فصل: فَصْلٌ: في الْيَمِينِ الْمَشْرُوعَةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.فَصْلٌ: في الْيَمِينِ الْمَشْرُوعَةِ:

وَالْيَمِينُ الْمَشْرُوعَةُ هِيَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ جَلَّ اسْمُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَقْسَمُوا بِاَللَّهِ} وَلِلْإِخْبَارِ وَتُجْزِئُ بِاَللَّهِ وَحْدَهُ لِمَا تَقَدَّمَ «وَاسْتَحْلَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُكَانَةَ بْنَ عَبْدِ يَزِيدَ فِي الطَّلَاقِ فَقَالَ وَاَللَّهِ مَا أَرَدْتُ إلَّا وَاحِدَةً» وَقَالَ عُثْمَانُ لِابْنِ عُمَرَ تَحْلِفُ بِاَللَّهِ لَقَدْ بِعْتَهُ وَمَا بِهِ دَاءٌ تَعْلَمُهُ.
(فَإِنْ رَأَى الْحَاكِمُ تَغْلِيظَهَا بِلَفْظٍ أَوْ زَمَانٍ أَوْ مَكَان) فَاضِلَيْنِ (جَازَ وَلَمْ يُسْتَحَبَّ) لِأَنَّهُ أَرْدَعُ لِلْمُنْكِرِ (فَ) التَّغْلِيظُ (فِي اللَّفْظِ) أَنْ (يَقُولَ وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الطَّالِبُ الْغَالِبُ الضَّارُّ النَّافِعُ الَّذِي يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ) أَيْ مَا يُضْمَرُ فِي النَّفْسِ وَيَكُفُّ عَنْهُ اللِّسَانُ وَيُومِئُ إلَيْهِ بِالْعَيْنِ (وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) أَيْ تُضْمِرُهُ.
(وَ) التَّغْلِيظُ فِي (الزَّمَانِ أَنْ يَحْلِفَ بَعْدَ الْعَصْرِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ} قِيلَ الْمُرَادُ صَلَاةُ الْعَصْرِ لِأَنَّهُ وَقْتٌ تُعَظِّمُهُ أَهْلُ الْأَدْيَانِ كَمَا تَقَدَّمَ (أَوْ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ) لِأَنَّهُ وَقْتٌ يُرْجَى فِيهِ إجَابَةُ الدُّعَاءِ فَتُرْجَى فِيهِ مُعَالَجَةُ الْكَاذِبِ وَالْمَكَانُ بِمَكَّةَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ لِأَنَّهُ مَكَانٌ شَرِيفٌ زَائِدٌ عَلَى غَيْرِهِ فِي الْفَضِيلَةِ.
(وَ) بِ (بَيْتِ الْمَقْدِسِ عِنْدَ الصَّخْرَةِ) لِأَنَّهُ وَرَدَ فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هِيَ الْجَنَّةُ.
(وَ) بِ (سَائِرِ الْبِلَادِ) كَمَدِينَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهَا (عِنْدَ مِنْبَرِ الْجَامِعِ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِي هَذَا يَمِينًا آثِمَةً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْبَاقِي الْقِيَاسُ عَلَيْهِ (وَتَقِفُ الْحَائِضُ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ) لِأَنَّهُ يُحْرَمُ عَلَيْهَا اللُّبْثُ فِيهِ.
(وَيَحْلِفُ أَهْلُ الذِّمَّةِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُعَظِّمُونَهَا) لِأَنَّ الْيَمِينَ تَغْلُظُ فِي حَقِّهِمْ زَمَانًا فَكَذَا مَكَانًا (وَاللَّفْظُ) الَّذِي يَغْلُظُ بِهِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ (أَنْ يَقُولَ الْيَهُودِيُّ وَاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَفَلَقَ لَهُ الْبَحْرَ وَأَنْجَاهُ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْيَهُودِ نَشَدْتُكُمْ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ عَلَى مَنْ زَنَى» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
(وَ) يَقُولُ (النَّصْرَانِيُّ وَاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى وَجَعَلَهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَيُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ) لِأَنَّهُ لَفْظٌ تَتَأَكَّدُ بِهِ يَمِينُهُ أَشْبَهَ الْيَهُودِيَّ (وَ) يَقُولُ (الْمَجُوسِيُّ: وَاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَنِي وَصَوَّرَنِي وَرَزَقَنِي) لِأَنَّهُ يُعَظِّمُ خَالِقَهُ وَرَازِقَهُ أَشْبَهَ كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ عِنْدَ الْمُسْلِمِ (وَالْوَثَنِيُّ وَالصَّابِئُ وَمَنْ يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ وَحْدَهُ) لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ لِمَا تَقَدَّمَ وَلِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَعْتَقِدْ هَذِهِ يَمِينًا ازْدَادَ إثْمًا وَرُبَّمَا عُجِّلَتْ عُقُوبَتُهُ فَيَسْقُطُ بِذَلِكَ وَيَرْتَدُّ بِهِ.
(وَلَا تُغَلَّظُ الْيَمِينُ إلَّا فِيمَا لَهُ خَطَرٌ كَجِنَايَةٍ لَا تُوجِبُ قَوَدًا أَوْ) ك (عِتْقٍ وَنِصَابِ زَكَاةٍ) لِأَنَّ التَّغْلِيظَ لِلتَّأْكِيدِ وَمَا لَا خَطَرَ فِيهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَأْكِيدٍ (وَلَوْ أَبَى مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ التَّغْلِيظَ لَمْ يَصِرْ نَاكِلًا) عَنْ الْيَمِينِ لِأَنَّهُ قَدْ بَذَلَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ فَيَجِبُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ وَيَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ قَالَهُ فِي النُّكَتِ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلِجَوَازِ أَنْ يُقَالَ يَجِبُ التَّغْلِيظُ إذَا رَآهُ الْحَاكِمُ وَطَلَبَهُ وَإِلَّا لَمَا كَانَ فِيهِ فَائِدَةُ زَجْرٍ قَطُّ وَمَالَ إلَيْهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
(وَلَا يَحْلِفُ بِالطَّلَاقِ وِفَاقًا لِلْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ قَالَهُ الشَّيْخُ) وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إجْمَاعًا قُلْتُ وَلَا بِعَتَاقٍ لِحَدِيثِ «مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ» (وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ لِلْوَلِيِّ إحْلَافُ الشُّهُودِ اسْتِبْرَاءً وَتَغْلِيظًا فِي الْكَشْفِ فِي حَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ آدَمِيٍّ وَتَحْلِيفُهُ بِطَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَصَدَقَةٍ وَنَحْوِهِ وَسَمَاعِ شَهَادَةِ أَهْلِ الْيَمِينِ إذَا كَثُرُوا وَلَيْسَ لِلْقَاضِي ذَلِكَ).
(وَمَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ وَهُوَ فِيهَا صَادِقٌ أَوْ تَوَجَّهَتْ لَهُ) الْيَمِينُ بِأَنْ أَقَامَ شَاهِدًا بِمَالٍ وَمَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ وَهُوَ صَادِقٌ (أُبِيحَ لَهُ الْحَلِفُ) لِأَنَّهُ مُحِقٌّ (وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ إثْمٍ وَلَا غَيْرِهِ) لِأَنَّ اللَّهَ شَرَعَ الْيَمِينَ وَلَا يُشَرِّعُ مُحَرَّمًا (وَالْأَفْضَلُ افْتِدَاءُ يَمِينِهِ) لِأَنَّهُ رُبَّمَا صَادَفَ قَدَرًا فَيُوجِبُ رِيبَةً وَتَقَدَّمَ فِي الْأَيْمَانِ.
(وَمَنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ دَيْنٌ هُوَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُعْسِرٌ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيَّ) وَلَوْ نَوَى السَّاعَةَ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَسَوَاءٌ خَافَ حَبْسًا أَوْ لَا وَجَوَّزَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ بِالنِّيَّةِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ.
(وَيَمِينُ الْحَالِفِ عَلَى حَسْبِ جَوَابِهِ فَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ غَصَبَهُ أَوْ أَوْدَعَهُ أَوْ بَاعَهُ أَوْ اقْتَرَضَ مِنْهُ فَإِنْ قَالَ مَا غَصَبْتُكَ وَلَا اسْتَوْدَعْتُكَ وَلَا بِعْتَنِي وَلَا أَقْرَضْتَنِي كُلِّفَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ) لِيُطَابِقَ جَوَابَهُ (وَإِنْ قَالَ مَالَكَ عَلَيَّ حَقٌّ أَوْ لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا أَوْ لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ مَا ادَّعَيْتَهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ كَانَ جَوَابًا صَحِيحًا وَلَا يُكَلَّفُ الْجَوَابُ عَنْ الْغَصْبِ وَغَيْرِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ غَصَبَ مِنْهُ ثُمَّ رَدَّهُ وَكَذَلِكَ الْبَاقِي) مِنْ الِاسْتِيدَاعِ وَالْبَيْعِ وَالْقَرْضِ (فَلَوْ كُلِّفَ جَحْدُ ذَلِكَ لَكَانَ كَاذِبًا) مَعَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِجَوَابِ صَادِقٍ.
(وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ بِلَا بَيِّنَةٍ فَيَعُودُ عَلَيْهِ بِالضَّرَرِ وَعَدَمِ قَبُولِ دَعْوَى الرَّدِّ فِي الْوَدِيعَةِ لِتَقَدُّمِ إنْكَارٍ وَنَحْوِهِ.
(وَلَا تَدْخُلُ النِّيَابَةُ فِي الْيَمِينِ فَلَا يَحْلِفُ أَحَدٌ عَنْ غَيْرِهِ فَلَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا لَمْ يَحْلِفْ) لِأَنَّهُ لَا يُعَوَّلُ عَلَى قَوْلِهِ (وَوَقْفُ الْأَمْرِ إلَى أَنْ يُكَلَّفَا) فَيُقِرَّا أَوْ يَحْلِفَا أَوْ يُقْضَى عَلَيْهِمَا بِالنُّكُولِ.
(فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ لِغَيْرِ الْمُكَلَّفِ وَادَّعَاهُ وَلِيُّهُ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ) حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لِلْمُدَّعِي كَسَائِرِ الدَّعَاوَى (فَإِنْ نَكَلَ قُضِيَ عَلَيْهِ) بِالنُّكُولِ كَغَيْرِهِ.
(وَإِنْ ادَّعَى عَلَى الْعَبْدِ دَعْوَى وَكَانَتْ مِمَّا يُقْبَلُ قَوْلُ الْعَبْدِ فِيهَا) أَوْ أَقَرَّ بِهَا (كَالْقِصَاصِ) فِيمَا دُونَ النَّفْسِ (وَالطَّلَاقِ وَالْقَذْفِ فَالْخُصُومَةُ مَعَهُ دُونَ سَيِّدِهِ) لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَمْلِكُ مِنْهُ إلَّا الْمَالَ وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ» وَمَنْ مَلَكَ إنْشَاءَ شَيْءٍ مَلَكَ الْإِقْرَارَ بِهِ وَالْخُصُومَةَ فِيهِ.
(وَإِنْ كَانَ) الْمُدَّعِي عَلَى الْعَبْدِ (مِمَّا لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْعَبْدِ فِيهِ كَإِتْلَافِ مَالٍ أَوْ جِنَايَةٍ تُوجِبُهُ فَالْخَصْمُ) فِيهِ (سَيِّدُهُ) لِأَنَّهُ الْمُطَالَبُ بِهِ (وَالْيَمِينُ عَلَيْهِ) أَيْ السَّيِّدِ إذَا أَنْكَرَ (وَلَا يَحْلِفُ الْعَبْدُ فِيهَا بِحَالٍ) لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ طَلَبُهُ بِهَا حَتَّى لَوْ أَقَرَّ لَمْ يُسْمَعْ إقْرَارُهُ.
وَالْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ جَوَابُهُ مِنْ الْعَبْدِ وَسَيِّدِهِ مَعًا لِأَنَّ إقْرَارَ أَحَدِهِمَا بِهِ عَلَى الْآخَرِ غَيْرُ مَقْبُولٍ.
(وَمَنْ حَلَفَ فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ أُعِيدَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ) لِيَأْتِيَ بِهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ وَتَقَدَّمَ (وَكَذَلِكَ إنْ وَصَلَ كَلَامُهُ بِشَرْطٍ أَوْ كَلَامٍ غَيْرِ مَفْهُومٍ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ اسْتِثْنَاءً أَوْ نَحْوَهُ.
(وَإِنْ حَلَفَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ الْحَاكِمُ أَوْ اسْتَحْلَفَهُ الْحَاكِمُ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَهُ الْمُدَّعِي) إحْلَافَهُ (أُعِيدَتْ عَلَيْهِ) الْيَمِينُ لِأَنَّهَا حَقٌّ فَلَا تُسْتَوْفَى إلَّا بِطَلَبِهِ.
(وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا فَقَالَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (أَبْرَأْتَنِي مِنْهُ أَوْ) قَالَ (وَاسْتَوْفَيْتَهُ مِنِّي فَأَنْكَرَ) الْمُدَّعِي (فَقَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْحَقِّ (فَيَحْلِفُ) الْمُدَّعِي (بِاَللَّهِ) تَعَالَى (إنَّ هَذَا الْحَقَّ وَيُسَمِّيهِ بِعَيْنِهِ مَا بَرِئَتْ ذِمَّتُكَ مِنْهُ وَلَا مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ) وَأَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ (وَإِنْ ادَّعَى اسْتِيفَاءَهُ أَوْ الْبَرَاءَةَ) مِنْهُ (بِجِهَةٍ مَعْلُومَةٍ) كَمَا لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي بَرِئْتَ لِدَفْعِهِ عَنْك فِي دَيْنٍ وَاجِبٍ عَلَيْكَ أَوْ فِي نَفَقَةٍ وَاجِبَةٍ لِزَيْدٍ بِإِذْنِكَ وَنَحْوِ ذَلِكَ (كَفَى الْحَلِفُ عَلَى تِلْكَ الْجِهَةِ وَحْدَهَا) بِأَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا بَرِئْتَ مِنْهُ وَلَا مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ فِي الْجِهَةِ الْمُسَمَّاةِ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي غَيْرَهَا لِيَحْلِفَ عَلَيْهِ.

.كِتَابُ الْإِقْرَارِ:

(وَهُوَ) لُغَةً الِاعْتِرَافُ بِالْحَقِّ مَأْخُوذٌ مِنْ الْمُقَرِّ كَأَنَّ الْمُقِرَّ جَعَلَ الْحَقَّ فِي مَوْضِعِهِ وَشَرْعًا (إظْهَارُ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ مَا عَلَيْهِ لَفْظًا) أَيْ بِلَفْظٍ (أَوْ كِتَابَةً أَوْ إشَارَةً مِنْ أَخْرَسَ أَوْ عَلَى مُوَكِّلِهِ أَوْ مُوَلِّيهِ) مِمَّا يُمْكِنُ إنْشَاؤُهُ لَهُمَا (أَوْ) عَلَى (مَوْرُوثِهِ بِمَا يُمْكِنُ صِدْقُهُ) وَأَتَى مُحْتَرَزَ قُيُودِهِ وَهُوَ ثَابِتٌ بِالْإِجْمَاعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ} الْآيَةَ {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} وَ{أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} «وَرَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاعِزًا وَالْغَامِدِيَّةَ بِإِقْرَارِهِمَا» وَلِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَلَى وَجْهٍ يَنْتَفِي فِيهِ التُّهْمَةُ وَالرِّيبَةُ وَلِهَذَا كَانَ آكَدَ مِنْ الشَّهَادَةِ.
فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا اعْتَرَفَ لَا تُسْمَعُ عَلَيْهِ الشَّهَادَةُ وَإِنْ كَذَّبَ الْمُدَّعِي بَيِّنَتَهُ لَمْ تُسْمَعْ وَإِذَا أَنْكَرَ ثُمَّ أَقَرَّ سُمِعَ إقْرَارُهُ (وَلَيْسَ) الْإِقْرَارُ (بِإِنْشَاءٍ) بَلْ هُوَ إخْبَارٌ وَإِظْهَارٌ لِمَا هُوَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
(فَيَصِحُّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُكَلَّفِ الْمُخْتَارِ الْإِقْرَارُ (بِمَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْتِزَامُهُ) بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ جِنَايَةً مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً وَعُمْرُهُ عِشْرُونَ سَنَةً أَوْ أَقَلُّ فَهَذَا لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ بِمَا يُمْكِنُ صِدْقُهُ.
(بِشَرْطِ كَوْنِهِ) أَيْ الْمُقَرِّ بِهِ (بِيَدِهِ) أَيْ الْمُقِرِّ (وَوِلَايَتِهِ وَاخْتِصَاصِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى يَعْنِي وِلَايَتَهُ أَوْ اخْتِصَاصَهُ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِشَيْءٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ أَوْ فِي وِلَايَةِ غَيْرِهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ أَجْنَبِيٌّ عَلَى صَغِيرٍ أَوْ وَقَفَ فِي وِلَايَةِ غَيْرِهِ أَوْ اخْتِصَاصِهِ انْتَهَى.
فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِمَا فِي وِلَايَتِهِ أَوْ اخْتِصَاصِهِ كَأَنْ يُقِرَّ وَلِيُّ الْيَتِيمِ وَنَحْوُهُ أَوْ نَاظِرُ الْوَقْفِ أَنَّهُ جَرَّ عَقَارَهُ وَنَحْوَهُ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ إنْشَاءَ ذَلِكَ فَصَحَّ إقْرَارُهُ بِهِ.
(وَ) لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ أَنْ يَكُونَ (مَعْلُومًا) فَيَصِحُّ بِالْمُجْمَلِ وَيُطَالَبُ بِالْبَيَانِ وَيَأْتِي.
(وَيَصِحُّ مِنْ أَخْرَسَ بِإِشَارَةٍ مَعْلُومَةٍ) لِقِيَامِهَا مَقَامَ نُطْقِهِ.
وَ(لَا) يَصِحُّ الْإِقْرَارُ (بِهَا) أَيْ بِالْإِشَارَةِ (مِنْ نَاطِقٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى بِغَيْرِ خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ.
(وَلَا) يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْإِشَارَةِ (مِمَّنْ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْيُوسٍ مِنْ نُطْقِهِ أَشْبَهَ النَّاطِقَ.
(وَيَصِحُّ إقْرَارُ الصَّبِيِّ) الْمَأْذُونِ لَهُ (وَ) إقْرَارُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي قَدْرِ مَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ (كَالْحُرِّ الْبَالِغِ لِأَنَّهُ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِيمَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ) دُونَ مَا رَآهُ عَلَى مَا أُذِنَ فِيهِ لَهُمَا لِأَنَّ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ عَدَمُ صِحَّةِ إقْرَارِهِمَا تَرْكُ الْعَمَلِ بِهِ فِيمَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ فَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى مُقْتَضَاهُ.
(وَإِنْ أَقَرَّ مُرَاهِقٌ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ) فِي التِّجَارَةِ (ثُمَّ اخْتَلَفَ هُوَ وَالْمُقَرُّ لَهُ فِي بُلُوغِهِ فَقَوْلُ الْمُقِرِّ) فِي عَدَمِ بُلُوغِهِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ (وَلَا يَحْلِفُ) لِأَنَّنَا حَكَمْنَا بِعَدَمِ بُلُوغِهِ (إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِبُلُوغِهِ) قُلْتُ وَعَلَى قِيَاسِ ذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَوْ وَهَبَ أَوْ وَقَفَ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ أَجَّرَ وَنَحْوَهُ ثُمَّ أَنْكَرَ بُلُوغِهِ حَالَ الشَّكِّ فِيهِ قُبِلَ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ لِمَا تَقَدَّمَ وَيُحْمَلُ نَصُّ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ إذَا قَالَ الْبَائِعُ بِعْتُك قَبْلَ الْبُلُوغِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ بُلُوغِكَ إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي عَلَى مَا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ تَيَقُّنِ بُلُوغِهِ.
(وَيَصِحُّ إقْرَارُ الصَّبِيِّ أَنَّهُ بَلَغَ بِاحْتِلَامٍ إذَا بَلَغَ عَشْرًا) أَيْ عَشْرَ سِنِينَ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَكَذَا الْجَارِيَةُ إذَا بَلَغَتْ تِسْعًا (وَلَا يُقْبَلُ) مِنْهُ أَنَّهُ بَلَغَ (بِسِنٍّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) لِأَنَّهُ لَا تَتَعَذَّرُ إقَامَتُهَا عَلَى ذَلِكَ.
(وَإِنْ أَقَرَّ) تِسْعًا (بِمَالٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ وَنَحْوِهِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ) تَحَقُّقِ (بُلُوغِهِ لَمْ أَكُنْ حِينَ الْإِقْرَارِ بَالِغًا لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ الصِّحَّةُ.
(وَإِنْ أَقَرَّ بِالْبُلُوغِ مَنْ شُكَّ فِي بُلُوغِهِ ثُمَّ أَنْكَرَهُ مَعَ الشَّكِّ صُدِّقَ) لِأَنَّ الْأَصْلَ الصِّغَرُ (بِلَا يَمِينٍ) لِلْحُكْمِ بَعْدَ بُلُوغِهِ.
(وَلَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ بِإِقْرَارِ شَخْصٍ لَمْ تَفْتَقِرْ صِحَّةُ الشَّهَادَةِ إلَى أَنْ يَقُولُوا) أَقَرَّ (طَوْعًا فِي صِحَّةِ عَقْلِهِ) عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَتَقَدَّمَ.
(وَيَصِحُّ إقْرَارُ سَكْرَانٍ) بِمَعْصِيَةٍ لِأَنَّ أَفْعَالَهُ تَجْرِي مَجْرَى أَفْعَالِ الصَّاحِي (كَطَلَاقٍ، وَكَذَا مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِمَعْصِيَةٍ كَمَنْ شَرِبَ مَا يُزِيلُ عَقْلَهُ عَامِدًا لِغَيْرِ حَاجَةٍ) فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ.
وَ(لَا) يَصِحُّ إقْرَارُ (مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ أَوْ) بِسَبَبٍ (مَعْذُورٍ فِيهِ) لِأَنَّهُ غَيْرُ عَاقِلٍ وَلَا مَعْصِيَةَ تَغْلُظُ عَلَيْهِ لِأَجْلِهَا.
(وَإِنْ ادَّعَى الصَّبِيُّ الَّذِي أُنْبِتَ) الشَّعْرُ الْخَشِنُ حَوْلَ قُبُلِهِ (أَنَّهُ أُنْبِتَ بِعِلَاجٍ كَدَوَاءٍ لَا بِالْبُلُوغِ لَمْ يُقْبَلْ) ذَلِكَ مِنْهُ وَلَزِمَهُ حُكْمُ تَصَرُّفِهِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ إقْرَارٍ وَنَحْوِهِمَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا يَدَّعِيهِ.
(وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْمَجْنُونِ) لِحَدِيثِ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ» الْخَبَرَ (إلَّا فِي حَالِ إفَاقَتِهِ) فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ لِأَنَّهُ عَاقِلٌ أَشْبَهَ مَنْ لَمْ يُجَنَّ (وَكَذَا الْمُبَرْسَمُ وَالنَّائِمُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ الْتِزَامُ حَقٍّ بِالْقَوْلِ فَلَمْ يَصِحَّ مِنْهُ كَالْبَيْعِ.
(وَإِنْ ادَّعَى جُنُونًا لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ: يُقْبَلُ أَيْضًا إنْ عُهِدَ مِنْهُ جُنُونٌ فِي بَعْضِ أَوْقَاتِهِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُتَوَجَّهُ قَبُولُهُ مِمَّنْ غَلَبَ عَلَيْهِ.
(وَلَا) يَصِحُّ (إقْرَارُ مُكْرَهٍ) لِحَدِيثِ «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» (إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِغَيْرِ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ مِثْلُ أَنْ يُكْرَهَ) عَلَى (أَنْ يُقِرَّ لِزَيْدٍ فَيُقِرَّ لِعَمْرٍو أَوْ عَلَى أَنْ يُقِرَّ بِدَرَاهِمَ فَيُقِرَّ بِدَنَانِيرَ أَوْ عَلَى الْإِقْرَارِ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ فَيُقِرَّ بِطَلَاقِ غَيْرِهَا أَوْ) عَلَى أَنْ يُقِرَّ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ فَ (يُقِرَّ بِعِتْقِ عَبْدٍ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ إذَنْ) لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِغَيْرِ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ فَصَحَّ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ ابْتِدَاءً.
(وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى وَزْنِ مَالٍ فَمَالٌ مَلَكَهُ لِذَلِكَ صَحَّ) الْبَيْعُ لِأَنَّهُ لَمْ يُكْرَهْ عَلَيْهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يُكْرَهْ أَصْلًا وَيُكْرَهُ الشِّرَاءُ مِنْهُ (وَتَقَدَّمَ أَوَّلَ كِتَابِ الْبَيْعِ).
(وَمَنْ أَقَرَّ بِحَقٍّ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ دَعْوَى الْإِكْرَاهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) لِحَدِيثِ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي» (إلَّا أَنْ تَكُونَ هُنَاكَ دَلَالَةٌ عَلَى الْإِكْرَاهِ كَقَيْدٍ وَحَبْسٍ وَتَوَكُّلٍ بِهِ) أَيْ تَرْسِيمٌ عَلَيْهِ (فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّهُ دَلِيلُ الْإِكْرَاهِ قَالَ الْأَزَجِيُّ: أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَمَارَةِ الْإِكْرَاهِ اسْتَفَادَ بِهَا أَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ فَيَحْلِفُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ قَالَ فِي النُّكَتِ: وَعَلَى هَذَا تَحْرُمُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ وَكَتْبُ حُجَّةٍ عَلَيْهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْحَالِ (وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ إكْرَاهٍ عَلَى بَيِّنَةِ طَوَاعِيَةٍ) لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ.
(وَإِنْ قَالَ مَنْ ظَاهِرُهُ الْإِكْرَاهُ عَلِمْتُ أَنِّي لَوْ لَمْ أُقِرَّ أَيْضًا أَطْلَقُونِي فَلَمْ أَكُنْ مُكْرَهًا لَمْ يَصِحَّ) قَوْلُهُ ذَلِكَ وَلَمْ يُمْنَعْ كَوْنُهُ مُكْرَهًا (لِأَنَّهُ ظَنَّ) مِنْهُ (فَلَا يُعَارِضُ يَقِينَ الْإِكْرَاهِ) لِقُوَّةِ الْيَقِينِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ أَقَرَّ طَوْعًا، وَنَقَلَ أَبُو هَانِئٍ فِيمَنْ تَقَدَّمَ إلَى سُلْطَانٍ فَهَدَّدَهُ فَيُدْهَشُ فَيُقِرُّ يُؤْخَذُ بِهِ فَيَرْجِعُ وَيَقُولُ هَدَّدَنِي، وَدُهِشْتُ يُؤْخَذُ وَمَا عَلِمْته أَنَّهُ أَقَرَّ بِالْجَزَعِ وَالْفَزَعِ.
(وَمَنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِشَيْءٍ فَكَإِقْرَارِهِ فِي صِحَّتِهِ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِيهِ (إلَّا فِي إقْرَارِهِ بِمَالٍ لِوَارِثٍ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إجَازَةٍ) مِنْ بَاقِي الْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ إيصَالُ الْمَالِ إلَى وَارِثِهِ بِقَوْلِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَلَمْ يَصِحَّ بِغَيْرِ رِضَا بَقِيَّةِ وَرَثَتِهِ كَهِبَتِهِ وَلِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي حَقِّهِ أَشْبَهَ تَبَرُّعَهُ لَهُ.
(وَيَلْزَمُهُ) أَيْ الْمَرِيضُ (أَنْ يُقِرَّ) لِوَارِثِهِ بِدَيْنِهِ وَنَحْوِهِ (وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ الْإِقْرَارُ (إذْ كَانَ) إقْرَارُهُ (حَقًّا) كَالْأَجْنَبِيِّ.
(وَإِنْ اشْتَرَى وَارِثُهُ شَيْئًا فَأَقَرَّ لَهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ قُبِلَ مِنْهُ) ذَلِكَ وَلَزِمَهُ بِعَقْدِ الْبَيْعِ لَا بِإِقْرَارِهِ.
(وَلَا يُحَاصُّ الْمُقَرُّ لَهُ) وَلَوْ أَجْنَبِيًّا (غُرَمَاءَ الصِّحَّةِ بَلْ يُقْدِمُونَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بَعْدَ تَعَلُّقِ الْحَقِّ بِمَالِهِ) أَشْبَهَ إقْرَارَ الْمُفْلِسِ.
(لَكِنْ لَوْ أَقَرَّ) لِأَجْنَبِيٍّ (فِي مَرَضِهِ بِعَيْنٍ ثُمَّ بِدَيْنٍ أَوْ عَكْسِهِ) بِأَنْ أَقَرَّ بِهِ بِدَيْنٍ ثُمَّ بِعَيْنٍ (فَرَبُّ الْعَيْنِ أَحَقُّ بِهَا) مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالدَّيْنِ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ، وَالْإِقْرَارُ بِالْعَيْنِ يَتَعَلَّقُ بِذَاتِهَا فَتَعَلُّقُهُ بِالذَّاتِ أَقْوَى، وَلِهَذَا لَوْ أَرَادَ بَيْعَ الْعَيْنِ لَمْ يَصِحَّ وَمُنِعَ مِنْهُ لِحَقِّ الْمُقَرِّ لَهُ بِهَا.
فَرْعٌ إذَا خَافَ أَنْ يَأْخُذَ مَالَهُ ظَالِمٌ أَوْ الْمَالَ الَّذِي بِيَدِهِ لِلنَّاسِ إمَّا بِحُجَّةِ أَنَّهُ مَيِّتٌ لَا وَارِثَ لَهُ أَوْ أَنَّهُ مَالُ غَائِبٍ أَوْ بِلَا حُجَّةٍ أَصْلًا جَازَ لَهُ الْإِقْرَارُ بِمَا يَدْفَعُ هَذَا الظُّلْمَ وَيَحْفَظُ الْمَالَ لِصَاحِبِهِ مِثْلُ أَنْ يُقِرَّ بِحَاضِرٍ أَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ كَذَا أَوْ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي بِيَدِهِ لِفُلَانٍ، وَيَتَأَوَّل فِي إقْرَارِهِ بِأَنْ يَعْنِيَ بِكَوْنِهِ ابْنَهُ صِغَرَهُ أَوْ بِقَوْلِهِ أَخِي أُخُوَّةَ الْإِسْلَامِ، أَوْ بِقَوْلِهِ الَّذِي بِيَدِهِ لَهُ أَيْ لَهُ وِلَايَةُ قَبْضِهِ لِكَوْنِي قَدْ وَكَّلْتُهُ فِي إيصَالِهِ إلَى مُسْتَحِقِّهِ وَنَحْوِهِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ أَمِينًا، وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ أَنَّ هَذَا إقْرَارُ تَلْجِئَةٍ تَفْسِيرُهُ كَذَا وَكَذَا قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ مُلَخَّصًا.
(وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ أَوْ وَهَبَهُ، ثُمَّ أَقَرَّ بِدَيْنٍ نَفَذَ عِتْقُهُ وَهِبَتُهُ وَلَمْ يُنْقَضَا بِإِقْرَارِهِ) نَصًّا لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مُنَجَّزٌ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ مَالٍ أَزَالَهُ عَنْ مِلْكِهِ فَلَمْ يَقْضِهِ مَا تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَ أَوْ وَهَبَ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ (وَتَقَدَّمَ حُكْمُ إقْرَارِ مُفْلِسٍ وَسَفِيهٍ فِي) كِتَابِ (الْحَجْرِ) مُفَصَّلًا.
(وَإِنْ أَقَرَّ لِامْرَأَتِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِمَهْرٍ لَمْ يُقْبَلْ) لِأَنَّهُ إقْرَارٌ لِوَارِثٍ (وَيَلْزَمُهُ مَهْرُ مِثْلِهَا) إنْ ادَّعَتْهُ (بِالزَّوْجِيَّةِ) أَيْ بِمُقْتَضَى كَوْنِهَا زَوْجَتَهُ (لَا بِإِقْرَارِهِ) لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ دَلَّتْ عَلَى الْمَهْرِ وَوُجُوبِهِ عَلَيْهِ، وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ.
(وَيَصِحُّ إقْرَارُهُ) أَيْ الْمَرِيضِ (بِأَخْذِ دَيْنٍ) لَهُ (مِنْ أَجْنَبِيٍّ) لِأَنَّهُ إقْرَارٌ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ فِي حَقِّهِ.
(وَإِنْ أَقَرَّ) الْمَرِيضُ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ (لِوَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ صَحَّ) الْإِقْرَارُ (لِلْأَجْنَبِيِّ) بِغَيْرِ إجَازَةٍ كَمَا لَوْ انْفَرَدَ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ آكَدُ مِنْهَا وَلِذَلِكَ لَا تُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَدَالَةُ، وَيُوقَفُ إقْرَارُهُ عَلَى إجَازَةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ.
(وَالِاعْتِبَارُ) فِي كَوْنِهِ وَارِثًا أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ (بِحَالَةِ الْإِقْرَارِ) لِأَنَّهُ قَوْلٌ تُعْتَبَرُ فِيهِ التُّهْمَةُ فَاعْتُبِرَتْ حَالَةُ وُجُودِهِ دُونَ غَيْرِهَا كَالشَّهَادَةِ (لَا بِحَالَةِ الْمَوْتِ) بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ (فَلَوْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ فَصَارَ عِنْدَ الْمَوْتِ غَيْرَ وَارِثٍ لَمْ يَلْزَمْ إقْرَارُهُ) لِاقْتِرَانِ التُّهْمَةِ بِهِ فَلَا يَنْقَلِبُ لَازِمًا بَعْدَ ذَلِكَ (لَا أَنَّهُ) أَيْ الْإِقْرَارَ بَاطِلٌ كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَهِيَ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْإِجَازَةِ لَا بَاطِلَةٌ، وَفِي نُسَخٍ لِأَنَّهُ بَاطِلٌ وَلَيْسَ بِمُنَاسِبٍ لِقَوْلِهِ لَمْ يَلْزَمْ.
(وَإِنْ أَقَرَّ لِغَيْرِ وَارِثٍ) صَحَّ وَإِنْ صَارَ عِنْدَ الْمَوْتِ وَارِثًا، كَمَا لَوْ أَقَرَّ لِابْنِ ابْنِهِ مَعَ ابْنٍ فَمَاتَ ابْنُهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ حُكْمُ الْإِقْرَارِ لِوُقُوعِهِ مِنْ أَهْلِهِ خَالِيًا مِنْ التُّهْمَةِ يَثْبُتُ الْحَقُّ بِهِ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُسْقِطُهُ.
(أَوْ أَعْطَاهُ) أَيْ أَعْطَى غَيْرَ وَارِثٍ لَزِمَتْ الْعَطِيَّةُ وَ(صَحَّ) الْعَقْدُ (وَإِنْ صَارَ) الْمُعْطِي (عِنْدَ الْمَوْتِ وَارِثًا) لِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْفُرُوعِ وَشَرْحِ الْمُنْتَهَى وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَبَرُّعَاتِ الْمَرِيضِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ وَقْتُ الْمَوْتِ فِي الْعَطِيَّةِ كَالْوَصِيَّةِ وَقَطَعَ بِهِ صَاحِبُ الْفُرُوعِ هُنَاكَ كَأَكْثَرِ الْأَصْحَابِ قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَكَانَ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَ كَلَامَ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ فِي بَابِ تَبَرُّعِ الْمَرِيضِ عَقِبَ الْمَسْأَلَةِ لِيُعْلَمَ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا، لَا يَقْطَعُ فِي مَكَان بِشَيْءٍ وَيُقْطَعُ بِضِدِّهِ فِي غَيْرِهِ.
(وَإِنْ أَقَرَّتْ) الْمَرِيضَةُ (فِي مَرَضِهَا أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ (لَمْ يَصِحَّ) الْإِقْرَارُ إنْ لَمْ يُجِزْهُ بَاقِي وَرَثَتِهَا لِلتُّهْمَةِ (إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِأَخْذِهِ) أَيْ الصَّدَاقِ مُطْلَقًا (أَوْ بِإِسْقَاطِهِ) فِي غَيْرِ مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ وَهَذَا مَعْنَى مُهَنَّا وَنَقَلَ إبْرَاهِيمُ: لَوْ كَانَ مَهْرُهَا عَشْرَةَ آلَافٍ فَقَالَتْ مَالِي عَلَيْهِ إلَّا سِتَّةُ آلَافٍ الْقَضَاءُ مَا قَضَتْ عَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الْفُرُوعِ فِي تَبَرُّعَاتِ الْمَرِيضِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِمَا لِي عَلَيْهِ إلَّا سِتَّةُ آلَافٍ أَيْ لَمْ يَتَزَوَّجْنِي إلَّا عَلَيْهَا لَا أَنَّهَا أَقَرَّتْ بِقَبْضِ أَرْبَعَةٍ بِخِلَافِ مَا هُنَا (وَكَذَا حُكْمُ) كُلِّ (دَيْنٍ ثَابِتٍ عَلَى وَارِثٍ) لَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْمَرِيضِ بِقَبْضِهِ إلَّا بِإِجَازَةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ.
(وَإِنْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِوَارِثٍ صَحَّ) إقْرَارُهُ لِأَنَّهُ لِغَيْرِ وَارِثٍ فَصَحَّ، كَمَا لَوْ لَمْ يَصِرْ وَارِثًا؛ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِيهِ.
(وَإِنْ أَقَرَّ) الْمَرِيضُ (لِامْرَأَتِهِ ثُمَّ أَبَانَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا) قُلْتُ: أَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا (وَمَاتَ مِنْ مَرَضِهِ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ) بِغَيْرِ إجَازَةِ الْبَاقِي لِأَنَّهُ إقْرَارٌ لِوَارِثٍ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ أَشْبَهَ مَا لَمْ يُبِنْهَا؛ وَلِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالِ الْإِقْرَارِ وَهِيَ وَارِثَةٌ حِينَهُ.
وَفِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: لَوْ أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَمَاتَ بَطَلَ إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَرَثَةُ (وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا فِي صِحَّتِهِ لَمْ يَسْقُطْ مِيرَاثُهَا) لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ وَكَمَا لَوْ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ.
تَتِمَّةٌ:
يَصِحُّ إقْرَارُ الْمَرِيضِ بِإِحْبَالِ الْأَمَةِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ ذَلِكَ فَمَلَكَ الْإِقْرَارَ بِهِ وَكَذَا كُلُّ مَا مَلَكَهُ مَلَكَ الْإِقْرَارَ بِهِ فَإِذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ فَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ اسْتَوْلَدَهَا فِي مِلْكِهِ فَوَلَدَتْ حُرَّ الْأَصْلِ فَأُمُّ وَلَدٍ تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.
وَإِنْ أَقَرَّ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ عَتَقَ الْوَلَدُ وَلَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ فَالْأَصْلُ الرِّقُّ وَلَا وَلَاء عَلَى الْوَلَدِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ قَامَ مَقَامَهُ فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ اسْتِيلَادِهَا.