فصل: فصل (في بيان خارج الصلاة)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***


فصل ‏[‏في بيان خارج الصلاة‏]‏

لما فرغ من بيان الكراهة في الصلاة شرع في بيانها خارجها مما هو من توابعها‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ كره استقبال القبلة بالفرج في الخلاء واستدبارها‏)‏ والخلاء بالمد بيت التغوط وأما بالقصر فهو النبت والكراهة تحريمية لما أخرجه الستة عنه صلى الله عليه وسلم‏:‏ «إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا» ولهذا كان الأصح من الروايتين كراهة الاستدبار كالاستقبال وهو بإطلاقه يتناول الفضاء والبنيان وفي فتح القدير ولو نسي فجلس مستقبلا فذكر يستحب له الانحراف بقدر ما يمكنه لما أخرجه الطبري مرفوعا‏:‏ «من جلس يبول قبالة القبلة فذكر فانحرف عنها إجلالا لها لم يقم من مجلسه حتى يغفر له» وكما يكره للبالغ ذلك يكره له أن يمسك الصبي نحوها ليبول وقالوا يكره أن يمد رجليه في النوم وغيره إلى القبلة أو المصحف أو كتب الفقه إلا أن تكون على مكان مرتفع عن المحاذاة‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وغلق باب المسجد‏)‏ لأنه يشبه المنع من الصلاة قال تعالى‏:‏ ‏{‏ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه‏}‏ والإغلاق يشبه المنع فيكره قال في الهداية وقيل لا بأس به إذا خيف على متاع المسجد ا هـ‏.‏ وهو أحسن من التقييد بزماننا كما في عبارة بعضهم فالمدار خشية الضرر على المسجد فإن ثبت في زماننا في جميع الأوقات ثبت كذلك إلا في أوقات الصلاة أو لا فلا أو في بعضها ففي بعضها كذا في فتح القدير وفي العناية والتدبير في الغلق لأهل المحلة فإنهم إذا اجتمعوا على رجل وجعلوه متوليا بغير أمر القاضي يكون متوليا ا هـ‏.‏ وفي النهاية وكان المتقدمون يكرهون شد المصاحف واتخاذ المشدة لها كي لا يكون ذلك في صورة المنع من قراءة القرآن فهذا مثله أو فوقه لأن المصحف ملك لصاحبه والمسجد ليس بملك لأحد ا هـ‏.‏ ومن هنا يعلم جهل بعض مدرسي زماننا من منعهم من يدرس في مسجد تقرر في تدريسه أو كراهتهم لذلك زاعمين الاختصاص بها دون غيرهم حتى سمعت من بعضهم أنه يضيفها إلى نفسه ويقول هذه مدرستي أو لا تدرس في مدرستي وأعجب من ذلك أنه إذا غضب على شخص يمنعه من دخول المسجد خصوصا بسبب أمر دنيوي وهذا كله جهل عظيم ولا يبعد أن يكون كبيرة فقد قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وأن المساجد لله‏}‏ وما تلوناه من الآية السابقة فلا يجوز لأحد مطلقا أن يمنع مؤمنا من عبادة يأتي بها في المسجد لأن المسجد ما بني إلا لها من صلاة واعتكاف وذكر شرعي وتعليم علم وتعلمه وقراءة قرآن ولا يتعين مكان مخصوص لأحد حتى لو كان للمدرس موضع من المسجد يدرس فيه فسبقه غيره إليه ليس له إزعاجه وإقامته منه فقد قال الإمام الزاهدي في فتاويه المسماة بالقنية معزيا إلى فتاوى العصر له في المسجد موضع معين يواظب عليه وقد شغله غيره قال الأوزاعي له أن يزعجه وليس له ذلك عندنا ا هـ‏.‏ ومن الفروع الدالة على أن مدرس المسجد كغيره ما قاله في القنية أيضا ليس للمدرس في المسجد أن يجعل من بيته بابا إلى المسجد وإن فعل أدى ضمان نقصان الجدار إن وقع فيه ا هـ‏.‏ وأعجب من ذلك أن بعض مدرسي الأروام يعتقد في المسجد الذي له مدرس أنه مدرسة وليس بمسجد حتى ينتهك حرمته بالمشي فيه بنعله المتنجس مع تصريح الواقف بجعله مسجدا وسيأتي شروط المسجد إن شاء الله تعالى في كتاب الوقف‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ والوطء فوقه والبول والتخلي‏)‏ أي وكره الوطء فوق المسجد وكذا البول والتغوط لأن سطح المسجد له حكم المسجد حتى يصح الاقتداء منه بمن تحته ولا يبطل الاعتكاف بالصعود إليه ولا يحل للجنب الوقوف عليه والمراد بالكراهة كراهة التحريم وصرح الشارح بأن الوطء فيه حرام لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد‏}‏ وذكر في فتح القدير أن الحق أنها كراهة تحريم لأن الآية ظنية الدلالة لأنها محتملة كون التحريم للاعتكاف أو للمسجد وبمثلها لا يثبت التحريم ولأن تطهيره واجب لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود‏}‏ ولما أخرجه المنذري مرفوعا‏:‏ «جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وبيعكم وشراءكم ورفع أصواتكم وسل سيوفكم وإقامة حدودكم وجمروها في الجمع واجعلوا على أبوابها المطاهر» ا هـ‏.‏ واختلف المشايخ في كراهية إخراج الريح في المسجد وأشار المصنف إلى أنه لا يجوز إدخال النجاسة المسجد وهو مصرح به فلذا ذكر العلامة قاسم في بعض فتاويه أن قولهم إن الدهن المتنجس يجوز الاستصباح به مقيد بغير المساجد فإنه لا يجوز الاستصباح به في المسجد لما ذكرنا ولهذا قال في التجنيس وينبغي لمن أراد أن يدخل المسجد أن يتعاهد النعل والخف عن النجاسة ثم يدخل فيه احترازا عن تلويث المسجد وقد قيل دخول المسجد متنعلا من سوء الأدب وكان إبراهيم النخعي يكره خلع النعلين ويرى الصلاة معها أفضل لحديث خلع النعال وعن علي رضي الله عنه أنه كان له زوجان من نعل إذا توضأ انتعل بأحدهما إلى باب المسجد ثم يخلعه وينتعل بالآخر ويدخل المسجد إلى موضع صلاته ولهذا قالوا إن الصلاة مع النعال والخفاف الطاهرة أقرب إلى حسن الأدب ا هـ‏.‏ وفي الخلاصة وغيرها ويكره الوضوء والمضمضة في المسجد إلا أن يكون موضع فيه اتخذ للوضوء ولا يصلى فيه زاد في التجنيس لو سبقه الحدث وقت الخطبة يوم الجمعة فإن وجد الطريق انصرف وتوضأ وإن لم يمكنه الخروج يجلس ولا يتخطى رقاب الناس فإن وجد ماء في المسجد وضع ثوبه بين يديه حتى يقع الماء عليه ويتوضأ بحيث لا ينجس المسجد ويستعمل الماء على التقدير ثم بعد خروجه من المسجد يغسل ثوبه وهذا حسن جدا ويكره مسح الرجل من الطين والردغة بأسطوانة المسجد أو بحائط من حيطان المسجد لأن حكمه حكم المسجد وإن مسح ببردي المسجد أو بقطعة حصير ملقاة فيه لا بأس به لأن حكمه ليس حكم المسجد ولا له حرمة المسجد وهكذا قالوا أن الأولى أن لا يفعل وإن مسح بتراب في المسجد فإن كان مجموعا لا بأس به وإن كان التراب منبسطا يكره هو المختار وإليه ذهب أبو القاسم الصفار لأن له حكم الأرض فكان من المسجد وإن مسح بخشبة موضوعة في المسجد فلا بأس به لأنه ليس لهذه الخشبة حكم المسجد فلا يكون لها حرمة المسجد وكذا إذا مسح بحشيش مجتمع أو حصير مخرق لا بأس به لأنه لا حرمة له إنما الحرمة للمسجد‏.‏ ا هـ‏.‏ ولكون المسجد يصان عن القاذورات ولو كانت طاهرة يكره البصاق فيه ولا يلقى لا فوق البواري ولا تحتها للحديث المعروف ‏{‏إن المسجد لينزوي من النخامة كما ينزوي الجلد من النار» ويأخذ النخامة بكمه أو بشيء من ثيابه فإن اضطر إلى ذلك كان البصاق فوق البواري خيرا من البصاق تحتها لأن البواري ليست من المسجد حقيقة ولها حكم المسجد فإذا ابتلي ببليتين يختار أهونهما فإن لم يكن فيها بوار يدفنها في التراب ولا يدعها على وجه الأرض وقالوا إذا نزح الماء النجس من البئر كره له أن يبل به الطين فيطين به المسجد على قول من اعتبر نجاسة الطين وفي الظهيرية وغيرها ويكره غرس الأشجار في المسجد لأنه يشبه البيعة إلا أن يكون به نفع للمسجد كأن يكون ذا نز أو أسطوانية لا تستقر فيغرس ليجذب عروق الأشجار ذلك النز فحينئذ يجوز وإلا فلا وإنما جوز مشايخنا في المسجد الجامع ببخارى لما فيه من الحاجة قالوا ولا يتخذ في المسجد بئر ماء لأنه يخل حرمة المسجد فإنه يدخله الجنب والحائض وإن حفر فهو ضامن بما حفر إلا أن ما كان قديما فيترك كبئر زمزم في المسجد الحرام، ولا بأس برمي عش الخفاش والحمام لأن فيه تنقية المسجد من زرقها وقالوا ولا يجوز أن تعمل فيه الصنائع لأنه مخلص لله تعالى فلا يكون محلا لغير العبادة غير أنهم قالوا في الخياط إذا جلس فيه لمصلحته من دفع الصبيان وصيانة المسجد لا بأس به للضرورة ولا يدق الثوب عند طيه دقا عنيفا والذي يكتب إن كان بأجر يكره وإن كان بغير أجر لا يكره قال في فتح القدير هذا إذا كتب القرآن والعلم لأنه في عبادة أما هؤلاء المكتبون الذين يجتمع عندهم الصبيان واللغط فلا ولو لم يكن لغط لأنهم في صناعة لا عبادة إذ هم يقصدون الإجارة ليس هو لله بل للارتزاق ومعلم الصبيان القرآن كالكاتب إن كان لأجر لا وحسبة لا بأس به ا هـ‏.‏ وفي الخلاصة رجل يمر في المسجد ويتخذه طريقا إن كان لغير عذر لا يجوز وبعذر يجوز ثم إذا جاز يصلي كل يوم تحية المسجد مرة ا هـ‏.‏ وفي القنية يعتاد المرور في الجامع يأثم ويفسق ولو دخل المسجد للمرور فلما توسطه ندم قيل يخرج من باب غير الذي قصده وقيل يصلي ثم يتخير في الخروج وقيل إن كان محدثا يخرج من حيث دخل إعداما لما جنى ويكره تخصيص مكان في المسجد لنفسه لأنه يخل بالخشوع

أعظم المساجد حرمة المسجد الحرام ثم مسجد المدينة ثم مسجد بيت المقدس ثم الجوامع ثم مساجد المحال ثم مساجد الشوارع فإنها أخف مرتبة حتى لا يعتكف فيها أحد إذا لم يكن لها إمام معلوم ومؤذن ثم مساجد البيوت فإنه لا يجوز الاعتكاف فيها إلا للنساء وإذا قسم أهل المحلة المسجد وضربوا فيه حائطا ولكل منهم إمام على حدة ومؤذنهم واحد لا بأس به والأولى أن يكون لكل طائفة مؤذن كما يجوز لأهل المحلة أن يجعلوا المسجد الواحد مسجدين فلهم أن يجعلوا المسجدين واحدا لإقامة الجماعات أما للتدريس أو للتذكير فلا لأنه ما بني له وإن جاز فيه ولا يجوز التعليم في دكان في فناء المسجد عند أبي حنيفة وعندهما يجوز إذا لم يضر بالعامة ا هـ‏.‏ ما في القنية ولا يخفى أن المسجد الجامع تدبيره وعمارته وإصلاحه للإمام أو نائبه كما صرحوا به في كتاب القسامة فللإمام أو نائبه أن يجعل الجامع مسجدين بضرب حائط ونحوه كما لأهل المحلة‏.‏ ولا بد أن نذكر أحكام تحية المسجد فنقول هي على حذف مضاف أي تحية رب المسجد لأن المقصود منها التقرب إلى الله تعالى لا إلى المسجد لأن الإنسان إذا دخل بيت الملك فإنما يحيي الملك لا بيته كذا ذكره العلامة الحلبي وقد حكى الإجماع على سنيتها غير أن أصحابنا يكرهونها في الأوقات المكروهة تقديما لعموم الحاظر على عموم المبيح وقد قدمنا أنه إذا تكرر دخوله في كل يوم فإنه يكفيه ركعتان لها في اليوم وذكر في الغاية أنها لا تسقط بالجلوس عند أصحابنا فإنه قال في الحاكم إذا دخل المسجد للحكم فهو بالخيار عندنا إن شاء صلى تحية المسجد عند دخوله وإن شاء صلاها عند انصرافه فلم تسقط بالجلوس لأنها لتعظيم المسجد وحرمته ففي أي وقت صلاها حصل المقصود من ذلك ا هـ‏.‏ وفي الظهيرية ثم اختلفوا في صلاة التحية أنه يجلس ثم يقوم ويصلي أو يصلي قبل أن يجلس قال بعضهم يجلس ثم يقوم وعامة العلماء قالوا يصلي كلما يدخل المسجد‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت ويشهد لقول العامة وهو الصحيح كما في القنية ما في الصحيحين عن أبي قتادة الأنصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» وإنما قلنا بعدم سقوطها بالجلوس لما أخرجه ابن حبان في صحيحه‏:‏ «عن أبي ذر قال دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وحده فقال يا أبا ذر إن للمسجد تحية وإن تحيته ركعتان فقم فاركعهما فقمت فركعتهما» ا هـ‏.‏ وقد قالوا إن كل صلاة صلاها عند دخوله فرضا أو سنة فإنها تقوم مقام التحية بلا نية كما في البدائع وغيره فلو نوى التحية مع الفرض فظاهر ما في المحيط وغيره أنه يصح عندهما وعند محمد لا يكون داخلا في الصلاة فإنهم قالوا لو نوى الدخول في الظهر والتطوع فإنه يجوز عن الفرض عند أبي يوسف وهو رواية عن أبي حنيفة وعند محمد لا يكون داخلا وصرح في الظهيرية بكراهة الحديث أي كلام الناس في المسجد لكن قيده بأن يجلس لأجله وفي فتح القدير الكلام المباح فيه مكروه يأكل الحسنات وينبغي تقييده بما في الظهيرية أما إن جلس للعبادة ثم بعدها تكلم فلا وأما النوم في المسجد فاختلف المشايخ فيه وفي التجنيس الأشبه بما تقدم من المسائل أنه يكره لأنه ما أعد لذلك وإنما بني لإقامة الصلاة وأما الجلوس في المسجد للمصيبة فمكروه لأنه لم يبن له وعن الفقيه أبي الليث أنه لا بأس به ‏{‏لأن النبي صلى الله عليه وسلم حين بلغه قتل جعفر وزيد بن حارثة جلس في المسجد والناس يأتونه ويعزونه» والمفتى به أنه لا يلازم غريمه في المسجد لأن المسجد بني لذكر الله تعالى ويجوز الجلوس في المسجد لغير الصلاة ولا بأس به للقضاء كالتدريس والفتوى‏.‏ ا هـ‏.‏ وسيأتي إن شاء الله تعالى بقية أحكام المسجد في الوقف والكراهية والجنايات ومسألة الذهاب إلى الأقدم أو إلى مسجد حيه أو إلى من كان إمامه أصلح مذكورة في الخلاصة وغيرها بتفاريعها‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لا فوق بيت فيه مسجد‏)‏ أي لا يكره ما ذكر في بيت فيه أو فوقه في ذلك البيت مسجد وهو مكان في البيت أعد للصلاة فإنه لم يأخذ حكم المسجد وإن كان يستحب للإنسان رجلا كان أو امرأة أن يتخذ في داره مكانا خاليا لصلاته وبه أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه واختلفوا في مصلى الجنازة والعيد فصحح في المحيط في مصلى الجنائز أنه ليس له حكم المسجد أصلا وصحح في مصلى العيد كذلك إلا في حق جواز الاقتداء وإن لم تتصل الصفوف وفي النهاية وغيرها والمختار للفتوى في المسجد الذي اتخذ لصلاة الجنازة والعيد أنه مسجد في حق جواز الاقتداء وإن انفصل الصفوف رفقا بالناس وفيما عدا ذلك ليس له حكم المسجد‏.‏ ا هـ‏.‏ وظاهر ما في النهاية أنه يجوز الوطء والبول والتخلي في مصلى الجنائز والعيد ولا يخفى ما فيه فإن الباني لم يعده لذلك فينبغي أن لا تجوز هذه الثلاثة وإن حكمنا بكونه غير مسجد وإنما تظهر فائدته في بقية الأحكام التي ذكرناها ومن حل دخوله للجنب والحائض‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولا نقشه بالجص وماء الذهب‏)‏ أي ولا يكره نقش المسجد وهو المذكور في الجامع الصغير بلفظ لا بأس به وقيل يكره للحديث إن من أشراط الساعة تزيين المساجد وقيل مستحب لأنه من عمارته وقد مدح الله فاعلها بقوله‏:‏ ‏{‏إنما يعمر مساجد الله‏}‏ وأصحابنا قالوا بالجواز من غير كراهة ولا استحباب لأن مسجد رسول الله كان مسقفا من جريد النخل وكان يكف إذا جاء المطر وكان كذلك إلى زمن عثمان ثم رفعه عثمان وبناه وبسط فيه الحصى كما هو اليوم كذلك ومحل الاختلاف في غير نقش المحراب أما نقشه فهو مكروه لأنه يلهي المصلي كما في فتح القدير وغيره قال المصنف في الكافي وهذا إذا فعل من مال نفسه أما المتولي فإنما يفعل من مال الوقف ما يحكم البناء دون النقش فلو فعل ضمن حينئذ لما فيه من تضييع المال فإن اجتمعت أموال المساجد وخاف الضياع بطمع الظلمة فيها لا بأس به حينئذ ا هـ‏.‏ وصرح في الغاية أن جعل البياض فوق السواد للنقاء موجب لضمان المتولي ولا يخفى أن محله ما إذا لم يكن الواقف فعل مثل ذلك أما إن كان كذلك فله البياض لقولهم في عمارة الوقف إنه يعمر كما كان وقيد بكونه للنقاء إذ لو قصد به إحكام البناء فإنه لا يضمن وقيدوا بالمسجد إذ نقش غيره موجب للضمان إلا إذا كان مكانا معدا للاستغلال تزيد الأجرة به فلا بأس به وأرادوا من المسجد داخله لقول صاحب النهاية ولأن في تزيينه ترغيب الناس في الاعتكاف والجلوس في المسجد لانتظار الصلاة وذلك حسن ا هـ‏.‏ فيفيد أن تزيين خارجه مكروه وأما من مال الوقف فلا شك أنه لا يجوز للمتولي فعله مطلقا لعدم الفائدة فيه خصوصا إذا قصد به حرمان أرباب الوظائف كما شاهدناه في زماننا من دهنهم الحيطان الخارجة وسيأتي إن شاء الله تعالى بأتم من هذا في كتاب الوقف وفي النهاية وليس بمستحسن كتابة القرآن على المحاريب والجدران لما يخاف من سقوط الكتابة وأن توطأ وفي جامع النسفي مصلى أو بساط فيه أسماء الله تعالى يكره بسطه واستعماله في شيء وكذا لو كان عليه الملك لا غير أو الألف واللام وحدها وكذا يكره إخراجه عن ملكه إذا لم يأمن من استعمال الغير فالواجب أن يوضع في أعلى موضع لا يوضع فوقه شيء وكذا يكره كتابة الرقاع وإلصاقها في الأبواب لما فيه من الإهانة ا هـ‏.‏ والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب‏.‏

باب الوتر والنوافل

لا خفاء في حسن تأخيرهما عن الفرائض والوتر في اللغة خلاف الشفع وأوتر صلى الوتر كذا في المغرب وهو في الشرع صلاة مخصوصة وهي ثلاثة ركعات بعد العشاء والنفل في اللغة الزيادة وفي الشريعة زيادة عبادة شرعت لنا لا علينا ووجوه اشتقاقه يدل على الزيادة ولهذا يسمى ولد الولد نافلة لأنه زيادة على الولد الصلبي وتسمى الغنيمة نفلا لأنها زيادة على أصل المال‏.‏