فصل: فصل في بيان ميراث من له قرابتان من أولاد البنات

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***


فصل في بيان ميراث من له قرابتان من أولاد البنات

اعلم أنه إذا اجتمع في الواحد من أولاد البنات قرابتان، وصورة هذا أن يكون لرجل ابنتان لأحدى ابنتيه ابنة وللأخرى ابن فتزوج ابن الابنة بنت الابنة فحدث بينهما ابنة، ثم مات الرجل الذي له ابنتان وترك هذه فهذه ابنة ابنة الرجل، وهي أيضا ابنة ابن ابنة الرجل، وكان لها قرابتان، وله ابنة ابنة بنت أخرى لها قرابة واحدة وذكر شيخ الإسلام في شرحه أن على قول أبي يوسف القسمة على الأبدان لا على الآباء وبدنهما متفق فيكون المال بينهما نصفين، وعند محمد يقسم على الآباء ويورث من جهتين باعتبار الآباء فيقال بأن التي لها قرابة واحدة لها سهم؛ لأن أباها أنثى، والتي لها قرابتان سهم من رجل؛ لأن أباها أنثى وسهمان لأن أباها ذكر فصار المال بينهما على أربعة‏:‏ سهمان يسلم لها بلا منازعة، وهو ما وصل إليها من جهة أبيها الذكر تنفرد به، والسهم الذي وصل إليها من جهة أبيها الأنثى يضم إلى ما في يد التي لها قرابة واحدة لاتفاق أبيهما في الأنوثة فيصير سهمان باعتبار بدنهما‏.‏ فإن ترك ابنه ابنة بنت، وهي ابنة ابن ابنه وترك أيضا ابن ابنة ابنته أما عند أبي يوسف فالقسمة على الأبدان وأحدهما ذكر والأخرى أنثى، وقد استويا في الدرجة فيكون المال بينهما ‏{‏للذكر مثل حظ الأنثيين‏}‏ على ثلاثة، وأما عند محمد يقسم المال على الآباء، ثم على الأبدان فيقال للذي له قرابة واحدة، وهي بنت ابنته سهم؛ لأن أباه أنثى وللذي له قرابتان فهي ثلاثة أسهم يسلم لها سهمان بلا منازعة، وهو ما وصل إليها من جهة أبيها الذكر، وما وصل إليها من جهة أبيها الأنثى، وذلك سهم لا يسلم لها بل يضم إلى ما في يد الذي لها قرابة واحدة وهو سهم فيقسم بينهما ‏{‏للذكر مثل حظ الأنثيين‏}‏ على ثلاثة لاتفاق قرابتهما في هذين السهمين، واختلاف أبدانهما، وقسمة سهمين على ثلاثة لا يستقيم ولا موافقة بينهما في شيء فاضرب أصل الفريضة، وذلك أربعة في ثلاثة فصار اثني عشر سهما هذا جميع المال ومنه تخرج المسألة فإن التي لها قرابتان كان لها سهمان بلا منازعة ضربناهما في ثلاثة فصار لها ستة، والذي لم يكن يستقيم بينهما مع المنازعة سهمان ضربناهما في ثلاثة فصار ستة بينهما ‏{‏للذكر مثل حظ الأنثيين‏}‏ باعتبار الأبدان للتي لها قرابتان ثلثها، وذلك سهمان؛ لأنها أنثى، وأربعة للذي لها قرابة واحدة؛ لأنه ذكر فحصل للذي لها قرابتان ثمانية ستة بلا منازعة‏.‏ هذا الذي ذكرنا إذا كانت التي لها قرابتان أنثى والتي لها قرابة واحدة أنثى أما عند أبي يوسف فالمال بينهم أثلاثا باعتبار الأبدان بينهما فللتي لها قرابتان سهمان؛ لأنه ذكر، وللتي لها قرابة واحدة سهم؛ لأنها أنثى، وأما عند محمد‏:‏ القسمة باعتبار الآباء، ثم باعتبار الأبدان بينهما فيقال للذي له قرابتان ثلاثة أسهم سهمان؛ لأن أباه ذكر وسهم؛ لأن أباه أنثى، والتي لها قرابة واحدة سهم واحد؛ لأن أباها أنثى فحصل للذي له قرابتان ثلاثة أسهم فما وصل إلى ذي القرابتين من جهة أبيه الأنثى، وذلك سهم يضم إلى ما في يد الآخر، وفي يدها سهم فيكون بينهما باعتبار الأبدان على ثلاثة ‏{‏للذكر مثل حظ الأنثيين‏}‏ لاتفاق آبائهما، واختلاف أبنائهما، وقسمة سهمين على ثلاثة لا يستقيم ولا توافق بينهما فتضرب أصل الفريضة وذلك أربعة في ثلاثة فيصير اثني عشر هذا جميع المال، ومنه تخرج المسألة فإن ترك ابنة ابنة وهي ابنة ابن ابنه وترك أيضا ابنة ابنة ابنة وترك أيضا ابنة ابن ابنة أخرى فعلى قول أبي يوسف يقسم بينهم باعتبار الأبدان على ثلاثة أسهم؛ لأن أبدانهم متفقة فإن كلهن إناث، وأما عند محمد القسمة على الآباء، ثم على الأبدان فيقال لابنة ابنة البنت التي لها قرابة واحدة سهم؛ لأن أباها أنثى ولابنة ابن البنت التي لها قرابة واحدة سهمان؛ لأن أباها ذكر ولمن لها قرابتان لها ثلاثة أسهم من جهتين سهم من جهة أن أباها أنثى‏.‏ وسهمان من جهة أن أباها ذكر فيكون المال بينهم على ستة باعتبار الآباء، ثم الأبدان متفق، تجيء قسمة أخرى باعتبار الأبدان هذه الجملة على هذا الترتيب أوردها شيخ الإسلام في شرحه وذكر القاضي الإمام قول محمد رحمه الله على نحو ما ذكر شيخ الإسلام وقال الفرضيون من أهل ما وراء النهر إنها ترث بالجهتين عند أبي يوسف قال القاضي الإمام‏:‏ وهذا هو الصحيح وهو اختيار القاضي الإمام من أنه على قول أبي يوسف يقسم المال في المسألة الأولى من هذا الفصل بينهما أثلاثا‏:‏ ثلث المال للتي لها قرابتان؛ لأنها في معنى شخصين، وعند محمد‏:‏ القسمة على الآباء، فإن كان مع التي لها قرابتان ابن بنت فعلى قول أبي يوسف رحمه الله على ما اختاره القاضي الإمام‏:‏ يقسم المال بينهما نصفين؛ لأنه يعتبر بالأبدان والتي لها قرابتان بمنزلة ابنتين فيكون المال على أربعة ‏{‏للذكر مثل حظ الأنثيين‏}‏ لكل ذكر سهمان ولكل أنثى سهم، وإن كان مع التي لها قرابتان ابنة ابنة ابنة، وابن بنت بنت فعند أبي يوسف‏:‏ القسمة على الأبدان فيكون المال بينهم أخماسا للتي لها قرابتان سهمان، وللابنة سهمان وللابنة الأخرى سهم على الآباء، وأما الكلام في أولادهم وأولاد العمات وأولاد أولاد الأخوال والخالات فنقول‏:‏ أقربهم إلى الميت أولى فإن استووا في القرب فعند اتحاد الجهة من كان ذا قرابتين يكون أولى‏.‏ وإن اختلفت يقسم المال عليهم على نحو ما ذكرنا بيانه من المسائل‏.‏

إذا ترك ابنة خالة وابنة ابن خالة فالميراث لابنة الخالة؛ لأنها أقرب بدرجة وكذلك إذا ترك ابنة عمة وابنة ابنة خالة فإن ابنة العمة أولى، وإن كانتا من جهتين مختلفتين؛ لأنها أقرب بدرجة‏.‏ وإن ترك بنات العم مع ابنة خالة فلبنات العم الثلثان ولابنة الخالة الثلث، وإن كان البعض ذا قرابتين، والكلام فيه على نحو ما ذكرنا من اتحاد الجهة، واختلافها، بيانه‏:‏ فيما إذا ترك ثلاثة بنات عمات متفرقات فالمال كله لابنة العمة لأب وأم، وكذلك إذا ترك ثلاث بنات خالات متفرقات، وإن ترك ابنة خالة لأب وأم وابنة عمة لأب وأم فلابنة العم الثلثان ولابنة الخالة الثلث هذا؛ لأن المساواة بينهما يعني به‏:‏ الاتصال بالميت - موجود حقيقة، ولكن القرابتان أقوى سببا فعند اتحاد الجهة يجعل الأقوى في معنى الأقرب وكذلك ينعدم عند اختلاف السبب والجهة ولأن توريث ذوي الأرحام باعتبار معنى العصوبة، وقرابة الأب في ذلك مقدمة على قرابة الأم فجعل قوة السبب كزيادة القرب عند اتحاد الجهة، وعند اختلاف الجهة يسقط اعتبار هذا المعنى، فإن كان أحدهما ولد عصبة وولد صاحب فرض فعند اتحاد الجهة يقدم العصبة وولد صاحب الفرض، وعند اختلاف الجهة لا يقدم، وتعتبر المساواة في الاتصال بالميت وهي رواية أبي عمران عن أبي يوسف أما في ظاهر الرواية يقدم ولد العصبة على ولد صاحب الفرض حتى إنه إذا ترك ابنة عم لأب وأم أو لأب، وابنة عمة فالمال كله لبنت العم وهذا بلا خلاف؛ لأن الجهة هنا اتحدت، ولو ترك ابنة عم وابنة خال وخالة فلابنة العم الثلثان ولابنة الخال والخالة الثلث على رواية أبي يوسف، ولا تقدم بنت العم لكونها ولد عصبة؛ لأن الجهة مختلفة هنا وفي ظاهر الرواية‏:‏ المال كله لابنة العم فيقدم ولد العصبة مع اختلاف الجهة وهذا؛ لأن ولد العصبة أقرب اتصالا بوارث الميت فكان أقرب اتصالا بالميت فإن قيل‏:‏ فعلى هذا ينبغي أن تكون العمة أحق بجميع المال من الخالة؛ لأن العمة ولد العصبة وهو أب لأب، والخالة ليست بولد عصبة ولا ولد صاحب فرض فإنهما، ولد أبي الأم قلنا‏:‏ الخالة ولد أم الأم، وهي صاحبة فرض فمن هذا الوجه تحقق المساواة بينهما في اتصال الوارث للميت إلا أن اتصال الخالة بوارث وهي أم فتستحق فريضة الأم‏.‏ واتصال العمة بوارث، وهو أب فتستحق نصيب الأب، وإن كان قوم هؤلاء من قوم الأم من بنات الأخوال والخالات وقوم من قبل الأم من بنات العمات والأعمام فالمال مقسوم بين الفريقين أثلاثا سواء كان من جانب ذو قرابتين أو كان من أحد الجانبين ذو قرابتين ومن الجانب الآخر ذو قرابة واحدة، ثم ما أصاب كل فريق يترجح فيه من كان ذا قرابتين لأب على من قرابته لأم؛ لأن نصيب كل فريق الاستحقاق له بجهة واحدة، وكل واحد منهم إذا انفردا استحق جميع ذلك فعند الاجتماع تراعى قوة السبب بينهم في ذلك للقرابة فإن استووا في القرابة فالقسمة بينهم على الأبدان في قول أبي يوسف الآخر وفي قوله الأول وهو قول محمد‏:‏ القسمة على أول من يقع الخلاف به من الآباء بيانه فيما إذا ترك ابن خالة وابنة خالة فالمال بينهم ‏{‏للذكر مثل حظ الأنثيين‏}‏ وهذا بلا خلاف؛ لأن الآباء قد اتفقت، وإن ترك ابن عمة وابنة عم فإن كانت ابنة عم لأب وأم أو لأب فهي أولى؛ لأنها ولد عصبة، وابن العمة ليس بولد عصبة ولا ولد صاحب فرض، وإن كانت بنت العم لأم فعلى قول أبي يوسف المال بينهما أثلاثا باعتبار الأبدان الثلثان لابن العمة والثلث لبنت العم وعلى قول محمد الثلثان لبنت العم والثلث لابن العمة لأم فإذا كان ابن عمة لأب وأم فهو أولى بجميع المال؛ لأنه ذو قرابتين‏.‏ وكذلك إذا كان ابن عمة لأب؛ لأنه أدلاه بقرابة الأب وفي استحقاق معنى العصوبة يقدم قرابة الأب على قرابة الأم فإن ترك ثلاث بنات أخوال متفرقات وثلاث بنات خالات متفرقات وثلاث بنات عمات متفرقات فالثلثان لبنات العمات، ثم نشرح في ذلك ابن الخالة لأب وأم وابنة الخالة لأب وأم فيكون المال بينهم أثلاثا في قول أبي يوسف الآخر على اعتبار الأبدان لابن الخالة الثلثان ولابنة الخالة الثلث وعلى قول محمد رحمه الله على عكس ذلك فإن كان مع هؤلاء ثلاث بنات أعمام متفرقين فالمال كله لابنة العم لأب وأم خاصة؛ لأن ابنة العم لأب، وابنة العم لأم سواء في ذلك أن كل واحدة منهما ليس بولد عصبة ولا ولد صاحب فرض، وكلما ترجح ابنة العم لأب وأم على ابنة العمة لأب أو لأم فكذلك يترجح على ابنة العمة لأب فلا يتغير هذا الاستحقاق بكثرة العدد من أحد الجانبين وقلة العدد من الجانب الآخر؛ لأن الاستحقاق المدلى به وهو الأب والأم وذلك لا يختلف بقلة العدد وكثرته وهو سؤال أبي يوسف على محمد في أولاد البنات فإن هناك لو كان المدلى به، وهو المعتبر لما اختلف القسمة بكثرة العدد وقلته كما في هذا الموضع؛ لأن الفرق بينهما لمحمد رحمه الله أن هناك تتعدد الفروع بتعدد المدلى به حكما وهنا لا يتعدد المدلى به حكما؛ لأنه إنما يتعدد الشيء حكما إذا تصور حقيقة ولا يثبت التعدد حكما بتعدد القرابات‏.‏ وأما الكلام في أولاد العمات وأولاد الخالات إذا ترك بنت بنت عمة لأب وأم وابن بنت عمة لأب وأم فالمال بينهما ‏{‏للذكر مثل حظ الأنثيين‏}‏ بلا خلاف؛ لأن الأصول قد اتفقت‏.‏

ترك ابنة عمة لأب وأم وابنة خالة لأب وأم فلابنة العمة الثلثان ولبنت الخالة الثلث وهذا بلا خلاف، وكذا إذا ترك بنت ابن عمة لأب وأم، وابنة ابنة خالة لأب وأم فلبنت ابن العمة الثلثان، ولابنة ابن الخالة الثلث‏.‏

أما الكلام في أعمام الأم وعماتها وأعمام الأب وعماته وأخوال الأم وخالاتها إذا ترك الميت خالة لأم وارثة لها فخالها وخالتها بمنزلة خاله وخالته فإن ترك خالة الأم وعمة الأم فقد ذكر أبو سليمان الجرجاني عن أصحابنا أن المال بينهما أثلاث ثلثاه للعمة وثلثه للخالة وجعلهما على هذه الرواية بمنزلة خالة الميت وعمته وذكر عيسى بن أبان أن المال كله للعمة وذكر يحيى بن آدم أن المال كله لخالة الأم، وجه رواية أبي سليمان‏:‏ إن في توريث هذا النوع المدلى به قائم مقام الميت فعمة الأم بمنزلة عمة الميت، وكذلك خالة الأم بمنزلة خالة الميت وفي عمة الميت وخالته القسمة بينهما أثلاثا فكذا هذا، وإن ترك عم الأب وعمة الأب فالمال كله لعم الأب‏.‏ ولو ترك عم الأب وعمته وخال الأب وخالته فالمال كله له إذا انفرد لأب وأم أو لأب؛ لأنه عصبة، وإن كان لأم فالمال بينهما أثلاثا على الأبدان في قول أبي يوسف الآخر وعلى المدلى به في قوله الأول وهو قول محمد رحمه الله، وإن كان هناك عمة الأب وخالته فعلى رواية أبي يوسف المال بينهما ‏{‏للذكر مثل حظ الأنثيين‏}‏ كما بينا، وعلى رواية عيسى بن أبان ويحيى بن آدم‏:‏ المال كله لعمة الأب؛ لأنها ولد العصبة وهو ولد أبي الأب ولأنها تدلي بقرابة الأب، وقرابة الأب في معنى العصوبة مقدم على قرابة الأم، وإن اجتمع الفريقان يعني عمة الأب وخالة الأب وعمة الأم وخالة الأم لقوم الأب الثلثان ولقوم الأم الثلث، ثم قسمة كل جزء بين كل فريق في هذا الفصل كما تقدم ولا يختلف الجواب بكون أحدهما ذا قرابتين والآخر ذا قرابة واحدة في القسمة عند اختلاف الجهة لكن في نصيب كل فريق يترجح ذو القرابتين، والآخر ذو قرابة واحدة على نحو ما بينا في الفصل المتقدم، وإن اجتمع عم الأب وعمته وخالة الأم وخالها فالمشهور من قول أهل العراق أن نصيب الأم وهو الثلث فيقسم بين خالتها وخالها على ثلاثة بفضل الذكر على الأنثى إن كانت من أمه؛ لأن التسوية بين أولاد الأم إذا كانوا يتصلون بالميت، وهم إخوة الميت وأخواته إذا كانوا لأب وأم إذا كانوا يتصلون بوارث الميت فلا تسوية بل يفضل الذكر على الأنثى في رواية الحسن بن زياد وأبي سليمان الجرجاني‏.‏ ونصيب الأب يقسم بين قرابته أثلاثا وهذا ظاهر، ولو اجتمع ثلاثة أخوال متفرقين أم وعم وعمة أب من أم فعلى الرواية المشهورة من أهل العراق وهم المورثون من جهتين يقدم من هو لأب، ولو ترك خالتي أم وعمتي أم لأب فعلى الرواية المشهورة من أهل العراق الثلث لخالتي الأم والثلثان بين العمتين ويجعل كأن الأم ماتت وتركت أبوين فللأم الثلث سهم من ثلاثة وللأم الثلثان سهمان من ثلاثة، ثم ما أصاب الأم فهي لمن يدلي بها وأنه لا يستقيم، ولما أصاب الأب ينتقل إلى من يدلي به، وتصح المسألة من ستة‏:‏ خال أم الأب وأم عمة أم الأب فعلى الرواية المشهورة عن أهل العراق فيجعل كأن الأم ماتت عن أبوين ففريضتها من ثلاثة أسهم للأم ينتقل إلى أختها وسهمان للأب تنتقل إلى أخته فتصير في الحاصل كفالة للأم سهم وللأب عم أم الأب سهمان، وإن ترك ثلاثة أخوال لأب منفردين وثلاث عمات أب متفرقات وثلاث خالات أم متفرقات فعلى القول المشهور من أهل العراق يجعل كأن الأم ماتت وتركت أما كان المال لها، ثم إنها ماتت عن أبوين فقدر نصيبهما من ثلاثة سهم للأم ينتقل ذلك إلى أختها لأب وأم وسهمان للأم تقسم بين عمة الأب لأب وأم وبين خال الأب لأب وأم على ثلاثة للعمة الثلثان وللخال الثلث وكأن هذا الأب أيضا مات وترك أبوين وأن هذا للأب وارثا من جهة أبيه، ومن جهة أمه‏.‏ فنصيب أمه ينتقل إلى العم فانكسر بالأثلاث فيضرب ثلاثة في ثلاثة تصير تسعة فمنه تصح المسألة، وعلى هذا القياس تخرج هذه المسائل، والكلام في هؤلاء بمنزلة الكلام في آبائهم وأمهاتهم ولمن عند انعدام الأصول فأما عند وجود أحد من الأصول فلا شيء للأولاد كما لا شيء لأحد من أولاد العمات والخالات عند بقاء عمة وخالة الميت ويتصور في هذا الجنس شخص له قرابتان بيانه في امرأة لها أخ لأم وأخت لأب فتزوج أخوها لأمها أختها لأبيها وهي أيضا عمتها لأب وأم وولد لهذا الولد ولد، ثم مات الثاني فهذه المرأة خالة ابنه لأبيه وعمة ابنه لأم، ثم الجواب في هذا الفصل على الاختلاف الذي بينا في ذي القرابتين في بنات الإخوة وأولاد الأخوات قال رحمه الله‏:‏ تعالى ‏(‏والترجيح بقرب الدرجة‏)‏ يعني إرثهم بطريق العصوبة فيقدم الأقرب على الأبعد في كل صنف منهم كما في العصبات قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏ثم يكون الأصل وارثا‏)‏ أي إذا استويا في الدرجة فمن يدلي بوارث أولى من كل صنف؛ لأن الوارث أقوى قرابة من غير الوارث بدليل تقديمه عليه في استحقاق الإرث فكان من يدلي به أقوى، وللقوة تأثير في التقديم، ألا ترى أن بني الأعيان يقدمون على بني العلات في العصوبة لهذا المعنى‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وعند اختلاف جهة القرابة للأب ضعف قرابة الأم‏)‏ أي إذا كان بعض ذوي الأرحام من جهة الأب، وبعضهم من جهة الأم كان لمن هو من جهة الأب الثلثان ومن هو من جهة الأم الثلث لما روينا من قضية عمر وابن مسعود رضي الله عنهما ولأن قرابة الأباء أقوى فيكون لهما الثلثان، والثلث لقرابة الأم‏.‏ وهذا لا يتصور في الفروع، وإنما يتصور في الأصول والعمات والخالات قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وإن اتفق الأصول فالقسمة على الأبدان‏)‏ أي اتفقت صفة من يدلون به في الذكورة والأنوثة، ولم يختلفوا فيها كانت القسمة على أبدانهم حتى تجعل بينهم ‏{‏للذكر مثل حظ الأنثيين‏}‏ والمراد بالأصول المدلى بهم سواء كانوا أصولا لهم أو لم يكونوا قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وإلا فالعدد منهم والوصف من بطن اختلف‏)‏ أي إن لم تتفق صفة الأصول يعتبر العدد من الفروع المدلون بهم والصفة من البطن المختلفة فيقسم المال على ذلك البطن فيعتبر عدد كل واحد من ذلك البطن بعدد فروعه حتى يجعل الذكر الذي في ذلك البطن ذكورا بعدد فروعه، والأنثى الواحدة إناثا تعدد فروعها وتعطى الفروع ميراث الأصول وإذا كان فيهم بطون مختلفة يقسم المال على أول بطن اختلف على الصفة التي ذكرنا، ثم تجعل الذكور طائفة، والإناث طائفة بعد القسمة فما أصاب الذكور يجمع ويقسم على أول بطن اختلف به ذلك وكذا ما أصاب الإناث وهكذا يعمل إلى أن ينتهى إلى الذين هم أحياء، وهذا قول محمد وعند أبي يوسف والحسن بن زياد‏:‏ تعتبر أبدان الفروع، سواء اتفقت صفة الأصول في الذكورة والأنوثة أو اختلفت، ولو كان لبعضهم جهتان أو أكثر تعتبر الجهتان والجهات فيرث بكل جهة غير أن أبا يوسف يعتبرها في الفروع ومحمد رحمه الله في الأموال بخلاف الجدة حيث لا ترث إلا بجهة واحدة عند أبي يوسف وذو الرحم يرث بالجهتين عنده في الصحيح‏.‏ والفرق له على هذه الرواية أن الجدة تستحق الإرث باسم الجدة، والاسم لا يختلف بينهن وارث ذوي الأرحام، ثم بالقرابة فيتعدد بتعددها، وقول محمد أصح في ذوي الأرحام جميعا، وهو أشهر الروايتين عن أبي حنيفة‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏والفروض نصف وربع وثمن وثلثان وثلث وسدس‏)‏ أي الفروض المقدرة في كتاب الله هذه الستة وهي نوعان على التنصيف إن بدأت بالأكثر أو التضعيف إن بدأت بالأقل فنقول النصف ونصفه ونصف نصفه والثلثان ونصفه ونصف نصفه أو نقول الثمن وضعفه وضعف ضعفه والسدس وضعفه وضعف ضعفه قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏ومخارجها اثنان النصف وأربعة وثمانية وثلاثة وستة لسميها، واثنا عشر، وأربعة وعشرون بالاختلاط‏)‏ أي مخارج هذه الفروض لا تخلو إما أن يجيء كل فريق منها منفردا أو مختلطا بغيره فإن جاء منفردا فمخرج كل فرض سميه وهو المخرج الذي يشاركه في الحروف إلا النصف فإنه من اثنين وليس له سمي وذلك مثل الثمن من ثمانية والسدس من ستة والثلث من ثلاثة والربع من أربعة، وإن جاء مختلطا بغيره فلا يخلو إما أن يختلط كل نوع بنوعه أو أحد النوعين بالآخر فإن اختلط كل نوع بنوعه فمخرج الأقل منه يكون مخرجا للكل؛ لأن ما كان مخرجا لجزء يكون مخرجا لضعفه ولضعف ضعفه كالثمانية مخرج الثمن أو الستة مخرج السدس‏.‏ وإن اختلط أحد النوعين بالنوع الآخر فمخرجهما من أقل عدد يجمعهما وإذا أردت معرفة ذلك انظر مخرج كل واحد من الفريقين على حدة، ثم انظر هل بينهما موافقة أو لا فإن كان بينهما موافقة فاضرب وفق أحدهما في جميع الآخر، وإن لم يكن بينهما موافقة فجميع أحدهما في جميع الآخر فالمبلغ مخرج الفرضين، ثم إذا اختلط النصف الأول بكل من الثاني أو ببعضه فهو من ستة؛ لأن بين مخرج النصف والسدس موافقة بالنصف فإذا ضربت وفق أحدهما في جميع الآخر يبلغ ستة وإذا اختلط الربع من الأول بكل الثاني أو ببعضه فهو من اثني عشر؛ لأن مخرج الربع وهو الأربعة موافق مخرج السدس وهو الستة بالنصف فإذا ضربت وفق أحدهما في جميع الآخر يبلغ ثنتي عشر ومنه يخرج الجواب، وإن كان المختلط به الثلث والثلثان فلا موافقة بينهما فاضرب ثلاثة في ثمانية تبلغ أربعة وعشرين فمنه مخرج الجواب فصارت جملة المخارج سبعة، ولا يجتمع أكثر من أربعة فروض في مسألة واحدة ولا يجتمع من أصحابها أكثر من خمسة طوائف ولا ينكسر على أكثر من أربع طوائف

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وتعول بزيادة‏)‏ أي تعول هذه المخارج بزيادة من أجزاء المخرج إذا اجتمع في مخرج فروض كثيرة بحيث لا تكفي أجزاء المخرج لذلك فيحتاج إلى العول في زيادة من أجزاء المخرج فترتفع عنه المسألة والعول الميل والجور يقال عال الحاكم في حكمه إذا مال وجار ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ذلك أدنى ألا تعولوا‏}‏ والمراد بالعول عول بعضها؛ لأن كلها لا تعول وإنما تعول ثلاثة منها الستة واثنا عشر وأربعة وعشرون والأربعة الأخرى لا تعول‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏فستة تعول إلى عشرة وترا وشفعا‏)‏ ويريد بالوتر السبعة والتسعة وبالشفع الثمانية والعشرة مثال عولها إلى السبعة زوجة وأختان لأبوين أو لأب، أو زوج وأم وأخت لأب ومثال عولها إلى ثمانية زوج وأخت من أب وأختان من أم أو زوج وثلاثة أخوات متفرقات أو زوج وأم وأختان من أب ومثال عولها إلى تسعة زوج وثلاث أخوات متفرقات وأم أو زوج وأختان من أب، ومثال عولها إلى عشرة زوج وأختان من أب وأختان من أم، وأم وأم‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏واثنا عشر إلى سبعة عشر وترا‏)‏ أي اثنا عشر تعول إلى سبعة عشر وترا لا شفعا والمراد بالوتر ثلاثة عشر وخمسة عشر وسبعة عشر فمثال عولها إلى ثلاثة عشر زوج وبنتان وأم، أو زوجة وأختان لأبوين وأخت لأم، ومثال عولها إلى خمسة عشر زوج وبنتان وأبوان، ومثال عولها إلى سبعة عشر أربع أخوات لأم وثمان أخوات لأبوين وجدتان وثلاث زوجات‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وأربعة وعشرون إلى سبعة وعشرين‏)‏ أي أربعة وعشرون تعول إلى سبعة وعشرين وما فيها إلا عولة واحدة، وهي المنبرية وتسمى السبعية وهي زوج وبنتان وأبوان سميت بذلك؛ لأن عليا رضي الله عنه سئل عنها، وهو على المنبر فقال‏:‏ عاد ثمنها تسعا مرتجلا ومضى في خطبته، ولا تعول إلى أكثر من ذلك إلا عند ابن مسعود رضي الله عنه فإنها تعول عنده إلى أحد وثلاثين فيما إذا ترك امرأة وأختين لأم وأختين لأب وابنا كافرا أو رقيقا أو قاتلا له؛ لأن من أصله أن المحروم يحجب حجب نقصان دون الحرمان فيكون للمرأة الثمن عنده وللأم السدس وللأختين لأب الثلثان وللأختين لأم الثلث ومجموع ذلك أحد وثلاثون فإذا فرغنا من ذلك احتجنا إلى التصحيح، ولا بد للتصحيح من معرفة أربعة أشياء‏:‏ التماثل والتداخل والتوافق والتباين بين العددين ليتمكن من العمل في التصحيح فنقول إن كان أحد العددين مماثلا للآخر فهي المماثلة فيكتفى بضرب أحدهما عن الآخر، وإن لم يكن مماثلا له فإن كان الأقل جزء الأكثر فهي المتداخلة، وإن لم يكن له جزء فإن توافقا في جزء فهي الموافقة، وإن لم يتوافقا في جزء فهي المباينة ولا يخلو عددان اجتمعا من أحد هذه الأحوال الأربعة؛ لأنهما إما أن يتساويا أو لا فإن تساويا فهي المماثلة، وإما أن يتساويا فلا يخلو إما أن يكون الأقل جزء الأكثر فإن كان جزءا له فهي المتداخلة، وإلا فهي المباينة، وبيان كل واحدة مذكور في المطولات، وهذه الأربعة كلها جارية بين الرءوس والرءوس وكذا بين الرءوس والسهام إلا الداخلة فإن العمل فيها كالموافقة فإذا كانت الرءوس أكثر وكالمماثلة إذا كانت السهام أكثر؛ لأنها تنقسم عليهم كما تنقسم المماثلة وفائدة التصحيح بيان كيفية العمل في القسمة بين المستحقين من أقل عدد يمكن على وجه يسلم الحاصل لكل من الكسر ولهذا سمي تصحيحا‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏فإن انكسر حظ فريق ضرب وفق العدد في الفريضة إن وافق‏)‏ أي إذا انكسر نصيب طائفة من الورثة ينظر بين رءوسهم وسهامهم فإن كان بينهما موافقة ضرب وفق عددهم في الفريضة، وهي أصل المسألة، وعولها إن كانت عائلة فالمبلغ تصحيح كجدة وأخت لأم وعشرين أخا لأب، وأصلها من ستة فللجدة سهم وكذا الأخت لأم وللأخوات؛ لأن أربعة لا تنقسم عليهن وتوافق رءوسهم بالربع فاضرب ربع رءوسهن وهو خمسة في أصل المسألة وهو ستة تبلغ ثلاثين فمنها تصح قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وإلا فالعدد في الفريضة والمبلغ مخرجه‏)‏ أي إن لم توافق الرءوس السهام فاضرب عدد الرءوس في سهام الفريضة، وهي أصل المسألة، وعولها إن كانت عائلة فما بلغ من الضرب فهو التصحيح في المسألتين أي في المباينة والموافقة، وقد ذكرنا مثال الموافقة، ومثال المباينة زوج وسبع أخوات لأب أصلها من ستة، وتعول إلى سبعة‏:‏ للزوج النصف ثلاثة، وللأخوات الثلثان أربعة فلا ينقسم عليهن ولا يوافق فاضرب رءوسهن في الفريضة تبلغ تسعة وأربعين فمنها تصح‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وإن تعدد الكسر وتماثل ضرب واحد‏)‏ أي إذا انكسر على أكثر من طائفة واحدة وتماثل أعداد رءوس المنكسر عليهم يضرب فريق واحد في أصل المسألة وعولها إن كانت فما بلغ من الضرب فهو الصحيح المسألة مثاله ست أخوات لأب وأم وثلاث أخوات لأم وثلاث جدات أصلها من ستة وتعول إلى سبعة للأخوات لأب وأم الثلثان أربعة لا تنقسم عليهن ولا توافق النصف فرد رءوسهن إلى النصف ثلاثة وللأخوات لأم الثلث سهمان لا تنقسم عليهن ولا توافق وللجدات سهم لا ينقسم عليهن ولا يوافق فاجتمع معك ثلاثة أعداد مماثلة فاضرب واحدا منهم في الفريضة تبلغ إحدى وعشرين فمنها تصح، ولو كان بعض الأعداد مماثلة دون البعض ضرب رءوس فريق واحد من المتماثلين في عدد رءوس الفريق المباين لهم أو في وفقه إن وافق فما بلغ ضربته في الفريضة فما بلغ صحت منه المسألة مثاله لو كان عدد الأخوات خمسا مثلا في المثال المذكور، والمسألة بحالها ضربت ثلاثة في خمسة تبلغ خمسة عشر، ثم اضرب خمسة عشر في الفريضة هي سبعة تبلغ مائة وسبعة، ومنها تصح، ولو كان المباين أكثر من طائفة واحدة يضرب ما بلغ من الضرب الأول فيه، وفي وفقه، ثم ما بلغ في الفريضة فما بلغ تصح منه المسألة مثاله أربع زوجات، وخمس أخوات لأم وثلاث جدات وثلاث أخوات لأب أصلها من اثني عشر وتعول إلى سبعة عشر فلا ينقسم على الكل ولا يوافق فعدد الأخوات لأب مماثل الجدات فتكتفي بأحدهما فتضرب ثلاثة في أربعة تبلغ اثني عشر، ثم في خمسة فتبلغ ستين، ثم تضرب الستين في الفريضة وهي سبعة عشر تبلغ ألفا وعشرين فمنها تصح المسألة‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏فإن توافق فالوفق، وإلا فالعدد في العدد، ثم وثم وثم جميع المبلغ في الفريضة وعولها‏)‏ أي إذا توافق بين أعداد الرءوس فاضرب وفق أحدهما في جميع الآخر، ثم اضرب ما بلغ في وفق الثلاثة إن وافق المبلغ الثلث، وإن لم يوافق فاضرب كله فيه فما بلغ فاضربه في الفريضة فما بلغ تصح منه المسألة، ولو كان فريق رابع ضرب فيه ما بلغ من ضرب الرءوس في الرءوس إن لم يوافقه، وإن وافقه ففي الوفق، ثم ما بلغ في أصل المسألة فما بلغ منه تصح المسألة فمثال الموافقة أربع زوجات وثمانية عشر أختا لأم واثنا عشر جدة وخمسة عشر أختا لأب أصلها من اثني عشر وتعول إلى سبعة عشر فللزوجات الربع ثلاثة لا ينقسم عليهن ولا يوافق وللأخوات لأم الثلث أربعة لا ينقسم عليهن ويوافق بالنصف، فرد رءوسهن إلى النصف تسعة وللجدات السدس سهمان لا ينقسم عليهن وتوافق بالنصف فرد رءوسهن إلى النصف ستة، وللأخوات لأب الثلثان ثمانية لا ينقسم عليهن، ولا يوافق فبين خمسة عشر والستة موافقة بالثلث فاضرب ثلث أحدهما في جميع الآخر تبلغ تسعين، ثم ما بين التسعين والأربعة موافقة بالنصف فاضرب نصف أحدهما في جميع الآخر تبلغ مائة وثمانين، ثم اضرب المائة والثمانين في الفريضة وهي سبعة عشر تبلغ ثلاثة آلاف وستين، فمنهما تصح المسألة ومثال المباينة خمس أخوات لأب، وثلاث أخوات لأم، وسبع جدات، وأربع زوجات أصلها من اثني عشر، وتعول إلى سبعة عشر فللأخوات للأب الثلثان ثمانية لا تنقسم عليهن، ولا توافق وللجدات السدس سهمان لا تنقسم عليهن ولا توافق فالخمسة لا توافق فاضرب أحدهما في الأخرى تبلغ خمسة عشر وخمسة عشر لا توافق الأربعة فاضرب أحدهما في الأخرى تبلغ ستين والستين لا توافق السبعة فاضرب أحدهما في الأخرى تبلغ أربعمائة وعشرين، ثم اضرب أربعمائة وعشرين في الفريضة وهي سبعة عشر تبلغ سبعة آلاف ومائة وأربعين فمنها تصح، وله طريق آخر مذكورة في المطولات

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وما فرض يرد على ذوي الفروض بقدر فروضهم إلا على الزوجين‏)‏ أي يرد ما فضل من فرض ذوي الفروض إذا لم يكن في الورثة عصبة فلو كان فيهم فالفاضل بعد الفروض للعصبة إلا على الزوجين فإنه لا يرد عليهما وهو قول عامة الصحابة رضي الله عنهم وبه أخذ أصحابنا، وقال زيد بن ثابت رضي الله عنه‏:‏ الفاضل لبيت المال وبه أخذ مالك والشافعي رحمهما الله وقال عثمان بن عفان‏:‏ يرد على الزوجين أيضا ولنا قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله‏}‏ وهو الميراث فيكون أولى من بيت المال ومن الزوجين إلا فيما ثبت لهم بالنص وكان ينبغي أن يكون ذلك لجميع ذوي الأرحام لاستوائهم في هذا الاسم إلا أن أصحاب الفرائض قدموا على غيرهم من ذوي الأرحام لقوة قرابتهم، ألا ترى أنهم يقدمون في الإرث فكانوا أحق به ومن حيث السنة ما روي‏:‏ «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على سعد يعوده فقال يا رسول الله‏:‏ إن لي مالا ولا يرثني إلا ابنتي الحديث، ولم ينكر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حصر الميراث على ابنته»، ولولا أن الحكم كذلك لأنكر عليه، ولم يقره على الخطأ لا سيما في مواضع الحاجة إلى البيان، وكذا روي‏:‏ «أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني تصدقت على أمي بجارية فماتت أمي وبقيت الجارية فقال‏:‏ وجب أجرك ورجعت إليك في الميراث» فجعل الجارية راجعة إليها بحكم الميراث‏.‏ وهذا هو الرد؛ لأن أصحاب الفرائض ساووا الناس كلهم وترجحوا بالقرابة فيرجحون بذلك على المسلمين، ومسائل الباب أربعة أقسام أن يكونوا جنسا واحدا أو أكثر عند عدم من لا يرد عليه أو عند وجوده فلا تخرج مسائله عن هذه الأربعة على ما يجيء في أثناء البحث‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏فإن كان من يرد عليه جنسا واحدا فالمسألة من رءوسهم كبنتين أو أختين‏)‏؛ لأنهما لما استويا في الاستحقاق صارا كابنتين وأخوين فيجعل المال بينهما نصفين وكذا الجدتان لما ذكرنا والمراد بالأختين أن يكونا من جنس واحد بأن يكون كلاهما لأم أو لأب أو لأبوين قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وإلا فمن سهامهم فمن اثنين لو سدسان وثلاثة لو ثلث وسدس وأربعة لو نصف وسدس وخمسة لو ثلثان وسدس أو نصف وسدسان أو نصف وثلث‏)‏ أي إن لم يكن من يرد عليه جنسا واحدا بأن كان جنسين تجعل المسألة من سهامهم فتجعل من اثنين لو اجتمعا سدسان كجدة وأخت لأم أو من ثلاثة إذا اجتمع نصف وسدس كأم أو جدة مع من يستحق الثلثين من الإناث أو أختين لأب أو ثلاث أخوات متفرقات أو أم وأخت لأم وأخت لأب أو نصف وثلث لأم وأخت لأب أو أخوين لأم أو أخت لأبوين أو لأب ولا يتصور أن يجتمع في باب الرد أكثر من ثلاث طوائف فإذا جعلت المسألة من سهامهم تحقيق رد الفاضل عليهم بقدر سهامهم‏.‏ وهذان النوعان اللذان ذكرناهما أحدهما أن يكونوا جنسا واحدا والآخر أكثر من ذلك فيما إذا لم يختلط بهم من لا يرد عليهم وبقي النوعان الآخران وهما إذا اختلطا بكل واحد من النوعين من لا يرد عليه‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏ولو مع الأول من لا يرد عليه أعط فرضه من أقل مخارجه، ثم اقسم الباقي على أن يرد عليه كزوج وثلاث بنات‏)‏ أي لو كان مع الأول وهو ما إذا كانوا جنسا واحدا من لا يرد عليه وهو أحد الزوجين أعط فرض من لا يرد عليه من أقل مخارج فرضه، ثم اقسم الباقي على رءوس من يرد عليه إن استقام الباقي عليهم كزوج وثلاث بنات للزوج الربع فأعطه من أقل مخارجه الربع وهو أربعة فإذا أخذ ربعه وهو سهم بقي ثلاثة أسهم فاستقام على رءوس البنات قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وإن لم يستقم فإن وافق رءوسهم‏)‏ كزوج وثلاث بنات أي لو كان مع الأول وهو ما إذا كان جنسا واحدا من يرد عليه إن استقام الباقي عليهن كزوج وثلاث بنات فاضرب وفق رءوسهم ‏(‏في مخرج فرض من لا يرد عليه وإلا فاضرب كل عدد رءوسهم في مخرج فرض من لا يرد عليه‏)‏ على عدد رءوس من يرد عليه ‏(‏كزوج وخمس بنات‏)‏ أي إن لم يستقم الباقي بعد فرض من لا يرد عليه على عدد رءوس من يرد عليه ينظر فإن كان بين الباقي من فرض من لا يرد عليه وبين رءوسهم موافقة ‏(‏فاضرب وفق رءوسهم في مخرج فرض من لا يرد عليه‏)‏ كزوج وست بنات فإن بينهما موافقة في الثلث فرد رءوسهم إلى اثنين، ثم اضرب به في أربعة‏.‏ وإن لم يوافق الباقي رءوسهم كزوج وخمس بنات فإنه لا موافقة بين الخمسة والثلاثة فاضرب جميع رءوسهن وهو الخمسة في أربعة فالمبلغ في الوجهين تصحيح المسألة فتصح في الأول في ثمانية، وفي الوجه الثاني من عشرين؛ لأنك في الأول ضربت اثنين في أربعة، وفي الثاني خمسة في أربعة فيأخذ الزوج في الأول سهمين يبقى ستة فكل واحدة من البنات سهم ويأخذ في الثمانية خمسة فيقسم الباقي على خمسة يصيب كل واحدة منهن ثلاثة أسهم‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏ولو مع الثاني من لا يرد عليه‏)‏ المراد بالثاني أن يكون طائفتان أو أكثر أي لو كان مع الطائفتين أو أكثر من لا يرد عليه قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏فاقسم ما بقي من مخرج فرض من لا يرد عليه على مسألة من يرد عليه‏)‏ وهو سهامهم على ما بينا ‏(‏كزوجة وأربع جدات وست أخوات لأم‏)‏ للزوجة الربع فأعطها من أقل مخارجه وهو واحد من أربعة يبقى ثلاثة تنقسم على ثلاثة؛ لأن سهامهن ثلاثة قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وإن لم يستقم فاضرب سهام من يرد عليه في مخرج فرض من لا يرد عليه كأربع زوجات وتسع بنات وست جدات‏)‏ أي إن لم يستقم الباقي من فرض من لا يرد عليه على سهام من يرد عليه أي على مسألتهم فاضرب سهام من يرد عليه في مخرج فرض من لا يرد عليه فما بلغ يخرج منه حق كل واحد من غير كسر، وهذا الضرب لبيان مخرج فرض الفريقين من أقل عدد يمكن لا للتصحيح، فسهام من يرد عليه فيما مثل به خمسة، أربعة للبنات وواحدة للجدات‏.‏ وما بقي من فرض من لا يرد عليه سبعة، وهو لا ينقسم على خمسة فاضرب الخمسة في الثمانية تبلغ أربعين فمنه يخرج سهام كل واحد صحيحا فللزوجات الثمن خمسة والباقي لمن يرد عليه قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏ثم اضرب سهام من لا يرد عليه في مسألة من يرد عليه، وسهام من يرد عليه فيما بقي من مخرج فرض من لا يرد عليه‏)‏ وهذا البيان طريقة معرفة سهام كل فريق من هذا المبلغ فإذا أردت معرفة سهام الزوجات في المثال الذي ضربته فاضرب سهمين في خمسة فهو نصيبهن، وإذا أردت معرفة نصيب البنات فاضرب سهامهن في خمسة، وهو أربعة فيما بقي من فرض من لا يرد عليه وهو سبعة تبلغ ثمانية وعشرين فهو لهن، وللجدات سهم مضروب في سبعة بسبعة، وأما إن كان الضرب على ما ذكر؛ لأن الخمسة لما ضربت في الثمانية وجب أن يضرب سهام كل فريق من الثمانية في الخمسة، للزوجات واحد من الثمانية، والباقي لمن يرد عليه، وهو سبعة فتضرب في الخمسة، فتبلغ خمسة وثلاثين فصارت السبعة مضروبة في الخمسة بالنسبة إلى أصل مسألة من يرد عليه؛ لأن كل من له شيء من الثمانية مضروب في خمسة، وكذا الخمسة مضروبة في نصيب كل واحد من الثمانية لأن عدد كل ضرب في عدد يكون كل واحد منهما مضروبا ومضروبا فيه؛ ولهذا غير العبارة بقوله‏:‏ وسهام من يرد عليه فيما بقي من مخرج فرض من لا يرد عليه لا لتغير العمل فإذا عرف فروض الفريقين بما ذكر يحتاج إلى معرفة التصحيح ولهذا بينه‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وإذا انكسر فصحح كما مر‏)‏ أي إذا انكسر على البعض أو على الكل فصحح المسألة بالطريق المذكورة في التصحيح؛ لأن السهام إذا لم تنقسم على أربابها احتيج إلى التصحيح وما ذكر في هذا الباب من الضرب لم يكن إلا ليخرج سهام كل فريق، وممن لا يرد عليه من عدد واحد كما ذكرنا من مخارج السهام لا لتصحيح المسألة عليهم، وقد ذكرنا طريق التصحيح وطريق معرفة سهام كل واحد من آحاد الفريق فلا نعيده، والمثال الأول الذي ذكره المصنف وهو زوجة وأربع جدات وست أخوات لأم، وتصح من ثمانية وأربعين المثال الثاني، وهو أربع زوجات وتسع بنات وست جدات تصح من ألف وأربعمائة وأربعين‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وإن مات البعض قبل القسمة‏)‏ أي إذا مات بعض الورثة قبل القسمة ويسمى هذا النوع من المسائل مناسخة مفاعلة من النسخ، وهو الإزالة يقال‏:‏ نسخت الشمس الظل أي أزالته ونسخت الكتاب، واستعماله فيما إذا صار بعض الأنصباء ميراثا قبل القسمة لما فيه من نقل العمل والتصحيح إلى الفريضة الثانية قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏فصحح مسألة الميت الأول وأعط سهام كل وارث، ثم صحح مسألة الميت الثاني وانظر بين ما في يده التصحيح الأول، وهو نصيب الميت الأول وبين التصحيح الثاني ثلاثة أحوال‏)‏ أي التوافق والتباين والاستقامة‏.‏ ‏(‏فإن استقام ما في يده من التصحيح الأول فلا ضرب وصحتا من تصحيح مسألة الميت الأول‏)‏ أي صحت الفريضتان فريضة الميت الأول والثاني مما صحت منه الأولى ‏(‏وإن لم تستقم فإن كان بينهما موافقة‏)‏ أي بين ما في يده وهو نصيبه من الأول وبين فريضته وهو التصحيح الثاني ‏(‏فاضرب وفق التصحيح الثاني في كل التصحيح الأول، وإن كان بينهما مباينة‏)‏ أي بين ما في يده وفريضته وبين التصحيح الثاني ‏(‏فاضرب كل التصحيح الثاني في التصحيح الأول فالمبلغ مخرج المسألتين‏)‏ أي ما يبلغ من الضرب لتصحيح الفريضتين فريضة الميت الأول وفريضة الميت الثاني، فلا ينظر بين السهام والرءوس في الأحوال الثلاثة في تصحيح الفريضة فكذا بينهما حتى إذا اقتسم ما في يده على فريضته لا حاجة إلى الضرب كما إذا انقسم نصيب الفريق من أصل المسألة على رءوسهم، وإن لم ينقسم فإن وافق تضرب وفق فريضته، وإن لم يوافق تضرب كل الفريضة الثانية في الفريضة الأولى كما في الرءوس فإذا عرف ذلك يحتاج إلى بيان طريق معرفة نصيب كل واحد من ورثة الأول والثاني بالطريق المذكور في التصحيح، وقد بينته في المختصر قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏واضرب سهام ورثة الميت الأول في التصحيح الثاني أو في وفقه‏)‏ أي نصيبه ‏(‏وسهام ورثة الميت الثاني في نصيب الميت الثاني أو في وفقه‏)‏ في الفريضة الأولى فإن كان فيهم من يرث من الميتين ضربته من الأولى في الفرضية الثانية أو في وفقها مضروب في الأولى فنصيب كل واحد لا يكون مضروبا ضرورة‏.‏ فلذلك وجب ضربه فيه وكان ينبغي أن يضرب نصيب الميت الثاني وهو الذي في يده الثانية أو في وفقها؛ لأنه من جملة ورثة الميت الأول إلا أن نصيبه لما صار ميراثا كان مستحقا لورثته، وكان مقسوما بينهم فاستغني عن ذلك بضرب نصيب كل واحد من ورثته فيما في يده، أو في وفق ما في يده وهو نظير ما ذكر في الرد أن سهام من لا يرد عليه تضرب في سهام من يرد عليه وسهام من يرد عليه تضرب فيما بقي من فروض من لا يرد عليه، ولو مات ثالث قبل القسمة فاجعل المبلع الثاني مقام الأول، والثاني في العمل فلو مات رابع فاجعل الثالث مقام الأول والرابع مقام الثالث وهكذا كلما مات واحد قبل القسمة تقيمه مقام الثاني، والمبلغ الذي قبل مقام الأول إلى ما لا يتناهى هذا إذا مات الثاني وخلف ورثة غير من كان معه ميراث الميت الأول أو كانوا هم بعينهم ولكن جهة إرثهم من الميتين مختلفة، وإن كانوا هم بعينهم ولم يختلف غيرهم من الورثة، وجهة إرثهم من الميتين متحدة ألغيت جميع ما مات قبل القسمة وصحت فريضة الميت الآخر فكأنه لم يمت إلا هو، ولم يكن وارث غير ورثته، وهذا النوع يسمى المناسخ الناقض

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏ويعرف حظ كل فريق من التصحيح بضرب ما لكل من أصل المسألة فيما ضربته في أصل المسألة‏)‏ أي يعرف نصيب كل فريق من التصحيح بضرب نصيب كل فريق من أصل المسألة في مبلغ الرءوس، وهو المضروب في الفريضة فما بلغ فهو نصيب ذلك الفريق، وقد بيناه من قبل في موضعه معناه لو ترك زوجة وعشرين بنتا وأما فللزوجة ثلاثة، ولكل من الأب والأم أربعة، وللبنات ستة عشر، وهن عشرون لا تنقسم عليهن لكن بين سهامهم ورءوسهن موافقة بالربع فتضرب وفق رءوسهن‏.‏ وهو خمسة في سبعة وعشرين تبلغ مائة وخمسة وثلاثين فهذه هي جزء السهم، وهي وفق الرءوس فللزوجة ثلاثة مضروبة في خمسة وعشرين تبلغ ثمانية فهنا قد ضربت ما لكل فريق من التصحيح فيما ضربته في أصل المسألة وهو وفق الرءوس قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وحظ كل فرد نسبة سهام كل فريق من أصل المسألة إلى عدد رءوسهم مفردا، ثم يعطى بمثل تلك النسبة من المضروب لكل فرد‏)‏ أي يعرف نصيب كل واحد من أفراد الفريق بأن تناسب سهام جميع الفريق من أصل المسألة إلى عدد رءوس ذلك الفريق فما وجد بنسبته أعطي لكل واحد من آحاد ذلك الفريق بمثل تلك النسبة من المضروب فيخرج نصيب كل واحد منهم ومعنى قوله مفردا أي ينسب إلى فريق واحد من غيرهم فريق آخر عند النسبة وهذه المسألة والتي قبلها موضعهما باب التصحيح، وقد ذكرناهما هناك وطريقا آخر فلا نعيدها‏.‏

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏وإن أردت قسمة التركة بين الورثة والغرماء فاضرب سهام كل فريق وارث من التصحيح في كل التركة، ثم اقسم المبلغ على التصحيح‏)‏ وكذا الدين بأن تضرب دين كل غريم في التركة وتقسم الخارج على مجموع الدين وهذا إذا لم يكن بين التركة والتصحيح ولا بين التركة ومجموع الدين موافقة، وإن كان بينهما موافقة فاضرب نصيب كل واحد من الورثة ودين كل غريم في وفق التركة فما بلغ فاقسمه على وفق التصحيح أو على وفق مجموع الدين فما خرج من القسمة فهو نصيب ذلك الوارث أو للدين؛ لأنه يجعل دين كل غريم بمنزلة سهام كل وارث ومجموع الدين بمنزلة التصحيح وهذا مبني على قاعدة ممهدة في الحساب وهي أنه متى اجتمع أربعة أعداد متناسبة وكان نسبة الأول إلى الثاني كنسبة الثالث إلى الرابع وعلم من تلك الأعداد ثلاثة وجهل واحد أمكن استخراج المجهول وفيما نحن فيه اجتمع أربعة أعداد متناسبة‏:‏ أولها‏:‏ سهام كل وارث من التصحيح، وثانيها‏:‏ التصحيح، وثالثها‏:‏ الحاصل لكل وارث من التركة، ورابعها جميع التركة لأن نسبة السهام إلى التصحيح كنسبة الحاصل من التركة إلى جميع التركة، والثالث مجهول، والباقي معلوم فإذا ضربت الطرف في الطرف كان كضرب الثاني في الثالث فكذلك إذا قسمت المبلغ على الثاني خرج الثالث ضرورة أن كل مقدار تركب من ضرب عدد إذا قسم على أحد العددين خرج الآخر كخمسة عشر مثلا لما تركبت من ضرب ثلاثة في خمسة إذا قسمتها على ثلاث خرج خمسة وإذا قسمتها على خمسة خرج ثلاثة، وهذا القاعدة هي الأصل في معرفة نصيب كل واحد من آحاد ذلك الفريق فإذا اجتمع هناك أيضا أربعة أعداد متناسبة، نصيب الفريق من أصل المسألة، وعدد الفريق الحاصل من أصل المسألة، وعدد الفريق الحاصل لكل واحد من آحاد الفريق من التصحيح، ومبلغ الرءوس نسبة نصيب الفريق من أصل المبلغ إلى عددهم كنسبة الحاصل إلى التصحيح لكل واحد إلى مبلغ الرءوس وهو المضروب في أصل المسألة والثالث مجهول والباقي معلوم ويستخرج المجهول في مثل هذا بالطرق المذكورة في التصحيح، وكذا العمل في قضاء الدين إذا كانت التركة لا تفي به فدين كل غريم بمنزلة سهام كل وارث، ومجموع الدين بمنزلة التصحيح فتطلب الموافقة بين مجموع الدين وبين التركة، ثم العمل فيه على ما بينا

قال رحمه الله‏:‏ ‏(‏ومن صالح من الورثة على شيء فاجعله كأن لم يكن واقسم ما بقي على سهام من بقي‏)‏؛ لأن المصالح لما أعطوه جعل مستوفيا نصيبه من العين وبقي الباقي مقسوما على سهامهم، وقوله‏:‏ فاجعله كأن لم يكن فيه نظر؛ لأنه قبض بدل نصيبه فكيف يمكن جعله كأن لم يكن بل يجعل كأنه مستوف نصيبه، ولم يستوف الباقون أنصباءهم، ألا ترى أن المرأة إذا ماتت وخلفت زوجا وأما وعما فصالح الزوج على ما في ذمته من المهر يقسم الباقي من التركة بين الأم والعم أثلاثا للأم سهمان وسهم للعم، ولو جعل الزوج كأن لم يكن لكان للأم سهم؛ لأنه الثلث بعد خروج الزوج من البين وللعم سهمان؛ لأنه الباقي بعد الفروض ولكن تأخذ هي ثلث الكل وهو سهمان من ستة فللزوج النصف ثلاثة، وقد استوفاه بأخذ بدله بقي السدس وهو سهم للعم وكذا لو ماتت المرأة وخلفت ثلاثة أخوات متفرقات وزوجا فصالحت الأخت لأب وأم وخرجت من البين كان الباقي بينهم أخماسا‏:‏ ثلاثة للزوج، وسهم للأخت للأم، وسهم للأخت لأب على ما كان لهم من ثمانية؛ لأن أصلها ستة وتعول إلى ثمانية فإذا استوفت الأخت نصيبها وهو ثلاثة بقي خمسة، ولو جعلت كأنها لم تكن لكانت من ستة وبقي سهم للعصبة‏.‏

وهذا آخر ما تيسر تأليفه بحمد الله وعونه وحسن توفيقه في هذا الكتاب، وأسأل الله العظيم أن ينفع به جميع الطلاب ومن نظر فيه من المحبين والأصحاب وأن يمن علينا بعفوه ويدخلنا دار السلام بكرمه وحلمه وجوده ولطفه من غير مشقة ولا حساب ولا عقاب ولا معاتبة ولا مناقشة ولا عتاب وأن يختم لنا بخير ويجعل لنا الجنة دار مآب، وأن يجعل مقرنا بأعلى الدرجات ويبلغنا أقصى المرادات بحرمة محمد صلى الله عليه وسلم سيد السادات وأن يشفع فينا نبيه المصطفى ويحشرنا في زمرة من لم يعامله بمشقة ولا جفا آمين، والله - تعالى - أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب‏.‏