
فَقَالَ: إذَا اُسْتُؤْجِرَ بِكَذَا وَكَذَا دِينَارًا عَلَى أَنْ يَحُجَّ عَنْ فُلَانٍ فَهَذِهِ إجَارَةٌ لَهُ مَا زَادَ وَعَلَيْهِ مَا نَقَصَ، وَإِذَا قِيلَ لَهُ هَذِهِ دَنَانِيرُ تَحُجُّ بِهَا عَنْ فُلَانٍ عَلَى أَنَّ عَلَيْنَا مَا نَقَصَ عَلَى الْبَلَاغِ، أَوْ يُقَالُ لَهُ خُذْ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ فَحُجَّ مِنْهَا عَنْ فُلَانٍ فَهَذِهِ عَلَى الْبَلَاغِ لَيْسَتْ إجَارَةً.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالنَّاسُ يَعْرِفُونَ كَيْفَ يَأْخُذُونَ إنْ أَخَذُوا عَلَى الْبَلَاغِ فَهُوَ عَلَى الْبَلَاغِ، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَنَّهُمْ ضَمِنُوا الْحَجَّ فَقَدْ ضَمِنُوا الْحَجَّ قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي رَجُلٍ دُفِعَ إلَيْهِ مَالٌ لِيَحُجَّ بِهِ عَنْ مَيِّتٍ مِنْ بَعْضِ الْآفَاقِ فَاعْتَمَرَ عَنْ نَفْسِهِ وَحَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ مَنْ مَكَّةَ؟
قَالَ: أَرَى أَنَّ ذَلِكَ مُجْزِئٌ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ اُشْتُرِطَ عَلَى الَّذِي يَحُجُّ عَنْ الْمَيِّتِ أَنْ يَحُجَّ فِي أُفُقٍ مِنْ الْآفَاقِ أَوْ مِنْ الْمَوَاقِيتِ فَأَرَى ذَلِكَ عَلَيْهِ ضَامِنًا وَيَرْجِعُ ثَانِيَةً فَيَحُجُّ عَنْ الْمَيِّتِ.
قال سَحْنُونٌ: ثُمَّ رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهَا فَقَالَ: عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ ثَانِيَةً وَهُوَ ضَامِنٌ، قُلْت: فَإِنْ قَرَنَ وَقَدْ أَخَذَ مَالًا لِيَحُجَّ بِهِ عَنْ الْمَيِّتِ فَاعْتَمَرَ عَنْ نَفْسِهِ وَحَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَأَرَاهُ ضَامِنًا لِلْمَالِ، لِأَنَّهُ أَخَذَ نَفَقَتَهُمْ وَأَشْرَكَ فِي عَمَلِهِمْ غَيْرَ مَا أَمَرُوهُ بِهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فِي رَجُلٍ حَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ وَاعْتَمَرَ عَنْ نَفْسِهِ، فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ.
قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ حَجَّ رَجُلٌ عَنْ مَيِّتٍ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ تَرَكَ مَنْ الْمَنَاسِكِ شَيْئًا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ دَمٌ؟
قَالَ: مَا سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَكِنْ أَرَى أَنْ تُجْزِئَ الْحَجَّةُ عَنْ الْمَيِّتِ إذَا كَانَ هَذَا الْحَاجُّ عَنْ الْمَيِّتِ لَوْ كَانَتْ الْحَجَّةُ عَنْ نَفْسِهِ أَجْزَأْته، فَكَذَلِكَ إذَا حَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ مُجْزِئٌ عَنْهُ.
قُلْت: أَرَأَيْت إذَا دَفَعُوا وَصِيَّةَ هَذَا الْمَيِّتِ إلَى عَبْدٍ لِيَحُجَّ عَنْ هَذَا الْمَيِّتِ أَيُجْزِئُ عَنْ هَذَا الْمَيِّتِ؟
قَالَ: لَا وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَلَكِنَّ الْعَبْدَ لَا حَجَّ لَهُ فَمِنْ ثَمَّ رَأَيْت أَنْ لَا يَحُجَّ عَنْ هَذَا الْمَيِّتِ وَكَذَلِكَ الصِّبْيَانُ.
قُلْت: فَالْمَرْأَةُ تَحُجُّ عَنْ الرَّجُلِ وَالرَّجُلُ عَنْ الْمَرْأَةِ؟
قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، قُلْت: فَالْمُكَاتَبُ وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرُ عِنْدَك فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ لَا يَحُجُّونَ عَنْ مَيِّتٍ أَوْصَى؟
قَالَ: نَعَمْ، قُلْت: فَمَنْ يَضْمَنُ هَذِهِ النَّفَقَةَ الَّتِي حَجَّ بِهَا هَذَا الْعَبْدُ عَنْ الْمَيِّتِ؟
قَالَ: الَّذِي دَفَعَ إلَيْهِمْ الْمَالَ.
قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ هَلَكَ رَجُلٌ فَأَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ فَأَنْفَذَ الْوَصِيُّ ذَلِكَ ثُمَّ أَتَى رَجُلٌ فَاسْتَحَقَّ رَقَبَةَ الْمَيِّتِ، هَلْ يَضْمَنُ الْوَصِيُّ أَوْ الْحَاجُّ عَنْ الْمَيِّتِ الْمَالَ وَكَيْفَ بِمَا قَدْ بِيعَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ فَأَصَابَهُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ؟
قَالَ: أَرَى إنْ كَانَ الْمَيِّتُ حُرًّا عِنْدَ النَّاسِ يَوْمَ بِيعَ مَالُهُ فَلَا يَضْمَنُ لَهُ الْوَصِيُّ شَيْئًا وَلَا الَّذِي حَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ، وَيَأْخُذُ مَا أَدْرَكَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَمَا أَصَابَ مِمَّا قَدْ بَاعُوا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ قَائِمًا بِعَيْنِهِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ إلَّا بِالثَّمَنِ وَيَرْجِعَ هُوَ عَلَى مَنْ بَاعَ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ فَيَقْبِضَ مِنْهُ ثَمَنَ مَا بَاعَ مِنْ مَالِ عَبْدِهِ.
قَالَ: لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي فِي رَجُلٍ شُهِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَاتَ فَبَاعُوا رَقِيقَهُ وَمَتَاعَهُ وَتَزَوَّجَتْ امْرَأَتُهُ، ثُمَّ أَتَى الرَّجُلُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ: إنْ كَانُوا شَهِدُوا بِزُورٍ رُدَّتْ إلَيْهِ امْرَأَتُهُ وَأَخَذَ رَقِيقَهُ حَيْثُ وَجَدَهُمْ أَوْ الثَّمَنَ الَّذِي بِهِ بِيعُوا إنْ أَحَبَّ ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانُوا شُبِّهَ عَلَيْهِمْ وَكَانُوا عُدُولًا رُدَّتْ إلَيْهِ امْرَأَتُهُ وَمَا وُجِدَ مِنْ مَتَاعِهِ أَوْ رَقِيقِهِ لَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ حَالِهِ وَقَدْ بِيعَ أَخَذَهُ بَعْدَ أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ إلَى مَنْ ابْتَاعَهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ حَتَّى يَدْفَعَ الثَّمَنَ إلَى مَنْ ابْتَاعَهُ، وَمَا تَحَوَّلَ عَنْ حَالِهِ فَفَاتَ أَوْ كَانَتْ جَارِيَةً وُطِئَتْ فَحَمَلَتْ مِنْ سَيِّدِهَا أَوْ أَسْتَقَتْ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الثَّمَنُ وَإِنَّمَا لَهُ الثَّمَنُ عَلَى مَنْ بَاعَ الْجَارِيَةَ، فَأَرَى أَنْ يَفْعَلَ فِي الْعَبْدِ مِثْلَ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَنَا أَرَى التَّدْبِيرَ وَالْعِتْقَ وَالْكِتَابَةَ فَوْتًا فِيمَا قَالَ لِي مَالِكٌ، وَالصَّغِيرُ إذَا كَبُرَ أَيْضًا فَوْتًا فِيمَا قَالَ لِي مَالِكٌ، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: إذَا لَمْ تَتَغَيَّرْ عَنْ حَالِهَا فَهَذِهِ قَدْ تَغَيَّرَتْ عَنْ حَالِهَا، وَاَلَّذِي أَرَادَ مَالِكٌ تَغْيِيرَ بَدَنِهَا.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَكَيْفَ تَتَبَيَّنُ شُهُودَ الزُّورِ هَهُنَا مِنْ غَيْرِ شُهُودِ الزُّورِ وَكَيْفَ نَعْرِفُهُمْ فِي قَوْلِ مَالِكٍ قَالَ: إذَا أَتَوْا بِأَمْرٍ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا شَهِدُوا بِحَقٍّ، مِثْلَ مَا لَوْ حَضَرُوا مَعْرَكَةً فَصُرِعَ فَنَظَرُوا إلَيْهِ فِي الْقَتْلَى، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ طُعِنَ فَنَظَرُوا إلَيْهِ فِي الْقَتْلَى، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ صُعِقَ بِهِ فَظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ مَاتَ فَخَرَجُوا عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ جِيءَ بَعْدَهُمْ أَوْ أَشْهَدَهُمْ قَوْمٌ عَلَى مَوْتِهِ فَشَهِدُوا بِذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي، فَهَؤُلَاءِ يُعْلَمُ أَنَّهُمْ لَمْ يَتَعَمَّدُوا الزُّورَ فَهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ، وَأَمَّا الزُّورُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ فَهُوَ إذَا لَمْ يَأْتُوا بِأَمْرٍ يُشْبِهُ وَعُرِفَ كَذِبُهُمْ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا شَهِدُوا بِزُورٍ رُدَّ إلَيْهِ جَمِيعَ مَالِهِ حَيْثُ وَجَدَهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَنَا أَرَى إذَا كَانُوا شُهُودَ زُورٍ أَنَّهُ يُرَدُّ إلَيْهِ مَا أُعْتِقَ مِنْ رَقِيقِهِ وَمَا دُبِّرَ وَمَا كُوتِبَ وَمَا كَبُرَ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَقِيمَةُ وَلَدِهَا أَيْضًا قَالَ مَالِكٌ: وَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي وَلَدَهَا بِالْقِيمَةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ فِي الَّذِي يُبَاعُ عَلَيْهِ بِشَهَادَةِ زُورٍ: إنَّهُ يَأْخُذُهَا وَيَأْخُذُ قِيمَةَ وَلَدِهَا أَيْضًا إذَا شَهِدُوا عَلَى سَيِّدِهَا بِزُورٍ أَنَّهُ مَاتَ عَنْهَا فَبَاعُوهَا فِي السُّوقِ، وَقَدْ قَالَ لِي مَالِكٌ فِي الْجَارِيَةِ الْمَسْرُوقَةِ إنَّ صَاحِبَهَا يَأْخُذُهَا وَيَأْخُذُ قِيمَةَ وَلَدِهَا وَهُوَ أَحَبُّ قَوْلِهِ إلَيَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا يَأْخُذُ قِيمَةَ وَلَدِهَا يَوْمَ يَحْكُمُ فِيهِمْ، وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فَلَا قِيمَةَ لَهُ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت مَنْ حَجَّ عَنْ مَيِّتٍ وَإِنَّمَا أَخَذَ الْمَالَ عَلَى الْبَلَاغِ وَلَمْ يُؤَاجِرْ نَفْسَهُ فَأَصَابَهُ أَذًى فَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ عَلَى مَنْ تَكُونُ هَذِهِ الْفِدْيَةُ؟
قَالَ: لَا أَحْفَظُ عَنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَكِنْ أَرَى أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْفِدْيَةُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ هُوَ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَيَّامَ مِنًى فَرُمِيَ عَنْهُ الْجِمَارُ فِي أَيَّامِ مِنًى، عَلَى مَنْ يَكُونُ هَذَا الْهَدْيُ أَفِي مَالِ الْمَيِّتِ أَمْ فِي مَالِ هَذَا الَّذِي حَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ؟
قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ لَمْ يَتَعَمَّدْهُ هَذَا الْحَاجُّ عَنْ الْمَيِّتِ فَهُوَ فِي مَالِ الْمَيِّتِ مِثْلُ الْفِدْيَةِ وَمَا ذَكَرْت مِنْ الْإِغْمَاءِ وَمَا يُشْبِهُ ذَلِكَ، قَالَ وَكُلُّ شَيْءٍ يَتَعَمَّدُهُ فَهُوَ فِي مَالِهِ إذَا كَانَ إنَّمَا أَخَذَ الْمَالَ عَلَى الْبَلَاغِ، وَإِنْ كَانَ أَجِيرًا فَكُلُّ شَيْءٍ أَصَابَهُ فَهُوَ فِي مَالِهِ مِنْ خَطَأٍ أَوْ عَمْدٍ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ أَخَذَ هَذَا الرَّجُلُ مَالًا لِيَحُجَّ بِهِ عَنْ الْمَيِّتِ عَلَى الْبَلَاغِ أَوْ عَلَى الْإِجَارَةِ فَصَدَّهُ عَدُوٌّ عَنْ الْبَيْتِ؟ قَالَ إنْ كَانَ أَخَذَهُ عَلَى الْبَلَاغِ رَدَّ مَا فَضَلَ عَنْ نَفَقَتِهِ ذَاهِبًا وَرَاجِعًا، وَإِنْ كَانَ أَخَذَهُ عَلَى الْإِجَارَةِ رَدَّ الْمَالَ وَكَانَ لَهُ مِنْ إجَارَتِهِ بِحِسَابِ ذَلِكَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي صُدَّ عَنْهُ، قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: هَذَا رَأْيِي، وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ اُسْتُؤْجِرَ لِيَحُجَّ عَنْ مَيِّتٍ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ، فَسُئِلَ عَنْهُ فَقَالَ: أَرَى أَنْ يُحَاسَبَ فَيَكُونُ لَهُ مِنْ الْإِجَارَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ مِنْ الطَّرِيقِ وَيَرُدُّ مَا فَضَلَ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت إنْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مَالًا لِيَحُجَّ بِهِ عَنْ مَيِّتٍ فَأُحْصِرَ بِمَرَضٍ وَقَدْ كَانَ أَخَذَ الْمَالَ عَلَى الْبَلَاغِ أَوْ عَلَى الْإِجَارَةِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا إذَا أَخَذَهُ عَلَى الْبَلَاغِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَهُ نَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ مَا أَقَامَ مَرِيضًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الذَّهَابِ وَإِنْ أَقَامَ إلَى حَجٍّ قَابِلٍ أَجْزَأَ ذَلِكَ عَنْ الْمَيِّتِ، فَإِنْ لَمْ يَقُمْ إلَى حَجٍّ قَابِلٍ وَقَوِيَ عَلَى الذَّهَابِ إلَى الْبَيْتِ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَهُ نَفَقَتُهُ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت هَذَا الَّذِي حَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ إنْ سَقَطَتْ مِنْهُ النَّفَقَةُ كَيْفَ يَصْنَعُ؟
قَالَ: لَا أَحْفَظُ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِعَيْنِهَا شَيْئًا، وَلَكِنْ أَرَى إنْ كَانَ إنَّمَا أَخَذَ ذَلِكَ عَلَى الْبَلَاغِ فَإِنَّهُ حَيْثُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهُ يَرْجِعُ وَلَا يَمْضِي وَيَكُونُ لَهُ عَلَيْهِمْ مَا أَنْفَقَ فِي رَجْعَتِهِ، وَإِنْ مَضَى وَلَمْ يَرْجِعْ فَقَدْ سَقَطَتْ عَنْهُمْ نَفَقَتُهُ وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِي الذَّهَابِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ فِي ذَهَابِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحْرَمَ ثُمَّ سَقَطَتْ مِنْهُ النَّفَقَةُ فَلْيَمْضِ وَلْيُنْفِقْ فِي ذَهَابِهِ وَرَجْعَتِهِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى الَّذِي دَفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ لِيَحُجَّ بِهِ عَنْ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ لَمَّا أَحْرَمَ لَمْ يَسْتَطِعْ الرُّجُوعَ.
قَالَ: وَهَذَا إذَا أَخَذَ الْمَالَ عَلَى الْبَلَاغِ فَإِنَّمَا هُوَ رَسُولٌ لَهُمْ، قَالَ وَإِذَا أَخَذَهُ عَلَى الْإِجَارَةِ فَسَقَطَ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْحَجِّ أَحْرَمَ أَوْ لَمْ يُحْرِمْ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا مَاتَ فَقَالَ حُجُّوا عَنِّي بِهَذِهِ الْأَرْبَعِينَ دِينَارًا، فَدَفَعُوهَا إلَى رَجُلٍ عَلَى الْبَلَاغِ فَفَضَلَتْ مِنْهَا عِشْرُونَ؟
قَالَ: أَرَى أَنْ يَرُدَّ إلَى الْوَرَثَةِ مَا فَضَلَ عَنْهُ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِثْلُ مَا لَوْ قَالَ رَجُلٌ اشْتَرُوا غُلَامَ فُلَانٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَأَعْتِقُوهُ عَنِّي فَاشْتَرَوْهُ بِثَمَانِينَ دِينَارًا.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُرَدُّ مَا بَقِيَ إلَى الْوَرَثَةِ فَعَلَى هَذَا رَأَيْت أَمْرَ الْحَجِّ، وَإِنْ كَانَ قَالَ أَعْطُوا فُلَانًا أَرْبَعِينَ دِينَارًا يَحُجُّ بِهَا عَنِّي فَاسْتَأْجَرُوهُ بِثَلَاثِينَ دِينَارًا فَحَجَّ وَفَضَلَتْ عَشَرَةٌ؟
قَالَ: أَرَى أَيْضًا أَنْ تَرُدَّ الْعَشَرَةُ مِيرَاثًا بَيْنَ الْوَرَثَةِ، لِأَنِّي سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُولُ، وَسَأَلْتُهُ عَنْ الرَّجُلِ يُوصِي أَنْ يُشْتَرَى لَهُ غُلَامُ فُلَانٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَيُعْتَقُ عَنْهُ فَتَشْتَرِيه الْوَرَثَةُ بِثَمَانِينَ لِمَنْ تَرَى الْعِشْرِينَ؟
قَالَ مَالِكٌ: أَرَى أَنْ تُرَدَّ إلَى الْوَرَثَةِ فَيَقْسِمُونَهَا عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ، فَرَأَيْت أَنَا الْحَجَّ إذَا قَالَ ادْفَعُوهَا إلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ عَلَى هَذَا، وَسَمِعْت مَالِكًا وَقَدْ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ دَفَعَ إلَيْهِ رَجُلٌ أَرْبَعَةَ عَشَرَ دِينَارًا يَتَكَارَى بِهَا فِي الْمَدِينَةِ مَنْ يَحُجُّ عَنْ مَيِّتٍ لَهُ، فَتَكَارَى بِعَشَرَةٍ كَيْفَ يَصْنَعُ بِالْأَرْبَعَةِ؟
قَالَ: يَرُدُّهَا إلَى مَنْ دَفَعَهَا إلَيْهِ وَلَمْ يَرَهَا لِلَّذِي حَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: هَلْ كَانَ مَالِكٌ يُوَسِّعُ أَنْ يَعْتَمِرَ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ إذَا كَانَ يُوَسِّعُ فِي الْحَجِّ؟
قَالَ: نَعَمْ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ، وَهُوَ رَأْيِي إذَا أَوْصَى بِذَلِكَ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ حَجَّ عَنْ مَيِّتٍ، أَيَقُولُ لَبَّيْكَ عَنْ فُلَانٍ أَمْ النِّيَّةُ تُجْزِئُهُ؟
قَالَ: النِّيَّةُ تُجْزِئُهُ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت مَنْ أَصَابَ صَيْدًا فِي حَجِّهِ، لَقَالَ: اُحْكُمُوا عَلَيَّ بِجَزَائِهِ فَحُكِمَ عَلَيْهِ بِجَزَائِهِ فَأَرَادَ أَنْ يُؤَخِّرَ الْجَزَاءَ إلَى حَجٍّ قَابِلٍ أَوْ إلَى بَعْدِ ذَلِكَ حَتَّى يَحِلَّ أَوْ حَتَّى يَجْعَلَ ذَلِكَ فِي عُمْرَةٍ، هَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُهْدِيَ هَدْيَهُ هَذَا مَتَى شَاءَ، إنْ شَاءَ أَهْدَاهُ وَهُوَ حَلَالٌ وَإِنْ شَاءَ أَهْدَاهُ وَهُوَ حَرَامٌ، وَلَكِنْ إنْ قَلَّدَهُ وَهُوَ فِي الْحَجِّ لَمْ يَنْحَرْهُ إلَّا بِمِنًى، وَإِنْ قَلَّدَهُ وَهُوَ مُعْتَمِرٌ أَوْ بَعَثَ بِهِ نُحِرَ بِمَكَّةَ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت مَنْ أَوْصَى فَقَالَ حُجُّوا عَنِّي حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، وَأَوْصَى بِعِتْقِ نَسَمَةٍ بِعَيْنِهَا وَأَوْصَى أَنْ يَشْتَرُوا عَبْدًا بِعَيْنِهِ فَيُعْتَقُ عَنْهُ وَأَعْتَقَ عَبْدًا فِي مَرَضِهِ فَبَتَلَهُ، وَدَبَّرَ عَبْدًا وَأَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدٍ لَهُ آخَرَ وَأَوْصَى بِكِتَابَةِ عَبْدٍ لَهُ آخَرَ وَأَوْصَى بِزَكَاةٍ بَقِيَتْ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَأَقَرَّ بِدُيُونِ النَّاسِ فِي مَرَضِهِ؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: الدُّيُونُ مَبْدَأَةً كَانَتْ لِمَنْ يَجُوزُ لَهُ إقْرَارُهُ لَهُ أَوْ لِمَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ إقْرَارُهُ، ثُمَّ الزَّكَاةُ ثُمَّ الْعِتْقُ بَتْلًا وَالْمُدَبَّرُ جَمِيعًا مَعًا لَا يَبْدَأُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ صَاحِبِهِ.
قَالَ مَالِكٌ: ثُمَّ النَّسَمَةُ بِعَيْنِهَا وَاَلَّذِي أَوْصَى أَنْ تُشْتَرَى لَهُ بِعَيْنِهَا جَمِيعُهَا لَا يَبْدَأُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ صَاحِبِهِ.
قَالَ: ثُمَّ الْمُكَاتَبُ ثُمَّ الْحَجُّ، قُلْت: فَإِنْ كَانَتْ الدُّيُونُ لِمَنْ يَجُوزُ لَهُ إقْرَارُهُ وَأَخَذَهَا، وَإِنْ كَانَتْ لِمَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ إقْرَارُهُ رَجَعَتْ مِيرَاثًا، إلَّا أَنَّهُ يَبْدَأُ بِهَا قَبْلَ الْوَصَايَا ثُمَّ الْوَصَايَا فِي ثُلُثِ مَا بَقِيَ بَعْدَهَا قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ أَحِجُّوا فُلَانًا حَجَّةً فِي وَصِيَّتِهِ وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي أَيُعْطَى مِنْ الثُّلُثِ شَيْئًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: يُعْطَى مِنْ الثُّلُثِ قَدْرَ مَا يَحُجُّ بِهِ إنْ حَجَّ فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحُجَّ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ ثُمَّ يَقْعُدَ وَلَا يَحُجُّ، فَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ وَلَمْ يَحُجَّ أُخِذَ مِنْهُ وَلَمْ يُتْرَكْ لَهُ إلَّا أَنْ يَحُجَّ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: هَلْ تَحُجُّ الْمَرْأَةُ عَنْ الرَّجُلِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ كَانَ يُجِيزُهُ مَالِكٌ وَلَمْ يَكُنْ يَرَى لَهُ بِذَلِكَ بَأْسًا.
قَالَ: وَسَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ فِي رَجُلٍ أَوْصَى بِأَنْ يُمْشَى عَنْهُ.
قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يَمْشِيَ عَنْهُ وَأَنْ يُهْدِيَ هَدْيَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَهَدْيٌ وَاحِدٌ.
قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ امْرَأَةٍ أَوْصَتْ بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهَا إنْ حَمَلَ ذَلِكَ ثُلُثَهَا، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ ذَلِكَ الثُّلُثَ أَعْتَقَ بِهِ رَقَبَةً إنْ وَجَدُوهَا بِذَلِكَ الثَّمَنِ فَحَمَلَ الثُّلُثَ أَنْ يَحُجَّ عَنْهَا؟
قَالَ: أَرَى أَنْ يُعْتِقَ عَنْهَا رَقَبَةً وَلَا يَحُجُّ عَنْهَا.
قُلْت: وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعُوا إلَى عَبْدٍ أَوْ صَبِيٍّ بِأَنْ يَحُجَّا عَنْ الْمَيِّت فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: مَا سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَا أَرَى أَنْ يَجُوزَ، وَأَرَى إنْ دَفَعُوا ذَلِكَ إلَى عَبْدٍ أَوْ صَبِيٍّ ضَمِنُوا ذَلِكَ فِي رَأْيِي إلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدًا ظَنُّوا أَنَّهُ حُرٌّ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ هَذَا الْعَبْدُ بِعَيْنِهِ أَوْ هَذَا الصَّبِيُّ بِعَيْنِهِ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ شَيْئًا، وَلَكِنْ أَرَى أَنَّهُ يَدْفَعُ ذَلِكَ إلَيْهِمَا فَيَحُجَّانِ عَنْ الرَّجُلِ إذَا أَذِنَ السَّيِّدُ لِلْعَبْدِ أَوْ أَذِنَ الْوَالِدُ لِلْوَلَدِ، وَلَا تَرُدُّ وَصِيَّتُهُ مِيرَاثًا لِأَنَّ الْحَجَّ بِرٌّ وَإِنْ حَجَّ عَنْهُ صَبِيٌّ أَوْ عَبْدٌ، لِأَنَّ حَجَّةَ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ تَطَوُّعٌ فَالْمَيِّتُ لَوْ لَمْ يَكُنْ صَرُورَةً فَأَوْصَى بِحَجِّهِ تَطَوُّعًا أُنْفِذَتْ وَلَمْ تُرَدَّ وَصِيَّتُهُ إلَى الْوَرَثَةِ فَكَذَلِكَ هَذَا.
قُلْت: أَرَأَيْت الصَّبِيَّ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ وَأَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ أَنْ يَحُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ أَيَجُوزُ لَهُ إذْنُهُ؟
قَالَ: لَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ضَيْعَةً أَوْ مَشَقَّةً مِنْ السَّفَرِ فَلَا أَرَى أَنْ يَجُوزَ ذَلِكَ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ شَيْئًا وَإِنَّمَا قُلْته لِأَنَّ الْوَلِيَّ إنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ وَأَمَرَهُ بِذَلِكَ جَازَ ذَلِكَ.
وَلَوْ خَرَجَ فِي تِجَارَةٍ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ.
قَالَ: فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا فَجَائِزٌ لَهُ أَنْ يَحُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ إذَا أَوْصَى إلَيْهِ الْمَيِّتُ بِذَلِكَ إذَا أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ وَكَانَ قَوِيًّا عَلَى الذَّهَابِ، وَكَانَ ذَلِكَ نَظَرًا لَهُ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ، قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْوَلِيُّ؟
قَالَ: يُوقَفُ الْمَالُ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّبِيُّ، فَإِنْ حَجَّ بِهِ الصَّبِيُّ وَإِلَّا رَجَعَ مِيرَاثًا، قُلْت: تَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهَذَا الَّذِي أَوْصَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ هَذَا الصَّبِيُّ عَلِمْنَا أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ التَّطَوُّعَ وَلَمْ يُرِدْ الْفَرِيضَةَ.
قَالَ: وَلَوْ أَنَّهُ كَانَ صَرُورَةً وَقَصَدَ رَجُلًا بِعَيْنِهِ، فَقَالَ: يَحُجُّ عَنِّي فُلَانٌ فَأَبَى فُلَانٌ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ؟
قَالَ: يُعْطَى ذَلِكَ غَيْرَهُ.
قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَيْسَ التَّطَوُّعُ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْفَرِيضَةِ.
قَالَ: وَهَذَا إذَا أَوْصَى بِحَجَّةٍ تَطَوُّعًا أَنْ يَحُجَّ بِهَا عَنْهُ رَجُلٌ بِعَيْنِهِ فَأَبَى ذَلِكَ الرَّجُلُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ رُدَّتْ إلَى الْوَرَثَةِ.
قَالَ: وَمَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ رَجُلٍ قَصَدَ قَصْدَ مِسْكِينٍ بِعَيْنِهِ، فَقَالَ تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ مِنْ ثُلُثِي فَمَاتَ الْمِسْكِينُ قَبْلَ الْمُوصِي أَوْ أَبَى أَنْ يَقْبَلَ الْوَصِيَّةَ، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تَرْجِعُ مِيرَاثًا لِلْوَرَثَةِ، أَوْ قَالَ اشْتَرُوا عَبْدَ فُلَانٍ فَأَعْتِقُوهُ عَنِّي فِي غَيْرِ عِتْقٍ عَلَيْهِ وَاجِبٍ فَأَبَى أَهْلُهُ أَنْ يَبِيعُوهُ، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تَرْجِعُ مِيرَاثًا لِلْوَرَثَةِ.
قُلْت: أَرَأَيْت امْرَأَةً أَهَلَّتْ بِالْحَجِّ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَهِيَ صَرُورَةٌ، ثُمَّ إنَّ زَوْجَهَا حَلَّلَهَا ثُمَّ أَذِنَ لَهَا مِنْ عَامِهَا فَحَجَّتْ أَتُجْزِئُهَا حَجَّتُهَا الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهَا مِنْ الَّتِي حَلَّلَهَا زَوْجُهَا مِنْهَا وَعَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ؟
قَالَ: أَرْجُو ذَلِكَ وَلَا أَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ.
قُلْت: فَالْعَبْدُ وَالْأَمَةُ يُحْرِمَانِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِمَا فَيُحَلِّلُهُمَا السَّيِّدُ ثُمَّ يَعْتِقَانِ، فَيَحُجَّانِ عَنْ الَّذِي حَلَّلَهُمَا السَّيِّدُ وَعَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، أَتُجْزِئُهُمَا هَذِهِ الْحَجَّةُ مِنْهُمَا جَمِيعًا؟
قَالَ: لَا، قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: هَذَا رَأْيِي لِأَنِّي سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ فِي عَبْدٍ نَذَرَ إنْ أَعْتَقَ اللَّهُ رَقَبَتَهُ، أَنَّ عَلَيْهِ الْمَشْيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ فِي حَجٍّ.
قَالَ: يَحُجُّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ ثُمَّ النَّذْرُ بَعْدَهَا فَهَذَا حِينَ أَحْرَمَ فَقَدْ نَذَرَهَا فَلَا تُجْزِئُهُ حَجَّتُهُ حِينَ أُعْتِقَ عَنْهُمَا.
قُلْت: أَرَأَيْت السَّيِّدَ يَأْذَنُ لِعَبْدِهِ أَوْ لِأَمَتِهِ أَوْ الزَّوْجَ لِزَوْجَتِهِ بِالْإِحْرَامِ فَأَرَادَ أَنْ يُحِلَّهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ، أَلَهُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا، قُلْت: وَإِنْ خَاصَمُوهُ قَضَى لَهُمْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُحِلَّهُمْ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ بَاعَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ وَهُمَا مُحْرِمَانِ أَيَجُوزُ بَيْعُهُ أَمْ لَا؟
قَالَ: نَعَمْ فِي قَوْلِ مَالِكٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ إيَّاهُمَا، وَلَيْسَ لِلَّذِي اشْتَرَاهُمَا أَنْ يُحِلَّهُمَا وَيَكُونَانِ عَلَى إحْرَامِهِمَا، قُلْت: فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِإِحْرَامِهِمَا أَتَرَاهُ عَيْبًا يَرُدُّهُمَا بِهِ إنْ أَحَبَّ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَأَرَاهُ عَيْبًا يَرُدُّهُمَا بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ أَعْلَمَهُ بِإِحْرَامِهِمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَرِيبًا.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَحْرَمَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَحَلَّلَهُ مِنْ إحْرَامِهِ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فِي أَنْ يَحُجَّ قَضَاءً عَنْ حَجَّتِهِ الَّتِي حَلَّلَهُ مِنْهَا بَعْدَمَا مَضَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، أَتُجْزِئُهُ مِنْ الَّتِي حَلَّلَهُ مِنْهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
فَقَالَ: نَعَمْ فِي رَأْيِي، قُلْت: وَيَكُونُ عَلَى الْعَبْدِ الصِّيَامُ أَوْ الْهَدْيُ أَوْ الطَّعَامُ لِمَوْضِعِ مَا حَلَّلَهُ السَّيِّدُ مِنْ إحْرَامِهِ؟
قَالَ: إنْ أَهْدَى عَنْهُ السَّيِّدُ أَوْ أَطْعَمَ عَنْهُ أَجْزَأَهُ وَإِلَّا صَامَ هُوَ وَأَجْزَأَهُ قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: هَذَا رَأْيِي.
قُلْت: أَرَأَيْت الرَّجُلَ يُهِلُّ بِحَجَّةٍ فَتَفُوتُهُ أَيُهِلُّ مِنْهَا حِينَ فَاتَتْهُ بِالْعُمْرَةِ إهْلَالًا مُسْتَقْبِلًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: يَمْضِي عَلَى إهْلَالِهِ الْأَوَّلِ وَلَا يُهِلُّ بِالْعُمْرَةِ إهْلَالًا مُسْتَقْبِلًا وَلَكِنْ يَعْمَلُ فِيهَا عَمَلَ الْعُمْرَةِ وَهُوَ عَلَى إهْلَالِهِ الْأَوَّلِ وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ إذَا دَخَلَ الْحَرَمَ، لِأَنَّ الْحَجَّ قَدْ فَاتَهُ فَصَارَ عَمَلُهُ فِيمَا بَقِيَ مِنْهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ مِثْلَ عَمَلِ الْعُمْرَةِ.
قُلْت: أَرَأَيْت رَجُلًا حَجَّ فَفَاتَهُ الْحَجُّ فَجَامَعَ بَعْدَمَا فَاتَهُ الْحَجُّ وَتَطَيَّبَ وَأَصَابَ الصَّيْدَ مَا عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ صَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ مِثْلُ مَا عَلَى الصَّحِيحِ الْحَجِّ، إلَّا أَنَّهُ يُهْرِيقُ دَمًا دَمَ الْفَوَاتِ فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ وَمَا أَصَابَ مِنْ الصَّيْدِ وَتَطَيَّبَ وَلَبِسَ فِيهَا فَلْيُهْرِقْهُ مَتَى مَا شَاءَ، وَالْهَدْيُ عَنْ جِمَاعِهِ قَبْلَ أَنْ يَفُوتَهُ الْحَجُّ أَوْ بَعْدَ أَنْ فَاتَهُ هَدْيٌ وَاحِدٌ وَلَا عُمْرَةَ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ يَكُونُ عَلَيْهِ عُمْرَةٌ إذَا وَطِئَ بَعْدَ أَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ لَكَانَ عَلَيْهِ عُمْرَةٌ إذَا وَطِئَ وَهُوَ فِي الْحَجِّ ثُمَّ فَاتَهُ الْحَجُّ، لِأَنَّ الَّذِي فَاتَهُ الْحَجُّ قَدْ صَارَ إلَى عُمْرَةٍ فَعَلَيْهِ هَدْيَانِ هَدْيٌ لِوَطْئِهِ وَهَدْيٌ لِمَا فَاتَهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت الرَّجُلَ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ فَيَفُوتُهُ الْحَجُّ، أَلَهُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى إحْرَامِهِ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ إلَى قَابِلٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَفَاتَهُ الْحَجُّ فَلَهُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى إحْرَامِهِ إلَى قَابِلٍ إنْ أَحَبَّ ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ: وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَمْضِيَ لِوَجْهِهِ فَيَحِلُّ مِنْ إحْرَامِهِ ذَلِكَ وَلَا يَنْتَظِرَ قَابِلًا.
قَالَ: وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى إحْرَامِهِ إلَى قَابِلٍ مَا لَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ، فَإِنْ دَخَلَ مَكَّةَ فَلَا أَرَى لَهُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى إحْرَامِهِ وَلْيَمْضِ إلَى الْبَيْتِ فَلْيَطُفْ بِهِ وَلْيَسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلِيَحِلَّ مِنْ إحْرَامِهِ، فَإِذَا كَانَ قَابِلًا فَلْيَقْضِ الْحَجَّ الَّذِي فَاتَهُ وَلْيُهْرِقْ دَمًا، قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَإِنْ ثَبَتَ عَلَى إحْرَامِهِ بَعْدَمَا دَخَلَ مَكَّةَ حَتَّى حَجَّ بِإِحْرَامِهِ ذَلِكَ قَابِلًا، يُجْزِئُهُ مَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَمْ لَا؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ فَفَاتَتْهُ فَأَقَامَ عَلَى إحْرَامِهِ حَتَّى إذَا كَانَ مَنْ قَابِلٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ حَلَّ مِنْهَا، حَجَّ مَنْ عَامِهِ أَيَكُونُ مُتَمَتِّعًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا أَحْفَظُ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا، وَلَكِنْ لَا أَرَى لِأَحَدٍ فَاتَهُ الْحَجُّ فَأَقَامَ عَلَى إحْرَامِهِ حَتَّى يَدْخُلَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَنْ يَفْسَخَ حَجَّتَهُ فِي عُمْرَةٍ فَإِنْ فَعَلَ رَأَيْته مُتَمَتِّعًا.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت الْمَرْأَةَ إذَا أَحْرَمَتْ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا ثُمَّ حَلَّلَهَا، وَالْعَبْدَ إذَا أَحْرَمَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ ثُمَّ حَلَّلَهُ فَأَعْتَقَهُ، ثُمَّ حَجَّ الْعَبْدُ بَعْدَمَا أَعْتَقَهُ عَنْ الَّتِي حَلَّلَهُ سَيِّدُهُ وَعَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ؟
قَالَ: لَا تُجْزِئُهُ، وَإِذَا حَجَّتْ الْمَرْأَةُ إذَا أَذِنَ لَهَا زَوْجُهَا عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَعَنْ الْحَجَّةِ الَّتِي حَلَّلَهَا مِنْهَا زَوْجُهَا؟
قَالَ: تُجْزِئُهَا هَذِهِ الْحَجَّةُ عَنْهُمَا جَمِيعًا.
قَالَ: لِأَنَّ الْمَرْأَةَ حِينَ فَرَضَتْ الْحَجَّ فَحَلَّلَهَا زَوْجُهَا مِنْهَا إنْ كَانَتْ فَرِيضَةً فَهَذِهِ تُجْزِئُهَا مِنْ تِلْكَ، وَهَذِهِ قَضَاءُ تِلْكَ الْفَرِيضَةِ وَهِيَ تُجْزِئُهَا مِنْ الْفَرِيضَةِ الَّتِي عَلَيْهَا.
قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ حِينَ حَلَّلَهَا زَوْجُهَا إنَّمَا حَلَّلَهَا مِنْ تَطَوُّعٍ، فَهَذِهِ قَضَاءٌ عَنْ ذَلِكَ التَّطَوُّعِ الَّذِي حَلَّلَهَا زَوْجُهَا مِنْهُ.
قَالَ: وَالْعَبْدُ لَيْسَ مِثْلَ هَذِهِ حِينَ أُعْتِقَ، لِأَنَّ الْعَبْدَ حِينَ حَلَّلَهُ سَيِّدُهُ إنَّمَا حَلَّلَهُ مِنْ تَطَوُّعٍ، فَإِنْ أُعْتِقَ ثُمَّ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ يَنْوِي بِهِ عَنْ الْحَجَّةِ الَّتِي أَحَلَّهُ مِنْهَا سَيِّدُهُ، وَحَجَّةِ الْفَرِيضَةِ فَلَا تُجْزِئُهُ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ تَطَوُّعٍ وَوَاجِبٍ وَتَكُونُ حَجَّةُ هَذَا الْعَبْدِ الَّتِي حَجَّهَا بَعْدَ عِتْقِهِ إذَا نَوَى بِهَا عَنْهُمَا جَمِيعًا عَنْ الَّتِي حَلَّلَهُ سَيِّدُهُ مِنْهَا، وَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْفَرِيضَةِ مِثْلَ مَا قَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يَحْلِفُ بِالْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ فَيَحْنَثُ وَهُوَ ضَرُورَةٌ فَيَمْشِي فِي حَجَّةِ الْفَرِيضَةِ يَنْوِي بِذَلِكَ نَذْرًا، وَحَجَّةَ الْفَرِيضَةِ لَمْ تُجِزْهُ مِنْ حَجَّةِ الْفَرِيضَةِ وَأَجْزَأَتْهُ مِنْ نَذْرِهِ وَكَانَ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْفَرِيضَةِ فَمَسْأَلَةُ الْعَبْدِ عِنْدِي مِثْلُ هَذَا.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ مَكِّيًّا قَرَنَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مِنْ مِيقَاتٍ مَنْ الْمَوَاقِيتِ، أَيَكُونُ عَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا يَكُونُ عَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت مَنْ أَتَى وَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ فِي قَوْلِ مَالِكٍ مَتَى يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ قَالَ: إذَا دَخَلَ الْحَرَمَ قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ أَرَأَيْت مَنْ أَتَى وَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ، أَيَرْمُلُ بِالْبَيْتِ وَيَسْعَى فِي الْمَسِيلِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ مَنْ اعْتَمَرَ مِنْ الْجِعْرَانَةِ أَوْ التَّنْعِيمِ، فَإِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَرْمُلُ وَإِذَا سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَسْعَى بِبَطْنِ الْمَسِيلِ.
قُلْت: أَفَكَانَ مَالِكٌ يُخَفِّفُ وَيُوَسِّعُ لِهَذَا الَّذِي اعْتَمَرَ مِنْ الْجِعْرَانَةِ أَوْ التَّنْعِيمِ أَنْ لَا يَرْمُلَ وَأَنْ لَا يَسْعَى بِبَطْنِ الْمَسِيلِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؟
قَالَ: كَانَ يَسْتَحِبُّ لَهُمَا أَنْ يَرْمُلَا وَأَنْ يَسْعَيَا وَيَأْمُرُهُمَا بِذَلِكَ، وَلَمْ أَرَهُ يُوجِبُ عَلَيْهِمَا الرَّمَلَ بِالْبَيْتِ كَمَا يُوجِبُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ حَجَّ أَوْ اعْتَمَرَ مِنْ الْمَوَاقِيتِ، وَأَمَّا السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَكَانَ يُوجِبُهُ عَلَى مَنْ اعْتَمَرَ مِنْ التَّنْعِيمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت طَوَافَ الصَّدْرِ إنْ تَرَكَهُ رَجُلٌ، هَلْ عَلَيْهِ فِيهِ عِنْدَ مَالِكٍ طَعَامٌ أَوْ دَمٌ أَوْ شَيْءٌ مِنْ الْأَشْيَاءِ؟
قَالَ: لَا إلَّا أَنَّ مَالِكًا كَانَ يَسْتَحِبُّ لَهُ أَنْ لَا يَخْرُجَ حَتَّى يَطُوفَ طَوَافَ الْوَدَاعِ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَلَوْ أَنَّهُ طَافَ طَوَافَ الْوَدَاعِ ثُمَّ اشْتَرَى وَبَاعَ بَعْدَمَا طَافَ أَيَعُودُ فَيَطُوفُ طَوَافَ الْوَدَاعِ أَمْ لَا؟
قَالَ: سَأَلَتْ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَطُوفُ طَوَافَ الْوَدَاعِ ثُمَّ يَخْرُجُ مَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِيَشْتَرِيَ بَعْضَ جِهَازِهِ أَوْ طَعَامِهِ، يُقِيمُ فِي ذَلِكَ سَاعَةً يَدُورُ فِيهَا ثُمَّ يَخْرُجُ وَلَا يَعُودُ إلَى الْبَيْتِ؟
قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا أَرَى عَلَيْهِ فِي هَذَا عَوْدَةً إلَى الْبَيْتِ.
قَالَ: فَقُلْت لَهُ: فَلَوْ أَنَّ كَرِيَّهُمْ أَرَادَ بِهِمْ الْخُرُوجَ فِي يَوْمٍ فَبَرَزَ بِهِمْ إلَى ذِي طُوًى فَطَافُوا طَوَافَ الْوَدَاعِ، ثُمَّ أَقَامَ كَرِيُّهُمْ بِذِي طُوًى يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ وَبَاتَ بِهَا، أَكُنْت تَرَى عَلَيْهِمْ أَنْ يَرْجِعُوا فَيَطُوفُوا طَوَافَ الْوَدَاعِ؟
قَالَ: لَا وَلْيَخْرُجُوا.
قَالَ: فَقُلْت لِمَالِكٍ: أَرَأَيْت إذْ هُمْ بِذِي طُوًى بَعْدَمَا خَرَجُوا يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ أَمْ يُتِمُّونَ وَقَدْ رَحَلُوا مِنْ مَكَّةَ إلَى ذِي طُوًى وَهُمْ عَلَى رَحِيلٍ مِنْ ذِي طُوًى إلَى بِلَادِهِمْ؟
قَالَ: يُتِمُّونَ بِذِي طُوًى حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا إلَى بِلَادِهِمْ، لِأَنَّ ذَا طُوًى عِنْدِي مِنْ مَكَّةَ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت مَنْ أَقَامَ بِمَكَّةَ بَعْدَ طَوَافِ الْوَدَاعِ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَأَنَا أَرَى أَنْ يَعُودَ فَيَطُوفَ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت طَوَافَ الصَّدْرِ أَهُوَ عَلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْعَبِيدِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ هُوَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت مَنْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ وَلَمْ يَطُفْ طَوَافَ الْوَدَاعِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ ذَلِكَ قَرِيبًا رَجَعَ إلَى مَكَّةَ فَطَافَ طَوَافَ الْوَدَاعِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ تَبَاعَدَ يَمْضِي وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَهَلْ قَالَ لَكُمْ مَالِكٌ إنَّهُ يَعُودُ مِنْ مَرِّ الظَّهْرَانِ إنْ هُوَ تَرَكَ طَوَافَ الْوَدَاعِ؟
قَالَ: لَمْ يَجِدْ لَنَا مَالِكٌ فِي ذَلِكَ شَيْئًا، وَأَرَى إنْ كَانَ لَا يَخْشَى فَوَاتَ أَصْحَابِهِ وَلَا مَنْعًا مِنْ كَرِيِّهِ أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهِ فَأَرَى أَنْ يَعُودَ، وَإِنْ خَافَ أَنْ لَا يُقِيمَ عَلَيْهِ الْكِرَى أَوْ أَنْ يَفُوتَهُ أَصْحَابُهُ فَأَرَى أَنْ يَمْضِيَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي امْرَأَةٍ طَافَتْ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ ثُمَّ حَاضَتْ، أَتَخْرُجُ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَطُوفَ طَوَافَ الْوَدَاعِ؟
قَالَ: نَعَمْ، قُلْت: فَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَطُفْ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ ثُمَّ حَاضَتْ أَتَخْرُجُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ لَا تَخْرُجُ حَتَّى تَطُوفَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: يَحْبِسُ عَلَيْهَا كَرِيُّهَا أَقْصَى مَا كَانَ يُمْسِكُ النِّسَاءُ الدَّمَ، ثُمَّ تَسْتَظْهِرُ بِثَلَاثٍ وَلَا يَحْبِسُ عَلَيْهَا كَرِيُّهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَفِي النُّفَسَاءِ أَيْضًا يَحْبِسُ عَلَيْهَا كَرِيُّهَا أَكْثَرَ مَا يُمْسِكُ النِّسَاءُ دَمَ النِّفَاسِ مِنْ غَيْرِ سَقَمٍ، ثُمَّ لَا يَحْبِسُ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ لَمْ تَطُفْ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَيَكُونُ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ إذَا حَجُّوا طَوَافُ الْوَدَاعِ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا أَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ وَلَا أَرَى عَلَيْهِمْ طَوَافَ الْوَدَاعِ.
قَالَ: وَسَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَفْرُغُ مِنْ حَجِّهِ فَيُرِيدُ الْعُمْرَةَ مَنْ التَّنْعِيمِ أَوْ مِنْ الْجِعْرَانَةِ، أَعَلَيْهِ أَنْ يَطُوفَ طَوَافَ الْوَدَاعِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى ذَلِكَ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ هُوَ خَرَجَ إلَى مِيقَاتٍ مِنْ الْمَوَاقِيتِ مِثْلَ الْجُحْفَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمَوَاقِيتِ لِيَعْتَمِرَ مِنْهَا، فَأَرَى عَلَيْهِ إذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ أَنْ يَطُوفَ طَوَافَ الْوَدَاعِ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: وَكُلُّ مَنْ دَخَلَ مَكَّةَ حَاجًّا يُرِيدُ أَنْ يَسْتَوْطِنَهَا، أَيَكُونُ عَلَيْهِ طَوَافُ الْوَدَاعِ؟
قَالَ: لَا وَهَذَا سَبِيلُهُ سَبِيلُ أَهْلِ مَكَّةَ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت مَنْ حَجَّ مِنْ أَهْلِ مَرِّ الظَّهْرَانِ أَيَكُونُ عَلَيْهِ طَوَافُ الْوَدَاعِ أَمْ لَا إذَا خَرَجَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: أَرَى أَنَّ عَلَيْهِ طَوَافَ الْوَدَاعِ، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِيمَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ إلَى سَفَرٍ مِنْ الْأَسْفَارِ، أَنَّهُ يَطُوفُ طَوَافَ الْوَدَاعِ إذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ.
قَالَ: فَأَرَى هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْمَكِّيِّ إذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ.
قُلْت: وَأَهْلُ عَرَفَاتٍ عِنْدَك بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ نَعَمْ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا وَهُوَ رَأْيِي، وَلَيْسَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ إلَى مَنْزِلِهِ يُرِيدُ الْإِقَامَةَ إنْ كَانَ مَنْزِلُهُ قَرِيبًا بِمَنْزِلَةِ مَنْ خَرَجَ إلَى مَوْضِعٍ قَرِيبٍ ثُمَّ يَعُودُ.
قُلْت: أَرَأَيْت الْعُمْرَةَ هَلْ فِيهَا طَوَافُ الْوَدَاعِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ إذَا أَقَامَ ثُمَّ أَرَادَ الْخُرُوجَ طَافَ طَوَافَ الْوَدَاعِ.
قَالَ: وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَكِّيِّ إذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ إلَى سَفَرٍ مِنْ الْأَسْفَارِ، أَنَّهُ يَطُوفُ طَوَافَ الْوَدَاعِ فَهَذَا مِثْلُهُ، فَإِنْ خَرَجَ مَكَانَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُجْزِئُهُ طَوَافُهُ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ قُلْت: وَكَذَلِكَ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَفَسَخَهُ فِي عُمْرَةٍ أَوْ أَفْسَدَ حَجَّهُ فَكَذَلِكَ أَيْضًا عَلَيْهِمْ طَوَافُ الصَّدْرِ؟
قَالَ: نَعَمْ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمَكِّيِّ إذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ إذَا أَقَامَ هَذَا أَيُفْسِدُ حَجَّهُ بِمَكَّةَ، لِأَنَّ عَمَلَهُ قَدْ صَارَ إلَى عَمَلِ عُمْرَةٍ فَإِنْ خَرَجَ مَكَانَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت مَنْ تَعَدَّى الْمِيقَاتَ فَأَحْرَمَ بَعْدَمَا تَعَدَّى الْمِيقَاتَ ثُمَّ فَاتَهُ الْحَجُّ، أَيَكُونُ عَلَيْهِ لِتَرْكِ الْمِيقَاتِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ الدَّمُ.
قَالَ: لَا أَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ وَلَكِنْ لَا أَرَى عَلَيْهِ الدَّمَ قُلْت: فَإِنْ تَعَدَّى الْمِيقَاتَ ثُمَّ جَامَعَ فَفَسَدَ عَلَيْهِ حَجُّهُ، أَيَكُونُ عَلَيْهِ الدَّمُ لِتَرْكِ الْمِيقَاتِ؟
قَالَ: نَعَمْ، قُلْت: مَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا؟
قَالَ: لِأَنَّ الَّذِي فَاتَهُ الْحَجُّ إنَّمَا أَسْقَطْت عَنْهُ الدَّمَ لِتَرْكِ الْمِيقَاتِ لِأَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَ هَذِهِ الْحَجَّةِ، قُلْت: وَاَلَّذِي جَامَعَ أَيْضًا عَلَيْهِ قَضَاءُ حَجَّتِهِ.
قَالَ: لَا يُشْبِهُ الَّذِي فَاتَهُ الْحَجُّ الَّذِي جَامَعَ فِي تَرْكِهِ الْمِيقَاتَ، لِأَنَّ الَّذِي فَاتَهُ الْحَجُّ كَانَ عَمَلُهُ فِي الْحَجِّ فَلَمَّا فَاتَهُ الْحَجُّ كَانَ عَمَلُهُ عَمَلَ عُمْرَةٍ، فَلَا أَرَى عَلَيْهِ الدَّمَ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ عَلَى الْحَجِّ الَّذِي أَحْرَمَ عَلَيْهِ إنَّمَا كَانَ الدَّمُ وَجَبَ عَلَيْهِ لِتَرْكِ الْمِيقَاتِ، فَلَمَّا حَالَ عَمَلُهُ إلَى عَمَلِ الْعُمْرَةِ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ، وَأَمَّا الَّذِي جَامَعَ فِي حَجِّهِ فَهُوَ عَلَى عَمَلِ الْحَجِّ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ إحْرَامِهِ، فَلِذَلِكَ ثَبَتَ الدَّمُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ إحْرَامِهِ إلَى إحْرَامٍ آخَرَ مِثْلَ الَّذِي فَاتَهُ الْحَجُّ فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت مَنْ قَلَّدَ هَدْيَهُ أَوْ بَدَنَتَهُ ثُمَّ بَاعَهُ؟
قَالَ: مَا سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَلَكِنْ إنْ كَانَ يَعْرِفُ مَوْضِعَهُ رَدَّ وَلَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ فِيهِ، فَإِنْ ذَهَبَ وَلَمْ يَعْرِفْ مَوْضِعَهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَكَانَهُ بَدَنَةً بِثَمَنِهِ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ بِثَمَنِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى ثَمَنِهِ لِأَنَّهُ قَدْ ضَمِنَهُ حَتَّى يَشْتَرِيَ بَدَنَةً، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُنْقِصَ مِنْ ثَمَنِهِ وَإِنْ أَصَابَ بَدَنَةً بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهِ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ دَلَّ عَلَى صَيْدٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ أَوْ أَشَارَ أَوْ أَمَرَ بِقَتْلِهِ، هَلْ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ لِذَلِكَ شَيْءٌ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي أَمَرَهُ بِقَتْلِهِ عَبْدَهُ فَيَكُونُ عَلَيْهِ جَزَاءُ وَاحِدٍ إلَّا أَنَّهُ قَدْ أَسَاءَ، وَعَلَى الَّذِي قَتَلَهُ إنْ كَانَ مُحْرِمًا الْجَزَاءُ وَإِنْ كَانَ حَلَالًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْحَرَمِ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت إنْ أَفْسَدَ الْمُحْرِمُ وَكْرَ الطَّيْرِ أَيَكُونُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَكْرِ فِرَاخٌ أَوْ بَيْضٌ، قُلْت: فَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا، قُلْت: فَإِنْ كَانَ فِي الْوَكْرِ فِرَاخٌ أَوْ بَيْضٌ فَأَفْسَدَ الْوَكْرَ؟
قَالَ: أَرَى عَلَيْهِ فِي الْبَيْضِ مَا يَكُونُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَفِي الْفِرَاخِ، وَذَلِكَ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَمَّا أَفْسَدَ الْوَكْرَ فَقَدْ عَرَّضَ الْفِرَاخَ وَالْبَيْضَ لِلْهَلَاكِ، قُلْت: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت مَنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحَرَمِ فَأَشْلَاهُ رَجُلٌ آخَرُ فَأَخَذَ الصَّيْدَ، أَيَكُونُ عَلَى الْمُشْلِي شَيْءٌ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا أَحْفَظُ عَنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَكِنْ إنْ انْشَلَى الْكَلْبُ فَأَشْلَاهُ الرَّجُلُ الَّذِي أَشْلَاهُ، فَأَرَى عَلَى الَّذِي أَشْلَاهُ الْجَزَاءَ أَيْضًا، قُلْت: فَإِنْ أَرْسَلَ كَلْبًا عَلَى ذِئْبٍ فِي الْحَرَمِ فَأَخَذَ صَيْدًا أَيَكُونُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ غَرَّرَ بِقُرْبِ الْحَرَمِ فَأَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ قُرْبَ الْحَرَمِ فَأَخَذَهُ فِي الْحَرَمِ كَانَ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ.
قَالَ: وَأَرَى مَنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ فِي الْحَرَمِ عَلَى ذِئْبٍ فَأَخَذَ صَيْدًا، فَسَبِيلُهُ مَنْ غَرَّرَ بِقُرْبِ الْحَرَمِ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ مُحْرِمًا أَمْسَكَ صَيْدًا فَقَتَلَهُ حَرَامٌ أَوْ حَلَالٌ أَمْسَكَهُ لَهُ حَتَّى قَتَلَهُ أَوْ أَمْسَكَهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يُمْسِكَهُ لِلْقَتْلِ فَقَتَلَهُ الْقَاتِلُ؟
قَالَ: إنْ أَمْسَكَهُ وَهُوَ لَا يُرِيدُ الْقَتْلَ إنَّمَا يُرِيدُ أَنْ يُرْسِلَهُ فَعَدَا عَلَيْهِ حَرَامٌ فَقَتَلَهُ فَعَلَى الْقَاتِلِ جَزَاؤُهُ، وَإِنْ قَتَلَهُ حَلَالٌ فَعَلَى الَّذِي أَمْسَكَهُ جَزَاؤُهُ لِأَنَّ قَتْلَهُ مِنْ سَبَبِهِ وَإِنْ أَمْسَكَهُ لِأَحَدٍ يُرِيدُ قَتْلَهُ فَقَتَلَهُ فَإِنْ كَانَ الَّذِي قَتَلَهُ حَرَامًا فَعَلَيْهِمَا جَمِيعًا جَزَاءَانِ.
قَالَ: وَإِنْ قَتَلَهُ حَلَالٌ فَعَلَى الْمُحْرِمِ جَزَاؤُهُ، وَلَيْسَ عَلَى الْحَلَالِ جَزَاءٌ وَلْيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ الْعَظِيمَ.