فصل: الكتاب الرابع في القياس:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: غاية الوصول إلى شرح لب الأصول



.(مسألة الأصح إمكانه):

أي الإجماع، وقيل لا يمكن عادة كالإجماع على أكل طعام واحد، وقول كلمة واحدة في وقت واحد. قلنا هذا لا جامع لهم عليه لاختلاف شهواتهم ودواعيهم، بخلاف الحكم الشرعي، إذ يجمعهم عليه الدليل الذي يتفقون على مقتضاه. (و) الأصح (أنه) بعد إمكانه (حجة) شرعية (وإن نقل آحادا) قال تعالى: {ومن يشاقق الرسول} الآية، توعد فيها على اتباع غير سبيل المؤمنين فيجب اتباع سبيلهم وهو قولهم أو فعلهم فيكون حجة وقيل لا لقوله تعالى: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} اقتصر على الرد إلى الكتاب والسنة. قلنا وقد دل الكتاب على حجيته كما مر آنفا، وقيل لا إلا إن نقل آحادا لأنه قطعي فلا يثبت بخبر الواحد. (و) الأصح (أنه) بعد حجيته (قطعي) فيها (إن اتفق المعتبرون) على أنه إجماع (لا إن اختلفوا) في ذلك (كالسكوتي) فإنه ظني، وقيل ظني مطلقا، إذ المجمعون عن ظن لا يمتنع خطؤهم والإجماع عن قطع غير محقق (وخرقه) أي إجماع القطعي وكذا الظني عند من اعتبره بالمخالفة (حرام) للتوعد عليه بالتوعد على اتباع غير سبيل المؤمنين في الآية السابقة. (فعلم) من حرمة خرقه (تحريم إحداث) قول (ثالث) في مسألة اختلف أهل عصر فيها على قولين (و) إحداث (تفصيل) بين مسألتين لم يفصل بينهما أهل عصر. (إن خرقاه) أي إن خرق الثالث والتفصيل الإجماع بأن خالفا ما اتفق عليه أهل عصر، بخلاف ما إذا لم يخرقاه، وقيل هما خارقان مطلقا، لأن الاختلاف على قولين يستلزم الاتفاق على امتناع العدول عنهما وعدم التفصيل بين مسألتين يستلزم الاتفاق على امتناعه. قلنا الاستلزام ممنوع فيهما مثال الثالث خارقا ما قيل إن الأخ يسقط الجد، وقد اختلفت الصحابة فيه على قولين قيل يسقط بالجد، وقيل يشاركه كأخ فإسقاط الجدّ به خارق لما اتفق عليه القولان من أن له نصيبا، ومثاله غير خارق ما قيل إنه يحل متروك التسمية سهوا لا عمدا، وعليه الحنفي، وقيل يحل مطلقا، وعليه الشافعي، وقيل يحرم مطلقا، فالفارق موافق لمن لم يفرق في بعض ما قاله، ومثال التفصيل خارقا ما لو قيل بتوريث العمة دون الخالة أو عكسه، وقد اختلفوا في توريثهما مع اتفاقهم على أن العلة فيه أو في عدمه كونهما من ذوي الأرحام، فتوريث إحداهما دون الأخرى خارق للاتفاق، ومثاله غير خارق ما. قلنا إنه تجب الزكاة في مال الصبي دون الحليّ المباح، وقيل تجب فيهما وقيل لا تجب فيهما فالمفصل موافق لمن لم يفصل في بعض ما قاله.
(و) علم (أنه يجوز إحداث) أي إظهار (دليل) لحكم (أو تأويل) لدليل ليوافق غيره (أو علة) لحكم غير ما ذكروه من الدليل والتأويل، والعلة لجواز تعدد المذكورات (إن لم يخرق) ما ذكروه بخلاف ما إذا خرقه بأن قالوا لا دليل ولا تأويل ولا علة غير ما ذكرناه، وقيل لا يجوز إحداث ذلك مطلقا لأنه من غير سبيل المؤمنين المتوعد على اتباعه في الآية. قلنا المتوعد عليه ما خالف سبيلهم لا ما لم يتعرضوا له كما نحن فيه (و) علم (أنه يمتنع ارتداد الأمة) في عصر (سمعا) لخرقه إجماع من قبلهم على وجوب استمرار الإيمان. وقيل لا يمتنع سمعا لا يمتنع عقلًا قطعا (لا اتفاقها) أي الأمة في عصر (على جهل ما) أي شيء (لم تكلف به) بأن لم تعلمه كالتفضيل بين عمار وحذيفة فلا يمتنع إذ لا خطأ فيه لعدم التكليف به، وقيل يمتنع وإلا لكان الجهل سبيلًا لها فيجب اتباعها فيه وهو باطل. قلنا يمنع أنه سبيل لها إذ سبيل الشخص ما يختاره من قول أو فعل لا ما لا يعلمه أما اتفاقها على جهل ما كلفت به فممتنع قطعا (ولا انقسامها) أي الأمة (فرقتين) في كل من مسألتين متشابهتين (كل) من الفرقتين (يخطئ في مسألة) من المسألتين كاتفاق إحدى الفرقتين على وجوب الترتيب في الوضوء وعلى عدم وجوبه في الصلاة الفائتة، والأخرى على العكس، فلا يمتنع نظرا في ذلك إلى أنه لم يخطئ إلا بعضها بالنظر إلى كل مسألة على حدتها، وقيل يمتنع نظرا إلى أنها أخطأت في مجموع المسألتين والخطأ منفي عنها بالخبر السابق، والتصحيح في هذه العلوم مما يأتي من زيادتي (و) علم (أن الإجماع لا يضاد إجماعا) أي لا يجوز انعقاده على ما يضاد ما انعقد عليه إجماع. (قبله) لاستلزامه تعارض قاطعين، وقيل يجوز إذ لا مانع من كون الأوّل مغيا بالثاني. (وهو الأصح في الكل) أي كل من المسائل الست كما تقرر. (ولا يعارضه) أي الإجماع بناء على الأصح أنه قطعيّ. (دليل) قطعي ولا ظني، إذ لا تعارض بين قاطعين لاستحالته، إذ التعارض بين شيئين يقتضي خطأ أحدهما، ولا بين قاطع ومظنون لإلغاء المظنون في مقابلة القاطع، أما الإجماع الظني فيجوز معارضته بظني آخر. (وموافقته) أي الإجماع (خبرا لا تدل على أنه عنه) لجواز أن يكون عن غيره ولم ينقل لنا استغناء بنقل الإجماع عنه (لكنه) أي كونه عنه هو (الظاهر إن لم يوجد غيره) بمعناه، إذ لابد له من مستند كما مر، فإن وجد فلا لجواز أن يكون الإجماع عن ذلك الغير، وقيل موافقته له تدل على أنه عنه قال بعضهم ومحل الخلاف في خبر الواحد أما المتواتر فهو عنه بلا خلاف وفيه نظر.
خاتمة:
(جاحد مجمع عليه معلوم من الدين ضرورة) وهو ما يعرفه منه الخواص والعوام من غير قبول تشكيك كوجوب الصلاة والصوم وحرمة الزنا والخمر. (كافر) قطعا (إن كان فيه نص) لأن جحده يستلزم تكذيب النبي صلى الله عليه وسلّم فيه وما أوهمه كلام الآمدي، ومن تبعه من أن فيه خلافا ليس بمراد لهم. (وكذا إن لم يكن) فيه نصّ جادحه كافر. (في الأصح) لما مر، وقيل لا لعدم النص وخرج بالمجمع عليه غيره، وإن كان فيه نص، وبالمعلوم ضرورة غيره كفساد الحج بالوطء قبل الوقوف، وإن كان فيه نص كاستحقاق بنت الابن السدس مع البنت لقضاء النبي صلى الله عليه وسلّم به، كما رواه البخاري وبالدين المجمع عليه المعلوم من غيره ضرورة كوجود بغداد، فلا يكفر جاحدها ولا جاحد شيء منها، وإن اشتهر بين الناس هذا حاصل ما في الروضة كأصلها في باب الردة وهو المعتمد، وإن خالفه ما في الأصل كما أوضحته في الحاشية.

.الكتاب الرابع في القياس:

من الأدلة الشرعية. (وهو) لغة التقدير والمساواة. واصطلاحا. (حمل معلوم على معلوم) بمعنى متصوّر أي إلحاقه به في حكمه. (لمساواته) له (في علة حكمه) بأن توجد بتمامها في المحمول (عند الحامل) وهو المجتهد مطلقا أو مقيدا وافق ما في نفس الأمر أو لا، بأن ظهر غلطه، فتناول الحد القياس الفاسد كالصحيح. (وإن خص) المحدود (بالصحيح حذف) من الحدّ (الأخير) وهو عند الحامل فلا يتناول حينئذ إلا الصحيح لانصراف المساواة المطلقة إلى ما في نفس الأمر والفاسد قبل ظهور فساده معمول به كالصحيح. وحدّ شيخنا الكمال ابن الهمام القياس بأنه مساواة محل لآخر في علة حكم شرعي له، وهو لا يشمل غير الشرعي، لكنه أخصر من الحدّ الأوّل وأقرب إلى مدلول القياس اللغوي الذي مرّ بيانه وسالم مما أورد على الأوّل من أن الحمل فعل المجتهد فيكون القياس فعله مع أنه دليل نصبه الشرع نظر فيه المجتهد أو لا، كالنص لكن جواب الإيراد أنه لا تنافي بين كونه فعل المجتهد ونصب الشارع إياه دليلًا. (وهو) أي القياس (حجة في الأمور الدنيوية) كالأغذية. (وكذا في غيرها) كالشرعية (في الأصح) لعمل كثير من الصحابة به متكررا شائعا مع سكوت الباقين الذي هو في مثل ذلك من الأصول العامة وفاق عادة، ولقوله تعالى: {فاعتبروا} والاعتبار قياس الشيء بالشيء فيجوز القياس في ذلك، وقيل يمتنع فيه عقلًا، وقيل شرعا، وقيل يمتنع فيه إن كان غير جليّ، وقيل يمتنع في الحدود والكفارات والرخص والتقديرات، وقيل غير ذلك. والأصح الأوّل فو جائز فيما ذكر. (إلا في العادية والخلقية) أي التي ترجع إلى العادة والخلقة كأقل الحيض أو النفاس أو الحمل وأكثره فيمتنع ثبوتها بالقياس في الأصح، لأنها لا يدرك المعنى فيها، بل يرجع فيها إلى قول من يوثق به، وقيل يجوز لأنه قد يدرك المعنى فيها. (وإلا في كل الأحكام) فيمتنع ثبوتها بالقياس في الأصح، لأن منها ما لا يدرك معناه كوجوب الدية على العاقلة، وقيل يجوز حتى إن كلًّا من الأحكام صالح لأن يثبت بالقياس بأن يدرك معناه ووجوب الدية على العاقلة له معنى يدرك، وهو إعانة الجاني فيما هو معذور فيه، كما يعان الغارم لإصلاح ذات البين بما يصرف إليه من الزكاة.
(وإلا القياس على منسوخ فيمتنع) فيه. (في الأصح) لاكتفاء اعتبار الجامع بالنسخ وقيل يجوز فيه، لأن القياس مظهر لحكم الفرع الكمين ونسخ الأصل ليس نسخا للفرع، وقولي من زيادتي فيمتنع تنبيه على أن الخلاف، إنما هو في امتناع القياس لا في عدم حجيته. (وليس النص عل العلة) لحكم ولو في جانب الكف. (أمرا بالقياس) أي ليس أمرا به (في الأصح) لا في جانب الفعل غير الكف كأكرم زيدا لعلمه، ولا في جانب الكف نحو الخمر حرام لإسكارها، وقيل إنه أمر به في الجانبين، إذ لا فائدة لذكر العلة إلا ذلك. قلنا لا نسلم الحصر لجواز كون الفائدة بيان مدرك الحكم ليكون أوقع في النفس، وقيل إنه أمر به في جانب الكف دون غيره لأن العلة في الكف المفسدة، وإنما يحصل الغرض من انعدامها بالكف عن كل فرد مما تصدق عليه العلة والعلة في غيره المصلحة، ويحصل الغرض من حصولها بفرد. قلنا قوله عن كل فرد إلى آخره ممنوع، بل يكفي الكف عن كل فرد مما يصدق عليه محل المعلل.
(وأركانه) أي القياس (أربعة) مقيس عليه ومقيس ومعنى مشترك بينهما وحكم للمقيس عليه يتعدّى بواسطة المشترك إلى المقيس. (الأول) وهو المقيس عليه (الأصل) أي يسمى به كما يسمى المقيس بالفرع كما سيأتي، ولكون حكم الأصل غير حكم الفرع باعتبار المحل، وإن كان عينه بالحقيقة صح تفرع الثاني على الأول باعتبار دليلهما وعلم المجتهد بهما لا باعتبار ما في نقس الأمر، إذ الأحكام قديمة ولا تفرع في القديم. (والأصح أنه) أي الأصل المقيس عليه (محل الحكم المشبه به) بالرفع صفة المحل أي المقيس عليه، وقيل هو حكم المحل، وقيل دليل الحكم (و) الأصح (أنه لا يشترط) في الأصل المذكور (دال) أي دليل (على جواز القياس عليه بنوعه أو شخصه ولا الاتفاق على وجود العلة فيه) وقيل يشترطان فعلى اشتراط الأول لا يقاس في مسائل البيع مثلًا إلا إذا قام دليل على جواز القياس فيه بنوعه أو شخصه وعلى اشتراط الثاني لا يقاس فيما اختلف في وجود العلة فيه، بل لابدّ من الاتفاق على ذلك بعد الاتفاق على أن حكم الأصل معلل، وكل منهما مردود بأنه لا دليل عليه.
(الثاني) من أركان القياس (حكم الأصل وشرطه ثبوته بغير قياس ولو إجماعا) إذ لو ثبت بقياس كان القياس الثاني عند اتحاد العلة لغو للاستغناء عنه بقياس الفرع فيه على الأصل في الأول، وعند اختلافها غير منعقد لعدم اشتراك الأصل، والفرع فيه في علة الحكم، فالاتحاد كقياس التفاح على البرّ في الربوية بجامع الطعم ثم قياس السفرجل على التفاح، فيما ذكر. وهو لغو للاستغناء عنه بقياس السفرجل على البر والاختلاف كقياس الرتق، وهو انسداد محل الوطء على جب الذكر في فسخ النكاح بجامع فوات التمتع، ثم قياس الجذام على الرتق فيما ذكر وهو غير منعقد، لأن فوات التمتع غير موجود فيه، وقيل لا يثبت بإجماع أيضا لا أن يعلم أن مستنده نص ليستند القياس إليه، وردّ بأنه لا دليل عليه ولا يضر احتمال أن يكون الإجماع عن قياس، لأن كون حكم الأصل حينئذ عن قياس مانع من القياس، والأصل عدم المانع. (وكونه غير متعبد به بالقطع) أي اليقين (في قول) لأن ما تعبد فيه باليقين إنما يقاس على محله ما يطلب فيه اليقين كالعقائد والقياس لا يفيد اليقين، وردّ بأنه يفيده إذا علم حكم الأصل وما هو العلة فيه ووجودها في الفرع، وزدت في قول ليوافق ما رجحته كالأصل قبل من جواز القياس في العقليات. (وكونه من جنس الحكم الفرع) فيشترط كونه شرعيا إن كان المطلوب إثباته حكما شرعيا وكونه عقليا إن كان المطلوب إثباته حكما عقليا وكونه لغويا إن كان المطلوب إثباته حكما لغويا (وأن لا يعدل) أي حكم الأصل (عن سنن القياس) فما عدل عن سننه أي خرج عن طريقه لا يقاس على محله لتعذر التعدية حينئذ كشهادة خزيمة بن ثابت وحده، فلا يقاس به غيره، وإن فاته رتبة كالصديق رضي الله عنه وقصة شهادته رواها ابن خزيمة، وحاصلها أن النبي صلى الله عليه وسلّم ابتاع فرسا من أعرابي فجحده البيع، وقال هلم شهيدا يشهد عليّ فشهد عليه خزيمة أي وحده، فقال له النبي صلى الله عليه وسلّم ما حملك على هذا ولم تكن حاضرا؟ فقال صدقتك بما جئت به وعلمت أنك لا تقول إلا حقا، فقال صلى الله عليه وسلّم: «من شهد له خزيمة أو شهد عليه فحسبه». ورواها أبو داود أيضا وقال فجعل النبي صلى الله عليه وسلّم شهادته بشهادة رجلين. (و) أن (لا يكون دليله) أي دليل حكم الأصل (شاملًا لحكم الفرع) للاستغناء به حينئذ عن القياس، مع أنه ليس جعل بعض الصور المشمولة أصلًا لبعضها أولى من العكس، كما لو استدل على ربوية البر بخبر مسلم: «الطعام بالطعام مثلًا بمثل» ثم قيس عليه الذرة بجامع الطعم فإن الطعام يشمل الذرة كالبر سواء، وسيأتي أنه لا يشترط في العلة أن لا يشمل دليلها حكم الفرع بعمومه أو خصوصه في الأصح، وفارق ما هنا بما فهم من المعية السابقة. (وكونه) أي حكم الأصل (متفقا عليه جزما)، وإلا احتيج عند منعه إلى إثباته فينتقل إلى مسألة أخرى، وينتشر الكلام ويفوت المقصود، وذلك ممنوع منه إلا أن يروم المستدل إثباته فليس ممنوعا كما يعلم مما يأتي (بين الخصمين فقط في الأصح) لأن البحث لا يعدوهما وقيل بين كل الأمة حتى لا يتأتى المنع أصلًا.
(والأصح أنه لا يشترط) مع اشتراط اتفاق الخصمين فقط (اختلاف الأمة) غيرهما في الحكم، بل يجوز اتفاقهم عليه كهما، وقيل يشترط اختلافهم فيه ليتأتى للخصم منعه، إذ لا يتأتى له منع المتفق عليه، ويجاب بأنه يتأتى له منعه من حيث العلة كما هو المراد، وإن لم يتأت له منعه من حيث هو (فإن اتفقا عليه مع منع الخصم أن علته كذا) كما في قياس حلى البالغة على حلى الصبية في عدم وجوب الزكاة، فإن عدمه في الأصل متفق عليه بيننا وبين الحنفي، والعلة فيه عندنا كونه حليا مباحا وعنده كونه مال صبية. (و) القياس المشتمل على الحكم المذكور (مركب الأصل). سمي به لتركيب الحكم فيه أي بنائه على علتي الأصل بالنظر للخصمين. (أو) اتفقا عليه مع منع الخصم (وجودها في الأصل) كما في قياس إن نكحت فلانة فهي طالق على فلانة التي أنكحها طالق في عدم وقوع الطلاق بعد النكاح، فإن عدمه في الأصل متفق عليه بيننا وبين الحنفي والعلة تعليق الطلاق قبل تملكه، والحنفي يمنع وجودها في الأصل ويقول هو تنجيز. (فـ)ـالقياس المشتمل على الحكم المذكور (مركب الوصف) سمي به لتركيب الحكم فيه أي بنائه على الوصف الذي منع الخصم وجوده في الأصل، وقول الأصل في الأوّل فإن كان متفقا بينهما، ولكن لعلتين، وفي الثاني لعلة يوهم أن الاتفاق لأجل العلتين أو العلة، وليس مرادا فتعبيري بما ذكر سالم من ذلك. (ولا يقبلان) أي القياسان المذكوران (في الأصح) لمنع الخصم وجود العلة في الفرع في الأوّل، وفي الأصل في الثاني، وقيل يقبلان نظر الاتفاق الخصمين على حكم الأصل. (ولو سلم) الخصم (العلة) للمستدل أي سلم أنها ما ذكره (فأثبت المستدل وجودها) حيث اختلفا فيه (أو سلمه) أي سلم وجودها. (الخصم انتهض الدليل) عليه لاعترافه بوجودها في الثاني، وقيام الدليل عليه في الأول. (وإن لم يتفقا) أي الخصمان (عليه و) لا (على علته ورام المستدل إثباته) بدليل. (ثم) إثبات (العلة) بطريق، (فالأصح قبوله) في ذلك لأن إثباته كاعتراف الخصم به، وقيل لا يقبل بل لابد من اتفاقهما عليهما صونا للكلام عن الانتشار (والأصح) أنه (لا يشترط) في القياس (الاتفاق) أي الإجماع (على أن حكم الأصل معلل أو النص على العلة) المستلزم لتعليله، إذ لا دليل على اشتراط ذلك بل يكفي إثبات التعليل بدليل، وقيل يشترط ذلك، وقد مر أنه لا يشترط الاتفاق على أن علة حكم الأصل كذا على الأصح، وإنما فرقت كالأصل بين المسألتين لمناسبة المحلين، وإنما لم أستغن بهذه عن تلك مع أنها تستلزمها لبيان المقابل للأصح فيهما لأنها لا تستلزم المقابل في تلك.
(الثالث) من أركان القياس. (الفرع وهو المحل المشبه) بالأصل (في الأصح). وقيل حكمه ولا يأتي قول كالأصل بأنه دليل الحكم لأن دليله القياس. (والمختار قبول المعارضة فيه) أي في الفرع (بمقتضى نقيض الحكم أو ضده). وقيل لا يقبل، وإلا لانقلب منصب المناظرة، إذ يصير المعترض مستدلًّا وبالعكس، وذلك خروج عما قصد من معرفة صحة نظر المستدل في دليله إلى غيره. قلنا القصد من المعارضة هدم دليل المستدل لا إثبات مقتضاها المؤدي إلى ما مرّ. وصورتها في الفرع أن يقول المعترض للمستدل ما ذكرت من الوصف، وإن اقتضى ثبوت الحكم في الفرع فعندي وصف آخر يقتضي نقيضه أو ضده، فالنقيض نحو المسح ركن في الوضوء فيسن تثليثه كالوجه فيقول المعارض مسح في الوضوء، فلا يسنّ تثليثه كمسح الخف والضد نحو الوتر واظب عليه النبيّ صلى الله عليه وسلّم، فجب كالتشهد فيقول المعارض مؤقت بوقت صلاة من الخمس فيسن كالفجر، وخرج بالمقتضى لنقيض الحكم أو ضده المعارضة بالمقتضى لخلاف الحكم، فلا يقدح لعدم منافاتها لدليل المستدل كما يقال اليمين الغموس قول يأثم قائله فلا يوجب الكفارة، كشهادة الزور، فيقول المعارض قول مؤكد للباطل يظن به حقيقته فيوجب التعزير كشهادة الزور. (و) المختار في دفع المعارضة المذكورة زيادة على دفعها بكل ما يعترض به على المستدل ابتداء (دفعها بالترجيح) لوصف المستدل على وصف المعارض بمرجح مما يأتي في محله لتعين العمل بالراجح. وقيل لا تدفع به لأن المعتبر فيها حصول أصل الظن لا مساواته لظن الأصل، وأصل الظن لا يندفع بالترجيح. وردّ بأنه لو صح ذلك لاقتضى منع قبول الترجيح مطلقا وهو خلاف الإجماع. (و) المختار بناء على الأول (أنه لا يجب الإيماء إليه) أي إلى الترجيح (في الدليل). ابتداء لأن ترجيح وصف المستدل على وصف معارضه خارج عن الدليل، وقيل يجب لأن الدليل لا يتم بدونه دفع المعارض. قلنا لا معارض حينئذ فلا حاجة إلى دفعه قبل وجوده.
(وشرطه) أي الفرع (وجود تمام العلة) التي في الأصل (فيه) بلا زيادة أو بها كالإسكار في قياس النبيذ بالخمر، والإيذاء في قياس الضرب بالتأفيف فيتعدّى الحكم إلى الفرع. (فإن كانت) أي العلة (قطعية) بأن قطع بكونها علة في الأصل وبوجودها في الفرع كالإسكار والإيذاء فيما مر. (فقطعي) قياسها حتى كأن الفرع فيه شمله دليل الأصل، فإن كان دليله ظنيا فحكم الفرع كذلك. (أو) كانت (ظنية) بأن ظن كونها علة في الأصل، وإن قطع بوجودها في الفرع (فظني وأدون) أي فقياسها ظني وهو قياس الأدون والتصريح بأنه ظني من زيادتي (كتفاح) أي كقياسه (ببرّ) في باب الربا (بجامع الطعم) فإنه العلة عندنا في الأصل مع احتمال ما قيل إنها الفوت أو الكيل، وليس في التفاح إلا الطعم فثبوت الحكم فيه أدون من ثبوته في البر المشتمل على الأوصاف الثلاثة، والأول الذي هو القطعي يشمل قياس الأولى والمساوي. (وأن) أي وشرط الفرع ما ذكر وأن (لا يعارض) أي معارضة لا يتأتى دفعها كما مرّ التلويح به، والتصريح بهذا من زيادتي. (و) أن (لا يقوم القاطع على خلافه) أي خلاف الفرع في الحكم، إذ لا صحة للقياس في شيء مع قيام دليل قاطع على خلافه. (وكذا خبر الواحد) أي وأن لا يقوم خبر الواحد على خلافه (في الأصح) لأنه مقدم على القياس في الأصح كما مرّ في بحث الخبر. (إلا لتجربة) أي تمرين (النظر) من المستدل، فيجوز القياس المخالف لأنه صحيح في نفسه ولم يعمل به لمعارضة ما ذكر له، ويدل لصحته قولهم إذا تعارض النص والقياس قدم النص. (و) أن (يتحد حكمه) أي الفرع (بحكم الأصل) في المعنى، كما أنه يشترط في الفرع وجود تمام العلة فيه كما مرّ، فإن لم يتحد به لم يصح القياس لانتفاء حكم الأصل عن الفرع، وجواب عدم الاتحاد فيما ذكر يكون ببيان الاتحاد فيه كما يعلم مما يأتي في محله كأن يقيس الشافعي ظهار الذمي بظهار المسلم في حرمة وطء الزوجة، فيقول الحنفي الحرمة في المسلم تنتهي بالكفارة، والكافر ليس من أهلها إذ لا يمكنه الصوم منها لفساد نيته فلا تنتهي الحرمة في حقه، فاختلف الحكم، فلا يصح القياس فيقول الشافعي يمكنه الصوم بأن يسلم ثم يصوم ويصح إعتاقه وإطعامه مع الكفر اتفاقا، فهو من أهل الكفارة، فالحكم متحد، والقياس صحيح.
(و) أن (لا يتقدم) حكم الفرع (على حكم الأصل) في الظهور للمكلف. (حيث لا دليل له) غير القياس على المختار، كقياس الوضوء بالتيمم في وجوب النية بتقدير أن لا دليل للوضوء غير القياس فإنه تعبد به قبل الهجرة، والتيمم إنما تعبد به بعدها إذ لو جاز تقدم حكم الفرع للزم ثبوته حال تقدمه بلا دليل، وهو ممتنع لأنه تكليف بما لا يعلم، نعم إن ذكر إلزاما للخصم جاز لقول الشافعي للحنفي القائل بوجوب النية في التيمم دون الوضوء طهارتان أنى يفترقان لاتحاد الأصل والفرع في المعنى، فإن كان له دليل آخر جاز تقدمه لانتفاء المحذور السابق، وبناء على جواز تعدّد الدليل، وقيل لا يجوز تقدمه. (لا ثبوته) أي حكم الفرع (بالنص جملة) فلا يشترط على المختار وقيل يشترط ويطلب بالقياس تفصيله، فلولا العلم بورود ميراث الجدّ جملة لما جاز القياس في توريثه مع الإخوة والأخوات، وردّ اشتراط ذلك بأن العلماء قاسوا أنت عليّ حرام بالطلق والظهار والإيلاء بحسب اختلافهم فيه، ولم يوجد فيه نص لا جملة ولا تفصيلًا. (ولا انتفاء نص أو إجماع يوافق) القياس في الحكم، فلا يشترط، بل يجوز القياس مع موافقتهما أو أحدهما له. (على المختار) بناء على جواز تعدّد الدليل، وقيل يشترط انتفاؤهما وإن جاز تعدّد الدليل نظرا إلى أن الحاجة إلى القياس، إنما تدعو جواز تعدّد الدليل، وقيل يشترط انتفاؤهما وإن جاز تعدّد الدليل نظرا إلى أن الحاجة إلى القياس، إنما تدعو عند فقد النص والإجماع، قلنا أدلة القياس مطلقة عن اشتراط ذلك، وعلى الأول جرى الأصل، لكنه خالفه قبل في النص فجرى فيه على الثاني.
(الرابع) من أركان القياس (العلة) ويعبر عنها بالوصف الجامع بين الأصل والفرع، وفي معناها شرعا أقوال ينبني عليها مسائل تأتي. (الأصح أنها) أي العلة (المعرف) للحكم. فمعنى كون الإسكار مثلًا علة أنه معرف، أي علامة على حرمة المسكر. وقالت المعتزلة هي المؤثر بذاته في الحكم بناء على قاعدتهم من أنه يتبع المصلحة أو المفسدة، وقيل هي المؤثر فيه بجعله تعالى لا بالذات، وقيل هي الباعث عليه، وردّ بأنه تعالى لا يبعثه شيء ومن عبر من الفقهاء عنها بالباعث أراد كما قال السبكي أنها باعثة للمكلف على الامتثال. (و) الأصح (أن حكم الأصل) على القول بأنها المعرف (ثابت بها) لا بالنص. وقالت الحنفية ثابت بالنص، لأنه المفيد للحكم قلنا لم يفده بقيد كون محله أصلًا يقاس به الذي الكلام فيه، والمفيد له العلة لأنها منشأ التعدية المحققة للقياس، فالمراد بثبوت الحكم بها معرفته لأنها معرفة له. (وقد تكون) العلة (دافعة للحكم) أي لتعلقه كالعدة فإنها تدفع حل النكاح من غير صاحبها ولا ترفعه كأن كانت عن شبهة. (أو رافعة) له كالطلاق فإنه يرفع حل التمتع ولا يدفعه لجواز النكاح بعده. (أو فاعلة لهما) أي الدفع والرفع كالرضاع فإنه يدفع حل النكاح ويرفعه وتكون العلة. (وصفا حقيقيا) وهو ما يتعقل في نفسه من غير توقف على عرف أو غيره. (ظاهرا منضبطا) لا خفيا أو مضطربا كالطعم في الربوي. (أو) وصفا (عرفيا مطردا) أي لا يختلف باختلاف الأوقات كالشرف والخسة في الكفاءة. (وكذا) تكون (في الأصح) وصفا (لغويا) كتعليل حرمة النبيذ بتسميته خمرا بناء على ثبوت اللغة بالقياس، وقيل لا يعلل الحكم الشرعي بالأمر اللغوي (أو حكما شرعيا) سواء أكان المعلول كذلك كتعليل جواز رهن المشاع بجواز بيعه أم أمرا حقيقيا كتعليل حياة الشعر بحرمته بالطلاق وحله بالنكاح كاليد، وقيل لا تكون حكما لأن شأن الحكم أن يكون معلولًا لا علة، وردّ بأن العلة بمعنى المعرف، ولا يمتنع أن يعرف حكم حكما أو غيره، وقيل لا تكون حكما شرعيا إن كان المعلول أمرا حقيقيا. (أو) وصفا (مركبا) كتعليل وجود القود بالقتل العمد العدوان لمكافئ، وقيل لا يكون علة لأن التعليل بالمركب يؤدي إلى محال إذ بانتفاء جزء منه تنتفي عليته فبانتفاء آخر يلزم تحصيل الحاصل، لأن انتفاء الجزء علة لعدم العلية. قلنا إنما يؤدي إلى ذلك في العلل العقلية لا المعرفات، وكل من الانتفاءات هنا معرف لعدم العلية ولا استحالة في اجتماع معرفات على شيء واحد، وقيل يكون علة ما لم يزد على خمسة أجزاء.
(وشرط للإلحاق) بحكم الأصل (بها) أي بسبب العلة (أن تشتمل على حكمة) أي مصلحة مقصودة من شرع الحكم (تبعث) أي تحمل المكلف حيث يطلع عليها (على الامتثال وتصلح شاهدا لإناطة الحكم) بالعلة كحفظ النفوس فإنه حكمة ترتب وجود القود على علته السابقة، فإن من علم أن من قتل اقتص منه انكفّ عن القتل، وقد لا ينكف عنه توطينا لنفسه على تلفها، وهذه الحكمة تبعث المكلف من القاتل وولي الأمر على امتثال الأمر الذي هو إيجاب القود بأن يمكن كل منهما وارث القتيل من القود، ويصلح شاهدا لإناطة وجوب القود بعلته، فيلحق حينئذ القتل بمثقل بالقتل بمحدد في وجوب القود لاشتراكهما في العلة المشتملة على الحكمة المذكورة، فمعنى اشتمالها عليها كونها ضابطا لها كالسفر في حل القصر مثلًا. (ومانعها) أي العلة (وصف وجودي يخل بحكمتها) كالدين على القول بأنه مانع من وجوب الزكاة على المدين، فإنه وصف وجودي يخل بحكمة العلة لوجوب الزكاة المعلل بملك النصاب وهي الاستغناء بملكه، إذ المدين لا يستغني بملكه لاحتياجه إلى وفاء دينه به، ولا يضر خلو المثال عن الإلحاق الذي الكلام فيه، وتعبيري بما ذكر أولى مما عبر به لما بينته في الحاشية. (ولا يجوز في الأصح كونها الحكمة إن لم تنضبط) كالمشقة في السفر لعدم انضباطها، فإن انضبطت جاز كما رجحه الآمدي وابن الحاجب وغيرهما لانتفاء المحذور، وقيل يجوز مطلقا لأنها المشروع لها الحكم، وقيل لا يجوز مطلقا. وقضية كلام الأصل ترجيحه، ومحل الخلاف إذا لم تحصل الحكمة من ترتيب الحكم على الوصف يقينا أو ظنا كما سيأتي إيضاحه في مبحث المناسبة. (و) لا يجوز في الأصح وفاقا لابن الحاجب وغيره. (كونها عدمية) ولو بعدمية جزئها أو بإضافتها بأن يتوقف تعقلها على تعقل غيرها كالأبوة (في) الحكم (الثبوتي)، فلا يجوز حكمت بكذا لعدم كذا أو للأبوة بناء على أن الإضافي عدمي كما سيأتي تصحيحه أواخر الكتاب، وذلك لأن العلة بمعنى العلامة يجب أن تكون أجلى من المعلل، والعدمي أخفى من الثبوتي، وقيل يجوز لصحة أن يقال ضرب فلان عبده لعدم امتثاله أمره. وأجيب بمنع صحة التعليل بذلك، وإنما يصح بالكف عن امتثاله وهو أمر ثبوتي، والخلاف في العدم المضاف بخلاف العدم المطلق لا يجوز التعليل به قطعا، لأن نسبته إلى جميع المحال على السواء، فلا يعقل كونه علة ويجوز وفاقا تعليل الثبوتي بمثله كتعليل حرمة الخمر بالإسكار والعدمي بمثله، كتعليل عدم صحة التصرف بعدم العقل والعدمي بمثله، كتعليل عدم صحة التصرف بعدم العقل والعدمي بالثبوتي كتعليل ذلك بالإسراف.
(ويجوز التعليل بما لا يطلع على حكمته) كتعليل الربوي بالطعم أو غيره. (ويثبت الحكم فيما يقطع بانتفائها فيه للمظنة في الأصح) لجواز القصر بالسفر لمن ركب سفينة قطعت به مسافة القصر في لحظة بلا مشقة، وقيل لا يثبت، وعليه الجدليون إذ لا عبرة بالمظنة عند تحقق انتفاء المئنة، وعلى الأوّل يجوز الإلحاق للمظنة كإلحاق الفطر بالقصر، فيما ذكر فما مر من أنه يشترط في الإلحاق بالعلة اشتمالها على حكمة شرط في الجملة أو للقطع بجواز الإلحاق، ثم ثبوت الحكم فيما ذكر غير مطرد، بل قد ينتفي كمن قام من النوم متيقنا طهارة يده فلا تثبت كراهة غمسها في ماء قليل قبل غسلها ثلاثا، بل تنتفي خلافا لإمام الحرمين والترجيح من زيادتي. والأصح جواز التعليل بــالعلة (القاصرة) وهي التي لا تتعدى محل النص (لكونها محل الحكم أو جزءه) الخاص بأن لا توجد في غيره (أو وصفه الخاص) بأن لا يتصف به غيره، فالأوّل كتعليل حرمة الربا في الذهب بكونه ذهبا وفي الفضة كذلك، والثاني كتعليل نقض الوضوء في الخارج من السبيلين بالخروج منهما، والثالث كتعليل حرمة الربا في النقدين بكونهما قيم الأشياء. وخرج بالخاص في الصورتين غيره فلا قصور فيه، كتعليل الحنفية النقض فيما ذكر بخروج النجس من البدن الشامل لما ينقض عندهم من الفصد ونحوه، وكتعليل ربوية البر بالطعم، وقيل يمتنع التعليل بالقاصرة مطلقا لعدم فائدتها، وقيل يمتنع إن لم تكن ثابتة بنص أو إجماع لذلك.
(و) نحن لا نسلم ذلك بل (من فوائدها معرفة المناسبة) بين الحكم ومحله فيكون أدعى للقبول. (وتقوية النص) الدال على معلولها بأن يكون ظاهرا لا قطعيا. (و) الأصح جواز التعليل (باسم لقب) كتعليل الشافعي نجاسة بول ما يؤكل لحمه بأنه بول كبول الآدمي، وقيل لا يجوز لأنا نعلم بالضرورة أنه لا أثر في حرمة الخمر لتسميته خمرا، بخلاف مسماه من كونه مخامرا للعقل فإنه تعليل بالوصف. (و) الأصح جواز التعليل (بالمشتق) المأخوذ من فعل كالسارق في قوله تعالى: {والسارق والسارقة} الآية أو من صفة كأبيض فإنه مأخوذ من البياض، وقيل يمتنع فيهما. وزعم الأصل الاتفاق على الجواز في الأوّل، والتعليل بالثاني من باب الشبه الصوري كقياس الخيل على البغال في عدم وجوب الزكاة وسيأتي الخلاف فيه. (و) الأصح جواز التعليل شرعا وعقلًا للحكم الواحد الشخصي (بعلل شرعية) اثنتين فأكثر مطلقا، لأنها علامات ولا مانع من اجتماع علامات على شيء واحد. (وهو واقع) كما في اللمس والمس والبول الموجب كل منها للحدث، وقيل يجوز ذلك في العلل المنصوصة دون المستنبطة لأن الأوصاف المستنبطة الصالح كل منها للعلية يجوز أن يكون مجموعها العلة عند الشارع، فلا يتعين استقلال كل منها بالعلية بخلاف ما نص على استقلاله بها. وأجيب بأنه يتعين الاستقلال بالاستنباط أيضا وقيل يمتنع شرعا مطلقا، إذ لو جاز شرعا لوقع لكنه لم يقع. قلنا بتقدير تسليم اللزوم لا نسلم عدم وقوعه لما مر من علل الحدث، وقيل يمتنع عقلًا وهو الذي صححه الأصل، وقيل يجوز في التعاقب دون المعية للزوم المحال الآتي لها بخلاف التعاقب، لأن الذي يوجد فيه بالثانية مثلًا مثل الأوّل لا عينه، وعلى منع التعدّد فما يذكره المجيز من التعدّد، إما أن يقال فيه العلة مجمع الأمور أو أحدها لا بعينه، أو يقال فيه الحكم متعدد بمعنى أن الحكم المستند إلى واحد منها غير المستند إلى آخر، وإن اتفقا نوعا كما قيل بكل من ذلك، أما العلل العقلية فيمتنع تعدّدها مطلقا للزوم المحال منه كالجمع بين النقيضين، فإن الشيء باستناده إلى كل منها يستغني عن الباقي، فيلزم أن يكون مستغنيا عن كل منها وغير مستغن عنه، وذلك جمع بين النقيضين، ويلزم في التعاقب محال آخر، وهو تحصيل الحاصل حيث يوجد بما عدا الأولى عين ما وجد بها. وفارقت العلل العقلية الشرعية على الأصح بأن المحال المذكور إنما يلزم فيها لإفادتها، وجود المعلول بخلاف الشرعية التي هي معرفات، فإنها إنما تفيد العلم به سواء أفسر المعرف بما يحصل به التعريف، أم بما من شأنه التعريف.
(وعكسه) وهو تعليل أحكام بعلة (جائز وواقع) جزما بناء على الأصح من تفسير العلة بالمعرف (إثباتا كالسرقة) فإنها علة لوجوب القطع ولوجوب الغرم إن تلف المسروق. (ونفيا كالحيض)، فإنه علة لعدم جواز الصوم والصلاة وغيرهما، أما على تفسير العلة بالباعث فكذلك على الأصح، وقيل يمتنع تعليلها بعلة بناء على اشتراط المناسبة فيها، لأن مناسبتها لحكم يحصل المقصود منها بترتيب الحكم عليها، فلو ناسبت آخر لزم تحصيل الحاصل. قلنا لا نسلم ذلك لجواز تعدد المقصود كما في السرقة المرتب عليها القطع زجرا عنها والغرم جبرا لما تلف من المال، وقيل يمتنع ذلك إن تضادت الأحكام كالتأبيد لصحة البيع وبطلان الإجارة، لأن الشيء الواحد لا يناسب المتضادات. (و) شرط (للإلحاق) بالعلة (أن لا يكون ثبوتها متأخرا عن ثبوت حكم الأصل في الأصح) سواء أفسرت بالباعث أم بالمعرف، لأن الباعث على الشيء أو المعرف له لا يتأخر عنه، وقيل يجوز تأخر ثبوتها بناء على تفسيرها بالمعرف كما يقال عرق الكلب نجس كلعابه، لأنه مستقذر لأن استقذاره إنما يثبت بعد ثبوت نجاسته. قلنا قوله بناء على تفسيرها بالمعرف إنما يتم بتفسير المعرف بما من شأنه التعريف لا بتفسيره بما يحصل به التعريف الذي هو المراد، لئلا يلزم عليه تعريف المعرف، وعلى تفسيره بالأوّل فتعريف المتأخر للمتقدّم جائز، وواقع إذ الحادث يعرف القديم كالعالم لوجود الصانع تعالى. (و) شرط الإلحاق بالعلة (أن لا تعود على الأصل) الذي استنبطت منه (بالإبطال) لحكمه لأنه منشؤها فإبطالها له إبطال لها كتعليل الحنفية وجوب الشاة في الزكاة بدفع حاجة الفقير، فإنه مجوز لإخراج قيمة الشاة مفض إلى عدم وجوبها عينا بالتخيير بينها وبين قيمتها. (ويجوز عودها) على الأصل (بالتخصيص) له (في الأصح غالبا). فلا يشترط عدمه كتعليل الحكم في آية: {أو لامستم النساء} بأن اللمس مظنة التمتع أي التلذذ، فإنه يخرج من النساء المحارم فلا ينقض لمسهن الوضوء، وقيل لا يجوز ذلك فيشترط عدم التخصيص، فينقض لمس المحارم الوضوء عملًا بالعموم والتصحيح من زيادتي، وخرج بالتخصيص التعميم فيجوز العود به قطعا كتعليل الحكم في خبر الصحيحين لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان، بتشويش الفكر فإنه يشمل غير الغضب أيضا وبزيادتي غالبا تعليل نحو الحكم في خبر النهي عن بيع اللحم بالحيوان بأنه بيع ربوي بأصله، فإنه يقتضي جواز البيع بغير الجنس من مأكول وغيره كما هو أحد قولي الشافعي، لكن أظهرهما المنع نظرا للعموم.
(و) شرط للإلحاق بالعلة (أن لا تكون) العلة (المستنبطة معارضة بمناف) لمقتضاها (موجود في الأصل) إذ لا عمل لها مع وجوده إلا بمرجح، ومثل له بقول الحنفي في نفي وجوب التبييت في صوم رمضان صوم عين فيتأدى بالنية قبل الزوال كالنفل فيعارضه الشافعي بأنه صوم فرض فيحتاط فيه بخلاف النفل، وهو مثال للمعارض في الجملة وليس منافيا ولا موجودا في الأصل، وخرج بالأصل الفرع فلا يشترط انتفاء وجود ذلك فيه لصحة العلة، وقيل يشترط أيضا ومثل له بقولنا في مسح الرأس ركن في الوضوء، فيسن تثليثه كغسل الوجه فيعارضه الخصم بقوله مسح فلا يسن تثليثه كالمسح على الخفين، وهو مثال للمعارض في الجملة وليس منافيا، وإنما ضعف هذا الشرط، وإن لم يثبت الحكم في الفرع عند انتفائه لأن الكلام في شروط العلة، وهذا شرط لثبوت الحكم في الفرع لا للعلة التي الكلام فيها، وإنما قيد المعارض بالمنافي لأنه قد لا ينافى كما سيأتي فلا يشترط إنفاؤه، ويجوز أن يكون هو علة أيضا بناء على جواز التعليل بعلل. (و) شرط للإلحاق بالعلة (أن لا تخالف نصا أو إجماعا) لتقدمهما على القياس فمخالفة النص كقول الحنفي المرأة مالكة لبضعها فيصح نكاحها بغير إذن وليها قياسا على بيع سلعتها فإنه مخالف لخبر أبي داود وغيره: «أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل». ومخالفة الإجماع كقياس صلاة المسافر على صومه في عدم الوجوب بجامع السفر الشاق فإنه مخالف للإجماع على وجوب أدائها عليه. (و) أن (لا تتضمن) العلة (المستنبطة زيادة عليه) أي على النص أو الإجماع. (منافية مقتضاه)، بأن يدل النص مثلًا على علية وصف ويزيد الاستنباط قيدا فيه منافيا للنص فلا يعمل بالاستنباط لتقدّم النص عليه والتقييد بالمستنبطة من زيادتي. (و) شرط للإلحاق بالعلة (أن تتعين) في الأصح، فلا تكفي المبهمة لأن العلة منشأ التعدية المحققة للقياس الذي هو الدليل ومن شأن الدليل أن يكون معينا، فكذا منشأ المحقق له، وقيل يكفي المبهمة من أمرين فأكثر المشتركة بين المقيس والمقيس عليه. (لا أن لا تكون) العلة (وصفا مقدرا) فلا يشترط في الأصح كتعليل جواز التصرف بالملك الذي هو معنى مقدر شرعي في محل التصرف. وقيل يشترط ذلك ورجحه الأصل تبعا للإمام الرازي. (ولا أن لا يشمل دليلها حكم الفرع لعمومه أو خصوصه) فلا يشترط في الأصحّ لجواز تعدد الأدلة، وقيل يشترط ذلك للاستغناء حينئذ عن القياس بذلك الدليل، ورجحه الأصل مثال الدليل في العموم خبر مسلم: «الطّعامُ بالطّعامِ مثلًا بمثل». فإنه دال على علية الطعم، فلا حاجة على هذا أقول في إثبات ربوية التفاح مثلًا إلى قياسه على البر بجامع الطعم للاستغناء عنه بعموم الخبر، ومثاله في الخصوص خبر: «من قاء أو رعف فليتوضأ» فإنه دال على علية الخارج النجس في نقض الوضوء فلا حاجة للحنفي إلى قياس القيء أو الرعاف على الخارج من السبيلين في نقض الوضوء بجامع الخارج النجس للاستغناء عنه بخصوص الخبر. (ولا القطع في) صورة العلة (المستنبطة بحكم الأصل) بأن يكون دليله قطعيا من كتاب أو سنة متواترة أو إجماع قطعي. (ولا القطع بوجودها في الفرع ولا انتفاء مخالفتها مذهب الصحابي) فلا تشترط في الأصحّ بل يكفي الظن بذينك لأنه غاية الاجتهاد فيما يقصد به العمل، وقيل يشترط القطع بهما لأن الظن يضعف بكثرة المقدمات فربما يزول، وأما مذهب الصحابي فليس بحجة فلا يشترط انتفاء مخالفة العلة له، وقيل يشترط لأن الظاهر استناده إلى النص الذي استنبطت منه العلة. (ولا انتفاء المعارض لها) في الأصل فلا يشترط. (في الأصح) بناء على جواز تعدد العلل كما هو رأي الجمهور، وقيل يشترط بناء على منع ذلك ولأنه لا عمل للعلة حينئذ إلا بمرجح والتقييد بالمستنبطة في الأربع من زيادتي.
(والمعارض هنا) بخلافه فيما مر حيث وصف بالمنافي. (وصف صالح للعلية كصلاحية المعارض) بفتح الراء لها (ومفض للاختلاف). بين المتناظرين (في الفرع كالطعم مع الكيل في البر)، فكل منهما صالح للعلية فيه مفض للاختلاف بين المتناظرين (في التفاح) مثلًا فعندنا ربوي كالبر بعلة الطعم وعند الخصم المعارض بأن العلة الكيل ليس بربوي لانتفاء الكيل فيه، وكل منهما يحتاج إلى ترجيح وصفه على وصف الآخر. (والأصح) أنه (لا يلزم المعترض نفي وصفه) أي بيان انتفائه (عن الفرع) مطلقا لحصول مقصوده من هدم ما جعله المستدل العلة بمجرد المعارضة، وقيل يلزمه ذلك مطلقا ليفيد انتفاء الحكم عن الفرع الذي هو المقصود، وقيل يلزمه إن صرح بالفرق بن الأصل والفرع في الحكم فقال مثلًا لا ربا في التفاح بخلاف البر وعارض علية الطعم فيه لأنه بتصريحه بالفرق التزمه. (و) أنه (لا) يلزمه (إبداء أصل) يشهد لوصفه بالاعتبار لما مر، وقيل يلزمه ذلك حتى تقبل معارضته كأن يقول العلة في البرّ الطعم دون القوت بدليل الملح فالتفاح مثلًا ربوي. (وللمستدل الدفع) أي دفع المعارضة بأوجه ثلاثة وإن عدها الأصل أربعة. (بالمنع) أي منع وجوب الوصف المعارض به في الأصل ولو بالقدح، كأن يقول في دفع معارضة الطعم بالكيل في الجوز مثلًا لا نسلم أنه مكيل لأن العبرة بعادة زمن النبي صلى الله عليه وسلّم، وكان إذ ذاك موزونا أو معدودا وكأن يقدح في علية الوصف ببيان خفائه أو عدم انضباطه أو غير ذلك من مفسدات العلة. (وببيان استقلال وصفه) أي المستدل (في صورة ولو) كان البيان (بظاهر عام)، كما يكون بالإجماع أو بالنص القاطع أو بالظاهر الخاص (إن لم يتعرض) أي المستدل (للتعميم) كأن يبين استقلال الطعم المعارض بالكيل في صورة بخبر مسلم الطعام بالطعام مثلًا بمثل والمستقل مقدم على غيره، فإن تعرض للتعميم كقوله فتثبت ربوية كل مطعوم خرج عن إثبات الحكم بالقياس الذي هو بصدد الدفع عنه إلى إثباته بالنص وتبقى المعارضة سالمة من القدح فلا يتم القياس. (وبالمطالبة) للمعترض (بالتأثير) لوصفه إن كان مناسبا (أو الشبه) إن كان غير مناسب، هذا. (إن لم يكن) دليل المستدل على العلية (سبرا) بأن كان مناسبا أو شبها لتحصل معارضته بمثله، فإن كان سبرا فلا مطالبة له بذلك إذ مجرد الاحتمال قادح فيه. (ولو قال) المستدل للمعترض (ثبت الحكم) في هذه الصورة (مع انتفاء وصفك) الذي عارضت به وصفي عنها، (لم يكف) في الدفع (وإن وجد)، ولو بفرض المتناظرين (معه) أي مع انتفاء وصف المعترض عنها (وصفه) أي وصف المستدل فيها لاستوائهما في انتفاء وصفيهما إن لم يوجد مع ما ذكر وصف المستدل، وبناء على جواز تعدد العلل مطلقا. وقيل يكفي في الشق الثاني بناء على امتناع تعدد العلل بخلافه في الأول، لا يكفي لاستوائها فيما مرّ، وهذا رجحه الأصل، ثم ذكر في انتفاء وصف المستدلّ زيادة على عدم الاكتفاء مبنية على ما صححه من امتناع التعليل بعلتين.
وحاصلها مع الإيضاح أن المستدل ينقطع بما قاله لاعترافه فيه بإلغاء وصفه حيث ساوى وصف المعترض فيما قدح هو به فيه. (ولو أبدى المعترض) في الصورة التي ألغى وصفه فيها المستدلّ. (ما) أي وصفا (يخلف الملغى سمى) ما أبداه (تعدد الوضع) لتعدد ما وضع أي بنى عليه الحكم عنده من وصف بعد أخر. (وزالت) بما أبداه (فائدة الإلغاء) وهي سلامة وصف المستدل عن القدح فيه. (ما لم يلغ المستدل الخلف بغير دعوى قصوره أو) دعوى (ضعف معنى المظنة) المعلل بها أي ضعف المعنى الذي اعتبرت المظنة له. (وسلم) المستدل (أن الخلف مظنة) وذلك بأن لم يتعرض المستدل لإلغاء الخلف أو تعرض له بدعوى قصوره أو بدعوى ضعف معنى المظنة فيه وسلم ما ذكر، بخلاف ما إذا ألغاه بغير الدعوتين أو بالثانية ولم يسلم ما ذكر فلا تزول فائدة إلغائه.
(وقيل دعواهما) أي القصور وضعف معنى المظنة مع التسليم (إلغاء) للخلف أيضا ينافي الأولى على امتناع التعليل بالقاصرة، وفي الثانية على تأثير ضعف المعنى في المظنة فلا تزول فيهما فائدة الإلغاء الأول، مثال تعدد الوضع ما يأتي فيما يقال يصح أمان العبد للحربي كالحرّ بجامع الإسلام والتكليف، فإنهما مظنتا إظهار مصلحة الإيمان من بذل الأمان فيعترض الحنفي باعتبار الحرّية معهما فإنها مظنة فراغ القلب للنظر بخلاف الرقبة لاشتغال الرقيق بخدمة سيده فيلغي الشافعي الحرّية بثبوت الأمان بدونها في العبد المأذون له في القتال اتفاقا فيجيب الحنفي بأن الإذن له خلف الحرّية لأنه مظنة بذل وسعه في النظر في مصلحة القتال والإيمان (ولا يكفي) في دفع المعارضة (رجحان وصف المستدل) على وصفها بمرجح، ككونه أنسب أو أشبه من وصفها بناء على جواز تعدد العلل، فيجوز أن يكون كل من الوصفين علة، وقيل يكفي بناء على منع التعدد ورجحه الأصل. (وقد يعترض) على المستدل (باختلاف جنس الحكمة) في الفرع والأصل. (وإن اتحد الجامع) بين الفرع والأصل كما يأتي فيما يقال يحدّ اللائط كالزاني بجامع إيلاج فرج في فرج مشتهى طبعا محرم شرعا، فيعترض بأن الحكمة في حرمة اللواط الصيانة عن رذيلته، وفي حرمة الزنا دفع اختلاط الأنساب المؤدي هو إليه وهما مختلفتان، فيجوز أن يختلف حكمهما بأن يقصر الحد على الزنا فيكون خصوصه معتبرا في علة الحد. (فيجاب) عن الاعتراض (بحذف خصوص الأصل عن الاعتبار) في العلة بطريق من طرق إبطالها، فيسلم أن العلة هي القدر المشترك فقط كما مرّ في المثال لا مع خصوص الزنا فيه. (والعلة إذا كانت وجود مانع) من الحكم كأبوّة القاتل المانعة من وجوب قتله بولده، (أو انتفاء شرط) كعدم إحصان الزاني المشترط لوجوب رجمه (لا تستلزم وجود المقتضي في الأصح). وقيل تستلزمه، وإلا كان انتفاء الحكم لانتفاء المقتضي لا لما فرض من وجود مانع أو انتفاء شرط، قلنا يجوز أن يكون انتفاؤه لما فرض أيضا لجواز تعدد العلل.