فصل: الفصل الثاني: في مبطلات الرهنية وهي ثمانية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لباب اللباب في بيان ما تضمنته أبواب الكتاب من الأركان والشروط والموانع والأسباب



.كتاب الرهون:

حقيقة الرهن لغة: اللزوم والحبس، يقال: هذا رهن لك، أي محبوس دائم لك.
وحقيقته شرعًا: إعطاء مثمون وثيقة بحق.

.حكمه:

الجواز في السفر اتفاقًا، وكذلك في الحضر عند الكافة خلافًا لمجاهد.

.حكمة مشروعيته:

حفظ المال ورفع التنازع.

.أركانه:

أربعة: الراهن، والمرتهِن بكسر الهاء، والمرتهَن بفتحها، وهو الشيء المرهون، والمرتهن فيه.

.الراهن:

من فيه أهلية المعاملة فيصح من المأذون والمكاتب. والمحجور يرهن عنه أبوه أو وصيه فيما يبتاع له من طعام أو كسوة.

.المرتهن:

بكسر الهاء من له الحق ويصح منه الحوز. والمحجور يقبض يقبض له والده.

.المرتهَن:

بفتح الهاء شرطه أن يكون متمولاً يصح منه الاستيفاء، فلا يصح رهن الخمر ولو من ذمي، ويهراق على المسلم الراهن وليس عليه أن يأتي برهن آخر، ولو كان من ذمي فرهنها من مسلم، ثم فلس الذمي فالمرتهن أسوة الغرماء.
قال سحنون: إلا أن يتخلل فيكون أحق بها.
قال: ولا يفسد البيه، وإنما ترد إلى الذمي ويصح رهن المدبر ويستوفى من خراجه، وإن تأخر الوفاء إلى موت سيده بيع في الباقي ولو رهن دارًا ثم ثبت أنها حبس عليه، فيقال: لا شيء له من غلتها، وقيل: له أن يأخذ من الغلة ويصح رهن الدنانير والدراهم ويطبع عليها إلا أن تكون بيد عدل، فلا يحتاج إلى طبع، ويجوز رهن المثليات إذا طبع عليها.
وقال أشهب: لا يحتاج إلى طبعها، ثم المبيع إن وقع على رهن معين أجبر الراهن عليه وإلا جبر على رهن ما جرت العادة به في محله، وقد جرت العادة في الحواضر برهن ما يغاب عليه كالحلي والثياب وبرهن العقار، وإذا شرط الانتفاع في الرهن جاز في البيع دون القرض فيما عدا النخل والشجر وإن لم يشترطه فالغلة للراهن ولا يدخل في الرهن إلا بشرط كمال العبد بخلاف النتاج، وفي اندراج الصوف التام قولان لابن القاسم وأشهب، وإذا شرط بقاء السلعة رهنًا بالثمن، ففي المذهب خمسة: الجواز لابن القصار، والكراهة لمحمد، والجواز في العقد دون العبيد إلا أن يكونوا بيد أمين، قاله أصبغ، والمنع إلا أن يجعل بيد أمين، وفي الجلاب يجوز في الدور والسلع دون الحيوان.

.المرتهن فيه:

دين لازم أو صائر إلى اللزوم يمكن استيفاؤه من الرهن، فلا رهن في معين وما وقع من جواز الرهن به فالمراد قيمته إن تلف ولا رهن في القراض ولا في كتابة المكاتب، ويجوز الرهن بالجعل؛ لأنه يصير إلى اللزوم ولا يشترط في الدين أن يكون معلومًا، بل لو دفع لرجل رهنًا بما يداين به زيدًا جاز.
قال بعضهم: ويكون رهنًا بما يداينه به إلى مبلغ قيمته.

.اللواحق:

وينحصر الكلام فيها في ثمانية فصول:

.الفصل الأول: في الحيازة:

وهي شرط في الصحة، وحقيقتها قبض الرهن بإذن الراهن بمعاينة البينة، ولا يكفي الإقرار، وإن وجد بيده بعد الموت أو الفلس وادعى قبضه قبل ذلك لم يقبل قوله على الأصح، فإن رهنه دار سكناه فلابد من إخلائها من شواغله، وإن رهنه دينًا فيدفع له ذكر الحق ويجمع بينه وبين الغريم بالمعاينة، وإن لم يكن ذكر حق جمع بينه وبين الغريم ويتقدم إليه بمحضر البينة أن لا يدفع له شيئًا حتى يتخلص من دينه وقبض المشاع بقبض الجميع إن كان الباقي للراهن وإن كان لغيره فبحلوله محله، ويجوز أن يجعلاه على يد الشريك، واختلف في كراء الموهوب هل يكون حوزًا أو لابد من معاينة البينة نزول المكتري فيه، والقولان جاريان هنا والمتولي لكراء المرهون هو المرتهن، وفي اشتراط إذن الراهن قولان، والحائز من اتفقا عليه فإن اتفقا على أن يكون بيد عدل واختلفا في تعيينه قدم عدل الراهن.
وقال ابن عبد الحكم: يجعله القاضي حيث يراه.

.الفصل الثاني: في مبطلات الرهنية وهي ثمانية:

الأول: تراخي القبض إلى الموت أو الفلس، ولو كان مجدًا على المشهور.
الثاني: صيرورة الرهن إلى وصف لا يحل بيعه معه كانقلاب العصير خمرًا.
الثالث: استحقاق الرهن بعد القبض، ولو استحق قبله، فقال ابن القاسم: يخير البائع بين أن يرد البيع أو يمسكه بلا رهن، وسواء طاع الراهن بالخلف أو لا، وقال عبد الملك: إن طاع بالخلف أجبر على القبول، ولو كان غير معين واستحق قبل القبض أجبر على الخلف، ولو استحق بعد القبض، ففي إجباره على الخلف قولان، ولو استحق نصفه بقي الباقي رهنًا بالجميع.
الرابع: ذهاب الرهن بآفة سماوية.
قال ابن الماجشون: إذا رهنه عبدًا بعينه فمات عند المرتهن لم يكن على الراهن أن يخلفه، ولو مات عند الراهن خير البائع في إمضاء البيع أو رده عند ابن القاسم.
الخامس: رجوع الرهن إلى يد الراهن بأي وجه كان، فلو طلب استرجاعه فقال أشهب: له ذلك.
وقال ابن القاسم: إلا أن يعيره له فليس له ذلك، وحمل على غير المؤجلة، واتفقا على أن الراهن متى فوته ببيع أو تحبيس أو عتق أو تدبير أو قام الغرماء أنه لا يكون له شيء.
السادس: أن يؤذن للمرتهن أن يكريه، فإذا فعل بطلت الرهنية، وإن لم يفعل ففي البطلان قولان لابن القاسم وأشهب.
السابع: بيع الراهن له قبل القبض وبيعه ماض على المنصوص وليس للمرتهن أخذه بغيره، قاله في المدونة، وحمله ابن أبي زيد على أنه تركه عنده مدة، وأما لو باعه بقرب ذلك بقي ثمنه رهنًا، وإن لم يدفع البائع السلعة فله أن يمتنع من تسليمها حتى يأتيه بغيره مطلقًا، ولو باعه بعد القبض بإذن المرتهن مضى، ثم إن أسلمه بطل الرهن، وإن لم يسلمه، وقال: قصدت التعجيل حلف، وقيل للراهن: أعطه رهنًا يشبهه وخذ الثمن، فإن لم يقدر وقف الثمن إلى الأجل، قاله مالك، ولو باعه بغير إذنه، فله الرد، فإن أجاز تعجل الثمن، قاله ابن القاسم.
الثامن: إذا كان الرهن حصة من دار فاكترى الراهن حصة شريكه وسكن بطلت الرهنية وليس للمرتهن منعه من الكراء، وإنما له منعه من السكنى ويطلبه في المقاسمة ليحوز نصيب الراهن، فإن لم تنقسم اكتريت.

.الفصل الثالث: في التنازع:

وإذا اختلفا فقال المالك: أمانة، وقال البائع: بل هو رهن، فالقول قول المالك.
قال اللخمي: ما لم تكن العادة في مثله أنه يكون رهنًا كالخاتم وشبهه عند من يبيع الخبز وشبهه، فالقول قوله أنه رهن، وإذا قال المرتهن: كلا العبدين رهن، وقال الراهن: أحدهما أمانة، أو قال: هذا هو الرهن، وقال الآخر: بل هذا، فالقول قول المالك، ولو دفع إليه ثوبين فضاع أحدهما، فقال المرتهن: الضائع هو الأمانة.
وقال المالك: بل هو الرهن، فكل واحد منهما مدع ويأخذ الراهن الثوب الباقي بعد أيمانهما، وإذا قضاه الدين وكان مثلاً ألفا، فلما أخرج المرتهن، قال: ليس هذا رهني، وذكر صفة ثوب يساوي ألفًا، فقال أصبغ: الراهن مصدق؛ لأنه ادعى ما يشبه ويحلف ويسقط عنه من الدين مقدار قيمة رهنه.
وقال أشهب: القول قول المرتهن، وإن لم يساو ما أخرج غير درهم ونحوه لابن القاسم وابن حبيب وابن عبد الحكم، وإذا اختلفا في القضاء فالقول قول المرتهن، إلا أن يسلم الرهن أو يطول، فيكون القول قول الراهن، ولو كان بالقرب فقولان ابن يونس.
قال سحنون: إذا ادعى المرتهن أن الراهن سرق الثوب أو أخذه عارية، وقال الراهن: بل دفعت لك دينك وأخذته فالقول قول المرتهن إن قام بحدثان حلول الأجل مع يمينه كالصناع يطلبون الأجرة بحدثان دفع المتاع، وإن اختلفا في مقدار الدين فالرهن شاهد المرتهن إلى تمام قيمته ولا يكون شاهدًا على الذمة، بل إذا حلف المرتهن يقال للراهن: ادفع ذلك وخذ رهنك، وإلا أخذه المرتهن، ولو فات الرهن وهو من ضمان المرتهن فقيمته قائمة في الشهادة مقامه، فإن اختلفا فيها تواصفاه وحوسب بتلك القيمة، فإن اختلفا فيها فالقول قول المرتهن، وإن كان من ضمان الراهن كالذي لا يغاب عليه أو ما قامت على تلفه بينة مما يغاب عليه على مذهب ابن القاسم، أو ما كان بيد أمين فلا شهادة له لأن شهادته على نفسه لا على ذمة الراهن ولو كان قائمًا بيد عدل ففي كونه شاهدًا لبقائه على حكم الرهنية أو غير شاهد لكونه غير مسلم للمرتهن، وقولان لمحمد وأصبغ، وصوب عبد الوهاب قول أصبغ، ثم حيث اعتبرنا قيمته بذلك يوم الحكم إن كان قائمًا ويوم القبض إن كان فائتًا.

.الفصل الرابع: في قيام الراهن بطلب الدين:

ويتوجه ذلك بموت الراهن قبل الأجل وبحلوله قبل موته، وإذا مات الراهن حلت ديونه وكان للمرتهن أخذ دينه من التركة، فإن لم يترك غير الراهن وكان مما يحل بيعه في الحال بيع وأخذ دينه من ثمنه، وإن لم يحل بيعه كالثمار بقي إلى أوان حل المبيع، وإن كان الراهن حيًا وحل الأجل طلب بالبيع إن لم يكن عنده وفاء بالدين، فإن وكل أحدًا على البيع وفوض إليه فللوكيل البيع، ولو علق الوكالة بشرط مثل أن يقول لمن الرهن بيده من مرتهن أو أمين إن لم آت إلى أجل كذا فأنت مسلط على بيعه، ففي الجواهر لا يبيعه إلا بإذن السلطان، فإن باعه نفذ ولو شرط المرتهن أن له البيع من غير مطالعة والشرط بعد العقد جاز ولزم البيع ولو شرط ذلك في العقد ففي استقلاله بالبيع أو لابد من مطالعة السلطان خمسة.
قال مالك: لا يستقل كان على يديه أو على يد الأمين.
وقال القضاة ابن القصار وعبد الوهاب وإسماعيل يستقل وفي المتيطية إن أقامه مقام الوكيل المفوض في حياته ومقام الوصي التام الإيصاء بعد مماته استقل وبه الحكم.
وقال ابن العطار: إن صدقه في الاقتضاء استقل وإلا فلا.
وقال ابن الفخار: يستقل إن كان رهنًا في البيع دون القرض، ثم إذا قلنا: لا يستقل ففعل، قال مالك: يمضي.
وقال في الموازية: إن كان له بال كالدور والأرضين رد ما لم يفت، فإن فات مضى.
وقال ابن القاسم: إن فات لزمه الأكثر من القيمة والثمن.
قال: وبلغني عن مالك أنه يمضي إذا أصاب به وجه البيع وإن لم يفت هو أحب إلي. وروى أشهب أنه يمضي فيما يخشى فساده ويرد فيما لا يخشى فساده واتفق مالك وابن القاسم على أن التافه يمضي.

.الفصل الخامس: في فروع متفرقة:

منها: حكم السوس والفأر: وإذا أصاب الثوب سوس أو فأر، فقال مالك في الموازية: لا ضمن على المرتهن فيه، ويحلف ما أضعت ولا أردت فسادًا.
وقال ابن وهب: المرتهن ضامن، ورأى عليه أن ينفضه ويتفقده وسوس الخشب من الراهن.
وقال في المدونة في القصار: يأتي بالثوب وفيه أثر، فزعم أنه من قرض فأر هو ضامن إلا أن تقوم له بينة أنه قرض فأر أو أثر سوس.
ومنها: أن المرتهن إذا وطئ الأمة المرهونة فهو زان وولده رقيق للراهن ويبقى رهنًا مع أمه ولا ينتفع بدعوى الجهل وعليه ما نقصها بكرًا كانت أو ثيبًا إن أكرهها وإن طاوعته الثيب لم يكن عليه شيء.
قال أشهب: وكذلك البكر، والصواب أن يكون عليه ما نقصها؛ لأنه عيب أدخله على مالكها.
ومنها: النفقة: وهي للراهن وعليه سقي الأشجار ويتولى ذلك المرتهن ولو أنفق المرتهن من عنده كانت النفقة في ذمة الراهن لا في الرهن إلا أن يقول: أنفق والرهن رهن بما أنفقت ولو زرع هنا بيده فانهارت البئر وأبى الراهن من الإصلاح فأنفق المرتهن في بنائها نفقة فنفقته في الزرع أو في النخل لا في ذمة الراهن فيبدأ بما أنفق ثم بالدين، قاله في المدونة. وروى يحيى بن يحيى أن الراهن يجبر على الإصلاح إن كان مليًا وإلا نظر، فإن كان بيع الأصل خيرًا له بيع منه بقدر ما يصلح به، فإن طاع المرتهن بالنفقة ورأى أن ذلك خير له قيل: أنفق وتكون أحق بالنخل بما أنفقت، ولا ينظر إلى قيمة البناء، ولكن بحسب ما أنفق كالسلف ولو أخذ الراهن مالاً من أجنبي فأنفقه فيها فهو أحق بمبلغ نفقته من المرتهن إذا شرط أن نفقته فيه.
ومنها: أن يطلب المرتهن كراء الموضع الذي كان فيه الرهن، فقال مالك: إن كان للرهن قدر كالطعام يختزن والعدد من العبيد فله الكراء، وإن كان كالثوب والرأس الواحد فلا، ولو تولى المرتهن الكراء وطلب الأجرة على ذلك فله الأجرة إن كان مثله يؤاجر نفسه في مثل ذلك، قاله مالك.
ومنها: أن السلطان إذا أخذ خراج الأرض من المرتهن ففي المدونة: ليس له أن يرجع به على الراهن إلا أن يكون ذلك الخراج حقًا.

.كتاب الحوالة:

.حقيقتها:

لغة: قال القاضي عياض: أخذت من التحول من شيء إلى شيء؛ لأن من تحول من طلبه لغريمه إلى طلب غريم غريمه.
وحقيقتها شرعًا: نقل الدين من ذمة إلى ذمة تبرأ بها الأولى.

.حكمها:

الندب عند أكثر الشيوخ.
وقال بعضهم: هي مباحة، وذهب أهل الظاهر إلى وجوبها.

.حكمة مشروعيتها:

الرفق والتوسعة.
قال القاضي عياض: وهي عند أكثر شيوخنا عقد مبايعة مستثناة من الدين بالدين ومن بيع العين غير يد بيد.

.أركانها:

أربعة: المحيل، والمحال، والمحال عليه، والمحال به.

.الركن الأول: المحيل:

وشرطه عند ابن القاسم أن يكون له عند المحال عليه دين ولم يشترط ذلك ابن الماجشون، وحقيقة الحوالة عنده الضمان بشرط براءة الأصل، وثمرة الخلاف إذا أحاله على من ليس له عليه دين فأعدم المحال عليه فعلى قول ابن القاسم يرجع على المحيل، وعلى قول ابن الماجشون: لا يرجع ولو علم أن لا شيء له عليه، واشترط عليه براءته من الدين لم يرجع عليه بشيء عندهما.

.المحال:

ويشترط رضاه بالحوالة.

.المحال عليه:

ولا يشترط رضاؤه لأنه محل التصرف، ولا يشترط حضوره وإقراره، وروى ابن القرطبي أن الإحالة على الغائب غير جائزة، وإن كانت عليه بينة وتفسخ إن وقعت لاحتمال أن تكون عنده البراءة منه.

.الرابع: المحال به:

ويشترط أن يكون حالاً، ولا يشترط حلول المحال فيه، وإنما يشترط استواؤهما في القدر والنوع والصفة، ويشترط أن لا يكونا طعامين من سلم أو أحدهما عند ابن القاسم.
وقال أشهب: إن استوت رءوس أموالهما جازت، يريد إذا حل المحال به، وإن كان أحدهما من قرض فروى ابن حبيب عن ابن القاسم المنع حتى يحلا، وحكى عن بقية الأصحاب الجواز إذا حل المحال به كما لو كانا من قرض.

.اللواحق:

وهي العيب والاستحقاق والتنازع، وإذا حال البائع على المشتري بثمن السلعة ثم ردها عليه بعيب أو استحقت، فقال ابن القاسم: لا تنفسخ الحوالة، وغرم الثمن للمحال، ورجع هو به على المحيل.
وقال أشهب: تنفسخ ويرجع على المحال بما دفع له، ويرجع هو على المحيل، وهو اختيار المحققين، وإذا صدر لفظ الحوالة، فقال المحيل: أردت الوكالة فادفع لي ما قبضت، وقال الآخر: بل كان لي عليك فأحلتني به.
قال ابن الماجشون: القول قول مدعي الحوالة إن أتى بما يشبه، وإلا فقول المحيل، ولو قال: أحلتك ليكون ذلك سلفًا عندك، وقال الآخر: إنما قبضته من ديني، فقال ابن القاسم: القول قول المحيل، قال: ولو كان اللفظ محتملاً كقوله: خذ الذي علي من الذي لي على فلان، ففلس، فللمحال الرجوع على المحيل إن قال: إنما طلبته نيابة عني.

.كتاب الحمالة:

.حقيقتها:

لغة: الضمان. وشرعًا: شغل ذمة أخرى بالحق.

.حكمها:

الجواز ما لم تؤد إلى سلف جر منفعة أو ضمان بجعل.

.حكمة مشروعيتها:

حفظ المال بالتوثق والرفق والتوسعة على الغريم.

.أركانها:

أربعة: الضامن والمضمون والمضمون له والمضمون عنه.

.الأول: الضامن:

شرطه أهلية التبرع فلا يصح ضمان المكره ولا المحجور وفي البكر المعنس ذات الأب ثلاثة المشهور الجواز، وروى المنع والجواز بإجازة الأب، وفي التي لم تبلغ حد التعنيس وليست في ولاية قولان وضمان ذات الزوج جائز في الثلث، وكذلك في أكثر منه بإذن الزوج، فإن لم يأذن فله رد الجميع عند ابن القاسم، وقيل: يمضي قدر الثلث وكفالة المريض في ثلثه، فإن صح لزمت مطلقًا وإقراره بها كإقراره بالدين.
تنبيه:
هنا تسعة ألفاظ مترادفة الحمالة والضمان والكفالة والزعامة والقبالة والإدانة فيقال: حميل وضمين وكفيل وزعيم وقبيل وأدين ومثله عزيز ومبين وكوين.

.الثاني: المضمون:

وهو على ثمانية أوجه:
الأول: أن تقع مبهمة كقوله: أنا حميل وفي حملها على الوجه أو المال قولان للمتأخرين واختار ابن يونس أن تحمل على المال.
الثاني: الحمالة بالمال ويشترط أن تكون في الذمة، فلا يصح ضمان المعين وهي لازمة في الحياة والموت وله الرجوع بما أدى.
الثالث: الحمالة بالمال بشرط أن لا يرجع بما أدى، وهذا حمل لا حمالة، واختلف في بطلانه بالموت إن لم يجز على قولين.
الرابع: الحمالة بالوجه المطلقة والمشهور سقوطها بإحضار الغريم.
وقال مالك في كتاب ابن الجهم هي كحمالة المال لا تسقط بإحضاره ثم إذا لم يحضره غرم المال وقال ابن عبد الحكم: لا يلزمه غرم.
الخامس: الحمالة بالوجه المقيدة بقوله وليست من المال في شيء، فلا يلزمه غرم إلا أن يقدر على إحضاره، فلم يفعل أو ينذره فيهرب، فإن اتهم على تغييبه حبس حتى يحضره.
السادس: الحمالة بما يتعلق بالأبدان، وهي غير جائزة، إذ لا يمكن استيفاؤها من المحيل.
السابع: الحمالة بالطلب وهي جائزة ولو كانت بما يتعلق بالأبدان ومعناها أن يتحمل بطلبه وإحضاره، فإن عجز عن ذلك لم يلزمه شيء وعليه أن يحضره، فإن كان غائبًا أجل في طلبه آجالاً يسيرة ويبحث عنه في البلد وفيما قرب إذا لم يعلم حيث توجه، فإن علم موضعه، فقال أصبغ: يطلق على مسيرة يومين.
وقال ابن الماجشون: يطلبه وإن بعد ما لم يتفاحش جدًا.
وقال ابن القاسم: يطلبه بحسب ما يرى أنه يقدر عليه، ثم إن خرج ورجع، فقال: لم أجده ومضى من الزمان ما يمكنه فيه الوصول إليه صدق ابن القاسم ولو أقام الطالب بينة أنه أقام ولم يتماد سجن بقدر ما يراه السلطان ولا يضمنه المال إلا أن يلقاه فيتركه فيضمنه.
الثامن: الحمالة المترقبة مثل أن يتحمل بما يثبت على فلان أو بما يوجبه الحكم عليه وهي لازمة، ولو قال: لي على فلان ألف، فقال رجل: أنا كفيل لك بذلك لزمه غرمه إذا أقر به المطلوب قولاً واحدًا، ولو قال: لي على فلان حق، فقال رجل: أنا كفيل به، فقال المطلوب له: علي ألف، لم يلزمه غرمه حتى يثبته قولاً واحدًا بمنزلة قوله: أنا كفيل بما بايعت به فلانًا.