فصل: كتاب اللقطة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لباب اللباب في بيان ما تضمنته أبواب الكتاب من الأركان والشروط والموانع والأسباب



.الفصل الثاني: في الاعتصار واشتراء المعطي عطيته:

والاعتصار معناه الاسترجاع، وذلك للأب في الهبة إذا لم يقل: إنها مخلصة لله تعالى، وإن قال ذلك فهي كالصدقة لا تعتصر، وللأم عند مالك أن تعتصر، وبه قال ابن القاسم.
وقال ابن الماجشون: إن حازها الأب لم تعتصر، وكذلك إن لم يكن له أب ولم يكن في ولايتها، وفي تنزيل الجد والحجة منزلة الأب روايتان لابن وهب وأشهب، وإذا قلنا: للأم أن تعتصر فإنها لا تعتصر من يتيم.
وقال أشهب: تعتصر إن كان غنيًا كما تعتصر من الكبير.
قال الباجي: وتعتصر من الكبير الذي لا أب له؛ لأنه خرج عن حد اليتيم، ومعنى ذلك إذا لم يكن يتيمًا وقت الهبة.
والصيغة ما يدل على ذلك نحو اعتصرته ورددت.
قال بعض أهل الشورى بقرطبة: ومن وهب ولده الصغير هبة وسلط عليها حكم الاعتصار ثم باعها باسم نفسه ومات، فالثمن للولد وليس بيعه باسم نفسه اعتصارًا، فلا يجوز اعتصارها بعد البيع، ولا يكون اعتصار الأبوين إلا بالإشهاد.
موانع الاعتصار سبعة:
الأول: موت الأب، وذلك يمنع اعتصار الأم.
وقال اللخمي: لها أن تعتصر لأنها لم تعط على وجه الصدقة، وفي الموازية لا تعتصر والأول أحسن.
الثاني: المداينة.
قال مالك في الموطأ للأب أن يعتصر ما لم يحدث الابن دينًا لأجل ذلك.
الثالث: زواج الأنثى لأجلها، وكذلك الذكر، قاله مالك.
الرابع: مرض الابن أو الأب، وروى أشهب أن مرض الأب غير مانع.
تنبيه:
إذا ارتفع مانع الدين بالأداء ومانع النكاح بالطلاق لم يعد الاعتصار، وفي ارتفاع مانع المرض قولان.
الخامس: تغير الهبة في عينها بزيادة أو نقصان عند أصبغ، وهو ظاهر قول مالك وابن القاسم.
وقال مطرف وابن الماجشون: ليس ذلك بمانع كما لو تغيرت قيمتها.
السادس: وطء الولد الجارية وهو مانع إذا حملت بلا خلاف، وإن لم تحمل فقولان.
السابع: تلف العين الموهوبة.
قال القاضي أبو محمد: وما يكال أو يوزن إذا خلطه الابن بمثله مانع، والرجوع في الهبة بالبيع والهبة يصح بخلاف الصدقة، حكاه ابن رشد، وحكى القاضي أبو محمد الكراهة.
قال مالك: لا يشتري الرجل صدقته من المتصدق عليه، ولا من غيره للنهي الوارد في ذلك، ومحمله على التنزيه على المشهور لا على التحريم.
وقال الداودي: هو حرام وعليهما الخلاف في فسخه إذا وقع، وفي شراء الأب ما يتصدق به على ابنه الجواز والكراهة، وهو ظاهر المدونة إلا للضرورة مثل أن تكون أمة فيحتاج الأب إليها، وفي دخول الصدقة الواجبة تحت النهي خلاف.

.الفصل الثالث: في دعوى الهبة:

وإذا ادعى رجل على أحد أنه وهبه شيئًا فأنكر، فإن ادعى أنه وهب ماله قبله من دين، فالظاهر من المذهب أنه لا يحكم عليه إلا بعد أن يحلف أنه ما وهبه له كما لو ادعى القضاء، وإن كان المدعي هبته معينًا، فالظاهر من المذهب أنه لا يمين له عليه؛ لأن الحقوق اللازمة لا تجب اليمين بدعواها إلا بسبب قوي، فكيف بالهبة لأنها ضعيفة لافتقارها إلى الحيازة واختلاف الناس في لزومها بالقول، وفي الجلاب أنه يحلف، فإن نكل حلف المدعي وأخذ وإن ادعى أن الهبة للثواب، فالقول قول الموهوب له؛ لأنه مقر مدع، وقيل: قول الواهب.

.الفصل الرابع: في ثواب الهبة:

قد تقدم أن هبة الثواب بيع من البيوع، وكل شيء يجوز أن يوهب للثواب خلا العين، فإن شرط فيها الثواب ردت على المشهور، وعن ابن القاسم إن اشترطه فيكون له ذلك عرضًا أو طعامًا، وأجاز في المدونة ذلك في الحلي.
وقال ابن المواز: لا يجوز بحال، وإن كان الثمن معلومًا عند التصريح باشتراطها فواضح، وإن كان غير معلوم ففي الصحة والمنع قولان كابن القاسم وابن الماجشون، وهي لازمة للواهب، فإذا أثابه قيمتها فلا سبيل له إليها.
قال محمد: وليس له منعه من قبضها ولا من بيعها.
وقال أشهب: له منعه حتى يثيبه، والمعروف أن الموهوب له بالخيار بعد القبض بين الرد والإمساك. وروى ابن الماجشون أنها تلزمه بالقبض بالقيمة، ثم الذي يلزم قبوله باتفاق الدنانير والدراهم. وروى أشهب انحصاره فيهما إلا أن يتراضيا على غيرهما. وروى سحنون أن كل ما يتمول يصح أن يكون ثوابًا، ويلزم الواهب قبوله إن كان فيه الوفاء بالقيمة، ووافقه ابن القاسم في عدم الإنجاز في العين إلا أنه استثنى ما لا يثاب به في العادة كالحطب والتبن وشبههما.
تنبيه:
إذا عرى العقد من ذكر الثواب وطلب الواهب الثواب نظر في ذلك إلى ما يقتضيه العرف بالنسبة إلى الواهب والموهوب له والموهوب والزمان وما ذكره الناس في ذلك راجع إلى هذه القاعدة، فلا نطول بذكر ذلك، ثم حيث حكمنا بعدم الثواب فأثاب جهلاً أو أثاب من صدقة، فقال مالك: يرجع في ثوابه إن كان قائمًا، ولا شيء له إن فات.
قال ابن القاسم: وإن أثابه بدنانير أو دراهم فقال: أنفقتهما وتلف حلف وبرئ.
تنبيه:
إن أهدى إليه في عرسه ثم لما طلبه بالثواب، قال: لا حتى تحدث عرسًا وهو شأن الناس فله الرجوع بقيمة هديته معجلاً.

.كتاب اللقطة:

وهي بضم اللام وفتح القاف ما التقط، وأصل اللقطة وجود الشيء.

.حقيقتها:

أخذ مال معصوم معرض للضياع في عامر أو غامر.

.حكمها:

يختلف، فإن كانت بين أقوام مأمونين والإمام غير عدل، فهو مخير، وإن كانت بين قوم غير مأمونين والإمام عدل وجب أخذها قولاً واحدًا، وإن كانت بين قوم مأمونين والإمام عدل فثلاثة الأفضل الترك وعكسه والتفرقة، فإن كانت مما له بال فالأصل الأخذ.
قال ابن رشد: وهذا الخلاف عندي فيما لقطه الحاج للنهي الوارد عنها.
وقال ابن القصار: هي كغيرها.

.حكمة مشروعيتها:

لأجل إحياء النفس في اللقيط، وحفظ المال على أربابه.

.أركانها:

ثلاثة: الملتَقِط، والملتَقَط، والتعريف.

.الأول: الملتَقِط:

يشترط في جواز إقدامه عليها أن يكون مأمونًا.

.الثاني: الملتَقَط:

حيوان وعروض ومثليات الحيوان أصناف. الرقيق فإن عرف أنه لأحد ممن يعرف في المدونة أحب إلي أن يأخذه وإلا فلا يقربه. الإبل قال مالك: لا يعرض لها، فإن أخذها عرفها، فإن لم تعرف ردها حيث وجدها.
وقال أيضًا فيمن وجد بعيرًا ضالاً يأتي به الإمام يبيعه ويجعل ثمنه في بيت المال. الغنم إن وجدها على بعد وهو وحده أو مع من لا حاجة له بشرائها، فله أن يأكلها ولا ضمان عليه فيها، وإن نقله الحاضرة عرفها، وإن كان معه من يشتريها باعها ووقف ثمنها، فإن أكلها ضمنها، وإن تصدق بها ففي ضمانه قولان، وإن وجدها بقرب قرية ضمها إليها وعرفها فيها، فإن لم يفعل وأكلها، ثم تبين أنها لأهل ذلك الموضع ضمنها، وإن تبين أنها لغيرهم ففي الضمان قولان. البقر وفي إلحاقها بالإبل إذا كانت في موضع لا يخاف عليها فيه أو بالغنم قولان. الدواب ظاهر قول ابن القاسم أنها تلتقط.
وقال أشهب وابن كنانة: لا تلتقط وتلحق بالإبل إن أمن عليها من الجوع والعطش والسباع والناس، فإن وجدت في العمران فرفعها للإمام أفضل. العروض قال في المدونة فيمن وجد متاعًا بفلاة فحمله إلى بلد فجاء ربه فله أخذه بعد كراء حمله، وكذلك إذا طرحت الأمتعة خوف الغرق. ذوات الأمثال أما العين وشبهه مما يغاب عليه، فيباح التقاطه لحفظه على ربه، ولا يجوز أخذه لنفسه؛ لأنه لا يسرع إليه الفساد، وأما الطعام فله أن يلتقطه أيضًا وما يفعله به مذكور فيما بعد.

.الركن الثالث: التعريف:

ومقداره سنة بعد الالتقاط فيما له بال في مجمع الناس ودبر الصلوات على أبواب المساجد وما كان من المال لا قدر له ويعلم بالعادة أن ربه لا يتبعه لقلته لم يعرف، وما كان قليلاً له قدر ومنفعة عرف. ابن وهب. ولا تحد الأيام بحد معين، بل بما يظن أن مثله يطلب فيها، وهذا كالمخلاة والحبل والدلو وما يفسد من الطعام، فإن كان في غير عمارة أكله، ولم يضمنه إلا أن يكون في رفقة فيلحق بما في الحاضرة، وإذا وجده في الحاضرة قال مالك: يتصدق به أحب إليَّ، وإن أكله فلا شيء عليه، ثم إذا حصل التعريف فإن لم يأت أحد خير واجدها بين أن يدفعها إلى القاضي أو يتملكها أو يحبسها لربها أو يتصدق بها، فإن جاء ربها غرمها له إن لم يرض بثواب الصدقة، وإن شاء أن يبيعها ويحبس ثمنها لربها فعل وبيعه ماض، فإن كان عبدًا آبقًا فليس له أن يبيعه وليدفعه إلى القاضي، فإذا أقر بالرق أو علم أنه عبد سجنه سنة من يوم الرفع وينفق عليه من بيت المال أو من عنده، ويرجع بذلك على سيده إن جاء، وإلا فمن ثمنه، فإن انقضت السنة ولم يأت ربه باعه، وإن جاء معترفًا، فإن أتى بالشهادة فواضح، وإن أتى بالصفة ففي الصحيح إن جاء كعفاصها ووكائها وإلا فاستبقها، والعفاص هو الوعاء، والوكاء هو الذي يشد به، وقيل العكس. وفي اعتبار معرفة العدد إن كانت دنانير أو دراهم قولان لابن القاسم وأصبغ، وسبب الخلاف ذكر ذلك في حديث، والإضراب عنه في آخر، فإن أخطأ بعض الصفات وعرف بعضها، فقال ابن عبد الحكم: إن أخطأ عشر الصفات لم يأخذها إلا أن يذكر عددًا فيوجد أقل منه.
وقال أشهب: إن عرف وصفين وأخطأ الثالث أخذها.
وقال أصبغ: إن عرف العفاص وحده فليستبرئ، فإن جاء أحد وإلا دفعت له. ثم إذا جاء بالصفة، ففي تحليفه قولان، واستحسن اللخمي تحليفه.
قال: فإن نكل دفعت له، وإذا عرف رجل عفاصها ووكاءها وعرف آخر عددها أو وزنها، فقال أصبغ: هي لمن عرف العفاص والوكاء. واستحسن أن تقسم بينهما كما لو اجتمعا على معرفة العفاص والوكاء ويتحالفان، فإن نكل أحدهما دفعت إلى الحالف، وإذا وصفها رجل فدفعت له ثم ظهر واصف آخر لم يكن له شيء، فإن أتى بالبينة كان أحق بها.
تنبيه:
يد الملتقط يد أمانة، إلا أن يقصد الاختزان فيضمن، وإذا نوى التملك بعد التعريف أو تصدق بها ضمنها، وإن أخذها ليعرفها ثم ردها ضمنها.

.اللقيط:

هو الصبي الموجود وأخذه واجب على الكفاية إجماعًا، وشرط الملتقط أن يكون مسلمًا فينزع من الذمي لئلا يربيه على دينه أو يطول الأمد فيسترقه، وليس لمن التقطه أن يرده، فإن عجز سلمه إلى القاضي وهو محمول على الإسلام إن وجد في قرى المسلمين، وإن وجد في قرى المشركين فهو على الشرك.
وقال أشهب: إن التقطه مسلم فهو مسلم، ولو التقطه بقرية ليس بها إلا مسلمان أو ثلاثة فهو مشرك، فلا يتعرض له إلا أن يكون واجده مسلمًا فيجعله على دينه.
وقال أشهب: حكمه في هذه الصورة أيضًا الإسلام التقطه مسلم أو ذمي، ولا خلاف أنه حر ولا يرق إلا ببينة ونسبه مجهول، فإن استلحقه واجده أو غيره وأتى ببينة أو كان لدعواه وجه مثل أن يزعم أنه إنما رماه لما سمع أن من طرح عاش.
وقال أشهب: يلحق بمجرد الدعوى ما لم يتبين كذبه.
قال التونسي: وهو المختار، ونفقته غير لازمة للملتقط، فإن وجد معه مال فهو له، وينفق عليه منه، فإن لم يكن له مال فمما وقف على اللقطاء، فإن لم يكن فمن بيت المال، وإلا فنفقته على ملتقطه حتى يستغنى بالبلوغ.

.كتاب الحجر:

.حقيقته:

لغة: المنع. وشرعًا: المنع من التصرف في المال.

.حكمه:

واجب لغيره؛ لأنه سبب لحفظ مال المحجور عليه وصيانته عن التبذير وهو الحكمة في مشروعيته.

.ركناه:

الحاجر والمحجور عليه.

.الأول: الحاجر:

وهو السيد في عبده والأب والقاضي.

.الثاني: المحجور عليه:

وللأب أن يحجر على ولده المعتوه، وعلى الصغير في الحياة وبعد الممات؛ لأن له أن يوصي عليه وعلى أبكار بناته، وقيل: إلا المعنس، فإذا بلغ الذكر ومضى له من وقت بلوغه أزيد من عامين لم يكن له أن يرده إلى الحجر حتى يثبت سفهه عند القاضي، فيكون الحجر حينئذ للقاضي لا له، وله أن يحجر عليه بقرب بلوغه.
قال ابن العطار: هو على السفه إلى عام.
وقال الباجي: إلى عامين، وله أن يحجر على ابنته، وإن دخل بها الزوج ما لم تبلغ الحد الذي تخرج به من الولاية، وهو مذكور فيما بعد، وللقاضي أن يحجر على الصغير والسفيه بعد ثبوت الموجب، وهو المبذر لماله الذي لا يحسن النظر لنفسه، وإن كان صالحًا ويحجر على المثمر لماله إذا كان يستعين به على الفسوق، ورأى اللخمي أن يحجر على المثمر لماله الذي يصرفه في الشهوات، واختلف في الحجر على الذي يخدع في البيوع.

.اللواحق:

فيها فصلان:

.الأول: في حكم أفعاله:

وما كان من أفعاله سداد أمضى، وما كان غير سداد رده وليه، وأفعاله أربعة أقسام: قسم يقف على نظر الولي، وهو ما كان فيه معاوضة، فإن لم يكن له ولي قدم القاضي من ينظر عليه فيه، فإن لم يفعل حتى ملك رده كان بالخيار في رده وإجازته، فإن رده بيعه أو ابتياعه، وكان قد أتلف الثمن أو السلعة لم يتبع بشيء. واختلف إذا أدخل الثمن فيما لابد له منه. وقسم لا يمضي وإن أجازه الولي وهو العتق والهبة والصدقة، فإن لم يعلم بذلك حتى مات، ففي رده قولان. وقسم يمضي وإن رده الولي وهو ما لا يدخل تحت الحجر كالطلاق واستلحاق الولد والإقرار بموجب العقوبة والوصية وقبوله لها ويعقل مع العاقلة، ويلزمه ما أتلف وعفوه عن دمه عمدًا كان أو خطأ، وتصح مخاصمته في حقوقه، وأن يوكل على ذلك ويحلف ليستحق، وقسم يختلف فيه كحيازته لنفسه ولغيره، وكعفوه عن عرضه وجراحاته إذا كانت عمدًا، وقد أجاز ابن القاسم عفوه عن ذلك، ومنعه ابن كنانة، وكعتقه أم ولده أجازه ابن القاسم ورده المغيرة.

.الفصل الثاني: فيما يخرج من الحجر:

أما إن لم يدخل في ولاية، فيزول حجره بزوال المقتضي لذلك، فيزول عن المجنون بعد بلوغه بنفس إفاقته، فإن كان جنونه بعد البلوغ لم يدفع ماله إليه إلا بثبوت رشده، ويزول عن الصبي ببلوغه وظهور رشده، فإن كان معلوم السفه لم يخرج، وإن جهل حاله، فقال ابن القاسم: لا يخرج حتى يشهد برشده. وروى ابن زياد أنه محمول على الرشد حتى يثبت سفهه، وتقدم قول ابن العطار باعتبار العام بعد بلوغه، وقول غيره باعتبار العامين ويعتبر في الأنثى بلوغها مع ما يدل على رشدها، ولا تخرج بمجرد البلوغ على المشهور، فإن بقيت عند أبيها حد التعنيس، فقال ابن القاسم في المدونة: لا يجوز من أفعالها شيء، فلم ير التعنيس دليلاً. وروى ابن زياد أن أفعالها جائزة، وروى أنها جائزة بإجازة الأب، واختلف في حد التعنيس، فقيل: الأربعون، وقيل: الخمسون، فإن تزوجت فقال مطرف: تخرج بمضي العام.
وقال ابن نافع: بمضي العامين، وقيل: بمضي السبعة، وبه جرى العمل، قاله ابن رشد.
قال: ويعزى لابن القاسم، والمشهور أنها في ولاية أبيها حتى يشهد برشدها، وقيل: تخرج بمضي خمسة أعوام، واليتيمة المهملة.
قال ابن رشد: أفعالها جائزة بعد البلوغ، وقيل: بعد مضي العام، وقيل: العامين، وقيل: الثلاثة، وقيل: حتى يشهد بصلاح حالها، وقيل: إذا عنست خرجت، وإن لم تتزوج، والمشهور أن أفعالها جائزة إذا عنست أو مضى لها بعد الدخول عام، وبه العمل، واختلف في حد تعنيس هذه، فروى مطرف الأربعون، ورواه أصبغ عن ابن القاسم. وروى عنه سحنون من الخمسين إلى الستين.
وقال ابن الماجشون: الثلاثون.
وقال ابن نافع: دونها، وأما من لزمته الولاية، فلا يخرج منها إلا بالإطلاق، وبه جرى العمل، وبه الحكم، وذلك للأب والوصي والقاضي بعد ثبوت الموجب، وفي مقدمه خلاف، والمشهور أن له ذلك، حكاه المازري، وحكى فيه عكسه، والعمل اليوم أن ذلك للقاضي لا له.

.كتاب الأقضية:

حقيقة القضاء: إخبار على حكم شرعي على طريق الإلزام.

.حكم مشروعيته:

حفظ النظام ورفع الضرر العام.

.أركانه:

ستة: القاضي، والمقضى له، والمقضى به، والمقضى فيه، والمقضى عليه، وكيفية القضاء.

.الأول: القاضي:

وشروط صحة التولية أن يكون ذكرًا حرًا عاقلاً بالغًا عدلاً عالمًا مجتهدًا، وشروط الكمال أن يكون غنيًا ورعًا ليس بمديان ولا محتاج بلديًا معروف النسب ليس بولد الزنى ولا ولد لعان جزلاً فطنًا نافذًا غير مخدوع ولا محدود ذا نزاهة حليمًا عن الخصوم مستخفًا بالأئمة يدير الحق على من دار عليه مستشيرًا لأهل العلم ذا رحمة ونصيحة كثير التحرز من الحيل وما يتم مثله على المغفل عالمًا بما لابد منه من العربية واختلاف معاني العبارات، عالمًا بالشروط بعيدًا عن السهو غير زائد في الدهاء. وأما كونه سميعًا بصيرًا متكلمًا فغير شرط وولاية من ليس كذلك منعقدة لكن يجب عزله.
قال مالك: ولا أعلم صفات القضاء تجتمع اليوم في أحد فإن اجتمع منها خصلتان العلم والورع كان واليًا. ابن حبيب. فإن لم يكن علم فالعقل والورع فبالورع يقف وبالعقل يسأل.