فصل: باب الاستيلاد

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***


باب الاستيلاد

وهو طلب الولد في اللغة وهو عام أريد به خصوص، وهو طلب ولد أمته أي استلحاقه أي باب بيان أحكام هذا الاستلحاق الثابتة في الأم، وأم الولد تصدق لغة على الزوجة وغيرها ممن لها ولد ثابت النسب وغير ثابت النسب، وفي عرف الفقهاء أخص من ذلك وهي الأمة التي ثبت نسب ولدها من مالك كلها أو بعضها‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولدت أمة من السيد لم تملك‏)‏ لقوله عليه السلام‏:‏ «أعتقها ولدها» أخبر عن إعتاقها فيثبت بعض مواجبه؛ وهو حرمة البيع ولأن الجزئية قد حصلت بين الواطئ والموطوءة بواسطة الولد فإن الماءين قد اختلطا بحيث لا يمكن الميز بينهما على ما عرف في حرمة المصاهرة إلا أن بعد الانفصال تبقى الجزئية حكما لا حقيقة فضعف السبب فأوجب حكما مؤجلا إلى ما بعد الموت، وبقاء الجزئية حكما باعتبار النسب وهو من جانب الرجال فكذا الحرية تثبت في حقهم لا في حقهن حتى إذا ملكت الحرة زوجها وقد ولدت منه لم يعتق بموتها وبثبوت عتق مؤجل يثبت حق الحرية في الحال فيمتنع جواز البيع، وإخراجها لا إلى الحرية في الحال ويوجب عتقها بعد موته أطلق في الولد فشمل الولد الحي والميت؛ لأن الميت ولد بدليل أنه يتعلق به أحكام الولادة حتى تنقضي به العدة وتصير المرأة نفساء وشمل السقط الذي استبان بعض خلقه فإن لم يستبن شيء لا تكون أم ولد، وإن ادعاه المولى ولو قال المصنف‏:‏ حبلت أمة من السيد مكان ‏"‏ ولدت ‏"‏ لكان أولى لما في البدائع والمحيط والخانية لو قال لجاريته‏:‏ حملها مني صارت أم ولد له؛ لأن الإقرار بالحمل إقرار بالولد‏.‏ وكذا لو قال هي حبلى مني، أو ما في بطنها من ولد فهو مني ولا يقبل منه بعده أنها لم تكن حاملا، وإنما كان ريحا ولو صدقته الأمة لأن في الحرية حق الله تعالى فلا يحتمل السقوط بإسقاط العبد بخلاف ما إذا قال‏:‏ ما في بطنها مني ولم يقل‏:‏ من حمل أو ولد، ثم قال بعده كان ريحا وصدقته لم تصر أم ولد لاحتمال الولد والريح ولو قال‏:‏ إن كانت حبلى فهو مني فأسقطت مستبين الخلق كله، أو بعضه صارت أم ولد فإن ولدت لأقل من ستة أشهر صارت أم ولد للتيقن بحملها حينئذ، وإن ولدته لأكثر لم تصر أم ولد ا هـ‏.‏ وأطلق في الولادة من السيد فشمل ما إذا كان بجماع منه أو بغيره لما في المحيط عن أبي حنيفة إذا عالج الرجل جاريته فيما دون الفرج فأنزل فأخذت الجارية ماءه في شيء فاستدخلته فرجها في حدثان ذلك فعلقت الجارية وولدت فالولد ولده والجارية أم ولد له ا هـ‏.‏ وأفاد بالولادة من السيد أنه لا بد من ثبوت النسب منه أولا لتصير أم ولد له فإنه السبب عندنا وثبوت النسب منه موقوف على إقراره كما سيأتي وبه اندفع ما في فتح القدير من أنهم أخلوا بقيد ثبوت النسب؛ لأن الولادة منه لا تتحقق إلا بالاعتراف فلا إخلال خصوصا وقد صرحوا به بعد، وأطلق في السيد فشمل ما إذا كان سيدها وقت الولادة أو لا حتى لو تزوج جارية إنسان فاستولدها، ثم ملكها صارت أم ولد له؛ لأن سبب الاستيلاد ثبوت النسب بخلاف ما إذا زنى بجارية إنسان فولدت، ثم ملكها لعدم ثبوت النسب وشمل ما إذا كان مالكها كلها، أو بعضها؛ لأن الاستيلاد لا يتجزى فإنه فرع النسب فيعتبر بأصله وشمل السيد المسلم والكافر ذميا أو مرتدا، أو مستأمنا كذا في البدائع‏.‏ وأطلق الأمة فشمل القنة والمدبرة لاستوائهما في إثبات النسب إلا أن المدبرة إذا صارت أم ولد بطل التدبير؛ لأن أمية الولد أنفع لها؛ لأنها لا تسعى كذا في البدائع، ويشكل عليه ما في المحيط من أنه يجوز إعتاقها وتدبيرها وكتابتها؛ لأن في الإعتاق إيصال حقها معجلا، وفي التدبير استجماع سبب الحرية وفي الكتابة استعجال حقها في العتق متى أدت البدل قبل موت المولى فلم تتضمن هذه التصرفات إبطال حقها، وملكه قائم فيها فصحت ا هـ‏.‏ فإنه على ما في البدائع ينبغي أن لا يصح التدبير فإن الاستيلاد أقوى منه ولا فائدة فيه معه، وفي الذخيرة معنى قوله بطل التدبير أنه لا يظهر حكم التدبير بعد ذلك فكأنه بطل لأنها تعتق من جميع المال وأفاد بقوله ‏"‏ لم تملك ‏"‏ أنه لا يجوز بيعها ولا هبتها ولا إخراجها عن الملك بوجه وكذا لا يجوز رهنها وليس المراد أنها لم تملك لأحد؛ لأنها باقية على ملك مولاها بدليل ما سيأتي من جواز وطئها وأشار المصنف إلى أنه لو قضى قاض بجواز بيعها لم ينفذ قضاؤه قال في الخانية‏:‏ وهو أظهر الروايات، وفي الظهيرية وإذا قضى القاضي بجواز بيع أم الولد نفذ قضاؤه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وفي قول محمد لا يجوز بناء على المسألة الأصولية أن الإجماع المتأخر هل يرفع الاختلاف المتقدم‏؟‏ عندهما لا يرفع لما فيه من تضليل بعض الصحابة وعند محمد يرفع والفتوى على قول محمد في هذه المسألة أنه لا ينفذ قضاؤه ا هـ‏.‏ وفي الذخيرة لو قضى قاض بجواز بيعها لم ينفذ قضاؤه بل يتوقف على قضاء قاض آخر إمضاء، وإبطالا ا هـ‏.‏ وفي المحيط رجل أعتق أم ولده، ثم ارتدت وسبيت وملكها تصير أم ولد له؛ لأن سبب صيرورتها أم ولد قائم وهو إثبات النسب منه فإن أعتق المدبرة، ثم ارتدت وسبيت فملكها لا تصير مدبرة؛ لأن إعتاق المدبر وصل إليه بالإعتاق وبطل التدبير فلا يبقى عتقها معلقا بالموت بخلاف الاستيلاد فإنه لا يبطل بالإعتاق والارتداد لقيام سببه وهو ثبات نسب الولد ا هـ‏.‏ وفي الخانية وينبغي للمولى أن يشهد على أن الجارية ولدت منه خوفا من أن يسترق ولده بعد وفاته وقدمنا في تزوج الأب جارية ابنه أن من أراد أن تلد أمته منه ولا تكون أم ولد أن يملكها لولده الصغير ثم يتزوجها كما في الخانية‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وتوطأ وتستخدم وتؤجر وتزوج‏)‏ لأن الملك قائم فيها فأشبهت المدبرة فكل تصرف يبطل هذا الحق فإنه لا يجوز فيها وما لا يبطله فهو جائز وأفاد بالوطء والاستخدام أن الكسب والغلة والعقر والمهر للمولى لأنها بدل المنفعة، والمنافع على ملكه، وكذا ملك العين قائم وأفاد بالتزويج أنه لا يجب عليه الاستبراء قالوا‏:‏ هو مستحب كاستبراء البائع لاحتمال أنها حبلت منه فيكون النكاح فاسدا فكان تعريضا للفساد ولو زوجها فولدت لأقل من ستة أشهر فهو من المولى والنكاح فاسد؛ لأنه تبين أنه زوجها، وفي بطنها ولد ثابت النسب منه فإن ولدت لأكثر من ستة أشهر فهو ولد الزوج، وإن ادعاه المولى ولكن يعتق عليه لإقراره بحريته، وإن لم يثبت نسبه وفي المحيط لو باع خدمتها منها، أو كاتبها على خدمتها جاز وتعتق إذا باع خدمتها منها‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فإن ولدت بعده ثبت نسبه بلا دعوة بخلاف الأول‏)‏ بيان لشرط صيرورتها أم ولد فأفاد أن الأمة إذا ولدت فإنها لا تصير أم ولد إلا إذا ادعى الولد لنفسه؛ لأن وطء الأمة يقصد به قضاء الشهوة دون الولد لوجود المانع عنه فلا بد من الدعوة بمنزلة ملك اليمين من غير وطء بخلاف العقد لأن الولد يتعين مقصودا منه فلا حاجة إلى الدعوة فإذا اعترف بالولد الأول وجاءت بالثاني فإنه يثبت نسبه من غير دعوة من المولى؛ لأنه بدعوى الأول تعين الولد مقصودا منها فصارت فراشا كالمعقودة، وفي الظهيرية لو قال لجاريته‏:‏ إن كان في بطنك غلام فهو مني، وإن كان جارية فليس مني يثبت نسب الولد منه غلاما كان، أو جارية ولو قال إن كان في بطنك ولد فهو مني إلى سنتين فولدت لأقل من ستة أشهر يثبت النسب منه، وإن ولدت لأكثر من ستة أشهر لا يثبت النسب والتوقيت باطل ا هـ‏.‏ وأطلق في ثبوت نسب الثاني بلا دعوة وهو مقيد بأن لا تكون حرمت عليه، سواء كانت حرمة مؤبدة، أو لا فإن حرمت عليه لا يثبت نسبه إلا بدعوة؛ لأن الظاهر أنه ما وطئها بعد الحرمة فكانت حرمة الوطء كالنفي دلالة كما لو وطئها ابن المولى، أو أبوه، أو وطئ المولى أمها، أو بنتها فجاءت بولد لأكثر من ستة أشهر أو زوجها فجاءت بولد لستة أشهر من وقت التزويج، وإن ادعى في الحرمة المؤبدة يثبت النسب لأن الحرمة لا تزيل الملك وفي المزوجة يعتق عليه وكذا إذا حرمت عليه بكتابة، وإن حرمت عليه بما لا يقطع نكاح الحرة ولا يزيل فراشها كالحيض والنفاس والإحرام والصوم فإنه يثبت النسب بلا دعوة؛ لأنه تحريم عارض لا يغير حكم الفراش كذا في البدائع وظاهر تقييده بالأكثر من الستة أنها لو ولدته بعد عروض الحرمة لأقل من ستة أشهر فإنه يثبت نسبه بلا دعوة للتيقن بأن العلوق كان قبل عروضها وقد ذكره في فتح القدير بحثا، وفي الظهيرية‏:‏ أمة لرجل ولدت في ملكه ثلاثة أولاد في بطون مختلفة فإن ادعى الأصغر يثبت نسب الأصغر منه وله أن يبيع الأخيرين بالاتفاق، وإن ادعى نسب الأكبر ثبت نسب الأكبر منه، والأوسط والأصغر بمنزلة الأم لا يثبت نسبهما وليس له أن يبيعهما؛ لأنه يحق عليه شرعا الإقرار بنسب ولد هو منه ولما خص الأكبر بالدعوة بعدما لزمه هذا شرعا كان هذا نفيا منه للأخيرين، وولد أم الولد ينتفي نسبه بالنفي وهو نظير ما قيل السكوت لا يكون حجة ولكن السكوت بعد لزوم البيان يجعل دليل النفي فهذا مثله ا هـ‏.‏ وقيد بالدعوة لأنه لو قال كنت أطأ لقصد الولد عند مجيئها بالولد فإنه لا يثبت النسب؛ لأنه لم يعترف بالولد، وفي فتح القدير ينبغي أن يثبت النسب بلا دعوة؛ لأن ثبوته بقوله هو ولدي بناء على أن وطأه حينئذ لقصد الولد وعلى هذا قال بعض فضلاء الدرس ينبغي أنه إذا أقر أنه كان لا يعزل عنها وحصنها أن يثبت نسبه من غير توقف على دعواه، وإن كنا نوجب عليه في هذه الحالة الاعتراف به فلا حاجة أن نوجب عليه الاعتراف ليعترف فيثبت نسبه بل يثبت نسبه ابتداء وأظن أن لا بعد في أن يحكم على المذهب بذلك ا هـ‏.‏ وأقول‏:‏ إنه لا يصح أن يحكم على المذهب به لتصريح أهله بخلافه قال في البدائع‏:‏ الأمة القنة، أو المدبرة لا يثبت نسب ولدها، وإن حصنها المولى وطلب الولد من وطئها بدون الدعوة عندنا؛ لأنها لا تصير فراشا بدون الدعوة ا هـ‏.‏ فإن أراد الثبوت عند القاضي ظاهرا فقد صرحوا أنه لا بد من الدعوة مطلقا، وإن أراد فيما بينه وبين الله تعالى فقد صرح في الهداية وغيرها بأن ما ذكرناه من اشتراط الدعوة إنما هو في القضاء أما فيما بينه وبين الله تعالى فإن كان وطئها وحصنها ولم يعزل عنها يلزمه أن يعترف به ويدعيه؛ لأن الظاهر أن الولد منه، وإن عزل عنها، أو لم يحصنها جاز له أن ينفيه؛ لأن الظاهر يقابله ظاهر آخر، والتحصين منعها من الخروج والبروز عن مظان الريبة، والعزل أن يطأها ولا ينزل في موضع المجامعة وفي المجتبى معزيا إلى تجريد القدوري‏:‏ ويثبت نسب ولد الجارية من مولاها، وإن لم يدعه فهذا نص على أن دعوى المولى ليس بشرط لصيرورتها أم ولد في نفس الأمر، وإنما يشترط لظهوره والقضاء عليه ا هـ‏.‏ وفيه أيضا لا يصح إعتاق المجنون وتدبيره ويصح استيلاده ا هـ‏.‏ مع أن الدعوى لا تتصور منه فهذا إن صح يستثنى وهو مشكل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وانتفى بنفيه‏)‏ أي انتفى نسب الولد الثاني بنفي المولى من غير توقف على لعان؛ لأن فراشها ضعيف حتى يملك نقله بالتزويج بخلاف المنكوحة حيث لا ينفى نسب ولدها إلا باللعان لتأكد الفراش أطلق في النفي فشمل الصريح والدلالة كما إذا ولدت ولدين في بطنين فادعى نسب الثاني كان نفيا للأول وكذا لو كانوا ثلاثة فادعى نسب الثاني كان نفيا للأول وكذا لو كانوا ثلاثة فادعى نسب الأكبر كان نفيا لما بعده كما قدمناه وشمل ما إذا تطاول الزمان وهو ساكت بعد ولادته وصرح في المبسوط بأنه إذا تطاول الزمان لا يملك نفيه؛ لأن التطاول دليل إقراره لوجود دليله من قبول التهنئة ونحوه فيكون كالتصريح، واختلافهم في التطاول سبق في اللعان وصرح في المبسوط أيضا بأنه إنما يملك نفيه إذا لم يقض به القاضي فأما بعد القضاء فقد لزمه بالقضاء فلا يملك إبطاله ا هـ‏.‏ وينبغي أن يكون المراد به قضاء غير الحنفي وأما الحنفي فليس له الحكم به من غير صريح الدعوة‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وعتقت بموته من كل ماله ولم تسع لغريمه‏)‏ لحديث سعيد بن المسيب «أن النبي عليه السلام أمر بعتق أمهات الأولاد وأن لا يبعن في دين وأن لا يجعلن من الثلث» ولأن الحاجة إلى الولد أصلية فتقدم على حق الورثة والدين كالتكفين بخلاف التدبير فإنه وصية بما هو من زوائد الحوائج ولأنها ليست بمال متقوم حتى لا تضمن بالغصب عند أبي حنيفة فلا يتعلق بها حق الغرماء كالقصاص بخلاف المدبر؛ لأنه مال متقوم أطلق في الموت فشمل الحكمي كردته ولحوقه بدار الحرب وكذا الحربي المستأمن إذا اشترى جارية بدار الإسلام واستولدها ثم رجع إلى دار الحرب فاسترق الحربي عتقت الجارية لما ذكرنا في المدبر كذا في البدائع وشمل كلامه ما إذا أقر بأنها ولدت منه في الصحة أو في المرض لكن إن كان في الصحة فإنها تعتق من جميع المال، سواء كان معها ولد، أو لم يكن، وإن كان الإقرار في المرض فإن كان معها ولد فكذلك الجواب وإلا فهي أم ولده وحكمها كالمدبر تعتق من ثلث المال كذا في شرح الطحاوي وذكر في المحيط أنه لو قال لأمته في مرضه‏:‏ ولدت مني فإن كان هناك ولد، أو حبل تعتق من جميع المال، وإلا فمن الثلث؛ لأنه عند عدم الشاهد إقرار بالعتق وهو وصية، وفي الخانية‏:‏ وإذا عتقت بموته يكون ما في يدها من المال للمولى إلا إذا أوصى لها به ا هـ‏.‏ وفي المجتبى عن محمد مات مولى أم الولد ولها متاع وعروض ليس لها منها شيء إلا أني أستحسن أن أترك لها ملحفة وقميصا ومقنعة فأما المدبر فلا شيء له من الثياب وغيره ا هـ‏.‏ ولم يذكر المصنف هنا حكم ولد أم الولد من غير المولى لأنه قدمه في كتاب العتق أن الولد أي الجنين يتبع الأم في الاستيلاد فإذا زوج المولى أم ولده لرجل فولدت فهو في حكم أمه؛ لأن حق الحرية يسري إلى الولد كالتدبير ألا ترى أن ولد الحرة حر وولد القنة رقيق، والنسب يثبت من الزوج؛ لأن الفراش له وإن كان النكاح فاسدا؛ لأن الفاسد ملحق بالصحيح في حق الأحكام، وإذا ادعاه المولى لا يثبت نسبه منه؛ لأنه ثابت النسب من غيره ويعتق الولد كذا في الهداية فإذا مات المولى عتق ولد أم الولد كأمه، وفي المحيط لو شهد أحدهما أنه أقر أنها ولدت هذا الغلام منه وشهد الآخر أنها ولدت هذه الجارية منه فشهادتهما جائزة على أمية الولد لا على ثبات النسب لاختلافهما في الولد فإن كان الولدان لا يعلم أيهما أكبر فنصف كل واحد منهما بمنزلة أمه يعتق ذلك النصف بعتقها ويسعى كل واحد منهما في نصف قيمته بعد موت المولى، وإن كان أحدهما أكبر من الآخر عتق الأصغر بعتقها ويباع الأكبر ولا يثبت نسب واحد منهما ومتى لم يعلم أيهما أكبر وأحدهما حادث بعد ثبوت أمية الولد للأم وهو مجهول فيشيع ذلك الحكم فيهما نصفان ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو أسلمت أم ولد النصراني سعت في قيمتها‏)‏ لأن النظر من الجانبين في جعلها مكاتبة لأنه يندفع الذل عنها بصيرورتها حرة يدا والضرر عن الذمي لانبعاثها على الكسب نيلا لشرف الحرية فيصل الذمي إلى بدل ملكه أما لو أعتقت وهي مفلسة تتوانى في الكسب ومالية أمية الولد يعتقدها الذمي متقومة فيترك وما يعتقده ولأنها إن لم تكن متقومة فهي محترمة وهذا يكفي لوجوب الضمان كما في القصاص المشترك إذا عفا أحد الأولياء يجب المال للباقين والمراد بقيمتها هنا ثلث قيمتها لو كانت قنة كذا في غاية البيان والمراد بالنصراني الكافر وترك المصنف قيدا وهو أن محل وجوب السعاية عليها فيما إذا عرض الإسلام عليه فأبى أما إذا أسلم فهي باقية على حالها ولم يصرح بأنها في حال السعاية مكاتبة وقد قالوا إنها مكاتبة لكن إذا عجزت لا ترد في الرق وشرط قاضي خان في الخانية لكونها مكاتبة قضاء القاضي قال‏:‏ وإذا قضى القاضي عليها بالسعاية كان حالها حال المكاتب ما لم تؤد السعاية وقال فخر الإسلام ومعنى المسألة أن القاضي يقدر قيمتها فينجمها عليها وأشار بكونها أم ولده إلى أنه لو مات قبل السعاية عتقت بلا سعاية كما هو حكم الولد، وإلى أن المدبر النصراني إذا أسلم فحكمه حكم أم الولد يسعى في قيمته وهي نصف قيمته لو كان قنا، أو الثلثان على ما مر وقيد بأم الولد لأن القنة للنصراني إذا أسلمت فإن المولى يؤمر بالبيع وكذا قنه؛ لأن البيع أوجب الحقوق؛ لأن الكاتب ربما يعجز فيحتاج إلى بيعه فصارت الكتابة بمنزلة البدل عن البيع ولا يصار إلى البدل ما دام الأصل مقدورا عليه كذا في غاية البيان وقيد مسكين الجبر على البيع بعرض الإسلام عليه فيأبى، وفي المحيط‏:‏ وإذا قضى القاضي عليها بالقيمة، ثم ماتت ولها ولد ولدته في السعاية سعى الولد فيما عليها؛ لأن الولد صار مستسعى تبعا لأمه كولد المكاتبة؛ لأنها بمنزلة المكاتبة ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو ولدت بنكاح فملكها فهي أم ولده‏)‏ لأن السبب هو الجزئية على ما ذكرنا من قبل والجزئية إنما تثبت بينهما بنسبة الولد الواحد إلى كل منهما كملا وقد ثبت النسب فتثبت الجزئية بهذه الواسطة وقد كان المانع حين الولادة ملك الغير وقد زال قيد بالنكاح احترازا عما إذا ولدت منه بالزنا ثم ملكها فإنها لا تصير أم ولد له؛ لأنه لا نسب فيه للولد إلى الزاني، وإنما يعتق على الزاني إذا ملكه؛ لأنه جزؤه حقيقة بلا واسطة نظيره من اشترى أخاه من الزنا لا يعتق لأنه ينسب إليه بواسطة نسبه إلى الوالد وهي غير ثابتة، والوطء بالشبهة كالنكاح كما في المحيط وأطلق في الملك فشمل الكل والبعض ولذا قال في المحيط‏:‏ وإذا ولدت الأمة المنكوحة من الزوج ثم اشتراها هو وآخر تصير أم ولد للزوج لما قلنا ويلزمه قيمة نصيب شريكه؛ لأنه بالشراء صارت أم ولد له وانتقل نصيب الشريك إليه بالضمان، وإن ورثا معا الولد وكان الشريك ذا رحم محرم من الولد عتق عليهما جميعا، وإن كان الشريك أجنبيا سعى الولد للشريك في حصته لأنه لما عتق نصيب الأب فسد نصيب شريكه ا هـ‏.‏ أشار المصنف بكونها أم ولد له إلى أن أولادها منه أحرار إذا ملكهم؛ لأن «من ملك ذا رحم محرم منه عتق عليه»، الحديث، ولو ملك ولدا لها من غيره لا يعتق وله بيعه عندنا؛ لأنها إنما صارت أم ولد له من حين الملك لا من حين العلوق، وأما الولد الحادث في ملكه فحكمه حكم أمه بالاتفاق إلا أنه إذا كان جارية لم يستمتع بها لأنه وطئ أمها، وهذه إجماعية وهي واردة على إطلاق من قال‏:‏ إنه كأمه كذا في فتح القدير‏.‏ ويستثنى منه أيضا ما في الظهيرية رجل اشترى جارية هي أم ولد الغير من رجل أجنبي ولا علم له بحالها فولدت منه ولدا ثم استحقها مولاها وقضي له بها فعلى أبي الولد - وهو المشتري - قيمة الولد لمولى أم الولد بسبب الغرور وكان ينبغي أن لا يكون عليه شيء من قيمة الولد على قول أبي حنيفة؛ لأن ولد أم الولد لا مالية فيه كأمه إلا أنه ضمن مع هذا قيمته عنده؛ لأنه إنما لا يكون فيه مالية بعد ثبوت حكم أمية الولد فيه ولم يثبت في الولد لأنه علق حر الأصل فلذا كان مضمونا بالقيمة والله أعلم ا هـ‏.‏ فحاصله أن ولد أم الولد من غير المولى كأمه إلا في مسألتين فإذا ملك من استولدها بالنكاح وبنتها من غيره الحادثة قبل الملك والبنت الحادثة من رجل بعد الملك وأعتقهن، ثم اشتراهن بعد السبي والارتداد عدن كما كن في قول أبي يوسف يحرم عليه بيع الأم والبنت الثانية ولا يحرم عليه بيع البنت الأولى وقال محمد‏:‏ يحرم عليه بيع الأم ولا يحرم عليه بيع البنتين كذا في الظهيرية‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو ادعى ولد أمة مشتركة ثبت نسبه، وهي أم ولده، ولزمه نصف قيمتها ونصف عقرها لا قيمته‏)‏ أما ثبوت النسب فلأنه لما ثبت في نصفه لمصادفته ملكه ثبت في الباقي ضرورة أنه لا يتجزأ لما أن سببه لا يتجزأ وهو العلوق إذ الولد الواحد لا يعلق من ماءين، وأما صيرورتها أم ولد فلأن الاستيلاد لا يتجزأ عنده وعندهما يصير نصيبه أم ولد له، ثم يتملك نصيب صاحبه إذ هو قابل للملك، وأما ضمان نصف القيمة فلأنه تملك نصيب صاحبه لما استكمل الاستيلاد، وأما ضمان نصف العقر فلأنه وطئ جارية مشتركة إذ الملك ثبت حكما للاستيلاد فيعقبه الملك في نصيب صاحبه بخلاف الأب؛ إذا استولد جارية ابنه؛ لأن الملك هناك ثبت شرطا للاستيلاد فيتقدمه فصار واطئا ملك نفسه، وأما عدم ضمان قيمة الولد فلأن النسب يثبت مستندا إلى وقت العلوق فلم يتعلق شيء منه على ملك شريكه‏.‏ أطلق في المدعي فشمل الحر والمكاتب فإذا ادعى المكاتب ولد الأمة المشتركة فالحكم كذلك كما في البدائع، وفي الظهيرية، وإن كانت بين حر ومكاتب فادعى المكاتب وحده ثبت نسبه وضمن نصف قيمتها للشريك وقال أبو يوسف‏:‏ نصيب الشريك بحاله كما كان يستخدمها كل واحد منهما يوما فإذا عجز المكاتب كان له أن يبيعها لأن حكم الاستيلاد في نصيب المكاتب بصفة الاستقرار لم يثبت بدليل أنها تباع بعد العجز ا هـ‏.‏ ومثل المسلم الكافر والصحيح والمريض مرض الموت لأنه من الحوائج الأصلية وأطلق في الأمة فشمل ما إذا كانت حبلت على ملكهما أو اشترياها حاملا لكنه يضمن في الثاني نصف قيمة الولد؛ لأنها دعوة إعتاق لا استيلاد، وفي الظهيرية لو اشترى أخوان أمة حاملة فجاءت بولد فادعاه أحدهما فعليه نصف قيمة الولد؛ لأنه أعتقه بالدعوة ولا يعتق على عمه بالقرابة؛ لأن الدعوة قد تقدمت فيضاف الحكم إلى الدعوة دون القرابة ا هـ‏.‏ وأطلق في وجوب نصف القيمة والعقر فشمل الموسر والمعسر؛ لأنه ضمان تملك بخلاف ضمان العتق وتعتبر القيمة يوم العلوق وكذا نصف العقر وشمل ما إذا كان المدعي منهما الأب كما إذا كانت مشتركة بين الأب وابنه فادعاه الأب صح ولزمه نصف القيمة والعقر كالأجنبي بخلاف ما إذا استولدها ولا ملك له فيها حيث لا يجب العقر عندنا والفرق بينهما أن الجارية متى لم تكن ملكا له مست الحاجة إلى إثبات الملك له فيها سابقا على الوطء لئلا يكون فعله زنا ومتى كانت مشتركة بينهما فقيام الملك في شقص منها يكفي لإخراج فعله من أن يكون زنا فلم تمس الحاجة إلى إثبات الملك سابقا على الوطء فلذا يجب نصف العقر كذا في الظهيرية‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو ادعياه معا ثبت نسبه منهما وهي أم ولدهما وعلى كل واحد نصف العقر وتقاصا وورث من كل إرث ابن وورثا منه إرث أب‏)‏ أما ثبوت النسب منهما فلكتاب عمر إلى شريح في هذه الحادثة لبسا فلبس عليهما ولو بينا لبين لهما هو ابنهما يرثهما ويرثانه وهو للباقي منهما وكان ذلك بمحضر من الصحابة وعن علي مثل ذلك ولأنهما استويا في سبب الاستحقاق فيستويان فيه، والنسب وإن كان لا يتجزى ولكن يتعلق به أحكام متجزئة فما يقبل التجزئة يثبت في حقهما على التجزئة وما لا يقبلها يثبت في حق كل واحد منهما كملا كأن ليس معه غيره ولا اعتبار بقول القائف، وسرور النبي صلى الله عليه وسلم بقوله في أسامة إنما كان لأن الكفار كانوا يطعنون في نسب أسامة فكان قول القائف مقطعا لطعنهم فسر به، وأما كونها أم ولد لهما فلصحة دعوى كل واحد منهما في نصيبه في الولد فيصير نصيبه فيها أم ولد له تبعا لولدها، وأما لزوم نصف العقر على كل واحد منهما فلما قدمناه‏.‏ وأما التقاص فلعدم فائدة الاشتغال بالاستيفاء، وفائدة إيجاب العقر مع التقاص به أن أحدهما لو أبرأ أحدهما عن حقه بقي حق الآخر وأيضا لو قدر نصيب أحدهما بالدراهم والآخر بالدنانير كان له أن يدفع الدراهم ويأخذ الدنانير كما في فتح القدير، وإن كان نصيب أحدهما أكثر من نصيب الآخر يأخذ منه الزيادة، وأما ميراثه من كل واحد منهما ميراث ابن كامل فلأنه أقر له بميراثه كله وهو حجة في حقه وأما إرثهما منه ميراث أب واحد إذا مات وهما حيان فلاستوائهما في النسب كما إذا أقاما البينة‏.‏ وأطلق في الشريكين وهو مقيد باستوائهما في الأوصاف فلو ترجح أحدهما لم يعارضه المرجوح فيقدم الأب على الابن والمسلم على الذمي والحر على العبد والذمي على المرتد والكتابي على المجوسي، والعبرة لهذه الأوصاف وقت الدعوة لا العلوق كما في غاية البيان، وفي المبسوط‏:‏ أمة بين مسلم وذمي ومكاتب ومدبر وعبد ولدت فادعوه فالحر المسلم أولى لاجتماع الإسلام والحرية فيه مع الملك فإن لم يكن فيه مسلم بل من بعده فقط فالذمي أولى؛ لأنه حر، والمكاتب والعبد وإن كانا مسلمين لكن نيل الولد تحصيل الإسلام دون الحرية ثم المكاتب؛ لأن له حق ملك، والولد على شرف الحرية بأداء الكتابة، وإن لم يكن مكاتب، وادعى المدبر والعبد لا يثبت من واحد منهما النسب؛ لأنهم ليس لهم ملك ولا شبهة ملك قيل وجب أن يكون هذا الجواب في العبد المحجور وهبت له أمة ولا يتعين ذلك بين أن يزوج منها أيضا كذا في فتح القدير وفي الظهيرية ولو كانت الجارية بين رجل وأبيه وجده فجاءت بولد فادعوه كلهم فالجد أولى ا هـ‏.‏ وقيد بكون كل واحد منهما ادعى نسبه؛ لأنها لو كانت بين رجلين فولدت ولدا فادعاه أحدهما وأعتقه الآخر وخرج الكلامان معا كانت الدعوة أولى من الإعتاق؛ لأن الدعوة تستند إلى حالة العلوق والإعتاق فيقتصر على الحال ا هـ‏.‏ وأطلق في كونها مشتركة بينهما ولم يقيد باستوائهما في القدر لأنها لو كانت بين اثنين لأحدهما عشرها وللآخر تسعة أعشارها فجاءت بولد فادعياه معا فإنه ابنهما ابن هذا كله وابن ذلك كله فإن مات ورثاه نصفين، وإن جنى عقل عواقلهما نصفين، وإن جنت الأمة فعلى صاحب العشر عشر موجب الجناية وعلى الآخر تسعة أعشار موجبها وكذا أولادها لهما على هذا ولو أن رجلين اشتريا عبدا ليس له نسب معروف أحدهما عشره والآخر تسعة أعشاره، ثم ادعياه معا فهو ابنهما لا يفضل أحدهما على صاحبه في النسب فإن جنى فجنايته على عواقلهما أعشارا كذا في الظهيرية، وقيد بكونهما اثنين للاختلاف فيما زاد عليهما فعند أبي حنيفة يثبت النسب من المدعيين وإن كثروا وقال أبو يوسف يثبت نسبه من اثنين ولا يثبت نسبه من الثلاثة وعند محمد يثبت من الثلاثة لا غير وقال زفر‏:‏ يثبت من خمسة فقط وهو رواية الحسن بن زياد عن الإمام، وفي غاية البيان لو تنازع فيه امرأتان قضي به أيضا بينهما عند أبي حنيفة وعندهما لا يقضى للمرأتين وكذلك يثبت عند أبي حنيفة للخمس ولو تنازع فيه رجل وامرأتان يقضى به بينهم عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد يقضى للرجل ولا يقضى للمرأتين، وإذا تنازع فيه رجلان وامرأتان كل رجل يدعي أنه ابنه من هذه المرأة، والمرأة لا تصدقه على ذلك فعند أبي حنيفة يقضى بين الرجلين ولا يقضى بين المرأتين ا هـ‏.‏ وأفاد بكونها أم ولد لهما أنها تخدم كلا منهما يوما، وإذا مات أحدهما عتقت ولا ضمان للحي في تركة الميت لرضا كل منهما بعتقها بعد الموت ولا تسعى للحي عند أبي حنيفة لعدم تقومها وعلى قولهما تسعى في نصف قيمتها له ولو أعتقها أحدهما عتقت ولا ضمان عليه للساكت ولا سعاية في قول أبي حنيفة وعلى قولهما يضمن إن كان موسرا وتسعى إن كان معسرا كذا في فتح القدير فعلى هذا محل قول الإمام‏:‏ العتق يتجزأ في القنة أما في أم الولد فعتقها لا يتجزأ اتفاقا وقد نبه عليه في المجتبى، وفي البدائع وإن كانت الأنصباء مختلفة بأن كان لأحدهم السدس وللآخر الربع وللآخر الثلث وللآخر ما بقي يثبت نسبه منهم، ويصير نصيب كل واحد من الجارية أم ولد له لا يتعدى إلى نصيب صاحبه حتى تكون الخدمة والكسب والغلة بينهم على قدر أنصبائهم؛ لأن كل واحد يثبت الاستيلاد منه في نصيبه فلا يجوز أن يثبت فيه استيلاد غيره ا هـ‏.‏ فالحاصل أن الأنصباء إذا كانت مختلفة فالحكم في حق الولد لا يختلف فأما الاستيلاد فيثبت لكل واحد منهما بقدر ملكه كذا في الظهيرية‏.‏ وأطلق المصنف في كونها أم ولد لهما وهو مقيد بما إذا كانت حبلت في ملكهما بأن ولدت لستة أشهر فأكثر من يوم الشراء أما إذا اشترياها وهي حامل بأن ولدت لأقل من ستة أشهر من وقت الشراء فادعياه أو اشترياها بعد الولادة ثم ادعياه فإنها لا تكون أم ولد لهما؛ لأن هذه دعوة عتق لا دعوة استيلاد فيعتق الولد مقتصرا على وقت الدعوة بخلاف الاستيلاد فإن شرطها كون العلوق في الملك وتستند الحرية إلى وقت العلوق فيعلق حرا وكذا لو كان الحمل على ملك أحدهما بالتزوج ثم اشتراها هو وآخر فولدت لأقل من ستة أشهر من الشراء فادعياه فهي أم ولد الزوج فإن نصيبه صار أم ولد له، والاستيلاد لا يحتمل التجزي عندهما ولا إبقاءه عنده، فيثبت في نصيب شريكه أيضا وكذا إذا حملت على ملك أحدهما رقبة فباع نصفها من آخر فولدت يعني لتمام ستة أشهر من بيع النصف فادعياه يكون الأول أولى لكون العلوق أولى في ملكه كذا في فتح القدير وهي ليست كأم ولد لواحد؛ لأنها لو جاءت بعد ذلك بولد لم يثبت نسبه من واحد إلا بالدعوى؛ لأن الوطء حرام فتعتبر الدعوة كذا في المجتبى وأفاد بقوله وورثا منه إرث أب أنه لو مات أحدهما قبل الولد فجميع ميراثه للباقي منهما وأن الولاية عليه في التصرف مشتركة ولذا قال في الخانية من باب الوصي‏:‏ رجلان ادعيا صغيرا ادعى كل واحد منهما أنه ابنه من أمة مشتركة بينهما فإنه يثبت نسبه منهما فإن كان لهذا الولد مال ورثه من أخ له من أمه أو وهب له أخوه لا ينفرد بالتصرف في ذلك المال أحد الأبوين عند أبي حنيفة ومحمد وعند أبي يوسف ينفرد ا هـ‏.‏ وأما ولاية الإنكاح فلكل واحد منهما الانفراد به قال في التبيين‏:‏ النسب وإن كان لا يتجزأ لكن يتعلق به أحكام متجزئة كالميراث والنفقة والحضانة والتصرف في المال وأحكام غير متجزئة كالنسب وولاية الإنكاح فما يقبل التجزئة يثبت بينهما على التجزئة وما لا يقبلها يثبت في حق كل واحد منهما على الكمال كأنه ليس معه غيره ا هـ‏.‏ وذكر في صدقة الفطر أن صدقة فطر الولد عليهما لكن عند أبي يوسف على كل واحد منهما صدقة تامة وعند محمد عليهما صدقة واحد، وأما الأم فلا تجب على واحد منهما صدقتها اتفاقا وذكر في الخانية من فصل الجزية لو حدث بين النجراني والتغلبي ولد ذكر من جارية وادعياه جميعا معا فمات الأبوان وكبر الولد لم تؤخذ منه الجزية وذكر في السير أنه إن مات التغلبي أولا تؤخذ منه جزية أهل نجران، وإن مات النجراني أولا تؤخذ منه جزية أهل تغلب، وإن ماتا معا يؤخذ النصف من هذا والنصف من هذا ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو ادعى ولد أمة مكاتبه وصدقه المكاتب لزم النسب والعقر وقيمة الولد ولم تصر أم ولده، وإن كذبه لم يثبت‏)‏ وعند أبي يوسف أنه يثبت النسب بدون تصديقه اعتبارا بالأب يدعي ولد جارية ابنه، وجه الظاهر وهو الفرق أن المولى لا يملك التصرف في أكساب مكاتبه حتى لا يتملكه والأب يملك تملكه فلا يعتبر تصديق الابن، وإنما لزمه العقر؛ لأنه لا يتقدمه الملك لأن ماله من الحق كاف لصحة الاستيلاد لما ذكر، وإنما لزمه قيمة الولد؛ لأنه في معنى المغرور حيث اعتمد دليلا، وهو أنه كسب كسبه فلم يرض برقه فيكون حرا بالقيمة ثابت النسب منه إلا أن القيمة هنا تعتبر يوم ولد، وقيمة ولد المغرور يوم الخصومة، وإنما لم تصر الجارية أم ولد للمولى؛ لأنه لا ملك له فيها حقيقة كما في ولد المغرور، وإن كذبه المكاتب في النسب لم يثبت من المولى لما بينا أنه لا بد من تصديقه فلو ملكه يوما ثبت نسبه منه لقيام الموجب وزوال حق المكاتب؛ إذ هو المانع قيد بأمة المكاتب؛ لأنه لو وطئ المكاتبة فجاءت بولد فادعاه ثبت نسبه ولا يشترط تصديقها؛ لأن رقبتها مملوكة له بخلاف كسبها، وفي التبيين ولو ولدت منه جارية غيره وقال أحلها لي مولاها، والولد ولدي فصدقه المولى في الإحلال وكذبه في الولد لم يثبت نسبه فإن ملكها يوما ثبت نسبه وصارت أم ولد له ولو صدقه في الولد ثبت نسبه ولو استولد جارية أحد أبويه، أو امرأته وقال ظننت أنها تحل لي لم يثبت نسبه منه ولا حد عليه، وإن ملكه يوما عتق عليه، وإن ملك أمه لا تصير أم ولد له لعدم ثبوت نسبه ا هـ‏.‏ والله سبحانه وتعالى أعلم‏.‏