فصل: بَابُ الْإِجَارَةِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***


بَابُ الْإِجَارَةِ

فائدتان‏:‏ إحْدَاهُمَا‏:‏ في حَدِّهَا قال في الرِّعَايَةِ قلت وَتَحْرِيرُهُ بَذْلُ عِوَضٍ مَعْلُومٍ في مَنْفَعَةٍ مَعْلُومَةٍ من عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ أو مَوْصُوفَةٍ في الذِّمَّةِ أو في عَمَلٍ مَعْلُومٍ وَتَبِعَهُ في الْوَجِيزِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَيْسَ بِمَانِعٍ لِدُخُولِ الْمَمَرِّ وَعُلْوِ بَيْتٍ وَالْمَنَافِعُ الْمُحَرَّمَةُ انْتَهَى يَعْنِي إذَا بِيعَ الْمَمَرُّ وَعُلْوُ بَيْتٍ فَإِنَّهُمَا مَنْفَعَتَانِ‏.‏ قلت لو زِيدَ فيه مُبَاحَةٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً لَسَلِمَ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ قِيلَ الْإِجَارَةُ وَارِدَةٌ على خِلَافِ الْقِيَاسِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ لَا لِأَنَّ من لم يُخَصِّصْ الْعِلَّةَ لَا يُتَصَوَّرُ عِنْدَهُ مُخَالَفَةُ قِيَاسٍ صَحِيحٍ وَمَنْ خَصَّصَهَا فَإِنَّمَا يَكُونُ الشَّيْءُ خِلَافَ الْقِيَاسِ عِنْدَهُ إذَا كان الْمَعْنَى المقتضى لِلْحُكْمِ مَوْجُودًا فيه وَيَتَخَلَّفُ الْحُكْمُ عنه انْتَهَى‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ في اخر الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالْعِشْرِينَ من الرُّخَصِ ما هو مُبَاحٌ كَالْعَرَايَا وَالْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْكِتَابَةِ وَالشُّفْعَةِ وَغَيْرِ ذلك من الْعُقُودِ الثَّابِتَةِ الْمُسْتَقِرِّ حُكْمُهَا على خِلَافِ الْقِيَاسِ هَكَذَا يَذْكُرُ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ليس شَيْءٌ من الْعُقُودِ وَغَيْرِهَا الثَّابِتَةِ الْمُسْتَقَرِّ حُكْمُهَا على خِلَافِ الْقِيَاسِ وَقَرَّرَ ذلك بِأَحْسَنِ تَقْرِيرٍ وَبَيَّنَهُ بِأَحْسَنِ بَيَانٍ‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَالْكِرَاءِ وما في مَعْنَاهُمَا‏.‏

كَالتَّمْلِيكِ وَنَحْوِهِ يَعْنِي بِقَوْلِهِ وما في مَعْنَاهُمَا إذَا أَضَافَهُ إلَى الْعَيْنِ وَكَذَا إذَا أَضَافَهُ إلَى النَّفْعِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وَتَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَالْكِرَاءِ وما في مَعْنَاهُمَا على الصَّحِيحِ انْتَهَى وَقِيلَ لَا تَنْعَقِدُ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَإِنْ آجَرَ عَيْنًا مَرْئِيَّةً أو مَوْصُوفَةً في الذِّمَّةِ قال أَجَرْتُكهَا أو أَكْرَيْتُكَهَا أو مَلَّكْتُك نَفْعَهَا سَنَةً بِكَذَا وَإِنْ قال أَجَّرْتُك أو أَكْرَيْتُكَ نَفْعَهَا فَاحْتِمَالَانِ انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ وفي لَفْظِ الْبَيْعِ وَجْهَانِ‏.‏

بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُك نَفْعَهَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوي ‏[‏الحاوي‏]‏ الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالطُّوفِيِّ في شَرْحِ الْخِرَقِيِّ‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ وَأَمَّا لَفْظُ الْبَيْعِ فَإِنْ أَضَافَهُ إلَى الدَّارِ لم يَصِحَّ وَإِنْ أَضَافَهُ إلَى الْمَنْفَعَةِ فَوَجْهَانِ انْتَهَيَا‏.‏

أَحَدُهُمَا يَصِحُّ اخْتَارَهُ ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فقال في قَاعِدَةٍ له في تَقْرِيرِ الْقِيَاسِ بَعْدَ إطْلَاقِ الْوَجْهَيْنِ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إنْ عَرَفَا الْمَقْصُودَ انْعَقَدَتْ بِأَيِّ لَفْظٍ كان من الْأَلْفَاظِ التي عَرَفَ بِهِ الْمُتَعَاقِدَانِ مَقْصُودَهُمَا وَهَذَا عَامٌّ في جَمِيعِ الْعُقُودِ فإن الشَّارِعَ لم يَحُدَّ حَدًّا لِأَلْفَاظِ الْعُقُودِ بَلْ ذَكَرَهَا مُطْلَقَةً انْتَهَى‏.‏

وَكَذَا قال ابن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في أعلام الْمُوَقِّعِينَ‏.‏

قال في إدْرَاكِ الْغَايَةِ لَا تَصِحُّ بِلَفْظِ الْبَيْعِ في وَجْهٍ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ بَعْدَ ذِكْرِ الْوَجْهَيْنِ بِنَاءً على أَنَّ هذه الْمُعَاوَضَةَ نَوْعٌ من الْبَيْعِ أو شَبِيهَةٌ بِهِ‏.‏

فوائد‏:‏

إحْدَاهَا قَوْلُهُ أَحَدُهَا مَعْرِفَةُ الْمَنْفَعَةِ إمَّا بِالْعُرْفِ كَسُكْنَى الدَّارِ شَهْرًا‏.‏

وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لو اسْتَأْجَرَهَا لِلسُّكْنَى لم يَعْمَلْ فيها ‏[‏فيما‏]‏ حِدَادَةً وَلَا قِصَارَةً وَلَا يُسْكِنُهَا دَابَّةً وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجْعَلُهَا مَخْزَنًا لِلطَّعَامِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ هذا الْأَشْهَرُ وَقِيلَ له ذلك‏.‏

وَقِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَجِيئُهُ زُوَّارٌ عليه أَنْ يُخْبِرَ صَاحِبَ الْبَيْتِ قال رُبَّمَا كَثُرُوا وَأَرَى أَنْ يُخْبِرَهُ‏.‏

وقال أَيْضًا إذَا كان يَجِيئُهُ الْفَرْدُ ليس عليه أَنْ يُخْبِرَهُ‏.‏

وقال الْأَصْحَابُ له إسْكَانُ ضَيْفٍ وَزَائِرٍ‏.‏

وَاخْتَارَ في الرِّعَايَةِ يَجِبُ ذِكْرُ السُّكْنَى وَصِفَتِهَا وَعَدَدِ من يَسْكُنُهَا وَصِفَتُهُمْ إنْ اخْتَلَفَتْ الْأُجْرَةُ‏.‏

الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَخِدْمَةُ الْعَبْدِ سَنَةً‏.‏

فَتَصِحُّ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ تَكُونُ الْخِدْمَةُ عُرْفًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم‏.‏

قلت وهو الصَّوَابُ‏.‏

وقال في النَّوَادِرِ وَالرِّعَايَةِ يَخْدُمُ لَيْلًا وَنَهَارًا انْتَهَيَا‏.‏

وَأَمَّا إنْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْعَمَلِ فإنه يَسْتَحِقُّهُ لَيْلًا‏.‏

الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ وَإِمَّا بِالْوَصْفِ كَحَمْلِ زُبْرَةِ حَدِيدٍ وَزْنُهَا كَذَا إلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ‏.‏

وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لو اسْتَأْجَرَهُ لِحَمْلِ كِتَابٍ فَحَمَلَهُ فَوَجَدَ الْمَحْمُولَ إلَيْهِ غَائِبًا فَلَهُ الْأُجْرَةُ لِذَهَابِهِ وَرَدِّهِ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ وهو ظَاهِرُ التَّرْغِيبِ إنْ وَجَدَهُ مَيِّتًا فَلَهُ الْمُسَمَّى فَقَطْ وَيَرُدُّهُ‏.‏

وقال في التَّلْخِيصِ وَإِنْ وَجَدَهُ مَيِّتًا اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ وما يَصْنَعُ بِالْكِتَابِ‏.‏

وقال الشَّيْخُ أبو حَكِيمٍ شَيْخِ السَّامِرِيِّ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ رَدُّ الْكِتَابِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ فَوَجَبَ رَدُّهُ انْتَهَى‏.‏

لَكِنَّ الذي يَظْهَرُ أَنَّ لَفْظَةَ لَا في قَوْلِهِ لَا يَلْزَمُهُ زَائِدَةٌ بِدَلِيلِ تَعْلِيلِهِ‏.‏

نَقْلَ حَرْبٍ إنْ أستأجر دَابَّةً أو وَكِيلًا لِيَحْمِلَ له شيئا من الْكُوفَةِ فلما وَصَلَهَا لم يَبْعَثْ وَكِيلُهُ بِمَا أَرَادَ فَلَهُ الْأُجْرَةُ من هُنَا إلَى ثَمَّ‏.‏

قال أبو بَكْرٍ هذا جَوَابٌ على أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ له الْأُجْرَةُ في ذَهَابِهِ وَمَجِيئِهِ فإذا جاء وَالْوَقْتُ لم يَبْلُغْهُ فَالْأُجْرَةُ له وَيَسْتَخْدِمُهُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ‏.‏

الرَّابِعَةُ قَوْلُهُ وَبِنَاءُ حَائِطٍ يَذْكُرُ طُولَهُ وَعَرْضَهُ وَسُمْكَهُ والته‏.‏

فَيَصِحُّ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

لَكِنْ لو أستأجره لِحَفْرِ بِئْرٍ طُولُهُ عَشَرَةٌ وَعَرْضُهُ عَشَرَةٌ وَعُمْقُهُ عَشَرَةٌ فَحَفَرَ طُولَ خَمْسَةٍ في عَرْضِ خَمْسَةٍ في عُمْقِ خَمْسَةٍ فَاضْرِبْ عَشَرَةً في عَشْرَةٍ فما بَلَغَ فَاضْرِبْهُ في عَشَرَةٍ تَبْلُغُ أَلْفًا وَاضْرِبْ خَمْسَةً في خَمْسَةٍ فما بَلَغَ فَاضْرِبْهُ في خَمْسَةٍ يَبْلُغُ مِائَةً وَخَمْسًا وَعِشْرِينَ وَذَلِكَ ثَمَنُ الْأَلْفِ فَلَهُ ثَمَنُ الْأُجْرَةِ أن وَجَبَ له شَيْءٌ قَالَهُ في الرِّعَايَة وهو وَاضِحٌ وهو من التَّمْرِينِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِجَارَةُ أَرْضٍ مُعَيَّنَةٍ لِزَرْعِ كَذَا أو غَرْسِ كَذَا أو بِنَاءٍ مَعْلُومٍ‏.‏

اشْتَرَطَ الْمُصَنِّفُ هُنَا لِصِحَّةِ إجَارَةِ الْأَرْضِ لِلزَّرْعِ أو الْغَرْسِ أو الْبِنَاءِ مَعْرِفَةَ ما يَزْرَعُهُ أو يَغْرِسُهُ أو يَبْنِيهِ‏.‏

وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

فَمَفْهُومُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لو اسْتَأْجَرَ لِزَرْعِ ما شَاءَ أو غَرْسِ ما شَاءَ أو لِزَرْعِ وَغَرْسِ ما شَاءَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ قال في الْفُرُوعِ عن ذلك صَحَّ في الْأَصَحِّ كَزَرْعِ ما شِئْت أَيْ كَقَوْلِهِ أَجَّرْتُك لِتَزْرَعَ ما شِئْت بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

وَمَفْهُومُ كَلَامِهِمْ أَيْضًا أَنَّهُ لو قال لِلزَّرْعِ أو لِلْغَرْسِ وَسَكَتَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الْآخَرُ يَصِحُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ اكْتَرَى لِزَرْعٍ وَأَطْلَقَ زَرَعَ ما شَاءَ وَجَزَمَ بِه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

وَمَفْهُومُ كَلَامِهِمْ انه لو أَجَّرَهُ الْأَرْضَ وَأَطْلَقَ وَهِيَ تَصْلُحُ لِلزَّرْعِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ أَيْضًا‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ وَلَوْ أَجَّرَهُ الْأَرْضَ سَنَةً ولم يذكر الْمَنْفَعَةَ من زَرْعٍ أو غَيْرِهِ مع تَهَيُّئِهَا لِلْجَمِيعِ لم يَصِحَّ لِلْجَهَالَةِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الْآخَرُ يَصِحُّ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ عن ذلك صَحَّ في الْأَصَحِّ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ صَحَّ في الْأَقْيَسِ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَعُمُّ إنْ أَطْلَقَ‏.‏

وَإِنْ قال انْتَفِعْ بها بِمَا شِئْت فَلَهُ زَرْعٌ وَغَرْسٌ وَبِنَاءٌ‏.‏

وَيَأْتِي بَعْضُ ذلك وَغَيْرُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَهُ أَنْ يستوفى الْمَنْفَعَةَ وما ‏[‏ودونها‏]‏ دونها‏.‏

فائدة‏:‏

قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ لِلرُّكُوبِ ذَكَرَ الْمَرْكُوبَ فَرَسًا أو بَعِيرًا أو نَحْوَهُ‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ وَيَذْكُرُ أَيْضًا ما يَرْكَبُ بِهِ من سَرْجٍ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَيَذْكُرُ أَيْضًا كَيْفِيَّةَ سَيْرِهِ من هِمْلَاجٍ وَغَيْرِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ

‏.‏

جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ وَيَجِبُ ذِكْرُ سَيْرِهَا في الْأَصَحِّ‏.‏

وَقَدَّمَ في التَّرْغِيبِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ كَيْفِيَّةِ سَيْرِهِ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ أُنُوثَةِ الدَّابَّةِ وَلَا ذُكُورَتِهَا وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

قَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُشْتَرَطُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْخِصَالِ وابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْمُسْتَوْعِبِ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ انه لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ نَوْعِهِ وهو الصَّحِيحُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وفي الْمُوجَزِ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ ذلك وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَجَزَمَ بِه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى قلت بَلْ يَجِبُ ذِكْرُ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ في الْمَرْكُوبِ وَالْحَمْلِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْخِصَالِ وَتَبِعَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ مَتَى كان الْكِرَاءُ إلَى مَكَّةَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْجِنْسِ وَلَا النَّوْعِ لِأَنَّ الْعَادَةَ إن الذي يُحْمَلُ عليه في طَرِيقِ مَكَّةَ الْجِمَالُ الْعِرَابُ دُونَ الْبَخَاتِيِّ‏.‏

فائدة‏:‏

لَا بُدَّ من مَعْرِفَةِ الرَّاكِبِ إمَّا بِرُؤْيَةٍ أو صِفَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كَالْمَبِيعِ ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ‏.‏

وقال الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ لَا يُجْزِئُ فيه إلَّا الرُّؤْيَةُ فَلَا تَكْفِي الصِّفَةُ من غَيْرِ رُؤْيَةٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى‏.‏

وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ تَوَابِعِ الرَّاكِبِ الْعُرْفِيَّةِ كَالزَّادِ والأثاث من الْأَغْطِيَةِ وَالْأَوْطِئَةِ إمَّا بِرُؤْيَةٍ أو صِفَةٍ أو وَزْنٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وَقِيلَ لَا بُدَّ من الرُّؤْيَةِ فَلَا تَكْفِي الصِّفَةُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ ذلك مُطْلَقًا ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا‏.‏

وقال الْقَاضِي لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ غِطَاءِ الْمَحْمَلِ بَلْ يَجُوزُ إطْلَاقُهُ لآنه لَا يَخْتَلِفُ اخْتِلَافًا كَثِيرًا مُتَبَايِنًا‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْمَحْمَلِ بِرُؤْيَةٍ أو وَصْفٍ‏.‏

وَقِيلَ أو بِوَزْنِهِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ كان لِلْحَمْلِ لم يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِهِ‏.‏

اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ لِلْحَمْلِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَحْمُولُ تَضُرُّهُ كَثْرَةُ الْحَرَكَةِ أو لَا فَإِنْ كان لَا تَضُرُّهُ كَثْرَةُ الْحَرَكَةِ لم يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِ ما تَقَدَّمَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهِ‏.‏

وَإِنْ كان يَضُرُّهُ كَثْرَةُ الْحَرَكَةِ كَالزُّجَاجِ وَالْخَزَفِ وَالتُّفَّاحِ وَنَحْوِهِ اُشْتُرِطَ مَعْرِفَةُ حَامِلِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَطَعَ بِهِ ابن عقيل في التَّذْكِرَةِ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ ما يُدِيرُ دُولَابًا وَرَحًى وَاعْتَبَرَهُ في التَّبْصِرَةِ‏.‏

فائدة‏:‏

يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْمَتَاعِ الْمَحْمُولِ بِرُؤْيَةٍ أو صِفَةٍ وَذِكْرُ جِنْسِهِ وَقَدْرِهِ بِالْكَيْلِ أو بِالْوَزْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَاكْتَفَى ابن عقيل وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَغَيْرُهُمَا بِذِكْرِ وَزْنِ الْمَحْمُولِ وَإِنْ لم يَعْرِفْ عَيْنَهُ وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الرِّعَايَةِ في الْمَحْمَلِ‏.‏

فائدة‏:‏

يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ أَرْضِ الْحَرْثِ جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ من الْأَصْحَابِ‏.‏

قَوْلُهُ الثَّانِي مَعْرِفَةُ الْأُجْرَةِ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ مَعْرِفَةُ الثَّمَنِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ في الْجُمْلَةِ إلَّا ما استثنى من الْأَجِيرِ وَالظِّئْرِ وَنَحْوِهِمَا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْأُجْرَةِ فَإِنْ كانت في الذِّمَّةِ فَكَثَمَنٍ وَالْمُعَيَّنَةُ كَمَبِيعٍ‏.‏

وَعَنْهُ تَصِحُّ إجَارَةُ الدَّابَّةِ بِعَلَفِهَا‏.‏

وَتَأْتِي هذه الرِّوَايَةُ وَمَنْ اخْتَارَهَا بَعْدَ أَحْكَامِ الظِّئْرِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو جَعَلَ الْأُجْرَةَ صُبْرَةَ دَرَاهِمَ أو غَيْرِهَا صَحَّتْ الْإِجَارَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ كما يَصِحُّ الْبَيْعُ بها على الصَّحِيحِ كما تَقَدَّمَ‏.‏

وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ لَا تَصِحُّ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ وهو كَالْبَيْعِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَ الصِّحَّةَ في الْبَيْعِ فَكَذَا هُنَا وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوي ‏[‏الحاوي‏]‏ الصَّغِيرِ‏.‏

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ قال في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ في الذِّمَّةِ ظَهْرًا يَرْكَبُهُ أو يَحْمِلُ عليه إلَى مَكَّةَ بِلَفْظِ السَّلَمِ اُشْتُرِطَ قَبْضُ الأجرة ‏[‏الأجر‏]‏ في الْمَجْلِسِ وَتَأْجِيلُ السَّفَرِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً‏.‏

زَادَ في الرِّعَايَةِ وَإِنْ كان بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ جَازَ التَّفَرُّقُ قبل الْقَبْضِ وَهَلْ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ انْتَهَى‏.‏

تنبيه‏:‏

تَقَدَّمَ في أَوَّلِ بَابِ الْمُسَاقَاةِ هل تَجُوزُ إجَارَةُ الْأَرْضِ بِجِنْسِ ما يَخْرُجُ منها أو بِغَيْرِهِ فَلْيُعَاوَدْ‏.‏

وَتَقَدَّمَ أَيْضًا في أَثْنَاءِ الْمُضَارَبَةِ لو أَخَذَ مَاشِيَةً لِيَقُومَ عليها بِجُزْءٍ من دَرِّهَا وَنَسْلِهَا وَصُوفِهَا وَبَعْضُ مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ‏.‏

قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأَجِيرَ بِطَعَامِهِ وَكِسْوَتِهِ وَكَذَلِكَ الظِّئْرُ‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ من الْأَصْحَابِ من لم يَحْكِ فيه خِلَافًا‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَتَيْنِ وَاخْتِيَارُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَجَمَاعَةٍ‏.‏

قال الطُّوفِيُّ في شَرْحِ الْخِرَقِيِّ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ هذا أَصَحُّ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالتَّلْخِيصِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا تَصِحُّ فِيهِمَا حتى يَصِفَ الطَّعَامَ وَالْكِسْوَةَ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ في الْأَجِيرِ وَيَصِحُّ في الظِّئْرِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في بَعْضِ كُتُبِهِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ أَظُنُّهُ في الْمُجَرَّدِ‏.‏

وَقَدَّمَ في التَّلْخِيصِ الصِّحَّةَ في الظِّئْرِ وَأَطْلَقَ في الْأَجِيرِ الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَإِنْ قُدِّرَ لِلظِّئْرِ حَالَةَ الْإِجَارَةِ وَإِلَّا فَلَهَا الْوَسَطُ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو تَنَازَعَا في قَدْرِ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ رَجَعَ فِيهِمَا إلَى الْعُرْفِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فَيَكُونُ لها طَعَامُ مِثْلِهَا أو مِثْلُهُ وَكِسْوَةُ مِثْلِهَا أو مِثْلُهُ كَالزَّوْجَةِ مع زَوْجِهَا نَصّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَجَزَمَ بمثله في الْمُحَرَّرِ في الْمُضَارِبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَعَنْهُ كَالْمِسْكِينِ في الْكَفَّارَةِ في الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ وَقَدَّمَهُ الطوفى في شَرْحِهِ وزاد أو يَرْجِعُ إلَى كِسْوَةِ الزَّوْجَاتِ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ‏.‏

وَقِيلَ يَرْجِعُ في الْإِطْعَامِ إلَى إطْعَامِ الْمِسْكِينِ في الْكَفَّارَةِ وفي الْمَلْبُوسِ‏.‏

إلَى أَقَلِّ مَلْبُوسٍ مِثْلِهَا وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وهو تَحَكُّمٌ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَلَهُ الْوَسَطُ مع النِّزَاعِ كَإِطْعَامِ الْكَفَّارَةِ‏.‏

وَهَذَا الْقَوْلُ نَظِيرُ ما قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ في نَفَقَةِ الْمُضَارِبِ مع التَّنَازُعِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يعطى عِنْدَ الْفِطَامِ عَبْدًا أو وَلِيدَةً إذَا كان الْمُسْتَرْضِعُ مُوسِرًا‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَعَلَّ هذا في الْمُتَبَرِّعَةِ بِالرَّضَاعِ انْتَهَى وقال أبو بَكْرٍ يَجِبُ‏.‏

فوائد‏:‏

منها قال في الرِّعَايَةِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمَا لو كانت الْمُرْضِعَةُ أَمَةً اُسْتُحِبَّ إعْتَاقُهَا‏.‏

وَمِنْهَا لو اُسْتُؤْجِرَتْ لِلرَّضَاعِ وَالْحَضَانَةِ مَعًا فَلَا إشْكَالَ في ذلك‏.‏

وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَتْ لِلرَّضَاعِ وَأَطْلَقَ فَهَلْ تَلْزَمُهَا الْحَضَانَةُ فيه وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي وَمَنْ بَعْدَهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ‏.‏

أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهَا الْحَضَانَةُ أَيْضًا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَيْضًا في الْفَصْلِ الْأَرْبَعِينَ من هذا الْبَابِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَلْزَمُهَا سِوَى الرَّضَاعِ قَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ‏.‏

وَقِيلَ الْحَضَانَةُ تَتْبَعُ الرَّضَاعَ لِلْعُرْفِ‏.‏

قلت وهو الصَّوَابُ‏.‏

وَقِيلَ عَكْسُهُ ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

يَعْنِي أَنَّ الرَّضَاعَ يَتْبَعُ الْحَضَانَةَ لِلْعُرْفِ في ذلك ولم أَفْهَمْ مَعْنَاهُ على الْحَقِيقَةِ‏.‏

فَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي ليس على الْمُرْضِعَةِ إلَّا وَضْعُ حَلَمَةِ الثَّدْيِ في فَمِ الطِّفْلِ وَحَمْلُهُ وَوَضْعُهُ في حِجْرِهَا وَبَاقِي الْأَعْمَالِ في تَعَهُّدِهِ على الْحَاضِنَةِ وَدُخُولُ اللَّبَنِ تَبَعًا كَنَقْعِ الْبِئْرِ على ما يَأْتِي‏.‏

قال ابن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الهدى عن هذا الْقَوْلِ اللَّهُ يَعْلَمُ وَالْعُقَلَاءُ قَاطِبَةً أَنَّ الْأَمْرَ ليس كَذَلِكَ وَأَنَّ وَضْعَ الطِّفْلِ في حِجْرِهَا ليس مَقْصُودًا أَصْلًا وَلَا وَرَدَ عليه عَقْدُ الْإِجَارَةِ لَا عُرْفًا وَلَا حَقِيقَةً وَلَا شَرْعًا وَلَوْ أَرْضَعَتْ الطِّفْلَ وهو في حِجْرِ غَيْرِهَا أو في مَهْدِهِ لَاسْتَحَقَّتْ الْأُجْرَةَ وَلَوْ كان الْمَقْصُودُ إلْقَامَ الثَّدْيِ الْمُجَرَّدِ لَاسْتُؤْجِرَ له كُلُّ امْرَأَةٍ لها ثَدْيٌ وَلَوْ لم يَكُنْ لها لَبَنٌ فَهَذَا هو الْقِيَاسُ الْفَاسِدُ حَقًّا وَالْفِقْهُ الْبَارِدُ انْتَهَى‏.‏

وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَتْ لِلْحَضَانَةِ واطلق لم يَلْزَمْهَا الرَّضَاعُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ لم يَلْزَمْهَا وَجْهًا وَاحِدًا‏.‏

وَقِيلَ يَلْزَمُهَا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في الْفَصْلِ الْأَرْبَعِينَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في مَوْضِعٍ‏.‏

وَمِنْهَا الْمَعْقُودُ عليه في الرَّضَاعِ خِدْمَةُ الصَّبِيِّ وَحَمْلُهُ وَوَضْعُ الثَّدْيِ في فَمِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَأَمَّا اللَّبَنُ فَيَدْخُلُ تَبَعًا‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْعَقْدُ وَقَعَ على الْمُرْضِعَةِ وَاللَّبَنُ تَبَعٌ يَسْتَحِقُّ إبْلَاغَهُ بِالرَّضَاعِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ‏.‏

قال في الْفُصُولِ الصَّحِيحُ أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ على الْمَنْفَعَةِ وَيَكُونُ اللَّبَنُ تَبَعًا‏.‏

قال الْقَاضِي في الْخِصَالِ لَبَنُ الْمُرْضِعَةِ يَدْخُلُ في عَقْدِ الْإِجَارَةِ وَإِنْ كان يَهْلِكُ بِالِانْتِفَاعِ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ على طَرِيقِ التَّبَعِ‏.‏

قلت وَكَذَا قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ في هذا الْبَابِ حَيْثُ قالوا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْإِجَارَةُ على نَفْعٍ فَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ حَيَوَانٍ لِيَأْخُذَ لَبَنَهُ إلَّا في الظِّئْرِ وَنَفْعُ الْبِئْرِ يَدْخُلُ تَبَعًا وَقَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ من الْأَصْحَابِ على أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ على ما يَأْتِي‏.‏

وَقِيلَ الْعَقْدُ وَقَعَ على اللَّبَنِ‏.‏

قال الْقَاضِي وهو الْأَشْبَهُ‏.‏

قال ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وهو الْأَصَحُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ‏{‏فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ‏}‏ انْتَهَى‏.‏

قال ابن الْقَيِّمِ في الهدى وَالْمَقْصُودُ إنَّمَا هو اللَّبَنُ‏.‏

وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ لِمَنْ قال الْعَقْدُ وَقَعَ على وَضْعِهَا الطِّفْلَ في حِجْرِهَا وَإِلْقَامِهِ ثَدْيَهَا وَاللَّبَنُ يَدْخُلُ تَبَعًا‏.‏

قال النَّاظِمُ‏:‏

وفي الْأَجْوَدِ الْمَقْصُودُ بِالْعَقْدِ دَرُّهَا *** وَالْإِرْضَاعُ لَا حَضْنٌ وَمَبْدَأُ مَقْصِدٍ

وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ في الْمُغْنِي وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَمِنْهَا لو وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ على الْحَضَانَةِ وَالرَّضَاعِ وَانْقَطَعَ اللَّبَنُ بَطَلَ الْعَقْدُ في الرَّضَاعِ وفي بُطْلَانِهِ في الْحَضَانَةِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

قلت الْأَوْلَى الْبُطْلَانُ لآنها في الْغَالِبِ تَبَعٌ وإذا لم تَلْزَمْهَا الْحَضَانَةُ وَانْقَطَعَ لَبَنُهَا ثَبَتَ الْفَسْخُ وَإِنْ قُلْنَا تَلْزَمُهَا الْحَضَانَةُ لم يَثْبُتْ الْفَسْخُ على الصَّحِيحِ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ لم يَثْبُتْ الْفَسْخُ في الْأَصَحِّ فَيَسْقُطُ من الْأُجْرَةِ بِقِسْطِهِ‏.‏

وَقِيلَ يَثْبُتُ الْفَسْخُ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَمِنْهَا يَجِبُ على الْمُرْضِعَةِ أَنْ تَأْكُلَ وَتَشْرَبَ ما يَدِرُّ بِهِ لَبَنُهَا وَيَصْلُحُ بِهِ وَلِلْمُكْتَرِي مُطَالَبَتُهَا بِذَلِكَ‏.‏

وَلَوْ سَقَتْهُ لَبَنًا أو أَطْعَمَتْهُ فَلَا أُجْرَةَ لها وَإِنْ أَرْضَعَتْهُ خَادِمَهَا فَكَذَلِكَ قَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

وَمِنْهَا لَا تُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْمُرْتَضِعِ بَلْ تَكْفِي صِفَتُهُ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ‏.‏

قلت وهو الصَّوَابُ‏.‏

وَقِيلَ تُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهُ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

وَمِنْهَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ مُدَّةِ الرَّضَاعِ وَمَكَانِهِ هل هو عِنْدَ الْمُرْضِعَةِ أو عِنْدَ أَبَوَيْهِ قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَيَأْتِي هل تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ الْمُرْضِعَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِ الْعَيْنِ الْمَعْقُودِ عليها‏.‏

وَمِنْهَا رَخَّصَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي اللَّهُ عنه في مُسْلِمَةٍ تُرْضِعُ طِفْلًا لِنَصَارَى بِأُجْرَةٍ لَا لِمَجُوسِيٍّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَسَوَّى أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَاءِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ‏.‏

فائدة‏:‏

لَا يَصِحُّ أَنْ تُسْتَأْجَرَ الدَّابَّةُ بِعَلَفِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَعَنْهُ يَصِحُّ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وقال نَصُّ عليه في رِوَايَةِ الْكَحَّالِ‏.‏

وقال في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالسَّبْعِينَ في اسْتِئْجَارِ غَيْرِ الظِّئْرِ من الْأَجْرِ بِالطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ رِوَايَتَانِ أَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ كَالظِّئْرِ انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ دَفَعَ ثَوْبَهُ إلَى قَصَّارٍ أو خَيَّاطٍ لِيَعْمَلَاهُ وَلَهُمَا عَادَةٌ بِأُجْرَةٍ صَحَّ وَلَهُمَا ذلك وَإِنْ لم يَعْقِدَا عَقْدَ إجَارَةٍ وَكَذَلِكَ دُخُولُ الْحَمَّامِ وَالرُّكُوبُ في سَفِينَةِ الْمَلَّاحِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَكَذَا لو اسْتَعْمَلَ حَمَّالًا أو شَاهِدًا وَنَحْوَهُ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ وَكَالْمُكَارِي وَالْحَجَّامِ وَالدَّلَّالِ وَنَحْوِهِمْ‏.‏

اشْتَرَطَ الْمُصَنِّفُ لِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ له عَادَةٌ بِأَخْذِ الْأُجْرَةِ وهو أَحَدُ الْأَقْوَالِ كَتَعْرِيضِهِ بها‏.‏

اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَطَعَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في التَّعْلِيقِ وَالْفُصُولِ وَالْمُبْهِجِ وَقَوَاعِدِ بن رَجَبٍ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ إذَا كان مِثْلُهُ يَعْمَلُ بِأُجْرَةٍ‏.‏

قال في الْوَجِيزِ وَإِنْ دخل حَمَّامًا أو سَفِينَةً أو أَعْطَى ثَوْبَهُ قَصَّارًا أو خَيَّاطًا بِلَا عَقْدٍ صَحَّ بِأُجْرَةِ الْعَادَةِ انْتَهَى‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ له الْأُجْرَةَ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَصَرَّحَ بِهِ النَّاظِمُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَقِيلَ لَا أُجْرَةَ له مُطْلَقًا‏.‏

وَحَيْثُ قُلْنَا له الْأُجْرَةُ فَتَكُونُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لم يَعْقِدْ معه عَقْدَ إجَارَةٍ‏.‏

فائدة‏:‏

قال في التَّلْخِيصِ ليس على الْحَمَّامِيِّ ضَمَانُ الثِّيَابِ إلَّا أَنْ يَسْتَحْفِظَهُ إيَّاهَا صَرِيحًا بِالْقَوْلِ‏.‏

وقال أَيْضًا وما يُعْطَاهُ الْحَمَّامِيُّ فَهُوَ أُجْرَةُ الْمَكَانِ وَالسَّطْلِ وَالْمِئْزَرِ لَا ثَمَنُ الْمَاءِ فإنه يَدْخُلُ تَبَعًا انْتَهَى‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ في بَابِ الْقَطْعِ في السَّرِقَةِ وَإِنْ فَرَّطَ في حِفْظِ ثِيَابٍ في حَمَّامٍ وَأَعْدَالٍ وَغَزْلٍ في سُوقٍ أو خَانٍ وما كان مُشْتَرَكًا في الدُّخُولِ إلَيْهِ بِحَافِظٍ فَنَامَ أو اشْتَغَلَ ضَمِنَ‏.‏

وقال في التَّرْغِيبِ يَضْمَنُ إنْ اسْتَحْفَظَهُ رَبُّهُ صَرِيحًا كما قال في التَّلْخِيصِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَجُوزُ إجَارَةُ الْحُلِيِّ بِأُجْرَةٍ من جِنْسِهِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ

‏.‏

قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ‏.‏

وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ يَجُوزُ وَيُكْرَهُ منهم الْقَاضِي‏.‏

وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ اخْتَارَهُ ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وَأَمَّا إذَا كانت الْأُجْرَةُ من غَيْرِ جِنْسِهِ فَيَصِحُّ قَوْلًا وَاحِدًا‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ خِطْت هذا الثَّوْبَ الْيَوْمَ فَلَكَ دِرْهَمٌ وَإِنْ خِطْته غَدًا فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ فَهَلْ يَصِحُّ على رِوَايَتَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

إحْدَاهُمَا لَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ وَالصَّحِيحُ الْمَنْعُ‏.‏

قال في النَّظْمِ الْأَوْلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَصِحُّ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

تنبيه‏:‏

قَدَّمَ في الرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ أَنَّ الْخِلَافَ وَجْهَانِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال إنْ خِطْته رُومِيًّا فَلَكَ دِرْهَمٌ وَإِنْ خِطْته فَارِسِيًّا فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ فَعَلَى وَجْهَيْنِ‏.‏

وَهُمَا رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى والحاوي ‏[‏الحاوي‏]‏ الصَّغِيرِ‏.‏

قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ فيه وَجْهَانِ بِنَاءً على الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا وَهِيَ إنْ خِطْته الْيَوْمَ فَبِكَذَا وَإِنْ خِطْته غَدًا فَبِكَذَا‏.‏

أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ وَالصَّحِيحُ الْمَنْعُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

فائدة‏:‏

قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَةِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَالْوَجْهَانِ في قَوْلِهِ إنْ فَتَحْت خَيَّاطًا فَبِكَذَا وَإِنْ فَتَحْت حَدَّادًا فَبِكَذَا‏.‏

قال في الْفَائِقِ وَلَوْ قال ما حَمَلْت من هذه الصُّبْرَةِ فَكُلُّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ لم يَصِحَّ قَالَهُ الْقَاضِي وَيُحْتَمَلُ عَكْسُهُ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ ثُمَّ قال قلت وَتَخْرُجُ الصِّحَّةُ من بَيْعِهِ منها‏.‏

وَفِيهِ وَجْهَانِ وَيَشْهَدُ له ما سَبَقَ من النَّصِّ انْتَهَى‏.‏

وَإِنْ قال إنْ زَرَعْتهَا قَمْحًا فَبِخَمْسَةٍ وَإِنْ زَرَعْتهَا ذُرَةً فَبِعَشَرَةٍ لم يَصِحَّ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَصَحَّحَهُ في الصُّغْرَى وَالنَّظْمِ‏.‏

وَعَنْهُ يَصِحُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ أَكْرَاهُ دَابَّةً وقال إنْ رَدَدْتهَا الْيَوْمَ فَكِرَاؤُهَا خَمْسَةٌ وَإِنْ رَدَدْتهَا غَدًا فَكِرَاؤُهَا عَشَرَةٌ فقال أَحْمَدُ في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ لَا بَأْسَ بِهِ‏.‏

قال في الْفَائِقِ صَحَّ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ‏.‏

وقال الْقَاضِي يَصِحُّ في الْيَوْمِ الْأَوَّلِ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالظَّاهِرُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رضي اللَّهُ عنه فِيمَا ذَكَرْنَا فَسَادُ الْعَقْدِ على بَيْعَتَيْنِ في بَيْعَةٍ وَقِيَاسُ حديث عَلِيٍّ وَالْأَنْصَارِيِّ صِحَّتُهُ‏.‏

وَصَحَّحَ النَّاظِمُ فَسَادَ الْعَقْدِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ أَكْرَاهُ دَابَّةً عَشَرَةَ أَيَّامٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وما زَادَ فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ دِرْهَمٌ فقال أَحْمَدُ في رِوَايَةِ أبي الْحَارِثِ هو جَائِزٌ‏.‏

وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ والحاوي ‏[‏الحاوي‏]‏ الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وقال الْقَاضِي يَصِحُّ في الْعَشَرَةِ وَحْدَهَا‏.‏

وَتَأَوَّلَ نُصُوصَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ على أَنَّ قَوْلَهُ لَا بَأْسَ وَجَائِزٌ في الْأَوَّلِ وَيَبْطُلُ في الثَّانِي‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالظَّاهِرُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ خِلَافُ ذلك‏.‏

قال في الْهِدَايَةِ الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي رَجَعَ إلَى ما فيه الْإِشْكَالُ‏.‏

قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَعِنْدِي أَنَّ حُكْمَ هذه الْمَسْأَلَةِ حُكْمُ ما إذَا أَجَّرَهُ عَيْنًا كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا انْتَهَى وَهِيَ الْآتِيَةُ قَرِيبًا‏.‏

قَوْلُهُ وَنَصَّ أَحْمَدُ على أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكْتَرِيَ لِمُدَّةِ غُزَاتِهِ وَإِنْ سَمَّى لِكُلِّ يَوْمٍ شيئا مَعْلُومًا فَجَائِزٌ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمَا وَيَتَخَرَّجُ الْمَنْعُ وهو رِوَايَةٌ في الْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ أَكْرَاهُ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ أو كُلَّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ فَالْمَنْصُوصُ في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ أَنَّهُ يَصِحُّ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَاخْتِيَارُ الْقَاضِي وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ وَالشَّيْخَيْنِ انْتَهَى‏.‏

قال النَّاظِمُ يَجُوزُ في الْأُولَى وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ وَالْكَافِي وَشَرْحِ بن رَزِينٍ‏.‏

وقال أبو بَكْرٍ وابن حَامِدٍ لَا يَصِحُّ وَاخْتَارَهُ ابن عقيل‏.‏

قال في الْكَافِي وقال أبو بَكْرٍ وَجَمَاعَةٌ من أَصْحَابِنَا بِالْبُطْلَانِ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

قال الشَّارِحُ وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي عَدَمَ الصِّحَّةِ لِأَنَّ الْعَقْدَ تَنَاوَلَ جَمِيعَ الْأَشْهُرِ وَذَلِكَ مَجْهُولٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ يَصِحُّ في الْعَقْدِ الْأَوَّلِ لَا غَيْرُ‏.‏

قَوْلُهُ وَكُلَّمَا دخل شَهْرٌ لَزِمَهُمَا حُكْمُ الْإِجَارَةِ‏.‏

هذا تفريع ‏[‏تفريغ‏]‏ على الذي قَدَّمَهُ وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ يَلْزَمُ الْأَوَّلُ بِالْعَقْدِ وَسَائِرُهَا بِالتَّلَبُّسِ بِهِ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْفَسْخُ عِنْدَ تَقَضِّي كل شَهْرٍ‏.‏

أَنَّ الْفَسْخَ يَكُونُ قبل دُخُولِ الشَّهْرِ الثَّانِي وهو اخْتِيَارُ أبي الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وهو مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَصَاحِبِ الْفَائِقِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَصَرَّحَ بِهِ بن‏.‏

الزَّاغُونِيِّ فقال يَلْزَمُ بَقِيَّةَ الشُّهُورِ إذَا شَرَعَ في أَوَّلِ الْجُزْءِ من ذلك الشَّهْرِ انْتَهَى‏.‏

فَعَلَى هذا لو أَرَادَ الْفَسْخَ يقول فَسَخْت الْإِجَارَةَ في الشَّهْرِ الْمُسْتَقْبَلِ وَنَحْوُ ذلك‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْفَسْخَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الشَّهْرِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ أَيْضًا له الْفَسْخُ بَعْدَ دُخُولِ الشَّهْرِ الثَّانِي وَقَبْلَهُ أَيْضًا‏.‏

وقال أَيْضًا تَرْكُ التَّلَبُّسِ بِهِ فَسْخٌ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وقال في الرَّوْضَةِ إنْ لم يَفْسَخْ حتى دخل الثَّانِي فَهَلْ له الْفَسْخُ فيه رِوَايَتَانِ انْتَهَى‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَكُونُ الْفَسْخُ في أَوَّلِ كل شَهْرٍ في الْحَالِ على الصَّحِيحِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ يَفْسَخُ بَعْدَ دُخُولِ الثَّانِي وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ‏.‏

وقال الْقَاضِي وَالْمَجْدُ في مُحَرَّرِهِ له الْفَسْخُ إلَى تَمَامِ يَوْمٍ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى إلَّا أَنْ يَفْسَخَهَا أَحَدُهُمَا في أَوَّلِ يَوْمٍ منه‏.‏

وَقِيلَ أو يَوْمَيْنِ وَقِيلَ بَلْ أَوَّلَ لَيْلَةٍ منه وَقِيلَ عِنْدَ فَرَاغِ ما قَبْلَهُ‏.‏

وَقُلْتُ أو يقول إذَا مَضَى هذا الشَّهْرُ فَقَدْ فَسَخْتهَا انْتَهَى‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو أَجَّرَهُ شَهْرًا لم يَصِحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي وَكَثِيرُونَ‏.‏

وَعَنْهُ يَصِحُّ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْتِدَاؤُهُ من حِينِ الْعَقْدِ‏.‏

وَخَرَّجَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ من كل شَهْرٍ بِكَذَا وَفَرَّقَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ بَيْنَهُمَا‏.‏

الثَّانِيَةُ لو قال أَجَّرْتُكَهَا هذا الشَّهْرَ بِكَذَا وما زَادَ فَبِحِسَابِهِ صَحَّ في الشَّهْرِ الْأَوَّلِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ في كل شَهْرٍ تَلَبَّسَ بِهِ‏.‏

قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَإِنْ اكْتَرَاهَا شَهْرًا مُعَيَّنًا بِدِرْهَمٍ وَكُلَّ شَهْرٍ بَعْدَهُ بِدِرْهَمٍ أو بِدِرْهَمَيْنِ صَحَّ في الْأَوَّلِ وَفِيمَا بَعْدَهُ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّاظِمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ‏.‏

قلت الْأَوْلَى الصِّحَّةُ‏.‏

وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِمَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ وَالْخِرَقِيِّ الْمُتَقَدِّمَةِ‏.‏

ثُمَّ وَجَدْته قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرُ وَقَالَا نَصَّ عليه‏.‏

وقال في الْحَاوِي عنه الْقَوْلُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ على حَمْلِ الْمَيْتَةِ وَالْخَمْرِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ وَيَحْرُمُ على الْأَصَحِّ‏.‏

قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وقال هذا الْمَذْهَبُ‏.‏

وَعَنْهُ يَصِحُّ لَكِنْ يُكْرَهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا أُجْرَةَ له قَالَهُ في التَّلْخِيصِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ أَكْلُ أُجْرَتِهِ‏.‏

يَعْنِي على الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ التي تَقُولُ يَصِحُّ الْإِجَارَةُ على ذلك وَهَذَا الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وقال صَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ فيه رِوَايَتَانِ‏.‏

قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَهَلْ يَطِيبُ له أَكْلُ أُجْرَتِهِ فيه وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا يَطِيبُ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ‏.‏

وقال في التَّلْخِيصِ وَهَلْ يَأْكُلُ الْأُجْرَةَ أو يَتَصَدَّقُ بها فيه وَجْهَانِ‏.‏

تنبيه‏:‏

مُرَادُهُ بِحَمْلِ الْمَيْتَةِ وَالْخَمْرِ هُنَا الْحَمْلُ لِأَجْلِ أَكْلِهَا لِغَيْرِ مُضْطَرٍّ أو شُرْبِهَا‏.‏

فَأَمَّا الِاسْتِئْجَارُ لِأَجْلِ إلْقَائِهَا أو إرَاقَتِهَا فَيَجُوزُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وَإِنْ كان كَلَامُهُ في الْفُرُوعِ مُوهِمًا‏.‏

وَقِيلَ لَا يَجُوزُ حَكَاهُ النَّاظِمُ فقال‏:‏

وَجَوَّزَ على الْمَشْهُورِ حَمْلَ إرَاقَةٍ *** وَنَبْذٍ لِمَيْتَاتٍ وَكَسْحَ الْأَذَى الرَّدِيء

وَعَنْهُ يُكْرَهُ وَهِيَ مُرَادُ غَيْرِ الْمَشْهُورِ في النَّظْمِ‏.‏

فوائد‏:‏

إحْدَاهَا لَا يُكْرَهُ أَكْلُ أُجْرَتِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو اسْتَأْجَرَهُ على سَلْخِ الْبَهِيمَةِ بِجِلْدِهَا لم يَصِحَّ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ‏.‏

وَقِيلَ يَصِحُّ‏.‏

وَصَحَّحَهُ في التَّلْخِيصِ وهو الصَّوَابُ قال النَّاظِمُ‏:‏

وَلَوْ جَوَّزُوهُ مِثْلَ تَجْوِيزِ بَيْعِهِ *** بَعِيرًا وَثَنِيًّا جِلْدَهُ لم أُبْعِدْ

وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ على ذلك وَعَلَى نَظَائِرِهِ في أَوَاخِرِ الْمُضَارَبَةِ‏.‏

فَعَلَى الْأَوَّلِ له أُجْرَةُ الْمِثْلِ‏.‏

الثَّالِثَةُ تَجُوزُ إجَارَةُ الْمُسْلِمِ لِلذِّمِّيِّ إذَا كانت الْإِجَارَةُ في الذِّمَّةِ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وَنَصّ عليه في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ‏.‏

قال ابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ يَجُوزُ على الْمَنْصُوصِ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وفي جَوَازِ إجَارَتِهِ له لِعَمَلٍ غَيْرِ الْخِدْمَةِ مُدَّةً مَعْلُومَةً رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ‏.‏

إحْدَاهُمَا يَجُوزُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هُنَا‏.‏

قال في الْمُغْنِي في الْمُصَرَّاةِ هذا أَوْلَى وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وَالثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ‏.‏

وَأَمَّا إجَارَتُهُ لِخِدْمَتِهِ فَلَا تَصِحُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَلَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ لِخِدْمَتِهِ على الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

وَعَنْهُ يَجُوزُ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرَةِ‏.‏

وَكَذَا حُكْمُ إعَارَتِهِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

فائدة‏:‏

حُكْمُ إعَارَتِهِ حُكْمُ إجَارَتِهِ لِلْخِدْمَةِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَيَأْتِي ذلك في الْعَارِيَّةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَالْإِجَارَةُ على ضَرْبَيْنِ أَحَدُهُمَا إجَارَةُ عَيْنٍ فَتَجُوزُ إجَارَةُ كل عَيْنٍ يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ الْمُبَاحَةِ منها مع بَقَائِهَا وَحَيَوَانٍ لِيَصِيدَ بِهِ إلَّا الْكَلْبَ‏.‏

لَا يَجُوزُ إجَارَةُ الْكَلْبِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ‏.‏

وَقِيلَ يَجُوزُ إجَارَةُ كَلْبٍ يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ‏.‏

وَيَجِيء على ما اخْتَارَهُ الْحَارِثِيُّ في جَوَازِ بَيْعِهِ صِحَّةُ إجَارَتِهِ أَيْضًا‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالثَّمَانِينَ حَكَى الْحَلْوَانِيُّ فيه وَجْهَيْنِ وَخَرَّجَ أبو الْخَطَّابِ وَجْهًا في الْجَوَازِ‏.‏

تنبيه‏:‏

َانِ‏.‏

أَحَدُهُمَا ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَحَيَوَانٌ لِيَصِيدَ أَنَّهُ إذَا لم يَصْلُحْ لِلصَّيْدِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إجَارَتُهُ وهو صَحِيحٌ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا‏.‏

الثَّانِي صِحَّةُ إجَارَةِ حَيَوَانٍ لِيَصِيدَ بِهِ مَبْنِيَّةٌ على صِحَّةِ بَيْعِهِ على ما تَقَدَّمَ في كِتَابِ الْبَيْعِ‏.‏

لَكِنْ جَزَمَ في التَّبْصِرَةِ بِصِحَّةِ إجَارَةِ هِرٍّ وَفَهْدٍ وَصَقْرٍ مُعَلَّمٍ لِلصَّيْدِ وَحَكَى في بَيْعِهَا الْخِلَافَ قَالَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قلت وَكَذَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ في هذا الْكِتَابِ وَكَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ فما في اخْتِصَاصِ صَاحِبِ التَّبْصِرَةِ بهذا الْحُكْمِ مَزِيَّةٌ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْأَصْحَابُ ذلك بِنَاءً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

فائدة‏:‏

تَحْرُمُ إجَارَةُ فَحْلٍ لِلنُّزُوِّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَعَنْهُ لَا تَصِحُّ وَقِيلَ تَصِحُّ وهو تَخْرِيجٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ بِنَاءً على إجَارَةِ الظِّئْرِ لِلرَّضَاعِ وَاحْتِمَالٌ لِابْنِ عَقِيلٍ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ‏.‏

وَكَرِهَهُ الأمام أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ زَادَ حَرْبٌ جِدًّا‏.‏

قِيلَ فَاَلَّذِي يُعْطِي وَلَا يَجِدُ منه بُدًّا فَكَرِهَهُ‏.‏

وَنَقَلَ بن الْقَاسِمِ قِيلَ له يَكُونُ مِثْلَ الْحَجَّامِ يُعْطِي وَإِنْ كان مَنْهِيًّا عنه فقال لم يَبْلُغْنَا أَنَّهُ عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَعْطَى في مِثْلِ هذا كما بَلَغَنَا في الْحَجَّامِ‏.‏

وَحَمَلَهُ الْقَاضِي على ظَاهِرِهِ وقال هذا مُقْتَضَى النَّظَرِ تَرَكَ في الْحَجَّامِ‏.‏

وَحَمَلَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ على الْوَرَعِ لَا التَّحْرِيمِ‏.‏

وقال إنْ احْتَاجَ ولم يَجِدْ من يَطْرُقُ له جَازَ أَنْ يَبْذُلَ الْكِرَاءَ وَلَيْسَ لِلْمُطْرِقِ أَخْذُهُ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ فَإِنْ أَطْرَقَ بِغَيْرِ إجَارَةٍ وَلَا شَرْطٍ فَأُهْدِيَتْ له هَدِيَّةٌ أو أُكْرِمَ بِكَرَامَةٍ فَلَا بَأْسَ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَوْ أَنَزَاهُ على فَرَسِهِ فَنَقَصَ ضَمِنَ نَقْصَهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ كِتَابٍ لِيَقْرَأَ فيه إلَّا الْمُصْحَفَ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

في جَوَازِ إجَارَةِ الْمُصْحَفِ لِيَقْرَأَ فيه ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ الْكَرَاهَةُ وَالتَّحْرِيمُ وَالْإِبَاحَةُ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَالْخِلَافُ هُنَا مَبْنِيٌّ على الْخِلَافِ في بَيْعِهِ‏.‏

أَحَدُهَا لَا يَجُوزُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَالْمُذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ‏.‏

الثَّانِي يَجُوزُ قَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وَقِيلَ يُبَاحُ‏.‏

فائدة‏:‏

يَصِحُّ نسخة بِأُجْرَةٍ نَصَّ عليه وَتَقَدَّمَ في نَوَاقِضِ الطَّهَارَةِ هل يَجُوزُ لِلذِّمِّيِّ نَسْخُهُ‏.‏

فائدة‏:‏

ما حَرُمَ بَيْعُهُ حَرُمَ إجَارَتُهُ إلَّا الْحُرَّ وَالْحُرَّةَ وَيَصْرِفُ بَصَرَهُ عن النَّظَرِ نَصَّ عليه وَالْوَقْفُ وَأُمُّ الْوَلَدِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

قَوْلُهُ وَاسْتِئْجَارُ النَّقْدِ لِلتَّحَلِّي وَالْوَزْنِ لَا غَيْرُ‏.‏

جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

قال في الْمُحَرَّرِ يَجُوزُ إجَارَةُ النَّقْدِ لِلْوَزْنِ وَنَحْوِهِ‏.‏

وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَيَجُوزُ إجَارَةُ نَقْدٍ لِلْوَزْنِ وَاقْتَصَرُوا عليه‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَمَنَعَ في الْمُغْنِي إجَارَةَ نَقْدٍ او شَمْعٍ لِلتَّجَمُّلِ وَثَوْبٍ لِتَغْطِيَةِ نَعْشٍ وما يُسْرِعُ فَسَادُهُ كَرَيَاحِينَ‏.‏

قال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَنَفَاحَةٌ لِلشَّمِّ بَلْ عَنْبَرٌ وَشَبَهُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ جَوَازُ ذلك انْتَهَى‏.‏

فَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلتَّحَلِّي لِاقْتِصَارِهِمْ على الْوَزْنِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ خَرَجَ كَلَامُهُمْ على الْغَالِبِ لِأَنَّ الْغَالِبَ في الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ أَنْ لَا يُتَحَلَّى بها‏.‏

وَقَوْلُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ لِلتَّجَمُّلِ ليس الْمُرَادُ التَّحَلِّيَ بِهِ لِأَنَّ التَّجَمُّلَ غَيْرُ التَّحَلِّي‏.‏

وَأَطْلَقَ في الْفُرُوعِ في إجَارَةِ النَّقْدِ لِلتَّحَلِّي وَالْوَزْنِ الْوَجْهَيْنِ في كِتَابِ الْوَقْفِ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ أَطْلَقَ يَعْنِي الْإِجَارَةَ في النَّقْدِ وَقُلْنَا بِالصِّحَّةِ في التي قَبْلَهَا لم يَصِحَّ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَاخْتَارَهُ ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ ذَكَرَهُ في كِتَابِ الْوَقْفِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ‏.‏

وَيُنْتَفَعُ بها في ذلك يَعْنِي في التَّحَلِّي وَالْوَزْنِ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وهو الصَّوَابُ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْقَوَاعِدِ وَعِنْدَ الْقَاضِي يَكُونُ قَرْضًا أَيْضًا‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَكُونُ قَرْضًا قَالَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

فائدة‏:‏

وَكَذَا حُكْمُ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْفُلُوسِ‏.‏

قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالثَّلَاثِينَ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ وَلَدِهِ لِخِدْمَتِهِ وَامْرَأَتِهِ لِرَضَاعِ وَلَدِهِ وَحَضَانَتِهِ‏.‏

يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ وَلَدِهِ لِخِدْمَتِهِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ‏.‏

قلت وفي النَّفْسِ منه شَيْءٌ بَلْ الذي يَنْبَغِي أنها لَا تَصِحُّ وَيَجِبُ عليه خِدْمَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ‏.‏

وَأَمَّا اسْتِئْجَارُ امْرَأَتِهِ لِرَضَاعِ وَلَدِهِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَوَازُهُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ والشارح ‏[‏والشرح‏]‏ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ‏.‏

وقال الْقَاضِي لَا يَجُوزُ وَتَأَوَّلَ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ على أنها في حِبَالِ زَوْجٍ آخَرَ‏.‏

قال الشِّيرَازِيُّ في الْمُنْتَخَبِ إنْ اسْتَأْجَرَهَا من هِيَ تَحْتَهُ لِرَضَاعِ وَلَدِهِ لم يَجُزْ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ نَفْعَهَا‏.‏

وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا أُجْرَةَ لها مُطْلَقًا‏.‏

وَيَأْتِي في بَابِ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ بِأَتَمَّ من هذا عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ طَلَبَتْ أُجْرَةَ مِثْلِهَا وَوَجَدَ من يَتَبَرَّعُ بِرَضَاعِهِ فَهِيَ أَحَقُّ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا فَرْقَ بين أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ منها أو من غَيْرِهَا وَلَا أَنْ تكون ‏[‏يكون‏]‏ في حِبَالِهِ أو لَا‏.‏

وَيَأْتِي قَرِيبٌ من ذلك في آخِرِ بَابِ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ وَالْمَمَالِيكِ‏.‏

فائدة‏:‏

يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ أَحَدَ وَالِدَيْهِ لِلْخِدْمَةِ لَكِنْ يُكْرَهُ ذلك‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ أَحَدُهَا أَنْ يَعْقِدَ على نَفْعِ‏.‏

الْعَيْنِ دُونَ أَجْزَائِهَا فَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ الطَّعَامِ لِلْأَكْلِ وَلَا الشَّمْعِ لِيُشْعِلَهُ‏.‏

لَا يَجُوزُ إجَارَةُ الشَّمْعِ لِيُشْعِلَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ ليس هذا بِإِجَارَةٍ بَلْ هو إذْنٌ في الْإِتْلَافِ وهو سَائِغٌ كَقَوْلِهِ من أَلْقَى مَتَاعَهُ‏.‏

قال في الْفَائِقِ وهو الْمُخْتَارُ ثُمَّ قال قُلْت وهو مُشَابِهٌ لِبَيْعِهِ من الصُّبْرَةِ كُلَّ قَفِيزٍ بِكَذَا وَلَوْ أَذِنَ في الطَّعَامِ بِعِوَضٍ كَالشَّمْعِ فَمِثْلُهُ انْتَهَى‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ وَجَعَلَهُ شَيْخُنَا يَعْنِي إجَارَةَ الشَّمْعِ لِيُشْعِلَهُ مِثْلَ كل شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ فَمِثْلُهُ في الْأَعْيَانِ نَظِيرُ هذه الْمَسْأَلَةِ في الْمَنَافِعِ وَمِثْلُهُ كُلَّمَا أَعْتَقْت عَبْدًا من عَبِيدِك فَعَلَيَّ ثَمَنُهُ فإنه يَصِحُّ وَإِنْ لم يُبَيِّنْ الْعَدَدَ وَالثَّمَنَ وهو إذْنٌ في الِانْتِفَاعِ بِعِوَضٍ وَاخْتَارَ جَوَازَهُ وَأَنَّهُ ليس بِلَازِمٍ بَلْ جَائِزٌ كَجَعَالَةٍ وَكَقَوْلِهِ أَلْقِ مَتَاعَك في الْبَحْرِ وعلى ضَمَانُهُ فإنه جَائِزٌ وَمَنْ أَلْقَى كَذَا فَلَهُ كَذَا انْتَهَى وَتَقَدَّمَ في أَوَّلِ فَصْلِ الْمُزَارَعَةِ هل يَجُوزُ إجَارَةُ الشَّجَرَةِ بِثَمَرِهَا‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا حَيَوَانٍ لِيَأْخُذَ لَبَنَهُ إلَّا في الظِّئْرِ وَنَقْعُ الْبِئْرِ يَدْخُلُ تَبَعًا‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُهُ إلَّا في الظِّئْرِ وَنَقْعُ الْبِئْرِ يَدْخُلُ تَبَعًا فَتَقَدَّمَ في الظِّئْرِ هل وَقَعَ الْعَقْدُ على اللَّبَنِ وَدَخَلَتْ الْحَضَانَةُ تَبَعًا أو عَكْسُهُ في أَوَّلِ الْبَابِ‏.‏

وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ جَوَازَ إجَارَةِ قَنَاةِ مَاءٍ مُدَّةً وَمَاءِ فَائِضِ بِرْكَةٍ رَأَيَاهُ وَإِجَارَةِ حَيَوَانٍ لِأَجْلِ لَبَنِهِ قام بِهِ هو أو رَبُّهُ فَإِنْ قام عليها الْمُسْتَأْجِرُ وَعَلَفَهَا فَكَاسْتِئْجَارِ الشَّجَرِ وَإِنْ عَلَفَهَا رَبُّهَا وَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي لَبَنًا مُقَدَّرًا‏.‏

فَبَيْعٌ مَحْضٌ وَإِنْ كان يَأْخُذُ اللَّبَنَ مُطْلَقًا فَبَيْعٌ أَيْضًا وَلَيْسَ هذا بِغَرَرٍ وَلِأَنَّ هذا يَحْدُثُ شيئا فَشَيْئًا فَهُوَ بِالْمَنَافِعِ أَشْبَهُ فَإِلْحَاقُهُ بها أَوْلَى وَلِأَنَّ الْمُسْتَوْفَى بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ على زَرْعِ الْأَرْضِ هو عَيْنٌ من أَعْيَانٍ وهو ما يُحْدِثُهُ اللَّهُ من الْحَبِّ بِسَقْيِهِ وَعَمَلِهِ وَكَذَا مُسْتَأْجِرُ الشَّاةِ لِلَبَنِهَا مقصودة ما يُحْدِثُهُ اللَّهُ من لَبَنِهَا بِعَلَفِهَا وَالْقِيَامِ عليها فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَالْآفَاتُ وَالْمَوَانِعُ التي تَعْرِضُ لِلزَّرْعِ أَكْثَرُ من آفَاتِ اللَّبَنِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ في الْعُقُودِ الْجَوَازُ وَالصِّحَّةُ قال وَكَظِئْرٍ انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ وَنَقْعُ الْبِئْرِ يَدْخُلُ تَبَعًا‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وقال في الْمُبْهِجِ وَغَيْرِهِ مَاءُ بِئْرٍ‏.‏

وقال في الْفُصُولِ لَا يَسْتَحِقُّ بِالْإِجَارَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُهُ بِحِيَازَتِهِ‏.‏

وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ إنْ قُلْنَا يَمْلِكُ الْمَاءَ لم يَجُزْ مَجْهُولًا وَإِلَّا جَازَ وَيَكُونُ على أَصْلِ الْإِبَاحَةِ‏.‏

وقال في الِانْتِصَارِ قال أَصْحَابُنَا وَلَوْ غَارَ مَاءُ دَارٍ مُؤَجَّرَةٍ فَلَا فَسْخَ لِعَدَمِ دُخُولِهِ في الْإِجَارَةِ‏.‏

وقال في التَّبْصِرَةِ لَا يَمْلِكُ عَيْنًا وَلَا يَسْتَحِقُّهَا بِإِجَارَةٍ إلَّا نَقْعَ الْبِئْرِ في مَوْضِعٍ مُسْتَأْجَرٍ وَلَبَنِ ظِئْرٍ يَدْخُلَانِ تَبَعًا‏.‏

تنبيه‏:‏

قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ يَدْخُلُ تَبَعًا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَائِدٌ إلَى نَقْعِ الْبِئْرِ لِأَنَّهُ أَفْرَدَ الضَّمِيرَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَائِدٌ إلَى الظِّئْرِ وَنَقْعِ الْبِئْرِ وَبِهِ صَرَّحَ غَيْرُهُ قال إلَّا في الظِّئْرِ وَنَقْعِ الْبِئْرِ فَإِنَّهُمَا يَدْخُلَانِ تَبَعًا انْتَهَى‏.‏

قُلْت مِمَّنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ فإنه قال وَلَا يُسْتَحَقُّ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ عَيْنٌ إلَّا في مَوْضِعَيْنِ لَبَنِ الظِّئْرِ وَنَقْعِ الْبِئْرِ فَإِنَّهُمَا يَدْخُلَانِ تَبَعًا انْتَهَى‏.‏

وَكَذَا صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ لِعَدَمِ ضَبْطِهِ انْتَهَى‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَعَ الْعَقْدُ على الْمُرْضِعَةِ وَاللَّبَنُ تَبَعٌ يَسْتَحِقُّ إتْلَافَهُ بِالرَّضَاعِ‏.‏

وَقَالَهُ الْقَاضِي في الْخِصَالِ وَصَحَّحَهُ ابن عقيل في الْفُصُولِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ كما تَقَدَّمَ في الظِّئْرِ‏.‏

فَعَلَى الِاحْتِمَالِ تَكُونُ الْإِجَارَةُ وَقَعَتْ على اللَّبَنِ وَعَلَى الثَّانِي يَدْخُلُ اللَّبَنُ تَبَعًا وَهُمَا قَوْلَانِ تَقَدَّمَا‏.‏

فائدة‏:‏

وَمِمَّا يَدْخُلُ تَبَعًا حِبْرُ النَّاسِخِ وَخُيُوطُ الْخَيَّاطِ وَكُحْلُ الْكَحَّالِ وَمَرْهَمُ الطَّبِيبِ وَصِبْغُ الصَّبَّاغِ وَنَحْوُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الصَّغِير في الْحِبْرِ وَالْخُيُوطِ وَأَطْلَقَ وَجْهَيْنِ في الصِّبْغِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَمَنْ اكتري لِنَسْخٍ أو خِيَاطَةٍ أو كُحْلٍ وَنَحْوِهِ لَزِمَهُ حِبْرٌ وَخُيُوطٌ وَكُحْلٌ‏.‏

وَقِيلَ يَلْزَمُ ذلك الْمُسْتَأْجِرَ‏.‏

وَقِيلَ يَتْبَعُ في ذلك الْعُرْفَ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْكُحْلِ من الطَّبِيبِ على الْأَصَحِّ لَا الدَّوَاءِ اعْتِمَادًا على الْعُرْفِ وَقَطَعَ بهذا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

قَوْلُهُ الثَّانِي مَعْرِفَةُ الْعَيْنِ بِرُؤْيَةٍ أو صِفَةٍ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا الْمَذْهَبُ وَالْمَشْهُورُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمَا‏.‏

وفي الْآخَرِ يَجُوزُ بِدُونِهِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ‏.‏

وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ هُنَا مَبْنِيٌّ على الْخِلَافِ في الْبَيْعِ على ما تَقَدَّمَ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ إجَارَةُ الْمُشَاعِ مُفْرَدًا لِغَيْرِ شَرِيكِهِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي قال أَصْحَابُنَا وَلَا يَجُوزُ إجَارَةُ الْمُشَاعِ لِغَيْرِ الشَّرِيكِ إلَّا أَنْ يُؤَجِّرَ الشَّرِيكَانِ مَعًا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قال في الْفَائِقِ وَلَا يَصِحُّ إجَارَةُ مُشَاعٍ مُفْرَدًا لِغَيْرِ شَرِيكٍ أو معه إلَّا بِإِذْنٍ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ لَا يَصِحُّ إلَّا لِشَرِيكِهِ بِالْبَاقِي أو معه لِثَالِثٍ انْتَهَى‏.‏

وَعَنْهُ ما يَدُلُّ على جَوَازِهِ‏.‏

اخْتَارَهُ أبو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وأبو الْخَطَّابِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَالْحَافِظُ بن عبد الْهَادِي في حَوَاشِيهِ وَقَدَّمَهُ في التَّبْصِرَةِ وهو الصَّوَابُ‏.‏

وفي طريقه بَعْضِ الْأَصْحَابِ وَيَتَخَرَّجُ لنا من عَدَمِ إجَارَةِ الْمُشَاعِ أَنْ لَا يَصِحَّ رَهْنُهُ وَكَذَا هِبَتُهُ وَيَتَوَجَّهُ وَقْفُهُ قال وَالصَّحِيحُ هُنَا صِحَّةُ رَهْنِهِ وَإِجَارَتِهِ وَهِبَتِهِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا التَّخْرِيجُ خِلَافُ نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ في رِوَايَةِ سِنْدِي يَجُوزُ بَيْعُ الْمُشَاعِ وَرَهْنُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَجَّرَ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لِلْمَنَافِعِ وَلَا يَقْدِرُ على الِانْتِفَاعِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا هل إجَارَةُ حَيَوَانٍ وَدَارٍ لِاثْنَيْنِ وَهُمَا لِوَاحِدٍ مِثْلُ إجَارَةِ الْمُشَاعِ أو يَصِحُّ هُنَا وَإِنْ مَنَعْنَا في الْمُشَاعِ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَجَعَلَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا مثله وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ‏.‏

وَقِيلَ يَصِحُّ هُنَا وَإِنْ مَنَعْنَا الصِّحَّةَ في الْمُشَاعِ‏.‏

الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ فَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ بَهِيمَةٍ زَمِنَةٍ لِلْحَمْلِ وَلَا أَرْضٍ لَا تُنْبِتُ لِلزَّرْعِ‏.‏

قال في الْمُوجَزِ وَلَا حَمَامٍ لِحَمْلِ الْكُتُبِ لِتَعْذِيبِهِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ يَصِحُّ ذَكَرَهُ في التَّبْصِرَةِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وهو أَوْلَى‏.‏

قَوْلُهُ الْخَامِسُ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مَمْلُوكَةً لِلْمُؤَجِّرِ أو مَأْذُونًا له فيها‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَيَحْتَمِلُ الْجَوَازَ وَيَقِفُ على إجَازَةِ الْمَالِكِ بِنَاءً على جَوَازِ بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ على ما تَقَدَّمَ في تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ في كِتَابِ الْبَيْعِ‏.‏

قَوْلُهُ فَيَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجِرِ إجَارَةُ الْعَيْنِ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ وَيَجُوزُ لِلْمُؤَجِّرِ وَغَيْرِهِ بِمِثْلِ الْأُجْرَةِ وَزِيَادَةٍ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا تَجُوزُ إجَارَتُهَا ذَكَرَهَا الْقَاضِي‏.‏

وَعَنْهُ لَا تَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِهِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا تَجُوزُ بِزِيَادَةٍ إلَّا بِإِذْنِهِ‏.‏

وَعَنْهُ إنْ جَدَّدَ فيها عِمَارَةً جَازَتْ الزيادة ‏[‏للزيادة‏]‏ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ فَعَلَ تَصَدَّقَ بها قَالَهُ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ‏.‏

فائدة‏:‏

قال في التَّلْخِيصِ في أَوَّلِ الْغَصْبِ ليس لِمُسْتَأْجِرِ الْحُرِّ أَنْ يُؤَجِّرَهُ‏.‏

من آخَرَ إذَا قُلْنَا لَا تَثْبُتُ يَدُ غَيْرِهِ عليه وَإِنَّمَا هو يُسَلِّمُ نَفْسَهُ وَإِنْ قُلْنَا تَثْبُتُ صَحَّ انْتَهَى‏.‏

قُلْت فَعَلَى الْأَوَّلِ يُعَايَى بها وَيُسْتَثْنَى من كَلَامِ من أَطْلَقَ‏.‏

تنبيهانِ‏:‏

أَحَدُهُمَا الذي يَنْبَغِي أَنْ تَقَيَّدَ هذه الْمَسْأَلَةُ فِيمَا إذَا أَجَّرَهَا لِمُؤَجِّرِهَا بِمَا إذَا لم يَكُنْ حِيلَةٌ فَإِنْ كان حِيلَةٌ لم يَجُزْ قَوْلًا وَاحِدًا وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْأَصْحَابِ وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِمَسْأَلَةِ الْعِينَةِ وَعَكْسِهَا‏.‏

الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَوَازُ إجَارَتِهَا سَوَاءٌ كان قَبَضَهَا أو لَا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ ليس له ذلك قبل قَبْضِهَا جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ‏.‏

وَقِيلَ تَجُوزُ إجَارَتُهَا لِلْمُؤَجِّرِ دُونَ غَيْرِهِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي‏.‏

وَصَحَّحُوا في غَيْرِ الْمُؤَجِّرِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَالَا أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ بَيْعُ الطَّعَامِ قبل قَبْضِهِ هل يَصِحُّ من بَائِعِهِ أَمْ لَا على ما تَقَدَّمَ وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ الْجَوَازِ هُنَاكَ فَكَذَا هُنَا فَيَكُونُ ما قَالَهُ في الْوَجِيزِ وَالْمُذْهَبِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْفُرُوعِ عَدَمُ الْبِنَاءِ وَالصَّوَابُ الْبِنَاءُ وهو أَظْهَرُ وَلَيْسَتْ شَبِيهَةً بِبَيْعِ الطَّعَامِ قبل قَبْضِهِ فِيمَا يَظْهَرُ بَلْ بِبَيْعِ الْعَقَارِ قبل قَبْضِهِ‏.‏

قَوْلُهُ وَلِلْمُسْتَعِيرِ إجَارَتُهَا إذَا أَذِنَ له الْمُعِيرُ مُدَّةً بِعَيْنِهَا‏.‏

يَعْنِي أَذِنَ له في إجَارَتِهَا وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَلَا يَصِحُّ إيجَارُ مُعَارٍ‏.‏

وَقِيلَ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ رَبُّهُ في مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَجُوزُ إجَارَةُ الْوَقْفِ فَإِنْ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ فَانْتَقَلَ إلَى من بَعْدَهُ لم تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ‏.‏

أَحَدُهُمَا لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ في الْخُطْبَةِ‏.‏

كما لو عُزِلَ الْوَلِيُّ وَنَاظِرُ الْوَقْفِ وَكَمِلْكِهِ الْمُطْلَقِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ بن رَزِينٍ‏.‏

قال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَنْفَسِخُ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وأبو الْحُسَيْنِ أَيْضًا وَحَكَيَاهُ عن أبي إِسْحَاقَ بن شَاقِلَا وَاخْتَارَهُ ابن عقيل وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هذا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

قال الْقَاضِي هذا ظَاهِرُ كلام الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ صَالِحٍ‏.‏

قال ابن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ وهو الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ لآن الطَّبَقَةَ الثَّانِيَةَ تَسْتَحِقُّ الْعَيْنَ بِمَنَافِعِهَا تَلَقِّيًا عن الْوَاقِفِ بِانْقِرَاضِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ وهو الْمَذْهَبُ قال النَّاظِمُ‏:‏

وَلَوْ قِيلَ أَنْ يُؤَجِّرَهُ ذُو نَظَرٍ من الْمُحَبِّسِ *** لم يُفْسَخْ فَقَطْ لم أُبْعِدَ

وَقِيلَ تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ وهو تَخْرِيجٌ لِلْمُصَنِّفِ في الْمُغْنِي من تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالثَّلَاثِينَ لَكِنَّ الْأُجْرَةَ إنْ كانت مُقَسَّطَةً على‏.‏

أَشْهُرِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أو أَعْوَامِهَا فَهِيَ صَفَقَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ على أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ فَلَا تَبْطُلُ جَمِيعُهَا بِبُطْلَانِ بَعْضِهَا وَإِنْ لم تَكُنْ مُقَسَّطَةً فَهِيَ صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ فَيَطَّرِدُ فيها الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ انْتَهَى‏.‏

وقال في الْفَائِقِ قُلْت وَتَخْرُجُ الصِّحَّةُ بَعْدَ الْمَوْتِ مَوْقُوفَةً لَا لَازِمَةً وهو الْمُخْتَارُ انْتَهَى‏.‏

تنبيهات‏:‏

أَحَدُهَا قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِيمَا إذَا أَجَّرَهُ ثُمَّ وَقَفَهُ‏.‏

الثَّانِي قال الْعَلَّامَةُ بن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ اعْلَمْ أَنَّ في ثُبُوتِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ نَظَرًا لِأَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا فَرَضَهُ فِيمَا إذَا أَجَّرَ الْمَوْقُوفَ عليه لِكَوْنِ النَّظَرِ له مَشْرُوطًا وَهَذَا مَحَلُّ تَرَدُّدٍ أَعْنِي إذَا أَجَّرَ بِمُقْتَضَى النَّظَرِ الْمَشْرُوطِ له هل يَلْحَقُ بِالنَّاظِرِ الْعَامِّ فَلَا يَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ أَمْ لَا فإن من أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ من أَلْحَقَهُ بِالنَّاظِرِ الْعَامِّ انْتَهَى‏.‏

الثَّالِثُ مَحَلُّ الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ إذَا كان الْمُؤَجِّرُ هو الْمَوْقُوفَ عليه بِأَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ‏.‏

فَأَمَّا إنْ كان الْمُؤَجِّرُ هو النَّاظِرَ الْعَامَّ وَمَنْ شَرَطَ له وكان أَجْنَبِيًّا لم تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَالشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ بن رَجَبٍ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وقال ابن رَجَبٍ أَمَّا إذَا شَرَطَهُ لِلْمَوْقُوفِ عليه أو أتى بِلَفْظٍ يَدُلُّ على ذلك فَأَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِإِلْحَاقِهِ بِالْحَاكِمِ وَنَحْوِهِ وأنه لَا يَنْفَسِخُ قَوْلًا وَاحِدًا وَأَدْخَلَه ابن حَمْدَانَ في الْخِلَافِ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وهو الْأَشْبَهُ‏.‏

الرَّابِعُ مَحَلُّ الْخِلَافِ أَيْضًا عِنْدَ بن حَمْدَانَ في رِعَايَتَيْهِ وَغَيْرِهِ إذَا أَجَّرَهُ‏.‏

مُدَّةً يَعِيشُ فيها غَالِبًا فَأَمَّا إنْ أَجَّرَهُ مُدَّةً لَا يَعِيشُ فيها غَالِبًا فَإِنَّهَا تَنْفَسِخُ قَوْلًا وَاحِدًا وما هو بِبَعِيدٍ‏.‏

فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ من أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ يَسْتَحِقُّ الْبَطْنُ الثَّانِي حِصَّتَهُ من الْأُجْرَةِ من تركه الْمُؤَجِّرِ إنْ كان قَبَضَهَا وَإِنْ لم يُمْكِنْ قَبْضُهَا فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ‏.‏

وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي يَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ على وَرَثَةِ الْمُؤَجِّرِ الْقَابِضِ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إنْ كان قَبَضَهَا الْمُؤَجِّرُ رَجَعَ بِذَلِكَ في تَرِكَتِهِ فَإِنْ لم تكن ‏[‏يكن‏]‏ تَرِكَةٌ فَأَفْتَى بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِأَنَّهُ إذَا كان الْمَوْقُوفُ عليه هو النَّاظِرَ فَمَاتَ فَلِلْبَطْنِ الثَّانِي فَسْخُ الْإِجَارَةِ وَالرُّجُوعُ بِالْأُجْرَةِ على من هو في يَدِهِ انْتَهَى‏.‏

وقال أَيْضًا وَاَلَّذِي يُتَوَجَّهُ أَوَّلًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ سَلَفُ الْأُجْرَةِ لِلْمَوْقُوفِ عليه لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَنْفَعَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ وَلَا الْأُجْرَةَ عليها فَالتَّسْلِيفُ لهم قَبْضُ ما لَا يَسْتَحِقُّونَهُ بِخِلَافِ الْمَالِكِ وَعَلَى هذا فَلِلْبَطْنِ الثَّانِي أَنْ يُطَالِبُوا بِالْأُجْرَةِ الْمُسْتَأْجِرَ لِأَنَّهُ لم يَكُنْ له التَّسْلِيفُ وَلَهُمْ أَنْ يُطَالِبُوا النَّاظِرَ انْتَهَى‏.‏

فائدة‏:‏

قال ابن رَجَبٍ بَعْدَ ذِكْرِ هذه الْمَسْأَلَةِ وَهَكَذَا حُكْمُ الْمُقْطِعِ إذَا أَجَّرَ إقْطَاعَهُ ثُمَّ انْتَقَلَتْ عنه إلَى غَيْرِهِ بِإِقْطَاعٍ آخَرَ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ أَجَّرَ الْوَلِيُّ الْيَتِيمَ أو أَجَّرَ مَالَهُ أو السَّيِّدُ الْعَبْدَ ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِيُّ وَعَتَقَ الْعَبْدُ لم تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ ذَكَرُوهُ في بَابِ الْحَجْرِ‏.‏

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَنْفَسِخَ وهو وَجْهٌ في الصَّبِيِّ وَتَخْرِيجٌ في الْعَبْدِ من الصَّبِيِّ‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالثَّلَاثِينَ وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَنْفَسِخُ إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَهَا في الْعِتْقِ فإن له اسْتِثْنَاءَ مَنَافِعِهِ بِالشُّرُوطِ وَالِاسْتِثْنَاءُ الْحُكْمِيُّ أَقْوَى بِخِلَافِ الصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ وَرَشَدَ فإن الْوَلِيَّ تَنْقَطِعُ وِلَايَتُهُ عنه بِالْكُلِّيَّةِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَرْجِعُ الْعَتِيقُ على سَيِّدِهِ بِشَيْءٍ من الْأُجْرَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقِيلَ يَرْجِعُ بِحَقِّ ما بَقِيَ كما تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ إنْ لم يَشْتَرِطْهَا على مُسْتَأْجِرِهِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِيمَا إذَا أَجَّرَهُ ثُمَّ وَقَفَهُ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا لم يَعْلَمْ بُلُوغَهُ عِنْدَ فَرَاغِهَا فَأَمَّا إنْ أَجَّرَهُ مُدَّةً يَعْلَمُ بُلُوغَهُ فيها فَإِنَّهَا تَنْفَسِخُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

وَقِيلَ لَا تَنْفَسِخُ أَيْضًا‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالثَّلَاثِينَ وقال هذا الْأَشْهَرُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ‏.‏

قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ الشَّارِحُ‏.‏

قُلْت وَيَلْحَقُ بِهِ الْعَبْدُ إذَا عَلِمَ عِتْقَهُ في الْمُدَّةِ التي وَقَعَتْ عليها الْإِجَارَةُ‏.‏

وَيُتَصَوَّرُ ذلك بِأَنْ يُعَلَّقَ عِتْقُهُ على صِفَةٍ تُوجَدُ في مُدَّةِ الْإِجَارَةِ ولم ‏[‏لم‏]‏ أَرَهُ لِلْأَصْحَابِ وهو وَاضِحٌ ثُمَّ رَأَيْته في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى صَرَّحَ بِذَلِكَ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو وُرِثَ الْمَأْجُورُ أو اشترى أو اُتُّهِبَ أو وصى له بِالْعَيْنِ أو أَخَذَ صَدَاقًا أو أَخَذَهُ الزَّوْجُ عِوَضًا عن خُلْعٍ أو صُلْحًا أو غَيْرُ ذلك فَالْإِجَارَةُ بِحَالِهَا قَطَعَ بِهِ في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالثَّلَاثِينَ‏.‏

قُلْت وقد صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ حَيْثُ قالوا وَيَجُوزُ بَيْعُ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهَا الْمُسْتَأْجِرُ‏.‏

الثَّانِيَةُ يَجُوزُ إجَارَةُ الْإِقْطَاعِ كَالْوَقْفِ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وقال لم يَزَلْ يُؤَجَّرُ من زَمَنِ الصَّحَابَةِ إلَى الْآنَ قال وما عَلِمْت أَحَدًا من عُلَمَاءِ‏.‏

الْإِسْلَامِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَلَا غَيْرِهِمْ قال إجَارَةُ الْإِقْطَاعِ لَا تَجُوزُ حتى حَدَثَ في زَمَانِنَا فَابْتَدَعَ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ‏.‏

وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال ابن رَجَبٍ في الْقَوَاعِدِ وَأَمَّا إجَارَةُ إقْطَاعِ الِاسْتِغْلَالِ التي مَوْرِدُهَا مَنْفَعَةُ الْأَرْضِ دُونَ رَقَبَتِهَا فَلَا نَقْلَ فيها نَعْلَمُهُ وَكَلَامُ الْقَاضِي يُشْعِرُ بِالْمَنْعِ لِأَنَّهُ جَعَلَ مَنَاطَ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ لِلْمَنَافِعِ لُزُومَ الْعَقْدِ وَهَذَا مُنْتَفٍ في الْإِقْطَاعِ انْتَهَى‏.‏

فَعَلَى ما قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لو أَجَّرَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْإِقْطَاعُ لِآخَرَ فذكر في الْقَوَاعِدِ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْوَقْفِ إذَا انْتَقَلَ إلَى بَطْنٍ ثَانٍ وَأَنَّ الصَّحِيحَ تَنْفَسِخُ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُدَّةِ مَعْلُومَةً‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ‏.‏

لَكِنْ لو عَلَّقَهَا على ما يَقَعُ اسْمُهُ على شَيْئَيْنِ كَالْعِيدِ وَجُمَادَى وَرَبِيعٍ فَهَلْ يَصِحُّ وَيُصْرَفُ إلَى الْأَوَّلِ أو لَا يَصِحُّ حتى يُعَيِّنَ فيه وَجْهَانِ‏.‏

الْأَوَّلُ اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وَجَمَاعَةٍ من الْأَصْحَابِ‏.‏

الثَّانِي اخْتِيَارُ الْقَاضِي‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ وقد تَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في السَّلَمِ وَأَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ الصِّحَّةِ‏.‏

قَوْلُهُ يَغْلِبُ على الظَّنِّ بَقَاءُ الْعَيْنِ فيها وَإِنْ طَالَتْ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَجُوزُ إجَارَتُهَا أَكْثَرَ من سَنَةٍ قَالَه ابن حَامِدٍ وَاخْتَارَهُ‏.‏

وَقِيلَ تَصِحُّ ثَلَاثَ سِنِينَ لَا غَيْرُ‏.‏

وَقِيلَ ثَلَاثِينَ سَنَةً ذَكَرَهُ الْقَاضِي قال في الرِّعَايَةِ نَصَّ عليه‏.‏

وَقِيلَ لَا تَبْلُغُ ثَلَاثِينَ سَنَةً‏.‏