فصل: فائدة: (في جناية العبد)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***


فائدة‏:‏ ‏[‏في جناية العبد‏]‏

لو كانت الْجِنَايَةُ من الْعَبْدِ مُوجِبَةً لِلْقَطْعِ فَقُطِعَتْ يَدُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَقَدْ تَعَيَّبَ عِنْدَهُ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْقَطْعِ دُونَ حَقِيقَتِهِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

وَهَلْ يَمْنَعُ ذلك رَدَّهُ بِعَيْبِهِ على رِوَايَتَيْنِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

قُلْت الذي يَظْهَرُ أَنَّ ذلك ليس بِحُدُوثِ عَيْبٍ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ قبل الْبَيْعِ غَايَتُهُ أَنَّهُ اسْتَوْفَى ما كان مُسْتَحَقًّا فَلَا يُسْقِطُ ذلك حَقَّ الْمُشْتَرِي من الرَّدِّ‏.‏

قَوْلُهُ وَالشَّرِكَةُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِقِسْطِهِ من الثَّمَنِ وَيَصِحُّ بِقَوْلِهِ أَشْرَكْتُك في نِصْفِهِ أو بِثُلُثِهِ‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ لَكِنْ لو قال أَشْرَكْتُك وَسَكَتَ صَحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَيَنْصَرِفُ إلَى النِّصْفِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ لَقِيَهُ آخَرُ فقال أَشْرِكْنِي عَالِمًا بِشَرِكَةِ الْأَوَّلِ فَلَهُ نِصْفُ نَصِيبِهِ وهو الرُّبْعُ وَإِنْ لم يَكُنْ عَالِمًا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صِحَّةُ الْبَيْعِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَأْخُذُ نَصِيبَهُ كُلَّهُ وهو النِّصْفُ وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالْخَمْسِينَ لو بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نِصْفَ السِّلْعَةِ‏.‏

الْمُشْتَرَكَةِ هل يَتَنَزَّلُ الْبَيْعُ على نِصْفٍ مَشَاعٍ وَإِنَّمَا له نِصْفُهُ وهو الرُّبْعُ أو على النِّصْفِ الذي يَخُصُّهُ بِمِلْكِهِ وَكَذَلِكَ في الْوَصِيَّةِ فيه وَجْهَانِ‏.‏

وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَنَّهُ يَتَنَزَّلُ على النِّصْفِ الذي يَخُصُّهُ كُلِّهِ بِخِلَافِ ما إذَا قال له أَشْرَكَتْك في نِصْفِهِ وهو لَا يَمْلِكُ سِوَى النِّصْفِ فإنه يَسْتَحِقُّ منه الرُّبْعَ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ تَقْتَضِي التَّسَاوِي في الْمِلْكَيْنِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ‏.‏

وَالْمَنْصُوصُ في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ النِّصْفِ حتى يَقُولَ نَصِيبِي وَإِنْ أُطْلِقَ تَنَزَّلَ على الرُّبْعِ انْتَهَى‏.‏

وَقِيلَ يَأْخُذُ نِصْفَ ما في يَدِهِ وهو الرُّبْعُ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

وَقِيلَ له نِصْفُ ما في يَدِهِ وَنِصْفُ ما في يد شَرِيكِهِ إنْ أَجَازَ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ الْأَخِيرِينَ لِطَالِبِ الشَّرِكَةِ وهو الْأَخِيرُ مِنْهُمَا الْخِيَارُ إلَّا أَنْ يَقُولَ بِوُقُوفِهِ على الْإِجَازَةِ في الْوَجْهِ الثَّانِي وَيُجِيزُهُ الْآخَرُ‏.‏

وَإِنْ كانت السِّلْعَةُ لِاثْنَيْنِ فقال لَهُمَا آخَر أَشْرِكَانِي فَأَشْرَكَاهُ مَعًا فَلَهُ الثُّلُث على الصَّحِيحِ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَقِيلَ له النِّصْفُ وَقَدَّمَه ابن رزين في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

وَإِنْ أَشْرَكَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا كان له النِّصْفُ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الرُّبْعُ‏.‏

وَإِنْ قال أَشْرِكَانِي فيه فَشَرَكَهُ أَحَدُهُمَا فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وهو الصَّحِيحُ له السُّدُسُ وَعَلَى الثَّانِي له الرُّبْعُ‏.‏

وَإِنْ قال أَحَدُهُمَا أَشْرَكْنَاكَ انْبَنَى على تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ فَإِنْ قُلْنَا بِهِ وَأَجَازَهُ فَهَلْ يَثْبُتُ له الْمَلِكُ في ثُلُثِهِ أو نِصْفِهِ على الْوَجْهَيْنِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو اشْتَرَى قَفِيزًا وَقَبَضَ نِصْفَهُ فقال له شَخْصٌ بِعْنِي نِصْفَ هذا الْقَفِيزِ فَبَاعَهُ انْصَرَفَ إلَى نِصْفِ الْمَقْبُوضِ‏.‏

وَإِنْ قال أَشْرِكْنِي في هذا الْقَفِيزِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ فَفَعَلَ لم تَصِحَّ الشَّرِكَةُ إلَّا فِيمَا قَبَضَ منه فَيَكُونُ النِّصْفُ الْمَقْبُوضُ بَيْنَهُمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الشَّرِكَةَ تَنْصَرِفُ إلَى النِّصْفِ كُلِّهِ فَيَكُونُ بَائِعًا لِمَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وما لَا يَصِحُّ فَيَصِحُّ في نِصْفِ الْمَقْبُوضِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَلَا يَصِحُّ فِيمَا لم يُقْبَضْ كما قُلْنَا في تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ وَظَاهِرُ الشَّرْحِ الْإِطْلَاقُ‏.‏

قَوْلُهُ وَالْمُرَابَحَةُ أَنْ يَبِيعَهُ بِرِبْحٍ فيقول رَأْسُ مَالِي فيه مِائَةٌ بِعْتُكَهُ بها وَرِبْحَ عَشَرَةٍ أو على أَنْ أَرْبَحَ في كل عَشَرَةٍ دِرْهَمًا‏.‏

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى وهو قَوْلُهُ بِعْتُكَهُ بها وَرِبْحَ عَشَرَةٍ لَا يُكْرَهُ قَوْلًا وَاحِدًا‏.‏

وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ قَوْلُهُ على أَنْ أَرْبَحَ في كل عَشَرَةٍ دِرْهَمًا مَكْرُوهَةٌ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ‏.‏

نَقَلَ الْأَثْرَمُ أَنَّهُ كُرِهَ بَيْعُ ده يازده وهو هذا‏.‏

وَنَقَلَ أبو الصَّقْرِ هو الرِّبَا وَاقْتَصَرَ عليه أبو بَكْرٍ في زَادِ الْمُسَافِرِ‏.‏

وَنَقَلَ أَحْمَدُ بن هَاشِمٍ كَأَنَّهُ دَرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ لَا يَصِحُّ‏.‏

وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ وَذَكَرَهُ رِوَايَةً في الْحَاوِي وَالْفَائِقِ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وَحَيْثُ قُلْنَا إنَّهُ ليس بِرِبًا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَالْمُوَاضَعَةُ أَنْ يَقُولَ بِعْتُك بها وَوَضِيعَةِ دِرْهَمٍ من كل عَشَرَةٍ فَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ تِسْعُونَ دِرْهَمًا‏.‏

وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقِيلَ يَلْزَمُهُ تِسْعُونَ دِرْهَمًا وَعَشَرَةُ أَجْزَاءٍ من أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا من دِرْهَمٍ كما لو قال وَوَضِيعَةِ دِرْهَمٍ لِكُلِّ عَشَرَةٍ أو عن كل عَشَرَةٍ اخْتَارَهُ الْقَاضِي ذَكَرَهُ في التَّلْخِيصِ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قال الشَّارِحُ وَهَذَا غَلَطٌ‏.‏

وَقِيلَ يَلْزَمُهُ تِسْعُونَ دِرْهَمًا وَتِسْعَةُ أَعْشَارِ دِرْهَمٍ وَحَكَاهُ الْأَزَجِيُّ رِوَايَةً قال في الرِّعَايَةِ وهو سَهْوٌ وهو كما قال‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا مَتَى بَانَ الثَّمَنُ أَقَلَّ حَطَّ الزِّيَادَةَ وَيَحُطُّ في الْمُرَابَحَةِ قِسْطَهَا وَيُنْقِصُهُ في الْمُوَاضَعَةِ وَلَا خِيَارَ له فيها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه‏.‏

قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَعَنْهُ بَلَى‏.‏

الثَّانِيَةُ حُكْمُ بَيْعِ الْمُوَاضَعَةِ في الْكَرَاهَةِ وَعَدَمِهَا وَالصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا حُكْمُ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ على ما تَقَدَّمَ‏.‏

قَوْلُهُ وَمَتَى اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ ولم يُبَيِّنْ ذلك لِلْمُشْتَرِي في تَخْيِيرِهِ بِالثَّمَنِ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ بين الْإِمْسَاكِ وَالرَّدِّ‏.‏

هذا إحْدَى الرِّوَايَاتِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْح ابن مُنَجَّا وَصَحَّحَهُ في الْفَائِقِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ‏.‏

وَعَنْهُ يَأْخُذُهُ مُؤَجَّلًا وَلَا خِيَارَ له نَصَّ عليه وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ‏.‏

فَعَلَى الْأَوَّلِ إذَا اخْتَارَ الْإِمْسَاكَ فإنه يَأْخُذُهُ مُؤَجَّلًا على الصَّحِيحِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا‏.‏

وَعَنْهُ يَأْخُذُهُ حَالًّا أو يَفْسَخُ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى لو عَلِمَ تَأْجِيلَ الثَّمَنِ بَعْدَ تَلَفِ الْمَبِيعِ حَبَسَ الثَّمَنَ بِقَدْرِ الْأَجَلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَبْطُلَ الْبَيْعُ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو ادَّعَى الْبَائِعُ غَلَطًا وأن ‏[‏أن‏]‏ الثَّمَنَ أَكْثَرُ مِمَّا أخبره بِهِ لم يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا بينة ‏[‏ببينة‏]‏ مُطْلَقًا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَحَمَلَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ عليه وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدَّمَه ابن رزين في شَرْحِهِ وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ في الْخُطْبَةِ‏.‏

وَعَنْهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مُطْلَقًا مع يَمِينِهِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَاخْتَارَه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَالْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ‏.‏

وقال ابن رَزِينِ في شَرْحِهِ وهو الْقِيَاسُ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ‏.‏

وَعَنْهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنْ كان مَعْرُوفًا بِالصِّدْقِ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

وَعَنْهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً حتى يُصَدِّقَهُ الْمُشْتَرِي وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَأَطْلَقَ الْأُولَى وَالْأَخِيرَتَيْنِ في الْكَافِي‏.‏

فَإِنْ لم يَكُنْ لِلْبَائِعِ بَيِّنَةٌ أو كانت له وَقُلْنَا لَا يُقْبَلُ فَادَّعَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَلَطٌ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي ذلك فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ الصَّحِيحُ أَنَّ عليه الْيَمِينَ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذلك وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ‏.‏

الثَّالِثَةُ لو بَاعَهَا بِدُونِ ثَمَنِهَا عَالِمًا لَزِمَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَخَرَّجَهَا الْأَزَجِيُّ على التي قَبْلَهَا‏.‏

قَوْلُهُ أو بِأَكْثَرَ من ثَمَنِهِ حِيلَةً‏.‏

مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِيَ من غُلَامٍ دُكَّانَهُ لِحُرٍّ أو غَيْرِهِ على وَجْهِ الْحِيلَةِ لم يَجُزْ بَيْعُهُ مُرَابَحَةً حتى يَتَبَيَّنَ‏.‏

وَإِنْ لم يَكُنْ حِيلَةً فقال الْقَاضِي إذَا بَاعَ غُلَامٌ دُكَّانَهُ سِلْعَةً ثُمَّ اشْتَرَى منه بِأَكْثَرَ من ذلك لم يَجُزْ بَيْعُهُ مُرَابَحَةً حتى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ في حَقِّهِ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالصَّحِيحُ جَوَازُ ذلك وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَظَاهِرُ الْفَائِقِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ‏.‏

قَوْلُهُ أو بَاعَ بَعْضَ الصَّفْقَةِ بِقِسْطِهَا من الثَّمَنِ ولم يُبَيِّنْ ذلك لِلْمُشْتَرِي في تَخْيِيرِهِ بِالثَّمَنِ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ كانت السِّلْعَةُ كُلُّهَا له أو الْبَعْضُ الْمَبِيعُ إذَا كان الْجَمِيعُ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَعَنْهُ يَجُوزُ بَيْعُ نَصِيبِهِ مُرَابَحَةً مُطْلَقًا من اللَّذَيْنِ اشْتَرَيَاهُ وَاقْتَسَمَاهُ ذَكَرَه ابن أبي مُوسَى وَعَنْهُ عَكْسُهُ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كان الْمَبِيعُ من الْمُتَقَوِّمَاتِ التي لَا يَنْقَسِمُ عليها الثَّمَنُ بِالْأَجْزَاءِ كَالثِّيَابِ وَنَحْوِهَا‏.‏

فَأَمَّا إنْ كان من الْمُتَمَاثِلَاتِ التي يَنْقَسِمُ عليها الثَّمَنُ بِالْأَجْزَاءِ كَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَنَحْوِهِمَا الْمُتَسَاوِي فإنه يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ مُرَابَحَةً بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا‏.‏

قَوْلُهُ وما يُزَادُ في الثَّمَنِ أو يُحَطُّ منه في مُدَّةِ الْخِيَارِ‏.‏

يُلْحَقُ بِرَأْسِ الْمَالِ وَيُخْبِرُ بِهِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَقِيلَ إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ في زَمَنِ الْخِيَارِ يَنْتَقِلُ إلَى الْمُشْتَرِي فَلَا يُلْحَقُ بِرَأْسِ الْمَالِ‏.‏

كما بَعْدَ اللُّزُومِ على ما يَأْتِي ذِكْرُهُ في الرِّعَايَةِ ولم يُقَيِّدْهُ في الْفُرُوعِ بِانْتِقَالٍ وَلَا بِعَدَمِهِ وَكَذَا الْحُكْمُ لو زَادَ في الثَّمَنِ في مُدَّةِ الْخِيَارِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا قال بَعْضُ الْأَصْحَابِ في طَرِيقَتِهِ مِثْلُ ذلك لو زَادَ أَجَلًا أو خِيَارًا في مُدَّةِ الْخِيَارِ وَقَطَعَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ‏.‏

الثَّانِيَةُ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَلَوْ حَطَّ كُلَّ الثَّمَنِ فَهَلْ يَبْطُلُ الْبَيْعُ أو يَصِحُّ أو يَكُونُ هِبَةً يَحْتَمِلُ أَوْجُهًا‏.‏

قُلْت الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ ذلك هِبَةً‏.‏

قَوْلُهُ أو يُؤْخَذُ أَرْشًا لِعَيْبٍ يُلْحَقُ بِرَأْسِ الْمَالِ‏.‏

أَيْ يُحَطُّ منه وَيُخْبِرُ بِالْبَاقِي هذا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّاب جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْهَادِي وَالْمُصَنِّفُ هُنَا‏.‏

وقال الْقَاضِي يُخْبَرُ بِذَلِكَ على وَجْهِهِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وقال هو أَوْلَى وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ على ما اصطلحناه لِاتِّفَاقِ الشَّيْخَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ أو يُؤْخَذُ أَرْشًا لِجِنَايَةٍ عليه يُلْحَقُ بِرَأْسِ الْمَالِ‏.‏

يَعْنِي يُحَطُّ من رَأْسِ الْمَالِ وَيُخْبِرُ بِالْبَاقِي وَهَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ قَالَهُ في الشَّرْحِ وَصَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهَادِي وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجِبُ عليه أَنْ يُخْبِرَ بِهِ على وَجْهِهِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي قَالَهُ الشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وقال هو أَوْلَى وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَانْتَصَرَ له وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ‏.‏

قُلْت وَهَذَا الْمَذْهَبُ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ وَالشَّرْحِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يُحَطُّ ها هنا من الثَّمَنِ قَوْلًا وَاحِدًا‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى لو أَخَذَ نَمَاءَ ما اشْتَرَاهُ أو اسْتَخْدَمَهُ أو وَطِئَهُ لم يَجِبْ بَيَانُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَفِيهِ رِوَايَةٌ كَنَقْصِهِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو رَخُصَتْ السِّلْعَةُ عن قَدْرِ ما اشْتَرَاهَا بِهِ لم يَلْزَمْهُ الْإِخْبَارُ بِذَلِكَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نُصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ‏.‏

قال في الْكَافِي وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهُ الْإِخْبَارُ بِالْحَالِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا‏.‏

قُلْت وهو قَوِيٌّ فإن الْمُشْتَرِيَ لو عَلِمَ بِذَلِكَ لم يَرْضَهَا بِذَلِكَ الثَّمَنِ فَفِيهِ نَوْعُ تَغْرِيرٍ ثُمَّ وَجَدْت في الْكَافِي قال الْأَوْلَى أَنْ يَلْزَمَهُ‏.‏

الثَّالِثَةُ لو اشْتَرَاهَا بِثَمَنٍ لِرَغْبَةٍ تَخُصُّهُ كَحَاجَتِهِ إلَى إرْضَاعٍ لَزِمَهُ أَنْ يُخْبِرَ بِالْحَالِ وَيَصِيرُ كَالشِّرَاءِ بِثَمَنٍ غَالٍ لِأَجْلِ الْمَوْسِمِ الذي كان حَالَ الشِّرَاءِ ذَكَرَهُ الْفُنُونُ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ فِيهِمَا‏.‏

قَوْلُهُ أو زِيدَ في الثَّمَنِ أو حُطَّ منه بَعْدَ لُزُومِهِ لم يُلْحَقْ بِهِ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يُلْحَقُ بِهِ وَاخْتَارَهُ في الْفَائِقِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ ال

تنبيه‏:‏

على ذلك آخِرَ خِيَارِ الْمَجْلِسِ‏.‏

فائدة‏:‏

هِبَةُ مُشْتَرٍ لِوَكِيلٍ بَاعَهُ كَزِيَادَةٍ وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ وَقَصَّرَهُ بِعَشَرَةٍ أَخْبَرَ بِهِ على وَجْهِهِ فَإِنْ قال تَحَصَّلَ عَلَيَّ بِعِشْرِينَ فَهَلْ يَجُوزُ ذلك على وَجْهَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِيَيْنِ‏.‏

أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ لَا يَجُوزُ في الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجُوزُ وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ‏.‏

فائدة‏:‏

مِثْلُ ذلك حُكْمًا وَخِلَافًا وَمَذْهَبًا أُجْرَةُ كَيْلِهِ وَوَزْنِهِ وَمَتَاعِهِ وَحَمْلِهِ وَخِيَاطَتِهِ‏.‏

قال الْأَزَجِيُّ وَعَلَفُ الدَّابَّةِ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ لَا‏.‏

قال أَحْمَدُ إذَا بَيَّنَ فَلَا بَأْسَ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ بَاعَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ أَخْبَرَ بِذَلِكَ على وَجْهِهِ فَإِنْ قال اشْتَرَيْته بِعَشَرَةٍ جَازَ‏.‏

اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

وقال أَصْحَابُنَا يُحَطُّ الرِّبْحُ من الثَّمَنِ الثَّانِي وَيُخْبِرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةٍ وهو الْمَذْهَبُ نُصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ كما قال الْمُصَنِّفُ‏.‏

قُلْت وهو ضَعِيفٌ‏.‏

وَلَعَلَّ مُرَادَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ اسْتِحْبَابُ ذلك لَا أَنَّهُ على سَبِيلِ اللُّزُومِ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا بَقِيَ شَيْءٌ بَعْدَ حَطِّ الرِّبْحِ أَمَّا إذَا لم يَبْقَ شَيْءٌ فإنه يُخْبِرُ بِالْحَالِ قَوْلًا وَاحِدًا عِنْدَهُمْ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو اشْتَرَى شَخْصٌ نِصْفَ سِلْعَةٍ بِعَشَرَةٍ وَاشْتَرَى آخَرُ نِصْفَهَا بِعِشْرِينَ ثُمَّ بَاعَاهَا مُسَاوَمَةً بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا‏.‏

قال في الْحَاوِي رِوَايَةً وَاحِدَةً قال ابن رَزِينٍ إجْمَاعًا‏.‏

وَخَرَّجَ أبو بَكْرٍ أَنَّ الثَّمَنَ يَكُونُ على قَدْرِ رؤوس أَمْوَالِهِمَا كَشَرِكَةِ الِاخْتِلَاطِ‏.‏

وَإِنْ بَاعَاهَا مُرَابَحَةً أو مُوَاضَعَةً أو تَوْلِيَةً فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنُصَّ عليه‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وَعَنْهُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا على قَدْرِ رؤوس أَمْوَالِهِمَا نَقَلَهَا أبو بَكْرٍ وَأَنْكَرَهَا الْمُصَنِّفُ‏.‏

لَكِنْ قال في الْفُرُوعِ نَقَل ابن هَانِئٍ وَحَنْبَلٌ على رَأْسِ مَالِهِمَا وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وقال وَقِيلَ الْمَذْهَبُ رِوَايَةً وَاحِدَةً أَنَّهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ وَجْهٌ خَرَّجَهُ أبو بَكْرٍ انْتَهَى‏.‏

وَعَنْهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ رَأْسُ مَالِهِ وَالرِّبْحُ نِصْفَانِ‏.‏

الثَّانِيَةُ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ الْمُسَاوَمَةُ عِنْدِي أَسْهَلُ من بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ‏.‏

قال في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَذَلِكَ لِضِيقِ الْمُرَابَحَةِ على الْبَائِعِ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ أَنْ يُعْلِمَ الْمُشْتَرِيَ بِكُلِّ شَيْءٍ من النَّقْدِ وَالْوَزْنِ وَتَأْخِيرِ الثَّمَنِ وَمِمَّنْ اشْتَرَاهُ وَيَلْزَمُهُ الْمُؤْنَةُ وَالرَّقْمُ وَالْقِصَارَةُ وَالسَّمْسَرَةُ وَالْحَمْلُ وَلَا يَغُرَّ فيه وَلَا يَحِلُّ له أَنْ يُزِيدَ على ذلك شيئا إلَّا بَيَّنَهُ له لِيَعْلَمَ الْمُشْتَرِي بِكُلِّ ما يَعْلَمُهُ الْبَائِعُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمُسَاوَمَةُ انْتَهَى‏.‏

قُلْت اما بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ في هذه الْأَزْمَانِ فَهُوَ أَوْلَى لِلْمُشْتَرِي وَأَسْهَلُ‏.‏

قَوْلُهُ وَمَتَى اخْتَلَفَا في قَدْرِ الثَّمَنِ تَحَالَفَا‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَمُنْكِرٌ صُورَةً وَكَذَا حُكْمُ السَّمَاعِ لِبَيِّنَةِ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا‏.‏

قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَلَا تُسْمَعُ إلَّا بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي بِاتِّفَاقِنَا انْتَهَى‏.‏

وَعَنْهُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مع يَمِينِهِ ذَكَرَهَا بن أبي مُوسَى وابن الْمُنْذِرِ وَذَكَرَهُ في التَّرْغِيبِ الْمَنْصُوصُ كَاخْتِلَافِهِمَا بعد ‏[‏بحد‏]‏ قَبْضِهِ وَفَسْخِ الْعَقْدِ في الْمَنْصُوصِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هذه الرِّوَايَةُ وَإِنْ كانت خَفِيَّةً مَذْهَبًا فَهِيَ ظَاهِرَةٌ دَلِيلًا وَذَكَرَ دَلِيلَهَا وَمَالَ إلَيْهَا وَعَنْهُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي‏.‏

وَنَقَلَ أبو دَاوُد قَوْلُ الْبَائِعِ أو يَتَرَادَّانِ قِيلَ فَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً قال كَذَلِكَ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وَعَنْهُ إنْ كان قبل الْقَبْضِ تَحَالَفَا وَإِنْ كان بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي حَكَاهَا أبو الْخَطَّابِ في انْتِصَارِهِ‏.‏

قَوْلُهُ فَيُبْدَأُ بِيَمِينِ الْبَائِعِ فَيَحْلِفُ ما بِعْته بِكَذَا وَإِنَّمَا بِعْته بِكَذَا ثُمَّ يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي ما اشْتَرَيْته بِكَذَا وَإِنَّمَا اشْتَرَيْته بِكَذَا‏.‏

اعْلَمْ أَنَّ كُلًّا من الْمُتَبَايِعَيْنِ يَذْكُرُ في يَمِينِهِ أثباتا وَنَفْيًا وَيَبْدَأُ بِالنَّفْيِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما قال الْمُصَنِّفُ‏.‏

وَعَنْهُ يُبْدَأُ بِالْإِثْبَاتِ وَذَكَرَهَا الزَّرْكَشِيُّ وَصَاحِبُ الْحَاوِي وَغَيْرُهُمَا وَجْهًا وَذَكَرَهَا في الرِّعَايَةِ قَوْلًا فيقول الْبَائِعُ بِعْته بِكَذَا لَا بِكَذَا وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْته بِكَذَا لَا بِكَذَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِي الْكَبِيرِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَالْأَشْهَرُ يَذْكُرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إثْبَاتًا وَنَفْيًا فَظَاهِرُهُ أَنَّ خِلَافَ الْأَشْهَرِ الِاكْتِفَاءُ بِأَحَدِهِمَا أَعْنِي الْإِثْبَاتَ أو النَّفْيَ‏.‏

وقد قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى حَلَفَ الْبَائِعُ ما بَاعَهُ إلَّا بِكَذَا ثُمَّ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ ما اشْتَرَاهُ إلَّا بِكَذَا‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا لَزِمَهُ ما قال صَاحِبُهُ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

قال بَعْضُ الْأَصْحَابِ لو نَكَلَ مُشْتَرٍ عن إثْبَاتٍ قضى عليه‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ فَإِنْ نَكَلَ الْمُشْتَرِي عن الْإِثْبَاتِ قضى عليه بِتَخْيِيرِ الْبَائِعِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ تَحَالَفَا فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا بِقَوْلِ صَاحِبِهِ أُقِرَّ الْعَقْدُ وَإِلَّا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْفَسْخُ‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَقِيلَ يَقِفُ الْفَسْخُ على الْحَاكِمِ وهو احْتِمَالٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ وَقَطَعَ بِه ابن الزاغوني‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْفَسْخُ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْفَسِخُ بِنَفْسِ التَّحَالُفِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَقِيلَ يَنْفَسِخُ قال ابن الزَّاغُونِيِّ وهو الْمَنْصُوصُ‏.‏

وَكَذَا لَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ لو امْتَنَعَ الْبَائِعُ من إعْطَائِهِ بِمَا قَالَهُ الْمُشْتَرِي وَامْتَنَعَ الْمُشْتَرِي من الْأَخْذِ بِمَا قَالَهُ الْبَائِعُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا‏.‏

وَعَنْهُ يَنْفَسِخُ بِمُجَرَّدِ إبَائِهِمَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ كانت السِّلْعَةُ تَالِفَةً رَجَعَا إلَى قِيمَةِ مِثْلِهَا‏.‏

وهو كَالصَّرِيحِ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ مع تَلَفِ السِّلْعَةِ وقد دخل ذلك في عُمُومِ قَوْلِهِ وَمَتَى اخْتَلَفَا في قَدْرِ الثَّمَنِ تَحَالَفَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ التَّحَالُفُ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هذا اخْتِيَارُ الْأَكْثَرِينَ‏.‏

قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا أَوْلَى وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْخِرَقِيُّ وَتَذْكِرَةِ‏.‏

بن عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَنَصَرَهُ في الْمُغْنِي وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَتَحَالَفَانِ إنْ كانت تَالِفَةً وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مع يَمِينِهِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ أَنَصُّهُمَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْرَعَ التَّحَالُفُ وَلَا الْفَسْخُ فِيمَا إذَا كانت قِيمَةُ السِّلْعَةِ مُسَاوِيَةً لِلثَّمَنِ الذي ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي مع يَمِينِهِ لِأَنَّهُ لَا

فائدة‏:‏

في ذلك لِأَنَّ الْحَاصِلَ بِهِ الرُّجُوعُ إلَى ما ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي وَإِنْ كانت الْقِيمَةُ أَقَلَّ فَلَا

فائدة‏:‏

لِلْبَائِعِ في الْفَسْخِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُشْرَعَ الْيَمِينُ وَلَا الْفَسْخُ لِأَنَّ ذلك ضَرَرٌ عليه من غَيْرِ

فائدة‏:‏

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُشْرَعَ لِتَحْصِيلِ الْ

فائدة‏:‏

لِلْمُشْتَرِي انْتَهَيَا‏.‏

تنبيهان‏:‏

أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ رَجَعَا إلَى قِيمَةِ مِثْلِهَا هَكَذَا قال الْخِرَقِيُّ وَشُرَّاحُهُ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ من الْأَصْحَابِ‏.‏

وقال في التَّلْخِيصِ ثُمَّ يَرُدُّ عَيْنَ الْمَبِيعِ عِنْدَ التَّفَاسُخِ إنْ كانت بَاقِيَةً وَإِلَّا فَمِثْلَهَا فَإِنْ لم تَكُنْ مِثْلِيَّةً وَإِلَّا فَقِيمَتُهَا‏.‏

فَاعْتُبِرَ الْمِثْلِيَّةُ فَإِنْ لم تَكُنْ مِثْلِيَّةً فَالْقِيمَةُ وَالْجَمَاعَةُ أَوْجَبُوا الْقِيمَةَ وَأَطْلَقُوا‏.‏

الثَّانِي قَوْلُهُ في الرِّوَايَةِ الْأُولَى رَجَعَا إلَى قِيمَةِ مِثْلِهَا وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي في قِيمَةِ التَّالِفِ نَقَلَهُ محمد بن الْعَبَّاسِ في قَدْرِهِ وَصِفَتِهِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ كما صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ اخْتَلَفَا في صِفَتِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي‏.‏

فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ سَوَاءٌ كان الِاخْتِلَافُ في صِفَةِ الْعَيْنِ أو الْعَيْبِ‏.‏

أَمَّا صِفَةُ الْعَيْنِ فَلَا خِلَافَ فيها أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَإِنْ كانت الصُّفَّةُ عَيْبًا كَالْبَرَصِ وَالْخَرْقِ في الثَّوْبِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمَشْهُورُ‏.‏

وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ في نَفْيِ ذلك‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ إنْ رضي الْمُشْتَرِي بِمَا قال الْبَائِعُ وَإِلَّا رَجَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى ما خَرَجَ منه فَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ إنْ كان قد قَبَضَ وَيَأْخُذُ الْبَائِعُ الْقِيمَةَ فَإِنْ تَسَاوَيَا وَكَانَا من جِنْسٍ تَقَاصَّا وَتَسَاقَطَا على ما يَأْتِي وَإِلَّا سَقَطَ الْأَقَلُّ وَمِثْلُهُ من الْأَكْثَرِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ‏.‏

وقال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ ظَاهِرُ كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ أَنَّ الْقِيمَةَ إذَا زَادَتْ عن الثَّمَنِ لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الزِّيَادَةُ لِأَنَّهُ قال الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ بين دَفْعِ الثَّمَنِ الذي ادَّعَاهُ الْبَائِعُ وَبَيْنَ دَفْعِ الْقِيمَةِ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يَدَّعِي الزِّيَادَةَ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وَكَلَامُ أبي الْخَطَّابِ كَكَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَلَيْسَ فيه أَنَّ ذلك بَعْدَ الْفَسْخِ بَلْ هذا التَّخْيِيرُ مُصَرِّحٌ بِهِ بِأَنَّهُ بَعْدَ التَّحَالُفِ وَلَيْسَ إذْ ذَاكَ فَسْخٌ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ وَالْحَالَةُ هذه يُخَيَّرُ على الْمَشْهُورِ‏.‏

وَاَلَّذِي قَالَه ابن منجا بَحْثٌ لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ يَعْنِي جَدَّهُ أَبَا الْمَعَالِيَ صَاحِبَ الْخُلَاصَةِ فإنه حَكَى عنه بَعْدَ ذلك أَنَّهُ قال وُجُوبُ الزِّيَادَةِ أَظْهَرُ لِأَنَّ بِالْفَسْخِ سَقَطَ اعْتِبَارُ الثَّمَنِ‏.‏

وَبَحَثَ ذلك الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا فقال يَتَوَجَّهُ أَنْ لَا تجب ‏[‏يجب‏]‏ قِيمَتُهُ إلَّا إذَا كانت أَقَلَّ من الثَّمَنِ أَمَّا إنْ كانت أَكْثَرَ فَهُوَ قد رضي بِالثَّمَنِ فَلَا يُعْطَى زِيَادَةً لِاتِّفَاقِهِمَا على عَدَمِ اسْتِحْقَاقِهَا‏.‏

وَمِثْلُ هذا في الصَّدَاقِ وَلَا فَرْقَ إلَّا أَنَّ هُنَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ الذي هو سَبَبُ اسْتِحْقَاقِ الْمُسَمَّى بِخِلَافِ الصَّدَاقِ فإن المقتضى لِاسْتِحْقَاقِهِ قَائِمٌ انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ وَمَتَى فَسَخَ الْمَظْلُومُ مِنْهُمَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ ظَاهِرًا أو بَاطِنًا وَإِنْ فَسَخَ الظَّالِمُ لم يَنْفَسِخْ في حَقِّهِ بَاطِنًا وَعَلَيْهِ إثْمُ الْغَاصِبِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَيَقْوَى عِنْدِي أَنَّهُ إنْ فَسَخَ الْمَظْلُومُ مِنْهُمَا انْفَسَخَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَإِنْ فَسَخَهُ الْكَاذِبُ عَالِمًا بِكَذِبِهِ لم يَنْفَسِخْ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ‏.‏

فَوَافَقَ اخْتِيَارُهُ في الْمُغْنِي ما جَزَمَ بِهِ هُنَا‏.‏

وَوَافَقَه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ فقال وَيَنْفَسِخُ ظَاهِرًا فَقَطْ لِفَسْخِ أَحَدِهِمَا ظُلْمًا وَمُطْلَقًا لِفَسْخِ الْمَظْلُومِ وَقَدَّمَهُ النَّاظِمُ فقال‏:‏

وَإِنْ فَسَخَ الْمَظْلُومُ يُفْسَخُ مُطْلَقًا *** وَيَنْفُذُ فَسْخُ الْمُعْتَدِي ظَاهِرًا قد

ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلَافَ‏.‏

وقال في الْوَجِيزِ وإذا فَسَخَ الْعَقْدَ انْفَسَخَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا مُطْلَقًا وَيَنْفُذُ فَسْخُ الْمُعْتَدِي‏.‏

فَأَدْخَلَ الظَّالِمَ وَالْمَظْلُومَ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي‏.‏

ثُمَّ قال في الْفُرُوعِ وَقِيلَ مع ظُلْمِ الْبَائِعِ وَفَسْخِهِ يَنْفَسِخُ ظَاهِرًا‏.‏

وَقِيلَ وَبَاطِنًا في حَقِّ الْمَظْلُومِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَمَعَ ظُلْمِ الْبَائِعِ وَفَسْخِهِ يَنْفَسِخُ ظَاهِرًا وَقِيلَ وَبَاطِنًا وَمَعَ ظُلْمِ الْمُشْتَرِي وَفَسْخِهِ يَنْفَسِخُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فيباح ‏[‏فيباع‏]‏ لِلْبَائِعِ جَمِيعُ التَّصَرُّفَاتِ في الْمَبِيعِ وَقِيلَ لَا يَنْفَسِخُ بَاطِنًا‏.‏

وَمَعَ فَسْخِ الْمَظْلُومِ مِنْهُمَا يَنْفَسِخُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا انْتَهَى‏.‏

وقال في الْهِدَايَةِ فَإِنْ انْفَسَخَ الْعَقْدُ فقال شَيْخُنَا يَنْفَسِخُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فَيُبَاحُ لِلْبَائِعِ جَمِيعُ التَّصَرُّفَاتِ في الْمَبِيعِ‏.‏

وَعِنْدِي إنْ كان الْبَائِعُ ظَالِمًا انْفَسَخَ في الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ لِأَنَّهُ كان يُمْكِنُهُ إمْضَاءُ الْعَقْدِ وَاسْتِيفَاءُ حَقِّهِ فإذا فَسَخَ فَقَدْ تَعَدَّى فَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ وَلَا يُبَاحُ له التَّصَرُّفُ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ‏.‏

وَإِنْ كان الْمُشْتَرِي هو الظَّالِمُ انْفَسَخَ الْعَقْدُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يُمْكِنُهُ اسْتِيفَاءُ حَقِّهِ بِإِمْضَاءِ الْعَقْدِ فَكَانَ له الْفَسْخُ كما لو أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي انْتَهَى‏.‏

وَتَابَعَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالشَّرْحِ‏.‏

وقال في الْخُلَاصَةِ وَيَنْفَسِخُ في الْبَاطِنِ وَقِيلَ إنْ كان الْبَائِعُ ظَالِمًا لم يَنْفَسِخْ في الْبَاطِنِ‏.‏

وقال في الْمَذْهَبِ وَالْبُلْغَةِ وَمَتَى وَقَعَ الْفَسْخُ انْفَسَخَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا في حَقِّهِمَا في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وفي الْآخَرِ إنْ كان الْبَائِعُ ظَالِمًا انفسخ في الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ‏.‏

وهو كما قال في الْخُلَاصَةِ إلَّا أَنَّهُمَا أَطْلَقَا وَقَيَّدَ هو‏.‏

وقال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ عن كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ الْفَرْقُ بين الظَّالِمِ وَالْمَظْلُومِ سَوَاءٌ كان الظَّالِمُ الْبَائِعَ أو الْمُشْتَرِيَ‏.‏

ولم أَجِدْ نَقْلًا صَرِيحًا يُوَافِقُ ذلك وَلَا دَلِيلًا يَقْتَضِيهِ بَلْ الْمَنْقُولُ في مِثْلِ ذلك وَذَكَرَ كَلَامَ الْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ انْتَهَى‏.‏

وهو عَجِيبٌ منه فإن الْمَسْأَلَةَ ليس فيها مَنْقُولٌ صَرِيحٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ حتى يُخَالِفَهُ بَلْ الْمَنْقُولُ فيها عن الْأَصْحَابِ وهو من أَعْظَمِهِمْ‏.‏

وقد اخْتَارَ ما قَطَعَ بِهِ هُنَا في الْمُغْنِي فقال وَيَقْوَى عِنْدِي ذلك وَجَزَمَ بِه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَذَكَرَهُ قَوْلًا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

وَقَوْلُهُ وَلَا وَجَدْت دَلِيلًا يَقْتَضِيهِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ فإن فَسْخَ الْمَظْلُومِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا ظَاهِرُ الدَّلِيلِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ‏.‏

واما فَسْخُ الظَّالِمِ لِلْعَقْدِ فإنه لَا يَصِحُّ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ له الْفَسْخُ فلم يَثْبُتْ حُكْمُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ‏.‏

وَهَذِهِ عَادَةُ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ مع الْمُصَنِّفِ إذَا لم يَطَّلِعْ على مَنْقُولٍ بِمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ اعْتَرَضَ عليه وَهَذَا ليس بِجَيِّدٍ فإن الِاعْتِذَارَ عنه أَوْلَى من ذلك وَالْمُصَنِّفُ إمَامٌ جَلِيلٌ له اخْتِيَارٌ وَاطِّلَاعٌ على ما لم يَطَّلِعْ عليه‏.‏

إذَا عَلِمْت ذلك فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ في حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْعَقْدَ يَنْفَسِخُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا مُطْلَقًا كما جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْخُلَاصَةِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وقال هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ‏.‏

وَاخْتَارَ أبو الْخَطَّابِ إنْ كان الْبَائِعُ ظَالِمًا انْفَسَخَ في حَقِّهِ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا وَإِنْ كان الْمُشْتَرِي ظَالِمًا انْفَسَخَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمَذْهَبِ وَالْبُلْغَةِ وَاخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا في صِفَةِ الثَّمَنِ تَحَالَفَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْبَلَدِ نَقْدٌ مَعْلُومٌ فَيُرْجَعُ إلَيْهِ‏.‏

إذَا كان لِلْبَلَدِ نَقْدٌ وَاحِدٌ وَاخْتَلَفَا في صِفَةِ الثَّمَنِ أُخِذَ بِهِ نُصَّ عليه في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَإِنْ كان في الْبَلَدِ نُقُودٌ فقال في الْفُرُوعِ أُخِذَ بِالْغَالِبِ وَعَنْهُ الْوَسَطُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَعَنْهُ الْأَقَلُّ‏.‏

قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَيَتَحَالَفَانِ‏.‏

وقال في الْمُحَرَّرِ وَإِنْ اخْتَلَفَا في صِفَةِ الثَّمَنِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُرْجَعُ إلَى أَغْلَبِ نُقُودِ الْبَلَدِ فَإِنْ تَسَاوَتْ فَأَوْسَطُهَا وقال الْقَاضِي يَتَحَالَفَانِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ أُخِذَ نَقْدُ الْبَلَدِ أو غَالِبُهُ إنْ تَعَدَّدَتْ نُقُودُهُ نَصَّ عليه فَإِنْ اسْتَوَتْ فَالْوَسَطُ وَمِنْ قَبْلُ قَوْلُهُ حَلَفَ وَقِيلَ يَتَحَالَفَانِ‏.‏

زَادَ في الْكُبْرَى وَقِيلَ إنْ قال بِعْتُك هذا الثَّوْبَ بِدِرْهَمٍ وَأَطْلَقَ وَهُنَاكَ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ فَلَهُ أَقَلُّ ذلك‏.‏

فَظَاهِرُهُ جَوَازُ الْبَيْعِ بِثَمَنٍ مُطْلَقٍ وَلِلْبَلَدِ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ وَلَهُ أَدْنَاهَا لِأَنَّهُ الْيَقِينُ‏.‏

وقال في الْهِدَايَةِ فَإِنْ اخْتَلَفَا في صِفَةِ الثَّمَنِ فَإِنْ كان فيه نُقُودٌ رُجِعَ إلَى أَوْسَطِهَا‏.‏

وقال شَيْخُنَا يَتَحَالَفَانِ وَكَذَا قال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ إنْ كان في الْبَلَدِ نُقُودٌ رُجِعَ إلَى أَوْسَطِهَا نُصَّ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ‏.‏

قَالَا فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ إذَا كان هو الْأَغْلَبُ وَالْمُعَامَلَةُ بِهِ أَكْثَرُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُقُوعُ الْمُعَامَلَةِ بِهِ أَشْبَهُ ما إذَا كان في الْبَلَدِ نَقْدٌ وَاحِدٌ‏.‏

وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ رَدَّهُمَا إلَيْهِ مع التَّسَاوِي لِأَنَّ فيه تَسْوِيَةً بَيْنَهُمَا في الْحَقِّ وَتَوَسُّطًا بَيْنَهُمَا وفي الْعُدُولِ إلَى غَيْرِهِ مَيْلٌ على أَحَدِهِمَا فَكَانَ التَّوَسُّطُ أَوْلَى وَعَلَى مُدَّعِي ذلك الثَّمَنُ انْتَهَى‏.‏

وقال ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَإِنْ كان لِلْبَلَدِ نُقُودٌ رُجِعَ إلَى أَوْسَطِهَا تَسْوِيَةً بَيْنَهُمَا وَيَحْلِفُ مُدَّعِيهِ فَإِنْ كانت مُتَسَاوِيَةً تَحَالَفَا انْتَهَى‏.‏

وقال في الْخُلَاصَةِ أُخِذَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَقِيلَ يَتَحَالَفَانِ‏.‏

وقال في التَّلْخِيصِ فَإِنْ كان فيه نُقُودٌ فَهَلْ يُرْجَعُ إلَى الْوَسَطِ أو يَتَحَالَفَانِ على وَجْهَيْنِ‏.‏

وقال في الْفَائِقِ إذَا اخْتَلَفَا في صِفَةِ الثَّمَنِ رُجِعَ إلَى نَقْدِ الْبَلَدِ وَغَالِبِهِ نُصَّ عليه وَلَوْ تَسَاوَتْ نُقُودُهُ فَهَلْ يُرْجَعُ إلَى الْوَسَطِ أو يَتَحَالَفَانِ على وَجْهَيْنِ‏.‏

وقال ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَيَلْزَمُ نَقْدُ الْبَلَدِ أو غَالِبُهُ أو أَحَدُ الْمُتَسَاوِيَةِ أو وَسَطُ الْمُتَقَارِبَةِ بِحَلِفِهِمَا في صِفَةِ الثَّمَنِ‏.‏

إذَا عَلِمْت ذلك فَالْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ هُنَا قَطَعَ بالتحالف ‏[‏التحالف‏]‏ إذَا كان في الْبَلَدِ نُقُودٌ وهو قَوْلُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَه ابن منجا في شَرْحِهِ‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُمَا لَا يَتَحَالَفَانِ لَكِنْ هل يُؤْخَذُ الْغَالِبُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْبُلْغَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْفَائِقِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

قال في الْمُحَرَّرِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ نَصَّ عليه‏.‏

أو يُؤْخَذُ الْوَسَطُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَشَرْح ابن رَزِينٍ وَقَدَّمَهُ في الْمَذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

أو يُؤْخَذُ الْأَقَلُّ فيه ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ‏.‏

وَالثَّالِثَةُ قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ كما تَقَدَّمَ‏.‏

وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ في الْكَلَامِ على رِوَايَةِ الْوَسَطِ‏.‏

وَلَنَا قَوْلٌ رَابِعٌ بِالتَّحَالُفِ وهو قَوْلُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ تَسَاوَتْ النُّقُودُ ولم يَكُنْ فيها غَالِبٌ فقال في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْمُنَوِّرِ أُخِذَ الْوَسَطُ لَكِنْ قال في التَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ هل يُؤْخَذُ الْوَسَطُ أو يَتَحَالَفَانِ على وَجْهَيْنِ كما تَقَدَّمَ‏.‏

وَتَقَدَّمَ كَلَامُ بن عَبْدُوسٍ‏.‏

وَالْوَسَطُ الذي في الْفُرُوعِ غَيْرُ الْمُوَسَّطِ الذي في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ فَلْيُعْلَمْ ذلك‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا في أَجَلٍ أو شَرْطٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ من يَنْفِيهِ‏.‏

هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ يُقَدَّمُ قَوْلُ من يَنْفِي أَجَلًا أو شَرْطًا على الْأَظْهَرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَالْمُنَوِّرِ‏.‏

وقال ابن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الْهَادِي‏.‏

وَعَنْهُ يَتَحَالَفَانِ جَزَمَ بِهِ في تَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْح ابن رَزِينٍ وَنِهَايَتِهِ وَنَظْمِهَا وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ‏.‏

تنبيه‏:‏

مِثْلُ ذلك خِلَافًا وَمَذْهَبًا إذَا اخْتَلَفَا في رَهْنٍ أو في ضَمِينٍ أو في قَدْرِ الْأَجَلِ أو الرَّهْنِ أو الْمَبِيعِ‏.‏

قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَرْطًا فَاسِدًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ من يَنْفِيهِ‏.‏

فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ سَوَاءٌ كان الشَّرْطُ الْفَاسِدُ يُبْطِلُ الْعَقْدَ أو لَا‏.‏

وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كان لَا يُبْطِلُ الْعَقْدَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ من يَنْفِيهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَه ابن رزين وَغَيْرُهُ‏.‏

وَعَنْهُ يَتَحَالَفَانِ وَيَأْتِي كَلَامُ بن عَبْدُوسٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

وَإِنْ كان يُبْطِلُ الْعَقْدَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ من يَنْفِيهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَنَصَّ عليه في دَعْوَى عَبْدٍ عَدَمَ الْإِذْنِ وَدَعْوَى أَنَّهُ كان صَغِيرًا حَالَةَ الْعَقْدِ‏.‏

وَفِيمَنْ يَدَّعِي الصِّغَرَ وَجْهٌ يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ في كِتَابِ الْإِقْرَارِ فِيمَا إذَا أَقَرَّ وقال لم أَكُنْ بَالِغًا‏.‏

وَقَطَعَ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ أَنَّهُ لو ادَّعَى الصِّغَرَ أو السَّفَهَ حَالَةَ الْبَيْعِ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ‏.‏

وقال في الِانْتِصَارِ في مُدِّ عَجْوَةٍ لو اخْتَلَفَا في صِحَّتِهِ وَفَسَادِهِ قُبِلَ قَوْلُ الْبَائِعِ مدعى فَسَادِهِ‏.‏

وَيَأْتِي نَظِيرُ ذلك في الضَّمَانِ وَكِتَابِ الْإِقْرَارِ فِيمَا إذَا ضَمِنَ أو أَقَرَّ وَادَّعَى أَنَّهُ كان صَغِيرًا حَالَةَ الضَّمَانِ وَالْإِقْرَارِ بِأَتَمَّ من هذا‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال بِعْتنِي هَذَيْنِ فقال بَلْ أَحَدَهُمَا يَعْنِي بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْهَادِي وَالْوَجِيزِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَقِيلَ يَتَحَالَفَانِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَذَكَرَه ابن عقيل رِوَايَةً وَصَحَّحَهَا وَقَدَّمَهُ في التَّبْصِرَةِ وَغَيْرِهَا‏.‏

قال الشَّارِحُ هذا أَقْيَسُ وَأَوْلَى إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ هذا أَقْيَسُ‏.‏

قال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ في بَابِ الْمُزَارَعَةِ وَبَابِ الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ في قَدْرِ الْمَبِيعِ تَحَالَفَا ذَكَرَهُ عنه في التَّلْخِيصِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال بِعْتنِي هذا فقال بَلْ هذا حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا على ما أَنْكَرَهُ ولم يَثْبُتْ بَيْعُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا‏.‏

هذا إحْدَى الطَّرِيقَتَيْنِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ هُنَا وفي الْهَادِي وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ‏.‏

وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ حُكْمَ هذه الْمَسْأَلَةِ حُكْمُ التي قَبْلَهَا وَهِيَ الْمَنْصُوصَةُ عن أَحْمَدَ وَهِيَ طَرِيقَةُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَقَدَّمَهَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَأَطْلَقَ الطَّرِيقَتَيْنِ في الْفُرُوعِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا إذَا قُلْنَا يَتَحَالَفَانِ وَتَحَالَفَا فَإِنْ كان ما ادَّعَاهُ الْبَائِعُ مَعِيبًا بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَعَلَيْهِ رَدُّهُ إلَى الْبَائِعِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ طَلَبُهُ إذَا بَذَلَ له ثَمَنَهُ لِاعْتِرَافِهِ بِبَيْعِهِ وَإِنْ لم يُعْطِهِ ثَمَنَهُ فَلَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ وَاسْتِرْجَاعُهُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

وقال في الْمُنْتَخَبِ لَا يَرُدُّهُ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ‏.‏

واما إذَا كان بِيَدِ الْبَائِعِ فإنه يَقِرُّ في يَدِهِ ولم يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي طَلَبُهُ وَعَلَى الْبَائِعِ رَدُّ الثَّمَنِ قَوْلًا وَاحِدًا‏.‏

وَإِنْ أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي شِرَاءَ الْأَمَةِ لم يَطَأْهَا الْبَائِعُ لِأَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِبَيْعِهَا نَقَلَ جَعْفَرٌ هِيَ مِلْكٌ لِذَاكَ أَيْ الْمُشْتَرِي قال أبو بَكْرٍ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِجُحُودِهِ‏.‏

وَيَأْتِي في الْوَكَالَةِ خِلَافُ خُرُوجِهِ في النِّهَايَةِ من الطَّلَاقِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو ادَّعَى الْبَيْعَ وَدَفْعَ الثَّمَنِ فقال بَلْ زَوَّجْتُك وَقَبَضْت الْمَهْرَ فَقَدْ اتَّفَقَا على إبَاحَةِ الْفَرْجِ له وَتُقْبَلُ دَعْوَى النِّكَاحِ بِيَمِينِهِ‏.‏

وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ قَوْلًا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ الْبَيْعَ بِيَمِينِهِ‏.‏

وَيَأْتِي عَكْسُهَا في أَوَائِلِ عِشْرَةِ النِّسَاءِ‏.‏

ذَكَرَ هذه الْمَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفُ في أَوَاخِرِ بَابِ ما إذَا وَصَلَ بِإِقْرَارِهِ ما يُغَيِّرُهُ‏.‏

وَتَقَدَّمَ في كِتَابِ الْبَيْعِ في فَصْلٍ السَّابِعُ إذَا اخْتَلَفَا في صِفَةِ الْمَبِيعِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال الْبَائِعُ لَا أُسَلِّمُ الْمَبِيعَ حتى أَقْبِضَ ثَمَنَهُ وقال الْمُشْتَرِي لَا أُسَلِّمُهُ حتى أَقْبِضَ الْمَبِيعَ وَالثَّمَنُ عَيْنٌ جُعِلَ بَيْنَهُمَا عَدْلٌ يَقْبِضُ مِنْهُمَا وَيُسَلِّمُ إلَيْهِمَا‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَعَنْهُ ما يَدُلُّ على أَنَّ الْبَائِعَ يُجْبَرُ على تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ على الْإِطْلَاقِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُسَلِّمُ الْمَبِيعَ أَوَّلًا ثُمَّ الثَّمَنَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَقِيلَ بَلْ يُسَلِّمُ إلَيْهِمَا مَعًا ونقله ‏[‏ونقل‏]‏ بن مَنْصُورٍ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ‏.‏

وَقِيلَ أَيُّهُمَا يَلْزَمُهُ الْبُدَاءَةُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

فائدة‏:‏

من قَدَرَ مِنْهُمَا على التَّسْلِيمِ وَامْتَنَعَ منه ضَمِنَهُ كَغَاصِبٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ كان دَيْنًا يَعْنِي في الذِّمَّةِ حَالًّا أُجْبِرَ الْبَائِعُ على التَّسْلِيمِ ثُمَّ يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي على تَسْلِيمِ الثَّمَنِ إنْ كان حَاضِرًا يَعْنِي في الْمَجْلِسِ‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَقِيلَ له حَبْسُهُ حتى يَقْبِضَ ثَمَنَهُ الْحَالَّ كما لو خَافَ فَوَاتَهُ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَاخْتَارَهُ في الِانْتِصَارِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ‏.‏

فَعَلَى ما اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ لو سَلَّمَهُ الْبَائِعُ إلَى الْمُشْتَرِي لم يَمْلِكْ بَعْدَ ذلك اسْتِرْجَاعَهُ وَلَا مَنْعَ الْمُشْتَرِي من التَّصَرُّفِ فيه‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ وهو خلاف ‏[‏بخلاف‏]‏ ما قَالَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ في مَسْأَلَةِ الْحَجْرِ الْقَرِيبِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو كان الْخِيَارُ لَهُمَا أو لِأَحَدِهِمَا لم يَمْلِكْ الْبَائِعُ الْمُطَالَبَةَ بِالنَّقْدِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْإِجَارَاتِ من خِلَافِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَزَجِيُّ في نِهَايَتِهِ‏.‏

وَلَا يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي قَبْضَ الْمَبِيعِ في مُدَّةِ الْخِيَارِ بِدُونِ إذْنٍ صَرِيحٍ من الْبَائِعِ نَصَّ على ما قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالْأَرْبَعِينَ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ كان غَائِبًا بَعِيدًا أو الْمُشْتَرِي مُعْسِرًا فَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ منهم صَاحِبُ الْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ له الْفَسْخُ مع إعْسَارِهِ فَقَطْ أو يَصْبِرُ مع الْحَجْرِ عليه قَالَهُ في الرِّعَايَةِ‏.‏

قال وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُبَاعَ الْمَبِيعُ وَقِيلَ وَغَيْرُهُ من مَالِهِ في وَفَاءِ ثَمَنِهِ إذَا تَعَذَّرَ لِإِعْسَارٍ أو بُعْدٍ‏.‏

تنبيه‏:‏

قد يُقَالُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ الْمُشْتَرِي مُعْسِرًا أَنَّهُ سَوَاءٌ كان مُعْسِرًا بِهِ كُلِّهِ أو بِبَعْضِهِ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

وَقِيلَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُعْسِرًا بِهِ كُلِّهِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو أَحْضَرَ نِصْفَ الثَّمَنِ فَهَلْ يَأْخُذُ الْمَبِيعَ كُلَّهُ أو نِصْفَهُ أو لَا يَأْخُذُ شيئا حتى يَزْنِ الْبَاقِيَ أو يُفْسَخُ الْبَيْعُ وَيَرُدُّ ما أَخَذَهُ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ‏.‏

وَقِيلَ نَقْدُ بَعْضِ الثَّمَنِ لَا يَمْنَعُ الْفَسْخَ انْتَهَى‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ وَإِنْ أَحْضَرَ نِصْفَ ثَمَنِهِ فَقِيلَ يَأْخُذُ الْمَبِيعَ وَقِيلَ نِصْفَهُ وَقِيلَ لَا يَسْتَحِقُّ مُطَالَبَتَهُ بِثَمَنٍ وَمُثَمَّنٍ مع خِيَارِ شَرْطٍ انْتَهَى‏.‏

قُلْت أَمَّا أَخْذُ الْمَبِيعِ كُلِّهِ فَفِيهِ ضَرَرٌ على الْبَائِعِ وَكَذَا أَخْذُ نِصْفِهِ لِلتَّشْقِيصِ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ شيئا من الْمَبِيعِ حتى يَأْتِيَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَمِثْلُهُ الْمُؤَجِّرُ بِالنَّقْدِ في الْحَالِّ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَالْمُشْتَرِي مُعْسِرًا أَنَّهُ لو كان مُوسِرًا مُمَاطِلًا ليس له الْفَسْخُ وهو الصَّحِيحُ في الْحَالِّ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ إلَّا الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ فإنه قال له الْفَسْخُ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ كان في الْبَلَدِ حَجَرَ على الْمُشْتَرِي في مَالِهِ كُلِّهِ حتى يُسَلِّمَهُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقِيلَ له الْفَسْخُ

‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ كان غَائِبًا عن الْبَلَدِ قَرِيبًا اُحْتُمِلَ أَنْ يَثْبُتَ لِلْبَائِعِ الْفَسْخُ‏.‏

وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَجَزَمَ بِه ابن رزين في نِهَايَتِهِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْهَادِي‏.‏

وَاحْتُمِلَ أَنْ يُحْجَرَ على الْمُشْتَرِي من غَيْرِ فَسْخٍ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَشَرْح ابن مُنَجَّا وَالْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو كان الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمَبِيعَ لَا يُحْبَسُ عن الْمُشْتَرِي نُصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ يَحْبِسُهُ إلَى أَجَلِهِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَالْوَجِيزِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ‏.‏

الثَّانِيَةُ مِثْلُ الْبَائِعِ في هذه الْأَحْكَامِ الْمُؤَجِّرُ بِالنَّقْدِ في الْحَالِّ قَالَهُ في الْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا

تنبيه‏:‏

ات‏:‏

الْأَوَّلُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَمَنْ اشْتَرَى مَكِيلًا أو مَوْزُونًا‏.‏

أَنَّهُ سَوَاءٌ كان مَطْعُومًا أو غير مَطْعُومٍ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَعَنْهُ مَحِلُّ ذلك إذَا كان مطعوما ‏[‏مطموعا‏]‏ مَكِيلًا أو مَوْزُونًا‏.‏

وَعَنْهُ مَحَلُّ ذلك في الْمَطْعُومِ سَوَاءٌ كان مَكِيلًا أو مَوْزُونًا أو لَا‏.‏

الثَّانِي أَنَاطَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ الْأَحْكَامَ بِمَا يُكَالُ وَيُوزَنُ لَا بِمَا يُبَاعُ من كَيْلٍ أو وَزْنٍ فَدَخَلَ في قَوْلِهِ وَمَنْ اشْتَرَى مَكِيلًا أو مَوْزُونًا الصُّبْرَةُ وهو‏.‏

إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْخِرَقِيِّ وَالْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْحُكْمَ مَنُوطٌ بِذَلِكَ إذَا بِيعَ بِالْكَيْلِ أو الْوَزْنِ لَا بِمَا بِيعَ من ذلك جُزَافًا كَالصُّبْرَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَهِيَ طَرِيقَةُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَصَاحِبِ الْفُرُوعِ وقال هذا الْمَذْهَبُ‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ هذه الرِّوَايَةُ أَشْهَرُ وَهِيَ اخْتِيَارُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَهِيَ الرِّوَايَةُ التي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَعَنْهُ في الصُّبْرَةِ الْمُتَعَيِّنَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهَا قبل قَبْضِهَا وَإِنْ تَلِفَتْ فَهِيَ من ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِي الْكَبِيرِ‏.‏

الثَّالِثُ في اقْتِصَارِ الْمُصَنِّفِ على الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ إشْعَارٌ بِأَنَّ غَيْرَهُمَا ليس مِثْلَهُمَا في الْحُكْمِ وَلَوْ كان مَعْدُودًا أو مَذْرُوعًا وقد صَرَّحَ بِهِ في‏.‏

قَوْلِهِ وما عَدَا الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فيه قبل قَبْضِهِ‏.‏

وهو وَجْهٌ قَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمَعْدُودَ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وقال لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ فيه‏.‏

وَالْمَشْهُورُ في الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمَذْرُوعَ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَقَطَعَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْبُلْغَةِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قَوْلُهُ لم يَجُزْ بَيْعُهُ حتى يَقْبِضَهُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَعَنْهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ لِبَائِعِهِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَوَّزَ التَّوْلِيَةَ فيه وَالشَّرِكَةَ وَخَرَّجَهُ من بَيْعِ دَيْنٍ‏.‏

وَالْمَذْهَبُ خِلَافُ ذلك وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ لم يَجُزْ بَيْعُهُ أَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْعَقْدِ وَلَكِنْ هو مَمْنُوعٌ من بَيْعِهِ قبل قَبْضِهِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ نَقَلَه ابن مشيش وَغَيْرُهُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَحَكَاهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إجْمَاعًا‏.‏

وَذَكَرَ في الِانْتِصَارِ رِوَايَةً أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِالْعَقْدِ ذَكَرَهَا في مَسْأَلَةِ نَقْلِ الْمَلِكِ زَمَنَ الْخِيَارِ‏.‏

وَنَقَل ابن مَنْصُورٍ مِلْكُ الْبَائِعِ قَائِمٌ حتى يُوَفِّيَهُ الْمُشْتَرِي‏.‏

فائدتان‏:‏

إحداهما يَلْزَمُ الْبَيْعُ بِالْعَقْدِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَقِيلَ في قَفِيزٍ من صُبْرَةٍ وَرِطْلٍ من زُبْرَةٍ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِقَبْضِهِ‏.‏

وقال الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ ما يَفْتَقِرُ إلَى الْقَبْضِ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِقَبْضِهِ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ‏.‏

وقال في الرَّوْضَةِ يَلْزَمُ الْبَيْعُ بِكَيْلِهِ وَوَزْنِهِ وَلِهَذَا نَقُولُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْفَسْخُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْآخَرِ ما لم يَكِيلَا أو يَزِنَا‏.‏

قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال قال فَيَتَّجِهُ إذَنْ في نَقْلِ الْمَلِكِ رِوَايَتَا الْخِيَارِ‏.‏

وقال في الرَّوْضَةِ وَلَا يُحِيلُ بِهِ قَبْلَهُ‏.‏

وقال غَيْرُ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ كَهُمَا في رِوَايَةٍ‏.‏

وَتَقَدَّمَ ال

تنبيه‏:‏

على ذلك أَوَّلَ الْبَابِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ من الْمُتَبَايِعَيْنِ الْخِيَارُ ما لم يَتَفَرَّقَا بِأَبْدَانِهِمَا‏.‏

الثَّانِيَةُ الْمَبِيعُ بِرُؤْيَةٍ أو صِفَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ من ضَمَانِ الْبَائِعِ حتى يَقْبِضَهُ المشتري ‏[‏للمشتري‏]‏ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي التَّصَرُّفُ فيه قبل قَبْضِهِ مَكِيلًا أو مَوْزُونًا أو غَيْرَهُمَا‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ لم يَجُزْ بَيْعُهُ حتى يَقْبِضَهُ جَوَازُ التَّصَرُّفِ فيه بِغَيْرِ الْبَيْعِ‏.‏

وهو اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ اخْتَارَ جَوَازَ بَيْعِهِ لِبَائِعِهِ وَجَوَازَ التَّوْلِيَةِ فيه وَالشَّرِكَةِ وَهُنَا مَسَائِلُ‏.‏

منها الْعِتْقُ وَيَصِحُّ رِوَايَةً وَاحِدَةً قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إجْمَاعًا‏.‏

وَمِنْهَا رَهْنُهُ وَهِبَتُهُ بِلَا عِوَضٍ بَعْدَ قَبْضِ ثَمَنِهِ وفي جَوَازِهِمَا وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في بَابِ الرَّهْنِ عَدَمُ جَوَازِ رَهْنِهِ حَيْثُ قال وَيَجُوزُ رَهْنُ الْمَبِيعِ غَيْرِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ قبل قَبْضِهِ‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ ذَكَرَ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالْخَمْسِينَ قال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وابن عَقِيلٍ لَا يَجُوزُ رَهْنُهُ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا إجَارَتُهُ قبل الْقَبْضِ كَالْمَبِيعِ ثُمَّ ذَكَرَ في الرَّهْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُرْتَهِنِ عن الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَصِحُّ رَهْنُهُ قبل قَبْضِهِ انْتَهَى‏.‏

وَقَطَعَ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ وَلَا هِبَتُهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ في هذا الْبَابِ‏.‏

وَاخْتَارَ الْقَاضِي الْجَوَازَ فِيهِمَا وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ

‏.‏

وقال في التَّلْخِيصِ أَيْضًا وَذَكَرَ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ في مَوْضِعٍ آخَرَ إنْ كان الثَّمَنُ قد قُبِضَ صَحَّ رَهْنُهُ وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُمَا فِيمَا نَقَلَاهُ عن الْأَصْحَابِ‏.‏

وَلِلْأَصْحَابِ وَجْهٌ آخَرُ بِجَوَازِ رَهْنِهِ على غَيْرِ ثَمَنِهِ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ صِحَّةَ رَهْنِهِ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ ذَكَرُوا ذلك في بَابِ الرَّهْنِ‏.‏

وَيَأْتِي هُنَاكَ بِأَتَمَّ من هذا

‏.‏

وَمِنْهَا الْإِجَارَةُ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها لَا تَصِحُّ مُطْلَقًا اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وابن عَقِيلٍ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ تَصِحُّ من بَائِعِهِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

وَمِنْهَا الوصية ‏[‏التوصية‏]‏ بِهِ وَالْخُلْعُ عليه فَجَوَّزَهُ أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ‏.‏

وفي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهُ بِهِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْخَمْسِينَ وَمِنْ الْأَصْحَابِ من قَطَعَ بِجَوَازِ جَعْلِهِ مَهْرًا مُعَلِّلًا بِأَنَّ ذلك غَرَرٌ يَسِيرٌ فَيُغْتَفَرُ في الصَّدَاقِ وَمِنْهُمْ الْمَجْدُ انْتَهَى‏.‏

وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ لَا يَصِحُّ جَعْلُهُ مَهْرًا‏.‏

وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا جَوَازَ التَّصَرُّفِ فيه بِغَيْرِ بَيْعٍ‏.‏

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ وَصَرَّحَ بِهِ كَثِيرٌ منهم عَدَمُ الْجَوَازِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ تَلِفَ قبل قَبْضِهِ فَهُوَ من مَالِ الْبَائِعِ‏.‏

اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ كُلُّهُ وكان بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ انْفَسَخَ الْعَقْدُ وكان من ضَمَانِ بَائِعِهِ وَكَذَا إنْ تَلِفَ بَعْضُهُ لَكِنْ هل يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي في بَاقِيهِ أو يَفْسَخُ فيه روايتا ‏[‏روايتان‏]‏ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ وقد تَقَدَّمَ الْمَذْهَبُ فيها‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ أبي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بين قَبُولِ الْمَبِيعِ نَاقِصًا وَلَا شَيْءَ له وَبَيْنَ الْفَسْخِ وَالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ‏.‏

وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ التَّخْيِيرَ في الْبَاقِي وَأَنَّ التَّالِفَ يَسْقُطُ ما قَابَلَهُ من الثَّمَنِ انْتَهَى‏.‏

وَأَمَّا في الْعَيْبِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَيَتَعَيَّنُ ما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ في تَلَفِ الْبَعْضِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ‏.‏

قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُتْلِفَهُ آدَمِيٌّ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بين فَسْخِ الْعَقْدِ وَبَيْنَ إمْضَائِهِ وَمُطَالَبَةِ مُتْلِفِهِ بِالْقِيمَةِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا نُصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا‏.‏

وَقِيلَ إنْ أَتْلَفَهُ بَائِعُهُ انْفَسَخَ الْعَقْدُ وهو احْتِمَالٌ في الْكَافِي‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ قد يُقَالُ إنَّ إطْلَاقَ الْخِرَقِيِّ يَقْتَضِي بُطْلَانَ الْعَقْدِ مُطْلَقًا وَظَاهِرُ ما رَوَى إسْمَاعِيل ابن سَعِيدٍ إذَا كان التَّلَفُ من جِهَةِ الْبَائِعِ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ وَلَا يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي انْتَهَى‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ وَمُطَالَبَةُ مُتْلِفِهِ بِالْقِيمَةِ كَذَا قال كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَمُرَادُهُمْ إلَّا الْمُحَرَّرَ بِقَوْلِهِمْ بِقِيمَتِهِ بِبَدَلِهِ وقد نَقَلَ الشَّالَنْجِيُّ يُطَالِبُ مُتْلِفَهُ في الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ بمثله‏.‏

فوائد‏:‏

منها لو خَلَطَهُ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ فَهَلْ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ‏.‏

أَحَدُهُمَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ‏.‏

وَالثَّانِي لَا يَنْفَسِخُ وقال في الْفَائِقِ وَالْمُخْتَارُ ثُبُوتُ الْخِيرَةِ في فَسْخِهِ‏.‏

وَلَعَلَّ الْخِلَافَ مَبْنِيٌّ على أَنَّ الْخَلْطَ هل هو اشْتِرَاكٌ أو إهْلَاكٌ على ما يَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في الْغَصْبِ‏.‏

وَمِنْهَا لو اشْتَرَى شَاةً بِشَعِيرٍ فَأَكَلَتْهُ قبل الْقَبْضِ فَإِنْ لم تَكُنْ بِيَدِ أَحَدٍ انْفَسَخَ الْعَقْدُ كَالسَّمَاوِيِّ وَإِنْ كانت بِيَدِ الْمُشْتَرِي أو الْبَائِعِ أو أَجْنَبِيٍّ فَمِنْ ضَمَانِ من هِيَ بيده‏.‏

وَمِنْهَا لو كان الْمَبِيعُ قَفِيزًا من صُبْرَةٍ أو رِطْلًا من زُبْرَةٍ فَتَلِفَتْ إلَّا قَفِيزًا أو رِطْلًا فَهُوَ الْمَبِيعُ‏.‏

وَمِنْهَا لو اشْتَرَى عَبْدًا أو شِقْصًا بِمَكِيلٍ أو مَوْزُونٍ أو مَعْدُودٍ أو مَذْرُوعٍ فَقَبَضَ الْعَبْدَ وَبَاعَهُ أو أَخَذَ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ تَلِفَ الطَّعَامُ قبل قَبْضِهِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي وَلَا يَبْطُلُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَيَرْجِعُ مُشْتَرِي الطَّعَامِ على‏.‏

مُشْتَرِي الْعَبْدِ أو الشِّقْصِ بِقِيمَةِ ذلك لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ وَعَلَى الشَّفِيعِ مِثْلُ الطَّعَامِ لِأَنَّهُ عِوَضُ الشِّقْصِ‏.‏

تنبيه‏:‏

يَأْتِي حُكْمُ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ قبل قَبْضِهِمَا في بَابَيْهِمَا وَيَأْتِي حُكْمُ الثَّمَرَةِ إذَا بَاعَهَا على الشَّجَرِ هل يَجُوزُ بَيْعُهَا قبل جَذِّهَا وَنَحْوِهِ‏.‏

قَوْلُهُ وما عَدَا الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فيه قبل قَبْضِهِ وَإِنْ تَلِفَ فَهُوَ من ضَمَانِ الْمُشْتَرِي‏.‏

وَهَذَا بِنَاءٌ منه على ما ذَكَرَهُ في الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ‏.‏

وقد تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَعْدُودَ وَالْمَذْرُوعَ كَهُمَا فما عَدَا هذه الْأَرْبَعَةَ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فيه قبل قَبْضِهِ وَإِنْ تَلِفَ فَهُوَ من ضَمَانِ الْمُشْتَرِي كما قال الْمُصَنِّفُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ هذا الْمَذْهَبُ كَأَخْذِهِ بِشُفْعَةٍ‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ هذا أَشْهَرُ الرِّوَايَاتِ وَاخْتِيَارُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال في الْمُحَرَّرِ هذا الْمَشْهُورُ‏.‏

قال في الشَّرْحِ هذا الْأَظْهَرُ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ وَالْفَائِقِ هذا الْأَشْهَرُ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْأَشْهَرُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْمُخْتَارُ لِجُمْهُورِ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَصَحَّحَه ابن عقيل في الْفُصُولِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ‏.‏

وَعَنْهُ يَجُوزُ التصرف ‏[‏الصرف‏]‏ فيه إنْ لم يَكُنْ مَطْعُومًا‏.‏

وفي طَرِيقَةِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ رِوَايَةٌ يَجُوزُ في الْعَقَارِ فَقَطْ‏.‏

وَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ رِوَايَةً أُخْرَى أَنَّهُ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ في ذلك فَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فيه مُطْلَقًا وَلَوْ ضَمِنَهُ اخْتَارَه ابن عقيل في غَيْرِ الْفُصُولِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَجَعَلَهَا طَرِيقَةَ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ وقال عليه تَدُلُّ أُصُولُ أَحْمَدَ كَتَصَرُّفِ‏.‏

الْمُشْتَرِي في الثَّمَرَةِ وَالْمُسْتَأْجِرِ في الْعَيْنِ مع أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا وَعَكْسُهُ كَالصُّبْرَةِ الْمُعَيَّنَةِ كما شُرِطَ قَبْضُهُ لِصِحَّتِهِ كَسَلَمٍ وَصَرْفٍ‏.‏

وقال في الِانْتِصَارِ في الصَّرْفِ إنْ تَمَيَّزَ له الشِّرَاءُ بِعَيْنِهِ وَيَأْمُرُ الْبَائِعَ بِقَبْضِهِ في الْمَجْلِسِ وقال في التَّرْغِيبِ الْمُتَعَيِّنَانِ في الصرف ‏[‏العرف‏]‏ قبل ‏[‏قيل‏]‏ من صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ‏.‏

وَقِيلَ لَا لِقَوْلِهِ إلَّا هَؤُلَاءِ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى ضَابِطُهُ الْمَبِيعُ مُتَمَيِّزٌ وَغَيْرُهُ فَغَيْرُ الْمُتَمَيِّزِ مُبْهَمٌ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ كَقَفِيزٍ من صُبْرَةٍ وَنَحْوِهِ فَيَفْتَقِرُ إلَى الْقَبْضِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وفي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ما يَقْتَضِي رِوَايَةً بِعَدَمِ الِافْتِقَارِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يُتَابَعُ عليها‏.‏

وَمُبْهَمٌ لم يَتَعَلَّقْ بِهِ حتى ‏[‏حق‏]‏ تَوْفِيَةٍ كَنِصْفِ عَبْدٍ وَنَحْوِهِ فَفِي الْبُلْغَةِ هو كَاَلَّذِي قَبْلَهُ‏.‏

وفي التَّلْخِيصِ هو من الْمُتَمَيِّزَاتِ فيه الْخِلَافُ الْآتِي‏.‏

وَالْمُتَمَيِّزُ قِسْمَانِ ما يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ كَبِعْتُكَ هذا الْقَطِيعَ كُلَّ شَاةٍ بِدِرْهَمٍ وَنَحْوِهِ فَهُوَ كَالْمُبْهَمِ الذي تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَخَرَّجَ أَنَّهُ كَالْعَبْدِ وهو ظَاهِرُ رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ‏.‏

وما لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ كَالْعَبْدِ وَالدَّارِ وَالصُّبْرَةِ وَنَحْوِهَا من الذِّمِّيَّاتِ فَفِيهِ الرِّوَايَاتُ الْمَذْكُورَةُ بَعْدَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ‏.‏

الثَّانِيَةُ ما جَازَ له التَّصَرُّفُ فيه فَهُوَ من ضَمَانِهِ إذَا لم يَمْنَعْهُ الْبَائِعُ نَصَّ عليه قال في الْفُرُوعِ فَظَاهِرُهُ تَمَكَّنَ من قَبْضِهِ أو لَا وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَكُونُ من ضَمَانِهِ إلَّا إذَا تَمَكَّنَ من قَبْضِهِ‏.‏

وقال ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْفَرْقَ بين ما يَتَمَكَّنُ من قَبْضِهِ وَغَيْرِهِ ليس هو الْفَرْقُ بين الْمَقْبُوضِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال قال ولم أَجِدْ الْأَصْحَابَ ذَكَرُوهُ وَرَدَّ ما قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَاسْتَشْهَدَ لِلرَّدِّ بِكَلَامِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ‏.‏

الثَّالِثَةُ الثَّمَنُ الذي ليس في الذِّمَّةِ حُكْمُهُ حُكْمُ الثَّمَنِ فَأَمَّا إنْ كان في الذِّمَّةِ فَلَهُ أَخْذُ بَدَلِهِ لِاسْتِقْرَارِهِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ في فَتَاوِيهِ فِيمَنْ اشْتَرَى شَاةً بِدِينَارٍ فَبَلَعَتْهُ إنْ قُلْنَا يَتَعَيَّنُ الدِّينَارُ بِالتَّعْيِينِ وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِتَلَفِهِ قبل قَبْضِهِ انْفَسَخَ هُنَا وَإِنْ لم نَقُلْ بِأَحَدِهِمَا لم يَنْفَسِخْ‏.‏

الرَّابِعَةُ حُكْمُ كل مُعَيَّنٍ مُلِكَ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِهِ قبل قَبْضِهِ كَالْأُجْرَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَالْعِوَضِ في الصُّلْحِ بِمَعْنَى الْبَيْعِ وَنَحْوِهِمَا حُكْمُ الْعِوَضِ في الْبَيْعِ في جَوَازِ التَّصَرُّفِ وَمَنْعِهِ كما سَبَقَ قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَجَوَّزَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْبَيْعَ فيه وَغَيْرَهُ لِعَدَمِ قَصْدِ الرِّبْحِ انْتَهَى‏.‏

وَحُكْمُ ما لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِتَلَفِهِ قبل قَبْضِهِ كَالْعِوَضِ في الْخُلْعِ وَالْعِوَضِ في الْعِتْقِ وَالْمُصَالَحِ بِهِ عن دَمِ الْعَمْدِ قِيلَ حُكْمُ الْبَيْعِ كما تَقَدَّمَ في الذي قَبْلَهُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ لَكِنْ يَجِبُ بِتَلَفِهِ مِثْلُهُ أو قِيمَتُهُ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَلَا فَسْخَ على الصَّحِيحِ‏.‏

وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَهُمَا فَسْخَ نِكَاحٍ لِفَوْتِ بَعْضِ الْمَقْصُودِ كَعَيْبِ مَبِيعٍ انْتَهَى‏.‏

وَقِيلَ له التَّصَرُّفُ قبل قَبْضِهِ فِيمَا لَا يَنْفَسِخُ فَيَضْمَنُهُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وفي الْمُسْتَوْعِبِ وفي التَّلْخِيصِ بَلْ ضَمَانُهُ كَبَيْعٍ‏.‏

وَحُكْمُ الْمَهْرِ كَذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وقال أبو الْخَطَّابِ إنْ لم يَكُنْ مُتَعَيِّنًا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ‏.‏

الْخَامِسَةُ لو تَعَيَّنَ مِلْكُهُ في مَوْرُوثٍ أو وَصِيَّةٍ أو غَنِيمَةٍ لم يُعْتَبَرْ قَبْضُهُ في صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ فيه ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ بِلَا خِلَافٍ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْفَائِقِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمَا لِعَدَمِ ضَمَانِهِ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ كَمَبِيعٍ مَقْبُوضٍ وَكَوَدِيعَةٍ وَكَمَالِهِ في يَدِ وَكِيلِهِ وَنَحْوِ ذلك‏.‏

وَقِيلَ وَصِيَّةٌ كَبَيْعٍ وَقِيلَ وَإِرْثٌ أَيْضًا كَبَيْعٍ‏.‏

وفي الْإِفْصَاحِ عن أَحْمَدَ مُنِعَ بَيْعُ الطَّعَامِ قبل قَبْضِهِ في إرْثٍ وَغَيْرِهِ‏.‏

وفي الِانْتِصَارِ مُنِعَ تَصَرُّفُهُ في غَنِيمَةٍ قبل قَبْضِهَا إجْمَاعًا وَعَارِيَّةٍ كَوَدِيعَةٍ في جَوَازِ التَّصَرُّفِ وَيَضْمَنُهَا مُسْتَعِيرٌ‏.‏

وَيَأْتِي حُكْمُ الْقَرْضِ في أَوَّلِ بَابِهِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَحْصُلُ الْقَبْضُ فِيمَا بِيعَ بِالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ بِكَيْلِهِ أو وَزْنِهِ‏.‏

وَكَذَا الْمَعْدُودُ وَالْمَذْرُوعُ بِعَدِّهِ وَذَرْعِهِ على ما تَقَدَّمَ نَصَّ عليه وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ في ذلك كُلِّهِ حُضُورُ الْمُسْتَحِقِّ أو نَائِبِهِ‏.‏

وَعَنْهُ إنْ قَبَضَ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ بِالتَّخْلِيَةِ مع التَّمْيِيزِ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ‏.‏

وقال في الْمُحَرَّرِ وَمَنْ تَابَعَهُ وَإِنْ تَقَابَضَاهُ جُزَافًا لِعِلْمِهِمَا بِقَدْرِهِ جَازَ إلَّا في الْمَكِيلِ فإنه على رِوَايَتَيْنِ‏.‏

وَيَأْتِي في أَوَاخِرِ السَّلَمِ هل يكتفي بِعِلْمِ كَيْلِهِ أو وَزْنِهِ وَنَحْوِ ذلك عن الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَنَحْوِهِمَا أَمْ لَا‏.‏

فوائد‏:‏

إحْدَاهَا نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ على كَرَاهَةِ زَلْزَلَةِ الْكَيْلِ‏.‏

الثَّانِيَةُ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صِحَّةُ اسْتِنَابَةِ من عليه الْحَقُّ لِلْمُسْتَحِقِّ في الْقَبْضِ‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ صَحَّ في أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ‏.‏

الثَّالِثَةُ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ طَرَفُهُ كَيَدِهِ بِدَلِيلِ تَنَازُعِهِمَا ما فيه وَقِيلَ لَا‏.‏

الرَّابِعَةُ نَصَّ الْإِمَامُ احمد رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا على صِحَّةِ قَبْضِ وَكِيلٍ من نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ هذا الْمَشْهُورُ في الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَقَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ‏.‏

وَلَوْ قال له اكْتَلْ من هذه الصُّبْرَةِ قَدْرَ حَقِّك فَفَعَلَ صَحَّ وَقِيلَ لَا وَيَأْتِي ذلك في آخِرِ بَابِ السَّلَمِ‏.‏

قَوْلُهُ وفي الصُّبْرَةِ وما يُنْقَلُ بِالنَّقْلِ وَفِيمَا يُتَنَاوَلُ بِالتَّنَاوُلِ‏.‏ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَعَنْهُ أن قَبَضَ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ بِالتَّخْلِيَةِ مع التَّمْيِيزِ وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ كما تَقَدَّمَ‏.‏

فَائِدَةٌ‏:‏

قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي في كِتَابِ الْهِبَةِ وَالْقَبْضُ في الْمَشَاعِ بِتَسْلِيمِ الْكُلِّ إلَيْهِ فَإِنْ أَبَى الشَّرِيكُ أَنْ يُسْلِمَ نَصِيبَهُ قِيلَ لِلْمُتَّهِبِ وَكِّلْ الشَّرِيكَ في قَبْضِهِ وَنَقْلِهِ فَإِنْ أَبَى نَصَبَ الْحَاكِمُ من يَكُونُ في يَدِهِ لَهُمَا فَيَنْقُلُهُ لِيَحْصُلَ الْقَبْضُ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ على الشَّرِيكِ في ذلك وَيَتِمُّ بِهِ عَقْدُ شَرِيكِهِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ وَمَنْ اتَّهَبَ مُبْهَمًا أو مَشَاعًا من مَنْقُولٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَنْقَسِمُ أو غَيْرِهِ فَأَذِنَ له شَرِيكُهُ في الْقَبْضِ كان سَهْمُهُ أَمَانَةً مع الْمُتَّهَبِ أو يُوَكِّلُ الْمُتَّهَبُ شَرِيكَهُ في قَبْضِ سَهْمِهِ منه وَيَكُونُ أَمَانَةً وَإِنْ تَنَازَعَا قَبَضَ لَهُمَا وَكِيلُهُمَا أو أَمِينُ الْحَاكِمِ انْتَهَى‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ في بَابِ الْهِبَةِ قال في الْمُجَرَّدِ يُعْتَبَرُ لِقَبْضِ الْمَشَاعِ إذَنْ الشَّرِيكُ فَيَكُونُ نِصْفُهُ مَقْبُوضًا تَمَلُّكًا وَنِصْفُ الشَّرِيكِ أَمَانَةً وقال في الْعُيُونِ بَلْ عَارِيَّةٌ انْتَهَى‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ أَيْضًا في بَابِ الْقَبْضِ وَالضَّمَانِ وَمَنْ بَاعَ حَقَّهُ الْمَشَاعَ من عَيْنٍ وسلم الْكُلَّ إلَى الْمُشْتَرِي بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ فَهُوَ غَاصِبٌ حَقَّ شَرِيكِهِ فَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي عَدَمَ إذْنِهِ في قَبْضِ حَقِّهِ فَتَلِفَ ضَمَّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ وَالْقَرَارُ على الْمُشْتَرِي وَكَذَا إنْ جَهِلَ الشَّرِكَةَ أو وُجُوبَ الْإِذْنِ وَمِثْلُهُ يَجْهَلُهُ لَكِنَّ الْقَرَارَ على الْبَائِعِ لِأَنَّهُ غَرَّهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَخْتَصَّ بِالْمُشْتَرِي‏.‏

قَوْلُهُ وَفِيمَا عَدَا ذلك بِالتَّخْلِيَةِ‏.‏

كَاَلَّذِي لَا يُنْقَلُ وَلَا يُحَوَّلُ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَغَيْرُهُمْ مع عَدَمِ الْمَانِعِ‏.‏ قُلْت وَلَعَلَّهُ مُرَادُ من أَطْلَقَ‏.‏

فَائِدَتَانِ‏:‏

إحْدَاهُمَا أُجْرَةُ تَوْفِيَةِ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ على بَاذِلِهِ مِنْهُمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

وقال في النِّهَايَةِ أُجْرَةُ نَقْلِهِ بَعْدَ قَبْضِ الْبَائِعِ له عليه انْتَهَى‏.‏

وَأُجْرَةُ الْمَنْقُولَاتِ على الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ قُلْنَا كَمَقْبُوضٍ أو لَا جَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا أُجْرَةُ الْمَنْقُولَاتِ على الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ قُلْنَا كَمَقْبُوضٍ أو لَا‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ لِأَنَّهُ لم يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ نَصُّ عليه‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمُؤْنَةُ تَوْفِيَةِ كل وَاحِدٍ من الْعِوَضَيْنِ من أُجْرَةِ وَزْنِهِ وَكَيْلِهِ وَذَرْعِهِ وَعَدِّهِ وَغَيْرِ ذلك على بَاذِلِهِ ومؤنة قَبْضِ ما بِيعَ جُزَافًا وهو مُتَمَيِّزٌ على من صَارَ له إنْ قُلْنَا هو في حُكْمِ الْمَقْبُوضِ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

وما بِيعَ بِصِفَةٍ أو رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ فَهُوَ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَنَحْوِهِمَا في حَقِّ التَّوْفِيَةِ وَغَيْرِهَا‏.‏

وَقِيلَ أُجْرَةُ الْكَيَّالِ على الْبَائِعِ وَكَذَا أُجْرَةُ الْوَزَّانِ وَالنَّقْلِ وَقِيلَ بَلْ على الْمُشْتَرِي‏.‏

ثُمَّ قال من عِنْدِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ عليه أُجْرَةَ النَّقَّادِ وَزِنَةَ الْوَزَّانِ انْتَهَى‏.‏

وقال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَأُجْرَةُ النَّقَّادِ فَإِنْ كان قبل أَنْ يَقْبِضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ فَهِيَ على الْمُشْتَرِي لِأَنَّ عليه تَسْلِيمَ الثَّمَنِ إلَيْهِ صَحِيحًا وَإِنْ كان قد قُبِضَ فَهِيَ على الْبَائِعِ لِأَنَّهُ قد قَبَضَهُ منه وَمَلَكَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ شيئا منه مَعِيبًا يَجِبُ رَدُّهُ‏.‏

الثَّانِيَةُ يَتَمَيَّزُ الثَّمَنُ عن الْمُثَمَّنِ بِدُخُولِ بَاءِ الْبَدَلِيَّةِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ وقال وهو أَوْلَى‏.‏

قال الْأَزَجِيُّ في نِهَايَتِهِ وهو أَظْهَرُ‏.‏

وَقِيلَ إنْ اشْتَمَلَتْ الصَّفْقَةُ على أَحَدِ النَّقْدَيْنِ فَهُوَ الثَّمَنُ وَإِلَّا فَهُوَ ما دَخَلَتْهُ بَاءُ الْبَدَلِيَّةِ نَحْوُ لو قال بِعْتُك هذا بهذا فقال الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت أو قال اشْتَرَيْت هذا بهذا فقال الْبَائِعُ بِعْتُك‏.‏

وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ في نِهَايَتِهِ وَجْهًا ثَالِثًا وهو أَنَّ الثَّمَنَ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ الْمَوْضُوعَةُ للثمينة ‏[‏للثمنية‏]‏ اصْطِلَاحًا فَيَخْتَصُّ بها فَقَطْ‏.‏

قُلْت وهو قَرِيبٌ من الذي قَبْلَهُ‏.‏

فَوَائِدُ‏:‏

منها لَا يَضْمَنُ النُّقَّادُ ما أخطأوا ‏[‏أخطئوا‏]‏ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نُصَّ عليه‏.‏

زَادَ في الرِّعَايَةِ إذَا عُرِفَ حَذَقُهُ وَأَمَانَتُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُ من أَطْلَقَ‏.‏

وَقِيلَ يَضْمَنُونَ وَمِنْهَا إتْلَافُ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ قَبْضٌ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقِيلَ إنْ كان عَمْدًا فَقَبْضٌ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

وَغَصْبُهُ ليس بِقَبْضٍ‏.‏

وفي الِانْتِصَارِ خِلَافٌ إنْ قَبِلَهُ هل يَصِيرُ قَابِضًا أَمْ يُفْسَخُ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ‏.‏

وَكَذَا مُتَّهِبٌ بِإِذْنِهِ هل يَصِيرُ قَابِضًا فيه وفي غَصْبِ عَقَارٍ لو اسْتَوْلَى عليه وَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَائِعِهِ صَارَ قَابِضًا‏.‏

وَمِنْهَا يَصِحُّ قَبْضُهُ من غَيْرِ رِضَا الْبَائِعِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال في الِانْتِصَارِ يَحْرُمُ في غَيْرِ مُتَعَيِّنٍ‏.‏

وَمِنْهَا لو غَصَبَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ أو أَخَذَهُ بِلَا إذْنِهِ لم يَكُنْ قَبْضًا إلَّا مع الْمُقَاصَّةِ‏.‏

فَائِدَةٌ‏:‏

يَحْرُمُ تَعَاطِيهِمَا عَقْدًا فَاسِدًا فَلَوْ فَعَلَا لم يُمْلَكْ بِهِ وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَخَرَّجَ أبو الْخَطَّابِ في انْتِصَارِهِ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ فيه من الطَّلَاقِ في النِّكَاحِ الْفَاسِدِ‏.‏

وَاعْتَرَضَهُ أَحْمَدُ الْحَرْبِيُّ في تَعْلِيقِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا‏.‏

وَأَبْدَى ابن عَقِيلٍ في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ احْتِمَالًا بِنُفُوذِ الْإِقَالَةِ في الْبَيْعِ الْفَاسِدِ كَالطَّلَاقِ في النِّكَاحِ الْفَاسِدِ قال وَيُفِيدُ ذلك أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ لَا يُؤَثِّرُ انْتَهَى‏.‏

قال في الْفَائِقِ قال شَيْخُنَا يَعْنِي بِهِ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَتَرَجَّحُ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَغْصُوبِ في الضَّمَانِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالْأَرْبَعِينَ هذا الْمَعْرُوفُ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وقال ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَقْبُوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ وَمِنْهُ خَرَّجَ ابن الزَّاغُونِيِّ لَا يَضْمَنُهُ‏.‏

وَيَأْتِي حُكْمُ الْمَقْبُوضِ على وَجْهِ السَّوْمِ في بَابِ الضَّمَانِ وَإِنْ كان هذا مَحَلَّهُ لِمَعْنًى ما‏.‏

وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ على الصَّحِيحِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ ابن مَنْصُورٍ وَأَبِي طَالِبٍ‏.‏

وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ يَضْمَنُهُ بِالْمُسَمَّى لَا الْقِيمَةِ كَنِكَاحٍ وَخُلْعٍ وَحَكَاهُ الْقَاضِي في الْكِتَابَةِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ‏.‏

وقال في الْفُصُولِ يَضْمَنُهُ بِالثَّمَنِ وَالْأَصَحُّ بِقِيمَتِهِ كَمَغْصُوبٍ‏.‏

وفي الْفُصُولِ أَيْضًا في أُجْرَةِ الْمِثْلِ في مُضَارَبَةٍ فَاسِدَةٍ أَنَّهُ كَبَيْعٍ فَاسِدٍ إذَا لم يَسْتَحِقَّ فيه الْمُسَمَّى اسْتَحَقَّ ثَمَنَ الْمِثْلِ وهو الْقِيمَةُ كَذَا تَجِبُ قِيمَةُ الْمِثْلِ لِهَذِهِ الْمَنْفَعَةِ انْتَهَى‏.‏

وقال في الْمُغْنِي في تَصَرُّفِ الْعَبْدِ وَصَاحِبِ الْمُسْتَوْعِبِ أو يَضْمَنُ مثله يوم تَلَفِهِ وَخَرَّجَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فيه وفي عَارِيَّةٍ كَمَغْصُوبٍ وَقَالَهُ في الْوَسِيلَةِ‏.‏

وَقِيلَ له حَبْسُ الْمَقْبُوضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ على قَبْضِ ثَمَنِهِ‏.‏

وَعَلَى الْمَذْهَبِ يَضْمَنُ زِيَادَتَهُ على الصَّحِيحِ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَلَهُ مُطْلَقًا نَمَاؤُهُ الْمُتَّصِلُ وَالْمُنْفَصِلُ وَأُجْرَتُهُ مُدَّةَ قَبْضِهِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَأَرْشُ نَقْصِهِ‏.‏

وَقِيلَ هل أُجْرَتُهُ وَزِيَادَتُهُ مَضْمُونَةٌ أو أَمَانَةٌ على وَجْهَيْنِ انْتَهَى‏.‏

وقال في الصُّغْرَى وَنَمَاؤُهُ وَأُجْرَتُهُ وَأَرْشُ نَقْصِهِ لِمَالِكِهِ‏.‏

وَقِيلَ عليه أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَنْفَعَةٍ وَضَمَانُهُ إنْ تَلِفَ بِقِيمَتِهِ وَزِيَادَتُهُ أَمَانَةٌ انْتَهَى‏.‏

وَقَدَّمَ الضَّمَانَ أَيْضًا في الزِّيَادَةِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وفي ضَمَانِ زِيَادَتِهِ وَجْهَانِ‏.‏

وقال في الْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمَا إنْ سَقَطَ الْجَنِينُ مَيِّتًا فَهَدَرٌ وَقَالَهُ الْقَاضِي وَعِنْدَ أبي الْوَفَاءِ يَضْمَنُهُ انْتَهَى‏.‏

وَيَضْمَنُهُ ضَارِبُهُ بِلَا نِزَاعٍ وَحُكْمُهُ في الْوَطْءِ حُكْمُ الْغَاصِبِ إلَّا أَنَّهُ لَا حَدَّ عليه وَوَلَدُهُ حُرٌّ‏.‏

قَوْلُهُ وَالْإِقَالَةُ فَسْخٌ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ نُصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَالْأَكْثَرُونَ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ اخْتِيَارُ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ الْقَاضِي وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ‏.‏

قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَيُشْرَعُ إقَالَةُ النَّادِمِ وَهِيَ فَسْخٌ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ وَحَكَاهُ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمَا عن أبي بَكْرٍ‏.‏

وَعَنْهُ إنَّهَا بَيْعٌ اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

يَنْبَنِي على هذا الْخِلَافِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ ذَكَرَهَا ابن رَجَبٍ في فَوَائِدِهِ وَغَيْرِهِ‏.‏

منها إذَا تَقَايَلَا قبل الْقَبْضِ فِيمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قبل قَبْضِهِ فَيَصِحُّ على الْمَذْهَبِ وَلَا يَصِحُّ على الثَّانِيَةِ إلَّا على رِوَايَةٍ حَكَاهَا الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ في الْإِجَارَاتِ أَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ من بَائِعِهِ خَاصَّةً قبل الْقَبْضِ وقد تَقَدَّمَتْ وَاخْتَارَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقَالَهُ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ‏.‏

ومنها ‏[‏ومنهما‏]‏ جَوَازُهَا في الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ بِغَيْرِ كَيْلٍ وَوَزْنٍ على الْمَذْهَبِ وَلَا يَصِحُّ على الثَّانِيَةِ وَهِيَ طَرِيقَةُ أبي بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ وَالْقَاضِي وَالْأَكْثَرِينَ وَجَزَمَ بها ‏[‏به‏]‏ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وحكي عن أبي بَكْرٍ أَنَّهُ لَا بُدَّ فيها من كَيْلٍ أو وَزْنٍ ثَانٍ على الرِّوَايَتَيْنِ جميعا وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ عن أبي بَكْرٍ‏.‏

وَمِنْهَا إذَا تَقَايَلَا بِزِيَادَةٍ على الثَّمَنِ أو بِنَقْصٍ منه أو بِغَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ لم تَصِحَّ الْإِقَالَةُ وَالْمِلْكُ بَاقٍ لِلْمُشْتَرِي على الْمَذْهَبِ‏.‏

وَعَلَى الثَّانِيَةِ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا الْمُصَنِّفُ هُنَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ إلَّا بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَيْضًا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْفَائِقِ وهو الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْقَاضِي في خِلَافِهِ قال في الْقَوَاعِدِ وهو ظَاهِرُ ما نَقَلَهُ ابن مَنْصُورٍ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ بِزِيَادَةٍ على الثَّمَنِ وَنَقْصٍ وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي في الرِّوَايَتَيْنِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ فإنه قال وَعَنْهُ بِيعَ فَيَنْعَكِسُ ذلك إلَّا مِثْلَ الثَّمَنِ في وَجْهٍ وَيَكُونُ هذا الْمَذْهَبَ على ما اصْطَلَحْنَاهُ‏.‏

وَمِنْهَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ والمصالحة على الْمَذْهَبِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ‏.‏

وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا تَنْعَقِدُ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وقال ما يَصْلُحُ لِلْحَلِّ لَا يَصْلُحُ لِلْعَقْدِ وما يَصْلُحُ لِلْعَقْدِ لَا يَصْلُحُ لِلْحَلِّ فَلَا تَنْعَقِدُ الْإِقَالَةُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَلَا الْبَيْعُ بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ‏.‏

وَظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ انْعِقَادُهَا بِذَلِكَ وَتَكُونُ مُعَاطَاةً قَالَهُ في الْفَوَائِدِ‏.‏

وَمِنْهَا عَدَمُ اشْتِرَاطِ شُرُوطِ الْبَيْعِ من مَعْرِفَةِ الْمُقَالِ فيه وَالْقُدْرَةِ على تَسْلِيمِهِ وَتَمْيِيزِهِ عن غَيْرِهِ على الْمَذْهَبِ‏.‏

وَعَلَى الثَّانِيَةِ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ ذلك ذَكَرَهُ في الْمُغْنِي في التَّفْلِيسِ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ وفي كَلَامِ الْقَاضِي ما يَقْتَضِي أَنَّ الْإِقَالَةَ لَا تَصِحُّ مع غَيْبَةِ الْآخَرِ على الرِّوَايَتَيْنِ وَلَوْ قال أَقِلْنِي ثُمَّ غَابَ فَأَقَالَهُ لم يَصِحَّ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقَدَّمَ في الِانْتِصَارِ يَصِحُّ على الْفَوْرِ‏.‏

وقال ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ الْإِقَالَةُ لَمَّا افْتَقَرَتْ إلَى الرِّضَا وَقَفَتْ على الْعِلْمِ‏.‏

وَمِنْهَا لو تَلِفَتْ السِّلْعَةُ فَقِيلَ لَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ على الرِّوَايَتَيْنِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من خِلَافِهِ وَالْمُصَنِّفِ في الْمُغْنِي‏.‏

وَقِيلَ إنْ قِيلَ هِيَ فَسْخٌ صَحَّتْ وَإِلَّا لم تَصِحَّ‏.‏

قال الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من خِلَافِهِ هو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ‏.‏

وفي التَّلْخِيصِ وَجْهَانِ وقال أَصْلُهُمَا الرِّوَايَتَانِ فِيمَا إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ في مُدَّةِ الْخِيَارِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَقَالَا وَفَارَقَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ لِأَنَّهُ يَعْتَمِدُ مَرْدُودًا‏.‏

وَمِنْهَا صِحَّتُهَا بَعْدَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ على الْمَذْهَبِ‏.‏

وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا تَصِحُّ قَالَهُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ وَمَنْ تَابَعَهُمَا‏.‏

وَمِنْهَا نَمَاؤُهُ الْمُنْفَصِلُ فَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا يُتَّبَعُ وَعَلَى الْمَذْهَبِ قال الْقَاضِي هو لِلْمُشْتَرِي‏.‏

قال ابن رَجَبٍ وَيَنْبَغِي تَخْرِيجُهُ على الْوَجْهَيْنِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالرُّجُوعِ لِلْمُفْلِسِ‏.‏

وَخَرَّجَ الْقَاضِي وَجْهًا بِرَدِّهِ مع أَصْلِهِ حَكَاهُ الْمَجْدُ عنه في شَرْحِهِ‏.‏

وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ النَّمَاءُ لِلْبَائِعِ على الْمَذْهَبِ مع ذِكْرِهِمَا أَنَّ نَمَاءَ الْعَيْبِ للمشترى‏.‏

وَمِنْهَا لو بَاعَهُ نَخْلًا حَامِلًا ثُمَّ تَقَايَلَا وقد أَطْلَعَ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُتَّبَعُ الْأَصْلُ سَوَاءٌ كانت مُؤَبَّرَةً أو لَا‏.‏

وَعَلَى الثَّانِيَةِ إنْ كانت مُؤَبَّرَةً فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَإِنْ لم تَكُنْ فَهِيَ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ‏.‏

وَمِنْهَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ لَا يَثْبُتُ فيها على الْمَذْهَبِ‏.‏

وَعَلَى الثَّانِيَةِ قال في التَّلْخِيصِ يَثْبُتُ فيها كَسَائِرِ الْعُقُودِ قال وَيُحْتَمَلُ عِنْدِي لايثبت‏.‏

وَمِنْهَا هل يُرَدُّ بِالْعَيْبِ فَعَلَى الثَّانِيَةِ له الرَّدُّ‏.‏

وَعَلَى الْمَذْهَبِ يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُرَدَّ بِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَدَّ بِهِ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ‏.‏

وَمِنْهَا الْإِقَالَةُ في الْمُسْلَمِ فيه قبل قَبْضِهِ فَقِيلَ يَجُوزُ الْإِقَالَةُ فيه على الرِّوَايَتَيْنِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْأَكْثَرِينَ وَنَقَلَ ابن الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ على ذلك‏.‏

وَقِيلَ يَجُوزُ على الْمَذْهَبِ لَا الثَّانِيَةِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ في روايتيهما ‏[‏روايتهما‏]‏ وَصَاحِبِ الرَّوْضَةِ وبن الزَّاغُونِيِّ وَيَأْتِي ذلك أَيْضًا في بَابِ السَّلَمِ‏.‏

وَمِنْهَا لو بَاعَهُ جُزْءًا مَشَاعًا من أَرْضِهِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَسْتَحِقُّ الْمُشْتَرِي وَلَا من حَدَثَ له شَرِكَةٌ في الْأَرْضِ قبل الْمُقَايَلَةِ شيئا من الشِّقْصِ بِالشُّفْعَةِ‏.‏

وَعَلَى الثَّانِيَةِ يَثْبُتُ لهم‏.‏

وَكَذَا لو بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ ثُمَّ عَفَا الْآخَرُ عن شُفْعَتِهِ ثُمَّ تَقَايَلَا وَأَرَادَ الْعَافِي أَنْ يَعُودَ إلَى الطَّلَبِ فَلَيْسَ له ذلك على الْمَذْهَبِ‏.‏

وَعَلَى الثَّانِيَةِ له ذلك‏.‏

وَمِنْهَا لو اشْتَرَى شِقْصًا مَشْفُوعًا ثُمَّ تَقَايَلَاهُ قبل الطَّلَبِ‏.‏

فَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا يَسْقُطُ وَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَسْقُطُ أَيْضًا وهو قَوْلُ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ‏.‏

وَقِيلَ يَسْقُطُ وهو الْمَنْصُوصُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أبي حَفْصٍ وَالْقَاضِي في خِلَافِهِ‏.‏

وَمِنْهَا هل يَمْلِكُ الْمُضَارِبُ أو الشَّرِيكُ الْإِقَالَةَ فِيمَا اشْتَرَيَاهُ فَالْأَكْثَرُونَ على أَنَّهُمَا يَمْلِكَانِهَا عَلَيْهِمَا من الْمَصْلَحَةِ‏.‏

وقال ابن عَقِيلٍ في مَوْضِعٍ من فُصُولِهِ على الْمَذْهَبِ لَا يَمْلِكُهَا وَعَلَى الثَّانِيَةِ يَمْلِكُهَا‏.‏

وَيَأْتِي ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في أَوَّلِ الشَّرِكَةِ وَمِنْهَا هل يَمْلِكُ الْمُفْلِسُ بَعْدَ الْحَجْرِ الْمُقَايَلَةَ لِظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ‏.‏

فَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا يَمْلِكُ وَعَلَى الْمَذْهَبِ الْأَظْهَرُ يَمْلِكُهَا قَالَهُ ابن رَجَبٍ‏.‏

وَمِنْهَا لو وَهَبَ الْوَالِدُ لِوَلَدِهِ شيئا فَبَاعَهُ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ بِإِقَالَةٍ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَمْتَنِعُ رُجُوعُ الْأَبِ وَعَلَى الثَّانِيَةِ فيه وَجْهَانِ أَطْلَقَهُمَا في الْفَوَائِدِ‏.‏

وَيَأْتِي هذا هُنَاكَ‏.‏

وَكَذَا حُكْمُ الْمُفْلِسِ إذَا بَاعَ السِّلْعَةَ ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ بِإِقَالَةٍ وَوَجَدَهَا بَائِعُهَا عِنْدَهُ وَيَأْتِي هذا في بَابِ الْحَجْرِ‏.‏

وَمِنْهَا لو بَاعَ امة ثُمَّ أَقَالَهُ فيها قبل الْقَبْضِ فقال أبو بَكْرٍ وبن أبي مُوسَى وَالشِّيرَازِيُّ يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا على الثَّانِيَةِ وَلَا يَجِبُ على الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقِيلَ فيها رِوَايَتَانِ من غَيْرِ بِنَاءٍ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وَالْمَنْصُوصُ في رِوَايَةِ ابن الْقَاسِمِ وبن بُخْتَانَ وُجُوبُ الِاسْتِبْرَاءِ مُطْلَقًا وَلَوْ قبل الْقَبْضِ وهو مُخْتَارُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٍ من الْأَصْحَابِ إنَاطَةً بِالْمِلْكِ وَاحْتِيَاطًا لِلْأَبْضَاعِ‏.‏

وَنَصَّ في رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّ الْإِقَالَةَ إنْ كانت بَعْدَ الْقَبْضِ والتصرف ‏[‏والتعرف‏]‏ وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ وَإِلَّا لم يَجِبْ‏.‏

وكذلك حَكَى الرِّوَايَةَ الْقَاضِي وأبو مُحَمَّدٍ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي‏.‏

وَكَأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ لم يَنْظُرْ إلَى انْتِقَالِ الْمِلْكِ إنَّمَا نَظَرَ لِلِاحْتِيَاطِ‏.‏

قال وَالْعَجَبُ من الْمَجْدِ حَيْثُ لم يذكر قَيْدَ التَّفَرُّقِ مع وُجُودِهِ وَتَصْرِيحِ الْإِمَامِ بِهِ لَكِنَّهُ قَيَّدَ الْمَسْأَلَةَ بِقَيْدٍ لَا بَأْسَ بِهِ وهو بِنَاؤُهَا على الْقَوْلِ بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ أَمَّا لو كانت الْإِقَالَةُ في بَيْعِ خِيَارٍ وَقُلْنَا لم يَنْتَقِلْ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ لَا يَجِبُ وَإِنْ وُجِدَ الْقَبْضُ‏.‏

ولم يَعْتَبِرْ الْمَجْدُ أَيْضًا الْقَبْضَ فِيمَا إذَا كان الْمُشْتَرِي لها امْرَأَةً بَلْ حَكَى فيه الرِّوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَ وَخَالَفَ أَبَا مُحَمَّدٍ في تَصْرِيحِهِ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ بَعْدَ التَّفَرُّقِ كَالرَّجُلِ‏.‏

وَنَصُّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ الذي فَرَّقَ فيه بين التَّفَرُّقِ وَعَدَمِهِ وَقَعَ في الرَّجُلِ انْتَهَى كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ‏.‏

وقال في الْقَوَاعِدِ بَعْدَ أَنْ حَكَى الطَّرِيقَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ ثُمَّ قِيلَ إنَّهُ يَنْبَنِي على انْتِقَالِ الضَّمَانِ عن الْبَائِع وَعَدَمِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ ابن عَقِيلٍ‏.‏

وَقِيلَ بَلْ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ تَجَدُّدَ الْمِلْكِ مع تَحَقُّقِ الْبَرَاءَةِ من الْحَمْلِ هل يُوجِبُ الِاسْتِبْرَاءَ أَمْ لَا قال وَهَذَا أَظْهَرُ انْتَهَى‏.‏

وَمِنْهَا لو حَلَفَ لَا يَبِيعُ أو لَأَبِيعَنَّ أو عَلَّقَ في الْبَيْعِ طَلَاقًا أو عِتْقًا ثُمَّ قال فَإِنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ تَرَتَّبَ عليه أَحْكَامُهُ من الْبِرِّ وَالْحِنْثِ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

قال ابن رَجَبٍ وقد يُقَالُ الأثمان ‏[‏الأيمان‏]‏ تَنْبَنِي على الْعُرْفِ وَلَيْسَ في الْعُرْفِ أَنَّ الْإِقَالَةَ بَيْعٌ‏.‏

وَمِنْهَا لو بَاعَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيًّا خَمْرًا وَقُبِضَتْ دُونَ ثَمَنِهَا ثُمَّ أَسْلَمَ الْبَائِعُ وَقُلْنَا يَجِبُ له الثَّمَنُ فَأَقَالَ الْمُشْتَرِي فيها فَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا يَصِحُّ‏.‏

وَعَلَى الْمَذْهَبِ قِيلَ لَا يَصِحُّ أَيْضًا وَقِيلَ يَصِحُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَوَائِدِ‏.‏

وَمِنْهَا هل تَصِحُّ الْإِقَالَةُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ ذَكَرَ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من خِلَافِهِ أَنَّ خِيَارَ الْإِقَالَةِ يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَلَا يَصِحُّ بَعْدَهُ‏.‏

وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ إنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ صَحَّتْ من الْوَرَثَةِ وَإِنْ قُلْنَا فَسْخٌ فَوَجْهَانِ‏.‏

وَبَنَى في الْفُرُوعِ صِحَّةَ الْإِقَالَةِ من الْوَرَثَةِ على الْخِلَافِ إن قُلْنَا فَسْخٌ لم تَصِحَّ منهم وَإِلَّا صَحَّتْ‏.‏

وَمِنْهَا لو تَقَايَلَا في بَيْعٍ فَاسِدٍ ثُمَّ حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَنُفُوذِهِ فَهَلْ يُؤَثِّرُ حُكْمُهُ إنْ قُلْنَا الْإِقَالَةُ بَيْعٌ فَحُكْمُهُ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ صَحِيحٌ‏.‏

وَإِنْ قُلْنَا فَسْخٌ لم يَنْفُذْ لِأَنَّ الْعَقْدَ ارْتَفَعَ بِالْإِقَالَةِ‏.‏

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَنْفُذَ وَتُلْغَى الْإِقَالَةِ وهو ظَاهِرُ ما ذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ‏.‏

وَمِنْهَا مُؤْنَةُ الرَّدِّ فقال في الِانْتِصَارِ لَا تَلْزَمُ مُشْتَرِيًا وَتَبْقَى بيده أَمَانَةً كَوَدِيعَةٍ وفي التَّعْلِيقِ لِلْقَاضِي يَضْمَنُهُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ فَيَتَوَجَّهُ تَلْزَمُهُ الْمُؤْنَةُ وَقَطَعَ بِهِ في الرِّعَايَةِ في مَعِيبٍ وفي ضَمَانِهِ النَّقْصَ خِلَافٌ في الْمُغْنِي‏.‏

قال في الْفُرُوعِ فَإِنْ قِيلَ الْإِقَالَةُ بَيْعٌ تَوَجَّهَ على مُشْتَرٍ‏.‏

فَائِدَةٌ‏:‏

إذَا وَقَعَ الْفَسْخُ بِإِقَالَةٍ أو خِيَارِ شَرْطٍ أو عَيْبٍ أو غَيْرِ ذلك فَهَلْ يَرْتَفِعُ الْعَقْدُ من حِينِهِ أو من أَصْلِهِ‏.‏

قال الْقَاضِي في الْإِقَالَةِ في النَّمَاءِ الْمُنْفَصِلِ إذَا قِيلَ إنَّهَا فَسْخٌ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي فَيُحْكَمُ بِأَنَّهَا فَسْخٌ من حِينِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ‏.‏

قال في آخِرِ الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالثَّلَاثِينَ وَخَامِسُهَا أَنْ يَنْفَسِخَ مِلْكُ الْمُؤَجِّرِ وَيَعُودَ إلَى من انْتَقَلَ الْمِلْكُ إلَيْهِ منه فَالْمَعْرُوفُ في الْمَذْهَبِ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ بِذَلِكَ لآن فَسْخَ الْعَقْدِ رَفْعٌ له من حِينِهِ لَا من أَصْلِهِ انْتَهَى‏.‏

وقال أبو الْحُسَيْنِ في تَعْلِيقِهِ وَالْفَسْخُ عِنْدَنَا رَفْعٌ لِلْعَقْدِ من حِينِهِ وقال أبو حَنِيفَةَ من أَصْلِهِ انْتَهَى قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الْقِيَاسُ أَنَّ الْفَسْخَ رَفْعُ الْعَقْدِ من حِينِهِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَسَائِرِ الْفُسُوخِ‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ وفي تَعْلِيقِ الْقَاضِي وَالْمُغْنِي وَغَيْرِهِمَا الْإِقَالَةُ فَسْخٌ لِلْعَقْدِ من حِينِهِ وَهَذَا أَظْهَرُ انْتَهَى‏.‏

وَاَلَّذِي رَأَيْنَا في الْمُغْنِي الْإِقَالَةُ فَسْخٌ لِلْعَقْدِ وَرَفْعٌ له من أَصْلِهِ ذَكَرَهُ في الْإِقَالَةِ في السَّلَمِ‏.‏

فَلَعَلَّ صَاحِبَ الْفُرُوعِ اطَّلَعَ على مَكَان غَيْرِ هذا أو هو كما قال شَيْخُنَا في حَوَاشِيهِ إنَّ الضَّمِيرَ في قَوْلِهِ من حِينِهِ يَرْجِعُ إلَى الْعَقْدِ لَا إلَى الْفَسْخِ‏.‏

قُلْت وهو بَعِيدٌ‏.‏

وَصَرَّحَ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ بِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ لو نَكَحَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ رَدَّهَا بِعَيْبٍ بِنَاءً على أَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ من أَصْلِهِ انْتَهَى‏.‏

وقال الْقَاضِي وبن عَقِيلٍ في خِلَافَيْهِمَا الْفَسْخُ بِالْعَيْبِ رَفْعٌ لِلْعَقْدِ من حِينِهِ وَالْفَسْخُ بِالْخِيَارِ رَفْعٌ لِلْعَقْدِ من أَصْلِهِ لِأَنَّ الْخِيَارَ يَمْنَعُ اللُّزُومَ بِالْكُلِّيَّةِ وَلِهَذَا يَمْنَعُ من التَّصَرُّفِ في الْمَبِيعِ وَثَمَنِهِ بِخِلَافِ الْمَعِيبِ انْتَهَيَا‏.‏

وَتَلَخَّصَ لنا في الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ‏.‏

ثَالِثُهَا فَرْقٌ بين الْفَسْخِ بِالْخِيَارِ وَبَيْنَ الْفَسْخِ بِالْعَيْبِ وَأَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ فَسْخٌ لِلْعَقْدِ من حِينِهِ‏.‏