فصل: كِتابُ الرَضاعِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الهداية على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه



.بَابُ مَا يُلْحَقُ مِنْ النَّسَبِ ومَا لا يُلْحَقُ:

ومَنْ أتَتْ زَوْجَتُهُ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ أنْ يَكُونَ مِنْهُ لَحِقَهُ نَسَبُهُ إلا أنْ يَنْفِيَهُ باللعَانِ، وإنْ لَمْ يُمْكنْ أنْ يكُونَ مِنْهُ مِثْلُ أنْ يَأتِيَ بِهِ لِدُونِ سِتةِ أشْهُرٍ مِنْ حينِ تَزَوجَها أوْ لأكْثَرَ مِنْ أرْبَعِ سِنِينَ مِنْ حِيْنِ أبانَها أوْ مَعَ العَلْمِ بأنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ مَعَها كَالتي يَعْقِدُ عَلَيْهَا بِحَضْرَةِ الحاكِمِ ثُمَّ يُطَلقُها عَقِبَ العَقْدِ أوْ يَتَزَوجها وهِيَ عَلَى مَسَافَةٍ لا يَصِلُ إليْها في المُدَّةِ الَّتيْ جَاءَتْ بِالوَلَدِ فِيْها أوْ يَكُونَ الزَّوجُ مِمَّنْ لا يَنْزِلُ المَاءَ كَالمَقْطُوعِ الذِّكْرِ والاُّنْثَيينِ والصَّبِيِّ الذِي لَهُ تِسْعَ سِنينَ فَما دُوْنَ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ نَسَبُهُ فَإنْ وَطئَهَا، ثُمَّ طَلقَها طَلاقَاً رَجْعِياً، ثُمَّ أتَتْ بِوِلَدٍ لأكْثَرَ مِنْ أرْبَعِ سِنِينَ فَهَلْ يَلْحَقُهُ أمْ لا يُخَرَّجُ عَلَى وجْهَينِ، فَإنْ أقَرَتْ بانْقِضَاءِ عِدَّتِها بالحَيْضِ ثُمَّ أتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتةِ أشْهُرٍ فَصَاعِداً لَمْ يُلْحَقْ نَسَبُهُ بالزَّوْجِ سَواءٌ تَزَوجَتْ أوْ لَمْ تَتَزَوجْ كَما لَوْ طلَّقَها وهِيَ حَامِلٌ فَولَدَتْ، ثُمَّ أتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتةِ أشْهُرٍ لَمْ يَلْحَقْهُ فإنْ أتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتةِ أشْهُرٍ يَلْحَقْهُ لأنَّا تَيقنَّا أنَّ عِدَّتَها لَمْ تَنْقَضِ، وإذا وُطِئَتْ زَوْجَتُهُ بِشُبْهَةٍ فأتَتْ بِوِلَدٍ لِدُونِ سِتةِ أشْهرٍ مِنْ حِيْنِ الوَطءِ فادَّعَا الزَّوْجُ أنَّهُ مِنْ ذَلِكَ الزَّوْجِ أرى القَافةَ فَإن ألحَقُوهُ بالوَطءِ انْتَفَى عَنِ الزَّوْجِ مِنْ غَيْرِ لِعَانٍ وإنْ ألحَقُوهُ بِهِ لَحقَ وَهَلْ لَهُ نَفْيُهُ باللعَانِ عَلَى رِوَايَتَينِ فإنْ ألحَقَتْهُ القَافَةُ بِهِما بِخِلافِ ما إذا ألحَقُوهُ بأمِينٍ ادَّعَاهُ فإنَّهُ لا يَلْحَقُ بِهِما ولا يُقْبَلُ قَوْلُ القَائِفِ إلا أنْ يَكُونَ عَدْلاً ذَكَرَاً مُجَرَّباً في الإصَابَةِ، فَإنْ عُدم القَافَةَ أوْ أُشْكِلَ عَلَى القَافَةِ، فَقَالَ أبُو بَكْرٍ: لا يُلْحَقُ بواحِدٍ مِنْهُما، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ ينتظرُ بِهِ حَتَّى يَبْلُغَ فَيَنْتَسِبُ إلى أحَدِهِما فإنْ انْتَسَبَ إلى الوَاطئِ انْتفَى عَنِ الزَّوْجِ بِغَيْرِ لِعَانٍ وإنْ انْتَسَبَ إلى الزَّوْجِ لَحِقَهُ، وَهَلْ لَهُ نَفْيُهُ باللعِانِ عَلَى رِوَايَتَينِ، ومَنْ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ وَلَدٌ فأخَرَ نَفْيَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ سَقَطَ نَفْيُهُ فإنْ ادَّعاهُ أنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ بالوِلادَةِ وأمْكنَ صِدْقَهُ فالقَولُ قَولُهُ، وإنْ قَالَ: لَمْ أعْلَمْ إنْ كَانَ نَفْيُهُ أو لَمْ أعْلَمْ إنَّ النَفْيَ عَلَى الفَورِ، فإنْ كانَ قَرِيْب عَهْدٍ بالإسْلامِ قُبِلَ مِنْهُ وإلا فلا تُقْبَلُ دَعْواهُ فإنْ أخَّرَ النَّفْيَ لِعذْرٍ مِنْ مَرَضٍ أوْ حَبْسٍ أوْ حِفْظِ مَالٍ أوْ تَعَذَّرَ السَّيْرُ عَلَيْهِ وَهُوَ في السَّفَرِ كَانَ لَهُ النَّفْيُ، فإنْ قَالَ: أخَّرْتُ النَّفْيَ رَجَاءَ أنْ يَمُوتَ فإكْفَاءُ اللعِانِ لَمْ يَكُنْ لَهُ النَّفْيُ فإنْ هَنِيءَ بِهِ فَسَكَتَ، أوْ أمَّنَ عَلَى الدُعَاءِ سَقَطَ النَّفْيُ، وإذا اعْتَرفَ بوَطءِ أمتِهِ لَحِقَهُ ولَدُهَا ولَمْ يَنفِ عَنْهُ إلا أنْ يَدَّعِىَ الإسْتِبْراَء وَهَلْ يَحْلِفُ عَلَيْهِ أمْ لا عَلَى وجْهَينِ: فإنْ قَالَ: كُنْتُ أطأُ وأعْزِلُ، أوْ أطأُ دُوْنَ الفَرجِ لَحِقَهُ الوَلَدُ. وإنْ وَطِئ أمَتَهُ ثُمَّ أعْتَقَها واسْتَبرَتْ ثُمَّ أتَتْ بوَلَدٍ لِدُونِ سِتةِ أشْهُرٍ مِنْ حِيْنِ العِتْقِ لَحِقَهُ وإنْ كَانَ لِسِتةِ أشْهُرٍ فَصاعِداً لَمْ يَلْزَمْهُ الوَلَدُ، وإذا وَطِئَ المَجْنُونُ مَنْ لا ملكَ لَهُ عَلَيْهَا ولا شبهةَ ملكِ فَعلقَتْ لَمْ يَلْحَقْهُ النَّسَبُ ولا حَدَّ عَلَيْهِ ويَلزَمُهُ المَهْرُ إنْ كَانَ اسْتَكْرَهَها وإذا أبانَ زَوْجَتَهُ فأتَتْ بِوَلَدٍ في مُدَّةِ الحَمْلِ فأنْكَرَ أنَّها ولَدَتْهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ بِشَهادَةِ امْرأةٍ ثِقَةٍ تَشْهَدُ بالوِلادَةِ.

.كِتابُ العِدَدِ:

.بَابُ ما تنْقَضِي بِهِ العِدَّةُ:

لا عِدَّةَ عَلَى مَنْ لا يَجْتَمِعُ بِها الزَّوْجُ أوْ يَمُوتُ عَنْها، فأمَّا إنْ فارَقَها بَعْدَ اسْتِمْتاعِهِ بِها أوْ خَلوَتِهِ وهِيَ مُطاوِعَةٌ فَعَلَيْها العُدَّةُ، فإنْ كَانَتْ حَامِلاً لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُها إلا بِوَضْعِ الحَمْلِ الذِي تَصورَ فِيْهِ شَيءٌ مِنْ خُلُقِ الإنْسانِ، فإنْ وضَعَتْ مُضْغَةً فَذَكَرَ ثِقَاتٌ مِنْ القَوابِلِ أنَّها مُبْتَدَأُ خَلْقِ آدَمِيٍّ فَهَلْ تَنْقَضي بِهِ العِدَّةُ أمْ لا، عَلَى رِوَايَتَينِ. وأكْثَرُ مُدَّةِ الحَمْلِ أرْبَعُ سِنِينَ وعَنْهُ أكْثَرُهُ سَنَتانِ فإنْ ولَدَتْ ولَدَاً بَعَدَ مُدَّةِ أكْثَرِ الحَمْلِ لَمْ يَلْحَقْ بالزَّوْجِ إذا كَانَ الطَّلاقُ بائِنَاً وَهَلْ تَنْقَضِي بِهِ العِدَّةُ؟ يَحْتَمِلُ وجْهَينِ. ولا فَرْقَ بَيْنَ الزَّوْجَةِ الأمَةِ أوْ الحُرَّةِ في ذَلِكَ، فإنْ كَانَتْ مِنْ ذَواتِ الإقْراءِ وكَانَتْ حُرَّةً فَعِدَّتُها ثَلاثَةُ إقْراءٍ، وإنْ كَانَتْ أمَةً فِعِدَّتُها قرْآنِ وإلاقْراءُ الحَيْضُ في أصَحِّ الرِّوايَتَينِ، فَعَلى ذَلِكَ، إنْ طَلَّقَها في الحَيْضِ لَمْ يُعْتَدَّ بتِلْكَ الحيضَةِ قرْءاً واسْتَأنَفَتْ ثَلاثَ حيضٍ إلا أنْ تَكُونَ أمَةً فَتَسْتأنِفُ حَيْضَتَيْنِ وَهَلْ تَقْطَعُ الرجْعَةَ وتُبَاحُ للأزْواجِ قَبْلَ الاغْتِسَالِ مِنَ الحَيْضَةِ الأخيْرَةِ أمْ لا، عَلَى رِوَايَتَينِ. ورُوِيَ عَنْهُ أنَّ الإقْراءَ هِيَ الأطْهارُ فإذا طَلَّقَها وَقَدْ بَقِيَ جُزْءٌ مِنَ الطُّهْرِ اعْتَدَّتْ بِهِ قُرْءاً، ثُمَّ إذا طَعَنَتْ في الحَيْضَةِ الثَّالِثَةَ إنْ كَانَتْ حُرَّةً، والثَّانِيةِ إنْ كَانَتْ أمَةً انْقَضَتْ عِدَّتُها وتَصْدُقُ في انْقِضَاءِ العِدَّةِ في ثَلاثَةً وثَلاثِينَ يَومَاً ولَحْظَةً، إنْ قُلْنا إنَّ الإقْراَءَ الحَيْضُ وإنْ قُلْنا الإطْهارُ صَدَقَتْ في اثْنَينِ وثَلاثِينَ يَوْماً ولَحْظَتَينِ، فإنْ ادَّعَتْ أنَّ عِدَّتَها انْقَضَتْ في تِسْعَةٍ وعِشْرينَ يَوْمَاً وسَاعَةٍ بالحَيْضِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُها حَتَّى تَشْهَدَ امْرأةٌ ثِقَةٌ لَها بِذلِكَ، هَذَا في حَقِّ الحُرَّةِ، فأما في حَقِّ الأمَةِ فَيُقْبَلُ قَولُها في سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمَاً ولَحْظَةٍ مَعَ شَهَادَةِ امْرَأةٍ عَدْلَهٍ وأنْ كَانَتْ مِمَّنْ لا تَحِيْضُ لِصِغَرٍ أوْ إياسٍ فَعِدَّتُها ثَلاثَةُ أشْهُرٍ إنْ كَانَتْ حُرَّةً وإنْ كَانَتْ أمَةً فَشَهْرَانِ في إحْدَى الرِّواياتِ والثَّانِيةُ شَهْرٌ ونِصْفٌ والثَّالِثَةُ ثَلاثَةُ أشْهُرٍ فإنِ انْقَطَعَ دَمُها لِغَيْرِ عَارِضٍ فإنَّها تَقْعُدُ حَتَّى تَعْلَمَ بَراءةَ الرَّحِمِ ثُمَّ تَعْتَدَّ بالشُّهورِ وكَمْ قَدرَ ما تَعْتَدُّ؟ قَالَ شَيْخُنا تِسْعَةَ أشْهُرٍ، ويَحْتَمِلُ أنْ تَقْعدَ أرْبَعَ سِنِينِ، وكَذَلِكَ إذا أتى عَلَى الحَادِثَةِ زَمَانُ الحَيْضِ ولَمْ تَحِضْ فَطلقَتْ فإنَّها تَقْعُدُ تِسْعَةَ أشْهُرٍ ثُمَّ تَعْتَدُّ بالشُّهُورِ، وعَنْهُ أنَّها تَعْتَدُّ بالشُّهُورِ كالصَّغِيْرَةِ فَأمَا إنِ ارْتَفَعَ حَيْضُها بِعَارِضٍ مِنْ مَرَضٍ أوْ رَضَاعٍ فإنَّها تَقْعُدُ حَتَّى تَحِيْضَ أوْ تَبْلغَ حَدَّ الإيَاسِ، ثُمَّ تَعْتَدُّ بالشُّهُورِ، وحَدُّ الإيَاسِ كَمَالُ خَمْسِينَ سَنَةً، وعَنْهُ أنَّ ذَلِكَ حَدُّهُ في نِسَاءِ العَجَمِ، فأمَّا حَدُّهُ في نِسَاءِ العَرَبِ فَكَمَالُ سِتِينَ سَنَةً، فإنْ طَلَّقَها وهِيَ نَاسِيَةٌ فَحُكْمُها حُكْمُ مَنْ أتَى عَلَيْهَا زَمَانُ الحَيْضِ فَلَمْ تَحِضْ وإذا عتقَتِ الأمَةُ في أثْنَاءِ عِدَّتِها فإنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً انْتَقَلَتْ إلى عِدَّةٍ حُرَّةٍ، وإنْ كَانَتْ بائِناً لَمْ تَنْتَقِلْ فإنْ حَاضَتْ الجَارِيَةُ في أثْنَاءِ عِدَّتِها بالشُّهورِ انْتَقَلَتْ إلى الاعْتِدادِ بالإقْراءِ، ولا بِمَا مَضَى إذا قُلْنَا الإقْرَاءُ الحَيْضُ وإنْ قُلْنَا هِيَ الإطْهَارُ فَهَلْ تَعْتَدُّ بِما يَعْتَدُّ بِمَا مَضَى قُرْءً، يَحْتَمِلُ وَجْهَينِ، ومَنْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ أوْ زِنَا فَعِدَّتُها عِدَّةُ المُطَلَّقَةِ، وحَكَى الشَّرِيْفُ أبُو عَلِيٍّ بْنُ أبي مُوسَى رِوَايَةً أُخْرَى، أنَّ الزَّانِيَةَ تَسْتَبْري بِحيضةٍ، ومَنْ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا وكَانَتْ حَامِلاً اعْتَدَّتْ بِوَضْعِ الحَمْلِ، إلا أنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لا يَجُوزُ أنْ يلْحَقَ بِهِ الحَمْلُ، كَالصَّبيِّ، ومَنْ عقَدَ عَلَيْهَا ومَاتَ عُقَيْبَ القَبُولِ والمَشْرِقِيَّةِ بالمَغْرِبيِّ فإنَّها تَعْتَدُّ أرْبَعَةَ أشْهُرٍ وعَشْرَاً مِثْلَ عِدَّتِها لَوْ كَانَتْ حَامِلاً، وتَعْتَدُّ الأمَةُ بِشَهْرينِ وخَمْسَةِ أيامٍ وَقَدْ حُكِيَ عَنْهُ أنَّهُ إذا مَاتَ الصَّبَيُّ عَنْ زَوْجَتِهِ وهِيَ حَامِلٌ انْقَضَتْ عِدَّتُها بِوَضْعِ الحَمْلِ، ولا يلحقُ بِهِ، وفِيْهِ بُعْدٌ فإنْ أبانَها بَعَدَ الدُّخُولِ في مَرَضِ مَوتِهِ ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا اعْتَدَتْ بأطْولِ الأجَلينِ مِنْ ثَلاثَةِ إقْراءٍ أوْ أرْبَعَةِ أشْهُرٍ وعَشْرٍ، وإنْ كَانَ الطَّلاقُ رَجْعِياً اعتَدَّتْ بأرْبَعَةِ أشْهُرٍ سَواءَ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِها أوْ لَمْ يَدْخُلْ كَالزَّوجَةِ سَواءً، وإذا مَاتَ عَنْهَا فإنْ بانَتْ بأنْ ظَهَرَ مِنْهَا إمَارَاتُ الحَمْلِ بِحَرَكَةٍ في الجَوفِ وانْتِفَاخٍ نَظَرْنَا فإنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ قَضَاءِ العِدَّةِ بالشُهورِ لَمْ تَزَلْ في عِدَّةٍ حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ، ولَوْ إلى مُدَّةِ الحَمْلِ حَتَّى لَوْ تَزَوجَتْ قَبْلَ زَوالِها لَمْ يَنْعَقِدِ النِّكَاحُ وإن ذَلِكَ بَعْدَ العِدَّةِ والتَّزْويْجِ فالنِّكَاحُ صَحِيحٌ في الظَّاهِرِ فإنْ وَضَعَتْ الحَمْلَ بَعَدَ سِتَّةِ أشْهُرٍ مِنْ حِيْنِ العَقْدِ أوْ لَمْ تَضَعْ حَمَلاً وزَالَتِ الرِّيْبَةُ فَهُوَ صَحِيحٌ في البَاطِنِ أيْضَاً، وإنْ وَضَعَتْ الحَمْلَ قَبْلَ سِتَّةِ أشْهُرٍ مِنْ حِيْنِ العَقْدِ بَانَ لَنَا أنَّهُ نِكَاحٌ بَاطِلٌ وإذا مَاتَ عَنْهَا أوْ طَلَّقَها وَهُوَ غَائِبٌ ثُمَّ عَلِمَتْ بِذَلِكَ بَعَدَ مدَّةٍ فَعِدَّتُهَا مِنْ حينِ الفُرقَةِ، في أصَحِّ الروايتيَنِ والأخرَى إنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بالبينَةِ فَعِدَّتُهَا مِنْ حِينِ الفُرقَةِ، وإنْ بلَغَهَا ذَلِكَ خَبراً فَعِدَّتُهَا مِن الخَبَرِ، وإذا غَابَ الرَّجلُ عَن زَوجتِهِ فَما لَمْ يقطعْ خَبرهُ فالزَّوجيَّةُ قَائِمَةٌ فإنِ انقَطَعَ خَبرهُ لِغَيبةٍ ظاهرُهَا السَّلامةُ فالحكمُ كَذلِكَ، حَتَّى يَثْبُتَ مَوتُهُ، ونقلَ أحْمَدُ بنُ أصَرمَ المزَنيُّ عَنْ أحْمَدَ رحِمَهُ اللهُ أنه إذا مضَى عَلَيْهِ تِسعُونَ سَنَةً قُسِّمَ مَالُهُ وعلى هَذَا تَعْتَدُ زَوجتُهُ عِدَّةَ الوفَاةِ، وَتُبَاحُ لِلأَزواجِ فإنِ انقطَعَ خَبرُهُ بِغيبةٍ ظَاهرُهَا الهلاكُ مثل أنْ يَكْسِرَ بهم في البَحرِ فَيغرق قَومٌ دُوْنَ قَومٍ أو يكونَ بينَ الصَّفينِ فَيقتلَ قَومٌ ويسلَمَ قومٌ ونحو ذَلِكَ فرُويَ عَنْهُ أنَّ زوجتَهُ تَتَربَّصُ أربعَ سِنينَ، ثمَّ تقضِي عِدَّةَ الوفَاةِ، وَتَحِلُّ للأزواجِ، ونَقلَ عَنْهُ أبو الحارِثِ كنتُ أقولُ ذَلِكَ، فَقدِ ارتَبتُ فِيْهِ اليَومَ وهَبتُ الجوابَ لاختِلافِ النَّاسِ، فكأنِّي أَحِبُّ السَّلامَةَ وهَذا تَوقفٌ يحتَمِلُ الرُّجوعَ عمَّا قالَهُ وتَكونُ المرأةُ عَلَى الزَّوجيَّةِ حَتَّى يَثبُتَ مَوتُهُ ويَحتَمِلَ التَّورعَ وَيكونُ ما قالَهُ أولا بحالِهِ في الحُكمِ فَعَلَى هَذَا هَلْ يفتَقِرُ في ذَلِكَ إلى رَفعِ أمرِهَا إلى الحَاكِمِ أم لا عَلَى رِوايتَينِ وإذا حَكَمَ بالفِرقةِ فَتزوجَتْ فإنما يُنفذُ الحُكمُ في الظَّاهِرِ دُوْنَ البَاطِنِ، فَعَلَى هَذَا لو طلقَهَا الزَّوجُ الأولُ أو ظَاهَرَ مِنْهَا لَزِمَهُ ذَلِكَ وَيَتخَرجُ أنْ ينفذَ الحكمُ باطِنَاً فَإنْ قَدِمَ الزَّوجُ الأولُ، فالمنصُوصُ أنَّهُ إن كَانَ قدومُهُ قبلَ دُخولِ الثَّانِي بها فَهِيَ زَوجةُ الأَولِ وإنْ كَانَ بَعدَ دُخولِهِ بِها خَيَّرَ الأَولُ بَينَ أَخذهَا أو أَخذِ صَداقِهَا مِنَ الثَّاني وَتركِهَا مَعهُ، وفي مِقدارِ المأخوذِ رِوايتَانِ أَحدُهُما يَأخُذُ ما أَصْدَقَها وَالثَّاني يَأخُذُ ما أصدَقَها الثَّانِي، وَهَلْ يرجعُ الثَّانِي عَلَيْهَا بما أخَذَهُ مِنهُ الأولُ عَلَى رِوايتَينِ وَعندِي أنَّ قياسَ المذهَبِ إنَّا إنْ حكَمنَا بِوقُوعِ الفرقَةِ ظَاهِراً أو باطِنَاً فَهِيَ زَوجَةُ الأولِ بكلِّ حَالٍ، ووطءُ الثَّاني لَها وطءٌ بِشبهَةٍ تقضى منهُ العِدَّةَ، وهيَ في زَوجِيَّةِ الأولِ، وكذلِكَ كُلُّ مِن وطِئَتْ بشُبهَةٍ وَجبَتْ عَلَيْهَا عِدَّةُ المطلَّقةِ والعِدَّتانِ مِنَ الرَّجلَينِ لا تَتَداخَلانِ بِحَالٍ فلَو بَانَتِ امرأةٌ مِنْ زَوجِهَا فوطئت في عِدَّتِها بنِكَاحٍ فَاسِدٍ أو شبهَةٍ فإنَّ عِدَّتَها لا تَنقَطِعُ، بذلِكَ يلزَمُهَا أنْ تَقضِيَ عِدَّةَ الأَولِ ثم يَستَأنِفَ للآخَرِ عِدَّةً، فإنْ عَلَقَتْ مِن ذَلِكَ الوَطءِ وَوضَعتهُ في مُدَّةٍ يَجوزُ أنْ يَكونَ مِنهمَا عُرِضَ عَلَى القَافَةِ، فَإنْ ألحقوهُ بإحدِهِما انقضَتْ عِدَّتُها مِنهُ، وقَضَتْ عِدَّةَ الآخرِ والعدَّتَانِ مِنْ رَجلٍ وَاحِدٍ بتَداخلٍ، فلو طلَّقَ زَوجتَهُ ثم رَاجَعهَا إنْ كَانَ الطَّلاقُ رَجعيَّاً أو عَقدَ عَلَيْهَا عَقدَاً بَائناً إنْ كَانَ الطَّلاقُ بَائناً ثم طلَّقهَا فإنْ كَانَ طَلاقُهُ للثاني بَعدَ وَطئهَا استَأنَفَتْ عِدَّةً وبطلتْ الأُولى، وإنْ كَانَ قَبلَ وَطئهَا بَنتْ عَلَى العِدَّةِ الأُولى وَهُوَ اختِيارُ الخِرقِيِّ وعَنهُ أنها تَستَأنِفُ عِدَّةً أخرَى، وهيَ اختيارُ أبي بَكرٍ فإنْ وَطِئهَا المطلِقُ بِشُبهَةٍ في عدَّتِها استَأنَفتِ العِدَّةَ ودخلَتْ فِيهَا البقية مِنَ العِدَّةِ الأُولى وإذا تَزوجَتْ في عِدَّتِها وَدَخلَ بها الثَّاني لَمْ تَحرُمْ عَلَيْهِ في إحدَى الرِوايتَينِ، وَلكِنهُ لا يَجوزُ لَهُ العَقدُ عَلَيْهَا إلا بعدَ كَمالِ العِدَّتينِ، وَعَنهُ أنها تَحرمُ عَلَيْهِ عَلَى التَأبيدِ.

.بابُ أحكَامِ العِدَدِ:

المعتداتُ عَلَى خَمسةِ أَضرُبٍ الرجعيةُ فلَهَا عَلَى زَوجِهَا النفَقةُ والسُكنَى لِمدةِ عِدَّتِهَا، وَالبائنُ بفَسخٍ أو طَلاقٍ، فإنْ كانَتْ حَامِلاً استَحقَّتِ النَفَقَةَ والسُّكنَى، وإنْ كانَتْ حَائلاً فَلا نفقَةَ لها وَهَلْ تَستحِقُّ السُكنَى عَلَى رِوايتَينِ والموطوءة بِشُبهَةٍ أو في نِكاحٍ فاسِدٍ إنْ كانَتْ حائلاً فلا نفقَةَ لها ولا سُكنَى، وإن كَانَتْ حَامِلاً فعلَى أصلِهِمَا أحدُهُما هَلْ تَجِبُ النَفقةُ للحَملِ أو للحَامِلِ فإنْ قُلنا تَجِبُ للحَملِ فَعَليهِ النَّفقَةُ هَاهُنا وإنْ قُلنا للحَاملِ فلا نَفَقَةَ عَلَيْهِ ولا سُكنَى، والمتوفى عَنهَا زَوجُها فلا نَفَقَةَ لها ولا سُكنَى إنْ كانَتْ حَامِلاً وإنْ كانَتْ حَائلاً فَعَلَى روايتَينِ والزَّانِيةُ فلا نفقَةَ لها ولا سُكنَى، سَواءٌ كانَتْ حَامِلاً أو حَائِلاً، ولا يجِبُ الإحدادُ في عِدَّةِ الرَّجعِيةِ، والموطوءةِ بشبهَةٍ وفي نِكاحٍ فَاسِدٍ، وأمِّ الولَدِ والأمَةِ والزَّانِيةِ وهل تَجِبُ في عِدَّةِ الوفاةِ عَلَى البَائنِ أم لا عَلَى رِوَايتينِ وَسَواءٌ في ذَلِكَ المُسلِمَةُ والذِّميَّةُ والمكلفَةُ وغيرُ المُكَلفَةِ والإحدَادُ اجتِنابُ الزِينةِ وَما يَدعُو إلى جِمَاعِهَا كَلَبسُ الحليِّ والطِّيبِ والحنَّا والكُحلِ الأَسوَدِ وَالخِضَابِ والكلكون وأسفيذاج العرائسِ والخِفَافِ والملون مِنَ الثيابِ لِتَحسينِ الثَّوبِ كالأَحمَرِ والأصفَرِ والأخضَرِ الصَّافِي والأزرَقِ الصَّافِي وأما الملونُ لِدَفعِ الوسَخِ كالكحليِّ والأسوَدِ فلا تُمنعُ مِنهُ، ويجِبُ في عِدَّةِ الوفَاةِ في المنْزِلِ الذِي وَجَبَتْ فِيْهِ إلا أنْ تَدعُوَ ضَرورةٌ إلى خُروجِهَا عَنْهُ بأنْ يحولَها مالكُهَا أو تَخشَى عَلَى نَفسِها فَتَنتَقِلَ إلى أقربِ ما يُمكنُ مِنهُ ويجوزُ لها الخُروجُ مِنْ منْزِلِها نَهاراً فأما لَيلاً فلا يجوزُ لَها الخُروجُ، وإذا أذنَ لِزوجتِهِ في النُقلةِ لتقيمَ في بَلَدٍ فَخرجَتْ ثُمَّ مَاتَ، فإن مَاتَ قَبلَ أنْ تُفَارِقَ سورَ البلَدِ لَزِمَها العَودُ إلى منْزلِها فَتَعتَدُّ فِيهِ، وإنْ مَاتَ بَعدَ أنْ فَارقَتِ البيوتَ لَزِمَها المضيُّ وَقضَاُء العِدَّةِ في ذَلِكَ البَلَدِ ويحتَمِلُ أنْ تَكونَ بالخِيارِ بينَ البلَدَينِ فإنْ إذنَ لَها في الحَجِّ ثُمَّ مَاتَ فأحرَمَتْ لَزِمَها أنْ تَعتَدَّ في منْزِلِها، وإنْ فاتَها الحجُّ وتَحللتْ بِعمَلٍ غِيرِهِ وإنْ أحرَمتْ ثُمَّ مَاتَ فَظاهِرُ كَلامِهِ في رِوَايَةِ حَربٍ وَيعقوبَ أنها تُقيمُ لِقضاءِ العِدَّةِ وإنْ فَاتَها الحجُّ، وَقَالَ شَيخُنا إنْ خَشِيتْ الفَواتَ مضَتْ في الحجِّ وإنْ لَمْ تخشَ أقَامتْ فَقضِيتْ العِدَّةَ ثُمَّ حَجَّتْ فإنْ سَافَرَ بِها ثُمَّ مَاتَ في بَعْضِ الطَّريقِ فإنْ كانَتْ قَريبَةً عَادتْ إلى منْزِلِها وإنْ كَانتْ عَلَى بُعدٍ كَمسافَةِ التَّرَخُصِّ فَصَاعِداً فَهِيَ بالخِيَارِ بَيْنَ المُضِيِّ إلى منْزِلِها أو العَودِ إلى بَلَدِها فأما المبتُوتَةُ فلا تَجِبُ عَلَيْهَا العِدَّة في مَنْزِلِ طَلاقِهَا وَلَها الانتِقَالُ عَنْهُ وَالاعْتِدَادُ في غيرِهِ نَصَّ عَلَيْهِ.

.بَابُ الاستبراءِ:

إذا مَلَكَ الرَّجلُ أمةً تَحِلُ لَهُ لَزِمَهُ أنْ يَستبرِئَها إنْ كانَتْ حَامِلاً بِوَضعِ الحَملِ وإنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الأقرَاءِ استَبرَأها بِحَيضةٍ كَامِلةٍ وإنْ كانتْ صَغيرةً أو آيسَةً استَبرأها بِشهرٍ وَعَنهُ تُستَبرَأُ بِثلاثَةِ أشهر وهيَ اختيارُ الخِرقِيِّ فإنِ ارتفَعَ حَيضُها لا تدرِي مَا رَفعهُ استبراءهَا بعشرَةِ أشهُرٍ نَصَّ عَلَيْهِ فإنْ كانتْ مِمَنْ لا يَحلُّ لَهُ كالمجوسِيةِ والمُرتدَّةِ والمُعتدَّةِ وأمِّهِ وأختِهِ مِنَ الرَّضَاعةِ لَمْ يَلزمْهُ الاستِبراءُ، وَكَذلِكَ إنْ مَلكَتِ امرأةٌ أمَةً لَمْ يَلزَم الاستِبراءُ، وإنْ كانتْ صَغِيرةً لا يوطأ مِثلُها فَهلْ يَجِبُ الاستِبراءُ عَلَى روايتَينِ فإنْ أسلَمتِ المجوسِيَةُ والمرتدَّةُ فإنها تَحلُّ للسيِّدِ بِغيرِ استِبراءٍ، فإنْ كانتْ أمتَهُ فَعجِزتْ وعَادتْ إليهِ أو ارتَدَّتْ أو ارتَدَّ السيِّدُ ثُمَّ عَادَ إلى الإسلامِ أو اشتَرَى زَوجتَهُ الأمَةَ وَرَهنَها ثُمَّ أنفذَ الرَّهنَ جَازَ لَهُ الوطءُ قَبلَ الاستِبراءِ في جَميعِ هِذهِ المسائِلِ، فإنْ اشتَرَى أمَةً فَحاضَتْ في يَدِ البائِعِ قَبلَ القَبضِ أو وَلدتْ حَصَلَ بذلِكَ الاستِبراءُ، وعَنهُ لا يحصُلُ، فإنْ وجدَ ذَلِكَ في مُدَّةِ الخيارِ حَصَلَ الاستِبراءُ بِذلِكَ إذا قُلنَا أنَّ بَيْعَ الخِيارِ يَنْقُلُ الملِكَ لَمْ يُعْتَدَّ بِذَلِكَ عَنِ الاسْتِبْراءِ، وإنْ باعَها ثُمَّ تَقايَلا أوْ فُسِخَ البَيْعُ بالعَيْبِ لَمْ يَحِلَّ وطْؤها حَتَّى يَسْتَبْرِئْها إذا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ القَبْضِ وإنْ كَانَ قَبْلَ القَبْضِ فَعَلى رِوَايَتَينِ إحْداهُما تَحِلُّ مِنْ غَيْرِ اسْتِبراءٍ، والأخْرى لا تَحِلُّ فَإنْ ابْتَاعَ أمَةً مُزَوَّجَةً فَطَلَّقَها الزَّوجُ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى يَسْتَبرِئها فإنْ طَلَّقَها بَعْدَ الدُّخُولِ اعْتَدَّتْ مِنَ الطَّلاقِ وَهَلْ يَدْخُلُ الاسْتِبراءُ في العِدَّةِ أمْ لا عَلَى وجْهَينِ فإنِ اسْتَبرَأها غَيْرَ مُزَوَّجَةٍ فَعَتَقَها قَبْلَ الاسْتِبراءِ وتَزَوَّجَها لَمْ يَحِلَّ لَهُ حَتَّى يستبرءها ثُمَّ يعقدَ فإنْ اشْتَرى عبدَه التاجر أمَةً واسْتَبْرَأها أوِ اشْتَرى مكاتبة ذا رَحمِهِ فَخَصَى عَبدَهُ ثُمَّ اشْتَرى الأمَةَ مِنْ عَبْدِهِ ومكاتبة، أوْ عَجَزَ العَبْدُ المكاتبُ فإنهنَّ يُبَحْنَ للسيدِ مِنْ غَيْرِ اسْتِبَراءٍ، ومَنْ حَرُمَ عَليهِ وطْؤها لأجْلِ الاسْتِبْرَاءِ لَمْ يَجِزْ لَهُ التَّلذُّذُ بالمَسِّ والنَّظَرِ إلا المَسْبِيَّةَ فإنَّها عَلَى رِوايَتَينِ، وإذا وطِئ أمَتَهُ ثُمَّ أرَادَ بَيْعَها لَزِمَهُ أنْ يستبرءهَا بحيضَةٍ في إحدَى الروايتينِ ولا يلزمُهُ ذَلِكَ في الأخرى فإنْ أرادَ تَزويجَهَا لَمْ يَجِزْ حَتَّى يستبرءها فإنْ باعَهَا أو زَوَّجَها قبلَ أنْ يطأهَا جَازَ قبلَ الاستِبراءِ، وإذا أعتَقَ أمَّ ولدِهِ في حَياتِهِ أو مَاتَ عَنهَا لزِمَهَا الاستِبراءُ عَلَى ما بينَاهُ في عتقِ أمهَاتِ الأولادِ، فإنْ أعتقَها أو مَاتَ عَنهَا وَهيَ مزوجَةٌ لَمْ يَلزَمْهَا الاستِبراءُ وكَذلِكَ إنْ كَانَتْ في عِدَّةٍ منَ الزَّوجِ فعتقَها السَّيدُ أو مَاتَ فإنْ مَاتَ زَوجُها وَسيدُهَا أحدُهما قبلَ الآخَرِ ولَمْ يُعْلَمِ السَّابِقُ مِنهمَا، نَظَرنا فإنْ كَانَ بَينَ مَوتِهِا شَهرانِ وَخمسةُ أيامٍ فما دُوْنَ فعليهَا أنْ تَعتَدَّ بَعدَ مَوتِ الأخيرِ مِنهُمَا أربعةَ أشهُرٍ وعَشرَاً لا استبراءَ فِيهَا، وإنْ كَانَ بَينَ مَوتِهما أكثرُ مِن شَهرَينِ وَخمسَةِ أيامٍ لزِمَهَا بعدَ موتِ الأكثرِ مِنْ عِدَّةِ الوَفاةِ أو الاستبراء بحَيضَةٍ وكَذلِكَ الحكمُ إنْ جَهِلنَا قدرَ مَا بينَ المدَّتينِ ولا مِيراثَ لَها مِنَ الزَّوجِ، وإذا اشتَركَ رَجلانِ في وَطءِ أمَةٍ لزِمَهَا استبرآنِ، ومَنِ اشتَرى أمَةً فظَهَرَ بِها حَبلٌ فأدَّعى البائِعُ أنَّهُ مِنهُ فإنْ صدَّقَهُ المشتَرِي فالبيعُ باطِلٌ والولَدُ يلحَقُهُ، والأمَةُ أمُّ ولَدٍ لَهُ وإنْ كَذَّبَهُ المشتَرِي نَظَرنا فإنْ كَانَ البائِعُ أقرَّ بالوَطْءِ قَبلَ البَيعِ وإنَّهُ استَبرأهُ أو بَاعَ، فإنْ أتَتْ بوَلَدٍ لِدونِ سِتَّةِ أشهُرٍ مِنْ وقْتِ البَيعِ لَحقَهُ نَسبُهُ، وصَارَتْ أمَّ ولَدٍ، وبَطَلَ البَيعُ، وإنْ أتَتْ بِهِ لسِتَّةِ أشهُرٍ فصَاعِداً لَمْ يَلحقْهُ الولَدُ، والبَيعُ بِحالِهِ، وكَذلِكَ إنْ كَانَ البائِعُ لَمْ يقرَّ بالوَطءِ قبلَ البِيعِ لَمْ يقبل قولُهُ في إبطَالِ البَيعِ وَهَلْ يَلحقُهُ نَسبُ الولَدِ يحتَملُ وجهَينِ أحدُهما أنَّهُ يلحقُهُ ويَكونُ عَبداً للمشترِي والثاني أنَّهُ لا يلحقُهُ وإذا طَلَّقَ زَوجتَهُ الأمَةَ ثلاثَاً ثُمَّ استَبرَأهَا لَمْ يحلَّ لَهُ وطؤها إلا بعدَ زَوج وأصابه ويحتَمِلُ أنْ تُباحَ لَهُ؛ لأنهُ سبَبٌ غَيرُ النِّكاحِ.

.كِتابُ الرَضاعِ:

اختلفَتِ الروايةُ عَنْ أحْمَدَ رضي الله عنه في الرَضاعِ المحرَّمِ فَرويَ عَنْهُ: أنَّ الرضعَةَ الواحِدَةَ تحرِمُ وعنه لا تحرِمُ دونَ الثَّلاثِ وعَنهُ لا يحرمُ دونَ الخَمسِ، وَهُوَ اختِيارُ شُيوخِنا. وَصِفَةُ الرضعَةِ أنْ يرتَضِعَ ثُمَّ يقطَعَ باختيارِهِ فإنْ قطَعَ للتنفُسِ أو لأمرٍ يُلهِيهِ، أو قطَعَتِ المرضِعَةُ عَلَيْهِ فَقَدِ اختَلفَ أصحَابُنا فَقَالَ أبو بَكرٍ: يكونُ ذَلِكَ رضعةً وإذا عَادَ كَانَ رضعَةً أخرَى وَهُوَ ظَاهِرُ كلامِ أحْمَدَ رَحمهُ اللهُ، وَقَالَ ابنُ حَامِدٍ لا يُعتَدُّ بِذَلِكَ رَضعَةً وَهُوَ ظاهِرُ كلامِ الخَرقيِّ. وكَذلِكَ إنِ انتقَلَ من ثَديٍ إلى ثَديٍ أو مِنِ امرَأةٍ إلى أخرى فإنَّ أبا بكرٍ احتَسبَ بذلك رضعَتينِ، وعندَ ابنِ حَامِدٍ هي رضعَةٌ واحِدَةٌ إذا لَمْ يَتطاوَلِ الفصلُ بينَهمَا، وإنْ أُوجرَ مِنْ لَبنِ امرَأةٍ أو أسعطَ فهل يتعلقُ بِذَلِكَ تَحريمٌ عَلَى روايتَينِ. وإنْ حُقِنَ باللبنِ فنصَّ أحْمَدُ رَحِمهُ اللهُ أنَّهُ لا يحرمُ.
وَقَالَ ابنُ حامِدٍ: يحرمُ.
فإنْ شِيبَ اللبنُ بغيرِهِ، فَقَالَ الخِرقيُّ: هوَ كَالمَحضِ ومعناهُ: أنَّهُ يَحرمُ.
وَقَالَ أبو بَكرٍ: قِياسُ قولِهِ أنَّهُ لا يحرمُ كالوجُورِ.
وَقَالَ ابنُ حامِدٍ: إنْ غَلبَ اللبنُ حرمَ وإنْ غَلبَ مَا خُلِطَ بِهِ لَمْ يحرمْ. ولا فَرقَ بينَ أنْ تشيبَهُ بمائعٍ أو جَامَدٍ. ولَبنُ الميتَةِ في نَشرِ الحرمَةِ كلبنِ الَّتِيْ لَمْ تَمتْ نصَّ عَلَيْهِ واختَارَهُ الخِرَقيُّ.
وَقَالَ أبو بكرٍ الخلالُ: لا يحرمُ بحالٍ.
وإذا ثَابَ لِلمَرأةِ لَبنٌ مِنْ غيرِ حَملٍ تَقدَّمَ فأرضَعتْ بِهِ طفلاً لَمْ تُحرَّمْ عَلَيْهِ نصَّ عَليْهِ. وكذلكَ إذا ثَابَ للرجلِ لبنٌ لم يُحرَّمْ. وَكذلِكَ الخُنثَى المشكِلُ، وَقَالَ ابنُ حَامدٍ يقِفُ الأمرُ أبَداً حَتَّى يَنكشَّفَ أمرُ الخُنثَى.وإذا شَكَّتِ المرضِعَةُ هَلْ أرضعتْهُ أم لا؟ وشَكَّتْ هَلْ كمُلَ العَدَدُ عَلَى الروايةِ الَّتِيْ تَعتبرُ العدَدَ؟ لَمْ يَثبُتِ التَّحرِيمُ بينَهمَا.فإنْ شَرِبَ طِفلانِ مِن لَبَنِ شَاةٍ أو بَقَرةٍ لَمْ تُنشرْ بينَهمَا حُرمةُ الرضَاعِ. وَمدَّةُ الرضَاعِ حَولانِ فإنِ ارتَضَعَ بعدَهُما ولو بِساعَةٍ لَمْ تُنشرْ بَينَهما حُرمةٌ.
وإذا أرضَعَتِ الطفلَ في الحَولينِ فَقدَ صَارَ وَلَداً لها في تَحريم النكَاحِ وفي جَوازِ الخلوَةِ والنَّظرِ وَصارَ أولادُهُ أولادَهَا وهيَ جَدَّتَهم وأمهاتُها جدَّاتِهِ وآباؤها أجدادَهُ وأولادها إخوتَهِ وأخواتِهِ وإخوَتَها أخوالهُ. ومَنْ يَنسب حملُها الذي ثَابَ لأجلِهِ اللبنُ إليه، أباهُ وآباؤهُ أجدَادَهُ وأمهاتهُ جَداتِهُ وأولادُهُ أخوتهِ وأخَواتُهُ وأخوتَهُ أعمَامَهُ، وأخواتُه عمَّاتِهِ، وأولادُ الطَّفلِ أولاداً لَهُ، وَهُوَ جَدَّهُم. وتنشُرُ حُرمةُ الرَضاعِ مِنَ المُرتضعِ إلى أولادهِ، وأولادِ أولادهِ، وإن سَفَلوا ولا تَنشُرُ حُرمتهُ إلى مَن هوَ في دَرجَتِهِ، مِنْ إخوَتهِ وأخواتهِ، ولا إلى مَنْ هوَ أعلى مِنهُ مِن آبائهِ، وَأمهَاتهِ وأعمَامِهِ وعمّاتِهِ، وأخوالهِ وخَالاتهِ فلا يحرُمُ عَلَى المرضِعَةِ أن تَتَزوجَ بأبي المُرتَضِعِ، ولا بأخِيهِ، ولا تحُرمُ عَلَى أبيِهِ منَ الرضَاعِ أنْ يتزوَجَ بأمِّ المرتَضَعِ، ولا بأختِهِ.
وإذا كَانَ لَهُ امرأتَانِ صَغيرَةٌ وكَبيرةٌ لها لبنٌ فأرضَعَتِ الكبيرةُ الصغيرةَ، فإنْ كَانَ اللَبنُ مِنَ الزَّوجِ حَرمُتا عَليهِ عَلَى التأبِيدِ بِكلِ حَالٍ وإنْ كَانَ مِنْ غَيرهِ حَرمتَا عَليهِ إنْ كَانَ ذَلِكَ بَعدَ الدُّخُولِ بِالكَبيرةِ. وإنْ كَانَ قَبلَ الدُّخُولِ بِهَا حَرُمتِ الكبيرةُ وَهَلْ يَنفسِخُ نِكَاحُ الصَغيرَةِ؟ عَلَى روايتين: إحداهُما لا يَنفسِخُ نِكاحُهَا وهي اختِيارُ الخِرقِيّ. والثانيةُ يَنفسِخُ نكاحُهُ وله أنْ يَبتَدِئَ العَقدَ عَلَيْهَا. وَيَجبُ عَلَيْهِ نِصفُ مَهرِ الصَّغيرَةِ يَرجِعُ الزَّوجُ بِهِ عَلَى الكَبيرَةِ، وَأمَّا الكَبيرَةُ فَيَسقُطُ مهَرهُا إنْ كَانَ غَيرَ مَدخُولٍ بها وإنْ كانَتْ قد دُخلَ بها، فَلهَا نِصفُ مَهرِها ذكَرَهُ شَيخُنا. وَعِندي تَستَحقُ جَميعَ المهرِ فإنْ كانَتِ الصَغيرَةُ هِيَ الَّتِيْ دنَتْ إلى الكَبيرَةِ وَهِيَ نَائمةٌ أو مُغمَىً عَلَيْهَا فارتضعَتْ مِنْهَا، فإنَّهُ لا مَهرَ لِلصَغِيرَةِ، ولِلكَبيرةِ نِصفُ المَهرِ إنْ كَانَ لَهُ لَمْ يَدخلْ بِها وإنْ كَانَ قد دَخَلَ بِها فَلَها المَهرُ، وترتَجِعُ بِذلِكَ عَلَى مَالِ الصَغِيرَةِ فإنْ كَانَ تَحتُهُ ثَلاثُ صَبايَا مُرضِعَاتٍ وَكَبيرَةٌ فَأرضَعَتِ الكَبِيرَةُ اثنَتَينِ مِنهنَّ دُفعةً وَاحِدةً بأنْ جَعَلتْ كُلَّ ثَديٍ في فَمِ إحْدَيهمَا فارتَضَعتْ حَرُمتِ الكَبيرَةُ والصَّغيرَتانِ إنْ كَانَ بعد الدُّخُولِ بِالكَبيرَةِ، فإنْ كَانَ قَبلَ الدُّخُولِ حَرُمتِ الكَبيرَةُ خَاصَّةً، وانفسَخَ نِكاحُ الصَّغِيرَتَينِ. وَلَهُ أنْ يَعِقدَ عَلَى أيَتهمَا شَاءَ فإنْ أرضَعَتِ الثَّالِثةَ بَعدَهُما حَرُمتْ، إنْ كَانَ بَعدَ الدُّخُولِ وَلَم تَحرُمْ ولَم يُفسَخْ نِكاحُها، إنْ كَانَ قَبلَ الدُّخُولِ، وإنْ أرضَعَتْ كُلَّ وَاحِدةٍ مِنهُمَا بَعدَ الأخرَى، فإنْ كَانَ بَعدَ الدُّخُولِ حَرُمنَ كلُهنَّ، وإنْ كَانَ قَبلَ الدُّخُولِ لَمْ يَحرُمنَ المرضعَاتُ وَهَلْ يَنفسِخُ نِكاحُ الأولى قَبلَ ارتضَاعِ الثَّانيَةِ عَلَى رِوَايَتينِ: أحدهما: يَنفسِخُ نِكاحُ الأولى لأنَّها اجتَمعَتْ مَعَ الأمِّ في عَقدٍ وَاحِدٍ فإذا أرضَعَتِ الثانيةُ لَمْ يَنفسِخْ نِكاحُها لأنَّها لَمْ تَجتَمعُ مَعَ الأمِّ ولا مَعَ الأختِ في عَقدٍ وإذا أرضَعَتِ الثَّانيةُ الثَّالثَةَ انفَسَخَ نِكَاحُ الثَّانيةِ والثَّالثةِ لأنَّهُما أُختَانِ اجتَمعَتا في عَقدٍ والروايةُ الأخرَى لا يَنفسِخُ نِكاحُ الأولى لأنَّها رَبيبةٌ لَمْ يَدخلْ بِأمِّها. فإذا أرضعَتِ الثانيةَ انفسَخَ نكاحُ الأولى والثَّانيةِ، لأنَّهمَا أختَانِ اجتَمعَتا في عَقدٍ وإذا أرضَعَتِ الثَّالثةَ لَمْ ينفسِخْ نِكاحُها وهِيَ اختِيارُ الخِرقِيِّ.
فإنْ أرضَعَتهُنَّ أجنبيةٌ حَالَةً واحِدَةً، بأنْ: جَلبتْ لَبناً في ثَلاثَةِ أوانٍ، وأوجَرَتْ كُلَّ صَبِيٍّ في إناءٍ في حَالَةٍ واحِدَةٍ عَلَى الروايةِ الَّتِيْ تَقولُ: الوَجورُ ينشُرُ الحُرمَةَ انفسَخَ نكاحُهُنَّ فإنْ أرضعتهُنَّ واحِدَةً بَعدَ واحِدَةٍ انفَسَخَ نِكاحُ الأولتَينِ، وَثَبتَ نِكاحُ الثَّالِثةِ.
فإنْ كَانَ لِرجُلٍ ثَلاثُ بَناتِ زوجةٍ لهنَّ لَبنٌ فأرضَعنَ ثَلاثَ زَوجَاتٍ لَهُ صِغارٍ في حالةٍ واحِدَةٍ بأنْ تُرضِعَ كُلُّ واحِدَةٍ واحِدَةً في حَالةٍ واحِدَةٍ إنْ قُلنَا أنَّ الرَضَاعَ يثبتُ بمرّةٍ، أو في الخَامِسَةِ إنْ قُلنَا يَثبُتُ بِخَمسٍ، أو في الثَّالثةِ إن قُلنا إنهُ يَثبُتُ بِثَلاثٍ حَرُمتِ الكَبيرَةُ بِكُلِ حَالٍ، فَأمَّا الصِغَارُ فَيحرُمنَ إنْ كَانَ بَعدَ الدُّخُولِ بِالزَّوجَةِ الكَبيرَةِ. وإنْ كَانَ قَبلَ الدُّخُولِ، لَمْ يحرُمنَ وَهَلْ يَنفَسِخُ نِكِاحُهُنَّ؟ مَبنيٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الرِوايَتينِ في طعان الجَمعُ بَينَ الأمِّ وَالبِنتِ فإنْ قُلنا هُناكَ يَنفَسِخُ انفَسَخَ نكاحُهُنَّ وإنْ قُلنا لا ينفَسِخُ هناكَ لَمْ يَنفسِخْ هَاهُنا. ولا يُؤثرُ الجَمعُ، لأنَّه جَمعٌ بَينَ بَناتِ خَالاتٍ، وذلِكَ جَائزٌ لِكُلِّ مَنْ أفسَدَ عَلَى الزَّوجِ نَكاحَ زَوجَتِهِ بالرَّضَاعِ لزِمَ المفسِدَ نِصفُ مَهرِ الزَّوجَةِ.
وإذا كَانَ لِرجُلٍ خَمسُ أمهَاتِ أولادٍ فَأرضَعنَ طِفلاً كُلُّ واحِدَةٍ مِنهنَّ رَضعَةٍ لَمْ يَصرْ وَلداً لِوَاحِدَةٍ مِنهنَّ وَهَلْ يَصِيرُ السيدُ أباً لَهُ؟ قَالَ ابنُ حَامدٍ: يَصيرُ أباً لَهُ.
وَقَالَ غيرهُ لا يَصيرُ أباً لَهُ. وهَذا عَلَى الروايَةِ الَّتِيْ تُعتَبرُ في التَّحرِيِمِ خَمسَ رَضعَاتٍ.
وإذا تَزَوَّجَ بامرَأةٍ لَها لبنٌ مِنْ زَوجٍ آخَرَ فَحَبلتْ مِنهُ وَزَادَ لَبنُهَا فَأرضَعَتْ بِهِ طِفلاً، صَارَ الطفلُ ابناً لَهُما فإنِ انقَطعَ اللَّبنُ الأولُ ثُمَّ ثَابَ بِحملِهَا مِنَ الثَّاني فَقَالَ أبو بَكرٍ حُكمُهَا حُكمُ الأولِ. وَعِندِي أنَّهُ يَكونُ الطفلُ ابناً للثَّانِي دُوْنَ الأولِ.
فإنْ وَطِئَ رَجُلانِ امرأةً فأتَتْ بِوَلدٍ فأرضَعتْ بِلَبنهِ طِفلاً فَمنْ ثَبتَ مِنهُ نَسبُ المولودِ بِحُكمِ القَافَةِ كَانَ المُرضعُ وَلداً لَهُ، وإنْ مَاتَ المولودُ ولَم يَثبُتَ نَسبُهُ مِنْ أحَدِهِما فالمرضَعُ أبناً لَهُما.
فإنْ زَنَا بِامرَأةٍ فأتَتْ بولدٍ ثُمَّ أرضَعَتْ مِنْ لَبِنِ ذَلِكَ الوَلَدِ رَضِيعاً فَهُو ولَدُهَا وَهَلْ يَحَرمُ عَلَى الزَّانِي؟ قَالَ أبو بَكرٍ: يَحرُمُ عَلَى الزاني إنْ كَانَ أنثَى كما تحرُمُ ابنتُهُ مِنَ الزِّنَا، وإنْ كَانَ ذَكَراً حَرُمَ أنْ يَتَزوجَ بنتَ الزَّانِي.
وَقَالَ ابنُ حَامِدٍ: لا يَحرمُ ذَلِكَ وَهُوَ ظاهِرُ كَلامِ الخِرقِيِّ.
وَقَالَ: كَذَلِكَ الحُكمُ لو أرضَعَتْ مَولُوداً بِلَبَنِ ولدِها الذِي نفى اللعان عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكرٍ تَحرمُ المرضِعَةُ عَلَى الملاعِنِ وعلى أولادِهِ. وَعَلَى قَوْلِ ابنِ حَامِدٍ لا يحرمُ. وإنِ ادَّعَى رَجلٌ فُلانةً أختُهُ مِنَ الرضاعِ حَرمُتْ عَلَيْهِ وَكَذلِكَ إنِ ادَّعَتِ امرَأةٌ أنَّ فلانَاً أخوهَا مِنَ الرضَاعِ لَمْ يَجزْ لَها أنْ تَتَزوَّجَ بِهِ فإنْ كانَتْ زَوجتَهُ فادَّعَتْ أنَّهُ أخوهَا مِنَ الرَّضَاعِ لَمْ يُقبَلْ قَولُها، إلا أنْ تَشهَدَ بذلِكَ امرَأةٌ ثقةٌ ولا فَرقَ بينَ أنْ تَكونَ المرضِعَةَ أو غيرَها فَتشهد أَنَّها أرضَعتهَا أو غَيرَها فَتشهَدُ أني رأيتُ فلانةً ترضِعُها في إحدى الروايتينِ. وفي الأخرى لا يُقبلُ إلا شَهادَةُ امرأتين. فإنِ ادَّعَى رجلٌ أنَّ هَذهِ المرأةَ ابنَتِي مِنَ الرَّضَاعِ وَهِيَ أكبرُ سِنَّاً مِنهُ لَمْ تَحرمْ علَيهِ لأنها تَحققَّ كذبُهُ.

.كتابُ النفقَاتِ:

.بابُ نفقَةِ الزَّوجَاتِ:

نَفَقَةُ الزَّوجّةِ نَفَقَةٌ غَيْرُ مُقَدَّرةٍ وَهيَ مُعتَبَرةٌ بحالِ الزَّوجَينِ فَيَجتَهِدُ الحَاكِمُ في مِقدَارِ ذَلِكَ وصِفَتِهِ. ويَرجِعُ فِيْهِ إلى عَادَةِ بَلدِهَا الذي يَسكُنانِ فِيْهِ فيَفرِضُ للموسِرَةِ تحتَ الموسِرِ قدرَ كفاتِهَا مِنْ أرفعِ خُبزِ البَلَدِ كالسَّميدِ بَبغدَادَ. وَمِنَ الأُدُمِ مَا يضَاهي ذَلك مِن الجُبنِ والزَيتوِنِ والشِيرازِ. وَالبَاذِنجانِ وَالخَلِّ والَّشَيَرجِ واللَحمِ مَرَتيِن وَمِنَ الكِسوَةِ جَيدُ القطنِ والكِتانِ والَخزِ. والإبريسَمِ فأَقلُهُ قميصٌ وَمْقنَعةٌ، ووقايةٌ، وسَراويلُ، ومَداسٌ، وجبَةٌ في الشتاءِ وللنَومِ فِراَشٌ ولِحَافٌ وَمخَدة وازارٌ، ولجلوِسِ النهارِ الحصَيرُ والزلى ونحوَ ذَلكَ، ويَفرِضُ للفَقيرةِ تَحتَ الفَقيِر أدنى قُوتِ البَلدِ كَالخُشكارِ بالعرَاقِ وَمِنَ الأُدُمِ اِلخَلُ والشيرجُ والباقلي والكامِخُ واللحمُ في كُلِ شُهرٍ مرةً والكِسوةُ مِنْ غليَظِ القُطنِ والكِتانِ وَللنومِ المبطَنةُ والكساءُ والباريَةُ للجُلوسِ وللمتوسطةِ تَحتَ المتوسطِ ما بينَ ذلَكَ منْ خُبزِ الحُوَار والأُدُمِ كَالُجُبِنِ والباقِلي والشيرجِ والكسوةُ وَسَط القُطنِ والكتانِ والَخزِ.وللنَومِ اللِحاَفُ وَالَحصير وَللجُلوسِ اللَبُد والغليَطُ مِنَ الحُصُرِ. وكذلكَ إذا كانَ أَحدُ الزوجيِن غَنيَّاً، وَالآخرُ فقيراً أُلزمَ وَسطَ المؤنَةِ ويَلزمُهُ نَفَقةُ خَادمِهِ إنْ كانَ مِثلها لا تَخدِمُ نَفَسها أَو كانَتْ مَريضَةً.
فإنْ قالتْ: أَنا أَخدِمُ نَفسي وَآخذُ ما يَلزمُكَ لَخادِمَتي لَمْ يَكنْ لَهَا ذَلِكَ وإنْ قَالَ الزَوجُ:أَنا أَخدمُكِ احتَملَ وَجَهيِن: أحدَهمُا يَلزمُها قَبولُ ذَلكَ والآخرَ لا يَلزمُها. ويَلزمُهُ مؤنةُ الَخادِمَةِ بمقدَارِ النفَقَةِ للفقيرَينِ وَعَليهِ دَفعُ النفَقةِ إليها في صَدرِ نَهار كُلِّ يوَمٍ فَإنِ اتفقَا عَلى تَأخيرِهَا إلى آخِرِ النَّهارِ جَازَ وَكَذلكَ إنِ اتفقَا عَلى أَنْ يُعَجِلَ لهَا نَفقةَ الشَّهرِ أَو السَنَةِ جَازَ وإذا طلَبتْ قِيمةَ النفقَةِ أو طَلَبَ الزَوجُ إنْ يأخذَ مِنه القيمةَ لم يلزمْ ذلِكَ.
وإذا قبَضَتِ النفَقَةَ مَلكَتهَا ومَلكَتِ التصَرفَ فِيهَا على وجَهٍ لا يضرُّ بهَا ولا يُنهكُ بَدنَها وإذا دفعَ إليها كِسوَةَ سَنَتِهَا فَتلِفتْ أو سُرقَتْ قَبلَ انقِضَائها لم يَلزمْهُ عوضُهَا وإن انقضَتِ السنَةُ وهي بَاِقيةٌ صَحِيحِةٌ فعَليهِ استئَنافُ ذلِكَ للسنَةِ الأخرَى ويحتَملُ أنْ لا يلزمَهُ ذلِكَ فإن طَلَقَ الزَّوجُ قبلَ انقضَاءِ السنَةِ أو مَاتَتَ فَهَل له الرُّجوعُ في قِسط بَقِيةِ السَنَةِ أم لا على وجهَينِ. وعليَهِ ما يعَودُ بنظافَةِ المرأةِ منَ الدهنِ والسدرِ والمشطِ وقيمةِ المَاءِ ولا يجبُ عليهِ ثَمنُ الطيبِ والأدويَةِ وأجرةِ الطَّبيبِ فأمَّا الحناءُ والخضَابُ فان طلبَ مِنهَا التزُينَ بذلِكَ فعلَيهِ ثَمنهُ وإلا فلا يِجَبُ ولا يَلزمُهُ في حَقِّ الخادِمَةِ مؤنةُ شيءِ منْ جَميعِ ذلِكَ ولا يلزمُهُ مؤنةُ أكثرَ منْ خادِمٍ واحِدٍ فإنْ كانَ لها جَازَ وإن اشتراهُ أو استأجَرهُ جَازَ ولا يَلزمُهُ أنْ يُملكَها خادم.