فصل: بَابُ: زَكَاةِ الْخَارِجِ من الْأَرْضِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***


بَابُ‏:‏ زَكَاةِ الْخَارِجِ من الْأَرْضِ

قَوْلُهُ تَجِبُ الزَّكَاةُ في الْحُبُوبِ كُلِّهَا وفي كل ثَمَرٍ يُكَالُ وَيُدَّخَرُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ عِنْدَ جَمَاعَةٍ من الْأَصْحَابِ منهم الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ جَمَاعَةٍ تَجِبُ في كل مَكِيلٍ مُدَّخَرٍ من حَبٍّ وَثَمَرٍ انْتَهَى‏.‏

فَيَجِبُ على هذا في كل مَكِيلٍ يُدَّخَرُ من الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ مِمَّا يُقْتَاتُ بِهِ وَغَيْرُهُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ‏.‏

فَدَخَلَ في كَلَامِهِ الْبُرُّ وَالْعَلَسُ وَالشَّعِيرُ وَالسُّلْتُ وَالْأُرْزُ وَالذُّرَةُ وَالدُّخْنُ وَالْفُولُ وَالْعَدَسُ وَالْحِمَّصُ وَاللُّوبِيَا وَالْجُلُبَّانُ وَالْمَاشُ وَالتُّرْمُسُ وَالسِّمْسِمُ وَالْخَشْخَاشُ وَنَحْوُهُ‏.‏

وَيَدْخُلُ في كَلَامِهِ أَيْضًا بَذْرُ الْبُقُولِ كَبَذْرِ الْهِنْدَبَا وَالْكَرَفْسِ وَغَيْرِهِمَا‏.‏

وَيَدْخُلُ بَذْرُ الرَّيَاحِينِ بِأَسْرِهَا وَأَبَازِيرُ الْقُدُورِ كَالْكُسْفُرَةِ وَالْكَمُّونِ‏.‏

وَالْكَرَاوْيَا وَالشِّمْرِ وَالْأَنِسُونِ وَالْقُنَّبِ وهو الشهدانخ ‏[‏الشهدانج‏]‏ وَالْخَرْدَلُ‏.‏

وَيَدْخُلُ بَذْرُ الْكَتَّانِ وَالْقُرْطُمُ وَالْقِثَّاءُ وَالْخِيَارُ وَالْبِطِّيخُ وَحَبُّ الرَّشَادِ وَالْفُجْلُ‏.‏

وَيَخْرُجُ من قَوْلِهِ في الْحُبُوبِ كُلِّهَا وفي كل ثَمَرٍ الصَّعْتَرُ وَالْأُشْنَانُ الْوَرَقُ الْمَقْصُودُ كَوَرَقِ السِّدْرِ والخطمى وَالْآسِ وَنَحْوِهِ‏.‏

وَيَأْتِي أَيْضًا قَرِيبًا ما يَخْرُجُ من كَلَامِهِ‏.‏

وَيَدْخُلُ في قَوْلِهِ في كل ثَمَرٍ يُكَالُ وَيُدَّخَرُ ما هو مِثْلُهُ من التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَاللَّوْزِ وَالْفُسْتُقِ وَالْبُنْدُقِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَحَكَى بن الْمُنْذِرِ رِوَايَةً أَنَّهُ لَا زَكَاةَ إلَّا في التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في مُخْتَصَرِهِ وَنَاظِمُهَا وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ آخَرُونَ أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ في كل مَكِيلٍ مُدَّخَرٍ وَنَقَلَهُ أبو طَالِبٍ‏.‏

وَنَقَلَ صَالِحٌ وَعَبْدُ اللَّهِ ما كان يُكَالُ وَيُدَّخَرُ وَفِيهِ نَفْعُ الْفَقِيرِ الْعُشْرُ وما كان مِثْلَ الْقِثَّاءِ وَالْخِيَارِ وَالْبَصَلِ وَالرَّيَاحِينِ وَالرُّمَّانِ فَلَيْسَ فيه زَكَاةٌ إلَّا أَنْ يُبَاعَ وَيَحُولَ الْحَوْلُ على ثَمَنِهِ‏.‏

فَهَذَا الْقَوْلُ أَعَمُّ من الْقَوْلِ الذي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فَيَدْخُلُ فيه ما تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ في الْقَوْلِ الذي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَيَدْخُلُ فيه ايضا الصَّعْتَرُ وَالْأُشْنَانُ وَحَبُّهُ وَنَحْوُهُ‏.‏

وَيَدْخُلُ أَيْضًا كُلُّ وَرَقٍ مَقْصُودٍ كَوَرَقِ السِّدْرِ والخطمى وَالْآسِ وَالْحِنَّاءِ وَالْوَرْسِ وَالنِّيلِ وَالْغُبَيْرَاءِ وَالْعُصْفُرِ وَنَحْوِهِ وَهَذَا عليه أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْإِفَادَاتِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وهو اخْتِيَارُ الْعَامَّةِ وَشَمِلَهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ وَأَطْلَقَ بن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ الْخِلَافَ في الْأُشْنَانِ وَالْغُبَيْرَاءِ وَالصَّعْتَرِ وَالْكَتَّانِ وَالْحِنَّاءِ وَالْوَرِقِ الْمَقْصُودِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ في الْحِنَّاءِ الْخِلَافُ ولم يُوجِبْ في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمَا في وَرَقِ السِّدْرِ والخطمى الزَّكَاةَ وزاد في الْمُسْتَوْعِبِ الْحِنَّاءَ‏.‏

وقال ابن حَامِدٍ لَا زَكَاةَ في حَبِّ الْبُقُولِ كَحَبِّ الرَّشَادِ وَالْأَبَازِيرِ كالكسفرة ‏[‏كالكسبرة‏]‏ وَالْكَمُّونِ وَبَذْرِ الْقِثَّاءِ وَالْخِيَارِ وَنَحْوِهِ‏.‏

وَيَدْخُلُ في كَلَامِ بن حَامِدٍ حَبُّ الْفُجْلِ وَالْقُرْطُمِ وَغَيْرُهُمَا وَبَذْرُ الرَّيَاحِينِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِقُوتٍ وَلَا أَدَم‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيَدْخُلُ في هذا بَذْرُ الْيَقْطِينِ وَذَكَرَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ في الْمُقْتَاتِ قال وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ما يَجْتَنِيهِ من الْمُبَاحِ وما يَكْتَسِبُهُ اللَّقَّاطُ وَنَحْوُ ذلك‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

دخل في عُمُومِ قَوْلِهِ وَلَا تَجِبُ في سَائِرِ الثَّمَرِ‏.‏

التُّفَّاحُ والأجاص وَالْمِشْمِشُ وَالْخَوْخُ وَالْكُمَّثْرَى وَالسَّفَرْجَلُ وَالرُّمَّانُ وَالنَّبْقُ وَالزُّعْرُورُ وَالْمَوْزُ وَالتُّوتُ وَنَحْوُهُ‏.‏

وَدَخَلَ في الْخُضَرِ الْبِطِّيخُ وَالْقِثَّاءُ وَالْخِيَارُ وَالْبَاذِنْجَانُ وَاللِّفْتُ وهو السَّلْجَمُ وَالسِّلْقُ وَالْكَرْنِيجُ وهو الْقُنَّبِيطُ وَالْبَصَلُ وَالثُّومُ وَالْكُرَّاتُ وَالْبَتُّ وَالْجَوْزُ وَالْفُجْلُ وَنَحْوُهُ‏.‏

وَدَخَلَ في الْبُقُولِ الْهِنْدَبَا وَالْكَرَفْسُ وَالنَّعْنَاعُ وَالرَّشَادُ وَالْبَقْلَةُ الْحَمْقَاءُ وَالْقَرَظُ والكسفرة ‏[‏والكسبرة‏]‏ الْخَضْرَاءُ وَالْجِرْجِيرُ وَنَحْوُهُ وَيَأْتِي حُكْمُ ما يَجْتَنِيهِ من الْمُبَاحِ‏.‏

فائدة‏:‏

لَا تَجِبُ أَيْضًا في الرَّيْحَانِ وَالْمِسْكِ وَالْوَرْدِ وَالْبُومُ وَالْبَنَفْسَجُ وَاللِّينُوفَرُ وَالْيَاسَمِينُ وَالنِّرْجِسِ وَالْمَرْدَكُوشُ وَالْمَنْثُورُ وَلَا في طَلْعِ الْفُحَّالِ وَلَا في سَعَفِ النَّخْلِ وَالْخُوصِ وَلَا في تِينِ الْبَرِّ وَغَيْرِهِ وَلَا في الْوَرَقِ وَلَا في لَبَنِ الْمَاشِيَةِ وَصُوفِهَا وَوَبَرِهَا وَلَا في الْقَصَبِ الْفَارِسِيِّ وَالْحَرِيرِ وَدُودَةِ الْقَزِّ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

دخل في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الزَّيْتُونُ وَالْقُطْنُ وَالزَّعْفَرَانُ‏.‏

أَمَّا الزَّيْتُونُ فَقَدْ تَقَدَّمَ عَدَمُ الْوُجُوبِ فيه وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ‏.‏

وَالشَّارِحُ وَالْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي في التَّعْلِيقِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَجِبُ فيه صَحَّحَه ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَالشِّيرَازِيِّ في الْمُبْهِجِ وأبو الْمَعَالِي في الْخُلَاصَةِ وَاخْتَارَهَا الْقَاضِي وَالْمَجْدِ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِيضَاحِ وَالتَّذْكِرَةِ لِابْنِ عَقِيلٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالزَّرْكَشِيُّ‏.‏

وَأَمَّا الْقُطْنُ فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أنها لَا تَجِبُ فيه وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْهَادِي‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَجِبُ فيه اختارها ابن عَقِيلٍ وَصَحَّحَهَا في الْمُبْهِجِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهَا ابن تَمِيمٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَحَكَاهُمَا في الْإِيضَاحِ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا‏.‏

فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَا تَجِبُ فَإِنَّهَا تَجِبُ في حَبِّهِ على الصَّحِيحِ جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ منهم الْمُصَنِّفُ وَقَدَّمَ بن تَمِيمٍ عَدَمَ الْوُجُوبِ وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ‏.‏

فائدة‏:‏

الْكَتَّانُ كَالْقُطْنِ فِيمَا تَقَدَّمَ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَكَذَا الْقُنَّبُ ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ إنْ وَجَبَتْ في الْقُطْنِ فَفِيهِمَا احْتِمَالَانِ‏.‏

واما الزَّعْفَرَانُ فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أنها لَا تَجِبُ فيه وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَالشَّارِحُ قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّهُ اخْتِيَارُ الْأَكْثَرِ قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْهَادِي وَالشَّرْحِ وَالْكَافِي وَشَرْحِ بن رَزِينٍ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَجِبُ اخْتَارَهَا ابن عَقِيلٍ وَصَحَّحَهَا في الْمُبْهِجِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهَا ابن تَمِيمٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ الْحِنَّاءِ‏.‏

فَوَائِدُ‏:‏

إحْدَاهَا قال الْقَاضِي الْوَرْسُ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الزَّعْفَرَانِ يُخَرَّجُ على رِوَايَتَيْنِ‏.‏

قال في الْهِدَايَةِ وَيُخَرَّجُ الْوَرْسُ وَالْعُصْفُرُ على وَجْهَيْنِ قِيَاسًا على الزَّعْفَرَانِ قال في الْفُرُوعِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَيُخَرَّجُ على الزَّعْفَرَانِ الْعُصْفُرُ وَالْوَرْسُ وَالنِّيلُ‏.‏

قال الْحَلْوَانِيُّ وَاللِّقْوَةُ وَصَحَّحَ في الْخُلَاصَةِ الْوُجُوبَ في الزَّعْفَرَانِ وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ في الْعُصْفُرِ وَالْوَرْسِ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ في الْعُصْفُرِ وَالْوَرْسِ وَالنِّيلِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لَا زَكَاةَ في الْجَوْزِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه‏.‏

قال في الْفُرُوعِ لَا تَجِبُ فيه في الْأَشْهَرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِرْشَادِ وَالْمُبْهِجِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْإِفَادَاتِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وكذا لَا تَجِبُ في التِّينِ وَالْمِشْمِشِ وَالتُّوتِ وَقَصَبِ السُّكَّرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال الْآمِدِيُّ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُبْهِجِ وَالْإِيضَاحِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْإِفَادَاتِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ في الْكُلِّ‏.‏

وَقِيلَ تَجِبُ في ذلك كُلِّهِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في التِّينِ‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ الْأَظْهَرُ الْوُجُوبُ في الْعُنَّابِ قال فَالتِّينُ والمشمش ‏[‏والشمس‏]‏ وَالتُّوتُ مِثْلُهُ وَأَطْلَقَ في الْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَتَيْنِ في التِّينِ وَقَصَب السُّكْرِ وَالْجَوْزِ الْخِلَافَ‏.‏

الثَّالِثَةُ تَجِبُ الزَّكَاةُ في الْعُنَّابِ على الصَّحِيحِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا أَظْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي‏.‏

وَقِيلَ لَا زَكَاةَ فيه قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَيَأْتِي بَعْدُ الْكَلَامُ على الْعَسَلِ هل تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيمَا يَنْزِلُ من السماء ‏[‏الماء‏]‏ من الْمَنِّ وَنَحْوِهِ أَمْ لَا‏.‏

قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ لِوُجُوبِهَا شَرْطَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ تَبْلُغَ نِصَابًا بَعْدَ التَّصْفِيَةِ في الْحُبُوبِ وَالْجَفَافِ في الثِّمَارِ‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ عِنْدَ أبي مُحَمَّدٍ وَصَاحِبِ التَّلْخِيصِ وابن عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وابن تَمِيمٍ وَالْخُلَاصَةِ‏.‏

قال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وأبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ هذا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

قال الْقَاضِي في الرِّوَايَتَيْنِ هذا الْأَشْبَهُ بِالْمَذْهَبِ‏.‏

وَعَنْهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ نِصَابُ ثَمَرِ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ رُطَبًا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ الْخَلَّالِ وأبو بَكْرٍ عبد الْعَزِيزِ في خِلَافِهِ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هذه الرِّوَايَةُ أَنَصُّ عنه وَهِيَ من الْمُفْرَدَاتِ‏.‏

وَقَوْلُهُ ثُمَّ يُؤْخَذُ عُشْرُهُ يَابِسًا‏.‏

يَعْنِي على الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ عُشْرُهُ يَعْنِي عُشْرَ الرُّطَبِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَأْخُذُ منه إذَا يَبِسَ بِمِقْدَارِ عُشْرِ رُطَبِهِ وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وقال نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ نَقَلَ الْأَثْرَمُ أَنَّهُ قِيلَ لِأَحْمَدَ خَرَصَ عليه مِائَةَ وَسْقٍ رُطَبًا يُعْطِيهِ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ تَمْرًا قال نعم على ظَاهِرِ الحديث‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ إلَّا عُشْرَ يَابِسِهِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَرَدَّ الْأَوَّلَ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ إلَّا الْأُرْزَ وَالْعَلَسَ نَوْعٌ من الْحِنْطَةِ يُدَّخَرُ في قِشْرِهِ فإن نِصَابَ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا مع قِشْرِهِ عَشَرَةُ أَوْسُقٍ‏.‏

مُرَادُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ من الْأَصْحَابِ مِمَّنْ أَطْلَقَ أَنَّ نِصَابَ كل وَاحِدٍ من الْأُرْزِ وَالْعَلَسِ عَشَرَةُ أَوْسُقٍ في قِشْرِهِ إذَا كان بِبَلَدٍ قد خَبَرَهُ أَهْلُهُ وَعَرَفُوا أَنَّهُ يَخْرُجُ منه مُصَفًّى النِّصْفُ فَأَمَّا ما يَخْرُجُ دُونَ النِّصْفِ كَغَالِبِ أُرْزِ حَرَّانَ أو يَخْرُجُ فَوْقَ النِّصْفِ كَجَيِّدِ الْأُرْزِ الشَّمَالِيِّ فإن نِصَابَهُ يَكُونُ بِقِشْرِهِ ما يَكُونُ قَدْرَ الْخَارِجِ منه خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَيُرْجَعُ في ذلك إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ قَالَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمَا‏.‏

قال في الْفُرُوعِ فَنِصَابُهُمَا في قِشْرِهِمَا عَشَرَةُ أَوْسُقٍ وَإِنْ صُفِّيَا فَخَمْسَةُ أَوْسُقٍ وَيَخْتَلِفُ ذلك بِخِفَّةٍ وَثِقَلٍ وهو وَاضِحٌ‏.‏

فَلَوْ شَكَّ في بُلُوغِ النِّصَابِ خُيِّرَ بين أَنْ يَحْتَاطَ وَيُخْرِجَ عشرة قبل قِشْرِهِ وَبَيْنَ قِشْرِهِ وَاعْتِبَارِهِ بِنَفْسِهِ كَمَغْشُوشِ النَّقْدَيْنِ على ما يَأْتِي‏.‏

وَقِيلَ يَرْجِعُ في نِصَابِ الْأُرْزِ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

فَائِدَتَانِ‏:‏

إحْدَاهُمَا لو صَفَّى الْأُرْزَ وَالْعَلَسَ فَنِصَابُهُمَا خَمْسَةُ أَوْسُقٍ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

الثَّانِيَةُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا الْوَسْقُ وَالصَّاعُ كَيْلَانِ لَا صَنْجَتَانِ نُقِلَ إلَى الْوَزْنِ لِيُحْفَظَ وَيُنْقَلَ وَكَذَا الْمُدُّ‏.‏

وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَكِيلَ يَخْتَلِفُ في الْوَزْنِ فَمِنْهُ الثَّقِيلُ كَالْأَرْزِ وَالتَّمْرِ الصَّيْحَانِيِّ وَالْمُتَوَسِّطُ كَالْحِنْطَةِ وَالْعَدَسِ وَالْخَفِيفُ كَالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ وَأَكْثَرُ التَّمْرِ أَخَفُّ من الْحِنْطَةِ على الْوَجْهِ الذي يُكَالُ شَرْعًا لِأَنَّ ذلك على هَيْئَتِهِ غَيْرُ مَكْبُوسٍ وَنَصَّ‏.‏

الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ من الْأَئِمَّةِ على أَنَّ الصَّاعَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ بِالْحِنْطَةِ أَيْ بِالرَّزِينِ منها لِأَنَّهُ الذي يُسَاوِي الْعَدَسَ في وَزْنِهِ‏.‏

فَتَجِبُ الزَّكَاةُ في الْخَفِيفِ إذَا قَارَبَ هذا الْوَزْنَ وَإِنْ لم يَبْلُغْهُ لِأَنَّهُ في الْكَيْلِ كَالرَّزِينِ‏.‏

وَمَنْ اتَّخَذَ مَكِيلًا يَسَعُ خَمْسَةَ أَرْطَالٍ وَثُلُثًا من جَيِّدِ الْحِنْطَةِ ثُمَّ كَالَ بِهِ ما شَاءَ عَرَفَ ما بَلَغَ حد الْوُجُوبَ من غَيْرِهِ نَصَّ أَحْمَدُ على ذلك وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وابن تَمِيمٍ وقال إنَّهُ الْأَصَحُّ‏.‏

وَحَكَى الْقَاضِي عن بن حَامِدٍ يُعْتَبَرُ أَبْعَدُ الْأَمْرَيْنِ في الْكَيْلِ أو الْوَزْنِ‏.‏

وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْوَزْنِ قال في الْفَائِقِ وهو ضَعِيفٌ وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَالْمُدُّ رَطْلٌ وَثُلُثٌ بِالْعِرَاقِيِّ بُرًّا وَقِيلَ بَلْ عَدَسًا وَقُلْت بَلْ مَاءً انْتَهَى‏.‏

وَكَذَا قال في الْفَائِقِ لَكِنْ حَكَى الْقَوْلَ في الْعَدَسِ رِوَايَةً وقال في الْإِفَادَاتِ من بُرٍّ أو عَدَسٍ أو مَاءٍ وقال في الْحَاوِيَيْنِ بُرًّا ثُمَّ مِثْلُ كَيْلِهِ من غَيْرِهِ نَصَّ عليه وَقِيلَ بَلْ وَزْنُهُ وَمَثَّلَ بن تَمِيمٍ بِالْحِنْطَةِ فَقَطْ‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ وَلَا تَعْوِيلَ على هذا الْوَزْنِ إلَّا في الْبُرِّ ثُمَّ مِثْلُ مَكِيلِ ذلك من جَمِيعِ الْحُبُوبِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ هل نِصَابُ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ تَقْرِيبٌ أو تَحْدِيدٌ في كِتَابِ الزَّكَاةِ عِنْدَ قَوْلِهِ الثَّالِثُ مِلْكُ نِصَابٍ‏.‏

فَوَائِدُ‏:‏

الْأُولَى ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ نِصَابَ الزَّيْتُونِ كَغَيْرِهِ وهو خَمْسَةُ أَوْسُقٍ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَقَلَهُ صَالِحٌ‏.‏

وقال ابن الزَّاغُونِيِّ نِصَابُهُ سِتُّونَ صَاعًا قال ابن تَمِيمٍ وَنَقَلَهُ صَالِحٌ عن‏.‏

أبيه وَلَعَلَّهُ سَهْوٌ قال في الرِّعَايَةِ وهو سَهْوٌ وقال أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَتَبِعَهُ في الْمُذْهَبِ لَا نَصَّ فيها عن أَحْمَدَ ثُمَّ ذَكَرَ عن الْقَاضِي يَتَوَجَّهُ أَنْ يُجْعَلَ نِصَابُهُ ما يَبْلُغُ قِيمَتُهُ قِيمَةَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ من أَدْنَى ما تُخْرِجُ الْأَرْضُ مِمَّا تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ‏.‏

قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَبَا الْخَطَّابِ سَهَا على شَيْخِهِ بِذِكْرِ الزَّيْتُونِ مع الْقُطْنِ وَالزَّعْفَرَانِ كما سَهَا على أَحْمَدَ بِأَنَّهُ لم يَنُصَّ فيه بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْقَاضِي اعْتِبَارَ النِّصَابِ بِالْقِيمَةِ في الْقُطْنِ وَالزَّعْفَرَانِ وَلَيْسَ الزَّيْتُونُ في ذلك هَكَذَا ذَكَرَهُ في خِلَافِهِ ولم نَجِدْ في شَيْءٍ من كُتُبِهِ اعْتِبَارَ نِصَابِهِ بِالْقِيمَةِ وقد ذَكَرَ في الْمُجَرَّدِ اعْتِبَارَهُ بِالْأَوْسُقِ كما قَدَّمْنَا انْتَهَى كَلَامِ الْمَجْدِ‏.‏

وقال الشِّيرَازِيُّ في الْإِيضَاحِ وَتَبِعَهُ في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ هل يُعْتَبَرُ بِالزَّيْتِ أو بِالزَّيْتُونِ فيه رِوَايَتَانِ فَإِنْ اُعْتُبِرَ بِالزَّيْتِ فَنِصَابُهُ خَمْسَةُ أَفْرَاقٍ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وهو غَرِيبٌ‏.‏

الثَّانِيَةُ يَجُوزُ له أَنْ يُخْرِجَ من الزَّيْتُونِ وَإِنْ أَخْرَجَ من الزَّيْتِ كان أَفْضَلَ وَلَا يَتَعَيَّنُ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ هذا الْمَشْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ يُخْرِجُ زَيْتُونًا حَتْمًا كَالزَّيْتُونِ الذي لَا زَيْتَ فيه لِوُجُوبِهَا فيه وَكَدُبْسٍ عن تَمْرٍ‏.‏

وَقِيلَ يُخْرِجُ زَيْتًا قاله ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ قال أبو الْمَعَالِي عن الْأَوَّلِ وَيُخْرِجُ عُشْرَ كَسْبِهِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ منه بِخِلَافِ التِّينِ‏.‏

وقال في الْمُسْتَوْعِبِ هل يُخْرِجُ من الزَّيْتُونِ أو من دُهْنِهِ فيه وَجْهَانِ قال في الْفُرُوعِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْخِلَافَ في الْوُجُوبِ وَيَدُلُّ عليه سِيَاقُ كَلَامِهِ وَيُحْتَمَلُ في الْأَفْضَلِيَّةِ وَظَاهِرُهُ لَا يَلْزَمُ إخْرَاجُ غَيْرِ الدُّهْنِ وَإِلَّا فَلَوْ أَخْرَجَهُ وَالْكُسْبِ لم يَكُنْ لِلْوَجْهِ الْآخَرِ وَجْهٌ لِأَنَّ الْكُسْبَ يَصِيرُ وُقُودًا كَالتِّبْنِ وقد يُنْبَذُ وَيُرْمَى رَغْبَةً عنه انْتَهَى كَلَامُهُ‏.‏

الثَّالِثَةُ يُخْرِجُ زَكَاةَ السِّمْسِمِ منه كَغَيْرِهِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُهُ لَا يُجْزِئُ شَيْرَجٌ وَكُسْبٌ لِعَيْبِهِمَا لِفَسَادِهِمَا بِالِادِّخَارِ كَإِخْرَاجِ الدَّقِيقِ وَالنُّخَالَةِ بِخِلَافِ الزَّيْتِ وَكُسْبِهِ وهو وَاضِحٌ انْتَهَى‏.‏

قال ابن تَمِيمٍ وَلَا يُخْرِجُ من دُهْنِ السِّمْسِمِ وَجْهًا وَاحِدًا‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ وَلَا يُجْزِئُ شَيْرَجٌ عن سِمْسِمٍ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُهُ كما سَبَقَ من قَوْلِ أبي الْمَعَالِي وَأَنَّهُ لو أَخْرَجَ الشَّيْرَجَ وَالْكُسْبَ أَجْزَأَ‏.‏

الرَّابِعَةُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا أَنَّ نِصَابَ الْقُطْنِ وَالزَّعْفَرَانِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يُكَالُ كَالْوَرْسِ وَنَحْوِهِ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةِ رَطْلٍ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالْمُصَنِّفُ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَالشَّارِحُ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَغَيْرُهُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي نِصَابُ ذلك أَنْ تَبْلُغَ قِيمَتُهُ قِيمَةَ أَدْنَى نَبَاتٍ يُزَكَّى وهو احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَالْمَجْدُ وَالْقَاضِي في الْخِلَافِ وَقَدَّمَهُ في الْحَاوِيَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ الْإِطْلَاقُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ‏.‏

زَادَ الْقَاضِي في الْخِلَافِ إلَّا الْعُصْفُرَ فإنه تبع لِلْقُرْطُمِ لِأَنَّهُ أَصْلُهُ فَاعْتُبِرَ بِهِ فَإِنْ بَلَغَ الْقُرْطُمُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ زكى وَتَبِعَهُ الْعُصْفُرُ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

وَقِيلَ يُزَكَّى قَلِيلُ ما لَا يُكَالُ وَكَثِيرُهُ وَمِنْ الْأَصْحَابِ من خَصَّ ذلك بِالزَّعْفَرَانِ قال في الْفُرُوعِ وَلَا فَرْقَ وَقِيلَ نِصَابُ الزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ وَالْعُصْفُرِ خَمْسَةُ أَمْنَاءٍ جَمْعُ مَنٍّ وهو رَطْلَانِ وهو الْمَنُّ وَجَمْعُهُ أَمْنَاءٌ‏.‏

قَوْلُهُ وَتُضَمُّ ثَمَرَةُ الْعَامِ الْوَاحِدِ بعضها ‏[‏بعضهما‏]‏ إلَى بَعْضٍ في تَكْمِيلِ النِّصَابِ‏.‏

وَكَذَا زَرْعُ الْعَامِ الْوَاحِدِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وحكى عن بن حَامِدٍ لَا يُضَمُّ صَيْفِيٌّ إلَى شَتْوِيٍّ إذَا زُرِعَ مَرَّتَيْنِ في عَامٍ وقال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالنَّخْلُ التِّهَامِيُّ يَتَقَدَّمُ لِشِدَّةِ الْحَرِّ فَلَوْ اطلع ‏[‏طلع‏]‏ وَجُدَّ ثُمَّ اطلع ‏[‏طلع‏]‏ النَّجْدِيُّ ثُمَّ لم يُجَدَّ حتى اطلع ‏[‏طلع‏]‏ التِّهَامِيُّ ضُمَّ النَّجْدِيُّ إلَى التِّهَامِيِّ الْأَوَّلِ لَا إلَى الثَّانِي لِأَنَّ عَادَةَ النَّخْلِ يَحْمِلُ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً فَيَكُونُ التِّهَامِيُّ الثَّانِي ثَمَرَةَ عَامٍ ثَانٍ‏.‏

قال وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْعَامِ هُنَا اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا بَلْ وَقْتُ اسْتِغْلَالِ الْمُغَلِّ عن الْعَامِ عُرْفًا وَأَكْثَرُهُ عَادَةً نَحْوُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِقَدْرِ فَصْلَيْنِ وَلِهَذَا أَجْمَعْنَا أَنَّ من اسْتَغَلَّ حِنْطَةً أو رُطَبًا آخِرَ تَمُّوزَ من عَامٍ ثُمَّ عَادَ فَاسْتَغَلَّ مثله في الْعَامِ الْمُقْبِلِ أَوَّلَ تَمُّوزَ أو حُزَيْرَانَ لم يُضَمَّا مع أَنَّ بَيْنَهُمَا دُونَ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا انْتَهَى وَمَعْنَاهُ كَلَامِ بن تَمِيمٍ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ كان له نَخْلٌ يَحْمِلُ في السَّنَةِ حَمْلَيْنِ ضَمَّ أَحَدَهُمَا إلَى الْآخَرِ‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال قَالَهُ الْأَصْحَابُ وقال الْقَاضِي لَا يُضَمُّ لِنُدْرَتِهِ مع تَنَافِي أَصْلِهِ فَهُوَ كَثَمَرَةِ عَامٍ آخَرَ بِخِلَافِ الزَّرْعِ‏.‏

فَعَلَى هذا لو كان له نَخْلٌ يَحْمِلُ بَعْضَهُ في السَّنَةِ حَمْلًا وَبَعْضَهُ حَمْلَيْنِ ضَمَّ ما يَحْمِلُ حَمْلًا إلَى أَيِّهِمَا بَلَغَ معه وَإِنْ كان بَيْنَهُمَا فَإِلَى أَقْرَبِهِمَا إلَيْهِ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ‏.‏

وقال أَيْضًا وفي ضَمِّ حَمْلِ نَخْلٍ إلَى حَمْلِ نَخْلٍ آخَرَ في عَامٍ وَاحِدٍ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يُضَمُّ جِنْسٌ إلَى آخَرَ في تَكْمِيلِ النِّصَابِ‏.‏

هذا إحْدَى الرِّوَايَاتِ اخْتَارَهَا الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَصَحَّحَهُ‏.‏

في إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَمُخْتَصَرِ بن تَمِيمٍ وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ في الْخُطْبَةِ‏.‏

وَعَنْهُ أَنَّ الْحُبُوبَ يُضَمُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ رَوَاهَا صَالِحٌ وأبو الْحَارِثِ وَالْمَيْمُونِيُّ وَصَحَّحَهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَاخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ‏.‏

قال إِسْحَاقُ بن هَانِئٍ رَجَعَ أبو عبد اللَّهِ عن عَدَمِ الضَّمِّ وقال يُضَمُّ وهو أَحْوَطُ‏.‏

قال الْقَاضِي وَظَاهِرُهُ الرُّجُوعُ عن مَنْعِ الضَّمِّ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَنِهَايَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ‏.‏

وَعَنْهُ تُضَمُّ الْحِنْطَةُ إلَى الشَّعِيرِ وَالْقُطْنِيَّاتُ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا‏.‏

قال في الْمُبْهِجِ يُضَمُّ ذلك في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ قال الْقَاضِي وهو الْأَظْهَرُ نَقَلَه ابن رَزِينٍ عنه وَجَزَمَ بِهِ في الْإِيضَاحِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَهِيَ من الْمُفْرَدَاتِ وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ‏.‏

فَعَلَيْهَا تُضَمُّ الْأَبَازِيرُ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ وَحُبُوبُ الْبُقُولِ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ لِتُقَارِبَ الْمَقْصُودَ وكذا يُضَمُّ كُلُّ ما تَقَارَبَ وَمَعَ الشَّكِّ لَا يُضَمُّ‏.‏

قال ابن تَمِيمٍ وَعَنْهُ يُضَمُّ ما تَقَارَبَ في الْمَنْبِتِ وَالْمَحْصَدِ‏.‏

وَحَكَى بن تَمِيمٍ أَيْضًا رِوَايَةً تُضَمُّ الْحِنْطَةُ إلَى الشَّعِيرِ قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّهُ على رِوَايَةِ أَنَّهُ جِنْسٌ‏.‏

وَخَرَّجَ بن عَقِيلٍ ضَمَّ التَّمْرِ إلَى الزَّبِيبِ على الْخِلَافِ في الْحُبُوبِ قال الْمَجْدُ وَلَا يَصِحُّ لِتَصْرِيحِ أحد ‏[‏أحمد‏]‏ بِالتَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْحُبُوبِ على قَوْلِهِ بِالضَّمِّ في رِوَايَةِ صَالِحٍ وَحَنْبَلٍ وقال ابن تَمِيمٍ بَعْدَ كَلَامِ بن عَقِيلٍ وَقَالَهُ أبو الْخَطَّابِ وَتَوَقَّفَ عنه في رِوَايَةِ صَالِحٍ‏.‏

فائدة‏:‏

الْقُطْنِيَّاتُ حُبُوبٌ كَثِيرَةٌ منها الْحِمَّصُ وَالْعَدَسُ وَالْمَاشُ وَالْجُلْبَانُ وَاللُّوبِيَا وَالدُّخْنُ وَالْأُرْزُ وَالْبَاقِلَا وَنَحْوِهَا مِمَّا يُطْلَقُ عليه هذا الِاسْمُ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلَا يُضَمُّ جِنْسٌ إلَى آخَرَ أَنَّهُ يُضَمُّ أَنْوَاعُ الْجِنْسِ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ لِتَكْمِيلِ النِّصَابِ وهو صَحِيحٌ فَالسُّلْتُ نَوْعٌ من الشَّعِيرِ جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ لِأَنَّهُ أَشْبَهُ الْحُبُوبِ بِالشَّعِيرِ في صُورَتِهِ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ السُّلْتُ لَوْنُهُ لَوْنُ الْحِنْطَةِ وَطَبْعُهُ طَبْعُ الشَّعِيرِ في الْبُرُودَةِ قال في الْفُرُوعِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ وَهَلْ يُعْمَلُ بِلَوْنِهِ أو بِطَبْعِهِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ انْتَهَى‏.‏

وقال في التَّرْغِيبِ السُّلْتُ يُكَمَّلُ بِالشَّعِيرِ وَقِيلَ لَا يَعْنِي أَنَّهُ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ قَالَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ قال ابن تَمِيمٍ وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ‏.‏

وَأَطْلَقَ في النَّظْمِ وَالْفَائِقِ في ضَمِّ السُّلْتِ إلَى الشَّعِيرِ وَجْهَيْنِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْعَلَسَ نَوْعٌ من الْحِنْطَةِ يُضَمُّ إلَيْهَا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَقِيلَ لَا يُضَمُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ في ضَمِّ الْعَلَسِ إلَى الْبُرِّ وَجْهَانِ‏.‏

وقال أَيْضًا والحاروس ‏[‏والحارس‏]‏ نَوْعٌ من الدَّخَنِ يُضَمُّ وقال أَيْضًا وفي ضَمِّ الدَّخَنِ إلَى الذُّرَةِ وَجْهَانِ وَيَأْتِي ضَمُّ الذَّهَبِ إلَى الْفِضَّةِ في بَابِ زَكَاةِ الْأَثْمَانِ‏.‏

فائدة‏:‏

قَوْلُهُ وَلَا تَجِبُ فِيمَا يَكْتَسِبُهُ اللَّقَّاطُ أو يَأْخُذُهُ أُجْرَةً بِحَصَادِهِ‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ وَكَذَا ما يَمْلِكُهُ بَعْدَ صَلَاحِهِ بِشِرَاءٍ أو إرْثٍ أو غَيْرِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وقال ابن أبي مُوسَى تَجِبُ الزكاة ‏[‏للزكاة‏]‏ يوم الْحَصَادِ وَالْجِدَادِ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ على الْمُشْتَرِي لِتَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِهِ وهو في مِلْكِهِ وَيَأْتِي ذلك أَيْضًا عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وإذا اشْتَدَّ الْحَبُّ وَبَدَا صَلَاحُ الثَّمَرَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا فِيمَا يَجْتَنِيهِ من الْمُبَاحِ أَيْ لَا تَجِبُ كَالْبُطْمِ وَالرَّعْبَلِ وهو شَعِيرُ الْجَبَلِ وَبِزِرٍّ قُطُونًا وَنَحْوَهُ‏.‏

كَالْعَفْصِ وَالْأُشْنَانِ وَالسُّمَّاقِ وَالْكَلَأِ سَوَاءٌ أَخَذَهُ من مَوَاتٍ أو نَبَتَ في أَرْضِهِ وَقُلْنَا لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِأَخْذِهِ فَأَخَذَهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَقَالُوا هذا الصَّحِيحُ وَرَدُّوا غَيْرَهُ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَاخْتَارَهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ فِيمَا يَجْتَنِيهِ من الْمُبَاحِ‏.‏

وَقِيلَ تَجِبُ فيه جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وقال في الْمُذْهَبِ تَجِبُ في ذلك قال الْقَاضِي في الْخِلَافِ وَالْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فيه لِأَنَّهُ أَوْجَبَهَا في الْعَسَلِ فَيُكْتَفَى بِمِلْكِهِ وَقْتَ الْأَخْذِ كَالْعَسَلِ انْتَهَى وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ الْوُجُوبُ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ فِيمَا يَنْبُتُ في أَرْضِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو نَبَتَ ما يَزْرَعُهُ الْآدَمِيُّ كَمَنْ سَقَطَ له حَبُّ حِنْطَةٍ في أَرْضِهِ أو أَرْضٍ مُبَاحَةٍ وَجَبَ عليه زَكَاتُهُ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَكَذَا إنْ قُلْنَا يَمْلِكُ ما يَنْبُتُ في أَرْضِهِ من الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَجِبُ الْعُشْرُ فِيمَا سقى بِغَيْرِ مُؤْنَةٍ كَالْغَيْثِ وَالسُّيُوحِ وما يَشْرَبُ بعروقه ‏[‏بروقه‏]‏ وَنِصْفُ الْعُشْرِ فِيمَا سقى بِكُلْفَةٍ كَالدَّوَالِي وَالنَّوَاضِحِ‏.‏

وَكَذَا ما سقى بِالنَّاعُورَةِ أو السَّاقِيَةِ وما يَحْتَاجُ في ترقة ‏[‏ترقي‏]‏ الْمَاءِ إلَى الْأَرْضِ إلَى آلَةٍ من عِرْقٍ أو غَيْرِهِ وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَالشَّارِحُ لَا يُؤَثِّرُ حَفْرُ الْأَنْهَارِ وَالسَّوَّاقِي لِقِلَّةِ الْمُؤْنَةِ لِأَنَّهُ من جُمْلَةِ إحْيَاءِ الْأَرْضِ وَلَا يَتَكَرَّرُ‏.‏

كُلَّ عَامٍ وَكَذَا من يُحَوِّلُ الْمَاءَ في السَّوَّاقِي لِأَنَّهُ كَحَرْثِ الْأَرْضِ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وما يُدِيرُ الْمَاءَ من النَّوَاعِيرِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَصْلُحُ من الْعَامِ إلَى الْعَامِ أو في أَثْنَاءِ الْعَامِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى دُولَابٍ تُدِيرُهُ الدَّوَابُّ يَجِبُ فيه الْعُشْرُ لِأَنَّ مُؤْنَتَهُ خَفِيفَةٌ فَهِيَ كَحَرْثِ الْأَرْضِ وَإِصْلَاحِ طُرُقِ الْمَاءِ‏.‏

فَائِدَتَانِ‏:‏

إحْدَاهُمَا لو اشْتَرَى مَاءَ بِرْكَةٍ أو حَفِيرَةٍ وَسَقَى بِهِ سَيْحًا وَجَبَ عليه الْعُشْرُ في ظَاهِرِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ قَالَهُ الْمَجْدُ وقال وَيُحْتَمَلُ وُجُوبُ نِصْفِ الْعُشْرِ لِأَنَّهُ سقى بِمُؤْنَةٍ وَأَطْلَقَ بن تَمِيمٍ فيه وَجْهَيْنِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو جَمَعَ الْمَاءَ وَسَقَى بِهِ وَجَبَ الْعُشْرُ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ منه في الصُّورَتَيْنِ وَإِطْلَاقُ غَيْرِ وَاحِدٍ يَقْتَضِيهِ كَعَمَلِ الْعَيْنِ ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَذَكَرَ بن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ إنْ كانت الْعَيْنُ أو الْقَنَاةُ يَكْثُرُ تَصَوُّبُ الْمَاءِ عنها وَيُحْتَاجُ إلَى حَفْرٍ مُتَوَالٍ فَذَلِكَ مُؤْنَةٌ فَيَجِبُ نِصْفُ الْعُشْرِ فَقَطْ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ سُقِيَ بِأَحَدِهِمَا أَكْثَرُ من الْآخَرِ اُعْتُبِرَ أَكْثَرُهُمَا نَصَّ عليه‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قَوْلُهُ وقال ابن حَامِدٍ يُؤْخَذُ بِالْقِسْطِ فَإِنْ جُهِلَ الْمِقْدَارُ وَجَبَ الْعُشْرُ‏.‏

يَعْنِي إذَا جُهِلَ مِقْدَارُ السَّقْيِ فلم يُعْلَمْ هل سَقَى سَيْحًا أَكْثَرَ أو الذي بِمُؤْنَةٍ أَكْثَرَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وقال ابن حَامِدٍ يُخْرِجُ حتى يَعْلَمَ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

قَوْلُهُ وَإِنْ سَقَى بِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ الِاعْتِبَارُ بِالْأَكْثَرِ النَّفْعُ لِلزَّرْعِ وَالنُّمُوُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ الِاعْتِبَارُ بِأَكْثَرِ السَّقْيَاتِ وَقِيلَ الِاعْتِبَارُ بِالْأَكْثَرِ مُدَّةً وَأَطْلَقَهُنَّ بن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ‏.‏

فَائِدَتَانِ‏:‏

إحْدَاهُمَا من له بُسْتَانٌ أو أَرْضٌ يسقى أَحَدَ الْبَسَاتِينَ بِكُلْفَةٍ وَالْآخَرَ بِغَيْرِهَا أو بَعْضَ الْأَرْضِ بِمُؤْنَةٍ وَبَعْضَهَا بِغَيْرِهَا ضم ‏[‏يضم‏]‏ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ في تَكْمِيلِ النِّصَابِ وَأَخَذَ من كل وَاحِدٍ بِحَسَبِهِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو اخْتَلَفَ السَّاعِي وَرَبُّ الْأَرْضِ فِيمَا سَقَى بِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْأَرْضِ من غَيْرِ يَمِينٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ وقال الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ لِلسَّاعِي اسْتِحْلَافُهُ لَكِنْ إنْ ظَهَرَ لم يَلْزَمْهُ إلَّا ما اعْتَرَفَ بِهِ وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ تُعْتَبَرُ الْبَيِّنَةُ فِيمَا يَظْهَرُ قال في الْفُرُوعِ وهو مُرَادُ غَيْرِهِ وَذَكَرَ بن تَمِيمٍ هذا وَجْهًا قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال‏.‏

قَوْلُهُ وإذا اشْتَدَّ الْحَبُّ وَبَدَا صَلَاحُ الثَّمَرَةِ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَأَكْثَرُهُمْ قَطَعَ بِهِ وقال ابن أبي مُوسَى تَجِبُ الزَّكَاةُ يوم الْحَصَادِ وَالْجِذَاذِ لِلْآيَةِ فَيُزَكِّيهِ الْمُشْتَرِي لِتَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِهِ في مِلْكِهِ وَتَقَدَّمَ ذلك قَرِيبًا‏.‏

فائدة‏:‏

لو بَاعَهُ رَبُّهُ وَشَرَطَ الزَّكَاةَ على الْمُشْتَرِي قال في الْفُرُوعِ فَإِطْلَاقُ كَلَامِهِمْ خُصُوصًا الشَّيْخَ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ لَا يَصِحُّ وَقَالَهُ الْمَجْدُ وَقَطَعَ بِه ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَان أَنَّ قِيَاسَ الْمَذْهَبِ يَصِحُّ لِلْعِلْمِ بها فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَى قَدْرَهَا وَوَكَّلَهُ في إخْرَاجِهِ حتى لو لم يُخْرِجْهَا الْمُشْتَرِي وَتَعَذَّرَ الرُّجُوعُ عليه أَلْزَمَ بها الْبَائِعَ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ قَطَعَهَا قَبْلَهُ فَلَا زَكَاةَ فيها‏.‏

إلَّا أَنْ يقطعها ‏[‏يقطعهما‏]‏ فِرَارًا من الزَّكَاةِ فَيَلْزَمُهُ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ على ذلك وَالْخِلَافُ فيه أَوَاخِرَ كِتَابِ الزَّكَاةِ فَلْيُعَاوَدْ‏.‏

فائدة‏:‏

قال في الْفُرُوعِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أو صَرِيحُ بَعْضِهِمْ أَنَّ صَلَاحَ الثَّمَرَةِ هُنَا حُكْمُهُ حُكْمُ صَلَاحِ الثَّمَرَةِ الْمَذْكُورَةِ في بَابِ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ على ما يَأْتِي قال ابن تَمِيمٍ صَلَاحُ الْفُسْتُقِ وَالْبُنْدُقِ وَنَحْوِهِ إذَا انْعَقَدَ لُبُّهُ وَصَلَاحُ الزَّيْتُونِ إذَا كان له زَيْتٌ يَجْرِي في دُهْنِهِ وَإِنْ كان مِمَّا لَا زَيْتَ فيه فَبِأَنْ يَصْلُحَ لِلْكَبْسِ وقال في الرِّعَايَةِ وَيَجِبُ إذَا اشْتَدَّ الْحَبُّ وَبَدَا اشْتِدَادُهُ وَبَدَا صَلَاحُ الثَّمَرَةِ بِحُمْرَةٍ أو صُفْرَةٍ وَانْعَقَدَ لُبُّ اللَّوْزِ وَالْبُنْدُقِ وَالْفُسْتُقِ وَالْجَوْزِ إنْ قُلْنَا يُزَكَّى وَجَرَى دُهْنُ الزَّيْتُونِ فيه أو بَدَا صَلَاحُهُ وَطَابَ أَكْلُهُ أو صَلَحَ لِلْكَبْسِ إنْ لم يَكُنْ له زَيْتٌ وَقِيلَ صَلَاحُ الْحِنْطَةِ إذَا أَفْرَكَتْ وَالْعِنَبُ إذَا انْعَقَدَ وَحَمُضَ وَقِيلَ وَتَمَوَّهَ وَطَابَ أَكْلُهُ انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ إلَّا بِجَعْلِهَا في الْجَرِينِ‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ لَا يَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ إلَّا بِتَمَكُّنِهِ من الْأَدَاءِ كما سَبَقَ في أَثْنَاءِ كِتَابِ الزَّكَاةِ لِلُزُومِ الْإِخْرَاجِ إذَنْ‏.‏

فائدة‏:‏

الْجَرِينُ يَكُونُ بِمِصْرَ وَالْعِرَاقِ والبيدر وَالْأَيْدَرُ يَكُونُ بِالشَّرْقِ وَالشَّامِ والمربد يَكُونُ بِالْحِجَازِ وهو الْمَوْضِعُ الذي تُجْمَعُ فيه الثَّمَرَةُ لِيَتَكَامَلَ جَفَافُهَا والجوجان يَكُونُ بِالْبَصْرَةِ وهو مَوْضِعُ تَشْمِيسِهَا وَتَيْبِيسِهَا ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ وَسُمِّيَ بِلُغَةِ آخَرِينَ السُّطَّاحَ وَبِلُغَةِ آخَرِينَ الطِّبَابَةَ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَهُ بِغَيْرِ تَعَدٍّ منه سَقَطَتْ الزَّكَاةُ سَوَاءٌ كانت قد خُرِصَتْ او لم تُخْرَصْ‏.‏

إذَا تَلِفَتْ بِغَيْرِ تَعَدٍّ في عِبَارَةِ جَمَاعَةٍ من الْأَصْحَابِ منهم الْمَجْدُ وَنَصَّ عليه أَحْمَدُ قبل الْحَصَادِ وَالْجِدَادِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَذَكَرَه ابن الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا‏.‏

وفي عِبَارَةِ جَمَاعَةٍ أَيْضًا قبل أَنْ تَصِيرَ في الْجَرِينِ وَالْبَيْدَرِ كَالْمُصَنِّفِ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمَا سَقَطَتْ الزَّكَاةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم‏.‏

قال ابن تَمِيمٍ قَطَعَ بِهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ سَقَطَتْ اتِّفَاقًا‏.‏

وَقِيلَ لَا تَسْقُطُ قال ابن تَمِيمٍ وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ رِوَايَةً أَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَسْقُطُ عنه وَقَالَهُ غَيْرُهُ انْتَهَى قال في الْقَوَاعِدِ وهو ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ قال في الْفُرُوعِ وَأَظُنُّ أَنَّهُ قال في الْمُغْنِي قِيَاسُ من جَعَلَ وَقْتَ الْوُجُوبِ بُدُوَّ الصَّلَاحِ وَاشْتِدَادَ الْحَبِّ أَنَّهُ كَنَقْصِ نِصَابٍ بَعْدَ الْوُجُوبِ قبل التَّمَكُّنِ انْتَهَى وَتَقَدَّمَ ذلك في آخِرِ كِتَابِ الزَّكَاةِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو بَقِيَ بَعْدَ التَّلَفِ نِصَابٌ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فيه وَإِلَّا فَلَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمَجْدِ في شَرْحِهِ وَذَكَرَ بن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ فِيمَا إذَا لم يَبْقَ نِصَابٌ وَجْهَيْنِ‏.‏

قال ابن تَمِيمٍ اخْتَارَ الشَّيْخُ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ الْوُجُوبَ فِيمَا بَقِيَ بِقِسْطِهِ قال وهو أَصَحُّ كما لو تَلِفَ بَعْضُ النِّصَابِ من غَيْرِ الزَّرْعِ وَالثَّمَرَةِ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ قبل تَمَكُّنِهِ من الْإِخْرَاجِ قال في الرِّعَايَةِ أَظْهَرُهُمَا يُزَكِّي ما بَقِيَ بِقِسْطِهِ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِنْ ادَّعَى تَلَفَهَا قبل قَوْلِهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ‏.‏

وَلَوْ اُتُّهِمَ في ذلك وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه قال في الرِّعَايَةِ وهو أَظْهَرُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَجَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَنَصَرَهُ وَكَذَا صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وَقِيلَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْحَاوِيَيْنِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَيُصَدَّقُ في دَعْوَى غَلَطٍ مُمْكِنٍ من الْخَارِصِ قال في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُمْ كَالسُّدُسِ وَنَحْوِهِ وَلَا يُقْبَلُ في الثُّلُثِ وَالنِّصْفِ‏.‏

وَقِيلَ إنْ ادَّعَى غَلَطًا مُحْتَمَلًا قُبِلَ بِلَا يَمِينٍ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

قال في الْفُرُوعِ فَإِنْ فَحُشَ فَقِيلَ يُرَدُّ قَوْلُهُ وَقِيلَ ضَمَانًا كانت أو أَمَانَةً يُرَدُّ في الْفَاحِشِ‏.‏

وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لو ادَّعَى كَذِبَ الْخَارِصِ عَمْدًا لم يُقْبَلْ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

وَلَوْ قال ما حَصَلَ في يَدِي غَيْرُ كَذَا قُبِلَ قَوْلًا وَاحِدًا‏.‏

فائدة‏:‏

لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ في جَائِحَةٍ ظَاهِرَةٍ تَظْهَرُ عَادَةً إلَّا بِبَيِّنَةٍ ولم يُصَدَّقْ في التَّلَفِ جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقِيلَ يُصَدَّقُ مُطْلَقًا وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَجِبُ إخْرَاجُ زَكَاةِ الْحَبِّ مُصَفَّى وَالثَّمَرِ يَابِسًا‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ قال في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَ بن تَمِيمٍ عن بن بَطَّةَ له أَنْ يُخْرِجَ رُطَبًا وَعِنَبًا قال وَسِيَاقُ كَلَامِهِ إنَّمَا هو فِيمَا إذَا اعْتَبَرْنَا نِصَابَهُ كَذَلِكَ وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ يُجْزِئُ رَطْبُهُ‏.‏

وَقِيلَ فِيمَا لَا يُثْمِرُ وَلَا يُزَبِّبُ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال ثُمَّ قال وَهَذَا وَأَمْثَالُهُ لَا عِبْرَةَ بِهِ وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ منها بِمَا انْفَرَدَ بِهِ بِالتَّصْرِيحِ وَكَذَا يُقَدَّمُ في مَوْضِعِ الْإِطْلَاقِ وَيُطْلَقُ في مَوْضِعِ التَّقْدِيمِ وَيُسَوَّى بين شَيْئَيْنِ الْمَعْرُوفُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا وَعَكْسُهُ قال فَلِهَذَا وَأَمْثَالِهِ حَصَلَ الْخَوْفُ وَعَدَمُ الِاعْتِمَادِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو خَالَفَ وَأَخْرَجَ سُنْبُلًا رَطْبًا وَعِنَبًا لم يُجْزِهِ وَوَقَعَ نَفْلًا وَلَوْ كان الْآخِذُ السَّاعِيَ فَإِنْ جَفَّفَهُ وَجَاءَ بِقَدْرِ الْوَاجِبِ أَجْزَأَ وَإِلَّا أَعْطَى إنْ زَادَ أو أَخَذَ إنْ نَقَصَ وَإِنْ كان بِحَالَةٍ رَدِيئَةٍ وَإِنْ تَلِفَ رَدَّ مثله على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَالَهُ الْمَجْدُ وقال عِنْدِي لَا يَضْمَنُهُ وَيَأْخُذُهُ منه باختيارة ولم يَتَعَدَّ وَاخْتَارَه ابن تَمِيمٍ أَيْضًا وَقَدَّمَ يُضَمِّنُهُ قِيمَتَهُ قال وَفِيهِ وَجْهٌ بمثله قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى قَطْعِهِ قبل كَمَالِهِ لِضَعْفِ الْأَصْلِ وَنَحْوِهِ كَخَوْفِ الْعَطَشِ أو لِتَحْسِينِ بَقِيَّتِهِ أو كان رُطَبًا لَا يَجِيءُ منه تَمْرٌ أو عِنَبًا‏.‏

لَا يَجِيءُ منه زَبِيبٌ زَادَ في الْكَافِي أو يَجِيءُ منه زَبِيبٌ ردىء ‏[‏رديء‏]‏ انْتَهَى‏.‏

قُلْت وَعَلَى قِيَاسِهِ إذَا جاء منه تَمْرٌ ردىء ‏[‏رديء‏]‏ أَخْرَجَ منه رُطَبًا وَعِنَبًا يَعْنِي جَازَ قَطْعُهُ وَإِخْرَاجُ زَكَاةٍ منه‏.‏

قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَإِنْ كان يَكْفِي التَّجْفِيفُ لم يَجُزْ قَطْعُ الْكُلِّ قال في الْفُرُوعِ وفي كَلَامِ بَعْضِهِمْ إطْلَاقٌ فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا جَوَازَ إخْرَاجِ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ وَالْحَالَةُ هذه فَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ من هذا رُطَبًا وَعِنَبًا مُشَاعًا أو مَقْسُومًا بَعْدَ الْجِدَادِ أو قَبْلَهُ بِالْخَرْصِ فَيُخَيَّرُ السَّاعِي بين قَسْمِهِ مع رَبِّ الْمَالِ قبل الْجِدَادِ بِالْخَرْصِ وَيَأْخُذُ نَصِيبَهُمْ شَجَرَاتٍ مُفْرَدَةً وَبَعْدَ الْجِدَادِ بِالْكَيْلِ وَهَذَا الذي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَصَحَّحَه ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَالنَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ‏.‏

فَأَوَّلُ كَلَامِ الْقَاضِي الذي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وهو تَخْيِيرُ السَّاعِي مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَبَاقِي كَلَامِهِ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا يُخْرِجُ إلَّا يَابِسًا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في الْخِلَافِ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن تَمِيمٍ وهو من الْمُفْرَدَاتِ‏.‏

قُلْت هذا الْمَذْهَبُ لِأَنَّهُ الْمَنْصُوصُ‏.‏

وَاخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ‏.‏

وَعَنْهُ يَجُوزُ إخْرَاجُ الْقِيمَةِ هُنَا وَإِنْ مَنَعْنَا من إخْرَاجِهَا في غَيْرِ هذا الْمَوْضِعِ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وُجُوبَ الزَّكَاةِ في ذلك مُطْلَقًا وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَاطِبَةً وَالْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يُعْتَبَرُ بِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ من الْخُضَرِ وهو قَوْلُ مُحَمَّدِ بن الْحَسَنِ وَاحْتِمَالٌ فِيمَا لَا يُتْمِرُ وَلَا يَصِيرُ زَبِيبًا وهو رِوَايَةُ عن مَالِكٍ انْتَهَى‏.‏

فَوَائِدُ‏:‏

الْأُولَى لَا تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ حتى يَبْلُغَ حَدًّا يَكُونُ منه خَمْسَةُ أَوْسُقٍ تَمْرًا أو زَبِيبًا على الصَّحِيحِ كَغَيْرِهِ اخْتَارَه ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَغَيْرُهُمْ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ هذا أَصَحُّ‏.‏

وَقِيلَ يُعْتَبَرُ نِصَابُهُ رُطَبًا وَعِنَبًا قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ نِهَايَتُهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَهُمَا وَجْهَانِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَرِوَايَتَانِ في الْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

فَعَلَى ما اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرِهِمَا في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ لو أَتْلَفَ رَبُّ الْمَالِ نَصِيبَ الْفُقَرَاءِ ضَمِنَ الْقِيمَةَ كَالْأَجْنَبِيِّ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي‏.‏

وَعَلَى الْمَنْصُوصِ يَجِبُ في ذِمَّتِهِ تَمْرًا أو زَبِيبًا وَلَوْ أَتْلَفَ رَبُّ الْمَالِ جَمِيعَ الثَّمَرَةِ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَاجِبِ على قَوْلِ الْقَاضِي وَمَنْ تَابَعَهُ كما لو أَتْلَفَهَا أَجْنَبِيٌّ وَعَلَى الْمَنْصُوصِ يَضْمَنُ الْوَاجِبَ في ذِمَّتِهِ تَمْرًا أو زَبِيبًا كَغَيْرِهِمَا إذَا أَتْلَفَهُ فَلَوْ لم يَجُدَّ التَّمْرَ أو الزَّبِيبَ في الْمَسْأَلَتَيْنِ بَقِيَ الْوَاجِبُ في ذِمَّتِهِ يُخْرِجُهُ إذَا قَدَرَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقِيلَ يُخْرِجُ قِيمَتَهُ في الْحَالِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ في الْإِرْشَادِ وَوَجْهَانِ في غَيْرِهِ وَهُمَا مَبْنِيَّانِ على جَوَازِ إخْرَاجِ الْقِيمَةِ عِنْدَ إعْوَازِ الْفَرْضِ كما تَقَدَّمَ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَذَكَرَ هذا الْبِنَاءَ الْمَجْدُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمَا وَهِيَ طَرِيقَةٌ ثَانِيَةٌ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو أَخْرَجَ قِيمَةَ الْوَاجِبِ هُنَا وَمَنَعْنَا من إخْرَاجِ الْقِيمَةِ لم يَجُزْ ذلك في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ كَغَيْرِهِ قَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ‏.‏

وَعَنْهُ يَجُوزُ دَفْعًا لِمَشَقَّةِ إخْرَاجِهِ رُطَبًا بِعَيْنِهِ فإنه عِنْدَ أَخْذِهِ قد لَا يَحْضُرُهُ السَّاعِي وَالْفَقِيرُ وَيُخْشَى فَسَادُهُ بِالتَّأْخِيرِ وَلِذَلِكَ أَجَزْنَا لِلسَّاعِي بَيْعَهُ وَلِلْمُخْرِجِ شِرَاءَهُ من غَيْرِ كَرَاهَةٍ قَالَهُ الْمَجْدُ وَأَطْلَقَهُمَا هو وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ‏.‏

الثَّالِثَةُ لَا يَجُوزُ قَطْعُ ذلك إلَّا بِإِذْنِ السَّاعِي إنْ كان وَإِلَّا جَازَ‏.‏

الرَّابِعَةُ لو قَطَعَهُ قبل الْوُجُوبِ لِأَكَلِهِ خَصُوبًا أو خِلَالًا أو لِبَيْعِهِ أو تَجْفِيفِهِ عن النَّخْلِ أو لِتَحْسِينِ الْبَاقِي أو لِمَصْلَحَةٍ ما لم تَجِبْ الزَّكَاةُ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْفِرَارَ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

قَوْلُهُ في تَتِمَّةِ كلام الْقَاضِي يُخَيَّرُ السَّاعِي بين بَيْعِهِ منه أو من غَيْرِهِ وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ له شِرَاءُ زَكَاتِهِ‏.‏

اعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ شِرَاءُ زَكَاتِهِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال هو أَشْهَرُ‏.‏

قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ من أَصْحَابِنَا وَأَهْلُ الظَّاهِرِ أَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ احْتَجَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِقَوْلِهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ لَا تَشْتَرِهِ وَلَا تَعُدْ في صَدَقَتِك وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى اسْتِرْجَاعِ شَيْءٍ منها لِأَنَّهُ يُسَامِحُهُ رَغْبَةً أو رَهْبَةً‏.‏

وَعَنْهُ يُكْرَهُ شِرَاؤُهَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْمَجْدِ في شَرْحِهِ وَالْفَائِقِ وقال في الْوَجِيزِ وَلَا يَشْتَرِيهَا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ في هذا الْبَابِ‏.‏

وَعَنْهُ يُبَاحُ شِرَاؤُهَا كما لو وَرِثَهَا نَصَّ عليه وَأَطْلَقَهُنَّ في الْحَاوِيَيْنِ‏.‏

فَوَائِدُ‏:‏

منها لو رَجَعَتْ الزَّكَاةُ إلَى الدَّافِعِ بِإِرْثٍ أُبِيحَتْ له عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ قال في الْفُرُوعِ وَعَلَّلَهُ جَمَاعَةٌ بِأَنَّهُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ قال فَيُؤْخَذُ منه أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ حَصَلَ بِفِعْلِهِ كَالْبَيْعِ وَنُصُوصُ أَحْمَدَ إنَّمَا هِيَ في الشِّرَاءِ وَصَرَّحَ في رِوَايَةِ عَلِيِّ بن سَعِيدٍ‏.‏

أَنَّ الْهِبَةَ كَالْمِيرَاثِ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ ما أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ فَلَا إذَا كان شَيْءٌ جَعَلَهُ لِلَّهِ فَلَا يَرْجِعُ فيه وَاحْتَجَّ الْمَجْدُ لِلْقَوْلِ بِصِحَّةِ الشِّرَاءِ بِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَأْخُذَهَا من دَيْنِهِ وَيَأْخُذُهَا بِهِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ فَيُعَوَّضُ منها أَوْلَى‏.‏

وَمِنْهَا قال في الْفُرُوعِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ سَوَاءٌ اشْتَرَاهَا مِمَّنْ أَخَذَهَا منه أو من غَيْرِهِ قال وهو ظَاهِرُ الْخَبَرِ وَنَقَلَهُ أبو دَاوُد في فَرَسِ حُمَيْدٍ وهو الذي قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فإنه قال وَيُكْرَهُ شِرَاءُ زَكَاتِهِ وَصَدَقَتِهِ وَقِيلَ مِمَّنْ أَخَذَهَا منه انْتَهَى‏.‏

قُلْت وَظَاهِرُ من عَلَّلَ بِأَنَّهُ يُسَامِحُهُ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَنْ أَخَذَهَا‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ أَيْضًا وكذا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ النَّهْيَ يَخْتَصُّ بِعَيْنِ الزَّكَاةِ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ وما أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِهِ أو شيئا من نِتَاجِهِ‏.‏

وَمِنْهَا الصَّدَقَةُ كَالزَّكَاةِ فِيمَا تَقَدَّمَ من الْأَحْكَامِ لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا‏.‏

قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْعَثَ الْإِمَامُ سَاعِيًا إذَا بَدَا صَلَاحُ الثَّمَرِ فَيَخْرُصُهُ عليهم لِيَتَصَرَّفُوا فيه‏.‏

بَعْثُ الْإِمَامِ سَاعِيًا لِلْخَرْصِ مُسْتَحَبٌّ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَذَكَرَ أبو الْمَعَالِي بن منجا أَنَّ نَخْلَ الْبَصْرَةِ لَا يُخْرَصُ وقال أَجْمَعَ عليه الصَّحَابَةُ وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ وَعَلَّلَ ذلك بِالْمَشَقَّةِ وَغَيْرِهَا قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

قَوْلُهُ يَنْبَغِي يَعْنِي يُسْتَحَبُّ‏.‏

فَوَائِدُ‏:‏

الْأُولَى لَا يُخْرَصُ غَيْرُ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وقال ابن الْجَوْزِيِّ يُخْرَصُ غَيْرُ الزَّيْتُونِ وقال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وَلَا فَرْقَ‏.‏

الثَّانِيَةُ يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْخَارِصِ مُسْلِمًا أَمِينًا خَبِيرًا بِلَا نِزَاعٍ وَيُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ غير مُتَّهَمٍ ولم يَذْكُرْهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم بن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وَصَاحِبُ الْحَاوِي وَقِيلَ عَدْلٌ وَلَا يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ حُرًّا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى حُرٌّ في الْأَشْهَرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ‏.‏

الثَّالِثَةُ يَكْفِي خَارِصٌ وَاحِدٌ بِلَا نِزَاعٍ بين الْأَصْحَابِ وَوَجَّهَ في الْفُرُوعِ تَخْرِيجًا بِأَنَّهُ لَا يَكْفِي إلَّا اثْنَانِ كَالْقَائِفِ عِنْدَ من يقول بِهِ‏.‏

الرَّابِعَةُ أُجْرَةُ الْخَرْصِ على رَبِّ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ فيه ما يَأْتِي في حَصَادٍ‏.‏

الْخَامِسَةُ كَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الْحَصَادَ وَالْجِذَاذَ لَيْلًا‏.‏

السَّادِسَةُ يَلْزَمُ خَرْصُ كل نَوْعٍ وَحْدَهُ لِاخْتِلَافِ الْأَنْوَاعِ وَقْتَ الْجَفَافِ ثُمَّ يَعْرِفُ الْمَالِكُ قَدْرَ الزَّكَاةِ وَيُخَيَّرُ بين أَنْ يَتَصَرَّفَ بِمَا شَاءَ وَيَضْمَنُ قَدْرَهَا وَبَيْنَ حِفْظِهَا إلَى وَقْتِ الْجَفَافِ فَإِنْ لم يَضْمَنْ الزَّكَاةَ وَتَصَرَّفَ صَحَّ تَصَرُّفُهُ قال في الرِّعَايَةِ وَكُرِهَ وَقِيلَ يُبَاحُ‏.‏

وَحَكَى بن تَمِيمٍ عن الْقَاضِي أَنَّهُ لَا يُبَاحُ التَّصَرُّفُ كَتَصَرُّفِهِ قبل الْخَرْصِ وَأَنَّهُ قال في مَوْضِعٍ آخَرَ له ذلك كما لو ضَمِنَهَا وَعَلَيْهِمَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ‏.‏

وَإِنْ أَتْلَفَهَا الْمَالِكُ بَعْدَ الْخَرْصِ أو تَلِفَتْ بِتَفْرِيطِهِ ضَمِنَ زَكَاتَهَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَجْفِيفُ هذا الرُّطَبِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَعَنْهُ رُطَبًا كَالْأَجْنَبِيِّ فإنه يَضْمَنُهُ بمثله رُطَبًا يوم التَّلَفِ وَقِيلَ بِقِيمَتِهِ رُطَبًا قال في الْفُرُوعِ قَدَّمَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ‏.‏

وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا إذَا أَتْلَفَ رَبُّ الْمَالِ نَصِيبَ الْفُقَرَاءِ وَجَمِيعَ الْمَالِ فِيمَا إذَا كان لَا يَجِيءُ منه تَمْرٌ وَلَا زَبِيبٌ أو تَلِفَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيقٍ‏.‏

السَّابِعَةُ لو حَفِظَهَا إلَى وَقْتِ الْإِخْرَاجِ زَكَّى الْمَوْجُودَ فَقَطْ سَوَاءٌ وَافَقَ قَوْلَ الْخَارِصِ أو لَا وَسَوَاءٌ اخْتَارَ حِفْظَهَا ضَمَانًا بِأَنْ يَتَصَرَّفَ أو أَمَانَةً لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ كَالْوَدِيعَةِ وَإِنَّمَا يُعْمَلُ بِالِاجْتِهَادِ مع عَدَمِ تَبَيُّنِ الْخَطَأِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ الْإِصَابَةُ‏.‏

وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ ما قال الْخَارِصُ مع تَفَاوُتِ قَدْرِ يَسِيرٍ يُخْطِئُ في مِثْلِهِ وقال في الرِّعَايَةِ لَا يَغْرَمُ ما لم يُفَرِّطْ وَلَوْ خُرِصَتْ وَعَنْهُ بَلَى انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ وَيَجِبُ أَنْ يَتْرُكَ في الْخَرْصِ لِرَبِّ الْمَالِ الثُّلُثَ أو الرُّبُعَ‏.‏

بِحَسَبِ اجْتِهَادِ السَّاعِي بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ فَيَجِبُ على السَّاعِي فِعْلُ ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وقال الْقَاضِي في شَرْحِ الْمُذْهَبِ الثُّلُثُ كَثِيرٌ لَا يَتْرُكُهُ وقال الْآمِدِيُّ وابن عَقِيلٍ يَتْرُكُ قَدْرَ أَكْلِهِمْ وَهَدِيَّتِهِمْ بِالْمَعْرُوفِ بِلَا تَحْدِيدٍ قال ابن تَمِيمٍ وهو أَصَحُّ قال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ هو أَصَحُّ انْتَهَى وقال ابن حَامِدٍ إنَّمَا يَتْرُكُ في الْخَرْصِ إذَا زَادَتْ الثَّمَرَةُ على النِّصَابِ فَلَوْ كانت نِصَابًا فَقَطْ لم يَتْرُكْ شيئا‏.‏

تَنْبِيهَانِ‏:‏

أَحَدُهُمَا هذا الْقَدْرُ الْمَتْرُوكُ لِلْأَكْلِ لَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَ الْمَجْدُ أَنَّهُ يُحْتَسَبُ بِهِ من النِّصَابِ فَيَكْمُلُ بِهِ ثُمَّ يَأْخُذُ زَكَاةَ الْبَاقِي سِوَاهُ‏.‏

الثَّانِي لو لم يَأْكُلْ رَبُّ الْمَالِ الْمَتْرُوكِ له بِلَا خَرْصٍ أَخَذَ منه زَكَاتَهُ على الصَّحِيحِ جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ وابن رَجَبٍ في الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ وَالسَّبْعِينَ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وقال صَاحِبُ الْفُرُوعِ دَلَّ النَّصُّ الذي في الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا على أَنَّ رَبَّ الْمَالِ لو لم يَأْكُلْ شيئا لم يُزَكِّهِ كما هو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَأَظُنُّ بَعْضَهُمْ جَزَمَ بِهِ أو قَدَّمَهُ وَذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ احْتِمَالًا له انْتَهَى‏.‏

فَائِدَتَانِ‏:‏

إحْدَاهُمَا قَوْلُهُ فَإِنْ لم يَفْعَلْ فَلِرَبِّ الْمَالِ الْأَكْلُ بِقَدْرِ ذلك وَلَا يُحْتَسَبُ عليه‏.‏

نَصَّ عليه وَكَذَا إذَا لم يَبْعَثْ الْإِمَامُ سَاعِيًا فَعَلَى رَبِّ الْمَالِ من الْخَرْصِ ما يَفْعَلُهُ السَّاعِي لِيَعْرِفَ قَدْرَ الْوَاجِبِ قبل أَنْ يَتَصَرَّفَ لِأَنَّهُ مُسْتَخْلَفٌ فيه وَلَوْ تَرَكَ السَّاعِي شيئا من الْوَاجِبِ أَخْرَجَهُ الْمَالِكُ نَصَّ عليه‏.‏

الثَّانِيَةُ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُخْرَصُ إلَّا النَّخْلُ وَالْكَرْمُ فَلَا تُخْرَصُ الْحُبُوبُ إجْمَاعًا لَكِنْ لِلْمَالِكِ الْأَكْلُ منها هو وَعِيَالُهُ بِحَسَبِ الْعَادَةِ كَالْفَرِيكِ وما يَحْتَاجُهُ وَلَا يُحْتَسَبُ بِهِ عليه وَلَا يُهْدَى نَصَّ على ذلك كُلِّهِ‏.‏

وَخَرَّجَ الْقَاضِي في جَوَازِ الْأَكْلِ منها وَجْهَيْنِ من الْأَكْلِ وَمِنْ الزَّرْعِ الذي ليس له خَلِيطٌ‏.‏

وقال الْقَاضِي في الْخِلَافِ أَسْقَطَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ عن أَرْبَابِ الزَّرْعِ الزَّكَاةَ في مِقْدَارِ ما يَأْكُلُونَ كما أَسْقَطَ في الثِّمَارِ قال وَذَكَرَهُ في رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ وَجَعَلَ الْحُكْمَ فِيهِمَا سَوَاءً‏.‏

وقال في الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ وَغَيْرِهِمَا يُحْسَبُ عليه ما يَأْكُلُهُ وَلَا يُتْرَكُ له منه شَيْءٌ وَذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ كَالْمُشْتَرَكِ من الزَّرْعِ نَصَّ عليه لِأَنَّهُ الْقِيَاسُ وَالْحَبُّ ليس في مَعْنَى الثَّمَرَةِ وَحَكَى رِوَايَةً أَنَّهُ لَا يزكى ما يُهْدِيهِ أَيْضًا‏.‏

وَقَدَّمَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يُزَكِّي ما يَهْدِيهِ من الثَّمَرَةِ قال في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ الْأَئِمَّةُ بِخِلَافِهِ‏.‏

وَحَكَى بن تَمِيمٍ أَنَّ الْقَاضِيَ قال في تَعْلِيقِهِ ما يَأْكُلُهُ من الثمرة ‏[‏التمرة‏]‏ بِالْمَعْرُوفِ لَا يُحْسَبُ عليه وما يُطْعِمُهُ جَارَهُ وَصَدِيقَهُ يُحْسَبُ عليه نَصَّ عليه‏.‏

وَذَكَرَ أبو الْفَرَجِ لَا زَكَاةَ فِيمَا يَأْكُلُهُ من زَرْعٍ وَثَمَرٍ وَفِيمَا يُطْعِمُهُ رِوَايَتَانِ وَحَكَى الْقَاضِي في شَرْحِ الْمُذْهَبِ في جَوَازِ أَكْلِهِ من زَرْعِهِ وَجْهَيْنِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ الْعُشْرُ من كل نَوْعٍ على حِدَةٍ‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم الْمُصَنِّفُ وَذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَشُقَّ على ما يَأْتِي‏.‏

وقال ابن عَقِيلٍ يُؤْخَذُ من أَحَدِهِمَا بِالْقِيمَةِ كَالضَّأْنِ من الْمَعْزِ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ شَقَّ ذلك‏.‏

يَعْنِي لِكَثْرَةِ الْأَنْوَاعِ وَاخْتِلَافِهَا أَخَذَ من الْوَسَطِ‏.‏

هذا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمُخْتَصَرِ بن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وَقِيلَ يُخْرِجُ من كل نَوْعٍ وَإِنْ شَقَّ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَصَحَّحَاهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ‏.‏

وَقِيلَ يَأْخُذُ من الْأَكْثَرِ‏.‏

فَوَائِدُ‏:‏

إحْدَاهَا لو أَخْرَجَ الْوَسَطَ عن جَيِّدٍ وردىء ‏[‏ورديء‏]‏ بِقَدْرِ قِيمَتَيْ الْوَاجِبِ مِنْهُمَا أو أَخْرَجَ الرَّدِيءَ عن الْجَيِّدِ بِالْقِيمَةِ لم يُجْزِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال ابن تَمِيمٍ لَا يُجْزِئُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَفِيهِ وَجْهٌ يُجْزِئُ قال الْمَجْدُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ جَوَازُهُ وقال أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ يُحْتَمَلُ في الْمَاشِيَةِ كَمَسْأَلَةِ الْأَثْمَانِ على ما يَأْتِي هُنَاكَ‏.‏

الثانية ‏[‏الثاني‏]‏ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ جِنْسٍ عن آخَرَ لِأَنَّهُ قِيمَةٌ وَلَا مَشَقَّةَ وَلَوْ قُلْنَا بِالضَّمِّ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال ابن عَقِيلٍ يَجُوزُ إنْ قُلْنَا بِالضَّمِّ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ وَيَجِبُ الْعُشْرُ على الْمُسْتَأْجِرِ دُونَ الْمَالِكِ‏.‏

بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ بِخِلَافِ الْخَرَاجِ فإنه على الْمَالِكِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ على الْمُسْتَأْجِرِ أَيْضًا وهو من الْمُفْرَدَاتِ‏.‏

وَيَأْتِي ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ حُكْمِ الْأَرْضِينَ الْمَغْنُومَةِ‏.‏

وَكَذَلِكَ الْمُسْتَعِيرُ لَا يَلْزَمُهُ خَرَاجٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وحكى عنه يَلْزَمُهُ وَقِيلَ يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ‏.‏

الرَّابِعَةُ قَوْلُهُ وَيَجْتَمِعُ الْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ في كل أَرْضٍ فُتِحَتْ عَنْوَةً‏.‏

وَكَذَا كُلُّ أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ نَصَّ عليه فَالْخَرَاجُ في رَقَبَتِهَا وَالْعُشْرُ في غَلَّتِهَا‏.‏

الْخَامِسَةُ لَا زَكَاةَ في قَدْرِ الْخَرَاجِ إذَا لم يَكُنْ له مَالٌ آخَرُ يُقَابِلُهُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْمُسْتَوْعِبِ لِأَنَّهُ كَدَيْنٍ آدَمِيٍّ وَكَذَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ وَأَنَّهُ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ لِأَنَّهُ من مُؤْنَةِ الْأَرْضِ فَهُوَ كَنَفَقَةِ زَرْعِهِ وَسَبَقَ في كِتَابِ الزَّكَاةِ الرِّوَايَاتُ‏.‏

السَّادِسَةُ إذَا لم يَكُنْ له سِوَى غَلَّةِ الْأَرْضِ وَفِيهَا ما لَا زَكَاةَ فيه كَالْخُضَرِ جَعَلَ الْخَرَاجَ في مُقَابَلَتِهِ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ لِلْفُقَرَاءِ‏.‏

السَّابِعَةُ لَا يَنْقُصُ النِّصَابُ بِمُؤْنَةِ الْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ وَغَيْرِهِمَا منه لِسَبْقِ الْوُجُوبِ ذلك وقال في الرِّعَايَةِ وَيُحْتَمَلُ ضِدُّهُ كَالْخَرَاجِ وَيَأْتِي في مُؤْنَةِ الْمَعْدِنِ ما يُشَابِهُ ذلك‏.‏

الثَّامِنَةُ تَلْزَمُ الزَّكَاةُ في الْمُزَارَعَةِ من حَكَمَ بِأَنَّ الزَّرْعَ له وَإِنْ صَحَّتْ فَبَلَغَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا نِصَابًا زَكَّاهُ وَإِلَّا فَرِوَايَتَا الْخَلْطِ في غَيْرِ السَّائِمَةِ على ما تَقَدَّمَ‏.‏

التَّاسِعَةُ مَتَى حَصَدَ غَاصِبُ الْأَرْضِ زَرْعَهُ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ على ما يَأْتِي في أَوَّلِ الْغَصْبِ وَزَكَّاهُ وَإِنْ مَلَكَهُ رَبُّ الْأَرْضِ قبل اشْتِدَادِ الْحَبِّ زَكَّاهُ وَكَذَا قِيلَ بَعْدَ اشْتِدَادِهِ لِأَنَّهُ اسْتَنَدَ إلَى أَوَّلِ زَرْعِهِ فَكَانَ أَخْذُهُ إذَنْ وَقِيلَ يُزَكِّيهِ‏.‏

الْغَاصِبُ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَيَأْتِي قَوْلُ أن الزَّرْعَ لِلْغَاصِبِ فَيُزَكِّيهِ‏.‏

الْعَاشِرَةُ لَا زَكَاةَ في الْمُعَشَّرَاتِ بَعْدَ أَدَاءِ الْعُشْرِ وَلَوْ بَقِيَتْ أَحْوَالًا ما لم تَكُنْ لِلتِّجَارَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَجُوزُ لِأَهْلِ الذَّمَّةِ شِرَاءُ الْأَرْضِ الْعُشْرِيَّةِ‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَتَيْنِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالشَّرْحِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَنَصَرَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ لهم شِرَاؤُهَا اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ الْخَلَّالِ وَصَاحِبُهُ أبو بَكْرٍ عبد الْعَزِيزِ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَالْمُسْتَوْعِبُ وَالْفَائِقُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ‏.‏

فَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى اقْتَصَرَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ على الْجَوَازِ كَالْمُصَنِّفِ هُنَا وَبَعْضُهُمْ قال يَجُوزُ وَيُكْرَهُ منهم الْمُصَنِّفُ في الْكَافِي وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ يَجُوزُ وَعَنْهُ يُكْرَهُ وَعَنْهُ يَحْرُمُ‏.‏

وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لو خَالَفَ وَاشْتَرَى صَحَّ قال في الْفُرُوعِ جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ وهو كما قال وَكَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ في اقْتِضَاءِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ يعطى أَنَّ على الْمَنْعِ لَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

مَحَلُّ الْخِلَافِ في غَيْرِ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ فَأَمَّا نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ فَلَا يُمْنَعُونَ من شِرَاءِ الْأَرْضِ الْعُشْرِيَّةِ وَالْخَرَاجِيَّةِ لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا وَنَقَلَه ابن الْقَاسِمِ عن أَحْمَدَ وَعَلَيْهِمْ عُشْرَانِ كَالْمَاشِيَةِ‏.‏

فائدة‏:‏

يَجُوزُ لِأَهْلِ الذَّمَّةِ شِرَاءُ الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَأَلْحَقَهَا ابن الْبَنَّا بالارض الْعُشْرِيَّةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا عُشْرَ عليهم‏.‏

هذا مَبْنِيٌّ على ما جَزَمَ بِهِ من أَنَّهُمْ يَجُوزُ لهم شِرَاءُ الْأَرْضِ الْعُشْرِيَّةِ وَهَذَا الصَّحِيحُ على التَّفْرِيعِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَذَكَرَ الْقَاضِي في شَرْحِهِ الصَّغِيرِ أَنَّ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وُجُوبُ نِصْفِ الْعُشْرِ على الذِّمِّيِّ غَيْرِ التَّغْلِبِيِّ سَوَاءٌ اتَّجَرَ بِذَلِكَ أو لم يَتَّجِرْ بِهِ من مَالِهِ وَثَمَرَتِهِ وَمَاشِيَتِهِ‏.‏

وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَعَنْهُ عليهم عُشْرَانِ يَسْقُطُ أَحَدُهُمَا بِالْإِسْلَامِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ ذَكَرَ شَيْخُنَا في اقْتِضَاءِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ على هذا هل عليهم عُشْرَانِ أو لَا شَيْءَ عليهم على رِوَايَتَيْنِ قال وَهَذَا غَرِيبٌ وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ من لَفْظِ الْمُقْنِعِ انْتَهَى‏.‏

يَعْنِي أَنَّ نَقْلَ هذه الرِّوَايَةِ على الْقَوْلِ بِجَوَازِ الشِّرَاءِ غَرِيبٌ‏.‏

فَأَمَّا على رِوَايَةِ مَنْعِهِمْ من الشِّرَاءِ لو خَالَفُوا وَاشْتَرَوْا لَصَحَّ الشِّرَاءُ بِلَا نِزَاعٍ عِنْدَ الْأَصْحَابِ كما تَقَدَّمَ وَعَلَيْهِمْ عُشْرَانِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَغَيْرِهِ‏.‏

قال في الْإِفَادَاتِ وَإِنْ اشْتَرَى ذِمِّيٌّ أَرْضًا عُشْرِيَّةً فَعَلَيْهِ فيها عُشْرَانِ

‏.‏

وَعَنْهُ لَا شَيْءَ عليهم قال في الْفُرُوعِ قَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ‏.‏

وَعَنْهُ عليهم عُشْرٌ وَاحِدٌ ذَكَرَهَا الْقَاضِي في الْخِلَافِ كما كان قبل شِرَائِهِمْ قَدَّمَهَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وقال في الْفُرُوعِ لَا وَجْهَ له انْتَهَى‏.‏

وقال في الْفَائِقِ وَيُمْنَعُ الذِّمِّيُّ من شِرَاءِ أَرْضٍ عُشْرِيَّةٍ وَعَنْهُ لَا وَعَنَّا يَحْرُمُ وَيَصِحُّ‏.‏

وَلَا شَيْءَ عليه في الْخَارِجِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ عُشْرَانِ اخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَعَنْهُ عُشْرٌ وَاحِدٌ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ‏.‏

فَوَائِدُ‏:‏

منها حَيْثُ قُلْنَا عليهم عُشْرَانِ فإن أَحَدَهُمَا يَسْقُطُ بِالْإِسْلَامِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ رِوَايَةً لَا يَسْقُطُ أَحَدُهُمَا بِالْإِسْلَامِ‏.‏

وَمِنْهَا حُكْمُ ما مَلَكَهُ الذِّمِّيُّ بِالْإِحْيَاءِ حُكْمُ شِرَاءِ الْأَرْضِ الْعُشْرِيَّةِ على ما تَقَدَّمَ وَيَأْتِي حُكْمُ إحْيَاءِ الذِّمِّيِّ وما يَجِبُ عليه في بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ‏.‏

وَمِنْهَا حَيْثُ أُخِذَ منهم عُشْرٌ أو عُشْرَانِ فإن حُكْمَ مَصْرِفِهِ حُكْمُ ما يُؤْخَذُ من نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ على ما يَأْتِي‏.‏

وَمِنْهَا الْأَرْضُ الْخَرَاجِيَّةُ ما فُتِحَ عَنْوَةً ولم يُقَسَّمْ وما جَلَا عنها أَهْلُهَا خَوْفًا وما صُولِحُوا عليه على أنها لنا وَنُقِرُّهَا مَعَهُمْ بِالْخَرَاجِ‏.‏

وَالْأَرْضُ الْعُشْرِيَّةُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ هِيَ ما أَسْلَمَ عليها أَهْلُهَا نَقَلَهُ حَرْبٌ كَالْمَدِينَةِ وَنَحْوِهَا وما أَحْيَاهُ الْمُسْلِمُونَ وَاخْتَطُّوهُ نَقَلَهُ أبو الصَّقْرِ كَالْبَصْرَةِ وما صُولِحَ أَهْلُهُ على أَنَّهُ لهم بِخَرَاجٍ يُضْرَبُ عليهم نَقَلَه ابن مَنْصُورٍ كَأَرْضِ الْيَمَنِ وما فُتِحَ عَنْوَةً وَقُسِمَ كَنِصْفِ خَيْبَرَ وَكَذَا ما أَقَطَعَهُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ من السَّوَادِ إنْ كان إقْطَاعُ تَمْلِيكٍ على الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

ولم يذكر جَمَاعَةٌ هذا الْقِسْمَ من أَرْضِ الْعُشْرِ منهم الْمُصَنِّفُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَالْمُرَادُ أَنَّ الْعُشْرِيَّةَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُوضَعَ عليها خَرَاجٌ كما ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَأَنَّ الْعُشْرَ وَالْخَرَاجَ يَجْتَمِعَانِ في الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ فَلِهَذَا لَا تنافى بين قَوْلِهِ في الْمُغْنِي وَالرِّعَايَةِ الْأَرْضُ الْعُشْرِيَّةُ هِيَ التي لَا خَرَاجَ عليها وَقَوْلِ غَيْرِهِ ما يَجِبُ فيه الْعُشْرُ خَرَاجِيَّةً أو غير خَرَاجِيَّةٍ وَجَعَلَهَا أبو الْبَرَكَاتِ في شَرْحِهِ قَوْلَيْنِ كان قَوْلُ غَيْرِ الشَّيْخِ أَظْهَرَ‏.‏

قَوْلُهُ وفي الْعَسَلِ الْعُشْرُ سَوَاءٌ أَخَذَهُ من مَوَاتٍ أو من مِلْكِهِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَذَكَرَ في الْفُرُوعِ أَدِلَّةَ الْمَسْأَلَةِ وقال من تَأَمَّلَ هذا وَغَيْرَهُ ظَهَرَ له ضَعْفُ الْمَسْأَلَةِ‏.‏

وَأَنَّهُ يَتَوَجَّهُ لِأَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فيه بِنَاءً على قَوْلِ الصَّحَابِيِّ قال وَسَبَقَ قَوْلُ الْقَاضِي في التَّمْرِ يَأْخُذُهُ من الْمُبَاحِ يُزَكِّيهِ في قِيَاسِ قَوْلِ أَحْمَدَ في الْعَسَلِ فَقَدْ سَوَّى بَيْنَهُمَا عِنْدَ أَحْمَدَ فَدَلَّ أَنَّ على الْقَوْلِ الْآخَرِ لَا زَكَاةَ في الْعَسَلِ من الْمُبَاحِ عِنْدَ أَحْمَدَ وقد اعْتَرَفَ الْمَجْدُ أَنَّهُ الْقِيَاسُ لَوْلَا الْأَثَرُ فَيُقَالُ قد تَبَيَّنَ الْكَلَامُ في الْأَثَرِ ثُمَّ إذَا تَسَاوَيَا في الْمَعْنَى تَسَاوَيَا في الْحُكْمِ وَتُرِكَ الْقِيَاسُ كما تَعَدَّى في الْعَرَايَا إلَى بَقِيَّةِ الثِّمَارِ وَغَيْرِ ذلك على الْخِلَافِ فيه انْتَهَى‏.‏

فَفِي كَلَامِ صَاحِبِ الْفُرُوعِ إيمَاءٌ إلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ وما هو بِبَعِيدٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَنِصَابُهُ عَشَرَةُ أَفْرَاقٍ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَوَجَّهَ في الْفُرُوعِ تَخْرِيجًا أَنَّ نِصَابَهُ خَمْسَةُ أَفْرَاقٍ كَالزَّيْتِ قال لِأَنَّهُ أَعْلَى ما يُقَدَّرُ بِهِ فيه فَاعْتُبِرَ خَمْسَةُ أَمْثَالِهِ كَالْوَسْقِ‏.‏

قَوْلُهُ كُلُّ فَرَقٍ سِتُّونَ رَطْلًا‏.‏

هذا قَوْلُ بن حَامِدٍ وَالْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَجَزَمَ بِهِ في التَّسْهِيلِ وَالْمُبْهِجِ وَقَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْفَرَقَ سِتَّةَ عَشَرَ رَطْلًا عِرَاقِيَّةً وَنَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَقِيلَ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ رَطْلًا قَالَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُحَرَّرِ‏.‏

وَقِيلَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ وَنَفَاهُ الْمَجْدُ وَحَكَى بن تَمِيمٍ قَوْلًا أَنَّهُ مِائَةُ رَطْلٍ قال وَعَنْ أَحْمَدَ نَحْوُهُ‏.‏

وَقِيلَ نِصَابُهُ أَلْفُ رَطْلٍ عِرَاقِيَّةٍ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي نَقَلَ أبو دَاوُد من كل عَشْرٍ قِرَبٍ قِرْبَةٌ‏.‏

فائدة‏:‏

الْفَرَقُ تُفْتَحُ الرَّاءُ وَقِيلَ بِفَتْحِهَا وَسُكُونِهَا مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ بِالْمَدِينَةِ ذَكَرَه ابن قُتَيْبَةَ وَثَعْلَبٌ وَالْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَيَدُلُّ عليه حَدِيثُ كَعْبٍ وهو مُرَادُ الْفُقَهَاءِ‏.‏

وَأَمَّا الْفَرْقُ بِالسُّكُونِ فَمِكْيَالٌ ضَخْمٌ من مَكَايِيلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالَهُ الْخَلِيلُ قال ابن قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُ يَسَعُ مِائَةً وَعِشْرِينَ رَطْلًا قال الْمَجْدُ وَلَا قَائِلَ بِهِ هُنَا قال في الْفُرُوعِ وَحَكَى بَعْضُهُمْ قَوْلًا وَتَقَدَّمَ ذلك‏.‏

فائدة‏:‏

لَا زَكَاةَ فِيمَا يَنْزِلُ من السَّمَاءِ على الشَّجَرِ كَالْمَنِّ والترنجبين والشيرخشك وَنَحْوِهَا وَمِنْهُ اللَّادِنُ وهو طَلٌّ وَنَدَا يَنْزِلُ على نَبْتٍ تَأْكُلُهُ الْمِعْزَى فَتَعْلَقُ تِلْكَ الرُّطُوبَةُ بها فَيُؤْخَذُ قَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقُ قال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لِعَدَمِ النَّصِّ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالْمَجْدِ في شَرْحِهِ وَالشَّارِحُ في مَسْأَلَةِ عَدَمِ الْوُجُوبِ فِيمَا يَخْرُجُ من الْبَحْرِ‏.‏

وَقِيلَ تَجِبُ فيه كَالْعَسَلِ وَاخْتَارَه ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ قال بَعْضُهُمْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَتَذْكِرَةِ بن عَقِيلٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَاقْتَصَرَ في الْمُسْتَوْعِبِ على كَلَامِ بن عَقِيلٍ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فيه وَجْهَانِ أَشْهَرُهُمَا الْوُجُوبُ وَقِيلَ عَدَمُهُ انْتَهَى وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ الْإِطْلَاقُ وَأَطْلَقَهُمَا في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ‏.‏

فَعَلَى الْوُجُوبِ نِصَابُهُ كَنِصَابِ الْعَسَلِ صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ منهم صَاحِبُ الْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ قال ابن عَقِيلٍ هو كَالْعَسَلِ‏.‏

قَوْلُهُ وَمَنْ اسْتَخْرَجَ من مَعْدِنٍ نِصَابًا من الْأَثْمَانِ‏.‏

فَفِيهِ الزَّكَاةُ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ في وُجُوبِ الزَّكَاةِ في الْمَعْدِنِ اسْتِخْرَاجُ نِصَابٍ وَعَنْهُ لَا يُشْتَرَطُ فَيَجِبُ في قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ وَخَصَّ هذه الرِّوَايَةَ في الْفُرُوعِ بِالْأَثْمَانِ وَغَيْرِهَا فقال قال الْأَصْحَابُ من أَخْرَجَ نِصَابَ نَقْدٍ وَعَنْهُ أو دُونَهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ بن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمَا عُمُومُ الرِّوَايَةِ في الْأَثْمَانِ وَغَيْرِهَا فقال ابن تَمِيمٍ وَعَنْهُ تَجِبُ الزَّكَاةُ في قَلِيلِ الْمَعْدِنِ وَكَثِيرِهِ‏.‏

ذَكَرَهَا ابن شِهَابٍ في عُيُونِهِ وقال في الْفَائِقِ وَعَنْهُ لَا يُشْتَرَطُ لِلْمَعْدِنِ نِصَابٌ ذَكَرَهَا ابن شِهَابٍ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

قَوْلُهُ وَمَنْ اسْتَخْرَجَ من مَعْدِنٍ نِصَابًا فَفِيهِ الزَّكَاةُ مُرَادُهُ إذَا كان من أَهْلِ الزَّكَاةِ فَأَمَّا إنْ كان ذِمِّيًّا أو مُكَاتَبًا فَلَا شَيْءَ عليه وَلَا يُمْنَعُ منه الذِّمِّيُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقِيلَ يُمْنَعُ من مَعْدِنٍ بِدَارِنَا جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ منهم صَاحِبُ الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

فَعَلَيْهِ يَمْلِكُهُ آخِذُهُ قبل بَيْعِهِ مَجَّانًا على الصَّحِيحِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وقال في التَّلْخِيصِ ذلك كَإِحْيَائِهِ الْمَوَاتَ وَإِنْ أَخْرَجَهُ عَبْدٌ لِمَوْلَاهُ زَكَّاهُ سَيِّدُهُ وَإِنْ كان لِنَفْسِهِ انْبَنَى على مِلْكِ الْعَبْدِ على ما تَقَدَّمَ في أَوَّلِ كِتَابِ الزَّكَاةِ‏.‏

فائدة‏:‏

إذَا كان الْمَعْدِنُ بِدَارِ الْحَرْبِ ولم يَقْدِرْ على إخْرَاجِهِ إلَّا بِقَوْمٍ لهم مَنَعَةٌ فَقِيمَتُهُ تُخَمَّسُ بَعْدَ رُبُعِ الْعُشْرِ‏.‏

قَوْلُهُ أو ما قِيمَتُهُ نِصَابٌ‏.‏

فَفِيهِ الزَّكَاةُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَأَكْثَرُهُمْ قَطَعَ بِهِ وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ وُجُوبَ الزَّكَاةِ في قَلِيلِ ذلك وَكَثِيرِهِ وَتَقَدَّمَتْ الرِّوَايَةُ التي نَقَلَهَا ابن شِهَابٍ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

شَمِلَ قَوْلُهُ من الْجَوْهَرِ وَالصُّفْرِ وَالزِّئْبَقِ وَالْقَارِ وَالنَّفْطِ وَالْكُحْلِ وَالزِّرْنِيخِ وَسَائِرِ ما يُسَمَّى مَعْدِنًا‏.‏

قَوْلُهُ الْمَعْدِنُ الْمُنْطَبِعُ وَغَيْرُ الْمُنْطَبِعِ فَغَيْرُ الْمُنْطَبِعِ كَالْيَاقُوتِ وَالْعَقِيقِ وَالْبَنْغَشِ وَالزَّبَرْجَدِ وَالْفَيْرُوزَجِ والبللور ‏[‏والبلور‏]‏ وَالْمُومْيَا وَالنُّورَةِ وَالْمَغْرَةِ وَالْكُحْلِ وَالزِّرْنِيخِ وَالْقَارِ وَالنِّفْطِ وَالسَّبْجِ وَالْكِبْرِيتِ وَالزِّفْتِ وَالزُّجَاجِ وَالْيَشْمِ وَالزَّاجِ وَنَحْوِهِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَنَقَلَ مُهَنَّا لم أَسْمَعْ في مَعْدِنِ الْقَارِ وَالنِّفْطِ وَالْكُحْلِ وَالزِّرْنِيخِ شيئا قال ابن تَمِيمٍ وَظَاهِرُهُ التَّوَقُّفُ في غَيْرِ الْمُنْطَبِعِ‏.‏

قُلْت ذَكَرَ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ الزُّجَاجُ من الْمَعْدِنِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مَصْنُوعٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُوجَدَ بَعْضُ ذلك من غَيْرِ صُنْعٍ‏.‏

فائدة‏:‏

ذَكَرَ الْأَصْحَابُ من الْمَعَادِنِ الْمِلْحَ وَجَزَمَ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا بِأَنَّ الرُّخَامَ وَالْبِرَامَ وَنَحْوَهُمَا مَعْدِنٌ وهو مَعْنَى كَلَامِ جَمَاعَةٍ من الْأَصْحَابِ وَمَالَ إلَيْهِ في الفرع ‏[‏الفروع‏]‏‏.‏

فائدة‏:‏

أُخْرَى قال ابن الْجَوْزِيِّ في التَّبْصِرَةِ في مَجْلِسِ ذِكْرِ الْأَرْضِ وقد أُحْصِيَتْ الْمَعَادِنُ فَوَجَدُوهَا سَبْعَمِائَةِ مَعْدِنٍ‏.‏

قَوْلُهُ فَفِيهِ الزَّكَاةُ في الْحَالِ رُبُعُ الْعُشْرِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وهو من الْمُفْرَدَاتِ وقال ابن هُبَيْرَةَ في الْإِفْصَاحِ قال مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ في الْمَعْدِنِ الْخُمُسُ يُصْرَفُ مَصْرِفَ الْفَيْءِ‏.‏

قَوْلُهُ من قِيمَتِهِ‏.‏

يَعْنِي إذَا كان من غَيْرِ الْأَثْمَانِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وقال أبو الْفَرَجِ بن أبي الْفَهْمِ شَيْخُ بن تَمِيمٍ يُخْرِجُ من عَيْنِهِ كَالْأَثْمَانِ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

قَوْلُهُ أو من عَيْنِهَا إنْ كانت أَثْمَانًا‏.‏

ليس هذا من كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِنَّمَا زَادَهُ بَعْضُ من أَجَازَ له الْمُصَنِّفُ الْإِصْلَاحَ قاله ابن منجا وقال إنَّمَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ على قَوْلِهِ من قِيمَتِهِ إمَّا لِأَنَّ الْوَاجِبَ في الْأَثْمَانِ من جِنْسِهِ ظَاهِرٌ وَإِمَّا على سَبِيلِ التَّغْلِيبِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْأَثْمَانَ وَأَجْنَاسُهَا كَثِيرَةٌ فَغُلِّبَ الْأَكْثَرُ انْتَهَى‏.‏

قُلْت الْأَوَّلُ أَوْلَى وَالْقِيمَةُ إنَّمَا تَكُونُ في غَيْرِ الْأَثْمَانِ‏.‏

فائدة‏:‏

قَوْلُهُ سَوَاءٌ اسْتَخْرَجَهُ في دفعه أو دُفُعَاتٍ ما لم يَتْرُكْ الْعَمَلَ بَيْنَهَا تَرْكَ إهْمَالٍ‏.‏

مِثَالُهُ لو تَرَكَهُ لِمَرَضٍ أو سَفَرٍ أو لِإِصْلَاحِ آلَةٍ أو اسْتِرَاحَةٍ لَيْلًا أو نَهَارًا أو اشْتِغَالِهِ بِتُرَابٍ خَرَجَ بين النِّيلَيْنِ أو هَرَبِ عَبِيدِهِ أو أَجِيرِهِ أو نَحْوِ ذلك مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ قال في الرِّعَايَةِ أو سَفَرٌ يَسِيرٌ انْتَهَى‏.‏

فَلَا أَثَرَ لِتَرْكِ ذلك وهو في حُكْمِ اسْتِمْرَارِهِ في الْعَمَلِ قال الْأَصْحَابُ إنْ أَهْمَلَهُ وَتَرَكَهُ فَلِكُلِّ مَرَّةٍ حُكْمٌ قال ابن منجا وَجْهُ الْإِهْمَالِ إنْ لم يَكُنْ عُذْرٌ وَإِلَّا فَمَعْدِنٌ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهَا إذَا كانت أَثْمَانًا إلَّا بَعْدَ السَّبْكِ وَالتَّصْفِيَةِ‏.‏

وَذَلِكَ لِأَنَّ وَقْتَ الْإِخْرَاجِ منها بَعْدَ السَّبْكِ وَالتَّصْفِيَةِ وَوَقْتُ وُجُوبِهَا إذَا أُحْرِزَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ في الْكَافِي وَالْمَجْدِ في شَرْحِهِ أَنَّ وَقْتَ وُجُوبِهَا بِظُهُورِهِ كَالثَّمَرَةِ بِصَلَاحِهَا قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّ مُرَادَ الْأَوَّلِينَ اسْتِقْرَارُ الْوُجُوبِ‏.‏

فَوَائِدُ‏:‏

الْأُولَى لَا يُحْتَسَبُ بِمُؤْنَةِ السَّبْكِ وَالتَّصْفِيَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كَمُؤْنَةِ اسْتِخْرَاجِهِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وقال ابن عَقِيلٍ يُحْسَبُ النِّصَابُ بَعْدَهَا‏.‏

الثَّانِيَةُ إنْ كان عليه دَيْنٌ اُحْتُسِبَ بِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ اُحْتُسِبَ به في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالْمَجْدِ في شَرْحِهِ قال الشَّارِحُ اُحْتُسِبَ بِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما يُحْتَسَبُ بِمَا على الزَّرْعِ على ما تَقَدَّمَ في كِتَابِ الزَّكَاةِ‏.‏

وَأَطْلَقَ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَحْتَسِبُ بِهِ كَمُؤْنَةِ الْحَصَادِ وَالزِّرَاعَةِ‏.‏

الثَّالِثَةُ لَا يُضَمُّ جِنْسٌ من الْمَعْدِنِ إلَى جِنْسٍ آخَرَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ يُضَمُّ اخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ قال ابن تَمِيمٍ وهو أَحْسَنُ‏.‏

وَقِيلَ يُضَمُّ إذَا كانت مُتَقَارِبَةً كَقَارٍ وَنِفْطٍ وَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وقال الْمُصَنِّفُ وَالصَّوَابُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى إنْ كان في الْمَعْدِنِ أَجْنَاسٌ من غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ضُمَّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ لِأَنَّ الْوَاجِبَ في قِيمَتِهَا فَاشْتَبَهَتْ الْفُرُوضُ‏.‏

الرَّابِعَةُ في ضَمِّ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ إلَى الْآخَرِ الرِّوَايَتَانِ الِاثْنَتَانِ نَقْلًا وَمَذْهَبًا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

الْخَامِسَةُ لو أَخْرَجَ نِصَابًا من نَوْعٍ وَاحِدٍ من مَعَادِنَ مُتَفَرِّقَةٍ ضُمَّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ كَالزَّرْعِ من مَكَانَيْنِ وَإِنْ أَخْرَجَ اثْنَانِ نِصَابًا فَقَطْ فَإِخْرَاجُهُمَا لِلزَّكَاةِ مَبْنِيٌّ على خُلْطَةِ غَيْرِ السَّائِمَةِ على ما تَقَدَّمَ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا زَكَاةَ فِيمَا يَخْرُجُ من الْبَحْرِ من اللُّؤْلُؤِ وَالْمَرْجَانِ وَالْعَنْبَرِ وَنَحْوِهِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَالنَّاظِمُ وَالْفُرُوعِ وقال اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَاخْتَارَهُ أَيْضًا الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ لَا زَكَاةَ فيه في الْأَظْهَرِ قال ابن منجا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ‏.‏

وَعَنْهُ فيه الزَّكَاةُ قال في الْفُرُوعِ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ قال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ هو الْمَنْصُورُ في الْخِلَافِ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ زكاة على الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُبْهِجِ وَتَذْكِرَةِ بن عَقِيلٍ وابن عَبْدُوسٍ وَالْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ‏.‏

وَخِصَالِ بن الْبَنَّا وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ وَالْبُلْغَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي في غَيْرِ الْحَيَوَانِ‏.‏

وَقِيلَ يَجِبُ في غَيْرِ الْحَيَوَانِ جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ كَصَيْدِ الْبَرِّ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَنَصُّ أَحْمَدَ التَّسْوِيَةُ بين ما يَخْرُجُ من الْبَحْرِ‏.‏

فائدة‏:‏

مَثَّلَ في الْهِدَايَةِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْإِفَادَاتِ وَغَيْرِهِمْ بِالْمِسْكِ وَالسَّمَكِ‏.‏

فَعَلَى هذا يَكُونُ الْمِسْكُ بَحْرِيًّا وَذَكَرَ أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ أَنَّهُ يَرَى فيه الزَّكَاةَ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال ثُمَّ قال وَكَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ‏.‏

يُؤَيِّدُهُ من كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّ في الْخِلَافِ بَعْدَ ذِكْرِ الرِّوَايَتَيْنِ قال وَكَذَلِكَ السَّمَكُ وَالْمِسْكُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ فقال كان الْحَسَنُ يقول في المسك ‏[‏السمك‏]‏ إذَا أَصَابَهُ صَاحِبُهُ الزَّكَاةُ شَبَّهَهُ بِالسَّمَكِ إذَا اصْطَادَهُ وَصَارَ في يَدِهِ مِائَتَا دِرْهَمٍ وما أَشْبَهَهُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ على هذا لَا زَكَاةَ فيه وَلَعَلَّهُ أَوْلَى انْتَهَى كَلَامُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ‏.‏

وَفَصَلَ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالنَّاظِمُ بين ما يُخْرِجُهُ الْبَحْرُ وَبَيْنَ الْمِسْكِ كما قَالَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمَنْ أَخْرَجَ من الْبَحْرِ كَذَا وَكَذَا أو أَخَذَ مِمَّا قَذَفَهُ الْبَحْرُ من عَنْبَرٍ وَعُودٍ وَسَمَكٍ وَقِيلَ وَمِسْكٍ وَغَيْرِ ذلك انْتَهَى‏.‏

وَقَطَعَ في بَابِ زَكَاةِ الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ في الْمِسْكِ كما تَقَدَّمَ‏.‏

قُلْت قد تَقَدَّمَ في بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَنَّ الْمِسْكَ سُرَّةُ الْغَزَالِ على الصَّحِيحِ‏.‏

وقال ابن عَقِيلٍ دَمُ الْغِزْلَانِ وَقِيلَ من دَابَّةٍ في الْبَحْرِ لها أَنْيَابٌ‏.‏

فَيَكُونُ من مَثَّلَ بِالْمِسْكِ من الْأَصْحَابِ مَبْنِيٌّ على هذا الْقَوْلِ أو هُمْ قَائِلُونَ بِهِ‏.‏

قَوْلُهُ وفي الرِّكَازِ الْخُمُسُ أَيَّ نَوْعٍ كان من الْمَالِ قَلَّ أو كَثُرَ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَوَجَّهَ في الْفُرُوعِ تَخْرِيجًا لَا يَجِبُ في قَلِيلِهِ إذَا قُلْنَا إنَّ الْمُخْرَجَ زَكَاةٌ‏.‏

فائدة‏:‏

يَجُوزُ إخْرَاجُ الْخُمُسِ منه وَمِنْ غَيْرِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وقال الْقَاضِي في مَوْضِعٍ يَتَعَيَّنُ أَنْ يُخْرِجَ منه‏.‏

فَعَلَى هذا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قبل إخْرَاجِ خُمُسِهِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قَوْلُهُ لِأَهْلِ الْفَيْءِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَه ابن أبي مُوسَى وَالْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَالْجَامِعِ وابن عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيُّ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن منجا في شَرْحِهِ وقال هو الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالْمُنْتَخَبِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ‏.‏

وَعَنْهُ أَنَّهُ زَكَاةٌ جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْمُذْهَبِ وَالْإِفْصَاحِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالزَّرْكَشِيُّ وقال في الْإِفَادَاتِ لِأَهْلِ الزَّكَاةِ أو الْفَيْءِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَجِبُ أَنْ يُخَمَّسَ كُلُّ أَحَدٍ وَجَدَ ذلك من مُسْلِمٍ أو ذِمِّيٍّ وَيَجُوزُ لِمَنْ وَجَدَهُ تَفْرِقَتُهُ بِنَفْسِهِ كما إذَا قُلْنَا إنَّهُ زَكَاةٌ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ وهو تَخْرِيجٌ في الْمُغْنِي قَدَّمَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ كَخُمُسِ الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ‏.‏

فَعَلَى الْأَوَّلِ يُعْتَبَرُ في إخْرَاجِهِ النِّيَّةُ‏.‏

وَاخْتَارَ بن حَامِدٍ يُؤْخَذُ الرِّكَازُ كُلُّهُ من الذِّمِّيِّ لِبَيْتِ الْمَالِ وَلَا خُمُسَ عليه‏.‏

وَعَلَى الْقَوْلِ بأنه ‏[‏إنه‏]‏ زَكَاةٌ لَا تَجِبُ على من ليس من أَهْلِهَا لَكِنْ إنْ وَجَدَهُ عَبْدُهُ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ كَكَسْبِهِ وَيَمْلِكُهُ الْمُكَاتَبُ وَكَذَا الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَيُخْرِجُهُ عنهما وَلِيُّهُمَا‏.‏

وَصَحَّحَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ زَكَاةٌ وَوُجُوبُهُ على كل وَاحِدٍ وهو تَخْرِيجٌ في التَّلْخِيصِ نَقَلَهُ عنه الزَّرْكَشِيُّ ولم أَرَهُ في النُّسْخَةِ التي عِنْدِي وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَصَحَّحَاهُ وَجَعَلَا الْأَوَّلَ تَخْرِيجًا لَهُمَا وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ‏.‏

فَوَائِدُ‏:‏

الْأُولَى يَجُوزُ لِلْإِمَامِ رَدُّ سَائِرِ الزَّكَوَاتِ على من أُخِذَتْ منه إنْ كان من أَهْلِهَا على الصَّحِيحِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَنَصَرَهُ وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا بِسَبَبٍ مُتَجَدِّدٍ كَإِرْثِهَا أو قَبْضِهَا من دَيْنٍ بِخِلَافِ ما لو تَرَكَهَا له لِأَنَّهُ لم يَبْرَأْ منها نَصَّ عليه وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَذَكَرَهُ في الْمُذْهَبِ‏.‏

قال ابن تَمِيمٍ يَجُوزُ في رِوَايَةٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من الْمُجَرَّدِ لَا يَجُوزُ ذلك ذَكَرَهُ في الرِّكَاز وَالْعُشْرِ‏.‏

وَحَكَى أبو بَكْرٍ ذلك عن أَحْمَدَ في زَكَاةِ الْفِطْرِ وكذا الْحُكْمُ في صَرْفِ الْخُمُسِ إلَى وَاجِدِهِ إذَا قُلْنَا إنَّهُ زَكَاةٌ فَيَقْبِضُهُ منه ثُمَّ يَرُدُّهُ إلَيْهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وَقِيلَ يَجُوزُ رَدُّ خُمُسِ الرِّكَازِ فَقَطْ جَزَمَ بِه ابن تَمِيمٍ‏.‏

وَأَمَّا إذَا قُلْنَا خُمُسُ الرِّكَازِ فَيْءٌ فإنه يَجُوزُ تَرْكُهُ له قبل قَبْضِهِ منه كَالْخَرَاجِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الرِّعَايَتَيْنِ في الْأَقْيَسِ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ ذلك اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ‏.‏

الثَّانِيَةُ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ رَدُّ خُمُسِ الْفَيْءِ في الْغَنِيمَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ وابن عَقِيلٍ قال في الْفُرُوعِ له ذلك في الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ‏.‏

وَقِيلَ ليس له ذلك وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ وَمُخْتَصَرِ بن تَمِيمٍ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ الْغَنِيمَةَ أَصْلًا لِلْمَنْعِ في الْفَيْءِ وَذَكَرَ الْخَرَاجَ أَصْلًا لِلْجَوَازِ فيه‏.‏

الثَّالِثَةُ الْمُرَادُ بِمَصْرِفِ الْفَيْءِ هُنَا مَصْرِفُ الْفَيْءِ الْمُطْلَقِ لِلْمَصَالِحِ كُلِّهَا فَلَا يَخْتَصُّ بِمَصْرِفِ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ‏.‏

تَنْبِيهَانِ‏:‏

أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ وَبَاقِيهِ لِوَاجِدِهِ‏.‏

مُرَادُهُ إنْ لم يَكُنْ أَجِيرًا في طَلَبِ الرِّكَازِ أو اسْتَأْجَرَهُ لِحَفْرِ بِئْرٍ يُوجَدُ فيه الرِّكَازُ ذَكَرَهُ الزركشي ‏[‏للزركشي‏]‏ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ ليس له إلَّا الْأُجْرَةُ‏.‏

الثَّانِي قَوْلُهُ وَبَاقِيهِ لِوَاجِدِهِ إنْ وَجَدَهُ في مَوَاتٍ أو أَرْضٍ لَا يُعْلَمُ مَالِكُهَا‏.‏

وَكَذَا إنْ وَجَدَهُ في مِلْكِهِ الذي مَلَكَهُ بِالْإِحْيَاءِ أو في شَارِعٍ أو طَرِيقٍ غَيْرِ مَسْلُوكٍ أو قَرْيَةٍ خَرَابٍ أو مَسْجِدٍ وَكَذَا لو وَجَدَهُ على وَجْهِ الْأَرْضِ بِلَا نِزَاعٍ في ذلك‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ عَلِمَ مَالِكَهَا أو كانت مُنْتَقِلَةً إلَيْهِ بِهِبَةٍ أو بَيْعٍ أو غَيْرِ ذلك فَهُوَ لِوَاجِدِهِ أَيْضًا‏.‏

هذا الْمَشْهُورُ في الْمَذْهَبِ سَوَاءٌ ادَّعَاهُ وَاجِدُهُ أو لَا قال في الْفُرُوعِ هذا أَشْهَرُ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا نَصُّ الرِّوَايَتَيْنِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَجَزَمَ‏.‏

بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن تَمِيمٍ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

وَعَنْهُ أَنَّهُ لِمَالِكِهَا أو لِمَنْ انْتَقَلَتْ عنه إنْ اعْتَرَفَ بِهِ وَإِلَّا فَهُوَ لِأَوَّلِ مَالِكٍ يَعْنِي على هذه الرِّوَايَةِ إذَا لم يَعْتَرِفْ بِهِ من انْتَقَلَتْ عنه فَهُوَ لِمَنْ قَبْلَهُ إنْ اعْتَرَفَ بِهِ وَإِنْ لم يَعْتَرِفْ بِهِ فَهُوَ لِمَنْ قَبْلَهُ كَذَلِكَ إلَى أَوَّلِ مَالِكٍ فَيَكُونُ له سَوَاءٌ اعْتَرَفَ بِهِ أو لَا ثُمَّ لِوَرَثَتِهِ إنْ مَاتَ فإن لم يَكُنْ له وَرَثَةٌ فَلِبَيْتٍ الْمَالِ وَأَطْلَقَهَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ يَكُونُ لِلْمَالِكِ قَبْلَهُ إنْ اعْتَرَفَ بِهِ فَإِنْ لم يَعْتَرِفْ بِهِ أو لم يَعْرِفْ الْأَوَّلَ فَهُوَ لِوَاجِدِهِ على الصَّحِيحِ وَقِيلَ لِبَيْتِ الْمَالِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ ادَّعَاهُ الْمَالِكُ قَبْلَهُ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا وَصْفٍ فَهُوَ له مع يَمِينِهِ جَزَمَ بِهِ أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ وَعَنْهُ لِوَاجِدِهِ وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ فَإِنْ ادَّعَاهُ بِصِفَةٍ وَحَلَفَ فَهُوَ له‏.‏

وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ إنْ ادَّعَاهُ وَاجِدُهُ فَهُوَ له جَزَمَ بِهِ بَعْضُ الْأَصْحَابِ قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَا يَكُونُ له‏.‏

وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ إنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ الْمِلْكُ إرْثًا فَهُوَ مِيرَاثٌ فَإِنْ أَنْكَرَ الْوَرَثَةُ أَنَّهُ لِمَوْرُوثِهِمْ فَهُوَ لِمَنْ قَبْلَهُ على ما سَبَقَ وَإِنْ أَنْكَرَ وَاحِدٌ سَقَطَ حَقُّهُ فَقَطْ‏.‏

فَوَائِدُ‏:‏

منها مَتَى دَفَعَ إلَى مُدَّعِيهِ بَعْدَ إخْرَاجِ خُمُسِهِ غَرِمَ وَاجِدُهُ بَدَلَهُ إنْ كان إخْرَاجُهُ بِاخْتِيَارِهِ وَإِنْ كان الْإِمَامُ أَخَذَهُ منه قَهْرًا غَرِمَهُ الْإِمَامُ لَكِنْ هل هو من مَالِهِ أو من بَيْتِ الْمَالِ فيه الْخِلَافُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْحَاوِيَيْنِ أَنَّهُ من مَالِ الْإِمَامِ وَذَكَرَ أبو الْمَعَالِي أَنَّهُ إذَا خَمَّسَ رِكَازًا فَادَّعَى بِبَيِّنَةٍ هل لِوَاجِدِهِ الرُّجُوعُ كَزَكَاةٍ مُعَجَّلَةٍ‏.‏

وَمِنْهَا مِثْلُ ذلك الْحُكْمِ لو وَجَدَ الرِّكَازَ في مِلْكِ آدَمِيٍّ مَعْصُومٍ فَيَكُونُ لِوَاجِدِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ فَإِنْ ادَّعَاهُ صَاحِبُ الْمِلْكِ فَفِي دَفْعِهِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ وَعَنْهُ هو لِصَاحِبِ الْمِلْكِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَقَطَعَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ تَبَعًا لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ أَنَّهُ لِمَالِكِ الْأَرْضِ وَعَنْهُ إنْ اعْتَرَفَ بِهِ وَإِلَّا فَعَلَى ما سَبَقَ‏.‏

وَمِنْهَا لو وَجَدَ لُقَطَةً في مِلْكِ آدَمِيٍّ مَعْصُومٍ فَوَاجِدُهَا أَحَقُّ بها على الصَّحِيحِ قَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وقال نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وهو الذي نَصَرَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَلِذَلِكَ ذَكَرَهُ في الْمُجَرَّدِ في اللُّقَطَةِ ولم يذكر فيه خِلَافًا انْتَهَى‏.‏

وَعَنْهُ هِيَ لِصَاحِبِ الْمِلْكِ بِدَعْوَاهُ بِلَا صِفَةٍ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِلْمُلْكِ حَكَاهَا الْقَاضِي وَالْمَجْدُ في مُحَرَّرِهِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَكَذَا حُكْمُ الْمُسْتَأْجِرِ إذَا وَجَدَ في الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ رِكَازًا أو لُقْطَةً على الصَّحِيحِ وَعَنْهُ صَاحِبُ الْمِلْكِ أَحَقُّ بِاللُّقَطَةِ‏.‏

فَلَوْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ من مُكْرٍ وَمُكْتَرٍ أَنَّهُ وَجَدَهُ أَوَّلًا أو أَنَّهُ دَفَنَهُ فَوَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَمُخْتَصَرِ بن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَكَذَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُكْرِي‏.‏

قُلْت الصَّوَابُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ‏.‏

وَعَلَيْهِمَا من وَصْفِهِ صِفَةٌ وَاحِدَةٌ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْفَضْلِ وَكَذَا لو عَادَتْ الدَّارُ إلَى الْمُكْرِي وقال دَفَنَتْهُ قبل الْإِجَارَةِ وقال الْمُكْتَرِي أنا وَجَدْته عِنْدَ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ وَتَبِعَه ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ‏.‏

قُلْت الصَّوَابُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ‏.‏

وَمِنْهَا لو وَجَدَهُ من اُسْتُؤْجِرَ لِحَفْرِ شَيْءٍ أو هَدْمِهِ فَعَلَى ما سَبَقَ من الْخِلَافِ على الصَّحِيحِ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا‏.‏

وَقِيلَ هو لِمَنْ اسْتَأْجَرَهُ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَمُخْتَصَرِ بن تَمِيمٍ‏.‏

وَذَكَرَ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ لِوَاجِدِهِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ قال ابن رَزِينٍ هو لِلْأَجِيرِ نَصَّ عليه‏.‏

وَالثَّانِيَةُ لِلْمَالِكِ وَقَدَّمَ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ أَنَّهُ لُقَطَةٌ ثُمَّ قَالَا وَعَنْهُ رِكَازٌ يَأْخُذُهُ وَاجِدُهُ وَعَنْهُ رَبُّ الْأَرْضِ‏.‏

وَمِنْهَا لو دخل دَارَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَحَفَرَ لِنَفْسِهِ فقال الْقَاضِي في الْخِلَافِ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ له كَالطَّائِرِ وَالظَّبْيِ انْتَهَى‏.‏

وَمِنْهَا الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ كَمُكْرٍ وَمُكْتَرٍ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ في الرِّعَايَتَيْنِ وَتَبِعَهُ في الْحَاوِيَيْنِ أَنَّهُمَا كَبَائِعٍ مع مُشْتَرٍ يُقَدَّمُ قَوْلُ صَاحِبِ الْيَدِ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وَذَكَرَ الْقَاضِي الرِّوَايَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ إنْ كان لُقَطَةً نَقَلَ الْأَثْرَمُ لَا يَدْفَعُ إلَى الْبَائِعِ بِلَا صِفَةٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُجَرَّدِ وَنَصَرَهُ في الْخِلَافِ‏.‏

وَعَنْهُ بَلَى لِسَبْقِ يَدِهِ قال وَبِهَذَا قال جَمَاعَةٌ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَدَهُ في أَرْضِ حَرْبِيٍّ مَلَكَهُ‏.‏

يَعْنِي أَنَّهُ رِكَازٌ وَهَذَا الْمَذْهَبُ من حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَنَصَّ عليه‏.‏

وَقِيلَ هو غَنِيمَةٌ خَرَّجَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ من قَوْلِنَا الرِّكَازُ في دَارِ الْإِسْلَامِ لِلْمَالِكِ وَخَرَّجَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ مِمَّا إذَا وَجَدَهُ في بَيْتٍ أو خَرَابَةٍ‏.‏

قَوْلُهُ إلَّا أَنْ لَا يَقْدِرَ عليه إلَّا بِجَمَاعَةٍ من الْمُسْلِمِينَ‏.‏

يَعْنِي لهم منعه فَيَكُونُ غَنِيمَةً وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ‏.‏

فائدة‏:‏

قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ في الْمَدْفُونِ في دَارِ الْحَرْبِ هو كَسَائِرِ مَالِهِمْ الْمَأْخُوذِ منهم وَإِنْ كانت عليه عَلَامَةُ الْإِسْلَامِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي إنْ وُجِدَ بِدَارِهِمْ لُقَطَةٌ من مَتَاعِنَا فَكَدَارِنَا وَمِنْ مَتَاعِهِمْ غَنِيمَةٌ وَمَعَ الِاحْتِمَالِ تُعَرَّفُ حَوْلًا بِدَارِنَا ثُمَّ تُجْعَلُ في الْغَنِيمَةِ نَصَّ عليه احْتِيَاطًا‏.‏

وقال ابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ في اللُّقَطَةِ في دَفِينٍ مَوَاتٍ عليه عَلَامَةُ الْإِسْلَامِ لُقَطَةٌ وَإِلَّا رِكَازٌ قال في الْفُرُوعِ ولم يُفَرَّقْ بين دَارٍ وَدَارٍ‏.‏

وَنَقَلَ إِسْحَاقُ إذَا لم تَكُنْ سِكَّةُ الْمُسْلِمِينَ فَالْخُمُسُ وَكَذَا جَزَمَ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ ما لَا عَلَامَةَ عليه رِكَازٌ‏.‏

وَأَلْحَقَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بِالْمَدْفُونِ حُكْمًا الْمَوْجُودَ ظَاهِرًا كَجِرَابٍ جَاهِلِيٍّ أو طَرِيقٍ غَيْرِ مَسْلُوكٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَالرِّكَازُ ما وُجِدَ من دِفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ عليه عَلَامَتُهُمْ‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ وَكَذَا لو كان عليه عَلَامَةُ من تَقَدَّمَ من الْكُفَّارِ في الْجُمْلَةِ في دَارِ الْإِسْلَامِ أو عليه أو على بَعْضِهِ عَلَامَةُ كُفْرٍ فَقَطْ نَصَّ عليه‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ كانت عليه عَلَامَةُ الْمُسْلِمِينَ أو لم تَكُنْ عليه عَلَامَةٌ أَيْضًا فَهُوَ لُقَطَةٌ‏.‏

إذَا كان عليه عَلَامَةُ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ لُقَطَةٌ وَكَذَا إنْ كان على بَعْضِهِ عَلَامَةُ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ لم يَكُنْ عليه عَلَامَةٌ فَالْمَذْهَبُ أَيْضًا أَنَّهُ لُقَطَةٌ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ في إنَاءٍ نَقْدٍ إنْ كان يُشْبِهُ مَتَاعَ الْعَجَمِ فَهُوَ كَنْزٌ وما كان مِثْلَ الْعِرْقِ فَمَعْدِنٌ وَإِلَّا فَلُقَطَةٌ‏.‏

بَابُ‏:‏ زَكَاةِ الْأَثْمَانِ

قَوْلُهُ وَهِيَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَلَا زَكَاةَ في الذَّهَبِ حتى يَبْلُغَ عِشْرِينَ مِثْقَالًا فَيَجِبُ فيه نِصْفُ مِثْقَالٍ وَلَا في الْفِضَّةِ حتى تَبْلُغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَيَجِبُ فيها خَمْسُ دَرَاهِمَ‏.‏

مُرَادُهُ وَزْنُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ إلَّا الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ فإنه قال نِصَابُ الْأَثْمَانِ هو الْمُتَعَارَفُ في كل زَمَنٍ من خَالِصٍ وَمَغْشُوشٍ وَصَغِيرٍ وَكَبِيرٍ وَكَذَا قال في نِصَابِ السَّرِقَةِ وَغَيْرِهَا وَلَهُ قَاعِدَةٌ في ذلك‏.‏

فَائِدَتَانِ‏:‏

إحْدَاهُمَا الْمِثْقَالُ وَزْنُ دِرْهَمٍ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ ولم يَتَغَيَّرْ في جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ وَالِاعْتِبَارُ بِالدِّرْهَمِ الْإِسْلَامِيِّ الذي وَزْنُهُ سِتَّةُ دَوَانِقَ وَالْعَشَرَةُ سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ وَكَانَتْ الدَّرَاهِمُ في صَدْرِ الْإِسْلَامِ صِنْفَيْنِ سَوْدَاءَ زِنَةُ الدِّرْهَمِ منها ثَمَانِيَةُ دَوَانِقَ وطبرية زِنَةُ الدِّرْهَمِ منها أَرْبَعَةُ دَوَانِقَ فَجَمَعَهُمَا بَنُو أُمَيَّةَ وَجَعَلُوا الدِّرْهَمَ سِتَّةَ دَوَانِقَ‏.‏

وَالْحِكْمَةُ في ذلك أَنَّ الدَّرَاهِمَ لم يَكُنْ منها شَيْءٌ من ضَرْبِ الْإِسْلَامِ فَرَأَى بَنُو أُمَيَّةَ صَرْفَهَا إلَى ضَرْبِ الْإِسْلَامِ وَنَقْشِهِ فَجَمَعُوا أَكْبَرَهَا وَأَصْغَرَهَا وَضَرَبُوا على وَزْنِهِمَا‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ زِنَةُ كل مِثْقَالٍ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ حَبَّةَ شَعِيرٍ مُتَوَسِّطَةً وَزِنَةُ كل دِرْهَمٍ إسْلَامِيٍّ خَمْسُونَ حَبَّةَ شَعِيرٍ وَخُمُسَا حَبَّةَ شَعِيرٍ مُتَوَسِّطَةٍ انْتَهَى‏.‏

وَقِيلَ الْمِثْقَالُ اثْنَتَانِ وَثَمَانُونَ حَبَّةً وَثَلَاثَةُ أَعْشَارِ حَبَّةٍ وَعُشْرُ عُشْرِ حَبَّةٍ‏.‏

الثَّانِيَةُ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْفُلُوسَ كَعُرُوضِ التِّجَارَةِ فِيمَا زَكَاتُهُ الْقِيمَةُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ لَا زَكَاةَ فيها اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ منهم الْحَلْوَانِيُّ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ فقال وَالْفُلُوسُ أَثْمَانٌ وَلَا تُزَكَّى وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ‏.‏

وَقِيلَ تَجِبُ إذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا وَقِيلَ إذَا كانت رَائِجَةً وَأَطْلَقَ في الْفُرُوعِ إذَا كانت نَافِقَةً وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُ في بَابِ الرِّبَا‏.‏

وقال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ فيها الزَّكَاةُ إذَا كانت أَثْمَانًا رَائِجَةً أو لِلتِّجَارَةِ وَبَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا في قِيَاسِ الْمَذْهَبِ وقال أَيْضًا لَا زَكَاةَ فيها إنْ كانت لِلنَّفَقَةِ وَإِنْ كانت لِلتِّجَارَةِ قُوِّمَتْ كَعُرُوضٍ‏.‏

وقال في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْفُلُوسُ عُرُوضٌ فَتُزَكَّى إذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا وَهِيَ نَافِقَةٌ وقال في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُلُوسُ ثَمَنٌ في وَجْهٍ فَلَا تُزَكَّى‏.‏

وَقِيلَ سِلْعَةٌ فَتُزَكَّى إذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا وَهِيَ رَائِجَةٌ وَكَذَا قال في الرِّعَايَتَيْنِ ثُمَّ قال في الْكُبْرَى وَقِيلَ في وُجُوبِ رَائِجَةٍ وَجْهَانِ أَشْهَرُهُمَا عَدَمُهُ لِأَنَّهَا أَثْمَانٌ‏.‏

قُلْت وَيَحْتَمِلُ الْوُجُوبَ إذَنْ‏.‏

وَإِنْ قُلْنَا عَرَضٌ فَلَا إلَّا أَنْ تَكُونَ لِلتِّجَارَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا زَكَاةَ في مَغْشُوشِهَا حتى يَبْلُغَ قَدْرَ ما فيه نِصَابًا‏.‏

يَعْنِي حتى يَبْلُغَ الْخَالِصُ نِصَابًا وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَحَكَى بن حَامِدٍ في شَرْحِهِ وَجْهًا إنْ بَلَغَ مَضْرُوبُهُ نِصَابًا زكاة قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُهُ لو كان الْغِشُّ أَكْثَرَ وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ قَرِيبًا من ذلك وقال أبو الْفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ يُقَوَّمُ مَضْرُوبُهُ كَالْعُرُوضِ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ شَكَّ فيه خُيِّرَ بين سَبْكِهِ وَبَيْنَ الْإِخْرَاجِ‏.‏

يَعْنِي لو شَكَّ هل فيه نِصَابٌ خَالِصٌ فَإِنْ لم يَسْبِكْهُ اسْتَظْهَرَ وَأَخْرَجَ ما يُجْزِئُهُ بِيَقِينٍ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَقِيلَ لَا زَكَاةَ فيه مع الشَّكِّ هل هو نِصَابٌ أَمْ لَا‏.‏

فَوَائِدُ‏:‏

إحداها لو كان من الْمَغْشُوشِ أَكْثَرُ منه نِصَابٌ خَالِصٌ لَكِنْ شَكَّ في قَدْرِ الزِّيَادَةِ فإنه يَسْتَظْهِرُ وَيُخْرِجُ ما يُجْزِئُهُ بِيَقِينٍ فَلَوْ كان الْمَغْشُوشُ وَزْنَ أَلْفٍ ذَهَبًا وَفِضَّةً سِتُّمِائَةٍ من أَحَدِهِمَا وَأَرْبَعُمِائَةٍ من الْأُخْرَى زَكَّى سِتَّمِائَةٍ ذَهَبًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ فِضَّةً وَإِنْ لم يُجْزِ ذهبا ‏[‏ذهب‏]‏ عن فِضَّةٍ زَكَّى سِتَّمِائَةٍ ذَهَبًا وَسِتَّمِائَةٍ فِضَّةً‏.‏

الثَّانِيَةُ إذَا أَرَدْت مَعْرِفَةَ قَدْرِ غِشِّهِ فَضَعْ في مَاءٍ ذَهَبًا خَالِصًا بِوَزْنِ الْمَغْشُوشِ وَعَلِّمْ قَدْرَ عُلُوِّ الْمَاءِ ثُمَّ ارْفَعْهُ ثُمَّ ضَعْ فِضَّةً خَالِصَةً بِوَزْنِ الْمَغْشُوشِ وَعَلِّمْ عُلُوَّ الْمَاءِ ثُمَّ ضَعْ الْمَغْشُوشَ وَعَلِّمْ عُلُوَّ الْمَاءِ ثُمَّ امْسَحْ ما بين الْوُسْطَى وَالْعُلْيَا وما بين الْوُسْطَى وَالسُّفْلَى فَإِنْ كان الْمَمْسُوحَانِ سَوَاءً فَنِصْفُ الْمَغْشُوشِ ذَهَبٌ وَنِصْفُهُ فِضَّةٌ وَإِنْ زَادَ أو نَقَصَ فَبِحِسَابِهِ‏.‏

الثَّالِثَةُ قال أَصْحَابُنَا إذَا زَادَتْ قِيمَةُ الْمَغْشُوشِ بِصَنْعَةِ الْغِشِّ أَخْرَجَ رُبُعَ عُشْرِهِ كحلى الْكِرَاءِ إذَا زَادَتْ قِيمَتُهُ لِصِنَاعَتِهِ‏.‏

الرَّابِعَةُ لو أَرَادَ أَنْ يُزَكِّيَ الْمَغْشُوشَةَ منها فَإِنْ عَلِمَ قَدْرَ الْغِشِّ في كل دِينَارٍ جَازَ وَإِلَّا لم يُجْزِهِ إلَّا أَنْ يَسْتَظْهِرَ فَيُخْرِجَ قَدْرَ الزَّكَاةِ بِيَقِينٍ وَإِنْ أَخْرَجَ مَالًا غَشَّ فيه كان أَفْضَلَ وَإِنْ أَسْقَطَ الْغِشَّ وَزَكَّى على قَدْرِ الذَّهَبِ جَازَ وَلَا زَكَاةَ في غِشِّهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ فِضَّةً وَلَهُ من الْفِضَّةِ ما يَتِمُّ بِهِ نِصَابًا أو نَقُولُ بِرِوَايَةِ ضَمِّهِ إلَى الذَّهَبِ زَادَ الْمَجْدُ أو يَكُونُ غِشُّهَا لِلتِّجَارَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُخْرِجُ من الْجَيِّدِ الصَّحِيحَ من جِنْسِهِ‏.‏

هذا مِمَّا لَا نِزَاعَ فيه فَإِنْ أَخْرَجَ مُكَسَّرًا أو بَهْرَجَاءَ وهو الردىء ‏[‏الرديء‏]‏ زَادَ قَدْرَ ما بَيْنَهُمَا من الْفَضْلِ نَصَّ عليه وَكَذَا لو أَخْرَجَ مَغْشُوشًا من جِنْسِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عن أَحْمَدَ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَقِيلَ يُجْزِئُ الْمَغْشُوشُ وَلَوْ كان من غَيْرِ جِنْسِهِ‏.‏

وَقِيلَ يَجِبُ الْمِثْلُ اخْتَارَهُ في الِانْتِصَارِ وَاخْتَارَهُ في الْمُجَرَّدِ في غَيْرِ مُكَسَّرٍ عن صَحِيحٍ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وقال ابن تَمِيمٍ وَإِنْ أَخْرَجَ عن صِحَاحٍ مُكَسَّرَةً وزاد بِقَدْرِ ما بَيْنَهُمَا جَازَ على الْأَصَحِّ نَصَّ عليه وَإِنْ أَخْرَجَ عن جِيَادٍ بَهْرَجًا بِقِيمَةِ جِيَادٍ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُجْزِئُ وَالثَّانِي لَا يُجْزِئُ وَلَا يَرْجِعُ فِيمَا أَخْرَجَ قَالَهُ الْقَاضِي وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْوَجْهَيْنِ بِمَا عَيَّنَهُ لَا من جِنْسِهِ انْتَهَى‏.‏

فائدة‏:‏

يُخْرِجُ عن جَدِيدٍ صَحِيحٍ وردىء ‏[‏ورديء‏]‏ من جِنْسِهِ وَيُخْرِجُ من كل نَوْعٍ بِحِصَّتِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقِيلَ إنْ شَقَّ لِكَثْرَةِ الْأَنْوَاعِ أَخْرَجَ من الْوَسَطِ كَالْمَاشِيَةِ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

وَلَوْ أَخْرَجَ عن الْأَعْلَى من الْأَدْنَى أو من الْوَسَطِ وزاد قَدْرَ الْقِيمَةِ جَازَ نَصَّ عليه وَإِلَّا لم يَجُزْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم بن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ قال في الْفُرُوعِ وظاهر ‏[‏وظاهره‏]‏ كَلَامُ جَمَاعَةٍ وَتَعْلِيلُهُمْ أنها كَمَغْشُوشٍ عن جَيِّدٍ على ما تَقَدَّمَ‏.‏

وَإِنْ أَخْرَجَ من الْأَعْلَى بِقَدْرِ الْقِيمَةِ دُونَ الْوَزْنِ لم يُجْزِهِ وَيُجْزِئُ قَلِيلُ الْقِيمَةِ عن كَثِيرِهَا مع الْوَزْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ وَزِيَادَةُ قَدْرِ الْقِيمَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَهَلْ يُضَمُّ الذَّهَبُ إلَى الْفِضَّةِ في تَكْمِيلِ النِّصَابِ أو يُخْرِجُ أَحَدَهُمَا عن الْآخَرِ على رِوَايَتَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ‏.‏

أَمَّا ضَمُّ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ إلَى الْآخَرِ في تَكْمِيلِ النِّصَابِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ الضَّمُّ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ وَالْقَاضِي وَوَلَدُهُ وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ كَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ في‏.‏

خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ وابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وابن الْبَنَّاءِ انْتَهَى‏.‏

قُلْت وَنَصَرَهُ في الْفُصُولِ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ‏.‏

قال ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ هذا أَظْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِيضَاحِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْهَادِي وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَقَدَّمَهُ في الْحَاوِيَيْنِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُضَمُّ قال الْمَجْدُ يُرْوَى عن أَحْمَدَ أَنَّهُ رَجَعَ إلَيْهَا أَخِيرًا وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ مع اخْتِيَارِهِ في الْحُبُوبِ الضَّمَّ قال في الْفَائِقِ وَلَا يُضَمُّ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ إلَى الْآخَرِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وهو الْمُخْتَارُ انْتَهَى قال ابن منجا في شَرْحِهِ هذه أَصَحُّ وهو ظَاهِرُ ما نَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنْتَخَبِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَهَذَا يَكُونُ الْمَذْهَبُ على الْمُصْطَلَحِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ‏.‏

وَأَمَّا إخْرَاجُ أَحَدِهِمَا عن الْآخَرِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ الْجَوَازُ قال في الْفَائِقِ وَيَجُوزُ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ قال الْمُصَنِّفُ وَهِيَ أَصَحُّ وَنَصَرَهُ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ في رؤوس الْمَسَائِلِ وَالشَّارِحُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ جَزَمَ بِهِ في الْمُنْتَخَبِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ كما اخْتَارَ عَدَمَ الضَّمِّ وَوَافَقَهُ أبو الْخَطَّابِ وَصَاحِبُ الْخُلَاصَةِ هُنَا وَخَالَفَاهُ في الضَّمِّ فَاخْتَارَا جَوَازَهُ‏.‏

وَصَحَّحَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ جَوَازَ الْإِخْرَاجِ ولم يُصَحِّحَا شيئا في الضَّمِّ وَصَحَّحَ في الْفَائِقِ عَدَمَ الضَّمِّ وَصَحَّحَ جَوَازَ إخْرَاجِ أَحَدِهِمَا عن الْآخَرِ كما تَقَدَّمَ عنه‏.‏

قال ابن تَمِيمٍ وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا في ذلك فَمِنْهُمْ من بَنَاهُ على الضَّمِّ وَمِنْهُمْ من أَطْلَقَ انْتَهَى‏.‏

قُلْت بَنَاهُمَا على الضَّمِّ في الْكَافِي وَالْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

قال في الْحَاوِيَيْنِ وَهَلْ يُجْزِئُ مُطْلَقًا إخْرَاجُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ عن الْآخَرِ أو إذَا قُلْنَا بِالضَّمِّ على وَجْهَيْنِ وقال في الْفُرُوعِ بَعْدَ ذِكْرِ الرِّوَايَتَيْنِ وَعَنْهُ يُجْزِئُ عَمَّا يُضَمُّ وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ في الْفُصُولِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وروى عن بن حَامِدٍ أَنَّهُ يُخْرِجُ ما فيه الْأَحَظُّ لِلْفُقَرَاءِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ هل يَجُوزُ إخْرَاجُ الْفُلُوسِ على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وقال قُلْت إنْ جُعِلَتْ ثَمَنًا جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ قَدَّمَ أنها أَثْمَانٌ‏.‏

وقال في الْحَاوِيَيْنِ بَعْدَ أَنْ حَكَى الْخِلَافَ في إجْزَاءِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ مُطْلَقًا أو إذَا قُلْنَا بِالضَّمِّ وَعَلَيْهِمَا يَخْرُجُ إجْزَاءُ الْفُلُوسِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَعَنْهُ يَجُوزُ إخْرَاجُ أَحَدِهِمَا عن الْآخَرِ بِالْحِسَابِ مع الضَّمِّ وَقِيلَ وَعَدَمُهُ مُطْلَقًا وفي إجْزَاءِ الْفُلُوسِ عنها إذَنْ مع الْإِخْرَاجِ الْمَذْكُورِ وَجْهَانِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَكُونُ الضَّمُّ بالاجزاء‏.‏

يَعْنِي إذَا قُلْنَا بِالضَّمِّ في تَكْمِيلِ النِّصَابِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الضَّمَّ يَكُونُ بِالْأَجْزَاءِ كما قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ وَجَامِعِهِ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْكَافِي في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحُ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وَقِيلَ بِالْقِيمَةِ فِيمَا فيه الْحَظُّ لِلْمَسَاكِينِ يَعْنِي يُكَمَّلُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ بِمَا هو أَحَظُّ لِلْفُقَرَاءِ من الأجزاء أو الْقِيمَةِ وهو رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ وَذَكَرَهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وقال الزَّرْكَشِيُّ وَعَنْ الْقَاضِي أَظُنُّهُ في الْمُجَرَّدِ أَنَّهُ قال قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ الْأَحَظَّ لِلْمَسَاكِينِ‏.‏

فَعَلَى هذا لو بَلَغَ أَحَدُهُمَا نِصَابًا ضَمَّ إلَيْهِ ما نَقَصَ عنه في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

وَعَنْهُ يَكُونُ الضَّمُّ بِالْقِيمَةِ مُطْلَقًا ذَكَرَهَا الْقَاضِي أبو الْحُسَيْنِ وَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ إلَى وَزْنِ الْآخَرِ فَيُقَوَّمُ الْأَعْلَى بِالْأَدْنَى‏.‏

وَعَنْهُ يُضَمُّ الْأَقَلُّ مِنْهُمَا إلَى الْأَكْثَرِ ذَكَرَهَا الْمَجْدُ في شَرْحِهِ فَيُقَوَّمُ بِقِيمَةِ الْأَكْثَرِ نَقَلَهَا أبو عبد اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ‏.‏

فَائِدَتَانِ‏:‏

إحْدَاهُمَا في فَوَائِدِ الْخِلَافِ لو كان معه مِائَةُ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ قِيمَتُهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ ضُمَّا وَإِنْ كانت قِيمَتُهَا دُونَ مِائَةِ دِرْهَمٍ ضُمَّا على غَيْرِ رِوَايَةِ الضَّمِّ بِالْقِيمَةِ وَلَوْ كانت الدَّنَانِيرُ ثَمَانِيَةً قِيمَتُهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ ضُمَّا على غَيْرِ رِوَايَةِ الضَّمِّ بِالْأَجْزَاءِ وَإِنْ لم تَبْلُغْ قِيمَتُهَا مِائَةَ دِرْهَمٍ فَلَا ضَمَّ‏.‏

الثَّانِيَةُ يُضَمُّ جَيِّدُ كل جِنْسٍ إلَى رَدِيئِهِ وَيُضَمُّ مَضْرُوبُهُ إلَى تِبْرِهِ‏.‏

قَوْلُهُ وَتُضَمُّ قِيمَةُ الْعُرُوضِ إلَى كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّارِحُ وَالْمُصَنِّفُ في كُتُبِهِ وقال لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا‏.‏

فائدة‏:‏

لو كان معه ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَعُرُوضٌ ضَمَّ الْجَمِيعَ في تَكْمِيلِ النِّصَابِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّارِحُ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمَا وَجَعَلَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ أَصْلًا لِرِوَايَةِ ضَمِّ الذَّهَبِ إلَى الْفِضَّةِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ اعْتَرَفَ الْمَجْدُ أَنَّ الضَّمَّ في الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَعُرُوضِ التِّجَارَةِ قال فَيَلْزَمُ حينئذ ‏[‏حيث‏]‏ التَّخْرِيجُ من تَسْوِيَتِهِ بَيْنَهُمْ لِأَنَّ التَّسْوِيَةَ مُقْتَضِيَةٌ لِاتِّحَادِ الْحُكْمِ وَعَدَمِ الْفَرْقِ قال وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ أَظُنُّهُ أَبَا الْمَعَالِي بن منجا بِأَنَّ ما قُوِّمَ بِهِ الْعُرُوض كَنَاضٍّ عِنْدَهُ فَفِي ضَمِّهِ إلَى غَيْرِ ما قُوِّمَ بِهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ‏.‏

وقال ابن تَمِيمٍ وَتُضَمُّ الْعُرُوض إلَى أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بَلَغَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا‏.‏

نِصَابًا أَوَّلًا وَإِنْ كان معه ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَعُرُوضٌ الْكُلُّ لِلتِّجَارَةِ ضَمَّ الْجَمِيعَ وَإِنْ لم يَكُنْ النَّقْدُ لِلتِّجَارَةِ ضَمَّ الْعُرُوضَ إلَى إحديهما وَفِيهِ وَجْهٌ يُضَمُّ إلَيْهِمَا وَكَذَا قال في الرِّعَايَةِ وزاد بَعْدَ الْقَوْلِ الثَّانِي إنْ قُلْنَا يُضَمُّ الذَّهَبُ إلَى الْفِضَّةِ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا زَكَاةَ في الْحُلِيِّ الْمُبَاحِ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِعْمَالِ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ قال في الْفَائِقِ وهو الْمُخْتَارُ نَظَرًا وَعَنْهُ تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ إذَا لم يُعَرْ ولم يُلْبَسْ‏.‏

وقال الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ نَقَلَ بن هَانِئٍ زَكَاتُهُ عَارِيَّتُهُ وقال هو قَوْلُ خَمْسَةٍ من الصَّحَابَةِ وَذَكَرَهُ الْأَثْرَمُ عن خَمْسَةٍ من التَّابِعِينَ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَسِيلَةِ وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالْمَجْدِ في شَرْحِهِ جَوَابًا‏.‏

تَنْبِيهَانِ‏:‏

أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ وَلَا زَكَاةَ في الْحُلِيِّ الْمُبَاحِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إذَا أُعِدَّ لِلُبْسِ الْمُبَاحِ أو الْإِعَارَةِ وهو صَحِيحٌ وَكَذَا لو اتَّخَذَهُ من يَحْرُمُ عليه كَرَجُلٍ يَتَّخِذُ حلى النِّسَاءِ لِإِعَارَتِهِنَّ أو امْرَأَةٍ تَتَّخِذُ حلى الرِّجَالِ لِإِعَارَتِهِمْ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ منهم الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ لَا زَكَاةَ فيه إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِذَلِكَ الْفِرَارَ من الزَّكَاةِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ غَيْرِهِ وهو أَظْهَرُ وَوَجَّهَ احْتِمَالًا لَا يُعْدَمُ وُجُوبُ الزَّكَاةِ وَلَوْ قَصَدَ الْفِرَارَ منها وَحَكَى بن تَمِيمٍ أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ التَّمِيمِيِّ قال إنْ اتَّخَذَ رَجُلٌ حلى امْرَأَةٍ فَفِي زَكَاتِهِ رِوَايَتَانِ وَحَكَاهُمَا في الْفَائِقِ وَأَطْلَقَهُمَا‏.‏

الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ سَوَاءٌ كان مُعْتَادًا أو غير مُعْتَادٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَقَيَّدَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ ذلك بِأَنْ يَكُونَ مُعْتَادًا‏.‏

فائدة‏:‏

لو كان الحلى لِيَتِيمٍ لَا يَلْبَسُهُ فَلِوَلِيِّهِ إعَارَتُهُ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا زَكَاةَ وَإِنْ لم يُعِرْهُ فَفِيهِ الزَّكَاةُ نَصَّ أَحْمَدُ على ذلك ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ قال في الْفُرُوعِ وَيَأْتِي في الْعَارِيَّةِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمُعِيرِ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ‏.‏

قال فَهَذَانِ قَوْلَانِ أو أَنَّ هذا لِمَصْلَحَةِ مَالِهِ وَيُقَالُ قد يَكُونُ هُنَاكَ كَذَلِكَ فَإِنْ كان لِمَصْلَحَةِ الثَّوَابِ تَوَجَّهَ خِلَافٌ كَالْقَرْضِ انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ فَأَمَّا الْحُلِيُّ الْمُحَرَّمُ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وكذلك الْمَكْرُوهُ انْتَهَى‏.‏

وَالْآنِيَةُ وما أُعِدَّ لِلْكِرَاءِ أو النَّفَقَةِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ‏.‏

تَجِبُ الزَّكَاةُ في الحلى الْمُحَرَّمِ وَالْآنِيَةِ الْمُحَرَّمَةِ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ وَكَذَا ما أُعِدَّ لِلنَّفَقَةِ أو ما أُعِدَّ لِلْفُقَرَاءِ أو الْقَنِيَّةِ أو الِادِّخَارِ وحلى الصَّيَارِفِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فيه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه فِيمَا أُعِدَّ لِلْكِرَاءِ‏.‏

وَقِيلَ ما اتَّخَذَهُ من ذلك لِسَرَفٍ أو مُبَاهَاةٍ كُرِهَ وزكى وَإِلَّا فَلَا وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُ الْأَصْحَابِ قال في الْفُرُوعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَوْلُ الْقَاضِي إلَّا فِيمَنْ اتَّخَذَ خَوَاتِيمَ وَمُرَادُهُ مع نِيَّةِ لُبْسٍ أو إعَارَةٍ قال وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ لَا زَكَاةَ وَإِنْ كان مُرَادُهُ اتِّخَاذَهُ لِسَرَفٍ أو مُبَاهَاةٍ فَقَطْ فَالْمَذْهَبُ قَوْلًا وَاحِدًا لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ انْتَهَى‏.‏

وَاخْتَارَ بن عَقِيلٍ في مُفْرَدَاتِهِ وَعُمُدِ الْأَدِلَّةِ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيمَا أُعِدَّ لِلْكِرَاءِ وقال صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ لَا زَكَاةَ في حلى مُبَاحٍ لم يُعَدَّ لِلتَّكَسُّبِ بِهِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو انْكَسَرَ الْحُلِيُّ وَأَمْكَنَ لُبْسُهُ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ وَإِنْ لم يُمْكِنْ لُبْسُهُ فَإِنْ لم يَحْتَجْ في إصْلَاحِهِ إلَى سَبْكٍ وتجديد ‏[‏وتجدد‏]‏ صَنْعَةٍ فقال الْقَاضِي إنْ نَوَى إصْلَاحَهُ فَلَا زَكَاةَ فيه كَالصَّحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ ولم يذكر نِيَّةَ إصْلَاحٍ وَلَا غَيْرَهَا

‏.‏

وَذَكَرَه ابن تَمِيمٍ وَجْهًا فقال ما لم يَنْوِ كَسْرَهُ فَيُزَكِّيهِ قال في الْفُرُوعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُ غَيْرِهِ وَعِنْدَ بن عَقِيلٍ يُزَكِّيهِ وَلَوْ نَوَى إصْلَاحَهُ وَصَحَّحَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ ولم يذكر نِيَّةَ إصْلَاحٍ وَلَا غَيْرَهَا‏.‏

وَأَمَّا إذَا احْتَاجَ إلَى تَجْدِيدِ صَنْعَةٍ فإنه يُزَكِّيهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ قال ابن تَمِيمٍ فيه وَجْهَانِ أَظْهَرُهُمَا فيه الزَّكَاةُ وقال في الْمُبْهِجِ إنْ كان الْكَسْرُ لَا يَمْنَعُ من اللُّبْسِ لم تَجِبْ فيه الزَّكَاةُ وَحَكَى بن تَمِيمٍ كَلَامَ صَاحِبِ الْمُبْهِجِ إنْ كان الْكَسْرُ لَا يَمْنَعُ من اللُّبْسِ لم تَجِبْ فيه الزَّكَاةُ‏.‏

فقال في الْفُرُوعِ كَذَا حَكَاه ابن تَمِيمٍ وَإِنَّمَا هو قَوْلُ الْقَاضِي الْمَذْكُورُ ولا زَائِدَةٌ غَلَطٌ انْتَهَى‏.‏

قُلْت إنْ أَرَادَ أَنَّ بن تَمِيمٍ زَادَ لَا فَلَيْسَ كما قال فإن ذلك في الْمُبْهِجِ في نُسَخٍ مُعْتَمَدَةٍ وَإِنْ اراد أَنَّ صَاحِبَ الْمُبْهِجِ زَادَ لَا غَلَطًا منه فَمِنْ أَيْنَ له أَنَّ ذلك غط ‏[‏غلط‏]‏ بَلْ هو مُوَافِقٌ لِقَوَاعِد الْمَذْهَبِ فإن الْكَسْرَ إذَا لم يَمْنَعْ من اللُّبْسِ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ وَذَلِكَ لَا زَكَاةَ فيه فَكَذَا هذا‏.‏

قَوْلُهُ وَالِاعْتِبَارُ بِوَزْنِهِ‏.‏

إلَّا ما كان مُبَاحَ الصِّنَاعَةِ فإن الِاعْتِبَارَ في النِّصَابِ بِوَزْنِهِ وفي الْإِخْرَاجِ بِقِيمَتِهِ‏.‏

الحلى الْمُبَاحُ الصِّنَاعَةِ عنه وَعَنْ غَيْرِهِ الِاعْتِبَارُ في النِّصَابِ فيه بِوَزْنِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ هذا الْمَذْهَبُ قال ابن رَجَبٍ هذا الْمَشْهُورُ في الْمَذْهَبِ وَحَكَاهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ إجْمَاعًا‏.‏

وَقِيلَ الِاعْتِبَارُ بِقِيمَتِهِ قال ابن رَجَبٍ اخْتَارَه ابن عَقِيلٍ في مَوْضِعٍ في فُصُولِهِ وَحَكَى رِوَايَةً بِنَاءً على أَنَّ الْمُحَرَّمَ لَا يُحَرَّمُ اتِّخَاذُهُ وَتُضْمَنُ صَنْعَتُهُ بِالْكَسْرِ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ‏.‏

وَقِيلَ الِاعْتِبَارُ بِقِيمَتِهِ إذَا كان مُبَاحًا وَبِوَزْنِهِ إذَا كان مُحَرَّمًا واختاره ابن عَقِيلٍ أَيْضًا‏.‏

فَعَلَى هذا لو تَحَلَّى الرَّجُلُ بحلى الْمَرْأَةِ أو بِالْعَكْسِ أو اتَّخَذَ أَحَدُهُمَا حلى الْآخَرِ قَاصِدًا لُبْسَهُ أو اتَّخَذَ أَحَدُهُمَا ما يُبَاحُ لِمَا يَحْرُمُ عليه أو لِمَنْ يَحْرُمُ عليه فإنه يَحْرُمُ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ لِإِبَاحَةِ الصَّنْعَةِ في الْجُمْلَةِ‏.‏

وَجَزَمَ في الْبُلْغَةِ في حلى الْكِرَاءِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

مَحَلُّ الْخِلَافِ في مُبَاحِ الصِّنَاعَةِ دُونَ الحلى الْمُبَاحِ لِلتِّجَارَةِ فَأَمَّا الْمُبَاحُ لِلتِّجَارَةِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ نَصَّ عليه‏.‏

فَعَلَى هذا لو كان معه نَقْدٌ مُعَدٌّ لِلتِّجَارَةِ فإنه عَرَضٌ يُقَوَّمُ بالإجزاء إنْ كان أَحَظَّ لِلْفُقَرَاءِ أو نَقَصَ عن نِصَابِهِ وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ هذا ظَاهِرُ نَقْلِ إبْرَاهِيمَ بن الْحَارِثِ وَالْأَثْرَمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ‏.‏

قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَنَصَّ في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ على خِلَافِ ذلك قال فَصَارَ في الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ قال في الْفُرُوعِ وَأَظُنُّ هذا من كَلَامِ وَلَدِهِ وَحَمَلَ الْقَاضِي بَعْضَ الْمَرْوِيِّ عن أَحْمَدَ على الِاسْتِحْبَابِ وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي بِالْأَوَّلِ إذَا كان النَّقْدُ عَرَضًا‏.‏

قَوْلُهُ إلَّا ما كان مُبَاحَ الصِّنَاعَةِ فإن الِاعْتِبَارَ في النِّصَابِ بِوَزْنِهِ وفي الْإِخْرَاجِ بِقِيمَتِهِ‏.‏

الْأَشْهَرُ في الْمَذْهَبِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ في مُبَاحِ الصِّنَاعَةِ في الْإِخْرَاجِ بِقِيمَتِهِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ قال ابن تَمِيمٍ هذا الْأَظْهَرُ قال ابن رَجَبٍ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ قال الْقَاضِي هو قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ إذَا أَخْرَجَ عن صِحَاحٍ مُكَسَّرَةً يعطى ما بَيْنَهُمَا فَاعْتَبَرَ الصَّنْعَةَ دُونَ الْوَزْنِ كَزِيَادَةِ الْقِيمَةِ لِنَفَاسَةِ جَوْهَرِهِ‏.‏

وَقِيلَ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةَ في الْإِخْرَاجِ إنْ اُعْتُبِرَتْ في النِّصَابِ وَإِنْ لم تُعْتَبَرْ في النِّصَابِ لم تُعْتَبَرْ في الْإِخْرَاجِ قال أبو الْخَطَّابِ هذا ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَصَحَّحَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

فائدة‏:‏

إنْ أَخْرَجَ رُبُعَ عُشْرِهِ مُشَاعًا أو مثله وَزْنًا مِمَّا يُقَابِلُ جُودَتَهُ زِيَادَةُ الصَّنْعَةِ جَازَ وَإِنْ جَبَرَ زِيَادَةَ الصَّنْعَةِ بِزِيَادَةٍ في الْمُخْرَجِ فَكَمُكَسَّرَةٍ عن صِحَاحٍ على ما تَقَدَّمَ وَإِنْ أَرَادَ كَسْرَهُ مُنِعَ لِنَقْصِ قِيمَتِهِ وقال ابن تَمِيمٍ إنْ أَخْرَجَ من غَيْرِهِ بِقَدْرِهِ جَازَ وَلَوْ من غَيْرِ جِنْسِهِ وَإِنْ لم تُعْتَبَرْ الْقِيمَةُ لم يُمْنَعْ من الْكَسْرِ وَلَا يُخْرِجُ من غَيْرِ الْجِنْسِ وكذا حكم السَّبَائِكُ انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ وَيُبَاحُ لِلرِّجَالِ من الْفِضَّةِ الْخَاتَمُ‏.‏

اتِّخَاذُ خَاتَمِ الْفِضَّةِ لِلرَّجُلِ مُبَاحٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال ابن رَجَبٍ في كِتَابِ الْخَوَاتِيمِ هذا اخْتِيَارُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ انْتَهَى وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى في بَابِ الحلى وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمَا‏.‏

وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ في بَابِ اللِّبَاسِ وَقَدَّمَهُ في الْآدَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ في بَابِ اللِّبَاسِ‏.‏

وَقِيلَ يُكْرَهُ لِقَصْدِ الزِّينَةِ جَزَمَ بِه ابن تَمِيمٍ قال ابن رَجَبٍ في كِتَابِ الْخَوَاتِيمِ قَالَهُ طَائِفَةٌ من الْأَصْحَابِ وقال ابن الْجَوْزِيِّ النَّهْيُ عن الْخَاتَمِ لِيَتَمَيَّزَ السُّلْطَانُ بِمَا يَخْتِمُ بِهِ فَظَاهِرُهُ الْكَرَاهَةُ إلَّا لِلسُّلْطَانِ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

قَدَّمَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ في بَابِ اللِّبَاسِ اسْتِحْبَابَ التَّخَتُّمِ بِخَاتَمِ الْفِضَّةِ وَجَزَمُوا في بَابِ الحلى بِإِبَاحَتِهِ وَظَاهِرُهُ التَّنَاقُضُ أو يَكُونُ مُرَادُهُمْ في بَابِ الحلى إخْرَاجَ الْخَاتَمِ من التَّحْرِيمِ لَا أَنَّ مُرَادَهُمْ لَا يُسْتَحَبُّ وَهَذَا أَوْلَى‏.‏

فَوَائِدُ‏:‏

منها الْأَفْضَلُ لِلَابِسِهِ جَعْلُ فَصِّهِ مِمَّا يَلِي كَفِّهِ لِأَنَّهُ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ كان يفعل ‏[‏فعل‏]‏ ذلك وهو في الصَّحِيحَيْنِ وكان بن عَبَّاسٍ يَجْعَلُهُ مِمَّا يَلِي‏.‏

ظَهَرَ كَفِّهِ رَوَاهُ أبو دَاوُد وَكَذَا عَلِيُّ بن عبد اللَّه ابن جَعْفَرٍ كان يَفْعَلُهُ رَوَاهُ أبو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ وَأَكْثَرُ الناس يَفْعَلُونَ ذلك‏.‏

وَمِنْهَا جَوَازُ لُبْسِهِ في خِنْصَرِ يَدِهِ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى وَالْأَفْضَلُ في لُبْسِهِ في إحْدَاهُمَا على الْأُخْرَى قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَتَابَعَهُ في الْفُرُوعِ وَالْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ التَّخَتُّمَ في الْيَسَارِ أَفْضَلُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ صَالِحٍ وَالْفَضْلِ بن زِيَادٍ وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ هو أَقْرَبُ وَأَثْبَتُ وَأَحَبُّ إلَيَّ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وابن تَمِيمٍ وَالْإِفَادَاتِ وَغَيْرِهِمْ قال ابن عبد الْقَوِيِّ في آدَابِهِ الْمَنْظُومَةِ وَيَحْسُنُ في الْيُسْرَى كَأَحْمَدَ وَصَحْبِهِ انْتَهَى‏.‏

قال ابن رَجَبٍ وقد أَشَارَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إلَى أَنَّ التَّخَتُّمَ في الْيُمْنَى مَنْسُوخٌ وَأَنَّ التَّخَتُّمَ في الْيَسَارِ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ انْتَهَى‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ ضَعَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدِيثَ التَّخَتُّمِ في الْيُمْنَى وَهَذَا من غَيْرِ الْأَكْثَرِ الذي ذَكَرْنَاهُ في الْخُطْبَةِ أَنَّ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ هو الْمَذْهَبُ‏.‏

وَقِيلَ الْيُمْنَى أَفْضَلُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ فَلِصَاحِبِ الرِّعَايَةِ في هذه الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثُ اخْتِيَارَاتٍ‏.‏

وَمِنْهَا يُكْرَهُ لُبْسُهُ في السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى لِلرَّجُلِ نَصَّ عليه لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عن ذلك وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال ولم يُقَيِّدْهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ انْتَهَى‏.‏

قُلْت أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لم يُقَيِّدُوا الْكَرَاهَةَ في اللُّبْسِ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى لِلرِّجَالِ بَلْ أَطْلَقُوا‏.‏

قال ابن رَجَبٍ في كِتَابِهِ وَذَكَرَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ أَنَّ ذلك خَاصٌّ بِالرِّجَالِ انْتَهَى‏.‏

قُلْت منهم صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ‏.‏

وقال ابن رَجَبٍ أَيْضًا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ جَوَازُ لُبْسِهِ في الْإِبْهَامِ وَالْبِنْصِرِ قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ ذلك لَا يُكْرَهُ في غَيْرِهِمَا وَإِنْ كان الْخِنْصَرُ أَفْضَلَ اقْتِصَارًا على النَّصِّ‏.‏

وقال أبو الْمَعَالِي الْإِبْهَامُ مِثْلُ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى يَعْنِي في الْكَرَاهَةِ قال في الْفُرُوعِ من عِنْدِهِ فَالْبِنْصِرُ مِثْلُهُ وَلَا فَرْقَ‏.‏

قُلْت لو قِيلَ بِالْفَرْقِ لَكَانَ مُتَّجَهًا لِمُجَاوَرَتِهَا لِمَا يُبَاحُ التَّخَتُّمُ فيها بِخِلَافِ الْإِبْهَامِ لِبُعْدِهِ وَاسْتِهْجَانِهِ‏.‏

وَمِنْهَا لَا بَأْسَ بِجَعْلِهِ مِثْقَالًا وَأَكْثَرَ ما لم يَخْرُجْ عن الْعَادَةِ قال في الْفُرُوعِ هذا ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ‏.‏

وقال ابن حَمْدَانَ في كُتُبِهِ الثَّلَاثَةِ يُسَنُّ جَعْلُهُ دُونَ مِثْقَالٍ وَتَابَعَهُ في الْحَاوِيَيْنِ وَالْآدَابِ‏.‏

قال ابن رَجَبٍ في كِتَابِهِ قِيَاسُ قَوْلِ من مَنَعَ من أَصْحَابِنَا تَحَلِّيَ النِّسَاءِ بِمَا زَادَ على أَلْفِ مِثْقَالٍ أَنْ يُمْنَعَ الرَّجُلُ من لُبْسِ الْخَاتَمِ إذَا زَادَ على مِثْقَالٍ وَأَوْلَى لِوُرُودِ النَّصِّ هُنَا وَثَمَّ ليس فيه حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ بَلْ من كَلَامِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ انْتَهَى‏.‏

وَمِنْهَا ما ذَكَرَه ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ عن الْقَاضِي أَنَّهُ قال لو اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ عِدَّةَ خَوَاتِيمَ أو مَنَاطِقَ لم تَسْقُطْ الزَّكَاةُ فِيمَا خَرَجَ عن الْعَادَةِ إلَّا أَنْ يَتَّخِذَ ذلك لِوَلَدِهِ أو عَبْدِهِ‏.‏

قال ابن رَجَبٍ فَهَذَا قد يَدُلُّ على مَنْع لُبْسِ أَكْثَرِ من خَاتَمٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْعَادَةِ وَهَذَا قد يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْعَوَائِدِ انْتَهَى‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَلِهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَا زَكَاةَ في ذلك‏.‏

قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ لَا زَكَاةَ في كل حلى أُعِدَّ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ قَلَّ أو كَثُرَ لِرَجُلٍ كان أو امْرَأَةٍ ثُمَّ قال وَعَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ يُخَرَّجُ جَوَازُ لُبْسِ خَاتَمَيْنِ فاكثر جميعا‏.‏

وَمِنْهَا يُسْتَحَبُّ التَّخَتُّمُ بِالْعَقِيقِ عِنْدَ صَاحِبِ الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وابن تَمِيمٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْآدَابِ ولم يَسْتَحِبَّه ابن الْجَوْزِيِّ‏.‏

قال ابن رَجَبٍ في كِتَابِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ لَا يُسْتَحَبُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ في رِوَايَةِ مُهَنَّا وقد سَأَلَهُ ما السُّنَّةُ يَعْنِي في التَّخَتُّمِ فقال لم تَكُنْ خَوَاتِيمُ الْقَوْمِ إلَّا فِضَّةً قال الْعُقَيْلِيُّ لَا يَصِحُّ في التَّخَتُّمِ بِالْعَقِيقِ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم شَيْءٌ وقد ذَكَرَهَا كُلَّهَا ابن رَجَبٍ وَأَعَلَّهَا في كِتَابِهِ‏.‏

وَمِنْهَا فَصُّ الْخَاتَمِ إنْ كان ذَهَبًا وكان يَسِيرًا فَإِنْ قُلْنَا بِإِبَاحَةِ يَسِيرِ الذَّهَبِ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ إبَاحَتِهِ فَهَلْ يُبَاحُ هُنَا فيه وَجْهَانِ‏.‏

أَحَدُهُمَا التَّحْرِيمُ أَيْضًا وقد نَصَّ أَحْمَدُ على مَنْعِ مِسْمَارِ الذَّهَبِ في خَاتَمِ الْفِضَّةِ في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَإِبْرَاهِيمَ بن الْحَارِثِ وَهَذَا اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي الْإِبَاحَةُ وهو اخْتِيَارُ أبي بَكْرٍ عبد الْعَزِيزِ وَالْمَجْدِ وَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ في الْعِلْمِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ بن رَجَبٍ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ وَالْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ‏.‏

وَمِنْهَا يُكْرَهُ أَنْ يُكْتَبَ على الْخَاتَمِ ذِكْرُ اللَّهِ قُرْآنٌ أو غَيْرُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ دُخُولُ الْخَلَاءِ بِذَلِكَ فَلَا كَرَاهَةَ هُنَا قال في الْفُرُوعِ ولم أَجِدْ في الْكَرَاهَةِ دَلِيلًا إلَّا قَوْلَهُ لِدُخُولِ الْخَلَاءِ بِهِ وَالْكَرَاهَةُ تَفْتَقِرُ إلَى دَلِيلٍ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

وقد وَرَدَ عن كَثِيرٍ من السَّلَفِ كِتَابَةُ ذِكْرِ اللَّهِ على خَوَاتِيمِهِمْ ذَكَرَه ابن رَجَبٍ في كِتَابِهِ وهو ظَاهِرُ قَوْلِهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ حين قال لِلنَّاسِ اني اتَّخَذْت خَاتَمًا وَنَقَشْت فيه مُحَمَّدٌ رسول اللَّهِ فَلَا يَنْقُشُ أَحَدٌ على نَقْشِي لِأَنَّهُ إنَّمَا نَهَاهُمْ عن نَقْشِهِمْ مُحَمَّدٌ رسول اللَّهِ لَا عن غَيْرِهِ قال في‏.‏

الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ ما وَرَدَ لَا يُكْرَهُ غَيْرُ ذِكْرِ اللَّهِ قال في الرِّعَايَةِ وَذِكْرِ رَسُولِهِ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ لَا يُكْرَهُ ذلك‏.‏

وَمِنْهَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْقُشَ على الْخَاتَمِ صُورَةَ حَيَوَانٍ بِلَا نِزَاعٍ لِلنُّصُوصِ الثَّابِتَةِ في ذلك لَكِنْ هل يَحْرُمُ لُبْسُهُ أو يُكْرَهُ فيه وَجْهَانِ‏.‏

أَحَدُهُمَا يَحْرُمُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وابن عَقِيلٍ في آخِرِ الْفُصُولِ وَحَكَاهُ أبو حَكِيمٍ النَّهْرَوَانِيُّ عن الْأَصْحَابِ قال ابن رَجَبٍ وهو مَنْصُوصٌ عن أَحْمَدَ في الثِّيَابِ وَالْخَوَاتِمِ وَذَكَرَ النَّصَّ وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ وهو الذي ذَكَرَه ابن أبي مُوسَى وَذَكَرَه ابن عَقِيلٍ أَيْضًا في كِتَابِ الصَّلَاةِ وَصَحَّحَهُ أبو حَكِيمٍ وَإِلَيْهِ مَيْلُ بن رَجَبٍ‏.‏

وَمِنْهَا يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ لُبْسُ خَاتَمِ حَدِيدٍ وَصُفْرٍ وَنُحَاسٍ وَرَصَاصٍ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ منهم إِسْحَاقُ وَنَقَلَ مُهَنَّا أَكْرَهُ خَاتَمَ الْحَدِيدِ لِأَنَّهُ حِلْيَةُ أَهْلِ النَّارِ‏.‏

إذَا عَلِمْت ذلك فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَرَاهَةِ هُنَا كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ قال ابن رَجَبٍ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ ما يَدُلُّ على التَّحْرِيمِ نَقَلَهُ أبو طَالِبٍ وَالْأَثْرَمُ قال ابن رَجَبٍ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَظَاهِرُ كَلَامِ بن أبي مُوسَى تَحْرِيمُهُ على الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وحكى عن أبي بَكْرٍ عبد الْعَزِيزِ أَنَّهُ مَتَى صلى وفي يَدِهِ خَاتَمٌ من حَدِيدٍ أو صُفْرٍ أَعَادَ الصَّلَاةَ انْتَهَى وقال ابن الزَّاغُونِيِّ في فَتَاوِيهِ الدُّمْلُوجُ الْحَدِيدُ وَالْخَاتَمُ الْحَدِيدُ نهى الشَّرْعُ عنهما‏.‏

وَأَجَابَ أبو الْخَطَّابِ عن ذلك فقال يَجُوزُ دُمْلُوجٌ من حَدِيدٍ قال في الْفُرُوعِ فَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ الْخَاتَمُ وَنَحْوُهُ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ الرَّصَاصَ لَا أَعْلَمُ فيه شيئا وَلَهُ رَائِحَةٌ‏.‏

قَوْلُهُ وفي حِلْيَةِ الْمِنْطَقَةِ رِوَايَتَانِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ‏.‏

إحْدَاهُمَا يُبَاحُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ قال في الْفُرُوعِ تُبَاحُ حِلْيَةُ الْمِنْطَقَةِ على الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تُبَاحُ فَفِيهَا الزَّكَاةُ وحكى ذلك عن بن أبي مُوسَى وهو من الْمُفْرَدَاتِ‏.‏

قَوْلُهُ وَعَلَى قِيَاسِهَا الْجَوْشَنُ وَالْخُوذَةُ وَالْخُفُّ وَالرَّانُ وَالْحَمَائِلُ‏.‏

قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ في الْكَافِي بِإِبَاحَةِ الْكُلِّ قَالَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قُلْت قد حَكَى في الْكَافِي عن بن أبي مُوسَى وُجُوبَ الزَّكَاةِ في ذلك وَنَصَّ أَحْمَدُ على تَحْرِيمِ الْحَمَائِلِ وَمَنَعَ بن عَقِيلٍ من ‏[‏عن‏]‏ الْخُفِّ وَالرَّانِ فَفِيهِمَا الزَّكَاةُ وكذا الْحُكْمُ عِنْدَهُ في الكمران وَالْخَرِيطَةِ وَمَنَعَ الْقَاضِي من حَمَائِلِ السَّيْفِ وَحَكَاهُ عن أَحْمَدَ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ ذلك الِاقْتِصَارُ على هذه الْأَشْيَاءِ وقال غَيْرُ وَاحِدٍ بَعْدَ ذِكْرِ ذلك وَنَحْوُ ذلك فَيُؤْخَذُ منه ما صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْخِلَافَ في الْمِغْفَرِ وَالنَّعْلِ وَرَأْسِ الرُّمْحِ وَشَعِيرَةِ السِّكِّينِ وَنَحْوِ ذلك وَهَذَا أَظْهَرُ لِعَدَمِ الْفَرْقِ انْتَهَى وَجَزَمَ بن تَمِيمٍ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ تَحْلِيَةُ السِّكِّينِ بِالْفِضَّةِ وَجَزَمَ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ بِالْإِبَاحَةِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وقال عن عَدَمِ الْإِبَاحَةِ وهو بَعِيدٌ انْتَهَى قال في الْفُرُوعِ ويدخل ‏[‏ودخل‏]‏ في الْخِلَافِ تِرْكَاشُ النُّشَّابِ وَقَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وقال وَكَذَلِكَ الْكَلَالِيبُ لأنها ‏[‏لأنهما‏]‏ يَسِيرٌ تَابِعٌ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ أبي الْحَسَنِ التَّمِيمِيِّ أَوَّلَ بَابِ الْآنِيَةِ‏.‏

فَائِدَتَانِ‏:‏

إحْدَاهُمَا لَا يُبَاحُ غَيْرُ ما تَقَدَّمَ فَلَا يُبَاحُ تَحْلِيَةُ الْمَرَاكِبِ وَلِبَاسِ الْخَيْلِ كَاللُّجُمِ وَقَلَائِدِ الْكِلَابِ وَنَحْوِ ذلك وقد نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ على تَحْرِيمِ حِلْيَةِ الرِّكَابِ وَاللِّجَامِ وقال ما كان سَرْجٌ وَلِجَامٌ زكى وَكَذَا تَحْلِيَةُ الدَّوَاةِ وَالْمِقْلَمَةِ والكمران وَالْمِرْآةِ وَالْمُشْطِ وَالْمُكْحُلَةِ وَالْمِيلِ وَالْمِسْرَجَةِ وَالْمِرْوَحَةِ وَالْمِشْرَبَةِ وَالْمُدْهُنِ وَكَذَا الْمُسْعُطُ وَالْمِجْمَرُ وَالْقِنْدِيلُ‏.‏

وَقِيلَ يُكْرَهُ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قِيلَ وَلَا فَرْقَ وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ أَكْرَهُ رَأْسَ الْمُكْحُلَةِ وَحِلْيَةَ الْمِرْآةِ فِضَّةً ثُمَّ قال وَهَذَا شَيْءٌ تَافِهٌ فَأَمَّا الْآنِيَةُ فَلَيْسَ فيها تَحْرِيمٌ‏.‏

قال الْقَاضِي ظَاهِرُهُ لَا يَحْرُمُ لِأَنَّهُ في حُكْمِ الْمُضَبَّبِ فَيَكُونُ الْحُكْمُ في حِلْيَةِ جَمِيعِ الْأَوَانِي كَذَلِكَ قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَسَبَقَ في بَابِ الْآنِيَةِ ما حَكَاه ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ عن أبي الْحَسَنِ التَّمِيمِيِّ في كِتَابِهِ اللَّطِيفِ‏.‏

الثَّانِيَةُ يَحْرُمُ تَحْلِيَةُ مَسْجِدٍ وَمِحْرَابٍ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لو وَقَفَ على مَسْجِدٍ أو نَحْوِهِ قِنْدِيلُ ذَهَبٍ أو فِضَّةٍ لم يَصِحَّ وَيَحْرُمُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وقال الْمُصَنِّفُ هو بِمَنْزِلَةِ الصَّدَقَةِ فَيُكْسَرُ وَيُصْرَفُ في مَصْلَحَةِ الْمَسْجِدِ وَعِمَارَتِهِ انْتَهَى‏.‏

وَيَحْرُمُ أَيْضًا تَمْوِيهُ سَقْفٍ وَحَائِطٍ بِذَهَبٍ أو فِضَّةٍ لِأَنَّهُ سَرَفٌ وَخُيَلَاءُ قال في الْفُرُوعِ فَدَلَّ الْخِلَافُ السَّابِقُ على إبَاحَتِهِ تَبَعًا‏.‏

تَنْبِيهَانِ‏:‏

أَحَدُهُمَا حَيْثُ قُلْنَا يَحْرُمُ وَجَبَتْ إزَالَتُهُ وَزَكَاتُهُ وَإِنْ اُسْتُهْلِكَ فلم يَجْتَمِعْ منه شَيْءٌ فَلَهُ اسْتِدَامَتُهُ وَلَا زَكَاةَ فيه لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ وَذَهَابِ الْمَالِيَّةِ‏.‏

الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ من الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ من الْفِضَّةِ‏.‏

إلَّا ما اسْتَثْنَاهُ الْأَصْحَابُ على ما تَقَدَّمَ وهو صَحِيحٌ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال صَاحِبُ الْفُرُوعِ فيه وَلَا أَعْرِفُ على تَحْرِيمِ لُبْسِ الْفِضَّةِ نَصًّا عن أَحْمَدَ وَكَلَامُ شَيْخِنَا يَدُلُّ على إبَاحَةِ لُبْسِهَا لِلرِّجَالِ إلَّا ما دَلَّ الشَّرْعُ على تَحْرِيمِهِ انْتَهَى‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا لُبْسُ الْفِضَّةِ إذَا لم يَكُنْ فيه لَفْظٌ عَامٌ بِالتَّحْرِيمِ لم يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يُحَرِّمَ منه إلَّا ما قام الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ على تَحْرِيمِهِ فإذا أَبَاحَتْ السُّنَّةُ خَاتَمَ الْفِضَّةِ دَلَّ على إبَاحَةِ ما في مَعْنَاهُ وما هو أَوْلَى منه بِالْإِبَاحَةِ وما لم يَكُنْ كَذَلِكَ فَيَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ في تَحْلِيلِهِ وَتَحْرِيمِهِ وَالتَّحْرِيمُ يَفْتَقِرُ إلَى دَلِيلٍ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَنَصَرَهُ صَاحِبُ الْفُرُوعِ وَرَدَّ جَمِيعَ ما اسْتَدَلَّ بِهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

قَوْلُهُ وَمِنْ الذَّهَبِ قَبِيعَةُ السَّيْفِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ كان في سَيْفِ عُمَرَ سَبَائِكُ من ذَهَبٍ وكان في سَيْفِ عُثْمَانَ بن حُنَيْفٍ مِسْمَارٌ من ذَهَبٍ قال ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ جَعَلَ أَصْحَابُنَا الْجَوَازَ مَذْهَبَ أَحْمَدَ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ يُبَاحُ في الْأَظْهَرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَشَرْحِ بن منجا وَالنَّظْمِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ وَعَنْهُ لَا يُبَاحُ قَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

حَكَى بَعْضُ الْأَصْحَابِ عَدَمَ الْإِبَاحَةِ احْتِمَالًا وَحَكَى بَعْضُهُمْ الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ كَصَاحِبِ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَقَيَّدَ بن عَقِيلٍ الْإِبَاحَةَ بِالْيَسِيرِ مع أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ قَبِيعَةَ سَيْفِهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ ثَمَانِيَةُ مَثَاقِيلَ وَذَكَرَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ الرِّوَايَتَيْنِ في إبَاحَتِهِ في السَّيْفِ وَتَقَدَّمَ ما نَقَلَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عن سَيْفِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ‏.‏

وَقِيلَ يُبَاحُ الذَّهَبُ في السِّلَاحِ وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ‏.‏

وَقِيلَ كُلُّ ما أُبِيحَ تَحْلِيَتُهُ بِفِضَّةٍ أُبِيحَ تَحْلِيَتُهُ بِذَهَبٍ وكذا تَحْلِيَةُ خَاتَمِ الْفِضَّةِ بِهِ وقال أبو بَكْرٍ يُبَاحُ يَسِيرُ الذَّهَبِ تَبَعًا لَا مُفْرَدًا كَالْخَاتَمِ وَنَحْوِهِ وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ يُبَاحُ يَسِيرُهُ تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَقِيلَ مُطْلَقًا وَقِيلَ ضَرُورَةً قُلْت أو حَاجَةً لَا ضَرُورَةً انْتَهَى‏.‏

وَتَقَدَّمَ ذلك في أَوَائِلِ بَابِ الْآنِيَةِ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ كَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ على اخْتِيَارِ أبي بَكْرٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُبَاحُ لِلنِّسَاءِ من الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كُلُّ ما جَرَتْ عَادَتُهُنَّ بِلُبْسِهِ قَلَّ أو كَثُرَ‏.‏

كَالطَّوْقِ وَالْخَلْخَالِ وَالسِّوَارِ وَالدُّمْلُوجِ وَالْقُرْطِ وَالْعِقْدِ وَالْمُقَلَّدَةِ وَالْخَاتَمِ وما في الْمُخَانِقِ من حَرَائِزَ وَتَعَاوِيذَ وَأُكَرَ وَنَحْوِ ذلك حتى قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَتَاجٍ وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ قال في التَّلْخِيصِ وَيُبَاحُ لِلْمَرْأَةِ التَّحَلِّي بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مُطْلَقًا في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

وفي الْأُخْرَى إذَا بَلَغَ أَلْفًا فَهُوَ كَثِيرٌ فَيَحْرُمُ لِلسَّرَفِ قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ عن الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ عن الذَّهَبِ كما صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَاخْتَارَه ابن حَامِدٍ انْتَهَى وقال الْمُصَنِّفُ هُنَا وقال ابن حَامِدٍ إنْ بَلَغَ أَلْفَ مِثْقَالٍ حَرُمَ وَفِيهِ الزَّكَاةُ وكذا قال في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ سَوَاءٌ كان من ذَهَبٍ أو فِضَّةٍ‏.‏

وَعَنْهُ أَيْضًا أَلْفُ مِثْقَالٍ كَثِيرٌ من الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَعَنْهُ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ كَثِيرٌ وَأَبَاحَ الْقَاضِي أَلْفَ مِثْقَالٍ فما دُونُ وقال ابن عَقِيلٍ يُبَاحُ الْمُعْتَادُ لَكِنْ‏.‏

إنْ بَلَغَ الْخَلْخَالُ وَنَحْوُهُ خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ فَقَدْ خَرَجَ عن الْعَادَةِ وَتَقَدَّمَ قَوْلُهُ ما كان من ذلك لِسَرَفٍ أو مُبَاهَاةٍ كُرِهَ وزكى‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ جَوَازُ تَحْلِيَةِ الْمَرْأَةِ بِدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ مُعَرَّاةٍ وفي مُرْسَلَةٍ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فَلَا زَكَاةَ فيه‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجُوزُ تَحْلِيَتُهَا بِذَلِكَ فَعَلَيْهَا الزَّكَاةُ فيه وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وَالْمُذْهَبِ‏.‏

قُلْت قد ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ في بَابِ جَامِعِ الْأَيْمَانِ إذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ حُلِيًّا فَلَبِسَ دَرَاهِمَ أو دَنَانِيرَ في مُرْسَلَةٍ في حِنْثِهِ وَجْهَيْنِ جَزَمَ في الْوَجِيزِ بِعَدَمِ الْحِنْثِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ الْحِنْثَ‏.‏

فَالصَّوَابُ في ذلك أَنْ يَرْجِعَ فيه إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ فَمَنْ كان عُرْفُهُمْ وَعَادَتُهُمْ اتِّخَاذَ ذلك حُلِيًّا فَلَا زَكَاةَ فيه وَيَحْنَثُ في يَمِينِهِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَلَا حِنْثَ‏.‏

فَوَائِدُ‏:‏

إحْدَاهَا لَا زَكَاةَ في الْجَوْهَرِ وَاللُّؤْلُؤِ وَلَوْ كان في حلى إلَّا أَنْ يَكُونَ لِتِجَارَةٍ فَيُقَوَّمُ جَمِيعُهُ تَبَعًا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَلَا زَكَاةَ في حُلِيِّ جَوْهَرٍ وَعَنْهُ وَلُؤْلُؤٍ وقال غَيْرُ وَاحِدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِتِجَارَةٍ أو سَرَفٍ منهم صَاحِبُ الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وَإِنْ كان لِلْكِرَاءِ فَوَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في مُخْتَصَرِ بن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

قُلْت الصَّوَابُ وُجُوبُ الزَّكَاةِ‏.‏

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ عَدَمُ الْوُجُوبِ‏.‏

الثَّانِيَةُ يُبَاحُ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ التَّحَلِّي بِالْجَوْهَرِ وَنَحْوِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَذَكَرَ أبو الْمَعَالِي يُكْرَهُ ذلك لِلرَّجُلِ لِلتَّشَبُّهِ قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ غَيْرُ تَخَتُّمِهِ بِذَلِكَ‏.‏

الثَّالِثَةُ هذه الْمَسْأَلَةُ وَهِيَ تَشَبُّهُ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةِ بِالرَّجُلِ في اللِّبَاسِ وَغَيْرِهِ يَحْرُمُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال الْمَرُّوذِيُّ كنت عِنْدَ أبي عبد اللَّهِ فَمَرَّتْ بِهِ جَارِيَةٌ عليها قَبَاءٌ فَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ قُلْت تَكْرَهُهُ قال كَيْفَ لَا أَكْرَهُهُ جِدًّا وقد لَعَنَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم الْمُتَشَبِّهَاتِ من النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ قال وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَنْ يَصِيرَ لِلْمَرْأَةِ مِثْلُ جَيْبِ الرِّجَالِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَجَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ منهم صَاحِبُ الْفُصُولِ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمْ في لُبْسِ الْمَرْأَةِ الْعِمَامَةَ وَكَذَا قال الْقَاضِي يَجِبُ إنْكَارُ تَشَبُّهِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَعَكْسِهِ وَاحْتَجَّ بِمَا نَقَلَهُ أبو دَاوُد وَلَا يُلْبِسُ خَادِمَتَهُ شيئا من زِيِّ الرِّجَالِ لَا يُشَبِّهُهَا بِهِمْ وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ لَا يُخَاطُ لها ما كان لِلرَّجُلِ وَعَكْسُهُ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُمْ يُكْرَهُ التَّشَبُّهُ وَلَا يَحْرُمُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ مع جَزْمِهِمْ بِتَحْرِيمِ اتِّخَاذِ أَحَدِهِمَا حُلِيَّ الْآخَرِ لِيَلْبَسَهُ مع أَنَّهُ دَاخِلٌ في الْمَسْأَلَةِ قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّهُ الذي عَنَاهُ أبو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ بِكَلَامِهِ السَّابِقِ في الْفَصْلِ قَبْلَهُ وقال في الْفُصُولِ تَكْرَهُ صَلَاةُ أَحَدِهِمَا بِلِبَاسِ الْآخَرِ لِلتَّشَبُّهِ‏.‏