فصل: اشتراط المشتري الخيار لغيره

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***


اشتراط المشتري الخيار لغيره

‏(‏قوله‏:‏ ولو شرط المشتري الخيار لغيره صح وأيهما أجاز أو نقض صح‏)‏ لأن شرط الخيار لغيره جائز استحسانا لا قياسا وهو قول زفر لأنه من مواجب العقد فلا يجوز اشتراطه لغيره كاشتراط الثمن على غير المشتري ولنا أن الخيار لغير العاقد لا يثبت إلا نيابة عن العاقد فيقدم الخيار له اقتضاء ثم يجعل هو نائبا عنه تصحيحا لتصرفه وحينئذ يكون لكل منهما الخيار فأيهما أجاز جاز وأيهما نقض انتقض ولو قال المصنف ولو شرط أحد المتعاقدين الخيار لأجنبي صح لكان أولى ليشمل ما إذا كان الشارط البائع أو المشتري وليخرج اشتراط أحدهما للآخر فإن قوله لغيره صادق بالبائع وليس بمراد ولذا قال في المعراج‏.‏ والمراد من الغير هنا غير العاقدين ليتأتى فيه خلاف زفر قيد بخيار الشرط لأن خيار العيب والرؤية لا يثبت لغير العاقدين كما في المعراج وأفاد كلامه أن أحدهما لو أجاز فقال الآخر لا أرضى فالبيع لازم ولو أمر وكيله بالبيع بشرط الخيار فباعه بلا شرط لم يجز ولو باع واشترط كما أمره فليس له أن يجيز على الآمر وللآمر الإجازة ولو وكله بشراء بشرط للآمر فاشترى ولم يشترطه نفذ عليه كذا في السراج الوهاج‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فإن أجاز أحدهما ونقض الآخر فالأسبق أحق‏)‏ لوجوده في زمان لا يزاحمه فيه غيره‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وإن كانا معا فالفسخ‏)‏ أي لو فسخ أحدهما وأجاز الآخر وخرجا منهما معا ترجح الفسخ على الإجازة لأن الفسخ أقوى لأن المجاز يلحقه الفسخ والمفسوخ لا تلحقه الإجازة ولما ملك كل منهما التصرف رجحنا بحال التصرف كذا في الهداية وأورد عليه لا نسلم أن المفسوخ لا تلحقه الإجازة فإنه ذكر في المبسوط أن الفسخ بحكم الخيار محتمل للفسخ في نفسه حتى لو تفاسخا ثم تراضيا على فسخ الفسخ وعلى إعادة العقد بينهما جاز وفسخ الفسخ ليس هو إلا إجازة البيع في المفسوخ وأجاب عنه في المعراج بأنه غير لازم لأنا نقول الإجازة لا ترد على المنتقض ولا إجازة فيما ذكرتم بل هو بيع ابتداء كذا في الفوائد الظهيرية وما ذكره المصنف من ترجيح الفسخ دون تصرف العاقد صححه قاضي خان معزيا إلى المبسوط وفي رواية الراجح تصرف العاقد لقوته لأن النائب يستفيد الولاية منه وقيل هو قول محمد وما في الكتاب قول أبي يوسف واستخرج ذلك بما إذا باع الوكيل من رجل والموكل من غيره معا فمحمد يعتبر فيه تصرف الموكل وأبو يوسف يعتبرهما كذا في الهداية وقيد بالوكيل بالبيع لأن الوكيل بطلاقها للسنة إذا طلقها الوكيل والموكل معا فالواقع طلاق أحدهما لا على التعيين وأجاب عنه في فتح القدير بأن الوكيل فيه سفير كالوكيل بالنكاح فكان الصادر من كل واحد منهما صادرا عن أصالة بخلاف الوكيل بالبيع ا هـ‏.‏ وفي الظهيرية وعن أبي يوسف في المنتقى وصيان يشتريان بشرط الخيار فأجاز أحدهما ونقض الآخر فإن الإجازة أولى ا هـ‏.‏ وفي المحيط وكيل اشترى بشرط الخيار لموكله بأمره أو بغير أمره إذا ادعى البائع رضا الآمر وأنكر الرجل فالقول للوكيل بلا يمين لأن البائع يدعي سقوط الخيار ووجوب الثمن وهو ينكر ولا يمين لأنه دعوى على الآمر دون العاقد والآمر لو أنكر لا يستحلف وكيله لأنه نائب عن العاقد في الحقوق وليس بأصيل وإن ادعى الرضا على الوكيل يحلف لأن الدعوى توجهت عليه وإن أقام بينة على رضا الآمر قبلت لأن الوكيل ينتصب خصما عن الآمر لأنه ادعى حقا على الحاضر وهو سقوط الخيار بسبب ادعائه على الغائب ا هـ‏.‏ وأشار المؤلف بكون الاشتراط للغير اشتراطا لنفسه إلى أنه لو أمره ببيع ماله بشرط الخيار له فباع وشرطه للآمر لم يكن مخالفا وعلى عكسه يكون مخالفا لأنه أمره ببيع لا يزيل الملك بدون رضاه وأن لا يكون للمأمور فيه رأي وتدبير، ويكون الرأي والتدبير فيه للآمر أصلا وله تبعا وما فعله بعكسه فإن شرط الخيار للآمر ثم أجاز هو البيع جاز عليه دون الآمر وخيار الآمر باق حتى لو أجاز كان له وإنه فسخ يلزم الوكيل لأن الخيار ثبت للآمر بالشرط فصار كخيار العيب إذا ثبت بالعقد‏.‏ والوكيل بالشراء إذا وجد عيبا بالمبيع ورضي به نفذ فيما بينه وبين البائع وخيار البائع على حاله فإن رضي به لزمه وإن رد لزم الوكيل فكذا هذا كذا في المحيط ثم اعلم أن التصرفين إذا صدرا معا فقد علم الحكم في باب الخيار وأما تصرف الموكل مع تصرف الوكيل فظاهر ما قدمناه أنه إن كان الوكيل أصيلا في الحقوق نفذ كل منهما في النصف وإن كان نائبا فيها نفذ واحد لا على التعيين وأما إذا صدرا من فضوليين فلا كلام في التوقف على إجازة من له الإجازة وإنما الكلام فيما لو أجيزا قالوا يثبت الأقوى فلو باع فضولي وزوج آخر ترجح البيع فتصير مملوكة لا زوجة ولو استويا فإن كانا نكاحين بطلا وإن كانا بيعين تنصف والبيع أقوى من الهبة والإجازة والرهن والنكاح إلا هبة لا تبطل بالشيوع فإنهما سواء والهبة والرهن أقوى من الإجارة وسيأتي في بيع الفضولي بقية مسائله إن شاء الله تعالى‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ومن باع عبدين على أنه بالخيار في أحدهما إن فصل وعين صح وإلا فلا‏)‏ شروع في بيان ما إذا كان المبيع متعددا وحاصلها أنها رباعية فالصحة في واحدة وهو ما إذا فصل له ثمن كل منهما وعين من فيه الخيار منهما لأن المبيع معلوم والثمن معلوم وقبول العقد في الذي فيه الخيار وإن كان شرطا لانعقاده في الآخر ولكن هذا غير مفسد للعقد لكونه محلا للبيع كما إذا جمع بين قن ومدبر والفساد في ثلاثة‏:‏ الأولى إذا لم يفصل الثمن ولم يعين محل الخيار لجهالتهما‏.‏ الثانية‏:‏ فصل ولم يعين محله لجهالة المبيع‏.‏ والثالثة‏:‏ عين محله ولم يفصل الثمن لجهالة الثمن والأصل فيه أن الذي فيه الخيار كالخارج عن العقد إذ العقد مع الخيار لا ينعقد في حق الحكم فبقي الداخل فيه أحدهما وهو غير معلوم وإنما جاز البيع في القن إذا ضم إلى مدبر أو مكاتب أو أم ولد وبيعا صفقة وإن لم يفصل الثمن على الأصح لأن المانع من حكم العقد فيما نحن فيه مقارن للعقد لفظا ومعنى فأثر الفساد وفيما ذكر المانع مقارن معنى لا لفظا لدخولهم في البيع حتى لو قضى به قاض يجوز لكن لم يثبت الحكم لحق محترم واجب الصيانة فأثر الفساد كذا في المعراج وفي ضم أم الولد والمكاتب إلى المدبر في جواز القضاء ببيعه نظر فإن الصحيح أنه ينفذ في المدبر فقط‏.‏ وفي فتح القدير وعلى ما ذكر هنا يتفرع ما في فتاوى قاضي خان باع عبدين على أنه بالخيار فيهما وقبضهما المشتري ثم مات أحدهما لا يجوز البيع في الباقي وإن تراضيا على إجازته لأن الإجازة حينئذ بمنزلة ابتداء العقد في الباقي بالحصة ولو قال البائع في هذه المسألة نقضت البيع في هذا أو في أحدهما كان لغوا كأنه لم يتكلم وخياره فيهما باق كما كان كما لو باع عبدا واحدا وشرط الخيار لنفسه فنقض البيع في نصفه ا هـ‏.‏ وهكذا في الظهيرية وتقييده بالبائع اتفاقي إذ لو شرط للمشتري كان كذلك صحة وفسادا وأراد بالعبدين القيميين احترازا عن قيمي ومثليين إذ في القيمي الواحد إذا شرط الخيار في نصفه يصح مطلقا وفي المثليين كذلك لعدم التفاوت كما ذكره الشارح ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وصح خيار التعيين فيما دون الأربعة‏)‏ وهو أن يبيع أحد العبدين أو الثلاثة أو أحد الثوبين أو الثلاثة على أن يأخذ المشتري واحدا والقياس الفساد كالأربعة لجهالة المبيع وهو قول زفر وجه الاستحسان إن شرع الخيار للحاجة إلى دفع الغبن ليختار ما هو الأرفق والأوفق والحاجة إلى هذا النوع من البيع متحققة لأنه يحتاج إلى اختيار من يثق به أو اختيار من يشتريه لأجله ولا يمكنه البائع من الحمل إليه إلا بالبيع فكان في معنى ما ورد به الشرع غير أن هذه تندفع بالثلاث لوجود الجيد والوسط والرديء فيها والجهالة لا تفضي إلى المنازعة في الثلاثة لتعيين من له الخيار وكذا في الأربعة إلا أن الحاجة إليها غير متحققة والرخصة ثبوتها بالحاجة وكون الجهالة موجودة غير مفضية إلى المنازعة فلا يثبت بأحدهما أطلقه فشمل ما إذا كان للبائع أو للمشتري وهو المذكور في المأذون وهو الأصح ذكره في شرح التلخيص وفي جامع الفصولين يجوز خيار التعيين في جانب البائع كما لا يجوز في جانب المشتري‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الظهيرية وللبائع أن يلزم أيهما شاء على المشتري فإن هلك أحدهما في يد البائع فله أن يلزمه الباقي لا الهالك ولو حدث في أحدهما عيب في يد البائع فله أن يلزمه السليم وليس له أن يلزمه المعيب إلا برضا المشتري فإن ألزمه المعيب ولم يرض به ليس له أن يلزمه الآخر بعد ذلك، ولو قبضهما المشتري وخيار التعيين للبائع فهلك فالبيان بحاله ا هـ‏.‏ وأما إذا كان الخيار للمشتري فالبيع لازم في أحدهما إلا أن يكون معه خيار شرط وما هو مبيع مضمون بالثمن وغير المبيع أمانة فلو اشترى ثلاثة أثواب وعين لكل ثمنا على أن له خيار التعيين فاحترق ثوبان ونصف الثالث رد النصف الباقي ولا شيء عليه من ضمان النصف المحترق وضمن نصف ثمن المحترقين ولو كانا ثوبان فاحترق نصف كل معا رد أيهما شاء بغير ضمان وضمن ثمن الآخر‏.‏ ولو احترق أحدهما ونصف الآخر لزمه ثمن المحترق لتعينه مبيعا ورد الآخر بغير ضمان ويسقط خيار التعيين بما يسقط به خيار الشرط وإذا بيع أحدهما أو هلك تعين هو مبيعا والآخر أمانة ولو هلكا معا ضمن نصف ثمن كل واحد منهما ولو اختلفا في الهالك أولا تحالفا على العلم على قول الإمام الأول ثم رجع إلى قوله الثاني من أن القول للمشتري مع يمينه وبينة البائع أولى ولو تعيبا معا فالخيار بحاله وإن على التعاقب تعين الأول مبيعا وإن اختلفا في الأول فعلى ما ذكرنا ولو باعهما المشتري ثم اختار أحدهما صح بيعه فيه ولو صبغ المشتري أحدهما تعين هو مبيعا ورد الآخر ولو أعتقهما البائع عتق الذي يرد عليه وإن كان أعتق ما اختاره المشتري للبيع لم يصح إعتاقه ولو استولدهما المشتري تعينت الأولى للبيع وضمن عقر الأخرى للبائع‏.‏ ولا يثبت نسب ولدها منه لعدم الملك ويؤمر المشتري بالبيان أيتهما استولدها أولا فإن مات قبل البيان فخيار التعيين للورثة فإن لم تعرف الورثة الأول منهما ضمن المشتري نصف ثمن كل واحدة منهما ونصف عقرهما للبائع ويسعيان في نصف قيمتهما للبائع وروي أن الولدين يسعيان أيضا في نصف قيمتهما للبائع ولو وطئهما البائع والمشتري فولدتا وادعى كل واحد منهما الولدين صدق المشتري في التي وطئها أولا وضمن عقر الأخرى ويثبت نسب الأخرى من البائع لأنه استولد جارية نفسه ويضمن البائع عقر الأخرى للمشتري وإن ماتا قبل البيان ولم تعلم ورثة المشتري الأول منهما لم يثبت نسب الولد من أحد لوقوع الشك وعتقوا وضمن المشتري نصف ثمن كل واحدة منهما ونصف عقرها للبائع والبائع يضمن نصف عقر كل واحدة للمشتري ويتقاصان وولاؤهم بينهما وقيل لا ولاء على الولدين‏.‏ كذا في الظهيرية ثم قال بعده ويجوز خيار التعيين في الفاسد أيضا إلا أن هاهنا ما يتعين للبيع كان مضمونا بالقيمة والباقي كما قلنا في الجائز وإن ماتا معا ضمن نصف قيمة كل واحد منهما ولو أعتقهما المشتري عتق أحدهما والتعيين إليه ولو أعتق أحدهما المشتري بعينه أو باعه جاز وعليه قيمته ولا يجوز إعتاق المبهم لا من البائع ولا من المشتري لأن العتق المبهم بين المملوكين للمعتق ولم يوجد ولو أعتق البائع أحدهما بعينه ثم أعتق المشتري ذلك أو عينه للبيع أو مات فعتق البائع باطل ولو رد ذلك على البائع صح عتقه ولو كان أعتقهما وردا عليه عتق أحدهما والتعيين إليه ا هـ‏.‏ وقيدوا صورة خيار التعيين بأن يقول على أن تأخذ أيهما شئت لأنه لو لم يذكر هذه الزيادة وقال بعتك أحد هذين العبدين فقبل يكون فاسدا لجهالة المبيع فإن قبضهما وماتا عنده ضمن نصف قيمة كل واحد منهما وإن مات أحدهما قبل صاحبه لزمه قيمة الآخر كذا في المحيط وتقدم تفاريعه ولم يذكر المؤلف خيار الشرط مع خيار التعيين للاختلاف فقيل يشترط أن يكون فيه خيار الشرط مع خيار التعيين وهو المذكور في الجامع الصغير قال شمس الأئمة وهو الصحيح فإذا ذكرا فله ردهما في المدة وإذا مضت لزم في أحدهما وله التعيين وقيل لا وهو المذكور في الجامع الكبير وصححه فخر الإسلام فيكون ذكره في الجامع الصغير وفاقا لا شرطا ورجحه في فتح القدير ولكن ذكر قاضي خان أن الاشتراط قول أكثر المشايخ وإذا لم يذكر خيار الشرط على هذا القول فلا بد من تأقيت خيار التعيين بالثلاث عنده وبأي مدة معلومة كانت عندهما كذا في الهداية وذكر في المحيط أنه لا يتأقت عنده بالثلاث فيجوز إلى أربعة عنده وفيها ثم ذكر في بعض النسخ اشترى ثوبين وفي بعضها اشترى أحد الثوبين وهو الصحيح لأن المبيع في الحقيقة أحدهما والآخر أمانة والأول تجوز واستعارة ا هـ‏.‏ وفي فتح القدير وإذا أقت خيار التعيين وكان فيه خيار الشرط فمضت المدة حتى انبرم في أحدهما ولزم التعيين أن يتقيد التعيين بثلاثة أيام من ذلك الوقت وحينئذ فإطلاق الطحاوي قوله‏:‏ خيار الشرط مؤقت بالثلاث في قوله غير مؤقت بها عندهما وخيار الشرط مؤقت فيه نظر ا هـ‏.‏ وذكر الشارح أنه إذا لم يذكر خيار الشرط فلا معنى لتأقيت خيار التعيين بخلاف خيار الشرط فإن التأقيت فيه يفيد لزوم العقد عند مضي المدة وفي خيار التعيين لا يمكن ذلك لأنه لازم في أحدهما قبل مضي الوقت ولا يمكن تعيينه بمضي الوقت بدون تعيينه فلا فائدة لشرط ذلك والذي يغلب على الظن أن التوقيت لا يشترط فيه‏.‏ ا هـ‏.‏ ويمكن أن يراد قسم آخر وهو ارتفاع العقد فيهما بمضي المدة من غير تعيين بخلاف مضيها في خيار الشرط فإنه إجازة ليكون لكل خيار ما يناسبه وأطلق في محل الخيار وقيده في البدائع بالأشياء المتفاوتة كالعبيد والثياب فعلى هذا لا يدخل خيار التعيين في المثليات من جنس واحد لأنه لا فائدة له لعدم التفاوت فيها وأما ما يبطل هذا الخيار وهو نوعان اختياري وضروري والاختياري نوعان صريح وما يجري مجراه فالاختياري اخترت هذا أو شئته أو رضيت به أو أجزته وما يجري مجراه وأما الاختياري دلالة فهو أن يوجد منه فعل في أحدهما يدل على تعيين الملك فيه كما قدمناه في خيار الشرط وأما الضروري فهلاك أحدهما بعد القبض وتعيبه وأما إذا تعيبا لم يتعين أحدهما للبيع وللمشتري أن يأخذ أيهما شاء بثمنه لكن ليس له ردهما للزوم البيع في أحدهما بتعيبهما في يده وبطل خيار الشرط وهذا يؤيد قول من يقول بأن فيه خيارين‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو اشتريا على أنهما بالخيار فرضي أحدهما لا يرده الآخر‏)‏ عند أبي حنيفة وقالا له أن يرده وعلى هذا الخلاف خيار العيب والرؤية كذا في الهداية وخصه في البناية بما إذا كان بعد القبض أما قبله فليس له الرد يعني اتفاقا، لهما أن إثبات الخيار لهما إثباته لكل واحد منهما فلا يسقط بإسقاط صاحبه لما فيه من إبطال حقه وله أن المبيع خرج عن ملكه غير معيب بعيب الشركة فلو رده أحدهما لرده معيبا به وفيه إلزام ضرر زائد وليس من ضرورة إثبات الخيار لهما الرضا برد أحدهما لتصور اجتماعهما على الرد وقوله رضا أحدهما لا يرده الآخر اتفاقي إذ لو رد أحدهما لا يجيزه الآخر ولم أره صريحا ولكن قولهم لو رده أحدهما لرده معيبا يدل عليه وكذا قوله اشتريا إذ لو باعا ليس لأحدهما الانفراد إجازة أو ردا لما في الخانية رجل اشترى عبدا من رجلين صفقة واحدة على أن البائعين بالخيار فرضي أحدهما بالبيع ولم يرض الآخر لزمهما البيع في قول أبي حنيفة ا هـ‏.‏ وأشار إلى أن البيع لو كان متعددا والخيار لأحدهما ليس له أن يجيز في البعض ويرد في البعض وكذا لو كان واحدا فأجاز من له الخيار في النصف ورده في النصف كما قدمناه وصرح به في الخانية لكن ذكروه فيما إذا كان الخيار للبائع ولا فرق بينهما‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو اشترى عبدا على أنه خباز أو كاتب فكان بخلافه أخذه بكل الثمن أو تركه‏)‏ لأن هذا وصف مرغوب فيه فيستحق بالعقد بالشرط ثم فواته يوجب التخيير لأنه ما رضي به دونه وهذا يرجع إلى اختلاف النوع لقلة التفاوت في الأغراض ولا يفسد بعدمه العقد بمنزلة وصف الذكورة والأنوثة في الحيوانات فصار كفوات وصف السلامة وإذا أخذه أخذ بجميع الثمن لأن الأوصاف لا يقابلها شيء من الثمن لكونها تابعة في العقد على ما عرف وفي المعراج قوله على أنه خباز أي عبد حرفته هكذا لأنه لو فعل هذا الفعل أحيانا لا يسمى خبازا وفي الذخيرة قال محمد في الزيادات فإن قبضه المشتري فوجده كاتبا أو خبازا على أدنى ما ينطلق عليه الاسم لا يكون له حق الرد لا النهاية في الجودة ومعنى أدنى ما ينطلق عليه الاسم أن يفعل من ذلك ما يسمى به الفاعل خبازا أو كاتبا لأن كل واحد لا يعجز في العادة من أن يكتب على وجه تتبين حروفه وأن يخبز مقدار ما يدفع الهلاك عن نفسه وبذلك لا يسمى خبازا ولا كاتبا ا هـ‏.‏ وفي فتح القدير لو مات هذا المشتري انتقل الخيار إلى وارثه إجماعا لأنه في ضمن ملك العين‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الذخيرة فلو امتنع الرد بسبب من الأسباب رجع المشتري على البائع بحصته من الثمن فيقوم العبد كاتبا أو غير كاتب وينظر إلى تفاوت ما بينهما فإن كان بقدر العشر رجع بعشر الثمن وفي رواية لا رجوع بشيء ولكن ما ذكر في ظاهر الرواية أصح ولو وقع الاختلاف بين البائع والمشتري في هذه الصورة بعدما مضى حين من وقت البيع فقال المشتري لم أجده كاتبا وقال البائع إني سلمته إليك كذلك ولكنه نسي عندك وقد ينسى ذلك في تلك المدة فالقول للمشتري لأن الاختلاف وقع في وصف عارض إذ الأصل عدم الكتابة والخبز والأصل أن القول قول من يدعي الأصل وأن العدم أصل في الصفات العارضة والوجود أصل في الصفات الأصلية فالقول للمشتري في عدم الخبز والكتابة لأنهما من الصفات العارضة والقول للبائع في أنها بكر لأنها صفة أصلية وتمامه في فتح القدير وكتبناه في القواعد في قاعدة أن اليقين لا يزول بالشك وفي تلخيص الجامع من باب الإقرار بالعيب لو باعه ثوبا على أنه هروي ثم اختلفا في كونه هرويا فالقول للبائع لأن البائع لما قال بعتكه على أنه هروي فقبل المشتري صار كأنه أعاد في الإيجاب فصار كأنه قال اشتريته على أنه هروي فكان مقرا بكونه هرويا فدعواه بعد خلافه تناقض بخلاف ما إذا قال بعتكه على أنه كاتب فقبل فالقول للمشتري لأن الاختلاف فيه في المقبوض وتمامه في شرحه للفارسي‏.‏ وفي النوازل اشترى جارية على أنها عذراء فعلم المشتري أنها ليست كذلك فإن علم بالوطء فإن زايلها عند علمه بلا لبث لم تلزمه وإلا لزمته ولو اشترى بقرة على أنها حبلى فولدت عنده فشرب اللبن وأنفق عليها فإنه يردها والولد وما شرب من اللبن ولا شيء له مما أنفق لأن البيع وقع فاسدا فكانت في ضمانه والنفقة عليه ولو اشترى شاة على أنها نعجة فإذا هي معز يجوز البيع وله الخيار لأن حكمهما واحد في الصدقات وكذا لو اشترى بقرة فإذا هي جاموس‏.‏ وفي المجتبى عن جمع البخاري الأصل فيه أن الإشارة مع التسمية إذا اجتمعتا وإن كان المشار إليه من خلاف جنس المسمى فالعقد فاسد وإن كان من جنسه فالعقد جائز ثم إن كان المشار إليه دون المسمى كان الخيار للمشتري وإلا فلا والثياب أجناس والذكر مع الأنثى في بني آدم جنسان حكما وفي سائر الحيوانات جنس واحد وإذا كان المشار إليه من خلاف جنس المسمى فإنها يتعلق العقد بالمسمى إذا لم يعلم المشتري به أما إذا علم به فالعقد يتعلق بالمشار إليه كمن قال بعتك هذا الحمار وأشار إلى العبد فإنه يصح ولو اشترى ثوبا على أنه هروي فإذا هو بلخي فالبيع فاسد عندنا وكذا على أنه أبيض فإذا هو مصبوغ أو على أنه مصبوغ بعصفر فإذا هو بزعفران، أو دارا على أن بناءها آجر فإذا هو لبن أو على أن لا بناء أو لا نخل فيها فإذا فيها بناء أو نخل أو أرضا على أن أشجارها كلها مثمرة فإذا فيها غير مثمر فسد البيع ولو اشترى جارية على أنها مولودة الكوفة فإذا هي مولودة بغداد أو غلاما على أنه تاجر أو كاتب أو غيره فإذا هو لا يحسنه أو على أنه فحل فإذا هو خصي أو على عكسه أو على أنها بغلة فإذا هو بغل أو على أنها ناقة فإذا هو جمل أو على أنها لحم معز فإذا هو لحم ضأن أو على أن هذا الحيوان حامل فوجدها غير حامل جاز البيع وله الخيار وكذا في أمثالها ولو اشترى على أنه بغل فإذا هي بغلة أو حمار ذكر فإذا هو أتان أو جارية على أنها رتقاء أو ثيب فوجدها خلاف ذلك إلى خير جاز البيع ولا خيار له فيه ولا في أمثاله إذا وجده على صفة خير من المشروطة‏.‏ ولو باع دارا بما فيها من الجذوع والأبواب والخشب والنخيل فإذا ليس فيها شيء من ذلك لا خيار للمشتري وفي المحيط اشترى شاة أو ناقة أو بقرة على أنها حامل فسد البيع إلا في رواية الحسن‏.‏ والأصح في الأمة جوازه أو على أنها حلوب أو لبون أو على أنها تحلب كذا أو تضع بعد شهر يفسد إلى هنا كلام المعراج‏.‏ وذكر بعضه في فتح القدير ثم قال وينبغي في مسألة البعير والناقة أن يكون في العرب والبوادي الذين يطلبون الدر والنسل أما أهل المدن والمكارية فالبعير أفضل‏.‏ ا هـ‏.‏ وصحح قاضي خان أنه لو باع جارية على أنها حامل أن البيع جائز لأنه بمنزلة شرط البراءة من العيب إلا أن يكون في بلد يرغبون في شراء الجواري لأجل الأولاد واختلفوا فيما إذا باع جارية على أنها ذات لبن فقيل لا يجوز والأكثر على الجواز ولو اشترى فرسا على أنها هملاج جاز لأن الهملاج لا يصير غير هملاج وفي البدائع اشترى جارية على أنها مغنية إن شرطه على وجه الرغبة فيه فسد البيع لكونه شرط ما هو محظور محرم وإن شرط في البيع على وجه التبري من العيب لا يفسد فإذا لم يجدها مغنية لا خيار له لأنه وجدها سالمة من العيب ولو باع جارية على أنها ما ولدت فظهر أنها ولدت فله ردها ولو اشترى ثوبا على أنه مصبوغ بالعصفر فإذا هو أبيض جاز البيع ويخير بخلاف عكسه فإنه يفسد ولو اشترى كرباسا على أن سداه ألف فإذا هو ألف ومائة سلم الثوب إلى المشتري لأنه زيادة وصف ولو اشترى ثوبا على أنه سداسي فإذا هو خماسي خير المشتري إن شاء أخذه بجميع الثمن وإن شاء ترك لأنه اختلاف نوع لا جنس فلا يفسده ولو باع ثوبا على أنه خز فإذا لحمته خز وسداه قطن جاز البيع لأن السدى تبع للحمة ولو اشترى سويقا على أن البائع لته بمن من سمن وتقابضا والمشتري ينظر إليه فظهر أنه لته بنصف من جاز البيع ولا خيار للمشتري لأنه هذا مما يعرف بالعيان فإذا عاينه انتفى الغرور وهو كما لو اشترى صابونا على أنه متخذ من كذا جرة من الدهن ثم ظهر أنه متخذ من أقل من ذلك والمشتري كان ينظر إلى الصابون وقت الشراء‏.‏ وكذا لو اشترى قميصا على أنه اتخذ من عشرة أذرع وهو ينظر إليه فإذا هو من تسعة جاز البيع ولا خيار للمشتري ولو باع أرضا على أنها غير خراجية فإذا هي خراجية فسد البيع وينبغي أن يكون الجواب على التفصيل إن علم المشتري أنها أرض خراج فسد البيع وإن لم يكن عالما بذلك جاز البيع ويخير المشتري اشترى قلنسوة على أن حشوها قطن فلما فتقها المشتري وجدها صوفا اختلفوا والصحيح جواز البيع والرجوع بالنقصان لأن الحشو تبع وتغير التبع لا يفسد ا هـ‏.‏ ما في الخانية والهملاج قال في المصباح هملج البرذون هملجة مشى مشية سهلة في سرعة وقال في مختصر العين الهملجة حسن سير الدابة وكلهم قالوا في اسم الفاعل هملاج بكسر الهاء للذكر والأنثى بمقتضى أن اسم الفاعل لم يجئ على قياسه وهو مهملج ا هـ‏.‏ اعلم أن اشتراط الوصف المرغوب فيه إما أن يكون صريحا أو دلالة لما في البدائع في خيار العيب والجهل بالطبخ والخبز في الجارية ليس بعيب لكونه حرفة كالخياطة إلا أن يكون ذلك شرطا في العقد وإن لم يكن مشروطا في العقد وكانت تحسن الطبخ والخبز في يد البائع ثم نسيت في يده فاشتراها فوجدها لا تحسن ذلك ردها لأن الظاهر أنه لما اشتراها رغبة في تلك الصفة فصارت مشروطة دلالة وهو كالمشروط نصا‏.‏ ا هـ‏.‏ والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب‏.‏