فصل: أمر السيول بمكة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتوح البلدان (نسخة منقحة)



.أمر السيول بمكة:

173- حدثنا العباس بن هشام عن أبيه هشام بن محمد، عن ابن خربوز المكى وغيره قالوا: كانت السيول بمكة أربعة منها سيل أم نهشل، وكان في زمن عمر بن الخطاب أقبل السيل حتى دخل المسجد من أعلى مكة، فعمل عمر الردمين جميعا.
الأعلى بين دار ببة- وهو عبد الله ابن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف الذي ولى البصرة في فتنة ابن الزبير اصطلح أهلها عليه- ودار أبان بن عثمان بن عفان. والاسفل عند الحمارين، وهو الذي يعرف بردم آل اسيد. فتراد السيل عن المسجد الحرام.
قال: وأم نهشل بنت عبيدة بن سعيد بن العاصي بن أمية ذهب بها السيل من أعلى مكة فنسب إليها.
ومنها سيل الجحاف والجراف في سنة ثمانين، في زمن عبد الملك بن مروان، صبح الحاج يوم الاثنين فذهب بهم وبأمتعتهم وأحاط بالكعبة.
فقال الشاعر:
لم تر غسان كيوم الاثنين ** أكثر محزونا وأبكى للعين

إذ ذهب السيل بأهل المصرين ** وخرج المخبآت يسعين

شواردا في الجبلين يرقين **

فكتب عبد الملك إلى عبد الله بن سفيان المخزومي عامله على مكة- ويقال بل كان عامله يومئذ الحارث بن خالد المخزومي الشاعر- يأمره بعمل ضفائر الدور الشارعة على الوادي وضفائر المسجد، وعمل الردم على أفواه السكك لتحصن دور الناس، وبعث لعمل ذلك رجلا نصرانيا فاتخذ الضفائر وردم الردم الذي يعرف بردم بنى قراد، وهو يعرف ببني جمح، واتخذت ردوم بأسفل مكة.
قال الشاعر:
سأملك عبرة وأفيض أخرى ** إذا جاوزت ردم بنى قراد

ومنها السيل الذي يدعى المخبل، أصاب الناس في أيامه مرض في أجسادهم وخبل في ألسنتهم فسمى المخبل.
ومنها سيل أتى بعد ذلك في خلافة هشام بن عبد الملك في سنة عشرين ومائة يعرف بسيل أبي شاكر، وهو مسلمة بن هشام، وكان على الموسم ذلك العام فنسب إليه.
قال: وسيل وادي مكة يأتي من موضع يعرف بسدرة عتاب بن أسيد بن أبي العيص.
قال عباس بن هشام: وقد كان في خلافة المأمون عبد الله بن الرشيد رحمه الله سيل عظيم بلغ ماؤه قريبا من الحجر.
174- فحدثني العباس قال: حدثني أبى عن أبيه محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح، عن عكرمة قال: درس شيء من معالم الحرم على عهد معاوية بن أبي سفيان.
فكتب إلى مروان بن الحكم وهو عامله على المدينة يأمره إن كان كرز بن علقمة الخزاعى حيا أن يكلفه إقامة معالم الحرم لمعرفته بها وكان معمرا فأقامهم عليها، فهى مواضع الأنصاب اليوم.
قال الكلبي: هذا كرز بن علقمة بن هلال بن جريبة بن عبدنهم ابن حليل بن حبشية الخزاعى.
وهو الذي قفا أثر النبي صلى الله عليه وسلم حين انتهى إلى الغار الذي استخفى فيه وأبو بكر الصديق معه، حين أراد الهجرة إلى المدينة، فرأى عليه نسج العنكبوت، ورأى دونه قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرفها فقال: هذه قدم محمد صلى الله عليه وسلم وهاهنا انقطع الأثر.

.الطائف:

175- قال: لما هزمت هوازن يوم حنين وقتل دريد بن الصمة أتى فلهم أوطاس.
فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عامر الأشعري فقتل.
فقام بأمر الناس أبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري.
وأقبل المسلمون إلى أوطاس، فلما رأى ذلك مالك بن عوف بن سعد، أحد بنى دهمان بن نصر ابن معاوية بن بكر بن هوازن- وكان رئيس هوازن يومئذ- هرب إلى الطائف فوجد أهلها مستعدين للحصار، قد رموا حصنهم وجمعوا فيه الميرة.
فأقام بها، وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسلمين حتى نزل الطائف، فرمتهم ثقيف بالحجارة والنبل، ونصب رسول الله صلى الله عليه وسلم منجنيقا على حصنهم، وكانت مع المسلمين دبابة من جلود البقر، فألقت عليها ثقيف سكك الحديد المحماة فأحرقتها، فأصيب من تحتها من المسلمين، وكان حصار رسول الله صلى الله عليه وسلم الطائف خمس عشرة ليلة.
وكان غزوه إياها في شوال سنة ثمان.
176- قالوا: ونزل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رقيق من رقيق أهل الطائف، منهم أبو بكرة بن مسروح مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم واسمه نفيع، ومنهم الأزرق الذي نسبت الأزارقة إليه كان عبدا روميا حدادا، وهو أبو نافع بن الأزرق الخارجي. فأعتقوا بنزولهم.
ويقال إن نافع بن الأزرق الخارجي من بني حنيفة، وأن الأزرق الذي نزل من الطائف غيره.
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف إلى الجعرانة ليقسم سبى أهل حنين وغنائمهم.
فخافت ثقيف أن يعود إليهم.
فبعثوا إليه وفدهم فصالحهم على أن يسلموا ويقرهم على ما في أيديهم من أموالهم وركازهم، واشترط عليهم أن لا يربوا ولا يشربوا الخمر، وكانوا أصحاب ربا. وكتب لهم كتابا.
قال: وكانت الطائف تسمى وج، فلما حصنت وبنى سورها سميت الطائف.
177- حدثني المدائني عن أبي إسماعيل الطائفي عن أبيه، عن أشياخ من أهل الطائف قال: كان بمخلاف الطائف قوم من اليهود طردوا من اليمن ويثرب، فأقاموا بها للتجارة، فوضعت عليهم الجزية، ومن بعضهم ابتاع معاوية أمواله بالطائف.
178-- قالوا: وكانت للعباس بن عبد المطلب رحمه الله أرض بالطائف، وكان الزبيب يحمل منها فينبذ في السقاية للحاج.
وكانت لعامة قريش أموال بالطائف يأتونها من مكة فيصلحونها، فلما فتحت مكة وأسلم أهلها طمعت ثقيف فيها، حتى إذا فتحت الطائف أقرت في أيدي المكيين، وصارت أرض الطائف مخلافا من مخاليف مكة.
179- قالوا: وفى يوم الطائف أصيبت عين أبى سفيان بن حرب.
180- حدثنا الوليد بن صالح قال: حدثنا الواقدي عن محمد بن عبد الله عن الزهري عن ابن المسيب، عن عتاب بن أسيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن تخرص أعناب ثقيف كخرص النخل، ثم تؤخذ زكاتهم زبيبا كما تؤدى زكاة النخل.
قال الواقدي: قال أبو حنيفة لا يخرص، ولكنه إذا وضع بالأرض أخذت الصدقة من قليله وكثيره.
وقال يعقوب إذا وضع بالأرض فبلغت مكيلته خمسة أوسق ففيه الزكاة، العشر أو نصف العشر.
وهو قول سفيان بن سعيد الثوري، والوسق ستون صاعا.
وقال مالك بن أنس وابن أبي ذئب: السنة أن تؤخذ منه الزكاة على الخرص كما يؤخذ التمر من النخل.
181- حدثنا شيبان بن أبي شيبة قال: حدثنا حماد بن سلمة قال: حدثنا يحيى ابن سعيد، عن عمرو بن شعيب أن عاملا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه على الطائف كتب إليه: ان أصحاب العسل لا يرفعون إلينا ما كانوا يرفعون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من كل عشرة زقاق زق.
فكتب إليه عمر: إن فعلوا فاحموا لهم أوديتهم وإلا فلا تحموها.
182- حدثنا عمرو بن محمد الناقد قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن عبد الرحمن ابن إسحاق عن أبيه عن جده، عن عمر أنه جعل في العسل العشر.
183- حدثنا داود بن عبد الحميد قاضي الرقة عن مروان بن شجاع عن خصيف، عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى عماله على مكة والطائف: إن في الخلايا صدقة فخذوها منها.
قال: والخلايا الكوائر.
184- وقال الواقدي: وروى عن ابن عمر أنه قال: ليس في الخلايا صدقة.
وقال مالك والثوري: لا زكاة في العسل وإن كثر، وهو قول الشافعي.
وقال أبو حنيفة: في قليل العسل وكثيره إذا كان في أرض العشر العشر، وإذا كان في أرض الخراج فلا شيء عليه، لأنه لا يجتمع الزكاة والخراج على رجل.
185- وقال الواقدي: أخبرني القاسم بن معن ويعقوب، عن أبي حنيفة أنه قال في العسل، يكون في أرض ذمي وهي من أرض العشر، إنه لا عشر عليه، وعلى أرضه الخراج.
وإذا كان في أرض تغلبي أخذ منه الخمس.
وقول زفر مثل قول أبي حنيفة.
وقال أبو يوسف: إذا كان العسل في أرض الخراج فلا شيء فيه وإذا كان في أرض العشر ففي كل عشرة أرطال رطل.
وقال محمد بن الحسن: ليس فيما دون خمسة أفراق صدقة وهو قول ابن أبي ذئب.
186- وروى خالد بن عبد الله الطحان، عن ابن أبي ليلى أنه قال: إذا كان في أرض الخراج أو العشر ففي كل عشرة أرطال رطل.
وهو قول الحسن بن صالح بن حي.
187- وحدثني أبو عبيد قال: حدثنا محمد بن كثير عن الأوزاعي، عن الزهري قال: في كل عشرة زقاق زق.
188- وحدثنا الحسين بن علي بن الأسود قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا عبد الرحمن بن حميد الرقاشي عن جعفر بن نجيح المديني، عن بشر بن عاصم وعثمان بن عبد الله بن أوس أن سفيان بن عبد الله الثقفي كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان عاملا له على الطائف، يذكر أن قبله حيطانا فيها كروم وفيها من الفرسك والرمان وما هو أكثر غلة من الكروم أضعافا، واستأمره في العشر.
قال: فكتب إليه عمر: ليس عليها عشر.
قال يحيى بن آدم: وهو قول سفيان بن سعيد سمعته يقول: ليس فيما أخرجت الأرض صدقة إلا أربعة أشياء: الحنطة والشعير والتمر والزبيب، إذا بلغ كل واحد من ذلك خمسة أوسق.
قال: وقال أبو حنفية فيما أخرجت أرض العشر العشر ولو دستجة بقل.
وهو قول زفر.
وقال مالك وابن أبي ذئب ويعقوب: ليس في البقول وما أشبهها صدقة.
وقالوا: ليس فيما دون خمسة أوسق من الحنطة والشعير والذرة والسلت والزوان والتمر والزبيب والأرز والسمسم والجلبان وأنواع الحبوب التي تكال وتدخر مع العدس واللوبيا والحمص والماش والدخن صدقة، فإذا بلغت خمسة أوسق ففيها صدقة.
قال الواقدي: وهذا قول ربيعة بن أبي عبد الرحمن.
وقال الزهري: التوابل والقطاني كلها تزكى.
وقال مالك: لا شيء في الكمثرى، والفرسك وهو الخوخ، ولا في الرمان وسائر أصناف الفواكه الرطبة من صدقة.
وهو قول ابن أبي ليلى.
قال أبو يوسف: ليس الصدقة إلا فيما وقع عليه القفيز وجرى عليه الكيل.
وقال أبو الزناد وابن أبي ذئب وابن أبي سبرة: لا شيء في الخضر والفواكه من صدقة، ولكن الصدقة في أثمانها ساعة تباع.
189- وحدثني عباس بن هشام عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل عثمان بن أبي العاصي الثقفي على الطائف.