فصل: تفسير الآية رقم (101)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير ابن عبد السلام ***


تفسير الآية رقم ‏[‏71‏]‏

‏{‏يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ‏(‏71‏)‏‏}‏

‏{‏بِإِمَامِهِمْ‏}‏‏:‏ نبيهم، أو كتابهم المنزل عليهم، أو بكتب أعمالهم من خير أو شر «ع»، أو بمن اقتدوا به في الدنيا‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏73‏]‏

‏{‏وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا ‏(‏73‏)‏‏}‏

‏{‏وَإِن كَادُواْ‏}‏ كان الرسول صلى لله عليه وسلم يطوف فمنعوه أن يستلم الحجر حتى يُلم بآلهتهم فحدث نفسه فقال‏:‏ «ما عليَّ إذ ألم بها بعد أن يدعوني أستلم الحجر والله يعلم أني كاره»، فأبى الله ذلك فنزلت، أو قالت ثقيف‏:‏ أجلنا سنة حتى نأخذ ما يُهدى لآلهتنا فاذا أخذناه كسرنا الآلهة وأسلمنا فهم الرسول صلى الله عليه وسلم بإجابتهم فنزلت‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏75‏]‏

‏{‏إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا ‏(‏75‏)‏‏}‏

‏{‏ضِعْفَ الْحَيَاةِ‏}‏ ضعف عذاب الحياة ‏{‏وَضِعْفَ‏}‏ عذاب الممات أو ضعف عذاب الدنيا وضعف عذاب الآخرة‏.‏ فلما نزلت قال الرسول صلى الله عليه وسلم‏:‏ «اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏76‏]‏

‏{‏وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا ‏(‏76‏)‏‏}‏

‏{‏لَيَسْتَفِزُّونَكَ‏}‏ يقتلونك، أو يزعجونك باستخفاف، أراد اليهود إخراجه من المدينة فقالوا‏:‏ أرض الأنبياء الشام وليست هذه أرض الأنبياء، أو أرادت قريش إخراجه من مكة قبل هجرته، أو أرادوا إخراجه من جزيرة العرب كلها لأنهم قد أخرجوه من مكة ‏{‏خِلافَكَ‏}‏ ‏{‏وخِلافك‏}‏ بعد ‏{‏إِلآَّ قَلِيلاً‏}‏ ما بين إخراجهم له إلى أن قُلتوا ببدر إن جعلناهم قريشاً، أو ما بين ذلك وقتل بني قريظة وإجلاء بني النضير إن جعلناهم اليهود‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏78‏]‏

‏{‏أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ‏(‏78‏)‏‏}‏

‏{‏لِدُلُوكِ الشَّمْسِ‏}‏ غروبها يريد صلاة المغرب «ع»، أو زوالها يريد صلاة الظهر «ع» والعين تُدلك بالراحة عند الغروب لترى الشمس وعند الزوال لشدة شعاعها‏.‏ ‏{‏غَسَقِ الَّيْلِ‏}‏ ظهور ظلامه، أو دنوه وإقباله «ع» يريد المغرب «ع»، أو العصر‏.‏ ‏{‏وَقُرْءَانَ الْفَجْرِ‏}‏ سمى الصلاة قرآناً لتأكد القراءة في الصلاة‏.‏ أو أقم القراءة في صلاة الفجر ‏{‏مَشْهُوداً‏}‏ تشهده ملائكة الليل والنهار‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏79‏]‏

‏{‏وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ‏(‏79‏)‏‏}‏

فَتَهَجَّدْ الهجود النوم، والتهجد السهر بعد النوم، ‏{‏نَافِلَةً لَكَ‏}‏ فضيلة لك ولغيرك كفارة، أو مكتوبة عليك مستحبة لغيرك «ع» أو حضضه بالترغيب فيها لحيازة فضلها لكرامته عليه ‏{‏مَّحْمُوداً‏}‏ الشفاعة للناس في القيامة، أو إجلاسه على العرش يوم القيامة، أو إعطاؤه لواء الحمد يومئذ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏80‏]‏

‏{‏وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا ‏(‏80‏)‏‏}‏

‏{‏مُدْخَلَ صِدْقٍ‏}‏ دخول المدينة لما هاجر و‏{‏مُخْرَجَ صِدْقٍ‏}‏ من مكة للهجرة، أو أدخلني الجنة وأخرجني من مكة إلى المدينة، أو مدخل فيما أرسلتني به من النبوة وأخرجني منه بتبليغ الرسالة مخرج صدق، أو أدخلني مكة وأخرجني منها آمناً، أو أدخلني في قبري وأخرجني منه «ع» أو أدخلني في طاعتك وأخرجني من معصيتك، أو أدخلني في الإسلام وأخرجني من الدنيا‏.‏ ‏{‏سُلْطَاناً‏}‏ ملكاً عزيزاً أقهر به العصاة، أو حجة بينه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏81‏]‏

‏{‏وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ‏(‏81‏)‏‏}‏

‏{‏الْحَقُّ‏}‏ القرآن ‏{‏الْبَاطِلُ‏}‏ الشيطان، أو الحق‏:‏ الجهاد، والباطل‏:‏ الشرك ‏{‏زَهُوقاً‏}‏ ذاهباً، ولما دخل الرسول صلى الله عليه وسلم الكعبة أمر بثوب فَبُل بالماء وجعل يضرب به تلك التصاوير ويمحوها ويقول‏:‏ ‏{‏جَآءَ الْحَقُّ وَزَهقَ الْبَاطِلُ‏}‏ الآية‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏83‏]‏

‏{‏وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا ‏(‏83‏)‏‏}‏

‏{‏الشَّرُّ‏}‏ الفقر، أو السقم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏84‏]‏

‏{‏قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا ‏(‏84‏)‏‏}‏

‏{‏شَاكِلَتِهِ‏}‏ حِدَتِه، أو طبيعته «ع»، أو نيته، أو دينه، أو أخلاقه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏85‏]‏

‏{‏وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ‏(‏85‏)‏‏}‏

‏{‏الرُّوحِ‏}‏ جبريل عليه السلام «ع»، أو ملك له سبعون ألف وجه بكل وجه سبعون ألف لسان، يسبح الله تعالى بجميع ذلك قاله علي رضي الله تعالى عنه، أو القرآن «ح» ‏{‏رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا‏}‏ ‏[‏الشورى‏:‏ 52‏]‏، أو روح الحيوان، سأله عنها قوم من اليهود إذ كان في كتابهم أنه إن أجاب عن الروح فليس بنبي ‏{‏قَلِيلاً‏}‏ في معلومات الله، أو قليلاً بحسب ما تدعو إليه الحاجة حالاً فحالاً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏90‏]‏

‏{‏وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا ‏(‏90‏)‏‏}‏

‏{‏تَفْجُر‏}‏ تشقق، الفجر لانشقاقه عن عمود الصبح، والفجور شق الحق بالخروج إلى الفساد‏.‏ ‏{‏يَنبُوعاً‏}‏ عينا تنبع منها الماء طلبوا الجنان والعيون ببلدهم إذ لم يكن ذلك ببلدهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏92‏]‏

‏{‏أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا ‏(‏92‏)‏‏}‏

‏{‏كِسَفاً‏}‏ قِطعاً «ع»، كسفة الثوب قطعته، والكسوف لانقطاع النور منه‏.‏ ‏{‏قَبِيلاً‏}‏ كل قبيلة على حدتها، أو مقابلة نعاينهم ونراهم، أو كفيلاً، القبيل‏:‏ الكفيل تقبلت بكذا تكفلته‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏93‏]‏

‏{‏أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا ‏(‏93‏)‏‏}‏

‏{‏زُخْرُفٍ‏}‏ الزخرف النقوش، أو الذهب «ع»، من الزخرفة وهي تحسين الصورة‏.‏ سأله ذلك عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو سفيان والأسود بن المطلب والوليد بن المغيرة وأبو جهل وعبد الله بن ‏[‏أبي‏]‏ أمية والعاص بن وائل وأمية بن خلف ونبيه ومُنبه ابنا الحجاج‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏97‏]‏

‏{‏وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا ‏(‏97‏)‏‏}‏

‏{‏وَمَن يَهْدِ اللَّهُ‏}‏ يحكم بهدايته ‏{‏فَهُوَ الْمُهْتَدِ‏}‏، بإخلاصه وطاعته‏.‏ ‏{‏وَمَن يُضْلِلْ‏}‏ يحكم بضلاله فلا ولي له يهديه، أو يقضي بعقوبته فلا ناصر يمنعه من عقابه ‏{‏عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً‏}‏ حقيقة زيادة في عقابهم ثم أبصروا لقوله‏:‏ ‏{‏وَرَءَا المجرمون النار‏}‏ ‏[‏الكهف‏:‏ 53‏]‏ وتكلموا فدعوا هنالك بالثبور، و‏{‏سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً‏}‏ ‏[‏الفرقان‏:‏ 12‏]‏، أو لا يزول حواسهم فهم عمي عما يسرهم، بكم عما ينفعهم، صم عما يمتعهم‏.‏ «عح» ‏{‏خَبَتْ‏}‏ سكن لهبها ‏{‏زِدْنَاهُمْ سَعِيراً‏}‏ التهاباً ولا يخف عذابهم إذا خبت‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏100‏]‏

‏{‏قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا ‏(‏100‏)‏‏}‏

‏{‏لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ‏}‏ عام عند الجمهور، أو خاص بالمشركين ‏{‏لأَمْسَكْتُمْ‏}‏ خوف الفقر ‏{‏قَتُوراً‏}‏ مقتراً، أو بخيلاً «ع»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏101‏]‏

‏{‏وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا ‏(‏101‏)‏‏}‏

‏{‏تِسْعَ ءَايَاتِ‏}‏ يده وعصاه ولسانه والبحر الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم «ع»، أو نحو من ذلك إلا آيتين ‏[‏بدل‏]‏ منها الطمسة والحجر، أو نحو من ذلك وزيادة السنين ‏[‏ونقص من‏]‏ الثمرات أو سأل الرسول صلى الله عليه وسلم عنها قوم من اليهود فقال‏:‏ «لا تشركوا بالله شيئاً ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا تسحروا ولا تأكلوا الربا ولا تمشوا ببريء إلى ذي سلطان ليقلته ولا تقذفوا محصنة، ولا تفروا من الزحف، وأنتم يا يهود عليكم خاصة لا تعدوا في السبت فقبلوا يده ورجله» ‏{‏مَسْحُوراً‏}‏ سحرت لما تحمل عليه نفسك من هذا القول والفعل المستعظمين، أو ساحراً لغرائب أفعالك، أو مخدوعاً، أو مغلوباً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏102‏]‏

‏{‏قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا ‏(‏102‏)‏‏}‏

‏{‏مَثْبُوراً‏}‏ هالكاً، أو مغلوباً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏103‏]‏

‏{‏فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا ‏(‏103‏)‏‏}‏

‏{‏يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ الأَرْضِ‏}‏ يزعجهم بالنفي منها، أو يهلكهم فيها بالقتل‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏104‏]‏

‏{‏وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا ‏(‏104‏)‏‏}‏

‏{‏وَعْدُ الأَخِرَةِ‏}‏ القيامة وهي الكرة الآخرة، أو تحويلهم إلى الشام، أو نزول عيسى عليه الصلاة والسلام ‏{‏لَفِيفاً‏}‏ مختلطين لا يتعارفون، أو جميعاً «ع»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏106‏]‏

‏{‏وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا ‏(‏106‏)‏‏}‏

‏{‏فَرَقْنَاهُ‏}‏ فرقنا فيه بين الحق والباطل و‏{‏فرَّقناه‏}‏ أنزلناه مفرقاً آية آية ‏{‏مُكْثٍ‏}‏ تثبت وترتيل، أو كان ينزل منه شيء ثم يمكثون بعده ما شاء الله ثم ينزل شيء أخر، أو أن يمكث في قراءته عليهم مفرقاً شيئاً بعد شيء‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏107‏]‏

‏{‏قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا ‏(‏107‏)‏‏}‏

‏{‏الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ‏}‏ أمة محمد صلى الله عليه وسلم أو قوم من اليهود، والمتلو عليهم كتابهم إيماناً بما فيه من تصديق محمد صلى الله عليه وسلم ‏[‏أو‏]‏ القرآن، كان ناس من أهل الكتاب قالوا‏:‏ ‏{‏سُبْحَانَ رَبِّنَآ‏}‏ الآية ‏[‏الإسراء‏:‏ 108‏]‏ ‏{‏لِلأَذْقَانِ‏}‏ الذقن مجتمع اللحيين، أو الوجوه ها هنا، أو اللحى «ح»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏110‏]‏

‏{‏قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا ‏(‏110‏)‏‏}‏

‏{‏أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ‏}‏ كان ذكر الرحمن قليلاً في القرآن كثيراً في التوراة، فلما أسلم ابن سلام وأصحابه آثروا أن يكون ذكر الرحمن كثيراً في القرآن فنزلت، أو دعا الرسول صلى الله عليه وسلم في سجوده فقال‏:‏ «يا رحمن يا رحيم»، فقالوا‏:‏ هذا يزعم أن له إلهاً واحداً وهو يدعو مثنى مثنى فنزلت «ع» ‏{‏بِصَلاتِكَ‏}‏ بدعائك أو بالصلاة المشروعة، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يجهر في القراءة فيها بمكة فإذا سمعوه سبّوه فَنُهي عن شدة الجهر وعن المخافتة لئلا يسمع أصحابه ويبتغي بينهما سبيلاً «ع»، أو نُهي أن يجهر في الجميع ويسر في الجميع وأمر بالجهر في صلاة الليل والإسرار في صلاة النهار، أو عن الجهر بتشهد الصلاة، أو عن الجهر بفعل الصلاة، لأنه كان يجهر بها فتؤذيه قريش فخافت بها فأمر أن لا يجهر بها كما كان وأن لا يخافت بها كما صارت ويتخذ بينهما سبيلاً، أو الجهر بها تحسينها رياء والمخافتة إساءتها في الخلوة، أو لا يصليها رياء ولا يتركها حياء‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏111‏]‏

‏{‏وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ‏(‏111‏)‏‏}‏

‏{‏وَلَمْ يَكُن لُّهُ وَلِىٌّ‏}‏ لم يحالف أحداً، أو لا يطلب نصر أحد، أو لا ولي له من اليهود والنصارى لأنهم أذل الناس ‏{‏وَكَبِّرْهُ‏}‏ عن كل ما لا يجوز عليه، أو صفه بأنه أكبر من كل شيء، أو عظمه تعظيماً‏.‏

‏[‏سورة الكهف‏]‏

تفسير الآية رقم ‏[‏1‏]‏

‏{‏الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ‏(‏1‏)‏‏}‏

‏{‏عَبْدِهِ‏}‏ محمد صلى الله عليه وسلم، والكتاب‏:‏ القرآن تمدح بإنزاله عليه خصوصاً وعلى الخلق عموماً‏.‏ ‏{‏عِوَجَا‏}‏ ملتبساً، أو مختلفاً، أو عادلاً عن الحق والاستقامة والبلاغة إلى الباطل والفساد والعي، والعِوَج بكسر العين في الدين والطريق وما ليس بقائم منتصب، وبفتحها في القناة والخشبة وما كان قائماً منتصباً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏3‏]‏

‏{‏مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا ‏(‏3‏)‏‏}‏

‏{‏قَيِّماً‏}‏ مستقيماً معتدلاً، أو قيّم على كتب الله يصدقها وينفي الباطل عنها، أو يعتمد عليه ويرجع إليه كقيّم الدار، وفيه تقديم تقديره «أنزل الكتاب قيماً ولم يجعل له عوجاً» قاله الجمهور، أو التقدير لم يجعل له عوجاً لكن جعله قيّماً ‏{‏بَأْساً‏}‏ يحتمل الاستئصال بعذاب الدنيا، أو جهنم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏6‏]‏

‏{‏فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ‏(‏6‏)‏‏}‏

‏{‏بَاخِعٌ‏}‏ قاتل، أو متحسر أسف على آثار قريش ‏{‏إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ‏}‏ بالقرآن ‏{‏أَسَفاً‏}‏ غضباً، أو جزعاً، أو ندماً، أو حزناً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏7‏]‏

‏{‏إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ‏(‏7‏)‏‏}‏

‏{‏مَا عَلَى الأَرْضِ‏}‏ أشجارها وأنهارها، أو الأنبياء العلماء، أو الرجال، أو كل ما عليها، أو زينة لها‏:‏ شهوات لهم زينت في أعينهم وأنفسهم ‏{‏أَحْسَنُ عَمَلاً‏}‏ تركاً لها وإعراضاً عنها، أو أصفى قلباً وأهدى سمتاً، أو توكلاً علينا فيها، ويحتمل اعتباراً بها وتركاً لحرامها‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏8‏]‏

‏{‏وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ‏(‏8‏)‏‏}‏

‏{‏صَعِيداً‏}‏ أرضاً مستوية، أو وجه الأرض لصعوده، أو التراب ‏{‏جُرُزاً‏}‏ بلقعاً أو ملساً، أو محصورة، أو يابسة لا نبات بها ولا زرع‏.‏ قد جرفتهن السنون الأجراز‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏9‏]‏

‏{‏أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آَيَاتِنَا عَجَبًا ‏(‏9‏)‏‏}‏

‏{‏الْكَهْفِ‏}‏ غار في الجبل الذي أووا إليه‏.‏ ‏{‏وَالرَّقِيمِ‏}‏ اسم ذلك الجبل، أو اسم قريتهم، أو كلبهم، أو لكل كلب، أو الوادي، وقيل هو وادٍ بالشام نحو أيلة، أو الكتاب الذي فيه شأنهم من رقم الثوب، وكان لوحاً من رصاص على باب الكهف، أو في خزائن الملوك لعجيب أمرهم، أو الدواة بالرومية، أو قوم من أهل السراة كانت حالهم كحال أصحاب الكهف، قاله سعيد ‏{‏عَجَباً‏}‏ ما حسبت أنهم كانوا عجباً لولا أخبرناك وأوحينا إليك، أو أحسبت أنهم أعجب آياتنا وليسوا بأعجب خلقنا‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏10‏]‏

‏{‏إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ‏(‏10‏)‏‏}‏

‏{‏أَوَى الْفِتْيَةُ‏}‏ قوم فروا بدينهم إلى الكهف، أو أبناء أشراف خرجوا فاجتمعوا وراء المدينة على غير ميعاد فقال‏:‏ أسنهم أجد في نفسي شيئاً ما أظن أحداً يجده «إن ربي رب السماوات والأرض» فقالوا جميعا‏:‏ ‏{‏رَبُّنَا رَبُّ السماوات والأرض‏}‏ ‏[‏الكهف‏:‏ 14‏]‏ ثم دخلوا الكهف فلبثوا فيه ثلاثمائة وتسعاً، أو من أبناء الروم دخلوا الكهف قبل عيسى عليه الصلاة والسلام وضُرب على آذانهم فلما بُعث عيسى عليه الصلاة والسلام أُخبر بخبرهم ثم بُعثوا بعده في الفترة التي بينه وبين محمد صلى الله عليه وسلم‏.‏

‏{‏شَطَطاً‏}‏ كذباً، أو غلواً، أو جوراً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏11‏]‏

‏{‏فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ‏(‏11‏)‏‏}‏

‏{‏فَضَرَبْنَا‏}‏ الضرب على الآذان منعها من السماع، يدل على أنهم كانوا نياماً وضرب على آذانهم لئلا يسمعوا من يوقظهم ‏{‏عَدَداً‏}‏ محصية، أو كاملة ليس فيه شهور ولا أيام فيها‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏12‏]‏

‏{‏ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا ‏(‏12‏)‏‏}‏

‏{‏بَعَثنَاهُمْ‏}‏ أيقظناهم ‏{‏أَمَداً‏}‏ عدداً، أو أجلاً، أو غاية ‏{‏الْحِزْبَيْنِ‏}‏ من قوم الفتية، أو أحدهما الفتية والآخر من حضرهم من أهل زمانهم، أو أحدهما مؤمنون والآخر كفار، أو أحدهما الله والآخر الخلق تقديره أأنتم أعلم أم الله‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏14‏]‏

‏{‏وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ‏(‏14‏)‏‏}‏

‏{‏وَرَبَطْنَا‏}‏ ثبتنا، أو ألهمناها صبراً ‏{‏شَطَطاً‏}‏ غلواً، أو تباعداً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏15‏]‏

‏{‏هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ‏(‏15‏)‏‏}‏

‏{‏بِسُلْطَانِ‏}‏ حجة، أو عذر، أو كتاب‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏16‏]‏

‏{‏وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا ‏(‏16‏)‏‏}‏

‏{‏مِّرْفَقاً‏}‏ سعة، أو معاشاً، بكسر الميم إذا وصل إليك من غيرك، وبفتحها، إذا وصلته إلى غيرك‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏17‏]‏

‏{‏وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا ‏(‏17‏)‏‏}‏

‏{‏تَّزَاوَرُ‏}‏ تعرض عنه فلا تصيبه، أو تميل عنه ذات اليمين ‏{‏تَّقْرِضُهُمْ‏}‏ تحاذيهم، القرض‏:‏ المحاذاة، أو تجوزهم منحرفة وتقطعهم قرضته بالمقراض قطعته، أو تعطيهم القليل من شعاعها ثم تأخذه بانصرافها، من قرض الدراهم التي ترد، لأنهم كانوا في مكان موحش، أو لم يكن عليهم سقف فلو طلعت عليهم لأحرقتهم، كان كهفهم بإزاء بنات نعش فلم تصبهم عند شروقها وغروبها، أو صرفها الله تعالى عنهم لتبقى أجسادهم عبرة لمن شاهدهم‏.‏ ‏{‏فَجْوَةٍ‏}‏ فضاء، أو داخل منه، أو مكان موحش، أو مكان متسع‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏18‏]‏

‏{‏وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا ‏(‏18‏)‏‏}‏

‏{‏وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً‏}‏، لأن أعينهم مفتوحة يتنفسون ولا يتكلمون، أو لأنهم يقلبون يميناً وشمالاً‏.‏ ‏{‏وَنُقَلِّبُهُمْ‏}‏ تقليب النيام لئلا تأكلهم الأرض، أو كل ستة أشهر على جنب «ع»، أو لم يقلبوا إلا في التسع بعد الثلاثمائة ‏{‏وَكَلْبُهُم‏}‏ من جملة الكلاب اسمه «حمران» أو «قطمير» أو هو إنسان طباخ لهم، أو راعي ‏{‏بِالْوَصِيدِ‏}‏ لعله العتبة، أو الفناء «ع»، أو الصعيد والتراب، أو الباب أو الحظيرة‏.‏ ‏{‏رُعْباً‏}‏ فزعاً لطول أظفارهم وأشعارهم ولما ألبسوا من الهيبة لئلا يصل إليهم أحد حتى يبلغ الكتاب أجله، ولما غزا ابن عباس رضي الله تعالى عنه مع معاوية بحر الروم فانتهوا إلى الكهف عزم معاوية أن يدخل عليهم فينظر إليهم، فقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما‏:‏ ليس هذا لك فقد منعه الله تعالى من هو خير منك، فقال‏:‏ ‏{‏لَوِ أطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ‏}‏ الآية فأرسل إليهم جماعة فلما دخلوا الكهف أرسل الله تعالى ريحاً فأخرجتهم‏.‏ قيل كان رئيسهم نبياً اتبعوه وآمنوا به فكان ذلك معجزة له‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏19‏]‏

‏{‏وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا ‏(‏19‏)‏‏}‏

‏{‏بَعَثْنَاهُمْ‏}‏ أيقظناهم، وكان الكلب قد نام معهم ‏{‏لَبِثْنَا يَوْماً‏}‏ لما أُنيموا أول النهار وبُعثوا آخر نهار أخر قالوا لبثنا يوماً لأنه أطول مدة النوم المعتاد فلما رأوا الشمس لم تغرب قالوا‏:‏ أو بعض يوم‏.‏ ‏{‏قَالُواْ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ‏}‏ لما رأى كبيرهم اختلافهم قال‏:‏ ذلك، أو هو حكاية عن الله تعالى أنه أعلم بمدة لبثهم‏.‏ ‏{‏بِوَرِقِكُمْ‏}‏ بكسر الراء وسكونها الدراهم، وبفتحها الإبل والغنم ‏{‏أزْكَى‏}‏ أكثر، أو أحل، أو خير، أو أطيب، أو أرخص‏.‏ ‏{‏بِرِزْقٍ‏}‏ يحتمل بما ترزقون أكله، أو بما يحل أكله ‏{‏وَلْيَتَلَطَّفْ‏}‏ في إخفاء أمركم، أو ليسترخص فيه دليل على جواز المناهدة وكان الجاهلية يستقبحونها فأباحها الشرع‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏20‏]‏

‏{‏إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا ‏(‏20‏)‏‏}‏

‏{‏يَرْجُمُوكُمْ‏}‏ بأيديهم استنكاراً لكم، أو بألسنتهم غيبة وشتماً أو يقتلوكم لأن الرجم من أساب القتل‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏21‏]‏

‏{‏وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا ‏(‏21‏)‏‏}‏

‏{‏أَعْثَرْنَا‏}‏ أظهرنا أهل بلدهم عليهم، أو اطَّلعنا برحمتنا إليهم ‏{‏لِيَعْلَمُواْ‏}‏ يحتمل ليعلم أهل بلدهم أن وعد الله بالبعث حق لأنه لما خرق العادة في إنامتهم كان قادراً على إحياء الموتى، أو ليرى أهل الكهف بعد علمهم أن وعد الله حق ‏{‏إِذْ يَتَنَازَعُونَ‏}‏ لما دخل أحدهم المدينة لشراء الطعام استنكر أهل المدينة شخصه وورقه لبعد العهد فحمل إلى الملك وكان صالحاً مؤمناً لما نظر إليه قال‏:‏ لعله من الفتية الذين خرجوا على عهد دقيانوس الملك، وقد كنت أدعوا الله أن يرينيهم، وسأل الفتى فأخبره، فانطلق والناس معه إليهم فلما دنا من الكهف وسمع الفتية كلامهم خافوا وأوصى بعضهم بعضاً بدينهم فلما دخلوا عليهم ماتوا ميتة الحق، فتنازعوا هل هم أحياء، أو موتى‏؟‏، أو علموا موتهم وتنازعوا في هل يبنون عليهم بناء يعرفون به، أو يتخذون عليهم مسجداً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏22‏]‏

‏{‏سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا ‏(‏22‏)‏‏}‏

‏{‏وَثَامِنُهُمْ‏}‏ أدخل الواو على انقطاع القصة وأن الخبر قد تم، والذين اختلفوا في عددهم أهل بلدهم قبل الظهور عليهم، أو أهل الكتاب بعد طول العهد بهم ‏{‏رَجْماً بِالْغَيْبِ‏}‏ قذفاً بالظن ‏{‏قَلِيلٌ‏}‏ ابن عباس رضي الله تعالى عنهما «أنا من القليل الذي استثنى الله تعالى كانوا سبعة وثامنهم كلبهم»، ابن جريج‏:‏ «كانوا ثمانية» وقوله ثامنهم كلبهم أي صاحب كلبهم ولما غابوا عن قومهم كتبوا أسماءهم، فلما بان أمرهم كُتبت أسماؤهم على باب الكهف‏.‏ ‏{‏مِرَآءً ظَاهِراً‏}‏ ما أظهرنا لك من أمرهم، أو حسبك ما قصصناه عليك فلا تسأل عن إظهار غيره، أو بحجة واضحة وخبر صادق، أو لا تجادل أحداً إلا أن تحدثهم به حديثاً «ع»، أو هو أن تشهد الناس عليه ‏{‏وَلا تَسْتَفْتِ‏}‏ يا محمد فيهم أحداً من أهل الكتاب، أو هو خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم ونهي لأمته‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏24‏]‏

‏{‏إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا ‏(‏24‏)‏‏}‏

‏{‏إِلآ أَن يَشَآءَ اللَّهُ‏}‏ فيه إضمار إلا أن تقول‏:‏ لأنه إذا علق بالمشيئة لم يكن كاذباً بأخلافه، ولا كفارة عليه إن كان يمين مع ما فيه من الإذعان لقدرة الله تعالى ‏{‏إِذَا نَسِيتَ‏}‏ الشيء فاذكر الله تعالى ليذكرك إياه فإن فعل برئت ذمتك وإلا فسيدلك على أرشد مما نسيته، أو اذكره إذا غضبت ليزول غضبك، أو إذا نسيت الاستثناء فاذكر ربك بقولك ‏{‏عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّى‏}‏ الآية، أو اذكره بالاستثناء، ويصح الاستثناء إلى سنة فتسقط الكفارة ولا يصح بعدها «ع»، أو في مجلس اليمين ولا يصح بعد فراقه، أو يصح ما لم يأخذ في كلام غير اليمين، أو مع قرب الزمان دون بعده، أو مع الاتصال باليمين دون الانفصال‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏25‏]‏

‏{‏وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ‏(‏25‏)‏‏}‏

‏{‏وَلَبِثُواْ‏}‏ من قول نصارى نجران، أو اليهود فرده الله تعالى بقوله‏:‏ ‏{‏قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ‏}‏، أو أخبر الله تعالى بذلك عن مدة لبثهم فيه من حين دخلوه إلى أن ماتوا فيه ‏{‏تِسْعاً‏}‏ هو ما بين السنين الشمسية «والقمرية»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏26‏]‏

‏{‏قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِع مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا ‏(‏26‏)‏‏}‏

‏{‏أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ‏}‏ بعد موتهم إلى نزول القرآن فيهم، أو بالمدة التي ذكرها عن اليهود ‏{‏أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ‏}‏ الله أبصر بما قال وأسمع لما قالوا، أو أبصرهم وأسمعهم ما قال الله تعالى فيهم ‏{‏وَلِىٍّ‏}‏ ناصر، أو مانع ‏{‏حكمه‏}‏ علم الغيب، أو الحكم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏27‏]‏

‏{‏وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا ‏(‏27‏)‏‏}‏

‏{‏مُلْتَحَداً‏}‏ ملجأ، أو مهرباً أو معدلاً، أو ولياً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏28‏]‏

‏{‏وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ‏(‏28‏)‏‏}‏

‏{‏يُرِيدُونَ وَجْهَهُ‏}‏ تعظيمه، أو طاعته نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة فقال‏:‏ «الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر معهم» ‏{‏يَدْعُونَ‏}‏ رغبة ورهبة، أو يحافظون على صلاة الجماعة، أو الصلوات المكتوبة «ع»‏.‏ وخص عمل النهار، لأن عمل النهار إذا كان لله تعالى فعمل الليل أولى، ‏{‏وَلا تَعْدُ‏}‏ لا تتجاوزهم بالنظر إلى أهل الدنيا طلباً لزينتها ‏{‏وَلا تُطِعْ‏}‏ قال عيينة بن حصن للرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يسلم لقد آذاني ريح سلمان الفارسي، فاجعل لنا مجلساً منك لا يجامعونا فيه ولهم مجلساً لا نجامعهم فيه فنزلت ‏{‏أَغْفَلْنَا‏}‏ جعلناه غافلاً، أو وجدناه غافلاً ‏{‏وَاتَّبَعَ هَوَاهُ‏}‏ في طلبه التمييز على غيره، أو في شهواته وأفعاله ‏{‏فُرُطاً‏}‏ ضياعاً أو متروكاً، أو ندماً، أو سرفاً وإفراطاً، أو سريعاً، أفرط أسرف وفرَّط قصَّر‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏29‏]‏

‏{‏وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ‏(‏29‏)‏‏}‏

‏{‏فَمَن شَآءَ‏}‏ الله فليؤمن ‏{‏وَمَن شَآءَ‏}‏ الله فليكفر، أو تهديد ووعيد أو المعنى لا تنفعون الله بإيمانكم ولا تضرونه بكفركم، أو من شاء أن يعرض نفسه للجنة بالإيمان ومن شاء أن يعرضها للنار بالكفر ‏{‏سُرَادِقُهَا‏}‏ حائطها الذي يحيط بها، أو دخانها ولهبها قبل وصوله إليها ‏{‏ظِلٍّ ذِى ثَلاَثِ شُعَبٍ‏}‏ ‏[‏المرسلات‏:‏ 30‏]‏ أو البحر المحيط بالدنيا مروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم سرادق‏:‏ فارسي معرب أصله سرادر ‏{‏بِمَآءٍ كَالْمُهْلِ‏}‏ القيح والدم، أو كدُري الزيت، أو كل شيء أذيب حتى انماع، أو الذي انتهى حره وسماه إغاثة لاقترانه بالاستغاثة ‏{‏مُرْتَفَقاً‏}‏ مجتمعاً من المرافقة، أو منزلاً من الارتفاق أو المتكأ مضاف إلى المرفق، أو من الرفق‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏30‏]‏

‏{‏إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ‏(‏30‏)‏‏}‏

‏{‏إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ‏}‏ قال أعرابي للرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع‏:‏ أخبرني عن هذه الآية ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ‏}‏، فقال‏:‏ ما أنت منهم ببعيد ولا هم ببعيد منك هم هؤلاء الأربعة الذين هم وقوف أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله تعالى عنهم أجمعين فأعلم قومك أن هذه الآية نزلت فيهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏31‏]‏

‏{‏أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا ‏(‏31‏)‏‏}‏

‏{‏سُندُسٍ‏}‏ ما لطف من الديباج، أو رق منه واحده سندسة، ‏{‏وَإِسْتَبْرَقٍ‏}‏ الديباج المنسوج بالذهب، أو ما غلظ منه، فارسي معرب أصله استبرة وهو الشديد ‏{‏الأَرَآئِكِ‏}‏ الحجال، أو الفرش في الحجال، أو السرير في الحجال‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏33‏]‏

‏{‏كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آَتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا ‏(‏33‏)‏‏}‏

‏{‏أُكُلَهَا‏}‏ ثمرها وزرعها ‏{‏وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً‏}‏ فجره بينهما ليكون أقل مؤنة من سوقه إليهما وأكثر ريعاً، وهما رجلان ورثا عن أبيهما ثمانية آلاف دينار فأخذ المؤمن حقه منها فتقرب به إلى الله عز وجل وأخذ الكافر حقه فاشترى به ضياعاً منها هاتان الجنتان ولم يتقرب إلى الله تعالى بشيء منها فأفضى أمره إلى ما ذكره الله تعالى أو مثل ضُرب لهذه الأمة ليزهدوا في الدنيا ويرغبوا في الآخرة وليس خبر عن حال تقدمت‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏34‏]‏

‏{‏وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا ‏(‏34‏)‏‏}‏

‏{‏ثَمَرٌ‏}‏ بالفتح والضم واحد هو الذهب والفضة لإثمارهما، أو المال الكثير من صنوف الأموال «ع»، لأن تثميره أكثر، أو الأصل الذي له نماء، لأن النماء تثمير، أو بالفتح جمع ثمرة وبالضم جمع ثمار، أو بالفتح ما كان نماؤه من أصله وبالضم ما كان نماؤه من غيره، أو بالفتح ثمار النخل خاصة وبالضم جميع الأموال، أو بالضم الأصل وبالفتح الفرع، وهذا ثمر الجنتين المذكورتين عند الجمهور، أو ثمر تملكه من غيره دون أصوله «ع»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏37‏]‏

‏{‏قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا ‏(‏37‏)‏‏}‏

‏{‏يُحَاوِرُهُ‏}‏ يناظره في الإيمان والكفر، أو في طلب الدنيا وطلب الآخرة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏40‏]‏

‏{‏فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا ‏(‏40‏)‏‏}‏

‏{‏يُؤْتِيَنِ‏}‏ في الدنيا خيراً من جنتك، أو في الآخرة ‏{‏حُسْبَاناً‏}‏ عذاباً، أو ناراً، أو برداً، أو عذاب حساب لأنه جزاء كفره وجزاء الله بحساب، أو مرامي كثيرة من الحسبان وهي السهام التي ترمى بمجرى في طلق واحد فكان من رمي الأكاسرة ‏{‏زَلَقاً‏}‏ أرضاً بيضاء لا تنبت ولا يثبت عليها قدم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏41‏]‏

‏{‏أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا ‏(‏41‏)‏‏}‏

‏{‏غَوْراً‏}‏ ذا غور و«أو» بمعنى الواو‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏42‏]‏

‏{‏وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا ‏(‏42‏)‏‏}‏

‏{‏وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ‏}‏ أحيط بهلاكه ‏{‏خَاوِيَةٌ‏}‏ متقلبة على أعاليها‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏43‏]‏

‏{‏وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا ‏(‏43‏)‏‏}‏

‏{‏فِئَةٌ‏}‏ جند، أو عشيرة ‏{‏مُنتَصِراً‏}‏ ممتنعاً، أو مسترداً ما ذهب منه‏.‏ وهذان مذكوران في الصافات ‏{‏إِنِّى كَانَ لِي قَرِينٌ‏}‏ ‏[‏الصافات‏:‏ 51‏]‏ وضُربا مثلاً لسلمان وخباب وصهيب مع أشراف مشركي قريش‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏44‏]‏

‏{‏هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا ‏(‏44‏)‏‏}‏

‏{‏هُنَالِكَ‏}‏ في القيامة ‏{‏الْوَلايَةُ‏}‏ لا يبقى مؤمن ولا كافر إلا يتولون الله تعالى أو يتولى الله جزاءهم، أو يعترفون بأن الله تعالى هو الولي فالولاية مصدر الولي، أو النصير‏.‏ والولاية بالفتح للخالق وبالكسر للمخلوقين، أو بالفتح في الدين وبالكسر في السلطان‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏45‏]‏

‏{‏وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا ‏(‏45‏)‏‏}‏

‏{‏هَشِيماً‏}‏ ما تفتت بعد اليبس من أرواق الشجر والزرع مثل لزوال الدنيا بعد بهجتها، أو لأحوال أهلها في أن مع كل فرحة ترحة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏46‏]‏

‏{‏الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ‏(‏46‏)‏‏}‏

‏{‏الْمَالُ‏}‏ بجماله ونفعه ‏{‏وَالْبَنُونَ‏}‏ بقوتهم ودفعهم زينة الحياة ‏{‏وَالْبَاقِيَاتُ‏}‏ الصلوت الخمس، أو الأعمال الصالحة، أو الكلام الطيب، أو سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر مروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم وزاد بعضهم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم‏.‏ ‏{‏الصَّالِحَاتُ‏}‏ المصلحات، أو النافعات عبّر عن المنفعة بالصلاح‏.‏ ‏{‏عِندَ رَبِّكَ‏}‏ في الآخرة ‏{‏وَخَيْرٌ أَمَلاً‏}‏ عند نفسك، لأن وعد الله تعالى واقع لا محالة فلا تكذب أملك فيه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏47‏]‏

‏{‏وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ‏(‏47‏)‏‏}‏

‏{‏نُسَيِّرُ الْجِبَالَ‏}‏ بنقلها عن أماكنها، أو بتقليلها حتى لا يبقى منها إلا اليسير، أو بجعلها هباء منثوراً ‏{‏بَارِزَةً‏}‏ برز ما فيها من الموتى، أو صارت فضاء لا يسترها جبل ولا نبات ‏{‏نُغَادِرْ‏}‏ نترك، أو نخلف، الغدير‏:‏ ما تخلفه السيول‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏48‏]‏

‏{‏وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا ‏(‏48‏)‏‏}‏

‏{‏صَفّاً‏}‏ بعد صف كصفوف الصلاة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏49‏]‏

‏{‏وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ‏(‏49‏)‏‏}‏

‏{‏الْكِتَابُ‏}‏ كتاب أعمالهم يوضع في أيديهم، أو عبّر عن الحساب بالكتاب لأنهم يحاسبون على ما كُتب ‏{‏صَغِيرَةً‏}‏ الضحك «ع»، أو الصغائر التي تغفر باجتناب الكبائر ‏{‏كَبِيرَةً‏}‏ المنصوص تحريمه، أو ما قرنه الوعيد، أو الحد ‏{‏وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ‏}‏ بنقصان ثواب ولا زيادة عقاب‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏50‏]‏

‏{‏وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا ‏(‏50‏)‏‏}‏

‏{‏مِنَ الْجِنِّ‏}‏ حقيقة، لأن له ذرية ولا ذرية للملائكة، ولأن الملائكة رسل لا يجوز عليهم الكفر وقد كفر إبليس وهو أصل الجن كما آدم عليه الصلاة والسلام أصل الإنس، أو كان من ملائكة يقال لهم‏:‏ الجنة، أو من ملائكة يدبرون أمر السماء الدنيا وهم خزان الجنة كما يقال‏:‏ مكي وبصري، أو كان من سبط من ملائكة خُلقوا من نار يقال‏:‏ لهم الجن وخُلق سائر الملائكة من نور، أو لم يكن من الجن ولا من الإنس ولكن من الجان ‏{‏فَفَسَقَ‏}‏ خرج، فسقت الرطبة خرجت من قشرها، والفأرة فويسقة لخروجها من جحرها، أو اتسع في محارم الله تعالى والفسق والاتساع ‏{‏بَدَلاً‏}‏ من الجنة بالنار، أو من طاعة الله تعالى بطاعة إبليس‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏51‏]‏

‏{‏مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا ‏(‏51‏)‏‏}‏

‏{‏مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ‏}‏ إبليس وذريته، أو جميع الخلق ما استعنت بهم في خلقها، أو ما وقفتهم عليها حتى يعلموا من قدرتي ما لا يكفرون معه ‏{‏خَلْقَ أَنفُسِهِمْ‏}‏ ما استعنت ببعضهم على خلق بعض، أو ما أشهدت بعضهم خلق بعض ‏{‏عَضُداً‏}‏ أعواناً في خلق السماوات والأرض، أو أعواناً لعبدة الأوثان ‏{‏الْمُضِلِّينَ‏}‏ عام، أو إبليس وذريته‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏52‏]‏

‏{‏وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا ‏(‏52‏)‏‏}‏

‏{‏مَّوْبِقاً‏}‏ محبساً، أو مهلكاً أو موعداً، أو عداوة، أو واد في جهنم، أو واد يفصل بين الجنة والنار، أو بينهم تواصلهم في الدنيا مهلكاً لهم في الآخرة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏53‏]‏

‏{‏وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا ‏(‏53‏)‏‏}‏

‏{‏فَظَنُّواْ‏}‏ علموا أو كانوا على رجاء العفو قبل دخولهم إليها ‏{‏مَصْرِفاً‏}‏ ملجأ، أو معدلاً ينصرفون إليه، لم يجد المشركون عنها انصرافاً، أو لم تجد الأصنام صرفاً لها عن المشركين‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏55‏]‏

‏{‏وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا ‏(‏55‏)‏‏}‏

‏{‏وَمَا مَنَعَ النَّاسَ‏}‏ أنفسهم، أو الشياطين أن يؤمنوا ‏{‏سُنَّةُ الأَوَّلِينَ‏}‏ عادتهم في عذاب الاستئصال ‏{‏قُبُلاً‏}‏ تجاهاً، أو جمع قبيل يريد أنواعاً من العذاب ‏{‏قِبَلا‏}‏ مقابلة، أو معاينة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏56‏]‏

‏{‏وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا ‏(‏56‏)‏‏}‏

‏{‏لِيُدْحِضُواْ‏}‏ ليزيلوا ويذهبوا، أو ليبطلوا القرآن، أو ليهلكوا الحق، من الدحض وهو المكان الذي لا يثبت عليه خف ولا حافر ولا قدم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏58‏]‏

‏{‏وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا ‏(‏58‏)‏‏}‏

‏{‏ذُو الرَّحْمَةِ‏}‏ العفو، أو الثواب، أو النعمة، أو الهدى‏.‏ ‏{‏مَّوْعِدٌ‏}‏ أجل، أو جزاء يحاسبون عليه ‏{‏مَوْئِلاً‏}‏ ملجأ، أو محرزاً، أو ولياً أو منجى، لا وألت نفسه‏:‏ لا نجت‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏59‏]‏

‏{‏وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا ‏(‏59‏)‏‏}‏

‏{‏أَهْلَكْنَاهُمْ‏}‏ وكلناهم إلى سوء تدبيرهم لما ظلموا بترك الشكر، أو أهلكناهم بالعذاب لما ظلموا بالكفر ‏{‏مَّوْعِداً‏}‏ أجلاً يؤخرون إليه، أو وقتاً يهلكون فيه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏60‏]‏

‏{‏وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ‏(‏60‏)‏‏}‏

‏{‏لِفَتَاهُ‏}‏ يوشع بن نون وهو ابن أخت موسى عليه الصلاة والسلام وسمي فتاه لملازمته له في العلم، أو الخدمة، وهو خليفة موسى على قومه من بعده، وهو موسى بن عمران عند الجمهور، وقال محمد بن إسحاق هو موسى بن ميشا بن يوسف كان نبياً لبني إسرائيل قبل موسى بن عمران ‏{‏الْبَحْرَيْنِ‏}‏ الخضر وإلياس بحران في العلم قاله السدي، أو بحر الروم وبحر فارس أحدهما في الغرب، والآخر في الشرق، أو بحر أرمينية مما يلي الأبواب، وعد أنه يلقى الخضر عند مجمعهما ‏{‏لا أَبْرَحُ‏}‏ لا أزال، أو لا أفارقك ‏{‏حُقُباً‏}‏ زماناً، أو دهراً، أو سنة بلغة قيس، أو ثمانون سنة، أو سبعون‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏61‏]‏

‏{‏فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ‏(‏61‏)‏‏}‏

‏{‏مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا‏}‏ إفريقية ‏{‏نَسِيَا حُوتَهُمَا‏}‏ عبّر بالنسيان عن ضلاله عنهما لما اتخذ سبيله في البحر، أو غفلا عنه فنسي يوشع ونسي موسى أن يأمر فيه بشيء، أو نسيه يوشع وحده فأضيف إليهما كما يقال نسي القوم أزوادهم إذا نسيها أحدهم ‏{‏فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ‏}‏ أحيا الله تعالى الحوت فطفر إلى البحر فاتخذ طريقه فيه ‏{‏سَرَباً‏}‏ مسلكاً، أو يبساً، أو عجباً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏62‏]‏

‏{‏فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آَتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ‏(‏62‏)‏‏}‏

‏{‏جَاوَزَا‏}‏ مكان الحوت ‏{‏نَصَباً‏}‏ تعباً، أو وهناً‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏63 - 64‏]‏

‏{‏قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ‏(‏63‏)‏ قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آَثَارِهِمَا قَصَصًا ‏(‏64‏)‏‏}‏

‏{‏الصَّخْرَةِ‏}‏ بشروان أرض على ساحل بحر أيلة عندها عين تسمى عين الحياة، أو الصخرة التي دون نهر الزيت على الطريق ‏{‏نَسِيتُ الْحُوتَ‏}‏ أن أحمله، أو أخبرك بأمره ‏{‏أَنسَانِيهُ إِلآَّ الشَّيْطَانُ‏}‏ بوسوسته لي وشغله لقلبي ‏{‏عجباً‏}‏ كان لا يسلك طريقاً في البحر إلا صار ماؤه صخراً فعجب موسى لذلك، أو رأى دائرة الحوت وأثره في البحر كالكوة فعجب من حياة الحوت، وقيل لموسى إنك تلقى الخضر حيث تنسى بعض متاعك فعلم أن مكان الحوت مضوع الخضر فـ ‏{‏قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ‏}‏ ‏{‏قَصَصاً‏}‏ يقصان أثر الحوت‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏65‏]‏

‏{‏فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ‏(‏65‏)‏‏}‏

‏{‏رَحْمَةً‏}‏ نبوة، أو نعمة، أو طاعة، أو طول الحياة، وكان مَلَكاً، أمر الله تعالى موسى أن يأخذ عنه علم الباطن، أو نبياً، قيل هو اليسع سمي به لأنه وسع علمه ست سموات وست أرضين، أو عبداً صالحاً عالماً ببواطن الأمور سمي خضراً لأنه كان إذا صلى في مكان اخضرّ ما حوله‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏66‏]‏

‏{‏قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ‏(‏66‏)‏‏}‏

‏{‏رُشْداً‏}‏ علماً، أو كان في علمه غي يجتنب ورشد يؤتى فلطب منه تعليم الرشد الذي لا يعرفه ولم يطلب تعلم الغي لأنه كان يعرفه أو يعني لإرشاد الله تعالى لك بما علمك‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏68‏]‏

‏{‏وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا ‏(‏68‏)‏‏}‏

‏{‏خُبْراً‏}‏ لم تجد له سبيلاً إذ لم تعرف له علماً، علماً منه أن موسى لا يصبر إذا رأى ما ينكر ظاهره فعلق موسى عليه الصلاة والسلام صبره بالمشيئة حذراً مما وقع منه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏69‏]‏

‏{‏قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ‏(‏69‏)‏‏}‏

‏{‏وَلآ أعْصِى‏}‏ بالبداية بالإنكار حتى تبتدىء بالإخبار، أو لا أفشي سرك ولا أدل عليك بشراً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏71‏]‏

‏{‏فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ‏(‏71‏)‏‏}‏

‏{‏خَرَقَهَا‏}‏ أخذ فأساً ومنقاراً فخرقها حتى دخلها الماء أو قلع لوحين منها فضج ركبانها من الغرق ‏{‏لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا‏}‏ خصهم بالذكر دون نفسه لأنه شفقة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ‏{‏إِمْراً‏}‏ منكراً، أو عجباً، أو داهية عظمية من الأمر وهو الفاسد الذي يحتاج إلى الصلاح، رجل إِمر إذا كان ضعيف الرأي يحتاج أن يؤمر فيقوى رأيه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏73‏]‏

‏{‏قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا ‏(‏73‏)‏‏}‏

‏{‏نَسِيتُ‏}‏ غفلت عنه، أو تركه من غير غفلة، أو كأني نسيته وإن لم ينسه، جعله من معاريض الكلام «ع» ‏{‏عُسْراً‏}‏ لا تعنفني على ترك وصيتك، أو لا يغشاني منك العسر، غلام مراهق قارب أن يغشاه البلوغ، ارهقوا القبلة اغشوها واقربوا منها، أو لا تكلفني الاحتراز عن السهو والنسيان فإن غير مقدور، أو لا تطردني عنك‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏74‏]‏

‏{‏فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ‏(‏74‏)‏‏}‏

‏{‏غُلاماً‏}‏ شاباً بالغاً قبض على لحيته، لأن غير البالغ لا يجوز قتله «ع»، أو غير بالغ عند الأكثرين كان يلعب مع الصبيان فأخذه من بينهم فأضجعه وذبحه بالسكين، او قتله بحجر، لأنه طبع كافراً، أو ليصلح بذلك حال أبويه ونسلهما ‏{‏أَقَتَلْتَ‏}‏ استخبار، لأنه علم أنه لا يتعدى حدود الله، أو إنكار لقوله‏:‏ ‏{‏جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً‏}‏‏.‏ ‏{‏زاكية‏}‏ و‏{‏زَكِيَّةَ‏}‏ واحد عند الأكثرين، نامية، أو طاهرة، أو مسلمة «ع»، أو لم يحل دمها، أو لم تعمل خطيئة، أو الزكية أشد مبالغة من الزاكية، أو الزاكية في البدن والزكية في الدين، أو الزاكية من لم تذنب والزكية من أذنبت ‏{‏نُّكْراً‏}‏ منكراً أو فظيعاً قبيحاً، أو يجب أن ينكر فلا يفعل، أو هو أشد من الإمر‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏76‏]‏

‏{‏قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا ‏(‏76‏)‏‏}‏

‏{‏فَلا تُصَاحِبْنِى‏}‏ لا تتابعني، أو لا تتركني أصحبك، أو لا تصحبني علماً، أو لا تساعدني على ما أريد‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏77‏]‏

‏{‏فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ‏(‏77‏)‏‏}‏

‏{‏قَرْيَةٍ‏}‏ أنطاكية، أو الأيلة، أو باجروان بأرمينية ‏{‏يُرِيدُ‏}‏ يكاد ‏{‏يَنقَضَّ‏}‏ يسقط بسرعة، وينقاض ينشق طولاً ‏{‏فَأَقَامَهُ‏}‏ بيده فاستقام، وأصل الجدار الظهور، والجدري لظهوره‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏78‏]‏

‏{‏قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ‏(‏78‏)‏‏}‏

‏{‏هَذَا‏}‏ الذي قتله ‏{‏فِرَاقُ‏}‏، أو هذا الوقت فراق، قال الرسول صلى الله عليه وسلم‏:‏ «رحم الله موسى لو صبر لاقتبس عنه ألف باب»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏79‏]‏

‏{‏أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ‏(‏79‏)‏‏}‏

‏{‏لِمَسَاكِينَ‏}‏ فقراء، أو كانت بهم زمانة وعلل، أو عجزوا عن الدفع عن أنفسهم لقلة حيلتهم، أو سموا به لشدة ما يقاسونه في البحر كما يقال لقي هذا المسكين جهداً ‏{‏وَرَآءَهُم‏}‏ خلفهم وكان رجوعهم عليه ولم يعلموا، أو أمامهم، فوراء من الأضداد، أو يستعمل وراء موضع أمام في المواقيت والأزمان، لأن الإنسان يجوزها فتكون وراء دون غيرها، أو يجوز في الأجسام التي لا وجه لها كحجرين متقابلين كل واحد منهما وراء الآخر ولا يجوز في غيرها، وعابها الخضر، لان الملك كان لا يغصب إلا السفن الجيدة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏80‏]‏

‏{‏وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ‏(‏80‏)‏‏}‏

‏{‏الْغُلامُ‏}‏ اسمه «حيسوراً» أو «شمعون» وكان سداسياً؛ له ست عشرة سنة، أو طوله ستة أشبار، وكان لصاً يقطع الطريق بين قرية أبيه وقرية أمه فيبصره أهل القريتين ويمنعون منه ‏{‏فَخَشِينَآ‏}‏ فكرهنا، أو علمنا، أو خفنا ‏{‏يُرْهِقَهُمَا‏}‏ يكلفهما، أو يحملهما على الرهق وهو الجهد‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏81‏]‏

‏{‏فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ‏(‏81‏)‏‏}‏

‏{‏زَكَاةً‏}‏ إسلاماً، أو علماً، أو ولداً وكانت أمه حبلى فولدت غلاماً مسلماً صالحاً، أوجارية تزوجها نبي فولدت نبياً هديت به أمة من الأمم ‏{‏رُحْماً‏}‏ أكثر براً بوالديه من المقتول، أو أعجل تعطفاً ونفعاً، أو أقرب أن يرحما به، والرُحْم الرحمة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏82‏]‏

‏{‏وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ‏(‏82‏)‏‏}‏

‏{‏الْجِدَارُ‏}‏ حقيقة ما أحاط بالدار فمنع منها وحفظ بنيانها ويستعمل في غيره من حيطانها مجازاً ‏{‏كَنزٌ‏}‏ ذخيرة من ذهب وفضة، أو لوح ذهب مكتوب فيه حِكَم، أو لوح ذهب مكتوب فيه «بسم الله الرحمن الرحيم عجبت لمن يوقن بالموت كيف يفرح، وعجبت لمن يوقن بالقدر كيف يحزن، وعجبت لمن يوقن بالدنيا بزوال الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها، لا إله إلا الله محمد رسول الله» قاله الرسول صلى الله عليه وسلم ‏{‏صَالِحاً‏}‏ حُفِظا لصلاح أبيهما السابع‏.‏ والخضر باق لشربه من الحياة، أو غير باقٍ إذ لا نبي بعد الرسول صلى الله عليه وسلم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏83‏]‏

‏{‏وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا ‏(‏83‏)‏‏}‏

‏{‏ذِى الْقَرْنَيْنِ‏}‏ نبي مبعوث فتح الله تعالى على يده الأرض، أون عبد صالح ناصح لله، فضربوه على قرنه فمكث ما شاء الله ثم دعاهم إلى الهدى فضربوه على قرنه الآخر، لم يكن له قرنان كقرني الثور، وسمي ذا القرنين للضربتين، أو لضفيرتين كانتا له، أو لاستيلائه على قرني الأرض المشرق والمغرب، أو رأى في نومه أنه أخذ بقرني الشمس في شرقها وغربها فقصها على قومه فمسي ذا القرنين‏.‏ وهو عبد الله بن الضحاك بن معد «ع»، أو من أهل مصر اسمه مرزبان يوناني من ولد يونان بن يافث بن نوح، أو رومي أسمه الاسكندروني أو هو الإسكندر الذي بنى الإسكندرية‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏84‏]‏

‏{‏إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ‏(‏84‏)‏‏}‏

‏{‏مِن كُلِّ شَىْءٍ سَبَباً‏}‏ علماً يتسبب به إلى إرادته، أو ما يستعين به على لقاء الملوك وقتل الأعداء وفتح البلاد‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏85‏]‏

‏{‏فَأَتْبَعَ سَبَبًا ‏(‏85‏)‏‏}‏

‏{‏فَأَتْبَعَ سَبَباً‏}‏ منازل الأرض ومعالمها، أو طرقاً بين المشرق والمغرب، أو قفا الأثر، أو طريقاً إلى ما أريد منه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏86‏]‏

‏{‏حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا ‏(‏86‏)‏‏}‏

‏{‏حَمِئَةٍ‏}‏ ذات حمأة، أو طينة سوداء ‏{‏حامية‏}‏ حارة فكانت حارة ذات حمأة، وجدها تغرب في نفس العين، أو وراءها كأنها تغرب فيها ‏{‏إمَّآ أَن تُعَذِّبَ‏}‏ خُيِّر بين عقابهم والعفو عنهم، أو تعذبهم بالقتل لشركهم، أو تتخذ فيهم حسناً بإمساكهم بعد الأسر لتعلمهم الهدى وتنقذهم من العمى، قيل لم يُسلم منهم إلا رجل واحد‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏89‏]‏

‏{‏ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا ‏(‏89‏)‏‏}‏

‏{‏أتَّبِعُ‏}‏ و‏{‏اتَّبع‏}‏ واحد، أو بالقطع إذا لحق وبالوصل إذا كان على الأثر وإن لم يلحق‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏90‏]‏

‏{‏حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا ‏(‏90‏)‏‏}‏

‏{‏مَطْلِعَ‏}‏ ومَطْلَع واحد، أو بالفتح الطلوع وبالكسر موضع الطلوع يريد بالمطلع والمغرب ابتداء العمارة وانتهائها ‏{‏سِتْراً‏}‏ من بناء، أو شجر، أو لباس، يأوون إذا طلعت إلى أسراب لهم فإذا زالت خرجوا لصيد ما يقتاتونه من وحش وسمك قيل‏:‏ وهم الزنج، أو تاريش، وتاويل ومنسك‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏93‏]‏

‏{‏حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا ‏(‏93‏)‏‏}‏

‏{‏السَّدَّيْنِ‏}‏ و‏{‏السُّدين‏}‏ واحد، أو بالضم من فعل الله تعالى وبالفتح فعل الآدمي، «أو بالضم إذا كان مستوراً عن بصرك وبالفتح إذا شاهدته ببصرك»، أو بالضم الاسم وبالفتح المصدر‏.‏ قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وهما جبلان، قيل جعل الردم بينهما، وهما بأرمينية وأذربيجان، أو في منقطع أثر الترك مما يلي المشرق‏.‏