فصل: تفسير الآية رقم (43)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير ابن عبد السلام ***


تفسير الآية رقم ‏[‏31‏]‏

‏{‏إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ ‏(‏31‏)‏‏}‏

‏{‏الصَّافِنَاتُ‏}‏ الخيل وصفونها‏:‏ قيامها، أو رفع إحدى اليدين على طرف الحافر حتى تقوم على ثلاث ‏{‏الْجِيَادُ‏}‏ السراع لأنها تجود بالركض، أو الطوال الأعناق من الجيد وهو العنق، وطوله من صفة فراهتها‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏32‏]‏

‏{‏فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ ‏(‏32‏)‏‏}‏

‏{‏حُبَّ الْخَيْرِ‏}‏ حب المال، أو حب الخيل، أو حب الدنيا ‏{‏أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ‏}‏ آثرت حب الخير، أو تقديره أحببت حباً الخير ثم أضافه فقال حب الخير ‏{‏ذِكْرِ رَبِّى‏}‏ ذكر الله تعالى «ع»، أو صلاة العصر سُئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الصلاة الوسطى فقال‏:‏ هي صلاة العصر التي فرط فيها نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام ‏{‏تَوَارَتْ‏}‏ الشمس ‏{‏بِالْحِجَابِ‏}‏ وهو جبل أخضر محيط بالدنيا، أو توارت الخيل بالحجاب والحجاب‏:‏ الليل لستره ما فيه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏33‏]‏

‏{‏رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ ‏(‏33‏)‏‏}‏

‏{‏فَطَفِقَ‏}‏ بسوقها وأعناقها من شدة حبه لها «ع»، أو ضرب عراقيبها وأعناقها لما شغلته عن الصلاة «ح» وكانت نفلاً ولم تكن فرضاً إذ ترك الفرض عمداً فسوق‏.‏ فعل ذلك تأديباً لنفسه والخيل مأكولة فلم يكن ذلك إتلافاً يأثم به قاله الكلبي وكانت ألف فرس فعرقبت منها تسعمائة وبقي مائة فما في أيدي الناس من الخيل العتاق فمن نسل تلك المائة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏34‏]‏

‏{‏وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ ‏(‏34‏)‏‏}‏

‏{‏فَتَنَّا سُلَيْمَانَ‏}‏ ابتليناه، أو عاقبناه بأنه قارب بعض نسائه في شيء من حيض، أو غيره، أو كانت له زوجة اسمها جرادة وكان بين أهلها وبين قوم خصومة فحكم بينهم بالحق ولكنه وَدَّ أن الحق كان لأهلها فقيل له‏:‏ سيصيبك بلاء فجعل لا يدري أيأتيه البلاء من الأرض أم من السماء، أو احتجب ثلاثة أيام عن الناس فأوحى الله تعالى إليه إني لم أستخلفك لتحتجب عن عبادي ولكن لتقضي بينهم وتنصف مظلومهم من ظالمهم، أو غزا ملكاً وسبا ابنته وأحبها وهي معرضة عنه تذكراً لأبيها لا تكلمه ولا تنظر إليه إلا شزراً ثم سألته أن يصنع لها تمثال على صورة أبيها ففعل فعظمته وسجدت له هي وجواريها وعبد في داره إربعين يوماً حتى فشا خبره في بني إسرائيل وعلم به سليمان فكسره ثم حرقه ثم ذراه في الريح، أو قال للشيطان‏:‏ كيف تضلون الناس فقال‏:‏ أعطني خاتمك حتى أخبرك فأعطاه خاتمه فألقاه في البحر حتى ذهب ملكه، أو قال والله لأطوفن على نسائي في هذه الليلة كلهن سيحملن بغلام يقاتل في سبيل الله تعالى ولم يسْتثْنِ فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة فولدت له شق إنسان ‏{‏وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً‏}‏ وجعلنا في ملكه جسداً والكرسي المُلْك، أو ألقينا على سرير ملكه جسداً وهو جسد سليمان كان مريضاً ملقى على كرسيه، أو وُلد له ولد فخاف عليه الجن فأودعه في السحاب يغذى في اليوم كالجمعة وفي الجمعة كالشهر فلم يشعر إلا وقد وقع على كرسيه ميتاً قاله الشعبي، أو جعل الله تعالى ملكه في خاتمه وكان إذا أجنب، أو أتى الغائط دفعه لأوثق نسائه فدفعه إليها يوماً فجاء شيطان في صورته فأخذه منها واسمها جرادة، أو الأمينة‏.‏ فجاء سليمان يطلبه فقالت‏:‏ قد أخذته فأحسَّ سليمان، أو وضع الخاتم تحت فراشه فأخذه الشيطان من تحته، أو قال للشيطان‏:‏ كيف تضلون الناس فقال‏:‏ أعطني خاتمك حتى أخبرك فأعطاه الخاتم فجلس على كرسيه متشبهاً بصورته يقضي بغير الحق ويأتي نساء سليمان في الحيض أو منعه الله تعالى منهن فالجسد الشيطان الذي قعد على كرسيه واسمه صخر، أو آصف، أو حبقيق، أو أسيد ثم وجد سليمان خاتمه في جوف سمكة بعد أربعين يوماً من زوال ملكه قيل‏:‏ وجد الخاتم بعسقلان فمشى منها إلى بيت المقدس تواضعاً لله تعالى ثم ظفر بالشيطان فجعله في تخت رخام وشدة بالنحاس وألقاه في البحر ‏{‏ثُمَّ أَنَابَ‏}‏ تاب من ذنبه، أو رجع إلى ملكه، أو برىء من مرضه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏35‏]‏

‏{‏قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ‏(‏35‏)‏‏}‏

‏{‏وَهَبْ لِى مُلْكاً‏}‏ سأل ذلك ليكون معجزة له ويستدل به على الرضا وقبول التوبة، أو ليقوى به على عصاته من الجن فسخرت له حينئذ الريح، أو ‏{‏لا يَنبَغِى لأَحَدٍ مِّن بَعْدِى‏}‏ في حياتي أن ينزعه مني كالجسد الذي جلس على كرسيه قيل‏:‏ سأل ذلك بعد الفتنة فزاده الله تعالى الريح والشياطين بعدما ابتُلي «ح»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏36‏]‏

‏{‏فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ ‏(‏36‏)‏‏}‏

‏{‏فَسَخَّرْنَا‏}‏ ذللنا ‏{‏رُخَآءً‏}‏ طيبة، أو سريعة، أو لينة أو مطيعة، أو ليست بالعاصف المؤذية ولا بالعصيفة المعصرة «ح»‏.‏ ‏{‏أَصَابَ‏}‏ أراد بلسان هجر، أو حيثما قصد من إصابة السهم الغرض المقصود‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏37‏]‏

‏{‏وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ ‏(‏37‏)‏‏}‏

‏{‏كُلَّ بَنَّآءٍ‏}‏ في البر ‏{‏وَغَوَّاصٍ‏}‏ في البحر على حليته وجواهره‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏38‏]‏

‏{‏وَآَخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ ‏(‏38‏)‏‏}‏

‏{‏فِى الأَصْفَادِ‏}‏ السلاسل، أو الأغلال، أو الوثاق «ع»، ولم يكن يفعل ذلك إلا بكفارهم فإذا آمنوا أطلقهم ولم يسخرهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏39‏]‏

‏{‏هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ‏(‏39‏)‏‏}‏

‏{‏هَذَا عَطَآؤُنَا‏}‏ الملك الذي لا ينبغي لأحد والريح والشياطين ‏{‏فَامْنُنْ‏}‏ على الجن بالإطلاق، أو الإمساك في عملك من غير حرج عليك في ذلك، أو اعط من شئت من الناس وامنع من شئت منهم ‏{‏بِغَيْرِ حِسَابٍ‏}‏ بغير تقدير فيما تعطي وتمنع، أو بغير حرج، أو لا تحاسب عليه في القيامة فما أنعم على أحد بنعمة إلا عليه فيها تبعة إلا سليمان، أو التقدير هذا عطاؤنا بغير حساب أي جزاء، أو قلة، أو هذا عطاؤنا إشارة إلى غير مذكور وهو أنه كان في ظهره ماء مائة وكان له ثلاثمائة حرة وسبعمائة سُرِّية فقيل له ‏{‏هَذَا عَطَآؤُنَا‏}‏ يعني القوة على الجماع ‏{‏فَامْنُنْ‏}‏ بجماع من شئت من نسائك ‏{‏أَوْ أَمْسِكْ‏}‏ بغير مؤاخذة فيمن جامعت أو تركت، أو بغير عدد محصور فيمن استبحت، أو نحكت وهذا خلاف الظاهر بغير دليل‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏41‏]‏

‏{‏وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ‏(‏41‏)‏‏}‏

‏{‏عَبْدَنَآ أَيُّوبَ‏}‏ من نسل يعقوب، أو لم يكن من نسله كان في زمنه وتزوج ابنته ليا بن يعقوب وكانت أمه بنت لوط ‏{‏مَسَّنِىَ الشَّيْطَانُ‏}‏ بوسوسته وتذكيره ما كان فيه من نعمة وما صار إليه من بلية أو استأذن الشيطان ربه أن يسلطه على ماله فسلطه ثم على أهله وولده فلسطه ثم على جسده فسلطه ثم على قلبه فلم يسلطه فهذا مسه «ع» ‏{‏بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ‏}‏ النصب الألم والعذاب السقم، أو النصب في جلده والعذاب في ماله، أو النصب العناء والعذاب البلاء‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏42‏]‏

‏{‏ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ ‏(‏42‏)‏‏}‏

‏{‏هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ‏}‏ هما عينان في الشام بأرض يقال لها الجابية اغتسل من إحداهما فأذهب الله تعالى ظاهر دائه وشرب من الأخرى فأذهب الله تعالى باطن دائه «ح»، أو اغتسل من إحداهما فبرأ وشرب من الأخرى فروي ‏{‏مُغْتَسَلٌ‏}‏ موضع الغسل، أو ما يغستل به، ومرض سبع سنين وسبعة أشهر أو ثماني عشرة سنة مأثور‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏43‏]‏

‏{‏وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ ‏(‏43‏)‏‏}‏

‏{‏وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ‏}‏ كانوا مرضى فبرئوا، أو غُيَّباً فردوا، أو ماتوا عند الجمهور فرد الله تعالى عليه أهله وولده ومواشيه بأعيانهم لأنهم ماتوا قبل آجالهم ابتلاءً ووهب له من أولادهم مثلهم «ح»، أو ردوا عليه بأعيانهم ووُهب له مثلهم من غيرهم، أو رد عليه ثوابهم في الجنة ووهبه مثلهم في الدنيا، أو رد عليه أهله في الجنة وأصاب امرأته فجاءت بمثلهم في الدنيا، أو لم يرد عليه منهم أحداً وكانوا ثلاثة عشر ووهب له من أمهم مثلهم فولدت ستة وعشرين ابناً قاله الضحاك ‏{‏رَحْمَةً مِّنَّا‏}‏ نعمة ‏{‏وَذِكْرَى‏}‏ عبرة لذوي العقول‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏44‏]‏

‏{‏وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ‏(‏44‏)‏‏}‏

‏{‏ضِغْثاً‏}‏ عثكال النخل بمشاريخه «ع»، أو الأثل، أو السنبل، أو الثمام اليابس، أو الشجر الرطب، أو حزمة من حشيش، أو ملء الكف من الحشيش أو الشجر، أو الشماريخ وذلك خاص لأيوب عليه الصلاة والسلام أو يعم هذه الأمة، لقي إبليس زوجة أيوب في صورة طبيب فدعته إلى مداواته فقال‏:‏ أداويه على أنه إذا برىء قال‏:‏ أنت شفيتني لا أريد جزاء سواه قالت‏:‏ نعم فأشارت على أيوب بذلك فحلف ليضربنها «ع»، أو أتته بزيادة على عادتها من الخبز فخاف خيانتها فحلف ليضربنها، أو أغواها الشيطان على أن تحمل أيوب على أن يذبح له سخلاً ليبرأ بها فحلف ليجلدنها فلما برأ وعلم الله تعالى إيمانها أمره أن يضربها بالضغث رفقاً بها وبراً‏.‏ وكان بلاؤه اختباراً لرفع درجته وزيادة ثوابه أو عقوبة على أنه دخل على بعض الجبابرة فرأى منكراً فكست عنه، أو لأنه ذبح شاة فأكلها وجاره جائع لم يطعمه ‏{‏أَوَّابٌ‏}‏ راجع إلى ربه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏45‏]‏

‏{‏وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ ‏(‏45‏)‏‏}‏

‏{‏الأَيْدِى‏}‏ القوة على العبادة ‏{‏وَالأَبْصَارِ‏}‏ الفقه في الدين، أو الأيدي القوة في أمر الله تعالى والأبصار العلم بكتابه أو الأيدي النعم والأبصار العقول، أو الأيدي قوة أبدانهم والأبصار قوة أديانهم، أو الأيدي العمل والأبصار العلم قيل‏:‏ لم يذكر معهم إسماعيل لأنه لم يتبلَ وابتلي إبراهيم بالنار وإسحاق بالذبح ويعقوب بذهاب البصر‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏46‏]‏

‏{‏إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ ‏(‏46‏)‏‏}‏

‏{‏أَخْلَصْنَاهُمْ‏}‏ نزعنا ذكر الدنيا وحبها من قلوبهم وأخلصناهم بحب الآخرة وذكرها، أو اصطفيناهم بأفضل ما في الآخرة وأعطيناهم إياه، أو أخلصناهم بخاصلة الكتب المنزلة التي فيها ذكر الآخرة مأثور، أو أخلصناهم بالنوبة وذكر الدار الآخرة، أو أخلصناهم من العاهات والأفات وجعلناهم ذاكرين للدار الآخرة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏52‏]‏

‏{‏وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ ‏(‏52‏)‏‏}‏

‏{‏أَتْرَابٌ‏}‏ أمثال، أو أقران، أو متواخيات لا يتباغضن ولا يتغايرن، أو مستويات الأسنان بنات ثلاث وثلاثين، أو أتراب أزواجهن خلقن على مقاديرهم والترب اللذة مأخوذ من اللعب بالتراب‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏57‏]‏

‏{‏هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ ‏(‏57‏)‏‏}‏

‏{‏فَلْيَذُوقُوهُ‏}‏ منه حميم ومنه غساق، أو تقديره هذا حميم وغساق فليذوقوه ‏{‏وَغَسَّاقٌ‏}‏ البارد الزمهرير «ع»، أو قيح يسيل من جلودهم، أو دموع تسيل من أعينهم، أو عين تسيل في جهنم لها حُمَةُ كُلٍّ ذي حُمَةٍ من حية أو عقرب، أو المنتن مأثور‏.‏ أو السواد والظلمة ضد ما يراد من صفاء الشراب ورقته وهو بلغة الترك أو عربي من الغسق وهو الظلمة، أو من غسقت القرحة إذا خرجت‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏58‏]‏

‏{‏وَآَخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ ‏(‏58‏)‏‏}‏

‏{‏وأُخَرُ من‏}‏ شكل العذاب أنواع، أو من شكل عذاب الدنيا في الآخرة لم تر في الدنيا «ح»، أو الزمهرير ‏{‏أَزْوَاجٌ‏}‏ أنواع، أو ألوان أو مجموعة‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏59 - 61‏]‏

‏{‏هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ ‏(‏59‏)‏ قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ ‏(‏60‏)‏ قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ ‏(‏61‏)‏‏}‏

‏{‏فَوْجٌ‏}‏ يدخلونها قوم بعد قوم فالفوج الأول بنو إبليس والثاني بنو آدم «ح»، أو كلاهما بنو آدم الأول الرؤساء والثاني الأتباع أو الأول قادة المشركين ومطعموهم ببدر والثاني أتباعهم ببدر يقول الله تعالى للفوج الأول عند دخول الفوج الثاني ‏{‏هَذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ‏}‏ فيقولون ‏{‏لا مَرْحَباً بِهِمْ‏}‏ فيقول الفوج الثاني بل أنتم ‏{‏لا مَرْحَباً بِكُمْ‏}‏ أو قالت الملائكة لبني إبليس ‏{‏هَذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ‏}‏ إشارة إلى بني آدم لما أدخلوا عليهم فقال بنو إبليس لا مرحباً بهم فقال بنو آدم بل أنتم لا مرحباً بكم ‏{‏قَدَّمْتُمُوهُ‏}‏ شرعتموه وجعلتم لنا إليه قدماً، أو قدمتم لنا هذا العذاب بإضلالنا على الهدى، أو قدمتم لنا الكفر، الموجب لعذاب النار ‏{‏فَبِئْسَ الْقَرَارُ‏}‏ بئس الدار النار‏.‏ ‏{‏مَن قَدَّمَ لَنَا هَذَا‏}‏ من سنه وشرعه، أو من زينه ‏{‏مَرْحَباً‏}‏ المرحب والرحب السعة ومنه الرحبة لسعتها معناه لا اتسعت لكم أماكنكم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏62‏]‏

‏{‏وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ ‏(‏62‏)‏‏}‏

‏{‏مَا لَنَا لا نَرَى‏}‏ يقوله أبو جهل وأتباعه ‏{‏رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُم‏}‏ عماراً وصهيباً وبلالاً وابن مسعود‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏63‏]‏

‏{‏أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ ‏(‏63‏)‏‏}‏

‏{‏سِخْرِيّاً‏}‏ من الهزؤ وبالضم من التسخير ‏{‏زَاغَتْ عَنْهُمُ الأَبْصَارُ‏}‏ يعني أهم معنا في النار أم زاغت عنهم أبصارنا فلا نراهم ولا نعلم مكانهم وإن كانوا معنا في النار وقال الحسن رضي الله تعالى عنه‏:‏ كلا قد فعلوا اتخذوهم سخرياً وزاغب عنهم أبصارهم حقرية لهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏67‏]‏

‏{‏قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ‏(‏67‏)‏‏}‏

‏{‏هُوَ نَبَؤٌاْ‏}‏ القيامة لأن الله تعالى أنبأ بها في كتابه، أو القرآن لأنه أنبأنا به فعرفناه، أو أنبأ به عن الأولين ‏{‏عَظِيمٌ‏}‏ زواجره وأوامره أو عظيم قدره كثير نفعه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏69‏]‏

‏{‏مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ ‏(‏69‏)‏‏}‏

‏{‏بِالْمَلإِ الأَعْلَى‏}‏ الملائكة ‏{‏يَخْتَصِمُونَ‏}‏ قولهم ‏{‏أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 30‏]‏ «ع»، أو قال الرسول صلى الله عليه وسلم سألني ربي فقال يا محمد «فيم يختصم الملأ الأعلى قلت في الكفارات والدرجات قال وما الكفارات قلت المشي على الأقدام إلى الجماعات وإسباغ الوضوء في السبرات والتعقيب في المساجد انتظار الصلوات قال وما الدرجات قلت إفشاء السلام وإطعام الطعام والصلاة بالليل والناس نيام»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏75‏]‏

‏{‏قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ ‏(‏75‏)‏‏}‏

‏{‏بِيَدَىَّ‏}‏ بقوتي، أو قدرتي، أو توليت خلقه بنفسي، أو خلقته بيدي صفة ليست بجارحة ‏{‏أَسْتَكْبَرْتَ‏}‏ عن الطاعة أم تعاليت عن السجود‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏84‏]‏

‏{‏قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ ‏(‏84‏)‏‏}‏

‏{‏فَالْحَقُّ‏}‏ أنا وأقول الحقَّ، أو الحقُّ مني والحقُّ قولي، أو أقول حقاً حقاً لأملأن جهنم «ح»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏86‏]‏

‏{‏قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ‏(‏86‏)‏‏}‏

‏{‏مَآ أَسْئَلُكُمْ‏}‏ على طاعة الله، أو على القرآن أجراً ‏{‏الْمُتَكَلِّفِينَ‏}‏ للقرآن من تلقاء نفسي، أو لأن آمركم بما لم أُؤمر به، أو ما أنا بمكلفكم الأجر‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏88‏]‏

‏{‏وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ ‏(‏88‏)‏‏}‏

‏{‏نَبَأَهُ‏}‏ نبأ القرآن أنه حق، أو محمد صلى الله عليه وسلم أنه رسول، أو الوعيد أنه صدق ‏{‏بَعْدَ حِينٍ‏}‏ بعد الموت، أو يوم بدر، أو القيامة‏.‏

‏[‏سورة الزمر‏]‏

تفسير الآية رقم ‏[‏1‏]‏

‏{‏تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ‏(‏1‏)‏‏}‏

‏{‏الْعَزِيزِ‏}‏ في ملكه ‏{‏الْحَكِيمِ‏}‏ في أمره، أو العزيز في نقمته الحكيم في عدله‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏2‏]‏

‏{‏إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ‏(‏2‏)‏‏}‏

‏{‏مُخْلِصاً‏}‏ للتوحيد، أو للنية لوجهه ‏{‏الدِّينَ‏}‏ الطاعة، أو العبادة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏3‏]‏

‏{‏أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ‏(‏3‏)‏‏}‏

‏{‏الدِّينَ الْخَالِصُ‏}‏ شهادة أن لا إله إلا الله، أو الإسلام «ح»، أو ما لا رياء فيه من الطاعات‏.‏ ‏{‏مَا نَعْبُدُهُمْ‏}‏ قالته قريش في أوثانها وقاله من عبد الملائكة وعُزيراً وعيسى ‏{‏زُلْفَى‏}‏ منزلة، أو قرباً، أو الشفاعة ها هنا‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏5‏]‏

‏{‏خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ‏(‏5‏)‏‏}‏

‏{‏يُكَوِّرُ الَّيْلَ‏}‏ يحمل كل واحد منهما على الآخر «ع»، أو يغشي الليل على النهار فيذهب ضوءه ويغشي النهار على الليل فتذهب ظلمته، أو يرد نقصان كل واحد منهما في زيادة الآخرة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏6‏]‏

‏{‏خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ‏(‏6‏)‏‏}‏

‏{‏نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ‏}‏ آدم ‏{‏زَوْجَهَا‏}‏ حواء خلقها من ضلع آدم السفلي، أو خلقها من مثل ما خلقه منه ‏{‏وَأَنزَلَ لَكُم‏}‏ جعل «ح» أو أنزلها بعد أن خلقها في الجنة ‏{‏ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ‏}‏ المذكورة في سورة الأنعام ‏{‏خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ‏}‏ نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظماً ثم لحماً، أو خلقاً في بطون أمهات بعد خلق في ظهر آبائكم قاله ابن زيد ‏{‏ظُلُمَاتٍ ثلاثٍ‏}‏ ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة «ع»، أو ظلمة صلب الرجل وظلمة بطن المرأة وظلمة الرحم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏8‏]‏

‏{‏وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ‏(‏8‏)‏‏}‏

‏{‏مُنِيباً‏}‏ مخلصاً له، أو مستغيثاً به، أو مقبلاً عليه ‏{‏نِعْمَةً مِّنْهُ‏}‏ تَرَكَ الدعاء، أو عافيةً نسي الضر، والتخويل العطية من هبة، أو منحة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏9‏]‏

‏{‏أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ‏(‏9‏)‏‏}‏

‏{‏قَانِتٌ‏}‏ مطيع، أو خاشع في الصلاة، أو قائم فيها، أو داعٍ لربه ‏{‏ءَانَآءَ الَّيْلِ‏}‏ جوف الليل «ع»، أو ساعاته «ح»، أو ما بين المغرب والعشاء‏.‏ ‏{‏رَحْمَةَ رَبِّهِ‏}‏ نعيم الجنة‏.‏ نزلت في الرسول صلى الله عليه وسلم، أو في أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما «ع»، أو عثمان بن عفان، أو عمار وصهيب وأبي ذر وابن مسعود، أو مرسلة فيمن هذا حاله ‏{‏أَمَّنْ‏}‏ فجوابه كمن ليس كذلك، أو كمن جعل لله أنداداً‏.‏ ومن جعل له نداء فمعناه‏:‏ يا من هو قانت ‏{‏قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ‏}‏ الذي يعلمون هذا فيعلمون له والذين لا يعلمونه ولا يعلمون به، أو الذين يعلمون أنهم ملاقو ربهم والذين لا يعلمون المشركون الذين جعلوا لله أنداداً، أو الذي يعلمون نحن والذين لا يعلمون هم المرتابون في هذه الدنيا‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏10‏]‏

‏{‏قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ‏(‏10‏)‏‏}‏

‏{‏حَسَنَةٌ‏}‏ في الآخرة وهي الجنة، أو في الدنيا زيادة على ثواب الآخرة وهو ما رزقهم من خير الدنيا، أو العافية والصحة أو طاعة الله في الدنيا وجنته في الآخرة «ح»، أو الظفر والغنيمة‏.‏ ‏{‏وَأَرْضُ اللَّهِ‏}‏ أرض الجنة، أو أرض الهجرة ‏{‏بِغَيْرِ حِسَابٍ‏}‏ بغير منّ ولا تباعة أو لا يحسب عليهم ثواب عملهم فقط ولكن يزادون على ذلك، أو يعطونه جزافاً غير مقدر أو واسعاً بغير ضيق قال علي رضي الله تعالى عنه كل أجر يكال كيلاً ويوزن وزناً إلا أجر الصابرين فإنه يحثى لهم حثواً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏15‏]‏

‏{‏فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ‏(‏15‏)‏‏}‏

‏{‏خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ‏}‏ بهلاك النار وخسروا أهليهم بأن لا يجدوا في النار أهلاً وقد كان لهم في الدنيا أهل، أو خسروا أنفسهم بما حرموا من الجنة وأهليهم‏:‏ الحور العين الذين أُعدوا لهم في الجنة «ح»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏17‏]‏

‏{‏وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ ‏(‏17‏)‏‏}‏

‏{‏الطَّاغُوتَ‏}‏ الشيطان، أو الأوثان أعجمي كهاروت وماروت أو عربي من الطغيان ‏{‏وَأَنَابُواْ إِلَى اللَّهِ‏}‏ أقبلوا عليه أو استقاموا إليه‏.‏ ‏{‏الْبُشْرَى‏}‏ الجنة، أو بشارة الملائكة للمؤمنين‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏18‏]‏

‏{‏الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ‏(‏18‏)‏‏}‏

‏{‏الْقَوْلَ‏}‏ كتاب الله، أو لم يأتيهم كتاب الله ولكنهم استمعوا أقوال الأمم‏.‏ قاله ابن زيد ‏{‏أَحْسَنَهُ‏}‏ طاعة الله، أو لا إله إلا الله، أو أحسن ما أُمِروا به، أو إذا سمعوا قول المشركين وقول المسلمين اتبعوا أحسنه وهو الإسلام، أو يسمع حديث الرجل فيحدث بأحسنه ويمسك عن سواه فلا يحدث به «ع» قال ابن زيد نزلت في زيد بن عمرو بن نفيل وأبي ذر وسلمان اجتنبوا الطاغوت في الجاهلية واتبعوا أحسن ما صار من القول إليهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏22‏]‏

‏{‏أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ‏(‏22‏)‏‏}‏

‏{‏شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ‏}‏ وسعه للإسلام حتى ثبت فيه أو شرحه بفرحه وطمأنينته إليه ‏{‏نُورٍ مِّن رَّبِّهِ‏}‏ هدى، أو كتاب الله يأخذ به وينتهي إليه نزلت في الرسول صلى الله عليه سلم، أو في عمر، أو في عمار بن ياسر تقديره‏:‏ أفمن شرح الله صدره كمن طبع على قلبه ‏{‏فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم‏}‏ القاسية قلوبهم قيل‏:‏ أبو جهل وأتباعه من قريش‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏23‏]‏

‏{‏اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ‏(‏23‏)‏‏}‏

‏{‏مُّتَشَابِهًا‏}‏ في نوره وصدقه وعدله، أو متشابه الآي والحروف ‏{‏مَّثَانِىَ‏}‏ لأنه ثنى فيه القضاء، أو قصص الأنبياء، أو ذكر الجنة والنار، أو الآية بعد الآية والسورة بعد السورة، أو تثنى تلاوته فلا يُمل لحسنه، أو يفسر بعضه بعضاً ويرد بعضه على بعض «ع» أو المثاني اسم لأواخر الآي والقرآن أسم جميعه والسورة اسم كل قطعة منه والآية اسم كل فصل من السورة ‏{‏تَقْشَعِرُّ‏}‏ من وعيده وتلين من وعده، أو تقشعر من الخوف وتلين من الرجاء «ع»، أو تقشعر من إعظامه وتلين القلوب عند تلاوته‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏24‏]‏

‏{‏أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ‏(‏24‏)‏‏}‏

‏{‏يَتَّقِى بِوجْهِهِ‏}‏ تبدأ النار بوجهه إذا دخلها، أو يسحب على وجهه إليها‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏25‏]‏

‏{‏كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ ‏(‏25‏)‏‏}‏

‏{‏مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ‏}‏ فجأة، أو من مأمنهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏28‏]‏

‏{‏قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ‏(‏28‏)‏‏}‏

‏{‏عِوَجٍ‏}‏ لبس، أو اختلاف، أو شك‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏29‏]‏

‏{‏ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ‏(‏29‏)‏‏}‏

‏{‏مُتَشَاكِسُونَ‏}‏ متنازعون، أو مختلفون، أو متعاسرون، أو متضايقون‏.‏ رجل شكس أي ضيق الصدر، أو متظالمون؛ شكسني مالي أي ظلمني ‏{‏سالماً‏}‏ مُخلِصاً مثل لمن عبد آلهة ومن عبد إلهاً واحداً لأن العبد المشترك لا يقدر على توفية حقوق سادته من الخدمة والذي سيده واحد يقدر على القيام بخدمته‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏30‏]‏

‏{‏إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ‏(‏30‏)‏‏}‏

‏{‏إِنَّكَ مَيِّتٌ‏}‏ ستموت، الميَّت بالتشديد الذي سيموت وبالتخفيف من قد مات‏.‏ ذكرهم الموت تحذيراً من الآخرة، أو حثاً على الأعمال، أو لئلا يختلفوا في موته كاختلاف الأمم في غيره وقد احتج بها أبو بكر على عمر رضي الله تعالى عنهما لما أنكر موته، أو ليعلمه الله تعالى أنه سوّى فيه بين خلقه‏.‏ وكل هذه احتمالات يجوز أن يراد كلها، أو بعضها‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏31‏]‏

‏{‏ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ‏(‏31‏)‏‏}‏

‏{‏تَخْتَصِمُونَ‏}‏ فيما كان بينهم في الدنيا، أو المداينة أو الإيمان والكفر، أو يخاصم الصادق الكاذب والمظلوم الظالم والمهتدي الضال والضعيف المستكبر «ع» قال الصحابة‏.‏ لما نزلت ما خصومتنا بيننا فلما قتل عثمان رضي الله تعالى عنه قالوا‏:‏ هذه خصومتنا بيننا‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏33‏]‏

‏{‏وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ‏(‏33‏)‏‏}‏

‏{‏وَالَّذِى جَآءَ بِالصِّدْقِ‏}‏ محمد، أو الأنبياء عليه وعليهم الصلاة والسلام، أو جبريل عليه السلام، أو المؤمنون جاءوا بالصدق يوم القيامة، والصدق لا إله إلا الله «ع»، أو القرآن ‏{‏وَصَدَّقَ بِهِ‏}‏ الرسول صلى الله عليه وسلم أو مؤمنو هذه الأمة، أو أتباع الأنبياء كلهم، أو أبو بكر، أو علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما والذي ها هنا يراد به الجمع وإن كان مفرد اللفظ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏35‏]‏

‏{‏لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ ‏(‏35‏)‏‏}‏

‏{‏أَسْوَأَ الَّذِى عَمِلُواْ‏}‏ قبل الإيمان والتوبة، أو الصغائر لأنهم قد اتقوا الكبائر‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏36‏]‏

‏{‏أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ‏(‏36‏)‏‏}‏

‏{‏بِكَافٍ عَبْدَهُ‏}‏ محمداً صلى الله عليه وسلم كفاه الله تعالى المشركين ‏{‏بِكَافٍ عباده‏}‏ الأنبياء ‏{‏بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ‏}‏ خوفوه بأوثانهم يقولون تعفل بك كذا وتفعل، أو خوفوه من أنفسهم بالتهديد والوعيد‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏39‏]‏

‏{‏قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ‏(‏39‏)‏‏}‏

‏{‏مَكَانَتِكُمْ‏}‏ ناحيتكم، أو تمكنكم، أو شرككم ‏{‏عَامِلٌ‏}‏ على ما أنا عليه من الهدى‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏42‏]‏

‏{‏اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ‏(‏42‏)‏‏}‏

‏{‏يَتَوَفَّى الأَنفُسَ‏}‏ يقبض أرواحها من أجسادها ويقبض نفس النائم عن التصرف مع بقاء الروح في الجسد ‏{‏فَيُمْسِكُ‏}‏ أرواح الموتى أن تعود إلى أجسادها ويرسل نفس النائم فيطلقها باليقظة للتصرف إلى أجل موتها، أو لكل جسد نفس وروح فيقبض بالنوم النفوس دون الأرواح حتى تتقلب بها وتتنفس ويقبض بالموت الأرواح والنفوس فيمسك نفوس الموتى فلا يردها إلى أجسادها ويرد نفوس النيام إلى أجسادها حتى تجتمع مو روحها إلى أجل موتها «ع»، أو يقبض أرواح النيام بالنوم والأموات بالموت فتتعارف ما شاء الله أن تتعارف فيمسك التي قضى عليها الموت فلا يعيدها ويرسل الأخرى فيعيدها قاله علي رضي الله تعالى عنه فما رأته النفس وهي في السماء قبل إرسالها فهي الرؤيا الصادقة وما رأتته بعد الإرسال وقبل الاستقرار في الجسد يلقها الشياطين ويخيل لها الأباطيل فهي الرؤيا الكاذبة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏45‏]‏

‏{‏وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ‏(‏45‏)‏‏}‏

‏{‏اشْمَأَزَّتْ‏}‏ انقبضت، أو نفرت، أو استكبرت‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏46‏]‏

‏{‏قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ‏(‏46‏)‏‏}‏

‏{‏فِيهِ يَخْتَلِفُونَ‏}‏ من الهدى والضلال‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏49‏]‏

‏{‏فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ‏(‏49‏)‏‏}‏

‏{‏فَإِذَا مّسَّ الإِنسَانَ ضُرٌّ‏}‏ نزلت في أبي حذيفة بن المغيرة ‏{‏عَلَى عِلْمٍ‏}‏ عندي‏:‏ على خبر عندي، أو بعلمي، أو علمت أن سوف أصيبه أو علم يرضاه عني، أو بعلم علمنيه الله إياه «ح» ‏{‏بَلْ هِىَ‏}‏ النعمة، أو مقالته‏:‏ أوتيته على علم ‏{‏فِتْنَةٌ‏}‏ بلاء، أو اختبار ‏{‏لا يَعْلَمُونَ‏}‏ البلاء من النعماء‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏53‏]‏

‏{‏قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ‏(‏53‏)‏‏}‏

‏{‏أَسْرَفُواْ‏}‏ بالشرك ‏{‏تَقْنَطُواْ‏}‏ تيأسوا ‏{‏يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً‏}‏ بالتوبة منها «ح»، أو بالعفو عنها إلا الشرك، أو يغفر الصغائر باجتناب الكبائر نزلت والتي بعدها في وحشي قاتل حمزة قال علي‏:‏ ما في القرآن آية أوسع منها‏.‏ قال الرسول صلى الله عليه وسلم‏:‏ «ما أحب أن لي الدنيا وما عليها بهذه الآية»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏55‏]‏

‏{‏وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ‏(‏55‏)‏‏}‏

‏{‏أَحْسَنَ مَآ أُنزِلَ‏}‏ تأدية الفرائض، أو طاعة الله تعالى في الحلال والحرام، أو الناسخ دون المنسوخ، أو الأخذ بما أمروا به والكف عما نهوا عنه أو ما أمرهم به في كتابه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏56‏]‏

‏{‏أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ‏(‏56‏)‏‏}‏

‏{‏جَنبِ اللَّهِ‏}‏ مجانبة أمره، أو في طاعته، أو في ذكره وهو القرآن، أو في قرب الله من الجنة، أو في الجانب المؤدي إلى رضا الله‏.‏ والجنب والجانب سواء، أو في طلب القرب من الله ‏{‏والصاحب بالجنب‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 36‏]‏ أي بالقرب ‏{‏السَّاخِرِينَ‏}‏ المستهزئين بالقرآن، أو بالنبي والمؤمنين «ع»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏61‏]‏

‏{‏وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ‏(‏61‏)‏‏}‏

‏{‏بِمَفَازَتِهِمْ‏}‏ بنجاتهم من النار، أو بما فازوا به من الطاعة، أو بما ظفروا به من الإرادة ‏{‏وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ‏}‏ على ما فاتهم من لذات الدنيا أو لا يخافون سوء العذاب‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏67‏]‏

‏{‏وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ‏(‏67‏)‏‏}‏

‏{‏وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ‏}‏ ما عظموه حق عظمته إذ عبدوا الأوثان دونه، أو دعوك إلى عبادة غيره، أو ما وصفوه حق صفته ‏{‏قَبْضَتُهُ‏}‏ أي هي في مقدروه كالذي يقبض القابض عليه في قبضته ‏{‏بِيَمِينِهِ‏}‏ بقوته لأن اليمين القوة، أو في ملكه لقوله ‏{‏أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 3‏]‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏68‏]‏

‏{‏وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ‏(‏68‏)‏‏}‏

‏{‏فَصَعِقَ‏}‏ الصعقة‏:‏ الغشية، أو الموت عند الجمهور ‏{‏إِلا مَن شَآءَ اللَّهُ‏}‏ جبريل وميكائيل وعزرائيل وإسرافيل ثم يقبض ملك الموت أرواحهم بعد ذلك مأثور، أو الشهداء، أو هو الله الواحد القهار‏.‏ والعجب من الحسن يقول هذا مع أن المشيئة لا تتعلق بالقديم ‏{‏قِيَامٌ‏}‏ على أرجلهم ‏{‏يَنظُرُونَ‏}‏ إلى البعث الذي أُعيدوا به‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏69‏]‏

‏{‏وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ‏(‏69‏)‏‏}‏

‏{‏وَأَشْرَقَتِ‏}‏ أضاءت ‏{‏بِنُورِ رَبِّهَا‏}‏ بعدله، أو بنور قدرته، أو نورٌ خلَقه لإشراق أرضه، أو اليوم الذي يقضي فيه بين الخلق لأنه نهار لا ليل معه ‏{‏الْكِتَابُ‏}‏ الحساب، أو كتاب الأعمال ‏{‏وَالشُّهَدَآءِ‏}‏ الملائكة الذين يشهدون على أعمال العباد، أو الذين استشهدوا في طاعة ‏[‏الله‏]‏‏.‏ ‏{‏بِالْحَقِّ‏}‏ بالعدل ‏{‏لا يُظْلَمُونَ‏}‏ بنقص الحسنات، أو الزيادة في السيئات‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏71‏]‏

‏{‏وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ ‏(‏71‏)‏‏}‏

‏{‏زُمَراً‏}‏ أفواجاً، أو أمماً، أو جماعات، أو جماعات متفرقة بعضها إثر بعض، أو دفعاً وزجراً لصوت كصوت المزمار ومنه قولهم مزامير داود‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏73 - 74‏]‏

‏{‏وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ‏(‏73‏)‏ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ‏(‏74‏)‏‏}‏

‏{‏طِبْتُمْ‏}‏ بالطاعة، أو بالعمل الصالح، أو على باب الجنة شجرة ينبع من ساقها عينان يشربون من إحداهما فتطهر أجوافهم ويشربون من الأخرى فتطيب أبشارهم فحينئذ يقول ‏{‏خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ‏}‏ فإذا دخلوها قالوا ‏{‏الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى صَدَقَنَا وَعْدَهُ‏}‏ بالجنة ثواباً على الإيمان، أو بظهور دينه على الأديان وبالجزاء في الآخرة على الإيمان‏.‏ ‏{‏وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ‏}‏ أرض الدنيا، أو أرض الجنة عند الأكثرين سماها ميراثاً لأنها صارت إليهم في آخر الأمر كالميراث، أو لأنهم ورثوها عن أهل النار ‏{‏نَتَبَوَّأُ‏}‏ ننزل ‏{‏حَيْثُ نَشَآءُ‏}‏ من قرار أو علوا، أو من منازل، أو مَنَازِه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏75‏]‏

‏{‏وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ‏(‏75‏)‏‏}‏

‏{‏حَآفِّينَ‏}‏ محدقين ‏{‏يُسَبِّحُونَ‏}‏ تلذذاً ‏{‏بِحَمْدِ رَبِّهِمْ‏}‏ بمعرفة ربهم «ح»، أو يذكرون بأمر ربهم ‏{‏وَقَضِىَ‏}‏ بين بعضهم لبعض، أو بين الرسل والأمم ‏{‏بِالْحَقِّ‏}‏ بالعدل ‏{‏وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ‏}‏ يحمده الملائكة على عدله وقضائه أو يحمده المؤمنون‏.‏

‏[‏سورة غافر‏]‏

تفسير الآية رقم ‏[‏1‏]‏

‏{‏حم ‏(‏1‏)‏‏}‏

‏{‏حم‏}‏ اسم للقرآن، أو لله أقسم به، أو حروف مقطعة من أسمه ‏{‏الرَّحْمَنِ‏}‏ و‏{‏الر‏}‏ و‏{‏حم‏}‏ ‏{‏ن‏}‏ هي الرحمن قاله ابن جبير، أو هو محمد صلى الله عليه وسلم أو فواتح السور‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏3‏]‏

‏{‏غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ‏(‏3‏)‏‏}‏

‏{‏غَافِرِ الذَّنبِ‏}‏ لمن استغفره، أو ساتِره على من شاء، أو هو موصوف بمغفرته ‏{‏وَقَابِلِ التَّوْبِ‏}‏ بإسقاط الذنب بها مع الإثابة عليها ‏{‏ذِي الطَّوْلِ‏}‏ النعم «ع»، أو القدرة، أو الغنى والسعة، أو الجزاء والمن، أو الفضل، والمن‏:‏ عفو عن ذنب، والفضل‏:‏ إحسان غير مستحق وأخُذ الطُّول من الطول كأنه طال بإنعامه على غيره، أو لأنه طالت مدة إنعامه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏4‏]‏

‏{‏مَا يُجَادِلُ فِي آَيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ ‏(‏4‏)‏‏}‏

‏{‏يُجَادِلُ‏}‏ يماري، أو يجحد ولا تكون المجادلة إلا بين مبطلين أو مبطل ومحق والمناظرة بين المحقين، أو المجادلة قتل الخصم عن مذهبه حقاً كان أو باطلاً والمناظرة التوصل إلى الحق في أي جهة كان‏.‏ نزلت في الحارث بن قيس أحد المستهزئين ‏{‏تَقَلُّبُهُمْ‏}‏ في السعة والنعمة أو تقلبهم في الدنيا بغير عذاب والتقلب الإقبال والإدبار وتقلب الأسفار نزلت لما قال المسلمون نحن في جَهْد والكفار في سَعة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏5‏]‏

‏{‏كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ‏(‏5‏)‏‏}‏

‏{‏لِيَأخُذُوهُ‏}‏ ليقتلوه، أو ليحبسوه ويعذبوه والأسير أخيذ لأنه يؤسر للقتل وأخذهم له عند دعائه لهم، أو عند نزول العذاب بهم ‏{‏وَجَادَلُواْ‏}‏ بالشرك ليبطلوا به الإيمان ‏{‏فَأَخَذْتُهُمْ‏}‏ فعاقبتهم ‏{‏فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ‏}‏ سؤال عن صدق العقاب، أو عن صفته‏.‏ قال قتادة‏:‏ شديد والله‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏6‏]‏

‏{‏وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ ‏(‏6‏)‏‏}‏

‏{‏وَكَذَلِكَ‏}‏ أي كما حقت كلمة العذاب على أولئك حقت على هؤلاء ‏{‏حَقَّتْ‏}‏ وجب عذاب ربك، أو صدق وعده أنهم أصحاب النار جعلهم لها أصحاباً لملازمتهم لها‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏7‏]‏

‏{‏الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ‏(‏7‏)‏‏}‏

‏{‏رَّحْمَةً‏}‏ نعمة عليه ‏{‏وَعِلْماً‏}‏ به، أو وسعت رحمتك وعلمك كل شيء كقولهم‏:‏ طبت نفساً ‏{‏تَابُواْ‏}‏ من الشرك ‏{‏سَبِيلَكَ‏}‏ الإسلام لأنه طريق الجنة ‏{‏وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ‏}‏ بتوفيقهم لطاعتك‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏10‏]‏

‏{‏إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ ‏(‏10‏)‏‏}‏

‏{‏يُنَادَوْنَ‏}‏ في القيامة، أو في النار ‏{‏لَمَقْتُ اللَّهِ‏}‏ لكم إذا دعيتم إلى الإيمان فكفرتم ‏{‏أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ‏}‏ أنفسكم لما عاينتم العذاب وعلمتم أنكم من أهل النار «ح»، أو مقته إياكم إذا عصيتموه أكبر من مقت بعضكم لبعض حين علمتم أنهم أضلوكم واللام في «لمقت» لام اليمين تدخل على الحكاية، أو ما ضارعها، أو لام ابتداء قاله البصريون‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏11‏]‏

‏{‏قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ ‏(‏11‏)‏‏}‏

‏{‏أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ‏}‏ إحداهما خلقهم أمواتاً في الأصلاب والأخرى موتهم في الدنيا وحياة في الدنيا والثانية بالبعث أو أحياهم يوم الذر لأخذ الميثاق ثم أماتهم ثم أخرجهم أحياء ثم أماتهم بآجالهم ثم أحياهم للبعث فيكون حياتان وموتتان في الدنيا وحياة في الآخرة، أو أحياهم في الدنيا ثم أماتهم فيها ثم أحياهم في القبور ثم أماتهم ثم أحياهم بالبعث ‏{‏فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا‏}‏ فاعترفوا بحياتين بعد موتتين وكانوا ينكرون البعث بعد الموت ‏{‏مِّن سَبِيلٍ‏}‏ هل من طريق نرجع فيها إلى الدنيا فنقر بالبعث، أو هل عمل نخرج به من النار ونتخلص به من العذاب «ح»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏12‏]‏

‏{‏ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ‏(‏12‏)‏‏}‏

‏{‏كَفَرْتُمْ‏}‏ بتوحيده‏.‏ ‏{‏تُؤْمِنُواْ‏}‏ بالأوثان، أو تصدقوا من أشرك به ‏{‏فَالْحُكْمُ لِلَّهِ‏}‏ في جزاء الكافر وعقاب العاصي ‏{‏الْعَلِىِّ‏}‏ شأنه ولا يوصف بأنه رفيع لأنها لا تستعمل إلا في ارتفاع المكان والعلي منقول من علو المكان إلى علو الشأن‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏15‏]‏

‏{‏رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ ‏(‏15‏)‏‏}‏

‏{‏رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ‏}‏ رفيع السموات السبع، أو رافع درجات أوليائه، أو عظيم الصفات ‏{‏الرُّوحَ‏}‏ الوحي، أو النبوة أو القرآن «ع»، أو الرحمة، أو أرواح عباده لا ينزل ملك ‏[‏إلا‏]‏ ومعه منها روح أو جبريل عليه السلام يرسله بأمره ‏{‏لِيُنذِرَ‏}‏ الله تعالى أو الأنبياء عليه الصلاة والسلام ‏{‏يَوْمَ التَّلاقِ‏}‏ القيامة يلتقي فيه الخالق والخلق، أو أهل السماء وأهل الأرض، أو الأولون والآخرون «ع»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏16‏]‏

‏{‏يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ‏(‏16‏)‏‏}‏

‏{‏بَارِزُونَ‏}‏ من قبورهم ‏{‏لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ‏}‏ من أعمالهم شيء أو أبرزهم جميعاً لأنه لا يخفى عليه شيء من خلقه ‏{‏لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ‏}‏ يقوله الله تعالى بين النفختين إذا لم يبق سواه فيجيب نفسه فيقول ‏{‏لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ‏}‏ لأنه بقي وحده وقهر خلقه، أو يقوله الله في القيامة والخلائق سكوت فيجيب نفسه، أو تجيبه الخلائق كلهم مؤمنهم وكافرهم فيقولون‏:‏ لله الواحد القهار‏.‏ قاله ابن جريج‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏18‏]‏

‏{‏وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ‏(‏18‏)‏‏}‏

‏{‏يَوْمَ الأَزِفَةِ‏}‏ حضور المنية، أو القيامة لدنوها ‏{‏إِذِ الْقُلُوبُ‏}‏ النفوس بلغت الحناجر عند حضور المنية، «أو القلوب تخاف في القيامة» فتبلغ الحناجر خوفاً فلا هي تخرج ولا تعود إلى أماكنها‏.‏ ‏{‏كَاظِمِينَ‏}‏ مغمومين، أو باكين، أو ساكتين والكاظم الساكت على امتلائه غيظاً، أو ممسكين بحناجرهم من كظم القربة وهو شد رأسها ‏{‏حَمِيمٍ‏}‏ قريب، أو شفيق ‏{‏يُطَاعُ‏}‏ يجاب إلى الشفاعة سمى الإجابة طاعة لموافقتها إرادة المجاب‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏19‏]‏

‏{‏يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ‏(‏19‏)‏‏}‏

‏{‏خَآئِنَةَ الأَعْيُنِ‏}‏ الرمز بالعين، أو النظرة بعد النظرة أو مسارقة النظر «ع»، أو النظر إلى ما نُهي عنه، أو قوله رأيت وما رأى، أو ما رأيت وقد رأى سماها خائنة لخفائها كالخيانة، أو لأن استراق نظر المحظور خيانة‏.‏ ‏{‏وَمَا تُخْفِى الصُّدُورُ‏}‏ الوسوسة، أو ما تضمره إذا قدرت عليها تزني بها أم لا «ع»، أو ما يُسرُّه من أمانة وخيانة وعبّر عن القلوب بالصدور لأنها مواضعها‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏21‏]‏

‏{‏أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ ‏(‏21‏)‏‏}‏

‏{‏قُوَّةً‏}‏ بطشاً، أو قدرة ‏{‏وَءَاثَاراً فِى الأَرْضِ‏}‏ بخرابها وعمارتها‏.‏ أو مشيتهم فيها بأرجلهم، أو بعد الغاية في الطلب، أو طول الأعمار، أو آثارهم في المدائن والأبنية‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏26‏]‏

‏{‏وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ ‏(‏26‏)‏‏}‏

‏{‏ذَرُونِى أَقْتُلْ مُوسَى‏}‏ أشيروا عَلَيَّ بقتله لأنهم كانوا أشاروا أن لا يقتله ولو قتله لمنعوه، أو ذروني أتولى قتله لأنهم قالوا هو ساحر إن قتلته هلكت لأنه لو أمر بقتله خالفوه، أو كان في قومه مؤمنون يمنعونه من قتله فسألهم أن يمكنوه من قتله ‏{‏وَلْيَدْعُ رَبَّهُ‏}‏ وليسأله فإنه لا يجاب، أو يستعينه فإنه لا يعان ‏{‏دِينَكُمْ‏}‏ «عبادتكم»، أو أمركم الذي أنتم عليه «‏{‏الْفَسَادَ‏}‏ عنده هو الهدى»، أو العمل بطاعة الله، أو محاربته لفرعون بمن آمن معه، أو أن يقتلوا أبناءكم ويستحيون نساءكم إن ظهروا عليكم كما كنتم تفعلون بهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏28‏]‏

‏{‏وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ‏(‏28‏)‏‏}‏

‏{‏مِّنْ ءَالِ فِرْعَوْنَ‏}‏ ابن عم فرعون، أو من جنسه من القبط ولم يكن من أهله كان ملكاً على نصف الناس وكان له الملك بعد فرعون بمنزلة ولي العهد وهو الذي قال لموسى ‏{‏إِنَّ الملأ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ‏}‏ ‏[‏القصص‏:‏ 20‏]‏ ولم يؤمن من آل فرعون غيره وغير امرأة فرعون وكان مؤمناً قبل مجيء موسى، أو آمن بمجيء موسى وصدق به ‏{‏يَكْتُمُ إِيمَانَهُ‏}‏ رفقاً بقومه ثم أظهره بعد ذلك فقال في حال كتمانه ‏{‏أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً‏}‏ لأجل قوله ‏{‏رَبِّىَ اللَّهُ‏}‏ ‏{‏بِالْبَيِّنَاتِ‏}‏ الحلال والحرام، أو العصا واليد‏.‏ والطوفان والسنين ونقص من الثمرات وغيرها من الآيات ‏{‏وَإِن يَكُ كَاذِباً‏}‏ قاله تلطفاً ولم يقله شكاً ‏{‏بَعْضُ الَّذِى يَعِدُكُمْ‏}‏ لأنه وعدهم النجاة إن آمنوا والهلاك إن كفروا فإذا كفروا أصابهم أحد الأمرين وهو بعض الذي وعدهم، أو وعدهم على الكفر بهلاك الدنيا وعذاب الآخرة فهلاكهم في الدنيا بعض الذي وعدهم، أو بعض الذي يعدهم هو أول العذاب لأنه يأتيهم حالاً فحالاً فحذرهم بأوله الذي شكوا فيه وما بعد الأول فهم على يقين منه، أو البعض يستعمل في موضع الكل توسعاً‏.‏ قال‏:‏

قد يُدرِك المتأنِّي بعضَ حاجتهِ ***‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏29‏]‏

‏{‏يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ ‏(‏29‏)‏‏}‏

‏{‏ظَاهِرِينَ‏}‏ غالبين في أرض مصر قاهرين لأهلها يذكرهم المؤمن بنعم الله عليهم ‏{‏بَأْسِ اللَّهِ‏}‏ عذابه قال ذلك تحذيراً منه وتخويفاً فعلم فرعون ظهور حجته فقال ‏{‏مَآ أُرِيكُمْ‏}‏ ما أشير عليكم إلا بما أرى لنفسي و‏{‏سَبِيلَ الرَّشَادِ‏}‏ عنده التكذيب بموسى‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏32‏]‏

‏{‏وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ ‏(‏32‏)‏‏}‏

‏{‏يَوْمَ التَّنَادِ‏}‏ يوم القيامة ينادي بعضهم بعضاً يا حسرتا ويا ويليتا ويا ثبوراه، أو ينادي ‏{‏أَصْحَابُ الجنة أَصْحَابَ النار أَن قَدْ وَجَدْنَا‏}‏ ‏[‏الآية‏:‏ الأعراف‏:‏ 44‏]‏‏.‏ ويناديهم أصحاب النار ‏{‏أَفِيضُواْ عَلَيْنَا‏}‏ الآية ‏[‏الأعراف‏:‏ 50‏]‏‏.‏ والتنادِّ بالتشديد الفرار وفي حديث «أن للناس جولة يوم القيامة يندون يظنون أنهم يجدون مفراً ثم تلا هذه الآية»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏33‏]‏

‏{‏يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ‏(‏33‏)‏‏}‏

‏{‏يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ‏}‏ في انطلاقهم إلى النار، أو في فرارهم منها حين يقذفوا فيها ‏{‏عَاصِمٍ‏}‏ نار، أو مانع وأصل العصمة المنع‏.‏ قاله موسى، أو مؤمن آل فرعون‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏34‏]‏

‏{‏وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ ‏(‏34‏)‏‏}‏

‏{‏يُوسُفُ‏}‏ بن يعقوب أُرسل إلى القبط بعد موت الملك ‏{‏بِالْبَيِّنَاتِ‏}‏ وهي الرؤيا، أو بعث الله إليهم رسولاً من الجن يقال له يوسف‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏36‏]‏

‏{‏وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ ‏(‏36‏)‏‏}‏

‏{‏صَرْحاً‏}‏ مجلساً «ح»، أو قصراً، أو بناء بالآجر، أو الآجر معناه أوقد لي على الطين حتى يصير آجراً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏37‏]‏

‏{‏أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ ‏(‏37‏)‏‏}‏

‏{‏أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ‏}‏ طرقها، أو أبوابها، أو ما بينها ‏{‏فَأَطَّلِعَ‏}‏ قال ذلك بغلبة الجهل والغباوة عليه، أو تمويها على قومه مع علمه باستحالته «ح» ‏{‏فِى تَبَابٍ‏}‏ خسران «ع» أو ضلال في الآخرة لمصيره إلى النار أو في الدنيا لما أطلعه الله عليه من أهلاكه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏43‏]‏

‏{‏لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآَخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ ‏(‏43‏)‏‏}‏

‏{‏لا جَرَمَ‏}‏ لا بد، أو لقد حق واستحق، أو لا يكون إلا جواباً كقول القائل‏:‏ فعلوا كذا فيقول المجيب لا جرم أنهم سيندمون ‏{‏لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ‏}‏ من عبادة غير الله ‏{‏لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ‏}‏ لا يستجيب لأحد في الدنيا ولا في الآخرة، أو لا ينفع ولا يضر فيهما، أو لا يشفع فيهما ‏{‏مَرَدَّنَآ‏}‏ رجوعنا إلى الله بعد الموت ليجزينا بأعمالنا ‏{‏الْمُسْرِفِينَ‏}‏ المشركون، أو سافكوا الدماء بغير حق‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏44‏]‏

‏{‏فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ‏(‏44‏)‏‏}‏

‏{‏فَسَتَذْكُرُونَ‏}‏ في الآخرة، أو عند نزول العذاب ‏{‏وَأُفَوِّضُ‏}‏ أسلم، أو أتوكل على الله، أو أشهده عليكم ‏{‏بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ‏}‏ بمصيرهم، أو بأعمالهم قاله موسى، أو المؤمن فأظهر به إيمانه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏45‏]‏

‏{‏فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ ‏(‏45‏)‏‏}‏

‏{‏فَوَقَاهُ اللَّهُ‏}‏ بإنجائه مع موسى وغرق فرعون، أو خرج هارباً من فرعون إلى جبل يصلي فيه فأرسل فرعون في طلبه فوجدوه يصلي فذبت السباع والوحوش عنه فرجعوا فأخبروا به فرعون فقتلهم‏.‏ ‏{‏وَحَاقَ بِآلِ فِرعَوْنَ‏}‏ الفرق، أو قتله للذين أخبروه عن المؤمن، أو عبّر عن فرعون بآل فرعون‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏46‏]‏

‏{‏النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ‏(‏46‏)‏‏}‏

‏{‏يُعْرَضُونَ‏}‏ يعرض عليهم مقاعدهم غدوة وعشية ويقال يا آل فرعون هذه منازلكم، أو أرواحهم في أجواف طير سود تغدوا على جهنم وتروح، أو يعذبون بالنار في قبورهم غدوة وعشية وهذا خاص بهم ‏{‏تَقُومُ السَّاعَةُ‏}‏ قيامها وجود صفتها على استقامة قامت السوق إذا حضر أهلها على استقامة في وقت العادة ‏{‏أَشَدَ الْعَذَابِ‏}‏ لأن عذاب جهنم مختلف قال الفَرَّاء فيه تقديم وتأخير تقديره‏:‏ أدخلوا آل فرعون أشد العذاب النار يعرضون عليها‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏51‏]‏

‏{‏إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ‏(‏51‏)‏‏}‏

‏{‏لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ‏}‏ بإفلاج حججهم، أو بالانتقام لهم فما قتل قوم نبياً أو قوماً من دعاة الحق إلا بُعث من ينتقم لهم فصاروا منصورين في الدنيا وإن قتلوا ‏{‏وَيَوْمَ يَقُومُ‏}‏ بنصرهم في القيامة بإعلاء كلمتهم وإجزال ثوابهم، أو بالانتقام من أعدائهم ‏{‏الأَشْهَادُ‏}‏ الأنبياء شهدوا على الأنبياء بالإبلاغ وعلى أممهم بالتكذيب، أو الأنبياء والملائكة أو الملائكة والنبيون المؤمنون جمع شهيد كشريف وأشراف، أو جمع شاهد كصاحب وأصحاب‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏55‏]‏

‏{‏فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ‏(‏55‏)‏‏}‏

‏{‏إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ‏}‏ ما وعد الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بعطائه، أو أن يعذب كفار مكة ‏{‏وَاسْتَغْفِرْ‏}‏ من ذنب إن كان منك ‏{‏وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ‏}‏ صلِّ بأمر ربك ‏{‏بِالْعَشِىِّ وَالإِبْكَارِ‏}‏ صلاة العصر والغداة، أو العشي ميل الشمس إلى أن تغيب والإبكار أول الفجر، أو هي صلاة مكة قبل فرض الصلوات الخمس ركعتان غدوة وركعتان عشية «ح»‏.‏