فصل: الوليمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: غاية تلخيص المراد من فتاوى ابن زياد



.الكفاءة:

(مسألة): الفاسق بالقتل مثلاً كفء للفاسقة، وإن زاد فسق أحدهما أو كان متجاهراً به دونها كما صرح به الناشري، وإن بحثت أولاً أنه ليس كفؤاً لها وإنما استثنى الخمر لدناءته، على أن جماعة أسقطوا الفسق إذا عم، ويثبت التجاهر بالفسق بتظاهره بذلك أو بقوله لا أصلي، فالشهادة عليه بأن يعلم الشهود منه التجاهر بترك الصلاة عمداً بمضيّ أوقات كثيرة تدل على تجاهره، وتجوز الشهادة على ذلك بالاستفاضة، وصيغة الشهادة بالتجاهر أن يقول: أشهد أنه لا يصلي أو قاتل ومتجاهر بذلك، وبالجملة فقد عم الفسق في بعض النواحي، وقد أفتى بعض العلماء بقبول شهادتهم دفعاً للحرج.
(مسألة): الكفاءة حق للمرأة والولي واحداً كان أو جماعة مستوين في درجة، فلا بد من رضاها ورضاهم نطقاً، ولا يكفي الحضور والسكوت، فلو كان لها أولياء خمسة في درجة واستأذنها واحد منهم في التزويج بغير كفء فلا بد من رضا الباقين، إما بصريح الرضا أو بأن يعقدوا بها دفعة واحدة بأن يقولوا للزوج: زوجناك، ويقوم فعلهم مقام الرضا بل أولى، ومثله الولي الواحد إذا عقد بغير الكفء.
(مسألة): لا يكافىء من أبوه دباغ من أبوها فاسق لعدم الاتحاد، وأما ما ذكره في الروضة بقوله فرع الحرف الدنية والاشتهار بالفسق إلى قوله مع من أبوها عدل، إنما ذكره على سبيل المقابلة، يدل عليه ما ذكره في الخادم حيث قال: سقط من الكلام شيء وصوابه مع من أبوها عدل أو شريف، حتى يرجع لصاحب الحرفة الدنية ضدها، ويجوز أنه حذفه لدلالة مقابله عليه.
(مسألة): بحث الشيخان أن الحرف في الآباء معتبرة في الكفاءة، والمنقول عن جمع اعتبار الزوجين فقط في الحرفة، قال الرداد: إنه الموافق لطريقة العراقيين وللقواعد، وصححه الأذرعي وغيره، فإذا حكم الحاكم الأهل للترجيح بذلك اعتماداً على ما رجحه هؤلاء فليس لحاكم يرى خلافه نقضه، على أن الذي أفتى به ما بحثه الشيخان، وأما نقض الحكم بمقابله فلا أقول به ولا أفتي.
(مسألة): جرت العادة في جهة بأنه يتعاطى قطع محل الختان للأطفال أناس يسمون بالرياحة وهم الذين يضربون بالطبل والطاسة هذا هو الغالب، وقد يتعاطى غيرهم من أبناء الناس الرفعاء القدر فتسقط كفاءتهم بذلك، وإن كان أهل البلد لا يعبرون بذلك فلا عبرة بعادتهم فيما عده الأصحاب من الحرف الدنية، وقد عدوا من الحرف الدنية، الختان صرح به في الأنوار، كما لا عبرة بعادتهم فيما إذا كانوا لا يعبرون بتزويج الحرائر الأصل بمن مس أحد آبائه الرق أو كانوا لا يعيرون بدنيء النسب، وإنما نظر الأصحاب إلى عادتهم فيما إذا شك في الحرفة أهي شريفة أم دنية؟ أما ما نص عليه من الحرف الدنية فلا عبرة بعادتهم كغيرها من خصال الكفاءة.
(مسألة): لا يصح تزويج موليته بالإجبار من فاسق وإن عم الفسق، نعم إن كانت مكلفة وأذنت في تزويجها من الفاسق وزوّجها به الولي جاز، إذ الكفاءة حق لها وللولي، فإذا رضيا بغير الكفء صح النكاح إذ ليست شرطاً لصحة النكاح.

.ما يحرم من النكاح:

(مسألة): تزوّج بنت رجل، وتزوّج الرجل بأم الزوج، فولد لكل ابن، فولد الأم عم ابن البنت وخاله، هذا صواب عبارة العباب، وصورة كون أحدهما عماً والآخر خالاً أن يقال: رجل تزوّج امرأة، وزوّج ابنه أمها، فولدتا ابنين، فابن الأب عم ابن الابن، وابن الابن خال ابن الأب.
(مسألة): تحريم الجمع بين المرأة ونحو عمتها أو خالتها مجمع عليه إلا ما شذ به طائفة من الخوارج والشيعة، ولا يعتد بخلافهم لأنهم مرقوا من الدين.
(مسألة): طلق زوجته طلاقاً بائناً صحيحاً حلت له بنت أخيها أو أختها.
(مسألة): أنكر السبكي استدلال الأصحاب في كون نكاح الكفار صحيحاً بحديث: «ولدت من نكاح لا من سفاح» قال: إنه يعني الاستدلال به غير مرضي لأمرين: أحدهما تنزيه نسبه عن ذكره في هذا المقام والثاني أن الأنكحة التي في نسبه صلوات الله وسلامه عليه إلى آدم مستجمعة لشروط الصحة كأنكحة الإسلام، فاعتقد هذا بقلبك وإلا خسرت الدنيا والآخرة، فقد نقل عن الجاحظ أن من اعتقد غير هذا فقد كفر، فظهر بهذا سر قول الأذرعي وليتهم أي الأصحاب سكتوا عن هذا الاستدلال.

.خيار النكاح:

(مسألة): وجد أحد الزوجين بالآخر المرض المسمى بحب الأفرنج الذي يسمونه أهل الجهة بالشحر لم يثبت به خيار فسخ النكاح لانحصار العيوب العامة في البرص والجنون والجذام، ولا يلحق بذلك غيره كما نقله في الروضة عن الجمهور.

.الصداق:

(مسألة): مهر المثل ما يرغب به في مثلها والركن الأعظم النسب، وتعتبر المشاركة في الصفات المرغبة كالعفة والجمال والسن والعقل واليسار والنضارة والعلم والفصاحة وسائر الصفات التي تختلف بها الأغراض، فحينئذ لا عبرة بما اعتادوا تسميته أو تسليمه، ومن قال: إن مهر المثل ما يثبت به العقد، يحمل كلامه على ما جرى به عرفهم من تسميته ما يرغب به فيه، ولهذا يسمون للبكر والشابة ما لا يسمون للثيب والعجوز.
(مسألة): أزال الزوج بكارتها بنحو أصبعه ثم طلقها قبل الدخول لزمه نصف المهر فقط ولا أرش، ولكن تحرم إزالتها بغير كره ويعزر، كما صرح به ابن الرفعة.
(مسألة): طلق زوجته رجعياً لم تجب لها المتعة في الحال حتى تنقضي العدة ولم يراجعها.
(مسألة): ادعت الزوجية والمهر، فاعترف بالنكاح وأنكر المهر ولم يدع تفويضاً، لم يسمع إنكاره لاعترافه بما يقتضي المهر لكن يكلف البيان، فإن ذكر قدراً وادعت زيادة تحالفا، فإن أصرّ على الإنكار ردت اليمين عليها وحكم لها بمهر المثل، قاله في الروضة وجرى عليه في العباب.
(مسألة): أصدقها منفعة أرض للزراعة سنة، ثم طلقها قبل الدخول وقد حرثتها، فليس له الرجوع في نصف الأرض إلا برضاها، فهي مخيرة بين تسليم النصف مع الزيادة ويجبر الزوج على القبول، وبين تسليم قيمة منفعة النصف غير زائد وهي أجرة مثل نصف الأرض.
(مسألة): خطب امرأة ودفع لها حلياً قبل العقد، فسرق من يدها بعد الدخول، فادعى الزوج أنه دفعه إليها عن جهة الصداق، وادعت هي أنه وهبه لها صدقت بيمينها، والحال ما ذكر من الدفع قبل العقد ولا دين لها عليه، صرح به في الأنوار.
(مسألة): تزوج امرأة بشرط البكارة فوطئها فقالت: كنت بكراً ففتني وأنكر، صدقت بيمينها لدفع الفسخ، وصدق هو بيمينه أيضاً لدفع كمال المهر.
(مسألة): عقد بامرأة وسمى دراهم كذا معاملة البلد، وكان أهل البلد يتعاملون بالشرفية، فطالبته في وقت آخر لزمه تحصيل الشرفية الموجودة حال العقد، فإن عدمت لزمه قيمتها ذهباً.
(مسألة): زوج ابنته بكراً أو ثيباً بدون مهر المثل بلا إذنها في ذلك، صح النكاح بمهر المثل على المعتمد، ثم لو طلقها الزوج قبل الدخول وجب لها نصف مهر المثل وهو ما يرغب به فيها مسلماً حال العقد.
(مسألة): الكسوة التي جرت عادة البلدان باشتراطها على الزوج قبل العقد للبكر والثيب ولم يشرطوها حال العقد، فالتحقيق أن حكمها حكم المهر بجامع أنهما لا يتكرر وجوبهما، فحينئذ لها حبس نفسها حتى تقبضها كالصداق، نعم لو كسا الزوج زوجته الصباحية ثم نشزت استردها، كما أفتى به الرداد والمزجد، إذ هم يجعلونها وقاية لكسوة العروس المتقدمة، فألحقها بكسوه الفصل أولى.

.الوليمة:

(مسألة): تجب إجابة الوليمة على من يسمع النداء خارج البلد على الأقرب، لأنه موضع معدود من البلد، ولا يعد الخروج إليه سفراً، بخلاف ما إذا كان فوق ذلك فلا تجب لما ذكر، قلت: استقر به ابن حجر في فتاويه قال: ويحتمل ضبطه بمسافة العدوى وأقرب منهما الضبط بعرف كل قوم في ناحيتهم قرب أو بعد اهـ.
(مسألة): ليس للوصي والقيم، بل ولا للجد والأب اتخاذ الوليمة من مال الطفل عند نحو الختان وختم القرآن ولعرس.

.القسم والنشوز:

(مسألة): أراد أن يسافر بزوجته سفر نقلة بعد الدخول، فلها الامتناع حتى يؤدي لها الصداق، كما لو كان يضربها وعجز الحاكم عن منعه منه، وكذا لو أراد أبوها السفر بها إلى بلدة فليس للزوج منعه حيث لم تقبض صداقها، كما قاله القاضي وأقره القمولي وصاحب العباب، وقياسه ما لو زوّجها الحاكم ولم تقبض الصداق أن لها السفر إلى بلدها مع محرم، قال الردّاد: وظاهره وإن دخل بها.
(مسألة): طلب الزوج النقلة بزوجته وجب عليها موافقته إن كانت قد قبضت الصداق وكان الطريق أمناً، وكذا المقصد المنتقل إليه صالحاً لسكنى مثلها بأن لا يكون وبيئاً، كما قاله الروياني وكان السفر في غير البحر، فإذا وجدت هذه الشروط وجب عليها السفر، وليس لها الامتناع بغير عذر شرعي، وإلا فهي ناشزة تسقط مؤنها ما دامت ممتنعة.
(مسألة): نشزت عن زوجها وامتنعت من الوصول والطاعة وهي في بيت لها ولأيتام لم يجز كسر بابه، ولا تمهل بمجرد نظرها في أمرها لو طلبت الإمهال، لأن للإمهال أسباباً غير ذلك.
(مسألة): نشزت عن زوجها وادعت أنها محتاجة إلى كسوة فكساها، ثم بعد ذلك ردت الكسوة وامتنعت من الطاعة، وتعصب لها أجنبي وأدخلها مسكنه أثمت بذلك ولزمها التوبة، ومن تمامها عودها إلى منزل زوجها لحديث: «إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح» وأثم المتعصب لها أيضاً، فقد ورد: «من خبب، أي أفسد زوجة على زوجها، فعليه لعنة الله» ويجب على المنصوب بالبلد إلزامها السير مع زوجها، فإن عجز رفع الأمر إلى الحاكم، ويجتهد الحاكم في ذلك ويعزر الأجنبي بما يراه.
(مسألة): دعا امرأته إلى فراشه في بيت فيه بقّ وبعوض فامتنعت، لم تكن ناشزة بسبب ذلك إذا لم تعم البلوى به أو عمت، ونسب الزوج إلى تقصير في عدم تعهد الفراش التعهد الذي يعتاده أهل البلد، أو لم ينسب إليه، وكانت من بلد لا يوجد فيها ذلك، وأراد نقلها إلى بلد عمت بها البلوى بما ذكر، فالظاهر أنها لا تجب عليها النقلة.

.الخلع:

(مسألة): قال لزوجته: أنت طالق حسبما تبرئيني، لم يشترط الفور في الإبراء فيما يظهر، كمتى أبرأتني فمتى أبرأته عما علق عليه، وهي عالمة بقدره وقع الطلاق بائناً.
(مسألة): بذلت صداقها على صحة طلاقها فقال مجيباً لها إذا أبرأتيني من حقوق الزواج ومما تستحقينه في ذمتي من الدراهم وأبرأني أبوك فأنت طالق، فقالت: أنت البريء، والحال أن لها دراهم بذمته معلومة غير الصداق، ولم يكن لأبيها بذمته شيء، ولم يحصل منه إبراء وحقوق الزواج مجهولة لم يقع الطلاق، لأنه علق على الإبراء من مجهول ومعلوم وعلى إبراء أبيها، ولم يصح الإبراء من المجهول، ولم يصدر من الأب إبراء، فلم يوجد مجموع المعلق، والمعتمد أنه لا يبرأ من المهر والدراهم المعلومين، لأنها إنما سمحت بالبراءة في مقابلة الطلاق ولم يقع.
(مسألة): حصل بينه وبين أم زوجته نزاع فقالت له: طلق بنتي على هذه الدراهم وعلى صداقها، فطلق على الفور وقع بائناً بالدراهم المذكورة ولا يبرأ من الصداق مطلقاً، ولا يلزم الأم شيء من المهر إلا إن قالت: وعلي نظير صداقها، أو دلت قرينة على إرادة ذلك.
(مسألة): طلبت منه الطلاق فقال: إذا ثبت الطلاق فأعطيني سبعين ديناراً، فأعطته سبعين ديناراً وبذلت له صداقها فقال لها: أنت طالق إذا لم تتزوّجي بفلان وأما غيره إذا تزوّجتيه فأنت طالق، أو إذا ما تزّوجت بشيء إلى أن تموتي فأنت طالق، وقع الطلاق على المعتمد من اضطراب وقع في فتاوى المتأخرين، كما لو قال لها: أنت طالق لبني عمك وأما غيرهم فالزوجة زوجتي، لأن ما ذكره من الشرط إلزامي لا تعليقي، ومعناه أنت طالق حلال لكل زوج سوى فلان، أو حلال لبني عمك فقط، يريد إلزامها أن لا تتزوج فيقع الطلاق رجعياً في الكل، ويكون معرضاً بذلك عن جوابها ويُلغى إلزامه لها ما لا يلزم شرعاً لحدي بريرة المشهور.
(مسألة): اختصم هو وزوجته في عجله قد ملكها إياها وطلبت منه الطلاق فقال لها: أنت طالق ألفاً بلا عجلة، فهذه الصيغة كالصريح في عدم اشتراط العوض فكأنه قال: أنت طالق ألفاً بغير عجلة أي بغير عوض، فتقع عليه الثلاث ولا تحل إلا بمحلل، وإن دلت قرينة المخاصمة على إرادة الزوج رد العجلة، وهذا هو الأحوط وغيره تكلف.
(مسألة): قال: أنت طالق على صحة البراءة، أو أنت طالق ثلاثاً على صحة براءتي من مهرك، وعلى صحة براءتي من ثلث البقرة التي لك عندي، وكانت قد أبرأته من المهر الذي لها عليه، فإن قصد تعليق الطلاق على إيجاد براءة من المهر ومن ثلث البقرة فأبرأته فوراً وقع الطلاق الثلاث بمهر المثل، وكذا لو جعل البراءة سبباً لا عوضاً لعدم صحة الإبراء من ثلث البقرة، إذ الأعيان لا يدخلها الإبراء، فالحاصل وقوع الطلاق فيهما بائناً بمهر المثل.
(مسألة): قال: إن أعطيتني جميع ما صار مني إليك فأنت طالق، فأعطته شيئاً وادعت أنه جميع ما صار إليها منه، فأنكر ذلك وادعى أنه بقي شيء من الذي صار إليها منه كذا وكذا فأنكرت ذلك، فلا بد لوقوع الطلاق من شاهدين بالذي تدعيه، فلا يكفي شاهد ويمينها.
(مسألة): إذا قالت: بذلت صداقي على صحة طلاقي، فعقب ذلك فوراً بالطلاق وقع بائناً، ويكون ذلك كقولها: أبرأتك على الطلاق. قلت: رجح ابن حجر في التحفة وفتاويه وقوع الطلاق رجعياً سواء كانت رشيدة أم لا، لأن هذا البذل لغو لا يستعمل إلا في الأعيان فليتنبه لذلك، فكثيراً ما يأتي في هذه الفتاوى ذكر البذل والتفريق بين الرشيدة وغيرها، نعم لو قالت له: جعلت لك صداقي على طلاقي، فقال المزجد: إنه كناية والفرق بينها وبين بذلت ظاهر ومثل جعلت أجزت.
(مسألة): أبرأته من مهرها ثم ادعت الجهل بقدره، فإن أمكن بأن لم تستأذن أصلاً لكونها مجبرة أو استؤذنت في النكاح دون المهر صدقت بيمينها وإلا فلا.
(مسألة): قال لزوجته: المدخول بها: إن أبرأتيني من الدين الذي تستحقينه في ذمتي فأنت طالق ثلاثاً، فقالت: أبرأتك من حقوق الزوجية دون الدين لم يقع الطلاق لأنها لم توجد براءة من المعلق عليه.
(مسألة): قالت له: بذلت صداقي على صحة طلاقي، فقال: أنت طالق إذا أبرأتيني، فلم تبرىء لم يقع الطلاق لأنه علق على البراءة ولم توجد.
(مسألة): قال لها: إذا أبرأتيني فأنت طالق، فقالت على الفور: أبرأتك من جميع حقوق الزوجية، وكانا عالمين بها، وبقدرها العلم المعتبر في صحة الإبراء وقع بائناً، وإن لم يعلما أو أحدهما فلا طلاق، هذا إن أراد البراءة من جميع حقوق الزوجية، فإن أطلق ولم ينو شيئاً فأبرأته منها مع العلم بها وقع رجعياً، وإن جعلتها لم يقع شيء.
(مسألة): مما عمت البلوى به أنه إذا حصل بين الزوجين تشاجر تأتي المرأة إلى شخص فتقول: اكتب إلى فلان، فيكتب من عند نفسه على لسانها من غير تلفظ منها، أقول وأنا فلانة بنت فلان إني بذلت صداقي على صحة طلاقي، فيؤتى بالورقة إلى الزوج فيأتي هو إلى شخص آخر فيقول: جاوب على هذا، فيقول الكاتب من تلقاء نفسه: فلانة بنت فلان طالق من غير تلفظ من الزوج، فلا يقع بذلك طلاق ولا إبراء.
(مسألة): قالت: بذلت صداقي على صحة طلاقي، فقال مجيباً لها: أنت مع الله كان كناية أو تكون بالله طالقاً ثلاثاً إن شاء الله تعالى، وقع عليها الثلاث إلا إن نوى التعليق بالمشيئة.
(مسألة): صغيرة بذلت صداقها إلى آخر فقال لها الزوج: أنت طالق إن أبرأتني، فقالت له: أنت البريء، ثم قال: وأنت كلما حللت حرمت، فالبذل الصادر منها في حال صغرها وطلاقه بعده وإبراؤها المذكورات لغو، وقوله لها بعد: أنت كلما حللت حرمت فهو تعليق تحريمها على ما إذا حلت له وهي الآن حلال، فلا يجب عليه شيء الآن، فإذا وجد منه بعد ذلك طلق رجعي وكان قد نوى بقوله حرمت الطلاق وقع الطلاق عليه ثانياً، فإن راجعها بعده وقعت الثالثة، وإن لم ينو الطلاق بأن نوى تحريم عينها أو أطلق فعليه كفارة يمين فليتأمل.
(مسألة): الخلع مع الصغيرة والسفيهة ولو بترك الصلاة من حال بلوغها واستمرارها على المذهب القائل: إن الرشد صلاح الدين والدنيا إن كان بصيغة المعاوضة كأنت طالق على ألف وكذا على تمام البراءة فقبلت، أو أبرأت فوراً يقع رجعياً فيهما، ولا يبرأ الزوج على المعتمد، خلافاً لمن ألحق هذه بما لو علق الطلاق على صحة البراءة فأبرأته وهي سفيهة، فإنه لا يقع به طلاق أصلاً لعدم وجود الصفة، ولو قالت السفيهة: بذلت صداقي الخ، فقال مجيباً: أنت طالق على ذلك لم يقع شيء لأنه صار مبتدئاً بذلك لا مجيباً، نعم لو حذف على ذلك وقع رجعياً مطلقاً علمت المهر أم لا، علم الزوج سفهها أم لا، ومما عمت البلوى به أن يحلف الزوج بالطلاق الثلاث على امتناعه من شيء، ثم يعنّ له أن يفعله فيرشد إلى أن يخالع زوجته ثم يجدد نكاحها، فيتعين البحث عن رشدها في هذه الصورة، لأنه بعدم الرشد يقع رجعياً، ولا تنحلّ اليمين بالطلاق الرجعي والبحث عن ذلك سهل، ولا يترتب عليه مفسدة ومشقة، ويجب البحث أيضاً فيما لو بذلت صداقها على صحة طلاقها، فطلقها ثم طلقها ثانياً في العدّة، إذ بسفهها يقع رجعياً، فالحاصل وجوب البحث حيث كان في ذلك انحلال يمين أو لحوق الطلاق لا في غير ذلك، إذ الطلاق واقع لا محالة ولا يختلف الحال، وأما من حيث المال فلا يجب، كما أنه لا يجب البحث على من أراد معاملة شخص عن حاله وإن غلب السفه، إلا إن تيقن عدم الرشد، وأنه مستمرّ من حال البلوغ، فلا تجوز معاملته والفرق الاحتياط في الأبضاع.
(مسألة): قالت له: بذلت لك مهري على أن تطلقني، فقال: لا أطلقك حتى تبرئيني من دينك، فقالت: أبرأتك من ديني، فقال: أنت طالق على ذلك أو على صحة ذلك، فقوله على ذلك يستدعي جواباً منها، فإن قالت بعده: أنت البريء أو أبرأتك وقع بائناً، وإلا لم يقع الطلاق أصلاً.
(مسألة): قال لوكيله: إذا بذلت فلانة صداقها على صحة طلاقها فقد وكلتك تطلقها، فقبل الوكيل وسار إليها فقالت: بذلت صداقي على طلاقي فطلقها الوكيل وقع الطلاق، كما لو قالت ذلك والزوج غائب، فلما بلغه الخبر طلق فيقع بائناً.
(مسألة): تواطأ هو وزوجته من غير تمليك على أن يعطيها أربع أواق، ثم باعها على لسان وكيلها بقرة بأربع أواق، ثم نذر الوكيل أنه إذا سلم للزوجة أربع أواق فسخ له في البقرة، فاختصما بعد ذلك فقالت له: بذلت صداقي على صحة طلاقي، فقال لها: إذا أبرأتيني من الأربع الأواقي فأنت طالق، فقالت: أنت البريء، فالمواطأة المذكورة غير لازمة إذ لا تأثير لها في الالتزام، فإذا باعها البقرة بأربع أواق صارت ملكها، والثمن ديناً له في ذمتها، والنذر المذكور غير صحيح، إذ لا يصح نذر الوكيل، ثم إذا علق طلاقها بعد أن بذلت على إبرائها من الأربع الأواقي فأبرأته لم يقع الطلاق لأنها لم تستحقها عليه فلم يصح الإبراء.
(مسألة): قال لها: أنت طالق ظاناً أنها أبرأت، فبان أنها لم تبرىء وقع الطلاق لتقصيره، نعم لو صرح بتعليق الطلاق على البراءة فلم تبرىء لم يقع الطلاق.
(مسألة): قالت لزوجها: بذلت ولم تذكر المبذول، فأجابها بقوله: أنت طالق وقع رجعياً لعدم ذكر العوض المبذول، إذ لا بد من ذكره في جعله بائناً، ويحتمل جعله كناية تحتاج إلى نيتها.
(مسألة): بذلت له رشيدة فقال: أنت طالق، فقيل له: قل ثلاثاً، فقال ثلاثاً، فإن كان في عزمه حال التلفظ بالطلاق أن يطلق ثلاثاً وقعن، وإن كان في عزمه واحدة أو لم تكن له نية ثم عزم على الثلاث بعد فراغه من لفظ الطلاق أو طال فصل فواحدة، وهذا كما لو سكت قليلاً ثم قال ثلاثاً. قلت قال في التحفة: والحاصل الذي ينبغي اعتماده أنه متى لم يفصل في ثلاث بأكثر من سكتة التنفس والعيّ أثر مطلقاً، ومتى فصل بذلك ولم تنقطع نسبته عنه عرفاً كان كناية، فإن نوى أنه من تتمة الأوّل وبان له أثر وإلا فلا، وإن انقطعت نسبته عنه عرفاً لم يؤثر مطلقاً، كما لو قال لها ابتداء ثلاثاً اهـ.
(مسألة): كسا امرأته ثوبين فطلبت طلاقها منه، فقال لها: لا أطلقك حتى تعطيني المهر والثوب الفلاني، فأحدثت بالثوب عيباً ينقص قيمته وبذلت الثوب والصداق على طلاقها فطلقها حينئذ ولم يعلم بعيب الثوب وقع بائناً وله رد الثوب ويرجع بمهر المثل، لكن لا يبرأ من الصداق حينئذ.
(مسألة): قال لزوجته: خالعتك بمائة درهم فقبلت، فلما سألها المائة قالت: إني لم أرض ببذل العوض، وادّعت أنها بهذا اللفظ لا تعرف أنه يجب عليها العوض قبل قولها بيمينها إن كان يخفى عليها ذلك بأن لم تخالط الفقهاء.
(مسألة): قالت له: طلقني، فقال: اخلسي الإزار وابذلي، فخلست وقبضه ثم قالت: بذلت صداقي على صحة طلاقي، فقال: أنت طالق ثلاثاً طلقت ثلاثاً وصح البذل، وأما الإزار فهو باق على ملكها لأنه لم يصدر فيه لفظ يدل على انتقال الملك إلى الزوج، إذ الخلع معاوضة وما فعلته لا يحصل به انتقال الملك في المعاوضات.
(مسألة): قالت: بذلت صداقي على صحة طلاقي، فجرى بينه وبين أجنبي محاورة قدر الفاتحة ثم قال: اشهدوا أنها يعني زوجته طالق، فهذا التراخي يصيره مبتدئاً بالطلاق، ويكون رجعياً إن كانت مدخولاً بها ولم تكن الثالثة، فإن قصد جوابها وكان ممن يخفى عليه ذلك لم يقع الطلاق.
(مسألة): قال لها: إذا أبرأتيني مما تستحقينه بذمتي فأنت طالق، فقالت: هل كان لي عليك حق؟ فقال: لا أدري ثم أبرأته لم يقع الطلاق، لأن الكلام المتخلل مشعر بالإعراض فيما يظهر.
(مسألة): التحقيق المنقول عن أبي زرعة أن قول الزوج أنت طالق على تمام البراءة صيغة معاوضة كأنت طالق على كذا لا صيغة تعليق، فإذا لم توجد براءة صحيحة وقع بمهر المثل، بخلاف قوله: إن أبرأتني فأنت طالق فلا يقع إن لم توجد براءة صحيحة، ولو قال لها على تمام البراءة، فقال لها آخر: هذا زوجك قد طلقك فأبرئيه فقالت: كيف أقول؟ فقال لها: قولي أنت البريء فقالته طلقت بائناً إن وجدت براءة صحيحة بأن نويا معيناً كالمهر وإلا فبمهر المثل، وما وجد من التخلل ليس قاطعاً لأنهم اغتفروا في الخلع تخلل الكلام اليسير. قلت: قال في التحفة: ولو قال أنت طالق على صحة البراءة، فإن أبرأت براءة صحيحة وقع رجعياً وإلا فلا، ومثلها على المعتمد طلقتك على صحة براءتك.
(مسألة): طلبت منه طلاقها وبذلت فقال: ما أنا بمطلق، ثم وكل في طلاقها فطلقها الوكيل وقع رجعياً إذ قوله: ما أنا بمطلق إعراض حقيقة، وقد عدوا الكلام الكثير مشعراً بالإعراض فهذا أولى، ويدل لذلك أنه لو طلق فوراً وقال: قصدت الابتداء قبل قوله وليس فيه إلا وجود الإعراض قصداً وهذا إعراض حقيقة.
(مسألة): الإبراء والتحليل من واد واحد من صريح الإبراء، فإذا قال لزوجته: أنت طالق على صحة براءة ذمتي من صداقك، فأجابته فوراً بقولها: أنت في حل من ذلك، وقع الطلاق وبرىء من المهر، بخلاف النذر والإرادة والمشيئة والرضا، وإن كانت مترادفة فلا يقع بها الطلاق المعلق بالإبراء لأنها في حكمه لا حقيقة.
(مسألة): طلاق ثلاثاً على تمام البراءة فقالت له فوراً: أنت البريء، ثم قالا: لم نقصد البراءة من المهر قبل قولهما فلا يقع طلاق، وإن كانت الصيغة صيغة معاوضة إذ لم يتفقا على شيء.
(مسألة): خالعها على أرض سلطانية وفيها عناء وشقاء لها وقع بمهر المثل إن كانت الصيغة صيغة معاوضة لفساد العوض والعناء باق بملكها، أما الأرض فلعدم ملكها لها، وأما العناء فلعدم صحة جعله عوضاً عن الطلاق لما قررناه في رسالتنا مزيل العناء أنه ليس لمالك العناء بيعه منفرداً عن الأرض ولا رهنه ولا هبته، ويصح النذر والوصية به.
(مسألة): خالعته وهي محجور عليها لخلل في عقلها، فإن بدأ الزوج فقال: خالعتك على كذا فقبلت فلغو، وإن بدأت هي فقالت: خالعني على كذا أو طلقني عليه فقال لها: أنت طالق، فإن قصد جوابها لم يقع الطلاق، وإن قصد الابتداء أو أطلق وقع رجعياً هذا هو المعتمد.
(مسألة): طلب من زوجته المسير إلى مكان معين فعصته فقال: إما تسير معي أو توكل أباها لإبراء ذمتي بعد طلاقها، فقالت: وكلت والدي على ما يصلح لي، ثم قال الزوج: اشهدوا أن زوجتي فلانة طالق ثلاثاً على صحة براءة ذمتي، فأبرأه أبوها من صداق ابنته فوراً لم تطلق ولم يصح الإبراء، ولا يكون بذلك وكيلاً في الإبراء، بل ذلك كما لو قال: فلانة طالق على صحة براءة ذمتي فأبرأه أجنبي، ثم أجاب ثانياً بما حاصله أنها إن أرادت بقولها على ما يصلح لي من مخالعتي بالمهر استفاد والدها الخلع بصداقها ويقع الطلاق وإن لم ترد ذلك، فالظاهر أنه لا يستفيد الإبراء عنه بمجرد التوكيل فيما يصلح لها إذا لم يجر منها تصريح ببذل مال في مقابلة الطلاق.
(مسألة): قال لها: أنت طالق إن خرجت بعلمي أو بغير علمي، فطريق الخلاص أن يخالعها بصداقها أو غيره، فيقع بائناً إن كانت رشيدة ديناً ودنيا، فإن لم تكن كأن كانت لا تصلي، فإن بلغت كذلك واستمرت عليه فلا يحصل التخلص بذلك، إذ الطلاق الواقع جواباً لبذلها يكون رجعياً، وطريقه فيها أن يبذل له رشيد مالاً فيطلقها عليها.
(مسألة): قال لها: إن نذرت لي بمائة دينار فأنت طالق، فنذرت له في الحال وقع رجعياً كما قاله السمهودي، خلافاً للرادد لأن النذر من القرب، ومثله إن تصدقت، فذكر النذر يلحق بما لوجود التعليق عن إرادة المعاوضة، كأن قال: إن أبرأتني عن صداقك فأنت طالق رجعية فأبرأته فإنها تطلق رجعياً مع حصول البراءة، بخلاف الضمان والالتزام والإعطاء ونحوها، فإنه يلحظ فيها المعاوضة. قلت في التحفة: وفي أبرأتني من صداقك فقالت: نذرت لك، قال جمع: لا يقع شيء والنذر صحيح، ومحله حيث لم ينو سقوط الدين من ذمته وإلا بانت بذلك وبرىء.
(مسألة): قال: أنت طالق ثلاثاً على صحة البراءة إلى مقابلة أوقية ونصف درهم من فلان، والحال أن المطلق يستحق على فلان هذا القدر من الدراهم، فأبرأت عن الصداق وقبلت الحوالة صحت البراءة ووقع الطلاق واستحقت الدراهم، وكأنها قالت: أبرأتك عن الصداق على الطلاق وعلى الأوقية والنصف، وذلك صحيح ولا ربا فيه، بناء على أن الإبراء إسقاط.
(مسألة): بذلت صداقها على جواز طلاقها فقال لها: أنت طالق ثلاثاً على صحة براءة ذمتي، أو إن صحت براءتك فأنت طالق ونوى بذلك براءته من الصداق وجميع ما يلزم بذمته لها ولم تبرىء لم يقع الطلاق، لأن حقيقة البذل غير حقيقة الإبراء، ولأنه علقه على صحة إبرائه ولم توجد هذا هو الصحيح كما أفتى به ابن عجيل وغيره.
(مسألة): قالت له: أبرأتك من المهر فطلقني حصلت البراءة، ثم إن شاء طلق ويقع رجعياً، وإن شاء لم يطلق، نعم إن صرحت بأنها أرادت جعل الإبراء عوضاً عن الطلاق وساعدها الزوج على ذلك، فإن كان طلقها في مجلس التواجب بانت وبرىء وإلا فلا.
(مسألة): قال لآخر: بادلت زوجتي إلى زوجتك، فقال: بادلت كان كالخلع على الحرام، فيقع عليهما بائناً على المعتمد لكن مع النية، إذ التبادل ليس من ألفاظ الطلاق، ويستحق كل على الآخر مهر المثل كما قال: طلق امرأتك على أن أطلق امرأتي، وفعلاً فإن الطلاقين يقعان بائناً بمهر المثل، إذا قصد كل الطلاق في مقابلة طلاق زوجته، كما رجحه ابن كج وزكريا.
(مسألة): شهد عليه شاهدان بأنه أقر بطلاق زوجته ثلاثاً على صحة البراءة من صداقها، وأنها أبرأته عنه ولم يتعرضا للفورية، فادعى أنها إنما أبرأته بعد طول الفصل صدق بيمينه.
(مسألة): قال لها: إذا خليت لي البقرة والمدرعة فأنت طالق ثلاثاً، فقالت: خلاهما الله لك، وقعت الثلاث وملك البقرة والمدرعة إن قصد بتعليقه المذكور كونها عوضاً عن الطلاق الذي علقه، وقصدت هي عند قولها خلاهما الله خليتهما لك عوضاً عن الطلاق، ولا عبرة بقولها بعد ذلك لا أرضى له بذلك، فإن لم تقصد ذلك فهما على ملكها ولا طلاق، وليس هذا كقوله: إن خليت ولدي فأنت طالق فخلته ثم أخذته وقلنا بوقوعه بمجرد التخلية، لأن التعليق على تخلية الولد لا يقصد منه المعاوضة، بل هو تعليق بصفة بخلافه هنا.
(مسألة): قالت له: بذلت صداقي على صحة طلاقي، فقال له شخص: قل وأنا طلقت، فقال: طلقت وقع الطلاق إن قاله جواباً لسؤالها له.
(مسألة): قال لزوج ابنته الطفلة: طلق بنتي على كذا في ذمتي وذلك قدر مهرها المستقر شرعاً، فأجابه الزوج: ابنتك طالق على ما بذلته لي، ثم أحال المطلق البنت على ذمة أبيها وقبل الأب الحوالة لكونها تحت حجره وقع الطلاق بائناً بالعوض المذكور الذي التزمه الأب، وأما الحوالة فإن كان الأب موسراً بالصداق ملياً به وكان انتقاله إلى ذمته أصلح من بقائه بذمة الزوج فالحوالة صحيحة ويبرأ بذلك وإلا فلا.
(مسألة): اختصم هو وزوجته المدخول بها فقالت له: بذلت صداقي على صحة طلاقي، وهي حينئذ وراء ظهره وامرأة أجنبية أمامه فأشار إليها وقال: هذه طالق وشهدت بينة بإشارته صدق بيمينه في عدم قصد الزوجة، إذ هذه أولى من مسألة العجوز، لأن فيها الإشارة إلى الأجنبية.
(مسألة): قالت له: طلقني وأبرئك من المهر وثمن الطعام الذي أستحقه عليك، فقال: أنت طالق وقع رجعياً بشرطه ولا يلزمها إبراؤه.
(مسألة): طلب من زوجته البذل مجاناً ليطلق فأبت، فأقبضها عيناً قبضاً فاسداً، فبذلت صداقها على طلاقها بظن صحة القبض، فطلق على ذلك البذل، كان البذل المذكور الذي بنته على ظن صحة المعاوضة عن الصداق غير صحيح فلا يبرأ منه، كما لو صالح على الإنكار ثم أبرأه بعده ظاناً صحة الصلح وطلاق الزوج المذكور المعلق على صحة البذل ولم يكن منها جواباً بعد غير نافذ.
(مسألة): قال لزوجته: إن أبرأتني فأنت طالق الثلاث، فجلست إلى آخر النهار ثم أبرأت لم يقع الطلاق، ولم يصح الإبراء إن بنته على ظن صحة الطلاق، فإن علمت الفساد فالبراءة صحيحة لأنها متبرعة بها.
(مسألة): بقي له على زوجته طلقة واحدة، فحلف بالطلاق لا يدخل مكان كذا أو لا يفعل أو لا يأكل كذا، فسألته زوجته أن يختلعها خلع فسخ عار عن لفظ الطلاق، وبنته على شيء على مذهب من يراه من العلماء، فاختلعها على ذلك الشيء ولم ينو طلاقاً بانت منه بذلك من غير نقص عدد الطلاق، فإذا أعادها بعقد جديد ثم فعل المحلوف عليه لم يقع الطلاق، وإذا عقد النكاح حاكم بتبع ما أفتيت به كان حسناً قاله البلقيني، وقال في جواب آخر: لا يكون طلاقاً ولا ينقص به العدد، وهذا الذي نصره جماعة ورجحوه وإن كان خلاف الجديد، وأفتيت به للخلاص من الحلف بالطلاق، وهذا بناء على جواز تقليد العلماء المجتهدين لا سيما عند الحاجة، وإن كان المقلد منتسباً إلى غير ذلك المجتهد اهـ.
(مسألة): اتهم زوجته بسرقة شيء وادّعى عليها فأنكرت، فطلب يمينها فحلفت له إني ما أخذت عليه المال المذكور ثم قالت له: بذلت صداقي على شرط طلاقي، فقال: أنت مطلقة إن كنت بريئة أو إن كنت ما أخذتيه، فقال له أجنبي: نجز الطلاق، فقال: أنت مطلقة إن كنت الخ، فإن شهدت بينة على سرقتها لم يقع الطلاق وإلا وقع، لأنها برئت شرعاً بإنكارها وحلفها، لأن الأصل براءة ذمتها، وحيث وقع فهو رجعي لأنه أعرض عن جواب بذلها بصورة التعليق، ولا يقع بتكريره ثانياً إلا إن قصد الاستئناف.
(مسألة): قال لها: أنت طالق الثلاث على صحة البراءة فأبرأته بعد أن مشت في البيت ساعة لم يقع الطلاق.
(مسألة): سألته الطلاق فقال: أعطيني مائة أوقية وأنت طالق، فهذه صيغة التزام فلا يقع إن لم تعطه المال، سواء قصد التعليق أو أطلق.
(مسألة): طلبت طلاقها فقال: ما تشهدون أنها طالق على صحة البراءة، فقالت: قبلت، ثم قال لها: كيفما حليت لي حرمت، فقوله: على صحة البراءة من صيغ المعاوضة التي يكفي في جوابها قبلت فيقع بائناً، فلا يضر قوله بعد ذلك، كيفما حليت حرمت عليّ وإن كرره.
(مسألة): قال: متى حصلت براءتي من صداق زوجتي فهي طالق قبل موتي، فوجدت البراءة بعد موت الزوج تبين وقوع الطلاق قبل موته بائناً كما حققه الرداد.