فصل: طَلَاقُ الْمَرِيضِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)



.طَلَاقُ الْمُكْرَهِ وَالسَّكْرَانِ:

قَالَ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ وَطَاوُسٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرَوْنَ طَلَاقَ الْمُكْرَهِ شَيْئًا، وَقَالَ ذَلِكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ وَيَزِيدُ بْنُ قُسَيْطٍ وَقَالَ عَطَاءٌ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} وَقَالَ ابْنُ عُبَيْدٍ اللَّيْثِيُّ: إنَّهُمْ قَوْمٌ فَتَّانُونَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ حَيْوَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَجْلَانِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: مَا مِنْ كَلَامٍ يَدْرَأُ عَنِّي سَوْطَيْنِ مِنْ سُلْطَانٍ إلَّا كُنْت مُتَكَلِّمًا بِهِ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي طَلَاقِ الْمُكْرَهِ إنَّهُ لَا يَجُوزُ.
وَقَالَ مَالِكٌ: وَبَلَغَنِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُمَا سُئِلَا عَنْ طَلَاقِ السَّكْرَانِ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَوْ قَتَلَ فَقَالَا: إنْ طَلَّقَ جَازَ طَلَاقُهُ وَإِنْ قَتَلَ قُتِلَ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مِقْسَمٍ: سَمِعْت سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ يَقُولُ: طَلَّقَ رَجُلٌ مِنْ آلِ الْبَخْتَرِيِّ امْرَأَتَهُ قَالَ: حَسِبْت أَنَّهُ قَالَ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَقَدْ قِيلَ لِي أَنَّهُ هُوَ الْمُطَّلِبُ بْنُ أَبِي الْبَخْتَرِيُّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ سَكْرَانُ فَجَلَدَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْحَدَّ وَأَجَازَ طَلَاقَهُ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَسَالِمٍ وَابْنِ شِهَابٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَمَكْحُولٍ وَنَافِعٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ التَّابِعِينَ مِثْلُ ذَلِكَ يُجِيزُونَ طَلَاقَ السَّكْرَانِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَعِتْقَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا نَرَى طَلَاقَ الصَّبِيِّ يَجُوزُ قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمَ.
قَالَ: وَإِنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّ فِي السُّنَّةِ أَنْ لَا تُقَامَ الْحُدُودُ إلَّا عَلَى مَنْ احْتَلَمَ أَوْ بَلَغَ الْحُلُمَ، وَالطَّلَاقُ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {فَلَا تَعْتَدُّوهَا} فَلَا نَرَى أَوْثَقَ مِنْ الِاعْتِصَامِ بِالسُّنَنِ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَرَبِيعَةَ مِثْلُهُ وَأَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ كَانَ يَقُولُ: لَا يَجُوزُ طَلَاقُ الْمُوَسْوَسِ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَابْنِ شِهَابٍ وَرَبِيعَةَ وَمَكْحُولٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ طَلَاقُ الْمَجْنُونِ وَلَا عِتَاقُهُ.
وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ إذَا كَانَ لَا يَعْقِلُ فَلَا يَجُوزُ طَلَاقُ الْمَجْنُونِ وَلَا الْمَعْتُوهِ وَقَالَ رَبِيعَةُ الْمَجْنُونُ الْمُلْتَبَسُ بِعَقْلِهِ الَّذِي لَا تَكُونُ لَهُ إفَاقَةٌ يَعْمَلُ فِيهَا بِرَأْيٍ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ مَا نَعْلَمُ عَلَى مَجْنُونٍ طَلَاقًا فِي جُنُونِهِ وَلَا مَرِيضٍ مَغْمُورٍ لَا يَعْقِلُ، إلَّا أَنَّ الْمَجْنُونَ إذَا كَانَ يَصِحُّ مِنْ ذَلِكَ وَيُرَدُّ إلَيْهِ عَقْلُهُ فَإِنَّهُ إذَا عَقَلَ وَصَحَّ جَازَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ كُلُّهُ كَمَا يَجُوزُ عَلَى الصَّحِيحِ وَقَالَ ذَلِكَ مَكْحُولٌ فِي الْمَجْنُونِ.

.فِي الْأَمَةِ تَحْتَ الْمَمْلُوكِ تُعْتَقُ:

قُلْتُ: لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ أَمَةً أُعْتِقَتْ وَهِيَ تَحْتَ مَمْلُوكٍ أَوْ حُرٍّ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا عَتَقَتْ تَحْتَ حُرٍّ فَلَا خِيَارَ لَهَا وَإِذَا كَانَتْ تَحْتَ عَبْدٍ فَلَهَا الْخِيَارُ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ «أَنَّ بَرِيرَةَ كَانَتْ تَحْتَ مَمْلُوكٍ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْتِ أَمْلَكُ بِنَفْسِك إنْ شِئْتِ أَقَمْتِ مَعَ زَوْجِكِ وَإِنْ شِئْتِ فَارَقْتِهِ مَا لَمْ يَمَسّكِ».
ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ حَسَنٍ الضَّمْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إذَا أُعْتِقَتْ الْأَمَةُ وَهِيَ تَحْتَ الْعَبْدِ فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا فَإِنْ هِيَ قَرَّتْ حَتَّى يَطَأَهَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ لَا تَسْتَطِيعُ فِرَاقَهُ».
وَقَالَ: رَبِيعَةُ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَإِنْ مَسَّهَا وَلَمْ تَعْلَمْ بِعِتْقِهَا فَإِنَّهَا بِالْخِيَارِ حَتَّى يَبْلُغَهَا قُلْتُ: فَإِنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا أَيَكُونُ فَسْخًا أَمْ طَلَاقًا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَكُونُ طَلَاقًا وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَاحِدَةً فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَإِنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا اثْنَتَيْنِ فَهُمَا اثْنَتَانِ بَائِنَتَانِ، وَهِيَ فِي التَّطْلِيقَتَيْنِ تَحْرُمُ عَلَيْهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ جَمِيعُ طَلَاقِ الْعَبْدِ قَالَ: وَذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ زَبْرَاءَ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا قُلْتُ: وَلِمَ جَعَلَ مَالِكٌ خِيَارَهَا تَطْلِيقَةً بَائِنَةً؟
قَالَ: لِأَنَّ كُلَّ فُرْقَةٍ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ عَلَيْهَا مَالًا، أَلَا تَرَى أَنَّ الزَّوْجَ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ امْرَأَتَهُ فَضُرِبَ لَهُ أَجَلُ سَنَةٍ فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا أَنَّهَا تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ؟ يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: إنْ خُيِّرَتْ فَقَالَتْ قَدْ فَارَقْتُهُ أَوْ طَلَّقْتُهُ فَهِيَ أَمْلَكُ بِأَمْرِهَا، وَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ، وَأَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ رَبِيعَةَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ مِثْلَهُ وَقَالَ يَحْيَى وَعَطَاءٌ: وَإِنْ عَتَقَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ أَجَلُهَا لَمْ تَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ إلَّا أَنْ تَشَاءَ الْمَرْأَةُ وَيَخْطُبَهَا مَعَ الْخُطَّابِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا قَالَتْ هَذِهِ الْأَمَةُ حِينَ أُعْتِقَتْ: قَدْ اخْتَرْت نَفْسِي أَتَجْعَلُ هَذَا الْخِيَارَ وَاحِدَةً أَمْ اثْنَتَيْنِ أَمْ ثَلَاثًا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهَا نِيَّةٌ؟ قَالَ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهَا نِيَّةٌ فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ؛ لِأَنَّ مَالِكًا كَانَ مَرَّةً يَقُولُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ وَكَانَ يَقُولُ خِيَارُهَا وَاحِدَةٌ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْقَوْلِ الَّذِي قَدْ أَخْبَرْتُك فَأَرَى إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا نِيَّةٌ أَنَّهَا وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ إلَّا أَنْ تَنْوِيَ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَيَكُونَ لَهَا ذَلِكَ قَالَ: ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَدْ سَأَلْت مَالِكًا عَنْ الْأَمَةِ يُطَلِّقُهَا الْعَبْدُ تَطْلِيقَةً ثُمَّ تُعْتَقُ فَتَخْتَارُ نَفْسَهَا قَالَ: هُمَا تَطْلِيقَتَانِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْأَمَةَ إذَا أُعْتِقَتْ وَهِيَ تَحْتَ عَبْدٍ فَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ عِنْدَ غَيْرِ السُّلْطَانِ، أَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ: قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَيَكُونُ فِرَاقُهَا تَطْلِيقَةً قَالَ: ذَلِكَ إلَى الْجَارِيَةِ إنْ فَارَقَتْهُ بِالْبَتَاتِ فَذَلِكَ لَهَا، وَإِنْ فَارَقَتْهُ تَطْلِيقَةً فَذَلِكَ لَهَا قُلْتُ: لِمَ قَالَ مَالِكٌ: لَهَا أَنْ تُفَارِقَهُ بِالْبَتَاتِ؟
قَالَ: لِحَدِيثِ زَبْرَاءَ حِينَ عَتَقَتْ وَهِيَ تَحْتَ عَبْدٍ، فَقَالَتْ لَهَا حَفْصَةُ إنَّ لَك الْخِيَارَ فَفَارَقَتْهُ ثَلَاثًا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا أُعْتِقَتْ الْأَمَةُ وَهِيَ تَحْتَ عَبْدٍ فَلَمْ تُخْبَرْ حَتَّى أُعْتِقَ زَوْجُهَا، أَيَكُونُ لَهَا الْخِيَارُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا خِيَارَ لَهَا إذَا أُعْتِقَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْأَمَةِ تَكُونُ تَحْتَ الْعَبْدِ فَيُعْتَقَانِ جَمِيعًا.
قَالَ: لَا نَرَى لَهَا شَيْئًا مِنْ أَمْرِهَا، وَقَالَهُ مُجَاهِدٌ وَقَالَهُ ابْنُ شِهَابٍ فِي الْمُكَاتَبِ وَالْمُكَاتَبَةِ يُعْتَقَانِ جَمِيعًا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ: لَيْسَ لَهَا خِيَارٌ إنْ أَعْتَقَهُمَا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ مَعًا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا نَعْلَمُ الْأَمَةَ تُخَيَّرُ، وَهِيَ تَحْتَ الْحُرِّ إنَّمَا تُخَيَّرُ الْأَمَةُ فِيمَا عَلِمْنَا إذَا كَانَتْ تَحْتَ عَبْدٍ مَا لَمْ يَمَسَّهَا وَأَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِثْلَهُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْأَمَةَ إذَا أُعْتِقَتْ وَهِيَ حَائِضٌ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا أَيُكْرَهُ لَهَا ذَلِكَ أَمْ لَا؟ قَالَ لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِ قَوْلِ مَالِكٍ فِيهَا وَأَكْرَهُ ذَلِكَ لَهَا، إلَّا أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا فَيَجُوزَ ذَلِكَ لَهَا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْأَمَةَ تَكُونُ تَحْتَ الْعَبْدِ فَأُعْتِقَتْ فَلَمْ يُبْلِغْهَا إلَّا بَعْدَ زَمَانٍ، وَقَدْ كَانَ الْعَبْدُ يَطَؤُهَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَمْ تَعْلَمْ بِالْعِتْقِ أَيَكُونُ لَهَا الْخِيَارُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ قَالَ: نَعَمْ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ، قُلْتُ: وَالْخِيَارُ لَهَا إنَّمَا هُوَ فِي مَجْلِسِهَا الَّذِي عَلِمَتْ فِيهِ بِالْعِتْقِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، لَهَا الْخِيَارُ مَا لَمْ يَطَأْهَا مِنْ بَعْدِ مَا عَلِمَتْ قُلْتُ: وَإِنْ مَضَى يَوْمٌ أَوْ يَوْمَانِ أَوْ شَهْرٌ أَوْ شَهْرَانِ فَلَهَا الْخِيَارُ فِي هَذَا كُلِّهِ إذَا لَمْ يَطَأْهَا مِنْ بَعْدِ الْعِلْمِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، إذَا وَقَفَتْ فِي هَذَا الَّذِي ذَكَرْت لَك وُقُوفًا لِلْخِيَارِ فِيهِ وَمَنَعَتْهُ نَفْسَهَا وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ كَانَ وُقُوفُهَا ذَلِكَ وُقُوفَ رِضًا بِالزَّوْجِ كَانَتْ قَدْ رَضِيَتْ بِهِ فَلَا خِيَارَ لَهَا بَعْدَ أَنْ تَقُولَ: رَضِيتُ بِالزَّوْجِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وَقَفَتْ سَنَةً فَلَمْ تَقُلْ قَدْ رَضِيت وَلَمْ تَقُلْ إنَّمَا وَقَفْت لِلْخِيَارِ، وَلَمْ يَطَأْهَا الزَّوْجُ فِي هَذَا كُلِّهِ أَيَكُونُ لَهَا أَنْ تَخْتَارَ؟
قَالَ: يُسْأَلُ عَنْ وُقُوفِهَا لِمَاذَا وَقَفَتْ فَإِنْ قَالَتْ: وَقَفْت لِأَخْتَارَ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا وَإِنْ كَانَتْ وَقَفْت وُقُوفَ رِضًا بِالزَّوْجِ فَلَا خِيَارَ لَهَا قُلْتُ: وَتَحْلِفُ أَنَّهَا لَمْ تَقِفْ لِرِضَاهَا لِزَوْجِهَا قَالَ: لَا؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي فِي النِّسَاءِ: لَا يَحْلِفْنَ فِي التَّمْلِيكِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَتْ أَمَةً جَاهِلَةً لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ إذَا أُعْتِقَتْ وَهِيَ تَحْتَ عَبْدٍ فَكَانَ يَطَؤُهَا وَقَدْ أُعْلِمَتْ بِالْعِتْقِ إلَّا أَنَّهَا تَجْهَلُ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ إذَا أُعْتِقَتْ، أَيَكُونُ لَهَا أَنْ تَخْتَارَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا خِيَارَ لَهَا إذَا عَلِمَتْ فَوَطِئَهَا بَعْدَ عِلْمِهَا بِالْعِتْقِ جَاهِلَةً كَانَتْ أَوْ عَالِمَةً.
وَقَالَ مَالِكٌ: فِي الْأَمَةِ تَحْتَ الْعَبْدِ: يُعْتَقُ بَعْضُهَا؛ لِأَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهَا وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ فِي الْأَمَةِ تَكُونُ تَحْتَ الْعَبْدِ فَيُعْتَقُ بَعْضُهَا قَالَ: لَا خِيَارَ لَهَا مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ قُسَيْطٍ أَنَّهُمَا قَالَا: لَوْ أَنَّ أَمَةً أُعْتِقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ فَلَمْ تَشْعُرْ بِعِتْقِهَا حَتَّى أُعْتِقَ الْعَبْدُ لَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تُفَارِقَهُ.
وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ الْأَمَةِ تُعْتَقُ تَحْتَ الْعَبْدِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا وَقَدْ فُرِضَ لَهَا، فَتَخْتَارُ نَفْسَهَا قَالَ: لَا أَرَى لَهَا الصِّدْقَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا تَرَكَتْهُ وَلَمْ يَتْرُكْهَا وَإِنَّمَا قَالَ اللَّهُ: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} فَلَيْسَ هُوَ مُفَارِقًا لَهَا وَلَكِنْ هِيَ فَارَقَتْهُ بِحَقٍّ لِحَقٍّ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ فَلَيْسَتْ عَلَيْهَا عِدَّةٌ وَلَا نَرَى لَهَا شَيْئًا وَلَا نَرَى لَهَا مَتَاعًا، وَكَانَ الْأَمْرُ إلَيْهَا فِي السَّنَةِ وَقَالَ رَبِيعَةُ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ مِثْلَهُ.

.طَلَاقُ الْمَرِيضِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَلَهَا الْمِيرَاثُ إنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ قُلْتُ: فَهَلْ يَكُونُ عَلَى هَذِهِ عِدَّةُ الْوَفَاةِ أَوْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا لَا عِدَّةَ وَفَاةٍ وَلَا عِدَّةَ طَلَاقٍ قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا وَهُوَ مَرِيضٌ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا كَانَ عَلَيْهَا عِدَّةُ الطَّلَاقِ وَلَهَا الْمِيرَاثُ، وَإِنْ كَانَ طَلَاقًا يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا فَمَاتَ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا مِنْ الطَّلَاقِ انْتَقَلَتْ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْ الطَّلَاقِ قَبْلَ أَنْ يَهْلَكَ فَهَلَكَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهَا الْمِيرَاثُ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا مِنْ الْوَفَاةِ قُلْتُ: هَلْ تَرِثُ امْرَأَةٌ أَزْوَاجًا كُلَّهُمْ يُطَلِّقُهَا فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ تَتَزَوَّجُ زَوْجًا وَاَلَّذِينَ طَلَّقُوهَا كُلُّهُمْ أَحْيَاءٌ ثُمَّ مَاتُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَصِحُّوا مِنْ مَرَضِهِمْ ذَلِكَ وَهِيَ تَحْتَ زَوْجٍ أَتُوَرِّثُهَا مِنْ جَمِيعِهِمْ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَهَا الْمِيرَاثُ مِنْ جَمِيعِهِمْ قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ لَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً أَلْبَتَّةَ وَهُوَ مَرِيضٌ وَتَزَوَّجَتْ أَزْوَاجًا بَعْدَ ذَلِكَ كُلَّهُمْ يُطَلِّقُهَا وَرِثَتْ الْأَوَّلَ إذَا مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ فِيهَا، ثُمَّ بَرَأَ وَصَحَّ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ ثُمَّ مَرِضَ بَعْد ذَلِكَ فَمَاتَ مِنْ مَرَضِهِ الثَّانِي؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَرِثَتْهُ إنْ مَاتَ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا، وَإِنْ كَانَ طَلَاقُهُ إيَّاهَا أَلْبَتَّةَ لَمْ تَرِثْهُ إنْ مَاتَ فِي عِدَّتِهَا إذَا صَحَّ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ صِحَّةً بَيِّنَةً مَعْرُوفَةً قَالَ: وَإِنْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَهُوَ مَرِيضٌ ثُمَّ صَحَّ ثُمَّ مَرِضَ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَهُوَ مَرِيضٌ فِي مَرَضِهِ الثَّانِي طَلْقَةً أُخْرَى أَوْ أَلْبَتَّةَ لَمْ تَرِثْهُ إلَّا أَنْ يَمُوتَ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا مِنْ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لِأَنَّهُ فِي الطَّلَاقِ لَيْسَ بِفَارٍّ.
قَالَ مَالِكٌ: إلَّا أَنْ يَرْتَجِعَهَا ثُمَّ يُطَلِّقَهَا وَهُوَ مَرِيضٌ فَتَرِثُهُ وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ بِالطَّلَاقِ الْآخَرِ فَارًّا مِنْ الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ ارْتَجَعَهَا صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ أَزْوَاجِهِ اللَّائِي لَمْ يُطَلِّقْ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ ثَلَاثًا ثُمَّ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ وَالزَّوْجُ مَرِيضٌ بِحَالِهِ، ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَرْأَةِ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ، أَيَكُونُ لِلْمَرْأَةِ مِنْ الْمِيرَاثِ شَيْءٌ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا شَيْءَ لِلْمَرْأَةِ مِنْ الْمِيرَاثِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ لِأَنَّهَا هَلَكَتْ قَبْلَهُ، فَلَا مِيرَاثَ لِلْأَمْوَاتِ مِنْ الْأَحْيَاءِ وَلَا يَرِثُهَا إنْ كَانَ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ أَوْ وَاحِدَةً فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَقَدِمَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ إنْ دَخَلَتْ بَيْتًا، فَتَدْخُلُهُ هِيَ وَهُوَ مَرِيضٌ فَتَطْلُقُ، ثُمَّ يَمُوتُ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ أَتَرِثُهُ؟
قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ تَرِثُهُ.
قَالَ: فَقُلْتُ: لِمَالِكٍ إنَّمَا هِيَ الَّتِي دَخَلَتْ.
قَالَ: وَإِنْ، لِأَنَّ كُلَّ طَلَاقٍ يَقَعُ وَالزَّوْجُ مَرِيضٌ فَيَمُوتُ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ أَنَّهَا تَرِثُهُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ مَرِضَ رَجُلٌ فَقَالَ: قَدْ كُنْت طَلَّقْت امْرَأَتِي فِي صِحَّتِي؟
قَالَ: قَالَ: مَالِكٌ إنَّهَا تَرِثُهُ وَهُوَ فَارٌّ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ عِدَّةُ الطَّلَاقِ مِنْ يَوْمِ أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ إذَا أَقَرَّ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ وَإِنْ أَقَرَّ بِطَلَاقٍ يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ فَمَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ انْتَقَلَتْ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَوَرِثَتْ، وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْ يَوْمِ أَقَرَّ بِمَا أَقَرَّ بِهِ فَلَهَا الْمِيرَاثُ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا قُرِّبَ الرَّجُلُ لِضَرْبِ الْحُدُودِ أَوْ لِقَطْعِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ لِجَلْدِ الْفِرْيَةِ أَوْ لِجَلْدِ حَدٍّ فِي الزِّنَا فَطَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَضُرِبَ أَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ أَتَرِثُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الرَّجُلِ يَحْضُرُ الزَّحْفَ أَوْ يُحْبَسُ لِلْقَتْلِ إنَّ مَا صَنَعَ فِي تِلْكَ الْحَالِ فِي مَالِهِ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَرِيضِ قَالَ: ابْنُ الْقَاسِمِ فَأَمَّا مَا سَأَلْت عَنْهُ مِنْ قَطْعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَضَرْبِ الْحُدُودِ فَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنِّي أَرَى أَنَّهُ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ عَلَى الرَّجُلِ كَمَا خِيفَ عَلَى الَّذِي حَضَرَ الْقِتَالَ فَأَرَاهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَرِيضِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ وَهُوَ فِي سَفِينَةٍ فِي لُجِّ الْبَحْرِ أَوْ النِّيلِ أَوْ فِي الْفُرَاتِ أَوْ الدِّجْلَةِ أَوْ بَطَائِحِ الْبَصْرَةِ قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ: عَنْ أَهْلِ الْبَحْرِ إذَا غَزَوْا فَيُصِيبُهُمْ النَّوْءُ وَالرِّيحُ الشَّدِيدَةُ فَيَخَافُونَ الْغَرَقَ فَيُعْتَقُ أَحَدُهُمْ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ أَتَرَاهُ فِي الثُّلُثِ؟
قَالَ مَالِكٌ: مَا أَرَى هَذَا يُشْبِهُ الْخَوْفَ وَلَا أَرَاهُ فِي الثُّلُثِ وَأَرَاهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.
قَالَ سَحْنُونٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ أَمْرَ رَاكِبِ الْبَحْرِ فِي الثُّلُثِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ طَلَّقَهَا وَهُوَ مُقْعَدٌ أَوْ مَفْلُوجٌ أَوْ أَجْذَمُ أَوْ أَبْرَصُ أَوْ مَسْلُولٌ أَوْ مَحْمُومٌ حُمَّى رِبْعٍ أَوْ بِهِ قُرُوحٌ أَوْ جِرَاحَةٌ؟
قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ: عَنْ أَهْلِ الْبَلَايَا مِثْلِ الْمَفْلُوجِ وَالْمَجْذُومِ وَمَا أَشْبَهَ هَؤُلَاءِ فِي أَمْوَالِهِمْ إذَا أَعْطَوْهُمْ وَتَصَدَّقُوا بِهَا فِي حَالَاتِهِمْ قَالَ: مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ يُخَافُ عَلَى صَاحِبِهِ مِنْهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ إلَّا فِي الثُّلُثِ وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ لَا يُخَافُ عَلَى صَاحِبِهِ مِنْهُ فَرُبَّ مَفْلُوجٍ يَعِيشُ زَمَانًا وَيَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَيَرْكَبُ وَيُسَافِرُ، وَرُبَّ مَجْذُومٍ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُ جُذَامًا يَابِسًا يُقْبِلُ وَيُدْبِرُ وَيُسَافِرُ فَهَؤُلَاءِ وَمَا أَشْبَهَهُمْ يَجُوزُ قَضَاؤُهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُ قَدْ أَضْنَاهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ مَرَضًا مِنْ الْأَمْرَاضِ قَدْ أَلْزَمَهُ الْبَيْتَ وَالْفِرَاشَ يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْهُ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ قَضَاؤُهُ إلَّا فِي ثُلُثِهِ وَفَسَّرَ لِي مَالِكٌ هَذَا الْقَوْلَ شَبِيهًا بِمَا فَسَّرْت لَك، فَكُلُّ مَنْ لَا يَجُوزُ قَضَاؤُهُ فِي جَمِيعِ مَالِهِ فَطَلَّقَ فِي حَالِهِ تِلْكَ فَلِامْرَأَتِهِ الْمِيرَاثُ مِنْهُ إنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فِي مَرَضِهِ فَزُوِّجَتْ أَزْوَاجًا وَهُوَ مَرِيضٌ فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَوْصَى إلَيْهَا بِوَصَايَا، أَيَكُونُ لَهَا الْمِيرَاثُ وَالْوَصِيَّةُ جَمِيعًا؟ قَالَ أَرَى لَهَا الْمِيرَاثَ وَلَا وَصِيَّةَ لَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ فِي قَوْلِ مَالِكٍ، وَهَذِهِ وَارِثَةٌ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فِي مَرَضِهِ فَقَتَلَتْهُ امْرَأَتُهُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا؟ قَالَ أَرَى إنْ قَتَلَتْهُ خَطَأً أَنَّ لَهَا الْمِيرَاثَ فِي مَالِهِ، وَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْ الدِّيَةِ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهَا، وَإِنْ قَتَلَتْهُ عَمْدًا فَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْ مَالِهِ وَعَلَيْهَا الْقِصَاصُ إلَّا أَنْ يَعْفُوَ عَنْهَا الْوَرَثَةُ، فَإِنْ عَفَا عَنْهَا الْوَرَثَةُ عَلَى مَالٍ أَخَذُوهُ مِنْهَا فَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْهُ أَيْضًا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا نَكَحَ امْرَأَةً فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُقَرُّ عَلَى نِكَاحِهِ وَلَا مِيرَاثَ لَهَا وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا فَلَا صَدَاقَ لَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ دَخَلَ بِهَا، فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الصَّدَاقُ فِي ثُلُثِ مَالِهِ، مُبْدَأً عَلَى الْوَصَايَا وَلَا مِيرَاثَ لَهَا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ سَمَّى لَهَا مِنْ الصَّدَاقِ أَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا، أَيَكُونُ لَهَا الصَّدَاقُ الَّذِي سَمَّى فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ صَدَاقُ مِثْلِهَا قَالَ: يَكُونُ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا وَيَكُونُ مَهْرُهَا مُبْدَأً عَلَى الْوَصَايَا وَعَلَى الْعِتْقِ قُلْتُ: أَفَتَضْرِبُ بِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ قَالَ: جَعَلَهُ مَالِكٌ: فِي الثُّلُثِ فَكُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ فِي الثُّلُثِ فَالدَّيْنُ مُبْدَأٌ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ مَرِيضًا ارْتَدَّ فِي مَرَضِهِ عَنْ الْإِسْلَامِ فَقُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ أَتَرِثُهُ امْرَأَتُهُ وَوَرَثَتُهُ أَمْ لَا؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ الْمُسْلِمُونَ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يُتَّهَمُ أَحَدٌ عِنْدَ الْمَوْتِ أَنْ يَفِرَّ بِمِيرَاثِهِ عَنْ وَرَثَتِهِ بِالشِّرْكِ بِاَللَّهِ تَعَالَى قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَذَفَهَا فِي مَرَضِهِ فَلَاعَنَ السُّلْطَانُ بَيْنَهُمَا فَوَقَعَتْ الْفُرْقَةُ فَمَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ أَتَرِثُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ وَأَرَى أَنَّهَا تَرِثُهُ.

.فِي طَلَاقِ الْمَرِيضِ أَيْضًا:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمَرِيضَ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فِي مَرَضِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي مَرَضِهِ ذَلِكَ قَالَ لَا أَرَى لَهُ نِكَاحًا إلَّا أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَيَكُونَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ نَكَحَ وَهُوَ مَرِيضٌ وَدَخَلَ قَالَ: ابْنُ شِهَابٍ فَحَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنَ عَاشَ حَتَّى حَلَّتْ تُمَاضِرُ وَهُوَ حَيٌّ فَوَرِثَهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بَعْدَمَا حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَحَدَّثَنِي طَلْحَةُ أَنَّهُ قَالَ: لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ بِمَ وَرِثْتهَا مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنَ لَمْ يُطَلِّقْهَا ضِرَارًا وَلَا فِرَارًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ قَالَ: عُثْمَانُ أَرَدْت أَنْ تَكُونَ سُنَّةً يَهَابُ النَّاسُ الْفِرَارَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ قَالَ: ابْنُ شِهَابٍ وَبَلَغَنَا أَنَّ عُثْمَانَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ كَانَ وَرِثَ أُمَّ حَكِيمٍ بِنْتَ قَارِظٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُكَمِّلٍ وَطَلَّقَهَا فِي وَجَعِهِ ثُمَّ تُوُفِّيَ بَعْدَمَا حَلَّتْ مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ وَكَانَ أَعْلَمُهُمْ بِذَلِكَ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَوَرِثَهَا عُثْمَانُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا كَانَتْ آخِرَ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ الطَّلَاقِ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِذَلِكَ قَالَ: قِيلَ لِعُثْمَانَ أَتَتَّهِمُ أَبَا مُحَمَّدٍ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ أَخَافُ أَنْ يُسْتَنَّ بِهِ.
رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأُبَيَّ بْنِ كَعْبٍ وَرَبِيعَةَ وَابْنِ شِهَابٍ بِذَلِكَ قَالَ رَبِيعَةُ: وَإِنْ نَكَحَتْ بَعْدَهُ عَشَرَةَ أَزْوَاجٍ وَرِثَتْهُمْ جَمِيعًا وَوَرِثَتْهُ أَيْضًا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ قَالَ: تَرِثُهُ وَلَا يَرِثُهَا، وَقَالَ: رَبِيعَةُ مِثْلَهُ وَاللَّيْثُ أَيْضًا مِثْلَهُ يَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَلَهَا مِيرَاثُهَا مِنْهُ وَلَيْسَ لَهَا إلَّا نِصْفُ الصَّدَاقِ.
مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: يُقَالُ إذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا وَقَدْ فُرِضَ لَهَا فَطَلَّقَهَا وَهُوَ وَجِعٌ أَنَّهَا تَأْخُذُ نِصْفَ صَدَاقِهَا وَتَرِثُهُ.
قَالَ: قَالَ: رَبِيعَةُ إذَا طَلَّقَ وَهُوَ مَرِيضٌ ثُمَّ صَحَّ صِحَّةً يَشُكُّ فِيهَا.
قَالَ: إنْ صَحَّ صِحَّةً حَتَّى يَمْلِكَ مَالَهُ انْقَطَعَ مِيرَاثُهَا وَإِنْ تَمَاثَلَ وَنُكِسَ مِنْ مَرَضِهِ وَرِثَتْهُ امْرَأَتُهُ.
يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ رَجُلٍ يَكُونُ بِهِ مَرَضٌ لَا يُعَادُ مِنْهُ رَمَدٌ أَوْ جَرَبٌ أَوْ رِيحٌ أَوْ لِقْوَةٌ أَوْ فَتْقٌ أَيَجُوزُ طَلَاقُهُ؟ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ إنْ بَتَّ الطَّلَاقَ فِيمَا ذَكَرْت مِنْ الْوَجَعِ فَإِنَّهَا لَا تَرِثُهُ.
قَالَ يُونُسَ ثُمَّ قَالَ رَبِيعَةُ: إنَّهُمَا يَتَوَارَثَانِ إذَا كَانَ مَرَضٌ مَخُوفٌ.
يُونُسُ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ أَمَرَ امْرَأَتَهُ أَنْ تَعْتَدَّ وَهُوَ صَحِيحٌ، ثُمَّ مَرِضَ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصِحَّ وَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ وَكَيْفَ إنْ أَحْدَثَ لَهَا طَلَاقًا فِي مَرَضِهِ أَوْ لَمْ يُحْدِثْ أَتَرِثُهُ وَتَعْتَدُّ مِنْهُ؟
قَالَ: لَا مِيرَاثَ، لَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ رَاجَعَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا، فَإِنْ رَاجَعَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ، فَلَهَا الْمِيرَاثُ، وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا إذَا مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَلَيْسَ عَلَيْهَا عِدَّةٌ إلَّا مَا حَلَّتْ مِنْهُ مِنْ الطَّلَاقِ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ: بَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْرَى فَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَطَلَّقَ إحْدَاهُمَا تَطْلِيقَةً، ثُمَّ هَلَكَ الرَّجُلُ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَلَمْ يُعْلَمْ أَيَّتَهمَا الْمُطَلَّقَةَ الْمَدْخُولَ بِهَا أَمْ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا قَالَ: أَمَّا الَّتِي قَدْ دَخَلَ بِهَا فَصَدَاقُهَا لَهَا كَامِلًا وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمِيرَاثِ، وَأَمَّا الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الصَّدَاقِ وَرُبْعُ الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا هِيَ الْمُطَلَّقَةُ فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ ثُمَّ تَقَاسَمَ الْوَرَثَةُ النِّصْفَ الصَّدَاقِ الْآخَرَ بِالشَّكِّ؛ لِأَنَّهَا تَقُولُ صَاحِبَتِي الْمُطَلَّقَةُ وَيَقُولُ الْوَرَثَةُ بَلْ أَنْتِ الْمُطَلَّقَةُ فَتَنَازَعَا النِّصْفَ الْبَاقِي فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَقْتَسِمَا بَيْنَهُمَا، وَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَإِنَّ الَّتِي قَدْ دَخَلَ بِهَا تَقُولُ لِصَاحِبَتِهَا أَرَأَيْتَ لَوْ كُنْت أَنَا الْمُطَلَّقَةُ حَقًّا وَاحِدَةً أَلَمْ يَكُنْ لِي نِصْفُ الْمِيرَاثِ فَأَسْلِمِيهِ إلَيَّ فَيُسَلَّمُ إلَيْهَا، ثُمَّ يَكُونُ النِّصْفُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَّتَهمَا طَالِقٌ، وَلِأَنَّهُمَا يَتَنَازَعَانِهِ بَيْنَهُمَا فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُقْسَمَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلَّتِي قَدْ دَخَلَ بِهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا وَنِصْفُ الْمِيرَاثِ، وَيَكُونُ لِلْأُخْرَى الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الصَّدَاقِ وَنِصْفُ الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ إنَّمَا وَقَعَ بِطَلَاقٍ أَلْبَتَّةَ، وَقَالَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا هُوَ لِي وَأَنْتِ الْمُطَلَّقَةُ، وَلَمْ تَكُنْ لِلْوَرَثَةِ الْحُجَّةُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ أَيَّتُهُمَا حَلَّتْ بِهِ فَهُوَ لَهَا كُلُّهُ وَكَانَتْ أَحَقَّ بِهِ مِنْ الْوَرَثَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُقْسَمَ بَيْنَهُمَا، وَأَمَّا الصَّدَاقُ فَإِنَّ الَّتِي قَدْ دَخَلَ بِهَا قَدْ اسْتَوْجَبَتْ، صَدَاقَهَا كُلَّهَا وَأَمَّا الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَهَا النِّصْفُ إنْ كَانَتْ هِيَ الْمُطَلَّقَةُ لَا شَكَّ فِيهِ وَتَقَاسَمَ الْوَرَثَةُ الْبَاقِي بِالشَّكِّ، فَكُلَّمَا يَرِدُ عَلَيْك مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَقِسْهُ عَلَى هَذَا وَهُوَ كُلُّهُ رَأْيِي، وَإِنْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا الَّتِي دَخَلَ بِهَا قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ فَهُوَ مِثْلُ مَا وَصَفْت لَك فِي أَلْبَتَّةَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَأُمَّهَا فِي عُقْدَةٍ مُفْتَرِقَةٍ وَلَا يَعْلَمُ أَيَّتَهمَا أَوَّلَ وَقَدْ دَخَلَ بِهِمَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهِمَا حَتَّى مَاتَ وَلَا يَعْلَمُ أَيَّتَهمَا أَوَّلَ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَكِنْ إنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهِمَا فَلَا بُدَّ مِنْ الصَّدَاقِ الَّذِي سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلَا مِيرَاثَ لَهُمَا وَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهِمَا فَلَا بُدَّ مِنْ صَدَاقِ وَاحِدَةٍ فِيمَا بَيْنَهُمَا يَتَوَازَعَانِهِ بَيْنَهُمَا، وَالْمِيرَاثُ فِيمَا بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ صَدَاقُهُمَا الَّذِي سَمَّى مُخْتَلِفًا صَدَاقُ وَاحِدَةٍ أَكْثَرُ مِنْ صَدَاقِ أُخْرَى لَمْ يُعْطِ النِّسَاءَ أَقَلَّ مِنْ الصَّدَاقَيْنِ وَلَا أَكْثَرَ الصَّدَاقَيْنِ، وَلَكِنْ النِّصْفَ مِنْ صَدَاقِ كُلِّ وَاحِدَةٍ الَّذِي سَمَّى لَهَا؛ لِأَنَّ الْمُنَازَعَةَ فِي الْأَقَلِّ مِنْ الصَّدَاقَيْنِ أَوْ الْأَكْثَرِ مِنْ الصَّدَاقَيْنِ صَارَ بَيْنَ النِّسَاءِ وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ وَتَرَكَ خَمْسَ نِسْوَةٍ وَلَا يُعْلَمُ أَيَّتُهُنَّ الْخَامِسَةَ قَالَ: نَعَمْ.

.فِي الشَّهَادَاتِ:

قُلْتُ: لِابْنِ الْقَاسِمِ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ إحْدَى نِسَائِهِ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعِ، وَقَالُوا: نَسِينَاهَا قَالَ: أَرَى شَهَادَتَهُمَا لَا تَجُوزُ إذَا كَانَ مُنْكِرًا وَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالُوا نَشْهَدُ أَنَّهُ قَالَ: إحْدَى نِسَائِي طَالِقٌ يُقَالُ لِلزَّوْجِ إنْ كُنْت نَوَيْت وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا فَذَلِكَ لَك وَإِلَّا طُلِّقْنَ عَلَيْك كُلُّهُنَّ قَالَ وَلَمْ أَسْمَعْ هَذَا مِنْ مَالِكٍ وَلَكِنَّهُ رَأْيِي قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى رَجُلٍ بِتَطْلِيقَةٍ وَشَهِدَ آخَرُ عَلَى ثَلَاثٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ فَإِنْ حَلَفَ لَزِمَتْهُ تَطْلِيقَةٌ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ سُجِنَ حَتَّى يَحْلِفَ وَكَانَ مَرَّةً يَقُولُ إذَا لَمْ يَحْلِفْ طَلُقَتْ عَلَيْهِ أَلْبَتَّةَ، وَسَمِعْتُهُ مِنْهُ ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَنْ قَالَ: يُسْجَنُ حَتَّى يَحْلِفَ قُلْتُ: وَاحِدَةً لَازِمَةً فِي قَوْلِ مَالِكٍ إنْ حَلَفَ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ؟
قَالَ: نَعَمْ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَأَنَّهُ قَدْ دَخَلَ الدَّارَ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ قَالَ: لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا وَأَنَّهُ قَدْ كَلَّمَهُ أَتَطْلُقُ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ وَفِي قَوْلِ مَالِكٍ يَلْزَمُ الزَّوْجَ الْيَمِينُ أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ وَيَكُونُ بِحَالِ مَا وَصَفْت لَك إنْ أَبَى الْيَمِينَ سُجِنَ، وَفِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ إنْ أَبَى الْيَمِينَ طَلُقَتْ عَلَيْهِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْحُرِّيَّةِ مِثْلُ مَا وَصَفْت لَك فِي الطَّلَاقِ وَأَيْمَانِهِ الْيَمِينُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَفِي الطَّلَاقِ سَوَاءٌ يُسْجَنُ قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ شَهِدَ عَلَيْهِ وَاحِدٌ أَنَّهُ طَلَّقَهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ بِمِصْرَ فِي رَمَضَانَ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِمَكَّةَ فِي ذِي الْحِجَّةِ أَنَّهَا طَالِقٌ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْحُرِّيَّةِ.
قَالَ: وَإِذَا شَهِدَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ فِي رَمَضَانَ: إنْ دَخَلْت دَارَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ قَالَ: فِي ذِي الْحِجَّةِ إنْ دَخَلْت دَارَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، وَشَهِدَا عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ دَخَلَهَا مِنْ بَعْدِ ذِي الْحِجَّةِ فَهِيَ طَالِقٌ وَلَا تَبْطُلُ شَهَادَتُهُمَا لِاخْتِلَافِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي شَهِدَا فِيهَا عَلَى يَمِينِهِ، وَتَطْلُقُ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ إذَا شَهِدَا عَلَيْهِ بِالدُّخُولِ أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِالدُّخُولِ غَيْرُهُمَا إذَا كَانَ دُخُولُهُ بَعْدَ ذِي الْحِجَّةِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا لَزِمَتْهُ بِشَهَادَتِهِمَا جَمِيعًا فَإِنْ شَهِدَا عَلَيْهِ جَمِيعًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ.
أَنَّهُ قَالَ: إنْ دَخَلْت دَارَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ دَخَلَهَا فِي رَمَضَانَ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ دَخَلَهَا فِي ذِي الْحِجَّةِ؟ قَالَ لَمْ أَسْمَعْ فِي هَذَا مِنْ مَالِكٍ شَيْئًا وَأَرَى أَنْ تَطْلُقَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ شَهِدَا عَلَى دُخُولِهِ وَإِنَّمَا حِنْثُهُ بِدُخُولِهِ، فَقَدْ شَهِدَا عَلَى الدُّخُولِ فَهُوَ حَانِثٌ وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ عِنْدِي مَثَلُ مَا لَوْ أَنَّ رَجُلًا حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَنْ لَا يُكَلِّمَ إنْسَانًا، فَاسْتَأْدَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ فَزَعَمَتْ أَنَّهُ كَلَّمَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فَأَقَامَتْ عَلَيْهِ شَاهِدَيْنِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ رَآهُ يُكَلِّمُهُ فِي السُّوقِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ رَآهُ يُكَلِّمُهُ فِي الْمَسْجِدِ فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ عَلَيْهِ وَكَذَا هَذَا فِي الْعَتَاقَةِ، وَإِنَّمَا الطَّلَاقُ حَقٌّ مِنْ الْحُقُوقِ وَلَيْسَ هُوَ حَدًّا مِنْ الْحُدُودِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا وَأَرَى شَهَادَتَهُمَا جَائِزَةً وَأَرَاهَا طَالِقًا؛ لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا شَهِدَا عَلَى الزَّوْجِ بِكَلَامٍ هُوَ طَلَاقٌ كُلُّهُ، وَإِنَّمَا مِثْلُ رَجُلٍ شَهِدَ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّهُ قَالَ: لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَقَالَ: الشَّاهِدُ الْآخَرُ أَشْهَدُ أَنَّهُ قَالَ: لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ فَذَلِكَ لَازِمٌ لِلزَّوْجِ وَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِخَلِيَّةٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِبَرِيئَةٍ أَوْ بَائِنٍ؟
قَالَ: ذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى الزَّوْجِ وَتَطْلُقُ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَقَدْ تَخْتَلِفُ الشَّهَادَةُ فِي اللَّفْظِ وَيَكُونُ الْمَعْنَى وَاحِدًا، فَإِذَا كَانَ الْمَعْنَى وَاحِدًا رَأَيْتهَا شَهَادَةً جَائِزَةً قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ شَاهِدًا شَهِدَ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّهُ طَلَّقَ ثَلَاثًا أَلْبَتَّةَ وَقَالَ الْآخَرُ أَشْهَدُ أَنَّهُ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَهِيَ طَالِقٌ، وَأَنَّهُ قَدْ دَخَلَهَا وَشَهِدَ مَعَهُ عَلَى الدُّخُولِ رَجُلٌ آخَرُ؟
فَقَالَ: لَا تَطْلُقُ هَذِهِ عَلَيْهِ هَذَا شَاهِدٌ عَلَى فِعْلٍ وَهَذَا شَاهِدٌ عَلَى إقْرَارٍ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّهُ سَأَلَ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ عَنْ رَجُلٍ شَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ بِإِفْرِيقِيَّةَ ثَلَاثًا، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا بِمِصْرَ ثَلَاثًا، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا بِالْمَدِينَةِ ثَلَاثًا لَا يَشْهَدُ رَجُلٌ مِنْهُمْ عَلَى شَهَادَةِ صَاحِبِهِ هَلْ يُفْعَلُ بِهِمْ شَيْئًا؟ قَالَ لَا قُلْتُ: فَهَلْ تُنْتَزَعُ مِنْهُ امْرَأَتُهُ؟ قَالَ نَعَمْ.
يُونُسُ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي نَفَرٍ ثَلَاثَةٍ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ يَشْهَدُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ عَلَى وَاحِدَةٍ لَيْسَ مَعَهُ صَاحِبُهُ، فَأُمِرَ الرَّجُلُ أَنْ يَحْلِفَ أَوْ يُفَارِقَ، فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ وَقَالَ: إنْ كَانَتْ عَلَيَّ شَهَادَةٌ تَقْطَعُ حَقًّا فَأُنَفِّذُهَا قَالَ: أَرَى أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَأَنْ تَعْتَدَّ عِدَّتَهَا مِنْ يَوْمِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَذَلِكَ لِأَنِّي لَا أَدْرِي عَنْ أَيْ شَهَادَاتِ النَّفَرِ نَكَلَ، فَعِدَّتُهَا مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي نَكَلَ فِيهِ.
يُونُسُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَابْنِ شِهَابٍ فِي رَجُلٍ شَهِدَ عَلَيْهِ رِجَالٌ مُفْتَرِقُونَ عَلَى طَلَاقٍ وَاحِدٍ بِثَلَاثٍ وَآخَرُ بِاثْنَيْنِ وَآخَرُ بِوَاحِدَةٍ قَالَا: ذَهَبَتْ مِنْهُ بِتَطْلِيقَتَيْنِ قُلْتُ: أَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي الطَّلَاقِ، فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا تَجُوزُ إلَّا شَاهِدَانِ عَلَى شَاهِدٍ.
قَوْلُ مَالِكٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدٌ عَلَى شَاهِدٍ وَيَحْلِفَ الْمُدَّعِي مَعَ الشَّاهِدِ عَلَى شَهَادَةِ ذَلِكَ الشَّاهِدِ الَّذِي أَشْهَدُهُ؟
قَالَ: لَا يَحْلِفُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ تَامَّةٍ إنَّمَا هِيَ بَعْضُ شَهَادَةٍ فَلَا يَحْلِفُ مَعَهَا الْمُدَّعِي قُلْتُ: وَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْحُدُودِ وَالْفِرْيَةِ؟
قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ جَائِزَةٌ فِي الْحُدُودِ وَالطَّلَاقِ وَالْفِرْيَةِ وَفِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ، الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِيهِ جَائِزَةٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَكَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ قُلْتُ: فَهَلْ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى فِي الطَّلَاقِ؟
قَالَ: نَعَمْ، إذَا عَرَفَ الصَّوْتَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَالرَّجُلُ يَسْمَعُ جَارَهُ مِنْ وَرَاءِ حَائِطٍ وَلَا يَرَاهُ، يَسْمَعُهُ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ فَيَشْهَدُ عَلَيْهِ وَقَدْ عَرَفَ صَوْتَهُ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: شَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ، وَقَالَ: ذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَشُرَيْحٌ الْكِنْدِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَرَبِيعَةُ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمَحْدُودَ فِي الْقَذْفِ أَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ فِي الطَّلَاقِ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ، تَجُوزُ شَهَادَتُهُ إذَا ظَهَرَتْ تَوْبَتُهُ وَحَسُنَتْ حَالُهُ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنِي بَعْضُ إخْوَانِنَا أَنَّهُ قِيلَ لِمَالِكٍ فِي الرَّجُلِ الصَّالِحِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ يَقْذِفُ فَيُجْلَدُ فِيمَا يَقْذِفُ أَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَعَدَالَتُهُ وَقَدْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ قَبْلَ ذَلِكَ؟
قَالَ: إذَا ازْدَادَ دَرَجَةً إلَى دَرَجَتِهِ الَّتِي كَانَ فِيهَا.
قَالَ: وَلَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عِنْدَنَا هَهُنَا رَجُلًا صَالِحًا عَدْلًا فَلَمَّا وَلِيَ الْخِلَافَةَ ازْدَادَ وَارْتَفَعَ وَزَهِدَ فِي الدُّنْيَا وَارْتَفَعَ إلَى فَوْقِ مَا كَانَ فِيهِ فَكَذَلِكَ هَذَا.
يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَجَازَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ شَهَادَةَ مَنْ تَابَ مِنْ الَّذِينَ جُلِدُوا فِي الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَأَجَازَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالشَّعْبِيُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَابْنُ قُسَيْطٍ وَابْنُ شِهَابٍ وَرَبِيعَةُ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَشُرَيْحٌ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أَهْلَ الذِّمَّةِ هَلْ تَجُوزُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَالشَّعْبِيُّ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مِلَّةٍ عَلَى مِلَّةٍ، وَقَالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ أَهْلِ الْمِلَلِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ.
قُلْتُ: أَتَجُوزُ شَهَادَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي الْوِلَادَةِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ قَالَ: لَا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَمَرَهُمَا أَنْ يُزَوِّجَاهُ فُلَانَةَ، وَأَنَّهُمَا قَدْ زَوَّجَاهُ وَهُوَ يَجْحَدُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا خَصْمَانِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ شَهِدَا أَنَّهُ أَمَرَهُمَا أَنْ يَبِيعَا لَهُ بَيْعًا وَأَنَّهُمَا قَدْ فَعَلَا وَالرَّجُلُ يُنْكِرُ ذَلِكَ؟
قَالَ: نَعَمْ، لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهُمَا خَصْمَانِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: قَدْ أَمَرْتُهُمَا أَنْ يَبْتَاعَا لِي عَبْدَ فُلَانٍ، وَأَنَّهُمَا لَمْ يَفْعَلَا، وَقَالَا: قَدْ فَعَلْنَا قَدْ ابْتَعْنَاهُ لَك؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَأَرَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُمَا أَنَّهُمَا قَدْ ابْتَاعَا الْعَبْدَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَمَرَهُمَا بِذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: طَلِّقْنِي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَأَنَّهُ قَدْ طَلَّقَهَا، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهَا قَالَتْ لَهُ: طَلِّقْنِي عَلَى عَبْدِي فُلَانٍ وَأَنَّهُ قَدْ طَلَّقَهَا؟
قَالَ: قَدْ اخْتَلَفَا فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ شَهَادَةَ النِّسَاءِ فِي الطَّلَاقِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ إلَّا فِي حُقُوقِ النَّاسِ، الدُّيُونِ وَالْأَمْوَالِ كُلِّهَا حَيْثُ كَانَتْ، وَفِي الْقَسَامَةِ إذَا كَانَتْ خَطَأً؛ لِأَنَّهَا مَالٌ، وَفِي الْوَصَايَا إذَا كُنَّ إنَّمَا يَشْهَدْنَ عَلَى وَصِيَّةِ مَالٍ.
قَالَ: وَلَا تَجُوزُ عَلَى الْعِتْقِ وَلَا عَلَى شَيْءٍ إلَّا مَا ذَكَرْت لَك مِمَّا هُوَ مَالٌ مِمَّا يَغِيبُ عَلَيْهِ النِّسَاءُ مِنْ الْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ وَالْعُيُوبِ، وَآثَارُ هَذَا مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الِاسْتِهْلَالَ أَتَجُوزُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ فِي الِاسْتِهْلَالِ جَائِزَةٌ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ كَمْ يُقْبَلُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْوِلَادَةِ مِنْ النِّسَاءِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ قُلْتُ: وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ عَلَى الْوِلَادَةِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تُقْبَلُ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ مِمَّا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ قَوْمًا شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ هَذَا وَالْعَبْدُ يُنْكِرُ وَالسَّيِّدُ يُنْكِرُ؟
قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَرَاهُ حُرًّا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُرِقَّ نَفْسَهُ.