فصل: باب الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **


*3*باب الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الصلاة على الخمرة‏)‏ تقدم الكلام عليها قريبا وأن ضبطها تقدم في أواخر الحيض، وكأنه أفردها بترجمة لكون شيخه أبي الوليد حدثه بالحديث مختصرا‏.‏

والله أعلم‏.‏

*3*باب الصَّلَاةِ عَلَى الْفِرَاشِ

وَصَلَّى أَنَسٌ عَلَى فِرَاشِهِ وَقَالَ أَنَسٌ كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَسْجُدُ أَحَدُنَا عَلَى ثَوْبِهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الصلاة على الفراش‏)‏ أي سواء كان ينام عليه مع امرأته أم لا، وكأنه يشير إلى الحديث الذي رواه أبو داود وغيره من طريق الأشعث عن محمد بن سيرين عن عبد الله بن شقيق عن عائشة قالت ‏"‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلي في لحفنا ‏"‏ وكأنه أيضا لم يثبت عنده، أو رآه شاذا مردودا، وقد بين أبو داود علته‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وصلى أنس‏)‏ وصله ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور كلاهما عن ابن المبارك عن حميد قال ‏"‏ كان أنس يصلي على فراشه‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال أنس‏:‏ كنا نصلي‏)‏ كذا للأكثر، وسقط ‏"‏ أنس ‏"‏ من رواية الأصيلي فأوهم أنه بقية من الذي قبله، وليس كذلك بل هو حديث آخر كما سيأتي موصولا في الباب الذي بعده بمعناه‏.‏

ورواه مسلم من الوجه المذكور وفيه اللفظ المعلق هنا وسياقه أتم، وأشار البخاري بالترجمة إلى ما أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح عن إبراهيم النخعي عن الأسود وأصحابه أنهم كانوا يكرهون أن يصلوا على الطنافس والفراء والمسوح‏.‏

وأخرج عن جمع من الصحابة والتابعين جواز ذلك‏.‏

وقال مالك‏:‏ لا أرى بأسا بالقيام عليها إذا كان يضع جبهته ويديه على الأرض‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِجْلَايَ فِي قِبْلَتِهِ فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي فَقَبَضْتُ رِجْلَيَّ فَإِذَا قَامَ بَسَطْتُهُمَا قَالَتْ وَالْبُيُوتُ يَوْمَئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إسماعيل‏)‏ هو ابن أبي أويس، والإسناد كله مدنيون‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته‏)‏ أي في مكان سجوده، ويتبين ذلك من الرواية التي بعد هذه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقبضت رجلي‏)‏ كذا بالتثنية للأكثر، وكذا في قولها ‏"‏ بسطتهما ‏"‏ وللمستملي والحموي ‏"‏ رجلي ‏"‏ بالإفراد، وكذا ‏"‏ بسطتها ‏"‏ وقد استدل بقولها ‏"‏ غمزني ‏"‏ على أن لمس المرأة لا ينقض الوضوء، وتعقب باحتمال الحائل، أو بالخصوصية، وعلى أن المرأة لا تقطع الصلاة، وسيأتي مع بقية مباحثه في أبواب السترة إن شاء الله تعالى‏.‏

وقولها ‏"‏ والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح ‏"‏ كأنها أرادت به الاعتذار عن نومها على تلك الصفة، قال ابن بطال‏:‏ وفيه إشعار بأنهم صاروا بعد ذلك يستصبحون‏.‏

ومناسبة هذا الحديث للترجمة من قولها ‏"‏ كنت أنام ‏"‏ وقد صرحت في الحديث الذي يليه بأن ذلك كان على فراش أهله‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي وَهِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ عَلَى فِرَاشِ أَهْلِهِ اعْتِرَاضَ الْجَنَازَةِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏اعتراض الجنازة‏)‏ منصوب بأنه مفعول مطلق بعامل مقدر أي معترضة اعتراضا كاعتراض الجنازة والمراد أنها تكون نائمة بين يديه من جهة يمينه إلى جهة شماله كما تكون الجنازة بين يدي المصلى عليها‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ عَنْ عِرَاكٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي وَعَائِشَةُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ عَلَى الْفِرَاشِ الَّذِي يَنَامَانِ عَلَيْهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن يزيد‏)‏ هو ابن أبي حبيب، وعراك هو ابن مالك، وعروة هو ابن الزبير، والثلاثة من التابعين، وصورة سياقه بهذا الإرسال، لكنه محمول على أنه سمع ذلك من عائشة بدليل الرواية التي قبلها‏.‏

والنكتة في إيراده أن فيه تقييد الفراش بكونه الذي ينامان عليه كما تقدمت الإشارة إليه أول الباب، بخلاف الرواية التي قبلها فإن قولها ‏"‏ فراش أهله ‏"‏ أعم من أن يكون هو الذي نام عليه أو غيره، وفيه أن الصلاة إلى النائم لا تكره؛ وقد وردت أحاديث ضعيفة في النهي عن ذلك، وهي محمولة - إن ثبتت - على ما إذا حصل شغل الفكر به‏.‏

*3*باب السُّجُودِ عَلَى الثَّوْبِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ

وَقَالَ الْحَسَنُ كَانَ الْقَوْمُ يَسْجُدُونَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَيَدَاهُ فِي كُمِّهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب السجود على الثوب في شدة الحر‏)‏ التقييد بشدة الحر للمحافظة على لفظ الحديث، وإلا فهو في البرد كذلك، بل القائل بالجواز لا يقيده بالحاجة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال الحسن‏:‏ كان القوم‏)‏ أي الصحابة كما سيأتي بيانه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والقلنسوة‏)‏ بفتح القاف واللام وسكون النون وضم المهملة وفتح الواو، وقد تبدل ياء مثناة من تحت، وقد تبدل ألفا وتفتح السين فيقال قلنساة، وقد تحذف النون من هذه بعدها هاء تأنيث‏:‏ غشاء مبطن يستر به الرأس قاله القزاز في شرح الفصيح‏.‏

وقال ابن هشام‏:‏ هي التي يقال لها العمامة الشاشية، وفي المحكم‏:‏ هي من ملابس الرأس معروفة‏.‏

وقال أبو هلال العسكري‏:‏ هي التي تغطى بها العمائم وتستر من الشمس والمطر، كأنها عنده رأس البرنس‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ويداه‏)‏ أي يد كل واحد منهم، وكأنه أراد بتغيير الأسلوب بيان أن كل واحد منهم ما كان يجمع بين السجود على العمامة والقلنسوة معا، لكن في كل حالة كان يسجد ويداه في كمه‏.‏

ووقع في رواية الكشميهني ‏"‏ ويديه في كمه ‏"‏ وهو منصوب بفعل مقدر، أي ويجعل يديه‏.‏

وهذا الأثر وصله عبد الرزاق عن هشام بن حسان عن الحسن ‏"‏ أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يسجدون وأيديهم في ثيابهم، ويسجد الرجل منهم على قلنسوته وعمامته ‏"‏ وهكذا رواه ابن أبي شيبة من طريق هشام‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ حَدَّثَنِي غَالِبٌ الْقَطَّانُ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَضَعُ أَحَدُنَا طَرَفَ الثَّوْبِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فِي مَكَانِ السُّجُودِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا غالب القطان‏)‏ ، وللأكثر ‏"‏ حدثني ‏"‏ بالإفراد، والإسناد كله بصريون‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏طرف الثوب‏)‏ ولمسلم بسط ثوبه ‏[‏وكذا‏]‏ للمصنف في أبواب العمل في الصلاة، وله من طريق خالد بن عبد الرحمن عن غالب ‏"‏ سجدنا على ثيابنا اتقاء الحر ‏"‏ والثوب في الأصل يطلق على غير المخيط‏.‏

وقد يطلق على المخيط مجازا‏.‏

وفي الحديث جواز استعمال الثياب وكذا غيرها في الحيلولة بين المصلي وبين الأرض لاتقاء حرها وكذا بردها‏.‏

وفيه إشارة إلى أن مباشرة الأرض عند السجود هو الأصلي لأنه علق بسط الثوب بعدم الاستطاعة‏.‏

واستدل به على إجازة السجود على الثوب المتصل بالمصلي، قال النووي‏:‏ وبه قال أبو حنيفة والجمهور، وحمله الشافعي على الثوب المنفصل‏.‏

انتهى‏.‏

وأيد البيهقي هذا الحمل بما رواه الإسماعيلي من هذا الوجه بلفظ ‏"‏ فيأخذ أحدنا الحصى في يده فإذا برد وضعه وسجد عليه ‏"‏ قال‏:‏ فلو جاز السجود على شيء متصل به لما احتاجوا إلى تبريد الحصى مع طول الأمر فيه‏.‏

وتعقب باحتمال أن يكون الذي كان يبرد الحصى لم يكن في ثوبه فضلة يسجد عليها مع بقاء سترته له‏.‏

وقال ابن دقيق العيد‏:‏ يحتاج من استدل به على الجواز إلى أمرين‏:‏ أحدهما أن لفظ ‏"‏ ثوبه ‏"‏ دال على المتصل به، إما من حيث اللفظ وهو تعقيب السجود بالبسط يعني كما في رواية مسلم، وإما من خارج اللفظ وهو قلة الثياب عندهم‏.‏

وعلى تقدير أن يكون كذلك - وهو الأمر الثاني - يحتاج إلى ثبوت كونه متناولا لمحل النزاع، وهو أن يكون مما يتحرك بحركة المصلي، وليس في الحديث ما يدل عليه‏.‏

والله أعلم‏.‏

وفيه جواز العمل القليل في الصلاة، ومراعاة الخشوع فيها، لأن الظاهر أن صنيعهم ذلك لإزالة التشويش العارض من حرارة الأرض‏.‏

وفيه تقديم الظهر في أول الوقت، وظاهر الأحاديث الوارد في الأمر بالإبراد كما سيأتي في المواقيت يعارضه، فمن قال الإبراد رخصة فلا إشكال، ومن قال سنة فإما أن يقول التقديم المذكور رخصة، وإما أن يقول منسوخ بالأمر بالإبراد‏.‏

وأحسن منهما أن يقال‏:‏ إن شدة الحر قد توجد مع الإبراد فيحتاج إلى السجود على الثوب أو إلى تبريد الحصى لأنه قد يستمر حره بعد الإبراد، وتكون فائدة الإبراد وجود ظل يمشي فيه إلى المسجد أو يصلي فيه في المسجد، أشار إلى هذا الجمع القرطبي ثم ابن دقيق العيد، وهو أولى من دعوى تعارض الحديثين‏.‏

وفيه أن قول الصحابي ‏"‏ كنا نفعل كذا ‏"‏ من قبيل المرفوع لاتفاق الشيخين على تخريج هذا الحديث في صحيحيهما بل ومعظم المصنفين، لكن قد يقال إن في هذا زيادة على مجرد الصيغة لكونه في الصلاة خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان يرى فيها من خلفه كما يرى من أمامه فيكون تقريره فيه مأخوذا من هذه الطريق لا من مجرد صيغة ‏"‏ كنا نفعل‏"‏

*3*باب الصَّلَاةِ فِي النِّعَالِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الصلاة في النعال‏)‏ بكسر النون جمع نعل، وهي معروفة‏.‏

ومناسبته لما قبله من جهة جواز تغطية بعض أعضاء السجود‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مَسْلَمَةَ سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ الْأَزْدِيُّ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ قَالَ نَعَمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏يصلي في نعليه‏)‏ قال ابن بطال‏:‏ هو محمول على ما إذا لم يكن فيهما نجاسة، ثم هي من الرخص كما قال ابن دقيق العيد لا من المستحبات، لأن ذلك لا يدخل في المعنى المطلوب من الصلاة، وهو وإن كان من ملابس الزينة إلا أن ملامسته الأرض التي تكثر فيها النجاسات قد تقصر عن هذه الرتبة، وإذا تعارضت مراعاة مصلحة التحسين ومراعاة إزالة النجاسة قدمت الثانية لأنها من باب دفع المفاسد، والأخرى من باب جلب المصالح‏.‏

قال‏:‏ إلا أن يرد دليل بإلحاقة بما يتجمل به فيرجع إليه ويترك هذا النظر‏.‏

قلت‏:‏ قد روى أبو داود والحاكم من حديث شداد بن أوس مرفوعا ‏"‏ خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم ‏"‏ فيكون استحباب ذلك من جهة قصد المخالفة المذكورة‏.‏

وورد في كون الصلاة في النعال من الزينة المأمور بأخذها في الآية حديث ضعيف جدا أورده ابن عدي في الكامل وابن مردوية في تفسيره من حديث أبي هريرة والعقيلي من حديث أنس‏.‏

*3*باب الصَّلَاةِ فِي الْخِفَافِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الصلاة في الخفاف‏)‏ يحتمل أنه أراد الإشارة بإيراد هذه الترجمة هنا إلى حديث شداد ابن أوس المذكور لجمعه بين الأمرين‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْأَعْمَشِ قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ يُحَدِّثُ عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ رَأَيْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى فَسُئِلَ فَقَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ مِثْلَ هَذَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَكَانَ يُعْجِبُهُمْ لِأَنَّ جَرِيرًا كَانَ مِنْ آخِرِ مَنْ أَسْلَمَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏سمعت إبراهيم‏)‏ هو النخعي، وفي الإسناد ثلاثة من التابعين كوفيون إبراهيم وشيخه والراوي عنه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم قام فصلى‏)‏ ، ظاهر في أنه صلى في خفيه لأنه لو نزعهما بعد المسح لوجب غسل رجليه، ولو غسلهما لنقل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فسئل‏)‏ ، وللطبراني من طريق جعفر بن الحارث عن الأعمش أن السائل له عن ذلك هو همام المذكور، وله من طريق زائدة عن الأعمش ‏"‏ فعاب عليه ذلك رجل من القوم‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال إبراهيم فكان يعجبهم‏)‏ زاد مسلم من طريق أبي معاوية عن الأعمش ‏"‏ كان يعجبهم هذا الحديث ‏"‏ ومن طريق عيسى بن يونس عنه ‏"‏ فكان أصحاب عبد الله بن مسعود يعجبهم‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من آخر من أسلم‏)‏ ولمسلم ‏"‏ لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة ‏"‏ ولأبي داود من طريق أبي زرعة بن عمرو بن جرير في هذه القصة ‏"‏ قالوا إنما كان ذلك - أي مسح النبي صلى الله عليه وسلم على الخفين - قبل نزول المائدة، فقال جرير‏:‏ ما أسلمت إلا بعد نزول المائدة ‏"‏ وعند الطبراني من رواية محمد ابن سيرين عن جرير ‏"‏ إن ذلك كان في حجة الوداع ‏"‏ وروى الترمذي من طريق شهر بن حوشب قال‏:‏ رأيت جرير بن عبد الله فذكر نحو حديث الباب، قال ‏"‏ فقلت له أقبل المائدة أم بعدها‏؟‏ قال‏:‏ ما أسلمت إلا بعد المائدة ‏"‏ قال الترمذي هذا حديث مفسر، لأن بعض من أنكر المسح على الخفين تأول أن مسح النبي صلى الله عليه وسلم كان قبل نزول آية الوضوء التي في المائدة فيكون منسوخا، فذكر جرير في حديثه أنه رأه يمسح بعد نزول المائدة، فكان أصحاب ابن مسعود يعجبهم حديث جرير لأن فيه ردا على أصحاب التأويل المذكور‏.‏

وذكر بعض المحققين أن إحدى القراءتين في آية الوضوء - وهي قراءة الخفض - دالة على المسح على الخفين، وقد تقدمت سائر مباحثه في كتاب الوضوء‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ وَضَّأْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَصَلَّى

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إسحاق بن نصر‏)‏ هو إسحاق بن إبراهيم بن نصر، نسب إلى جده، والإسناد كله كوفيون غيره‏.‏

وفيه أيضا ثلاثة من التابعين‏:‏ الأعمش وشيخه مسلم وهو أبو الضحى ومسروق، وتردد الكرماني في أن مسلما هل هو أبو الضحى أو البطين قصور، فقد جزم الحفاظ بأنه أبو الضحى، وقد تقدم الكلام على فوائد حديث المغيرة حيث أورده المصنف تاما في كتاب الوضوء‏.‏

*3*باب إِذَا لَمْ يُتِمَّ السُّجُودَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا لم يتم للسجود‏)‏ كذا وقع عند أكثر الرواة هذه الترجمة وحديث حذيفة فيها والترجمة التي بعدها وحديث ابن بحينة فيها موصولا ومعلقا، ووقعتا عند الأصيلي قبل ‏"‏ باب الصلاة في النعال ‏"‏ ولم يقع عند المستملي شيء من ذلك وهو الصواب، لأن جميع ذلك سيأتي في مكانه اللائق به، وهو أبواب صفة الصلاة‏.‏

ولولا أنه ليس من عادة المصنف إعادة الترجمة وحديثها معا لكان يمكن أن يقال مناسبة الترجمة الأولى لأبواب ستر العورة الإشارة إلى أن من ترك شرطا لا تصح صلاته كمن ترك ركنا‏.‏

ومناسبة الترجمة الثانية الإشارة إلى أن المجافاة في السجود لا تستلزم عدم ستر العورة فلا تكون مبطلة للصلاة، وفي الجملة إعادة هاتين الترجمتين هنا وفي أبواب السجود الحمل فيه عندي على النساخ بدليل سلامة رواية المستملي من ذلك وهو أحفظهم‏.‏

*3*باب يُبْدِي ضَبْعَيْهِ وَيُجَافِي فِي السُّجُودِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب يبدي ضبعيه الخ‏)‏ تقدم القول فيه قبل كما ترى‏.‏

‏(‏خاتمة‏)‏ اشتملت أبواب ستر العورة وما قبلها من ذكر ابتداء فرض الصلاة من الأحاديث المرفوعة على تسعة وثلاثين حديثا، فإن أضفت إليها حديثي الترجمتين المذكورتين صارت أحدا وأربعين حديثا، المكرر منها فيها وفيما تقدم خمسة عشر حديثا، وفيها من المعلقات أربعة عشر حديثا، وإن أضفت إليها المعلق في الترجمة الثانية صارت خمسة عشر حديثا، عشرة منها أو أحد عشر مكررة، وأربعة لا توجد فيه إلا معلقة وهي حديث سلمة بن الأكوع يزره ولو بشوكة، وأحاديث ابن عباس وجرهد وابن جحش في الفخذ، وافقه مسلم على جميعها سوى هذه الأربعة وسوى حديث أنس في قرام لعائشة وحديث عكرمة عن أبي هريرة في الأمر بمخالفة طرفي الثوب، وفيه من الآثار الموقوفة أحد عشر أثرا كلها معلقة إلا أثر عمر ‏"‏ إذا وسـع الله عليكم فوسعوا على أنفسكم ‏"‏ فإنه موصول‏.‏