فصل: فصل: إن كان حبًا فصار زرعًا أو زرعًا فصار حبًا أو نوى فنبت شجرًا

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


فصل‏:‏

وإن باع بعض المبيع أو وهبه أو وقفه‏,‏ فهو بمنزلة تلفه لأن البائع ما أدرك ماله بعينه‏.‏

فصل‏:‏

وإن نقصت مالية المبيع لذهاب صفة مع بقاء عينه كعبد هزل‏,‏ أو نسي صناعة أو كتابة أو كبر أو مرض‏,‏ أو تغير عقله أو كان ثوبا فخلق لم يمنع الرجوع لأن فقد الصفة لا يخرجه عن كونه عين ماله‏,‏ لكنه يتخير بين أخذه ناقصا بجميع حقه وبين أن يضرب مع الغرماء بكمال ثمنه لأن الثمن لا يتقسط على صفة السلعة من سمن أو هزال‏,‏ أو علم أو نحوه فيصير كنقصه لتغير الأسعار ولو كان المبيع أمة ثيبا‏,‏ فوطئها المشتري ولم تحمل فله الرجوع فيها لما ذكرنا‏,‏ فإنها لم تنقص في ذات ولا في صفات وإن كانت بكرا فقال القاضي‏:‏ له الرجوع لأنه فقد صفة فإنه لم يذهب منها جزء‏,‏ وإنما هو كالجراح وقال أبو بكر‏:‏ ليس له الرجوع لأنه أذهب منها جزءا فأشبه ما لو فقأ عينها وإن وجد الوطء من غير المفلس فهو كوطء المفلس‏,‏ فيما ذكرنا‏.‏

فصل‏:‏

وإن جرح العبد أو شج فعلى قول أبي بكر‏:‏ لا يرجع لأنه ذهب جزء ينقص به الثمن فأشبه ما لو فقئت عين العبد لأنه ذهب من العين جزء له بدل فمنع الرجوع‏,‏ كما لو قطعت يد العبد ولأنه لو نقص صفة مجردة لم يكن للبائع من الرجوع فيها شيء سواه‏,‏ كما ذكرنا في هزال العبد ونسيان الصنعة وهاهنا بخلافه‏,‏ ولأن الرجوع في المحل المنصوص عليه يقطع النزاع ويزيل المعاملة بينهما فلا يثبت في محل لا يحصل به هذا المقصود وقال القاضي‏:‏ قياس المذهب أن له الرجوع لأنه فقد صفة‏,‏ فأشبه نسيان الصنعة واستخلاق الثوب فإذا رجع نظرنا في الجرح‏,‏ فإن كان مما لا أرش له كالحاصل بفعل الله تعالى أو فعل بهيمة‏,‏ أو جناية المفلس أو جناية عبده أو جناية العبد على نفسه‏,‏ فليس له مع الرجوع أرش وإن كان الجرح موجبا لأرش كجناية الأجنبي فللبائع إذا رجع أن يضرب مع الغرماء بحصة ما نقص من الثمن فينظر كم نقص من قيمته‏,‏ فيرجع بقسط ذلك من الثمن لأنه مضمون على المشتري للبائع بالثمن فإن قيل‏:‏ فهلا جعلتم له الأرش الذي وجب على الأجنبي لأنه لو لم يجب به أرش لم يرجع بشيء فلا يجوز أن يرجع بأكثر من الأرش قلنا‏:‏ لما أتلفه الأجنبي صار مضمونا بإتلافه للمفلس‏,‏ فكان بالأرش له وهو مضمون على المفلس للبائع بالثمن فلا يجوز أن يضمنه بالأرش وإذا لم يتلفه أجنبي‏,‏ فلم يكن مضمونا فلم يجب بفواته شيء فإن قيل‏:‏ فهلا كان هذا الأرش للمشتري ككسبه لا يضمنه للبائع قلنا‏:‏ الكسب بدل منافعه‏,‏ ومنافعه مملوكة للمشتري بغير عوض وهذا بدل جزء من العين والعين جميعها مضمونة بالعوض‏,‏ فلهذا ضمن ذلك للمشتري‏.‏

فصل‏:‏

فإن اشترى زيتا فخلطه بزيت آخر أو قمحا‏,‏ فخلطه بما لا يمكن تمييزه منه سقط حق الرجوع وقال مالك‏:‏ يأخذ زيته وقال الشافعي‏:‏ إن خلطه بمثله أو دونه لم يسقط الرجوع‏,‏ وله أن يأخذ متاعه بالكيل أو الوزن وإن خلطه بأجود منه ففيه قولان أحدهما‏,‏ يسقط حقه من العين قال الشافعي‏:‏ وبه أقول واحتجوا بأن عين ماله موجودة من طريق الحكم فكان له الرجوع كما لو كانت منفردة ولأنه ليس فيه أكثر من اختلاط ماله بغيره‏,‏ فلم يمنع الرجوع كما لو اشترى ثوبا فصبغه أو سويقا فلته ولنا‏,‏ أنه لم يجد عين ماله فلم يكن له الرجوع كما لو تلفت‏,‏ ولأن ما يأخذه من غير عين ماله إنما يأخذه عوضا عن ماله فلم يختص به دون الغرماء‏,‏ كما لو تلف ماله وقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏من أدرك متاعه بعينه‏)‏ أي من قدر عليه وتمكن من أخذه من المفلس بدليل ما لو وجده بعد زوال ملك المفلس أو كانت مسامير قد سمر بها بابا‏,‏ أو حجرا قد بنى عليه أو خشبا في سقفه أو أمة استولدها‏,‏ وهذا إذا أخذ كيله أو قيمته إنما يأخذ عوض ماله فهو كالثمن والقيمة وفارق المصبوغ فإن عينه يمكنه أخذها‏,‏ والسويق كذلك فاختلفا‏.‏

فصل‏:‏

وإن اشترى حنطة فطحنها أو زرعها أو دقيقا فخبزه‏,‏ أو زيتا فعمله صابونا أو ثوبا فقطعه قميصا أو غزلا فنسجه ثوبا‏,‏ أو خشبا فنجره أبوابا أو شريطا فعمله إبرا أو شيئا فعمل به ما أزال اسمه‏,‏ سقط حق الرجوع وقال الشافعي‏:‏ فيه قولان أحدهما به أقول يأخذ عين ماله‏,‏ ويعطي قيمة عمل المفلس فيها لأن عين ماله موجودة وإنما تغير اسمها فأشبه ما لو كان المبيع حملا فصار كبشا‏,‏ أو وديا فصار نخلا ولنا أنه لم يجد متاعه بعينه فلم يكن له الرجوع‏,‏ كما لو تلف ولأنه غير اسمه وصفته فلم يملك الرجوع‏,‏ كما لو كان نوى فنبت شجرا والأصل الذي قاسوا عليه ممنوع وإن سلم فإنه لم يتغير اسمه‏,‏ بخلاف مسألتنا‏.‏

فصل‏:‏

وإن كان حبا فصار زرعًا أو زرعًا فصار حبا أو نوى فنبت شجرًا‏,‏ أو بيضا فصار فراخًا سقط حق الرجوع وقال القاضي‏:‏ لا يسقط وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي المنصوص عليه منهما لأن الزرع نفس الحب والفرخ نفس البيضة ولنا‏,‏ أنه لم يجد عين ماله فلم يرجع كما لو أتلفه متلف فأخذ قيمته ولأن الحب أعيان ابتدأها الله تعالى‏,‏ لم تكن موجودة عند البيع وكذلك أعيان الزرع والفرخ ولو استأجر أرضا واشترى بذرا وماء‏,‏ فزرع وسقي واستحصد‏,‏ وأفلس فالمؤجر وبائع البذر والماء غرماء لا حق لهم في الرجوع لأنهم لم يجدوا أعيان أموالهم وعلى قول من قال‏:‏ له الرجوع في الزرع يكون عليه غرامة الأجرة وثمن الماء‏,‏ أو قيمة ذلك‏.‏

فصل‏:‏

وإن اشترى ثوبًا فصبغه أو سويقًا فلته بزيت فقال أصحابنا‏:‏ لبائع الثوب والسويق الرجوع في أعيان أموالهما وهو مذهب الشافعي لأن عين مالهما قائمة مشاهدة‏,‏ ما تغير اسمها ويكون المفلس شريكا لصاحب الثوب والسويق بما زاد عن قيمتهما فإن حصل زيادة فهي له‏,‏ وإن حصل نقص فعليه وإن نقصت قيمة الثوب أو السويق فإن شاء البائع أخذهما ناقصين‏,‏ ولا شيء له وإن شاء تركهما وله أسوة الغرماء لأن هذا نقص صفة‏,‏ فهو كالهزال ويحتمل أن لا يكون له الرجوع إذا زادت القيمة لأنه اتصل بالمبيع زيادة للمفلس فمنعت الرجوع كما لو سمن العبد‏,‏ ولأن الرجوع ها هنا لا يتخلص به البائع من المفلس ولا يحصل به المقصود من قطع المنازعة وإزالة المعاملة‏,‏ بل يحصل به ضرر الشركة فلم يكن في معنى المنصوص عليه فلا يمكن إلحاقه به‏.‏

فصل‏:‏

وإن اشترى صبغًا فصبغ به ثوبًا‏,‏ أو زيتًا فلت به سويقًا فبائعهما أسوة الغرماء وقال أصحاب الشافعي‏:‏ له الرجوع لأنه وجد عين ماله قالوا‏:‏ ولو اشترى ثوبا وصبغا وصبغ الثوب بالصبغ‏,‏ رجع بائع كل شيء في عين ماله وكان بائع الصبغ شريكا لبائع الثوب وإن حصل نقص فهو من صاحب الصبغ لأنه الذي يتفرق وينقص والثوب بحاله‏,‏ فإذا كانت قيمة الثوب عشرة وقيمة الصبغ خمسة فصارت قيمتهما اثنا عشر‏,‏ كان لصاحب الثوب خمسة أسداسه وللآخر سدسه ويضرب مع الغرماء بما نقص‏,‏ وذلك ثلاثة دراهم وذكر القاضي مثل هذا في موضع ولنا أنه لم يجد عين ماله فلم يكن له الرجوع‏,‏ كما لو تلف ولأن المشتري شغله بغيره على وجه البيع فلم يملك بائعه الرجوع فيه‏,‏ كما لو كان حجرًا بنى عليه أو مسامير سمر بها بابا ولو اشترى ثوبا وصبغا من واحد فصبغه به‏,‏ فقال أصحابنا‏:‏ لا فرق بين ذلك وبين كون الصبغ من غير بائع الثوب فعلى قولهم يرجع في الثوب وحده ويكون المفلس شريكا له بزيادة الصبغ ويضرب مع الغرماء بثمن الصبغ ويحتمل أن يرجع فيهما ها هنا لأنه وجد عين ماله متميزا عن غيره‏,‏ فكان له الرجوع فيه للخبر ولأن المعنى في المحل الذي يثبت فيه الرجوع موجود ها هنا‏,‏ فيملك الرجوع به كما يملكه ثم ولو أنه اشترى رفوفا ومسامير من رجل واحد‏,‏ فسمرها بها رجع بائعهما فيهما كذلك وكذلك ما أشبهه‏.‏

فصل‏:‏

إذا اشترى ثوبا فقصره‏,‏ لم يخل من حالين أحدهما أن لا تزيد قيمته بذلك فللبائع الرجوع فيه لأن عين ماله قائمة لم يزل اسمها‏,‏ ولم يتلف بعضها ولا اتصلت بغيرها فكان له الرجوع فيها كما لو علم العبد صناعة لم تزد قيمته بها وسواء نقصت قيمته بذلك أو لم تنقص لأن ذلك النقص نقص صفة‏,‏ فلا يمنع الرجوع كنسيان صناعة وهزال العبد‏,‏ ولا شيء له مع الرجوع الثاني أن تزيد قيمته بذلك فليس للبائع الرجوع‏,‏ على قياس قول الخرقي لأن الثوب زاد زيادة لا تتميز فلم يملك البائع الرجوع فيه كما لو سمن العبد ولأنه لم يجد عين ماله متميزة عن غيرها‏,‏ فلم يملك الرجوع كبائع الصبغ إذا صبغ به والزيت إذا لت به سويق وقال القاضي وأصحابه له الرجوع فيها‏,‏ لأنه أدرك متاعه بعينه ولأنه وجد عين ماله لم يتغير اسمها ولا ذهبت عينها فملك الرجوع فيها‏,‏ كما لو صبغها فعلى قولهم إن كانت القصارة بعمل المفلس أو بأجرة وفاها فهما شريكان في الثوب‏,‏ فإذا كانت قيمة الثوب خمسة فصار يساوي ستة فللمفلس سدسه‏,‏ ولبائعه خمسة أسداسه فإن اختار البائع دفع قيمة الزيادة إلى المفلس لزمه قبولها لأنه يتخلص بذلك من ضرر الشركة من غير مضرة تلحقه‏,‏ فأشبه ما لو دفع الشفيع قيمة البناء إلى المشتري وإن لم يختر بيع الثوب وأخذ كل واحد منهما بقدر حقه وإن كان العمل من صانع لم يستوف أجره فله حبس الثوب على استيفاء أجره فإن كانت الزيادة بقدر الأجر‏,‏ دفعت إليه وإن كانت أقل فله حبس الثوب على استيفاء قدر الزيادة‏,‏ ويضرب مع الغرماء بما بقي وإن كانت أكثر مثل أن تكون الزيادة درهمين‏,‏ والآخر درهم فله قدر أجره وما فضل للغرماء‏.‏

فصل‏:‏

الشرط الثاني‏,‏ أن لا يكون المبيع زاد زيادة متصلة كالسمن والكبر‏,‏ وتعلم الصناعة أو الكتابة أو القرآن ونحو ذلك واختلف المذهب في هذا فذهب الخرقي إلى أنها تمنع الرجوع وروى الميموني عن أحمد‏,‏ أنها لا تمنع وهو مذهب مالك والشافعي إلا أن مالكا يخير الغرماء بين أن يعطوه السلعة أو ثمنها الذي باعها به واحتجوا بالخبر‏,‏ وبأنه فسخ لا تمنع منه الزيادة المنفصلة فلا تمنعه المتصلة كالرد بالعيب‏,‏ وفارق الطلاق فإنه ليس بفسخ ولأن الزوج يمكنه الرجوع في قيمة العين‏,‏ فيصل إلى حقه تاما وهاهنا لا يمكنه الرجوع في الثمن ولنا أنه فسخ بسبب حادث فلم يملك به الرجوع في عين المال الزائدة زيادة متصلة‏,‏ كفسخ النكاح بالإعسار أو الرضاع ولأنها زيادة في ملك المفلس فلم يستحق البائع أخذها‏,‏ كالمنفصلة وكالحاصلة بفعله ولأن النماء لم يصل إليه من البائع‏,‏ فلم يستحق أخذه منه كغيره من أمواله وفارق الرد بالعيب لوجهين أحدهما‏,‏ أن الفسخ فيه من المشتري فهو راض بإسقاط حقه من الزيادة وتركها للبائع‏,‏ بخلاف مسألتنا والثاني أن الفسخ ثم لمعنى قارن العقد وهو العيب القديم‏,‏ والفسخ ها هنا لسبب حادث فهو أشبه بفسخ النكاح الذي لا يستحق به استرجاع العين الزائدة وقولهم‏:‏ إن الزوج إنما لم يرجع في العين لكونه يندفع عنه الضرر بالقيمة ـ لا يصح فإن اندفاع الضرر عنه بطريق آخر لا يمنعه من أخذ حقه من العين ولو كان مستحقا للزيادة لم يسقط حقه منها بالقدرة على أخذ القيمة‏,‏ كمشتري المعيب ثم كان ينبغي أن يأخذ قيمة العين زائدة لكون الزيادة مستحقة فلما لم يكن كذلك علم أن المانع من الرجوع كون الزيادة للمرأة‏,‏ وأنه لا يمكن فصلها فكذلك ها هنا بل أولى فإن الزيادة يتعلق بها حق المفلس والغرماء‏,‏ فمنع المشتري من أخذ زيادة ليست له أولى من تفويتها على الغرماء الذين لم يصلوا إلى تمام ديونهم والمفلس المحتاج إلى تبرئة ذمته عند اشتداد حاجته‏.‏