فصل: باب السَّلَمِ فِي النَّخْلِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **


*3*باب السَّلَمِ فِي النَّخْلِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب السلم في النخل‏)‏ أي في ثمر النخل‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ فَقَالَ نُهِيَ عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يَصْلُحَ وَعَنْ بَيْعِ الْوَرِقِ نَسَاءً بِنَاجِزٍ وَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ فَقَالَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يُؤْكَلَ مِنْهُ أَوْ يَأْكُلَ مِنْهُ وَحَتَّى يُوزَنَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال‏)‏ أي ابن عمر ‏(‏نهي عن بيع النخل حتى يصلح‏)‏ ، أي نهي عن بيع ثمر النخل، واتفقت الروايات في هذا الموضع على أنه ‏"‏ نهي ‏"‏ على البناء للمجهول، واختلف في الرواية الثانية وهي رواية غندر‏:‏ فعند أبي ذر وأبي الوقت ‏"‏ فقال نهى عمر عن بيع الثمر الحديث ‏"‏ وفي رواية غيرهما ‏"‏ نهى النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ واقتصر مسلم على حديث ابن عباس‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وعن بيع الورق‏)‏ أي بالذهب كما في الرواية الثانية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏نساء‏)‏ بفتح النون والمهملة والمد أي تأخيرا، تقول نسأت الدين أي أخرته نساء أي تأخيرا، وسيأتي البحث في اشتراط الأجل في السلم في الباب الذي يليه، وحديث ابن عمر إن صح فمحمول على السلم الحال عند من يقول به أو ما قرب أجله، واستدل به على جواز السلم في النخل المعين من البستان المعين لكن بعد بدو صلاحه وهو قول المالكية، وقد روى أبو داود وابن ماجة من طريق النجراني عن ابن عمر قال ‏"‏ لا يسلم في نخل قبل أن يطلع، فإن رجلا أسلم في حديقة نخل قبل أن تطلع فلم تطلع ذلك العام شيئا، فقال المشتري هو لي حتى تطلع‏.‏

وقال البائع إنما بعتك هذه السنة، فاختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

فقال‏:‏ اردد عليه ما أخذت منه ولا تسلموا في نخل حتى يبدو صلاحه ‏"‏ وهذا الحديث فيه ضعف، ونقل ابن المنذر اتفاق الأكثر على منع السلم في بستان معين لأنه غرر، وقد حمل الأكثر الحديث المذكور على السلم الحال، وقد روى ابن حبان والحاكم والبيهقي من حديث عبد الله بن سلام في قصة إسلام زيد بن سعنة بفتح السين المهملة وسكون العين المهملة بعدها نون أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ هل لك أن تبيعني تمرا معلوما إلى أجل معلوم من حائط بني فلان‏.‏

قال‏:‏ لا أبيعك من حائط مسمى، بل أبيعك أوسقا مسماة إلى أجل مسمى‏"‏‏.‏

*3*باب الْكَفِيلِ فِي السَّلَمِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الكفيل في السلم‏)‏ أورد فيه حديث عائشة ‏"‏ اشترى النبي صلى الله عليه وسلم طعاما من يهودي نسيئة ورهنه درعا من حديد ‏"‏ ثم ترجم له ‏"‏ باب الرهن في السلم ‏"‏ وهو ظاهر فيه، وأما الكفيل فقال الإسماعيلي‏:‏ ليس في هذا الحديث ما ترجم به، ولعله أراد إلحاق الكفيل بالرهن لأنه حق ثبت الرهن به فيجوز أخذ الكفيل فيه‏.‏

قلت‏:‏ هذا الاستنباط بعينه سبق إليه إبراهيم النخعي راوي الحديث، وإلى ذلك أشار البخاري في الترجمة، فسيأتي في الرهن ‏"‏ عن مسدد عن عبد الواحد عن الأعمش قال‏:‏ تذاكرنا عند إبراهيم الرهن والكفيل في السلف، فذكر إبراهيم هذا الحديث ‏"‏ فوضح أنه هو المستنبط لذلك، وأن البخاري أشار بالترجمة إلى ما ورد في بعض طرق الحديث على عادته‏.‏

وفي الحديث الرد على من قال إن الرهن في السلم لا يجوز، وقد أخرج الإسماعيلي من طريق ابن نمير عن الأعمش ‏"‏ أن رجلا قال لإبراهيم النخعي إن سعيد بن جبير يقول‏:‏ إن الرهن في السلم هو الربا المضمون، فرد عليه إبراهيم بهذا الحديث ‏"‏ وسيأتي بقية الكلام على هذا الحديث في كتاب الرهن إن شاء الله تعالى‏.‏

قال الموفق‏:‏ رويت كراهة ذلك عن ابن عمر والحسن والأوزاعي وإحدى الروايتين عن أحمد، ورخص فيه الباقون والحجة فيه قوله تعالى ‏(‏إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه - إلى أن قال - فرهان مقبوضة‏)‏ واللفظ عام فيدخل السلم في عمومه لأنه أحد نوعي البيع، واستدل لأحمد بما رواه أبو داود من حديث أبي سعيد ‏"‏ من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره ‏"‏ ووجه الدلالة منه أنه لا يأمن هلاك الرهن في يده بعدوان فيصير مستوفيا لحقه من غير المسم فيه، وروى الدار قطني من حديث ابن عمر رفعه ‏"‏ من أسلف في شيء فلا يشترط على صاحبه غير قضائه ‏"‏ وإسناده ضعيف ولو صح فهو محمول على شرط ينافي مقتضى العقد‏.‏

والله أعلم‏.‏

*3*بَاب الرَّهْنِ فِي السَّلَمِ

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ تَذَاكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الرَّهْنَ فِي السَّلَفِ فَقَالَ حَدَّثَنِي الْأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَارْتَهَنَ مِنْهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ

الشرح‏:‏

‏(‏لا يوجد شرح‏)‏ ‏.‏

*3*باب السَّلَمِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ

وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو سَعِيدٍ وَالْأَسْوَدُ وَالْحَسَنُ

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لَا بَأْسَ فِي الطَّعَامِ الْمَوْصُوفِ بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ مَا لَمْ يَكُ ذَلِكَ فِي زَرْعٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب السلم إلى أجل معلوم‏)‏ يشير إلى الرد على من أجاز السلم الحال وهو قول الشافعية، وذهب الأكثر إلى المنع، وحمل من أجاز الأمر في قوله ‏"‏ إلى أجل معلوم ‏"‏ على العلم بالأجل فقط، فالتقدير عندهم من أسلم إلى أجل فليسلم إلى أجل معلوم لا مجهول، وأما السلم لا إلى أجل فجوازه بطريق الأولى لأنه إذا جاز مع الأجل وفيه الغرر فمع الحال أولى لكونه أبعد عن الغرر‏.‏

وتعقب بالكتابة، وأجيب بالفرق‏:‏ لأن الأجل في الكتابة شرع لعدم قدرة العبد غالبا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وبه قال ابن عباس‏)‏ أي باختصاص السلم بالأجل، وقوله ‏"‏وأبو سعيد ‏"‏ هو الخدري، ‏"‏ والحسن ‏"‏ أي البصري، ‏"‏ والأسود ‏"‏ أي ابن يزيد النخعي‏.‏

فأما قول ابن عباس فوصله الشافعي من طريق أبي حسان الأعرج عن ابن عباس قال ‏"‏ أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى قد أحله الله في كتابه وأذن فيه ‏"‏ ثم قرأ ‏(‏يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه‏)‏ وأخرجه الحاكم من هذا الوجه وصححه، وروى ابن أبي شيبة من وجه آخر عن عكرمة عن ابن عباس قال لا يسلف إلى العطاء ولا إلى الحصاد واضرب أجلا‏.‏

ومن طريق سالم بن أبي الجعد عن ابن عباس بلفظ آخر سيأتي‏.‏

وأما قول أبي سعيد فوصله عبد الرزاق من طريق نبيح بنون وموحدة ومهملة مصغر وهو العنزي بفتح المهملة والنون ثم الزاي الكوفي عن أبي سعيد الخدري قال ‏"‏ السلم بما يقوم به السعر ربا، ولكن أسلف في كيل معلوم إلى أجل معلوم‏"‏‏.‏

وأما قول الحسن فوصله سعيد بن منصور من طريق يونس بن عبيد عنه ‏"‏ أنه كان لا يرى بأسا بالسلف في الحيوان إذا كان شيئا معلوما إلى أجل معلوم‏"‏‏.‏

وأما قول الأسود فوصله ابن أبي شيبة من طريق الثوري عن أبي إسحاق عنه قال ‏"‏ سألته عن السلم في الطعام فقال‏:‏ لا بأس به، كيل معلوم إلى أجل معلوم ‏"‏ ومن طريق سالم بن أبي الجعد عن ابن عباس قال ‏"‏ إذا سميت في السلم قفيزا وأجلا فلا بأس ‏"‏ وعن شريك عن أبي إسحاق عن الأسود مثله‏.‏

واستدل بقول ابن عباس الماضي ‏"‏ لا تسلف إلى العطاء ‏"‏ لاشتراط تعيين وقت الأجل بشيء لا يختلف، فإن زمن الحصاد يختلف ولو بيوم وكذلك خروج العطاء ومثله قدوم الحاج، وأجاز ذلك مالك ووافقه أبو ثور، واختار ابن خزيمة من الشافعية تأقيته إلى الميسرة، واحتج بحديث عائشة ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى يهودي ابعث لي ثوبين إلى الميسرة ‏"‏ وأخرجه النسائي، وطعن ابن المنذر في صحته بما وهم فيه، والحق أنه لا دلالة فيه على المطلوب لأنه ليس في الحديث إلا مجرد الاستدعاء فلا يمتنع أنه إذا وقع العقد قيد بشروطه ولذلك لم يصف الثوبين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن عمر‏:‏ لا بأس في الطعام الموصوف بسعر معلوم إلى أجل معلوم ما لم يكن ذلك في زرع لم يبد صلاحه‏)‏ وصله مالك في ‏"‏ الموطأ ‏"‏ عن نافع عنه قال ‏"‏ لا بأس أن يسلف الرجل في الطعام الموصوف ‏"‏ فذكر مثله وزاد ‏"‏ أو ثمرة لم يبد صلاحها ‏"‏ وأخرجه ابن أبي شيبة من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع نحوه، وقد مضى حديث ابن عمر في ذلك مرفوعا في الباب الذي قبله، ثم أورد المصنف حديث ابن عباس المذكور في أول أبواب السلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ فَقَالَ أَسْلِفُوا فِي الثِّمَارِ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ وَقَالَ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال عبد الله بن الوليد حدثنا سفيان حدثنا ابن أبي نجيح‏)‏ هو موصول في ‏"‏ جامع سفيان ‏"‏ من طريق عبد الله بن الوليد المذكور وهو العدني عنه، وأراد المصنف بهذا التعليق بيان التحديث لأن الذي قبله مذكور بالعنعنة‏.‏

ثم أورد حديث ابن أبي أوفى وابن أبزى وقد تقدم الكلام عليه مستوفى عن قريب‏.‏

*3*باب السَّلَمِ إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب السلم إلى أن تنتج الناقة‏)‏ أورد فيه حديث ابن عمر في النهي عن بيع حبل الحبلة وقد تقدمت مباحثه في كتاب البيوع، ويؤخذ منه ترك جواز السلم إلى أجل غير معلوم ولو أسند إلى شيء يعرف بالعادة، خلافا لمالك ورواية عن أحمد‏.‏

‏(‏خاتمة‏)‏ ‏:‏ اشتمل كتاب السلم على أحد وثلاثين حديثا، المعلق منها أربعة والبقية موصولة، الخالص منها خمسة أحاديث والبقية مكررة وافقه مسلم على تخريج حديثي ابن عباس خاصة‏.‏

وفيه من الآثار عن الصحابة والتابعين ستة آثار‏.‏