فصل: تفسير الآيات رقم (1 - 2)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير ابن عبد السلام ***


تفسير الآية رقم ‏[‏50‏]‏

‏{‏فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ ‏(‏50‏)‏‏}‏

‏{‏يَنكُثُونَ‏}‏ يغدرون‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏51‏]‏

‏{‏وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ‏(‏51‏)‏‏}‏

‏{‏وَنَادَى‏}‏ قال‏:‏ أو أمر من ينادي ‏{‏مُلْكُ مِصْرَ‏}‏ الإسكندرية أو ملك منها أربعين فرسخاً في مثلها ‏{‏تَجْرِى مِن تَحْتِى‏}‏ كانت جنات وأنهار تجري من تحت قصره، أو من تحت سريره، أو النيل يجري أسفل منه، أو أراد القواد والجبابرة يسيرون تحت لوائي قاله الضحاك‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏52‏]‏

‏{‏أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ ‏(‏52‏)‏‏}‏

‏{‏أَمْ أَنَاْ‏}‏ بل أنا ‏{‏مَهِينٌ‏}‏ ضعيف، أو حقير، أو كان يمتهن نفسه في حوائجه ‏{‏يُبِينُ‏}‏ يفهم لعي لسانه، أو للثغه، أو لثقله بجمرة كان وضعها في فيه وهو صغير‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏53‏]‏

‏{‏فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ ‏(‏53‏)‏‏}‏

‏{‏أَسْوِرَةٌ‏}‏ لتكون دليلاً على صدقه، أو لأنها عادة ذلك الزمان وزي أهل الشرف والأساور جمع أسورة والأسورة جمع سوار ‏{‏مُقْتَرِنِينَ‏}‏ متتابعين أو يقارن بعضهم بعضاً في المعونة، أو مقترنين يمشون معاً ليكونوا دليلاً على صدقه، أو أعواناً له وذكر الملائكة بناء على قول موسى فإنه لا يؤمن بالملائكة من لا يعرف خالقهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏54‏]‏

‏{‏فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ‏(‏54‏)‏‏}‏

‏{‏فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ‏}‏ استخفهم بالقول فأطاعوه على التكذيب، أو حركهم بالرغبة فخفوا في الإجابة، أو استجهلهم فأظهروا طاعته جهلهم، أو دعاهم إلى طاعته فخفوا إلى إجابته‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏55‏]‏

‏{‏فَلَمَّا آَسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ ‏(‏55‏)‏‏}‏

‏{‏ءَاسَفُونَا‏}‏ أغضبونا، أو أسخطونا والغضب إرادة الانتقام والسخط إظهار الكراهة والأسف هو الأسى على فائت فلما وضع موضع الغضب صحت إضافته إلى الله، أو التقدير فلما آسفوا رسلنا لأن الله تعالى لا يفوته شيء‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏56‏]‏

‏{‏فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآَخِرِينَ ‏(‏56‏)‏‏}‏

‏{‏سُلُفاً‏}‏ أهواء مختلفة «ع»، أو جمع سلف وهم الماضون في الناس ‏{‏سَلَفاً‏}‏ بالفتح متقدمين إلى النار، أو سلفاً لهذه الأمة، أو لمن عمل مثل عملهم ‏{‏وَمَثَلاً‏}‏ عبرة لمن بعدهم، أو عظة لغيرهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏57‏]‏

‏{‏وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ‏(‏57‏)‏‏}‏

‏{‏وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً‏}‏ قال الرسول صلى الله عليه وسلم‏:‏ «يا معشر قريش ليس أحد يعبد من دون الله تعالى فيه خير» فقالوا‏:‏ ألست تزعم أن عيسى كان عبداً صالحاً ونبياً فقد كان يعبد من دون الله فنزلت، أو نزلت لما قالت قريش إن محمداً يريد أن نعبده كما عُبد عيسى، أو لما ذكر الله تعالى نزول عيسى في القرآن قالت قريش ما أردت إلى ذكر عيسى فنزلت، أو نزلت لما ذكر أنه خلق عيسى من غير أب فأكبرته قريش فضربه مثلاً بأنه خلق من غير أب كما خلق آدم من غير أم ولا أب ‏{‏يَصِدُّونَ‏}‏ بالضم والكسر واحد كشد يشِد ويشُد ونم ينم وينُم يضجون «ع»، أو يضحكون، أو يجزعون، أو يعرضون أو بالضم يعدلون وبالكسر يفرقون، أو بالضم يعتزلون وبالكسر يصيحون، أو بالضم من الصدود وبالكسر يضجون‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏58‏]‏

‏{‏وَقَالُوا أَآَلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ‏(‏58‏)‏‏}‏

‏{‏ءَالِهَتُنَا خَيْرٌ‏}‏ أم محمد، أو عيسى ‏{‏إِلا جَدَلاً‏}‏ قالوا للرسول صلى الله عليه وسلم أنت تزعم أن كل معبود دون الله تعالى في النار فنحن نرضى أن تكون آلهتنا مع عُزير والمسيح والملائكة فإنهم قد عبدوا من دون الله ‏{‏خَصِمُونَ‏}‏ الخصم الحاذق الخصومة، أو المجادل بغير حجة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏59‏]‏

‏{‏إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ‏(‏59‏)‏‏}‏

‏{‏أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ‏}‏ بسياسة نفسه وقمع شهوته ‏{‏مَثَلاً لِّبَنِى إِسْرَآءِيلَ‏}‏ آية، أو لتمثيله بآدم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏60‏]‏

‏{‏وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ ‏(‏60‏)‏‏}‏

‏{‏لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلآئِكَةً‏}‏ قلبنا بعضكم ملائكة من غير أب كما خلق عيسى ليكونوا خلفاء ممن ذهب عنكم، أو لجعلنا بدلاً منكم ملائكة ‏{‏يَخْلُفُونَ‏}‏ يخلف بعضهم بعضاً، أو يخلفونكم، أو يعمرون الأرض بدلاً منكم، أو يكونون رسلاً إليكم بدلاً من الرسل منكم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏61‏]‏

‏{‏وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ‏(‏61‏)‏‏}‏

‏{‏وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ‏}‏ القرآن لما فيه من البعث والجزاء «ح» أو إحياء عيسى الموتى دليل على بعث الموتى، أو خروج عيسى علم للساعة لأنه من أشراطها «ع» ‏{‏فَلا تَمْتَرُنَّ‏}‏ لا تشكن في الساعة، أو لا تكذبن بها ‏{‏صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ‏}‏ القرآن مستقيم إلى الجنة «ح»، أو عيسى «ع»، أو الإسلام‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏63‏]‏

‏{‏وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ‏(‏63‏)‏‏}‏

‏{‏بِالْبَيِّنَاتِ‏}‏ الإنجيل، أو آياته من إحياء الموتى وإبراء الأسقام والإخبار بكثير من الغيوب «ع» ‏{‏بِالْحِكْمَةِ‏}‏ النبوة، أو علم ما يؤدي إلى الجميل ويكف عن القبيح ‏{‏بَعْضَ الَّذِى تَخْتَلِفُونَ فِيهِ‏}‏ تبديل التوراة، أو ما تختلفون فيه من أمر دينكم لا من أمر دنياكم، أو يبين بعضه ويكل البعض إلى اجتهادهم، أو بعض بمعنى كل‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏65‏]‏

‏{‏فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ ‏(‏65‏)‏‏}‏

‏{‏الأَحْزَابُ‏}‏ اليهود والنصارى، أو فرق النصارى اختلفوا في عيسى فقالت النسطورية هو ابن الله وقالت اليعاقبة هو الله وقالت الملكية عيسى ثالث ثلاثة ألله أحدهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏67‏]‏

‏{‏الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ‏(‏67‏)‏‏}‏

‏{‏بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ‏}‏ في الدنيا لأن كلاً زين للآخر ما يوبقه، أو أعداء في الآخرة مع ما كان بينهم من التواصل في الدنيا قيل‏:‏ نزلت في أمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط لما أمره أن يتفل في وجه الرسول صلى الله عليه وسلم ففعل فنذر الرسول صلى الله عليه وسلم قتله فقتله يوم بدر صبراً وقتل أمية في المعركة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏70‏]‏

‏{‏ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ ‏(‏70‏)‏‏}‏

‏{‏وَأَزْوَاجُكُمْ‏}‏ من الحور العين، أو المؤمنات في الدنيا، أو قرناؤكم في الدينا ‏{‏تُحْبَرُونَ‏}‏ تكرمون «ع»، أو تفرحون، أو تنعمون، أو تسرون، أو تعجبون، أو التلذذ بالسماع‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏71‏]‏

‏{‏يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ‏(‏71‏)‏‏}‏

‏{‏وَأَكْوَابٍ‏}‏ آنية مدورة الأفواه، أو ليست لها آذان أو الكوب المدور القصير عنقه وعروته والإبريق الطويل المستطيل عنقه وعروته، أو الأباريق التي لا خراطيم لها، أو الأباريق التي لا عرى لها‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏77‏]‏

‏{‏وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ‏(‏77‏)‏‏}‏

‏{‏لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ‏}‏ ليميتنا ‏{‏مَّاكِثُونَ‏}‏ مقيمون وبين دعائهم وجوابه أربعون سنة، أو ثمانون، أو مائة، أو ألف سنة «ع» لأن بُعْد الجواب أخزى لهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏79‏]‏

‏{‏أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ‏(‏79‏)‏‏}‏

‏{‏أَمْ أَبْرَمُواْ‏}‏ أجمعوا على التكذيب فإنا مجمعون على التعذيب أو أحكموا كيداً فإنا محكمون كيداً، أو قضوا فإنا قاضون عليهم بالعذاب قيل نزلت لما اجتمعوا في دار الندوة للمشورة في الرسول صلى الله عليه وسلم فاجتمع رأيهم على ما أشار به أبو جهل من قتل الرسول صلى الله عليه وسلم واشتراكهم في دمه فنزلت هذه الآية وقُتلوا ببدر‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏81‏]‏

‏{‏قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ‏(‏81‏)‏‏}‏

‏{‏إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ‏}‏ من يعبد الله تعالى بأنه ليس له ولدٌ أو ‏{‏فَأَنَاْ أَوَّلُ الْعَابِدِينَ‏}‏ له ولكن لم يكن ولا ينبغي أن يكون له ولد، أو لم يكن له ولد وأنا أول الشاهدين بأنه ليس له ولد «ع»، أو ما كان للرحمن ولد ثم استأنف فقال‏:‏ وأنا أول العابدين أي الموحدين من أهل مكة، أو إن قلتم له ولد فأنا أول الجاحدين أن يكون له ولد، أو أنا أول الآنفين إن كان له ولد‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏84‏]‏

‏{‏وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ‏(‏84‏)‏‏}‏

‏{‏فِى السَّمَآءِ إِلَهٌ وَفِى الأَرْضِ إِلَهٌ‏}‏ مُوَحَّد فيهما، أومعبود فيهما‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏86‏]‏

‏{‏وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ‏(‏86‏)‏‏}‏

‏{‏الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ‏}‏ الملائكة وعيسى وعُزير، أو الملائكة‏.‏ قال النضر ونفر من قريش‏:‏ إن كان ما يقوله محمد حقاً فنحن نتولى الملائكة وهم أحق بالشفاعة لنا منه فنزلت‏.‏ ‏{‏إِلا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ‏}‏ أي لا تشفع الملائكة إلا لمن شهد أن لا إله إلا الله وهم يعلمون أن الله ربهم، أو الشهادة بالحق إنما هي لمن شهد في الدنيا بالحق وهم يعلمون أنه الحق فتشفع لهم الملائكة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏88‏]‏

‏{‏وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ ‏(‏88‏)‏‏}‏

‏{‏وَقِيلِهِ‏}‏ بالجر تقديرها وعنده علم الساعة وعلم قيلهِ وتقديرها بالنصب إلا من شهد بالحق وقال قيلَه ‏{‏إِنَّ هَؤُلآءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ‏}‏ إنكار منه عليهم، أو معطوف على سرهم ونجواهم، أو شكا محمد صلى الله عليه وسلم إلى ربه قَيلَهُ ثم ابتدأ فأخبر يا رب إن هؤلاء‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏89‏]‏

‏{‏فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ‏(‏89‏)‏‏}‏

‏{‏فَاصْفَحْ عَنْهُمْ‏}‏ منسوخ بالسيف ‏{‏سَلامٌ‏}‏ ما تسلم به من شرهم، أو قل خيراً بدل شرهم، أو احلم عنهم، أو أمره بتوديعهم بالسلام ولم يجعله تحية، أو عرفه بذلك كيف السلام عليهم‏.‏

‏[‏سورة الدخان‏]‏

تفسير الآية رقم ‏[‏3‏]‏

‏{‏إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ‏(‏3‏)‏‏}‏

‏{‏أَنزَلْنَاهُ‏}‏ القرآن نزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ‏{‏لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ‏}‏ لما تنزل فيها من الرحمة، أو لما يجاب فيها من الدعاء ليلة النصف من شعبان، أو ليلة القدر قال الرسول صلى الله عليه وسلم «نزلت صحف إبراهيم أول ليلة من رمضان والتوراة لست مضين منه والزبور لاثني عشرة مضين منه والإنجيل لثماني عشرة مضت منه والفرقان لأربع وعشرين مضت منه» ‏{‏كُنَّا مُنذِرِينَ‏}‏ بالقرآن من النار‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏4‏]‏

‏{‏فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ‏(‏4‏)‏‏}‏

‏{‏يُفْرَقُ‏}‏ يُقضى، أو يكتب «ع»، أو ينزل، أو يخرج ‏{‏كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ‏}‏ الأرزاق والآجال والسعادة والشقاوة من السنة إلى السنة «ع»، أو كل ما يقضى من السنة إلى السنة إلا الحياة والموت وحكيم هنا‏:‏ بمعنى محكم، وليلة القدر في رمضان باقية ما بقي الدهر ولا وجه لقول من قال رفعت بموت الرسول صلى الله عليه وسلم أو جوز كونها في جمع السنة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏6‏]‏

‏{‏رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ‏(‏6‏)‏‏}‏

‏{‏أَمْراً مِّنْ عِندِنَآ‏}‏ القرآن نزل من عنده، أو يقضيه في الليلة المباركة من أحوال عباده ‏{‏كُنَّا مُرْسِلِينَ‏}‏ الرسل للإنذار، أو منزلين ما قضيناه على العباد، أو ‏{‏مُرْسِلِينَ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ‏}‏ وهي نعمته ببعثه الرسول صلى الله عليه وسلم، أو رأفته بهداية من آمن به ‏{‏السَّمِيعُ‏}‏ لقولهم ‏{‏الْعَلِيمُ‏}‏ بفعلهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏10‏]‏

‏{‏فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ‏(‏10‏)‏‏}‏

‏{‏فَارْتَقِبْ‏}‏ فانتظر للكفار، أو احفظ قولهم حتى تشهد عليهم يوم تأتي السماء ولذلك سمي الحافظ رقيباً ‏{‏بِدُخَانٍ مُّبِينٍ‏}‏ لما دعا عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم بسبع كسبع يوسف حتى صار بينهم وبين السماء كهيئة الدخان قال أبو عبيدة الدخان الجدب‏.‏ قال ابن قتيبة سمي دخاناً ليبس الأرض منه حتى يرتفع منها غبار كالدخان وقيل لسنة الجدب غبراء لكثرة الغبار فيها، أو يوم فتح مكة لما حجبت السماء الغبرة، أو دخان يهيج بالناس في القيامة فيأخذ المؤمن منه كالزكمة وينفخ الكافر حتى يخرج من كل مسمع منه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏12‏]‏

‏{‏رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ‏(‏12‏)‏‏}‏

‏{‏عَنَّا الْعَذَابَ‏}‏ الدخان، أو الجوع، أو الثلج ولا وجه له‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏15‏]‏

‏{‏إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ ‏(‏15‏)‏‏}‏

‏{‏عَآئِدُونَ‏}‏ إلى جهنم، أو إلى الشرك لما كشف عنهم الجدب باستسقاء الرسول صلى الله عليه وسلم عادوا إلى تكذيبه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏16‏]‏

‏{‏يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ ‏(‏16‏)‏‏}‏

‏{‏الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى‏}‏ العقوبة الكبرى وهي القتل ببدر، أو جهنم في القيامة «ع»، «ح» ‏{‏مُنتَقِمُونَ‏}‏ من أعدائنا، العقوبة بعد المعصية لأنها من العاقبة والنقمة قد تكون قبلها أو العقوبة ما تقدرت والانتقام غير مقدر، أو العقوبة قد تكون في المعاصي والنقمة قد تكون في خلفه لأجله‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏17‏]‏

‏{‏وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ ‏(‏17‏)‏‏}‏

‏{‏فَتَنَّا‏}‏ ابتلينا ‏{‏رَسُولٌ‏}‏ موسى ‏{‏كَرِيمٌ‏}‏ على ربه أو في قومه، أو كريم الأخلاق بالتجاوز والصفح‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏18‏]‏

‏{‏أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ‏(‏18‏)‏‏}‏

‏{‏أَنْ أَدُّواْ‏}‏ أرسلوا معي بني إسرائيل ولا تستعبدوهم، أو أجيبوا عبادَ الله خيراً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏19‏]‏

‏{‏وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آَتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ‏(‏19‏)‏‏}‏

‏{‏لا تَعْلُواْ عَلَى اللَّهِ‏}‏ لا تبغوا على الله، أو لا تفتروا عليه «ع» البغي بالفعل والافتراء بالقول، أو لا تعظموا عليه، أو لا تستكبروا على عبادته‏.‏ التعظيم تطاول المقتدر والاستكبار ترفع المحتقَر‏.‏ ‏{‏بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ‏}‏ بحجة بيّنة، أو عذر بيّن‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏20‏]‏

‏{‏وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ‏(‏20‏)‏‏}‏

‏{‏عُذْتُ‏}‏ لجأت، أو استعنت الملتجىء مستدفع والمستعين مستنصر ‏{‏تَرْجُمُونِ‏}‏ بالحجارة، أو تقتلوني أو تشتموني فتقولوا ساحر وكاهن وشاعر‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏21‏]‏

‏{‏وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ ‏(‏21‏)‏‏}‏

‏{‏فَاعْتَزِلُونِ‏}‏ إن لم تصدقوني فخلوا سبيلي وكفوا عن أذيتي‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏24‏]‏

‏{‏وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ‏(‏24‏)‏‏}‏

‏{‏رَهْواً‏}‏ سمتاً «ع»، أو يابساً، أو سهلاً، أو طريقاً، أو منفرجاً، أو فرقاً، أو ساكناً لما نجوا من البحر أراد موسى عليه الصلاة والسلام أن يضربه بالعصا ليعود إلى حاله خوفاً أن يدركهم فرعون فقيل له‏:‏ اترك البحر رهواً أي طريقاً يابساً حتى يدخلوه ‏{‏إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ‏}‏ قال مقاتل هو النيل كان عرضه يومئذ فرسخين‏.‏ قال الضحاك غرقوا بالقلزم وهو بلد بين الحجاز ومصر‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏25‏]‏

‏{‏كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ‏(‏25‏)‏‏}‏

‏{‏وَعُيُونٍ‏}‏ من الماء عند الجمهور، أو من الذهب عند ابن جبير‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏26‏]‏

‏{‏وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ‏(‏26‏)‏‏}‏

‏{‏وَزُرُوعٍ‏}‏ كانوا يزرعون ما بين الجبلين من أول مصر إلى آخرها وكانت تروى من ستة عشر ذراعاً لما دبروه وقدروه من قناطر وجسور ‏{‏وَمَقَامٍ كَرِيمٍ‏}‏ المنابر «ع»، أو المساكن، أو مجالس الملوك ‏{‏كَرِيمٍ‏}‏ حسن، أو المعطي لذته كما يعطي الرجل الكريم صلته، أو كريم لكرم من فيه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏27‏]‏

‏{‏وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ‏(‏27‏)‏‏}‏

‏{‏وَنَعْمَةٍ‏}‏ نيل مصر، أو الفيوم، أو أرض مصر لكثرة خيرها، أو ما كانوا فيه من سعة ودعة ‏{‏النعمة‏}‏ بكسر النون في الملك وبفتحها في البدن والدين، أو بالكسر من الأفضال والعطية وبفتحها من التنعم وهو سعة العيش والراحة ‏{‏فَاكِهِينَ‏}‏ فرحين، أو ناعمين، أو الفاكه المتمتع بأنواع اللذة كتمتع الآكل بأنواع الفاكهة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏28‏]‏

‏{‏كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ ‏(‏28‏)‏‏}‏

‏{‏قَوْماً ءَاخَرِينَ‏}‏ بنو إسرائيل صارت إليهم كمصير الميراث‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏29‏]‏

‏{‏فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ‏(‏29‏)‏‏}‏

‏{‏فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمْ السَّمَآءُ وَالأَرْضُ‏}‏ أي أهلها «ح» أو تبكي السماء والأرض على المؤمن أربعين صباحاً قاله مجاهد أو يبكي عليه مصلاه من الأرض ومصعد عمله من السماء قاله علي رضي الله تعالى عنه، أو قال الرسول صلى الله عليه وسلم‏:‏ «ما من مؤمن إلا وله في السماء بابان باب ينزل منه رزقه وباب يدخل منه كلامه وعمله فإذا مات فقداه فبكيا عليه»، ثم تلا هذه الآية؛ وبكاؤهما كبكاء الحيوان المعروف، أو حمرة أطرافهما ولما قتل الحسين رضي الله تعالى عنه احمّرت له آفاق السماء أربعة أشهر واحمرارها بكاؤها، أو يظهر منها ما يدل على الحزن والأسف‏.‏ ‏{‏مُنظَرِينَ‏}‏ مؤخرين بالغرق، أو لم يناظروا بعد الآيات التسع حتى أغرقوا‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏32‏]‏

‏{‏وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ‏(‏32‏)‏‏}‏

‏{‏اخْتَرْنَاهُمْ‏}‏ اصطفيناهم للرسالة، والدعاء إلى الطاعة، أو اختارهم لدينه وتصديق رسله، أو بإنجائهم من فرعون وقومه ‏{‏عَلَى عِلْمٍ‏}‏ مِنَّا بهم ‏{‏الْعَالَمِينَ‏}‏ عالمي زمانهم لأن لأهل كل زمان عالم، أو جميع العالمين لما جعل فيهم من الأنبياء وهذا خاص بهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏33‏]‏

‏{‏وَآَتَيْنَاهُمْ مِنَ الْآَيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ ‏(‏33‏)‏‏}‏

‏{‏مِّنَ الأَيَاتِ‏}‏ إنجاؤهم من فرعون وفلق البحر وإنزال المن والسلوى يريد به، بني إسرائيل، أو العصا واليد البيضاء يريد به قوم فرعون، أو الشر الذي كفهم عنه والخير الذي أمرهم فيتوجه إلى الفريقين ‏{‏بَلآؤٌاْ مُّبِينٌ‏}‏ نعمة ظاهرة، أو عذاب شديد، أو اختبار يتبين به المؤمن من الكافر‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏36‏]‏

‏{‏فَأْتُوا بِآَبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ‏(‏36‏)‏‏}‏

‏{‏فَأْتُواْ بِآبَآئِنَآ‏}‏ قال أبو جهل‏:‏ يا محمد إن كنت صادقاً في قولك إنا نُحيا فابعث لنا رجلين من آبائنا أحدهما‏:‏ قصي بن كلاب فإنه كان رجلاً صادقاً لنسأله عما يكون بعد الموت‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏37‏]‏

‏{‏أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ‏(‏37‏)‏‏}‏

‏{‏أَهُمْ خَيْرٌ‏}‏ أي أظهر نعمة وأكثر أموالاً، أو أعز وأشد ‏{‏قَوْمُ تُبَّعٍ‏}‏ قال الرسول صلى الله عليه وسلم‏:‏ «لا تسبّوا تُبَّعاً فإنه قد كان أسلم»، وسمي تبعاً لأنه تبع من قبله من ملوك اليمن، كما يقال خليفة لمن خلف من قبله، أو لأنه أسم ملوك اليمن، ذم الله تعالى قومه ولم يذمه وضربهم مثلاً لقريش لقربهم منهم وعظمتهم في أنفسهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏38‏]‏

‏{‏وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ‏(‏38‏)‏‏}‏

‏{‏لاعِبِينَ‏}‏ غائبين، أو لاهين‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏39‏]‏

‏{‏مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ‏(‏39‏)‏‏}‏

‏{‏إِلا بِالْحَقِّ‏}‏ للحق، أو بقول الحق‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏40‏]‏

‏{‏إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ ‏(‏40‏)‏‏}‏

‏{‏يَوْمَ الْفَصْلِ‏}‏ يوم القيامة لأنه تفصل فيه أمور العباد، أو لأنه يفصل بين المرء وعمله‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏43‏]‏

‏{‏إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ ‏(‏43‏)‏‏}‏

‏{‏شَجَرَتَ الزَّقُّومِ‏}‏ قد ذكرناها والزقوم في اللغة ما أكل بكره شديد، أو شجرة الزقوم أبو جهل محكي عن مجاهد‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏44‏]‏

‏{‏طَعَامُ الْأَثِيمِ ‏(‏44‏)‏‏}‏

‏{‏الأَثِيمِ‏}‏ الآثم، أو المشرك المكتسب للإثم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏47‏]‏

‏{‏خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ ‏(‏47‏)‏‏}‏

‏{‏فَاعْتِلُوهُ‏}‏ فجروه «ح»، أو فادفعوه، أو سوقوه أو اقصفوه كما يقصف الحطب، أو قودوه بالعنف‏.‏

‏{‏سَوَآءِ الْجَحِيمِ‏}‏ وسطها «ع»، أو معظمها حيث يصيبه الحر من جوابنها‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏49‏]‏

‏{‏ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ‏(‏49‏)‏‏}‏

‏{‏أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ‏}‏ عند نفسك نزلت في أبي جهل، أو يقال له ذلك استهزاء وإهانة، أو العزيز في قومك الكريم في أهلك، أو لست بعزيز ولا كريم لأنه قال أيوعدني محمد والله إني لأعز من مشى بين جبليها فرد الله تعالى عليه قوله‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏51‏]‏

‏{‏إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ‏(‏51‏)‏‏}‏

‏{‏مَقَامٍ أَمِينٍ‏}‏ من الشيطان والأحزان، أو من العذاب، أو من الموت‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏53‏]‏

‏{‏يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ ‏(‏53‏)‏‏}‏

‏{‏سُندُسٍ‏}‏ الحرير الرقيق والاستبرق‏:‏ الديباج الغليظ، أو السندس يعمل ‏[‏بسوس العراق وهو أفخر الرقم‏]‏ والإستبرق الديباج سمي إستبرقاً لبريقه، أو السندس ما يلبسونه، والإستبرق ما يفترشونه ‏{‏مُّتَقَابِلِينَ‏}‏ بالمحبة لا متدابرين بالبغضة، أو متقابلين في المجالس لا ينظر بعضهم إلى قفا بعضه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏58‏]‏

‏{‏فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ‏(‏58‏)‏‏}‏

‏{‏يَسَّرْنَاهُ‏}‏ جعلناه ‏{‏بِلِسَانِكَ‏}‏ عربياً، أو أطلقنا به لسانك بتيسير‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏59‏]‏

‏{‏فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ ‏(‏59‏)‏‏}‏

‏{‏فَارْتَقِبْ‏}‏ فانتظر ما وعدتك من النصر إنهم منتظرون لك الموت، أو انتظر ما وعدتك من الثواب إنهم كالمنتظرين ما وعدتهم من العقاب‏.‏

‏[‏سورة الجاثية‏]‏

تفسير الآية رقم ‏[‏2‏]‏

‏{‏تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ‏(‏2‏)‏‏}‏

‏{‏تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ‏}‏ أضافه إليه تعظيماً لشأنه، أو افتتح بأنه كتاب منه كما يفتتح الكاتب كتابه بذكر اسمه والوجهان يجريان في أمثال هذه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏5‏]‏

‏{‏وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آَيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ‏(‏5‏)‏‏}‏

‏{‏وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ‏}‏ بنقل الشمال جنوباً والجنوب شمالاً، أو إرسالها حيث شاء، أو تارة رحمة وتارة نقمة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏7‏]‏

‏{‏وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ‏(‏7‏)‏‏}‏

‏{‏أَفَّاكٍ‏}‏ كذاب، أو مكذب بربه، أو كاهن‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏8‏]‏

‏{‏يَسْمَعُ آَيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ‏(‏8‏)‏‏}‏

‏{‏يُصِرُّ‏}‏ يقيم على الشرك مستكبراً عن الطاعة، أو الإصرار عقد العزم على الشيء من عقد الصرة إذا شدها ‏{‏كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا‏}‏ في عدم الاتعاظ بها والقبول لها، نزلت في النظر بن الحارث‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏14‏]‏

‏{‏قُلْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ‏(‏14‏)‏‏}‏

‏{‏لا يَرْجُونَ‏}‏ لا يبالون نِعم الله أو لا يخشون عقاباً ولا يطمعون في نصره في الدنيا ولا في الآخرة وأراد بالأيام أيام النعم والنقم في الدنيا إذ ليس في الآخرة ليل ولا نهار، أو أيام ثواب الآخرة وعقابها فعبّر عن الوقت بالأيام ‏{‏يَغْفِرُواْ‏}‏ تقديره «قل اغفروا» يغفر بالعفو وترك المجازاة على الأذى نزلت في عمر رضي الله تعالى عنه سبّه مشرك فهمَّ أن يبطش به فلما نزلت كف عنه وهي محكمة في العفو عن الأذى في غير الدين، أو نسختها آية السيف، أو قوله ‏{‏أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ‏}‏ ‏[‏الحج‏:‏ 39‏]‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏17‏]‏

‏{‏وَآَتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ‏(‏17‏)‏‏}‏

‏{‏بَيِّنَاتٍ مِّنَ الأَمْرِ‏}‏ ذكر الرسول صلى الله عليه سلم وشواهد نبوته، أو بيان الحلال والحرام ‏{‏مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ الْعِلْمُ‏}‏ من بعد يوشع بن نون فآمن بعضهم وكفر بعض، أو من بعد علمهم بما في التوراة ‏{‏بَغْياً‏}‏ طلباً للرياسة وأنفة من ابتاع الحق، أو بغياً على الرسول صلى الله عليه وسلم بجحد صفته في كتابهم، أو أرادوا رخاء الدنيا فأحلوا من كتابهم ما شاءوا وحرموا ما شاءوا‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏18‏]‏

‏{‏ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ‏(‏18‏)‏‏}‏

‏{‏شَرِيعَةٍ‏}‏ طريقة كالشريعة التي هي طريق الماء والشارع طريق إلى المقصد ‏{‏مِّنَ الأَمْرِ‏}‏ الدين لأنه طريق النجاة‏.‏ أو الفرائض والحدود والأمر والنهي، أو السنة، أو البينة لأنها طريق إلى الحق أو السنة بمن تقدمه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏21‏]‏

‏{‏أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ‏(‏21‏)‏‏}‏

‏{‏اجْتَرَحُواْ السَّيِّئَاتِ‏}‏ اكتسبوا الشرك يريد عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة ‏{‏كَالَّذِينَ ءَامَنُواْ‏}‏ علي وحمزة وعبيدة بن الحارث حين برزوا لهم يوم يوم بدر فقتلوهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏23‏]‏

‏{‏أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ‏(‏23‏)‏‏}‏

‏{‏إِلَهَهُ هَوَاهُ‏}‏ لا يهوى شيئاً إلا ركبه «ع»، أو يعبد ما يهواه ويستحسنه كان أحدهم يعبد الحجر فإذا رأى أحسن منه رماه وعبد الآخر، أو أرأيت من ينقاد لهواه انقياده لإلهه ومعبوده ‏{‏وَأَضَلَّهُ اللَّهُ‏}‏ وجده ضالاً، أو ضل عند الله‏.‏

قال الشاعر‏:‏

هَبُوني امْرَأ منكُمْ أضلَّ بَعيرَهُ *** له ذِمَّةُ إِنَّ الذِّمَامَ كَبِيرُ

ضل عنه بعيره‏.‏

‏{‏عَلَى عِلْمٍ‏}‏ منه أنه ضال، أو عَلِم الله تعالى في سابق علمه أنه سيضل ‏{‏وَخَتَمَ علَىَ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ‏}‏ فلا يسمع الوعظ ولا يفقه الهدى وغشي بصره فلا يبصر الرشد أخبر عنهم بذلك، أو دعا به عليهم نزلت في الحارث ابن قيس، أو في الحارث بن نوفل‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏24‏]‏

‏{‏وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ‏(‏24‏)‏‏}‏

‏{‏نَمُوتُ‏}‏ نحن ويحيا أولادنا، أو يموت بعضنا ويحيا بعضنا، أو تقديره نحيا ونموت ‏{‏إِلا الدَّهْرُ‏}‏ العمر، أو الزمان، أو الموت‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ *** والدهرُ ليسَ بِمُعْتِبٍ مَنْ يَجْزَعُ

أو وما يهلكنا إلا الله‏.‏ قاله عكرمة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏28‏]‏

‏{‏وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ‏(‏28‏)‏‏}‏

‏{‏كُلَّ أُمَّةٍ‏}‏ كل أهل ملة ‏{‏جَاثِيَةً‏}‏ مستوفزة والمستوفز الذي لا يصيب الأرض إلا ركبتاه وأطراف أنامله أو مجتمعة «ع»، أو متميزة، أو خاضعة بلغة قريش، أو باركة على الركب «ح» للكفار خاصة، أو عامة فيهم وفي المؤمنين انتظاراً للحساب‏.‏ قال الرسول صلى الله عليه وسلم «كأني أراكم بالكوم جاثين دون جهنم» ‏{‏كِتَابِهَا‏}‏ حسابها، أو المنزل على رسولها، أو الذي كان يستنسخ لها فيه ما عملت من شر أو خير‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏29‏]‏

‏{‏هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ‏(‏29‏)‏‏}‏

‏{‏هَذَا كِتَابُنَا‏}‏ القرآن يدلكم على ما فيه من الحق فكأنه شاهد عليكم، أو اللوح المحفوظ يشهد بما فيه من شقاوة وسعادة أو كتاب أعمالهم يشهد عليكم بما تضمنه من صدق أعمالكم‏.‏ ‏{‏نَسْتَنسِخُ‏}‏ يستكتب الحفظة أعمالهم في الدنيا، أو الحفظة تستنسخ الخزنة ما هو مدون عندها من أحوال العباد‏.‏ أو ما حفظته عليكم الحفظة لأن الحفظة ترفع إلى الخزنة صحائف الأعمال‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏34‏]‏

‏{‏وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ‏(‏34‏)‏‏}‏

‏{‏نَنسَاكُمْ‏}‏ نترككم في النار كما تركتم أمري، أو نترككم من الخير كما تركتم العمل، أو نترككم من الرحمة كما تركتم الطاعة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏37‏]‏

‏{‏وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ‏(‏37‏)‏‏}‏

‏{‏الْكِبْرِيَآءُ‏}‏ العظمة، أو السلطان، أو الشرف، أو البقاء ‏{‏وَهُوَ الْعَزِيزُ‏}‏ في انتقامه ‏{‏الْحَكِيمُ‏}‏ في تدبيره‏.‏

‏[‏سورة الأحقاف‏]‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏1 - 2‏]‏

‏{‏حم ‏(‏1‏)‏ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ‏(‏2‏)‏‏}‏

‏{‏حم‏}‏ قُضِي نزول الكتاب من الله العزيز الحكيم، أو هذا الكتاب القرآن تنزيل من الله‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏3‏]‏

‏{‏مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ ‏(‏3‏)‏‏}‏

‏{‏بِالْحَقِّ‏}‏ الصدق، أو العدل، أو للحق، أو للبعث ‏{‏وَأجَلٍ مُّسَمّىً‏}‏ آجال الخلق، أو القيامة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏4‏]‏

‏{‏قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ‏(‏4‏)‏‏}‏

‏{‏أَثَارَةٍ‏}‏ راوية، أو بقية، أو علم تأثرونه عن غيركم‏.‏ ‏{‏أَثَرةٍ‏}‏ خط، أو ميراث، أو خاصة، أو بينة، أو أثره يستخرجه فيثيره‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏9‏]‏

‏{‏قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ ‏(‏9‏)‏‏}‏

‏{‏بِدْعاً‏}‏ أولاً والبدع الأول والبديع من كل شيء المبتدأ ‏{‏مَا يُفْعَلُ بِى وَلا بِكُمْ‏}‏ في الدنيا دون الآخرة أتخرجوني، أو تقتلوني كما أُخرجت الأنبياء وقُتلت ‏{‏وَلا بِكُمْ‏}‏ في العذاب والإمهال وفي تصديقي وتكذيبي «ح»، أو في الآخرة قبل نزول ‏{‏لِّيَغْفِرَ لَكَ الله‏}‏ ‏[‏الفتح‏:‏ 2‏]‏ عام الحديبية فعلم ما يفعل به فلما تلاها على أصحابه قالوا هنيئاً لك‏.‏ قد بيّن الله تعالى لك ما يفعل بك فماذا يفعل بنا فنزلت ‏{‏لِّيُدْخِلَ المؤمنين‏}‏ ‏[‏الفتح‏:‏ 5‏]‏ أو رأى في نومه بمكة أنه يخرج إلى أرض فلما اشتد عليهم البلاء قالوا‏:‏ يا رسول الله‏:‏ حتى متى نلقى هذا البلاء ومتى نخرج إلى الأرض التي أُريت فقال ما أدري ما يفعل بي ولا بكم أنموت بمكة أم نخرج منها، أو لا أدري ما أؤمر به ولا ما تؤمرون به‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏10‏]‏

‏{‏قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآَمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ‏(‏10‏)‏‏}‏

‏{‏إِن كَانَ‏}‏ القرآن من عند الله، أو محمد نبياً منه ‏{‏شَاهِدٌ‏}‏ عبد الله بن سلام شهد على اليهود أن محمداً صلى الله عليه وسلم مذكور في التوراة «ع»، أو آمين بن يامين لما أسلم ابن سلام قال‏:‏ أنا شاهد كشهادته ومؤمن كإيمانه، أو هو موسى مثل محمد يشهد على نبوته والتوراة مثل القرآن تشهد بصحته، أو مؤمنو بني إسرائيل بموسى والتوراة لأن محمداً مثل موسى والتوراة مثل القرآن، أو موسى الذي هو مثل محمد شهد على التوراة التي هي مثل القرآن ‏{‏فَآمَنَ‏}‏ ابن سلام بالرسول والقرآن واستكبر الباقون عنه‏.‏ أو آمن من آمن بموسى والتوراة واستكبرتم أنتم عن الإيمان بمحمد والقرآن‏.‏ وجواب الشرط محذوف التقدير فآمن أتؤمنون، أو أفما تهلكون، أو فمن أضَلُّ منكم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏11‏]‏

‏{‏وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ ‏(‏11‏)‏‏}‏

‏{‏وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ‏}‏ لو كان ما جاء به محمد خيراً لما أسلمت غفار قالته قريش، أو قال الكفار لو كان خيراً ما سبقنا إليه اليهود، أو الذين كفروا عامر وأسد وغطفان وحنظلة قالوا لمن أسلم من غفار وأسلم وغطفان وجهينة وأشجع‏:‏ لو كان ما جاء به محمد خيراً ما سبقنا إليه رعآء البهم، أو لما أسلمت زِنِّيرة أُصيب بصرها فقالوا أصابك اللات والعزى فرد الله بصرها فقال عظماء قريش لو كان خيراً ما سبقتنا إليه زِنِّيرة ‏{‏لَمْ يَهْتَدُواْ‏}‏ يؤمنوا ‏{‏بِهِ‏}‏ بالقرآن، أو بمحمد صلى الله عليه وسلم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏13‏]‏

‏{‏إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ‏(‏13‏)‏‏}‏

‏{‏اسْتَقَامُواْ‏}‏ على أن الله ربهم، أو على شهادة أن لا إله إلا الله «ع»، أو على أداء الفرائض «ع»، أو على إخلاص الدين والعمل، أو استقاموا عليه فلم يرجعوا عنه إلى موتهم ‏{‏فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ‏}‏ في الآخرة ‏{‏وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ‏}‏ عند الموت‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏15‏]‏

‏{‏وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ‏(‏15‏)‏‏}‏

‏{‏إِحْسَاناً‏}‏ براً ‏{‏كُرْهاً‏}‏ بمشقة والكره بالضم ما حمله الإنسان على نفسه وبالفتح ما حمل على غيره ‏{‏وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ‏}‏ فطامه ثلاثونَ شهراً مدة لأكثر فصاله وأقل حمله ففصاله حولان كاملان فإن وضعته لتسعة أشهر، أو أكثر فلا يوجب ذلك نقص الحولين قاله الجمهور، أو الثلاثون جامعة لزمان الحمل ومدة الرضاع فإن وضعته لتسعة أشهر أرضعته إحدى وعشرين شهراً وإن وضعته لعشرة أرضعته عشرين لئلا تزيد مدتهما على الثلاثين «ع» ‏{‏أَشُدَّهُ‏}‏ بلوغه، أو خمس عشرة سنة، أو ثماني عشرة سنة، أو عشرون، أو خمس وعشرون، أو ثلاثون، أو ثلاث وثلاثون «ع»، أو أربع وثلاثون، أو أربعون «ح» ‏{‏أَرْبَعِينَ سَنَةً‏}‏ لأنها زمان الأشد، أو زمان الاستواء ولما بلغ موسى أشده واستوى ببلوغ الأربعين، أو لأنها عمر بعد تمام عمر ‏{‏أَوْزِعْنِى‏}‏ ألهمني أصله الإغراء أوزع بكذا أغرى به‏.‏ ‏{‏فِى ذُرِّيَّتِى‏}‏ اجعلهم لي خلف صدق ولك عبيد حق وأبراراً بي مطيعين لك، أو وفقهم لما يرضيك عنهم ‏{‏تُبْتُ إِلَيْكَ‏}‏ رجعت عما كنت عليه نزلت في أبي بكر رضي الله تعالى عنه خاصة أو هي عامة «ح»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏16‏]‏

‏{‏أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ‏(‏16‏)‏‏}‏

‏{‏نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ‏}‏ نقبل حسناتهم ونغفر خطاياهم إذا أسلموا، أو الجزاء بالحسنة عشراً، أو الطاعات يثابون عليها لأنها أحسن أعمالهم وليس في المباح ثواب ولا عقاب ‏{‏وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ‏}‏ بالرحمة، أو عن صغائرهم بالعفو، أو عن كبائرهم بالتوبة ‏{‏وَعْدَ الصِّدْقِ‏}‏ الجنة ‏{‏الَّذِى كَانُواْ يُوعَدُونَ‏}‏ في الدنيا على ألسنة الرسل‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏17‏]‏

‏{‏وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آَمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ‏(‏17‏)‏‏}‏

‏{‏أُفٍّ‏}‏ كلمة تبرم يقصد بها إظهار السخط وقبح الرد وأصل الأف والتف أن الأف وسخ الأذن والتف وسخ الأنف أو الأف وسخ الأظفار والتف الذي يكون في أصول الأفخاذ، أو الأف تقليب الأنف والتف الإبعاد ‏{‏أَنْ أُخْرَجَ‏}‏ أبعث ‏{‏يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ‏}‏ يدعوان اللهم أهده اللهم أقبل بقلبه اللهم اغفر له ‏{‏وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ‏}‏ فلم يبعثوا نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر كان أبوه وأمه يدعوانه إلى الإسلام فيجيبهما بذلك ثم أصاب الله تعالى فيه دعوة ابيه فأسلم ونزلت توبته في قوله ‏{‏وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ‏}‏ ‏[‏الأحقاف‏:‏ 19‏]‏ قاله السدي وقال ما رأيت بالمدينة أعبد منه أو في عبد الله بن أبي بكر قاله مجاهد، أو في جماعة من الكفار قالوا ذلك لآبائهم ولذلك قال ‏{‏أولئك الذين حَقَّ عَلَيْهِمُ القول‏}‏ ‏[‏الأحقاف‏:‏ 18‏]‏ فأراد بقوله ‏{‏وَالَّذِى‏}‏ جمعاً لأنهم يذكرون الواحد يريدون به الجمع‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏20‏]‏

‏{‏وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ ‏(‏20‏)‏‏}‏

‏{‏طَيِّبَاتِكُمْ‏}‏ شبابكم وقوتكم من قولهم ذهب أطيباه أي شبابه وقوته‏.‏ قاله الضحاك‏.‏ ‏{‏الْهُونِ‏}‏ الهوان بلغة قريش‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏21‏]‏

‏{‏وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ‏(‏21‏)‏‏}‏

‏{‏أَخَا عَادٍ‏}‏ في النسب ‏{‏بِالأَحْقَافِ‏}‏ جمع حقف وهو ما استطال واعوج من الرمل العظيم ولم يبلغ أن يكون جبلاً هي رمال مشرفة على البحر في الشِّحْر باليمن، أو أرض من حُسمى تسمى الأحقاف، أو جبل بالشام يسمى الأحقاف، أو ما بين عمان وحضرموت، أو واد بين عمان ومهرة «ع» ‏{‏وَقَدْ خَلَتِ النُذُرُ‏}‏ الرسل ‏{‏مِن بَيْنِ يَدَيْهِ‏}‏ قبله‏.‏ ‏{‏وَمِنْ خَلْفِهِ‏}‏ بعده‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏22‏]‏

‏{‏قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ‏(‏22‏)‏‏}‏

‏{‏لِتَأْفِكَنَا‏}‏ لتزيلنا عن عبادتها بالإفك، أو لتصدنا عنها بالمنع‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏24‏]‏

‏{‏فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ‏(‏24‏)‏‏}‏

العارض‏:‏ السحاب لأخذه في عرض السماء أو لأنه يملأ آفاقها، أو لأنه مار فيها والعارض المار الذي لا يلبث وهذا أشبه، وكان المطر أبطأ عنهم فظنوه سحاباً ممطراً‏.‏ فقال بكر بن معاوية منهم هذا عارض ممطر فنظر إليه هود فقال ‏{‏بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ‏}‏ لأنهم استعجلوا العذاب استهزاء فنظر بكر بن معاوية إلى السحاب فقال إني لأرى سحاباً مرمداً لا يبقى من عاد أحداً، والريح‏:‏ الدبور كانت تأتيهم بالرجل الغائب حتى تقذفه في ناديهم واعتزل هود والمؤمنون في حظيرة لا يصيبهم منها إلا ما يلين على الجلود وتلذ به الأنفس وإنها لتمر من عاد بالظُّعن بين السماء والأرض قال شاعرهم‏:‏

فدعا هود عليهم *** دعوة أضحوا همودا

عصفت ريح عليهم *** تركت عادا خمودا

سخرت سبع ليال *** لم تدع في الأرض عودا

وعُمِّر هود بعدهم في قومه مائة وخمسين سنة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏26‏]‏

‏{‏وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ‏(‏26‏)‏‏}‏

فيما لم نمكنكم فيه «ع»، أو فيما مكناكم فيه وإن صلة زائدة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏29‏]‏

‏{‏وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ ‏(‏29‏)‏‏}‏

‏{‏صَرَفْنَآ‏}‏ صرفوا عن استراق السمع لما بعث الرسول صلى الله عليه وسلم فقالوا ما هذا الذي حدث في الأرض ضربوا في الأرض حتى وقفوا على الرسول صلى الله عليه وسلم ببطن نخلة عامداً إلى عكاظ وهو يصلي الفجر فنظروا إلى صلاته واقتداء أصاحبه به وسمعوا القرآن فرجعوا إلى قومهم فقالوا ‏{‏إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً‏}‏ ‏[‏الجن‏:‏ 1‏]‏ «ع»، وكانت السورة التي قرأها ببطن نخلة ‏{‏سَبِّحِ اسم رَبِّكَ الأعلى‏}‏ ‏[‏الأعلى‏:‏ 1‏]‏ «ع»، أو صرفوا عن بلادهم بتوفيق الله تعالى هداية لهم حتى وقفوا على الرسول صلى الله عليه وسلم ببطن نخلة وكانوا من جن نصيبين «ع» أو نينوى، أو جزيرة الموصل، أو حَران اثنا عشر ألفا من جزيرة الموصل، أو تسعة أحدهم زوبعة، أو سبعة ثلاثة من أهل نجران وأربعة نصيبين ولم يشعر بهم الرسول صلى الله عليه وسلم حتى أوحي إليه أمرهم وأخبر به «ع» أو أعلمه الله تعالى بهم قبل مجيئهم فأتاهم وقرأ عليهم القرآن وقضى بينهم في قتيل منهم ‏{‏فَلَمَّا قُضِىَ‏}‏ فرغ من الصلاة ‏{‏وَلَّوْاْ إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ‏}‏ بالرسول صلى الله عليه وسلم مخوفين به، أو فلما فرغ من القراءة ولوا إلى قومهم مؤمنين‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏32‏]‏

‏{‏وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ‏(‏32‏)‏‏}‏

‏{‏دَاعِىَ اللَّهِ‏}‏ نبيه ‏{‏فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ‏}‏ أي سابق فلا يفوت الله هرباً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏35‏]‏

‏{‏فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ‏(‏35‏)‏‏}‏

‏{‏أُوْلُواْ الْعَزْمِ‏}‏ الذين أمروا بالقتال، أو العرب من الأنبياء، أو من لم تصبه منهم فتنة، أو من أصابه بلاء بغير ذنب أو أولو العزم الذين صبروا على أذى قومهم فلم يجزعوا أو جميع الأنبياء أولو العزم أُمِر أن يصبر كما صبروا أو نوح وهود وأبراهيم أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون رابعهم، أو نوح وهود وإبراهيم وشعيب وموسى، أو إبراهيم وموسى وداود وسليمان وعيسى ومحمد أو منهم إسماعيل ويعقوب أيوب وليس منهم يونس ولا سليمان لا آدم ‏{‏وَلا تَسْتَعْجِل‏}‏ بالدعاء عليهم، أو بالعذاب ‏{‏مَا يُوعَدُونَ‏}‏ من العذاب، أو الآخرة ‏{‏لَمْ يَلْبَثُواْ‏}‏ في الدنيا، أو القبور ‏{‏بَلاغٌ‏}‏ هذا اللبث بلاغ أو هذا القرآن بلاغ، أو ما وصفه من هلاك الدنيا، أو عذاب الآخرة بلاغ ‏{‏فَهَلْ يُهْلَكُ‏}‏ بعد هذا البلاغ ‏{‏إِلا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ‏}‏ أي المشركون قيل نزلت هذه الآية بأُحد فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يصبر على ما أصابه كما صبر أولو العزم‏.‏

‏[‏سورة محمد‏]‏

تفسير الآية رقم ‏[‏1‏]‏

‏{‏الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ‏(‏1‏)‏‏}‏

‏{‏كَفَرُواْ‏}‏ بالتوحيد ‏{‏سَبِيلِ اللَّهِ‏}‏ الإسلام بنهيهم عن الدخول فيه، أو عن بيت الله بمنع قاصديه إذا عرض عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم الدخول في الإسلام قيل نزلت في اثني عشر رجلاً من أهل مكة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏2‏]‏

‏{‏وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآَمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ‏(‏2‏)‏‏}‏

‏{‏وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ‏}‏ الأنصار ‏{‏وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ‏}‏ بمواساتهم في مساكنهم وأموالهم، أو خاصة في ناس من قريش ‏{‏وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ‏}‏ بهجرتهم ‏{‏كَفَّرَ‏}‏ ستر، أو غفر ‏{‏بَالَهُمْ‏}‏ حالهم، أو شأنهم، أو أمرهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏3‏]‏

‏{‏ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ ‏(‏3‏)‏‏}‏

‏{‏الْبَاطِلَ‏}‏ الشيطان، أو إبليس ‏{‏اتَّبَعُواْ الحَقَّ‏}‏ القرآن، أو محمداً صلى الله عليه وسلم لمجيئه بالحق ‏{‏لِلنَّاسِ‏}‏ محمد صلى الله عليه وسلم، أو عام ‏{‏أَمْثَالَهُمْ‏}‏ صفات أعمالهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏4‏]‏

‏{‏فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ ‏(‏4‏)‏‏}‏

‏{‏الَّذِينَ كَفَرُواْ‏}‏ عبدة الأوثان، أو كل كافر من كتابي أو مشرك إذا لم يكن ذمة أو عهد‏.‏ ‏{‏فَضَرْبَ الرِّقَابِ‏}‏ بالقتل صبراً عند القدرة، أو قتالهم بالسلاح واليدين‏.‏ ‏{‏أَثْخَنتُمُوهُمْ‏}‏ ظفرتم بهم ‏{‏فَشُدُّواْ الْوَثَاقَ‏}‏ بالأسر ‏{‏مَنّاً‏}‏ بالعفوا والإطلاق ‏{‏فِدَآءً‏}‏ بمال، أو أسير، أو بالبيع ‏{‏الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا‏}‏ أثقالها من السلاح‏.‏ الوزر الثقل، وزير الملك يحمل أثقاله، أو يضعون السلاح بالهزيمة، أو الموادعة، أو أوزار كفرهم بالإسلام، أو يظهر الإسلام على الدين كله، أو ينزل عيسى بن مريم‏.‏ وهي منسوخة بقوله ‏{‏فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 57‏]‏ أو محكمة فتخير الإمام بين المن والفداء، والقتل والاسترقاق ‏{‏لانتَصَرَ مِنْهُمْ‏}‏ بالملائكة، أو بغير قتال ‏{‏وَالَّذِينَ قُتِلُواْ‏}‏ قيل قتلى أُحد‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏5‏]‏

‏{‏سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ ‏(‏5‏)‏‏}‏

‏{‏سَيَهْدِيهِمْ‏}‏ يحقق لهم الهداية، أو إلى محاكمة منكر ونكير في القبر أو إلى طريق الجنة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏6‏]‏

‏{‏وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ ‏(‏6‏)‏‏}‏

‏{‏عَرَّفَهَا‏}‏ بوصفها على ما يشوق إليها، أو عرفهم ما لهم فيها من الكرامة، أوطَيَّبها بأنواع الملاذ من العَرْف وهو الرائحة الطيبة، أو عرفهم مساكنهم حين لا يسألون عنها، أو وصفها لهم في الدنيا فلما دخلوها عرفوها بصفتها‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏7‏]‏

‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ‏(‏7‏)‏‏}‏

‏{‏تَنصُرُواْ اللَّهَ‏}‏ دينه، أو نبيه ‏{‏وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ‏}‏ بالنصر، أو قلوبكم بالأمن‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏8‏]‏

‏{‏وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ‏(‏8‏)‏‏}‏

‏{‏فَتَعْساً‏}‏ خزياً، أو شقاء، أو شتماً من الله، أو هلاكاً، أو خيبة أو قبحاً، أو بعداً، أو غماً‏.‏ والتعس الانحطاط والعثار‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏14‏]‏

‏{‏أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ‏(‏14‏)‏‏}‏

‏{‏أَفَمَن كَانَ‏}‏ محمد والبينة‏:‏ الوحي، أو المؤمنون والبينة معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم، أو الدين، أو القرآن ‏{‏كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ‏}‏ بالشرك، أو عبادة الأوثان عامة، أو في الأثنى عشر رجلاً من قريش زينها الشيطان، أو أنفسهم ‏{‏وَاتَّبَعُواْ‏}‏ يعني المنافقين، أو من زين له سوء عمله‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏16‏]‏

‏{‏وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آَنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ‏(‏16‏)‏‏}‏

‏{‏مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ‏}‏ عبد الله بن أُبي وجامعة من المنافقين، كانوا يستمعون خطبة الجمعة فإذا سمعوا ذكر المنافقين أعرضوا فإذا خرجوا سألوا عنه، أو كانوا يحضرون مع المؤمنون فيسمعون قوله فيعيه المؤمن دون المنافق ‏{‏أُوتُواْ الْعِلْمَ‏}‏ ابن عباس وابن مسعود، أو أبو الدرداء، أو الصحابة قاله ابن زيد ‏{‏ءَانِفاً‏}‏ قريباً، أو مبتدئاً سألوا عن ذلك استهزاء، أو بحثاً عما جهلوه‏.‏