فصل: الْمُقَارَضُ يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِهِ في الْقِرَاضِ حَتَّى يَقْدَمَ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)



.في أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ يُوَلِّي أَوْ يُقِيلُ مِنْ الشَّرِكَةِ:

قُلْت: أَرَأَيْتَ مَا بَاعَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَوْ وَلَّى أَوْ أَقَالَ، أَلَيْسَ ذَلِكَ جَائِزًا عَلَى شَرِيكِهِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إذَا بَاعَ أَحَدُ الشِّرْكَيْنِ جَارِيَةً مَنْ شَرِكَتِهِمَا وَأَقَالَهُ شَرِيكُهُ الْآخَرُ أَتَجُوزُ الْإِقَالَةُ؟
قَالَ: إنْ كَانَ حَابَاهُ في الْإِقَالَةِ، يَعْلَمُ النَّاسُ أَنَّ إقَالَتَهُ مُحَابَاةٌ، لِإِبْضَاعِ ثَمَنِهَا وَكَثْرَةِ مَا بَاعَهَا بِهِ صَاحِبُهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَأَنَّ صَاحِبَهَا الَّذِي اشْتَرَاهَا مَلِيءٌ بِالثَّمَنِ.
فَلَوْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ أَخَذَهُ فَأَقَالَهُ فَهَذَا لَا يَجُوزُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ إلَّا قَدْرَ حِصَّتِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَصْنَعَ الْمَعْرُوفَ في مَالِ شَرِيكِهِ، إلَّا مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ التِّجَارَةَ وَمَا يَجُرُّ بِهِ إلَى التِّجَارَةِ، وَالْمَعْرُوفُ كُلُّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُضِيفَهُ في مَالِ شَرِيكِهِ، وَهُوَ يَجُوزُ عَلَيْهِ هُوَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ حِصَّتِهِ، وَلَوْ كَانَ إنَّمَا أَقَالَهُ لِعَدَمٍ بِهِ خَافَ أَنْ يَذْهَبَ الثَّمَنُ كُلُّهُ فَأَقَالَهُ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لِنَفْسِهِ وَلِشَرِيكِهِ، فَذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى شَرِيكِهِ، لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْمَعْرُوفِ، وَهَذَا شِرَاءٌ حَادِثٌ.
قُلْت: وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: هَذَا رَأْيِي.

.في إقْرَارِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِدَيْنٍ لِذِي قَرَابَتِهِ أَوْ لِغَيْرِهِمْ:

قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَقَرَّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِأَبِيهِ وَلِأُمِّهِ، أَوْ لِوَلَدِهِ أَوْ لِزَوْجَتِهِ، أَوْ لِجَدِّهِ بِدَيْنٍ أَوْ لِجَدَّتِهِ مِنْ شَرِكَتِهِمَا، أَيَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى شَرِيكِهِ أَمْ لَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: أَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ.
قُلْت: وَيَجُوزُ أَنْ يُقِرَّ بِدَيْنٍ مِنْ شَرِكَتِهِمَا لِأَبِيهِ؟
قَالَ: يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدِي، وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يُقِرَّ بِدَيْنٍ مَنْ تِجَارَتِهِمَا لِصَدِيقٍ مُلَاطِفٍ، وَلَا كُلِّ مَنْ يُتَّهَمُ فيهِ.
قُلْت: وَإِنْ أَقَرَّ لِأَجْنَبِيٍّ؟
قَالَ: ذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدِي، عَلَيْهِمَا جَمِيعًا إذَا أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِأَجْنَبِيٍّ مِنْ تِجَارَتِهِمَا.
قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ مُتَفَاوِضَيْنِ في تِجَارَةٍ، أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِدَيْنٍ مِنْ تِجَارَتِهِمَا؟
قَالَ: يَلْزَمُ صَاحِبَهُ إقْرَارُهُ، إذَا كَانَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِالدَّيْنِ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ شَرِيكَيْنِ في دَارٍ أَوْ مَتَاعٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعُرُوضِ، أَقَرَّ أَحَدُهُمَا لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ بِنِصْفِ ذَلِكَ الَّذِي في أَيْدِيهِمَا؟
قَالَ: يَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ مَعَ إقْرَارِ هَذَا الْمُقِرِّ وَيَسْتَحِقُّ حَقَّهُ، لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ، وَلِأَنَّ مَالِكًا قَالَ في أَحَدِ الْوَرَثَةِ إذَا أَقَرَّ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ: إنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يَحْلِفُ مَعَ إقْرَارِ هَذَا وَيَسْتَحِقُّ ذَلِكَ عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ.

.الْقَضَاءُ في أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ يَمُوتُ:

قُلْت: أَرَأَيْتَ إذَا مَاتَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ؟
قَالَ: إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا، لَمْ يَكُنْ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا أَنْ يُحْدِثَ في الْمَالِ الْبَاقِي، وَلَا في السِّلَعِ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا، إلَّا بِرِضَا الْوَرَثَةِ، لِأَنَّ الشَّرِكَةَ حِينَ مَاتَ أَحَدُهُمَا انْقَطَعَتْ فيمَا بَيْنَهُمَا، وَصَارَ نَصِيبُ الْمَيِّتِ لِلْوَرَثَةِ، وَهَذَا رَأْيِي.

.الدَّعْوَى في الشَّرِكَةِ:

قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ شَرِيكَيْنِ اشْتَرَكَا شَرِكَةً صَحِيحَةً، فَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَدْ ابْتَاعَ سِلْعَةً وَضَاعَتْ مِنْهُ وَكَذَّبَهُ شَرِيكُهُ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ في هَذَا شَيْئًا، وَأَرَى أَنْ يُصَدَّقَ في قَوْلِهِ الَّذِي قَالَ: اشْتَرَيْتُ وَضَاعَ مِنِّي، لِأَنَّ الشَّرِكَةَ إنَّمَا وَقَعَتْ بَيْنَهُمَا، عَلَى أَنْ يَأْتَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ مُتَفَاوِضَيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا، فَقَالَ الْبَاقِي مِنْهُمَا: قَدْ رَهَنَّا مَتَاعًا كَذَا وَكَذَا، وَهُوَ مَنْ شَرِكَتِنَا عِنْدَ فُلَانٍ، فَقَالَتْ وَرَثَةُ الْهَالِكِ: لَمْ تَرْهَنَاهُ وَلَكِنَّك أَعْطَيْته هَذَا الْمَتَاعَ بَعْدَ مَوْتِ صَاحِبِنَا؟
قَالَ: أَرَى أَنْ يَكُونَ لِلَّذِي في يَدَيْهِ الْمَتَاعُ، حِصَّةُ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ أَنَّهُ رَهَنَ وَهُوَ الْحَيُّ مِنْهُمَا، وَيُقَالُ لِلَّذِي في يَدَيْهِ الْمَتَاعُ الرَّهْنُ: احْلِفْ لِأَنَّ لَكَ شَهَادَةَ هَذَا، وَاسْتَحِقَّ النِّصْفَ الَّذِي لِلْمَيِّتِ أَنَّهُ رَهَنَ في يَدِكَ، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ في رَجُلٍ هَلَكَ وَتَرَكَ أَوْلَادًا، فَأَقَرَّ بَعْضُ وَلَدِهِ بِدَيْنٍ عَلَى أَبِيهِ وَأَنْكَرَ الْبَقِيَّةُ.
قَالَ: إنْ أَحَبَّ صَاحِبُ الدَّيْنِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ، لِأَنَّهُ شَاهِدٌ حَلَفَ وَاسْتَحَقَّ دَيْنَهُ كُلَّهُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ كُلِّهِ، وَإِنْ أَبَى أَخَذَ حِصَّتَهُ مِنْ نَصِيبِ الْمُقَرِّ لَهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ دَيْنَهُ كُلَّهُ مِنْ حِصَّةِ هَذَا الشَّاهِدِ وَحْدَهُ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ شَرِيكَيْنِ مُتَفَاوِضَيْنِ، جَحَدَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا لَهُ، وَأَقَامَ الْآخَرُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ.
فَتَلِفَ الْمَالُ الَّذِي في يَدِ الْجَاحِدِ، أَيَضْمَنُ حِصَّةَ صَاحِبِهِ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا؟
قَالَ: هُوَ ضَامِنٌ لِذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَمَّا جَحَدَ كَانَ مَانِعًا لِحِصَّةِ صَاحِبِهِ مِنْ ذَلِكَ، فَلَا يَبْرَأُ مِنْ حِصَّةِ صَاحِبِهِ حَتَّى يَدْفَعَ ذَلِكَ إلَيْهِ.
قَالَ: فَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ، لِأَنَّهُ لَمَّا جَحَدَهُ صَارَ مَانِعًا مُتَعَدِّيًا.
قلت: أَرَأَيْتَ الشَّرِيكَ إذَا مَاتَ فَأَقَامَ صَاحِبُهُ الْبَيِّنَةَ، أَنَّ مِائَةَ دِينَارٍ مَنْ الشَّرِكَةِ كَانَتْ عِنْدَهُ، فَلَمْ يَجِدُوهَا وَلَمْ يَعْلَمُوا لَهَا مَسْقَطًا؟
قَالَ: أَرَى إنْ كَانَ مَوْتُهُ قَرِيبًا مِنْ أَخْذِهَا فيمَا يُظَنُّ أَنَّ مِثْلَهُ لَمْ يَشْغَلْهَا في تِجَارَةٍ، فَأَرَى ذَلِكَ في حِصَّتِهِ في مَالِهِ، وَأَمَّا مَا تَطَاوَلَ مِنْ ذَلِكَ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقْتَضِي عَلَى صَاحِبِهِ، وَيَشْتَرِي عَلَيْهِ وَيَقْضِي عَنْهُ، فَلَا شَيْءَ لَهُ في مِثْلِ هَذَا.
أَرَأَيْتَ لَوْ أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَدْ قَبَضَ مَالًا مُنْذُ سَنَةٍ، وَهُمَا يَبِيعَانِ وَيَشْتَرِيَانِ، أَكَانَ يَكُونُ ذَلِكَ في مَالِهِ؟ أَيْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كِتَابُ الْقِرَاضِ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

.(كتاب القراض):

.الْقِرَاضُ بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَالْفُلُوسِ:

قَالَ سَحْنُونٌ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَصْلُحُ الْمُقَارَضَةُ إلَّا بِالدَّنَانِيرِ، وَالدَّرَاهِمِ.
قُلْت: فَهَلْ تَصْلُحُ بِالْفُلُوسِ؟
قَالَ: مَا سَمِعْتُ فيهِ شَيْئًا، وَلَا أَرَاهُ جَائِزًا، لِأَنَّهَا تُحَوِّلُ إلَى الْكَسَادِ وَالْفَسَادِ، فَلَا تُنْفَقُ.
وَلَيْسَتْ الْفُلُوسُ عِنْدَ مَالِكٍ بِالسِّكَّةِ الْبَيِّنَةِ، حَتَّى تَكُونَ عَيْنًا بِمَنْزِلَةِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ.
وَقَدْ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ خَالِدٍ أَنَّ مَالِكًا كَانَ يُجِيزُ شِرَاءَهَا بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ نَظِرَةً، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ مُنْذُ أَدْرَكْتُهُ، فَقَالَ: أَكْرَهُهُ وَلَا أَرَاهُ حَرَامًا، كَتَحْرِيمِ الدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ.
فَمِنْ هَاهُنَا كَرِهْتُ الْقِرَاضَ بِالْفُلُوسِ.
وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، أَنْ يُونُسَ بْنَ يَزِيدَ أَخْبَرَهُ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ: الْمُقَارَضَةُ الَّتِي عَلَيْهَا أَصْلُ الْمُقَارَضَةِ: أَنْ تُقَارِضَ مَنْ قَارَضْتَهُ مَالًا، عَلَى أَنَّ رَأْسَ مَالِكَ الَّذِي يُدْفَعُ إلَيْنَا عَيْنًا مَا دَفَعْتَ إلَيْهِ مِنْ وَزْنِ ذَلِكَ وَضَرْبِهِ، يَبْتَغِي فيهِ صَاحِبُهُ مَا ابْتَغَى، فيدِيرُ مَا أَدَارَ مِنْهُ عَلَى مَا يَكُونُ فيهِ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ زَكَاةٍ، حَتَّى إذَا حَضَرَتْ الْمُحَاسَبَةُ وَنَضَّ الْقِرَاضُ، فَمَا وَجَدْتَ بِيَدِهِ أَخَذْتَ مِنْهُ رَأْسَ مَالِكَ، وَمَا كَانَ فيهِ مِنْ رِبْحٍ تَقَاسَمْتُمَاهُ عَلَى مَا تَقَارَضْتُمَاهُ عَلَيْهِ مِنْ أَجْزَاءِ الرِّبْحِ، شَطْرَيْنِ كَانَ أَوْ غَيْرَهُ لَا يَحِلُّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَضْمَنَ لِصَاحِبِهِ رِبْحًا يَأْتِيهِ بِهِ، وَلَا يَحِلُّ قِرَاضٌ عَلَى الضَّمَانِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ: الْقِرَاضُ لَا يَكُونُ لَا في الْعَيْنِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَعَنْ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُمَا قَالَا: لَا تَكُونُ مُقَارَضَةٌ إلَّا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ قَالَ وَكِيعٌ عَنْ سُفيانَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَرِهَ الْبَزَّ مُضَارَبَةً.

.الْمُقَارَضَةُ بِنَقْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ:

قُلْت: أَرَأَيْتَ النَّقْرَ الْفِضَّةَ وَالذَّهَبَ أَيَجُوزُ الْقِرَاضُ بِهَا؟
قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْهَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، أَخْبَرَنَا أَنَّ مَالِكًا سَهَّلَ فيهَا، وَكَانَ اللَّيْثُ يَقُولُ: لَا يَجُوزُ الْقِرَاضُ بِهَا وَكَانَ يَكْرَهَهُ كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً وَيَقُولُ: لَا يَجُوزُ الْقِرَاضُ إلَّا بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ، فَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لِي مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ الْقِرَاضُ بِنَقْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.

.الْمُقَارَضَةُ بِالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ:

قُلْت: أَرَأَيْتَ الْقِرَاضَ بِالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ، أَيَجُوزُ في قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ جَهِلَا فَأَخَذَا حِنْطَةً قَرْضًا فَبَاعَهَا وَعَمِلَ فَرَبِحَ قَالَ: يُعْطَى أَجْرَ مِثْلِهِ في بَيْعِهِ الْحِنْطَةَ، وَيُرَدُّ إلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ يَوْمَ يَنُضُّ الْمَالُ فيمَا عَمِلَ بَعْدَ ذَلِكَ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ شَرَطَ لَهُ نِصْفَ الرِّبْحِ قَالَ: لَا يُنْظَرُ إلَى ذَلِكَ، وَلَكِنْ يُرَدُّ إلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ.
قُلْت: لِمَ؟
قَالَ: لِأَنَّ أَصْلَهُ كَانَ فَاسِدًا.
قُلْت: أَرَأَيْتَ الْقِرَاضَ بِمَا يُوزَنُ وَيُكَالُ، لِمَ كَرِهْتَ ذَلِكَ؟
قَالَ: لِأَنَّهُ خَطَرٌ يَأْخُذُ الْحِنْطَةَ أَوْ الشَّعِيرَ، وَقِيمَتُهُ يَوْمَ أَخَذَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ، فيعْمَلُ بِهِ فَتَصِيرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ يَرُدَّهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فيغْتَرِقُ رِبْحُهُ أَوْ تَكُونُ قِيمَتُهَا حِينَ يَرُدَّهَا خَمْسِينَ دِرْهَمًا فيكُونُ قَدْ رَبِحَ فيهَا.
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ نَافِعٍ وَأَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ: الْقِرَاضُ لَا يَكُونُ إلَّا في الْعَيْنِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُقَارِضَ أَحَدًا مَالًا عَلَى كَذَا وَكَذَا مِنْ الرِّبْحِ، وَزِيَادَةِ كَذَا وَكَذَا مِنْ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، أَوْ بِشَيْءٍ مُسَمًّى، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الزِّيَادَاتِ قَالَ: عَبْدُ الْعَزِيزِ: وَلَا تَشْتَرِطْ أَيُّهَا الْمُقَارِضُ الَّذِي لَكَ الْمَالُ، أَنَّك تُعِينُهُ بِنَفْسِكَ، وَلَا تَبِعْ مَعَهُ وَلَا تَبْتَعْ مِنْهُ وَلَا تُعِينُهُ بِغُلَامٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الدَّرَاهِمِ تُزِيدُهُ إيَّاهَا مَعَ مَا سَمَّى لَكَ مِنْ الرِّبْحِ، وَلَا تَخْلِطَنَّ مَالَ الْقِرَاضِ بِغَيْرِهِ.
وَلَيْسَ الْقِرَاضُ بِأَنْ تَدْفَعَ إلَى صَاحِبِكَ سِلْعَةً أَوْ غَيْرَهَا مَا كَانَتْ، ثُمَّ تُسَمِّي لَهُ مَا قَامَ بِهِ عَلَيْكَ، وَتَقُولُ مَا كَانَ فيهِ مِنْ رِبْحٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ.
وَلَيْسَ هَذَا الْقِرَاضَ، وَلَكِنَّ هَذَا بَابٌ مِنْ الْإِجَارَةِ لَا يَصْلُحُ.
قَالَ: وَتَفْسِيرُهُ: أَنَّكَ كَأَنَّكَ اسْتَأْجَرْتَهُ يَبِيعَ لَكَ سِلْعَتَكَ، وَلَهُ نِصْفُ مَا كَانَ فيهَا مِنْ الرِّبْحِ، فَإِنْ لَمْ يَرْبَحْ ذَهَبَ عَمَلُهُ بَاطِلًا، وَمَوْضِعُ الْحَقِّ مِنْ ذَلِكَ، إذَا كَانَ يَحْسِبُ لَهُ مَنْ يُبْصِرُ لَهُ ذَلِكَ أَجَرَهُ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ، وَيَكُونُ مَا كَانَ في سِلْعَتِكَ مِنْ رِبْحٍ أَوْ نُقْصَانٍ لَكَ وَعَلَيْكَ.

.الْقِرَاضُ الْوَدِيعَةِ وَالدَّيْنِ:

قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لِي عِنْدَ رَجُلٍ وَدِيعَةٌ، فَقُلْت لَهُ: اعْمَلْ بِهَا قِرَاضًا عَلَى النِّصْفِ، أَيَجُوزُ هَذَا؟
قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ، في الْمَالِ إذَا كَانَ دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ، فَقَالَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ: اعْمَلْ بِالدَّيْنِ الَّذِي لِي عَلَيْكَ قِرَاضًا.
قَالَ: لَا يَجُوزُ هَذَا، إلَّا أَنْ يَقْبِضَ دَيْنَهُ ثُمَّ يُعْطِيَهُ بَعْدَ مَا يُقْبِضُهُ، فَأَرَى الْوَدِيعَةَ مِثْلَ هَذَا، لِأَنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَنْفَقَ الْوَدِيعَةَ فَصَارَتْ عَلَيْهِ دَيْنًا.
قُلْت لَهُ: فَإِنْ قُلْت لَهُ: اقْتَضِ دَيْنِي الَّذِي لِي عَلَى فُلَانٍ وَاعْمَلْ بِهِ قِرَاضًا؟
قَالَ: لَا يَجُوزُ هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ.
قُلْت: فَإِنْ اقْتَضَاهُ وَعَمِلَ عَلَى هَذَا فَرَبِحَ أَوْ وَضَعَ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا، وَأَرَى أَنْ يُعْطِيَهُ أَجْرَ مِثْلِهِ في تَقَاضِيهِ وَيَرُدَّ إلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ دَيْنًا لِي عَلَى رَجُلٍ، أَمَرْتُهُ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ قِرَاضًا، أَيَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ.
قُلْت: لِمَ؟
قَالَ: خَوْفًا أَنْ يَكُونَ إنَّمَا اعْتَزَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ بِالدَّيْنِ وَيَزِيدَهُ في دَيْنِهِ.

.الْمُقَارِضِ يَدْفَعُ الدَّرَاهِمَ إلَى الْعَامِلِ وَيَقُولُ لَهُ اصْرِفْهَا دَنَانِيرَ وَاعْمَلْ بِهَا قِرَاضًا:

قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ، فَقَالَ اصْرِفْهَا دَنَانِيرَ وَاعْمَلْ بِهَا قِرَاضًا؟
قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي هَذَا، لِأَنَّ في هَذَا مَنْفَعَةً لِرَبِّ الْمَالِ، وَهِيَ مِثْلُ الْأُولَى الَّتِي فَوْقَهَا فيمَا وَصَفْتُ لَكَ مِنْ الْعَمَلِ فيهِ إذَا وَقَعَ وَعَمِلَ بِهِ.

.الْمُقَارَضِ يُدْفَعُ إلَيْهِ الْمَالُ يَشْتَرِي بِهِ جُلُودًا فيعْمَلُهَا خِفَافًا بِيَدِهِ يَبِيعُهَا عَلَى النِّصْفِ:

قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعْت إلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا، عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ جُلُودًا، فيعْمَلَهَا بِيَدِهِ خِفَافًا أَوْ نِعَالًا أَوْ سِفْرًا ثُمَّ يَبِيعَهَا، فَمَا رَزَقَ اللَّهُ فيهَا فَهُوَ بَيْنَنَا نِصْفينِ؟
قَالَ: لَا خَيْرَ في هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: في رَجُلٍ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مَالًا، وَالْمَدْفُوعُ إلَيْهِ صَائِغٌ عَلَى أَنْ يَصُوغَ وَيَعْمَلَ، فَمَا رَبِحَ في الْمَالِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَاشْتَرَطَ صِيَاغَةَ يَدِهِ في الْمَالِ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا خَيْرَ فيهِ.
قَالَ: فَإِنْ عَمِلَ رَأَيْتُهُ أَجِيرًا، وَمَا كَانَ في الْمَالِ مِنْ رِبْحٍ أَوْ وَضِيعَةٍ فَلِصَاحِبِ الْمَالِ.
قَالَ سَحْنُونُ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ: سَأَلْتُ الْقَاسِمَ وَسَالِمًا عَنْ الْمُقَارَضَةِ وَالْبِضَاعَةِ، يَكُونُ ذَلِكَ بِشَرْطٍ.
فَقَالَ: لَا يَصْلُحُ مِنْ أَجْلِ الشَّرْطِ الَّذِي كَانَ فيهِ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ أَنَّهُ قَالَ؛ لَا يَصْلُحُ أَنْ تَدْفَعَ إلَى رَجُلٍ مَالًا مُضَارَبَةً، وَتَشْتَرِطَ مِنْ الرِّبْحِ حَاصِلَةً لَكَ دُونَهُ وَلَوْ كَانَ دِرْهَمًا وَاحِدًا، وَلَكِنْ تَشْتَرِطُ نِصْفَ الرِّبْحِ لَكَ، وَنِصْفُهُ لَهُ، أَوْ ثُلُثَهُ لَكَ وَثُلُثَاهُ لَهُ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَقَلَّ مَا دَامَ لَهُ في كُلِّ شَيْءٍ مِنْهُ شِرْكٌ قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ، فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَلَالٌ، وَهُوَ قِرَاضُ الْمُسْلِمِينَ.
قَالَ سَحْنُونُ: فَكَيْفَ بِمَنْ شَرَطَ عَمَلَ الْعَامِلِ بِيَدِهِ؟ فَذَلِكَ أَعْظَمُ لِلزِّيَادَةِ، وَأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ قِرَاضِ الْمُسْلِمِينَ.

.في الْمُقَارَضَةِ عَلَى الْأَجْزَاءِ:

قُلْت: أَرَأَيْتَ الْمُقَارَضَةَ عَلَى النِّصْفِ أَوْ الْخُمْسِ أَوْ السُّدُسِ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ قَالَ: فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَعْطَيْته مَالًا قِرَاضًا عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِلْعَامِلِ كُلَّهُ؟
قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يُعْطِي الرَّجُلَ الْمَالَ، يَعْمَلُ بِهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِلْعَامِلِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْعَامِلِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: قَدْ أَحْسَنَ وَلَا بَأْسَ بِهِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ، في الرَّجُلِ يُعْطِي الرَّجُلَ النَّخْلَ مُسَاقَاةً، عَلَى أَنَّ جَمِيعَ الثَّمَرَةِ لِلْعَامِلِ.
قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعْت إلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا، وَلَمْ أُسَمِّ لَهُ ثُلُثًا وَلَا رُبْعًا وَلَا نِصْفًا، وَلَا أَكْثَرَ مَنْ أَنْ قُلْت لَهُ: خُذْ هَذَا الْمَالَ قِرَاضًا فَعَمِلَ فَرَبِحَ وَتَصَادَقَ رَبُّ الْمَالِ وَالْعَامِلُ عَلَى ذَلِكَ؟
قَالَ: يَرُدُّ إلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ.
قُلْت: فَإِنْ دَفَعْت إلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا عَلَى النِّصْفِ، فَلَقِيتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقُلْت لَهُ: اجْعَلْهُ عَلَى الثُّلُثَيْنِ لِي وَالثُّلُثُ لَكَ، أَوْ الثُّلُثَانِ لِلْعَامِلِ وَلِرَبِّ الْمَالِ الثُّلُثُ، وَقَدْ عَمِلَ بِالْمَالِ فَفَعَلَ؟
قَالَ: لَا أَرَى بِهِ بَأْسًا وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ.

.(في الْمُقَارِضِ يَدْفَعُ إلَى الرَّجُلَيْنِ الْمَالَ قِرَاضًا):

في الْمُقَارِضِ يَدْفَعُ إلَى الرَّجُلَيْنِ الْمَالَ قِرَاضًا عَلَى أَنَّ النِّصْفَ لِلْمُقَارِضِ وَالثُّلُثَ لِلْآخَرِ وَالسُّدُسَ لِلْآخَرِ:
قُلْت: فَإِنْ دَفَعْت إلَى رَجُلَيْنِ مَالًا قِرَاضًا، عَلَى أَنَّ نِصْفَ الرِّبْحِ لِي وَثُلُثَ الرِّبْحِ لِأَحَدِهِمَا، وَسُدُسَ الرِّبْحِ لِلْآخَرِ؟
قَالَ: لَا يَجُوزُ هَذَا، لِأَنَّ الْعَامِلَيْنِ في الْمَالِ لَوْ اشْتَرَكَا عَلَى مِثْلِ هَذَا لَمْ يَجُزْ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ مِنْ هَذَا، إذَا عَمِلَ الْعَامِلَانِ عَلَى مِثْلِ مَا يَجُوزُ في الشَّرِكَةِ بَيْنَهُمَا.
أَلَا تَرَى أَنَّ أَحَدَهُمَا يَأْخُذُ بَعْضَ رِبْحِ صَاحِبِهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ؟
قُلْت: أَوْ لَيْسَ قَدْ يَجُوزُ لِصَاحِبِ الْمَالِ، أَنْ يَدْفَعَ الْمَالَ قِرَاضًا عَلَى النِّصْفِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْت: فَلِمَ لَا يَجُوزُ لِهَذَيْنِ الْعَامِلَيْنِ، وَلِمَ لَا تَجْعَلْهُمَا كَأَنَّ رَبَّ الْمَالِ جَعَلَ لِأَحَدِهِمَا السُّدُسَ وَلِلْآخَرِ السُّدُسَ وَزَادَ أَحَدَهُمَا السُّدُسَ؟
قَالَ: لَيْسَ هَذَا هَكَذَا، وَلَكِنَّ هَذَا كَأَنَّ رَبَّ الْمَالِ قَالَ لِلْعَامِلِ الَّذِي عَمِلَ بِالثُّلُثِ: اعْمَلْ مَعَ هَذَا عَلَى أَنَّ لَكَ رِبْحَ بَعْضِ عَمَلِ هَذَا.

.في الْمُتَقَارِضَيْنِ يَخْتَلِفَانِ في أَجْزَاءِ الرِّبْحِ:

قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعْت إلَيْهِ الْمَالَ قِرَاضًا عَلَى الثُّلُثَيْنِ، وَلَمْ أُبَيِّنْ لِمَنْ الثُّلُثَانِ أَلِرَبِّ الْمَالِ أَوْ لِلْعَامِلِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ، في الْعَامِلِ وَرَبِّ الْمَالِ إذَا اخْتَلَفَا، فَقَالَ: رَبُّ الْمَالِ إنَّمَا عَمِلْتُ عَلَى أَنَّ الثُّلُثَ لَكَ، وَقَالَ الْعَامِلُ: بَلْ عَمِلْتُ عَلَى أَنَّ لِرَبِّ الْمَالِ الثُّلُثَ وَالثُّلُثَيْنِ لِي قَالَ: الْقَوْلُ مَا قَالَ الْعَامِلُ، إذَا كَانَ يُشْبِهُ قِرَاضَ مِثْلِهِ.
فَأَرَى أَنَّ مَسْأَلَتَكَ، الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ: أَنَّ الثُّلُثَيْنِ لَهُ وَالثُّلُثُ لِرَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَامِلِ، إذَا كَانَ يُشْبِهُ عَمَلَ مِثْلِهِ وَإِلَّا رُدَّ إلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ.
قَالَ: وَأَرَى الْمُسَاقَاةَ في هَذَا مِثْلَ الْقِرَاضِ، وَمَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ شَيْئًا في الْمُسَاقَاةِ.
قلت: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعْتُ إلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا، فَاخْتَلَفْنَا، فَقُلْت: إنَّمَا دَفَعْت إلَيْك الْمَالَ، عَلَى أَنَّ الثُّلُثَ لَكَ، وَقَالَ الْعَامِلُ: بَلْ دَفَعْت إلَيَّ عَلَى أَنَّ الثُّلُثَيْنِ لِي، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُعْمَلَ في الْمَالِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَتَرَادَّانِ إلَّا أَنْ يَرْضَى أَنْ يَعْمَلَ عَلَى مَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ.
قُلْت: لِمَ قَالَ مَالِكٌ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ إذَا اخْتَلَفَ الْعَامِلُ وَرَبُّ الْمَالِ في الرِّبْحِ؟
قَالَ: لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ دَفَعَ إلَى خَيَّاطٍ ثَوْبًا فَاخْتَلَفَا في أُجْرَةِ الْخِيَاطَةِ قَالَ الْخَيَّاطُ: إجَارَتِي دِرْهَمَانِ، وَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ: إجَارَتُك دِرْهَمٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ فَكَذَلِكَ الْمُقَارِضُ، الْقَوْلُ قَوْلُهُ إذَا أَتَى بِأَمْرٍ يُشْبِهُ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي دَفَعْت إلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا، فَادَّعَيْتُ أَنِّي دَفَعْت الْمَالَ إلَيْهِ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ، عَلَى أَنَّ ثُلُثَ الرِّبْحِ لِلْعَامِلِ، وَقَالَ الْعَامِلُ: بَلْ دَفَعْت إلَيَّ الْمَالَ عَلَى النِّصْفِ؟
قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ إذَا أَتَى بِأَمْرٍ يُشْبِهُ، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: إذَا اخْتَلَفَا في الرِّبْحِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ إذَا أَتَى بِأَمْرٍ يُشْبِهُ، فَهَذَا مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ في الْحَلَالِ، فَكَيْفَ إنْ قُلْت في الْحَرَامِ؟ فَذَلِكَ أَحْرَى أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَامِلِ إذَا أَتَى بِأَمْرٍ يُشْبِهُ فَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ هُوَ الَّذِي ادَّعَى الثُّلُثَ وَمِائَةَ دِرْهَمٍ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ رَبُّ الْمَالِ وَقَالَ: بَلْ قَارَضْتُكَ عَلَى النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْحَلَالِ مِنْهُمَا إذَا أَتَى بِأَمْرٍ يُشْبِهُ.

.في الْمُقَارِضَيْنِ يَشْتَرِطَانِ عِنْدَ مُعَامَلَتِهِمَا ثُلُثَ الرِّبْحِ لِلْمَسَاكِينِ:

قُلْت: أَرَأَيْتَ الْمُقَارِضَيْنِ يَشْتَرِطَانِ عِنْدَ مُعَامَلَتِهِمَا ثُلُثَ الرِّبْحِ لِلْمَسَاكِينِ أَيَجُوزُ ذَلِكَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْت: فَهَلْ يَرْجِعَانِ فيمَا جَعَلَا مِنْ ذَلِكَ؟
قَالَ: لَا، وَلَيْسَ يُقْضَى بِذَلِكَ عَلَيْهِمَا، وَلَا أُحِبُّ لَهُمَا فيمَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ اللَّهِ أَنْ يَرْجِعَا فيمَا جَعَلَا.

.في الْمُقَارِضِ يَكُونُ لَهُ شِرْكٌ في الْمَالِ:

قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لَهُ: اعْمَلْ، عَلَى أَنَّ لَكَ شِرْكًا في الْمَالِ أَيُرَدُّ إلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ؟
قَالَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَخَذَ مَالًا قِرَاضًا، وَلَمْ يُسَمِّ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ، وَلَا مَالِ رَبِّ الْمَالِ فَعَمِلَ، فَهَؤُلَاءِ يُرَدُّونَ إلَى قِرَاضِ مِثْلِهِمْ.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَالَ غَيْرُهُ: إذَا قَالَ لَكَ شِرْكٌ في الْمَالِ وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا وَتَصَادَقَا فَذَلِكَ النِّصْفُ.

.في أَكْلِ الْعَامِلِ مَنْ الْقِرَاضِ:

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنَّمَا يَأْكُلُ الْعَامِلُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ، إذَا شَخَصَ في الْمَالِ مِنْ بَلَدِهِ، وَلَيْسَ حِينَ يَشْتَرِي وَيَتَجَهَّرُ في بَلَدِهِ، وَلَكِنْ حِينَ يَخْرُجُ إذَا تَوَجَّهَ وَقَالَ: لِلْعَامِلِ إذَا سَافَرَ النَّفَقَةُ ذَاهِبًا وَرَاجِعًا وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِ شَيْئًا عِنْدَ مَالِكٍ، وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ مَا بَقِيَ بَعْدَ النَّفَقَةِ إلَى صَاحِبِهِ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ سَافَرَ سَفَرًا قَرِيبًا، أَيَأْكُلُ مَنْ مَالِ الْقِرَاضِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ، يَأْكُلُ مِنْهُ ذَاهِبًا وَرَاجِعًا.
فَإِذَا رَجَعَ إلَى مِصْرِهِ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ شَيْئًا، وَلَمْ يَكْتَسِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ إذَا كَانَ سَفَرًا قَرِيبًا، إلَّا أَنْ يَكُونَ مُقِيمًا بِمَوْضِعِ إقَامَةٍ يَحْتَاجُ فيهِ إلَى الْكِسْوَةِ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعْت إلَى رَجُلٍ غَرِيبٍ قَدِمَ الْفُسْطَاطَ مَالًا قِرَاضًا، عَلَى أَنْ يَتَّجِرَ بِهِ بِالْفُسْطَاطِ يُقِيمُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ غَرِيبٌ، وَبِالْفُسْطَاطِ أَعْطَيْته الْمَالَ، إلَّا أَنَّهُ غَرِيبٌ، أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ مِنْهُ؟
قَالَ: لَا أَحْفَظُ قَوْلَ مَالِكٍ في هَذَا، وَإِنَّمَا قَالَ الَّذِي قَالَ مَالِكٌ، لَا يُنْفِقُ في الْمَالِ حَتَّى يَطْعَنَ مَنْ هُوَ في أَهْلِهِ مِنْ الْفُسْطَاطِ، أَوْ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْفُسْطَاطِ، وَلَيْسَ لَهُ بِهَا أَهْلٌ فَأَمَّا الْغُرَبَاءُ الَّذِينَ احْتَبَسُوا عَلَى الْعَمَلِ بِمَالِ هَذَا الرَّجُلِ، فَإِنِّي أَرَى أَنْ يُنْفِقُوا، إلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ يَسْكُنُ الْبَلَدَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهَا أَهْلٌ، أَوْ قَدِمَ يَسْكُنُ فَلَا أَرَى لَهُ نَفَقَةً.
قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا ظَعَنَ إلَى الْمَدِينَةِ في مَالِ قِرَاضٍ أَخَذَهُ لِيَتَّجِرَ بِهِ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ تَزَوَّجَ بِهَا وَأَوْطَنَ بِهَا، أَتَكُونُ نَفَقَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ حِينَ أَوْطَنَهَا؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَخَذْت مَالًا قِرَاضًا بِالْفُسْطَاطِ، وَلِي أَهْلٌ بِالْمَدِينَةِ وَأَهْلٌ بِالْفُسْطَاطِ، فَكُنْتُ أَتَّجِرُ فيمَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَالْفُسْطَاطِ؟
قَالَ: قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ: مَنْ أَخَذَ مَالًا قِرَاضًا في بَلَدٍ لَيْسَ فيهِ أَهْلُهُ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى الْبَلَدِ الَّذِي فيهِ أَهْلُهُ فَتَجَرَ هُنَاكَ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فَلَا نَفَقَةَ لَهُ في ذَهَابِهِ إلَى أَهْلِهِ، وَلَكِنْ لَهُ النَّفَقَةُ في رُجُوعِهِ.
وَأَرَى في مَسْأَلَتِكَ أَنْ لَا يَكُونَ لِهَذَا نَفَقَةٌ، لَا في ذَهَابِهِ وَلَا في رُجُوعِهِ؛ لِأَنَّهُ ذَهَبَ إلَى أَهْلِهِ وَرَجَعَ إلَى أَهْلِهِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ، أَنَّهُ سَأَلَ الْقَاسِمَ وَسَالِمًا عَنْ الْمُقَارَضِ، أَيَأْكُلُ مِنْ الْقِرَاضِ وَيَرْكَبُ أَوْ مِنْ مَالِهِ؟ فَقَالَا: يَأْكُلُ وَيَكْتَسِي وَيَرْكَبُ مِنْ الْقِرَاضِ، إذَا كَانَ ذَلِكَ في سَبَبِ الْقِرَاضِ، وَفيمَا يَنْبَغِي لَهُ بِالْمَعْرُوفِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ: ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَالُ يَحْمِلُ ذَلِكَ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ بَعْدَ الزَّكَاةِ وَالنَّفَقَةِ.
وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَوْلَا أَنَّ الْمُقَارَضَ يَأْكُلُ مِنْ الْمَالَ وَيَكْتَسِي، لَمْ يَحِلَّ لَهُ الْقِرَاضُ.
وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا، فَإِنَّمَا يَكُونُ طَعَامُ الْعَامِلِ وَكِسْوَتُهُ وَنَفَقَتُهُ مِنْ الْمَالِ في غَيْرِ سَرَفٍ، إذَا كَانَ الْمَالُ يَحْمِلُ ذَلِكَ، وَلَا يُحْسَبُ ذَلِكَ في رِبْحِ الْعَامِلِ، وَلَكِنْ بَلَغَنِي، وَقَالَ اللَّيْثُ مِثْلَهُ.
إذَا سَافَرَ الرَّجُلُ في الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا بِالْبَلَدِ يَشْتَرِي وَيَبِيع، فَلَا يُسْتَنْفَقُ إلَّا أَنْ يَشْتَغِلَ في السُّوقِ يَشْتَرِي وَيَبِيع، يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْقَلِبَ إلَى أَهْلِهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَغَدَّى بِالْأَفْلُسِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي بِشْرٌ وَمَسْلَمَةُ أَنَّهُمَا سَمِعَا الْأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ: سَأَلْتُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ الرَّجُلِ يَأْخُذُ الْمَالَ مُضَارَبَةً، مَا يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ؟
قَالَ: مِثْلُ الَّذِي يَأْكُلُ في أَهْلِهِ في غَيْرِ إسْرَافٍ، وَلَا يَضُرُّ بِنَفْسِهِ، وَلَا يُهْدِي مِنْهُ هَدِيَّةً، وَلَا يَصْنَعُ مِنْهُ طَعَامًا يَدْعُو عَلَيْهِ.

.في الْمُقَارَضِ يَسْتَأْجِرُ الْأُجَرَاءَ وَالْبُيُوتَ مِنْ الْقِرَاضِ:

قُلْت: أَرَأَيْتَ الْمُقَارَضَ، أَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأُجَرَاءَ يَعْمَلُونَ مَعَهُ في الْمُقَارَضَةِ، وَيَسْتَأْجِرَ الْبُيُوتَ لِيَجْعَلَ فيهَا مَتَاعَ الْمُقَارَضَةِ، وَيَسْتَأْجِرَ الدَّوَابَّ يَحْمِلُ عَلَيْهَا مَتَاعَ الْقِرَاضِ؟
قَالَ: نَعَمْ، عِنْدَ مَالِكٍ هَذَا جَائِزٌ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا يَخْدِمَهُ في سَفَرِهِ، أَتَكُونُ إجَارَةُ الْأَجِيرِ مَنْ الْقِرَاضِ؟
قَالَ: إذَا كَانَ مِثْلَهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ، وَالْمَالُ يَحْمِلُ ذَلِكَ، فَذَلِكَ لَهُ.
وَقَالَ لِي مَالِكٌ: وَجْهُ الْقِرَاضِ الْمَعْرُوفِ الْجَائِزِ بَيْنَ النَّاسِ: أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ الْمَالَ مِنْ صَاحِبِهِ، عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فيهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فيهِ، وَنَفَقَةُ الْعَامِلِ في الْمَالِ، وَطَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ في سَفَرِهِ، وَمَا يُصْلِحُهُ بِالْمَعْرُوفِ، بِقَدْرِ الْمَالِ إذَا شَخَصَ في الْمَالِ وَكَانَ الْمَالُ يَحْمِلُ ذَلِكَ.
فَإِنْ كَانَ مُقِيمًا في أَهْلِهِ، فَلَا نَفَقَةَ لَهُ مِنْ الْمَالِ وَلَا كِسْوَةَ، وَأَنَّ لِلْعَامِلِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مِنْ الْمَالِ إذَا كَانَ كَثِيرًا لَا يَقْوَى عَلَيْهِ بَعْضَ مَنْ يَكْفيهِ بَعْضَ مُؤْنَتِهِ، وَمِنْ الْأَعْمَالِ أَعْمَالٌ لَا يَعْلَمُهَا الَّذِي يَأْخُذُ الْمَالَ، وَلَيْسَ مِثْلُهُ يَعْمَلهَا، فَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مِنْ الْمَالِ إذَا كَانَ كَثِيرًا لَا يَقْوَى عَلَيْهِ، وَلَا يَنْبَغِي لِلْعَامِلِ أَنْ يَهَبَ مِنْهُ شَيْئًا، وَلَا يُوَلِّيَ مِنْهُ وَلَا يُعْطِيَ مِنْهُ أَحَدًا، وَلَا يُكَافِئَ فيهِ أَحَدًا.
فَأَمَّا أَنْ يَجْتَمِعَ هُوَ وَقَوْمٌ فيأْتُونَ بِطَعَامٍ وَيَأْتِي بِطَعَامٍ، فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَاسِعًا - إنْ شَاءَ اللَّهُ - إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ أَنْ يُفَضَّلَ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ تَعَمَّدْ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَحَلَّلَ مِنْهُ، فَإِنْ حَلَّلَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يُحَلِّلَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُكَافِئَهُ بِمِثْلِهِ، إذَا كَانَ ذَلِكَ شَيْئًا لَهُ مُكَافَأَةٌ.
وَذَلِكَ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، وَقَالَ اللَّيْثُ مِثْلَهُ.

.في التَّاجِرِ الْحَاجِّ يَأْخُذُ مَالًا قِرَاضًا:

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ: قُلْنَا لِمَالِكٍ: إنَّ عِنْدَنَا تُجَّارًا قَدْ عَرَفُوا أَيَّامَ الْمَوْسِمِ، يَأْخُذُونَ الْمَالَ قِرَاضًا، فيشْتَرُونَ الْبِغَالَ وَالرَّقِيقَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، فيخْرُجُونَ فيشْهَدُونَ بِهَا الْمَوْسِمَ، فَلَوْلَا ذَلِكَ مَا خَرَجُوا إلَى الْمَوْسِم فيمَا يَظُنُّ بِهِمْ، أَفَتَرَى لَهُمْ نَفَقَةً في مَالِ الْقِرَاضِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَخْرُجُ حَاجًّا، وَتَكُونُ نَفَقَتُهُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ فَأَبَى ذَلِكَ وَقَالَ: لَا نَفَقَةَ لَهُ وَلَا لِلْغَازِي قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ: فَفي رُجُوعِهِ؟
فَقَالَ: وَلَا في رُجُوعِهِ إلَى بَيْتِهِ، لَا تَكُونُ لَهُ نَفَقَةٌ.
قَالَ: فَقُلْنَا لَهُ: فَالرَّجُلُ يَقْدَمُ مَنْ بَلَدِهِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ، فيأْخُذُ الْمَالَ قِرَاضًا فيسِيرُ إلَى بَلَدِهِ وَفيهَا التِّجَارَةُ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَتَّجِرَ فيهَا؟
قَالَ مَالِكٌ: لَا نَفَقَةَ لَهُ في ذَهَابِهِ، وَلَا في إقَامَتِهِ في أَهْلِهِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَهُ النَّفَقَةُ في رُجُوعِهِ وَلَمْ يَجْعَلْهُ مِثْلَ الْحَاجِّ وَلَا الْغَازِي وَلَقَدْ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَتَجَهَّزُ بِمَالٍ أَخَذَهُ قِرَاضًا وَأَرَادَ سَفَرًا، فَتَكَارَى بِهِ وَاشْتَرَى ثِيَابًا لِنَفْسِهِ وَطَعَامًا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ، فَلَمَّا كَانَتْ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَرَادَ الْخُرُوجَ، أَتَاهُ رَجُلٌ بِمَالٍ فَقَالَ لَهُ: خُذْ هَذَا قِرَاضًا فَكَيْفَ تَرَى أَنْ تَكُونَ لَهُ النَّفَقَةُ، مَنْ الْمَالِ الْأَوَّلِ؟ أَمْ تَكُونَ نَفَقَتُهُ عَلَى الْمَالَيْنِ جَمِيعًا؟
قَالَ: بَلْ نَفَقَتُهُ عَلَى الْمَالَيْنِ جَمِيعًا عَلَى قَدْرِهِمَا.

.الْمُقَارَضُ يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِهِ في الْقِرَاضِ حَتَّى يَقْدَمَ:

قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَخَذَ مَالًا قِرَاضًا، فَخَرَجَ بِهِ فَأَنْفَقَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ في سَفَرِهِ لِيَقْتَضِيَهُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ، فَأَنْفَقَ ثُمَّ ضَاعَ الْمَالُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ في رَجُلٍ اشْتَرَى بِالْمَالِ الْقِرَاضِ سِلَعًا، فَاكْتَرَى لَهَا دَوَابَّ فَحَمَلَ عَلَيْهَا فَاغْتَرَقَ الْكِرَاءُ السِّلَعَ وَزَادَ.
قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لَهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ في الزِّيَادَةِ شَيْءٌ، فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ.
قُلْت أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعْت إلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا، فَاشْتَرَى الْمُقَارَضُ بِجَمِيعِ الْمَالِ ثِيَابًا، ثُمَّ صَبَغَ الثِّيَابَ أَوْ قَصَّرَهَا بِمَالٍ مِنْ عِنْدِهِ، أَيَرْجِعُ بِهِ في ثَمَنِ الثِّيَابِ إذَا بَاعَ الثِّيَابَ أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ في الْمُقَارَضِ إذَا اشْتَرَى سِلَعًا بِمَالِ الْقِرَاضِ، فَزَادَ في ثَمَنِهَا مِنْ عِنْدِهِ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: رَبُّ الْمَالِ بِالْخِيَارِ، إنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَا زَادَ، وَتَكُونُ السِّلْعَةُ كُلُّهَا عَلَى الْقِرَاضِ، وَإِنْ كَرِهَ رَبُّ الْمَالِ ذَلِكَ كَانَ الْعَامِلُ شَرِيكًا لِرَبِّ الْمَالِ بِمَا زَادَ مِنْ مَالِهِ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ، إنْ دَفَعْت إلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا، ثُمَّ اشْتَرَى بِجَمِيعِهِ بَزًّا، ثُمَّ اكْتَرَى عَلَى الْبَزِّ مَنْ مَالِهِ، أَيُّ شَيْءٍ يَكُونُ لِلْعَامِلِ في الْقِرَاضِ؟ أَيَكُونُ شَرِيكًا بِالْكِرَاءِ أَمْ مَاذَا يَكُونُ، أَمْ تَرَاهُ دَيْنًا في الْمَالِ الْقِرَاضِ؟
قَالَ: أَرَاهُ دَيْنًا في مَالِ الْقِرَاضِ يَسْتَوْفيهِ مِنْ الْمَالِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَا يَكُونُ الْعَامِلُ شَرِيكًا لِرَبِّ الْمَالِ بِهَذَا الْكِرَاءِ.
قُلْت: فَإِنْ صَبَغَ الْبَزَّ بِمَالٍ مِنْ عِنْدِهِ، وَقَدْ كَانَ اشْتَرَى بِجَمِيعِ مَالِ الْقِرَاضِ بَزًّا قَالَ: أَمَّا الصَّبْغُ فيقَالُ لِرَبِّ الْمَالِ: ادْفَعْ إلَيْهِ الْمَالَ الَّذِي صَبَغَ بِهِ، وَإِلَّا كَانَ شَرِيكًا مَعَكَ بِمَا صَبَغَ مِنْ الثِّيَابِ قَالَ: وَاَلَّذِي يُبَيِّنُ لَكَ الْفَرْقَ فيمَا بَيْنَ الصَّبْغِ وَالْكِرَاءِ، أَنَّ الصَّبْغَ رَأْسُ مَالٍ، يُحْسَبُ لِلصَّبْغِ رَأْسُ مَالِهِ وَرِبْحُهُ، مِثْلَ مَا يُحْسَبُ لِرَأْسِ الْمَالِ في الْمَالِ وَرِبْحِهِ إذَا بَاعَهُ مُرَابَحَةً، وَلَمْ يُجْعَلْ لِلْكِرَاءِ رِبْحٌ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: يُحْمَلُ الْكِرَاءُ عَلَى الْمَالِ وَلَا يُجْعَلُ لِلْكِرَاءِ رِبْحٌ.
فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْكِرَاءِ في الْمُرَابَحَةِ رِبْحٌ، لَمْ يَكُنْ بِهِ شَرِيكًا؛ لِأَنَّهُ غَيَّرَ سِلْعَةً قَائِمَةً في الْبَزِّ.
وَإِنَّمَا تَكُونُ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا في سِلْعَةٍ قَائِمَةٍ، يَكُونُ فيهَا النَّمَاءُ وَالنُّقْصَانُ وَالصَّبْغُ سِلْعَةً قَائِمَةً بِعَيْنِهَا، وَالْكِرَاءُ لَيْسَ بِسِلْعَةٍ قَائِمَةٍ، وَإِنَّمَا الْكِرَاءُ هَاهُنَا سَلَفٌ أَسْلَفَهُ الْعَامِلُ رَبَّ الْمَالِ فَإِنْ رَضِيَ رَبُّ الْمَالِ بِذَلِكَ، أَدَّاهُ، وَإِلَّا قِيلَ لِلْعَامِلِ: اقْبِضْهُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ في الرَّجُلِ يَدْفَعُ إلَى الرَّجُلِ أَلْفَ دِينَارٍ قِرَاضًا، فيبْتَاعُ بِأَلْفي دِينَارٍ عَلَى رَبِّ الْمَالِ: إنَّ رَبَّ الْمَالِ بِالْخِيَارِ، إنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ أَلْفَ دِينَارٍ، وَإِلَّا كَانَ الْمُبْتَاعُ شَرِيكًا.
وَجَعَلَ مَالِكٌ في الَّذِي يَشْتَرِي الْمَتَاعَ بِمَالِ قِرَاضٍ، فيتَكَارَى لَهُ مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ يَبِيعُهُ، أَنَّهُ يَرْجِعُ بِالْكِرَاءِ في الْمَالِ الْقِرَاضِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْكِرَاءُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمَتَاعِ، فَلَا يَكُونُ لَهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ شَيْءٌ أَكْثَرُ مِنْ ثَمَنِ الْمَتَاعِ فَعَلَى هَذَا رَأَيْتُ لَكَ أَيْضًا الْكِرَاءَ.
وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ في الْكِرَاءِ وَالْمُرَابَحَةِ، حِينَ لَمْ يَجْعَلْهُ بِمَنْزِلَةِ الشَّيْءِ الْقَائِمِ بِعَيْنِهِ.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَالَ غَيْرُهُ: إنْ دَفَعَ رَبُّ الْمَالِ إلَى الْعَامِلِ قِيمَةَ الصَّبْغِ، لَمْ يَكُنْ الصَّبْغُ عَلَى الْقِرَاضِ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَةَ الثِّيَابِ، ضَمِنَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فيهَا فَضْلٌ، فيكُونَ لَهُ مِنْ الْقِيمَةِ قَدْرُ رَأْسِ الْمَالِ وَرِبْحِهِ.
وَإِنْ أَبَى أَنْ يَضْمَنَهُ كَانَ شَرِيكًا بِقِيمَةِ الصَّبْغِ مِنْ قِيمَةِ الثِّيَابِ وَإِنَّمَا لَمْ يَرَ إنْ أَعْطَاهُ قِيمَةَ الصَّبْغِ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْقِرَاضِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِرَجُلٍ أَنْ يَدْفَعَ إلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا فيشْتَرِيَ بِهِ سِلَعًا، ثُمَّ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَالًا آخَرَ قِرَاضًا عَلَى أَنْ يَخْلِطَهُ الْمَالَ الْأَوَّلَ.
فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَإِنْ رَضِيَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يُعْطِيَهُ فيهِ قِيمَةَ الصَّبْغِ، فَلَا أَرَى أَنْ يَكُونَ عَلَى الْقِرَاضِ؛ لِأَنَّ الصَّبْغَ مُشْتَرًى بَعْد مَا اشْتَرَى بِالْمَالِ الْأَوَّلِ الثِّيَابَ، وَالْمَالُ الْأَوَّلُ رُبَّمَا رَبِحَ فيهِ، وَرُبَّمَا خَسِرَ فيهِ.
فَلَمَّا لَمْ يَجُزْ في الِابْتِدَاءِ أَنْ يُعْطِيَهُ رَبُّ الْمَالِ مَالًا ثَانِيًا بَعْدَ مَا أَشْغَلَ الْأَوَّلَ عَلَى أَنْ يَخْلِطَهُ، فَكَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُجَازَ فِعْلُ الْعَامِلِ بَعْدَ مَا شَغَلَ الْمَالَ الْأَوَّلَ، بِأَنْ يَخْلِطَ الثَّانِيَ بِالْأَوَّلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَا يُشْبِهُ هَذَا مَسْأَلَةَ مَالِكٍ، الَّتِي قَالَ في الرَّجُلِ يُعْطِي الرَّجُلَ مَالًا عَلَى الْقِرَاضِ، فيزِيدُ الْعَامِلُ مَنْ عِنْدِهِ مَالًا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا، فيشْتَرِيَ بِجَمِيعِهِ سِلْعَةً يُرِيدُ بِمَا زَادَ سَلَفَ رَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْمَالَيْنِ جَمِيعًا حِينَ اشْتَرَى بِهِمَا جَمِيعًا صَفْقَةً وَاحِدَةً، بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ زَادَ الْعَامِلَ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ اشْتَرَيْت بَزًّا بِجَمِيعِ مَالِ الْقِرَاضِ، ثُمَّ اكْتَرَيْت لِنَفْسِي مِنْ مَالِي وَأَنْفَقْت عَلَى نَفْسِي مِنْ مَالِي، أَيَكُونُ لِي كِرَائِي وَمَا أَنْفَقْت مِنْ مَالِي عَلَى نَفْسِي دَيْنًا أَرْجِعُ بِهِ في ثَمَنِ الْمَتَاعِ؟
قَالَ: نَعَمْ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْت: أَلَيْسَ قَدْ قُلْت لِي في الَّذِي يَخْرُجُ وَيُنْفِقُ مِنْ عِنْدِهِ: إنَّهُ يَحْسِبُ نَفَقَةَ مِثْلِهِ في الْمَالِ الْقِرَاضِ، فيفُضُّ ذَلِكَ عَلَى الْمَالِ الْقِرَاضِ، وَعَلَى نَفَقَةِ مِثْلِهِ؟
قَالَ: إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ: إذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ في حَاجَةِ نَفْسِهِ وَيُجَهِّزَ، ثُمَّ أَتَاهُ رَجُلٌ فَدَفَعَ إلَيْهِ مَالًا قِرَاضًا، فَخَرَجَ في حَاجَةِ نَفْسِهِ وَفي الْقِرَاضِ، وَهَذَا إنَّمَا خَرَجَ في الْقِرَاضِ وَحْدَهُ.