فصل: الجزء السادس

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***


بسم الله الرحمن الرحيم

باب خيار الشرط

من إضافة الشيء إلى سببه لأن الشرط سبب للخيار وفي المصباح الخيار الاختيار وفسره في فتح الباري بالتخيير بين الإمضاء والفسخ وهو ثابت بالنص على غير القياس وحين ورد بالنص به جعلناه داخلا على الحكم مانعا له تقليلا لعمله بقدر الإمكان ولم نجعله داخلا على أصل البيع للنهي عن بيع بشرط البيع الذي شرط فيه الخيار يقال فيه علة اسما ومعنى لا حكما وللخالي عنه علة اسما ومعنى وحكما قال أهل الأصول الموانع خمسة مانع يمنع انعقاد العلة وهو حرية المبيع فلم ينعقد في الحر لعدم المحل ومانع يمنع تمامها كبيع مال الغير ومانع يمنع ابتداء الحكم وهو خيار الشرط ومانع يمنع تمامه كخيار الرؤية للمشتري ومانع يمنع لزومه كخيار العيب وقد حققنا في شرحنا على المنار أن تقسيمهم الموانع مبني على قول ضعيف للأصوليين وهو جواز تخصيص العلل وأما على الصحيح من أنه لا يجوز تخصيصها فلا مانع لها أصلا ففي كل موضع عدم الحكم فإنما هو لعدم العلة فتخلف الملك مع شرط الخيار إنما هو لعدم العلة لأنه البيع بلا خيار وقولهم فيما فيه خيار علة اسما ومعنى لا حكما مجاز على الصحيح لأن الموجود فيه شطر العلة لا كلها لأنها لا تتم إلا بأوصاف ثلاثة أن تكون موضوعة وأن تكون مؤثرة وأن يوجد الحكم عقبها بلا تراخ فما دام الخيار باقيا لم تتم العلة فإذا سقط تمت وتمامه في تقرير الأكمل في بحث تقسيم العلة إلى سبعة والخيارات في البيع لا تنحصر في الثلاثة كما قدمناه بل هي ثلاثة عشر خيارا والرابع خيار الغبن وسنتكلم عليه في المرابحة حيث ذكروه هناك والخامس خيار الكمية وقدمناه أول البيوع والسادس خيار الاستحقاق وسيأتي في باب خيار العيب والسابع خيار كشف الحال كما قدمناه والثامن خيار تفرق الصفقة بهلاك البعض قبل القبض وسيأتي أيضا والتاسع خيار إجازة عقد الفضولي والعاشر خيار فوات الوصف المشروط المستحق بالعقد كاشتراطه الكتابة والحادي عشر خيار التعيين الثاني عشر في المرابحة خيار الخيانة الثالث عشر من الخيارات خيار نقد الثمن وعدمه كما يأتي في هذا الباب‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ صح للمتبايعين أو لأحدهما ثلاثة أيام‏)‏ أي جاز للبائع وللمشتري معا أو لأحدهما في المدة المذكورة والظاهر أن الضمير يعود إلى الخيار وفي الوقاية والنقاية صح خيار الشرط فأبرزه والأولى ما في الإصلاح صح شرط الخيار لأن الموصوف بالصحة شرط الخيار لا نفس الخيار والأصل في ثبوته ما رواه ابن ماجه في سننه‏:‏ «أن حبان بن منقذ بن عمرو كان رجلا قد أصابته آمة في رأسه فكسرت أسنانه وكان لا يدع على ذلك التجارة فكان لا يزال يغبن فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك فقال له إذا أنت بايعت فقل لا خلابة ثم أنت في كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلاث ليال فإذا رضيت فأمسك وإن سخطت فارددها على صاحبها» وحبان بفتح الحاء المهملة والباء الموحدة والخلابة الخداع وفائدة قوله لا خلابة أي لا خديعة في الدين لأن الدين النصيحة وللإعلام بأنه ليس من ذوي البصائر بالسلع فالواجب نصيحته فلا تخدعوه بشيء اعتمادا على معرفته بل انصحوه لأنه ليس عالما بها كذا في فتح الباري والآمة شجة تصيب أم الرأس وكان حبان ألثغ باللام فكان يقول لا خذابة فقوله‏:‏ «إذا بايعت» شامل للبائع والمشتري وبه اندفع قول سفيان الثوري إنه لا يجوز إلا للمشتري عملا بحديث الحاكم فجعل له الخيار فيما اشتراه ولأنه إنما جاز للحاجة إلى دفع الغبن بالتروي وهما فيها سواء وفي الخانية إذا شرط الخيار لهما لا يثبت حكم العقد أصلا‏.‏ ا هـ‏.‏ وقيد بقوله للمتبايعين الدال على أن الشرط كان بعد العقد أو مقارنا للاحتراز عما إذا كان قبله فلو قال جعلتك بالخيار في البيع الذي نعقده ثم اشترى مطلقا لم يثبت كما في التتارخانية وأطلقه فشمل البيع الفاسد فهو كالصحيح يثبت فيه خيار الشرط ولما كان خلاف الأصل فإذا اختلفا في اشتراطه فالقول لمن أنكره عند الإمام في ظاهر الرواية وعند محمد القول لمدعيه والبينة للآخر كذا في الخانية وشمل ما إذا شرطاه وقت العقد أو ألحقاه به فلو قال أحدهما بعد البيع ولو بأيام جعلتك بالخيار ثلاثة أيام صح إجماعا فلو شرطاه بعده أزيد من الثلاثة فسد العقد عنده خلافا لهما كما لو ألحقا بالبيع شرطا فاسدا فإنه يلتحق ويفسد العقد عنده وعندهما لا يفسد ويبطل الشرط وفي جامع الفصولين هو يصح في ثمانية أشياء في بيع وإجارة وقسمة وصلح عن مال بعينه وبغير عينه وكتابة وخلع وعتق على مال لو شرط للمرأة والقن ولو شرط الخيار للراهن جاز لا للمرتهن إذ له نقض الرهن متى شاء بلا خيار ولو كفل بنفس أو مال وشرط الخيار للمكفول له أو للكفيل جاز‏.‏ ا هـ‏.‏ ويصح شرط الخيار في الإبراء بأن قال أبرأتك على أني بالخيار ذكره فخر الإسلام من بحث الهزل ويصح أيضا اشتراطه في تسليم الشفعة بعد طلب المواثبة ذكره فيه أيضا ويصح اشتراطه في الحوالة أيضا وفي الوقف على قول أبي يوسف وينبغي صحته في المزارعة والمعاملة لأنها إجارة فهي خمسة عشر موضعا ولا يصح في النكاح والطلاق واليمين والنذر والإقرار بعقد والصرف والسلم والوكالة علله قاضي خان بأنه إنما يدخل في لازم يحتمل الفسخ وفي الولوالجية اشترى عبدا واشترط أن للمشتري خيار يومين بعد شهر رمضان والشراء في آخر رمضان فهو جائز ويكون له الخيار ثلاثة أيام اليوم الآخر من رمضان ويومين بعده لأنه سكت عن الخيار يوم العقد وأمكن تصحيح هذا العقد ولعل تصحيح هذا العقد باشتراط الخيار يوم العقد ويومين بعد رمضان ولو قال البائع للمشتري لا خيار لك في رمضان فالبيع فاسد لأنه تعذر تصحيح العقد‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي فتح القدير لو قال له أنت بالخيار فله خيار المجلس فقط ولو قال إلى الظهر فعند أبي حنيفة يستمر إلى أن يخرج وقت الظهر وعندهما لا تدخل الغاية ا هـ‏.‏ وكذا إلى الليل أو إلى ثلاثة أيام يدخل ما بعد إلى وشمل ما إذا شرطاه في كل المبيع أو بعضه لما في السراجية اشترى مكيلا أو موزونا أو عبدا وشرط الخيار له في نصفه أو ثلثه أو ربعه جاز مذكورة في الزيادات‏.‏ ا هـ‏.‏ وسيأتي حكم ما إذا كان المبيع متعددا فجعل الخيار في البعض وهو خيار التعيين وفي التتارخانية وإذا اشترطه المشتري له في الثمن أو في المبيع كان له الخيار فيهما‏.‏ ا هـ‏.‏ ولو اشترى عبدا بألف درهم على أن المشتري بالخيار فأعطاه بها مائة دينار ثم فسخ البيع فعن أبي يوسف الصرف جائز ويرد الدراهم والصرف باطل على قول أبي حنيفة كذا في التتارخانية فإن قلت‏:‏ قد صرح فيه أنه لو أطلق الخيار فسد البيع ولا شك أن قوله أنت بالخيار أو لك الخيار إطلاق فما التوفيق قلت‏:‏ قد صور في الولوالجية والخلاصة مسألة أنت بالخيار أنه باع بلا خيار ثم لقيه بعد مدة فقال له أنت بالخيار فله الخيار ما دام في المجلس بمنزلة قوله لك الإقالة بخلاف ما إذا أطلقاه وقت العقد وفي الخانية ابتداء التأجيل في البيع بثمن مؤجل بخيار من وقت سقوطه لا من وقت العقد سواء كان الخيار للبائع أو للمشتري وللشفيع الطلب وقت العقد حيث علم لا وقت السقوط ويطلب في بيع الفضولي وقت الإجازة وفي البيع الفاسد حين انقطاع الاسترداد وفي الهبة بشرط العوض روايتان في رواية يطلب عند القبض وفي رواية عند العقد وهو الصحيح ولو كان الخيار للبائع فصالحه المشتري على معين لإمضاء البيع صح ويكون زيادة في الثمن وكذا لو كان الخيار للمشتري فصالحه البائع على إسقاطه فحط عنه من الثمن كذا أو زاده عرضا جاز ا هـ‏.‏ فلو صالح البائع على إبطال البيع ويعطيه مائة ففعل انفسخ البيع ولا شيء له كذا في التتارخانية وأطلق في المتبايعين فشمل الأصيل والنائب فصح للوكيل والوصي كما في الخانية ولو أمره ببيع مطلق فعقد بخيار له أو للأمر أو لأجنبي صححاه ولو أمره ببيع بخيار للآمر فشرط لنفسه لا يجوز وإن كان اشتراط الخيار لنفسه اشتراطا للآمر لأن الآمر إذا أمره ببيع لا يكون للمأمور فيه رأي وتدبير ويكون للآمر كله وفيما يفعله يكون له رأي ويكون للآمر بطريق التبعية فيكون مخالفا ولو أمره بشراء بخيار للآمر فاشتراه بدون الخيار نفذ الشراء عليه دون الآمر للمخالفة بخلاف ما إذا أمره ببيع خيار فباع باتا حيث يبطل البيع أصلا كذا في الولوالجية فإن قلت‏:‏ هل يصح تعليق إبطاله وإضافته قلت‏:‏ قال في الخانية لو قال من له الخيار إن لم أفعل كذا اليوم فقد أبطلت خياري كان باطلا ولا يبطل خياره وكذا لو قال في خيار العيب إن لم أرده اليوم فقد أبطلت خياري ولم يرده اليوم لا يبطل خياره ولو لم يكن كذلك ولكن قال أبطلت غدا أو قال أبطلت خياري إذا جاء غد فجاء غد ذكر في المنتقى أنه يبطل خياره قال وليس هذا كالأول لأن هذا وقت يجيء لا محالة بخلاف الأول ا هـ‏.‏ فقد سووا بين التعليق والإضافة في المحقق مع أنهم لم يسووا بينهما في الطلاق والعتاق وفي التتارخانية لو كان الخيار للمشتري فقال‏:‏ إن لم أفسخ اليوم فقد رضيت وإن لم أفعل كذا فقد رضيت لا يصح ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو أكثر لا‏)‏ أي لا يصح اشتراطه أكثر من ثلاثة أيام عند أبي حنيفة وقالا يجوز إذا سمى مدة معلومة لحديث ابن عمر أنه عليه السلام أجاز الخيار إلى شهرين وله أنه مخالف لمقتضى العقد وهو اللزوم ثبت نصا على خلاف القياس في المدة المذكورة للتروي وهو يحصل فيها فلا حاجة إلى ما زاد عليها ويدل عليه حديث عبد الرزاق‏:‏ «أن رجلا اشترى من رجل بعيرا وشرط عليه الخيار أربعة أيام فأبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيع»‏.‏ وأما حديث ابن عمر فلم يعرف ولأنه جزء الدعوى لأنها جوازه أكثر من ثلاثة أيام طالت المدة أو قصرت وهو يقيد بمدة خاصة ولأنه يحتمل خيار الشرط وخيار الرؤية والعيب فلا يكون حجة وإطلاق المدة عنده كاشتراط الأكثر في عدم الجواز وإفساد البيع ولو قال المؤلف ولو أكثر أو مؤبدا أو مطلقا أو مؤقتا بوقت مجهول لكان أولى لأن البيع فاسد في هذه كلها كما في التتارخانية وهكذا إذا كان المبيع مما لا يتسارع إليه الفساد فإن كان مما يتسارع فحكمه في الخانية قال اشترى شيئا يتسارع إليه الفساد على أنه بالخيار ثلاثة أيام فالقياس لا يجبر المشتري على شيء وفي الاستحسان يقال للمشتري إما أن تفسخ البيع وإما أن تأخذ المبيع ولا شيء عليك من الثمن حتى تجيز البيع أو يفسد المبيع عندك دفعا للضرر من الجانبين وهو نظير ما لو ادعى في يد رجل شراء شيء يتسارع إليه الفساد كالسمكة الطرية وجحد المدعى عليه وأقام المدعي البينة ويخاف فسادها في مدة التزكية فإن القاضي يأمر مدعي الشراء أن ينقد الثمن ويأخذ السمكة ثم القاضي يبيعها من آخر ويأخذ ثمنها ويضع الثمن الأول والثاني على يد عدل فإن عدلت يقضي لمدعي الشراء بالثمن الثاني ويدفع الثمن الأول للبائع ولو ضاع الثمنان عند العدل يضيع الثمن الثاني من مال مدعي الشراء لأن بيع القاضي كبيعه وإن لم تعدل البينة فإنه يضمن قيمة السمكة للمدعى عليه لأن البيع لم يثبت وبقي أخذ مال الغير بجهة البيع فيكون مضمونا عليه بالقيمة ا هـ‏.‏ وفي الظهيرية ولو اشترى بيضا أو كفريا على أن البائع بالخيار فخرج الفرخ أو صار الكفري ثمرا بطل البيع لأنه لو بقي لبقي مع الخيار ولو بقي معه لم يقدر البائع على إجازته وإن أبى المشتري لكون المبيع صار شيئا آخر ولو باع قصيلا فلم يقبضه حتى صار حبا يبطل البيع في قول أبي حنيفة وفي قول أبي يوسف لا يبطل‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الخانية اشترى شيئا في رمضان على أنه بالخيار ثلاثة أيام بعد شهر رمضان فسد العقد في قول أبي حنيفة لأن عنده ما قبل الشهر يكون داخلا في الخيار فيصير بمنزلة شرط الخيار أربعة أيام فيفسد العقد عنده وقال محمد له الخيار في رمضان وثلاثة أيام بعد رمضان ويجوز البيع وكذا لو كان الخيار للبائع على هذا الوجه ولو شرط المشتري على البائع فقال لا خيار لك في رمضان ولك الخيار ثلاثة أيام بعد مضي رمضان فسد البيع عند الكل لأنه لا وجه إلى تصحيح هذا العقد‏.‏ ا هـ‏.‏ والإجارة كالبيع قال في البزازية استأجر على أنه بالخيار ثلاثة أيام يجوز وعلى أكثر على الخلاف‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي آخر إجارات الذخيرة قبيل الشفعة اشتراط الخيار في غير العقد لا يفسده وإن زاد على الثلاثة إجماعا ا هـ‏.‏ فهذا مما خالف فيه الإجارة البيع فإنهما إذا شرطاه بعد العقد أكثر من ثلاثة فسد البيع كما قدمناه وأما اشتراطه في الخلع فقدمناه في بابه أنه يصح اشتراطه لها أكثر من ثلاثة أيام عنده ويصح اشتراطه في الكفالة أكثر من ثلاثة ويصح اشتراطه للمحتال وهما في البزازية وأما اشتراطه في الوقف فجائز عند أبي يوسف بناء على أصله من اشتراط الغلة لنفسه ولما أفتوا بقوله هناك فينبغي أن يفتى به أيضا في جواز اشتراطه وقدمناه في الوقف وفي المعراج خذه وانظر إليه اليوم فإن رضيته أخذته بعشرة فهو خيار ولو باع على أن له أن يغله ويستخدمه جاز وهو على خياره وعلى أن يأكل من ثمره لا يجوز لأن الثمر له حصة من الثمن‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الذخيرة وكذلك لو قال هو بيع لك إن شئت اليوم كان بيعا بخيار‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فإذا أجاز في الثلاث صح‏)‏ لزوال المفسد قبل تقرره فانقلب صحيحا والضمير يعود إلى من له الخيار وقد اختلفوا في صفة العقد فقيل انعقد فاسدا ثم يعود صحيحا بزوال المفسد وهو قول العراقيين وعند الخراسانيين موقوف على إسقاط الشرط فبمضي جزء من الرابع يفسد فلا ينقلب صحيحا وهذا الطريق هي الأوجه واختارها الإمام السرخسي وفخر الإسلام وغيرهما من مشايخ ما وراء النهر كما في الفوائد الظهيرية والذخيرة ولكن الأول ظاهر الرواية وفي الخانية فإن أسقط الخيار في الأيام الثلاثة أو أعتق العبد أو مات العبد أو المشتري أو أحدث به ما يوجب لزوم البيع ينقلب البيع جائزا في قول أبي حنيفة ويلزمه الثمن وإن حدث عند المشتري في الأيام الثلاثة عيب إن كان عيبا يحتمل زواله في مدة الخيار كالمرض لا يبطل خياره إلا أنه لا يملك الرد قبل زوال العيب وإن حدث به ما لا يحتمل الزوال لزمه البيع‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي المعراج لو شرط الخيار أبدا أو مطلقا أو مؤقتا بوقت مجهول فسد بالإجماع وأما في أربعة أيام ونحوها فكذلك عند أبي حنيفة ولو كان الخيار إلى قدوم فلان أو إلى هبوب الريح فأسقطاه لم يجز البيع عند أبي يوسف ولو شرط الخيار لنفسه بعد شهر جاز عند أبي يوسف في الشهر وله الخيار بعده يوما كذا في المجتبى ولم أرهم ذكروا للاختلاف السابق ثمرة وينبغي أنه لو كان عبدا فأعتقه قبل قبضه لم يصح على القول بانعقاده فاسدا ويصح على القول بالوقف وظاهر الخانية أنه ينقلب جائزا بالإعتاق فلم تظهر الثمرة ويمكن أن يقال تظهر في حل مباشرته وحرمتها كما لا يخفى وفي الإسبيجابي الأصل عند أصحابنا الثلاثة أن الفساد على ضربين فساد قوي دخل في صلب العقد وهو البدل أو المبدل وفساد ضعيف لم يدخل في صلب العقد وإنما دخل في شرط مستعار زائدا على العقد فالأول لا ينقلب إلى الجواز برفع المفسد كما إذا باع بألف درهم ورطل من خمر ثم حط عن المشتري الخمر لا ينقلب إلى الجواز وأما الفساد الضعيف فكمسألة الكتاب وأما إذا باع إلى الحصاد أو الدياس ثم أبطل صاحب الأجل الأجل أو نقد الثمن انقلب إلى الجواز ولو مضت المدة المجهولة تأكد ومن الثاني اشتراطه في عقد السلم فإن أبطله من له الخيار قبل التفرق صح إن كان رأس المال قائما ا هـ‏.‏

‏(‏فرع‏)‏ لا يصح تعليق خيار الشرط بالشرط فلو باعه حمارا على أنه إن لم يجاوز هذا النهر فرده يقبله وإلا لا لم يصح وكذا إذا قال ما لم يجاوز به إلى الغد كذا في القنية‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو باع على أنه إن لم ينقد الثمن إلى ثلاثة أيام فلا بيع صح وإلى أربعة لا‏)‏ أي لا يصح يعني عندهما وقال محمد يجوز إلى ما سمياه والأصل فيه أن هذا في معنى اشتراط الخيار إذ الحاجة مست إلى الانفساخ عند عدم النقد تحرزا عن المماطلة في الفسخ فيكون ملحقا به فالإمام رحمه الله تعالى مر على أصله في الملحق به ونفي الزيادة على الثلاثة‏.‏ وكذا محمد في تجويز الزيادة وأبو يوسف أخذ في الأصل بالأثر وفي هذا بالقياس وفي هذه المسألة قياس آخر وإليه مال زفر وهو أنه بيع بشرط شرط فيه إقالة فاسدة لتعلقها بالشرط واشتراط الصحيح منها فيه مفسد فاشتراط الفاسد أولى وجه الاستحسان ما بينا كذا في الهداية وما ذكره من أن أبا يوسف مع الإمام قوله الأول وقد رجع عنه والذي رجع إليه أنه مع محمد كذا في غاية البيان وفي شرح المجمع الأصح أنه مع أبي حنيفة وكثير من المشايخ حكموا على قوله بالاضطراب وظاهر هذا الشرط أن المشتري إن لم ينقد الثمن في المدة فإن البيع ينفسخ لقوله فلا بيع بينهما ولذا قال في المحيط وينفسخ البيع إن لم ينقد فإن كان المبيع عبدا قد أعتقه أو باعه ثم لم ينقد الثمن حتى مضت الثلاثة نفذ عتقه وبيعه لأن هذا بمعنى شرط الخيار لأن الإجازة والفسخ تعلقا بفعل المشتري وهو النقد في الثلاثة وترك النقد فيها ولو أعتقه أو باعه في خيار الشرط يلزم البيع فكذا هذا ولو أعتقه بعد مضي الثلاثة ولم ينقد الثمن‏.‏ لم يذكره في ظاهر الرواية وذكر في النوادر وقال إن كان قبل القبض لا ينفذ عتقه وبعد القبض ينفذ ويجعل البيع فاسدا بمضي ثلاثة أيام متى ترك النقد ولم يجعله مفسوخا لأن قوله إن لم أنقد إلى ثلاثة أيام فلا بيع بيننا توقيت للبيع وليس بفسخ له نصا فمتى ترك النقد في الثلاثة صار كأنه قال بعتك هذا العبد إلى ثلاثة أيام فيكون توقيتا للبيع وهو لا يقبل التوقيت فصار بمنزلة شرط فاسد فيفسد البيع ا هـ‏.‏ وهذا ما قاله في الفوائد الظهيرية هنا مسألة لا بد من حفظها هي أنه إذا لم ينقد الثمن إلى ثلاثة أيام يفسد البيع ولا ينفسخ حتى لو أعتقه المشتري وهو في يده نفذ لا إن كان في يد البائع ا هـ‏.‏ وقد علمت أنها رواية النوادر وفي الخانية ولو مضت الثلاثة ولم ينقده أشار في المأذون إلى أنه ينفسخ البيع والصحيح أنه يفسد ولا ينفسخ حتى لو أعتقه بعد الأيام الثلاثة نفذ إن كان في يده وعليه قيمته لا إن كان في يد البائع ا هـ‏.‏ والخلاف السابق فيما لو شرط الخيار أكثر من ثلاثة ثابت هنا فيفسد عنده ويرتفع بالنقد قبل مضي اليوم الثالث على ما ذهب إليه العراقيون وموقوف على ما ذهب إليه الخراسانيون كذا في الذخيرة وأشار المصنف إلى جواز هذا الشرط للبائع وفي الذخيرة وإذا باع عبدا ونقد الثمن على أن البائع إن رد الثمن إلى ثلاثة فلا بيع بينهما كان جائزا وهو بمعنى شرط الخيار للبائع ا هـ‏.‏ فإن أعتقه البائع صح إعتاقه وإن أعتقه المشتري لا يصح كذا في الخانية والعجب أن في مسألة الكتاب المنتفع بهذا الشرط هو البائع مع أنهم جعلوا الخيار للمشتري باعتبار أنه المتمكن من إمضاء البيع بالنقد ومن فسخه بعدمه وفي عكسه المنتفع بهذا الشرط هو المشتري مع أنهم جعلوا الخيار للبائع باعتبار أن البائع متمكن من الفسخ إن رد الثمن في المدة ومن الإمضاء إن لم يرده وفي الذخيرة والخانية ولو اشترى عبدا وقبضه وكل المشتري رجلا على أنه إن لم ينقد الثمن إلى خمسة عشر يوما فإن الوكيل يفسخ العقد بينهما جاز البيع لأن الشرط لم يكن في البيع فيجوز البيع ويصح الشرط حتى لو لم ينقد الثمن إلى خمسة عشر يوما كان للوكيل أن يفسخ وفي الخانية اشترى جارية على أنه إن لم ينقد الثمن إلى ثلاثة أيام فلا بيع بينهما وقبض المشتري فباع ولم ينقد الثمن حتى مضت الأيام الثلاثة جاز بيع المشتري وللبائع الأول على المشتري الأول الثمن كما لو باع بشرط الخيار للمشتري ثلاثة أيام وكذا لو قتلها المشتري في الأيام الثلاثة أو ماتت أو قتلها أجنبي خطأ وغرم القيمة لزم البيع ولو كان المشتري وطئها وهي بكر أو ثيب أو جنى عليها أو حدث بها عيب لا بفعل أحد ثم مضت الأيام الثلاثة قبل أن ينقد الثمن خير البائع إن شاء أخذها مع النقصان ولا شيء له من الثمن وإن شاء ترك وأخذ ثمنها ا هـ‏.‏ وفي المحيط لو قطع المشتري يدها وقبضها بعد الثلاثة ولم ينقد الثمن خير البائع إن شاء سلمها له وإن شاء أخذها ونصف الثمن وفي التتارخانية لو قطعها أجنبي في الثلاثة فقد لزم البيع ا هـ‏.‏ ثم قال في المحيط فإن كان أفتضها ضمنه من الثمن ما نقصها ولو ولدت بعد الثلاثة وماتت كان البائع بالخيار إن شاء أخذ الولد وضمنه حصتها من الثمن وإن شاء سلم الولد بالثمن مع أمه لأن البيع لا ينفسخ لعدم النقد في الثلاثة ما دام الولد قائما في يد المشتري لأن الزيادة المنفصلة مانعة من الانفساخ إلا أنه مات الأصل وبقي التبع فله أن يختار التبع بحصته من الثمن ولو كان الثمن عرضا أو عبدا أو حدث ذلك كله في الثلاث ثم مضت الثلاث فما يمنع الفسخ إذا كان الثمن دراهم يمنعه هنا وما لا فلا وما أثبت الخيار هناك أثبته هنا ولو مضت الثلاثة ثم حدث ذلك كله فهو مثل الإقالة لأنه لما مضت الثلاثة انتقض البيع وعاد كل عرض إلى ملك صاحبه ا هـ‏.‏ ثم اعلم بأن بالقاهرة بيعا يسمى بيع الأمانة كما ذكره الزيلعي ويسمى أيضا الرهن المعاد كما في الملتقط وسماه الفقهاء بيع الوفاء ويذكرونه في موضع من ثلاثة فمنهم كالبزازي من ذكره في البيع الفاسد ومنهم من ذكره هنا عند الكلام على خيار النقد كقاضي خان ومنهم من ذكره في الإكراه كالزيلعي وذكره هنا أنسب لأنه من أفراد مسألة خيار النقد‏.‏ وصورته أن يقول البائع للمشتري بعت منك هذا العين بدين لك علي على أني متى قضيت الدين فهو لي أو يقول البائع بعتك هذا بكذا على أني متى دفعت لك الثمن تدفع العين إلي فقد اختلفوا فيه على ثمانية أقوال مذكورة في البزازية الأول ما اختاره صاحب المنظومة أنه رهن حقيقة فلا يملكه المشتري ولا ينتفع به إلا بإذن البائع ويضمن ما أكل من نزله وما أتلف من الشجرة ويسقط الدين بهلاكه ولا يضمن ما زاد كالأمانة ويسترد عند قضاء الدين الثاني أنه بيع صحيح باتفاق مشايخ الزمان للعرف وما يفعله البائع من التعمير وأداء الخراج فهو بطريق الرضا لا الجبر كما لا يجبر على ترك الوفاء وجعله باتا وللمشتري المطالبة بالثمن فإن انهدمت الدار لا يجبر البائع على رد الثمن‏.‏ وكذا إذا كان المبيع عينا هلك فإنه يتم الأمر ولا سبيل لأحدهما على الآخر وذكر الزيلعي أن الفتوى على أنه بيع جائز مفيد لبعض أحكامه من حل الانتفاع به إلا أنه لا يملك بيعه للغير الثالث ما اختاره قاضي خان وقال الصحيح أنه إن وقع بلفظ البيع لا يكون رهنا ثم إن شرطا فسخه في العقد أو تلفظا بلفظ البيع بشرط الوفاء أو تلفظا بالبيع وعندهما هذا البيع غير لازم فالبيع فاسد وإن ذكرا البيع بلا شرط ثم شرطاه على وجه المواعدة جاز البيع ولزم الوفاء وقد يلزم الوعد لحاجة الناس فرارا من الربا فبلخ اعتادوا الدين والإجارة وهي لا تصح في الكروم وبخارى الإجارة الطويلة ولا يكون ذلك في الأشجار فاضطروا إلى بيعها وفاء وما ضاق على الناس أمر إلا اتسع حكمه وقد نص في غريب الرواية عن الإمام أن البيع لا يكون تلجئة حتى ينص عليها في العقد وهي والوفاء واحد الرابع ما قاله في العدة واختاره ظهير الدين أنه بيع فاسد ولو ألحقاه بالبيع التحق وأفسده ولو بعد المجلس على الصحيح ولو شرطاه ثم عقدا مطلقا إن لم يقرا بالبناء على الأول فالعقد جائز ولا عبرة بالسابق كما في التلجئة عند الإمام الخامس ما اختاره أئمة خوارزم أنه إذا أطلق البيع لكن وكل المشتري وكيلا يفسخ البيع إذا أحضر البائع الثمن أو عهد أنه إذا أوفاه يفسخ البيع والثمن لا يعادل المبيع وفيه غبن فاحش أو وضع المشتري على أصل المال ربحا بأن وضع على مائة عشرين دينارا فرهن وإلا فبيع بات‏.‏ القول السادس ما اختاره الإمام الزاهد أن الشرط إذا لم يذكر في البيع كان بيعا صحيحا في حق المشتري حتى ملك الإنزال ورهنا في حق البائع فلم يملك المشتري تحويل يده وملكه إلى غيره وأجبر على الرد إذا أحضر الدين لأنه كالزرافة مركب من البيع والرهن ككثير من الأحكام له حكمان كالهبة حال المرض وبشرط العوض فجعلناه كذلك لحاجة الناس إليه فرارا عن الربا فبلخ اعتادوا الدين والإجارة وهي لا تصح في الكروم‏.‏ وأهل بخارى اعتادوا الإجارة الطويلة ولا تمكن في الأشجار فاضطروا إلى بيعها وفاء وما ضاق على الناس أمر إلا اتسع حكمه‏.‏ وقد نص في غريب الرواية عن الإمام أن البيع لا يكون تلجئة حتى ينص عليها في العقدة وهي والوفاء واحد واختار الصدر الشهيد تاج الإسلام والإمام المرغيناني والإمام علاء الدين المعروف ببدر أن البيع بشرط الرد عند نقد الثمن أن المشتري يملكه وقال الإمام علاء الدين يملكه انتفاعا فإن باعه المشتري من غيره أجابوا سوى علاء الدين بصحة البيع الثاني لأنه سلمه البائع الأول إلى المشتري برضاه القول السابع أنه غير صحيح واختاره صاحب الهداية وأولاده ومشايخ زماننا وعليه الفتوى أعني لا يملك المشتري بيعه من الغير كما في بيع المكره لا كالبيع الفاسد بعد القبض وسئل الصدر عنه بأنه يجعل فاسدا ويمنع من الاسترداد بعد البيع من غيره كالفاسد وإن قضى الدين‏.‏ قال هذا كبيع المشتري من المكره قيل له فإن أكل المشتري غلة الكرم والأرض والدار قال حكمه حكم الزوائد في البيع الفاسد يعني أنه يضمنه إذا استهلكه ولا يغرم إن هلك كزوائد المغصوب القول الثامن الجامع لبعض المحققين أنه فاسد في حق بعض الأحكام حتى ملك كل منهما الفسخ وصحيح في حق بعض الأحكام كحل الإنزال ومنافع البيع ورهن في حق البعض حتى لم يملك المشتري بيعه من آخر ولا رهنه ولم يملك قطع الشجر ولا هدم البناء وسقط الدين بهلاكه وانقسم الثمن إن دخله نقصان كما في الرهن‏.‏ قلت‏:‏ هذا العقد مركب من العقود الثلاثة كالزرافة فيها صفة البعير والبقر والنمر جوز لحاجة الناس إليه بشرط سلامة البدلين لصاحبهما ا هـ‏.‏ وفي المستطرف الزرافة حيوان عجيب الخلقة ولما كان مألوفها الشجر خلق الله يديها أطول من رجليها وهي ألوان عجيبة يقال إنها متولدة من ثلاث حيوانات الناقة الوحشية والضبع والبقرة الوحشية فينزو الضبع على الناقة فتأتي بذكر فينزو ذلك الذكر على البقرة فتتولد منه الزرافة والأصح أنه خلقة بذاته ذكر وأنثى كبقية الحيوانات وقد فرع في البزازية فروعا كثيرة يحتاج إليها في بيع الوفاء تركناها خوفا من الإطالة وينبغي أن لا يعدل في الإفتاء عن القول الجامع‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فإن نقد في الثلاث صح‏)‏ يعني في قولهم جميعا وقدمنا صفة انعقاده في الابتداء إما فاسد أو موقوف كما في خيار الشرط ولم أر ثمرة للاختلاف فإنه إذا أسقطه قبل دخول الرابع جاز اتفاقا وإن دخل تقرر فساده اتفاقا ولعل الثمرة تظهر في حل الإقدام عليه وعدمه ويمكن أن يقال في ثبوت الملك بالقبض فمن قال بفساده أثبته ومن قال بالوقف نفاه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وخيار البائع يمنع خروج المبيع عن ملكه‏)‏ لأن تمام هذا السبب بالمراضاة فلا يتم مع الخيار فينفذ عتق البائع ولا يملك المشتري التصرف فيه وإن قبضه بإذن البائع ودل كلامه على أن خيار المشتري يمنع خروج الثمن عن ملكه للعلة المذكورة وأن الخيار إذا كان لهما لم يخرج المبيع عن ملك البائع ولا الثمن عن ملك المشتري وفي البدائع إن حكم البيع بخيار موقوف على معنى أنه لا يعرف له حكم للحال والخيار مانع من انعقاد الحكم وفي المعراج إلا أن السبب المنعقد في الأصل يسري إلى الزوائد المتصلة والمنفصلة لكونه محلا له عند وجود الشرط فكما يثبت الحكم في الأصل يثبت في الزوائد ا هـ‏.‏ يعني فالأصل وإن بقي على ملك من له الخيار لا يملك الزوائد إذا أجيز البيع وفي الخانية أن الأولاد والأكساب فيما إذا كان الخيار للبائع تدور مع الأصل فإن أجيز كانت للمشتري وإن فسخ كانت للبائع وإن كان الخيار للمشتري فحدثت عند البائع فكذا الجواب وإن حدثت عند المشتري كانت له تم البيع أو انتقض قيل هذا قولهما أما على قوله فهي دائرة مع الأصل‏.‏ وفي جامع الفصولين لو كان الخيار إلى البائع فسلم المبيع إلى المشتري فلو سلمه على وجه التمليك بطل خياره لا لو سلمه على وجه الاختيار ولو حط عنه شيئا من الثمن فعلى قياس مسألة الإبراء ينبغي أن يبطل خياره ا هـ‏.‏ وقال قبله باع بخيار فوهب ثمنه للمشتري في المدة أو أبرأه عن ثمنه أو شرى به شيئا من المشتري صح تصرفه وبطل خياره ولو اشترى من غير المشتري شيئا بذلك الثمن بطل خياره ولم يجز شراؤه ا هـ‏.‏ وكتبنا في الفوائد من الفائدة الرابعة أن خيار الشرط في البيع يمنع الحكم ولا يبطل البيع إلا في مسألة ما إذا شرط الخيار في بيع الفضولي فإنه مبطل البيع ولا يتوقف لأن الخيار له بدون الشرط فيكون الشرط مبطلا كذا في فروق الكرابيسي وفيها أيضا من الحادية والخمسين بعد المائتين لا يصح الإبراء عن الدين قبل لزوم أدائه إلا في مسائل فلينظر ثمة وإذا كان الخيار للبائع فإنه يملك مطالبة المشتري بالثمن بخلاف ما إذا كان للمشتري كما في جامع الفصولين‏.‏ وإن هلك في يد البائع انفسخ البيع ولا شيء عليهما كما في المطلق عنه وإن تعيب في يد البدائع فهو على خياره لأن ما انتقص بغير فعله لا يكون مضمونا عليه ولكن المشتري يتخير إن شاء أخذه بجميع الثمن وإن شاء فسخ كما في البيع المطلق وإن كان العيب بفعل البائع ينتقص البيع فيه بقدره لأن ما يحدث بفعله يكون مضمونا عليه وتسقط به حصته من الثمن كذا ذكر الشارح ثم اعلم أن الخيار إذا كان للبائع ثم أجازه فالملك للمشتري يقتصر على وقت الإجازة ولا يستند إلى وقت العقد لما في الخانية رجل اشترى ابنه من رجل على أن البائع بالخيار ثم مات المشتري فأجاز البائع عتق الابن ولا يرث أباه ا هـ‏.‏ فعدم إرثه دليل على الاقتصار ولكن عتقه يدل على الاستناد وإلا لم يعتق كما لا يخفى‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وبقبض المشتري يهلك بالقيمة‏)‏ لأن البيع ينفسخ بالهلاك لأنه كان موقوفا ولا نفاذ بدون المحل فبقي مقبوضا بيده على سوم الشراء وفيه القيمة كذا في الهداية والمراد بالقيمة في المشبه والمشبه به البدل يشمل المثلي فإنه مضمون بالمثل والقيمي هو المضمون بالقيمة والكلام هنا في موضعين في حكم المشبه وهي مسألة الكتاب ولا فرق بين هلاكه في مدة الخيار مع بقائه أو بعدما فسخ البائع البيع كما في جامع الفصولين وأما إذا هلك في يده بعد المدة من غير فسخ فيها فإنه يهلك بالثمن لسقوط الخيار وفي مسألة الكتاب إذا ادعى البائع هلاكه في يده ووجوب القيمة له وادعى المشتري أنه أبق من يده فالقول للمشتري مع يمينه لأن الظاهر حياته ويجوز البيع على البائع ويتم لأن بمضي الثلاثة يسقط خياره‏.‏ وكذا لو كان البائع هو الذي يدعي الإباق والمدعي يدعي الموت فالقول للبائع مع يمينه كذا في السراج الوهاج ولم يذكر المصنف حكم ما إذا دخله عيب في يد المشتري وفي السراج الوهاج إن كان من ذوات القيم يجب عليه ضمان ما نقص يوم القبض وإن كان مثليا فليس له أن يضمنه نقصانه لشبهة الربا ا هـ‏.‏ وفي جامع الفصولين باع أرضا بخيار وتقابضا فنقض البائع في المدة فتبقى الأرض مضمونة بالقيمة على المشتري وله حبسها لثمن دفعه إلى البائع فلو أذن البائع بعده للمشتري في زراعتها فزرعها تصير الأرض أمانة عند المشتري وللبائع أخذها منه متى شاء قبل أداء الثمن وليس للمشتري حسبها بالثمن لأنه لما زرعها صار كأنه سلمها إلى البائع ا هـ‏.‏ وأما الثاني أعني المشبه به وهو المقبوض على سوم الشراء فأطلقه في الهداية وقيده في أكثر الكتب بأن يسمى ثمنه وعبارة الصدر الشهيد في الفتاوى الصغرى المقبوض على سوم الشراء إنما يكون مضمونا إذا كان الثمن مسمى نص عليه الفقيه أبو الليث في بيوع العيون فإنه ذكر إذا قال اذهب بهذا الثوب فإن رضيته اشتريته فذهب به فهلك لا يضمن وإن قال إن رضيته اشتريته بعشرة فذهب به فهلك فإنه يضمن القيمة وعليه الفتوى ا هـ‏.‏ وفي الظهيرية أن هذا الشرط في ظاهر الرواية وذكر الطرسوسي في أنفع الوسائل بعد ذكر منقولات فتحرر أنه مضمون إن ذكر الثمن حالة المساومة والمراد بذكر الثمن فيه من جانب المشتري لا من جانب البائع وحده فإنه قال في القنية عن أبي حنيفة قال له هذا الثوب بعشرة فقال هاته حتى أنظر إليه فإن رضيته أخذته بعشرة فضاع فهو على ذلك الثمن فجعل ذكر البائع وحده ليس بموجب للضمان وكذا في المسألة التي ذكر بعد هذه لو قال إن رضيته أخذته بعشرة فعليه قيمته ولو قال صاحب الثوب هو بعشرة فقال المساوم حتى أنظر إليه وقبضه وضاع لا يلزمه شيء فعلمنا أن المراد ذكر الثمن من جهة المساوم لا من جهة البائع وحده إلى آخر ما أطال فيه وقال فليعتن بهذا التحرير فإنه فائدة جليلة قلت‏:‏ هو خطأ وبيان الثمن من جهة البائع وحده إذا أخذه المشتري بعده على وجه السوم كاف لضمانه‏.‏ قال في الخانية رجل طلب من رجل ثوبا ليشتري فأعطاه البائع ثلاثة أثواب فقال هذا بعشرة وهذا بعشرين وهذا بثلاثين فاحمل الثياب إلى منزلك فأي ثوب ترضى بعته منك فحمل فهلكت عند المشتري قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل إن هلكت الكل جملة أو على التعاقب ولا يدري الذي هلك أولا ولا الذي بعده ضمن المشتري ثلث كل ثوب وإن عرف الأول لزمه ذلك الثوب والثوبان أمانة عنده وإن هلكت الثوبان وبقي الثالث فإنه يرد الثالث لأنه أمانة وأما الثوبان يلزمه نصف ثمن كل واحد منهما إذا كان لا يعلم أيها هلك أولا وإن هلك واحد وبقي ثوبان يلزمه ثمن الهالك ويرد الثوبين وإن احترق الثوبان ونقص الثالث ثلثه أو ربعه ولا يعلم أيهما احترق أولا يرد ما بقي من الثالث ولا يضمن نقصان الحرق بقدره ويلزمه نصف ثمن كل واحد من الثوبين ا هـ‏.‏ فهذا صريح في أن بيان الثمن من جهة البائع يكفي للضمان وفي الخلاصة والبزازية اذهب به إن رضيته اشتريت فذهب به فضاع لا يضمن ولو قال إن رضيته اشتريته بعشرة فذهب به وضاع ضمن ا هـ‏.‏ وهذا صريح فيما قلناه وقد اشتبه عليه المقبوض على سوم الشراء بالمقبوض على وجه النظر فإن فيما نقله عن القنية إنما قال المساوم حتى أنظر إليه والمقبوض على وجه النظر أمانة وما ذكرناه عن أصحاب الفتاوى إنما قال إن رضيته اشتريته والدليل على الفرق بينهما ما في الخانية قال ولو أخذ ثوبا على المساومة فدفعه إليه البائع وهو يساومه والبائع يقول هو بعشرة فهو على الثمن الذي قال البائع حتى يرد عليه المشتري وإن ساومه فقال المشتري حتى أنظر إليه فدفعه فضاع منه فليس على المشتري شيء لأنه إنما أخذه للنظر وإن أخذه على غير النظر ثم قال حتى أنظر إليه فقوله حتى أنظر إليه لا يخرجه عن الضمان ا هـ‏.‏ فهذا صريح في الفرق بينهما وفي الذخيرة معزيا لأبي يوسف رجل ساوم رجلا بثوب فقال صاحب الثوب هو بعشرة فقال المساوم هاته حتى أنظر إليه فدفعه إليه على ذلك فضاع لا يلزمه شيء علل فقال لأنه أخذه على النظر إشارة إلى أن هذا ليس بمقبوض على سوم الشراء ا هـ‏.‏ فهذا صريح في الفرق بينهما أيضا وفي الفتاوى الظهيرية رجل قال هذا الثوب لك بعشرة فقال هاته حتى أنظر إليه أو قال حتى أريه غيري فأخذه على ذلك فضاع في يده لم يضمن في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ولو قال هاته فإن رضيته أخذته فضاع كان عليه الثمن ا هـ‏.‏ وهذا صريح أيضا فثبت بهذه النقول من الكتب المعتمدة أنه لا فرق في المقبوض على سوم الشراء بين بيان الثمن من البائع أو من المشتري وحده ولقد صدق ختام المحققين ابن الهمام في فتح القدير حيث قال في كتاب الوقف إن الطرسوسي بعيد عن الفقه ثم رأيت الفرق بينهما أيضا صريحا في فروق الكرابيسي ومنها نقلت قال لو قال هذا الثوب لك بعشرة فقال هاته حتى أنظر إليه أو حتى أريه غيري فأخذه فضاع قال أبو حنيفة لا شيء عليه يعني يهلك أمانة وإن قال هاته حتى أنظر إليه فإن رضيته أخذته فهلك فعليه الثمن والفرق أن في الفصل الأول أمره لينظر إليه أو ليريه غيره وذلك ليس ببيع فأما في الفصل الآخر أمره بالإتيان به ليرضاه ويأخذه وذلك بيع بدون الأمر فمع الأمر أولى‏.‏ ا هـ‏.‏ والظاهر من كلامهم أنه لا فرق بين الهلاك أو الاستهلاك وما في الذخيرة عن أبي يوسف أن المقبوض على سوم الشراء مضمون بالثمن محمول على القيمة وما ذكره الطرسوسي من أنه إن هلك فمضمون بالقيمة وإن استهلكه فمضمون بالثمن ليس بصحيح لما في الخانية إذا أخذ ثوبا على وجه المساومة بعد بيان الثمن فهلك في يده كان عليه قيمته‏.‏ وكذا لو استهلكه وارث المشتري بعد موت المشتري‏.‏ ا هـ‏.‏ والوارث كالمورث وأما مقبوض الوكيل بالسوم فقال في الخانية الوكيل بالشراء إذا أخذ الثوب على سوم الشراء فأراه الموكل ولم يرض به ورده عليه فهلك عند الوكيل قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل ضمن الوكيل قيمته ولا يرجع بها على الموكل إلا أن يأمره الوكيل بالأخذ على سوم الشراء فحينئذ إذا ضمن الوكيل رجع على الموكل ا هـ‏.‏ وفي البزازية غلط وسلم غير المبيع وهلك ضمن القيمة لأنه قبضه على جهة البيع بعث رسولا إلى البزاز وقال ابعث إلي ثوب كذا فبعث إليه البزاز معه أو مع غيره فضاع الثوب قبل الوصول إلى الآمر وتصادقوا عليه لا ضمان على الرسول ثم إن كان رسول الآمر فالضمان على الآمر وإن كان رسول البزاز فلا ضمان على أحد لكن إذا وصل إلى الآمر ضمن الآمر وكذا لو أرسل إلى آخر وقال أرسل إلي عشرة دراهم قرضا فأرسل معه فالآمر ضامن إذا أقر أنه رسوله فإن بعثه مع غير رسوله لا ضمان على الآمر قبل أن يصل وكذا الدائن إذا بعث رسولا لقبض دينه فبعث معه وضاع يكون من مال الدائن وإن مع الآخر لا حتى يصل إليه ا هـ‏.‏ ثم اعلم أن المقبوض على سوم الشراء إذا بين ثمنه مضمون وإن اشترط أن لا ضمان فيه لما في البزازية استباع قوسا وتقرر الثمن فمده بإذن البائع أو قال له إن انكسر فلا ضمان عليك فمده وانكسر يضمن قيمته وإن لم يتقرر الثمن فلا ضمان ولو بالإذن لأن اشتراط عدم الضمان في المقبوض على السوم باطل وعن الإمام أراه الدرهم لينظر إليه فغمزه أو قوسا فمده فانكسر أو ثوبا فتخرق ضمن إن لم يأمره بالغمز والمد واللبس وقيل إن كان لا يرى إلا بالغمز لا يضمن إن لم يجاوز ويصدق في أنه لم يجاوز ا هـ‏.‏ وفي جامع الفصولين المقبوض على سوم الرهن مضمون بالأقل من قيمته ومن الدين وما قبض على سوم القرض مضمون بما ساوم كمقبوض على حقيقته بمنزلة مقبوض على سوم البيع إلا أن في البيع يضمن القيمة وهنا يهلك الرهن بما ساومه من القرض وما قبض على سوم النكاح مضمون يعني لو قبض أمة غيره ليتزوجها بإذن مولاها فهلكت في يده ضمن قيمتها والمهر قبل تسليمه مضمون وكذا بدل الخلع في يد المرأة يعني لو تزوجها على عين أو خالعها فهلكت قبل قبضه يلزمه مثله في المثلي وقيمته في القيمي ا هـ ذكره في الثلاثين منه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وخيار المشتري لا يمنع ولا يملك‏)‏ أي لا يمنع خروج المبيع عن ملك البائع فيخرج عن ملكه للزومه من جهة من لا خيار له فلو أعتقه البائع لم يصح إعتاقه ولو كان البائع حلف وقال إن بعته فهو حر فباعه بخيار للمشتري لم يعتق لخروجه عن ملكه ولو باعه بخيار له عتق ولا يملكه المشتري عند الإمام رحمه الله تعالى لكن يصح إعتاقه ويكون إمضاء كما في الخانية وفيها باع عبدا بجارية على أن بائع العبد بالخيار ثلاثة أيام فأعتق البائع العبد في الثلاثة أيام نفذ عتقه في قولهم ويبطل البيع لأنه أعتق ملك نفسه وإن أعتق الجارية جاز ويكون إسقاطا للخيار ويتم ولو أعتقهما في كلام واحد نفذ عتقه لعدم الأولوية فيهما ويغرم قيمة الجارية ولا ينفذ إعتاق المشتري في العبد ولا في الجارية ولو كان الخيار للمشتري انعكست الأحكام ا هـ‏.‏ وقالا يملكه لأنه لما خرج عن ملك البائع فلو لم يدخل في ملك المشتري يكون زائلا لا إلى مالك ولا عهد لنا به في الشرع ولأبي حنيفة أنه لما لم يخرج الثمن عن ملكه فلو قلنا بأنه يدخل المبيع في ملكه لاجتمع البدلان في ملك رجل واحد حكما للمعاوضة ولا أصل له في الشرع لأن المعاوضة تقتضي المساواة ولأن الخيار شرع نظرا للمشتري ليتروى فيقف على المصلحة فلو ثبت الملك ربما يعتق عليه من غير اختياره بأن كان قريبه فيفوت النظر وأورد على قوله لزوم السائبة ورد بأنها هي التي لا ملك فيها لأحد ولا علقة ملك والعلقة موجودة هنا وأورد أيضا استحقاق الشفعة بما بيع بخيار للمشتري وهو دليل على ملكه وأجيب بأن استحقاقها لم ينحصر في الملك بل هو أو ما في معناه من كونه أحق بها تصرفا بدليل صحة إعتاقه كاستحقاق العبد المأذون لها مع أنه لا ملك له حقيقة وهو تكلف لا يحتاج إليه لما سيأتي أن البيع ينبرم في ضمن طلب الشفعة فيثبت مقتضى تصحيحا ثم اعلم أن قولهما في دليلهما ولا عهد لنا به في الشرع معناه في باب التجارة والمعاوضات فاندفع عنهما ما أورد من شراء متولي أمر الكعبة إذا اشترى عبدا لخدمتها وعبد الوقف إذا ضعف وبيع واشترى ببدله آخر لم يملكه المشتري لأنه من باب الأوقاف‏.‏ وكذا لا ترد التركة المستغرقة بالدين فإنها تخرج عن ملك الميت ولا تدخل في ملك الورثة والغرماء للقيد المذكور وأما حكم جناية العبد في مدة الخيار فإن كان الخيار للبائع فأجاز البيع لم يكن مختارا للفداء وخير المشتري بين الدفع والفداء وإن فسخ البيع خير البائع كذلك وفي الأول إنما يخير المشتري بين الدفع والفداء إذا اختار إمضاء البيع فإن اختار المشتري فسخه فالخيار للبائع للعيب الحادث في يد البائع فإن كانت في يد المشتري فالبائع على خياره فإن أجاز ثبت الملك للمشتري من وقت العقد وخير بين الدفع والفداء فإن كان الخيار للمشتري فجنى في يده في مدته لم يكن له أن يرده على بائعه ولو بيعت دار بخيار لأحدهما فوجد فيها قتيل فالدية على عاقلة ذي اليد عنده وعندهما على من يصير الملك له ولا يكون وجود القتيل عيبا فلا خيار للمشتري بخلاف جناية العبد المبيع فإنها عيب كذا في التتارخانية‏.‏ وقول الإمام ولا أصل له في الشرع معناه في المعاوضة فلا يرد عليه المدبر إذا غصب وضمن الغاصب قيمته فإنه يملكه فقد اجتمع العوضان في ملك السيد لأنه ضمان جناية لا ضمان معاوضة كذا في المعراج وفتح القدير ولكن يرد عليه باب السلم فإن المسلم إليه ملك رأس مال السلم والمسلم فيه فقد اجتمعا في المعاوضة وأجيب بأن المسلم فيه دين لرب السلم في ذمة المسلم إليه فهو كالثمن يملكه البائع في ذمة المشتري وأورد المنافع والأجرة المعجلة ملكهما المؤجر وأجيب بأنها معدومة فلا ملك لها وإذا حدثت ملكها المستأجر كذا في البناية قيد بالمبيع لأن الثمن لا يخرج عن ملك المشتري إجماعا كما بيناه وفي السراج الوهاج والنفقة تجب على المشتري بالإجماع إذا كان الخيار له بخروج المبيع عن ملك البائع ولو تصرف المشتري في المبيع في مدة الخيار والخيار له جاز تصرفه إجماعا ويكون إجازة منه ا هـ‏.‏ وفي الخلاصة أن زوائد المبيع موقوفة إن تم البيع كانت للمشتري وإن فسخ للبائع ا هـ‏.‏ وفي جامع الفصولين المشتري بالخيار لو رهن بالثمن رهنا جاز الرهن به ا هـ‏.‏ فإن قلت‏:‏ ذكر في جامع الفصولين أيضا أن الخيار إذا كان للمشتري فأبرأه البائع عن الثمن لم يجز إبراؤه‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي التتارخانية وروي عن محمد جوازه فينبغي أن لا يصح الرهن أيضا قلت‏:‏ الإبراء يعتمد الدين ولا دين له عليه لأن الثمن باق على ملكه والرهن لا يشترط له وجود الدين حقيقة بدليل صحته على الدين الموعود به وقد بيناه فيما كتبناه من حواشي جامع الفصولين ولكن نقل بعده أن عدم صحة الإبراء قول أبي يوسف وفي المعراج أن عدم صحته قياس والاستحسان صحته لأنه إبراء بعد وجود السبب وهو البيع والدليل على أن الإبراء يعتمد تعلق الحق لا حقيقة الدين لو أبرأ البائع الموكل عن ثمن ما اشتراه الوكيل فإنه يصح الإبراء مع أن الثمن على الوكيل والدليل على التعلق بالموكل أن المشتري لو أتى بالثمن للموكل فإنه يجبر على القبول ولو كان للمشتري دين على الموكل صار قصاصا بالثمن ولولاه لم يجبر ولم يصر قصاصا كما في الصيرفية وفي السراجية اشترى على أنه بالخيار لم يجبر البائع على تسليم المبيع وإن نقد المشتري الثمن وفي التتارخانية‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وبقبضه يهلك بالثمن‏)‏ أي إذا كان الخيار للمشتري وقبض المبيع وهلك في يده فإنه يهلك بثمنه بخلاف ما إذا كان الخيار للبائع والفرق أنه إذا دخله عيب يمتنع الرد والهلاك لا يعرى عن مقدمة عيب فيهلك والعقد قد انبرم فيلزمه الثمن بخلاف ما إذا كان للبائع لأن بدخول العيب لا يمتنع الرد حكما بخيار البائع فيهلك والعقد موقوف وفي السراج الوهاج والفرق بين الثمن والقيمة أن الثمن ما تراضى عليه المتعاقدان سواء زاد على القيمة أو نقص والقيمة ما قوم به الشيء بمنزلة المعيار من غير زيادة ولا نقصان والاستهلاك كالهلاك كما سيأتي وأطلقه فشمل ما إذا كان الخيار للمشتري وحده أو لهما وأسقط البائع خياره بأن أجاز البيع ثم هلك في مدته فإن البيع يلزم بالثمن كما في التتارخانية‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ كتعيبه‏)‏ يعني إذا تعيب في يد المشتري والخيار له فإنه يلزمه الثمن لأنه صار بذلك ممسكا ببعضه فلو رده لتفرقت الصفقة على البائع قبل الإتمام وهو لا يجوز فلزم البيع وسقط الخيار وأطلقه فشمل ما إذا عيبه المشتري أو أجنبي أو تعيب بآفة سماوية أو بفعل المبيع كما في النهاية ولكن ليس باقيا على إطلاقه وإنما المراد به عيب يلزم ولا يرتفع كما إذا قطعت يده وأما ما يجوز ارتفاعه كالمرض فهو على خياره إن زال المرض في الأيام الثلاثة وأما إذا مضت والعيب قائم لزم البيع لتعذر الرد كما في النهاية أيضا وفي الصحاح عاب المتاع أي صار ذا عيب وعيبه نسبه إلى العيب وعيبه أيضا إذا جعله ذا عيب وتعيب مثله ا هـ‏.‏ وقد ذكر المصنف حكم هلاكه في يد المشتري ونقصانه ولم يذكر حكم زيادته عنده وحاصله أن الزيادة منفصلة كانت أو متصلة سواء كانت متولدة من الأصل كالولد والسمن والجمال والبرء من المرض وذهاب البياض من العين أو لا كالصبغ والعقر والكسب والبناء ورش الأرض يمنع الفسخ إلا في المنفصلة الغير المتولدة فإنها لا تمنع كما في التتارخانية وفي البناية أن التعيب إذا كان بفعل البائع في يد المشتري لم يسقط خيار المشتري فإن أجاز البيع ضمن به البائع النقصان ا هـ‏.‏ فيستثنى من إطلاق المصنف مسألتان ما إذا كان العيب يرتفع وما إذا كان بفعل البائع ولكن ذكر في فتح القدير أن هذا قول محمد وأما عندهما إذا تعيب بفعل البائع يلزم البيع وقد وعدنا بذكر مسائل المبيع إذا هلك في البيع الذي لا خيار فيه أو بخيار فإذا كان في يد البائع بآفة سماوية أو باستهلاك البائع أو كان حيوانا فقتل نفسه يبطل البيع لأنه مضمون بالثمن فيسقط الثمن فلا يكون مضمونا بالقيمة لأنه لا يتوالى على شيء واحد ضمانان وإن أتلفه المشتري والبيع بات أو بخيار له لزم الثمن وإن كان للبائع والبيع فاسد لزم المثل في المثلي والقيمة في القيمي وإن بفعل أجنبي خير المشتري فإن فسخ وعاد إلى ملك البائع ضمن الجاني المثل أو القيمة والمضمون إن من جنس الثمن وفيه فضل لا يطيب وإن من خلافه طاب وإن اختار المشتري أيضا البيع اتبع الجاني بالمثل أو بالقيمة وحكم الفضل ما ذكرناه في جانب البائع واختياره اتباع الجاني قبض عند الثاني خلافا لمحمد وأثره فيما إذا توي على الجاني وفيما إذا أخذ من الجاني مكانه شيئا آخر جاز عند الثاني وإن هلك بعد القبض فعلى المشتري إلا إذا أتلفه البائع والقبض بلا إذنه والثمن حال غير منقود فالبائع يصير مستردا ويبطل البيع وسقط الثمن عن المشتري، وإن هلك البعض قبل قبضه سقط من الثمن قدر النقص سواء كان نقصان قدر أو وصف، وخير المشتري بين الفسخ والإمضاء، وإن بفعل أجنبي‏.‏ فالجواب فيه كما إذا هلك كله وإن بآفة سماوية إن نقصان قدر طرح عن المشتري حصة الفائت من الثمن وله الخيار في الباقي وإن نقص وصف لا يسقط شيء من الثمن لكنه يخير بين الأخذ بكل الثمن أو الترك والوصف ما يدخل تحت البيع بلا ذكر كالأشجار والبناء في الأرض وأطراف الحيوان والجودة في الكيلي والوزني، وإن بفعل المعقود عليه فالجواب كذلك، وإن بفعل المشتري صار قابضا ما أتلف بالإتلاف والباقي بالتعيب فإن هلك الباقي قبل حبسه فعلى المشتري وإن بعد الحبس فعلى البائع وعلى المشتري حصة ما أتلفه لا غير فإن حبس بعد سقوط حقه من الحبس فعلى المشتري كل الثمن إلا إذا كان بفعل البائع فإن لم يكن له حق الاسترداد فهو و كالاستهلاك من الأجنبي وإن كان له حق الاسترداد انفسخ البيع في قدر ما أتلف وسقط حصته من الثمن فلو هلك الباقي في يد المشتري لزمه قسطه من الثمن إلا إذا هلك الباقي من سراية جناية البائع فيكون مستردا له أيضا فيسقط الثمن فإن زعم البائع أنه هلك بعد قبضه والمشتري بأنه قبل قبضه فالقول للمشتري وأيهما برهن قبل وإن برهنا فللبائع‏.‏ وكذا لو ادعى البائع أن المشتري استهلكه وعكس المشتري وإن أرخا فبينة الأسبق أولى في الهلاك والاستهلاك وتمامه في الفتاوى البزازية‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فلو اشترى زوجته بالخيار بقي النكاح‏)‏ أي بالخيار له وهذا مفرع على أنه لا يدخل في ملك المشتري فلذا لم يبطل النكاح قبل نفاذ البيع وإذا سقط الخيار بطل للتنافي وعندهما انفسخ لدخولها في ملك الزوج فإذا فسخ المشتري البيع رجعت إلى مولاها بلا نكاح عليها عند هما وعنده تستمر زوجته كذا في فتح القدير وعلى هذا لو اشترى زوجته فاسدا وقبضها يفسد النكاح ثم فسخ البيع للفساد لا يرفع فساد النكاح‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فإن وطئها له أن يردها‏)‏ لأن الوطء بحكم ملك النكاح لبقائه لا بحكم ملك اليمين لعدمه وعندهما ليس له أن يردها مطلقا لما قدمناه أطلقه وهو مقيد بما إذا لم تكن بكرا إذ لو كانت بكرا أو نقصها الوطء امتنع الرد كما ذكره الإسبيجابي وظاهره أنه لو نقصها وهي ثيب فالحكم كذلك وقد صرح به في فتح القدير وكذا يتفرع أنه لو ردها فعنده تعود إلى سيدها منكوحة وعندهما بلا نكاح وقيد بزوجته لأنه لو اشترى غير زوجته بخيار فوطئها امتنع الرد مطلقا أي وإن لم ينقصها وسقط الخيار وكذا في المعراج ولم أر حكم حل وطء الأمة المبيعة بخيار إما إذا كان الخيار للبائع فينبغي حله له لا للمشتري وإن كان للمشتري ينبغي أن لا يحل لهما ونقله في المعراج عن الشافعي فقال وللشافعي في حل وطئها وجهان والثاني لا يجوز وهو نصه وفي انفساخ نكاحها وجهان والثاني لا ينفسخ وهو ظاهر نصه أما لو كان المبيع غير امرأته لم يحل للمشتري وطؤها على الأقوال كلها، ويحل للبائع على الأقوال كلها وقال أحمد لا يحل للبائع ا هـ‏.‏ ثم اعلم أن دواعي الوطء كالوطء فإذا اشترى غير زوجته بالخيار فقبلها بشهوة أو لمسها بشهوة أو نظر إلى فرجها بشهوة سقط خياره وحدها انتشار آلته أو زيادتها وقيل بالقلب وإن لم تنتشر فإن كان بغير شهوة لم تسقط في الكل وإن ادعى أنه بغير شهوة فإن كان في الفم لم يقبل قوله وإلا قبل وإن فعلت الأمة به ذلك وأقر أنه كان بشهوة كان رضا كما في السراج الوهاج‏.‏ ولم يذكر المؤلف مما يظهر فيه ثمرة الاختلاف إلا هذه المسألة وذكر في الهداية أن لهذه المسألة أخوات كلها تبتنى على وقوع الملك للمشتري بشرط الخيار وعدمه منها عتق المشتري على المشتري إذا كان قريبا له في مدة الخيار ولو كان للبائع فمات المشتري فأجاز البائع عتق الابن ولا يرث أباه كما قدمناه عن الخانية ومنها عتقه إذا كان المشتري حلف إن ملك عبدا فهو حر بخلاف ما إذا قال إني اشتريت لأنه يصير كالمنشئ للعتق بعد الشراء فسقط الخيار‏.‏ ومنها أن حيض المشتراة في المدة لا يجتزأ به من الاستبراء عنده وعندهما يجتزأ ولو ردت بحكم الخيار إلى البائع لا يجب الاستبراء عنده وعندهما يجب إذا ردت بعد القبض ومنها إذا ولدت المشتراة في المدة بالنكاح لا تصير أم ولد له عنده خلافا لهما ومحله ما إذا كان قبل القبض أما بعده فسقط الخيار اتفاقا وتصير أم ولد للمشتري لأنها تعيبت عنده بالولادة كذا في النهاية وفي الخانية إذا ولدت بطل خياره، وإن كان الولد ميتا ولم تنقصها الولادة لا يبطل خياره ا هـ‏.‏ ثم اعلم أنهم لم يقيدوا بدعوى الولد وقيده بها في إيضاح الإصلاح قال لأنه ولد والفراش ضعيف‏.‏ ا هـ‏.‏ وهو تقييد لقولهما ومنها إذا قبض المشتري المبيع بإذن البائع ثم أودعه عند البائع فهلك في يده في تلك المدة هلك من مال البائع لارتفاع القبض بالرد لعدم الملك وعندهما من مال المشتري لصحة الإيداع باعتبار قيام الملك ولو كان الخيار للبائع فسلم المبيع إلى المشتري فأودعه البائع فهلك عنده بطل البيع عند الكل ولو كان البيع باتا فقبض المشتري المبيع بإذن البائع أو بغير إذنه ثم أودعه البائع فهلك كان على المشتري اتفاقا لصحة الإيداع‏.‏ كذا في التتارخانية ومنها لو كان المشتري عبدا مأذونا فأبرأه البائع عن الثمن في المدة بقي خياره عنده لأن الرد امتناع عن التملك والمأذون له يليه وعندهما بطل خياره لأنه لما ملكه كان الرد منه تمليكا بغير عوض وهو ليس من أهله وهذا يقتضي صحة الإبراء وقدمنا أنه لا يصح عند أبي يوسف قياسا ويصح عند محمد استحسانا ونبه عليه هنا في النهاية ومنها إذا اشترى ذمي من ذمي خمرا على أنه بالخيار ثم أسلم بطل الخيار عندهما لأنه ملكها فلا يملك ردها وهو مسلم وعنده يبطل البيع لأنه لم يملكها فلا يتملكها بإسقاط الخيار بعده وهو مسلم‏.‏ ا هـ‏.‏ ولو كان الخيار للبائع فأسلم بطل البيع ولو أسلم المشتري لا وخيار للبائع على حاله فإن أجاز صارت الخمر للمشتري حكما والمسلم أهل لأن يتملكها حكما‏.‏ كذا في النهاية فقد ذكر فيها ثمان مسائل وقد زاد الشارحون مسائل أيضا ففي فتح القدير الأولى ما إذا تخمر العصير في بيع مسلمين في مدته فسد البيع عنده لعجزه عن تملكه وعندهما يتم لعجزه عن رده الثانية اشترى دارا على أنه بالخيار ثلاثة أيام وهو ساكنها بإجارة أو إعارة فاستدام سكنها قال السرخسي لا يكون اختيارا وهو في ابتداء السكنى وقال خواهر زاده استدامتها اختيار عندهما لملك العين وعنده ليس باختيار، الثالثة حلال اشترى ظبيا بالخيار فقبضه ثم أحرم والظبي في يده فينقض البيع عنده ويرد إلى البائع وعندهما يلزم المشتري ولو كان الخيار للبائع ينتقض بالإجماع ولو كان للمشتري فأحرم المشتري له أن يرده الرابعة إذا كان الخيار للمشتري وفسخ العقد فالزوائد ترد على البائع عنده لأنها لم تحدث على ملك المشتري وعندهما للمشتري لأنها حدثت على ملكه ا هـ‏.‏ وفي جامع الفصولين لو اشترى بخيار فدام على السكنى لا يبطل خياره ولو ابتدأها بطل يماثله خيار العيب وخيار الشرط في القسمة لا يبطل بدوام السكنى ا هـ‏.‏ وفي التتارخانية أن محمدا ذكر في البيوع أن خيار الشرط يبطل بالسكنى وفي القسمة ذكر أنه لا يبطل فاختلف المشايخ فمنهم من حمل ما في البيوع على الابتداء وما في القسمة على الدوام ومنهم من أبقى ما في البيوع على إطلاقه فيبطل بالابتداء والدوام وأبقى ما في القسمة على إطلاقه فلا يبطل خيار الشرط فيها بالابتداء والدوام وفيها أيضا لو كان الخيار للمشتري فصالحه البائع على مائة يدفعها له على أن يبطل البيع ففسخه انفسخ ولا شيء له ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فلو أجاز من له الخيار بغيبة صاحبه صح ولو فسخ لا‏)‏ أي لا يصح في غيبة صاحبه وهذا عندهما وقال أبو يوسف يجوز الفسخ أيضا لأنه مسلط على الفسخ من جهة صاحبه فلا يتوقف على علمه كالإجازة ولهذا لا يشترط رضاه فصار كالوكيل ولهما أنه تصرف في حق الغير وهو العقد بالرفع ولا يعرى عن المضرة لأنه عساه يعتمد تمام البيع السابق فيتصرف فيه فيلزمه غرامة القيمة بالهلاك فيما إذا كان الخيار للبائع أو لا يطلب لسلعته مشتريا فيما إذا كان الخيار للمشتري وهذا نوع ضرر يتوقف على عمله وصار كعزل الوكيل بخلاف الإجازة لأنه لا إلزام فيه ولا يقال إنه مسلط وكيف يقال ذلك وصاحبه لا يملك الفسخ ولا تسليط في غير ما يملكه المسلط كذا في الهداية وفي المعراج وكذا الخلاف في خيار الرؤية ولا خلاف في خيار العيب أنه لا يملكه والخلاف إنما هو في الفسخ بالقول أما إذا فسخ بالفعل فإنه ينفسخ حكما اتفاقا في الحضرة والغيبة لأنه لا يشترط العلم في الحكمي كعزل الوكيل والمضارب والشريك وحجر المأذون له في التجارة بارتداد ولحوق وجنون وبحث في فتح القدير بأنه ينبغي أن يكون الفعل الاختياري كالقول‏.‏ والمراد بالغيبة عدم علمه وبالحضرة علمه فلو فسخ في غيبته فبلغه في المدة تم الفسخ لحصول العلم به ولو بلغه بعد مضي المدة تم العقد بمضي المدة قبل الفسخ كذا في الهداية وكذا إذا أجاز البائع بعد فسخه قبل أن يعلم المشتري جاز وبطل فسخه كذا ذكر الإسبيجابي وفي الذخيرة ولو اشترى على أن البائع لو غاب عنه ففسخه عليه جائز فالبيع فاسد في قول أبي حنيفة و محمد لأن هذا شرط فاسد عندهما ورجح في فتح القدير قول أبي يوسف قال فعلى هذا فالمسائل الموردة نقضا مسلمة لأنها على وفق ما ترجح من قول أبي يوسف لكنا نوردها بناء على تسليم الدليل فمنها أن المخيرة يتم اختيارها لنفسها بلا علم زوجها ويلزمه حكم ذلك وأجيب بأن اللزوم بإيجابه على نفسه ومنها الرجعة ينفرد بها الزوج بلا علمها حتى لو تزوجت بعدها بعد ثلاث حيض فسخ العقد إذا أثبتها وأجيب بأن الطلاق الرجعي لا يرفع النكاح فعليها استكشاف الحال ومنها الطلاق والعتاق والعفو عن القصاص يثبت حكمها بلا علم الآخر وأجيب بأنها إسقاطات ومنها خيار المعتقة يصح بلا علم زوجها وأجيب بأنه لا رواية فيه وعلى التقدير فقد أثبته الشرع مطلقا ومنها خيار المالك في بيع الفضولي بدون علم المتعاقدين وأجيب بكون عقدهما لا وجود له في حق المالك ومنها العدة لازمة عليها وإن لم تعلم بالطلاق وأجيب بأنها واجبة في ضمن الطلاق لا بسببه ا هـ‏.‏ وفي جامع الفصولين ولو كان الخيار للمشتريين ففسخ أحدهما بغيبة الآخر لم يجز باعه بخيار ففسخه في المدة انفسخ فإن قال بعده أجزت وقبل المشتري جاز استحسانا ولو كان الخيار للمشتري فأجاز ثم فسخ وقبل البائع جاز وينفسخ ومن له الخيار لو اختار الرد أو القبول بقلبه فهو باطل لتعلق الأحكام بالظاهر والباطن ا هـ‏.‏ قال فيه شرى بخيار فأراد رده فاختفى بائعه قيل للقاضي أن ينصب عن البائع خصما ليرده عليه وقيل لا ا هـ‏.‏ وهكذا ذكر الخلاف في المعراج وفتح القدير والله أعلم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وتم العقد بموته ومضي المدة والإعتاق وتوابعه والأخذ بالشفعة‏)‏ أي تحصل الإجازة بواحد مما ذكر وهو كلام موهم موقع في الغلط فإن في بعضها يكون إجازة سواء كان الخيار للبائع أو للمشتري وفي بعضها إنما يكون إجازة إذا كان من المشتري وأما من البائع ففسخ أما الموت فإنه مبطل لخيار الميت سواء كان بائعا أو مشتريا ولا يورث عندنا كخيار الرؤية لأنه ليس إلا مشيئة وإرادة ولا يتصور انتقاله والإرث فيما يقبل الانتقال لا فيما لا يقبله كملك المنكوحة والعقود التي عقدها المورث لا تنتقل وإنما ملك الوارث الإقالة لانتقال الملك إليه ولذا ملكها الموكل وإن لم يكن عاقدا كذا في المعراج ولا يرد علينا خيار العيب فإنه موروث لكون المورث استحق المبيع سليما فكذا الوارث ففي التحقيق الموروث العين بصفة السلامة من العيوب فأما نفس الخيار فلا يورث وفي المعراج أن خيار العيب يثبت للوارث ابتداء بدليل أنه لو تعيب بعد موت المشتري في يد البائع كان للوارث رده وأما خيار التعيين فيثبت للوارث ابتداء لاختلاط ملكه بملك الغير لا أن يورث الخيار هكذا ذكروا وزاد في العناية بأن الوارث لا يملك الفسخ ولا يتأقت خياره بخلاف المورث ا هـ‏.‏ ووجهه ظاهر لأن هذين حكما خيار الشرط ولم يتكلموا فيما رأيت على غير الأربعة من الخيارات هل تورث أو لا إلا خيار فوات الوصف المرغوب فيه فسيأتي أنه يورث والضمير في قوله بموته عائد إلى من له الخيار احترازا عن موت من لا خيار له لأنه إذا مات فالخيار باق لمن شرط له فإن أمضى مضى وإن فسخ انفسخ كذا في فتح القدير وفي الظهيرية الوكيل إذا باع بشرط الخيار فمات الوكيل أو الموكل في المدة بطل الخيار وتم البيع ا هـ‏.‏ وفي جامع الفصولين وكيل البيع أو الوصي باع بخيار أو المالك بنفسه باع بخيار لغيره فمات الوكيل أو الوصي أو الموكل أو الصبي أو من باع بنفسه أو من شرط له الخيار قال محمد يتم البيع في كل ذلك لأن لكل منهم حقا في الخيار والجنون كالموت ا هـ‏.‏ وفي المعراج ولو كان الخيار لهما فمات أحدهما لزم البيع من جهته والآخر على خياره ا هـ‏.‏ وقد أفاد كلامه أن الخيار لا ينتقل عمن هو له إلى غيره فلذا قال أبو يوسف إذا اشترى الأب أو الوصي شيئا لليتيم وشرط الخيار لنفسه فبلغ الصبي في المدة تم البيع وقال محمد توقف على إجازة الابن فكأنه باشره بعد بلوغه حتى قيل لا تتأقت بالثلاث‏.‏ وعن محمد أن للوصي أن يفسخ بعد بلوغ الصغير وليس له أن يجيز إلا برضاه وروي أن الأب أو الوصي إذا اشترى عبدا للصغير بدراهم أو دنانير بشرط الخيار ثم بلغ الصغير في المدة ثم أجاز أنفذ الشراء عليهما إلا أن تكون الإجازة برضا الصغير بعد البلوغ فينفذ عليه ولو حجر السيد على عبده المأذون تم البيع وقيل ينتقل الخيار إلى المولى ولو اشترى المكاتب أو باع بشرط الخيار ثم عجز في الثلاث تم البيع عند هم كذا في الظهيرية فقد علم أن الخيار لا ينتقل على المعتمد لأن قول أبي يوسف في الأولى هو المعتمد ولكن خرج عنه العبد المأذون إذا باع بشرط الخيار فإن للمولى الإجازة إن لم يكن مديونا ولا يجوز فسخه عليه إلا أن يجعله لنفسه ثم يفسخ بحضرة المشتري أو بما يكون فسخا من الأفعال في غيبة المشتري كذا في الظهيرية وأما الوكيل إذا عزل وله الخيار فإنه لا يبطل اتفاقا كذا في السراج الوهاج وأما مضي المدة فمبطل للخيار سواء كان للبائع أو للمشتري إذ لم يثبت الخيار إلا فيها فلا بقاء له بعدها كالمخيرة في وقت مقدر وأما الإعتاق وتوابعه وهي التدبير والكتابة فإنما يتم به إذا كان الخيار للمشتري وفعلها أما إذا كان للبائع وفعلها كان فسخا وذكر المصنف السقوط بطريق الضرورة وهو الموت ومضي المدة والسقوط بطريق الدلالة وهو الإعتاق ولم يذكر ما يكون إجازة بالقول صريحا ولاما يكون إجازة بالفعل أما الأول ففي جامع الفصولين المشتري بالخيار إذا قال أجزت شراءه أو شئت أخذه أو رضيت أخذه بطل خياره ولو قال هويت أخذه أو أحببت أو أردت أو أعجبني أو وافقني لا يبطل ا هـ‏.‏ وفيه لو طلب المشتري الأجر من الساكن بطل خياره ولو دعا الجارية إلى فراشه لا يبطل سواء كان الخيار للبائع أو للمشتري وأما الثاني ففيه لو حجم العبد أو سقاه دواء أو حلق رأسه كان رضا لا لو أمر امرأة بمشط أو دهن أو لبس ولو اشترى أرضا مع حرثه فسقى الحرث أو فعل منه شيئا أو حصده أو عرض المبيع للبيع بطل خياره لا لو عرضه ليقوم ومشتري الدار لو أسكنه بأجر أو بلا أجر أو رم منه شيئا أو بنى أو جصص أو طين أو هدم منه شيئا فهو رضا ولو طحن في الرحى ليعرف قدر طحنه إن طحن أكثر من يوم وليلة بطل خياره لا فيما دونه ولو قص حوافر الدابة أو أخذ من عرفها لم يكن رضا ولو ودجها أو بزغها فهو رضا والتوديج شق الأوداج جملة ولو استخدم الخادم مرة أو لبس الثوب مرة أو ركب الدابة مرة لم يبطل خياره ولو فعله مرتين بطل ولو شرى قنا بخياره فرآه يحجم الناس بأجر فسكت كان رضا لا لو بلا أجر لأنه كالاستخدام ألا ترى أنه لو قال له احجمني فحجمه لم يكن رضا شرى أمة فأمرها بإرضاع ولده لم يكن رضا لأنه استخدام ولو ركب دابة ليسقيها أو ليردها على البائع بطل خياره قياسا لا استحسانا ا هـ‏.‏ ثم قال شرى بقرة بخيار فحلبها قال أبو حنيفة بطل خياره وقال أبو يوسف لا حتى يشرب اللبن أو يتلفه ا هـ‏.‏ وذكر الشارح أن كل تصرف لا يحل إلا في الملك فإنه إجازة كالوطء والتقبيل لا ما يحل في غيره كالاستخدام وزاد في المعراج على ما ذكرناه إغماء من له الخيار ولو أفاق في المدة فله الخيار وذكر الإسبيجابي الأصح أنه على خياره والتحقيق أن الإغماء والجنون لا يسقطان إنما المسقط له مضي المدة من غير اختيار ولذا لو أفاق فيها وفسخ جاز ولو سكر من الخمر لا يبطل بخلاف السكر من البنج ولو ارتد فعلى خياره إجماعا فلو تصرف بحكم خياره توقف عنده خلافا لهما‏.‏ ا هـ‏.‏ وأطلق في الإعتاق فشمل ما إذا علقه بشرط فوجد في المدة كما في المعراج وأشار بالإعتاق إلى كل تصرف لا يفعل إلا في الملك كما إذا باعه أو وهبه وسلمه أو رهن أو آجر وإن لم يسلم على الأصح كما في المعراج وليس منه ما إذا قبض الثمن من البائع وكذا هبته وإنفاقه إلا إذا استدانه لغيره كالدراهم والدنانير ولو باع جارية بعبد على أنه بالخيار في الجارية فهبة العبد أو عرضه على البيع إجازة وعرضها على البائع ليس بفسخ على الأصح ولو أبرأه من الثمن أو اشترى منه به شيئا أو ساومه به فهو إجازة كذا في المعراج وقيد الاستخدام ثانيا من المشتري بأن لا يكون في نوع آخر والركوب امتحانا ليس إجازة لا ثانيا كركوبها لحاجة أو شغل أو حمل عليها إلا علفها عند محمد والركوب للرد والسقي والإعلاف إجازة ولو نسخ من الكتاب لنفسه أو لغيره لا يبطل وإن قلب الأوراق وبالدرس منه يبطل وقيل على عكسه وبه أخذ الفقيه أبو الليث ا هـ‏.‏

وفي الظهيرية لو سقى من نهرها أرضا له أخرى سقط وكري النهر وكبس البئر يسقط خياره ولو انهدمت البئر ثم بناها لم يعد خياره ولو وقعت فيها فأرة أو نجاسة سقط وروي أنه إذا نزح عشرين دلوا لم يسقط ا هـ‏.‏ وفي السراج الوهاج إذا زوج العبد أو الأمة سقط خياره وفي المحيط باع عبدا بخيار له فأذن له في التجارة لم يكن نقضا إلا أن يلحقه دين ولو أمضاه بعدما لحقه دين لم يجز لأن الغريم أحق به من المشتري ولم يذكر المصنف هنا حكم ما إذا زاد المبيع أو نقص في المدة وذكر فيما قبله حكم ما إذا تعيب أما الثاني ففي المعراج ولو حدث به عيب في خيار المشتري بطل خياره سواء حدث بفعل البائع أو بغير فعله لكونه في ضمان المشتري حيث كان في يده عندهما وقال محمد لا يلزمه العقد بجناية البائع وعلى قولهما يرجع المشتري بالأرش على البائع ولو كان الخيار للبائع فحدث به عيب فهو على خياره لكنه يتخير المشتري ولو حدث بفعل البائع انتقض البيع لأن ما انتقص مضمون عليه كذا في المعراج وقدمناه‏.‏ وأما الأول أعني الزيادة ففي جامع الفصولين شرى بخيار فزاد المبيع في يد المشتري زيادة متصلة متولدة كسمن وجمال وبرء وانجلاء بياض عن العين يمنع الرد ويلزم البيع إلا عند محمد وإن كانت متصلة لم تتولد كصبغ وخياطة ولت سويق بسمن وثني أرض وغرس شجر يمنع الفسخ وفاقا ولو كانت منفصلة متولدة كعقر وولد وأرش ولبن وثمر وصوف تمنع وفاقا وإن كانت منفصلة لم تتولد كغلة وكسب وهبة وصدقة لا يمنع وفاقا فإن أجاز المشتري فهو له وإلا فكذلك عندهما وعند أبي حنيفة ترد على البائع ا هـ‏.‏ وفي السراج إذا باضت الدجاجة في المدة سقط الخيار إلا أن تكون مذرة وإذا ولدت الحيوان ولدا سقط إلا أن يكون الولد ميتا‏.‏ ا هـ‏.‏ والحاصل أنها مانعة مطلقا إلا منفصلة لم تتولد وفي الظهيرية عن الثاني اشترى عبدا بخيار ثلاثا وقبضه فوهب للعبد مال أو اكتسبه ثم استهلكه العبد بعلم المشتري بغير إذنه أو بغير علمه لم يبطل خيار المشتري في العبد ولو وهب للعبد أم ولد المشتري وقبضها العبد بطل خيار المشتري في العبد قال ولا يشبه الولد أم الولد من قبل أن أم الولد تبقى على ملكه بعد الرد بحكم الخيار والولد لا يبقى ا هـ‏.‏ والأخير يحتاج إلى تحرير وأما الأخذ بشفعة فصورته أن يشتري دارا بشرط الخيار ثم تباع دار أخرى بجنبها فيأخذها المشتري بشرط الخيار بالشفعة لأنه لا يكون إلا بالملك فكان دليل الإجازة فتضمن سقوط الخيار وقدمنا الاعتذار لأبي حنيفة عنه عند قوله ولا يملك المشتري ولو قال المؤلف وطلب الشفعة بها بدل الأخذ لكان أولى لأن طلبها مسقط وإن لم يأخذها كما في المعراج وقيد بخيار الشرط لأن طلبها لا يسقط خيار الرؤية والعيب كما في المعراج واقتصار الشارح على خيار الرؤية قصور‏.‏