فصل: البيع:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: غاية تلخيص المراد من فتاوى ابن زياد



.باب اللباس:

(مسألة): نقل الطبري عن ابن الحاج أنه قال: وردت السنة بالرداء أو العمامة والعذبة، وكان الرداء أربعة أذرع ونصفاً أو نحوها، والعمامة سبعة أذرع أو نحوها ويخرجون منها التلحية، أي ما يخرج تحت اللحية والعذبة والباقي عمامة. وحكى الحافظ ابن حجر عن الواقدي أن طول ردائه ستة أذرع، وطول إزاره أربعة أذرع وشبران في عرض ذراعين وشبر، وذكر ابن بريدة في ذرع الرداء كالذي ذكره الواقدي في الإزار والأوّل أولى. وعن ابن الزبير أن طول ردائه أربعة أذرع وعرضه ذراعان وشبر، ويحمل اختلافهم على اختلاف الأحوال.
(مسألة): حظي ثوبه بحرير وجعل فيه قليل ذهب لا يحصل منه شيء بالعرض على النار حرم لبسه، والفرق بينه وبين الأواني أن الثوب ملبوس متصل بالبدن.
(مسألة): كان نقش خاتمه محمد رسول الله ثلاثة أسطر، وظاهر السياق أنه على هذا الترتيب، وأما قول بعضهم: إن محمداً سطر أسفل ورسول فوقه والله السطر الأعلى فلم أر التصريح به في شيء من الأحاديث، بل رواية الإسماعيلي يخالف ظاهرها ذلك، والأحرف المنقوشة مقلوبة ليخرج الخاتم مستوياً، وورد النهي عن فعل مثله لكن في حياته وكذا بعده إن كان مقلوباً لما فيه من التشبه به لا سيما، وقد قال بعض العلماء: كان في خاتمه شيء من السر الذي في خاتم سليمان عليه السلام فافهم، والذي صنع الخاتم ونقشه له يعلى بن أمية.

.باب العيد:

(مسألة): مذهبنا فيما إذا اجتمع عيد وجمعة سقوط الجمعة عمن حضر العيد من أهل القرى، ولا تسقط عن أهل البلد، وبه قال جمهور العلماء، وقال أحمد: تسقط حتى عن أهل البلد، ونقل عن عليّ كرم الله وجهه وابن الزبير وعطاء سقوط الجمعة والظهر، ولا تجب إلا لعصر ذلك اليوم، وقال أبو حنيفة: تجب الجمعة على الكل وإن حضر العيد.

.الجنائز:

(مسألة): لا يكون الزوج موسراً بما ورثه من مال زوجته، بل إن لم يكن له مال كفنت من مالها من أصل التركة لا من خصوص نصيبه، كما قاله أبو حميش والردّاد وولده، خلافاً للجوهري وابن شكيل والقماط. قلت: وافق الأوّلين ابن حجر وخالفهم (م ر) اهـ.
(مسألة): في فتاوى ابن الصلاح يحرم كتابة شيء من القرآن على الكفن صيانة له عن الصديد، وقال السمهودي: وقد روي عن طاوس أنه أمر بكتابة دعاء العهد الذي يسن دبر كل صلاة وهو: اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة إلى الميعاد، فكتب في كفنه، فإن ثبت عنه هذا فيبعد فعله له من غير توقيف بلغه اهـ.
(مسألة): قوله في حديث جابر في قتلى أحد كان يجمع بين الرجلين في ثوب واحد، حمله شيخنا الربيع على أنه كان يشقّ الثوب بينهما، وسبقه إليه ابن النحوي وابن حجر، ولا يلزم من جمعهما في ثوب تلاقي بشرتيهما كما لا يخفى، ويمكن حمل ذلك على ضيق الحال، فإن الجمع حينئذ أولى من عدم تكفين البعض، وينبغي حمله على تبرع شخص بكفن الجميع، وإلا فمن وجد له ما يجب تكفينه به ولم يوجد للآخر يبعد جواز اشتراكه في كفن الأوّل.
(مسألة): الحكمة في كون الميت لا يكفن في الحرير أن تكفينه في غير لائق بالمقام، وإنما جوّز للمرأة استصحاباً، ولو قيل بتحريمه فيها لكان وجه الحكمة فيه ظاهراً، ويكره كتابة شيء من القرآن على القبر.
(مسألة): المذهب ندب المشي أمام الجنازة للاتباع، وظاهر إطلاق الأصحاب أنه لا فرق بين كون الميت صغيراً أو كبيراً وقولهم لأنهم يعني المشيعين شفعاء لا يقتضي تخصيص ذلك بالكبير، لأنهم شفعاء في الجملة مع ما فيه من الاتباع ويستحب أن يعقد الملقن عند رأسه إي تلقاء وجهه، وأما الحاضرون فيستحب حضورهم التلقين والوقوف.
(مسألة): نطق مميز من أولاد الكفار بالشهادتين، وخالط المسلمين وتزيا بزيهم مواظباً على الصلوات والصوم وقراءة القرآن، ثم مات قبل البلوغ لم تجز الصلاة عليه فضلاً عن أولويتها، إذ جواز الصلاة عليه متوقف على الحكم بإسلامه، والمعتمد الذي صححه الجمهور عدم صحة إسلامه، ووجهه أن الإسلام رأس العبادات وأصلها، وصحة العبادة موافقتها للأمر، والأمر بالإسلام لا يتوجه على نحو الصبي، إذ لا خطاب يتعلق بفعل غير البالغ العاقل، فكيف يوصف إسلامه بالصحة مع عدم الأمر، وإنما صحت صلاة الصبي ونحوها لتوجه الأمر المتعلق بالولي إليه بواسطة ليعتادها فلا يتركها بعد بلوغه وهي نوافل، والإسلام لا ينتفل به، فلا يتعلق به إلا الأمر الجازم الخاص بالبالغ، وأما إسلام عليّ كرم الله وجهه فإن الأحكام علقت بالبلوغ عام الخندق، وأما قبل ذلك فكانت منوطة بالتمييز.
(مسألة): روى الشيخان: «الطاعون شهادة لكل مسلم» وفي البخاري عنه عليه الصلاة والسلام: «إذا سمعتم به ـ يعني الطاعون ـ بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع وأنتم بأرض فلا تخرجوا فراراً منه». وورد: «الطاعون شهادة لأمتي، وخز أعدائكم من الجن، غدّة كغدة الإبل يخرج في الآباط، والمراق، من مات منه كان شهيداً، ومن أقام فيه كان كالمرابط في سبيل الله، ومن فرّ منه كان كالفارّ من الزحف» قال الحافظ ابن حجر: وزعم بعضهم أن النهي للتنزيه، وقال بعضهم: يحرم لظاهر الأحاديث وهذا أرجح عند الشافعية وغيرهم، ويؤيده ثبوت الوعيد وجعله كالفرار من الزحف، وأن الصابر المحتسب له أجر شهيد، ومن مات به كان شهيداً، ويستنبط من الحديث أن من صبر واحتسب ثم وقع به الطاعون كان له أجر شهيدين، ولا مانع من تعدد الثواب بتعدد الأسباب، كمن يموت غريباً بالطاعون، أو نفساء مع الصبر والاحتساب والتحقيق فيما اقتضاه حديث الباب أنه يكون شهيداً بوقوع الطاعون به، ويضاف إليه مثل أجر الشهيد بصبره وثباته، فإن درجة الشهادة شيء وأجر الشهادة شيء، ويحصل أجر الشهادة لكل مسلم ولو غير مكلف، وإن كان عاصياً مصرّاً، كما هو الأقرب من احتمالين، وتكفر عنه السيئات غير التبعات، فتبقى عليه وهل يعدي؟ قال الطيبي: وأما ما ثبت عنه أنه قال: «لا عدوى» فهو على الوجه الذي كانوا يعتقدونه في الجاهلية من إضافة الفعل إلى غير الله تعالى، وقد يجعل الله بمشيئته مخالطة الصحيح من به شيء من العيوب سبباً لحدوث ذلك، ولهذا قال: "فرّ من المجذوم فرارك من الأسد" وغير ذلك من الأحاديث.
(مسألة): دخل حربي دار الإسلام فقتل مسلماً اغتيالاً فليس بشهيد، بخلاف ما لو قاتله حتى قتل، ولو وقع شخص بين كفار فهرب منهم فقتلوه فليس بشهيد أيضاً، وإذا التقى المسلمون والكفار فتقاتلوا بالبنادق والسهام من بعيد فمن قتل من المسلمين فهو شهيد، إذ يطلق عليه أنه قتل في قتال الكفار.
(مسألة): قولهم: ولا ينحى سابق لأولى محله في غير الأنبياء، أما لو حضر نبي كعيسى عليه السلام فيقدم وإن تأخر، لأن فضيلته قطعية وتصويره بعيد، لأنه يجب أن تدفن الأنبياء في موضع موتهم فكيف ينقلون؟ وورد أنه يدفن عند النبي، وأما كيفية وضع يد الميت في اللحد فلم أر من ذكرها، والأولى أن توضع اليمنى على الأرض مبسوطة وبطن كفها إلى السماء، وتبقى الأخرى على صدره على حالها حال التكفين، أذ لا يخاف سقوطها.
(مسألة): إذا تعينت صلاة الجنازة على الخناثي فالظاهر أنه لا يسقط الفرض بصلاة البعض عن الباقين لاحتمال أنوثته وذكورتهم.
(مسألة): دفن شخص قتله الكفار من غير غسل ولا صلاة بزعم أنه شهيد مع أنه ليس كذلك لجهل الدافنين بالحكم، وجب نبشه للغسل على المعتمد، فإن وجد منتفخاً أو منتناً وعسر إخراجه يمم بناء على الأرجح أنه ينبش للتيمم كالغسل.
(مسألة): دفن ميت بأرض التركة فباعها مالكها ولو وارثه لعالم بذلك لم يخير، ثم لو نقله نحو سيل لم يجبر المشتري على إعادته بمحله الأول إلا لضرورة، بأن لم يوجد مكان غيره يصلح للدفن، وفارق ما لو أعار أرضاً للدفن فإن الميت يعاد إذا أظهره نحو سيل ما لم يبل، لأن المشتري لم يأذن في الدفن بخلاف المعير.
(مسألة): الصحيح أن السؤال في القبر من خواص هذه الأمة، وهو معدود من خواصه، لقوله عليه الصلاة والسلام: «فأما فتنة القبر فيَّ تفتنون وعني تسألون» وكانت الأمم قبله تأتيهم رسلهم، فإن أطاعوا فذاك، وإن اعتزلوهم عوجلوا بالعذاب، ولما كان إرسال نبي هذه الأمة رحمة للعالمين، أمسك عن عذابها، وقبل منهم الإسلام ممن أظهره، سواء أسر الكفر أم لا، فإذا ماتوا قيض الله لهم فتانَي القبر يستخرج بهما سرهم، والحكمة فيه ما فيه من إظهار إيمان المؤمن وتمحيص ذنوبه، قال بعضهم: من فعل سيئة فالعقوبة تدفع عنه بعشرة أشياء: أن يتوب فيتوب الله عليه، أو يستغفر فيغفر الله له، أو يعمل حسنات فينجو بها، أو يبتلى بالمصائب في الدنيا فيكفر عنه، أو في البرزخ بالضغطة والفتنة فيكفر عنه، أو يدعو له إخوانه من المؤمنين ويستغفرون له، أو يهدون له من ثواب أعمالهم ما ينفعه، أو يبتلى في عرصات القيامة بأهوال تكفر عنه، أو تدركه شفاعة نبيه أو رحمة ربه.
(مسألة): من لم تبلغه الدعوة من الكفار وصبيان الكفار ومجانينهم فيهم أقوال كثيرة أقواها قولان: أحدهما أنهم من أهل الجنة مطلقاً من غير امتحان لقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} قال النووي: وهو المذهب الصحيح المختار. والثاني ونقله الحافظ ابن حجر عن جمع، وحكى عن الأشعري وغيره أن أولاد المشركين يمتحنون في الآخرة، بأن ترفع لهم نار فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً، من أبى عذب، روي ذلك عن أنس وأبي سعيد ومعاذ، وقد صحت مسألة الامتحان في حق المجنون ومن مات في الفترة من طرق صحيحة، وحكى البيهقي في كتاب الاعتقاد أنه المذهب الصحيح ولا مانع من ذلك.
(مسألة): جمع يجلسون يقرأون القرآن ويحضرون المقدمات التي فيها أجزاء القرآن العظيم، ثم يقوم بعض من يتغانى بذلك ويرفع المقدمات، ثم يتبعون ذلك بالدعاء. الأدب إبقاء مقدمات حال الدعاء عقب قراءة القرآن ليكون متشفعاً به في قبول الدعاء، وكذلك الأدب في حمل المقدمات أمام الجنازة إذا حملت للتبرك، والشفاعة بها إلى الرب جل وعلا أن تكون أمام المشيعين والميت تعظيماً للقرآن، وهو اللائق بحال الشافع، إذ يتقدم أمام المشفوع، والقرآن شافع للجميع كما وردت به الأخبار.
(مسألة): لا مانع من الجمع بين الأختين في الآخرة حتى في حق بنات الأنبياء، كما فعل عثمان رضي الله عنه، بأن يتزوج إحداهما وتموت في عصمته، ثم يتزوج الثانية وتموت، أو يموت وتبقى بلا تزوّج حتى تموت، لأن الله قد أذهب الغل والتحاسد الذي بسببه حرم الجمع في الدنيا، وإن كان من خصائصه أنه لا يجوز لأزواج بناته التزوّج على بناته لما ذكرنا من سبب التحريم، وإذا تزوج المرأة زوجان فأكثر فتكون لآخر الأزواج لما ورد في الأحاديث والآثار أنها لآخر أزواجها، ولا ينافي ذلك ما ورد عن أم حبيبة أنها قالت: يا رسول الله، أرأيت المرأة منا ربما يكون لها زوجان في الدنيا فتموت ويموتان فيدخلون الجنة لأيهما هي؟ قال: «لأحسنهما خلقاً، كان عندها في الدنيا» الخ، لأن ذلك خرّج مخرج المآل، أي لأن حسن خلقه كان سبب دوام الألفة والمحبة فلا يفارقها، وإن مات حزنت عليه ولم ترغب في غيره، أو أن سؤالها كان كناية لتعلم هي لمن في الآخرة، فأجابها إطلاعاً منه على ذلك، ولا ينافيه أيضاً ما ورد في صلاة الجنازة وأبدله زوجاً خيراً من زوجه بأن يراد به ما يعم إبدال الذات وإبدال الصفات.

.الزكاة:

(مسألة): الزكاة أحد أركان الإسلام، بل هي أخت الصلاة وقرينتها، حتى قال الصدّيق الأكبر رضي الله عنه: والله لأقاتلنّ من فرق بين الصلاة والزكاة، فمن جحد وجوبها كفر وقتل بكفره، ومن منعها بخلاً واعتقاداً أن ما يدفعه إلى الظلمة وأهل المكس مجزىء عن الزكاة كما هو مشاهد، فهو فاسق مرتكب الكبيرة مردود الشهادة، حتى يتوب التوبة المعتبرة شرعاً، ويجب على الإمام أخذها منه قهراً، وما يدفعه الزراع وأهل النخل من العاشرة بنية الزكاة لا يجزيهم ذلك أبداً ولا يبرأون عن الزكاة، بل هي واجبة على من وجبت عليه.
(مسألة): تقدم الزكاة مطلقاً على دين الآدمي المسترسل في الذمة، أما الدين المتعلق بمال الزكاة تعلقاً سابقاً عليها كالمرهون والمحجور فيقدم قطعاً، هذا في سورة كون الزكاة ديناً مسترسلاً في الذمة لتلف النصاب بعد التمكن، أما إذا كان النصاب باقياً فالزكاة مقدّمة على ما ذكر أيضاً.
(مسألة): مذهبنا وجوب الزكاة في مال المحجور عليه بصبا أو جنون أو سفه، فيجب على وليه كقاض إخراجها منه، بل يضمن بتركه وإن نهاه الإمام، إذ العبرة بعقيدة الولي لا المحجور، فحينئذ لا يضمن الولي إذا أخرجها على عقيدته لا عكسه، ولو أودع مالاً زكوياً لم يجز إخراجها، فلو صار المحجور عليه فاستحفظ الوديع أو وارثه قاض عليه لم يخرجها أيضاً إلا إن أقامه القاضي على المال، وحينئذ يجب عليه البحث عن المال المودع ليتمكن من الإخراج.
(مسألة): المذهب عدم جواز نقل الزكاة إلا لحاكم إلى بلد داخل تحت ولايته، كما يجب صرفها إلى الأصناف الثمانية وإن عسر، لإمكانه التخلص منه بالخلط وإن لم يجب، فمن اختار الإفتاء بغير ذلك وهو مجتهد فقد راعى المشقة، ويجوز تقليده في النقل وفي الصرف إلى ثلاثة أو واحد، وليس من تتبع الرخص، نعم إن خاف من إظهار الزكاة من ظالم جاز النقل مطلقاً، وينبغي أن يلحظ التقليد لمن يراه فهو واسع شائع.
(مسألة): اشترى نخلاً بعد بدوّ صلاحه لزم البائع زكاته، قلت: معنى لزومها أنه إن أخرجها منه أو من غيره قبل البيع أو قال: بعتك هذا إلا قدر الزكاة وعرفاه صح البيع في الأولى في الجميع، وفيما عدا قدرها الثانية بكل الثمن، وإن باعه الكل ولم يستثن صح فيما عدا قدرها في الأصح بحصته من الثمن، وليس للمشتري أن يخرج الزكاة بغير إذن البائع فليتنبه لذلك اهـ.
(مسألة): ظاهر الأدلة يقتضي فضيلة النخل على العنب، ففي الصحيح تشبيهها بالمسلم، وفيه أن من الشجر ما بركته كبركة المسلم، وبركة النخل ظاهرة في جميع أجزائها، مستمرة في جميع أحوالها، والنخل مقدم في جميع القرآن على العنب، وانظر ما فائدة الأفضلية إذ هي ترجع إلى الثواب، وقد يقال عليه: إن غرس النخل أفضل من غرس العنب لعموم نفعه.
(مسألة): قال لآخر: استقم لي على أرض، وأخرج عشر الغلة، وأعط الحاضرين منه، وخذ ما فضل، ففعل ذلك وأخذ الفاضل ثم دفعه إلى صاحب الغلة بدين له عليه، لم يصر الفاضل بمجرد ما ذكر زكاة لاتحاد القابض والمقبض، بل هو باق بملك مالكه، ولا يجوز دفعه عن الدين، بل الزكاة والدين باقيان بحالهما.
(مسألة): حصة الأوقية المعروفة بزبيد تسعة دراهم إسلامية وثلث درهم وسبع درهم، والرطل البغدادي على طريقة الشيخ النووي مائة درهم وثمانية وعشرون درهماً وأربعة أسباع درهم، وهو بأواقي زبيد ثلاث عشرة أوقية ونصف، والمد رطل وثلث، فيبلغ ثمان عشرة أوقية، والصاع الذي هو أربعة أمداد اثنتان وسبعون أوقية، والثلثمائة الصاع بأواقي زبيد 21600، إذا علمت ذلك وعرفت أن المدّ على طريقة النووي ثمان عشرة أوقية بأواقي زبيد، وعرفت أن الربيعة الزبيدية ثمان عشرة أوقية بأواقي زبيد أيضاً، ظهر لك أن المد ربيعة، وأن الصاع أربعة ربيعات، وهو الزبيدي في عرف أهل زبيد، وأن الوسق ستون صاعاً، فيكون مجموع الوسق ستة أثمان بأثمان زبيد الذي كل ثمن عشرة آصع، وأن النصاب الزكوي خمسة أوسق، فيكون ذلك ثلاثين ثمناً، وهو النصاب الزكوي، هذا تحريره على طريقة النووي. وأما على طريقة الرافعي فالرطل مائة وثلاثون درهماً، فيزيد في المدّ خمس أوقية، فالأحوط في الفطرة طريقة الرافعي، ويزيد على الزبيدي أربعة أخماس أوقية، والأحوط في الزكاة طريقة النووي.
(مسألة): جرت عادة الملوك ونوابهم بمسامحة العلماء والصلحاء في أراضيهم ونخيلهم، احتراماً لهم ودفعاً لما ينالونه من الولاة والعمال من المطالبة بالديوان، ومعنى المسامحة المذكورة أن المسامحين يتولون تفرقة عشر أراضيهم ونخيلهم على نظرهم على ذوي رحمهم ومن يستحق ذلك، وهذا أمر جائز لا شك في جوازه، وقواعد الشرع تقتضيه، فلو تعرض لهذا المسامح رجل وزعم أنه ضامن العشر وطلب تسليم عشر نخله حرم عليه ذلك، فلو أن المسامح صالحه على مال لبعد ولي الأمر عنه لم يستحقه ووجب رده إليه، وأثم هو ومن أعانه إثماً شديد، وإذا رفع الأمر إلى الحاكم وجب قصره عن ذلك، وبيان أن لا حق له ولا مطالبة بشيء.
(مسألة): طريق استخراج الزكاة فيما إذا أخرج مائة دينار مثلاً، ومضت على ذلك ثلاثون سنة بالقاعدة الحسابية، يعلم بما ذكره ابن الهائم في معونة الطلاب فقال: مائة مثقال من الذهب حبس زكاتها خمسة أعوام كم الواجب؟ فمعلوم أن الواجب في السنة الأولى ربع عشر المائة، وفي الثانية ربع عشر الباقي، وفي الثالثة ربع عشر الباقي بعد الواجبين الأوّلين وهكذا، فالعمل أن يحصل مخرج هذه الكسور الخمسة، فيكون نسبة قسطها إلى مخرجها كنسب المطلوب إلى المائة، إلى آخر ما أطال به الأصل.
(مسألة): أفتى البلقيني بجواز إخراج الفلوس الجدد المسماة بالمناقير في زكاة النقد والتجارة وقال: إنه الذي أعتقده وبه أعمل وإن كان مخالفاً لمذهب الشافعي، والفلوس أنفع للمستحقين وأسهل، وليس فيها غش كما في الفضة المغشوشة، ويتضرر المستحق إذا وردت عليه ولا يجد لها بدلاً اهـ. ويسع المقلد تقليده لأنه من أهل التخريج والترجيح، لا سيما إذا راجت الفلوس وكثرت رغبة الناس فيها، وقد سلف البلقيني في ذلك البخاري وهو معدود من الشافعية، فإنه قال في صحيحه باب العروض في الزكاة، وقال طاوس: قال معاذ لأهل اليمن: ائتوني بعرض ثياب خميص أو لبيس في الصدقة مكان الشعير والذرة أهون عليكم، وخير لأصحاب النبي بالمدينة اهـ. قال شارحه ابن حجر: باب العرض أي جواز أخذ العرض بسكون الراء ما عدا النقدين، ووافق البخاري في هذه المسألة الحنفية مع كثرة مخالفته لهم، لكن ساقه إلى ذلك الدليل اهـ. ولا شك أن الفلوس إذا راجت رواج النقدين فهي أولى بالجواز من العرض لأنها أقرب إلى النقود، فهي مترقية عن العرض، بل قضية كلام الشيخين وصريح كلام المحلي أنها من النقد، وحينئذ فسبيل من أراد إخراجها تقليد من قال بجوازه، ويسعه ذلك فيما بينه وبين الله تعالى ويبرأ عن الواجب، وقد أرشد العلماء إلى التقليد عند الحاجة، فمن ذلك ما نقل عن ابن عجيل أنه قال: ثلاث مسائل في الزكاة يفتي بهن بخلاف المذهب، نقل الزكاة ودفعها إلى صنف واحد، ودفع زكاة واحد إلى واحد، ومن ذلك ما في الخادم أنه إذا انقطع خمس الخمس عن آل النبي جاز صرف الزكاة إليهم عند الاصطخري والهروي والرازي وغيرهم، ومن ذلك ما أفتى به السبكي في بيع النحل بالكوارة بما فيها من شمع وعسل مجهول القدر والصفة إذا عمت البلوى، بأن البيع الغائب قد صححه أكثر العلماء وأتباعهم، ومثل هذا للفقير لا بأس به لأنه قول الأكثرين، والدليل يعضده، ولاحتياج غالب الناس إليه في أكثر الأموال الخ. ومن ذلك ما حكي أن الأمام الطبري لما أراد أن يكبر في بعض الصلوات إذا بطائر قد ذرق عليه فقال: أنا حنبلي وأحرم، ومعلوم أنه كان شافعياً يجتنب الصلاة بذرق الطائر.

.الفطرة:

(مسألة): تجب زكاة الفطر في الموضع الذي كان الشخص فيه عند الغروب، فيصرفها لمن كان هناك من المستحقين، وإلا نقلها إلى أقرب موضع إلى ذلك المكان، ولا يجزئه المعجل لو كان قد عجلها والحالة هذه بل يخرج ثانياً، نعم لو كان حين الغروب بموضع لا فقراء فيه وكان المكان المعجلة هي فيه أقرب المواضع إليه أجزأه حينئذ.

.قسم الصدقات:

(مسألة): قول العباب في مبحث ابن السبيل: ولا إن سافر للكدية فلا يعطى، والكدية هي السفر بلا غرض كما أفتى به القفال فإنه قال: لا يجوز صرف سهم ابن السبيل إلى الصوفية، لأن سفرهم لا غرض فيه لأنهم يسافرون للكدية اهـ.
(مسألة): لا يجوز إعطاء من يستخدمه بالنفقة والكسوة باسم الفقر والمسكنة وإن لم يجز عقد إجارة، لأنهم مكفيون بنفقة وكسوة، نعم له أن يعطيهم من سهم الغارمين بشرطه.

.صدقة التطوّع:

(مسألة): تصدق على سائل ملحّ ولو ترك الحاجة لم يعطه، لكن نوى عند التصدق وجه الله تعالى، فهذا قريب من نية التبرد مع نية رفع الحدث، والظاهر كما قال السمهودي ما حققه الغزالي من أنه إذا قارن نية العبادة باعث آخر فلا يخلو إما أن يكون موافقاً أو مقارناً أو مشاركاً، فالموافق كمن له غرض في الصوم والحمية الحاصلة من الصوم للتداوي، وكل منهما لو انفرد لاستقل، فهذا يرجى أن يثاب لكن لا يقع موقع الرضا. والمقارن كما إذا كان يأتي بالعبادة بتكلف، فإذا رآه الناس خف عليه، فهذا ينقص من ثوابه بقدر خفة العبادة. والمشارك كمن يعمل لأجل الثواب ولأجل الناس، ولو انفرد كل منهما لم يعمل، فهذا لا شك في بطلانه وإحباط ثوابه، إلا أن يكون باعث أحدهما أقوى، فيثاب أو يأثم بقدر حاله. ويتلخص من كلامه في مواضع أخر أنه إذا كان الباعث الدنيوي هو الأغلب فلا ثواب، أو الديني فله ثواب بقدره، وإن تساويا تساقطا، ولو تصدق على فقير لفقره أو على قريب من غير إحضار نية وجه الله تعالى فالأليق بكرم الله تعالى أن يثاب على ذلك، فإذا نوى به ابتغاء وجه الله تعالى ازداد أجره بذلك، وقال ابن دقيق العيد: لا ثواب في الإنفاق على نحو الزوجة إلا إن ابتغى به وجه الله تعالى.
(مسألة): يجوز أخذ مال السلطان إذا لم يتحقق أن المأخوذ حرام، وإن كان أكثر ماله حراماً، كما نقله النووي عن الشافعي والأصحاب رضي الله عنهم قال: وشذ الغزالي في الإحياء بقوله: إنه يحرم مبايعة من أكثر ماله حرام، وأخذ المال من السلطان إذا كان أكثر ما في بيت المال حراماً كما هو الغالب، وفي الأنوار تفصيل في جواز الأخذ حاصله أنه إذا كتب السلطان إدراراً لفقيه أو غيره إن كان على نحو جزية وكان من أهل الفيء أو على ميراث مما هو بيت مال حل، وإن كان على نوع المكس فحرام الخ اهـ

.الصوم:

(مسألة): المعتمد أن العبرة في البعد باختلاف المطالع، فقد يكون اختلاف المطالع في دون مسافة القصر، ونقل الناشري عن يوسف الحباني أن مطلع تعز وعدن وزبيد وصنعاء واحد وقد رصدوا ذلك وحققوه.
(مسألة): إذا شهد العدل أثناء رمضان بتقديم الرؤية على صوم الناس وجب الأخذ بقوله ولزم قضاء يوم، كما قاله السمهودي خلافاً للزركشي. ومن فوائد قبول الشهادة غير ما ذكر معرفة ابتداء وقت القنوت وصحة الإحرام بالحج في اليوم المحكوم بأنه من شوّال بالشهادة المذكورة وزكاة الفطر وغيرها، ولو صام أهل بلد الجمعة مثلاً، ثم نبت أثناء الشهر أن أهل بلد أخرى شرقية صاموا الخميس، لزم أهل البلد الغربية قضاء يوم اتحد مطلعهما أم لا، لما ذكره الإمام المجتهد الزركشي من أن رؤية الهلال في البلد الشرقية مستلزم رؤيته في الغربية ولا عكس، وذلك لأن سير القمر معاكس سير الشمس ولزمهم فطر السبت وإن لم يروا الهلال، قلت: اعتمده ابن حجر في الفتاوى.
(مسألة): بلدان متحدا المطلع صام أهل واحدة قبل الأخرى، ثم ثبت عند حاكمها صوم أهل تلك قبلهم لزمهم الفطر قبل تمام العدة وقضاء اليوم الأول وقضاؤه على الفور، كمن فاته الحج كما نقله المتولي، وإن نظر فيه بعضهم، ولا يكون يوم شك لأن يوم الشك أن يرى الهلال عدد يردّ أو تشيع رؤيته.
(مسألة): إذا تقارن الإيلاج ونحو الأكل لم تجب كفارة كما قاله الزركشي والرداد لأنها تسقط بالشبهة.
(مسألة): لا يبطل صوم ولا صلاة من فتح فاه حتى دخل دخان البخور أو غبار الطريق أو غربلة الدقيق وإن تعمده كما قاله الشيخان، إلا إن قصد وصوله جوفه.
(مسألة): مذهبنا أن الصوم للمسافر أحب إن لم يتضرر به براءة للذمة ومحافظة على الوقت، ولأنه الأكثر من فعله وإلا فبالعكس، ويؤخذ من حديث: «ليس من البر» الخ كراهة الصوم لمن يجهده الصوم ويشق عليه، أو يؤدي إلى ترك ما هو أولى من القربات وعليه ينزل الحديث.
(مسألة): من سنن الصوم كف نفسه عن الشهوات من المسموعات والمبصرات والمشمومات والملابس بكف الجوارح وإن كانت مباحة فهو سرّ الصوم ومقصوده الأعظم لتنكسر نفسه عن الهوى وتقوى على التقوى بكفّ الجوارح عن تعاطي ما تشتهيه، بل يكره شم الرياحين، ولا يفطر بشمها وشم ماء الورد، لأن المفطر وصول عين جوفه، والريح ليس بعين بشرطه السابق في نحو الغبار.
(مسألة): يستحب التطيب لمريد الصوم قبل طلوع الفجر قياساً على مريد الإحرام، وعلى السواك قبل الزوال.

.الاعتكاف:

(مسألة): المضاعفة المختصة بمسجده بالموجود في زمن فيه قاله النووي والسمهودي المعتمد أنها تعم ما زيد بعده، ونقله عن ابن تيمية والطبري، وليست مسألة الحلف على أن لا يدخل هذا المسجد فزيد فيه من هذا، لأن الأيمان يلحظ فيها العرف اهـ. والأصح عند النووي أن تضعيف الصلاة يعم جميع الحرم المكي ولا يختص بالمسجد ولا بمكة. قلت: وافق النووي ابن حجر فيهما لقوله عليه الصلاة والسلام: «صلاة في مسجدي هذا» الخ اهـ.

.الحج:

(مسألة): إذا بذل الوالي أو آحاد الرعية للرصدي المال الذي يطلبه من الحاج وجب عليهم الحج، ولا يقال: إن في بذل الآحاد منة، إذ لا نظر إليها فيما يتعلق بالأمور العامة، لأنه إذا بذل عن جميع الحاج ضعفت المنة جداً بالنسبة لكل فرد، بحيث لا يمنع ذلك الوجوب، ومن مات والحالة هذه وجب أن يقضي من تركته إن كان مستطيعاً.
(مسألة): إذا ملك من العقار غير مسكنه المعتاد وما يكفيه إذا باعه لمؤنة الحج ذهاباً وإياباً لزمه بيعه وإن بقي مسكيناً.
(مسألة): يجوز أن يحج عن ميت غير مستطيع وإن لم يوص به، كما أشعر به كلام الرافعي، ويقع عن حجة الإسلام ويثاب الحاج المتطوّع على ذلك.
(مسألة): يجوز للمستطيع تأخير النسك بعد سنة الإمكان بشرط العزم على الفعل في المستقبل كما في الصلاة، فلو مات بعد انتصاف ليلة النحر ومضى إمكان الرمي والطواف والسعي إن دخل الحاج بعد الوقوف مع اعتبار ما يسع زمن الحلق أو التقصير مات عاصياً لاستقرار الوجوب عليه، ولأنه إنما جوّز له التأخير لا التفويت، فيلزمه الإحجاج من تركته، ويتبين عصيانه من وقت خروج الناس إلى الموت، ويختلف ذلك في كل بلدة باختلاف خروج أهلها، فلو تمكن من الحج سنين ثم مات فالصحيح أنه من السنة الأخيرة، فيتبين فسقه فيها من حينئذ، هذا إن علم الحال وإلا لم يفسق، إذ شرط العصيان العلم، وحيث حكم بفسقه انسلبت عنه الولايات مما شرطه العدالة وينقض ما شهد به، وكذا أحكامه إن كان قاضياً، ويفرق بينه وبين ما ذكروه من عدم نقض أحكامه الواقعة بين العزل وبلوغ الخبر ببقاء الأهلية ثم لا هنا. ويفرق بين الحج والصلاة من عدم عصيان من مات والوقت يسعها بأن آخر وقتها معلوم، فلا تقصير ما لم تؤخر عنه، والإباحة في الحج بشرط المبادرة قبل الموت، وقولهم يزول عصيان المسافر يوم الجمعة من غير عذر بفواتها، فالمراد زوال معصية السفر حتى يكون سفره مباحاً، وابتداؤه من حينئذ لا ترك الجمعة، فلا تزول معصيته إلا بالتوبة بشرطها.
(مسألة): شك بعد الفراغ من أعمال الحج هل أحرم أم لا لم يؤثر، كما إذا شك في نية الصوم بعد الغروب أفتى به القماط وغيره، وهذا بخلاف الشك في نية الصلاة أو الوضوء بعد فراغهما فإنه يؤثر خلافاً للسمهودي، لأن المشقة فيهما أخفّ منها في ذينك.
(مسألة): من ركب البحر من جهة اليمن وحاذى يلملم من جهة البحر فهذا ميقاته، فإذا جاوزه إلى جهة جدة فقد ذكر أهل الخبرة أن مجاوزة ذلك ليست مجاوزة للميقات إلى جهة الحرم، بل إلى جهة يسار الميقات وهو لا يضر إلا إن كان إلى جهة الحرم، فإن صح ما قالوه وأحرم من جدة وكان بينها وبين مكة كما بين يلملم ومكة أو أكثر فلا دم عليه، وقد كتب بعض محققي مكة أن النشيلي مفتي مكة في عصره أفتى بذلك، وهو ظاهر إن كان كما ذكرنا فيكون هو منقول المذهب، قلت: رجح ابن حجر في التحفة وغيرها جواز الإحرام من جدة مطلقاً، لأن بينها وبين مكة مرحلتين، وخالفه بعض تلامذته.
(مسألة): يشترط علم المتعاقدين أعمال النسكين الواجبة أركاناً وغيرها، فلو جهلها المستأجر فسد العقد واستحق الأجير أجرة المثل، كما لو استأجره على الحج والعمرة على الإبهام ويقع لمن استؤجر عنه فيهما.
(مسألة): لا يشترط في عقد الإجارة ذكر الواجبات والسنن ولا ذكر الميقات، وإنما يشترط علم المتعاقدين بأعمال النسكين الواجبة، وبيان أنه إفراد أو تمتع أو قران، وصفة الإجارة كأن يقول: ألزمت ذمتك حجة أو عمرة عن فلان ابن فلان بأركانها وواجباتها وسننها بكذا، أو استأجرتك لتحج مثلاً عن فلان ابن فلان حجة بواجباتها وأركانها وسننها بكذا..

.محرمات الإحرام:

(مسألة): أحرم الولي عن الصبي وفي ملكه صيد صح إحرامه، وزال ملك الصبي عن الصيد وغرمه الولي كالكفارة التي لزمت بالإحرام.
(مسألة): لا يجوز لبس الطاقية الجبلية المعروفة بزبيد وهي المكعب عند الفقهاء وتسمى المداس، فإن لم يجد النعل المعروف جاز لبسها ولبس الخف إذا قطع أسفل من الكعبين، وإن ستر ظهر القدمين كله خلافاً للخادم.

.البيع:

(مسألة): يصح بيع القطاط الذي تأكله النساء الحوامل، وإن حرم ما يضر منه لما فيه من منافع يذكرها الأطباء كالأفيون والسقمونيا فلا شك في صحة بيع الكل، ويملك ثمنه على المذهب، خلافاً للدميري في تحريم بيعها مطلقاً، والزركشي القائل بتحريم الكثير.
(مسألة): لا يصح بيع المعجون المصنوع من الحشيش والبنج وغيرهما وكذا البرش، وأما نفس الحشيش فإن كان ينفع للتداوي صح بيعه حتى الكثير وإلا فلا.
(مسألة): لا يصح بيع المريض مرض الموت ماله لبعض ورثته بمحاباة على المعتمد، كما نقله في الروضة عن القفال.
(مسألة): اشترى شمطاً مطوياً لم يره الرؤية المعتبرة لم يصح الشراء، فلو خطأه المشتري كان حكمه كما لو صبغ الثوب، إذا زادت قيمة الثوب بالخطية كان شريكاً بالزيادة، وإن نقصت فضمان النقص على الخطأ، وليس له أن يرجع على البائع لأن التنقيص حصل بفعله، فيستقر الضمان عليه.
(مسألة): اشترى من آخر أرضاً بأن قال: بعتك هذه الأرض بكذا، فبان أن للمشتري نصف هذه الأرض بالإرث بطل البيع فيه وصح في النصف الآخر بنصف الثمن عملاً بتفريق الصفقة، ويصح بيع الأرض المجهولة الذرع إذا علم المتبايعان حدودها وإلا فلا.
(مسألة): تعاقد اثنان عقد بيع ثم نذر المشتري للبائع في المجلس أنه إن أتى له بالثمن في وقت كذا أن يبيعه عليه فسد البيع لأن النذر لاحق للعقد، فكأنه شرط له أن يبيعه إياه في ذلك الوقت حال العقد. قلت: وإذا فسد البيع هل يصح النذر أم لا؟ نقل الشيخ محمد باسودان عن الكردي البطلان، وسيأتي في الإقالة التصريح بالبطلان أيضاً.
(مسألة): اشترى ذرباً صيباً مما لا يقتات كصيب الحور بشرط أن ينبت فلم ينبت مع صلاحية الأرض للإنبات، فإن كان غير صالح للإنبات وكان حينئذ لا قيمة له فالبيع باطل، لأن من شروطه أن يكون متقوّماً فيجب على البائع رد الثمن.
(مسألة): باع شيئاً وعبر عن الثمن بمائة دينار مثلاً، واطردت عادتهم في التعبير بالدينار عن قدر معلوم من الدراهم صح وحمل على ما يتعارفونه، قاله جماعة من المتأخرين وهو المختار، ونقل عن الماوردي وابن الصباغ وصاحب البيان عدم الصحة، ووجهوه بأن الدينار لا يعبر به عن الدراهم ولا غيره حقيقة ولا مجازاً.
(مسألة): باع أرضاً ونخلاً برؤية سابقة، والحال أن الأرض قد تغيرت بخراب زبر وإصلاح وزوال عناء وتغير النخل بزيادة ونقص لطول المدة لم يصح البيع.
(مسألة): لو كان له عناء محترم من زبر وحرث في أرض وزادت به قيمتها كان شريكاً في الأرض بقدر ما زادت به قيمتها بسبب العناء المذكور، لأن الأعيان التي أحدثها وهي الزبر وغيره بالتراب الذي استولى عليه مما ساقه الماء من التراب الجبلي صارت ملكاً له، وإذا كان شريكاً فالذي حققناه في رسالتنا مزيل العناء أنه ليس لمالك العناء بيعه منفرداً عن الأرض ولا هبته، وأنه يصح النذر والوصية به منفرداً لسعة بابهما.
(مسألة): العناء الذي يحدثه الرعية في أراضي الوقف والسلطانية بمثابة العمارة التي من وظائف الناظر في ذلك الواجب تقديمها على أرباب الوظائف، بل على الموقوف عليه، كما هو مسطور في كتب المذهب، وحينئذ إذا مات مدين وخلف عناء محترماً لا يملك غيره وطلب أرباب الديون دينهم أخذ الناظر العناء المذكور بقيمته ويصير وقفاً على الجهة بمجرد أخذه بطريق التبعية للأراضي، وما قيل من امتناع بيع العناء محله إذا بيع من غير الناظر أو منه ليصير ملكاً له لا ليصير ملكاً للجهة، وأما بيعه من الغرماء فلا يمكن، وأفتى بعضهم في أرض موقوفة بأنه يجوز بيع التراب الذي زاد علينا بعد الوقف، ومنه يعلم أن العناء إذا أحدثه المستأجر من تراب أجنبي عن الأرض الموقوفة جاز له بيعه.
(مسألة): اشترى أرضاً فوقفها ثم انتقل انتقل الوقف إلى ذرية الواقف عملاً بشرطه، ثم بعد سنتين ثبتت وقفية الأرض المذكورة على مصرف آخر تبين بطلان البيع والوقف المذكورين، وطولب الباسطون بأجرة الأرض مدة بسطهم عليها في السنتين المذكورتين، وإن لم تحصل لهم غلة لا للمدة التي كانت تحت يد غيرهم إن لم تقع يدهم على شيء من تركة الباسط الأول، ولهم الرجوع على بائع الأرض إن لم يستوفوا منفعتها في المدة المذكورة، وإذا عنوا الأرض عناء عينياً بتراب جبلي أو نحوه وزادت به قيمة الأرض فهو باق بملكهم لهم المطالبة بقيمته.
(مسألة): اشترى أمة فشهدت بينة حسبة أنها حرة الأصل ولم يسبق منها إقرار بالرق تبين فساد البيع، وكذا لو ادعت الأمة المذكورة أنها حرة الأصل ولم يسبق منها الإقرار المذكور كان القول قولها بيمينها، ولا تحتاج إلى بينة في ذلك، بل لا تسمع بينتها لأن حجتها اليمين، ويرجع المشتري على البائع بالثمن في الصورتين.
(مسألة): اشترى صبغاً معيناً وغلب على ظنه أنه صبغ من نوع معتاد كمداد فبان خلافه فلا خيار له في ذلك، وإن بان دون ما ظنه، لما علم من مذهبنا أنه لا خيار بالغبن، نظير ما لو اشترى زجاجة يظنها جوهرة.
(مسألة): باع عيناً معلومة بمائة مولدة خرط كل مولدة ضمنها قصعتين إحداهما في ضمن الأخرى، وكل ذلك من الخشب الأثل، مصبوغ بألوان معلومة حال في ذمة المشتري، لم يصح البيع لما ذكر أصحابنا أنه لا يصح السلم في الخشب المخروط إلا أن ينضبط وضبطه متعسر، وعلى تقدير استيفاء ضبطه فالصبغ الذي يصبغ به الخشب من أجزاء مقصودة غير منضبطة، كالترياق والحلوى والمعجونات، ومثل ذلك لا يصح السلم فيه ولا بيعه في الذمة، لا سيما إذا كانت المولدة المذكورة منقوشة فإن النقش غير منضبط.
(مسألة): لا يصح التأجيل بالخير لمجيء الغيث ونحوه لأنه غير معلوم، فيلزم من اشترى شيئاً أو باعه إلى ذلك رد ما قبضه والمبيع باق على ملك البائع.
(مسألة): لا يصح بيع الأرض المحفوفة بالأملاك ممن لا ملك له عندها وإن اعتقد رضا الأجوار في بعض الأوقات.
(مسألة): رسم على امرأة عند حاكم السياسة بسبب أن ابنها أخطأ على جعلاء معه فحبسها الحاكم وخسرها مالاً، فلم تجد الخلاص إلا إن باعت من المرسم المذكور أرضاً لولدها من غير وكالة ولا إذن منه لم يصح البيع.
(مسألة): رجل بينه وبين جماعة نخل مشترك فألزمه حاكم السياسة تسليم عاشرة النخل وحبسه وأكرهه على بيع جميع النخل المشترك، فلم يجد مخلصاً إلا أن باعه النخل بين يدي حاكم الشريعة، فإن وجدت شروط الإكراه وهي أن يكون المكره له قادراً على إيقاع ما تهدد به من ضرب شديد أو حبس طويل ونحوه، والمكره عاجز عن الدفع بفرار ونحوه، وأن يغلب على ظنه أنه إن امتنع مما طلبه منه أوقع به المحذور، وإن لم يقل المكره أفعل بك الآن خلافاً لمن وهم فيه، بل الشرط عدم تأجيل العقوبة كقوله: أفعل بك غداً، على أن شيخنا المزجد نظر في ذلك لم يصح البيع في الجميع، وإن لم توجد الشروط المذكورة صح في نصيبه بقسطه من الثمن عملاً بتفريق الصفقة، كما لو مات شخص عن ورثة وخلف عقاراً فباعه أحدهم بغير إذن الباقين، فيصح في نصيبه بقسطه من الثمن، ويلزم المشتري أجرة المثل للمدة التي بسط عليها بعد الشراء للباقين، هذا إن لم يكن على الميت دين ولا هناك وصية وإلا بطل في الجميع.
(مسألة): رهن داراً بدين معلوم إلى أجل كذلك، ثم أجرها المرتهن إلى انتهاء الأجل بأجرة معلومة مسلمة، ثم باعها له في أثناء المدة صح الكل، ولا يستحق المستأجر شيئاً فيما بقي من مدة الإجارة، فلو أن المشتري باعها لأجنبي انتقلت الدار إليه بمنافعها، ولا يستحق حبسها إلى انقضاء مدة الإجارة على المعتمد، كما رجحه شيخنا المزجد والناشري وغيرهما. قلت: وفي التحفة ولو ردّ المبيع بعيب استوفى بقية المدة أو فسخت الإجارة بعيب أو تلفت العين رجع بأجرة باقي الإجارة، فإن باعها لغير المستأجر وانفسخت الإجارة فمنفعة بقية المدة لبائعها.
(مسألة): له في ثور ثلاثة أرباعه فباع من آخر ربع الثور كان المبيع ثلاثة أرباع ربع الثور ثلاثة أسهم من ستة عشر سهماً، إذ هذه المسألة فرد من أفراد قاعدة الحصر والإشاعة، والمعتمد هنا التنزيل على الإشاعة. قلت: رجح ابن حجر في التحفة في نظير هذه الحصر فقال: لو كان له نصف عبد فباعه نصف اختص بملكه، قال: وألحقوا به نحو الهبة والإقرار والوصية والصداق والرهن والعتق.