فصل: فصل فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ وَشُرُوطِهِ وَوَظِيفَةِ النَّاظِرِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَأْجَرُ مُسْتَأْجِرٌ) أَيْ وَأَنَّ هَوَاءَ الْمُسْتَأْجَرِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَجَمَعَ) أَيْ: بَيْنَ مَا فِي فَتَاوَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ.
(قَوْلُهُ: بِحَمْلِ هَذَا) أَيْ: مَا فِي الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ) فِيهِ أَنَّ إضَاعَةَ الْمَالِ جَائِزَةٌ لِأَدْنَى غَرَضٍ وَتَعْظِيمُ الْمَسْجِدِ غَرَضٌ أَيُّ غَرَضٍ.
(قَوْلُهُ: بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا إلَخْ) قَدْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ تَعْظِيمًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُشْعِرٌ بِأَنَّهُ لَا غَرَضَ فِيهِ سِوَى التَّعْظِيمِ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: وَحَمْلِ الثَّانِي) أَيْ: مَا فِي الْأَنْوَارِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَوْقُوفَةِ) أَيْ: عَلَى الْمَقْبَرَةِ الْمَوْقُوفَةِ.
(قَوْلُهُ: فَالْمَمْلُوكَةُ لِمَالِكِهَا) مُبْتَدَأُ وَخَبَرٌ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمَجْهُولَةُ) أَيْ: وَمَا لَا يُعْلَمُ كَوْنُهَا مَمْلُوكَةً، أَوْ مَوْقُوفَةً مَالٌ ضَائِعٌ كَالْمَمْلُوكَةِ الْمَجْهُولِ مَالِكُهَا.
(قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَأْجَرُ) أَيْ: وَأَنَّ هَوَاءَ الْمُسْتَأْجَرِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَيْ: إنْ أَضَرَّهُ) أَيْ: الْمُسْتَأْجِرَ بِكَسْرِ الْجِيمِ.
تَنْبِيهٌ:
يَقَعُ كَثِيرًا الْوَقْفُ عَلَى الْحَرَمَيْنِ مَعَ عَدَمِ بَيَانِ مَصْرِفِهِ وَخَرَّجَهُ أَبُو زُرْعَةَ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ مَصْرِفِهِ فَالْقَفَّالُ يُبْطِلُهُ وَغَيْرُهُ يُصَحِّحُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ فَهُوَ كَالْوَقْفِ عَلَى عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ، وَمَا نَحْنُ فِيهِ كَذَلِكَ فَتُصْرَفُ لِعِمَارَةِ الْمَسْجِدَيْنِ وَتَوَابِعِهَا لَا لِلْفُقَرَاءِ الْمُجَاوِرِينَ فِيهِمَا هَذَا حَاصِلُ كَلَامِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَرَمَيْنِ بَعْضُهُمَا وَهُوَ الْمَسْجِدَانِ وَإِلَّا فَحَقِيقَتُهُمَا الْمُتَبَادَرَةُ مِنْهُمَا جَمِيعُهُمَا، وَالْوَاجِبُ الْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ مَانِعٌ وَلَا مَانِعَ هُنَا فَتَعَيَّنَتْ الْحَقِيقَةُ الشَّامِلَةُ لَهُمَا بِمَعْنَى عِمَارَتِهِمَا وَلِغَيْرِهِمَا بِمَعْنَى أَهْلِهِمَا إذْ لَا مَعْنَى لِلْوَقْفِ عَلَيْهِمَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ مَسْجِدَيْهِمَا إلَّا ذَلِكَ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ نَاظِرَهُمَا مُخَيَّرٌ فِي الصَّرْفِ لِعِمَارَةِ الْمَسْجِدَيْنِ وَلِمَنْ فِيهَا مِنْ الْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: الشَّامِلَةُ لَهُمَا) بِمَعْنَى عِبَارَتِهِمَا وَلِغَيْرِهِمَا بِمَعْنَى أَهْلِهِمَا قَدْ يُقَالُ مُقْتَضَى ذَلِكَ تَعَيُّنُ صَرْفِ الْبَعْضِ لِأَهْلِهِمَا وَالْبَعْضِ لِعِمَارَةِ مَسْجِدَيْهِمَا فَقَوْلُهُ الْآتِي وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ كَيْفَ يُوَافِقُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْحَقِيقَةَ الشَّامِلَةَ صَادِقَةٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ وَمُتَحَقِّقَةٌ فِيهِ فَصَحَّ التَّخْيِيرُ.
(قَوْلُهُ وَخَرَّجَهُ أَبُو زُرْعَةَ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ إلَخْ) لَعَلَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ قَبْلَ اطِّرَادِ الْعَادَةِ بِالصَّرْفِ إلَى أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ دُونَ عِمَارَةِ الْمَسْجِدَيْنِ، أَمَّا بَعْدَ اطِّرَادِهَا كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ الْآنَ فَلَا وَجْهَ لِلتَّرَدُّدِ فِي الصَّرْفِ إلَى أَهْلِهِمَا فَقَطْ حَيْثُ عَلِمَهُ الْوَاقِفُ. اهـ. سَيِّدٌ عُمَرُ أَقُولُ وَكَذَا يُعْمَلُ بِالْعُرْفِ الْمُطَّرِدِ الْآنَ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُعْتَادَ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ الْمَقْلُوبِ كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ فَهُوَ) أَيْ: الْوَقْفُ عَلَى الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ مَصْرِفٍ.
(قَوْلُهُ: فَيُصْرَفُ) أَيْ: الْوَقْفُ عَلَى الْحَرَمَيْنِ.
(قَوْلُهُ: لِعِمَارَةِ الْمَسْجِدِ) الْأَوْلَى تَثْنِيَةُ الْمَسْجِدِ.
(قَوْلُهُ: وَتَوَابِعِهَا) أَيْ: تَوَابِعِ عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ كَفَرْشِهِ وَسِرَاجِهِ.
(قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ: الْمَسْجِدَيْنِ.
(قَوْلُهُ: حَاصِلُ كَلَامِهِ) أَيْ: أَبِي زُرْعَةَ.
(قَوْلُهُ جَمِيعِهِمَا) أَيْ: الْحَرَمَيْنِ مِنْ مَكَّةِ الْمُكَرَّمَةِ، وَالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ.
(قَوْلُهُ وَالْوَاجِبُ إلَخْ) الْوَاوُ حَالِيَّةٌ.
(قَوْلُهُ: الشَّامِلَةُ لَهُمَا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ مُقْتَضَى ذَلِكَ تَعَيُّنُ صَرْفِ الْبَعْضِ لِأَهْلِهِمَا، وَالْبَعْضِ لِعِمَارَةِ مَسْجِدَيْهِمَا فَقَوْلُهُ الْآتِي فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ كَيْفَ يُوَافِقُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْحَقِيقَةَ الشَّامِلَةَ صَادِقَةٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ وَمُتَحَقِّقَةٌ فِيهِ فَصَحَّ التَّخْيِيرُ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: مِنْ الْفُقَرَاءِ إلَخْ) أَيْ وَغَيْرِهِمْ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْمُغْنِي وسم أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى أَهْلِ بَلَدٍ يَدْخُلُ فِيهِ أَغْنِيَاؤُهُمْ خِلَافًا لِشَرْحِ الرَّوْضِ.

.فصل فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ وَشُرُوطِهِ وَوَظِيفَةِ النَّاظِرِ:

(إنْ) كَانَ الْوَقْفُ لِلِاسْتِغْلَالِ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهِ إلَّا النَّاظِرُ الْخَاصُّ أَوْ الْعَامُّ، أَوْ لِيَنْتَفِعَ بِهِ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَأَطْلَقَ أَوْ قَالَ كَيْفَ شَاءَ فَلَهُ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ بِأَنْ يُرْكِبَهُ الدَّابَّةَ مَثَلًا لِيَقْضِيَ لَهُ عَلَيْهَا حَاجَةً فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا مَرَّ آنِفًا فِي قَوْلِ الْمَتْنِ بِإِعَارَةٍ وَإِجَارَةٍ، وَمَا قَيَّدْته بِهِ وَهَلْ يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ مِثْلَهُ خِلْقَةً نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْإِجَارَةِ، أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا تَحْصِيلُ مَنْفَعَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِخِلْقَتِهِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، ثُمَّ إنْ (شَرَطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ، أَوْ غَيْرِهِ) وَكَذَا لَوْ شَرَطَ نِيَابَةَ النَّظَرِ أَيْ: عَنْ كُلٍّ مِنْ وَلِيِّهِ لِزَيْدٍ وَأَوْلَادِهِ.
(قَوْلُهُ: التَّفَرُّعُ) كَذَا بِخَطِّهِ، وَلَعَلَّ الْأَوْلَى التَّفْرِيعُ. اهـ. مِنْ هَامِشٍ (اُتُّبِعَ) كَسَائِرِ شُرُوطِهِ وَرَوَى أَبُو دَاوُد أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلِيَ أَمْرَ صَدَقَتِهِ، ثُمَّ جَعَلَهُ لِحَفْصَةَ مَا عَاشَتْ، ثُمَّ لِأُولِي الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهَا، وَقَبُولُ مَنْ شَرَطَ لَهُ النَّظَرَ كَقَبُولِ الْوَكِيلِ عَلَى الْأَوْجَهِ لَا الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُشْرَطَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ عَلَى مَا بُحِثَ، وَقَوْلُ السُّبْكِيّ إنَّهُ أَشْبَهُ بِالْإِبَاحَةِ فَلَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ بَعِيدٌ بَلْ لَوْ قَبِلَهُ ثُمَّ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْهُ سَقَطَ وَإِنْ شَرَطَ نَظَرَهُ حَالَ الْوَقْفِ فَلَا يَعُودُ إلَّا بِتَوْلِيَةٍ مِنْ الْحَاكِمِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ خِلَافًا لِمَنْ نَازَعَ فِيهِ وَيُؤَيِّدُهُ كَلَامُهُمْ فِي الْوَصِيِّ وَمِنْ ثَمَّ يَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ فِيهِ مَا فِي الْوَصِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ خِيفَ مِنْ انْعِزَالِهِ ضَرَرٌ يَلْحَقُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ ثَمَّ بِعَزْلِهِ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَنْفُذْ، وَيُؤَيِّدُ كَوْنَهُ كَالْوَصِيِّ مَا صَرَّحُوا بِهِ أَنَّهُ يَأْتِي هُنَا فِي جَعْلِ النَّظَرِ لِاثْنَيْنِ تَفْصِيلُ الْإِيصَاءِ لِاثْنَيْنِ مِنْ وُجُوبِ الِاجْتِمَاعِ تَارَةً وَعَدَمِهِ أُخْرَى وَمِنْ أَنَّ أَحَدَهُمَا قَدْ يَكُونُ مُشْرِفًا فَقَطْ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمُشْرِفُ شَيْئًا مِمَّا شُرِطَ لِلنَّاظِرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى نَاظِرًا وَمَنْصُوبُ الْحَاكِمِ وَنَائِبُ النَّاظِرِ كَالْوَكِيلِ جَزْمًا (وَإِلَّا) يَشْرِطْ لِأَحَدٍ (فَالنَّظَرُ لِلْقَاضِي) أَيْ قَاضِي بَلَدِ الْمَوْقُوفِ بِالنِّسْبَةِ لِحِفْظِهِ وَنَحْوِ إجَارَتِهِ وَقَاضِي بَلَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا عَدَا ذَلِكَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي مَالِ الْيَتِيمِ (عَلَى الْمَذْهَبِ)؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ النَّظَرِ الْعَامِّ فَكَانَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ وَاقِفًا وَمَوْقُوفًا عَلَيْهِ وَلَوْ شَخْصًا مُعَيَّنًا وَجَزْمُ الْمَاوَرْدِيِّ بِثُبُوتِهِ لِلْوَاقِفِ بِلَا شَرْطٍ فِي مَسْجِدِ الْمَحَلَّةِ وَالْخُوَارِزْمِيّ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ وَزَادَ أَنَّ ذُرِّيَّتَهُ مِثْلُهُ ضَعِيفٌ.
تَنْبِيهٌ:
لِلسُّبْكِيِّ إفْتَاءٌ طَوِيلٌ أَنَّ الْقَاضِيَ الشَّافِعِيَّ يَخْتَصُّ حَتَّى عَنْ السُّلْطَانِ بِنَظَرِ وَقْفٍ شُرِطَ لِلْحَاكِمِ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ أَوْ سَكَتَ عَنْ نَظَرِهِ أَوْ آلَ نَظَرُهُ لِلْحَاكِمِ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِمَا تَوَقَّفَ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي وَقْفٍ قَبْلَ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ هُوَ الْمَعْهُودُ حِينَئِذٍ، وَالْقُضَاةُ الثَّلَاثَةُ إنَّمَا أَحْدَثَهُمْ مِنْ حِينَئِذٍ الْمِلْكُ الظَّاهِرُ وَأَمَّا بَعْدُ فَيَنْبَغِي إنَاطَةُ مَا جُعِلَ لِلْقَاضِي بِالْقَاضِي الَّذِي يَتَبَادَرُ إلَيْهِ عُرْفُ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ مَا لَمْ يُفَوِّضْ الْإِمَامُ نَظَرَ الْأَوْقَافِ لِغَيْرِهِ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ النَّظَرُ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ لِلْإِمَامِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي مَوْضِعٍ وَتَصْرِيحُهُمْ بِالْقَاضِي فِي مَوَاضِعَ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهِ نَائِبَهُ وَمُخَالَفَةُ السُّبْكِيّ فِي ذَلِكَ مَرْدُودَةٌ، ثُمَّ رَأَيْت أَبَا زُرْعَةَ ذَكَرَ كَلَامَ السُّبْكِيّ بِطُولِهِ، ثُمَّ اعْتَمَدَ أَنَّهُ مَتَى عَبَّرَ بِالْقَاضِي حُمِلَ عَلَى غَيْرِ السُّلْطَانِ لِلْعُرْفِ الْمُطَّرِدِ بِذَلِكَ، أَوْ بِالْحَاكِمِ تَنَاوَلَ الْقَاضِيَ وَالسُّلْطَانُ لُغَةً وَلَا عِبْرَةَ بِالْعُرْفِ لِأَنَّهُ فِيهِ مُضْطَرِبٌ فَلِكُلٍّ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَلِلسُّلْطَانِ تَفْوِيضُهُ لِغَيْرِ الْقَاضِي قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَخْذُ مَا شُرِطَ لِلنَّاظِرِ إلَّا إنْ صَرَّحَ الْوَاقِفُ بِنَظَرِهِ كَمَا لَيْسَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ سَهْمِ عَامِلِ الزَّكَاةِ قَالَ ابْنُهُ التَّاجُ وَمَحَلُّهُ فِي قَاضٍ لَهُ قَدْرُ كِفَايَتِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَوْ خُشِيَ مِنْ الْقَاضِي أَكْلُ الْوَقْفِ لِجَوْرِهِ جَازَ لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ صَرْفُهُ فِي مَصَارِفِهِ أَيْ: إنْ عَرَفَهَا وَإِلَّا فَوَّضَهُ لِفَقِيهٍ عَارِفٍ بِهَا أَوْ سَأَلَهُ وَصَرَفَهَا.
الشَّرْحُ:
(فَصْل فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ إلَخْ).
(قَوْلُهُ: فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَقَبُولُ مَنْ شَرَطَ لَهُ النَّظَرَ إلَخْ) فِي الرَّوْضِ وَلِقَبُولِهِ أَيْ: الْمَشْرُوطِ لَهُ النَّظَرُ حُكْمُ قَبُولِ الْوَكِيلِ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ وَقَبُولُ مَنْ شَرَطَ لَهُ النَّظَرُ كَقَبُولِ الْوَكِيلِ عَلَى الْأَوْجَهِ لَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ إلَخْ) وَظَاهِرٌ أَنَّ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ لَهُ النَّظَرَ بَلْ فَوَّضَهُ إلَيْهِ الْوَاقِفُ حَيْثُ كَانَ لَهُ النَّظَرُ، وَالْحَاكِمُ حُكْمُ قَبُولِهِ كَقَبُولِ الْوَكِيلِ أَيْضًا وَإِنَّمَا خَصَّ مَنْ شَرَطَ لَهُ النَّظَرَ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ أَنَّهُ كَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنِ كَمَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ لَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: بَعِيدٌ بَلْ لَوْ قَبِلَهُ ثُمَّ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْهُ سَقَطَ) كَذَا شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: إنْ شَرَطَ نَظَرَهُ حَالَ الْوَقْفِ فَلَا يَعُودُ إلَخْ) فِي شَرْحِ م ر إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ نَظَرَهُ حَالَ الْوَقْفِ فَلَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ نَفْسِهِ عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ خِلَافَهُ نَعَمْ يُقِيمُ الْحَاكِمُ مُتَكَلِّمًا غَيْرَهُ مُدَّةً إعْرَاضًا فَلَوْ أَرَادَ الْعَوْدَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ انْتَهَى وَفِي شَرْحِ الشَّارِحِ لِلْإِرْشَادِ وَقَضِيَّةُ هَذَا أَيْ: أَنَّ مَنْ شُرِطَ لَهُ النَّظَرُ حَالَ الْوَقْفِ لَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ لَمْ يُنَصِّبْ بَدَلَهُ الْحَاكِمُ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ نَفْسِهِ لَكِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ الَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ النَّظَرُ بَلْ لَهُ الِامْتِنَاعُ وَيُرْفَعُ الْأَمْرُ لِلْقَاضِي لِيُقِيمَ غَيْرَهُ مَقَامَهُ وَعَلَيْهِ فَتَوْلِيَةُ الْحَاكِمِ غَيْرَهُ كَمَا مَرَّ لَيْسَ لِانْعِزَالِهِ بَلْ لِامْتِنَاعِهِ فَإِذَا عَادَ عَادَ النَّظَرُ لَهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ وَاقِفًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْغَيْرُ وَاقِفًا ش.
(قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ) كَذَا م ر.
(قَوْلُهُ: إلَّا إنْ صَرَّحَ الْوَاقِفُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ مَنْعُ أَخْذِهِ وَإِنْ كَانَ النَّظَرُ لَهُ بِأَنْ لَمْ يَشْرِطْ لِأَحَدٍ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(فَصْل فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ):
(قَوْلُهُ: فِي بَيَانِ النَّظَرِ) إلَى قَوْلِهِ وَهَلْ فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ: وَشَرْطُهُ) أَيْ: النَّظَرِ.
(قَوْلُهُ: وَوَظِيفَةُ النَّاظِرِ) أَيْ: وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَعَدَمِ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِزِيَادَةِ الْأُجْرَةِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَرْكَبَهُ) أَيْ: الْغَيْرَ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يُنَافِي إلَخْ) الْمُتَبَادِرُ أَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ بِأَنْ يَرْكَبَهُ إلَخْ وَأَنَّ الْإِشَارَةَ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ إلَى التَّقْسِيمِ الْمَارِّ وَأَنَّ وَجْهَ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مَتْنًا وَشَرْحًا فِي الْوَقْفِ الْمُطْلَقِ عَنْ الِاسْتِقْلَالِ، وَالِانْتِفَاعِ، وَمَا هُنَا فِي الْمُقَيَّدِ بِأَحَدِهِمَا لَكِنْ لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ التَّفَرُّعِ فَلَوْ ادَّعَى عَدَمَ الْمُنَافَاةِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيعٍ ثُمَّ وَجَّهَهُ بِمَا قُلْت لَظَهَرَ الْكَلَامُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.