فصل: الفصل الثالث: في المطالبة والتنازع:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لباب اللباب في بيان ما تضمنته أبواب الكتاب من الأركان والشروط والموانع والأسباب



.الثالث: المضمون له:

لا يشترط أن يكون معلومًا، بل لو قال: أنا كفيل بديون فلان لزمه الغرم لكل من ثبت له على فلان شيء.

.الرابع: المضمون عنه:

لا يشترط رضاه على المشهور من المذهب إلا أن يقصد الضامن الضرر به لعداوة بينهما ولو تحمل على صبي فأدى عنه بالقضاء رجع به في ماله، وكذلك ما أدى عنه من مال أفسده أو اختلسه، قاله مالك.

.اللواحق:

وينحصر الكلام فيها في ثلاثة فصول:

.الأول: في قيام الطالب:

وإذا قام الطالب يطلب الحميل وكانت الحمالة بالوجه فقد تقدم الكلام على ذلك، ثم إذا فرعنا على القول بأنه إذا أحضره له برئ بذلك مهما أحضره بموضع تأخذه فيه الأحكام، ولو مكن الغريم نفسه من الطالب، ففي براءة الغريم لابن عبد الحكم وابن القاسم قولان، وإذا مات الحميل، ففي سقوط الحمالة قولان لعبد الملك وابن القاسم، وعلى قول ابن القاسم إذا مات بعد الأجل وأحضره الوارث برئ، وإلا أخذ المال من التركة، وإن مات الغريم ببلد الحمالة برئ الحميل، وإذا مات بغيره فثلاثة، قال أشهب: يبرأ الحميل إن مات قبل الأجل، وهو ظاهر المدونة.
وقال ابن القاسم: إن مضى من الأجل ما لو خرج الحميل بطلبه فيه ويرجع قبل الأجل برئ.
قال: وإن كنت قلت غير هذا فاطرحوه.
وقال في الواضحة: إن بقي من الأجل ما لو توجه فيه الغريم لوصل عند الأجل برئ، وإن كان الضمان بالمال وشرط أن يأخذ به من شاء منهما، فقال مالك: له شرطه، وبه أخذ ابن القاسم.
وقال أيضًا: ليس له ذلك، وبه أخذ أشهب، وإذا مات الحميل قبل الأجل أخذ الحق من تركته ورجع به الوارث بعد الأجل على الغريم، وروى يوقف إلى الأجل، فإن كان الغريم مليًا رجع إلى الورثة، وإلا أخذ، وإن مات بعد الأجل بدأ بالغريم.

.الثاني: في التأخير والإسقاط:

وتأخير الطالب للغريم تأخير للحميل لا إسقاط للحمالة، قاله ابن القاسم، وتأخيره للحميل بعد الحلول تأخير للغريم، إلا أن يحلف ما كان ذلك تأخيرًا للغريم، فإن نكل لزمه تأخيره وسقوط الدين على الغريم سقوط عن الحميل، ووقع لمالك في رجل له حقان حق بحمالة وحق بغير حمالة، فمات ولم تف تركته بالحقين، وسأله الورثة أن يحيله فيما بقي له قبله ففعل، ثم طلب الحميل، قال: أرى أن يوزع ما قبض على الحقين ويحلف ما وضع إلا للميت، ويرجع على الحميل بحصته، فلم ير السقوط عن الغريم سقوطًا عن الحميل، وفيه نظر، وإنما يتوجه الرجوع مع بقاء الدين، فإذا سقط سقط، وقاله ابن يونس، قال: ولا معنى لهذا الإسقاط إذا كان يرجع به على الحميل.

.الفصل الثالث: في المطالبة والتنازع:

وإذا طلب الحميل الغريم بدفع ما تحمل به عنه ليبرأ من الحمالة مكن من ذلك ما لم يكن تحمله عنه بغير إذنه، وله مطالبته بما أدى عنه بإذنه أو بغير إذنه، وإذا قال الحميل: تحملت بألف درهم، وقال الطالب: بخمسمائة دينار، وصدقه المطلوب ولا مال له، حلف الحميل، وأخذت منه الدراهم فاشترى بها دنانير، فإن اشتريت بها ثلاثمائة دينار رجع الطالب على الغريم بمائتين، ثم إن أيسر الغريم أخذت منه الثلاثمائة فاشترى بها دراهم ودفعت للحميل، فإن زادت على الألف دفعت الزيادة للغريم، وإن نقصت عن الألف حلف الغريم ما تحملت عني إلا بخمسمائة دينار، فإن نكل حلف الحميل وأخذه بالنقص، قاله ابن القاسم، ولو كان لرجل قبل رجل ألفان، ألف من حمالة وألف من قرض، فقضاه ألفًا، وقال: قد بينت لك عند الدفع أنه القرض، وقال الآخر: بل بينت أنه عن الحمالة، فقال مالك: يحلفان ويقسم على الحقين.
وقال أشهب وغيره: القول قول الطالب مع يمينه، ولو لم يتداعيا البيان لقسم على الحقين ابن المواز، وذلك مع استوائهما في الحلول أو التأجيل، ولو اختلفا لكان القول قول من ادعى القضاء عن الحال بلا خلاف.

.كتاب الشفعة:

وهي بسكون الفاء مأخوذة من الشفع الذي هو ضد الوتر؛ لأن الشفيع يضم الحصة المبيعة إلى ماله فيصير شفعًا، وقيل: من الشفاعة؛ لأن الرجل كان في الجاهلية إذا أراد شريكه البيع أتاه شافعًا وسأله أن يؤثره به، فسمي طالبها شفيعًا، وهي مركبة من استحقاق وبيع، فمن حيث إن المشتري يجبر على تسليم ما اشتراه تشبه الاستحقاق، ومن جهة أن عهدته تشبه البيع.

.حقيقتها:

أخذ الشريك حصة جبرًا شراء.

.حكمها:

وجوب التسليم عند وجود السبب والشرط وانتفاء المانع.

.حكمة مشروعيتها:

دفع ضرر الشركة.

.أركانها:

أربعة: الآخذ، والمأخوذ، والمأخوذ منه، والمأخوذ عنه.

.الآخذ:

الشريك دون الجار خلافًا لأبي حنيفة، ثم الآخذ إنما يتوجه له الأخذ عند وجود المقتضي وهو وجود الشرط والسبب وانتفاء المانع كما قلنا، والسبب نفس البيع إذ عليه أوجب صاحب الشرع الأخذ.
ويشترط في سببيته خمسة شروط:
الأول: أن يكون الشفيع مالكًا للرقبة لا للمنافع، فلا شفعة لمالك المنفعة كالمعمر والمحبس عليه.
وقال مطرف وابن الماجشون: للمحبس عليه الأخذ إن ألحقه بالحبس وللمحبس الأخذ إن شرط أن يرجع الحبس إليه، وكذلك إذا أشفع ليلحقه بالحبس، وقيل: ليس له ذلك.
الثاني: أن يخرجه البائع عن ملكه بمعاوضة كالبيع وهبة الثواب والخلع والإجارة والإقالة والتولية والشركة والصلح عن الإقرار، وعن أرش الجنايات، وقيم المتلفات، وفي المناقلة أربعة: وجوب الأخذ لمالك وقاله ابن القاسم في العتبية، ونفيه والتفرقة، فإن أراد البيع أخذ، وإن أراد السكنى فلا، قاله مالك أيضًا وربيعة، والرابع أن ناقل بنصيبه من دار بنصيب شريكه من دار أخرى، والداران بينهما لم تجب؛ لأن مرادهما جمع ملكيهما وإلا وجبت، حكاه مطرف، وابن الماجشون عن مالك، وبه القضاء.
الثالث: أن يكون البيع صحيحًا، فلا شفعة في الفاسد، فإن فاتت ببيع فله الأخذ بالثمن، وإن فاتت بالهدم والبناء فله الأخذ بالقيمة وقيمة البناء.
الرابع: أن يكون لازمًا، فلا شفعة في بيع الخيار إلا بعد الإمضاء ولا في هبة الثواب إلا بعد الثواب.
الخامس: أن يكون الملك شائعًا على البيع، فلو اشترى رجلان دارًا صفقة واحدة فلا شفعة لأحدهما على الآخر.
وأما الشروط فأربعة:
الأول: أن يشفع ليملك لا ليبيع.
الثاني: بقاء الصحة التي يستشفع بها في ملكه قبل بيع الشريك، فإن باعها بعد بيع الشريك، فثلاثة: السقوط لمالك، وعدمه لابن القاسم في رواية يحيى، وقال في العتبية: إن باع ولم يعلم فله الشفعة، ومفهومه أنه إذا باع بعد أن علم لم تكن له شفعة.
الثالث: معرفة الثمن فلو لم يعلمه فلا شفعة. وقد قال ابن القاسم في رجل تصدق على أخته بسهمه في أرض عوضًا عمن ذكر أنه أصاب من مورثها مما لا يعلم قدره لا شفعة فيه.
الرابع: أن يكون البيع ثابتًا، إما بالبينة أو بإقرار المتبائعين، ولو أنكر المبتاع وأقر البائع ورد البيع بعد يمينه لم يكن للشفيع الأخذ بإقرار البائع، ولو أقر المبتاع وأنكر البائع والشقص بيده لم يكن له الأخذ على المشهور، وأوجب له ذلك أشهب. وأما المانع فالتصريح بالإسقاط وما يقوم مقامه، ثم إن صرح قبل البيع فلا يلزمه، وله الشفعة، وإن صرح به بعد البيع ومعرفة الثمن ومعرفة المبتاع لزمه.
قال ابن القاسم: وكذلك لو أسقط بعد البيع، وقبل معرفة الثمن، إلا أن يأتي من ذلك ما لا يكون مثله ثمنًا كجارية أو عبد أو دينار أو عشرين درهمًا، فلا يلزم.
والذي يقوم مقامه ثمانية أصناف:
الأول: مقاسمة الشفيع المبتاع.
الثاني: ابتياع الشفيع الحصة من المشتري ولو ابتاع منه بعضها ثم قام ليأخذ بقيتها بالشفعة فقولان.
الثالث: مساومته للشقص عند ابن القاسم دون أشهب.
الرابع: مساقاته.
الخامس: كراؤه، وفيها القولان بين ابن القاسم وأشهب، وعلى قول أشهب لو أراد المشتري إيقاف البيع بعد عقد المساقاة والكراء وقبل مضي الأمد لم يكن له ذلك، ولو أراد الشفيع تعجيل الأخذ فله ذلك، فيدفع الثمن ولا يسقط عنه من الكراء شيء.
السادس: سكوته وهو يرى المشتري يهدم ويبني ويغرس، وقيل: ليس ذلك بمانع.
السابع: بيع المشتري للشقص والشفيع عالم حاضر غير منكر، وذلك مانع خلافًا لأشهب، وله الأخذ بغيره من البياعات المنعقدة بعده.
الثامن: ترك القيام من غير عذر بعد العلم بالبيع وفي المذهب ثلاثة.
قال ابن وهب: ليس له قيام مطلقًا، وعن مالك له القيام مطلقًا، والمشهور التفرقة، فإن طال الزمان لم يكن له قيام وإلا فهو على حقه، واختلف في حد القرب فروى أشهب أنه سنة، وفي رواية إذا غربت الشمس من آخر أيام سنة ولم يشفع سقط حقه والذي ذهب إليه ابن القاسم أنه إذا جاوز السنة بما يعد تاركًا فلا قيام له، وله القيام بعد السنة وبه القضاء، فإن كان له عذر لم يسقط حقه، وذلك كالمرض، فإذا صح أخذ قاله مطرف وابن الماجشون، وقال أصبغ: هو كالصحيح إلا أن يشهد أنه على حقه قبل مضي أمد الشفعة، وإن ترك التوكيل عجزًا، وإذا سافر الشفيع بعد علمه بالبيع لموضع قريب فهو على حقه، وإن حبسه عذر عن الوصول، ويحلف ما كان تاركًا لها فلو سافر إلى موضع بعيد لا يرجع منه في العادة إلا بعد انقضاء أمد الشفعة بطل حقه، ثم إذا وجد المقتضي وقام يطلب الأخذ وكان رشيدًا فله الأخذ إذا كان مسلمًا وإن كان كافرًا والمبتاع مسلم، فله الأخذ.
وقال أشهب: لا شفعة له، وإن كان محجورًا لحق نفسه، فالأخذ لأبيه أو لوصيه أو للسلطان أو لوكيلهم، فإن كان حجره لحق غيره كالمرأة والمريض والعبد والمفلس، فأما المرأة والمريض فإن سلما فلا مقال لزوج ولا لوارث، وإن أخذا لغير محاباة جاز، وإلا كانت المحاباة في الثلث، وأما العبد فالمقال لسيده، وأما المفلس فإن سلم فلا مقال لغرمائه، وإن أخذ فليس لغرمائه منعه، قاله مالك.
قال أشهب: وذلك إذا لم يفلس فإن فلس فلهم منعه إن كان نظره لهم وليس لهم أن يكرهوه عليه، وإن كان فيه فضل كثير، وإذا طلب المبتاع الشفيع بالأخذ، فإن صرح أنه يأخذ وسأل النظر بالمال أخر ما بينه وبين ثلاثة أيام، قاله في المدونة.
وقال عبد الملك: وعشرة.
وقال أصبغ: يؤجل على قدر المال وحال الشفيع في العسر واليسر وأقصاه الشهر، وإن صرح بالعجز قطع القاضي شفعته إن كلب ذلك المبتاع، وإن أبى من إقالته ألزمه الثمن ويباع فيه ما أخذه وما يملكه، وفي الموازية: إن عجز لم تلزمه شفعة وحمله أبو عمران على أن المبتاع لم يلزمه الثمن، وإذا تعدد الشفيع واتحدت الصفقة وقاموا كلهم، فإن كانوا في عقد واحد شفعوا على قدر أنصبائهم على المنصوص، وإن كان بعضهم أخص قدم على المشهور كأهل مورث واحد، فإنهم يتشافعون بينهم دون الشركاء، فإن سلموا فهي للذين هم أعم، فإن سلموا فهي لسائر الشركاء، ويدخل أهل السهام على العصبة على المشهور، والاعتبار بما وقع بالميراث لا بخصوصية البائع، فلو ترك ثلاثة أولاد اثنان شقيقان والآخر للأب فباع أحد الشقيقين فالشفعة للأخ الشقيق والأخ للأب، سواء إذ بالبنوة ورثوا وإن تعددت الصفقة واتحد الشفيع أو تعدد فله أن يأخذ ما شاء.

.المأخوذ:

وهو العقار ويلحق به ما كان من مصلحته كعبيد الحائط ودوابه وآلاته وليس للشفيع أخذ الشقص خاصة إلا برضاء المبتاع، وقد اختلف في مسائل الخلاف في وجود المقتضي أو في قيام المانع أو في التبعية، فمن ذلك ما لا ينقسم كالحمام فمالك يوجب الشفعة، وابن القاسم لا يوجبها، ورواه أيضًا ابن الماجشون، وبه القضاء، ومنه الرحى إذا بيعت مع أرضها، وفيها قولان.
قال ابن القاسم: لا شفعة فيها، ويشفع في الأرض بما ينوبها من الثمن.
قال: وهي كحجر ملغي، وبه جرى العمل.
قال غير واحد من القرويين والأندلسيين: مراده العليا خاصة، وأما السفلى فهي من البناء فيها الشفعة كقدر الحمام.
وقال القاضي عياض: ظاهر قوله خلاف ذلك، ولا فرق بين العليا والسفلى عند من قال بالشفعة، ولا عند من قال بعدمها، وإذا فرعنا على قول ابن القاسم فيفيض الثمن على البيت ما فيها من أبنية وعلى الرحى العليا والسفلى فيما يخص الرحى يسقط عن الشفيع، وهكذا فسره ابن القاسم في رواية أبي زيد ومنه المرافق كالطريق والمساحة والماجل، فإذا باع أحد الشريكين منابه من ذلك بعد أن اقتسما البيوت، فإن باعه مع نصيبه من البيوت فلا شفعة فيه، وإن باعه وحده وكان يتصرف إلى بيوته رد بيعه، وإن كان قد أضاف بيوته إلى دار له وباع ذلك لأحد شركائه فلبقيتهم الشفعة على القول بوجوبها فيما لا ينقسم، وإن باعه من غيرهم فلهم رد البيع أو يجيزون ويأخذون بالشفعة، ومنه الأندر، وفيه قولان لأشهب وسحنون، ومنه الدين، ولا يكون من هو عليه أحق عند مالك من المبتاع به.
وقال أشهب وغيره: هو أحق، ولو قصد المبتاع التعنيت بالغريم لم يجز البيع، ومنه العين والبئر، ولا شفعة فيهما إن لم يكن لهما بياض ولا نخصل، وإن كان قد باع منابه من ذلك مع الأرض أو النخل ففيه الشفعة للتبعية، وكذلك إن باع منابه في الماء خاصة، ولو باع منها شرب يوم فلشريكه منعه إذا كان يحتاج إليه، وله الأخذ بالشفعة ولو باع منابه من الأرض، ثم منابه من الماء، فإن باعه من غير مشتري الأرض فله الشفعة في الأرض دون الماء، وإن باعه من مشتريها قبل أخذه بالشفعة أو يترك فله أخذهما معًا، وليس له أخذ أحدهما ولو سلم، فلما باع منه الماء أراد الأخذ، فله أخذهما معًا. ومنه ثمار النخل، فإن بيعت مفردة ففي المدونة فيها الشفعة كانت الأصول لهم أو بأيديهم مساقاة.
وقال في غيرها: لا شفعة فيها، وبه قال ابن الماجشون، وفي العنب الشفعة، رواه ابن القاسم بخلاف البقول، وأوجبها من رأيه في المقاثي، وذكر ذلك الباجي فيها رواية، وفي الباذنجان والقرع والقطن وتنقطع الشفعة في الثمار باليبس، قاله في المدونة.
وقال في رواية أشهب: فيها الشفعة حتى تجذ، وإن بيعت مع أصولها فلم ير عبد الملك فيها شفعة.
وقال مالك: فيها الشفعة، وهو المعمول به، ثم إن كانت الثمرة يوم البيع غير مأبورة وقام الشفيع وهي كذلك، فهي له اتفاقًا، وكذلك إن لم يكن فيها وقت البيع ثمرة فأثمرت ولم تؤبر، وإن قام وقد أبرت أو اشتراها مأبورة أو اشتراها وليس فيها ثمرة فأثمرت وقام وهي مأبورة فله أخذها، ويؤدي للمبتاع قيمة السقي والعلاج، وقيل: لا يؤدي شيئًا، وقيل: هي للمبتاع إذا قام بعد الإبار، وإن قام وقد أزهت في الصور الثلاث فله أخذها ما لم تجذ، وروى أشهب أنه إذا اشتراها وهي مأبورة أنه أحق بها، وإن جذت وإن قام وقد يبست في الصور الثلاث فليس فيها شفعة، وإذا قلنا: إنها تفوت بالجذاذ أو اليبس فيحط عن الشفيع ما ينوبها من الثمن إن اشتراها وهي مأبورة أو مزهية أو يابسة، وإن اشتراها وهي غير مأبورة أو ليس بها حينئذ ثمرة فهي غلة للمبتاع. ومنه الزرع ولا شفعة فيه إن بيع مفردًا، إذ لا يباع إلا بعد اليبس، وإن بيع مع الأرض، ثم استحق رجل نصف ذلك وهو يومئذ كامن أو ورق وهو أخضر، فقال ابن القاسم: لا شفعة له في الزرع.
وقال أشهب: فيه الشفعة مع الأرض.
وقال أيضًا: يشفع في الأرض دون الزرع.

.الركن الثالث: المأخوذ منه:

وهو من تجدد ملكه اللازم بمعاوضة حسبما قدمناه.

.الرابع: المأخوذ به:

وهو ما دفعه المبتاع للبائع وما غرمه هو على الشقص على ما سيأتي إن شاء الله تعالى. ثم المدفوع ثلاثة: مثلي، ومتقوم، وما ليس بواحد منهما، وإذا وقع الشراء بمثلي المثل بأن يكون عنبرًا يتعذر وجوده فعليه قيمته، ثم إن كان مؤجلاً أو أخذه من دين مؤجل، فأربعة في المدونة، يأخذ بالمثل فيهما، وقيل: بقيمة ذلك.
وقال ابن الماجشون وسحنون: إن كان الشراء بثمن مؤجل أخذ بمثله، وإن أخذه من دينه أخذه بالقيمة.
وقال أشهب: إن أخذه عما في الذمة، وكان أخذ بمثله وإن كان عرضًا فبقيمته.
قال ابن المواز: وهو غلط، وعلى القول الثالث فتقوم تلك الدراهم بعرض يدفعه نقدًا، وكذلك إن لم يأخذ حتى حل الأجل.
قال ابن الماجشون: وقال سحنون: يقوم الدين بعرض، ثم يقوم بدراهم، وبها يأخذ، وإذا تراخى قيام الشفيع حتى حل الأجل، ففي تأخير الشفيع إلى مثل ذلك الأجل أو يؤخذ بالمال حالاً قولان لابن الماجشون وأصبغ، والأول قول مالك، ثم حيث قلنا: يؤخر، فذلك إذا كان ثقة أو أتى بحميل ثقة، فإن عجز عن ذلك قطع القاضي شفعته.
المتقوم: والقضاء أن الشفيع إنما يأخذ بقيمته، وإذا أخذه بدراهم جزافًا شفع بقيمتها، وقيل: تبطل الشفعة.
قال اللخمي: ولو أخذه بمثلي جزافًا أخذ بقيمته، يريد يوم الشراء، فلو انعقد البيع بدنانير وأخذ عنها عرضًا أو أخذ بعرض فنقد عينًا، فقال عبد الملك: يأخذ بما خلص للبائع، واستحب محمد أن يأخذ بما عقد عليه.
وقال سحنون: إن عقد بعين فأخذ عرضًا فقيمة العرض وما ليس بمثلي ولا بمقوم كالنكاح والخلع ودم العمد، فيشفع بقيمة الشقص، وقيل: يأخذ في المهر بصداق المثل.
تنبيه:
إذا زاد المبتاع للبائع شيئًا بعد البيع، ففي لزوم ذلك للشفيع قولان لابن القاسم وعبد الملك، وإذا قلنا: لا يلزم، فقال المبتاع: إنما زدته فرارًا من الشفعة، فإنه يحلف ويرجع، وإن حط البائع شيئًا من الثمن، وكان ذلك لعيب حط عن الشفيع اتفاقًا، وإلا نظر، فإن حط ما يشبه أن يحط في البيع فيحط عن الشفيع، وإلا فلا، قاله ابن القاسم. وفي المدونة: إذا اشترى بألف ثم حط سبعمائة بعد أخذ الشفيع أو قبله، فإن كان يشبه أن يكون ثمن المبيع عند الناس مائة أخذه بمائة، وإن كان لا يشبه أن يكون مائة أخذه بالألف، يريد إذا كان ثمنه ثلاثمائة إلى أربعمائة فلا يحط عنه شيء، وأما ما غرمه البائع كأجرة الدلال وكاتب الوثيقة وثمن الرق، فهي من جملة الثمن، فإن أدى أكثر من المعهود فله المعهود، وبذلك أفتى ابن عتاب وابن مالك، وكذلك يدفع قيمة ما يحدثه المبتاع من بناء وغرس وحفر الآبار وثمن العيون، فيأخذ قيمة ذلك قائمًا.
قال مالك في رواية أشهب: والقيمة في ذلك يوم الأخذ، وقيل: يرجع الغارس بما أنفق، وضعفه أشهب. وفي مفيد الحكام: إن حفر بئرًا فلم يجد فيها ماء لم يرجع بشيء. وفي المدونة فيمن ابتاع وديًا صغارًا ثم قام شفيع بعد أن صارت بواسق، فإنه يأخذها ويدفع للمبتاع قيمة ما عمل ولو هدم المبتاع ليبني أو ليوسع أو انهدم بسماوي فلا يحط عن الشفيع من ذلك شيء، وكذلك ما غار من عيون أو بئر، فإن استحق رجل نصف الدار أخذ نصف الشقص، ثم إن شاء أخذ النصف الآخر مع نصف الشقص بالشفعة بنصف الثمن وإلا ترك.