فصل: (فَصْل): فيمن يَصِحُّ ظِهَارُه:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.(كتابُ الظِّهَارُ):

مُشْتَقٌّ مِنْ الظَّهْرِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَشْبِيهِ الزَّوْجَةِ بِظَهْرِ الْأُمِّ وَإِنَّمَا خَصَّ الظَّهْرَ دُونَ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الرُّكُوبِ، إذْ الْمَرْأَةُ مَرْكُوبَةٌ إذَا غُشِيَتْ فَقَوْلُهُ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَيْ رُكُوبُكِ لِلنِّكَاحِ حَرَامٌ عَلَيَّ كَرُكُوبِ أُمِّي لِلنِّكَاحِ، فَأَقَامَ الظَّهْرَ مَقَامَ الْمَرْكُوبِ لِأَنَّهُ مَرْكُوبٌ، وَأَقَامَ الرُّكُوبَ مَقَامَ النِّكَاحِ لِأَنَّ النَّاكِحَ رَاكِبٌ وَيُقَالُ: كَانَتْ الْمَرْأَةُ تُحَرَّمُ بِالظِّهَارِ عَلَى زَوْجِهَا وَلَا تُبَاحُ لِغَيْرِهِ فَنَقَلَ الشَّارِعُ حُكْمَهُ إلَى تَحْرِيمِهَا وَوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِالْعَوْدِ وَأَبْقَى مَحَلَّهُ وَهُوَ الزَّوْجَةُ (وَهُوَ مُحَرَّمٌ) إجْمَاعًا حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنْ الْقَوْلِ وَزُورًا} وَقَوْلُ الْمُنْكَرِ وَالزُّورِ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ لِلْخَبَرِ.
وَمَعْنَاهُ أَنَّ الزَّوْجَةَ كَالْأُمِّ فِي التَّحْرِيمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} وَقَوْله:
{وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمْ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ} وَلِحَدِيثِ «أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ حِين ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ خَوْلَةَ بِنْتِ مَالِكٍ بْنِ ثَعْلَبَةَ فَجَاءَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشْتَكِيهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ أَوَّلَ سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَفِيهِ أَحَادِيثُ أُخَرُ تَأْتِي (وَهُوَ أَنْ يُشَبِّهَ) الزَّوْجُ (امْرَأَتَهُ أَوْ) يُشَبِّهَ (عُضْوًا مِنْهَا) أَيْ مِنْ امْرَأَتِهِ (بِظَهْرِ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ) كَأُمِّهِ وَأُخْتِهِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ حَمَاتِهِ (أَوْ) يُشَبِّهُ ذَلِكَ بِظَهْرِ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ (إلَى أَمَدٍ) كَأُخْتِ امْرَأَتِهِ وَعَمَّتِهَا وَخَالَتِهِمَا (أَوْ) يُشَبِّهُ امْرَأَتَهُ أَوْ عُضْوًا مِنْهَا (بِهَا) أَيْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ أَوْ إلَى أَمَدٍ.
(وَلَوْ) كَانَ التَّشْبِيهُ الْمَذْكُورُ (بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ) مِمَّنْ يُحْسِنهَا كَالْإِيلَاءِ وَالطَّلَاقِ (وَلَوْ اعْتَقَدَ الْحِلَّ) أَيْ حِلَّ الْمُشَبَّهِ بِهَا مِنْ أُمٍّ وَأُخْتٍ (كَمَجُوسِيٍّ) قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُخْتِي وَهُوَ يَعْتَقِدُ حِلَّ أُخْتِهِ فَلَا أَثَرَ لِاعْتِقَادِهِ ذَلِكَ وَيَكُونُ مُظَاهِرًا لِأَنَّهُ اعْتِقَادٌ لَا سَنَدَ لَهُ فَنَأْمُرُهُ بِالْكَفَّارَةِ إذَا رُفِعَ إلَيْنَا أَوْ أَسْلَمَ وَقَدْ وَطِئَ (أَوْ) يُشَبِّهُ امْرَأَتَهُ أَوْ عُضْوًا مِنْهَا (بِعُضْوٍ مِنْهَا) أَيْ مِمَّنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ أَوْ إلَى أَمَدٍ (أَوْ) يُشَبِّه امْرَأَتَهُ أَوْ عُضْوًا مِنْهَا (بِذَكَرٍ) كَأَبِيهِ أَوْ زَيْدٍ (أَوْ) يُشَبِّهُ امْرَأَتَهُ أَوْ عُضْوًا مِنْهَا بِ (عُضْوٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الذَّكَرِ كَظَهْرِهِ أَوْ رَأْسِهِ وَأَمْثِلَةِ مَا سَبَقَ (كَ) قَوْلِهِ لِامْرَأَتِهِ (أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ) أَنْتِ عَلَيَّ كَ (بَطْنِ) أُمِّيّ (أَوْ) أَنْتِ عَلَيَّ (كَيَدِ) أُمِّي (أَوْ) أَنْتِ عَلَيَّ كَ (رَأْسِ أُمِّي أَوْ) أَنْتِ عَلَيَّ كَيَدِ (أُخْتِي أَوْ كَوَجْهِ حَمَاتِي وَنَحْوِهِ).
قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: الْأَحْمَاءُ فِي اللُّغَةِ أَقَارِبُ الزَّوْجِ وَالْأُخْتَانِ أَقَارِبُ الْمَرْأَةِ وَالْأَصْهَارُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَنَقَلَ ابْنُ فَارِسٍ أَنَّ الْأَحْمَاءَ كَالْأَصْهَارِ فَعَلَى هَذَا يُقَالُ هَذِهِ حَمْأَةُ زَيْدٍ وَحَمْأَةُ هِنْدٍ (أَوْ يَقُولُ ظَهْرَكِ) كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ بَطْنِهَا وَنَحْوِهِ (أَوْ) يَقُولُ (يَدَكِ أَوْ رَأَسَكِ أَوْ جِلْدَكُ أَوْ فَرْجَكِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَيَدِ أُخْتِي أَوْ عَمَّتِي أَوْ خَالَتِي مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ) فِي الْكُلِّ (وَإِنْ قَالَ) أَنْت أَوْ يَدُكِ وَنَحْوُهَا عَلَيَّ (كَشَعْرِ أُمِّي أَوْ كَسِنِّهَا أَوْ) كَ (ظُفْرِهَا) فَلَيْسَ بِظِهَارٍ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْأَعْضَاءِ الثَّابِتَةِ (أَوْ شَبَّهَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ) أَيْ الظُّفْرِ وَالشَّعْرِ وَالسِّنِّ وَنَحْوِهَا مِنْ امْرَأَتِهِ بِأُمِّهِ (أَوْ بِعُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا) بِأَنْ قَالَ شَعْرَ امْرَأَتِي أَوْ سِنَّهَا أَوْ ظُفْرَهَا عَلَيَّ كَأُمِّي أَوْ كَظَهْرِهَا (أَوْ قَالَ كَرُوحِ أُمِّي أَوْ عِرْقِهَا أَوْ رِيقِهَا أَوْ دَمْعِهَا أَوْ دَمِهَا) فَلَيْسَ بِظِهَارٍ لِمَا سَبَقَ.
(أَوْ قَالَ وَجْهِي مِنْ وَجْهَكِ حَرَامٌ فَلَيْسَ بِظِهَارٍ) بَلْ لَغْوٌ نَصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ كَثِيرًا فِي غَيْرِ الظِّهَارِ وَلَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ (وَإِنْ قَالَ أَنَا مُظَاهِرٌ) فَلَغْوٌ (أَوْ) قَالَ (عَلَيَّ الظِّهَارُ أَوْ عَلَيَّ الْحَرَامُ أَوْ الْحَرَامُ لِي لَازِمٌ فَلَغْوٌ) إلَّا مَعَ نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ (وَمَعَ نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ) تَدُلّ عَلَى الظِّهَارِ (ظِهَار) لِأَنَّهُ نَوَى الظِّهَارَ بِمَا يَحْتَمِلُ لَفْظَهُ فَكَانَ ظِهَارًا وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الْفُرُوعِ وَتَصْحِيحُهُ لَوْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ (وَكَذَا أَنَا عَلَيْكِ حَرَامٌ) يَكُونُ ظِهَارًا مَعَ نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ لِأَنَّ تَحْرِيمَ نَفْسِهِ عَلَيْهَا يَقْتَضِي تَحْرِيمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ (أَوْ) أَنَا عَلَيْكِ (كَظَهْرِ رَجُلٍ) يَكُونُ ظِهَارًا مَعَ نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ لِأَنَّ تَشْبِيهَ نَفْسِهِ بِغَيْرِهِ مِنْ الرِّجَالِ يَلْزَمُ مِنْهَا تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ كَمَا تَحْرُمُ عَلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ، فَيَكُونُ ظِهَارًا كَمَا لَوْ شَبَّهَهَا بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ نِيَّةً وَلَا قَرِينَةً فَلَغْوٌ.
(وَيُكْرَهُ أَنْ يُسَمَّى) أَيْ يُنَادِي (الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ لَهَا يَا أُخْتِي يَا ابْنَتِي وَنَحْوِهِ) لِمَا رُوِيَ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا أُخْتِي فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ أُخْتُكَ فَكَرِهَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ» لِأَنَّهُ لَفْظٌ يَشْبُهُ الظِّهَارَ (وَلَا يَثْبُتُ بِهِ حُكْمُ الظِّهَارِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي الظِّهَارِ وَ(مَا نَوَاهُ بِهِ) وَكَذَا نِدَاؤُهَا لَهُ يَا أَخَاهَا وَنَحْوَهُ (وَإِنْ قَالَ) لِامْرَأَتِهِ (أَنْتِ عِنْدِي) كَأُمِّي أَوْ مِثْلِ أُمِّي (أَوْ) قَالَ أَنْتِ مِنِّي كَأُمِّي أَوْ مِثْلِ أُمِّي (أَوْ) قَالَ (أَنْتِ عَلَيَّ كَأُمِّي كَانَ مُظَاهِرًا) لِأَنَّهُ شَبَّهَ امْرَأَتَهُ بِأُمِّهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ شَبَّهَهَا بِعُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا، وَسَوَاءٌ نَوَى بِهِ الظِّهَارَ أَوْ أَطْلَقَ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ اللَّفْظِ (وَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ كَأُمِّي فِي الْكَرَامَةِ قُبِلَ حُكْمًا) لِأَنَّهُ ادَّعَى بِلَفْظِهِ مَا يَحْتَمِلهُ فَقُبِلَ.
(وَ) إنْ قَالَ (أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي طَالِقٌ وَقَعَ الظِّهَارُ وَالطَّلَاقُ مَعًا) لِأَنَّهُ أَتَى بِصَرِيحِهِمَا وَسَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا (وَأَنْتِ طَالِقٌ كَظَهْرِ أُمِّي طَلُقَتْ) لِأَنَّهُ أَتَى بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ (وَلَمْ يَكُنْ ظِهَارًا) جَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ لِأَنَّهُ أَتَى بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ أَوَّلًا، وَجَعَلَ قَوْلَهُ كَظَهْرِ أُمِّي صِفَةً لَهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ نَوَى بِهِ تَأْكِيدَهُ (إلَّا أَنْ يَنْوِيهِ) أَيْ الظِّهَارَ، كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَجَعَلَهَا فِي الْمُنْتَهَى كَاَلَّتِي قَبْلَهَا (فَإِنْ نَوَاهُ) أَيْ الظِّهَارَ (وَكَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا فَكَالظِّهَارِ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةُ لِأَنَّهُ أَتَى بِهِ) أَيْ بِالظِّهَارِ (بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا بِالطَّلَاقِ وَإِنْ كَانَ) الطَّلَاقُ (رَجْعِيًّا كَانَ ظِهَارًا صَحِيحًا) لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ.
(وَ) قَوْلُهُ لِامْرَأَتِهِ (أَنْتِ أُمِّي أَوْ كَأُمِّي أَوْ مِثْلِ أُمِّي أَوْ) قَوْلُهُ (امْرَأَتِي أُمِّي لَيْسَ بِظِهَارٍ) لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ ظَاهِرٌ فِي الْكَرَامَة فَتَعَيَّنَ حَمْلُهُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ.
وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِيهِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ اللَّفْظِ الْمُسْتَعْمَلِ فِيهِ، كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ كَبِيرَةٌ مِثْلَ أُمِّي (إلَّا أَنْ يَنْوِيهِ) أَيْ الظِّهَارَ (أَوْ يُقْرِن بِهِ) أَيْ بِهَذَا اللَّفْظِ (مَا يَدُلُّ عَلَى إرَادَتِهِ) أَيْ الظِّهَارِ لِأَنَّ النِّيَّةَ تَعَيُّنُ اللَّفْظِ فِي الْمَنْوِيِّ وَالْقَرِينَةُ شَبِيهَةٌ بِهَا (وَإِنْ قَالَ أُمِّي امْرَأَتِي أَوْ) أُمِّي (مِثْلَ امْرَأَتِي لَمْ يَكُنْ مُظَاهِرًا) لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَصْلُحُ لِلظِّهَارِ.
(وَ) قَوْلُهُ لِامْرَأَتِهِ (أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِي أَوْ كَظَهْرِ غَيْرِهِ مِنْ الرِّجَالِ) الْأَقَارِبِ أَوْ الْأَجَانِبِ (أَوْ) قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ (كَظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ) كَظَهْرِ أُخْتِ زَوْجَتِي أَوْ عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا وَنَحْوِهِ ظِهَارٌ لِأَنَّهُ شَبَّهَهَا بِظَهْرِ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ أَشْبَهَ ظَهْرَ الْأُمِّ وَكَذَا إنْ شَبَّهَهَا بِالْمَيِّتَةِ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(وَ) لَوْ قَالَ (أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ الْبَهِيمَةِ) فَلَا ظِهَارَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُحِلًّا لِلِاسْتِمْتَاعِ (أَوْ) قَالَ (أَنْتِ حَرَامٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَا ظِهَارَ) وَكَذَا لَوْ قَدَّمَ الِاسْتِثْنَاءِ، كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِجَامِعِ أَنَّهَا يَمِينٌ مُكَفِّرَةٌ (وَأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ ظِهَارٌ وَلَوْ نَوَى طَلَاقًا) فَقَطْ أَوْ مَعَ ظِهَارٍ (أَوْ) نَوَى (يَمِينًا) لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ أَوْقَعه عَلَى الزَّوْجَةِ فَكَانَ ظِهَارًا كَتَشْبِيهِهَا بِظَهْرِ أُمِّهِ وَحَكَاهُ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ عَنْ عُثْمَانَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا (وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ) أَيْ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ (لَمُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ بِحَيْضِ أَوْ نَحْوِهِ) كَنِفَاسٍ أَوْ إحْرَامٍ (وَنَوَى الظِّهَارَ فَظِهَارٌ) لِأَنَّ اللَّفْظَ يَصْلُحُ لَهُ (وَإِنْ نَوَى أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ لِذَلِكَ) أَيْ لِلْحَيْضِ وَنَحْوِهِ (أَوْ أَطْلَقَ) فَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا (فَلَيْسَ بِظِهَارٍ) لِأَنَّهُ صَادِقٌ فِي تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ لِلْحَيْضِ وَنَحْوِهِ (وَإِنْ قَالَ الْحِلَّ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لِي) حَرَامٌ (أَوْ مَا أَنْقَلِبُ إلَيْهِ حَرَامٌ فَمُظَاهِر) لِتَنَاوُلِ ذَلِكَ لِتَحْرِيمِ الزَّوْجَةِ (وَإِنْ صَرَّحَ بِتَحْرِيمِ الْمَرْأَةِ أَوْ نَوَاهَا، كَقَوْلِهِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ مِنْ أَهْلٍ وَمَالٍ فَهُوَ آكَدُ وَتُجْزِيهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ لِتَحْرِيمِ الْمَرْأَةِ وَالْمَالِ) لِأَنَّهُ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ فَلَا يُوجِبُ كَفَّارَتَيْنِ وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ يَلْزَمُهُ كَفَّارَتَانِ لِلظِّهَارِ وَلِتَحْرِيمِ الْمَالِ لِأَنَّهُ لَوْ انْفَرَدَ أَوْجَبَ كَذَلِكَ فَكَذَا إذَا اجْتَمَعَا (وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي حَرَامٌ) ظِهَارٌ (أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي) ظِهَارٌ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِيهِ.

.(فَصْل): فيمن يَصِحُّ ظِهَارُه:

(وَيَصِحُّ الظِّهَارُ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ يَصِحُّ طَلَاقُهُ) فَكُلُّ زَوْجٍ صَحَّ طَلَاقُهُ صَحَّ ظِهَارُهُ لِأَنَّهُ قَوْلٌ يَخْتَصُّ النِّكَاحُ أَشْبَهَ الطَّلَاقَ (فَيَصِحُّ ظِهَارُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ) لِأَنَّهُ يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَقَالَ الْمُوَفَّقُ: الْأَقْوَى عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْ الصَّبِيِّ وَلَوْ مُمَيِّزًا (ظِهَارٌ وَلَا إيلَاءٌ) لِأَنَّهُ يَمِينٌ مُكَفِّرَةٌ فَلَمْ يَنْعَقِدْ فِي حَقِّهِ كَالْيَمِينِ، وَلِأَنَّ الْكَفَّارَةَ وَجَبَتْ لِمَا فِيهِ مِنْ قَوْلِ الْمُنْكَرِ وَالزُّورِ، وَذَلِكَ مَرْفُوعٌ عَنْ الصَّبِيِّ لِأَنَّ الْقَلَمَ مَرْفُوعٌ عَنْهُ.
(وَيَصِحُّ) الظِّهَارُ (مِنْ الذِّمِّيِّ) لِأَنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إذَا حَنِثَ فَوَجَبَ صِحَّةُ ظِهَارِهِ كَالْمُسْلِمِ وَ(كَجَزَاءِ صَيْدٍ وَيُكَفِّرُ بِغَيْرِ صَوْمٍ) إمَّا بِالْعِتْقِ إنْ قَدَرَ أَوْ الْإِطْعَامِ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يَصِحُّ مِنْهُ.
(وَيَصِحُّ) الظِّهَارُ (مِنْ السَّكْرَانِ بِنَاءً عَلَى) صِحَّةِ (طَلَاقِهِ وَ) يَصِحُّ (مِنْ الْعَبْدِ) كَالْحُرِّ (وَيَأْتِي حُكْمُ تَكْفِيرِهِ).
(وَيَصِحُّ) الظِّهَارُ (مِمَّنْ يُخْنَقُ فِي الْأَحْيَانِ فِي إفَاقَتِهِ كَطَلَاقِهِ) فِي إفَاقَتِهِ لِأَنَّهُ عَاقِلٌ.
(وَلَا يَصِحُّ ظِهَارُ الطِّفْلِ وَ) لَا ظِهَارُ (الْمُكْرَهِ وَ) لَا ظِهَارُ (الزَّائِلِ الْعَقْلِ بِجُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ نَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَشُرْبِ دَوَاءٍ أَوْ مُسْكِرٍ مُكْرَهًا لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِقَوْلِهِمْ.
(وَيَصِحُّ) الظِّهَارُ (مِنْ كُلِّ زَوْجَةٍ كَبِيرَةٍ كَانَتْ أَوْ صَغِيرَةٍ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ مُسْلِمَةٍ أَوْ ذِمِّيَّةٍ وَطْؤُهَا مُمْكِنٌ أَوْ غَيْرُ مُمْكِنٍ) لِعُمُومِ الْآيَةِ وَلِأَنَّهَا زَوْجَةٌ يَصِحُّ طَلَاقُهَا فَصَحَّ ظِهَارُهَا.
(فَإِذَا ظَاهَرَ) سَيِّدٌ مِنْ أَمَتِهِ (أَوْ) مِنْ (أُمّ وَلَدِهِ أَوْ قَالَ لَهَا) أَيْ لِأَمَتِهِ أَوْ لِأُمِّ وَلَدِهِ (أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) كَتَحْرِيمِ سَائِرِ مَالَهُ وَقَالَ نَافِعٌ «حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَارِيَتَهُ فَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُكَفِّرَ يَمِينَهُ».
(وَإِنْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ قَالَتْ إنْ تَزَوَّجْتُ فُلَانًا فَهُوَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِي فَلَيْسَ بِظِهَارٍ) لِلْآيَةِ، وَلِأَنَّهُ قَوْلٌ يُوجِبُ تَحْرِيمَ الزَّوْجَةِ يَمْلِكُ الزَّوْجُ رَفْعَهُ فَاخْتَصَّ بِهِ الرَّجُلُ كَالطَّلَاقِ (وَعَلَيْهَا كَفَّارَتُهُ) أَيْ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ لِأَنَّ عَائِشَةَ بِنْتَ طَلْحَةَ قَالَتْ إنْ تَزَوَّجْتُ مُصْعَبَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَهُوَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِي فَاسْتَفْتَتْ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَفْتَوْهَا أَنْ تُعْتِقَ رَقَبَةً وَتَتَزَوَّجهُ رَوَاهُ سَعِيدٌ وَالْأَثْرَمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَلِأَنَّهَا زَوْجٌ أَتَى بِالْمُنْكَرِ مِنْ الْقَوْلِ وَالزُّورِ كَالْآخَرِ، وَلِأَنَّ الظِّهَارَ يَمِينٌ مُكَفِّرَةٌ فَاسْتَوَى فِيهَا الْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ قَالَهُ أَحْمَدُ وَ(لَا تَجِبُ) الْكَفَّارَةُ (عَلَيْهَا حَتَّى يَطَأَهَا مُطَاوَعَةً) كَالرَّجُلِ، إذَا ظَاهَرَ مِنْهَا (وَيَجِبُ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ إخْرَاجِ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ عَلَيْهَا وَلَا يَسْقُطُ بِيَمِينِهَا بِاَللَّهِ.
(وَإِنْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ) قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ (إنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي يَطَأهَا إنْ تَزَوَّجَهَا حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ) لِأَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَهَا تَحَقَّقَ مَعْنَى الظِّهَارِ فِيهَا، وَحَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ امْتَنَعَ وَطْؤُهَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ وَعَلِمَ مِنْهُ صِحَّةَ الظِّهَارِ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ وَرَوَاهُ أَحْمَد عَنْ عُمَرَ لِأَنَّهَا يَمِينٌ مُكَفِّرَةٌ فَصَحَّ عَقْدُهَا قَبْلَ النِّكَاحِ كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَالْآيَةُ خَرَجَتْ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّلَاقِ أَنَّ الطَّلَاقَ حَلَّ قَيْدَ النِّكَاحِ وَلَا يُمْكِنُ حَلَّهُ قَبْلَ عَقْدِهِ وَالظِّهَارُ تَحْرِيمٌ لِلْوَطْءِ فَيَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْعَقْدِ كَالْحَيْضِ وَإِنَّمَا اخْتَصَّ حُكْمُ الْإِيلَاءِ بِنِسَائِهِ لِكَوْنِهِ يَقْصُدُ الْإِضْرَارَ بِهِنَّ، وَالْكَفَّارَةُ هُنَا وَجَبَتْ لِقَوْلِ الْمُنْكَرِ وَالزُّورِ فَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِنِسَائِهِ.
(وَكَذَا إنْ قَالَ كُلَّ النِّسَاءِ) عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (أَوْ) قَالَ (كُلَّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجهَا عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنْ تَزَوَّجَ نِسَاءً وَأَرَادَ الْعَوْدَ) أَيْ الْوَطْءَ (فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَسَوَاءٌ تَزَوَّجَهُنَّ فِي عَقْدٍ أَوْ عُقُودٍ) لِأَنَّهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ فَلَا تُوجِبُ أَكْثَرَ مِنْ كَفَّارَةٍ (فَإِنْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَوْ قَالَ أَرَدْتُ أَنَّهَا مِثْلهَا فِي التَّحْرِيمِ دِينَ لِأَنَّهُ أَدْرَى بِمَا أَرَادَهُ وَلَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ (فِي الْحُكْمِ) لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الظِّهَارِ (وَإِنْ قَالَ لَهَا) أَيْ لِأَجْنَبِيَّةٍ (أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَأَرَادَ فِي كُلَّ حَالٍ فَمُظَاهِرٌ) فَلَا يَطَؤُهَا إذَا تَزَوَّجَهَا حَتَّى يُكَفِّرَ لِأَنَّ لَفْظَةَ الْحَرَامِ صَرِيحٌ فِي الظِّهَارِ مِنْ الزَّوْجَةِ فَكَذَا الْأَجْنَبِيَّةُ (وَإِنْ أَرَادَ) أَنَّهَا حَرَامٌ (فِي تِلْكَ الْحَالِ) أَيْ حَالِ كَوْنِهَا أَجْنَبِيَّةَ (أَوْ أَطْلَقَ) فَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَلَا ظِهَارٌ لِأَنَّهُ صَادِقٌ.
(وَلَوْ ظَاهَرَ مِنْ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُكِ مَعَهَا أَوْ أَنْتِ مِثْلهَا فَصَرِيحٌ فِي حَقِّ الثَّانِيَةِ أَيْضًا) كَالطَّلَاقِ وَتَقَدَّمَ.
(وَيَصِحُّ الظِّهَارُ مُعَجَّلًا) أَيْ مُنْجِزًا كَمَا سَبَقَ (و) يَصِحُّ (مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ نَحْوَ) إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ إنْ شَاءَ زَيْدٌ (فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي شَاءَ زَيْدٌ أَوْ دَخَلْتِ الدَّارَ صَارَ مُظَاهِرًا) لِوُجُودِ شَرْطِهِ.
(وَ) يَصِحُّ (مُطْلَقًا وَمُؤَقَّتًا نَحْوَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي شَهْرًا أَوْ شَهْرَ رَمَضَانَ فَإِذَا مَضَى الْوَقْتُ زَالَ الظِّهَارُ وَحَلَّتْ بِلَا كَفَّارَةٍ وَلَا يَكُونُ عَائِدًا إلَّا بِالْوَطْءِ فِي الْمُدَّةِ) لِأَنَّ التَّحْرِيمَ صَادَفَ ذَلِكَ الزَّمَنَ دُون غَيْرِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَنْقَضِي بِانْقِضَائِهِ (وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ شَاءَ اللَّهُ) لَا يَنْعَقِدُ ظِهَارُهُ نَصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا يَمِينٌ مُكَفِّرَةٌ فَصَحَّ فِيهَا الِاسْتِثْنَاءُ كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ (أَوْ) قَالَ (مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ) لَا يَنْعَقِدُ ظِهَارُهُ (أَوْ) قَالَ (أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ إنْ شَاءَ) لَا يَنْعَقِدُ ظِهَارُهُ لِمَا تَقَدَّمَ (أَوْ قَالَ) أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَحْوه (إنْ شَاءَ اللَّه وَشَاءَ زَيْدٌ فَشَاءَ زَيْدٌ لَا يَنْعَقِدُ ظِهَارُهُ) لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى شَيْئَيْنِ فَلَا يَحْصُلُ بِأَحَدِهِمَا (وَأَنْتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ حَرَامٌ وَنَحْوُهُ) كَأَنْتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (لَا يَنْعَقِدُ ظِهَارُهُ) لِمَا مَرَّ.
(وَ) إنْ قَالَ (أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ وَاَللَّهِ لَأُوَكِّلَنَّكِ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَادَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَيْهِمَا) أَيْ لِلظِّهَارِ وَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِيهِمَا لِأَنَّ الْعَطْفَ يُصَيِّرُ الْجُمْلَتَيْنِ كَالْوَاحِدَةِ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ) عَوْدَهُ إلَى أَحَدِهِمَا فَيَخْتَصُّ بِهَا لِأَنَّ النِّيَّةَ مُخَصِّصَةٌ.

.فَصْلٌ: فِي حُكْمِ الظِّهَارِ:

(وَيَحْرُمُ عَلَى مُظَاهِرٍ وَمُظَاهَرٍ مِنْهَا الْوَطْءُ) قَبْلَ التَّكْفِيرِ لِلْآيَةِ، وَلِمَا رَوَى عِكْرِمَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إنِّي ظَاهَرْتُ مِنْ امْرَأَتِي فَوَقَعْتُ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ أُكَفِّرَ فَقَالَ مَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ؟ فَقَالَ: رَأَيْتُ خَلْخَالَهَا فِي ضَوْءِ الْقَمَرِ فَقَالَ: لَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تَفْعَلَ مَا أَمَرَكَ اللَّهُ بِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ الْمُرْسَلَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ.
(وَ) يَحْرُمُ أَيْضًا (الِاسْتِمْتَاعِ مِنْهَا بِمَا دُونَ الْفَرْجِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ) لِأَنَّ مَا حَرَّمَ الْوَطْءَ مِنْ الْقَوْلِ حَرَّمَ دَوَاعِيهِ كَالطَّلَاقِ وَالْإِحْرَامِ (وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمَا) أَيْ الْمُظَاهِرِ وَالْمُظَاهَرِ مِنْهَا (وَرِثَهُ الْآخَرُ وَإِنْ لَمْ يُكَفِّرْ) كَالْمُولِي مِنْهَا.
(وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ) أَيْ تَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ (بِالْعَوْدِ) وَهُوَ الْوَطْءُ فِي الْفَرْجِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاَلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} فَأَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ عَقِبَ الْعَوْدِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي تَعَلُّقهَا بِهِ.
(وَ) لَا تَجِبُ قَبْلَ (ذَلِكَ) إلَّا (أَنَّهَا شَرْطٌ لِحَلِّ الْوَطْءِ، فَيَأْمُرُ بِهَا مَنْ أَرَادَهُ لِيَسْتَحِلَّهُ بِهَا) كَمَا يُؤْمَرُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ مَنْ أَرَادَ حَلَّهَا، وَلِأَنَّ الْعَوْدَ فِي الْقَوْلِ هُوَ فِعْلٌ ضِدَّ مَا قَالَ كَمَا أَنَّ الْعَوْدَ فِي الْهِبَةِ اسْتِرْجَاعُ مَا وُهِبَ (وَتَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْوُجُوبِ تَعْجِيلٌ لَهَا قَبْلَ وُجُوبِهَا لِوُجُودِ سَبَبِهَا) وَهُوَ الظِّهَارُ (كَتَعْجِيلِ الزَّكَاةِ قَبْلَ الْحُلُولِ بَعْدَ كَمَالِ النِّصَابِ) وَكَتَقْدِيمِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بَعْدَ الْحَلِفِ وَقَبْلَ الْحِنْثِ.
(وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ طَلَّقَهَا) الْمُظَاهِرُ قَبْلَ الْوَطْءِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ عَزَمَ عَلَى الْوَطْءِ لِأَنَّهُ لَمْ يَعُدْ إلَى مَا قَالَ خِلَافًا لِأَبِي الْخَطَّابِ لِأَنَّ الْعَوْدَ عِنْدَهُ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ وِفَاقًا لِمَالِكِ وَأَنْكَرَهُ أَحْمَدُ (فَإِنْ عَادَ) الْمُظَاهِرُ بَعْد أَنْ طَلَّقَ الْمُظَاهَرَ مِنْهَا (فَتَزَوَّجَهَا لَمْ يَطَأْهَا حَتَّى يُكَفِّرَ) سَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا أَوْ لَا وَسَوَاءٌ رَجَعَتْ إلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ أَوْ لَا لِلْآيَةِ كَاَلَّتِي لَمْ يُطَلِّقهَا وَلِأَنَّ الظِّهَارَ يَمِينٌ، مُكَفِّرَةٌ فَلَمْ يَبْطُلْ حُكْمُهَا بِالطَّلَاقِ كَالْإِيلَاءِ (وَإِنْ وَطِئَ) الْمُظَاهِرُ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا (قَبْلَ التَّكْفِيرِ أَتَمَّ مُكَلَّفٌ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ عَصَى رَبَّهُ بِمُخَالَفَتِهِ أَمْرِهِ (وَاسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ) أَيْ ` الْمُظَاهِرِ (الْكَفَّارَةُ وَلَوْ مَجْنُونًا) نَصَّ عَلَيْهِ فَلَا تُسْقِطُهُ بَعْد ذَلِكَ كَالصَّلَاةِ إنَّمَا غَفَلَ عَنْهَا فِي وَقْتِهَا (وَتَحْرِيمُهَا) أَيْ الْمُظَاهَرَ مِنْهَا (بَاقٍ عَلَيْهِ حَتَّى يُكَفِّرَ) لِظِهَارِهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثِ السَّابِقِ «لَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تَفْعَلَ مَا أَمَرَكَ اللَّهُ بِهِ» (وَتُجْزِيهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ) لِحَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ وَلِأَنَّهُ وَجَدَ الظِّهَارَ وَالْعَوْدَ فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ الْآيَةِ.
(وَإِنْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ الْأَمَةِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا) انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَحُكْمُ الظِّهَارِ بَاقٍ وَ(لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى يُكَفِّرَ) لِلْآيَةِ وَلِأَنَّ الظِّهَارَ لَا يَسْقُطُ بِالطَّلَاقِ الْمُزِيلِ لِلْمِلْكِ وَالْحِلِّ فَبِمِلِكِ الْيَمِينِ أَوْلَى (فَإِنْ عَتَقَهَا عَنْ كَفَّارَتِهِ) أَيْ كَفَّارَةِ ظِهَارِهِ مِنْهَا (صَحَّ) الْعِتْقُ وَأَجْزَأَتْهُ حَيْثُ كَانَتْ مُسْلِمَةً سَلِيمَةً لِعُمُومِ الْآيَةِ (فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْد ذَلِكَ حَلَّتْ لَهُ) بِلَا كَفَّارَةٍ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ قَدْ تَقَدَّمَتْ (فَإِنْ عَتَقَهَا فِي غَيْرِ الْكَفَّارَةِ) عَنْ ظِهَارِهِ مِنْهَا بِأَنْ أَعْتَقَهَا تَبَرُّعًا أَوْ عَنْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةِ قَتْلٍ أَوْ ظِهَار مِنْ امْرَأَة لَهُ أُخْرَى (ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى يُكَفِّرَ) لِظِهَارِهِ مِنْهَا لِبَقَائِهِ كَمَا سَبَقَ.
(وَإِنْ تَكَرَّرَ الظِّهَارُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فِي مَجْلِسِ كَانَ أَوْ مَجَالِسَ نَوَى التَّأْكِيدَ وَالْإِفْهَامَ) أَوْ الِاسْتِئْنَافَ (أَوْ لَمْ يَنْوِ) بِأَنْ أَطْلَقَ لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْأَوَّلِ قَوْلٌ لَمْ يُؤْثِرْ تَحْرِيمَ الزَّوْجَةِ فَلَمْ يَجِبْ بِهِ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى (وَإِنْ ظَاهَرَ ثُمَّ كُفِّرَ ثُمَّ ظَاهَرَ فَكَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ) لِلظِّهَارِ الثَّانِي قَالَ فِي الْمُبْدِعِ بِغَيْرِ خِلَافٍ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ فِي الْمَحَلِّ تَحْرِيمًا أَشْبَهَ الْأَوَّل.
(وَإِنْ ظَاهَرَ مِنْ نِسَائِهِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ بِأَنْ قَالَ أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَ) عَلَيْهِ (كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ) بِغَيْرِ خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ وَرَوَاهُ الْأَثْرَمُ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَلِأَنَّهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ فَلَمْ يَجِبْ بِهَا بِأَكْثَرَ مِنْ كَفَّارَةٍ كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ (وَإِنْ كَانَ) الظِّهَارُ مِنْ نِسَائِهِ (بِكَلِمَاتٍ بِأَنْ قَالَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُنَّ (أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ) لِأَنَّهَا أَيْمَانٌ فِي مَحَالَّ مُخْتَلِفَةٍ أَشْبَهَ مَا لَوْ وُجِدَتْ فِي عُقُودٍ مُتَفَرِّقَةٍ بِخِلَافِ الْحَدِّ فَإِنَّهُ عُقُوبَةٌ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ.