فصل: باب حد القذف

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***


باب حد القذف

هو في اللغة الرمي بالشيء وفي الشرع الرمي بالزنا وهو من الكبائر بإجماع الأمة قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم‏}‏ كذا في فتح القدير وليس هو من الكبائر مطلقا بل بحضرة أحد أما القذف في الخلوة فصغيرة عند الشافعية كما في شرح جمع الجوامع وقواعدنا لا تأباه؛ لأن العلة فيه لحوق العار وهو مفقود في الخلوة وينبغي أن يقيد أيضا بكون المقذوف محصنا كما قيد به في الآية الكريمة فقذف غير المحصن لا يكون من الكبائر ولذا لم يجب به الحد فينبغي أن يعرف القذف في الشرع بأنه رمي المحصن بالزنا وفي فتح القدير وتعلق الحد به بالإجماع مستندين إلى قوله تعالى‏:‏ ‏{‏والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة‏}‏، والمراد الرمي بالزنا حتى لو رماها بسائر المعاصي غيره لا يجب الحد بل التعزير وفي النص أشار إليه أي إلى أن المراد الزنا وهو اشتراط أربعة من الشهود يشهدون عليها بما رماها به ليظهر به صدقه فيما رماها به ولا شيء يتوقف ثبوته بالشهادة على شهادة أربعة إلا الزنا ثم ثبت وجوب جلد القاذف للمحصن بدلالة هذا النص للقطع بإلغاء الفارق وهو صفة الأنوثة واستقلال دفع عار ما نسب إليه بالتأثير بحيث لا يتوقف فهمه على ثبوت أهلية الاجتهاد‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ هو كحد الشرب كمية وثبوتا‏)‏ أي حد القذف كحد الشرب قدرا وهو ثمانون سوطا إن كان حرا ونصفه إن كان القاذف عبدا ويثبت سببه وهو القذف بشهادة رجلين أو بإقرار القاذف مرة ولا تقبل فيه شهادة النساء ولا الشهادة على الشهادة ولا كتاب القاضي إلى القاضي ولو ادعى المقذوف أن له بينة حاضرة على القاذف في مصر يحبسه القاضي في قول أبي حنيفة إلى قيام القاضي عن مجلسه يريد به أن يلازمه ولا يأخذ منه كفيلا بنفسه في قول أبي حنيفة ومحمد ولو أقام المقذوف شاهدا واحدا عدلا على القاذف وقال لي شاهد آخر في المصر قال أبو حنيفة رضي الله عنه يحبسه القاضي وكذا لو أقام المدعي شاهدين مستورين لا يعرفهما القاضي بالعدالة، فإنه يحبسه وقال أبو يوسف لا يحبس بقول الواحد العدل ولو قال مدعي القذف شهودي خارج المصر أو أقام شاهدا واحدا وادعى أن بينته خارج المصر وطلب من القاضي حبس القاذف، فإنه لا يحبسه كذا في الخانية وفي الظهيرية هذا إذا كان المكان الذي فيه الشاهد بعيدا من المصر بحيث لا يمكنه الإحضار في ثلاثة أيام أما إذا كان المكان قريبا يمكنه الإحضار في ثلاثة أيام، فإنه يحبسه أيضا وفي الظهيرية أيضا إذا ادعى رجل على رجل أنه قذفه وجاء بشاهدين فالقاضي يسأل الشاهدين عن القذف ما هو وكيف هو، فإذا قالا‏:‏ نشهد أنه قال له يا زاني قبلت شهادتهما وحد القاذف إن كانا عدلين فإن شهد أحدهما أنه قال له يا زاني يوم الجمعة وشهد الآخر أنه قال له يا زاني يوم الخميس قال أبو حنيفة تقبل هذه الشهادة وقالا لا تقبل وكذا لو شهد أحدهما بالإقرار، والآخر بالإنشاء ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فلو قذف محصنا أو محصنة بزنا حد بطلبه مفرقا‏)‏ أي بطلب المقذوف مفرقا على أعضاء القاذف لما تلوناه من الآية وبينا من الإجماع قيد بالمحصن؛ لأن غيره لا يجب الحد بقذفه وفيه إشارة إلى اشتراط عجز القاذف عن إقامة البينة على الزنا، فإنه إذا أقام بينة على صدق مقالته لم يبق المقذوف محصنا فأغنى ذكر الإحصان عن هذا الشرط وكذا لو صدقه المقذوف وفي الظهيرية رجل قذف رجلا بالزنا فرفعه المقذوف إلى القاضي فقال القاذف‏:‏ عندي شهود عدول على ما قلت وأقامهم على ذلك، فإنه لا يحد وهل يحد المقذوف إن شهدوا بحد متقادم، فإنه لا يحد كما لو شهدوا عليه بالزنا قبل القذف إن كان متقادما لم يحد، وإن كان غير متقادم حد فكذلك هنا ا هـ‏.‏ وقيد بقوله بزنا؛ لأنه لو قذفه بغيره لا يكون قذفا شرعا لما قدمناه فلا حد بقوله وطئك فلان وطئا حراما أو جامعك حراما وأطلق في الزنا ولم يقيده بلفظ ليدخل فيه ما إذا قال زنيت أو يا زاني أو أنت أزنى الناس أو أنت أزنى من فلان أو أنت أزنى مني كما في الظهيرية ويخالفه ما في الخانية لو قال‏:‏ أنت أزنى مني لا حد عليه ولو قال لرجل‏:‏ يا زانية بالتاء لا يحد في قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد‏:‏ يكون قاذفا ولو قال لامرأة يا زاني يجب الحد في قولهم؛ لأنه ترخيم وهو حذف آخر الكلمة ولو قال لرجل زان لا حد عليه ولو قال لأهل قرية ليس فيكم زان إلا واحدا أو قال‏:‏ كلكم زان إلا واحدا أو قال لرجلين‏:‏ أحدكما زان فقيل هذا لأحدهما بعينه فقال نعم لا حد عليه‏.‏ ولو قال لرجل يا زاني فقال له غيره صدقت حد المبتدئ دون المصدق ولو قال له صدقت هو كما قلت فهو قاذف أيضا ولو أن جماعة قالوا رأينا فلانا يزني بفلانة ثم قالوا فيما دون الفرج متصلا لا حد على المقذوف ولا على الجماعة ولو قطعوا الكلام ثم قالوا فيما دون الفرج كان عليهم حد القذف ولو قال من قال كذا وكذا فهو ابن الزانية فقال رجل أنا قلت لا حد على المبتدئ ولو قال لغيره أنت تزني لا حد عليه ولو قال لامرأة ما رأيت زانية خيرا منك لا حد عليه ولو قال لامرأة زنى بك زوجك قبل أن يتزوجك كان قذفا ولو قال لغيره زنى فخذك أو ظهرك أو يدك لا حد عليه ولو قال‏:‏ زنى فرجك كان قاذفا ولو قذف رجلا بغير لسان العربية كان عليه الحد ولو قال لغيره أخبرت أنك زان أو قال أشهدت على ذلك لا حد عليه ولو قال لغيره زنيت وفلان معك يكون قاذفا لهما ولو قال‏:‏ عنيت وفلان معك شاهد لا يصدق ولو قال أشهد أنك زان فقال رجل آخر وأنا أشهد أيضا لا حد على الثاني إلا أن يقول وأنا أشهد عليه بمثل ما شهدت به عليه فحينئذ يكون قاذفا ولو قال لغيره اذهب إلى فلان وقل له يا زاني فلا حد على الآمر وهل يحد المأمور إن كان المأمور قال له يا زاني يحد، وإن قال له‏:‏ إن فلانا يقول لك يا زاني لم يحد ولو قال لآخر يا ابن الزانية وهذا معك قال ذلك بكلام واحد فهذا ليس بقذف للثاني ولو قال لرجل يا زاني وهذا معك كان قاذفا لهما‏.‏ ولو قال لآخر يا ابن الزانية وهذا ولم يقل معك فهو قاذف للثاني رجل قال لامرأة أجنبية زنيت ببعير أو بثور أو بحمار لا حد عليه؛ لأنه نسبها إلى التمكين من البهائم ولو قال زنيت بناقة أو ببقرة أو بثوب أو بدرهم فعليه الحد؛ لأن معنى كلامه زنيت بناقة بذلك لك أو بدرهم بذلك لك في الزنا، فإن قيل بل معنى كلامه زنيت بدرهم استؤجرت عليه فينبغي أن لا يحد في قول أبي حنيفة وهذا؛ لأن حرف الباء تصحب الأعواض، والأبدال قيل له هذا محتمل وما ذكرناه محتمل فيتقابل المحتملان ويبقى‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ زنيت فكأنه لم يزد على هذا ولو قال لرجل زنيت ببعير أو بناقة أو ما أشبه ذلك لا حد عليه؛ لأنه نسبه إلى إتيان البهيمة، فإن قال بأمة أو دار أو ثوب فعليه الحد كذا في الخانية، والظهيرية وبه تبين أن حد القذف لا يجب مع التصريح بالزنا في بعض المسائل لقرينة ويجب في بعض المسائل مع عدم التصريح مثل ما تقدم من قوله هو كما قال فحينئذ يحتاج إلى ضبط هذه المسألة وفي الخانية رجل قال لغيره يا لوطي لا حد عليه‏.‏ ولو نسبه إلى اللواطة صريحا لا حد عليه في قول أبي حنيفة وقال صاحباه يحد ا هـ‏.‏ واعلم أنه يشترط وجود الإحصان وقت الحد حتى لو زنى المقذوف قبل أنه يقام الحد على القاذف أو وطئ وطئا حراما على ما ذكرنا أو ارتد، والعياذ بالله تعالى سقط الحد عن القاذف ولو أسلم بعد ذلك؛ لأن إحصان المقذوف شرط فلا بد من وجوده عند إقامة الحد كذا في فتح القدير وقيد بطلبه؛ لأنه حقه وينتفع به على الخصوص من حيث دفع العار عن نفسه، وإن كان الغالب فيه حق الله تعالى على الأصح وأشار به إلى أن قذف الأخرس لا يوجب الحد؛ لأن طلبه يكون بالإشارة ولعله لو كان ينطق لصدقه ولما كان الطلب ثم الحد لدفع العار استفيد منه أنه لا بد من تصور الزنا من المقذوف حتى لو قذف رتقاء أو مجبوبا لا يجب عليه الحد؛ لأنهما لا يلحقهما العار بذلك لظهور كذبه بيقين‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولا ينزع عنه غير الفرو، والحشو‏)‏ إظهارا للتخفيف؛ لأن سببه غير متيقن به لاحتمال صدق القاذف فلا يقام على الشدة‏.‏ وأما الفرو، والحشو فيمنعان وصول الألم فينزعان بخلاف حد الزنا، والشرب، فإنه ينزع عنه ثيابه كلها إلا الإزار كما قدمناه، والمراد بالحشو الثوب المحشو كالمضرب بالقطن، ومقتضى كلامهم أنه لو كان عليه ثوب ذو بطانة غير محشو لا ينزع وفي فتح القدير، والظاهر أنه لو كان فوق قميص ينزع؛ لأنه يصير مع القميص كالمحشو أو قريبا منه ويمنع من إيصال الألم الذي يصلح زاجرا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وإحصانه بكونه مكلفا حرا مسلما عفيفا عن الزنا‏)‏ فخرج الصبي، والمجنون؛ لأنه لا يتصور منهما الزنا إذ هو فعل محرم، والحرمة بالتكليف وفي الظهيرية إذا قذف غلاما مراهقا فادعى الغلام البلوغ بالسن أو الاحتلام لم يحد القاذف بقوله وخرج العبد؛ لأن الإحصان ينتظم الحرية قال تعالى‏:‏ ‏{‏فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب‏}‏ فقذف العبد ولو مدبرا أو مكاتبا يوجب التعزير على قاذفه لا الحد وخرج الكافر لقوله عليه السلام‏:‏ «من أشرك بالله فليس بمحصن» وفي الخانية ولا يجب حد القذف إلا أن يكون المقذوف حرا ثبت حريته بإقرار القاذف أو بالبينة إذا أنكر القاذف حريته وكذا لو أنكر القاذف حرية نفسه وقال أنا عبد وعلى حد العبيد كان القول قوله ا هـ‏.‏ ويثبت الإحصان بشهادة رجل وامرأتين وبعلم القاضي ولا يحلف القاذف أنه لا يعلم أن المقذوف محصن‏.‏ كذا في فتح القدير وفي الظهيرية لو قال لامرأته زنيت وأنت كافرة وهي في الحال مسلمة، فإنه يجب اللعان وكذلك لو قال زنيت وأنت أمة وهي في الحال حرة؛ لأنه لو قال ذلك للأجنبية يجب الحد وهذا بخلاف ما لو قال‏:‏ قذفتك وأنت كافرة أو وأنت أمة ا هـ‏.‏ وخرج غير العفيف؛ لأن الإحصان ينتظم العفة أيضا قال تعالى‏:‏ ‏{‏والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب‏}‏ أي العفائف ولأن المقذوف إذا لم يكن عفيفا فالقاذف صادق فالشرائط الخمسة للإحصان داخلة تحت قوله تعالى‏:‏ ‏{‏والذين يرمون المحصنات‏}‏، فإذا فقد واحد منها لا يكون محصنا وفي القنية قذف وهو مصلح ظاهرا ولم يكن عفيفا في السر يعذر في مطالبة القاذف بالحد فيما بينه وبين الله تعالى قال رضي الله عنه فيه نظر، فإن المفهوم من قوله ولم يكن عفيفا في السر إنه من الزنا، وإن كان زانيا لم يكن قذفه موجبا للحد فكيف يعذر ا هـ‏.‏ وقيد بقوله عن الزنا؛ لأنه لا يشترط العفة عن الوطء الحرام ولذا قال في الظهيرية لو وطئ أمته المرتدة حد قاذفه ولو تزوج أمة على حرة فوطئها، فإني أحد قاذفه كذا في المنتقى عن أبي يوسف‏.‏ قال الحاكم أبو الفضل هذا خلاف ما في الأصل قال ثم كل شيء اختلف فيه الفقهاء حرمه بعضهم وأحله بعضهم، فإني أحد قاذفه وفيه أيضا لو وطئ أمته في عدة من زوج لها، فإني أحد قاذفه؛ لأن ملكه في أمته صحيح ولو وطئ جارية ابنه في عدة من زوج لها فأحبلها أو لم يحبلها، فإنه يحد قاذفه قال أبو يوسف كل من درأت الحد عنه وجعلت عليه المهر وأثبت نسب الولد منه، فإني أحد قاذفه وكذلك لو تزوج أمة لرجل بغير إذنه ودخل بها، فإني أحد قاذفه هشام عن محمد في رجل اشترى أمة فوطئها ثم استبان أنها أخته حد قاذفه ابن سماعة عن محمد في الرقيات أربعة شهدوا على رجل أنه زنى بفلانة بنت فلان الفلانية امرأة معروفة سموها ووصفوا الزنا فأثبتوه، والمرأة غائبة فرجم الرجل ثم إن رجلا قذف تلك المرأة الغائبة فخاصمته إلى القاضي الذي قضى على الرجل بالرجم قال القياس أن يحد قاذفها؛ لأن القاضي إنما قضى عليه لا عليها لكني أستحسن أن لا أحد قاذفها ثم قال وكما يزول الإحصان بالزنا من كل وجه يزول بالزنا من وجه فكل وطء حرم لعدم ملك المتعة من وجه فهو زنا من كل وجه وذلك كوطء الأجنبية وكل وطء حرم مع قيام ملك المتعة من كل وجه لعارض كوطء المرأة في حالة الحيض لا يزول به الإحصان‏.‏ وإذا وطئ أمته المجوسية لا يزول إحصانه لقيام ملك المتعة من كل وجه ولو اشترى أمة وطئها أبوه أو وطئ هو أمها ووطئها فقذفه إنسان فلا حد على القاذف بالإجماع وكذا لو اشترى أخته من الرضاعة ووطئها سقط إحصانه؛ لأن الحرمة هنا ثابتة على سبيل التأبيد بخلاف ما تقدم ولو اشترى أمة لمس أمها أو بنتها بشهوة أو نظر إلى فرج أمها أو بنتها بشهوة أو نظر أبوه أو ابنه إلى فرجها بشهوة ووطئها قال أبو حنيفة لا يزول إحصانه ويحد قاذفه وقالا يزول إحصانه ولا يحد قاذفه وكذلك على الاختلاف إذا تزوج امرأة بهذه الصفة ووطئها ا هـ‏.‏ وجعل في الخانية من وطئ بنكاح فاسد كمن وطئ الجارية المشتركة في عدم وجوب الحد على القاذف، والحاصل أن من زنى أو وطئ بشبهة أو بنكاح فاسد في عمره أو وطئ من هي محرمة عليه على التأبيد سقط إحصانه وما لا فلا كذا في شرح الطحاوي‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فلو قال لغيره لست لأبيك أو لست بابن فلان في غضب حد وفي غيره لا‏)‏ أي وإن قال له ذلك في حالة الرضا فلا حد؛ لأنه عند الغضب يراد به حقيقته سبا له وفي غيره يراد به المعاتبة بنفي مشابهته له في أسباب المروءة ثم اعلم أنه قد وقع في الهداية مسألتان الأولى قال ومن نفى نسب غيره وقال لست لأبيك، فإنه يحد وهذا إذا كانت أمة مسلمة حرة؛ لأنه في الحقيقة قذف لأمه؛ لأن النسب إنما ينفى عن الزاني لا عن غيره الثانية قال لغيره في غضب لست بابن فلان لأبيه الذي يدعى له يحد ولو قال في غير غضب لا يحد وعلله بما ذكرناه فظاهره أنهما مسألتان مختلفان صورة وحكما؛ لأن في المسألة الأولى قد نفاه عن أبيه من غير تعرض للأب الذي يدعى إليه وحكمها وجوب الحد مطلقا سواء كان في غضب أو رضا؛ لأنه لم يفصل وفي المسألة الثانية قد نفاه عن أبيه المعين الذي يدعى إليه وحكمها التفصيل وقد حمل بعضهم المسألة الأولى على التفصيل في الثانية وهو أنه كان في حالة الغضب حد لا في غيره وجزم به في غاية البيان ولم يتعقبه في فتح القدير وهو بعيد لما صرح به في الكافي للحاكم الشهيد بقوله، وإن قال لرجل‏:‏ يا ولد الزنا أو يا ابن الزنا أو لست لأبيك وأمه حرة مسلمة فعليه الحد‏.‏ بلغنا عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال لا حد إلا في قذف محصنة أو نفي رجل عن أبيه ا هـ‏.‏ لأنه سوى بين الألفاظ الثلاثة، وقد صرح في فتح القدير بأنه إذا قال يا ولد الزنا أو يا ابن الزنا لا يتأتى فيه تفصيل بل يحد ألبتة ا هـ‏.‏ فكذلك إذا قال لست لأبيك لأنهم صرحوا أنه بمعنى‏:‏ أمك زانية أو زنت ولا يراد به المعاتبة حالة الرضا؛ لأنه لم يعين أبا مخصوصا حتى ينفي أن يكون على إطلاقه ثم رأيت التصريح بذلك في فتاوى قاضي خان قال لرجل لست لأبيك عن أبي يوسف أنه قذف كان ذلك في غضب أو رضا‏.‏ ولو قال ليس هذا أباك لأبيه المعروف، فإن كان هذا في حالة الرضا أو على وجه الاستفهام لا يكون قذفا، وإن كان في غضب أو على وجه التعيير كان قذفا ا هـ‏.‏ وما في فتح القدير من أن التقدير حالة الرضا لست لأبيك المشهور مجازا عن نفي المشابهة في محاسن الأخلاق فبعيد كما لا يخفى وقد علم مما ذكرناه أنه لا بد من تقييد المختصر بأن تكون أمه محصنة لأنه قذف لها وما في الهداية من التقييد بحرية أمه وإسلامها لا ينفي اشتراط بقية شروط الإحصان ولذا اعترضه الشارحون‏.‏ وأشار المصنف إلى أنه لو قال إنك ابن فلان لغير أبيه فالحكم كذلك من التفصيل وقيد بالنفي عن أبيه فقط؛ لأنه لو نفاه عن أمه أو عن أبيه وأمه فلا حد في الأحوال كلها للكذب في الثاني ولأن فيه نفي الزنا؛ لأن نفي الولادة نفي للوطء وللصدق في الأول؛ لأن النسب ليس لأمه ولم يتعرض المصنف لطلب الولد؛ لأن الأم إن كانت حية فالطلب لها، وإن كانت ميتة فالطلب لكل من يقع القدح في نسبه، المخاطب وغيره سواء‏.‏ وفي القنية سمع أناس من أناس كثيرة أن فلانا ولد فلان، والفلان يجحد فلهم أن يشهدوا مطلقا أن هذا ولده بمجرد السماع، وإن لم يعلموا حقيقته، ولو قال واحد لهذا الولد‏:‏ ولد الزنا لا يحد ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ كنفيه عن جده وقوله لعربي يا نبطي أو يا ابن ماء السماء ونسبه إلى خاله وعمه ورابه‏)‏ أي لا يجب الحد في هذه المسائل أما الأول وهو ما إذا نفاه عن جده فلأنه صادق في قوله وأشار إلى أنه لو نسبه إلى جده لا يحد أيضا؛ لأنه قد ينسب إليه مجازا‏.‏ وفي الظهيرية إذا قال‏:‏ لست من ولد فلان فهذا قذف ولو قال لست من ولادة فلان فهذا ليس بقذف، وإذا قال لغيره لست لأب لست لأبيك لم يلدك أبوك فهذا كله قذف لأمه وكذا إذا قال لست للرشدة‏.‏ ا هـ‏.‏ وأما عدمه فيما إذا قال لعربي يا نبطي فلأنه يراد به التشبيه في الأخلاق أو عدم الفصاحة وكذا إذا قال لست بعربي لما قلنا وفسره الفقيه أبو الليث برجل من غير العرب وفي المغرب النبط جيل من الناس بسواد العراق الواحد نبطي وعن ثعلب عن ابن الأعرابي رجل نباطي ولا تقل نبطي ا هـ‏.‏ وأشار المصنف إلى أنه لو قال لست من بني فلان فلا حد وكذا إذا قال لهاشمي لست بهاشمي لكنه يعزر كما في المبسوط، وأما إذا قال لرجل يا ابن ماء السماء فلأنه يراد به التشبيه في الجود، والسماحة، والصفاء؛ لأن ابن ماء السماء لقب به لصفائه وسخائه وفي غاية البيان ماء السماء هو عامر أبو مزيقيا وسمي به؛ لأنه في القحط أقام ماله مقام المطر وكان غياثا لقوله مثل ماء السماء للأرض وكانت أم المنذر بنت امرئ القيس أيضا ماء السماء لجمالها وحسنها، وإنما سمى عمرو ولده مزيقيا؛ لأنه كان يمزق كل يوم حلتين يلبسهما ويكره أن يعود فيهما ويكره أن يلبسهما غيره ا هـ‏.‏ وأما إذا نسبه إلى عمه أو خاله أو زوج أمه فلأن كل واحد من هؤلاء يسمى أبا أما الأول فلقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق‏}‏ فإسماعيل كان عما له أي ليعقوب عليهما السلام‏.‏ وأما الثاني فلقوله عليه السلام‏:‏ «الخال أب»، وأما الثالث فللتربية ونسبته إلى المربي في الكتاب دون زوج الأم يشير إلى أن العبرة فيه للتربية لا غير حتى لو نسبه إلى من رباه وهو ليس بزوج لأمه وجب أن لا يحد كذا في التبيين وظاهر كلام المصنف كغيره أنه لا يحد في هذه المسائل سواء كان في حالة الغضب أو الرضا وفي فتح القدير‏.‏ وقد ذكر أنه لو كان هناك رجل اسمه ماء السماء يعني وهو معروف يحد في حال السباب بخلاف ما إذا لم يكن، فإن قيل‏:‏ إذا كان قد سمي به، وإن كان للسخاء أو الصفاء فينبغي في حال الغضب أن يحمل على النفي لكن جواب المسألة مطلق فالجواب لما لم يعهد استعماله لذلك القصد يمكن أن يجعل المراد في حالة الغضب التهكم به عليه كما قلنا في قوله لست بعربي لما لم تستعمل في النفي يحمل في حالة الغضب على سبه بنفي الشجاعة، والسخاء عنه ليس غير ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو قال يا ابن الزانية وأمه ميتة فطلب الوالد أو الولد أو ولده حد‏)‏؛ لأنه قذف محصنة بعد موتها فلكل من يقع القدح في نسبه بقذفه له المطالبة وهو الأصول، والفروع؛ لأن العار يلتحق بهم لمكان الجزئية فيكون القذف متناولا لهم معنى قيد بموتها؛ لأنها لو كانت غائبة لم يمكن لهم المطالبة لجواز أن تصدق القاذف إذا حضرت، والتقييد بقذف الأم اتفاقي؛ لأنه لو قذف رجلا وهو ميت فلأصله أو فرعه المطالبة ولذا ذكر في شرح الطحاوي ولو قذف ميتا وجب الحد على القاذف وللوالدين، والمولودين أن يخاصموا سواء كان الولد أو الوالد أم لم يكن، والتقييد بالوالد اتفاقي أيضا إذ الأم كذلك لما قدمناه من قوله وللوالدين فعلى هذا لو قذف ميتا بالزنا وله أم فلها المطالبة؛ لأنه يلحقها العار بذلك وصرح الزيلعي بأن للأصول المطالبة وهو يقتضي أن للجد المطالبة وقد صرح في غاية البيان معزيا إلى شرح الجامع الصغير للفقيه أبي الليث بأن المراد الأب، والجد، وإن علا ويخالفه ما في فتاوى قاضي خان من أن الجد أب الأب لا يطالب به ولا أم الأم ولا الأخ ولا العم، ولا العمة ولا مولاه كذا في فتح القدير وهو سهو من القلم في النسخة التي نقل منها، والموجود في الفتاوى أن الجد أب الأم ليس له المطالبة وليس فيما ذكر الجد أبو الأب فالحق أن له المطالبة وأفاد بالتعبير بأو أن للفرع المطالبة مع وجود أصله وأن لولد الولد المطالبة مع وجود الولد وأنه إذا صدق القاذف بعضهم فللبعض الآخر المطالبة ولذا ذكر في الخانية أن رجلا لو قذف ميتا وله ابنان فصدقه أحدهما فللآخر أن يحده‏.‏ ا هـ‏.‏ وكذا إذا عفا بعضهم فللآخر المطالبة وأطلق في الولد فشمل ولد البنت فله المطالبة بقذف جده وروي عن محمد خلافه، والمذهب الأول؛ لأن الشين يلحقه إذ النسب ثابت من الطرفين وقد أفاد صريح كلام المصنف أن لولد الولد المطالبة بقذف جده ولم يخالف في ذلك إلا زفر ولا يخالفه ما في الخانية من أنه لو قال له‏:‏ جدك زان لا حد عليه لما علله في الظهيرية من أنه لا يدري أي جد هو وأوضحه في فتح القدير بأن في أجداده من هو كافر فلا يكون قاذفا ما لم يعين مسلما بخلاف قوله أنت ابن ابن الزانية؛ لأنه قاذف لجده الأدنى، فإن كان أو كانت محصنة حد ا هـ‏.‏ وقد استفيد مما قدمه أنه لا بد أن يكون المقذوف ميتا محصنا فلذا لم يقيد به هنا وأطلق في الطالب فشمل ما إذا كان غير محصن فلو كان أصل المحصن الميت أو فرعه كافرا أو عبدا فله أن يطالب بالحد خلافا لزفر؛ لأنه من أهل الاستحقاق إذ الكفر أو الرق لا ينافيه وقد عيره بنسبة محصن إلى الزنا بخلاف ما إذا قذفه هو؛ لأنه ليس بمحصن فلا يلحقه العار فلو قال المصنف ولو قذف ميتا محصنا فلأصله، وإن علا أو فرعه، وإن سفل مطلقا المطالبة لكان أولى‏.‏

قوله ‏(‏ولا يطلب ولد وعبد أباه وسيده بقذف أمه‏)‏؛ لأن المولى لا يعاقب بسبب عبده وكذا الأب بسبب ابنه ولهذا لا يقاد الوالد بولده ولا السيد بعبده المراد بالولد الفرع، وإن سفل وبالأب الأصل، وإن علا ذكرا كان أو أنثى‏.‏ قالوا‏:‏ وليس للولد المطالبة بالحد إذا كان القاذف أباه أو جده، وإن علا وأمه وجدته، وإن علت كذا في غاية البيان وأشار إلى أنهما لا يطالبان بقذفهما بالأولى وقيد بولد القاذف؛ لأنه لو كان للمقذوفة الميتة ابنان أحدهما من غير القاذف فله أن يطالب بالحد لعدم المانع في حقه وكذا لو كان لها أب ونحوه فله المطالبة حيث لم يكن مملوكا للقاذف فسقوط حق بعضهم لا يوجب سقوط حق الباقين بخلاف القصاص، والفرق بينهما أن القصاص حق العبد يستحقونه بالميراث ولهذا يثبت لجميع الورثة بقدر إرثهم، فإذا سقط حق بعضهم وهو لا يقبل التجزيء سقط حق الباقين ضرورة، وأما حد القذف فحق الله تعالى، وإنما للعبد حق الخصومة إذا لحقه به شين فيثبت لكل واحد منهم على الكمال فسقوط حق بعضهم في الخصومة لا يسقط حق الباقين ولهذا كان للأبعد منهم حق مع وجود الأقرب وقيد بالقذف؛ لأنه لو شتمه والده، فإنه يعزر قال في القنية ولو قال لآخر يا حرام زاده لا يجب عليه حد القذف قال وقد كتبت أنه لو قال ذلك الوالد لولده يجب عليه التعزير ا هـ‏.‏ وفي نفسي منه شيء لتصريحهم بأن الوالد، والد لا يعاقب بسبب ولده، فإذا كان القذف لا يوجب عليه شيئا فالشتم أولى‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ويبطل بموت المقذوف‏)‏ أي بطل الحد؛ لأنه لا يورث عندنا ولا خلاف في أنه فيه حق الشرع وحق العبد، فإنه شرع لدفع العار عن المقذوف وهو الذي ينتفع به على الخصوص فمن هذا الوجه حق العبد ثم إنه شرع زاجرا ومنه سمي حدا، والمقصد من شرع الزواجر إخلاء العالم عن الفساد وهذا آية حق الشرع وبكل ذلك تشهد الأحكام، فإذا تعارضت الجهتان فالشافعي مال إلى تغليب حق العبد تقديما لحق العبد باعتبار حاجته وغنى الشرع ونحن صرنا إلى تغليب حق الشرع؛ لأن ما للعبد من الحق يتولاه مولاه فيصير حق العبد مدعيا به ولا كذلك عكسه؛ لأنه لا ولاية للعبد في استيفاء حق الشرع إلا نيابة وهذا هو الأصل المشهور الذي تتفرع عليه الفروع المختلف فيها منها الإرث إذ الإرث يجري في حقوق العباد لا في حقوق الشرع ومنها العفو، فإنه لا يصح العفو عن المقذوف عندنا ويصح عنده ومنها أنه لا يجوز الاعتياض عنه ويجري فيه التداخل وعنده لا يجري وعن أبي يوسف في العفو مثل قول الشافعي ومن أصحابنا من قال‏:‏ إن الغالب حق العبد وخرج الأحكام، والأول أظهر كذا في الهداية واعلم أنهم اتفقوا على أنه يشترط الدعوى في إقامته ولم تبطل الشهادة بالتقادم ويجب على المستأمن ويقيمه القاضي بعلمه إذا علمه في أيام قضائه وكذا لو قذفه بحضرة القاضي حده، وإن علمه القاضي قبل أن يستقضي ثم ولي القضاء ليس له أن يقيمه حتى يشهد به عنده ويقدم استيفاؤه على حد الزنا، والسرقة إذا اجتمعا ولا يصح الرجوع عنه بعد الإقرار به وهذا كله باعتبار حق العبد واتفقوا على أن الإمام يستوفيه دون المقذوف بخلاف القصاص ولا ينقلب مالا عند سقوطه ولا يستخلف عليه القاذف ويتنصف بالرق كالعقوبات الواجبة حقا لله تعالى ولا يباح القذف بإباحته ولا يحلف القاذف ولا يؤخذ منه كقيل إلى أن يثبت وهذا كله باعتبار حق الله تعالى ووقع الاختلاف في الفروع المذكورة أولا ثم اعلم أن صدر الإسلام، وإن صح أن الغالب حق العبد لم يخالف في الفروع من عدم الإرث وصحة العفو إلى آخره، وإنما أجاب عنها كما في التبيين وأطلق بطلانه بموت المقذوف فشمل الكل، والبعض حتى لو ضرب القاذف بعض الحد فمات المقذوف لا يقام ما بقي وقيد بكونه قذفه حيا إذ لو قذفه ميتا فلأصله وفرعه المطالبة بطريق الأصالة لا بطريق الميراث‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لا بالرجوع، والعفو‏)‏ أي لا يبطل برجوع القاذف عن الإقرار ولا بعفو المقذوف لما قدمناه وقد توهم بعض حنفية زماننا من عدم صحة العفو أن القاضي يقيم الحد عليه مع عفو المقذوف وتعلق بما في فتح القدير من قوله ومنها العفو، فإنه بعد ما ثبت عند الحاكم القذف، والإحصان لو عفا المقذوف عن القاذف لا يصح منه العفو ويحد عندنا ا هـ‏.‏ وهو غلط فاحش فقد صرح في المبسوط بأنه إذا قضى القاضي بحد القذف على القاذف ثم عفا المقذوف عنه بعوض أو بغير عوض لم يسقط الحد ولكن الحد، وإن لم يسقط بعفوه، فإذا ذهب العافي لا يكون للإمام أن يستوفيه لما بينا أن الاستيفاء عند طلبه وقد ترك الطلب إلا إذا عاد وطلب فحينئذ يقيم الحد؛ لأن العفو كان لغوا فكأنه لم يخاصم إلى الآن‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي غاية البيان معريا إلى الشامل لا يصح عفو المقذوف إلا أن يقول لم يقذفني أو كذب شهودي؛ لأنه حق الله تعالى إلا أن خصومته شرط‏.‏ ا هـ‏.‏ ويدل عليه أيضا ما في كافي الحاكم لو غاب المقذوف بعد ما ضرب بعض الحد لم يتم الحد إلا وهو حاضر لاحتمال العفو فالعفو الصريح أولى فتعين حمل ما في فتح القدير على ما إذا عاد وطلب‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو قال زنأت في الجبل وعنى الصعود حد‏)‏ وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد لا يحد؛ لأن المهموز منه للصعود حقيقة قالت امرأة من العرب وارق إلى الخيرات زنئا في الجبل وذكر الجبل يقرره مرادا ولهما أنه يستعمل في الفاحشة مهموزا أيضا؛ لأن من العرب من يهمز الملين كما يلين المهموز وحالة الغضب، والسباب تعين الفاحشة مرادا بمنزلة ما إذا قال يا زاني أو قال زنأت وذكر الجبل إنما يعين الصعود مرادا إذا كان مقرونا بكلمة على إذ هو المستعمل فيه قيد بفي؛ لأنه لو قال زنأت على الجبل قيل لا يحد وقيل يحد للمعنى الذي ذكرناه وفي غاية البيان والمذهب عندي إذا كان هذا الكلام خرج على وجه الغضب، والسباب يجب الحد لدلالة الحال على ذلك إذ لا يكون صعود الجبل سبا وإلا فلا للاحتمال، والحد لا يجب بالاحتمال‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي فتح القدير، والأوجه وجوب الحد حيث كان في الغضب وقيد بقوله زنأت بالهمز إذ لو كان بالياء وجب الحد اتفاقا وقيد بالجار، والمجرور إذ لو اقتصر على قوله زنأت يحد اتفاقا كما أفاده في غاية البيان وأطلق في وجوب الحد وقيده الشارحون بأن يكون في حالة الغضب أما في حالة الرضا فلا حد اتفاقا وبهذا ترجح قولهما فما في المغرب من أن زنأ في الجبل بمعنى صعد فقول محمد أظهر‏.‏ ا هـ‏.‏ ليس بظاهر وقيد بقوله وعنى الصعود؛ لأنه لو لم يعن الصعود يحد اتفاقا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو قال يا زاني وعكس حدا‏)‏ أي المبتدئ، والمجيب بقوله لا بل أنت؛ لأن كلا منهما قذف صاحبه أما الأول فظاهر وكذا الثاني؛ لأن معناه لا بل أنت زان إذ هي كلمة عطف يستدرك به الغلط فيصير المذكور في الأول خبرا لما بعد بل، وإنما لم يلتقيا قصاصا؛ لأن في حد القذف الغالب حق الله تعالى فلو جعل قصاصا يلزم إسقاط حقه تعالى فلا يجوز ذلك ولذا لم يجز عفو المقذوف، فإذا طالب كل منهما الآخر وأثبته لزم الاستيفاء فلا يتمكن واحد منهما من إسقاطه فيحد كل منهما كذا في فتح القدير وظاهره أنه يقام عليهما ولو أسقطاه وتقدم عدم صحته وأنه غلط في الفهم، فإذا أسقطاه بعد الثبوت امتنع الإمام من إقامته لعدم الطلب لا لصحة الإسقاط، فإذا عاد أو طلبا أقامه عليهما وقيد بحد القذف؛ لأنه لو قال له يا خبيث فقال له الآخر أنت تكافآ ولا يعزر كل منهما الآخر؛ لأن التعزير لحق الآدمي وقد وجب عليه مثل ما وجب للآخر فتساقطا كذا في فتح القدير وفي القنية ضرب غيره بغير حق وضربه المضروب أيضا أنهما يعزران ويبدأ بإقامة التعزير بالبادئ منهما؛ لأنه أظلم، والوجوب عليه أسبق‏.‏ ا هـ‏.‏ فعلم أن التعزير بالضرب كحد القذف وأن التكافؤ إنما هو في الشتم بشرط أن لا يكون بين يدي القاضي قالوا‏:‏ لو تشاتم الخصمان بين يدي القاضي عزرهما‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو قال لامرأته يا زانية وعكست حدت ولا لعان‏)‏؛ لأنهما قاذفان وقذفه يوجب اللعان، وقذفها يوجب الحد وفي البداية بالحد إبطال اللعان؛ لأن المحدود في القذف ليس بأهل له ولا إبطال في عكسه أصلا فيحتال للدرء إذ اللعان في معنى الحد أشار المصنف إلى أنه لو قال لامرأته يا زانية بنت الزانية فخاصمت الأم أولا فحد الرجل سقط اللعان؛ لأنه بطلت شهادة الرجل ولو خاصمت المرأة أولا فلاعن القاضي بينهما ثم خاصمت الأم يحد الرجل حد القذف‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو قالت زنيت بك بطلا‏)‏ أي الحد واللعان لوقوع الشك في كل واحد منهما؛ لأنه يحتمل أنها أرادت الزنا قبل النكاح فيجب الحد دون اللعان لتصديقها إياه وانعدامه منه ويحتمل أنها أرادت زناي الذي كان معك بعد النكاح؛ لأني ما مكنت أحدا غيرك وهو المراد في مثل هذه الحالة وعلى هذا الاعتبار يجب الحد دون اللعان لوجود القذف منه وعدمه منها فجاء ما قلناه أطلقه فشمل ما إذا بدأت بقولها زنيت بك ثم قذفها أو قذفها ثم أجابت به للاحتمال المذكور ولا فرق بين الباء وكلمة مع كزنيت معك للاحتمال السابق مع احتمال آخر وهو إني زنيت بحضورك وأنت تشهد فلا يكون قذفا وقيد بكونها اقتصرت على هذه المقالة؛ لأنها لو زادت قبل أن أتزوجك تحد المرأة دون الرجل؛ لأن كلا منهما قذف صاحبه غير أنها صدقته فبطل موجب قذفه ولم يصدقها فوجب موجب قذفها وقيد بكونها امرأته؛ لأنه لو كان ذلك كله مع امرأة أجنبية حدت المرأة دون الرجل لما ذكرنا من تصديقها وعدم الاحتمال الذي ذكرناه مع الزوجة وقيد بقولها زنيت بك؛ لأنها لو قالت في جوابه أنت أزنى مني حد الرجل وحده كذا في الخانية‏.‏

قوله ‏(‏‏:‏ وإن أقر بولد ثم نفاه لاعن‏)‏؛ لأن النسب لزمه بإقراره وبالنفي بعده صار قاذفا فيلاعن‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وإن عكس حد‏)‏ أي إن نفى الولد ثم أقر به، فإنه يحد حد القذف؛ لأنه لما أكذب نفسه بطل اللعان؛ لأنه حد ضروري صير إليه ضرورة التكاذب، والأصل فيه حد القذف، فإذا بطل التكاذب يصار إلى الأصل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ والولد له فيهما‏)‏ أي فيما إذا أقر به ثم نفاه أو نفاه ثم أقر به لإقراره به سابقا أو لاحقا، واللعان يصح بدون قطع النسب كما يصح بدون الولد‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو قال ليس بابني ولا بابنك بطلا‏)‏ أي الحد، واللعان؛ لأنه أنكر الولادة وبه لا يصير قاذفا وكذا لو قال لأجنبي لست بابن فلان ولا فلانة وهما أبويه لا يجب عليه شيء‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ومن قذف امرأة لم يدر أبو ولدها أو لاعنت بولد أو رجلا وطئ في غير ملكه أو أمة مشتركة أو مسلما زنا في كفره أو مكاتبا مات عن وفاء لا يحد‏)‏ بيان لست مسائل إلا الأوليان فلقيام أمارة الزنا منها وهو ولادة ولد لا أب له ففاتت العفة نظرا إليها وهي شرط أطلقه فشمل ما إذا كان الولد حيا عند القذف أو ميتا وقيد بكونها لاعنت بولد إذ لو قذف الملاعنة بغير ولد فعليه الحد لانعدام أمارة الزنا وأشار بقوله لاعنت إلى أنه لا بد من بقاء اللعان حتى لو بطل بإكذابه نفسه ثم قذفها رجل حد لزوال التهمة بثبوت النسب منه وكذا لو قامت البينة على الزوج أنه ادعاه وهو ينكر يثبت النسب منه ويحد ومن قذفها بعد ذلك يحد؛ لأنها خرجت عن صورة الزواني ولو قذفها الزوج فرافعته وأقامت بينة أنه أكذب نفسه حد؛ لأن الثابت بالبينة كالثابت بإقرار الخصم أو بمعاينة ولا بد من أن يقطع القاضي نسب الولد حتى لو لاعنت بولد ولم يقطع القاضي النسب وجب الحد على قاذفها كما في غاية البيان، والمراد بعدم معرفة أبي ولدها عدمها في بلد القذف لا في كل البلاد ولذا قال في الجامع الصغير امرأة قذفت في بعض البلاد ومعها أولاد لا يعرف لهم أب فقال لها رجل يا زانية إلخ وفي فتح القدير‏.‏ واعلم أنه إن صح ما رواه الإمام أحمد وأبو داود في حديث هلال بن أمية من قوله‏:‏ «وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يدعى ولدها لأب ولا يرمى ولدها ومن رماها أو رمى ولدها فعليه الحد» وكذا ما رواه الإمام أحمد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال «قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ولد المتلاعنين أنه يرث أمه وترثه ومن رماها به جلد ثمانين» أشكل على المذهب والأئمة الثلاثة جعلوا قذف الملاعنة بولد كقذف الملاعنة بلا ولد إلى آخره، وأما الثالثة، والرابعة أعني إذا قذف رجلا وطئ المقذوف امرأة في غير ملكه أو أمة مشتركة فلفوات العفة وهي شرط الإحصان؛ لأن القاذف صادق، والأصل فيه أن من وطئ وطئا حراما لعينه لا يجب الحد بقذفه؛ لأن الزنا هو الوطء المحرم لعينه، وإن كان محرما لغيره يحد؛ لأنه ليس بزنا، والوطء في غير الملك من كل وجه أو من وجه حرام لعينه وكذا الوطء في الملك، والحرمة مؤبدة، فإن كانت الحرمة مؤقتة فالحرمة لغيره فأبو حنيفة يشترط أن تكون الحرمة المؤبدة ثابتة بالإجماع أو بالحديث المشهور لتكون ثابتة من غير تردد وقد قدمنا شيئا من هذه المسائل وقيد بكونه في غير الملك؛ لأنه لو كان وطئ أمته المجوسية أو المزوجة أو امرأته الحائض أو مكاتبته أو المظاهر منها أو المحرمة أو المشتراة شراء فاسدا فعلى قاذفه الحد؛ لأن الحرمة مؤقتة وكذا إذا وطئ أخته من الرضاع وهي أمته؛ لأنها وإن كانت محرمة مؤبدة فهي مملوكة له‏.‏ وهذا قول الكرخي، والصحيح أنه لا يحد قاذفه لثبوت التضاد بين الحل، والحرمة فلو قال المصنف أو رجلا وطئ في غير ملكه أو في ملكه، والحرمة مؤبدة لكان أولى وشمل قوله في غير ملكه جارية ابنه، والمنكوحة نكاحا فاسدا، والأمة المستحقة، والمكره على الزنا، والثابت حرمتها بالمصاهرة أو تزوج محارمه ودخل بهن أو جمع بين المحارم أو تزوج أمة على حرة، وأما الخامسة وهي ما إذا قذف مسلما زنى في حال كفره فلتحقق الزنا منه شرعا، وإن كان الإثم قد ارتفع بإسلامه لانعدام الملك ولهذا وجب عليه الحد لو كان في ديارنا وأطلقه فشمل الحربي، والذمي وما إذا كان الزنا في دار الإسلام أو في دار الحرب وشمل ما إذا قال له زنيت وأطلق ثم أثبت أنه زنى في كفره أو قال له زنيت وأنت كافر فهو كما لو قال لمعتق زنيت وأنت عبد، وأما السادسة وهي ما إذا قذف مكاتبا مات عن وفاء فلتمكن الشبهة في الحرية لمكان اختلاف الصحابة رضي الله عنهم وقيد بكونه مات عن وفاء ليفيد أن المكاتب إذا مات عن غير وفاء لا حد على قاذفه بالأولى لموته عبدا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وحد قاذف واطئ أمة مجوسية وحائض ومكاتبة ومسلم نكح أمه في كفره‏)‏ لما ذكرنا أن ملكه في هذه الأشياء ثابت، والمراد بأمه محرمه وهذا عند أبي حنيفة وقالا لا يحد قاذفه بناء على أن نكاح الكافر محرمه صحيح وعندهما فاسد كما قدمناه في بابه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ومستأمن قذف مسلما‏)‏ أي حد وكان أبو حنيفة أولا يقول لا يحد؛ لأن الغلب فيه حق الله تعالى فصار كسائر الحدود ثم رجع إلى ما ذكر هنا؛ لأنه فيه حق العبد وقد التزم إيفاء حقوق العباد؛ لأنه التزم أن لا يؤذي بطمعه في أن لا يؤذى‏.‏ والحاصل أن حد القذف يجب عليه اتفاقا وحد الخمر لا يجب عليه اتفاقا ولا يجب حد الزنا، والسرقة خلافا لأبي يوسف، وأما الذمي فيجب عليه جميع الحدود اتفاقا إلا حد الخمر كذا في غاية البيان‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ومن قذف أو زنى أو شرب مرارا فحد فهو لكله‏)‏ أما الأخيران فلأن المقصد من إقامة الحد حقا لله تعالى الانزجار واحتمال حصوله بالأول قائم فتمكن شبهة فوات المقصود في الثاني، وأما القذف فالمغلب فيه عندنا حق الله تعالى فيكون ملحقا بهما قيد بكونه فعل أحد هذه الأشياء؛ لأنه لو فعل كلها بأن زنى وقذف وشرب الخمر، فإنه يحد لكل واحد حده منها لعدم حصول المقصود بالبعض إذ الأغراض مختلفة، فإن المقصود من حد الزنا صيانة الأنساب ومن حد القذف صيانة الأعراض ومن حد الشرب صيانة العقول فلا يحصل بكل جنس إلا ما قصد بشرعه وأطلق في قوله قذف مرارا فشمل ما إذا كان المقذوف واحدا أو جماعة فقذفهم بكلمة واحدة أو بكلمات وشمل ما إذا كان في يوم أو أيام وما إذا طالبوا الحد كلهم أو بعضهم وما إذا حضروا أو حضر أحدهم كما في الخانية وغيرها وما إذا جلد للقذف إلا سوطا ثم قذف آخر في المجلس، فإنه يتم الأول ولا يثنى عليه للثاني للتداخل وما إذا قذف عبدا فأعتق ثم قذف آخر فأخذه الأول فضرب أربعين ثم أخذه الثاني قالوا‏:‏ فإنه يتم له ثمانين؛ لأن الأربعين وقع لهما فيبقى للباقي أربعين ولو قذف الآخر قبل أن يأتي به فالثمانون تكون لهما جميعا ولا يضرب ثمانين مستأنفا؛ لأن ما بقي تمامه حد الأحرار فجاز أن يدخل فيه الأحرار وفي المحيط رجل شرب الخمر فضرب بعض الحد ثم هرب ثم شرب ثانيا ضرب حدا مستقبلا وكذا لو ضرب الزاني بعض الحد ثم هرب وزنى بأخرى‏.‏ ولو ضرب القاذف بعض الحد فهرب ثم قذف آخر ثم قدم إلى القاضي ينظر إن حضر المقذوف الثاني، والأول جميعا يكمل الأول ويسقط الثاني؛ لأنه يتداخل، وإن حضر الثاني دون الأول يضرب جلدا مستقلا للثاني ويبطل الأول؛ لأنه أمكن إقامة الحد الثاني لوجود دعواه ولا يمكن الإقامة للأول لعدم دعواه‏.‏ ا هـ‏.‏ فتعين حمل ما تقدم من أنه لو جلد للقذف إلا سوطا إلى آخره على ما إذا حضرا جميعا ومن أنه لو قذف جماعة يكتفى بحد واحد على ما إذا كان القذف لهم قبل أن يضرب البعض كما لا يخفى وشمل ما إذا قال لرجل‏:‏ يا ابن الزانيين فعليه حد واحد حيين كانا أو ميتين وحكي أن ابن أبي ليلى سمع من يقول لرجل يا ابن الزانيين فحده حدين في المسجد فبلغ أبا حنيفة فقال يا للعجب لقاضي بلدتنا أخطأ في مسألة واحدة في خمس مواضع‏:‏ الأول حده بدون طلب المقذوف، والثاني أنه لو خاصم وجب حد واحد، والثالث أنه إن كان الواجب عنده حدين ينبغي أن يتربص بينهما يوما أو أكثر حتى يخف أثر الضرب الأول، والرابع ضربه في المسجد، والخامس ينبغي أن يتعرف أن والديه في الأحياء أو لا، فإن كانا حيين فالخصومة لهما وإلا فالخصومة للابن وأفاد بقوله فحد أن الحد وقع بعد الفعل المتكرر إذ لو حد للأول ثم فعل الثاني يحد حدا آخر للثاني سواء كان قذفا أو زنا أو شربا كما صرح به في فتح القدير وغيره لكن ينبغي أن يستثنى منه ما إذا قذف رجلا فحد له ثم عاد فقذفه ثانيا، فإنه لا يحد ثانيا؛ لأن المقصود وهو إظهار كذب القاذف ودفع العار عن المقذوف قد حصل بالأول فلا حاجة إلى الثاني صرح به الشارح الزيلعي في حد السرقة عند مسألة سرقة العين ثانيا بعد ما قطع ولا يخفى ما فيه، فإن بالحد الأول لم يظهر كذبه في إخبار مستقبل إنما ظهر كذبه فيما أخبر به ماضيا قبل الحد‏.‏ ولهذا ذكر المحقق في فتح القدير عند تلك المسألة وصار كما لو قذف شخصا فحد به ثم قذفه بعين ذلك الزنا بأن قال أنا باق على نسبتي إليه الزنا الذي نسبته إليه لا يحد ثانيا فكذا هذا أما إذا قذفه بزنا آخر حد به‏.‏ ا هـ‏.‏ لكن في الظهيرية ومن قذف إنسانا فحد ثم قذفه ثانيا لم يحد، والأصل فيه ما روي أن أبا بكرة لما شهد على المغيرة بالزنا وجلده عمر بن الخطاب رضي الله عنه لقصور العدد بالشهادة كان يقول بعد ذلك في المحافل أشهد أن المغيرة لزان فأراد عمر رضي الله عنه أن يحده ثانيا فمنعه علي رضي الله عنه فرجع إلى قوله وصارت المسألة إجماعا‏.‏ ا هـ‏.‏ بلفظه فظهر أن المذهب إطلاق المسألة كما ذكره الزيلعي ولم يذكر المصنف التداخل في حد السرقة ولا شك فيه؛ لأنه حق الله تعالى ولم يذكر أيضا ما إذا اجتمعت عليه الحدود المختلفة كيف يفعل قال في المحيط، وإذا اجتمع حدان وقدر على درء أحدهما درأه، وإن كانت من أجناس مختلفة بأن اجتمع حد الزنا، والسرقة، والشرب، والقذف، والفقء بدأ بالفقء، فإذا برأ حد للقذف، فإذا برأ إن شاء بدأ بالقطع، وإن شاء بدأ بحد الزنا وحد الشرب آخرها لثبوته بالاجتهاد من الصحابة رضي الله عنهم، وإن كان محصنا يبدأ بالفقء ثم بحد القذف ثم بالرجم ويلغي غيرها ا هـ‏.‏ قالوا ولا يقام حد في المسجد ولا قود ولا تعزير ولكن القاضي إذا أراد أن يقام بحضرته يخرج من المسجد كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغامدية أو يبعث أمينا كما فعل عليه الصلاة والسلام في ماعز رضي الله عنه‏.‏