فصل: الَّذِي يَقُولُ لِعَبْدِهِ: إنْ بِعْتُكَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَاعَهُ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)



.فِي اسْتِبْرَاءِ الْأَمَةِ تُشْتَرَى مِنْ الْمَرْأَةِ أَوْ الصَّبِيِّ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْجَارِيَةَ إنْ كَانَ مِثْلُهَا يُوطَأُ فَكَانَتْ لِرَجُلٍ لَمْ يَطَأْهَا أَوْ كَانَتْ لِامْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ، فَبَاعُوهَا، أَيَتَوَاضَعَانِهَا لِلِاسْتِبْرَاءِ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَتَوَاضَعَانِهَا لِلِاسْتِبْرَاءِ إذَا كَانَ مِثْلُهَا يُوطَأُ، وَلَا يُلْتَفَتُ فِي ذَلِكَ إلَى سَيِّدِهَا وَطِئَ أَوْ لَمْ يَطَأْ وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ كَانَتْ امْرَأَةً فَالِاسْتِبْرَاءُ لَازِمٌ لِلْجَارِيَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ إذَا كَانَ مِثْلُهَا يُوطَأُ وَتُسْتَبْرَأُ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت جَارِيَةً مِنْ امْرَأَتِي وَمِنْ ابْنٍ لِي صَغِيرٍ فِي حِجْرِي، أَيَكُونُ عَلَيَّ الِاسْتِبْرَاءُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَتْ جَارِيَةً لَا تَخْرُجُ وَهِيَ فِي بَيْتِ الرَّجُلِ، فَلَا أَرَى عَلَيْهِ اسْتِبْرَاءً وَهِيَ مِثْلُ الْمُسْتَوْدَعَةِ عِنْدَهُ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ تَخْرُجُ فِي حَوَائِجِهِمْ إلَى السُّوقِ، أَيَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاءٌ إذَا اشْتَرَاهَا مِنْ ابْنِهِ أَوْ مِنْ امْرَأَتِهِ؟
قَالَ: عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ الَّتِي عِنْدَهُ تَخْرُجُ إلَى السُّوقِ فَاشْتَرَاهَا بَعْدَمَا حَاضَتْ، أَيَكُونُ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ؟
قَالَ: عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ.
قَالَ: لِأَنَّهُ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يُبْضِعُ مَعَ الرَّجُلِ فِي جَارِيَةٍ فَاشْتَرَاهَا مِنْ بَلَدٍ فَبَعَثَ بِهَا إلَيْهِ فَحَاضَتْ فِي الطَّرِيقِ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إلَيْهِ.
قَالَ مَالِكٌ: لَا يَطَؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا لِنَفْسِهِ، وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي الْجَارِيَةِ الْمُسْتَوْدَعَةِ: إنَّ حَيْضَتَهَا عِنْدَ الَّذِي اسْتَوْدَعَهَا لَا تُجْزِئُهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ جَارِيَةً لَا تَخْرُجُ وَهِيَ مَحْبُوسَةٌ فِي بَيْتِهِ.

.النَّقْدُ فِي الِاسْتِبْرَاءِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ الْجَارِيَةَ وَهِيَ مِمَّنْ يُسْتَبْرَأُ، أَيَصْلُحُ أَنْ يُشْتَرَطَ النَّقْدُ فِيهَا أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ اشْتَرَطَ النَّقْدَ فِيهَا فَالْبَيْعُ مَفْسُوخٌ.
قُلْتُ: فَإِنْ اشْتَرَطَا أَنْ يَتَوَاضَعَا النَّقْدَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ، أَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ مَالِكٌ: فَذَلِكَ جَائِزٌ.
قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَإِنْ هَلَكَ الثَّمَنُ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ الْجَارِيَةُ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ مِمَّنْ يَكُونُ الثَّمَنُ؟
قَالَ: إنْ خَرَجَتْ مِنْ الْحَيْضَةِ كَانَ الثَّمَنُ مِنْ الْبَائِعِ، وَإِنْ مَاتَتْ أَوْ أُلْفِيَتْ حَامِلًا كَانَ الثَّمَنُ مِنْ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ إذَا تَمَّ الْبَيْعُ فَالْبَائِعُ قَابِضٌ لِلثَّمَنِ، لِأَنَّ الثَّمَنَ إنَّمَا وُضِعَ لَهُ وَإِذَا لَمْ يُتِمَّ الْبَيْعَ فَالثَّمَنُ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْجَارِيَةَ لَمْ تَجِبْ لَهُ فَالْمَالُ مَالُهُ.
قُلْتُ: فَهَلْ يَصْلُحُ فِي هَذَا إذَا جَعَلَاهَا عَلَى يَدَيْ الْمُشْتَرِي أَنْ يَشْتَرِطَ النَّقْدَ؟
قَالَ: لَا يَصْلُحُ وَإِنْ اشْتَرَطَ النَّقْدَ فِي هَذَا كَانَ الْبَيْعُ مَفْسُوخًا؟
قُلْت: فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ النَّقْدَ وَنَقَدَهُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ فِي أَيَّامِ الِاسْتِبْرَاءِ، أَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا كَانَ بِغَيْرِ شَرْطٍ.

.(اسْتِبْرَاءُ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ الَّتِي تَحِيضُ):

اسْتِبْرَاءُ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ الَّتِي تَحِيضُ وَاَلَّتِي لَا تَحِيضُ مِنْ صِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَتْ لَا تَحِيضُ مِنْ صِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ وَمِثْلُهَا يُوطَأُ فَاشْتَرَاهَا رَجُلٌ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَسْتَبْرِئُهَا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَسْتَبْرِئُهَا بِحَيْضَةٍ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ فَارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا أَشْهُرًا، كَيْفَ يَصْنَعُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَطَؤُهَا الْمُشْتَرِي حَتَّى يَمْضِيَ لَهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ إلَّا أَنْ تَرْتَابَ، فَإِنْ ارْتَابَتْ رُفِعَتْ رِيبَتُهَا إلَى تِسْعَةِ أَشْهُرٍ، فَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ بِهَا حَمْلٌ وَطِئَهَا مَكَانَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَعْدَ التِّسْعَةِ أَشْهُرٍ شَيْءٌ إلَّا أَنْ تَرْتَابَ بِحَمْلٍ، فَإِنْ ارْتَابَتْ بِحَمْلٍ لَمْ تُوطَأْ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ مِنْ تِلْكَ الرِّيبَةِ، وَإِنْ انْقَطَعَتْ عَنْهَا الرِّيبَةُ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ الْأَشْهُرِ فَمَتَى مَا انْقَطَعَتْ أَصَابَهَا سَيِّدُهَا وَلَمْ يَنْتَظِرْ بِهَا تِسْعَةَ أَشْهُرٍ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ فِيمَنْ اشْتَرَى أَمَةً: إنَّهُ لَا يَقْرَبُهَا حَتَّى تُسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ: وَسَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ فِرَاسِ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: تُسْتَبْرَأُ الْأَمَةُ إذَا بِيعَتْ بِحَيْضَةٍ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَسَالِمٍ وَفَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ صَاحِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَابْنِ شِهَابٍ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَرَبِيعَةَ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ مِثْلَهُ.
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَهِيَ السُّنَّةُ.
ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ: إنَّ النِّكَاحَ إنَّمَا اسْتِبْرَاؤُهُ بَعْدَ الْإِيطَاءِ وَالدُّخُولِ عَلَى الْمَنْكُوحَةِ أَمَانَةٌ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا لِأَنَّهَا مُحْصَنَةٌ فَلَيْسَ مِثْلُهَا يُوقَفُ عَلَى الرِّيبَةِ وَإِنَّ الْمَمْلُوكَةَ الَّتِي تُسْتَبْرَأُ حَيْضَتُهَا عُهْدَةٌ وَاسْتِبْرَاؤُهَا سُنَّةٌ فَلَا تَتَّفِقُ الْمَنْكُوحَةُ وَلَا الَّتِي تُبَاعُ.
ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: لَا تُسْتَبْرَأُ الْأَمَةُ فِي النِّكَاحِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: اسْتِبْرَاءُ أَرْحَامِ الْإِمَاءِ اللَّاتِي لَمْ يَبْلُغْنَ الْمَحِيضَ وَاَللَّائِي قَدْ يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ فِي الْبَيْعِ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، أَمْرُ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَنَا وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مِنْ أَعْجَبْ مَا سَمِعْتُ إلَيَّ فِيهِ وَإِنْ كَانَتْ تَحِيضُ فَحَيْضَةٌ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَابْنُ شِهَابٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَرَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَبُكَيْر بْنُ الْأَشَجِّ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.

.فِي اسْتِبْرَاءِ الْمَرِيضَةِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اُشْتُرِيَتْ جَارِيَةٌ فَتَوَاضَعَاهَا لِلِاسْتِبْرَاءِ، فَأَصَابَهَا فِي الِاسْتِبْرَاءِ مَرَضٌ فَارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ، فَرَضِيَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَقْبَلَهَا بِذَلِكَ الْمَرَضِ مَتَى يَطَؤُهَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ لَا يَطَؤُهَا إذَا رَفَعَتْهَا حَيْضَتُهَا إلَّا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَالْمَرَضُ وَغَيْرُ الْمَرَضِ يَدْخُلُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ.
قُلْتُ: وَكُلُّ شَيْءٍ أَصَابَهَا فِي أَيَّامِ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ مَرَضٍ أَوْ عَيْبٍ أَوْ دَاءٍ يَكُونُ ذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ عَيْبًا أَوْ نُقْصَانًا فِي الْجَارِيَةِ، فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهَا وَلَا يَقْبَلَهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، إلَّا أَنْ يُحِبَّ أَنْ يَقْبَلَهَا بِذَلِكَ الْعَيْبِ، فَإِنْ رَضِيَ أَنْ يَقْبَلَهَا بِذَلِكَ الْعَيْبِ وَقَالَ الْبَائِعُ لَا أَدْفَعُهَا إلَيْكَ إذَا كَانَ لَكَ لَوْ وَجَدْتُ بِهَا عَيْبًا أَنْ تَرُدَّهَا عَلَيَّ فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَخْتَارَ عَلَيَّ قَالَ ذَلِكَ إلَى الْمُشْتَرِي إنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَهَا أَخَذَهَا وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ فِي هَذَا حُجَّةٌ وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَتْرُكَ تَرَكَ.

.فِي وَطْءِ الْجَارِيَةِ أَيَّامَ الِاسْتِبْرَاءِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلُ يَشْتَرِي الْجَارِيَةَ، أَيَصْلُحُ لَهُ أَنْ يُقَبِّلَ أَوْ يُبَاشِرَ فِي حَالِ الِاسْتِبْرَاءِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَتَلَذَّذُ مِنْهَا فِي حَالِ الِاسْتِبْرَاءِ بِقُبْلَةٍ وَلَا يَجُسُّ وَلَا يَنْظُرُ وَلَا بِشَيْءٍ إلَّا أَنْ يَنْظُرَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ التَّلَذُّذِ فَلَا بَأْسَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَطِئَهَا فِي حَالِ الِاسْتِبْرَاءِ، ثُمَّ حَاضَتْ فَصَارَتْ لَهُ، أَتَرَى أَنْ يُنَكِّلَهُ السُّلْطَانُ بِمَا صَنَعَ مِنْ وَطْئِهِ إيَّاهَا فِي أَيَّامِ الِاسْتِبْرَاءِ؟
قَالَ: نَعَمْ، إنْ لَمْ يُعْذَرْ بِالْجَهْلِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَى رَجُلٌ جَارِيَةً وَهِيَ بِكْرٌ، فَوَطِئَهَا فِي حَالِ الِاسْتِبْرَاءِ فَأَصَابَهَا عَيْبٌ فِي حَالِ الِاسْتِبْرَاءِ ذَهَابُ عَيْنٍ أَوْ ذَهَابُ يَدٍ أَوْ عَمًى أَوْ دَاءٌ، فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهَا؟ قَالَ لَهُ: أَنْ يَرُدَّهَا وَيَرُدَّ مَعَهَا مَا نَقَصَهُ الْوَطْءُ.
قُلْتُ: وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا، لِأَنَّهَا سِلْعَةٌ مِنْ السِّلَعِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا نَقَصَهَا الْوَطْءُ، فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْهَا الْوَطْءُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ إنْ اغْتَصَبَ رَجُلٌ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا نَقَصَهَا؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَلَا يَعْرِفُ مَالِكٌ الصَّدَاقَ؟
قَالَ: لَا، وَأَخْبَرَنِي عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ.
قَالَ: مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً قَدْ بَلَغَتْ الْمَحِيضَ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَطَأَهَا حَتَّى تَحِيضَ وَلَا يُقَبِّلَهَا وَلَا يَتَلَذَّذَ بِشَيْءٍ مِنْ أَمْرِهَا، فَإِذَا اشْتَرَيْتَ الْجَارِيَةَ الَّتِي قَدْ عَرَكَتْ لَمْ تُوطَأْ حَتَّى تَعْرُكَ فَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ ذَلِكَ كَانَتْ مِنْ الْبَائِعِ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُقَبِّلَهَا وَلَا يَغْمِزَهَا وَلَا يَنْظُرَ إلَيْهَا تَلَذُّذًا.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى جَارِيَةً حُبْلَى هَلْ يُبَاشِرُهَا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ قَالَ: مَا أُحِبُّ أَنْ يَفْعَلَ.
مَسْلَمَةُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: لَا يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا حَتَّى تَضَعَ وَقَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ مَنْ ابْتَاعَ أَمَةً حَامِلًا مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا كَانَ حَمْلُهَا ذَلِكَ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُبَاشِرَهَا وَلَا يُقَبِّلَهَا وَلَا يَغْمِزَهَا وَلَا يَجُسَّهَا وَلَا يُجَرِّدَهَا لِلَّذَّةِ حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا.
قَالَ: وَإِنْ بِيعَتْ الْجَارِيَةُ بِالْبَرَاءَةِ حَامِلًا أَوْ غَيْرَ حَامِلٍ فَلَا تُقَبَّلُ وَلَا تُبَاشَرُ لَا قَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا وَلَا بَعْدَ حَتَّى تَضَعَ.

.فِي وَطْءِ الْجَارِيَةِ فِي أَيَّامِ الِاسْتِبْرَاءِ ثُمَّ تَأْتِيَ بِوَلَدٍ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وَطِئْتُهَا فِي حَالِ الِاسْتِبْرَاءِ ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ وَقَدْ كَانَ الْبَائِعُ وَطِئَهَا أَيْضًا، كَيْفَ يَصْنَعُ بِهَذَا الْوَلَدِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَرَى أَنْ يُدْعَى إلَيْهِ الْقَافَةُ إذَا وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي، فَإِنْ كَانَ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي فَهُوَ مِنْ الْبَائِعِ، إذَا أَقَرَّ بِالْوَطْءِ وَيُنَكَّلُ الْمُشْتَرِي فِي حَالِ هَذَا كُلِّهِ حِينَ وَطِئَ فِي حَالِ الِاسْتِبْرَاءِ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ أَنْكَرَ الْوَطْءَ فَالْوَلَدُ وَلَدُ الْجَارِيَةِ لَا أَبَ لَهُ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي، وَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهَا وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ لِلْوَطْءِ غُرْمٌ وَعَلَيْهِ الْعُقُوبَةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَقَصَهَا وَطْؤُهُ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ بِكْرًا فَافْتَضَّهَا الْمُشْتَرِي فِي حَالِ الِاسْتِبْرَاءِ فَجَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالْبَائِعُ مُنْكِرٌ لِلْوَطْءِ؟
قَالَ: لَا أَبَ لَهُ وَهِيَ وَوَلَدُهَا لِلْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَقْبَلَهَا الْمُشْتَرِي فَذَلِكَ لَهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ أَقَرَّ أَنَّ الْوَلَدَ وَلَدُهُ فَيُنْتَقَضُ الْبَيْعُ وَيَكُونُ الْوَلَدُ وَلَدَهُ وَالْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ الْبَائِعُ قَدْ كُنْتُ أَفْخَذْتُهَا وَلَكِنِّي لَمْ أُنْزِلْ الْمَاءَ فِيهَا وَلَيْسَ الْوَلَدُ وَلَدِي، أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ أَمْ لَا؟
قَالَ: ذَلِكَ لَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ الْوَلَدُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ هَذِهِ الَّتِي وَطِئَ الْمُشْتَرِي فِي حَالِ الِاسْتِبْرَاءِ فَجَاءَتْ الْجَارِيَةُ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَلْحَقَتْ الْقَافَةُ الْوَلَدَ بِالْمُشْتَرِي أَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِهَذَا الْوَلَدِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ بَاعَ رَجُلٌ جَارِيَةً وَأَقَرَّ بِأَنَّهُ كَانَ يَطَأُ وَلَا يُنْزِلُ فِيهَا، فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِمَا تَجِيءُ بِهِ النِّسَاءُ مِنْ يَوْمِ وَطِئَهَا سَيِّدُهَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَلْزَمُهُ الْوَلَدُ وَلَا يَنْفَعُهُ أَنْ يَقُولَ: كُنْتُ أَعْزِلُ عَنْهَا.
قَالَ أَشْهَبُ وَقَدْ نَزَلَ مِثْلُ ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَجُلٌ: إنِّي كُنْتُ أَعْزِلُ عَنْهَا فَقَالَ لَهُ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ الْوِكَاءَ يَنْفَلِتُ فَأُلْحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَذَكَرَهُ أَشْهَبُ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا.

.كِتَابُ الْعِتْقِ الْأَوَّلِ:

.فِي الْعِتْقِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ التَّدْبِيرَ وَالْعِتْقَ بِيَمِينٍ أَمُخْتَلِفٌ هُوَ؟
قَالَ: نَعَمْ، لِأَنَّ الْعِتْقَ بِيَمِينٍ إذَا حَنِثَ عَتَقَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَعَلَ حِنْثَهُ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ أَوْ بَعْدَ خِدْمَةِ الْعَبْدِ إلَى أَجَلِ كَذَا وَكَذَا فَيَكُونُ كَمَا قَالَ.
قُلْتُ: وَالْعِتْقُ عِنْدَ مَالِكٍ وَاجِبٌ؛ لِأَنَّهُ شَيْءٌ قَدْ أَنْفَذَهُ وَبَتَلَهُ، وَالتَّدْبِيرُ وَاجِبٌ لِأَنَّهُ إيجَابٌ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَالْيَمِينُ فِي الْعِتْقِ لَازِمَةٌ، وَالْوَصِيَّةُ بِالْعِتْقِ عِدَّةٌ إنْ شَاءَ رَجَعَ فِيهَا؟
فَقَالَ: نَعَمْ، هَذَا كُلُّهُ كَذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقِيقِي هَؤُلَاءِ، أَيُجْبَرُ عَلَى عِتْقِهِمْ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا يُجْبَرُ عَلَى عِتْقِهِمْ إنْ شَاءَ أَعْتَقَهُمْ وَإِنْ شَاءَ حَبَسَهُمْ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: هَذَا رَأْيِي.
قُلْتُ: وَكَانَ يَرَى ذَلِكَ مَالِكٌ عَلَى سَيِّدِهِمْ أَنْ يَفِيَ بِمَا وَعَدَ ذَلِكَ.
قَالَ: نَعَمْ كَانَ يَرَى ذَلِكَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ يَرَى ذَلِكَ عَلَيْهِ وَاجِبًا لِمَ لَا يُعْتِقُهُمْ عَلَيْهِ؟
قَالَ: إنَّمَا هَذِهِ عِدَّةٌ جَعَلَهَا لِلَّهِ مِنْ عَمَلِ الْبِرِّ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ يُؤْمَرُ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا الَّذِي يُعْتِقُهُ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ لَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ عِتْقَهُمْ فَحَنِثَ فِيهَا أَوْ أَبَتَّ عِتْقَهُمْ بِغَيْرِ يَمِينٍ، فَأَمَّا إذَا كَانَ نَذْرًا مِنْهُ أَوْ مَوْعِدًا فَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِأَنْ يَبْقَى وَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ.

.(فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِلْعَبْدِ: إنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ):

فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِلْعَبْدِ: إنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ يَشْتَرِي بَعْضَهُ أَوْ يَشْتَرِيهِ شِرَاءً فَاسِدًا:
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لِعَبْدٍ: إنْ اشْتَرَيْتُكَ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَاشْتَرَى بَعْضَهُ؟
قَالَ: يُعْتَقُ عَلَيْهِ كُلُّهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَيَقُومُ عَلَيْهِ نَصِيبُ شُرَكَائِهِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: مَنْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ وَلَهُ أَنْصَافُ مَمَالِيكَ فَإِنَّهُ يُعْتِقُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قُلْتُ: إنْ مَلَكْتُ فُلَانًا فَهُوَ حُرٌّ، فَمَلَكْتُ نِصْفَهُ؟
قَالَ: هُوَ حُرٌّ وَيَقُومُ عَلَيْكَ مَا بَقِيَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قُلْتُ: إنْ اشْتَرَيْتُ فُلَانًا فَهُوَ حُرٌّ، فَاشْتَرَيْتُهُ بَيْعًا فَاسِدًا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا بَيْعًا فَعَتَقَهُ جَازَ عِتْقُهُ، فَكَذَلِكَ هَذَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَيَرُدُّ الثَّمَنَ وَيَرْجِعَانِ إلَى الْقِيمَةِ فَيَكُونُ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَبْدِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ عَبْدًا بِثَوْبٍ فَأَعْتَقَ الْعَبْدَ وَاسْتَحَقَّ الثَّوْبَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِ الثَّوْبِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لِأَمَةٍ: إذَا اشْتَرَيْتُكِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ، أَتُعْتَقُ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ إذَا اشْتَرَاهَا؟
قَالَ: نَعَمْ.

.فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِلْعَبْدِ: إنْ بِعْتُكَ فَأَنْتَ حُرٌّ، ثُمَّ يَبِيعُهُ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ: إنْ بِعْتُكَ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَبَاعَهُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُعْتَقُ عَلَى الْبَائِعِ وَيُرَدُّ الثَّمَنُ.
قُلْتُ: فَإِنْ قَالَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ: إنْ اشْتَرَيْت عَبْدَكَ فُلَانًا فَهُوَ حُرٌّ، وَقَالَ سَيِّدُهُ: إنْ بِعْتُكَهُ فَهُوَ حُرٌّ، فَبَاعَهُ سَيِّدُهُ مِنْ الْحَالِفِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: هُوَ حُرٌّ مِنْ الَّذِي قَالَ: إنْ بِعْتُكَ.
قُلْتُ: لِمَ؟
قَالَ: لِأَنَّ الْحِنْثَ قَدْ وَقَعَ وَالْبَيْعَ مَعًا وَقَدْ كَانَ مَرْهُونًا بِالْيَمِينِ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَرُبَّمَا عَقَدَ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ.
فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَحَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ أَنَّ رَبِيعَةَ كَانَ يَقُولُ: هُوَ مُرْتَهِنٌ فِي يَمِينِهِ.

.الَّذِي يَقُولُ لِعَبْدِهِ: إنْ بِعْتُكَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَاعَهُ:

سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: سُئِلَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِمَمْلُوكِهِ: إنْ بِعْتُكَ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَبَاعَهُ؟
قَالَ: هُوَ حُرٌّ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ.
أَشْهَبُ عَنْ ابْنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ: يُعْتَقُ لِأَنَّهُ كَانَ مُرْتَهَنًا بِالْيَمِينِ قَبْلَ الْبَيْعِ.
ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَقَتَادَةُ فِي الَّذِي يَقُولُ: إنْ بِعْتُ غُلَامِي فَهُوَ حُرٌّ، فَبَاعَهُ؛ فَهُوَ حُرٌّ.
سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَابْنِ شُبْرُمَةَ قَالَا: إذَا قَالَ الرَّجُلُ يَوْمَ أَشْتَرِي هَذَا الْغُلَامَ أَوْ أَبِيعُهُ فَهُوَ حُرٌّ.
قَالَ: فَإِنْ اشْتَرَاهُ أَوْ بَاعَهُ فَهُوَ حُرٌّ عَلَى مَا قَالَ.
قَالَ: فَقِيلَ لِابْنِ شُبْرُمَةَ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ فَقَالَ: أَلَيْسَ يَقُولُ: إذَا مِتُّ فَغُلَامِي حُرٌّ فَهُوَ مِثْلُهُ.

.(فِي الرَّجُلِ يَقُولُ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ وَلَهُ مُكَاتَبُونَ):

فِي الرَّجُلِ يَقُولُ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ وَلَهُ مُكَاتَبُونَ وَمُدَبَّرُونَ وَأَنْصَافُ مَمَالِيكَ:
فَقُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ وَلَهُ مُكَاتَبُونَ وَمُدَبَّرُونَ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ، أَيُعْتِقُهُمْ عَلَيْهِ مَالِكٌ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: هُمْ أَحْرَارٌ كُلُّهُمْ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ أَلْبَتَّةَ، وَلَهُ نِصْفُ مَمْلُوكٍ، أَيُعْتَقُ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُعْتَقُ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: فَيَقُومُ بِقِيمَتِهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ.
قَالَ لِي مَالِكٌ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَإِنْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ وَلَهُ شِقْصٌ فِي مَمْلُوكٍ، أَيُعْتَقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الشِّقْصُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، يُعْتَقُ وَيَقُومُ عَلَيْهِ شِقْصُ صَاحِبِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ، وَلَهُ مَمَالِيكُ وَلِمَمَالِيكِهِ مَمَالِيكُ.
قَالَ مَالِكٌ: لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ إلَّا مَمَالِيكُهُ وَيُتْرَكُ مَمَالِيكُ مَمَالِيكِهِ فِي يَدَيْ مَمَالِيكِهِ الَّذِينَ أُعْتِقُوا يَبِيعُونَهُمْ رَقِيقًا لَهُمْ.
فَقُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ لِلْمَمَالِيكِ أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ لَمْ يُعْتَقُوا وَكَانُوا تَبَعًا لَهُمْ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ لِلْمَمَالِيكِ أَوْلَادٌ مِنْ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِمْ؟
فَقَالَ: يُعْتَقُونَ عِنْدَ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ الْأَوْلَادَ لَيْسُوا بِمَمَالِيكَ لِآبَائِهِمْ إنَّمَا هُمْ مَالٌ لِلسَّيِّدِ وَيُعْتَقُونَ كَانُوا وُلِدُوا قَبْلَ حَلِفِهِ أَوْ بَعْدَ حَلِفِهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ، وَعِنْدَهُ مُكَاتَبُونَ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ وَمُدَبَّرُونَ وَأَشْقَاصٌ مِنْ عَبِيدٍ، فَكَلَّمَهُ، فَقَالَ مَالِكٌ: يَحْنَثُ فِيهِمْ كُلُّهُمْ وَيُعْتَقُونَ عَلَيْهِ وَيَقُومُ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْعَبِيدِ الَّذِينَ لَهُ فِيهِمْ الشُّقُوصُ إنْ كَانَ مُوسِرًا.

.(فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِمَمْلُوكِ غَيْرِهِ: أَنْتَ حُرٌّ مِنْ مَالِي):

فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِمَمْلُوكِ غَيْرِهِ: أَنْتَ حُرٌّ مِنْ مَالِي، أَوْ لِجَارِيَةِ غَيْرِهِ: أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ وَطِئْتُكِ:
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَقُولُ لِعَبْدٍ لَا يَمْلِكُهُ: أَنْتَ حُرٌّ مِنْ مَالِي؟
قَالَ: لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ.
قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ قَالَ سَيِّدُهُ: أَنَا أَرْضَى أَنْ أَبِيعَهُ مِنْكَ، فَإِنَّهُ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَإِنَّمَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ إذَا قَالَ: إنْ اشْتَرَيْتُكَ أَوْ مَلَكْتُكَ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَهَذَا الَّذِي إنْ اشْتَرَاهُ أَوْ مَلَكَهُ فَهُوَ حُرٌّ عِنْدَ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لِأَمَةٍ لَا يَمْلِكُهَا: إنْ وَطِئْتُكِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ، فَاشْتَرَاهَا فَوَطِئَهَا؟
قَالَ: هَذِهِ لَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: إنْ وَطِئْتُكِ، أَيْ: إنْ اشْتَرَيْتُكِ فَوَطِئْتُكِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ، فَإِنْ أَرَادَ هَذَا فَهِيَ حُرَّةٌ كَمَا أَرَادَ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ هَذَا فَلَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ لَهَا: إنْ ضَرَبْتُكِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ وَهِيَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ؟
قَالَ: هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ فِيمَا فَسَّرْتُ لَكَ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ قَالَ لِعَبْدِ رَجُلٍ: أَنْتَ حُرٌّ فِي مَالِي، وَإِنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ.

.فِي الرَّجُلِ يَقُولُ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فِيمَا اسْتَقْبَلَ فَهُوَ حُرٌّ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ قَالَ: كُلُّ عَبْدٍ اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا اشْتَرَى مِنْ الْعَبْدِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ قَالَ: كُلُّ جَارِيَةٍ أَشْتَرِيهَا فَهِيَ حُرَّةٌ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا اشْتَرَى مِنْ الْجَوَارِي قَالَ مَالِكٌ: إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ جَارِيَةً بِعَيْنِهَا أَوْ عَبْدًا بِعَيْنِهِ أَوْ جِنْسًا مِنْ الْأَجْنَاسِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَهَذَا مِثْلُ الطَّلَاقِ إذَا قَالَ: كُلُّ جَارِيَةٍ، أَوْ قَالَ: كُلُّ عَبْدٍ أَوْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ حَلَفَ بِهَذِهِ وَعِنْدَهُ رَقِيقٌ، فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ وَلَا يُعْتَقُونَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ يَمِينِهِ فِي الطَّلَاقِ إذَا حَلَفَ بِطَلَاقِ كُلِّ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، وَعِنْدَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ حَرَائِرَ كَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ إنْ طَلَّقَهُنَّ أَوْ طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ كَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَكَانَتْ يَمِينُهُ بَاطِلًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: كُلُّ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَلْزَمُهُ هَذِهِ الْيَمِينُ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: أَوْ قَالَ: كُلُّ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ، أَوْ قَالَ: كُلُّ جَارِيَةٍ أَشْتَرِيهَا فَهِيَ حُرَّةٌ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ عَمَّ الْجَوَارِيَ وَعَمَّ الْغِلْمَانَ، فَلَا تَلْزَمُ هَذَا هَذِهِ الْيَمِينُ.
ابْنُ الْقَاسِمِ وَذَكَرَ ذَلِكَ مَالِكٌ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَنْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ أَوْ كُلُّ جَارِيَةٍ أَبْتَاعُهَا فَهِيَ حُرَّةٌ أَوْ كُلُّ عَبْدٍ أَبْتَاعُهُ فَهُوَ حُرٌّ، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ امْرَأَةً بِعَيْنِهَا أَوْ قَبِيلَةً أَوْ فَخْذًا أَوْ جِنْسًا مِنْ الْأَجْنَاسِ أَوْ رَأْسًا بِعَيْنِهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ أَبَدًا فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَدَخَلَ الدَّارَ؟
قَالَ: لَا يَلْزَمُهُ الْحِنْثُ إذَا حَنِثَ إلَّا فِي كُلِّ مَمْلُوكٍ كَانَ عِنْدَهُ يَوْمَ حَلَفَ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ إنْ تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ، وَلَا رَقِيقَ لَهُ فَأَفَادَ رَقِيقًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ؟
قَالَ: فَلَا شَيْءَ فِيمَا أَفَادَهُ بَعْدَ يَمِينِهِ قَبْلَ تَزْوِيجِهَا وَلَا بَعْدَ تَزْوِيجِهَا.
وَقَالَ أَشْهَبُ إذَا قَالَ: إنْ دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ أَبَدًا فَهُوَ حُرٌّ، فَدَخَلَ الدَّارَ قَالَ: لَا يَلْزَمُهُ الْحِنْثُ فِي كُلِّ مَمْلُوكٍ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ أَبَدًا عُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ الْمِلْكَ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ أَبَدًا وَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا أَبَدًا لِي طَالِقٌ، وَلَهُ مَمَالِيكُ وَلَهُ زَوْجَةٌ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا فِي يَدَيْهِ فَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ.
قال سَحْنُونٌ: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ: إذَا قَالَ الرَّجُلُ كُلُّ امْرَأَةٍ أَنْكِحُهَا فَهِيَ طَالِقٌ، إنَّ ذَلِكَ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ امْرَأَةً بِعَيْنِهَا أَوْ قَبِيلَتَهَا أَوْ قَرْيَتَهَا، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ جَازَ عَلَيْهِ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ رَبِيعَةَ بِنَحْوِ ذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ.
قَالَ رَبِيعَةُ: وَإِنَّ نَاسًا يَرَوْنَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ التَّحْرِيمِ إذَا جَمَعَ تَحْرِيمَ النِّسَاءِ وَالْأَرِقَّاءِ وَلَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ الطَّلَاقَ إلَّا رَحْمَةً وَلَا الْعَتَاقَ إلَّا أَجْرًا فَكَانَ فِي هَذَا هَلَكَةُ مَنْ أَخَذَ بِهِ.

.(فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِعِتْقِ كُلِّ مَمْلُوكٍ يَمْلِكُهُ مِنْ جِنْسٍ مِنْ الْأَجْنَاسِ):

فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِعِتْقِ كُلِّ مَمْلُوكٍ يَمْلِكُهُ مِنْ جِنْسٍ مِنْ الْأَجْنَاسِ أَوْ يُسَمِّيهِ إلَى أَجَلٍ مِنْ الْآجَالِ:
قُلْتُ: فَلَوْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ مِنْ الصَّقَالِبَةِ أَوْ الْبَرْبَرِ أَوْ الْفُرْسِ أَوْ مِصْرَ أَوْ مِنْ الشَّامِ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ فَهُوَ حُرٌّ؟
قَالَ: هَذَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ سَمَّى جِنْسًا وَمَوْضِعًا وَلَمْ يَعُمَّ فَيَلْزَمُهُ هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَشْتَرِيهِ مِنْ مِصْرَ فَهُوَ حُرٌّ، فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَاشْتَرَى لَهُ، أَيُعْتَقُ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، يُعْتَقُ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهُ بِأَمْرِهِ فَكَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي اشْتَرَاهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَشْتَرِيهِ مِنْ الصَّقَالِبَةِ فَهُوَ حُرٌّ، فَوُهِبَ لَهُ عَبْدٌ صَقْلَبِيٌّ عَلَى ثَوَابٍ، أَيُعْتَقُ عَلَيْهِ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْهِبَةُ لِلثَّوَابِ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ.
فَإِذَا كَانَ بَيْعًا عَتَقَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: وَمَتَى يَكُونُ حُرًّا إذَا قَبِلَهُ لِلثَّوَابِ أَوْ إذَا دَفَعَ الثَّوَابَ؟
قَالَ: إذَا قَبِلَهُ لِلثَّوَابِ فَهُوَ حُرٌّ سَاعَتَئِذٍ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ الثَّوَابَ، وَيُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ الثَّوَابِ إذَا كَانُوا قَدْ سَمَّوْا الثَّوَابَ، وَإِنْ كَانُوا لَمْ يُسَمُّوا الثَّوَابَ فَهُوَ حُرٌّ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَبْدِ إلَّا أَنْ يَرْضَى بِدُونِ الْقِيمَةِ مِنْ الثَّوَابِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ لِلثَّوَابِ عِنْدَ مَالِكٍ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ، فَإِذَا قَبِلَهُ لِلثَّوَابِ عَتَقَ عَلَيْهِ، فَإِذَا عَتَقَ عَلَيْهِ فَقَدْ اسْتَهْلَكَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَهَذَا رَأْيِي.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَشْتَرِيهِ مِنْ الصَّقَالِبَةِ فَهُوَ حُرٌّ، فَوُهِبَ لَهُ عَبْدٌ صَقْلَبِيٌّ لِغَيْرِ الثَّوَابِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ أَوْ وَرِثَهُ، أَيُعْتَقُ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ أَرَادَ أَنْ لَا يَبْتَاعَ مِنْ الصَّقَالِبَةِ، إنَّمَا أَرَادَ بِيَمِينِهِ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ وَلَمْ يُرِدْ بِيَمِينِهِ الْمِلْكَ، فَإِنَّهُ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَرَادَ بِيَمِينِهِ الْمِلْكَ حِينَ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَشْتَرِيهِ مِنْ الصَّقَالِبَةِ، أَرَادَ أَنَّ كُلَّ مَمْلُوكٍ يَمْلِكُهُ مِنْ الصَّقَالِبَةِ فَهُوَ حُرٌّ وَوَرِثَهُ أَوْ أُوصِيَ لَهُ بِهِ أَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ، فَهُوَ حُرٌّ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَشْتَرِيهِ إذَا كَانَ أَرَادَ بِذَلِكَ الْمِلْكَ.
قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فِي شَيْءٍ وَكَانَتْ يَمِينُهُ مُسَجَّلَةً؟
قَالَ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ عَلَى الِاشْتِرَاءِ أَبَدًا كَمَا حَلَفَ حَتَّى يُرِيدَ الْمِلْكَ وَيَكُونُ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي نَوَى.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا أَبَدًا فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ مِنْ الصَّقَالِبَةِ فَهُوَ حُرٌّ؟
قَالَ: فَذَلِكَ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ إذَا كَلَّمَ فُلَانًا فَكُلُّ مَمْلُوكٍ يَمْلِكُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الصَّقَالِبَةِ فَهُوَ حُرٌّ.
قُلْتُ: فَإِنْ اشْتَرَى بَعْدَ يَمِينِهِ وَقَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَهُ صَقَالِبَةٌ ثُمَّ كَلَّمَهُ بَعْدَ الِاشْتِرَاءِ؟
قَالَ: فَهُمْ أَحْرَارٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِيَمِينِهِ كُلَّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ بَعْدَ حِنْثِي فَهُوَ حُرٌّ، فَذَلِكَ عَلَى مَا نَوَى إذَا كَانَ ذَلِكَ الَّذِي نَوَى وَأَرَادَ.
قُلْتُ: فَإِنْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ إلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً فَهُوَ حُرٌّ؟
قَالَ: هَذَا يَلْزَمُهُ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّهُ قَدْ وَقَّتَ.

.(فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِعِتْقِ عَبْدِهِ إنْ كَلَّمَ رَجُلًا):

فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِعِتْقِ عَبْدِهِ إنْ كَلَّمَ رَجُلًا فَيَبِيعُهُ أَوْ يُكَاتِبُهُ ثُمَّ يُكَلِّمُهُ ثُمَّ يَبْتَاعُهُ بَعْدَ ذَلِكَ:
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَعَبْدِي حُرٌّ، فَبَاعَهُ ثُمَّ كَلَّمَ فُلَانًا ثُمَّ اشْتَرَاهُ ثُمَّ كَلَّمَ فُلَانًا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَحْنَثُ هَهُنَا.
قُلْتُ: لِمَ؟
قَالَ: لِأَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ حِينَ كَلَّمَهُ وَهُوَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ، وَإِنَّمَا يَحْنَثُ فِيهِ إذَا حَنِثَ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَلَوْ فَلِسَ فَبَاعَهُ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ ثُمَّ أَيْسَرَ يَوْمًا مَا فَاشْتَرَاهُ فَكَلَّمَهُ؟
قَالَ: يَحْنَثُ وَلَيْسَ يَبِيعُ السُّلْطَانُ إيَّاهُ مِمَّا يُخْرِجُهُ مِنْ يَمِينِهِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَبَيْعُهُ وَبَيْعُ السُّلْطَانِ وَاحِدٌ.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَلَّمَ فُلَانًا الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بَعْدَمَا وَرِثَ الْعَبْدَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ.
قُلْتُ: فَلَوْ حَلَفْتُ بِعِتْقِهِ أَنْ لَا يُكَلِّمَ فُلَانًا، فَبِعْتُهُ ثُمَّ كَلَّمْتُ فُلَانًا ثُمَّ وَهَبَ لِي الْعَبْدَ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيَّ، فَكَلَّمْتُهُ؟
قَالَ: هُوَ حَانِثٌ.
قُلْتُ: مَا فَرْقُ مَا بَيْنَ الْمِيرَاثِ فِي هَذَا الْوَجْهِ وَبَيْنَ الشِّرَاءِ وَالصَّدَقَةِ أَوْ الْهِبَةِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لِأَنَّ الْمِيرَاثَ لَمْ يَجُرَّهُ إلَى نَفْسِهِ، وَلَكِنَّ الْمِيرَاثَ جَرَّ الْعَبْدَ إلَيْهِ وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا هُوَ جَرَّهَا إلَى نَفْسِهِ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يَتْرُكَهَا تَرَكَهَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَأَنْتَ حُرٌّ، فَكَاتَبَهُ ثُمَّ كَلَّمَ فُلَانًا؟
قَالَ: يُعْتَقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي: مَنْ حَلَفَ بِعِتْقِ رَقِيقِهِ فَحَنِثَ فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الْمُكَاتَبُ وَالْمُدَبَّرُ وَأُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ وَالْإِمَاءُ وَالْعَبِيدُ فَكُلُّ هَؤُلَاءِ يُعْتَقُ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَاتَبَهُ وَعَبْدًا آخَرَ مَعَهُ كِتَابَةً وَاحِدَةً ثُمَّ كَلَّمَ السَّيِّدُ فُلَانًا، أَيُعْتَقُ هَذَا الَّذِي كَانَ حَلَفَ بِعِتْقِهِ؟
قَالَ: لَا أَرَى الْعِتْقَ جَائِزًا إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ صَاحِبُهُ، لِأَنَّهُ لَوْ ابْتَدَأَ أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا السَّاعَةَ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يُجِيزَ ذَلِكَ صَاحِبُهُ فَيَجُوزُ، فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ، لِأَنَّهُ إنَّمَا أُعْتِقَ بِكَلَامِ مَوْلَاهُ حِينَ كَلَّمَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الِابْتِدَاءِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ فُلَانًا بِعِتْقِ رَقِيقِهِ، فَبَاعَهُمْ فَوَقَعَ أَحَدٌ مِنْهُمْ عِنْدَ وَالِدِهِ أَوْ عِنْدَ أَخٍ لَهُ فَمَاتَ فَبِيعَ فِي مِيرَاثِهِ فَاشْتَرَى مِنْهُمْ رَأْسًا ثُمَّ كَلَّمَ صَاحِبَهُ.
قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ الرَّأْسُ الَّذِي اشْتَرَى هُوَ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ مِيرَاثِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ كُلُّهُ إنْ كَلَّمَهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، رَجَعَ رَقِيقًا وَإِنْ فَضَلَ عَنْ قِيمَةِ هَذَا الرَّأْسِ، فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ.
فَقَالَ مَالِكٌ: لِأَنَّهُ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْمُقَاسَمَةِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا حَلَفَ بِعِتْقِ رَقِيقِهِ أَنْ لَا يُكَلِّمَ فُلَانًا، فَبَاعَهُمْ ثُمَّ وَرِثَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ كَلَّمَ فُلَانًا حَتَّى وَرِثَهُمْ فَكَلَّمَهُ، فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
وَقَدْ قَالَ غَيْرُهُ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِي الَّذِي يَحْلِفُ أَنْ لَا يُكَلِّمَ رَجُلًا بِعِتْقِ غُلَامٍ لَهُ، ثُمَّ يَبِيعُهُ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ فِي الدَّيْنِ، ثُمَّ يَشْتَرِيهِ: إنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمِيرَاثِ أَنْ لَوْ بَاعَهُ ثُمَّ وَرِثَهُ؛ لِأَنَّهُ يَرَى أَنَّ بَيْعَ السُّلْطَانِ يَحْلِفُ فِي الدَّيْنِ لَيْسَ مِثْلَ بَيْعِهِ لِلَّذِي يَتَّهِمُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْعِهِ هُوَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ ثُمَّ يُعِيدُهُ إلَيْهِ لِيَخْرُجَ مِنْ يَمِينِهِ.