فصل: فائدة: (في مدة إيجار الوكيل)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***


فائدة‏:‏ ‏[‏في مدة إيجار الوكيل‏]‏

ليس لِوَكِيلٍ مُطْلَقٍ إيجَارُ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ بَلْ الْعُرْفُ كَسَنَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

قُلْت الصَّوَابُ الْجَوَازُ إنْ رَأَى في ذلك مَصْلَحَةً وَتُعْرَفُ بِالْقَرَائِنِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ لَا يَمْنَعُ‏.‏

تنبيهات‏:‏

الْأَوَّلُ قال في الْفُرُوعِ بَعْدَ حِكَايَةِ هذه الْأَقْوَالِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ ظَنَّ عَدَمَ الْعَاقِدِ وَلَوْ مُدَّةً لَا يُظَنُّ فِنَاءُ الدُّنْيَا فيها‏.‏

وفي طَرِيقَةِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ في السَّلَمِ الشَّرْعُ يُرَاعِي الظَّاهِرَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لو اشْتَرَطَ أَجَلًا تَفِي بِهِ مُدَّتُهُ صَحَّ وَلَوْ اشْتَرَطَ مِائَتَيْنِ أو أَكْثَرَ لم يَصِحَّ‏.‏

الثَّانِي قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَلِيَ الْعَقْدَ فَلَوْ أَجَّرَهُ سَنَةَ خَمْسٍ في سَنَةِ أَرْبَعٍ صَحَّ سَوَاءٌ كانت الْعَيْنُ مَشْغُولَةً وَقْتَ الْعَقْدِ أو لم تَكُنْ‏.‏

وَسَوَاءٌ كانت مَشْغُولَةً بِإِجَارَةٍ أو غَيْرِهَا‏.‏

وَيَأْتِي كَلَامُ ابن عقيل وَغَيْرِهِ قَرِيبًا وهو صَحِيحٌ لَكِنْ لو كانت مَرْهُونَةً فَفِيهِ خِلَافٌ يَأْتِي بَيَانُهُ وَتَصْحِيحُهُ بَعْدَ ذلك‏.‏

إذَا عَلِمْت ذلك فقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ إذَا أَجَّرَهُ وَكَانَتْ الْعَيْنُ مَشْغُولَةً صَحَّ إنْ ظَنَّ التَّسْلِيمَ عِنْدَ وُجُوبِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى صَحَّ إنْ أَمْكَنَ تَسْلِيمُهُ في أَوَّلَهَا‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ في أَثْنَاءِ بَحْثٍ لهم تُشْتَرَطُ الْقُدْرَةُ على التَّسْلِيمِ عِنْدَ وُجُوبِهِ وَلَا فَرْقَ بين كَوْنِهَا مَشْغُولَةً أو لَا كَالسَّلَمِ فإنه لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْقُدْرَةِ عليه حَالَ الْعَقْدِ‏.‏

وقال ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ أو الْفُنُونِ لَا يَتَصَرَّفُ مَالِكُ الْعَقَارِ في الْمَنَافِعِ بِإِجَارَةٍ وَلَا إعَارَةٍ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَاسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ الْمُسْتَحَقَّةِ عليه بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ لِأَنَّهُ ما لم تَنْقَضِ الْمُدَّةُ له حَقُّ الِاسْتِيفَاءِ فَلَا تَصِحُّ تَصَرُّفَاتُ الْمَالِكِ في مَحْبُوسٍ بِحَقٍّ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ التَّسْلِيمُ الْمُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ انْتَهَى‏.‏

قال في الْفُرُوعِ فَمُرَادُ الْأَصْحَابِ مُتَّفَقٌ وهو أَنَّهُ يَجُوزُ إجَارَةُ الْمُؤَجَّرِ وَيُعْتَبَرُ التَّسْلِيمُ وَقْتَ وُجُوبِهِ انْتَهَى‏.‏

الثَّالِثُ ظَاهِرُ كَلَامِ ابن عقيل السَّابِقِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إجَارَةُ الْعَيْنِ إذَا كانت مَشْغُولَةً‏.‏

وقد قال في الْفَائِقِ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا عَدَمُ صِحَّةِ إجَارَةِ الْمَشْغُولِ بِمِلْكِ غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ وقال شَيْخُنَا يَجُوزُ في أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وهو الْمُخْتَارُ انْتَهَى‏.‏

وقد قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا من جُنْدِيٍّ وَغَرَسَهَا قَصَبًا ثُمَّ انْتَقَلَ الْإِقْطَاعُ عن الْجُنْدِيِّ إنَّ الْجُنْدِيَّ الثَّانِيَ لَا يَلْزَمُهُ حُكْمُ الْإِجَارَةِ الْأُولَى وَأَنَّهُ إنْ شَاءَ أَنْ يُؤَجِّرَهَا لِمَنْ له فيها الْقَصَبُ أو لِغَيْرِهِ انْتَهَى‏.‏

قُلْت قال شَيْخُنَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْبَعْلِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ صِحَّةُ إجَارَةِ الْمَشْغُولِ بِمِلْكٍ لِغَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ من إطْلَاقِهِمْ جَوَازَ الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ فإن عُمُومَ كَلَامِهِمْ يَشْمَلُ الْمَشْغُولَةَ وَقْتَ الْفَرَاغِ بِغِرَاسٍ أو بِنَاءٍ أو غَيْرِهِمَا انْتَهَى‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ لَا يَجُوزُ لِلْمُؤَجِّرِ إجَارَةُ الْعَيْنِ الْمَشْغُولَةِ بِغِرَاسِ الْغَيْرِ أو بِنَائِهِ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّةِ صَاحِبِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ‏.‏

وقال أَيْضًا لَا يَجُوزُ إجَارَةٌ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَ الْمُؤَجِّرِ كما يَفْعَلُهُ بَعْضُ الناس‏.‏

قال وَأَفْتَى جَمَاعَةٌ من أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ في هذا الزَّمَانِ أَنَّ هذا لَا يَصِحُّ وهو وَاضِحٌ ولم أَجِدْ في كَلَامِهِمْ ما يُخَالِفُ هذا‏.‏

قال وَمِنْ الْعَجَبِ قَوْلُ بَعْضِهِمْ في هذا الزَّمَانِ الذي يَخْطِرُ بِبَالِهِ من كَلَامِ أَصْحَابِنَا أَنَّ هذه الْإِجَارَةَ تَصِحُّ كَذَا قال انْتَهَى‏.‏

وقد قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَا حكى عنه في الِاخْتِيَارَاتِ وَيَجُوزُ لِلْمُؤَجِّرِ إجَارَةُ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ من غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ في مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَيَقُومُ الْمُسْتَأْجِرُ الثَّانِي مَقَامَ الْمَالِكِ في اسْتِيفَاءِ الْأُجْرَةِ من الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ وَغَلِطَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ فَأَفْتَى في نَحْوِ ذلك بِفَسَادِ الْإِجَارَةِ الثَّانِيَةِ ظَنًّا منه أَنَّ هذا كَبَيْعِ الْمَبِيعِ وَأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هو تَصَرُّفٌ فِيمَا اسْتَحَقَّهُ على الْمُسْتَأْجِرِ‏.‏

وَأَمَّا إنْ كانت مَرْهُونَةً وَقْتَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ فَفِي صِحَّتِهَا وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ أَجَّرَهُ مُدَّةً لَا تَلِي الْعَقْدِ صَحَّ إنْ أَمْكَنَ التَّسْلِيمُ في أَوَّلِهَا‏.‏

ثُمَّ قال قُلْت فَإِنْ كان ما أَجَّرَهُ مَرْهُونًا وَقْتَ الْعَقْدِ لَا وَقْتَ التَّسْلِيمِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْأُجْرَةِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ انْتَهَى‏.‏

قُلْت إنْ غَلَبَ على الظَّنِّ الْقُدْرَةُ على التَّسْلِيمِ وَقْتَ وُجُوبِهِ صَحَّتْ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَدَاخِلٌ في عُمُومِ كَلَامِهِمْ‏.‏

وَتَقَدَّمَ في الرَّهْنِ أَنَّ الرَّاهِنَ وَالْمُرْتَهِنَ إذَا اتَّفَقَا على إيجَارِ الْمَرْهُونِ جَازَ وَإِنْ اخْتَلَفَا تَعَطَّلَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وقال في الْكَافِي وإذا اتَّفَقَا على إجَارَتِهِ أو إعَارَتِهِ جَازَ في قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي الْخَطَّابِ‏.‏

وقال أبو بَكْرٍ يَجُوزُ إجَارَتُهُ‏.‏

وقال ابن أبي مُوسَى إذَا أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ في إعَارَتِهِ أو إجَارَتِهِ جَازَ وَالْأُجْرَةُ رَهْنٌ وَإِنْ أَجَّرَهُ الرَّاهِنُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ خَرَجَ من الرَّهْنِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وفي الْآخَرِ لَا يَخْرُجُ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَحَلُّ هذا الْخِلَافِ إذَا كان الرَّهْنُ لَازِمًا أَمَّا إنْ كان غير لَازِمٍ فَيَصِحُّ إجَارَتُهُ قَوْلًا وَاحِدًا‏.‏

وَتَقَدَّمَ في الرَّهْنِ هل يَدُومُ لُزُومُهُ بِإِجَارَتِهِ أَمْ لَا‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ أَجَّرَهُ في أَثْنَاءِ شَهْرٍ سَنَةً اسْتَوْفَى شَهْرًا بِالْعَدَدِ وَسَائِرَهَا بالأهلة ‏[‏بالأهلية‏]‏ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ في كل ما يُعْتَبَرُ فيه الْأَشْهُرُ كَعِدَّةِ الْوَفَاةِ وَشَهْرَيْ صِيَامِ الْكَفَّارَةِ‏.‏

وَكَذَا النَّذْرُ وَكَذَا مُدَّةُ الْخِيَارِ وَغَيْرُ ذلك وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه في النَّذْرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَعَنْهُ يَسْتَوْفِي الْجَمِيعَ بِالْعَدَدِ‏.‏

وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إلَى مِثْلِ تِلْكَ السَّاعَةِ‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ اسْتَوْفَى شَهْرًا بِالْعَدَدِ‏.‏

يَعْنِي ثَلَاثِينَ يَوْمًا جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وقال نَصَّ عليه في نَذْرٍ وَصَوْمٍ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ أَيْضًا وَغَيْرِهِمَا‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ بِحَسَبِ تَمَامِهِ وَنُقْصَانِهِ فَإِنْ كان تَامًّا كَمُلَ تَامًّا وَإِنْ كان نَاقِصًا كَمُلَ نَاقِصًا‏.‏

وَيَأْتِي نَظِيرُ ذلك في بَابِ الطَّلَاقِ في الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ قال إذَا مَضَتْ سَنَةٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ إذَا مَضَى اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ وَيُكْمِلُ الشَّهْرَ الذي حَلَفَ في أَثْنَائِهِ بِالْعَدَدِ‏.‏

فائدة‏:‏

قَوْلُهُ الضَّرْبُ الثَّانِي عَقْدٌ على مَنْفَعَةٍ في الذِّمَّةِ مَضْبُوطَةٍ بِصِفَاتٍ كَالسَّلَمِ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَبِنَاءِ دَارٍ وَحَمْلٍ إلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ‏.‏

هذا صَحِيحٌ بِلَا نِزَاعٍ وَيَلْزَمُهُ الشُّرُوعُ فيه عَقِبَ الْعَقْدِ فَلَوْ تَرَكَ ما يَلْزَمُهُ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ بِلَا عُذْرٍ فَتَلِفَ ضَمِنَ بِسَبَبِهِ وَلَهُ الِاسْتِنَابَةُ فَإِنْ مَرِضَ أو هَرَبَ اكْتَرَى من يَعْمَلُ عليه فَإِنْ شَرَطَ مُبَاشَرَتَهُ له بِنَفْسِهِ فَلَا وَلَا استنابه إذَنْ‏.‏

نَقَلَ حَرْبٌ فِيمَنْ دَفَعَ إلَى خَيَّاطٍ ثَوْبًا لِيَخِيطَهُ فَقَطَعَهُ وَدَفَعَهُ إلَى خَيَّاطٍ آخَرَ قال لَا إنْ فَعَلَ ضَمِنَ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ فَإِنْ اخْتَلَفَ الْقَصْدُ كَنَسْخِ كِتَابٍ لم يَلْزَمْ الْأَجِيرَ أَنْ يُقِيمَ مَقَامَهُ وَلَوْ أَقَامَ مَقَامَهُ لم يَلْزَمْ المكترى قَبُولُهُ فَلَوْ تَعَذَّرَ فِعْلُ الْأَجِيرِ بِمَرَضٍ أو غَيْرِهِ فَلَهُ الْفَسْخُ‏.‏

وَيَأْتِي ذلك في قَوْلِهِ وَمَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِعَمَلِ شَيْءٍ فَمَرِضَ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بين تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ وَالْعَمَلِ كَقَوْلِهِ اسْتَأْجَرْتُك لِتَخِيطَ لي هذا الثَّوْبَ في هذا الْيَوْمِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَدَّمُوهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ وهو رِوَايَةٌ كَالْجِعَالَةِ على أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ فيها‏.‏

قال في التَّبْصِرَةِ وَإِنْ اشْتَرَطَ تَعْجِيلَ الْعَمَلِ في أَقْصَى مُمْكِنٍ فَلَهُ شَرْطُهُ وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ في الْمُحَرَّرِ

‏.‏

فَعَلَى الصِّحَّةِ لو أَتَمَّهُ قبل فَرَاغِ الْمُدَّةِ فَلَا شَيْءَ عليه وَلَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ قَبْلَهُ فَلَهُ الْفَسْخُ قَالَهُ في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ الْإِجَارَةُ على عَمَلٍ يَخْتَصُّ فَاعِلُهُ أَنْ يَكُونَ من أَهْلِ الْقُرْبَةِ‏.‏

يَعْنِي بِكَوْنِهِ مُسْلِمًا وَلَا يَقَعُ إلَّا قربه لِفَاعِلِهِ كَالْحَجِّ أَيْ النِّيَابَةِ فيه وَالْعُمْرَةِ وَالْأَذَانِ وَنَحْوِهِمَا كَالْإِقَامَةِ وَإِمَامَةِ صَلَاةٍ وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ وَالْقَضَاءِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال ابن مُنَجَّا وَغَيْرُهُ هذا أَصَحُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَعَنْهُ يَصِحُّ كَأَخْذِهِ بِلَا شَرْطٍ نَصَّ عليه‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ قُبَيْلَ صَلَاةِ الْمَرِيضِ وَيُكْرَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ على الْإِمَامَةِ بِالنَّاسِ وَعَنْهُ يَحْرُمُ انْتَهَى‏.‏

وَاخْتَارَ بن شَاقِلَا الصِّحَّةَ في الْحَجِّ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ على أَجِيرٍ بِخِلَافِ أَذَانٍ وَنَحْوِهِ‏.‏

وَذَكَرَ في الْوَسِيلَةِ الصِّحَّةَ عنه وَعَنْ الْخِرَقِيِّ لَكِنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ مَنَعَ الْإِمَامَةَ بِلَا شَرْطٍ أَيْضًا‏.‏

وَقِيلَ يَصِحُّ لِلْحَاجَةِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتَارَهُ‏.‏

وقال لَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ على الْقِرَاءَةِ وَإِهْدَائِهَا إلَى الْمَيِّتِ لآنه لم يُنْقَلْ عن أَحَدٍ من الْأَئِمَّةِ الْإِذْنُ في ذلك‏.‏

وقد قال الْعُلَمَاءُ إنَّ الْقَارِئَ إذَا قَرَأَ لِأَجْلِ الْمَالِ فَلَا ثَوَابَ له فَأَيُّ شَيْءٍ يهدي إلَى الْمَيِّتِ وَإِنَّمَا يَصِلُ إلَى الْمَيِّتِ الْعَمَلُ الصَّالِحُ وَالِاسْتِئْجَارُ على مُجَرَّدِ التِّلَاوَةِ لم يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ من الْأَئِمَّةِ وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا في الِاسْتِئْجَارِ على التَّعْلِيمِ‏.‏

وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْخُذَ الْحَاجُّ عن غَيْرِهِ لِيَحُجَّ لَا أَنْ يَحُجَّ لِيَأْخُذَ فَمَنْ أَحَبَّ إبْرَاءَ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ أو رُؤْيَةَ الْمَشَاعِرِ يَأْخُذُ لِيَحُجَّ وَمِثْلُهُ كُلُّ رِزْقٍ أُخِذَ على عَمَلٍ صَالِحٍ يُفَرَّقُ بين من يَقْصِدُ الدِّينَ فَقَطْ وَالدُّنْيَا وَسِيلَةٌ وَعَكْسِهِ فَالْأَشْبَهُ أَنَّ عَكْسَهُ ليس له في الْآخِرَةِ من خَلَاقٍ‏.‏

قال وَحَجُّهُ عن غَيْرِهِ لِيَسْتَفْضِلَ ما يُوَفِّي دَيْنَهُ الْأَفْضَلُ تَرْكُهُ لم يَفْعَلْهُ السَّلَفِ وَيَتَوَجَّهُ فِعْلُهُ لِحَاجَةٍ قَالَهُ صَاحِبُ الْفُرُوعِ وَنَصَرَهُ بِأَدِلَّةٍ‏.‏

وَنَقَلَ بن هَانِئٍ فِيمَنْ عليه دَيْنٌ وَلَيْسَ له ما يَحُجُّ أَيَحُجُّ عن غَيْرِهِ لِيَقْضِيَ دَيْنَهُ قال نعم‏.‏

فوائد‏:‏

الآولى تَعْلِيمُ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ مُلْحَقٌ بِمَا تَقَدَّمَ على الصَّحِيحِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ‏.‏

وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وَقِيلَ يَصِحُّ هُنَا وَإِنْ مَنَعْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو الْمَذْهَبُ على الْمُصْطَلَحِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لَا بَأْسَ بِأَخْذِ أُجْرَةٍ على الرُّقْيَةِ نَصَّ عليه قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرُهُ‏.‏

الثَّالِثَةُ يَجُوزُ أَخْذُ الْجِعَالَةِ على ذلك كُلِّهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ فيه وَجْهَانِ وهو ظَاهِرُ التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وقال في الْمُنْتَخَبِ الْجُعْلُ في الْحَجِّ كَالْأُجْرَةِ‏.‏

الرَّابِعَةُ يَحْرُمُ أَخْذُ أُجْرَةٍ وجعاله على ما لَا يَتَعَدَّى نَفْعُهُ كَصَوْمٍ وَصَلَاةٍ خَلْفَهُ وَنَحْوِهِمَا‏.‏

الْخَامِسَةُ يَجُوزُ أَخْذُ الرِّزْقِ على ما يَتَعَدَّى نَفْعُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وقال ابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الرِّزْقِ على الْحَجِّ وَالْغَزْوِ وَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ‏.‏

وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْقَاضِي في الْخِصَالِ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَذَكَرَهُ في التَّعْلِيقِ‏.‏

وَنَقَلَ صَالِحٌ وَحَنْبَلٌ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَأْخُذَ ما يَحُجُّ بِهِ إلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ أَخَذَ لِيَحُجَّ قَرِيبًا‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْجِمَهُ صَحَّ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وأبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْحَلْوَانِيُّ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هو قَوْلُ الْقَاضِي وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ وهو الْمَنْصُوصُ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْفَائِقِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ لِلْحُرِّ أَكْلُ أُجْرَتِهِ‏.‏

يَعْنِي على الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ عليه إلَّا إذَا أعطى من غَيْرِ شَرْطٍ وَلَا إجَارَةٍ‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَعَنْهُ يَحْرُمُ مُطْلَقًا وَاخْتَارَ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ أَنَّهُ يَحْرُمُ أَكْلُهُ على سَيِّدِهِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا يُكْرَهُ أَخْذُ ما أَعْطَاهُ بِلَا شَرْطٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ يُطْعِمُهُ رَقِيقَهُ وَنَاضِحَهُ‏.‏

وَعَنْهُ يَحْرُمُ وَجَوَّزَهُ الْحَلْوَانِيُّ وَغَيْرُهُ لِغَيْرِ حُرٍّ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَحْرُمُ أَكْلُهُ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

قال الْقَاضِي لو أعطى شيئا من غَيْرِ عَقْدٍ وَلَا شَرْطٍ كان له أَخْذُهُ وَيَصْرِفُهُ في عَلَفِ دَوَابِّهِ وَمُؤْنَةِ صِنَاعَتِهِ وَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَ تَحْرِيمَ أَكْلِهِ الْقَاضِي وَطَائِفَةٌ من أَصْحَابِهِ وَقَدَّمَهُ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ أَكْلُهُ‏.‏

فَعَلَى رِوَايَةِ تَحْرِيمِ أَكْلِهِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَصَاحِبِ التَّلْخِيصِ‏.‏

تَحْرِيمُهُ على كل الْأَحْرَارِ وَصَرَّحَ الْقَاضِي في الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ على غَيْرِ الْحَاجِمِ‏.‏

الثَّانِيَةُ يَجُوزُ استئجارة لِغَيْرِ الْحِجَامَةِ كَالْفَصْدِ وَحَلْقِ الشَّعْرِ وَتَقْصِيرِهِ وَالْخِتَانِ وَقَطْعِ شَيْءٍ من جَسَدِهِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

قُلْت لو خَرَجَ في الْفَصْدِ من الْحِجَامَةِ لَمَا كان بَعِيدًا وَكَذَلِكَ التَّشْرِيطُ كَالصَّوْمِ‏.‏

قَوْلُهُ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ وَبِمِثْلِهِ‏.‏

يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجِرِ إعَارَةُ الْمَأْجُورِ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ من دَارٍ وَحَانُوتٍ وَمَرْكُوبٍ وَغَيْرِ ذلك بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الرَّاكِبُ الثَّانِي مِثْلَ الْأَوَّلِ في الطُّولِ وَالْقِصَرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ ذلك اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْمَعْرِفَةُ بِالْمَرْكُوبِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ لَا تُعْتَبَرُ الْمَعْرِفَةُ بِالْمَرْكُوبِ في الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ‏.‏

وَقِيلَ تُشْتَرَطُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وبمثله ‏[‏ويمثله‏]‏ جَوَازُ إعَارَةِ الْمَأْجُورِ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ وَلَوْ شَرَطَ الْمُؤَجِّرُ عليه اسْتِيفَاءَ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قِيَاسُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا صِحَّةَ الْعَقْدِ وَبُطْلَانَ الشَّرْطِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وهو احْتِمَالٌ في الرِّعَايَةِ‏.‏

وَقِيلَ يَصِحُّ الشَّرْطُ أَيْضًا وهو احْتِمَالُ الْمُصَنِّفِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو أَعَارَ الْمُسْتَأْجِرُ الْعَيْنَ الْمَأْجُورَةَ فَتَلِفَتْ عِنْدَ الْمُسْتَعِيرِ من غَيْرِ تَفْرِيطٍ لم يَضْمَنْهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ وَلَا ضَمَانَ على الْمُسْتَعِيرِ من الْمُسْتَأْجِرِ في الْأَصَحِّ وَاقْتَصَرَ عليه في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في بَابِ الْعَارِيَّةِ‏.‏

قُلْت فَيُعَايَى بها وَقِيلَ يَضْمَنُهَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو اكْتَرَاهَا لِيَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ أو يَحْمِلَ عليها إلَيْهِ فَأَرَادَ الْعُدُولَ إلَى مِثْلِهَا في الْمَسَافَةِ وَالْحُزُونَةِ وَالْأَمْنِ أو التي يَعْدِلُ إلَيْهَا أَقَلُّ ضَرَرًا جَازَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى جَازَ في الْأَشْهَرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ لَا يَجُوزُ‏.‏

وَإِنْ سَلَكَ أَبْعَدَ منه أو أَشَقَّ فأجره الْمِثْلِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وَقِيلَ الْمُسَمَّى وَأُجْرَةُ الزَّائِدِ والمشقة ‏[‏والشقة‏]‏‏.‏

قال الشَّارِحُ وهو قِيَاسُ الْمَنْصُوصِ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ بِمَنْ هو أَكْبَرُ ضَرَرًا منه وَلَا بِمَنْ يُخَالِفُ ضَرَرُهُ ضَرَرَهُ‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ وما دُونَهَا في الضَّرَرِ من جِنْسِهَا فإذا اكْتَرَى لزرع حِنْطَةً فَلَهُ زَرْعُ الشَّعِيرِ وَنَحْوِهِ وَلَيْسَ له زَرْعُ الدَّخَنِ وَنَحْوِهِ وَلَا يَمْلِكُ الْغَرْسَ وَلَا الْبِنَاءَ‏.‏

فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَإِنْ اكتراها لِأَحَدِهِمَا لم يَمْلِكْ الْآخَرُ وَإِنْ اكتراها لِلْغَرْسِ مَلَكَ الزَّرْعَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ وَإِنْ اكْتَرَاهَا لِغَرْسٍ أو بِنَاءٍ لم يَمْلِكْ الْآخَرُ فَإِنْ فَعَلَ فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ وَلَهُ الزَّرْعُ بِالْمُسَمَّى‏.‏

وَقِيلَ لَا زَرْعَ له مع الْبِنَاءِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو قال أَجَرْتُكَهَا لِتَزْرَعَهَا أو تَغْرِسَهَا لم يَصِحَّ قَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ لِأَنَّهُ لم يُعَيِّنْ أَحَدَهُمَا منهم الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ قال لِتَزْرَعَ أو تَغْرِسَ ما شِئْت زَرَعَ أو غَرَسَ ما شَاءَ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَصِحُّ لِلتَّرَدُّدِ انْتَهَى‏.‏

وَإِنْ قال لِتَزْرَعَهَا ما شِئْت وَتَغْرِسَهَا ما شِئْت صَحَّ قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَنَصَرَاهُ وَقَالَا له أَنْ يَزْرَعَهَا كُلَّهَا وَأَنْ يَغْرِسَهَا كُلَّهَا‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ قال لِتَزْرَعَ وَتَغْرِسَ ما شِئْت ولم يُبَيِّنْ قَدْرَ كُلٍّ مِنْهُمَا لم يَصِحَّ‏.‏

وَقِيلَ يَصِحُّ وَلَهُ ما شَاءَ مِنْهُمَا انْتَهَى‏.‏

وَإِنْ قال لِتَنْتَفِعَ بها ما شِئْت فَلَهُ الزَّرْعُ وَالْغَرْسُ وَالْبِنَاءُ كَيْفَ شَاءَ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ كما تَقَدَّمَ‏.‏

وَتَقَدَّمَ إذَا قال إنْ زَرَعْتهَا كَذَا فَبِكَذَا وَإِنْ زَرَعْتهَا كَذَا فَبِكَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ إنْ خِطْته رُومِيًّا فَبِكَذَا وَإِنْ خِطْته فَارِسِيًّا فَبِكَذَا‏.‏

وَتَقَدَّمَ بَعْضُ أَحْكَامِ الزَّرْعِ وَالْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ في الْبَابِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِجَارَةُ أَرْضٍ مُعَيَّنَةٍ لِزَرْعِ كَذَا أو غَرْسٍ أو بِنَاءٍ مَعْلُومٍ فَلْيُعَاوِدْ فإن عَادَةَ الْمُصَنِّفِينَ ذِكْرُهُ هُنَا‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ‏.‏

يَعْنِي إذَا فَعَلَ ما لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ من زَرْعٍ وَبِنَاءٍ وَغَرْسٍ وَرُكُوبٍ وَحَمْلٍ وَنَحْوُهُ فَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ عليه أُجْرَةَ الْمِثْلِ يَعْنِي لِلْجَمِيعِ وهو اخْتِيَارُ أبي بَكْرٍ قَالَهُ الْقَاضِي‏.‏

وَاخْتَارَهُ أَيْضًا ابن عقيل وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمُسَمَّى مع تَفَاوُتِهِمَا في أُجْرَةِ الْمِثْلِ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وهو قَوْلُ الْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي وَغَيْرِهِمَا‏.‏

وَكَلَامُ أبي بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ مُوَافِقٌ لِهَذَا قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ أَجَّرَهَا لِلزَّرْعِ فَغَرَسَ أو بَنَى لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَإِنْ أَجَّرَهَا لِغَرْسٍ أو بِنَاءٍ لم يَمْلِكْ الْآخَرَ فَإِنْ فَعَلَ فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ‏.‏

وَإِنْ أَجَّرَهَا لِزَرْعِ شَعِيرٍ لم يَزْرَعْ دَخَنًا فَإِنْ فَعَلَ غَرِمَ أجره الْمِثْلِ لِلْكُلِّ‏.‏

وَقِيلَ بَلْ الْمُسَمَّى وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ لِزِيَادَةِ ضَرَرِ الْأَرْضِ‏.‏

وَقِيلَ هو كَغَاصِبٍ وكذا لو أَجَّرَهَا لِزَرْعِ قَمْحٍ فَزَرَعَ ذُرَةً وَدَخَنًا انْتَهَى ذَكَرَهُ مُتَفَرِّقًا‏.‏

وَاسْتَثْنَى الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَاقْتَصَرَ عليه الزَّرْكَشِيُّ من مَحَلِّ الْخِلَافِ لو اكْتَرَى لِحَمْلِ حَدِيدٍ فَحَمَلَ قُطْنًا أو عَكْسَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ اكتراها لِحُمُولَةِ شَيْءٍ فَزَادَ عليه أو إلَى مَوْضِعٍ فَجَاوَزَهُ فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ الْمَذْكُورَةُ وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلزَّائِدِ‏.‏

ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْعُمْدَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ في الثَّانِيَةِ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وقال أبو بَكْرٍ عليه أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلْجَمِيعِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَهُ في الْمَسْأَلَتَيْنِ أَعْنِي إذَا اكتراها لِحُمُولَةِ شَيْءٍ فَزَادَ عليه أو إلَى مَوْضِعٍ فَجَاوَزَهُ‏.‏

‏.‏

وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْقَاضِي عن أبي بَكْرٍ وَنَقَلَهُ الْأَصْحَابُ منهم الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ إنَّمَا هو في مَسْأَلَةِ من اكْتَرَى لِحُمُولَةِ شَيْءٍ فَزَادَ عليه فَقَطْ‏.‏

فَلِذَلِكَ قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا أَوْهَمَهُ كَلَامُ أبي مُحَمَّدٍ في الْمُقْنِعِ من وُجُوبِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ على قَوْلِ أبي بَكْرٍ فِيمَا إذَا اكْتَرَى لِمَوْضِعٍ فَجَاوَزَهُ وَلَا ما اقْتَضَاهُ كَلَامُ بن حَمْدَانَ من وُجُوبِ ما بين الْقِيمَتَيْنِ على قَوْلٍ وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ على قَوْلٍ آخَرَ فإن الْقَاضِيَ قال لَا يَخْتَلِفُ أَصْحَابُنَا في ذلك وقد نَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ انْتَهَى‏.‏

وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَابَعَ أَبَا الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ فإنه ذَكَرَ كَلَامَ أبي بَكْرٍ بَعْدَ الْمَسْأَلَتَيْنِ إلَّا أَنَّ كَلَامَهُ في الْهِدَايَةِ أَوْضَحُ فإنه ذَكَرَ مَسْأَلَةَ أبي بَكْرٍ أَخِيرًا وَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَهَا أَوَّلًا فَحَصَلَ الْإِيهَامُ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَحَكَى الْقَاضِي أَنَّ قَوْلَ أبي بَكْرٍ في مَسْأَلَةِ من اكْتَرَى لِحُمُولَةِ شَيْءٍ فَزَادَ عليه وُجُوبُ أَجْرِ الْمِثْلِ في الْجَمِيعِ وَأَخَذَهُ من قَوْلِهِ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا شَعِيرًا فَزَرَعَهَا حِنْطَةً فقال عليه أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلْجَمِيعِ لِأَنَّهُ عَدَلَ عن الْمَعْقُودِ عليه إلَى غَيْرِهِ فَأَشْبَهَ ما لو اسْتَأْجَرَ أَرْضًا زَرَعَ أُخْرَى‏.‏

قَالَا فَجَمَعَ الْقَاضِي بين مَسْأَلَةِ الْخِرَقِيِّ وَمَسْأَلَةِ أبي بَكْرٍ‏.‏

وَقَالَا يَنْقُلُ قَوْلَ كل وَاحِدٍ من إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى لِتَسَاوِيهِمَا في أَنَّ الزِّيَادَةَ لَا تَتَمَيَّزُ فَيَكُونُ في الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ‏.‏

قَالَا وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فإن بين الْمَسْأَلَتَيْنِ فَرْقًا ظَاهِرًا وَذَكَرَاهُ انْتَهَيَا‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ تَلِفَتْ ضَمِنَ قِيمَتَهَا‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وُجُوبُ قِيمَتِهَا إذَا تَلِفَتْ بِهِ سَوَاءٌ تَلِفَتْ في الزِّيَادَةِ أو بَعْدَ رَدِّهَا إلَى الْمَسَافَةِ وَسَوَاءٌ كان صَاحِبُهَا مع الْمُكْتَرِي أو لم يَكُنْ‏.‏

وَقَطَعَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ الدَّابَّةِ إنْ تَلِفَتْ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ لَمَّا قال الْخِرَقِيُّ وَإِنْ تَلِفَتْ فَعَلَيْهِ أَيْضًا ضَمَانُهَا يَعْنِي إذَا تَلِفَتْ في مدة ‏[‏حدة‏]‏ الْمُجَاوَزَةِ‏.‏

قال في الْوَجِيزِ وَإِنْ تَلِفَتْ ضَمِنَ قِيمَتَهَا بَعْدَ تَجَاوُزِ الْمَسَافَةِ‏.‏

قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَإِنْ تَلِفَتْ في حَالِ زِيَادَةِ الطَّرِيقِ فَعَلَيْهِ كَمَالُ قِيمَتِهَا‏.‏

وقال الْقَاضِي ان كان الْمُكْتَرِي نَزَلَ عنها وَسَلَّمَهَا إلَى صَاحِبِهَا لِيُمْسِكَهَا أو يَسْقِيَهَا فَتَلِفَتْ فَلَا ضَمَانَ على الْمُكْتَرِي‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ أَيْضًا إذَا تَلِفَتْ في حَالِ التَّعَدِّي ولم يَكُنْ صَاحِبُهَا مع رَاكِبِهَا فَلَا خِلَافَ في ضَمَانِهَا بِكَمَالِ قِيمَتِهَا وَكَذَا إذَا تَلِفَتْ تَحْتَ الرَّاكِبِ أو تَحْتَ حَمْلِهِ وَصَاحِبُهَا مَعَهَا‏.‏

فَأَمَّا إنْ تَلِفَتْ في يَدِ صَاحِبِهَا بَعْدَ نُزُولِ الرَّاكِبِ عنها فَإِنْ كان بِسَبَبِ تَعَبِهَا بِالْحَمْلِ وَالسَّيْرِ فَهُوَ كما لو تَلِفَتْ تَحْتَ الْحَمْلِ وَالرَّاكِبِ وَإِنْ تَلِفَتْ بِسَبَبٍ آخَرَ فَلَا ضَمَانَ فيها وَقَطَعَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالْعِشْرِينَ ضَمِنَهَا بِكَمَالِ الْقِيمَةِ وَنَصَّ عليه في الزِّيَادَةِ على الْمُدَّةِ‏.‏

وَخَرَّجَ الْأَصْحَابُ وَجْهًا بِضَمَانِ النِّصْفِ من مَسْأَلَةِ الْحَدِّ‏.‏

قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ في يَدِ صَاحِبِهَا فَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ في الْهِدَايَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ‏.‏

أَحَدُهُمَا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا كُلَّهَا وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ‏.‏

وَالْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيِّ وابن الْبَنَّا وَالْمَجْدِ‏.‏

وقال أبو الْمَعَالِي في النِّهَايَةِ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُجَرَّدِ لِلْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالشَّرْحِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا فَقَطْ‏.‏

وقال في التَّلْخِيصِ إنْ تَلِفَتْ بِفِعْلِ اللَّهِ لم يَضْمَنْ وَإِنْ تَلِفَتْ بِالْحَمْلِ فَفِي تَكْمِيلِ الضَّمَانِ وَتَنْصِيفِهِ وَجْهَانِ‏.‏

وَاخْتَارَ في الرِّعَايَةِ أَنَّهُ إنْ زَادَ في الْحَمْلِ ضَمِنَ نِصْفَهَا مُطْلَقًا وَإِنْ زَادَ في الْمَسَافَةِ ضَمِنَ الْكُلَّ إنْ تَلِفَتْ حَالَ الزِّيَادَةِ وَإِلَّا هَدَرٌ‏.‏

وَعَنْ الْقَاضِي في الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لَا ضَمَانَ عليه أَلْبَتَّةَ‏.‏

وقال الْقَاضِي أَيْضًا إنْ كان الْمُكْتَرِي نَزَلَ عنها وَسَلَّمَهَا لِصَاحِبِهَا لِيُمْسِكَهَا أو يَسْقِيَهَا فَتَلِفَتْ لم يَضْمَنْ وَإِنْ هَلَكَتْ وَالْمُكْتَرِي رَاكِبُهَا أو حَمَلَهُ عليها ضَمِنَهَا‏.‏

وَوَافَقَهُ في الْمُغْنِي وَالْفُرُوعِ على ذلك إلَّا أَنَّهُمَا اسْتَثْنَيَا ما إذَا تَلِفَتْ في يَدِ مَالِكِهَا بِسَبَبِ تَعَبِهَا من الْحَمْلِ وَالسَّيْرِ كما تَقَدَّمَ‏.‏

قال في التَّصْحِيحِ يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وفي الْآخَرِ يَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهَا وهو الصَّحِيحُ إذَا تَلِفَتْ بِسَبَبِ تَعَبِهَا بِالْحَمْلِ وَالسَّيْرِ‏.‏

وَيَأْتِي نَظِيرُ ذلك إذَا زَادَ سَوْطًا على الْحَدِّ وَمَسَائِلُ أُخْرَى هُنَاكَ فليراجع ‏[‏فيراجع‏]‏ في أَوَائِلِ كِتَابِ الْحُدُودِ‏.‏

تنبيه‏:‏

دخل في قَوْلِهِ إذَا اكْتَرَاهَا لِحُمُولَةِ شَيْءٍ فَزَادَ عليه‏.‏

لو اكْتَرَاهَا لِيَرْكَبَهَا وَحْدَهُ فَرَكِبَهَا معه آخَرُ فَتَلِفَتْ وَصَرَّحَ بِهِ في الْقَوَاعِدِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ كُلُّ ما يَتَمَكَّنُ بِهِ من النَّفْعِ كَزِمَامِ الْجَمَلِ‏.‏

وَرَحْلِهِ وَحِزَامِهِ وَالشَّدِّ عليه وَشَدِّ الْأَحْمَالِ وَالْمَحَامِلِ وَالرَّفْعِ وَالْحَطِّ‏.‏

وَكَذَلِكَ كُلُّ ما يَتَوَقَّفُ النَّفْعُ عليه كَتَوْطِئَةِ مَرْكُوبٍ عَادَةً وَالْقَائِدِ وَالسَّائِقِ وَهَذَا كُلُّهُ بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ‏.‏

وَلَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ الْمَحْمِلُ وَالْمِظَلَّةُ وَالْوِطَاءُ فَوْقَ الرَّحْلِ وَحَبْلُ قِرَانٍ بين الْمَحْمِلَيْنِ‏.‏

قال في التَّرْغِيبِ وَعَدْلٌ لِقُمَاشٍ على مكري ‏[‏مكر‏]‏ إن ‏[‏لمن‏]‏ كانت في الذِّمَّةِ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ إنَّمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ ما تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ إذَا كان الْكِرَاءُ على أَنْ يَذْهَبَ معه الْمُكْتَرِي فَأَمَّا إنْ كان على أَنْ يَتَسَلَّمَ الرَّاكِبُ الْبَهِيمَةَ لِيَرْكَبَهَا بِنَفْسِهِ فَكُلُّ ذلك عليه انْتَهَيَا‏.‏

قُلْت الْأَوْلَى أَنْ يَرْجِعَ في ذلك إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ‏.‏

فائدة‏:‏

أُجْرَةُ الدَّلِيلِ على الْمُكْتَرِي على الصَّحِيحِ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ إنْ كان اكْتَرَى منه بَهِيمَةً بِعَيْنِهَا فَأُجْرَةُ الدَّلِيلِ على الْمُكْتَرِي وَإِنْ كانت الْإِجَارَةُ على حَمْلِهِ إلَى مَكَان مُعَيَّنٍ في الذِّمَّةِ فَهِيَ على الْمُكْرِي وَجَزَمَ بِهِ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ أَنْ يُوَصِّلَهُ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَيْضًا‏.‏

قُلْت يَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ يَرْجِعَ في ذلك إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلُزُومُ الْبَعِيرِ لِيَنْزِلَ لِصَلَاةِ الْفَرْضِ‏.‏

أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذلك لِيَنْزِلَ لِسُنَّةٍ رَاتِبَةٍ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ يَلْزَمُهُ أَيْضًا‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ أَيْضًا لُزُومُ الْبَعِيرِ إذَا عَرَضَتْ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَاجَةٌ‏.‏

لِنُزُولِهِ وَتَبْرِيكِ الْبَعِيرِ لِلشَّيْخِ الضَّعِيفِ وَالْمَرْأَةِ وَالسَّمِينِ وَشَبَهِهِمْ لِرُكُوبِهِمْ وَنُزُولِهِمْ وَيَلْزَمُهُ ذلك أَيْضًا لِمَرَضٍ طَالَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ بن رَزِينٍ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لَا يَلْزَمُ الرَّاكِبَ الضَّعِيفَ وَالْمَرْأَةَ الْمَشْيُ الْمُعْتَادُ عِنْدَ قُرْبِ الْمَنْزِلِ‏.‏

وَهَلْ يَلْزَمُ غَيْرَهُمَا فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وهو الصَّوَابُ لَكِنَّ الْمُرُوءَةَ تَقْتَضِي فِعْلَ ذلك‏.‏

وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالنُّزُولِ فيه وَالْمَشْيِ لَزِمَ الرَّاكِبَ الْقَوِيَّ في الْأَقْيَسِ‏.‏

قُلْت وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَرْجِعَ في ذلك إلَى الْعُرْفِ‏.‏

الثَّالِثَةُ لو اكْتَرَى جَمَلًا لِيَحُجَّ عليه فَلَهُ الرُّكُوبُ إلَى مَكَّةَ وَمِنْ مَكَّةَ إلَى عَرَفَةَ وَالْخُرُوجُ عليه إلَى مِنًى لَيَالِيَ مِنًى لِرَمْيِ الْجِمَارِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وقدماه ‏[‏وقدماء‏]‏ وَقَالَا الْأَوْلَى أَنَّ له ذلك وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَقِيلَ ليس له الرُّكُوبُ إلَى مِنًى لِأَنَّهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ من الْحَجِّ وَأَطْلَقَهَا في الرِّعَايَةِ‏.‏

وَأَمَّا إنْ اكْتَرَى إلَى مَكَّةَ فَقَطْ فَلَيْسَ له الرُّكُوبُ إلَى الْحَجِّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِمَا قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ‏.‏

وَتَقَدَّمَ في أَوَّلِ الْبَابِ اشْتِرَاطُ ذِكْرِ الْمَرْكُوبِ وَالرَّاكِبِ وَالْمَحْمُولِ وَأَحْكَامُ ذلك فَلْيُرَاجَعْ‏.‏

الرَّابِعَةُ قَوْلُهُ فَأَمَّا تَفْرِيغُ الْبَالُوعَةِ وَالْكَنِيفِ فَيَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ إذَا تَسَلَّمَهَا فَارِغَةً بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

قُلْت يُتَوَجَّهُ أَنْ يَرْجِعَ في ذلك إلَى الْعُرْفِ‏.‏

وَكَذَا تَفْرِيغُ الدَّارِ من الْقُمَامَةِ وَالزِّبْلِ وَنَحْوِهِمَا وَيَلْزَمُ الْمُكْرِيَ تَسْلِيمُهَا منظفة ‏[‏منطقة‏]‏ وَتَسْلِيمُ الْمِفْتَاحِ وهو أَمَانَةٌ مع الْمُسْتَأْجِرِ‏.‏

وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْبَكَرَةُ وَالْحَبْلُ وَالدَّلْوُ‏.‏

قَوْلُهُ وَالْإِجَارَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ من الطَّرَفَيْنِ ليس لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهَا وَإِنْ بَدَا له قبل تَقَضِّي الْمُدَّةِ فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ‏.‏

الْإِجَارَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ يَقْتَضِي تَمْلِيكَ الْمُؤَجِّرِ الْأُجْرَةَ وَالْمُسْتَأْجِرِ الْمَنَافِعَ فإذا فَسَخَهَا الْمُسْتَأْجِرُ قبل انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ لم تَنْفَسِخْ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُؤَجِّرِ التَّصَرُّفُ فيها في حَالِ كَوْنِ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ عليها‏.‏

فَإِنْ تَصَرَّفَ فيها قبل انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ مِثْلَ أَنْ يَسْكُنَ الْمَالِكُ الدَّارَ أو يُؤَجِّرَهَا لِغَيْرِهِ لم تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ جَمِيعُ الْأُجْرَةِ وَلَهُ على الْمَالِكِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَا سَكَنَ أو تَصَرَّفَ فيه‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ‏.‏

فَعَلَى هذا إنْ كانت أُجْرَةُ الْمِثْلِ الْوَاجِبَةُ على الْمَالِكِ بِقَدْرِ الْأُجْرَةِ الْمُسَمَّاةِ في الْعَقْدِ لم يَجِبْ على الْمُسْتَأْجِرِ شَيْءٌ وَإِنْ فَضَلَتْ منه فَضْلَةٌ لَزِمَتْ الْمَالِكَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَنْفَسِخَ الْعَقْدُ فِيمَا اسْتَوْفَاهُ الْمَالِكُ وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيِّ‏.‏

وَأَمَّا إذَا تَصَرَّفَ الْمَالِكُ قبل تَسْلِيمِهَا أو امْتَنَعَ منه حتى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فإن الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ وَجْهًا وَاحِدًا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

وَإِنْ سَلَّمَهَا إلَيْهِ في أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ انْفَسَخَتْ فِيمَا مَضَى وَتَجِبُ أُجْرَةُ الْبَاقِي بِالْحِصَّةِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ أَبَى الْمُؤَجِّرُ تَسْلِيمَ ما أَجَّرَهُ أو امْتَنَعَ مُسْتَأْجِرٌ الِانْتِفَاعَ بِهِ كُلَّ الْمُدَّةِ فَلَهُ الْفَسْخُ مَجَّانًا‏.‏

وَقِيلَ بَلْ يَبْطُلُ الْعَقْدُ مَجَّانًا‏.‏

وَقِيلَ إنْ كانت الْمُدَّةُ مُعَيَّنَةً بَطَلَ وَإِلَّا فَلَهُ الْفَسْخُ مَجَّانًا‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ حَوَّلَهُ الْمَالِكُ قبل تَقَضِّيهَا لم يَكُنْ له أُجْرَةٌ لِمَا سَكَنَ نَصَّ عليه‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ‏.‏

وَيَحْتَمِلُ أَنَّ له من الْأُجْرَةِ بِقِسْطِهِ وَاخْتَارَهُ في الْفَائِقِ‏.‏

وَيَأْتِي إذَا غَصَبَهَا مَالِكُهَا عِنْدَ قَوْلِهِ إذَا غُصِبَتْ الْعَيْنُ‏.‏

فائدة‏:‏

وَكَذَا الْحُكْمُ لو امْتَنَعَ الْأَجِيرُ من تَكْمِيلِ الْعَمَلِ قَالَهُ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَالْحُكْمُ فِيمَنْ اكْتَرَى دَابَّةً فَامْتَنَعَ الْمُكْرِي من تَسْلِيمِهَا في بَعْضِ الْمُدَّةِ أو أَجَّرَهُ نَفْسَهُ أو عَبْدَهُ لِلْخِدْمَةِ مُدَّةً وَامْتَنَعَ من إتْمَامِهَا أو أَجَّرَهُ نَفْسَهُ لِبِنَاءِ حَائِطٍ أو خِيَاطَةِ ثَوْبٍ أو حَفْرِ بِئْرٍ أو حَمْلِ شَيْءٍ إلَى مَكَان وَامْتَنَعَ من إتْمَامِ الْعَمَلِ مع الْقُدْرَةِ عليه كَالْحُكْمِ في الْعَقَارِ يُمْنَعُ من تَسْلِيمِهِ انْتَهَيَا‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ وَكَذَا الْخِلَافُ وَالتَّفْصِيلُ إنْ أَبَى الْأَجِيرُ الْخَاصُّ الْعَمَلَ أو بَعْضَهُ كَالْمُدَّةِ أو بَعْضِهَا أو أَبَى مُسْتَأْجِرُ الْعَبْدِ وَالْبَهِيمَةِ وَالْجِمَالِ الِانْتِفَاعَ بِهِمْ كَذَلِكَ وَلَا مَانِعَ من الْأَجِيرِ وَالْمُؤَجِّرِ انْتَهَى‏.‏

وقال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالْأَرْبَعِينَ إذَا اسْتَأْجَرَهُ لِحِفْظِ شَيْءٍ مُدَّةً فَحَفِظَهُ في بَعْضِهَا ثُمَّ تَرَكَ فَهَلْ تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ فيه وَجْهَانِ‏.‏

قال ابن الْمُنَى أَصَحُّهُمَا لَا تَبْطُلُ بَلْ يَزُولُ الِاسْتِئْمَانُ وَيَصِيرُ ضَامِنًا‏.‏

وفي مَسَائِلِ بن مَنْصُورٍ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ إذَا اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا شَهْرًا مَعْلُومًا فَجَاءَ إلَيْهِ في نِصْفِ ذلك الشَّهْرِ أَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارَ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَبْطُلُ الْعَقْدُ فَلَا يَسْتَحِقُّ شيئا من الْأُجْرَةِ بِنَاءً على أَصْلِنَا فِيمَنْ امْتَنَعَ من تَسْلِيمِ بَعْضِ الْمَنَافِعِ الْمُسْتَأْجَرَةِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً بِذَلِكَ أَفْتَى ابن عقيل في فُنُونِهِ انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ هَرَبَ الْأَجِيرُ حتى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَإِنْ كان على عَمَلٍ خُيِّرَ الْمُسْتَأْجِرُ بين الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ‏.‏

إذَا هَرَبَ الْأَجِيرُ أو شَرَدَتْ الدَّابَّةُ أو أَخَذَ الْمُؤَجِّرُ الْعَيْنَ وَهَرَبَ بها أو مَنَعَهُ اسْتِيفَاءَ الْمَنْفَعَةِ منها من غَيْرِ هَرَبٍ لم تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ وَيَثْبُتُ له خِيَارُ الْفَسْخِ‏.‏

فَإِنْ فَسَخَ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ لم يَفْسَخْ وَكَانَتْ الْإِجَارَةُ على مُدَّةٍ انْفَسَخَتْ بِمُضِيِّهَا يَوْمًا فَيَوْمًا فَإِنْ عَادَتْ الْعَيْنُ في أَثْنَائِهَا اسْتَوْفَى ما بَقِيَ وَإِنْ انْقَضَتْ انْفَسَخَتْ‏.‏

وَإِنْ كانت على مَوْصُوفٍ في الذِّمَّةِ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَنَحْوِهِ أو حَمْلٍ إلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ اُسْتُؤْجِرَ من مَالِهِ من يَعْمَلُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَلَهُ الْفَسْخُ فَإِنْ لم يَفْسَخْ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْعَمَلِ‏.‏

وَإِنْ هَرَبَ قبل إكْمَالِ عَمَلِهِ مَلَكَ الْمُسْتَأْجِرُ الْفَسْخَ وَالصَّبْرَ كَمَرَضِهِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وَقِيلَ يكتري عليه من يَقُومُ بِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَلَهُ فَسْخُهَا‏.‏

وَإِنْ فَرَغَتْ مُدَّتُهُ في هَرَبِهِ فَلَهُ الْفَسْخُ قَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وَقِيلَ تَنْفَسِخُ هِيَ وهو الذي قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ هَرَبَ الْجَمَّالُ أو مَاتَ وَتَرَكَ الْجِمَالَ أَنْفَقَ عليها الْحَاكِمُ من مَالِ الْجِمَالِ أو أَذِنَ لِلْمُسْتَأْجِرِ في النَّفَقَةِ فإذا انْقَضَتْ الْإِجَارَةُ بَاعَهَا الْحَاكِمُ وَوَفَّى الْمُنْفَقَ وَحَفِظَ بَاقِيَ ثَمَنِهَا لِصَاحِبِهِ‏.‏

إذَا أَنْفَقَ الْمُسْتَأْجِرُ على الْجِمَالِ وَالْحَالَةُ ما تَقَدَّمَ بِإِذْنِ حَاكِمٍ رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَهُ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ لم يَسْتَأْذِنْهُ وَنَوَى الرُّجُوعَ فَفِيهِ الروايتان ‏[‏الرويتان‏]‏ اللَّتَانِ فِيمَنْ قَضَى دَيْنًا عن غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ على ما تَقَدَّمَ في بَابِ الضَّمَانِ وَالصَّحِيحُ مِنْهُمَا أَنَّهُ يَرْجِعُ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ وَمُقْتَضَى طَرِيقَةِ الْقَاضِي أَنَّهُ يَرْجِعُ رِوَايَةً وَاحِدَةً‏.‏

ثُمَّ إنَّ الْأَكْثَرِينَ اعْتَبَرُوا الْإِشْهَادَ على نِيَّةِ الرُّجُوعِ‏.‏

وفي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ وهو الصَّحِيحُ انْتَهَى‏.‏

وَحُكْمُ مَوْتِ الْجَمَّالِ حُكْمُ هَرَبِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما قال الْمُصَنِّفُ‏.‏

وقال أبو بَكْرٍ مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ الْمَوْتَ لَا يَفْسَخُ الْإِجَارَةَ وَلَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا وَلَا يُسْرِفَ في عَلَفِهَا وَلَا يُقَصِّرَ وَيَرْجِعَ بِذَلِكَ‏.‏

قَوْلُهُ وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِ الْعَيْنِ الْمَعْقُودِ عليها‏.‏

سَوَاءٌ تَلِفَتْ ابْتِدَاءً أو في أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فإذا تَلِفَتْ في ابْتِدَاءِ الْمُدَّةِ انْفَسَخَتْ وَإِنْ تَلِفَتْ في أَثْنَائِهَا انْفَسَخَتْ أَيْضًا فِيمَا بَقِيَ فَقَطْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقِيلَ تَنْفَسِخُ أَيْضًا فِيمَا مَضَى وَيُقَسَّطُ الْمُسَمَّى على قِيمَةِ الْمَنْفَعَةِ فَيَلْزَمُهُ بِحِصَّتِهِ‏.‏

نَقَلَ الْأَثْرَمُ فِيمَنْ اكْتَرَى بَعِيرًا بِعَيْنِهِ فَمَاتَ أو انْهَدَمَتْ الدَّارُ فَهُوَ عُذْرٌ يُعْطِيهِ بِحِسَابِ ما رَكِبَ‏.‏

وَقِيلَ يَلْزَمُهُ بِحِصَّتِهِ من الْمُسَمَّى‏.‏

وَقِيلَ لَا فَسْخَ بِهَدْمِ دَارٍ فَيُخَيَّرُ‏.‏

وَيَأْتِي حُكْمُ الدَّارِ إذَا انْهَدَمَتْ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ هذا وَكَلَامُهُ هُنَا أَعَمُّ‏.‏

وَعَنْهُ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمُرْضِعَةِ وَيَجِبُ في مَالِهَا أُجْرَةُ من يُرْضِعُهُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ‏.‏

وَأَمَّا مَوْتُ الْمُرْتَضِعِ فَتَنْفَسِخُ بِهِ الْإِجَارَةُ قَوْلًا وَاحِدًا كما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا‏.‏

قَوْلُهُ وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ الرَّاكِبِ إذَا لم يَكُنْ له من يَقُومُ مَقَامَهُ في اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ‏.‏

هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الرَّاكِبِ مُطْلَقًا قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ لَا تَنْفَسِخُ بِالْمَوْتِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَنْصُوصُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ إلَّا أَبَا مُحَمَّدٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ أَكْرَى دَارًا فَانْهَدَمَتْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ من الْمُدَّةِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِه ابن أبي مُوسَى وَالشِّيرَازِيُّ وابن الْبَنَّاءِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَنْفَسِخُ وَيَثْبُتُ لِلْمُسْتَأْجِرِ خِيَارُ الْفَسْخِ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ اخْتَارَهُ الْقَاضِي‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ لم تَنْفَسِخْ على أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

وَقِيلَ تَنْفَسِخُ فِيمَا بَقِيَ وَفِيمَا مَضَى ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

قَوْلُهُ أو أَرْضًا لِلزَّرْعِ فَانْقَطَعَ مَاؤُهَا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ من الْمُدَّةِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحِ وَالتَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَنْفَسِخُ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ خِيَارُ الْفَسْخِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ في مَوْضِعٍ‏.‏

وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ لم تَنْفَسِخْ على أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

فائدة‏:‏

لو أَجَّرَ أَرْضًا بِلَا مَاءٍ صح فَإِنْ أَجَّرَهَا وَأَطْلَقَ فَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ الصِّحَّةَ إذَا كان الْمُسْتَأْجِرُ عَالِمًا بِحَالِهَا وَعَدَمِ مَائِهَا وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وَجَزَمَ بِه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

وَإِنْ ظَنَّ الْمُسْتَأْجِرُ إمْكَانَ تَحْصِيلِ الْمَاءِ وَأَطْلَقَ الْإِجَارَةَ لم تَصِحَّ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَإِنْ ظَنَّ وُجُودَهُ بِالْأَمْطَارِ أو زِيَادَةِ الْأَنْهَارِ صَحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كَالْعِلْمِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وفي التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ وَجْهَانِ‏.‏

وَمَتَى زَرَعَ فَغَرِقَ أو تَلِفَ أو لم يَنْبُتْ فَلَا خِيَارَ له وَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ نَصَّ عليه‏.‏

وَإِنْ تَعَذَّرَ زَرْعُهَا لِغَرَقِهَا فَلَهُ الْخِيَارُ‏.‏

وَكَذَا له الْخِيَارُ لِقِلَّةِ مَاءٍ قبل زَرْعِهَا أو بَعْدَهُ أو عَابَتْ بِغَرَقٍ يَعِيبُ بِهِ بَعْضُ الزَّرْعِ‏.‏

وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أو بَرْدٍ أو فَأْرٍ أو عُذْرٍ‏.‏

قال فَإِنْ أَمْضَى الْعَقْدَ فَلَهُ الْأَرْشُ كَعَيْبِ الْأَعْيَانِ وَإِنْ فَسَخَ فَعَلَيْهِ الْقِسْطُ قبل الْقَبْضِ ثُمَّ أُجْرَةُ الْمِثْلِ إلَى كَمَالِهِ‏.‏

قال وما لم يَرْوِ من الْأَرْضِ فَلَا أُجْرَةَ له اتِّفَاقًا وَإِنْ قال في الْإِجَارَةِ مَقِيلًا وَمَرَاعِيَ أو أَطْلَقَ لِأَنَّهُ لَا يَرِدُ على عَقْدٍ كَأَرْضِ الْبَرِّيَّةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا تَنْفَسِخُ أَيْ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ الْمُكْرِي وَلَا الْمُكْتَرِي‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا في الْجُمْلَةِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم منهم صَاحِبُ الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَتَقَدَّمَ رِوَايَةٌ اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ أنها تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الرَّاكِبِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ رِوَايَةُ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ الْمُرْضِعَةِ‏.‏

تنبيه‏:‏

قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ الْجَمْعُ بين قَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الرَّاكِبِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ بَعْدُ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمُكْرِي وَلَا الْمُكْتَرِي قِيلَ يَجِبُ حَمْلُ قَوْلِهِ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمُكْتَرِي على أَنَّهُ مَاتَ وَلَهُ وَارِثٌ وَهُنَاكَ صَرَّحَ بِأَنَّهَا تَنْفَسِخُ إذَا لم يَكُنْ له من يَقُومُ مَقَامَهُ‏.‏

قُلْت وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ قال هذا مُتَابَعَةً لِلْأَصْحَابِ وقال ذلك لِأَجْلِ اخْتِيَارِهِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ غُصِبَتْ الْعَيْنُ خُيِّرَ الْمُسْتَأْجِرُ بين الْفَسْخِ وَمُطَالَبَةِ الْغَاصِبِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنْ فَسَخَ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ ما مَضَى‏.‏

إذَا غُصِبَتْ الْعَيْنُ فَلَا تَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ إجَارَتُهَا لِعَمَلٍ أو لِمُدَّةٍ فَإِنْ كانت لِعَمَلٍ فَلَا تَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ الْإِجَارَةُ على عَيْنٍ مَوْصُوفَةٍ في الذِّمَّةِ أو تَكُونَ على عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ‏.‏

فَإِنْ كانت على عَيْنٍ مَوْصُوفَةٍ في الذِّمَّةِ وَغُصِبَتْ لَزِمَهُ بَدَلُهَا فَإِنْ تَعَذَّرَ كان له الْفَسْخُ‏.‏

وَإِنْ كانت على عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ خُيِّرَ بين الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ إلَى أَنْ يَقْدِرَ على الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ فَيُسْتَوْفَى منها‏.‏

وَإِنْ كانت إلَى مُدَّةٍ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بين الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ وَأَخْذِ أُجْرَةِ مِثْلِهَا من غَاصِبِهَا إنْ ضُمِنَتْ مَنَافِعُ الْغَصْبِ وَإِنْ لم تُضْمَنْ انْفَسَخَ الْعَقْدُ‏.‏

وقال في الِانْتِصَارِ تَنْفَسِخُ تِلْكَ الْمُدَّةُ وَالْأُجْرَةُ لِلْمُؤَجِّرِ لِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ على مِلْكِهِ وَأَنَّ مثله وطء مُزَوَّجَةً وَيَكُونُ الْفَسْخُ مُتَرَاخِيًا‏.‏

فإذا لم يَفْسَخْ حتى انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ كان له الْخِيَارُ بين الْفَسْخِ وَالرُّجُوعِ بِالْمُسَمَّى وَبَيْنَ الْبَقَاءِ على الْعَقْدِ وَمُطَالَبَةِ الْغَاصِبِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ‏.‏

فَإِنْ رُدَّتْ الْعَيْنُ في أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ ولم يَكُنْ فَسْخٌ اسْتَوْفَى ما بَقِيَ منها وَيَكُونُ فِيمَا مَضَى من الْمُدَّةِ مُخَيَّرًا كما ذَكَرْنَا قَالَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو كان الْغَاصِبُ هو الْمُؤَجِّرَ لم يَكُنْ له أُجْرَةٌ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه‏.‏

وَقِيلَ حُكْمُهُ حُكْمُ الْغَاصِبِ الْأَجْنَبِيِّ وهو تَخْرِيجٌ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وقال الزَّرْكَشِيُّ لو أَتْلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ الْعَيْنَ ثَبَتَ ما تَقَدَّمَ من الْفَسْخِ أو الِانْفِسَاخِ مع تَضْمِينِ الْمُسْتَأْجِرِ ما أَتْلَفَ‏.‏

وَمِثْلُهُ جَبُّ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا تَضْمَنُ وَلَهَا الْفَسْخُ انْتَهَى‏.‏

قُلْت يَحْتَمِلُ أَنْ لَا فَسْخَ لها‏.‏

وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا إذَا حَوَّلَهُ الْمَالِكُ قبل تَقَضِّي الْمُدَّةِ‏.‏

وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ من بَعْضِ صُوَرِ تِلْكَ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو حَدَثَ خَوْفٌ عَامٌّ يَمْنَعُ من سُكْنَى الْمَكَانِ الذي فيه الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ أو حُصِرَ الْبَلَدُ فَامْتَنَعَ خُرُوجُ الْمُسْتَأْجِرِ إلَى الْأَرْضِ ثَبَتَ له خِيَارُ الْفَسْخِ‏.‏

قال الْخِرَقِيُّ وإذا جاء أَمْرٌ غَالِبٌ يَحْجِزُ الْمُسْتَأْجِرَ عن مَنْفَعَةِ ما وَقَعَ عليه الْعَقْدُ فَعَلَيْهِ من الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مُدَّةِ انْتِفَاعِهِ‏.‏

فَكَلَامُهُ أَعَمُّ من كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا لِأَنَّهُ شَمَلَ الْغَصْبَ وَغَيْرَهُ فَلِذَلِكَ اسْتَشْهَدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ‏.‏

فَإِنْ كان الْخَوْفُ خَاصًّا بِالْمُسْتَأْجِرِ كَمَنْ خَافَ وَحْدَهُ لِقُرْبِ أَعْدَائِهِ من الْمَوْضِعِ الْمَأْجُورِ أو حُلُولِهِمْ في طَرِيقِهِ لم يَمْلِكْ الْفَسْخَ وَكَذَا الْحُكْمُ لو حُبِسَ أو مَرِضَ‏.‏

قَوْلُهُ وَمَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِعَمَلِ شَيْءٍ فَمَرِضَ أُقِيمَ مَقَامَهُ من يَعْمَلُهُ وَالْأُجْرَةُ على الْمَرِيضِ‏.‏

مُرَادُهُ إذَا اسْتَأْجَرَهُ لِعَمَلٍ في الذِّمَّةِ كَخِيَاطَةٍ وَبِنَاءٍ وَنَحْوِهِمَا وَمُرَادُهُ إذَا لم يَشْتَرِطْ عليه مُبَاشَرَتَهُ فَإِنْ شَرَطَ عليه مُبَاشَرَتَهُ لم يَقُمْ غَيْرُهُ مَقَامَهُ‏.‏

وَكَذَا لو كانت الْإِجَارَةُ على عَيْنِهِ في مُدَّةٍ أو غَيْرِهَا فَمَرِضَ لم يَقُمْ غَيْرُهُ مَقَامَهُ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ وَقَعَتْ على عَمَلِهِ بِعَيْنِهِ لَا على شَيْءٍ في ذِمَّتِهِ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لو كان الْعَمَلُ في الذِّمَّةِ وَاخْتَلَفَ الْقَصْدُ كَاسْتِئْجَارِهِ لِنَسْخِ كِتَابٍ لم يُكَلَّفْ الْأَجِيرُ إقَامَةَ غَيْرِهِ مَقَامَهُ وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ قَبُولُ ذلك إنْ بَذَلَهُ الْأَجِيرُ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ‏.‏

فَإِنْ تَعَذَّرَ عَمَلُ الْأَجِيرِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ‏.‏

وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ على ذلك أَيْضًا عِنْدَ قَوْلِهِ الضَّرْبُ الثَّانِي عقد على مَنْفَعَةٍ في الذِّمَّةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَدَ الْعَيْنَ مَعِيبَةً أو حَدَثَ بها عَيْبٌ فَلَهُ الْفَسْخُ‏.‏

مُرَادُهُ وَمُرَادُ غَيْرِهِ إنْ لم يَزُلْ الْعَيْبُ بِلَا ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ فَإِنْ زَالَ سَرِيعًا بِلَا ضَرَرٍ فَلَا فَسْخَ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ ليس له إلَّا الْفَسْخُ أو الْإِمْضَاءُ مَجَّانًا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ وَصَرَّحَ بِهِ ابن عقيل وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمَا‏.‏

وَقِيلَ يَمْلِكُ الْإِمْسَاكَ مع الْأَرْشِ وهو تَخْرِيجٌ لِلْمُصَنِّفِ‏.‏

وقال في الْمُحَرَّرِ وَتَبِعَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ له الْفَسْخُ أو الأمساك مع الْأَرْشِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ‏.‏

قال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ بَعْدَ ذِكْرِ مَسْأَلَةِ عَيْبِ الْمَبِيعِ وَأَنَّهُ بِالْخِيرَةِ‏:‏

كَذَاكَ مَأْجُورٌ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ *** قد قَالَهُ الشَّيْخَانِ فَافْهَمْ مَطْلَبِي

فَهَذَا من الْمُفْرَدَاتِ أَيْضًا‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إنْ لم نَقُلْ بِالْأَرْشِ فَوُرُودُ ضَعْفِهِ على أَصْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ بَيِّنٌ وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ على هذا في الْخِيَارِ في الْعَيْبِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَمَنْ اشْتَرَى مَعِيبًا لم يَعْلَمْ عَيْبَهُ‏.‏

فوائد‏:‏

إحْدَاهَا الْعَيْبُ هُنَا ما يَظْهَرُ بِهِ تَفَاوُتُ الْأُجْرَةِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو لم يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ حتى فَرَغَتْ الْمُدَّةُ لَزِمَهُ الْأُجْرَةُ كَامِلَةً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَخَرَّجَ الْمُصَنِّفُ لُزُومَ الْأَرْشِ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ لَا سِيَّمَا إذَا كان دَلَّسَهُ‏.‏

الثَّالِثَةُ قال في التَّرْغِيبِ لو احْتَاجَتْ الدَّارُ تَجْدِيدًا فَإِنْ جَدَّدَ الْمُؤَجِّرُ وَإِلَّا كان لِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ وَلَوْ عَمَّرَ فيها الْمُسْتَأْجِرُ بِدُونِ إذْنِهِ لم يَرْجِعْ بِهِ نَصَّ عليه في غَلْقِ الدَّارِ إذَا عَمِلَهُ السَّاكِنُ وَيَحْتَمِلُ الرُّجُوعَ بِنَاءً على مِثْلِهِ في الرَّهْنِ‏.‏

قُلْت بَلْ أَوْلَى وَحَكَى في التَّلْخِيصِ أَنَّ الْمُؤَجِّرَ يُجْبَرُ على التَّرْمِيمِ بِإِصْلَاحِ مُكَسَّرٍ وَإِقَامَةِ مَائِلٍ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ مُطَالَبَةُ الْمُؤَجِّرِ بِالْعِمَارَةِ التي يَحْتَاجُ إلَيْهَا الْمَكَانُ الْمَأْجُورُ فَإِنْ كان وَقْفًا فَالْعِمَارَةُ وَاجِبَةٌ من وَجْهَيْنِ من جِهَةِ أَهْلِ الْوَقْفِ وَمِنْ جِهَةِ حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ انْتَهَى‏.‏

وَلَيْسَ له إجْبَارُهُ على التَّجْدِيدِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ بَلَى‏.‏

الرَّابِعَةُ لو شَرَطَ عليه مُدَّةَ تَعْطِيلِهَا أو أَنْ يَأْخُذَ بِقَدْرِ مُدَّةِ التَّعْطِيلِ بَعْدَ الْمُدَّةِ أو شَرَطَ عليه الْعِمَارَةَ أو جَعَلَهَا أُجْرَةً لم يَصِحَّ وَمَتَى أَنْفَقَ بِإِذْنٍ على الشَّرْطِ أو بِنَاءً رَجَعَ بِمَا قال الْمُؤَجِّرُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ في الْإِذْنِ يَرْجِعُ بِمَا قال الْمُسْتَأْجِرُ كما لو أَذِنَ له حَاكِمٌ في نَفَقَتِهِ على جِمَالٍ هَرَبَ مُؤَجِّرُهَا‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا قال في الرِّعَايَةِ وَخَرَجَ مَنْعُ الْبَيْعِ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيُّ أَنَّهُ إذَا بَاعَ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ ولم يُبَيِّنْ أنها مُسْتَأْجَرَةٌ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ بَاعَ مِلْكَهُ وَمِلْكَ غَيْرِهِ فَهِيَ مَسْأَلَةُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ إذَا لم يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ ثُمَّ عَلِمَ فَلَهُ الْفَسْخُ أو الْإِمْضَاءُ مَجَّانًا على الصَّحِيحِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ له الْفَسْخُ أو الْإِمْضَاءُ مع الْأَرْشِ‏.‏

قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ هو عَيْبٌ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ‏.‏

وقال قُلْت فَلَوْ كانت الْأَرْضُ مَشْغُولَةً بِبِنَاءِ غَيْرِهِ أو زَرْعِهِ وَغِرَاسِهِ فقال شَيْخُنَا يَصِحُّ الْعَقْدُ حَالًّا وهو الْمُخْتَارُ انْتَهَى‏.‏

فائدتان‏:‏

ِ‏.‏

إحْدَاهُمَا مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو كانت مَرْهُونَةً وَتَقَدَّمَ ذلك في بَابِهِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو بَاعَ الدَّارَ التي تَسْتَحِقُّ الْمُعْتَدَّةُ لِلْوَفَاةِ سُكْنَاهَا وَهِيَ حَامِلٌ فقال الْمُصَنِّفُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا لِأَنَّ الْمُدَّةَ الْبَاقِيَةَ إلَى حِينِ وَضْعِ الْحَمْلِ مَجْهُولَةٌ‏.‏

قُلْت فَيُعَايَى بها وقال الْمَجْدُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ الصِّحَّةُ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ وَيَأْتِي ذلك أَيْضًا في عِدَّةِ الْوَفَاةِ‏.‏

قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهَا الْمُسْتَأْجِرُ فَتَنْفَسِخَ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

وَهُمَا وَجْهَانِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ‏.‏

إحداهما ‏[‏إحداها‏]‏ لَا تَنْفَسِخُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالثَّلَاثِينَ وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَالْأَكْثَرُونَ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَنْفَسِخُ قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ على الْأَصَحِّ قال في الْخُلَاصَةِ انْفَسَخَتْ في الْأَصَحِّ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَعَنْهُ تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ بِالشِّرَاءِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِأُجْرَةِ ما بَقِيَ من الْمُدَّةِ إنْ كان الْمُؤَجِّرُ أَخَذَهُ وَإِلَّا سَقَطَ من الثَّمَنِ بِقَدْرِهِ بشرطه ‏[‏بشرط‏]‏ انْتَهَى‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو أَجَّرَهَا لِمُؤَجِّرِهَا صَحَّ‏.‏

وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا يَصِحُّ‏.‏

فَعَلَى الْأُولَى تَكُونُ الْأُجْرَةُ بَاقِيَةً على الْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ وَيَجْتَمِعَانِ لِلْبَائِعِ كما لو كان الْمُشْتَرِي غَيْرَهُ‏.‏

فوائد‏:‏

ُ‏.‏

إحْدَاهَا حُكْمُ ما وَرِثَهُ الْمُسْتَأْجِرُ حُكْمُ ما اشْتَرَاهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعُوا بِهِ‏.‏

قال الْقَاضِي في الْخِلَافِ هذا الْمَذْهَبُ‏.‏

وقال في الْمُجَرَّدِ تَنْفَسِخُ لآن الْمِلْكَ بِالْإِرْثِ قَهْرِيٌّ وَأَيْضًا فَقَدْ يَنْبَنِي على أَنَّ الْمَنَافِعَ الْمُسْتَأْجَرَةَ هل تَحْدُثُ على مِلْكِ الْمُؤَجِّرِ ثُمَّ تَنْتَقِلُ إلَى مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ‏.‏

فَإِنْ قُلْنَا بِذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِحُدُوثِهَا على ملكه ‏[‏ملك‏]‏ وَانْتِقَالِهَا إلَيْهِ‏.‏

هذا إذَا كان ثَمَّ وَارِثٌ سِوَاهُ فَأَمَّا إذَا لم يَكُنْ له وَارِثٌ سِوَاهُ فَلَا مَعْنَى لِاسْتِحْقَاقِ الْعِوَضِ على نَفْسِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ على أبيه دَيْنٌ لِغَيْرِهِ وقد مَاتَ مُفْلِسًا بَعْدَ أَنْ أَسْلَفَهُ الْأُجْرَةَ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو مَلَكَ الْمُسْتَأْجِرُ الْعَيْنَ بِهِبَةٍ فَهُوَ كما لو مَلَكَهَا بِالشِّرَاءِ صَرَّحَ بِهِ الْمَجْدُ في مُسْوَدَّتِهِ على الْهِدَايَةِ ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالثَّلَاثِينَ‏.‏

الثَّالِثَةُ لو وُهِبَتْ الْعَيْنُ الْمُسْتَعَارَةُ لِلْمُسْتَعِيرِ بَطَلَتْ الْعَارِيَّةُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَاقْتَصَرَ عليه في الْقَوَاعِدِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ على الْأَجِيرِ الْخَاصِّ وهو الذي يُسَلِّمُ نَفْسَهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ‏.‏

يَعْنِي لِعَمَلٍ مَعْلُومٍ مُبَاحٍ فِيمَا يَتْلَفُ بيده‏.‏

فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ في حَدِّهِ هو الذي يُسَلِّمُ نَفْسَهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ هو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَقَطَعَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْأَجِيرَ الْخَاصَّ هو الذي يُؤَجِّرُ نَفْسَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً يَسْتَحِقُّ الْمُسْتَأْجِرُ نَفْعَهَا في جَمِيعِهَا سَوَاءٌ سَلَّمَ نَفْسَهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ أو لَا جَزَمَ بِهِ في‏.‏

الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى‏.‏

وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لي أَنَّ الْمَسْأَلَةَ قَوْلًا وَاحِدًا وَأَنَّ صَاحِبَ الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى رَأَى بَعْضَهُمْ ذَكَرَ الْعِبَارَةَ الْأُولَى وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ الْعِبَارَةَ الثَّانِيَةَ فَظَنَّ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ‏.‏

وَالْعُذْرُ لِمَنْ قال هو الذي يُسَلِّمُ نَفْسَهُ إلَى المستاجر أَنَّهُ الْوَاقِعُ في الْغَالِبِ فَأَنَاطَ الْحُكْمَ بِالْغَالِبِ لَا أَنَّ الذي يُؤَجِّرُ نَفْسَهُ مُدَّةً ولم يُسَلِّمْهَا إلَى الْمُسْتَأْجِرِ لَا يُسَمَّى أَجِيرًا خَاصًّا فإن الْمَعْنَى الذي سمى بِهِ يَشْمَلُهُ‏.‏

اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَعْثُرَ على أَحَدٍ من الْأَصْحَابِ بَيَّنَ ذلك وَذَكَرَ عِلَّةَ كل قَوْلٍ‏.‏

إذَا عَلِمْت ذلك فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ ما تَلِفَ بيده بِشَرْطِهِ نَصَّ عليه‏.‏

قال في الْفُرُوعِ لَا يَضْمَنُ جِنَايَتَهُ في الْمَنْصُوصِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ‏.‏

وَقِيلَ يَضْمَنُ اخْتَارَه ابن أبي مُوسَى في الْإِرْشَادِ وَحَكَى فيه عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رِوَايَةً بِتَضْمِينِهِ ما تَلِفَ بِأَمْرٍ خَفِيٍّ لَا يُعْلَمُ إلَّا من جِهَتِهِ كما يَأْتِي في الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وقال فيه لَا يَضْمَنُ ما هَلَكَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ قَوْلًا وَاحِدًا إذَا كانت في بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ‏.‏

وقال لَا فَرْقَ بين الْأَجِيرِ الْخَاصِّ وَالْمُشْتَرَكِ‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى‏.‏

قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ إلَّا أَنْ يَتَعَمَّدَ‏.‏

وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم بن حَمْدَانَ في رِعَايَتَيْهِ إلَّا أَنْ يَتَعَمَّدَ أو يُفَرِّطَا‏.‏

فائدتان‏:‏

ِ‏.‏

إحْدَاهُمَا ليس له أَنْ يَسْتَنِيبَ فِيمَا يَعْمَلُهُ وَلَهُ فِعْلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ في أَوْقَاتِهَا بِسُنَنِهَا وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ‏.‏

الثَّانِيَةُ ليس له أَنْ يَعْمَلَ لِغَيْرِهِ في مُدَّةِ الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنْ عَمِلَ وَأَضَرَّ بِالْمُسْتَأْجِرِ فَلَهُ قِيمَةُ ما فَوَّتَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وَقِيلَ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ ما عَمِلَهُ لِغَيْرِهِ وهو احْتِمَالٌ في الرِّعَايَةِ‏.‏

وقال الْقَاضِي يَرْجِعُ بِالْأُجْرَةِ التي أَخَذَهَا من غَيْرِ مستأجرة‏.‏

قَوْلُهُ وَيَضْمَنُ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ ما جَنَتْ يَدُهُ من تَخْرِيقِ الثَّوْبِ وَغَلَطِهِ في تَفْصِيلِهِ‏.‏

الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ هو الذي يَقَعُ الْعَقْدُ معه على عَمَلٍ مُعَيَّنٍ فَيَضْمَنُ ما جَنَتْ يَدُهُ من تَخْرِيقِ الثَّوْبِ وَغَلَطِهِ في تَفْصِيلِهِ وَزَلَقِ الْحَمَّالِ وَالسُّقُوطِ عن دَابَّتِهِ وَكَذَا الطَّبَّاخُ وَالْخَبَّازُ وَالْحَائِكُ وَمَلَّاحُ السَّفِينَةِ وَنَحْوُهُمْ‏.‏

وَيَضْمَنُ أَيْضًا ما تَلِفَ بِفِعْلِهِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ في أَثْنَاءِ الْمَسْأَلَةِ وابن عَقِيلٍ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ ما لم يَتَعَدَّ وهو تَخْرِيجٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ‏.‏

قُلْت وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَيْهِ‏.‏

وَقِيلَ إنْ كان عَمِلَهُ في بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ أو يَدُهُ عليه لم يَضْمَنْ وَإِلَّا ضَمِنَ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ قَالَهُ في الْكَافِي وَنَقَلَهُ في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالتِّسْعِينَ عن الْقَاضِي وَاقْتَصَرَ عليه‏.‏

وَذَكَرَ الْقَاضِي أَيْضًا في تَضْمِينِهِ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ الضَّمَانَ وَعَدَمَهُ وَالثَّالِثَةَ لَا يَضْمَنُ إذَا كان غير مُسْتَطَاعٍ كَزَلَقٍ وَنَحْوِهِ‏.‏

قُلْت وَهَذَا قوى‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ عليه فِيمَا تَلِفَ من حِرْزِهِ أو بِغَيْرِ فِعْلِهِ‏.‏

مُرَادُهُ إذَا لم يَتَعَدَّ وما قَالَهُ هو الْمَذْهَبُ‏.‏

قال في الْفَائِقِ وَلَا يَضْمَنُ ما تَلِفَ بِغَيْرِ فِعْلٍ وَلَوْ عَدِمَ من حِرْزِهِ فَلَا ضَمَانَ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وما تَلِفَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ وَلَا تَعَدِّيهِ لَا يَضْمَنُهُ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ‏.‏

قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمَشْهُورُ وَالْمَنْصُوصُ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وهو اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ وَالشَّيْخَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَعَنْهُ يَضْمَنُ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ إنْ كان التَّلَفُ بِأَمْرٍ ظَاهِرٍ كَالْحَرِيقِ وَاللُّصُوصِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ كان بِأَمْرٍ خَفِيٍّ كَالضَّيَاعِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ مَحَلُّ الرِّوَايَاتِ إذَا لم تَكُنْ يَدُ الْمَالِكِ على الْمَالِ أَمَّا إنْ كانت يَدُهُ على الْمَالِ فَلَا ضَمَانَ بِحَالٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا أُجْرَةَ له فِيمَا عَمِلَ فيه‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وقال في الْمُحَرَّرِ وَلَا أُجْرَةَ له فِيمَا عَمِلَ فيه إلَّا ما عَمِلَهُ في بَيْتِ رَبِّهِ وَقَدَّمَهُ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَعَنْهُ له أُجْرَةُ الْبِنَاءِ لَا غَيْرُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ‏.‏

وَعَنْهُ له أُجْرَةُ الْبِنَاءِ وَالْمَنْقُولُ إذَا عَمِلَهُ في بَيْتِ رَبِّهِ‏.‏

وقال ابن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ له الْأُجْرَةُ مُطْلَقًا‏.‏

قُلْت وهو قَوِيٌّ‏.‏

فائدة‏:‏

لو اسْتَأْجَرَ أَجِيرُ مُشْتَرَكٍ أَجِيرًا خَاصًّا كَالْخَيَّاطِ في دُكَّانٍ يَسْتَأْجِرُ أَجِيرًا خَاصًّا فَيَسْتَقْبِلُ الْمُشْتَرَكُ خِيَاطَةَ ثَوْبٍ ثُمَّ يَدْفَعُهُ إلَى الْأَجِيرِ الْخَاصِّ فَخَرَقَهُ أو أَفْسَدَهُ لم يَضْمَنْهُ الْخَاصُّ وَيَضْمَنُهُ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ لِرَبِّهِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَإِنْ اسْتَعَانَ بِهِ ولم يَعْمَلْ فَلَهُ الْأُجْرَةُ لِأَجْلِ ضَمَانِهِ لَا لِتَسْلِيمِ الْعَمَلِ قَالَهُ في الِانْتِصَارِ في شَرِكَةِ الْأَبْدَانِ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ على حَجَّامٍ وَلَا خَتَّانٍ وَلَا بَزَّاعٍ وهو الْبَيْطَارُ وَلَا طَبِيبٍ إذَا عُرِفَ منهم حِذْقُ الصَّنْعَةِ ولم تَجْنِ أَيْدِيهِمْ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ وَقُلْت ان كان أَحَدُهُمْ أَجِيرًا خَاصًّا أو مُشْتَرَكًا فَلَهُ حُكْمُهُ وَكَذَا قال في الرَّاعِي‏.‏

وقال ابن أبي مُوسَى إنْ مَاتَتْ طِفْلَةٌ من الْخِتَانِ فَدِيَتُهَا على عَاقِلَةِ خَاتِنِهَا قَضَى بِذَلِكَ عُمَرُ رضي اللَّهُ عنه‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ من الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عليه سَوَاءٌ كان أَجِيرًا خَاصًّا أو مُشْتَرَكًا وهو صَحِيحٌ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَاخْتَارَ ابن عقيل في الْفُنُونِ عَدَمَ الضَّمَانِ في الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ لَا غَيْرُ وقال‏.‏

لِأَنَّهُ الْغَالِبُ من هَؤُلَاءِ وَأَنَّهُ لو اُسْتُؤْجِرَ لِحَلْقِ رؤوس يَوْمًا فَجَنَى عليها بِجِرَاحِهِ لَا يَضْمَنُ كَجِنَايَتِهِ في قِصَارَةٍ وَخِيَاطَةٍ وَنِجَارَةٍ‏.‏

وَاخْتَارَ في الرِّعَايَةِ أَنَّ كُلًّا من هَؤُلَاءِ له حُكْمُهُ وان كان خَاصًّا فَلَهُ حُكْمُهُ وَإِنْ كان مُشْتَرَكًا فَلَهُ حُكْمُهُ وَكَذَا قال في الرَّاعِي‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا يُشْتَرَطُ لِعَدَمِ الضَّمَانِ في ذلك أَيْضًا وفي قَطْعِ سِلْعَةٍ وَنَحْوِهِ إذْنُ الْمُكَلَّفِ أو الْوَلِيِّ فَإِنْ لم يَأْذَنَا ضَمِنَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَاخْتَارَ في الهدى عَدَمَ الضَّمَانِ قال لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ وقال هذا مَوْضِعُ نَظَرٍ‏.‏

الثَّانِيَةُ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ طَبِيبًا وَيُقَدِّرُ ذلك بِالْمُدَّةِ لِأَنَّ الْعَمَلَ غَيْرُ مَضْبُوطٍ وَيُبَيِّنُ قَدْرَ ما يَأْتِي له هل هو مَرَّةٌ أو أَكْثَرُ وَلَا يَجُوزُ التَّقْدِيرُ بِالْبُرْءِ عِنْدَ الْقَاضِي وَجَوَّزَه ابن أبي مُوسَى وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وقال لَكِنْ يَكُونُ جِعَالَةً لَا إجَارَةً انْتَهَى‏.‏

فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ مُدَّةً يُكَحِّلُهُ أو يُعَالِجُهُ فيها فلم يَبْرَأْ اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ وَإِنْ برأ في أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ وَكَذَا لو مَاتَ‏.‏

فَإِنْ امْتَنَعَ الْمَرِيضُ من ذلك مع بَقَاءِ الْمَرَضِ اسْتَحَقَّ الطَّبِيبُ الْأَجْرَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ‏.‏

فَأَمَّا إنْ شَارَطَهُ على الْبُرْءِ فَهِيَ جَعَالَةٌ لَا يَسْتَحِقُّ شيئا حتى يُوجَدَ الْبُرْءُ وَلَهُ أَحْكَامُ الْجَعَالَةِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ جَوَازُ اشْتِرَاطِ الْكُحْلِ على الطَّبِيبِ وَيَدْخُلُ تَبَعًا كَنَقْعِ الْبِئْرِ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ على الرَّاعِي إذَا لم يَتَعَدَّ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

فَإِنْ تَعَدَّى ضَمِنَ مِثْلَ أَنْ يَنَامَ أو يَغْفُلَ عنها أو يَتْرُكَهَا تَتَبَاعَدُ عنه أو تَغِيبُ عن نَظَرِهِ وَحِفْظِهِ أو يُسْرِفَ في ضَرْبِهَا أو يَضْرِبَهَا في غَيْرِ مَوْضِعِ الضَّرْبِ أو من غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ أو يَسْلُكُ بها مَوْضِعًا تَتَعَرَّضُ فيه لِلتَّلَفِ وما أَشْبَهَ ذلك‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو أَحْضَرَ الْجِلْدَ وَنَحْوَهُ مُدَّعِيًا لِلْمَوْتِ قُبِلَ قَوْلُهُ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالزَّرْكَشِيُّ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِمَوْتِهَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَيَأْتِي قَرِيبًا إذَا ادَّعَى مَوْتَ الْعَبْدِ الْمَأْجُورِ أو غَيْرِهِ أو مَرَضَهُ‏.‏

الثَّانِيَةُ يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ على مَاشِيَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَعَلَى جِنْسٍ في الذِّمَّةِ‏.‏

فَإِنْ كانت الْإِجَارَةُ على مُعَيَّنَةٍ تَعَلَّقَتْ الْإِجَارَةُ بِأَعْيَانِهَا فَلَا يَجُوزُ إبْدَالُهَا وَيَبْطُلُ الْعَقْدُ فِيمَا تَلِفَ منها وَالنَّمَاءُ في يَدِهِ أَمَانَةٌ كَأَصْلِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ رعى سِخَالِهَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَتَعَلَّقَ الْإِجَارَةُ بِأَعْيَانِهَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ‏.‏

وَإِنْ عَقَدَ على مَوْصُوفِ الذِّمَّةِ فَلَا بُدَّ من ذِكْرِ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ وَصِغَرِهِ وَكِبَرِهِ وَعَدَدِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا‏.‏

وقال الْقَاضِي إنْ أَطْلَقَ ولم يذكر عَدَدًا صَحَّ وَيُحْمَلُ على ما جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ كَالْمِائَةِ من الْغَنَمِ وَنَحْوِهَا‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّمَانِينَ لو وَقَعَ الِاسْتِئْجَارُ على رَعْيِ غَنْمٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ كان عليه رَعْيُ سِخَالِهَا لِأَنَّ عليه أَنْ يَرْعَى ما يَجْرِي الْعُرْفُ بِهِ مع الْإِطْلَاقِ‏.‏

ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَاقْتَصَرَ عليه‏.‏

وَتَقَدَّمَ في أَوَاخِرِ الْمُضَارَبَةِ هل يَجُوزُ رَعْيُهَا بِجُزْءٍ من صُوفِهَا وَغَيْرِهِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِذْ حَبَسَ الصَّانِعُ الثَّوْبَ على أُجْرَتِهِ فَتَلِفَ ضَمِنَهُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقِيلَ إنْ كان صَبَغَهُ منه فَلَهُ حَبْسُهُ وَإِنْ كان من رَبِّهِ أو قَصْرِهِ فَوَجْهَانِ‏.‏

وقال في الْمَنْثُورِ إنْ خَاطَهُ أو قَصَرَهُ وَعَزَلَهُ فَتَلِفَ بِسَرِقَةٍ أو نَارٍ فَمِنْ مَالِكِهِ وَلَا أُجْرَةَ له لآن الصَّنْعَةَ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ كَقَفِيزٍ من صُبْرَةٍ‏.‏

وَإِنْ أَفْلَسَ مُسْتَأْجِرُهُ ثُمَّ جاء بَائِعُهُ يَطْلُبُهُ فَلِلصَّانِعِ حَبْسُهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ أَتْلَفَ الثَّوْبَ بَعْدَ عَمَلِهِ خُيِّرَ مَالِكُهُ بين تَضْمِينِهِ إيَّاهُ غير مَعْمُولٍ وَلَا أُجْرَةَ له وَبَيْنَ تَضْمِينِهِ إيَّاهُ مَعْمُولًا وَيَدْفَعُ إلَيْهِ أُجْرَتَهُ‏.‏

وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ وَيُقَدَّمُ قَوْلُ رَبِّهِ في صِفَتِهِ مَعْمُولًا ذَكَرَه ابن رَزِينٍ‏.‏

فوائد‏:‏

إحْدَاهَا مِثْلُ هذه الْمَسْأَلَةِ لو وَجَبَ عليه ضَمَانُ الْمَتَاعِ الْمَحْمُولِ فَصَاحِبُهُ مُخَيَّرٌ بين تَضْمِينِهِ قِيمَتَهُ في الْمَوْضِعِ الذي سَلَّمَهُ إلَيْهِ وَلَا أُجْرَةَ له وَبَيْنَ تَضْمِينِهِ إيَّاهُ في الْمَوْضِعِ الذي أَفْسَدَهُ وَيُعْطِيهِ الْأَجْرَ إلَى ذلك الْمَكَانِ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال أبو الْخَطَّابِ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ مَوْضِعَ تَلَفِهِ وَلَهُ أُجْرَتُهُ إلَيْهِ‏.‏

الثَّانِيَةُ مِثْلُ الْمَسْأَلَةِ في الْحُكْمِ أَيْضًا لو عَمِلَهُ على غَيْرِ صِفَةِ ما شَرَطَهُ عليه مِثْلُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ غَزْلًا لِيَنْسِجَ له عَشْرَةَ أَذْرُعٍ في عَرْضِ ذِرَاعٍ فَيَنْسِجُهُ زَائِدًا في الطُّولِ وَالْعَرْضِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ له الْمُسَمَّى إنْ زَادَ الطُّولُ وَحْدَهُ ولم يَضُرَّ الْأَصْلُ‏.‏

وَإِنْ جاء بِهِ زَائِدًا في الْعَرْضِ وَحْدَهُ أو فِيهِمَا فَفِيهِ وَجْهَانِ‏.‏

وَأَمَّا إذَا جاء بِهِ نَاقِصًا في الطُّولِ وَالْعَرْضِ أو في أَحَدِهِمَا فَقِيلَ لَا أُجْرَةَ له وَعَلَيْهِ ضَمَانُ نَقْصِ الْغَزْلِ‏.‏

وَقِيلَ له حِصَّتُهُ من الْمُسَمَّى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ وَيَحْتَمِلُ إنْ جاء بِهِ نَاقِصًا في الْعَرْضِ فَلَا شَيْءَ له وَإِنْ جاء بِهِ نَاقِصًا في الطُّولِ فَلَهُ بِحِصَّتِهِ من الْمُسَمَّى‏.‏

الثَّالِثَةُ لو دَفَعَ الْقَصَّارُ الثَّوْبَ إلَى غَيْرِ مَالِكِهِ خَطَأً ضَمِنَهُ‏.‏

قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ يَضْمَنُ الْقَصَّارُ وَلَا يَسَعُ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ لُبْسُهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ ليس له وَيَرُدُّهُ إلَى الْقَصَّارِ وَيُطَالِبُهُ بِثَوْبِهِ فَإِنْ لم يَعْلَمْ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ حتى قَطَعَهُ غَرِمَ أَرْشَ الْقَطْعِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن حَمْدَانَ وَالسَّامِرِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَضْمَنُ وَقَدَّمَهُ في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالسَّبْعِينَ وَمَالَ إلَيْهِ‏.‏

قال وَبَعْضُ الْأَصْحَابِ حَمَلَ رِوَايَةَ ضَمَانِ الْقَصَّارِ على انه كان أَجِيرًا مُشْتَرَكًا وَرِوَايَةَ عَدَمِ ضَمَانِهِ على أَنَّهُ أَجِيرٌ خَاصٌّ وَأَشَارَ إلَى ذلك الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ انْتَهَى‏.‏

وَإِنْ تَلِفَ عِنْدَ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ ضَمِنَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَضْمَنُهُ كَعَجْزِهِ عن دَفْعِهِ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

قَوْلُهُ وإذا ضَرَبَ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّابَّةَ بِقَدْرِ الْعَادَةِ أو كَبَحَهَا أَيْ جَذَبَهَا لِتَقِفَ أو الرَّائِضُ الدَّابَّةَ وهو الذي يُعَلِّمُهَا السَّيْرَ لم يَضْمَنْ ما تَلِفَ بِهِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقِيلَ يَضْمَنُ وَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ كِتَابِ الدِّيَاتِ لو أَدَّبَ وَلَدَهُ أو امْرَأَتَهُ في النُّشُوزِ أو الْمُعَلِّمُ صَبِيَّهُ أو السُّلْطَانُ رَعِيَّتَهُ ولم يُسْرِفْ فَأَفْضَى إلَى تَلَفِهِ‏.‏

وَتَأْدِيبُ الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ مَذْكُورٌ هُنَا في بَعْضِ النُّسَخِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال أَذِنْت لي في تَفْصِيلِهِ قَبَاءً قال بَلْ قَمِيصًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْخَيَّاطِ نَصَّ عليه‏.‏

لِئَلَّا يَغْرَمَ نَقْصَهُ مَجَّانًا بِمُجَرَّدِ قَوْلِ رَبِّهِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْأَجِيرِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَعَنْهُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ ولم أَرَهُ وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ‏.‏

وَعَنْهُ الْقَوْلُ قَوْلُ من يَشْهَدُ له الْحَالُ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ التَّفْصِيلُ لَا يَلْبَسُهُ الْمَالِكُ أو يَلْبَسُهُ‏.‏

قُلْت وهو قَوِيٌّ‏.‏

وَقِيلَ بِالتَّحَالُفِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ له أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا أُجْرَةَ له‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى لو قال إنْ كان الثَّوْبُ يَكْفِينِي فَاقْطَعْهُ وَفَصِّلْهُ فقال يَكْفِيك فَفَصَّلَهُ فلم يَكْفِهِ ضَمِنَهُ‏.‏

وَلَوْ قال اُنْظُرْ هل يَكْفِينِي قَمِيصًا فقال نعم فقال اقْطَعْهُ فَقَطَعَهُ فلم يَكْفِهِ لم يَضْمَنْهُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي‏.‏

الثَّانِيَةُ لو ادَّعَى مَرَضَ الْعَبْدِ أو إبَاقَهُ أو شُرُودَ الدَّابَّةِ أو مَوْتَهَا بَعْدَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ أو فيها أو تَلِفَ الْمَحْمُولُ قبل قَوْلِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ في إبَاقِ الْعَبْدِ‏.‏

وَعَنْهُ الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهِ‏.‏

وَقَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي فِيمَا إذَا ادَّعَى مَرَضَ الْعَبْدِ وَجَاءَ بِهِ صَحِيحًا وَقَطَعَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وفي التَّرْغِيبِ في دَعْوَاهُ التَّلَفَ في الْمُدَّةِ رِوَايَتَانِ من دَعْوَى رَاعٍ تَلَفَ الشَّاةِ‏.‏

وَاخْتَارَ في الْمُبْهِجِ لَا تُقْبَلُ دَعْوَى هَرَبِ الْعَبْدِ أَوَّلَ الْمُدَّةِ‏.‏

وفي التَّرْغِيبِ تُقْبَلُ وَأَنَّ فيه بَعْدَهَا رِوَايَتَيْنِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا لو أَحْضَرَ الْجِلْدَ مُدَّعِيًا الْمَوْتَ‏.‏

الثَّالِثَةُ يَسْتَحِقُّ في الْمَحْمُولِ أُجْرَةَ حَمْلِهِ ذَكَرَهُ في التَّبْصِرَةِ‏.‏

الرَّابِعَةُ لو اخْتَلَفَا في قَدْرِ الْأُجْرَةِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ اخْتِلَافِهِمْ في قَدْرِ الثَّمَنِ في الْبَيْعِ نَصَّ عليه‏.‏

وَكَذَا لو اخْتَلَفَا في قَدْرِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ كَالْبَيْعِ كَقَوْلِهِ أَجَّرْتُك سَنَةً بِدِينَارٍ وقال بَلْ سَنَتَيْنِ بِدِينَارَيْنِ‏.‏

وَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحَالُفِ إنْ كان بَعْدَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ الْمَنْفَعَةَ وفي أَثْنَائِهَا بِالْقِسْطِ‏.‏

قَوْلُهُ وَتَجِبُ الْأُجْرَةُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ كانت إجَارَةَ عَيْنٍ أو في الذِّمَّةِ فَيَجُوزُ له الْوَطْءُ إذَا كانت الْأُجْرَةُ أَمَةً‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ فيه قبل الْقَبْضِ رِوَايَةٌ يَعْنِي بِعَدَمِ الْجَوَازِ‏.‏

فائدة‏:‏

تُسْتَحَقُّ الْأُجْرَةُ كَامِلَةً بِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ أو بِفَرَاغِ الْعَمَلِ الذي بِيَدِ الْمُسْتَأْجِرِ أو بِبَذْلِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ على ما يَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا‏.‏

وَعَنْهُ تُسْتَحَقُّ الْأُجْرَةُ بِقَدْرِ ما سَكَنَ‏.‏

وَحَمَلَهُ الْقَاضِي على تَرْكِهَا لِعُذْرٍ وَمِثْلُهُ تَرْكُهُ تَتِمَّةَ عَمَلِهِ وَفِيهِ في الِانْتِصَارِ كَقَوْلِ الْقَاضِي انْتَهَى‏.‏

وَلَهُ الطَّلَبُ بِالتَّسْلِيمِ وَلَا تَسْتَقِرُّ الْأُجْرَةُ إلَّا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

وَلَوْ بَذَلَ تَسْلِيمَ الْعَيْنِ وَكَانَتْ الْإِجَارَةُ على عَمَلٍ في الذِّمَّةِ فقال الْأَصْحَابُ إذَا مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ الِاسْتِيفَاءُ فيها اسْتَقَرَّتْ عليه الْأُجْرَةُ نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا‏.‏

وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ لَا أُجْرَةَ عليه فقال في الْمُغْنِي هذا أَصَحُّ عِنْدِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَا على تَأْخِيرِهَا‏.‏

يَجُوزُ تَأْجِيلُ الْأُجْرَةِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ من الْأَصْحَابِ‏.‏

وَقِيلَ يَجُوزُ تَأْجِيلُهَا إذَا لم تَكُنْ نَفْعًا في الذِّمَّةِ‏.‏

وَقِيلَ يَجُوزُ قَبْضُهَا في الْمَجْلِسِ أَيْضًا‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ تَكُونُ الْأُجْرَةُ في الذِّمَّةِ غير مُؤَجَّلَةٍ بَلْ ثَابِتَةً في الْحَالِ وَإِنْ تَأَخَّرَتْ الْمُطَالَبَةُ بها صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ في الْجِنَايَاتِ فقال الدَّيْنُ في الذِّمَّةِ غَيْرُ مُؤَجَّلٍ بَلْ ثَابِتٌ في الْحَالِ وَإِنْ تَأَخَّرَتْ الْمُطَالَبَةُ بِهِ‏.‏

وَحَمَلَ الزَّرْكَشِيُّ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ في الْإِجَارَةِ عليه وَقَدَّرَ له تَقْدِيرًا‏.‏

قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ خِلَافُ ذلك كَالْمُصَنِّفِ هُنَا وَالْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَلَا يَلْزَمُ من كَوْنِ الْقَاضِي ذَكَرَ ذلك أَنْ يَكُونَ مُتَّفَقًا عليه بين الْأَصْحَابِ فإن الْمَسْأَلَةَ مُحْتَمِلَةٌ لِمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَلِمَا هو ظاهركلام غَيْرِهِ‏.‏

فَنَقُولُ السَّبَبُ وُجِدَ وَالْوُجُوبُ مَحَلُّهُ انْتِهَاءُ الْأَجَلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

فائدة‏:‏

لو أَجَّلَهَا فَمَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ لم تَحِلَّ الْأُجْرَةُ وَإِنْ قُلْنَا بِحُلُولِ الدَّيْنِ بِالْمَوْتِ لِأَنَّ حِلَّهَا مع تَأْخِيرِ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ ظُلْمٌ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

وقال أَيْضًا ليس لِنَاظِرِ الْوَقْفِ وَنَحْوِهِ تَعْجِيلُهَا كُلِّهَا إلَّا لِحَاجَةٍ وَلَوْ شَرَطَهُ لم يَجُزْ لِأَنَّ الْمَوْقُوفَ عليه يَأْخُذُ ما لَا يَسْتَحِقُّهُ الْآنَ كما يُفَرِّقُونَ في الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ إذَا بِيعَتْ وَوُرِثَتْ فإن الْحِكْرَ من الِانْتِقَالِ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ وَالْوَارِثَ وَلَيْسَ لهم أَخْذُهُ من الْبَائِعِ وَتَرْكُهُ في أَصَحِّ قَوْلِهِمْ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُ أُجْرَةِ الْعَمَلِ في الذِّمَّةِ حتى يَتَسَلَّمَهُ‏.‏

إذَا اُسْتُؤْجِرَ على عَمَلٍ مُلِكَتْ الْأُجْرَةُ بِالْعَقْدِ أَيْضًا لَكِنْ لَا يَسْتَحِقُّ تَسْلِيمَهَا إلَّا بِفَرَاغِ الْعَمَلِ وَتَسْلِيمُهُ لِمَالِكِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ على ما تَقَدَّمَ قَرِيبًا‏.‏

وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيِّ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وقال الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ يَجِبُ دَفْعُ الْأُجْرَةِ إلَى الْأَجِيرِ إذَا شَرَعَ في الْعَمَلِ لِأَنَّهُ قد سَلَّمَ نَفْسَهُ لِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فَهُوَ كَتَسْلِيمِ الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالْأَرْبَعِينَ وَلَعَلَّهُ يَخُصُّ ذلك بِالْأَجِيرِ الْخَاصِّ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ تَتْلَفُ تَحْتَ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ فَهُوَ شَبِيهٌ بِتَسْلِيمِ الْعَقَارِ‏.‏

وقال ابن أبي مُوسَى من اُسْتُؤْجِرَ لِعَمَلٍ اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ عِنْدَ إيفَاءِ الْعَمَلِ فَإِنْ اُسْتُؤْجِرَ في كل يَوْمٍ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَلَهُ أَجْرُ كل يَوْمٍ عِنْدَ تَمَامِهِ‏.‏

وَحَمَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ على الْعُرْفِ وَكَذَا قال في الْقَوَاعِدِ‏.‏

وقال وقد يُحْمَلُ على ما إذَا كانت الْمُدَّةُ مُطْلَقَةً غير مُعَيَّنَةٍ كَاسْتِئْجَارِهِ كُلَّ‏.‏

يَوْمٍ بِكَذَا فإنه يَصِحُّ وَيَثْبُتُ له الْخِيَارُ في أَجْرِ كل يَوْمٍ فَتَجِبُ له الْأُجْرَةُ فيه لِأَنَّهُ غَيْرُ مُلْتَزِمٍ بِالْعَمَلِ فِيمَا بَعْدَهُ وَلِأَنَّ مُدَّتَهُ لَا تَنْتَهِي فَلَا يُمْكِنُ تَأْخِيرُ إعْطَائِهِ إلَى تَمَامِهَا أو على أَنَّ الْمُدَّةَ الْمُعَيَّنَةَ إذَا عَيَّنَ لِكُلِّ يَوْمٍ فيها قِسْطًا من الْأُجْرَةِ فَهِيَ إجَارَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ انْتَهَى‏.‏

وقال الزَّرْكَشِيُّ بَعْدَ كَلَامِهِ على الْعُرْفِ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ ما فيه خِلَافٌ بين الْأَصْحَابِ انْتَهَى‏.‏

وقال أبو الْخَطَّابِ تُمْلَكُ بِالْعَقْدِ وَتَسْتَحِقُّ التَّسْلِيمَ وَتَسْتَقِرُّ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ‏.‏

فائدة‏:‏

إذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ رَفَعَ الْمُسْتَأْجِرُ يَدَهُ عن الْمَأْجُورِ ولم يَلْزَمْهُ الرَّدُّ على الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا وَلَوْ تَلِفَ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ من رَدِّهِ لم يَضْمَنْهُ جَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ في بَابِ الْوَدِيعَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ لِأَنَّ الْإِذْنَ في الِانْتِفَاعِ انْتَهَى دُونَ الْإِذْنِ في الْحِفْظِ وَمُؤْنَتُهُ كَمُودَعٍ‏.‏

وقال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ بِالطَّلَبِ كَعَارِيَّةٍ لَا مُؤْنَةِ الْعَيْنِ وقال أَوْمَأَ إلَيْهِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ مع الْقُدْرَةِ بِطَلَبِهِ وَقِيلَ مُطْلَقًا وَيَضْمَنُهُ مع إمْكَانِهِ قال وَمُؤْنَتُهُ على رَبِّهِ وَقِيلَ عليه‏.‏

قال في التَّبْصِرَةِ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ بِالشَّرْطِ وَيَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ مُؤْنَةُ الْبَهِيمَةِ عَادَةً مُدَّةَ كَوْنِهَا في يَدِهِ‏.‏

وَيَأْتِي حُكْمُ مُؤْنَةِ رَدِّهَا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في الْعَارِيَّةِ‏.‏

قَوْلُهُ وإذا انْقَضَتْ الْإِجَارَةُ وفي الْأَرْضِ غِرَاسٌ أو بِنَاءٌ لم يُشْتَرَطْ قَلْعُهُ عِنْدَ انْقِضَائِهَا خُيِّرَ الْمَالِكُ بين أَخْذِهِ بِالْقِيمَةِ أو تَرْكِهِ بِالْأُجْرَةِ أو قَلْعِهِ وَضَمَانِ نَقْصِهِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ من حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ إذَا اخْتَارَ الْمَالِكُ الْقَلْعَ وَضَمَانَ النَّقْصِ فَالْقَلْعُ على الْمُسْتَأْجِرِ وَلَيْسَ عليه تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ لِأَنَّ الْمُؤَجِّرَ دخل على ذلك‏.‏

ولم يذكر جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ أَخْذَهُ بِالْقِيمَةِ منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وزاد كما في عَارِيَّةٍ مُؤَقَّتَةٍ‏.‏

وقال في الْفَائِقِ قُلْت فَلَوْ كانت الْأَرْضُ وَقْفًا لم يَجُزْ التَّمَلُّكُ إلَّا بِشَرْطِ وَاقِفٍ أو رِضَى مُسْتَحِقِّ الريع ‏[‏الربع‏]‏‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ ولم يُفَرِّقْ الْأَصْحَابُ بين كَوْنِ الْمُسْتَأْجِرِ وَقَفَ ما بَنَاهُ أو لَا مع أَنَّهُمْ ذَكَرُوا اسْتِئْجَارَ دَارٍ يَجْعَلُهَا مَسْجِدًا فَإِنْ لم تُتْرَكْ بِالْأُجْرَةِ فَيَتَوَجَّهُ أَنْ لَا يَبْطُلَ الْوَقْفُ مُطْلَقًا‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ احْتَكَرَ أَرْضًا بَنَى فيها مَسْجِدًا أو بِنَاءً وَقَفَهُ عليه مَتَى فَرَغَتْ الْمُدَّةُ وَانْهَدَمَ الْبِنَاءُ زَالَ حُكْمُ الْوَقْفِ وَأَخَذُوا أَرْضَهُمْ فَانْتَفَعُوا بها وما دَامَ الْبِنَاءُ قَائِمًا فيها فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَوَقْفِ عُلْوِ رَبْعٍ أو دَارٍ مَسْجِدًا فَإِنْ وَقَفَ عُلْوَ ذلك لَا يَسْقُطُ حَقُّ مُلَّاكِ السُّفْلِ كَذَا وَقْفُ الْبِنَاءِ لَا يُسْقِطُ حَقَّ مُلَّاكِ الْأَرْضِ وَذَكَرَ في الْفُنُونِ مَعْنَاهُ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ وَلَا يَسَعُ الناس إلَّا ذلك‏.‏

تنبيهانِ‏:‏

أَحَدُهُمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ في هذه الْمَسْأَلَةِ إذَا لم يَقْلَعْهُ الْمَالِكُ على الصَّحِيحِ ولم يَشْتَرِطْ أبو الْخَطَّابِ ذلك‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالسَّبْعِينَ فَلَعَلَّهُ جَعَلَ الْخِيَرَةَ لِمَالِكِ الْأَرْضِ دُونَ مَالِكِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ فإذا اخْتَارَ الْمُسْتَأْجِرُ الْقَلْعَ كان له ذلك وَيَلْزَمُهُ تَسْوِيَةُ الْحَفْرِ صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا‏.‏

الثَّانِي يَأْتِي في بَابِ الشُّفْعَةِ كَيْفَ يُقَوَّمُ الْغِرَاسُ وَالْبِنَاءُ إذَا أُخِذَ من رَبِّهِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ قَاسَمَ الْمُشْتَرِي وَكِيلَ الشَّفِيعِ‏.‏

فوائد‏:‏

إحْدَاهَا لو شَرَطَ في الْإِجَارَةِ بَقَاءَ الْغِرَاسِ فَهُوَ كَإِطْلَاقِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَقِيلَ يَبْطُلُ وهو احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ‏.‏

وقال في الْفَائِقِ قُلْت فَلَوْ حَكَمَ بِبَقَائِهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ قَسْرًا بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ لم يُصَادِفْ مَحَلًّا‏.‏

الثَّانِيَةُ لو غَرَسَ أو بَنَى مُشْتَرٍ ثُمَّ فُسِخَ الْبَيْعُ بِعَيْبٍ كان لِرَبِّ الْأَرْضِ الْأَخْذُ بِالْقِيمَةِ وَالْقَلْعُ وَضَمَانُ النَّقْصِ وَتَرْكُهُ بِالْأُجْرَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وقال في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ له أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ أو قَلْعُهُ وَضَمَانُ نَقْصِهِ‏.‏

وقال الْحَلْوَانِيُّ ليس له قَلْعُهُ‏.‏

وَقِيلَ ليس له قَلْعُهُ وَلَا أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ إذَا غَرَسَ الْمَحْجُورُ عليه أو بَنَى ثُمَّ أُخِذَتْ الْأَرْضُ وَحُكْمُهُ في بَابِهِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ‏.‏

وَأَمَّا الْبَيْعُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ إذَا غَرَسَ فيه الْمُشْتَرِي أو بَنَى فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمُسْتَعِيرِ إذَا غَرَسَ أو بَنَى على ما يَأْتِي في بَابِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي في الشُّرُوطِ في الرَّهْنِ لِتَضَمُّنِهِ إذْنًا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لَا أُجْرَةَ‏.‏

وَيَأْتِي في بَابِ الْغَصْبِ إذَا غَرَسَ الْمُشْتَرِي من الْغَاصِبِ وهو لَا يَعْلَمُ بَعْضَ أَحْكَامِ غَرْسِ الْغَاصِبِ‏.‏

وَيَأْتِي أَيْضًا بَعْدَ ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا اشْتَرَى أَرْضًا فَغَرَسَ فيها ثُمَّ خَرَجَتْ مُسْتَحَقَّةً مستوفى ‏[‏مستوف‏]‏ في الْمَكَانَيْنِ‏.‏

وقال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ لو غَارَسَهُ على إن الْأَرْضَ وَالْغِرَاسَ بَيْنَهُمَا فَلَهُ أَيْضًا تَبْقِيَتُهُ بِالْأُجْرَةِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ في الْفَاسِدِ وَجْهٌ كَغَصْبٍ لِأَنَّهُمْ أَلْحَقُوهُ بِهِ في الضَّمَانِ‏.‏

الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ وَإِنْ شَرَطَ قَلْعَهُ لَزِمَهُ ذلك بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

لَكِنْ لَا يَجِبُ على صَاحِبِ الْأَرْضِ غَرَامَةُ نَقْصِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ وَلَا على الْمُسْتَأْجِرِ تَسْوِيَةُ الْحُفَرِ وَلَا إصْلَاحُ الْأَرْضِ إلَّا بِشَرْطٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ كان فيها زَرْعٌ بَقَاؤُهُ بِتَفْرِيطِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلِلْمَالِكِ أَخْذُهُ بِالْقِيمَةِ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ بِنَفَقَتِهِ أو تَرْكِهِ بِالْأُجْرَةِ‏.‏

وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ قُلْت وَقَلْعُهُ مَجَّانًا انْتَهَى‏.‏

فَهُوَ كَزَرْعِ الْغَاصِبِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ نقله ‏[‏قله‏]‏ في الْقَوَاعِدِ‏.‏

لَكِنْ لو أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ قَلْعَ زَرْعِهِ في الْحَالِ وَتَفْرِيغَ الْأَرْضِ فَلَهُ ذلك من غَيْرِ إلْزَامٍ له بِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ وهو الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ‏.‏

وقال الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ يَلْزَمُهُ ذلك‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ وَلَيْسَ بِجَارٍ على قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ كان بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ لَزِمَهُ تَرْكُهُ بِالْأُجْرَةِ‏.‏

يَعْنِي له أُجْرَةُ مِثْلِهِ لِمَا زَادَ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

فائدة‏:‏

لو اكْتَرَى أَرْضًا لِزَرْعٍ مُدَّةً لَا يَكْمُلُ فيها وَشَرَطَ قَلْعَهُ بَعْدَهَا صَحَّ وَإِنْ شَرَطَ بَقَاءَهُ لِيُدْرِكَ فَسَدَتْ بِلَا نِزَاعٍ فِيهِمَا‏.‏

وَإِنْ سَكَتَ فَسَدَتْ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وَقِيلَ يَصِحُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى يَحْتَمِلُ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ أَنْ يَنْتَفِعَ بها في زَرْعٍ ضَرَرُهُ كَضَرَرِ الزَّرْعِ الْمَشْرُوطِ أو دُونَهُ صَحَّ الْعَقْدُ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى وهو في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ

‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو زَرَعَ فِيمَا شُرِطَ بَقَاؤُهُ لِيُدْرِكَ لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ‏.‏

وَعَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ فِيمَا إذَا سَكَتَ لو انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَالزَّرْعُ بَاقٍ فَقِيلَ حُكْمُهُ حُكْمُ زَرْعٍ بَقَاؤُهُ بِتَفْرِيطِ الْمُسْتَأْجِرِ على ما تَقَدَّمَ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فقال وَقِيلَ إنْ سَكَتَ صَحَّ الْعَقْدُ فإذا فَرَغَتْ الْمُدَّةُ وَالزَّرْعُ بَاقٍ فَهُوَ كَمُفَرِّطٍ وَقِيلَ لَا انْتَهَى‏.‏

وَقِيلَ حُكْمُهُ حُكْمُ زَرْعٍ بَقَاؤُهُ بَعْدَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ من غَيْرِ تَفْرِيطٍ على ما تَقَدَّمَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ وإذا تَسَلَّمَ الْعَيْنَ في الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ حتى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ سَكَنَ أو لم يَسْكُنْ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَقِيلَ لَا أُجْرَةَ عليه إنْ لم يَنْتَفِعْ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

وقال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ يَجِبُ الْمُسَمَّى في نِكَاحٍ فَاسِدٍ فَيَجِبُ أَنْ نَقُولَ مثله في الْإِجَارَةِ وَعَلَى أَنَّ الْقَصْدَ فيها الْعِوَضُ فَاعْتِبَارُهَا في الْأَعْيَانِ أَوْلَى‏.‏

وقال في الرَّوْضَةِ هل يَجِبُ الْمُسَمَّى في الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ أَمْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَهِيَ الصَّحِيحَةُ فيه رِوَايَتَانِ‏.‏

فائدة‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ إذَا لم يَتَسَلَّمْهَا وَلَوْ بَذَلَهَا له الْمَالِكُ وهو صَحِيحٌ وَلَا خِلَافَ فيه‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ اكْتَرَى بِدَرَاهِمَ وَأَعْطَاهُ عنها دَنَانِيرَ ثُمَّ انْفَسَخَ الْعَقْدُ رَجَعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالدَّرَاهِمِ‏.‏

لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ من الْأَصْحَابِ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك‏.‏