فصل: أمر مدينة السلام:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتوح البلدان (نسخة منقحة)



.أمر واسط العراق:

735- حدثني عبد الحميد بن واسع الختلى الحاسب قال: حدثني يحيى بن آدم، عن الحسن بن صالح قال: أول مسجد جامع بنى بالسواد مسجد المدائن، بناه سعد وأصحابه، ثم وسع بعد وأحكم بناؤه، وجرى ذلك على يدى حذيفة ابن اليمان. وبالمدائن مات حذيفة سنة ست وثلاثين. ثم بنى مسجد الكوفة، ثم مسجد الأنبار. قال: وأحدث الحجاج مدينة واسط في سنة ثلاث وثمانين أو سنة أربع وثمانين. وبنى مسجدها وقصرها وقبة الخضراء بها. وكانت واسط أرض قصب فسميت واسط القصب. وبينها وبين الأهواز والبصرة والكوفة مقدار واحد. وقال ابن القرية: بناها في غير بلده ويتركها لغيره ولده.
736- وحدثني شيخ من أهل واسط، عن أشياخ منهم أن الحجاج لما فرغ من واسط كتب إلى عبد الملك بن مروان: إني اتخذت مدينة في كرش من الأرض بين الجبل والمصرين وسميتها واسطا.
فلذلك سمى أهل واسط الكرشيين.
وكان الحجاج قبل اتخاذه واسطا أراد نزول الصين من كسكر فحفر نهر الصين، وجمع له الفعلة، وأمر بأن يسلسوا لئلا يشذوا ويتبلطوا. ثم بدا له فأحدث واسطا. فنزلها واحتفر النيل والزابي وسماه زابيا لاخذه من الزابى القديم. وأحيا ما على هذين النهرين من الارضين، وأحدث المدينة التي تعرف بالنيل ومصرها. وعمد إلى ضياع كان عبد الله بن دراج مولى معاوية بن أبي سفيان استخرجها له، أيام ولايته خراج الكوفة مع المغيرة بن شعبة، من موات مرفوض ونقوع مياه ومغايض وآجام ضرب عليها المسنيات، ثم قلع قصبها فحازها لعبد الملك بن مروان وعمرها. ونقل الحجاج إلى قصره والمسجد الجامع بواسط أبوابا من زندورد، والدوقرة، وداروساط، ودير ماسرجسان، وشرابيط. فضج أهل هذه المدن وقالوا: قد أومنا على مدننا وأموالنا.
فلم يلتفت إلى قولهم.
قال: وحفر خالد بن عبد الله القسرى المبارك، فقال الفرزدق:
كأنك بالمبارك بعد شهر ** تخوض غموره بقع الكلاب

ثم قال في شعر له طويل:
أعطى خليفته بقوة خالد ** نهرا يفيض له على الأنهار

إن المبارك كاسمه يسقى به ** حرث السواد وناعم الجبار

وكأن دجلة حين أقبل مدها ** ناب يمد له بحبل قطار

737- وحدثني محمد بن خالد بن عبد الله الطحان قال: حدثني مشايخنا أن خالد بن عبد الله القسرى كتب إلى هشام بن عبد الملك يستأذنه في عمل قنطرة على دجلة.
فكتب إليه هشام: لو كان هذا ممكنا لسبق إليه الفرس. فراجعه، فكتب إليه: إن كنت متيقنا أنها تتم فاعملها. فعملها وأعظم النفقة عليها، فلم يلبث أن قطعها الماء. فأغرمه هشام ما كان أنفق عليها.
738- قالوا: وكان النهر المعروف بالبزاق قديما، وكان يدعى بالنبطية البساق أي الذي يقطع الماء عن ما يليه ويجره إليه. وهو نهر يجتمع إليه فضول مياه آجام السيب وماء من ماء الفرات. فقال الناس: البزاق. فأما الميمون فأول من حفره وكيل لام جعفر زبيدة بنت جعفر بن المنصور يقال له سعيد بن زيد. وكانت فوهته عند قرية تدعى قرية ميمون. فحولت في أيام الواثق بالله على يدى عمر بمن فرج الرخجى، وسمى الميمون لئلا يسقط عنه ذكر اليمن.
739- وحدثني محمد بن خالد قال: أمر المهدي أمير المؤمنين بحفر نهر الصلة فحفر، وأحيا ما عليه من الارضين، وجعلت غلته لصلات أهل الحرمين والنفقة هناك.
وكان شرط لمن تألف إليه من المزارعين الشرط الذي هم عليه اليوم خمسين سنة، على أن يقاسموا بعد انقضاء الخمسين مقاسمة النصف.
وأما نهر الأمير فنسب إلى عيسى بن علي وهو في قطيعته.
740- وحدثنا محمد بن خالد قال: كان محمد بن القاسم أهدى إلى الحجاج من السند فيلا فأجيز البطائح في سفينة وأخرج في المشرعة التي تدعى مشرعة الفيل.
فسميت تلك المشرعة مشرعة الفيل وفرضة الفيل.

.أمر البطائح:

741- حدثني جماعة من أهل العلم أن الفرس كانت تتحدث بزوال ملكها وتروى في آية ذلك زلازل وطوفانا تحدث.
وكانت دجلة تصب إلى دجلة البصرة التي تدعى العوراء في أنهار متشعبة من عمود مجراها الذي كان باقي مائها يجرى فيه، وهو كبعض تلك الأنهار.
فلما كان زمان قباذ بن فيروز انبثق في أسافل كسكر بثق عظيم، فأغفل حتى غلب ماؤه وغرق كثيرا من أرضين عامرة.
وكان قباذ واهنا قليل التفقد لامره.
فلما ولى أنوشروان ابنه أمر بذلك الماء فردم بالمسنيات حتى عاد بعض تلك الأرضين إلى عماره.
ثم لما كانت السنة التي بعث فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى أبرويز وهي سنة سبع من الهجرة، ويقال سنة ست، زاد الفرات ودجلة زيادة عظيمة لم ير مثلها قبلها ولا بعدها.
وانبثقت بثوق عظام، فجهد أبرويز أن يسكرها فغلبه الماء، ومال إلى موضع البطائح فطفا على العمارات والزروع فغرق عدة طساسيج كانت هناك.
وركب كسرى بنفسه لسد تلك البثوق، ونثر الأموال على الانطاع وقتل الفعلة بالكفاية، وصلب على بعض البثوق فيما يقال أربعين جسارا في يوم فلم يقدر للماء على حيلة.
ثم دخلت العرب أرض العراق وشغلت الأعاجم بالحروب.
فكانت البثوق تتفجر فلا يلتفت إليها ويعجز الدهاقين عن سد عظمها. فاتسعت البطيحة وعرضت.
فلما ولى معاوية بن أبي سفيان ولى عبد الله بن دراج مولاه خراج العراق، واستخرج له من الارضين بالبطائح ما بلغت غلته خمسة آلاف ألف. وذلك أنه قطع القصب وغلب الماء بالمسنيات.
ثم كان حسان النبطي- مولى بني ضبة وصاحب حوض حسان بالبصرة، والذي تنسب إليه منارة حسان بالبطائح- فاستخرج للحجاج أيام الوليد، ولهشام بن عبد الملك أرضين من أراضي البطيحة.
742- قالوا وكان بكسكر قبل حدوث البطائح نهر يقال له الجنب. وكان طريق البريد إلى ميسان ودستميسان وإلى الأهواز في شقه القبلى. فلما تبطحت البطائح سمى ما استأجم من شق طريق البريد آجام البريد. وسمى الشق الآخر آجام أغمر بنى. ومعنى ذلك الآجام الكبرى. والنهر اليوم يظهر في الارضين الجامدة التي استخرجت حديثا.
743- وحدثني أبو مسعود الكوفي، عن أشياخه قالوا: حدثت البطائح بعد مهاجر النبي صلى الله عليه وسلم، وملك الفرس أبرويز.
وذلك أنه انبثقت بثوق عظام عجز كسرى عن سدها وفاضت الأنهار حتى حدثت البطائح.
ثم كان مد في أيام محاربة المسلمين الأعاجم وبثوق لم يعن أحد بسدها، فاتسعت البطيحة لذلك وعظمت.
وقد كان بنو أمية استخرجوا بعض أرضيها، فلما كان زمن الحجاج، غرق ذلك لأن بثوقا انفجرت فلم يعان الحجاج سدها مضارة للدهاقين، لأنه كان اتهمهم بممالاة ابن الأشعث حين خرج عليه.
واستخرج حسان النبطي لهشام أرضين من أرضى البطيحة أيضا.
وكان أبو الاسد- الذي نسب إليه نهر أبى الاسد- قائدا من قواد المنصور أمير المؤمنين ممن كان وجه إلى البصرة أيام مقام عبد الله ابن علي بها، وهو الذي أدخل عبد الله بن علي الكوفة.
744- وحدثني عمر بن بكير أن المنصور رحمه الله وجه أبا الاسد مولى أمير المؤمنين فعسكر بينه وبين عسكر عيسى بن موسى حين كان يحارب إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب. وهو حفر النهر المعروف بأبي أسد عند البطيحة. وقال غيره: أقام على فم النهر لأن السفن لم تدخله لضيقه عنها، فوسعه ونسب إليه.
قال أبو مسعود: وقد انبثقت في أيام الدولة المباركة بثوق زادت في البطائح سعة.
وحدثت أيضا من الفرات آجام استخرج بعضها.
745- وحدثني أبو مسعود عن عوانة قال: انبثقت البثوق أيام الحجاج.
فكتب الحجاج إلى الوليد بن عبد الملك يعلمه أنه قدر لسدها ثلاثة آلاف ألف درهم.
فاستكثرها الوليد، فقال له مسلمة بن عبد الملك: أنا أنفق عليها على أن تقطعني الارضين المنخفضة التي يبقى فيها الماء بعد إنفاق ثلاثة آلاف ألف درهم، يتولى إنفاقها ثقتك ونصيحك الحجاج. فأجابه إلى ذلك. فحصلت له أرضون من طساسيج متصلة. فحفر السيبين، وتألف الاكرة والمزارعين، وعمر تلك الارضين، وألجأ الناس إليها ضياعا كثيرة للتعزز به. فلما جاءت الدولة المباركة وقبضت أموال بني أمية أقطع جميع السيبين داود بن علي ابن عبد الله بن العباس، ثم ابتيع ذلك من ورثته بحقوقه وحدوده، فصار من ضياع الخلافة.

.أمر مدينة السلام:

746- قالوا: وكانت بغداذ قديمة فمصرها أمير المؤمنين المصنور رحمه الله، وابتنى بها مدينة، وابتدأها في سنة خمس وأربعين ومائة.
فلما بلغه خروج محمد وإبراهيم بني عبد الله بن حسن بن حسن عاد إلى الكوفة، ثم حول بيوت الأموال والخزائن والدواوين من الكوفة إلى بغداذ سنة ست وأربعين ومائة. وسماها مدينة السلام.
واستتم بناء حائط مدينته وجميع أمره وبناء سور بغداذ القديم سنة سبع وأربعين ومائة.
وتوفي سنة ثمان وخمسين ومائة بمكة، ودفن عند بئر ميمون بن الحضرمي حليف بني أمية. وبنى المنصور للمهدى الرصافة في الجانب الشرقي ببغداذ. وكان هذا الجانب يدعى عسكر المهدي لأنه عسكر فيه حين خرج إلى الرى. فلما قدم من الرى وقد بدا للمنصور في إنفاذه إلى خراسان للاقامة بها نزل الرصافة، وذلك في سنة إحدى وخمسين ومائة، وقد كان المنصور أمر فبنى للمهدى، قبل إنزاله الجانب الشرقي، قصره الذي يعرف بقصر الوضاح وبقصر المهدي وبالشرقية، وهو مما يلي باب الكرخ.
والوضاح رجل من أهل الأنبار كان تولى النفقة عليه فنسب إليه.
وبنى المنصور مسجدي مدينة السلام. وبنى القنطرة الجديدة على الصراة وابتاع أرض مدينة السلام من قوم من أرباب القرى بادوريا وقطربل ونهر بوق ونهر بين، وأقطعها أهل بيته وقواده وجنده وصحابته وكتابه، وجعل مجمع الاسواق بالكرخ، وأمر التجار فابتنوا الحوانيت وألزمهم الغلة.
747- وحدثني العباس بن هشام الكلبي، عن أبيه قال: سمى المخرم ببغداذ مخرما لأن مخرم بن شريح بن حزن الحارثي نزله.
قال: وكان ناحية قنطرة البردان للسرى بن الحطيم صاحب الحطيمية التي تعرف ببغداذ.
748- وحدثني مشايخ من أهل بغداذ أن الصالحية ببغداذ نسبت إلى صالح بن المنصور.
قالوا: والحربية نسبت إلى حرب بن عبد الله البلخي، وكان على شرط جعفر بن أبي جعفر بالموصل.
والزهيرية تعرف بباب التبن نسبت إلى زهير بن محمد من أهل أبيورد.
وعيسا باذ نسبت إلى عيسى بن المهدي وكان في حجر منازل التركي، وهو ابن الخيزران.
وقصر عبدويه مما يلي براثا نسب إلى رجل من الأزد يقال له عبدويه، وكان من وجوه أهل الدولة.
749- قالوا: وأقطع المنصور ببغداذ سليمان بن مجالد- ومجالد شروى مولى لعلي بن عبد الله- موضع داره.
وأقطع مهلهل بن صفوان قطيعة بالمدينة وإليه ينسب درب مهلهل. وكان صفوان مولى علي بن عبد الله. وكان اسم مهلهل يحيى، فاستنشده محمد بن علي شعرا فأنشده:
أليلتنا بذى حشم أنيرى

وهي لمهلهل، فسماه مهلهلا.
ومحمد أعتقه (؟).
وأقطع المنصور عمارة بن حمزة الناحية المعروفة به خلف مربعة شبيب بن واج.
وأقطع ميمونا أبا بشر بن ميمون قطيعة عند بستان القس ناحية باب الشام.
وطاقات بشر تنسب إلى بشر بن ميمون هذا.
وكان ميمون مولى علي ابن عبد الله.
وأقطع شبيلا مولاه قطيعة عند دار يقطين، وهناك مسجد يعرف بشبيل.
وأقطع أم عبيدة، وهي حاضنة لهم ومولاة لمحمد بن علي، قطيعة.
وإليها تنسب طاقات أم عبيدة بقرب الجسر.
وأقطع منيرة مولاة محمد بن علي، وإليها ينسب درب منيرة وخان منيرة في الجانب الشرقي.
وأقطع ريسانة موضعا يعرف بمسجد بنى رغبان مولى حبيب بن مسلمة الفهري، يدخل في قصر عيسى بن جعفر أو جعفر بن جعفر بن المنصور ودرب مهرويه في الجانب الشرقي نسب إلى مهرويه الرازي، وكان من سبى سنفاذ فاعتقه المهدي.
ولم يزل المنصور رحمه الله بمدينة السلام إلى آخر سنى خلافته، ثم حج منها وتوفي بمكة.
ونزلها بعده المهدي أمير المؤمنين، ثم شخص منها إلى ماسبذان فتوفى بها.
وكان أكثر نزوله من مدينة السلام بعيساباذ في أبنية بناها هناك.
ثم نزلها الهادي موسى بن المهدي فتوفى بها.
ونزلها الرشيد هارون بن المهدي، ثم شخص عنها إلى الرافقة فأقام بها وسار منها إلى خراسان، فتوفي بطوس.
ونزلها محمد بن الرشيد فقتل بها.
وقدمها المأمون عبد الله بن الرشيد من خراسان فأقام بها، ثم شخص عنها غازيا فمات بالفذندون ودفن بطرسوس.
ونزلها أمير المؤمنين المعتصم بالله ثم شخص عنها إلى القاطول فنزل قصرا للرشيد كان ابتناه حين حفر قاطوله الذي دعاه أبا الجند لقيام ما يسقى من الارضين بأرزاق جنده.
ثم بنى بالقاطول بناء نزله ودفع ذلك القصر إلى اشناس التركي مولاه، وهم بتمصير ما هناك وابتدأ بناء مدينة تركها.
ثم رأى تمصير سر من رأى فمصرها، ونقل الناس إليها، وأقام بها، وبنى مسجدا جامعا في طرف الأسواق وسماها سر من رأى.
وأنزل أشناس مولاه فيمن ضم إليه من القواد كرخ فيروز، وأنزل بعض قواده الدور المعروفة بالعربايى.
وتوفي رحمه الله بسر من رأى في سنة سبع وعشرين ومائتين.
وأقام هارون الواثق بالله بسر من رأى في بناء بناه وسماه الهاروني حتى توفي به.
ثم استخلف أمير المؤمنين جعفر المتوكل على الله رحمه الله في ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، فأقام بالهارونى، وبنى بناء كثيرا، وأقطع الناس في ظهر سر من رأى، بالحائر الذي كان المعتصم بالله احتجره بها، قطائع فاتسعوا بها.
وبنى مسجدا جامعا كبيرا، وأعظم النفقة عليه، وأمر برفع منارته لتعلو أصوات المؤذنين فيها، حتى ينظر إليها من فراسخ، فجمع الناس فيه وتركوا المسجد الأول.
ثم أنه أحدث مدينة سماها المتوكلية وعمرها وأقام بها، وأقطع الناس فيها القطائع، وجعلها فيما بين الكرخ المعروف بفيروز وبين القاطول المعروف بكسرى، فدخلت الدور والقرية المعروفة بالماحوزة فيها. وبنى بها مسجدا جامعا. وكان من ابتدائه إياها إلى أن نزلها أشهر، ونزلها في أول سنة ست وأربعين ومائتين.
ثم توفي بها رحمه الله في شوال سنة سبع وأربعين، واستخلف في هذه الليلة المنتصر بالله فانتقل عنها إلى سر من رأى يوم الثلاثاء لعشر خلون من شوال ومات بها.
750- قالوا: كانت عيون الطف مثل عين الصيد والقطقطانة والرهيمة وعين جمل وذواتها للموكلين بالمسالح التي وراء السواد: وهي عيون خندق سابور الذي حفره بينه وبين العرب الموكلين بمسالح الخندق وغيرهم.
وذلك أن سابور أقطعهم أرضها فاعتملوها من غير أن يلزمهم لها خراجا.
فلما كان يوم ذي قار ونصر الله العرب بنبيه صلى الله عليه وسلم، غلبت العرب على طائفة من تلك العيون. وبقى في أيدي الأعاجم بعضها. ثم لما قدم المسلمون الحيرة هربت الأعاجم بعد أن طمت عامة ما في أيديهم منها، وبقى الذي في أيدي العرب فأسلموا عليه، وصار ما عمروه من الارضين عشريا.
ولما مضى أمر القادسية والمدائن دفع ما جلا عنه أهله من أراضي تلك العيون إلى المسلمين فأقطعوه فصارت عشرية أيضا، وكذلك مجرى عيون الطف وأرضيها مجرى أعراض المدينة وقرى نجد، وكل صدقتها إلى عمال المدينة.
فلما ولى إسحاق بن إبراهيم بن مصعب السواد للمتوكل على الله ضمها إلى ما في يده، فتولى عمالة عشرها وصيرها سوادية، وهي على ذلك إلى اليوم.
وقد استخرج عيون إسلامية في مجرى ما سقت عيونها من الارضين هذا المجرى.
751- وحدثني بعض المشايخ أن جملا مات عند عين الجمل فنسبت إليه.
وقال بعض أهل واسط: إن المستخرج لها كان يسمى جملا.
قالوا: وسميت العين عين الصيد لأن المسك يجتمع فيها.
752- وأخبرني بعض الكريزيين أن عين الصيد كانت مما طم، فبينا رجل من المسلمين يجول فيما هناك إذ ساخت قوائم فرسه فيها. فنزل عنه فحفر فظهر له الماء، فجمع قوما عاونوه على كشف التراب والطين عنها وتنقيتها حتى عادت إلى ما كانت عليه. ثم إنها صارت بعد إلى عيسى بن علي.
وكان عيسى ابتاعها من ولد حسن ابن حسن بن علي بن أبي طالب، وكانت عنده منهم أم كلثوم بنت حسن بن حسن، وكان معاوية أقطع الحسن بن علي عين صيد هذه عوضا من الخلافة مع غيرها.
وكانت عين الرحبة مما طم قديما، فرآها رجل من حجاج أهل كرمان وهي تبض، فلما انصرف من حجه أتى عيسى بن موسى متنصحا، فدله عليها فاستقطعها وأرضها، واستخرجها له الكرماني، فاعتمل ما عليها من الأرضين وغرس النخل الذي في طريق العذيب.
وعلى فراسخ من هيت عيون تدعى العرق تجرى هذا المجرى، أعشارها إلى صاحب هيت.
753- حدثني الأثرم، عن أبي عبيدة، عن أبي عمرو بن العلاء قال: لما رأت العرب كثرة القرى والنخل والشجر قالوا: ما رأينا سوادا أكثر. والسواد الشخص، فلذلك سمى السواد سوادا.
754- وحدثني القاسم بن سلام قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن محمد بن أبي موسى قال خرج: على إلى السوق فرأى أهله قد حازوا أمكنتهم فقال: ليس ذلك لهم، إن سوق المسلمين كمصلاهم، من سبق إلى موضع فهو له يومه حتى يدعه.
755- حدثني أبو عبيد قال: حدثني مروان بن معاوية، عن عبد الرحمن بن عبيد، عن أبيه قال: كنا نغدو إلى السوق في زمن المغيرة بن شعبة فمن قعد في موضع كان أحق به إلى الليل. فلما كان زياد قال: من قعد في موضع كان أحق به ما دام فيه.
قال مروان: وولى المغيرة الكوفة مرتين، لعمر مرة ومرة لمعاوية.