فصل: فصل: إن قال‏:‏ كشعر أمي أو سنها‏ أو ظفرها أو شبه شيئًا من ذلك من امرأته بأمه أو بعضو من أعضائها لم يكن مظاهرًا

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


فصل‏:‏

وإن قال‏:‏ أنت علي كأمي أو‏:‏ مثل أمي ونوى به الظهار فهو ظهار‏,‏ في قول عامة العلماء منهم أبو حنيفة وصاحباه والشافعي‏,‏ وإسحاق وإن نوى به الكرامة والتوقير أو أنها مثلها في الكبر أو الصفة‏,‏ فليس بظهار والقول قوله في نيته وإن أطلق فقال أبو بكر‏:‏ هو صريح في الظهار وهو قول مالك ومحمد بن الحسن وقال ابن أبي موسى‏:‏ فيه روايتان‏,‏ أظهرهما أنه ليس بظهار حتى ينويه وهذا قول أبي حنيفة والشافعي لأن هذا اللفظ يستعمل في الكرامة أكثر مما يستعمل في التحريم فلم ينصرف إليه بغير نية‏,‏ ككنايات الطلاق ووجه الأول أنه شبه امرأته بجملة أمه فكان مشبها لها بظهرها فيثبت الظهار كما لو شبهها به منفردا والذي يصح عندي في قياس المذهب‏,‏ أنه إن وجدت قرينة تدل على الظهار مثل أن يخرجه مخرج الحلف فيقول‏:‏ إن فعلت كذا فأنت علي مثل أمي أو قال ذلك حال الخصومة والغضب‏,‏ فهو ظهار لأنه إذا خرج مخرج الحلف فالحلف يراد للامتناع من شيء أو الحث عليه‏,‏ وإنما يحصل ذلك بتحريمها عليه ولأن كونها مثل أمه في صفتها أو كرامتها لا يتعلق على شرط فيدل على أنه إنما أراد الظهار‏,‏ ووقوع ذلك في حال الخصومة والغضب دليل على أنه أراد به ما يتعلق بأذاها ويوجب اجتنابها‏,‏ وهو الظهار وإن عدم هذا فليس بظهار لأنه محتمل لغير الظهار احتمالا كثيرا فلا يتعين الظهار فيه بغير دليل ونحو هذا قول أبي ثور وهكذا لو قال‏:‏ أنت علي كأمي أو‏:‏ مثل أمي أو قال‏:‏ أنت أمي أو‏:‏ امرأتي أمي مع الدليل الصارف له إلى الظهار‏,‏ كان ظهارا إما بنية أو ما يقوم مقامها وإن قال‏:‏ أمي امرأتي أو‏:‏ مثل امرأتي لم يكن ظهارا لأنه تشبيه لأمه ووصف لها‏,‏ وليس بوصف لامرأته‏.‏

الفصل الثالث‏:‏

أنه إذا قال‏:‏ أنت علي حرام فإن نوى به الظهار فهو ظهار في قول عامتهم وبه يقول أبو حنيفة‏,‏ والشافعي وإن نوى به الطلاق فقد ذكرناه في باب الطلاق وإن أطلق ففيه روايتان إحداهما‏,‏ هو ظهار ذكره الخرقي في موضع آخر ونص عليه أحمد في رواية جماعة من أصحابه وذكره إبراهيم الحربي عن عثمان وابن عباس‏,‏ وأبي قلابة وسعيد بن جبير وميمون بن مهران‏,‏ والبتي أنهم قالوا‏:‏ الحرام ظهار وروي عن أحمد ما يدل على أن التحريم يمين وروي عن ابن عباس أنه قال‏:‏ إن التحريم يمين في كتاب الله عز وجل‏,‏ قال الله عز وجل‏:‏ ‏{‏يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك‏}‏ ثم قال‏:‏ ‏{‏قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم‏}‏ وأكثر الفقهاء على أن التحريم إذا لم ينو به الظهار ليس بظهار وهو قول مالك وأبي حنيفة‏,‏ والشافعي ووجه ذلك الآية المذكورة وأن التحريم يتنوع منه ما هو بظهار وبطلاق وبحيض وإحرام وصيام‏,‏ فلا يكون التحريم صريحا في واحد منها ولا ينصرف إليه بغير نية كما لا ينصرف إلى تحريم الطلاق ووجه الأول‏,‏ أنه تحريم أوقعه في امرأته فكان بإطلاقه ظهارا كتشبيهها بظهر أمه وقولهم‏:‏ إن التحريم يتنوع قلنا‏:‏ إلا أن تلك الأنواع منتفية‏,‏ ولا يحصل بقوله منها إلا الطلاق وهذا أولى منه لأن الطلاق تبين به المرأة وهذا يحرمها مع بقاء الزوجية‏,‏ فكان أدنى التحريمين فكان أولى فأما إن قال ذلك لمحرمة عليه بحيض أو نحوه وقصد الظهار‏,‏ فهو ظهار وإن قصد أنها محرمة عليه بذلك السبب فلا شيء فيه وإن أطلق‏,‏ فليس بظهار لأنه يحتمل الخبر عن حالها ويحتمل إنشاء التحريم فيها بالظهار فلا يتعين أحدهما بغير تعيين‏.‏

فصل‏:‏

فإن قال‏:‏ الحل علي حرام أو‏:‏ ما أحل الله علي حرام أو‏:‏ ما أنقلب إليه حرام وله امرأة‏,‏ فهو مظاهر نص عليه أحمد في الصور الثلاث وذلك لأن لفظه يقتضي العموم فيتناول المرأة بعمومه وإن صرح بتحريم المرأة أو نواها‏,‏ فهو آكد قال أحمد في من قال‏:‏ ما أحل الله علي حرام من أهل ومال‏:‏ عليه كفارة الظهار هو يمين وتجزئه كفارة واحدة‏,‏ في ظاهر كلام أحمد هذا واختار ابن عقيل أنه يلزمه كفارتان للظهار ولتحريم المال لأن التحريم تناولهما وكل واحد منهما لو انفرد أوجب كفارة‏,‏ فكذلك إذا اجتمعا ولنا أنها يمين واحدة فلا توجب كفارتين كما لو تظاهر من امرأتين أو حرم من ماله شيئين وما ذكره ينتقض بهذا وفي قول أحمد‏:‏ هو يمين إشارة إلى التعليل بما ذكرناه لأن اليمين الواحدة لا توجب أكثر من كفارة وإن نوى بقوله‏:‏ ما أحل الله علي حرام وغيره من لفظات العموم المال‏,‏ لم يلزمه إلا كفارة يمين لأن اللفظ العام يجوز استعماله في الخاص وعلى الرواية الأخرى التي تقول‏:‏ إن الحرام بإطلاقه ليس بظهار لا يكون ها هنا مظاهرا إلا أن ينوي الظهار‏.‏

فصل‏:‏

وإن قال‏:‏ أنت علي كظهر أمي حرام فهو صريح في الظهار لا ينصرف إلى غيره سواء نوى الطلاق أو لم ينوه وليس فيه اختلاف بحمد الله لأنه صرح بالظهار‏,‏ وبينه بقوله‏:‏ حرام وإن قال‏:‏ أنت علي حرام كظهر أمي أو‏:‏ كأمي فكذلك وبه قال أبو حنيفة وهو أحد قولي الشافعي والقول الثاني إذا نوى الطلاق فهو طلاق وهو قول أبي يوسف ومحمد إلا أن أبا يوسف قال‏:‏ لا أقبل قوله في نفي الظهار ووجه قولهم‏,‏ أن قوله‏:‏ أنت علي حرام إذا نوى به الطلاق فهو طلاق وزيادة قوله‏:‏ كظهر أمي بعد ذلك لا ينفي الطلاق كما لو قال‏:‏ أنت طالق كظهر أمي ولنا‏,‏ أنه أتى بصريح الظهار فلم يكن طلاقا كالتي قبلها وقولهم‏:‏ إن التحريم مع نية الطلاق طلاق لا نسلمه وإن سلمناه لكنه فسر لفظه ها هنا بصريح الظهار بقوله‏,‏ فكان العمل بصريح القول أولى من العمل بالنية‏.‏

فصل‏:‏

وإن قال‏:‏ أنت طالق كظهر أمي طلقت وسقط قوله‏:‏ كظهر أمي لأنه أتى بصريح الطلاق أولا وجعل قوله‏:‏ كظهر أمي صفة له فإن نوى بقوله‏:‏ كظهر أمي تأكيد الطلاق‏,‏ لم يكن ظهارا كما لو أطلق وإن نوى به الظهار‏,‏ وكان الطلاق بائنا فهو كالظهار من الأجنبية لأنه أتى به بعد بينونتها بالطلاق وإن كان رجعيا كان ظهارا صحيحا ذكره القاضي وهو مذهب الشافعي لأنه أتى بلفظ الظهار في من هي زوجة وإن نوى بقوله‏:‏ أنت طالق الظهار‏,‏ لم يكن ظهارا لأنه نوى الظهار بصريح الطلاق وإن قال‏:‏ أنت علي كظهر أمي طالق وقع الظهار والطلاق معا سواء كان الطلاق بائنا أو رجعيا لأن الظهار سبق الطلاق‏.‏

فصل‏:‏

فإن قال‏:‏ أنت علي حرام ونوى الطلاق والظهار معا‏,‏ كان ظهارا ولم يكن طلاقا لأن اللفظ الواحد لا يكون ظهارا وطلاقا والظهار أولى بهذا اللفظ فينصرف إليه وقال بعض أصحاب الشافعي‏:‏ يقال له‏:‏ اختر أيهما شئت وقال بعضهم‏:‏ إن قال‏:‏ أردت الطلاق والظهار كان طلاقا لأنه بدأ به وإن قال‏:‏ أردت الظهار والطلاق‏,‏ كان ظهارا لأنه بدأ به فيكون ذلك اختيارا له ويلزمه ما بدأ به ولنا أنه أتى بلفظة الحرام ينوي بها الظهار‏,‏ فكانت ظهارا كما لو انفرد الظهار بنيته ولا يكون طلاقا لأنه زاحمت نيته نية الظهار‏,‏ وتعذر الجمع والظهار أولى بهذه اللفظة لأن معناهما واحد وهو التحريم‏,‏ فيجب أن يغلب ما هو الأولى أما الطلاق فإن معناه الإطلاق وهو حل قيد النكاح‏,‏ وإنما التحريم حكم له في بعض أحواله وقد ينفك عنه فإن الرجعية مطلقة مباحة وأما التخيير فلا يصح لأن هذه اللفظة قد ثبت حكمها حين لفظ بها لكونه أهلا والمحل قابلا ولهذا لو حكمنا بأنه طلاق‏,‏ لكانت عدتها من حين أوقع الطلاق وليس إليه رفع حكم ثبت في المحل باختياره وإبداله بإرادته‏,‏ والقول الآخر مبني على أن له الاختيار وهو فاسد على ما ذكرنا ثم إن الاعتبار بجميع لفظه لا بما بدأ به ولذلك لو قال‏:‏ طلقت هذه أو هذه لم يلزم طلاق الأولى‏.‏

الفصل الرابع‏:‏

أنه إذا شبه عضوا من امرأته بظهر أمه أو عضو من أعضائها‏,‏ فهو مظاهر فلو قال‏:‏ فرجك أو ظهرك‏,‏ أو رأسك أو جلدك علي كظهر أمي أو بدنها‏,‏ أو رأسها أو يدها فهو مظاهر وبهذا قال مالك وهو نص الشافعي وعن أحمد رواية أخرى‏,‏ أنه ليس بمظاهر حتى يشبه جملة امرأته لأنه لو حلف بالله لا يمس عضوا منها لم يسر إلى غيره فكذلك المظاهرة‏,‏ ولأن هذا ليس بمنصوص عليه ولا هو في معني المنصوص لأن تشبيه جملتها تشبيه لمحل الاستمتاع بما يتأكد تحريمه وفيه تحريم لجملتها‏,‏ فيكون آكد وقال أبو حنيفة‏:‏ إن شبهها بما يحرم النظر إليه من الأم كالفرج والفخذ‏,‏ ونحوهما فهو مظاهر وإن لم يحرم النظر إليه‏,‏ كالرأس والوجه لم يكن مظاهرا لأنه شبهها بعضو لا يحرم النظر إليه‏,‏ فلم يكن مظاهرا كما لو شبهها بعضو زوجة له أخرى ولنا أنه شبهها بعضو من أمه فكان مظاهرا‏,‏ كما لو شبهها بظهرها وفارق الزوجة فإنه لو شبهها بظهرها لم يكن مظاهرا والنظر إن لم يحرم‏,‏ فإن التلذذ يحرم وهو المستفاد بعقد النكاح‏.‏

فصل‏:‏

وإن قال‏:‏ كشعر أمي أو سنها‏,‏ أو ظفرها أو شبه شيئا من ذلك من امرأته بأمه أو بعضو من أعضائها لم يكن مظاهرا لأنها ليست من أعضاء الأم الثابتة‏,‏ ولا يقع الطلاق بإضافته إليها فكذلك الظهار وكذلك لو قال‏:‏ كزوج أمي فإن الزوج لا يوصف بالتحريم ولا هو محل للاستمتاع وكذلك الريق‏,‏ والعرق والدمع وإن قال‏:‏ وجهي من وجهك حرام فليس بظهار نص عليه أحمد‏,‏ وقال‏:‏ هذا شيء يقوله الناس ليس بشيء وذلك لأن هذا يستعمل كثيرا في غير الظهار ولا يؤدي معني الظهار‏,‏ فلم يكن ظهارا كما لو قال‏:‏ لا أكلمك‏.‏

فصل‏:‏

فإن قال‏:‏ أنا مظاهر أو على الظهار‏,‏ أو علي الحرام أو الحرام لي لازم ولا نية له لم يلزمه شيء لأنه ليس بصريح في الظهار‏,‏ ولا نوى به الظهار وإن نوى به الظهار أو اقترنت به قرينة تدل على إرادته الظهار مثل أن يعلقه على شرط‏,‏ فيقول‏:‏ علي الحرام إن كلمتك احتمل أن يكون ظهارا لأنه أحد نوعي تحريم الزوجة فصح بالكناية مع النية كالطلاق ويحتمل أن لا يثبت به الظهار لأن الشرع إنما ورد به بصريح لفظه‏,‏ وهذا ليس بصريح فيه ولأنه يمين موجبة للكفارة فلم يثبت حكمه بغير الصريح‏,‏ كاليمين بالله تعالى‏.‏

فصل‏:‏

يكره أن يسمى الرجل امرأته بمن تحرم عليه كأمه أو أخته‏,‏ أو بنته لما روى أبو داود بإسناده عن أبي تميمة الهجيمي ‏(‏أن رجلا قال لامرأته‏:‏ يا أخية فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ أختك هي فكره ذلك‏,‏ ونهى عنه‏)‏ ولأنه لفظ يشبه لفظ الظهار ولا تحرم بهذا ولا يثبت حكم الظهار فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يقل له‏:‏ حرمت عليك ولأن هذا اللفظ ليس بصريح في الظهار ولا نواه به فلا يثبت التحريم وفي الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن إبراهيم عليه السلام أرسل إليه جبار‏,‏ فسأله عنها يعني عن سارة فقال‏:‏ إنها أختي ولم يعد ذلك ظهارا‏.‏

الفصل الخامس‏:‏

أن المظاهر يحرم عليه وطء امرأته قبل أن يكفر وليس في ذلك اختلاف إذا كانت الكفارة عتقا أو صوما لقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا‏}‏ وقوله سبحانه‏:‏ ‏{‏فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا‏}‏ وأكثر أهل العلم على أن التكفير بالإطعام مثل ذلك وأنه يحرم وطؤها قبل التكفير منهم عطاء والزهري‏,‏ والشافعي وأصحاب الرأي وذهب أبو ثور إلى إباحة الجماع قبل التكفير بالإطعام وعن أحمد ما يقتضي ذلك لأن الله تعالى لم يمنع المسيس قبله كما في العتق والصيام ولنا ما روى عكرمة‏,‏ عن ابن عباس ‏(‏أن رجلا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال‏:‏ يا رسول الله إني تظاهرت من امرأتي فوقعت عليها قبل أن أكفر فقال‏:‏ ما حملك على ذلك‏,‏ يرحمك الله‏؟‏ قال‏:‏ رأيت خلخالها في ضوء القمر قال‏:‏ فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله‏)‏ رواه أبو داود والترمذي وقال‏:‏ حديث حسن ولأنه مظاهر لم يكفر‏,‏ فحرم عليه جماعها كما لو كانت كفارته العتق أو الصيام وترك النص عليها لا يمنع قياسها على المنصوص الذي في معناها.

فصل‏:‏

فأما التلذذ بما دون الجماع‏,‏ من القبلة واللمس والمباشرة فيما دون الفرج‏,‏ ففيه روايتان‏:‏ إحداهما يحرم وهو اختيار أبي بكر وهو قول الزهري ومالك والأوزاعي‏,‏ وأبي عبيد وأصحاب الرأي وروى ذلك عن النخعي وهو أحد قولي الشافعي لأن ما حرم الوطء من القول حرم دواعيه كالطلاق والإحرام والثانية‏,‏ لا يحرم قال أحمد‏:‏ أرجو أن لا يكون به بأس وهو قول الثوري وإسحاق وأبي حنيفة وحكي عن مالك وهو القول الثاني للشافعي لأنه وطء يتعلق بتحريمه مال‏,‏ فلم يتجاوزه التحريم كوطء الحائض‏.‏

فصل‏:‏ ولا يصح الظهار من أمته ولا أم ولده روي ذلك عن ابن عمر‏,‏ وعبد الله بن عمرو وسعيد بن المسيب ومجاهد‏,‏ والشعبي وربيعة والأوزاعي‏,‏ والشافعي وأبي حنيفة وأصحابه وروي عن الحسن وعكرمة‏,‏ والنخعي وعمرو بن دينار وسليمان بن يسار‏,‏ والزهري وقتادة والحكم‏,‏ والثوري ومالك في الظهار من الأمة كفارة تامة لأنها مباحة له‏,‏ فصح الظهار منها كالزوجة وعن الحسن والأوزاعي إن كان يطؤها فهو ظهار‏,‏ وإلا فلا لأنه إذا لم يطأها فهو كتحريم ماله وقال عطاء‏:‏ عليه نصف كفارة حرة لأن الأمة على النصف من الحرة في كثير من أحكامها وهذا من أحكامها فتكون على النصف ولنا قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏والذين يظاهرون من نسائهم‏}‏ فخصهن به ولأنه لفظ يتعلق به تحريم الزوجة‏,‏ فلا تحرم به الأمة كالطلاق ولأن الظهار كان طلاقا في الجاهلية‏,‏ فنقل حكمه وبقي محله قال أحمد‏:‏ قال أبو قلابة وقتادة‏:‏ إن الظهار كان طلاقا في الجاهلية وروي عن أحمد أن على المظاهر من أمته كفارة ظهار وقال أبو بكر‏:‏ لا يتوجه هذا على مذهبه لأنه لو كانت عليه كفارة ظهار كان ظهارا‏,‏ ولكن عليه كفارة يمين لأنه تحريم لمباح من ماله فكانت فيه كفارة يمين كتحريم سائر ماله قال نافع‏:‏ ‏(‏حرم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاريته‏,‏ فأمره الله أن يكفر يمينه‏)‏ ويحتمل أن لا يلزمه شيء بناء على قوله في المرأة إذا قالت لزوجها‏:‏ أنت علي كظهر أبي لا يلزمها شيء وإن قال لأمته‏:‏ أنت علي حرام فعليه كفارة يمين لقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك‏}‏ إلى قوله تعالى‏:‏ ‏{‏قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم‏}‏ نزلت في تحريم النبي -صلى الله عليه وسلم- لجاريته في قول بعضهم ويخرج على الرواية الأخرى أن تلزمه كفارة ظهار لأن التحريم ظهار والأول هو الصحيح -إن شاء الله تعالى-‏.‏

فصل‏:‏

ويصح الظهار مؤقتا‏,‏ مثل أن يقول‏:‏ أنت علي كظهر أمي شهرا أو حتى ينسلخ شهر رمضان فإذا مضى الوقت زال الظهار وحلت المرأة بلا كفارة‏,‏ ولا يكون عائدا إلا بالوطء في المدة وهذا قول ابن عباس وعطاء وقتادة‏,‏ والثوري وإسحاق وأبي ثور‏,‏ وأحد قولي الشافعي وقوله الآخر‏:‏ لا يكون ظهارا وبه قال ابن أبي ليلى والليث لأن الشرع ورد بلفظ الظهار مطلقا وهذا لم يطلق‏,‏ فأشبه ما لو شبهها بمن تحرم عليه في وقت دون وقت وقال طاوس‏:‏ إذا ظاهر في وقت فعليه الكفارة وإن بر وقال مالك‏:‏ يسقط التأقيت‏,‏ ويكون ظهارا مطلقا لأن هذا لفظ يوجب تحريم الزوجة فإذا وقته لم يتوقت كالطلاق ولنا حديث سلمة بن صخر وقوله‏:‏ ظاهرت من امرأتي حتى ينسلخ شهر رمضان وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أصابها في الشهر‏,‏ فأمره بالكفارة ولم يعتبر عليه تقييده ولأنه منع نفسه منها بيمين لها كفارة فصح مؤقتا كالإيلاء‏,‏ وفارق الطلاق فإنه يزيل الملك وهو يوقع تحريما يرفعه التكفير فجاز تأقيته ولا يصح قول من أوجب الكفارة وإن بر لأن الله تعالى إنما أوجب الكفارة على الذين يعودون لما قالوا‏,‏ ومن بر وترك العود في الوقت الذي ظاهر فلم يعد لما قال فلا تجب عليه كفارة وفارق التشبيه بمن لا تحرم على التأبيد لأن تحريمها غير كامل وهذه حرمها في هذه المدة تحريما مشبها بتحريم ظهر أمه على أننا نمنع الحكم فيها إذا ثبت هذا‏,‏ فإنه لا يكون عائدا إلا بالوطء في المدة وهذا هو المنصوص عن الشافعي وقال بعض أصحابه‏:‏ إن لم يطلقها عقيب الظهار فهو عائد عليه الكفارة وقال أبو عبيد‏:‏ إذا أجمع على غشيانها في الوقت لزمته الكفارة وإلا فلا لأن العود العزم على الوطء ولنا حديث سلمة بن صخر‏,‏ وأنه لم يوجب عليه الكفارة إلا بالوطء ولأنها يمين لم يحنث فيها فلا يلزمه كفارتها‏,‏ كاليمين بالله تعالى ولأن المظاهر في وقت عازم على إمساك زوجته في ذلك الوقت‏,‏ فمن أوجب عليه الكفارة بذلك كان قوله كقول طاوس فلا معني لقوله‏:‏ يصح الظهار مؤقتا لعدم تأثير الوقت‏.‏