فصل: منـزلة التلمود عند اليهود:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنظمات اليهودية ودورها في إيذاء عيسى عليه السلام (نسخة منقحة)



.المبحث الثاني: (الـتـلـمـود):

يزعم اليهود أن الله قد بلغ موسى شريعة مكتوبة، وبلغ اللاويين رسالة مكتومة، وبناء على ذلك فإن أحبار اليهود لم يكتفوا بالتوراة؛ وينفثون فيها عقدهم وحقدهم، وسخافاتهم، وإنما ثنوا بالتلمود ليكملوا به ما كان قد فاتهم في التوراة، وكأن عقدهم وسخافاتهم لا حد لها فأحبوا أن يكون لهم كتاب مفتوح، يحمّلونه متى شاءوا ما شاءوا من جرائمهم ورقاعاتهم ثم يضفون على ذلك صفة القداسة.
هذا... ولقد كتب التلمود- في الأصل- لذم المسيح وأمه وتلامذته، والتهجم على المسيحية وإفسادها بكلام بذئ لم تقله التوراة.
و: (التلمود) معناه- باختصار- كتاب تعليم ديانة اليهود وآدابهم، فهو بالنسبة للتوراة يكون شرحا وتفسيرا وتعليقا، ولا شك أن هذا حق الحاخامات والكهنة في الديانة الكهنوتية.
والتلمود- بصورة عامة- هو مجمل القواعد والوصايا والشرائع والتقاليد الدينية والأدبية والشروح والتفاسير والروايات المختلفة المتعلقة بدين وتاريخ وجنس بني إسرائيل.
وكان اليهود حتى كتابة التلمود، يتناقلونه مشافهة، إلا أنه بعد أن تعاظم شأنه، وتراكم شحمه، لدرجة عز على النقل، قرر أحبارهم تدوينه خوفا عليه من النسيان والضياع، أو اختلاطه بغيره، وكذلك ليسهل عليهم نشره، وهكذا برز التلمود إلى الوجود، في وقت لا يعرف تاريخه بشكل محدد.
[الماسونية والصهيونية والشيوعية، صابر عبد الرحمن طعيمة، صـ 165، بتصرف، نقلا عن جذور الفكر اليهودي، صـ 88- 91، بتصرف].
ويرجح بأن عملية تدوين التلمود قد بدأت مع بداية عملية تدوين التوراة في بابل في القرن السادس قبل الميلاد، وظلت ممتدة بعد رجوع اليهود من الأسر البابلي سنة 539 ق. م. في عدة مدن من فلسطين كالقدس وأريحا وطبرية... ويقال بأن أول من جمع التلمود في كتاب هو الحاخام (يوضاس) وأنه قد سماه (المشنا) ثم زيدت عليه- في القرون اللاحقة- متون وحواشي وشروح كثيرة، بما يعرف بـ: (الجمارا) فالتلمود إذن مقسم إلى قسمين: المشنا، والجمارا. أما (المشنا) أي (المتن) فإنها تعني الدرس أو الشريعة وهي عبارة عن مجموعة من التعاليم والقوانين الدينية والمدنية والسياسية التي أقرها أحبار اليهود في العصور المختلفة.
[خطر اليهودية العالمية، عبد الله التل، صـ 69، بتصرف].
وهي مقسمة إلى عدة أقسام منها ما يختص بالزراعة، ومنها ما يختص بالصلاة والدعاء، ومنها ما يختص بالأعياد والسبوت والمواسم، ومنها ما يختص بالأحوال الشخصية من زواج وطلاق وميراث، ومنها ما يختص بالأحوال المالية، والجنح والقرابين والذبح والختان والطهارة، وما إلى ذلك.
وأما (الجمارا) أي (الشرح) فإنها تعني الإتمام أو الإكمال، وهي تقوم على جمـلة من الأحـاديث والروايات المسموعة من كبار الحاخامات على مدى أجيال متعددة، ولهذا فإن الجمارا تفسر المشنا، كما تفسر المشنا التوراة، وتحتوي الجمارا أيضا على خلاصة الأبحاث والدراسات والمجادلات التي يكثر تداولها في المعابد، ولهذا فإنها تشتمل على أمثال وحكم وأخبار ومعلومات تتعلق بالأمور العامة والصناعات الطبية والفلكية والحرفية، وما إلى ذلك، وتكاد تكون الجمارا موسوعة تشمل كل حياة اليهود بأدق تفصيلاتها.
هذا.. ويزعم اليهود أن موسى كان قد شافه قومه بالتلمود، وهو على جبل طور سينين، وأن أخاه (هارون) قد تداوله من بعده، ثم أخذه عنه (يشوع) (فاليعازر)، إلى أن تسلمه أنبياء بني إسرائيل على التوالي منه ومن بعضهم، حتى وصل في القرن الثاني بعد الميلاد إلى الحاخام الأكبر (يهوذا) الذي دونه بشكله الحالي.
[العرب واليهود في التاريخ، د/أحمد سوسة، صـ 184، بتصرف].
وهناك ما يؤكد أن عملية التدوين والإضافات ظلت سائرة حتى القرن السادس بعد الميلاد على الأقل، عند ظهور الإسلام.
هذا... والتلمود تلمودان: تلمود بابلي، وتلمود أورشليمي، وحجم التلمود البابلي أكبر من حجم التلمود الأورشليمي بأربعة أضعاف، وهما مختلفان في اللغة والمحتوي، فلغة التلمود البابلي هي الآرامية الشرقية (آرامية العراق)، وأما لغة التلمود الأورشليمي فإنها شبيهة بالآرامية الغربية (آرمية سوريا) وفيها مصطلحات وألفاظ سريانية ولاتينية.
والتلمود- كما هو الآن- بأصوله ومتونه وشروحه وتعليقاته يبلغ 36 (ستة وثلاثين) مجلدا، مطبوعة باللغة الإنجليزية، وأول طبعة ظهرت للتلمود في البندقية (فينسيا) سنة 1520م، تلتها طبعة أخرى سنة 1550م، كانت في اثني عشر مجلدا.
[اليهودية، د/ أحمد غلوش، صـ 56- 57].
وحين وقع التلمود في أيدي الناس تعرض اليهود إلى اضطهاد ومذابح بسبب ما جاء فيه من ذم للمسيح وأمه وحوارييه، وتهجم على الكنيسة ورجالها والدين المسيحي، مما أجبر أحبار اليهود على إعادة طباعة التلمود للمرة الثالثة في مدينة (بازل) في سويسرا، سنة 1581م، مع حذف كثير من الفقرات والصفحات التي تفضح نوايا اليهود وطواياهم الشريرة الخبيثة، إلا أن اليهود احتفظوا لأنفسهم- سرا- بما هو محذوف، وكانوا يضيفونه إلى نسخهم الخاصة التي يقتنونها، ولكنهم حينما اكتشف أمرهم لجئوا إلى أسلوب آخر أكثر خبثا ودهاء، وهو ترك مكان خال للفقرة المحذوفة، يكتبونها بخط أيديهم، أو يلقنهم إياها الحاخامون شفهيا عند وصولهم إليها.
[خطر اليهودية العالمية، عبد الله التل، صـ 70، بتصرف].
ومع هذا، فما يزال التلمود، بالرغم مما طرأ عليه من تبديل وتغيير وحذف كي يبدو مقبولا للأغيار، زاخرا بالفضائح والمخازي والجرائم التي يندي لها جبين البشرية خجلا، ولا يرف لها جفن يهودي واحد.
[جذور الفكر اليهودي، صـ 94].

.منـزلة التلمود عند اليهود:

يزعم اليهود أنه كتاب منزل من عند الله مثل التوراة، واليهود يقدمون التلمود على التوراة، وهو موقف ينفرد به اليهود من دون سائر حملة الرسالات، فليس من المعقول أن يكون الفرع أثبت وأفضل من الأصل، ومع ذلك فقد ورد في التلمود ذاته من الأقوال ما يدل على ذلك ويحث على اتباع التلمود، ومن ذلك:
إن من درس التوراة فعل فضيلة لا يستحق علها مكافأة، ومن درس التلمود استحق أحسن الجزاء، ومن احتقر أقوال التوراة فلا جناح عليه، ومن احتقر التلمود استحق الموت.
اعلم أن أقوال الحاخامات أفضل من أقوال الأنبياء، فهي كالشريعة، وهي مثل قول الله الحي، فمن يجادل حاخامه فكأنه يجادل العزة الإلهية.
وكذلك: إن من يقرأ التوراة بدون المشنا والجمارا فليس له إله!!
ويضربون لذلك مثلا توضيحيا فيقولون: إن التوراة كالخبز، والإدام كالتلمود، وإن المرء لا يعيش بالخبز فقط.
لأن الله يستشير الحاخامات على الأرض عندما توجد مسألة معضلة، لا يمكن حلها في السماء، ولذلك: يجب الالتفات إلى أقوال الحاخامات أكثر من الالتفات إلى شريعة موسى، ولأنه: إذا خالف أحد اليهود أقوال الحاخامات يعاقب أشد العقاب، لأن الذي يخالف شريعة موسى فهي خطيئة قد تغفر، أما من يخالف التلمود فيعاقب بالقتل.
وقد أمر مؤلفو التلمود بما يأتي: إن الحاخامات الذين ألفوا التلمود يأمرون بالطاعة العمياء لهم فيخطئ من يجادلهم وهم لا يخطئون أبدا، وإن تناقضت أقوالهم.
وقد قيل: إن حمار الحاخام لا يأكل شيئا محرما، والحاخام معصوم من كل خطأ، فيجب على اليهود تصديقه، والعمل بأوامره مهما كانت.
واليهود يصفون التلمود أنه فوق التوراة، والحاخام فوق الله، والله يقرأ وهو واقف على قدميه، وما يقوله الحاخام يفعله الله، إن تعاليم اللاهوتيين في التلمود لهي أطيب من كلام الله (الشريعة) والخطايا المقترفة ضد التلمود لهي أعظم من المقترفة ضد التوراة.
ويقولون أيضا: نعترف جهارا بسمو التلمود أكثر من كتاب الشريعة الموسوية.
ولقد ضمن اليهود تلمودهم من السخافات ما لا يمكن أن يصدقه عقل سليم متزن.
[راجع بتوسع كتاب؛- اليهود بين القرآن والتلمود، الأستاذ عادل هاشم موسى، صـ 61- 62، بتصرف، طبع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، العدد 124 بروتوكولات حكماء صهيون، عجاج نويهض، ج/ 4، صـ 170، ط/ طلاس/ دمشق- فضح التلمود تعاليم الحاخامين السرية، إعداد زهدي الفاتح، صـ 21، ط/ دار النفائس،- همجية التعاليم الصهيونية، بولس حنا سعد، صـ 11، بيروت 16.
- اليهودية 10.، د/ محمد إبراهيم الجيوش، صـ 55.- اليهودية 1.، د/ أحمد شلبي، صـ 273- 275].

.الله في التلمود:

يروي التلمود أن الله ندم لما أنزله باليهود وبالهيكل، ومما يرويه التلمود عن الله قوله: تباً لي، لأني صرحت بخراب بيتي وإحراق الهيكل ونهب أولادي.
وليست العصمة من صفات الله- في رأي التلمود- لأنه غضب مرة على بني إسرائيل فاستولى عليه الطيش، فحلف بحرمانهم من الحياة الأبدية، ولكنه ندم على ذلك بعد أن هدأ غضبه، ولم ينفذ قسمه لأنه عرف أنه فعل فعلا ضد العدالة.
ويصف الله بالجهل، فقد زعموا فيه: أن خلافا كان قد وقع بين الله وبين أحبار اليهود يوما، وبعد أن طال الجدل بينه وبين هؤلاء في ذلك، تقرر إحالة المشكلة برمتها إلى أحد الحاخامين الربيين، وحين عرضت عليه المشكلة، حكم هذا لصالح الأحبار، مما اضطر الله إلى أن يعتذر للأحبار عن خطئه!! تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
والنهار- في عرف التلمود- اثنتا عشر ساعة، في الثلاث الأولى منها، يجلس الله يطالع الشريعة، وفي الثلاث الثانية يتفرغ فيها لحكم الكون، وفي الثلاث الثالثة يطعم العالم، وأما في الثلاث الأخيرة فإنه يتفرغ لنفسه، يلاعب الحوت، ويداعب التمساح، ويستريح من عناء العمل.
إلا أنه بعد أن أخطأ وصرح بهدم الهيكل، وندم على فعلته هذه، فبكى لذلك ولطم خديه، أصابه اكتئاب عظيم فحرم على نفسه مثل هذه المتع، تكفيرا عن خطيئته التي لا تغتفر!!
هذا... ويزعم التلمود أن الله كثيرا ما يطلب من الأحبار الربيين أن يغفروا له أخطاءه، كلما أخطأ، وهو كثيرا ما يخطئ، فهو طلب منهم- مثلا- أن يغفروا له خطيئته عندمـا خلق القمر أصـغر من الشمس، كما طلب أن يذبحوا له قربانا يكفر به عن خطيئته تلك.!!
ويقرر التلمود أن الله هو مصدر الشر كما أنه مصدر الخير، وأنه أعطى الإنسان طبيعة رديئة وسن له شريعة لم يستطع بطبيعته الرديئة أن يسير على نهجها، فوقف الإنسان حائرا بين اتجاه الشر في نفسه، وبين الشريعة المرسومة له، وعلى هذا فإن داود الملك لم يرتكب خطيئة بقتله (أوريا) واتصاله بامرأته، لأن الله هو السبب في كل ذلك.