فصل: معرفة أفضل البلاد المعمورة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: صفة جزيرة العرب (نسخة منقحة)




.معرفة أفضل البلاد المعمورة:

بسم الله الرحمن الرحيم
أفضل البلاد المعمورة من شق الأرض الشمالي إلى الجزيرة الكبرى، وهي الجزيرة التي يسميها بطليموس ما روي تقطع على أربعة أقاليم، من عمران الشمال إلى الخامس، فجنوبيها: اليمن، وشماليها: الشأم، وغربيها: شرم أيلة وما طردته من السواحل إلى الُقلزم وفسطاط مصر، وشرقيها: عُمان والبحرين وكاظمة والبصرة، وموسطها: الحجاز وأرض نجد والعروض، وتسمى جزيرة العرب، لأن اللسان العربي في كلها شائع وأن تفاضل ومبتدأ عرضها- على ما يقول الحسَّاب- على ساحل عدن اثنتا عشرة درجة، وظل رأس الحمل في هذه المواضع: إصبعان ونصف عشر الإصبع وما يشرع منها بالشام على عرض اثنين وثلاثين جزءاً وسبع أصابع ونصف من الظل: بيت المقدس؛ وما يشرع منها على عرض ثلاثة وثلاثين جزءاً وثماني أصابع إلا خمساً من الظل: الرَّملة من فلسطين وسلميَّة وبعلبك- معربة باعل بك- وقيساريَّة وصيداء والأنبار وبغداد من ناحية العراق، وما يشرع منها على عرض أربع وثلاثين وثماني أصابع وعشر من الظل: حمص وعانات وصور وسرَّ من رآى من ناحية بابل، وما يشرع على عرض خمس وثلاثين وثماني أصابع وخمسين من الظل: منبج وحلب وأذنة وأنطاكية وقنِّسرين وما يصالى المشرق بابل بخت نصرَّ. وأما أول أطوالها ومن المشرق، فعلى البصرة وما أخذ أخذها جنوباً، وهو مئة درجة وسبع درجات، تطلع عليها الشمس بعد طلوعها على خط الاستواء الطولي، وهو دائرة نصف نهار القبة بساعة مستوية وثُلثي خمس ساعة، وآخر أطوالها على عرض مدينة.... وما أخذ أخذها إلى الجنوب من غير هذه الجزيرة 119 درجة، تطلع عليها الشمس بعد مطلعها على موضع الاستواء بساعتين مستويتين غير ثلث خمس ساعة، وبعد طلوعها على البصرة بأربعة أخماس ساعة وهو مقدار اثنتي عشرة درجة مستقيمة، فإذا ضربنا هذه الدرج في أميال الدرجة- وهي ستة وستون ميلاً وثُلثا ميل- خرج لنا ثمانمئة ميل، فإذا قسمناها على أميال المرحلة للمجدّ في السير، خرج لنا أربعون مرحلة، وإن أردنا أن نعرف طولها، نقصنا عرض عدن وهو اثنتا عشرة درجة، من عرض خمس وثلاثين، وتركنا ما دخل من هذه الجزيرة إلى مثل طرسوس والمصيَّصة وما عرضه ست وثلاثون وسبع وثلاثون درجة، بقي لنا من الدرج ما إذا ضربناه في أميال الدرجة خرج لنا من الأميال ألف وخمسمئة وثلاثة وثلاثون ميلاً، فإذا قسمناها على أميال المرحلة للمجد في السير، خرج لنا ست وسبعون وثلثان، وهذا طول هذه الجزيرة وعرضها القراري من أسفلها، فأما عرضها من أعلاها، فهو بناحية عدن أبين قليل، ثم يزداد فيها السعة أكثر، من ناحية المشرق إلى حضرموت فبلد مهرة فعُمان، ويميل البحر حيث ما دخل في تهامة الشيء بعد الشيء إلى المغرب حتى يكون مميلها من سواحل الحجاز إلى القُلزم نحو المغرب أكثر، فصارت هذه الجزيرة تقطع على أشرف الأقاليم في موسطها، وصار فيها ما تسامتها الشمس والكواكب الجارية مرتين في الثور والأسد، وفي الجوزاء والسرطان، وهي أقرب العمران من خط الاستواء وهي تحت برج من بروج البأس، وبها البيت الحرام، والبيت الذي جعله الله مثابة للناس، وأمنا، ومقام إبراهيم عليه السلام، وأم القرى، ومخرج النبوة، ومعدن الرسالة، ومتبوأ إبراهيم، منشأ إسماعيل، ومولد محمد صلى الله تعالى عليهم أجمعين، ومقطن آل الله، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعتَّاب بن أسيد: «إني مستخلفك على آل الله» وإليها كان يسير آدم، وبها كان قطونه، وبها أرض يثرب مُهاجر النبي عليه السلام، وحرمه، ومركز الإسلام، ومقام الإمامة، وقطب الخلافة، ودار العز، ومحل الإمرة، وبها الوادي المقدس طوى، وطور سينا، ومسجد إيلياء، وآثار الأنبياء، ومنابت الأتقياء، ومحافد الأصفياء، وعرصة المحشر وجبال الرحمة، ومتعلّق السِّياحة، والعبادة والسراة، القاطعة من أعلى اليمن إلى أسفل الشأم، وبها بقاع الفصاحة والصباحة واعتدال المزاج وحسن الألوان، لا الصهبة ولا الزرقة، ومتوسط النبات في الشَّعر، لا القطط، ولا السَّبط، واسوداد الأحداق، واحورار المقل، مع الحميّة والأريحيّة والسخاء والكرم والجود بما تشح به الأنفس، والصبر بساعة البأس، وبها أفرس من ركب الخيل فهم لها حزم وحلاس، وأحسن من امتطى الإبل فهم لها أرباب وأقباس، وأوفى من تقلد ذمة، وأبرع من نطق بحكمة، وبها من يعد المئة بين حجة وعمرة، ومن يزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم قاصداً غير متطَّرق وبها المسجد المؤسس على التقوى، وبها الممالك القديمة، والآثار العظيمة، مثل ناعط وغمدان، وهكروريدان، وبينون وغيمان، وبرك الغماد، وإرم ذات العماد، وجميع ما اشتمل عليه الكتاب الثامن من الإكليل. ه وسلم قاصداً غير متطَّرق وبها المسجد المؤسس على التقوى، وبها الممالك القديمة، والآثار العظيمة، مثل ناعط وغمدان، وهكروريدان، وبينون وغيمان، وبرك الغماد، وإرم ذات العماد، وجميع ما اشتمل عليه الكتاب الثامن من الإكليل.

.معرفة وضع هذه الجزيرة في المعمور من الأرض وموضعها منه:

اعلم أن الأرض ليست بمنسطحة، ولا ببساط مستوي الوسط والأطراف، ولكنها مقببة، وذلك التقبيب لا يبين مع السعة، إنما يبين تقبيبها بقياساتها إلى أجزاء الفلك، فيقطع منها أفق كل قوم على خلاف ما يقطع عليه أفق الآخرين طولاً وعرضاً في جميع العمران، ولذلك يظهر على أهل الجنوب كواكب لا يراها أهل الشمال، ويظهر على أهل الشمال ما لا يراه أهل الجنوب ويكون عند هؤلاء نجوم أبدية الظهور والمسير حول القطب، وهي عند أولئك تظهر وتغيب، وسأضع لك في ذلك مقياساً بيناً للعامة، من ذلك أن ارتفاع سهيل بصنعاء وما سامتها إذا حلق، زيادة على عشرين درجة، وارتفاعه بالحجاز قرب العشر، وهو بالعراق لا يُرى إلا على خط الأفق، ولا يرى بأرض الشمال، وهناك لا تغيب بنات نعش، وهي تغيب على المواضع التي يرى فيها سهيل، فهذه شهادة العرض. وأما شهادة الطول فتفاوت أوقات بدء الكسوفات ووسطها وانجلائها على خط فيما بين المشرق والمغرب، فمن كان بلده أقرب إلى المشرق كانت ساعات هذه الأوقات من أول الليل والنهار أكثر؛ ومن كان بلده أقرب إلى المغرب كانت ساعات هذه الأوقات من آخر الليل وآخر النهار منكوساً إلى أولهما أكثر، فذلك دليل على تدوير موضع المساكن والأرض، وأن دوائر الأفق متخالفة في جميع بقاع العامر، ولو كان سطح الأرض صفيحة، لكان منظر سهيل وبنات نعش واحداً.
واعلم أن العامر من الأرض ليس هو منها الكل؛ ومن الدليل على ذلك: أن الشمس في يومي الاستواء لا تسامت أحداً من سكان الأرض إلا من كان منهم على خط الاستواء، وهو منطقة الأرض الوسطى، وهم أول سكان العامرة من جنوبيِّ الصين وجنوبيّ الهند وبلد الزنج والدِّيبجات، ثم تميل إلى نحو الشمال في شهور الربيع، إلى أن توافي رأس السرطان في منتهى طول النهار ولا تسامت إلا ما بين خط الاستواء، والبلد الذي عرضه أربعة وعشرون جزءاً، من الحجاز والعروض وما سامت ذلك شرقاً وغرباً، ومن دخل عن هذا الخط في الشمال فإنه لا يسامتهم من الكواكب الجارية كوكب إلا أن يكون أقصى عرضه في الشمال، يوافق أن يكون في رأس السرطان في أقصى عرضها، فتبعد مسامتتها عن رأس الحمل اثنتين وثلاثين درجة، فتسامت من كان عرض بلده هذا المقدار؛ فبان لك أن العمران من نصف الأرض إلى جانبها الشمالي، ولما كانت مدورة كان العمران على هذه الصورة: أول هذا العمران من خط الاستواء الذي لا عرض له إلى منقطع الإقليم السابع حتى يكون العرض وهو ارتفاع القطب خمسين جزءاً ونصف، وهذا حد مساكن الأمم المعروفة، وقد يخرج عن ذلك ما يكاد أن يسكن وينتجع إليه في الصيف أقاصي الخزر وأقاصي الترك والتَّغزغز والبرغر مما يصالي الروم وما وراء ذلك، فإن نهاره يقصر ويتلاشى حتى يصير الليل عليه أغلب، هو الموضع الذي يسمى الظلمات، وكانت ملوك العرب تنافس في دخولها لأجل السمعة وبعد الصوت لا أن ثم غنيمةً ولا جوهراً مما ترويه العامة، وفي بعض تلك المواضع هلك تبَّع الأقرن.
وأما ما خلف خط الاستواء إلى الجنوب، فإن طباعه تكون على طباع شق الشمال سواء في جميع أحواله إلا قدر ما ذكرنا في كتاب سرائر الحكمة من اختلاف حالي الشمس في رأس أوجها ونقطة حضيضها، وقد ذكر هرمس أن فيه أقاليم كمثل هذه، الذي يحجر الناس عن بلوغه انفهاق البحر الأعظم دونه، وشدة الخب فيه، وسلطان الريح، وعظم الموج، وبعد المتناول، وقد يكاد أن يتعذر المركب في خلجه التي منها بحر الزنج وبحر المشرق، فكيف به وأكثر ما يمتنع به في الأوقات المسعفة، البعد والسعة، فأما بحر المغرب المظلم فإنما امتنع عن العابرين عليه لدخوله في الشمال، وبعده عن مدار الكواكب، فغلظ ماؤه، وتكاثفت الأرواح عليه لعدم مسامتته الشمس، وما سامتته الشمس من البحار فقد تلطفه وتنفي عنه كثيراً من غلظ الأرواح، ويظهر فيه مرامي العنبر ومنابت الصدف وغير ذلك.

.معرفة قسمة الأقاليم لهرمس الحكيم:

الأول: الهند، والثاني: الحجاز واليمن، والثالث: أرض مصر، والرابع: أرض بابل، والخامس: أرض الروم، والسادس: ياجوج وماجوج، والسابع: أرض الصين، وجعل الإقليم الرابع وسطاً، وجعل الستة الباقية مطيفة به حتى يتلقى الأول بالسابع عليه، وجعلها قسمة مستوية يدخل في كل بلد من هذه المشهورة ما صاقبه ودخل في حيزه.
حدود هذا الإقليم الرابع وهو بابل: الحد الأول: الثَّعلبيَّة من أرض العرب، والحد الثاني: شط نهر بلخ، والحد الثالث: نصيبين، والحد الرابع: الدَّيبل وهو حد الإقليم السابع، الثاني: حده البحر مما يلي عُمان إلى جدَّة على ما دار به من اليمن إلى أرض الزنج والحبش، إلى الثَّعلبية، والأقليم الثالث: حده منتهى أرض الحبشة مما يلي أرض الحجاز؛ إلى نصيبين، إلى أقصى الشأم إلى البحر الذي بين أرض مصر وبين الشأم. إلى وسط البحر الذي يلي الأندلس مما يلي المغرب، وحد الأقليم الخامس: بحر الشأم إلى أقصى الروم مما يلي البحر، إلى أرض الخزر وياجوج وماجوج، إلى حد الإقليم الرابع، وحد الإقليم السادس: أرض الصين إلى نهر بلخ، إلى بحر الشأم الذي يلي المشرق، وحد الإقليم السابع: من الهند إلى حد الإقليم الرابع، إلى حد الإقليم السادس؛ وجعل كل إقليم من هذه بتقدير سبعمئة فرسخ في سبعمئة، وقد تخالف الناس في مقاديره.

.معرفة قسمة الأقاليم لبطليموس:

وأما بطليموس وقدماء اليونانيين فإنهم رأوا ن طباع الأقاليم وجبلّتها لا تكون إلا طرائق من المشرق إلى المغرب متجاورة بعضها إلى بعض، من خط الاستواء إلى حيث يقع القطب الشمالي خمسين درجة، وهو ضِعْف الميْل وزيادة جزئين وكسر، وقد حدَّ في قانونه عرض كل إقليم منها وساعات نهاره الأطول على وسطه دون طرفيه بقول من نقل عنه؛ فجعل وسط الإقليم الأول: مدينة سبأ بمأرب من أرض اليمن، وجعل العرض: ستة عشر جزءاً وربعاً وخمساً، وساعات نهاره الأطول: ثلاث عشرة سواء، وعرض الإقليم الثاني: منتهى الميل، وهو ثلاثة وعشرون جزءاً وخمسة أسداس، وساعات نهاره الأطول: ثلاث عشرة ونصف، والثالث: إقليم إسكندرية وعرضه ثلاثون جزءاً وسدس وخمس جزء، وساعاته: أربع عشرة، والرابع: إقليم بابل، وعرضه: ستة وثلاثون جزءاً وعشر، وساعات نهاره الأطول: أربع عشرة ونصف، والإقليم الخامس: عرضه أربعون جزءاً وتسعة أعشار وثلث عشر ساعة، وساعاته: خمس عشرة ساعة، والإقليم السادس: عرضه خمسة وأربعون جزءاً ونصف وسدس عشر، وساعات نهاره الأطول: خمس عشرة ساعة ونصف. والإقليم السابع: عرضه ثمانية وأربعون جزءاً ونصف وثلث عشر، ونهاره الأطول: ست عشرة ساعة.

.بيان حد أقاصيها وأدانيها وبعض ما تشتمل عليه من البلاد المشهورة:

.الإقليم الأول:

وقد حد أقاصيها وأدانيها وبعض ما تشتمل عليه من البلاد المشهورة فقال: إن الإقليم الأول يمر على وسطه من المشرق إلى المغرب على المواضع التي يكون نهارها الأطول وعرضها على ما ذكرناه وابتداؤه حيث يكون نهاره الأطول: اثنتي عشرة ساعة وثلاثة أرباع ساعة. وعرضه: اثني عشر جزءاً ونصف، وانتهاؤه حيث يكون نهاره الأطول: ثلاث عشرة ساعة وربع، وعرضه: عشرون جزءاً وربع، قال: ووسط هذا الإقليم مدينة سبأ ما كان في مثل عرضها من مواضع الأرض، وابتداؤه من المشرق من أقاصي بلاد الصين، فيمر على جنوب الصين إلى سواحل البحر الذي في جنوب بلاد الهند والسند ويقطع البحر إلى جزيرة العرب وأرض اليمن وبحر جدة الماد إلى القٌلزم وبلاد الحبشة وما وراء النيل وجنوب بلاد البربر إلى أن ينتهي إلى حد بلاد المغرب وهو دون البحر لمظلم بمقدار ما نحن ذاكروه فيما بعد إن شاء الله تعالى.

.الإقليم الثاني:

ويمر الإقليم الثاني على وسطه من المشرق إلى المغرب على المواضع التي يكون نهارها الأطول وعرضها ما ذكرناه، وابتداؤه من المكان الذي انتهت إليه ساعات الإقليم الأول إلى حيث يكون نهاره الأطول ثلاث عشرة ساعة وخمسا وأربعين دقيقة، وعرضه سبع وعشرون درجة وخمس، قال: ووسط هذا الإقليم بتهامة من أرض العرب وما كان في مثل عرضها من مواضع الأرض، وابتداؤه من المشرق من بلاد الصين فيمر ببلاد الهند والسند إلى حيث يلتقي البحر الأخضر- يريد بحر الزنج- وبحر البصرة، ويقطع جزيرة العرب ومكة والحجاز وبحر القُلزم وصعيد مصر، ويقطع النيل وأرض المغرب على وسط بلاد إفريقية وبلاد البربر إلى أن ينتهي إلى حد المغرب من دون البحر المظلم.

.الإقليم الثالث:

ويمر الإقليم الثالث على وسطه من المشرق إلى المغرب على المواضع التي يكون نهارها الأطول وعرضها ما قد ذكرناه؛ وابتداؤه من الموضع الذي انتهت إليه ساعات الإقليم الثاني إلى حيث يكون نهاره الأطول أربع عشرة ساعة وربعاً، وعرضه ثلاثة وثلاثون جزءاً وثلث جزء، ووسط هذا الإقليم بالتقريب في برية الكوفة مما يلي تيه بني إسرائيل أيام موسى عليه السلام؛ وما كان في مثل عرضه من مواضع الأرض؛ وابتداؤه من المشرق في شمال بلاد الصين والهند والسند والقندهار وكابل وفارس وسجستان وعسِّقلان وأرض مصر وبلاد برقة وإفريقية ومدينة القيروان إلى أن ينتهي إلى حد المغرب من دول البحر المظلم.

.الإقليم الرابع:

ويمر الإقليم الرابع على وسطه من المشرق إلى المغرب على المواضع التي يكون نهارها الأطول، وعرضها ما قد ذكرناه؛ وابتداؤه من الموضع الذي انتهت إليه ساعات الإقليم الثالث، وعرضه إلى حيث يكون نهاره الأطول أربع عشرة ساعة وثلاثة أرباع ساعة وعرضه ثمانياً وثلاثين درجة ونصف درجة، وسط هذا الإقليم بالتقريب مدينة أصبهان وما كان في مثل عرضها من مواضع الأرض. وابتداؤه من المشرق آخر أرض الصين وتبَّت وبلخ وخراسان والجبال وأرض الموصل وشمال الشأم وبعض الثغور وبحر الشأم وجزيرة قبرس وبلاد طنجة إلى أن ينتهي إلى حد المغرب من دون البحر المظلم.

.الإقليم الخامس:

ويمر الإقليم الخامس على وسطه إلى المشرق من المغرب على المواضع التي يكون نهارها الأطول وعرضها ما قدمنا ذكره، وابتداؤه من الموضع الذي انتهى إليه عرض الإقليم الرابع ساعاته إلى حيث يكون نهاره الأطول خمس عشرة ساعة وربعا، وعرضه ثلاث وأربعون درجة، ووسط هذا الإقليم بالتقريب مدينة مرو، وما كان في مثل عرضها من مواضع الأرض فابتداؤه من المشرق داخل بلاد الترك وشمال خراسان واذربيجان وكور إرمينية وبلاد الروم سواحل بحر الشام والشمالية والأندلس إلى أن ينتهي إلى حد المغرب من دون البحر المظلم.