فصل: فِي الْعَبْدِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ يُعْتِقُ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ إلَى أَجَلٍ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)



.(فِي الرَّجُلِ يُعْتِقُ رَقِيقَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ):

فِي الرَّجُلِ يُعْتِقُ رَقِيقَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ أَيَكُونُ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوهُمْ دُونَ السُّلْطَانِ:
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ أَعْتَقَ رَقِيقَهُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُهُمْ فَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُمْ دُونَ السُّلْطَانِ أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ لِلْغُرَمَاءِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُمْ وَلَا لَهُمْ دُونَ السُّلْطَانِ.
قُلْتُ: فَإِنْ بَاعَهُمْ بِغَيْرِ أَمْرِ السُّلْطَانِ، ثُمَّ أَفَادَ مَالًا ثُمَّ رَفَعَ أَمْرَهُمْ إلَى السُّلْطَانِ؟
قَالَ: يُرَدُّ بَعْضُهُمْ وَتَمْضِي حُرِّيَّتُهُمْ وَإِنَّمَا يَنْظُرُ السُّلْطَانُ فِي ذَلِكَ يَوْمَ يُرْفَعُ إلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ أَعْتَقَ وَهُوَ مُوسِرٌ ثُمَّ أَفْلَسَ لَمْ يَرُدَّ عِتْقَهُ، وَإِنْ كَانَ أَعْتَقَ وَهُوَ مُفْلِسٌ ثُمَّ أَيْسَرَ لَمْ يَرُدَّ عِتْقَهُمْ أَيْضًا.
قُلْتُ: فَإِنْ بَاعَهُمْ السُّلْطَانُ فِي دَيْنِهِ، ثُمَّ اشْتَرَاهُمْ سَيِّدُهُمْ الَّذِي كَانَ أَعْتَقَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ أَيُعْتَقُونَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُعْتَقُونَ عَلَيْهِ وَهُمْ رَقِيقٌ.

.(فِي الرَّجُلِ يُعْتِقُ رَقِيقَهُ فِي الصِّحَّةِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يُحِيطُ بِهِمْ):

فِي الرَّجُلِ يُعْتِقُ رَقِيقَهُ فِي الصِّحَّةِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يُحِيطُ بِهِمْ أَوْ يَغْتَرِقُهُمْ ثُمَّ أَفَادَ مَالًا ثُمَّ ذَهَبَ:
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَعْتَقَ رَقِيقَهُ فِي صِحَّتِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يُحِيطُ بِهِمْ وَفِيهِمْ فَضْلَةٌ عَنْ دَيْنِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ سِوَاهُمْ؟
قَالَ: هَؤُلَاءِ يُبَاعُ مِنْهُمْ جَمِيعًا مِقْدَارُ الدَّيْنِ بِالْحِصَصِ، وَيُعْتَقُ جَمِيعُ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ وَمَا بِيعَ فِي الدَّيْنِ مِنْهُمْ فَذَلِكَ رَقِيقٌ كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَعْتَقَ رَقِيقَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُهُمْ، وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُمْ فَلَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ حَتَّى أَفَادَ مَالًا فِيهِ وَفَاءٌ مِنْ دَيْنِهِ هَلْ يَجُوزُ عِتْقُهُمْ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ عِتْقُهُمْ جَائِزٌ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ ذَهَبَ الْمَالُ الَّذِي أَفَادَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ الْغُرَمَاءُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَامَتْ الْغُرَمَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ؟
قَالَ: الرَّقِيقُ أَحْرَارٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ عَلَيْهِمْ سَبِيلٌ، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي رَجُلٍ أَعْتَقَ رَقِيقًا لَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَعِنْدَهُ مِنْ الْمَالِ سِوَى الرَّقِيقِ كَفَافُ الدَّيْنِ أَنَّ عِتْقَهُ جَائِزٌ، فَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ مِنْ يَدَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَامَتْ الْغُرَمَاءُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَلَى الْعَبِيدِ الَّذِينَ عَتَقُوا سَبِيلٌ، وَكَانَ عِتْقُهُمْ جَائِزًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْغُرَمَاءُ عَلِمُوا بِعِتْقِهِمْ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُمْ يَوْمَ أَعْتَقَهُمْ وَعِنْدَهُ مِنْ الْمَالِ مِقْدَارُ الدَّيْنِ، فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَالِهِ هَذَا مِقْدَارُ الدَّيْنِ يَوْمَ أَعْتَقَهُمْ وَلَكِنَّهُ مِقْدَارُ بَعْضِ الدَّيْنِ؟
قَالَ: يُنْظَرُ إلَى مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَ مَالِهِ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ، فَيَرِقُّ مِنْ الْعَبِيدِ مِقْدَارُ ذَلِكَ يَرِقُّ مِنْهُمْ مِقْدَارُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ بِالْحِصَصِ مِنْ جَمِيعِهِمْ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ فِي الصِّحَّةِ وَكَذَلِكَ يَقُولُ أَشْهَبُ.

.فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ:

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يَشْتَرِي أَبَاهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ: إنَّهُ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ قَالَ: وَقُلْتُ لِمَالِكٍ: وَإِنْ اشْتَرَى أَبَاهُ وَلَيْسَ عِنْدَهُ ثَمَنُهُ كُلُّهُ وَعِنْدَهُ بَعْضُ الثَّمَنِ، أَتَرَى أَنْ يُعْتِقَ بِقَدْرِ مَا عِنْدَهُ مِنْهُ وَيُبَاعَ مِنْهُ مَا بَقِيَ؟
قَالَ مَالِكٌ: لَا، وَلَكِنْ أَرَى أَنْ يُرَدَّ الْبَيْعُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا يُعْجِبنِي مَا قَالَ وَلَكِنْ أَرَى أَنْ يُبَاعَ مِنْ الْأَبِ مِقْدَارُ بَقِيَّةِ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ وَيُعْتِقَ مِنْهُ مَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ.
قال سَحْنُونٌ: وَقَدْ قَالَ بَعْضُ كِبَارِ أَصْحَابِ مَالِكٍ: لَا يَجُوزُ لَهُ مِلْكٌ إلَّا إلَى عِتْقٍ، فَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَرُدُّهُ صَارَ خِلَافَ السُّنَّةِ، وَالْحَقُّ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ يَمْلِكُ أَبَاهُ فَيُبَاعَ فِي دَيْنِهِ وَيَقْضِيَ عَنْ ذِمَّتِهِ نَمَاؤُهُ وَيَكُونَ فِيهِ الرِّبْحُ وَالزِّيَادَةُ وَذَلِكَ خِلَافُ مَا أَعْلَمْتُكَ بِهِ مِنْ السُّنَّةِ أَنْ يَمْلِكَ أَبَاهُ كَمَا يَمْلِكُ السِّلَعَ فَتَنْمُو السِّلَعُ فَيَرْبَحُ فِيهَا أَوْ تَتَصَنَّعُ فَيَخْسَرُ فِيهَا.

.فِي الرَّجُلِ يُعْتِقُ مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ ثُمَّ يَلْحَقُهُ دَيْنٌ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَعْتَقَ رَجُلٌ مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ، ثُمَّ لَحِقَهُ الدَّيْنُ مِنْ بَعْدِ مَا أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا، ثُمَّ وَلَدَتْهُ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ الْغُرَمَاءُ عَلَى سَيِّدِ الْأَمَةِ، أَيَكُونُ لَهُمْ أَنْ يَرُدُّوا الْوَلَدَ فِي الرِّقِّ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَيْسَ لَهُمْ عَلَى الْوَلَدِ سَبِيلٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ زَايَلَ الْأُمَّ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ الْغُرَمَاءُ عَلَى حَقِّهِمْ.
قَالَ: وَهَذَا رَأْيِي، وَلِأَنَّ عِتْقَهُ إيَّاهُ قَدْ كَانَ قَبْلَ دَيْنِ الْغُرَمَاءِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ، ثُمَّ لَحِقَ السَّيِّدَ دَيْنٌ فَقَامَتْ الْغُرَمَاءُ عَلَى الْأَمَةِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: تُبَاعُ بِمَا فِي بَطْنِهَا لِلْغُرَمَاءِ وَيُفْسَخُ عِتْقُ السَّيِّدِ فِي الْوَلَدِ.
قُلْتُ: فَلِمَ جَعَلَ مَالِكٌ الدَّيْنَ يَلْحَقُ مَا فِي بَطْنِهَا وَجَعَلَ عِتْقَ هَذَا الْوَلَدِ إذَا خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ وَالسَّيِّدُ مَرِيضٌ أَوْ مَاتَ فَارِعًا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَمْ يَجْعَلْهُ فِي الثُّلُثِ، إذَا كَانَ عِتْقُهُ إيَّاهُ فِي الصِّحَّةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عِتْقُ هَذَا الْجِنْسِ إذَا لَحِقَهُ الدَّيْنُ عِتْقُهُ فِي الثُّلُثِ، وَإِلَّا فَاجْعَلْهُ فَارِعًا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا تَجْعَلُ الدَّيْنَ يَلْحَقُهُ؟
قَالَ: إنَّمَا قَالَ مَالِكٌ: تُبَاعُ أُمُّهُ فِي الدَّيْنِ فَإِذَا بِيعَتْ أُمُّهُ فِي الدَّيْنِ كَانَ الْوَلَدُ تَبَعًا لَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تُبَاعَ أُمُّهُ وَيُسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا، فَلِذَلِكَ بَطَلَ عِتْقُ هَذَا الْوَلَدِ وَلَوْ لَمْ تَقُمْ الْغُرَمَاءُ عَلَى هَذَا السَّيِّدِ حَتَّى يُزَايِلَ الْوَلَدُ أُمَّهُ، أُعْتِقَ الْوَلَدُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إذَا كَانَ عِتْقُ السَّيِّدِ إيَّاهُ فِي الصِّحَّةِ قَبْلَ الدَّيْنِ وَبِيعَتْ الْأُمُّ وَحْدَهَا فِي الدَّيْنِ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: هُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ فِيمَا بَلَغَنِي قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَشْتَرِي عَبْدًا فِي مَرَضِهِ فَحَابَى فِي الشِّرَاءِ ثُمَّ أُعْتِقَ الْعَبْدُ وَالثُّلُثُ لَا يَحْمِلُ أَكْثَرَ مِنْ الْعَبْدِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ اشْتَرَى فِي مَرَضِهِ فَحَابَى فِي شِرَائِهِ أَوْ بَاعَ فَحَابَى فِي بَيْعِهِ.
قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ فِي الثُّلُثِ وَهُوَ وَصِيَّةٌ، وَأَرَى فِي مَسْأَلَتِكَ أَنَّهُ إنْ حَابَى سَيِّدُ الْعَبْدِ لَا تَجُوزُ مُحَابَاتُهُ إذَا عَتَقَ، وَثُلُثُ مَالِ الْمَيِّتِ الْعَبْدُ وَلَا يَكُونُ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ عَبْدِهِ، لِأَنَّ قِيمَتَهُ لَيْسَتْ بِمُحَابَاةٍ فَهِيَ دَيْنٌ، وَمَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ فَهِيَ مُحَابَاةٌ وَهِيَ وَصِيَّةٌ فِي الثُّلُثِ فَمَا دَخَلَ الْعِتْقُ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ كَانَ أَوْلَى مِنْ وَصِيَّتِهِ، وَكَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَوْلَى مِنْ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الْمُحَابَاةُ مُبْتَدَأَةٌ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ لَا يَجُوزُ إلَّا بِهَا، فَكَأَنَّهُ أَمَرَ بِتَبْدِئَةِ الْمُحَابَاةِ فِي الثُّلُثِ فَمَا بَقِيَ بَعْدَ الْمُحَابَاةِ فِي الثُّلُثِ فَهُوَ فِي الْعَبْدِ أَتَمَّ ذَلِكَ عِتْقَهُ أَمْ نَقَصَ مِنْهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ بَتْلًا وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ ثَلَاثُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلِلْعَبْدِ بِنْتٌ حُرَّةٌ، فَهَلَكَ الْعَبْدُ قَبْلَ السَّيِّدِ وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ مَا حَالُ الْعَبْدِ وَحَالُ الْأَلْفِ وَهَلْ تَرِثُ الْبِنْتُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْعَبْدُ رَقِيقٌ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ مَأْمُونٌ فَيُعْتَقُ الْعَبْدُ مِنْهُ، مِثْلُ الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ وَمَا وَصَفْتُ لَكَ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِلسَّيِّدِ كَانَ عِتْقُهُ فِيهِ بَاطِلًا لَا يَجُوزُ.
قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ لَهُ أَمْوَالٌ مَأْمُونَةٌ جَازَ عِتْقُهُ إيَّاهُ وَكَانَتْ الْأَلْفُ بَيْنَ السَّيِّدِ وَبَيْنَ الْبِنْتِ مِيرَاثًا وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الرُّوَاةِ، وَفِعْلُ الْمَرِيضِ بَعْدَ الْمَوْتِ يُنْظَرُ فِيهِ كَانَتْ لَهُ أَمْوَالٌ مَأْمُونَةٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَا يَتَعَجَّلُ بِالنَّظَرِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِهِ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ وَبَعْدَ التَّقْوِيمِ كَانَتْ لَهُ أَمْوَالٌ مَأْمُونَةٌ أَوْ غَيْرُ مَأْمُونَةٍ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ لَهُ أَمْوَالٌ مَأْمُونَةٌ تَبْلُغُ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَيُعْتَقُ مِنْهُ النِّصْفُ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا يُعْتَقُ مِنْهُ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ أَمْوَالٌ كَثِيرَةٌ مَأْمُونَةٌ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ، وَتَكُونُ أَضْعَافُ قِيمَةِ الْعَبْدِ مِرَارًا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكٍ لَهُ عَبْدٌ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ، فَقَالَ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ: أَنَا أَعْتِقُ حِصَّتِي إلَى أَجَلٍ وَلَا أَضْمَنُ شَرِيكِي؟
قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إنَّمَا لَهُ يَبِتُّ عِتْقَهُ أَوْ يَضْمَنُ شَرِيكَهُ.
قُلْتُ: فَإِنْ أَعْتَقَهُ إلَى أَجَلٍ أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَضْمَنَ شَرِيكَهُ؟
قَالَ: نَعَمْ، يُفْسَخُ مَا صَنَعَ وَيَضْمَنُ شَرِيكَهُ فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: فَإِنْ دَبَّرَ حِصَّتَهُ أَوْ كَاتَبَهُ؟
قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، إنَّمَا لَهُ أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ الْعِتْقَ أَوْ يَضْمَنَ شَرِيكَهُ، وَرَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ إنْ كَانَ لِلْمُعْتَقِ مَالٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُعْتَقِ مَالٌ يُحْمَلُ أَنْ يُقَوَّمَ عَلَيْهِ أَوْ لَهُ مَالٌ لَا يُحْمَلُ جَمِيعُ قِيمَةِ النِّصْفِ قُوِّمَ عَلَى الْمُعْتَقِ بِقَدْرِ مَا فِي يَدَيْهِ، وَإِنْ حَمَلَهُ قُوِّمَ عَلَيْهِ وَإِنْ حَمَلَ نِصْفَ النِّصْفِ قُوِّمَ عَلَيْهِ وَعَتَقَ عَلَى الْمُعْتَقِ مَا بَقِيَ مِنْ نَصِيبِهِ وَهُوَ رُبْعُ الْعَبْدِ إلَى أَجَلٍ، وَقَالَ بَعْضُ رُوَاةِ مَالِكٍ أَرَى إنْ كَانَ لِلْمُعْتَقِ مَالٌ أَنَّ الَّذِي أَعْتَقَ إلَى أَجَلٍ أَرَادَ إبْطَالَ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَرَى إذًا أَنْ يَتَمَسَّكَ مِنْ الرِّقِّ بِمَا لَيْسَ لَهُ وَقَدْ أُعْتِقَ عِتْقًا لَازِمًا وَآخَرُ عَتَقَهُ إلَى سَنَةٍ وَذَلِكَ تَعَدٍّ مِنْهُ فِي التَّأْخِيرِ وَالتَّعَدِّي أَوْلَى بِالطَّرْحِ مِنْ الْعِتْقِ الَّذِي عَقَدَهُ قَوِيٌّ وَيَلْزَمُ الْعِتْقُ الَّذِي أَلْزَمَ نَفْسَهُ مُعَجَّلًا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ عَبْدًا مُسْلِمًا بَيْنَ نَصْرَانِيٍّ وَمُسْلِمٍ، أَعْتَقَ النَّصْرَانِيُّ حِصَّتَهُ فِي هَذَا الْعَبْدِ وَهُوَ مُوسِرٌ وَتَمَسَّكَ الْمُسْلِمُ بِالرِّقِّ، أَيَضْمَنُ النَّصْرَانِيُّ حِصَّةَ الْمُسْلِمِ مِنْ ذَلِكَ؟
قَالَ: نَعَمْ، إذَا كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا أُجْبِرَ النَّصْرَانِيُّ عَلَى عِتْقِ جَمِيعِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: كُلُّ حُكْمٍ يَكُونُ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالنَّصْرَانِيِّ أَنَّهُ يُحْكَمُ فِيهِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ.
قُلْتُ: وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ نَصْرَانِيًّا فَأَعْتَقَ الْمُسْلِمُ حِصَّتَهُ؟
قَالَ: يُقَوَّمُ عَلَى الْمُسْلِمِ وَإِنْ أَعْتَقَ النَّصْرَانِيُّ حِصَّتَهُ لَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ مِنْ حِصَّةِ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَوْ كَانَ جَمِيعُهُ لِلنَّصْرَانِيِّ فَأَعْتَقَهُ أَوْ أَعْتَقَ نِصْفَهُ، لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بِعِتْقِهِ، فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُسْلِمٍ فَأَعْتَقَ النَّصْرَانِيُّ حِصَّتَهُ مِنْهُ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَقَالَ أَشْهَبُ: يُقَوَّمُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ إنَّمَا هُوَ بَيْنَ السَّيِّدَيْنِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَعْتَقَ رَجُلٌ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ وَهُوَ مُوسِرٌ فَضَمِنَ لِصَاحِبِهِ نِصْفَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ إلَى أَجَلٍ؟
قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي وَلَا يَجُوزُ هَذَا وَهُوَ حَرَامٌ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ عَبْدًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَذِنَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي الْعِتْقِ فَأَعْتَقَ، أَيَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ الَّذِي أَذِنَ لَهُ فِي الْعِتْقِ أَمْ لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ؟
قَالَ: يَضْمَنُ لَهُ عِنْدَ مَالِكٍ إذَا كَانَ مُوسِرًا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُعْتَقُ مُوسِرًا بِمَا بَقِيَ مِنْ ثَمَنِ ذَلِكَ الْعَبْدِ وَلَكِنَّهُ مُوسِرٌ بِنِصْفِ مَا بَقِيَ مِنْ الْعَبْدِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُعْتَقُ عَلَيْهِ مِنْ الْعَبْدِ مَا حَمَلَ مَالُهُ مِنْهُ وَيُرَقُّ مَا سِوَى ذَلِكَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ عَبْدًا بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ، أَعْتَقَ أَحَدُنَا نَصِيبَهُ مِنْهُ، ثُمَّ أَعْتَقَ الْآخَرُ نِصْفَ نَصِيبِهِ مِنْهُ، أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَضْمَنَ شَرِيكَهُ الَّذِي أَعْتَقَ أَوَّلًا نِصْفَ نَصِيبِهِ الْبَاقِي؟
قَالَ: لَا، قُلْتُ: لِمَ؟
قَالَ: لِأَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ شَيْئًا مِنْ شِقْصِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ جَمِيعُ مَا كَانَ فِيهِ.
قُلْتُ: وَلَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ جَمِيعُ مَا كَانَ لَهُ فِيهِ وَإِنَّمَا كَانَ حَقُّهُ مَالًا عَلَى صَاحِبِهِ إذَا كَانَ الْمُعْتَقُ الْأَوَّلُ مُوسِرًا؟
قَالَ: لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُعْتَقِ الْأَوَّلِ شَيْءٌ إلَّا إذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ وَالْعَبْدُ غَيْرُ تَالِفٍ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَبْدَ لَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُقَوَّمَ عَلَى الْمُعْتَقِ الْأَوَّلِ لَمْ يَضْمَنْ لِشَرِيكِهِ شَيْئًا مِنْ قِيمَتِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا أَعْتَقَهُ شَرِيكُهُ بَعْدَ عِتْقِ الْأَوَّلِ لَمْ يَكُنْ لِلثَّانِي أَنْ يَضْمَنَ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَتْلَفَ نَصِيبَهُ فَكَذَلِكَ إنْ أَعْتَقَ بَعْضَ نَصِيبِهِ فَقَدْ أَتْلَفَهُ وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ مِنْ نَصِيبِهِ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: هَذَا الَّذِي سَمِعْتُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ مَاتَ الْمُعْتِقُ الَّذِي أَعْتَقَ نِصْفَ نَصِيبِهِ قَبْلَ أَنْ يُعْتِقَ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ، أَيُقَوَّمُ عَلَى الْأَوَّلِ النِّصْفُ الْبَاقِي مِنْ نَصِيبِهِ؟
قَالَ: نَعَمْ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَوْ أَنَّ عَبْدًا بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ أَعْتَقَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ ثُمَّ أَعْتَقَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ فَأَرَادَ الْمُتَمَسِّكُ بِالرِّقِّ أَنْ يَضْمَنَ الْمُعْتِقَ الثَّانِي وَالْمُعْتِقَانِ جَمِيعًا مُوسِرَانِ؟
قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَضْمَنَهُ وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَضْمَنَ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي ابْتَدَأَ الْفَسَادَ قُلْتُ: فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ مُعْسِرٌ ثُمَّ أَعْتَقَ الثَّانِي وَهُوَ مُوسِرٌ فَأَرَادَ الْمُتَمَسِّكُ بِالرِّقِّ أَنْ يَضْمَنَ الْمُعْتِقَ الثَّانِي؟
قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْتَدِئْ فَسَادًا أَوَّلًا وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إلَى مَنْ ابْتَدَأَ الْفَسَادَ أَوَّلًا.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ لِي: وَلَوْ أَعْتَقَ اثْنَانِ مِنْهُمْ مَا لَهُمَا مِنْ الْعَبْدِ جَمِيعًا وَأَحَدُهُمَا مُوسِرٌ وَالْآخَرُ مُعْسِرٌ، ضَمِنَ الْمُوسِرُ جَمِيعَ قِيمَةِ نَصِيبِ الْمُتَمَسِّكِ بِالرِّقِّ.
قُلْتُ: وَلِمَ؟
قَالَ: لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: إذَا ضَمِنَ شَيْئًا مِنْ قِيمَتِهِ ضَمِنَ جَمِيعَ ذَلِكَ.
قُلْتُ: وَيَجْعَلُهُ كَأَنَّهُ ابْتَدَأَ فَسَادَ هَذَا الْعَبْدِ؟
قَالَ: نَعَمْ، هُوَ وَصَاحِبُهُ ابْتَدَآ فَسَادَهُ إلَّا أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مُعْسِرٌ.
أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَدْلِ فَأُعْطِيَ شُرَكَاؤُهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِمْ الْعَبْدُ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ عَلَيْهِ مِنْهُ مَا أُعْتِقَ»، وَقَضَى بِذَلِكَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِرَأْيِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي امْرَأَةٍ أَعْتَقَتْ مُصَابَتَهَا مِنْ عَبْدٍ وَكَانَتْ مُصَابَتُهَا ثَمَنَهُ وَلَا قِيمَةَ عِنْدَهَا، فَجَعَلَ لَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنْ كُلِّ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا وَجَعَلَهُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَلِلْوَرَثَةِ سَبْعَةُ أَيَّامٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَلَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ حَتَّى أَيْسَرَ؟
قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ قَدِيمًا: إنَّهُ يُقَامُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مُنْذُ أَدْرَكْنَاهُ فَسَأَلْنَاهُ عَنْهُ غَيْرَ مَرَّةٍ وَوَقَفْتُهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: إنْ كَانَ يَوْمَ أُعْتِقَ يَعْلَمُ النَّاسُ وَالْعَبْدُ وَسَيِّدُهُ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ أَنَّهُ لَوْ قَامَ عَلَيْهِ لَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ لِعُسْرِهِ لَمْ أَرَ أَنْ يُعْتَقَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ حِينَ أَعْتَقَهُ لَا مَالَ لَهُ إذَا عَلِمَ النَّاسُ أَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَهُ لِعُسْرِهِ.
قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ غَائِبًا فَلَمْ يَقْدَمْ حَتَّى أَيْسَرَ الَّذِي أَعْتَقَ نَصِيبَهُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَرَى أَنْ يُعْتَقَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَرَهُ مِثْلَهُ إذَا كَانَ حَاضِرًا مَعَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ وَالنَّاسُ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّنْ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ، وَأَنَّ الْعَبْدَ حِينَ كَانَ غَائِبًا لَا يُشْبِهُ إذَا كَانَ حَاضِرًا؛ لِأَنَّ سَيِّدَهُ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ إنَّمَا مَنَعَهُ مِنْ أَنْ يُقَوَّمَ عَلَى شَرِيكِهِ الَّذِي أَعْتَقَ لِحَالِ غِيبَةِ الْعَبْدِ فَهُوَ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ إذَا قَدِمَ الْعَبْدُ وَهُوَ مُوسِرٌ وَإِنْ كَانَ يَوْمَ أَعْتَقَهُ مُعْسِرًا.
قُلْتُ: فَإِنْ أَعْتَقَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ ثُمَّ أَعْسَرَ ثُمَّ أَيْسَرَ ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ أَيَضْمَنُهُ؟
قَالَ: نَعَمْ، يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّ يَوْمَ أَعْتَقَهُ كَانَ مِمَّنْ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ لَوْ قَامَ شَرِيكُهُ، فَإِذَا لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ حَتَّى أَعْسَرَ ثُمَّ أَيْسَرَ وَرَجَعَ إلَى حَالَتِهِ الْأُولَى الَّتِي لَوْ قَامَ عَلَيْهِ فِيهَا شَرِيكُهُ ضَمِنَ فَلَهُ أَنْ يَضْمَنَهُ.
قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ حَتَّى أَعْسَرَ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُوسِرًا يَوْمَ أَعْتَقَ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: هَذَا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ أَعْتَقَهُ ثُمَّ قِيلَ لِشَرِيكِهِ: أَتُعْتِقُهُ أَمْ تُضَمِّنُهُ؟
قَالَ: بَلْ أَضْمَنُهُ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: بَلْ أَنَا أُعْتِقُهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ بَعْدَ أَنْ رَدَّ ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ: وَيُقَوَّمُ عَلَى الْأَوَّلِ وَيُعْتَقُ جَمِيعُهُ عَلَى الْأَوَّلِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ أَمَةً بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ وَهِيَ حَامِلٌ، فَأَعْتَقْتُ نِصْفَهَا، وَأَعْتَقَ صَاحِبِي مَا فِي بَطْنِهَا؟
قَالَ: الْقِيمَةُ لَازِمَةٌ لِلَّذِي أَعْتَقَ نِصْفَهَا وَعِتْقُ هَذَا الَّذِي أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَيْءٍ إلَّا أَنْ يُعْتَقَا جَمِيعًا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أَمَةً بَيْنَ شَرِيكَيْنِ وَهِيَ حَامِلٌ، دَبَّرَ أَحَدُهُمَا مَا فِي بَطْنِهَا.
قَالَ: إذَا خَرَجَ تَقَاوَمَاهُ فِيمَا بَيْنَهُمَا.
قُلْتُ: فَإِنْ دَبَّرَ أَحَدُهُمَا مَا فِي بَطْنِهَا وَأَعْتَقَهَا الْآخَرُ؟
قَالَ: يَنْفَسِخُ تَدْبِيرُ الَّذِي دَبَّرَ وَتُقَوَّمُ عَلَى الَّذِي أَعْتَقَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ.
أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَدْلِ وَأُعْطِيَ شُرَكَاؤُهُ حِصَصَهُمْ وَأُعْتِقَ الْعَبْدُ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ».
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ وَلَهُ شَوَارُ بَيْتٍ يَبْلُغُ نَصِيبَ صَاحِبِهِ أَيَلْزَمُهُ عِتْقُ جَمِيعِ الْعَبْدِ؟
قَالَ: نَعَمْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ.
قَالَ: وَإِنَّمَا يَتْرُكُ لَهُ وَلَا يُبَاعُ عَلَيْهِ مِثْلُ كِسْوَةِ ظَهْرِهِ الَّتِي لَا يَسْتَغْنِي عَنْهَا وَعِيشَةِ الْأَيَّامِ، وَأَمَّا فُضُولُ الثِّيَابِ فَإِنَّهَا تُبَاعُ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ نَصِيبَ صَاحِبِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ مَبْلَغُ مَالِهِ وَيَرِقُّ مَا بَقِيَ مِنْ الْعَبْدِ.
قَالَ: وَسَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ الْعَبْدِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ يُعْتِقُ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ وَيَبِيعُ الْمُتَمَسِّكُ بِالرِّقِّ حِصَّتَهُ؟
قَالَ مَالِكٌ: يُرَدُّ الْبَيْعُ وَيُقَوَّمُ عَلَى شَرِيكِهِ الَّذِي أَعْتَقَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَعْتَقَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ وَالْعَبْدُ غَائِبٌ، فَبَاعَ الْمُتَمَسِّكُ بِالرِّقِّ حِصَّتَهُ مِنْ رَجُلٍ وَتَوَاضَعَا الثَّمَنَ فَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي، وَقَدِمَ بِهِ وَالْمُعْتِقُ مُوسِرًا أَوْ لَمْ يَقْدَمْ بِهِ إلَّا أَنَّ الْعَبْدَ عَلِمَ بِمَوْضِعِهِ فَخَاصَمَ فِي مَوْضِعِهِ وَسَيِّدُهُ مُوسِرٌ؟
قَالَ: يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ وَيُعْتَقُ عَلَى الْمُعْتِقِ كُلُّهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَعْتَقْت شِقْصًا فِي عَبْدٍ وَأَنَا صَحِيحٌ فَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَيَّ نَصِيبِ صَاحِبِي حَتَّى مَرِضْتُ، أَيُقَوَّمُ عَلَيَّ وَأَنَا مَرِيضٌ؟
قَالَ: أَرَى أَنْ يُقَوَّمَ عَلَيْكَ هَذَا النِّصْفُ فِي الثُّلُثِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالرَّجُلُ يُعْتِقُ نِصْفَ عَبْدِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ فَلَا يَعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا وَهُوَ مَرِيضٌ.
قَالَ: أَرَى أَنْ يُعْتِقَ النِّصْفَ الْبَاقِي فِي ثُلُثِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ لَمْ يُعْتِقْ مِنْهُ إلَّا مَا كَانَ أَعْتَقَ، وَكَذَلِكَ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الْمَوْتِ وَالتَّفْلِيسِ: إنَّهُ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ إلَّا النِّصْفُ الَّذِي كَانَ أَعْتَقَ مِنْهُ.
قَالَ مَالِكٌ: فَإِذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَدَفَعَ ذَلِكَ إلَى السُّلْطَانِ، فَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ ثُمَّ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ الْمُعْتِقُ فَاشْتَرَى نَصِيبَ صَاحِبِهِ قَالَ: لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: فَإِنْ رَفَعَهُ إلَى السُّلْطَانِ فَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْظُرْ فِي أَمْرِهِ حَتَّى أَيْسَرَ؟
قَالَ: يُعْتَقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ إنَّمَا يَقَعُ عَلَيْهِ حِينَ يَنْظُرُ السُّلْطَانُ فِيهِ وَلَيْسَ يَوْمَ يَرْفَعُهُ إلَى السُّلْطَانِ، وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الَّذِي وَقَفَ عَنْ طَلَبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ وَالنَّاسُ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَامَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُدْرِكْ شَيْئًا ثُمَّ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا إنْ قَامَ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ يُعْتِقُ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَشَرِيكُهُ غَائِبٌ أَتَرَى أَنْ يَنْتَظِرَ قُدُومَ الشَّرِيكِ؟
قَالَ: إنْ كَانَتْ غِيبَتُهُ قَرِيبَةً وَلَا ضَرَرَ فِيهَا عَلَى الْعَبْدِ رَأَيْتُ أَنْ يَكْتُبَ إلَيْهِ، فَإِنْ أَعْتَقَ وَإِلَّا قُوِّمَ عَلَى الْأَوَّلِ الَّذِي كَانَ أَعْتَقَهُ، فَإِنْ كَانَتْ غِيبَتُهُ بَعِيدَةً أَعْتَقَ عَلَى الْمُعْتِقِ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَلَمْ يَنْتَظِرْ إلَى قُدُومِ الْآخَرِ.
قَالَ سَحْنُونٌ وَقَالَ بَعْضُ الرُّوَاةِ فِي الَّذِي يُعْتِقُ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَلَمْ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ نَصِيبُ صَاحِبِهِ حَتَّى مَرِضَ، أَوْ أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدٍ لَهُ لَيْسَ لَهُ فِيهِ شَرِيكٌ فَلَمْ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ حَتَّى مَرِضَ، أَنَّهُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ فِي الثُّلُثِ نَصِيبُ صَاحِبِهِ وَلَا مَا بَقِيَ مِنْ عَبْدِهِ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ فِي ثُلُثِهِ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ كَانَ فِي الصِّحَّةِ فَلَا يَدْخُلُ حُكْمُ الصِّحَّةِ عَلَى حُكْمِ الْمَرَضِ، وَكَذَلِكَ إذَا مَاتَ الْمُعْتِقُ أَوْ أَفْلَسَ، وَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعَائِشَةَ: لَوْ كُنْتِ حُزْتِيهِ لَكَانَ لَكِ وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمُ مَالُ وَارِثٍ قَالَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَالْمَرَضُ مِنْ أَسْبَابِ الْمَوْتِ وَفِيهِ الْحَجْرُ وَقَدْ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ قَيْسٍ حَدَّثَهُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا يُقَوَّمُ مَيِّتٌ وَلَا يُقَوَّمُ عَلَى مَيِّتٍ.

.فِي الرَّجُلِ يُعْتِقُ نِصْفَ عَبْدِهِ أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أُمَّ وَلَدِ رَجُلٍ أَعْتَقَ نِصْفَهَا سَيِّدُهَا أَيُعْتَقُ جَمِيعُهَا عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَعْتَقَ نِصْفَ أَمَةٍ لَهُ عَتَقَتْ عَلَيْهِ كُلُّهَا، فَكَذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ وَكُلُّ مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ يَمْلِكُهُ عَتَقَ عَلَيْهِ كُلُّهُ عِنْدَ مَالِكٍ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يُعْتِقُ نِصْفَ عَبْدِهِ قَالَ رَبِيعَةُ: يُعْتَقُ عَلَيْهِ كُلُّهُ وَذَلِكَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنَّهُ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ أُقِيمَ عَلَيْهِ ثُمَّ عَتَقَ كُلُّهُ عَلَيْهِ»، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَجْتَمِعَ فِي يَدِ رَجُلٍ عَتَاقَةٌ وَرِقٌّ، كُلُّ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِهِ حَتَّى تَتْبَعَ أَحْرَى الْحُرْمَتَيْنِ، صَاحِبَتُهَا.
وَالرِّقُّ أَحَقُّ أَنْ يَتْبَعَ الْعَتَاقَةَ مِنْ الْعَتَاقَةِ لِلرِّقِّ، وَأَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ بِذَلِكَ، وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: لَيْسَ لِلَّهِ شَرِيكٌ.
ابْنُ نَافِعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: أَنَا الَّذِي أَعْتَقْتُ نِصْفَ عَبْدِي، فَقَالَ عُمَرُ: عَتَقَ عَلَيْكَ كُلُّهُ لَيْسَ لِلَّهِ فِيهِ شَرِيكٌ وَالرَّجُلُ صَحِيحٌ.

.فِي الرَّجُلِ يُعْتِقُ نِصْفَ عَبْدِهِ ثُمَّ فُقِدَ الْمُعْتَقُ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَعْتَقَ رَجُلٌ نِصْفَ عَبْدِهِ وَالْعَبْدُ جَمِيعُهُ لَهُ ثُمَّ فُقِدَ الْمُعْتَقُ فَلَمْ يَدْرِ أَيْنَ هُوَ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَالُ الْمَفْقُودِ مَوْقُوفٌ حَتَّى يَبْلُغَ مِنْ السِّنِينَ مَا لَا يَجِيءُ إلَى تِلْكَ الْمُدَّةِ، فَإِذَا بَلَغَ تِلْكَ الْمُدَّةَ جَعَلْنَا مَالَهُ لِوَارِثِهِ يَوْمَئِذٍ.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ جَعَلْنَا مَالَهُ لِلَّذِينَ كَانُوا يَرِثُونَهُ يَوْمَ مَاتَ، فَهَذَا الْمُعْتَقُ أَرَى أَنْ يُوقَفَ نِصْفُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي لِمَنْ يَكُونُ هَذَا النِّصْفُ الَّذِي لَمْ يُعْتَقْ وَإِنَّمَا يَكُونُ هَذَا النِّصْفُ الَّذِي لَمْ يُعْتَقْ مِنْ الْعَبْدِ لَمْ يَرِثْ الْمَالَ قُلْتُ: وَلَا يُعْتِقُهُ فِي مَالِهِ؟
قَالَ: لَا، لِأَنِّي لَا أَدْرِي أَحَيٌّ هَذَا الْمَفْقُودُ أَمْ مَيِّتٌ فَلَا يُعْتَقُ فِي مَالِهِ بِالشَّكِّ.

.(فِي الرَّجُلِ يُعْتِقُ شِقْصًا مِنْ عَبْدِهِ بَتْلًا فِي مَرَضِهِ أَوْ غَيْرَ بَتْلٍ):

فِي الرَّجُلِ يُعْتِقُ شِقْصًا مِنْ عَبْدِهِ بَتْلًا فِي مَرَضِهِ أَوْ غَيْرَ بَتْلٍ وَلَهُ مَالٌ مَأْمُونٌ أَوْ غَيْرُ مَأْمُونٍ:
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرِيضِ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ عَبْدٌ فَأَعْتَقَ نِصْفَهُ بَتْلًا فِي مَرَضِهِ إنْ عَاشَ عَتَقَ عَلَيْهِ وَإِنْ مَاتَ قُوِّمَ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ فِي ثُلُثِهِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ عَبْدًا بَتْلًا وَلَهُ مَالٌ مَأْمُونٌ مِنْ أَرَضِينَ وَدُورٍ عَجَّلَ عِتْقَهُ وَكَانَ حُرًّا يَرِثُ وَيُوَرِّثُ وَتَمَّتْ حُرِّيَّتُهُ وَجِرَاحَاتُهُ وَحُدُودُهُ وَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ مَأْمُونٌ كَمَا وَصَفْتُ لَكَ وَكَانَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ لَمْ يُعَجِّلْ لَهُ عِتْقَهُ وَكَانَتْ حُرْمَتُهُ حُرْمَةَ عَبْدٍ وَجِرَاحَاتُهُ جِرَاحَاتِ عَبْدٍ وَشَهَادَاتُهُ شَهَادَةَ عَبْدٍ حَتَّى يُعْتِقَ فِي ثُلُثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَإِذَا اشْتَرَى الْمَرِيضُ نِصْفَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ بَتْلًا، إنْ عَاشَ وَإِنْ مَاتَ، كَانَ حُرًّا كُلَّهُ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ مَأْمُونٌ مِنْ دُورٍ وَأَرَضِينَ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ نَصِيبُ صَاحِبِهِ وَلَا يَنْتَظِرُ مَوْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ مَأْمُونٌ لَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ نَصِيبُ صَاحِبِهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا أُعْتِقَ مِنْهُ وَنَصِيبُ صَاحِبِهِ جَمِيعًا أَيْضًا إنَّمَا يَكُونُ فِي ثُلُثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ وَاَلَّذِي كَانَ يَمْلِكُ مِنْهُ مِنْ الشِّقْصِ إنَّمَا كَانَ أَعْتَقَهُ الْمَرِيضُ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي وَصِيَّتِهِ لَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ نَصِيبُ صَاحِبِهِ، وَكَانَتْ لَهُ أَمْوَالٌ مَأْمُونَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ وَلَمْ أَرَ الْمَأْمُونَةَ عِنْدَ مَالِكٍ فِي الْأَمْوَالِ إلَّا الدُّورَ وَالْأَرَضِينَ وَالنَّخْلَ وَالْعَقَارَ.
وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي الَّذِي يُعْتَقُ بِتَلَافِي مَرَضِهِ: إنَّهُ فِي حُرْمَتِهِ وَحَالَاتِهِ كُلِّهَا حُرْمَةُ عَبْدٍ وَحَالُهُ حَالُ عَبْدٍ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ مَوْتِهِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَوَقَفْنَاهُ عَلَيْهِ غَيْرَ مَرَّةٍ فَقَالَ: مَا أَخْبَرْتُكَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ هَذَا الَّذِي اشْتَرَى فِي مَرَضِهِ شِقْصًا مِنْ عَبْدٍ فَأَعْتَقَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَمْوَالٌ مَأْمُونَةٌ أَلَّا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ نَصِيبُ صَاحِبِهِ فِي حَالِ مَرَضِهِ؟
قَالَ: لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ، وَيُوقَفُ الْعَبْدُ فِي يَدَيْ الْمَرِيضِ، فَإِذَا مَاتَ أُعْتِقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ فِي ثُلُثِهِ فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ عَتَقَ جَمِيعُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ جَمِيعَهُ أُعْتِقَ مِنْهُ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ، وَرَقَّ مِنْهُ مَا بَقِيَ، وَذَلِكَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الْمَرِيضِ إذَا اشْتَرَى فِي مَرَضِهِ عَبْدًا فَشِرَاؤُهُ جَائِزٌ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ جَازَ ذَلِكَ عَلَى وَرَثَتِهِ إذَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ عَتَقَ مِنْهُ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ وَرَقَّ مِنْهُ مَا بَقِيَ وَجَازَ فِيهِ الشِّرَاءُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الشِّرَاءِ مُحَابَاةٌ عَلَى مَا أَحَبَّ الْوَرَثَةُ أَوْ كَرِهُوا، وَذَلِكَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ أَيْضًا إذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ بِتَلَافِي مَرَضِهِ نِصْفَ عَبْدِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ كُلُّهُ فِي الثُّلُثِ، فَإِذَا كَانَ يُعْتَقُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ فِي ثُلُثِهِ إذَا كَانَ جَمِيعُهُ لَهُ فَإِنَّهُ إذَا أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَبَتَلَهُ، فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ نَصِيبُ صَاحِبِهِ مِنْهُ، كَانَتْ لَهُ أَمْوَالٌ مَأْمُونَةٌ أَوْ غَيْرُ مَأْمُونَةٍ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يُعْتِقُ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ عِنْدَ الْمَوْتِ: إنَّهُ يُعْتِقُ مَا أَعْتَقَ مِنْ نَصِيبِهِ وَلَا يُكَلَّفُ حَقَّ شَرِيكِهِ.
ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَجَازَ عِتْقَ ثُلُثِ عَبْدٍ أَعْتَقَتْهُ امْرَأَةٌ عِنْدَ مَوْتِهَا.

.فِي الرَّجُلِ يُعْتِقُ شِقْصًا ثُمَّ يَمُوتُ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يُقَوَّمَ عَلَى مَالٍ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ عَبْدًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ فَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ الْعَبْدُ عَنْ مَالٍ وَلِلْعَبْدِ وَرَثَةٌ أَحْرَارٌ؟
قَالَ مَالِكٌ: الْمَالُ الَّذِي مَاتَ عَنْهُ الْعَبْدُ لِلْمُتَمَسِّكِ بِالرِّقِّ دُونَ وَرَثَتِهِ الْأَحْرَارِ وَلَا يَكُونُ لِلسَّيِّدِ الَّذِي أَعْتَقَ مِنْ مَالِهِ شَيْءٌ، وَلَا لِوَرَثَةِ الْعَبْدِ وَلَا يُقَوَّمُ عَلَى الَّذِي أَعْتَقَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ مَاتَ.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَتْرُكْ الْعَبْدُ مَالًا لَمْ يُقَوَّمْ عَلَى سَيِّدِهِ الَّذِي أَعْتَقَ حِصَّتَهُ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا إذَا مَاتَ الْعَبْدُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَإِنْ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَهَلَكَ الْعَبْدُ عَنْ مَالٍ وَلَهُ وَرَثَةٌ أَحْرَارٌ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْمَالُ لِلسَّيِّدِ الْمُتَمَسِّكِ بِالرِّقِّ وَلَيْسَ لِمَوْلَاهُ الَّذِي أَعْتَقَ وَلَا لِوَرَثَتِهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يُوَرَّثُ مَنْ فِيهِ الرِّقُّ حَتَّى يَخْرُجَ جَمِيعُهُ مِنْ حَالِ الرِّقِّ إلَى حَالِ الْحُرِّيَّةِ فَتَتِمُّ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ فَهَذَا الَّذِي يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ الْأَحْرَارُ هُوَ مَا لَمْ يَخْرُجْ إلَى هَذِهِ الْحَالِ الَّتِي تَتِمُّ فِيهَا حُرِّيَّتُهُ فَإِنَّمَا مَالُهُ الَّذِي تَرَكَ لِمَنْ لَهُ فِيهِ الرِّقُّ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ الرِّقُّ الَّذِي فِي الْعَبْدِ لِرَجُلٍ الثُّلُثُ وَلِآخَرَ السُّدُسُ، وَنِصْفُ الْعَبْدِ حُرٌّ كَيْفَ يَقْتَسِمُونَ الْمَالَ الَّذِي هَلَكَ عَنْهُ الْعَبْدُ؟
قَالَ: عَلَى قَدْرِ مَا لَهُمَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ، لِصَاحِبِ السُّدُسِ سَهْمٌ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ سَهْمَانِ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَضَى فِيمَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا مِنْ مَمْلُوكٍ إنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُنْظَرَ فِي أَمْرِهِ كَانَ مِيرَاثًا لِلَّذِي لَمْ يُعْتِقْ.
ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ فِي عَبْدٍ بَيْنَ ثَلَاثِ نَفَرٍ أَعْتَقَ اثْنَانِ وَبَقِيَ نَصِيبُ وَاحِدٍ فَمَاتَ الْعَبْدُ عَنْ مَالٍ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ بِخَلَاصِهِ السُّلْطَانُ.
قَالَ رَبِيعَةُ نَرَاهُ لِلَّذِي بَقِيَ لَهُ فِيهِ الرِّقُّ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ يَغْلِبُ النَّسَبَ وَالْوَلَاءَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي عَبْدٍ كَانَ بَيْنَ شُرَكَاءَ ثَلَاثَةٍ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ وَكَاتَبَهُ الثَّانِي وَتَمَسَّكَ الثَّالِثُ بِالرِّقِّ فَمَاتَ الْعَبْدُ، قَالَ رَبِيعَةُ: مِيرَاثُهُ بَيْنَ كَاتِبِهِ وَبَيْنَ الَّذِي تَمَسَّكَ بِالرِّقِّ عَلَى أَنْ يَرُدَّ الَّذِي كَاتَبَ مَا أَصَابَ مِنْ كِتَابَتِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ.
وَقَالَهُ مَالِكٌ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَضَى فِي عَبْدٍ كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ وَثَقِيفٍ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَبَقِيَ الْآخَرُ لَمْ يُعْتَقْ فَابْتَاعَ الْعَبْدُ وَلِيدَةً فَوَطِئَهَا فَوَلَدَتْ مِنْهُ أَوْلَادًا ثُمَّ أَعْتَقَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ مِنْ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ فَقَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنَّ مِيرَاثَ الْعَبْدِ وَوَلَدَهُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ.

.فِي الْعَبْدِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ يُعْتِقُ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ إلَى أَجَلٍ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ عَبْدًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْهُ إلَى أَجَلٍ مِنْ الْآجَالِ، فَقَتَلَهُ رَجُلٌ، أَيَكُونُ قِيمَتُهُ بَيْنَ السَّيِّدَيْنِ جَمِيعًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّ عِتْقَ النِّصْفِ لَمْ يُتِمَّ حَتَّى يَمْضِيَ الْأَجَلُ، فَكَذَلِكَ الْجَنِينُ لَمْ يُتِمَّ عِتْقُ الَّذِي أَعْتَقَ حِصَّتَهُ فِيهِ إلَّا مِنْ بَعْدِ الْوِلَادَةِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ هَذَا الَّذِي أَعْتَقَ حِصَّتَهُ مِنْ هَذَا الْعَبْدِ إلَى أَجَلٍ مِنْ الْآجَالِ أَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ نَصِيبُ صَاحِبِهِ السَّاعَةَ أَمْ حَتَّى تَمْضِيَ الْآجَالُ، وَكَيْفَ إنْ لَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ السَّاعَةَ كَيْفَ يَصْنَعُ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ وَقَدْ عَضَلَ نَصِيبَهُ عَلَيْهِ وَأَضَرَّ بِهِ؟
قَالَ: أَحَبُّ مَا فِيهِ إلَيَّ أَنْ يُقَوَّمَ عَلَيْهِ السَّاعَةَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ قَدْ اخْتَلَفُوا فِي الْمُدَبَّرِ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَالِكًا أَفْتَى فِيمَنْ دَبَّرَ حِصَّتَهُ مِنْ عَبْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ أَنَّهُ قَالَ: يُقَوَّمُ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ.
وَقَوْلُهُ فِي الْمُدَبَّرِ غَيْرُ هَذَا إلَّا أَنَّهُ أَفْتَى بِهَذَا وَأَنَا عِنْدَهُ فَاَلَّذِي أَعْتَقَ حِصَّتَهُ إلَى أَجَلٍ أَوْكَدُ وَأَحْرَى أَنْ يُقَوَّمَ عَلَيْهِ.