فصل: محجة صنعاء إلى مكة طريق تهامة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: صفة جزيرة العرب (نسخة منقحة)



.محجة صنعاء إلى مكة طريق تهامة:

من صنعاء صلِّيت من البون ثم الموبد ثم أسفل العرقة وأخرف ثم الصرحة ثم رأس الشقيقة ثم حرض ثم الخصوف من بلد حكم ثم الهجر ثم عثر ثم بيض ثم زنيف ثم ضنكان ثم المعقد ثم حلي ثم الجو ثم الجوينية من قنونا وتسمى القناة ثم دوقة وهي للعبديين من بقايا جرهم ثم إلى السَّرين ثم لمعجز ثم الخيال ثم إلى يلملم ثم ملكان ثم مكة، هذه طريق الساحل، والمحجة القديمة ترتفع إلى حلي العليا وتسمى حلية وإليها ينسب أسود حلية وهي التي يعني الشنفرى بقوله:
بريحانة من بطن حلية نوَّرت ** لها أرج من حولها غير مسنت

ثم إلى عشم ثم على الليث ومركوب إلى يلملم، ولطريق صنعاء هذه مختصر في بلد همدان من صنعاء إلى ريدة ثم إلى رأس الشُّروة من بلد وادعة ثم البطنة ثم خرج.
محجة عدن: من عدن إلى المخنق، ومن المخنق الحجار ومن الحجار المسيل، ومن المسيل عبرة، ومن عبرة إلى كهالة بئر ذي يزن مطوية بحجارة سود من رأسها إلى الماء طويلة، ومن كهالة الماجلية ثم المقعدية ثم إلى زبيد ثم إلى المعقر ثم الكدراء ثم المهجم وبالمهجم، تفضي محجة صنعاء على وادي سهام وهي بعيدة إلا أنها تسلك الأمان، ثم بلحة من وادي مور ثم الحسارة ثم العباية ثم الشَّرجة ثم العرش ثم عثر.
محجة حضرموت: من العبر إلى الجوف ثم صعدة، وينضم معهم في هذه الطريق أهل مأرب، وبيحان، والسَّروين، ومرخة، فهذه محجة حضرموت العليا.
وأما محجتها السفلى فمن العبر في شئيز صيهد إلى نجران شبه من ثمانية أيام، ثم من نجران حبونن، وهو واد يغيب من بلد يام من ناحية سمنان، وهي كثير الأرطى، وبه بئر زياد الحارثي جاهلية، وحبونن بكسر الحاء من مناهل العرب المشهورة وكذلك بئر الربيع بن عبد الله من نجران على مرحلة لمن قصدها من حضر موت ومأرب.
وقتل عبد الله ابن الصّمّة أخو دريد بخليف دكم من أعلى حبونن قتله بنو الحارث بن كعب وفيه يقول القائل: أشجع من الماشي بترج.
وفيه يقول دريد:
تنادوا فقالوا أردت الخيل فارساً ** فقلت أعبد الله ذلكم الرّدي

وفي بلحارث سيف دريد ذو الجمر والذي أخذه هبيرة بن مالك الحماسي وفيه يقول دريد:
أتيح له من أرضه وسمائه ** هبيرة ورّاد المنايا على الزّجر

وسمي ذا الجمر لفقر في سنة واحدة منها جمرة وهو اليوم في آل بسطام منهم، ثم الملحات ثم لوزة ثم عبالم ثم مريع ثم الهجيرة ثم تثليث ثم جاش ثم المصامة ثم مجمعة ترج والتقت بمحجة صنعاء بتبالة ومحجة صنعاء تلتقي بها محجة العراق واليمامة والبحرين بالمشاش بين حنين والعوارة.
محجة عدن على طريق صنعاء منها، من عدن لحج بلد الأصابح، ثم الصهيب وبها سبأ الصهيب قبيلة من سبأ، ثم الحبيل وليس بقرية وهو حبيل تزخم كالحبوب البسيط، ثم أسفل الأردم وهو وادي الأجعود، ثم صور، ثم ثريد من رعين، ثم ذو بلق من أرض رعين، ثم شراد من أرض رعين، ثم أعلى شرعة من ناحية عباصر، ثم يكلى، ثم صنعاء، ثم محجة صنعاء، وربما طرحوا الكثيب البيض بين لحج والصهيب، وربما طرحوا من ثريد أخطام عهان ثم بدر ثم الصهيب.
محجة عدن العليا على الجند ثم محجة الجند معها إلى صنعاء، من عدن إلى لحج ثم ثعوبة ثم ورزان ثم الجند السّحول ثم حقل قتاب ثم ذمار ثم خدار ثم صنعاء وهي أقصد وأوعر، فيها نقيل صيد، يسار بالحمائل مرحلتين هذه الطريق اليسرى للجند، ومن أخذ اليمنى فعلى علصان وفي هذه الطريق من النقل يسلح وصيد ونخلان وحزر وأما ما دون هذه النقل فلا يعد.

.عجائب اليمن التي ليس في بلد مثلها:

منها باب عدن وهو شصر مقطوع في جبل كان محيطاً بموضع عدن من الساحل فلم يكن لها طريق إلى البر إلا للرّجل لمن ركب ظهر الجبل فقطع في الجبل باب مبلغ عرض الجبل حتى سلكه الدواب والجمال والمحامل والمحفات.
وقطع بينون جبل قطعه بعض ملوك حمير حتى أخرج فيه سيلاً من بلد وراءه إلى أرض بينون وقلعة الجؤة لأبي المغلس في أرض المعافر وهو مرّاني من همدان وهي تطلع بسلم، فإذا قلع لم تطلع.
ومنها جبل تخلي وهوجبل واسع الرأس ذو عرقة مطيفة به تزلّ الوبرّ والقرد وتحت العرقة عرقة وفي مواضع منه عرق مترادفة، وليس تعم جميعه إلا العرقة العليا والتي تحتها ورأسه واسع جداً فيه ثلاث قلاع حصون فأولها بيت فائس وهو من أرفع ما فيه وفيها مسجد قائم كان الناس يزورنه، والمضمار مثلها في الرفعة، وبيت ريب حصن ذو عرقة منقطعة عليها قصور آل المنصور وحرمهم وأموالهم لا مسلك لها غير باب واحد، والأراس حصن بينها وبين فائس وهو حصن واسع، وفيه من القرى قرية بيت ريب وهي قرية السّوق التي بها التجار وقرية الجوش وميدان وبيت زود وبيت البوري وسمع وبيت فائس والمضمار هذه كلها قرى، وله من الأبواب التي لا تدخل إلا بإذن باب السروج وهو باب صنعاء وبلد همدان وباب البرار لبلد قدم ونمل وشرس، وباب المكاحل لعيان والمخلفة وبلد حجور والشرف وبلد حكم ومكة، وباب أدام لطما م وبلد عكّ وملحان والمهجم والكدراء وزبيد وعدن وباب العشة ليس محجة، وباب غبقان ليس محجة وباب العدن، وتغلق هذه الأبواب على هذه الحصون وهذه القرى على ضياع تؤدي خمسة آلاف ذهب براوشعيرا يكون سبعة آلاف وخمسائة قفيز، ومن البرك والغيول على غيل عبلة وبركة سمع وبركة ميدان وبركة حالة وبركة السوق وبركة بيت فائس وعلى غيل عين بياضة وعين العشّة وعين بيت الهتل وعين الوعرين وتغلق على ميدانه وأنو باته ومجزرته ومساجده، ومراعيه وأغنامه وبقره وخيله ما خلا الإبل فإنها لا تطلعه وهو مع ذلك كثير السباع في رأسه، ولا مؤذ به من هوام الأرض، لم ير فيه ثعبان ولا أفعى ولا عقرب ولا ضفرة ولا قعص ولا بعوض ولا بنات وردان وهي الضّوامير ولا خنفساء ولا كتّان وهو البق وقد يدخل البق في أمتعة المسافرين إليه فيمتن إذا صرن فيه وهو قليل الذباب والعنكوب كثير الغراب والحداة فأما جوّة وهواؤه فمعتدل في الشتاء خاصة لأنه يكون في الشتاء صاحياً والذي عنيت من الشتاء فهو فصل الخريف عند الحسَّاب وهو عصر الميزان والعقرب والقوس وقد ربما شابهه فيه عصر الجدي والدلو والحوت وأكثر ذلك يعظم فيه نوء الثريا وهو عصرالجدي ونصف الدلو ونوء الصواب في الحوت، وعصر الحمل والثور والجوزاء وهو الربيع عند الحساب فيه صرير كثير المطر والبردوالهجاء فإذا اتصل الثريا بالصواب بالربيع كادت أن لا ترى عليه الشمس مدة للضباب الذي يعتصب به فيفقدها الكلاب فإذا أتى عصر الصحو وظهرت الشمس والخريف وهو عند الحساب الصيف وهو عصر السَّرطان والأسد والسنبلة به كثير الأمطار والصواعق فيه كثيرة لارتفاعه وقد تحدث فيه وتختطف من أهله وإنما الرعد لقوة قادحة البرق، ومباديء حركتها وكل راعدة صاعقة لأنها إذا علت في الجو بلغت تلك الحركة منتهى مداها في الجو قبل أن تصل الأرض فإذا قربت اللامعة من الأرض وقع صوتها وحركتها إلى الأرض ولم تبلغ مداها فأحدثت فيما لقيته من الأجسام كالسهم الذي يلقاه الجسم عن قريب فيمخطه بشدة درأنه فإذا أصاب جسما في أقصى مداه وقع فيه وهو عال ذاهب الدَّرأة وكان المستولي على كثير من طباعه القمر فلا يزال في أيام الصحو صاحياً حتى يدحض الشمس من جزء وسط السماء والقمر منها بمنظر، وحينئذ يثور البخار من بطون الأودية حوله ومن بطون شعابه سحاباً أبيض كثيفاً وهو يظهر ويكثف ويرتفع في سرعة فلا يدور من الفلك جزءان أو ثلاثة حتى قد التبس ذلك البخار رأس الجبل من جميع جوانبه فيعتم به ونظرته عليك طلعاً يحول بينك وبين النظر إلى دابتك إذا كانت قدامك أو بينك وبين رفيقك إذا بدرك، فأن كنت في وقت نوء كان ذلك السَّحاب الذي أنت فيه ينهمل رذاذاً غزيراّ ثم ارتفع وتكاثف وقع فيه لامعة البرق وتبعها صوت الرعد عجلا وريثاً على قدر بعد العقيقة من البرق، ومثال ذلك أنك إذا كنت في بعض السهول وكان منك على مدى البصر من يضرب بصاقور في حجر أو بفأس في شجر فنظرت إلى وقعة الفأس لم يتأد إليك صوتها إلا عند وقوع الضربة الثانية وصوت الضربة الثانية عند وقوع الضربة الثالثة وربما كان أبطأ على قدر البعد وكذلك البرق ربما التمع ثلاث لمعات متتابعات فلم يسمع رعدة الأولى إلا بعد تقضَّى اللمعة الثالثة، وربما تكاثف ذلك السحاب إذا ظهر من بطون الأودية دون الشعاب والتف وتضاغط على المنتصف من قعدة الجبل فوقع فيه لامعة البرق فبرقت تحتك ونظرت الأودية متشققة بالسحاب وفوقه الشمس فإذا انقشع السحاب نظرت إلى ماء المطر يسيل في بطون الأودية وإذا أصبح على رأسه الصحو غب المطر وصفا الجونظرت من أي مرائيه شئت ومن أي أشرافه ركبت أرض تهامة من تحته من موسط بلد حكم إلى المهجم ومن سردد وتنظر سائلة مور كالشيبة البيضاء، بين خمل تهامة وزغبها وعرفانها ثم تنظر البحر طريدة باقوتيَّة فأما الحاد البصر فإنه ينظر من خلف البحر جزائر الفرسان، وأما ما ينظر منه من الجبال فعرّ خولان من شماليّة وأكمة خطارير، ورأس وتران عن مسيرة سبعة أيام وستة وخمسة وسحيب جبل بني عامر بحرض، ومن غربيه جبال الشرف وريشان جبل ملحان عن قرب كقرب هنوم منه من شماليه، ومن جنوبيه برع وشبام حراز ومسار وضلع جبلان وحرف أنس وضوران ورأس سحمَّر ويخار وينظر هو من هذه المواضيع ولولا أن قعدته في الأودية دون أن يكون على ظاهر منجد لكان يرى من أرض نجد، وأما من شرقيه فلا يرى بلد لأن جبال المصانع تعلوه مثل جبل ذخار ومدع وحضور بني أزاد وهي في أعلى خط السراة وهو في موسطها ولذلك اعتدل هواؤه لأنه ارتفع من حر تهامة وسمومها وتطامن من نجد اليمن وبرده ويبسه، فأما سعة رأسه الذي تحويه العرقة وتدور به الأبواب فإنه يكون لمن مسحه ميلا ونصفاً في مثله أو يزيد إلى ميلين إلا ثلث وإذا رآه الجاهل حكم على أنه ميلين وزيادة في مثلهما وتحف به من الأودية وادي لاعة وهو طمام وفرعاه عطوة ورأسها بياضة والعشَّة من رأس الجبل والتهام وهو من جبل ذخار والشوارق ومسور والحتر وتصب فيه أودية أخرى مثل اليعمل وضلع الجنات وغيرها ووادي عيَّان ووادي نمل ووادي قيلاب، وكل هذه الأودية غيول مخارجها من صفوحه عليها الأمواز والأقصاب أعني قصب الشيرين ويقال الشيري وهو قصب المضَّار وقصب السكر، وسمي قصب المضار لأنه يمضر بالفم أي يمضغ فيبلع ماؤه، وصفوحه مكتسية بالمزارع والعشاش التي تكون للبقر مراتع، ومن ولد في رأسه فقبيح غير صبيح وخاصة النساء، ومن ولد في صفحه فصبيح غير قبيح وطباع سكنه وأهله تخالف طباع من في صفوحه في العقل والنجدة والطول والتمام والفصاحة وانشراح الألسن، ونبت رأسه البرزغة والأثبة والصعتر ومن الزرع البر والعلس والشعير والجعرة واسم هذا الجبل وفيت وهو منسوب إلى تخلى بن عمرو الحميري من ولد شمر ذي الجناح بن العطاف وأخبار تخلى كثير. قه الشمس فإذا انقشع السحاب نظرت إلى ماء المطر يسيل في بطون الأودية وإذا أصبح على رأسه الصحو غب المطر وصفا الجونظرت من أي مرائيه شئت ومن أي أشرافه ركبت أرض تهامة من تحته من موسط بلد حكم إلى المهجم ومن سردد وتنظر سائلة مور كالشيبة البيضاء، بين خمل تهامة وزغبها وعرفانها ثم تنظر البحر طريدة باقوتيَّة فأما الحاد البصر فإنه ينظر من خلف البحر جزائر الفرسان، وأما ما ينظر منه من الجبال فعرّ خولان من شماليّة وأكمة خطارير، ورأس وتران عن مسيرة سبعة أيام وستة وخمسة وسحيب جبل بني عامر بحرض، ومن غربيه جبال الشرف وريشان جبل ملحان عن قرب كقرب هنوم منه من شماليه، ومن جنوبيه برع وشبام حراز ومسار وضلع جبلان وحرف أنس وضوران ورأس سحمَّر ويخار وينظر هو من هذه المواضيع ولولا أن قعدته في الأودية دون أن يكون على ظاهر منجد لكان يرى من أرض نجد، وأما من شرقيه فلا يرى بلد لأن جبال المصانع تعلوه مثل جبل ذخار ومدع وحضور بني أزاد وهي في أعلى خط السراة وهو في موسطها ولذلك اعتدل هواؤه لأنه ارتفع من حر تهامة وسمومها وتطامن من نجد اليمن وبرده ويبسه، فأما سعة رأسه الذي تحويه العرقة وتدور به الأبواب فإنه يكون لمن مسحه ميلا ونصفاً في مثله أو يزيد إلى ميلين إلا ثلث وإذا رآه الجاهل حكم على أنه ميلين وزيادة في مثلهما وتحف به من الأودية وادي لاعة وهو طمام وفرعاه عطوة ورأسها بياضة والعشَّة من رأس الجبل والتهام وهو من جبل ذخار والشوارق ومسور والحتر وتصب فيه أودية أخرى مثل اليعمل وضلع الجنات وغيرها ووادي عيَّان ووادي نمل ووادي قيلاب، وكل هذه الأودية غيول مخارجها من صفوحه عليها الأمواز والأقصاب أعني قصب الشيرين ويقال الشيري وهو قصب المضَّار وقصب السكر، وسمي قصب المضار لأنه يمضر بالفم أي يمضغ فيبلع ماؤه، وصفوحه مكتسية بالمزارع والعشاش التي تكون للبقر مراتع، ومن ولد في رأسه فقبيح غير صبيح وخاصة النساء، ومن ولد في صفحه فصبيح غير قبيح وطباع سكنه وأهله تخالف طباع من في صفوحه في العقل والنجدة والطول والتمام والفصاحة وانشراح الألسن، ونبت رأسه البرزغة والأثبة والصعتر ومن الزرع البر والعلس والشعير والجعرة واسم هذا الجبل وفيت وهو منسوب إلى تخلى بن عمرو الحميري من ولد شمر ذي الجناح بن العطاف وأخبار تخلى كثير.
ومنها جبل هنوم، وأهله الأهنوم من همدان ثم من حاشد وفيهم بطن من خولان بن عمرو بن الحاف، ثم من ولد يعلى بن سعد بن عمروبن زيد بن مالك بن زيد بن أسامة وهو قبالة تخلى من شماليه وعلى وصفه من جبال السراة وهو أحصن وأتلع وأوسع وقعدته على بلد غير ذي أودية فهو يكون أكثر دهره صاحياً إلا في أيام الأمطار ولذلك خالف جبل تخلى لما في رأسه من العنب والخوخ والرمَّان والتين وغيرذلك، وفيه نبات شبيه بالصندل الأبيض يقاربه في الرائحة، وقد يداخل الصندل الهندي وزرع رأسه في الكثرة مقارب لزرع جبل تخلى إلا أن البر في هنوم أكثر وهو منقطع العرق وليس له غير طريقين لا يطلعهما سوى الرجال ولا يطلعه مثل جبل تخلى دابة لوعرة طريقه فإذا أرادوا دابة يستنفعون بها في رأسه مثل البقر للحرث والحمير للحمل حملها الرجال عجلة وعفوة صغاراً، وطباع ساكنة رأسه كطباع ساكنة رأس الجبل تخلى... الغباوة عليهم وسلامة الناحية والعفَّة وكلال اللسان وخساسة الخلق وحزونتها أغلب، وفي صفوح هنوم من بطن حاشد خمسة آلاف مقاتل وزروع صفوحه الذُّرة، وصفوحه أكثر بلاد الله نحلاً وعسلاً ربما كان للرجل خمسون جبحاً وأكثر، ويكون العسل هنالك ستة أرطال بالبغدادي وسبعة وثمانيةبدرهم قفلة، ومن في صفوحه أهل نجدة وصباحة وحسن نساء، على سبيل من في صفوح تخلى إلا أن هؤلاء أرجل وأحد، وفي رأسه عيون غزيرة وقرن مرتفع عليه مسجد وتحته غيل وأخباره كثيرة.
ومنها جبل برط وساكنه دهمة من شاكر بن بكيل ورأسه واسع في عداد بلد من البلدان وزروعه كثيرة أعقار وعلى المساني وهي النواضح وخبَّرني من قبض عشور العلوي خمسة آلاف فرق، وأهله انجد همدان وحماة العورة ومنعة الجار ويسمون قريش همدان وبلغ القتل بين دهمة وأختها وائلة ابني شاكر في عصرنا هذا ثلاثمائة رجل من الجميع الخَّر فالخيَّر في جار كان لوائلة قتلته دهمة وهم على أشد ما كانوا عليه ورأس برط من أصح اليمن وأطيبه وأعدله هواء وهو بين الغائط ونجد.
ومنها جبل تنعمة لخولان العالية هو حصن حصين وليس مثل برط في السعة وفي رأسه زروع أعقار وعلى الآبار.
فهذه الحصون التي بها ماؤها ومرعاها وجميع مرافقها.
ومنها جبل ذخار فيه قرى ومياه وعيون وحصنان أحدهما كوكبان من جانب، وشربب الثاني من جانبه الآخر.
ومن عجائب اليمن حقل صنعاء وأول من ارتاده بعد الطوفان سام بن نوح بعد الغرق المتعالي فوجده من أطيب الإقليم الأول، قيل فتذكره علماء صنعاء عن كابر فكابر أنه وضع مقرانه وهو الخيط الذي يقدر به البناء على موضع الظبِّر بالظاء والظبر جبل قريب من صنعاء كما يقولون وهو حرف الجبل وحرف البناء ولا يذهبون إلى التَّضبير من الأساوة وتضبير الناقة ناقة مضبِّرة، فبني الظبر فلما أجد في البناء أتى طائر مسفَّا للمقراة فاختطفها وطار بها وأتبعه بصره حتى ألقاها على جبوبة النعيم فوضع ليبني به فأسف ذلك الطائرللمقراة فاحتملها حتى ألقاها على حرة غمدان فأس سام غمدان واحتفر به بئره التي هي اليوم معروفة ببئر سام. فأما طباع صنعاء فصحيح على أن الغالب عليها البرد ولصحتها يلبس الإنسان بها في الشتاء عند جمود الماء لباس الخز والكتان والرقائق فلا يدخلها البرد لأنه برد يابس والدليل على يبسه أنه يفطر أطراف العمال والصناع ويشنها بالدم، ويلبس الإنسان الصوف والمبطنات ودواويج الثعالب في صيفها فلا تؤذيه، وخبرني عمر الشهابي عن أحمد بن يوسف الحذاقي أنه نظر إلى ماء جامد بناحية بيت بوس في أول حزيران وهو أصفى قليل، ولا يتحول الإنسان الشتاء والصيف من مكانه فإذا اشتد به الصيف وحر فدخل الرجل يقيل على فراشه لم يكن له بد من أن يتدثر لأن بيوتها في الصيف باردة لأجل قصة الخير المسيّع بها بواطن البيوت فيدخل في المخدع على فراشه ويطبق عليه الباب ويسبل السترين والسجف، فلا يتغير ضياء البيت لأجل الرخام الذي يكون في الجدرات والسقف، بل إذا كان في السقف رخامة صافية نظر عوم الطائربظله عليها إذا حاذاها وتؤدي الرخامة لمعان الشمس إلى القصة فتقبلها بجوهرها وبريقها.
وقال بعض من دخل صنعاء من العراقيين: من العجب أن بيت قصة بصنعاء بدينارين يريد القصة المخيرة، والخيرة عضة مثل الصبر فيها غرى تغرى به قداح النبل، ويلصق به الغرار، فتطبخ هذه العضة حتى تذيب ماءها، ويستولى على ذلك الغري ثم خيض به الغرَّة ويقال الجص فلا تموت مع الخيرة إلا لأوان بعدما يستمسك الجصاص ترقيعها وتصريفها على ما يريد فإذا جمدت أركبت الأيدي فمسحت فظهر لها بريق جوهري كبريق المصقول من الجواهر، ثم دخلها البياض مع ذلك الصقال حتى تشاكله الفضة المصقولة وسائر الجصّ في البلاد يطبّع اللباس ببياضه، ولا يكون له جوهرية ومن عتق قصة اليمن أنها إذا خيضت بالماء، ثم ضرب به على موضع خشن ثم الزمتها يد الرَّجل وهو فوق شي يحمله، ثم ضرب منها بشيء على يده ثم تركت حتى تموت فإنه إذا مخي ما تحت الرّجل وترك علقته بيده تلك القصة بشدة قبضها واجتماعها فيرزب وهي تجبر الكسر بقبضها هذا وقضيتها وحيلتها.
جميع الثمار بها من العنب الملاحي، والدوالي والأشهب والدَّربج والنواسي والزيادي، والأطراف والعيون والقوارير والجرشي والنشاني والتابكي والرازقي والضُّروع، ويؤتى إليها من خيوان بالرومي ومن الجوف بالوادي، وبها الرمان الحلو والحامض والممزوج والمليِّسيّ، والسفرجل، وليس يلحق به سفرجل البلاد لأن فيه شيئاً من الحموضة والقبض، والإجاص والمشمش والتفاح الحلو، والتفاح الحامض والممزوج، والخوخ الحميري، والخوخ الفارسي، والخوخ النهدي، والجوز الفرك، واللوز الفرك والحلو منه والمر والكمثرى، وقد وفد إلى صنعاء قدمة، وبها الورد والباقلاء الأخضر ولا يتركونه يبلغ، وجميع أصناف البقول، وجميع الحبوب. والقدر به لها رائحة وللخبز بها رائحة عجيبة شهية تشمُّ من بعد وكذلك القدور وكيزان الماء من الفخار لها عند مباشرة الماء، وهي جدد رائحة طيبة مقوية للروح وترد إلى المغشيِّ عليه نفسه وهذه الثلاثة الأرواح لا يشاركها فيها شيء من البلاد. ثم إذا طبخ اللحم بالخل وأنزلت القدر بها مغطاة شهراً أو شهرين ثم أتيت بعد هذه المدة فتجده جامداً فأسخنته فتظهر فيه رائحة يومه، وهذا لا يكون إلا بصنعاء، وقد خبر بذلك جماعة، منهم إبراهيم بن الصَّلت طبخ قدراً له وكان عزباً، فلما كملت وكلت نارها عزم على الغداء فهو كذلك حتى أتاه رسول أبي يعفر إبراهيم بن محمد بن يعفر، فاتبعه من ساعته إلى شبام فلما وصله أمره بالمضي إلى مكة وكان أحد الطرادين وأمر له بناقة وزاد، ودفع إليه كتباً يوصلها بوالي مكة فمضى إلى مكة وأقام حتى خرج جوابه وعاد إلى شبام، فأوصل جوابه ثم صرف إلى منزله. قال: فدخلت وأنا جائع فنظرت إلى ذلك القدر على الأثافي وإلى ذلك الخبز قد يبس في منديله. قال فكسرت من الخبز شيئاً في قصعة وأحررت ذلك القدر ونكبته على ذلك الخبز حتى تشرَّبه فكان كقدر أسخنته يوم ثالث، وذلك بعد شهر وكسر. وكان الحاج يأكلون سفرهم طرية الخبز ويابسة غير متغيرة من صنعاء إلى كتنة، وإلى أبعد وكنت أنظر إلى التجار إذا حملناهم إلى مكة من صعدة يأكلون سفرهم طرية إلى نصف الطريق ويابسة تدق وتطرأ إلى مكة، وكنا نحن نستعمل في أسفارنا خبز الملة والسن واللحم والكشك والمهَّاد، ونرى أن خبز السفرة إذا فتَّ من وعثاء السفر، وقال لي أبي رحمه الله تعالى: سألني رجل ببغداد بماذا تأدمون في أسفاركم؟ قلت: بالسمن، قال: أبا السمن؟ قال قلت: وما للسمن؟ قال هو ضرب من السمِّ، قال قلت: أما والله لو ذقت البرطي منه، والمغربي والكليبي والجنيبي لعلمت أن دهن اللوز معه وضر، ولذلك لا يعمل أهل اليمن حلاواهم إلا به، لأنه أطيب وأجود من الشيرق المقشر ومن دهن الجوز واللوز، ولطيبه يشربه الناس شرباً، ويكون له رائحة شهية تدعو النفس معها إلى شربه والاستكثار من التأدم به، وله لطف، فلا يكاد يجمد لرقته ولطفه وخفته، والسمن مما يبين به اليمن. وتجد ذلك كذلك في لطافة لحوم الضأن ولحوم البقر، فأما الجندي منها فربما بلغ الثور منها ثلاثين ديناراً مطوقاً فإنه أطيب من لحم الحمل الشهري في سائر البلاد لرقته، ولطفه، ودسمه، ولا يكون له رائحة، ولأهل صنعاء الرقاق الذي ليس هو في بلد رقة وسعة وبياضاً لمؤاتاة متانة البر. وإبرار اليمن العربي التليد، والنسول برّ العلس، وهو ألطفها خبزاً وأخفها خفة. والرغيف بصنعاء لا ينكسر، ولكنه ينعطف ويندرج طومارا وكسره السفار قطعاً، والخبز بها ضروب كثيرة، ولمضائرهم فضل لحال اللبن، واللبن الرائب بصنعاء، وبلد همدان ومشرق خولان وحزيز وجهران أثخن من الزبد في غير اليمن مع الغذاء واللذة والطيب، وزبدها بمنزلة الجبن الرطب في غيرها وأشد وتحمل القطعة، فلا يعلق بيدك منها كثير شيْ، ولهم مع ذلك ألوان الطعام والحلاوى والشربة التي تؤثر على غايات ألوان كتب الطابخ السمائد وألوان البقط والكشك السري وألوان الحلبة، ومعقدات الأترج والقرع والجزر وقديد الخوخ والرانج والليَّ، وغير ذلك مما إذا سمع به الجاهل ازدراه، وإذا شرع فيه قضم على طيبه بعض أنامله، وبه الشهد الحضوري الماذي الجامد الذي يقطع بالسكاكين، وقد ذكره امرؤ القيس بقوله:
كأن المسك والكافو ** ر بالراح اليماني

على أنيابها وهنا ** مع الشهد الحضوري

ويهدي إلى العراق ومكة وسائر البلدان في القصب، وصفة عمله أن يحر في الشمس ويصير في عقود قصب اليراع، وأقيمت تلك القصبة أياماً في بيت بارد حتى بعود إلى جموده، ثم ختمت أفواه القصب بالقصّة، وحمل، فإذا أراد تقديمه على الموائد ضرب بالقصبة الأرض فانفلقت عن قصبة عسل قائمة، فقطعت بالسكين على طيفورية أو رغيف. وباليمن من غرائب الحبوب، ثم من البر العربي الذي ليس بحنطة، فإذا ملك عجينة، ثم أردت قطع شيء منه تبع القطعة تابعة منه تطول كتابعة القبيط والميساني والنسول والهلباء لا يكون إلا بنجران، ومنه الأدرع الأملس والأحمر الأحرش، واللوبياء، والعتر، والأقطن والطهف، وألوان الذرة البيضاء والصفراء والحمراء، والغبراء، والسمسم الذي لا يلحق به لاحق خاصة المأربي والجوفي كثير الضياء صاف طيب، وقد يزرع بها الحمص والباقلي والكمون وغير ذلك.
ومن عجائب اليمن أن أكثر زروعها أعقار، فلذلك متن عجينها، ولان خبزها وهو أن تشرب الجربة في آخر تموز وأول آب، ثم تحرث بأيلول إذا حمَّت أي شربت ماءها وجف وجهها، ثم تحرث في تشرين كرة أخرى، ثم في تشرين الآخر كرة ثالثة، ثم بذرت في كانون الأول فأقام فيها الزرع إلى أيار وصرب ولم يصبه ماء، فأما القرارة بالهجيرة فإنه يصرم بها متعجلا بنيسان وآخر آذار، فتكون الجربة بها كثيرة من حمّها فتحرث وتبذر فيها ثانية، فتأتي بطعام معجل لحرارة الزمان يصرم بحزيران. وأما مأرب والجوف وبيحان، فإن الودن وهو الجربة والزَّهب بلغة أهل تهامة يمتلي من السيل، فإذا امتلأ نف فيه الطَّهف والدخن فنضب الماء ثار نبته، فلا يحم الجربة في شهر وأيام حتى تصرم وتحرث للزرع الذي ذكرناه، فربما طرح في الودن مع بذر الذرة السمسم واللوبياء والعتر والقثَّاء والبطيخ والقرع، فبلغ كل ذلك أوّل أوّل، وهذا يكون في أقاصي الجرز. مثل أعراض نجد ونجران والجوف، ومأرب وبيحان وتهامة عن كملها. ومن ذلك الذّرة بنجران في قابل يام من ناحية رعاش وراحة يكون في قصبة الذرة مطوان وثلاثة وأكثر، ولا يكون فيها بالموضع على هذا.
ومن ذلك الأترج بنجران ليس حماض فيه كبار أحلى من العسل، تبلغ الواحدة ربع دينار وخمسة وسدس، وليس له نظير في بلد. ومن ذلك سكر العشر لا يكون إلا بنجران، ولا يكون منها إلا شق بلحارث فيما بين الهجر وسرّ بني مازن، وهو سكر ينزل من الهواء على ورق العشر في قولهم وإخاله، فيكون بقدرة الله عز وجل من العشر، وقد يوجد منه شيء في الموضع على غير العشر، وهو ضرب من المنَّ وهيئته مثل قطع اللُّبان والمصطكي، وقد يحمل ويعمل منه سكر كبار مطبّع في القوالب وقد أهديت منه إلىأخ لي بالعراق فأعجب منه من رآه. ومنها المحط، ويسمى القصاص وهو حالق للبواسير، ولا تصيب هذه العلة أحداً بخيوان لاستعمالهم إياه في القدور ويعقد بالعسل، ويهدي، وأهدى منه بعض سلاطين تهامة إلى العراق، وجرت كتب إليه أن احتفظ بحظائر هذه الشجر فأعلمهم أنه نبات جبال قبائل وادعة وأرحب.
ومنها الورس واللبان اللذان لا يكونان في غير اليمن ويصيران في جميع الأرض، وبها النخل البعل الذي لا يشرب إلا من السيل، وربما أسنت فأتى بالتمر عن ريِّ سنة واثنتين، وبها القسب من التمر الذي يستحق ويحلو مع السويق كالقند فذاك بنجران وبها المدبس الذي لا يلحق به بردي خيبر. قال لي أبي رحمه الله تعالى: قد دخلت الكوفة وبغداد والبصرة وعمان ومصر ومكة، وأكثر بلاد النخل وطعمت التمران ما رأيت مثل مدبس نجران جودة وعظم تمره خاصة تملأ الكف التمرة، وبها من الجرب الكبار التي تأتي تعشرين ألف ذهب فذاك ثلاثون ألف قفيز، سيوان في جانب صنعاء وجربة حران بشراد والحضر وأرض الرزم بالجوف والحرجة بمأرب.
ومن الآبار العجيبة: البئر المعطلة بريدة، ومنها بئر سراقة لمراد في أسفل الجوف، طولها خمسون باعاً، وماؤها عذب فرات، لا تكدرها الدلاء، وبئر سام بن نوح بصنعاء، وكهالة بئر ذي يزن بين زبيد وعدن، وبرهوت بسفلى حضرموت وبئر ميمون المذكورة في القرآن.
والمواضع التي لا تضر فيها الأفاعي: ناعط لا يلدغ بها أحد ولا بموضع تشرف عليه، ويكون منها بمنظر، وصنعاء لطلسم كان بها في باب المصرع ومثلها ظفار، وبها تراب إذا طلي به بيت مصهرج لم يدخله كتانة، يحمل ويباع، وبالمعافر عضاه كثيرة تدفع مضارّه.
وبها جبل الملح في بلاد مأرب، ولا نظير له وهو ملح ذكره ذو جوهرية وصفاء كالبلور وهو الملح البري، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أقطعه الأبيض بن حمَّال السبائي يوم وفد عليه، فلما ولى قيل: إنك اقتطعته يارسول الله الماء العدَّ فاستقاله فيه فأقاله، وبالشرَّف من همدان الموز العري أي لا يشرب من عين إلا من المطر.
وباليمن من كرام الإبل الأرحبية لأرحب بن الدُّعام من همدان، والمهرية ثم من المهرية العيدية تنسب إلى العيد قبيلة من مهرة والصدفيَّة، والجرمية والدَّاعرية تنسب إلى داعر من بلحارث، والمجيدية ومنها الإبل المهرية المعنبرة.
ومن البقر الجندية والخديرية في الجسم والقوة وطيب اللحم، وتبلغ في الجسم مبلغاً عظيماً، والجبلانية السود الحرش التي تدبغ جلودها للنعال يبلغ الجلد منها عشرة مثاقيل وأكثر وإلى عشرين، ومنها الشرّع المدرهمة العرسية السِّمسمية، ويبلغ الأشرع المنر الأحرش دنانير، ولهذه البقر صيالة وحد في قرونها وبأس، وتقتل السباع وهي العراب من البقر والأخرى الدُّرب والدربة السنام.
ومن الحمير للسُّروج: الحضرمية، ثم المعافريَّة وذوات الأشر والخفة والسَّرع والشُّهومة والخشونة الخشبية منها.
ومن الخيل: العنسية والجوفية والحجيجية، وهي خيل لها أنفس وخرجات وانحرافات، وليست مثل المصرية والجزرية متنا، ولها صبر وصباحة على أنها ليست بجسام، وهي أشهم وأجمع قلوباً، ويطأن القتيل، ويحملن السلاح الثقيلة، ويجلن بها ويجرين فلا ينقص الثقل من جريهن شيئاً، والشوافيّة وبها جلود النمر النفيسة المحلولكة السواد اليقق البياض. ويبلغ الجلد دنانير، ويتخذ منها مع السروج الفرش النفيس، وكذلك بها فرش العباء الملون النفيس، ويكون جلالاً للخيل، وهي من أحسن شيء، وهي ملبن، مثل تلبين الوشي لبنة بيضاء، وإلى جنبها لبنة سوداء جرداء غير مخملة، وبها آلة الحرير النفيسة الملوكية، والأنطاع الصُّت التي لا تكف في مطر الأيام وفرش الريح من هذا الحرير وهو عجيب، وبها آنية الهيصمي وهو حجرٌ يشاكل الرُّخام إلا أنه أشد بياضاً يخرط منه كثير من الآنية وبها الكاذي الذي لا مثله في بلد يشبه رائحة السنبلة في الثوب غمره ودهنه نفيس، وبها الدُّعبب وهو اللّي، وهو من حبوب الباه ودهنه نفيس، ومن خير ما نقل به شارب النبيذ، وقد يجفف ويطحن فيقوم مقام الخبز، وأما حشائش اليمن فكثير لمن تفقدها.
معادن الجوهر: قد ذكرنا معادن الذهب. فأما معدن الفضة بالرضراض فما لا نظير له، وبها معادن حديد غير معمولة مثل نقم وغمدان، وبها فصوص البقران، ويبلغ المثلث بها مالاً، وهو أن يكون وجهه أحمر فوق عرق أبيض فوق عرق أسود، والبقران ألوان، ومعدنه بجبل أنس، وهو ينسب إلى أنس بن ألهان بن مالك، والسعوانية من سعوان واد إلى جنب صنعاء، وهو فصّ أسود فيه عرق أبيض، ومعدنه بشهارة، وعيشان من بلد حاشد إلى جنب هنوم وظليمة والجمش من شمر همدان، والعشاري وهو الحجر السماوي عشار بالقرب من صنعاء، والبلَّور يوجد في مواضع منها، والمسنّى الذي تعمل منه نصب السكاكين، يوجد في مواضع منها، والعقيق الأحمر، والعقيق الأصفر العقيقان من ألهان، وبها الجزع الموشّى والمسير، وهو في مواضع منها، منه النقمي، وهو فحل العرف، والسَّعواني والضصري منه أجش والخولاني والجرتي من عذيقة والشزب يعمل منه ألواح وصفائح وقوائم وسيوف ونصب سكاكين ومداهن وقحفة وغير ذلك وليس سواه إلا في بلد الهند والهندي بعرق واحد.
مواضع النياحة على الموتى: خيوان ونجران والجوف وصعدة وأعراض نجد ومأرب وجميع بلد مذحج فأما خيوان فإن الرَّجل المنظور منهم لا يزال يناح إذا مات إلى أن يموت مثله، فيتصل النواح على الأول بالنواح على الآخر وتكون النياحة بشعر خفيف تلحنَّه النساء، ويتخالسنه بينهن وهن يصحن وللرجال من الموالي لحون غير ذلك عجيبة التراجيع بين الرجال والنساء.
وقد ذكرناه نعاء الموتى في كتاب القوس من اليعسوب.