فصل: المبحث الأول: (التوراة) أو العهد القديم:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنظمات اليهودية ودورها في إيذاء عيسى عليه السلام (نسخة منقحة)



.المبحث الأول: (التوراة) أو العهد القديم:

التوراة لفظة مأخوذة من تورة- بالعبرانية- معناها: الهدى والإرشاد، والتوراة الحقيقية هي الصحف التي أنزلت على موسى، وقد ضاعت في ثنايا التوراة المحرفة التي بين يدي اليهود، وأما ما جاء قبل صحف موسى وما جاء بعدها من رسالات الأنبياء والرسل فإنها ليست من التوراة في شيء. فهل التوراة التي بين أيدي اليهود هي صحف موسى؟ وهل هي صوت السماء إلى الأرض؟ إن من يطلع على التوراة التي بين أيدي اليهود يجدها جماعا بكل ما زعم اليهود أنه أنزل على جميع الأنبياء والرسل منذ آدم وحتى ظهور المسيح.
ويفجع دارس التوراة للوهلة الأولى بما يرى فيها من سخافات وأخيلة ومخازي وخرافات. يفجع وهو يراها تتكلم عن الله، وكأنها تتكلم عن شخص عادي، يخطئ ويصيب، ويتعب ويجهل ويحزن، ويأكل ويشرب، وينام ويمشي... إلخ.
لقد أنزل اليهود الله من عليائه ووضعوه في مرتبة البشر، كي يحطموا الحواجز بينهم وبينه، ويحملوه من آثامهم وشرورهم ما يشاءون.
و (يهوه) إله قبلي متوحش، متعطش لشرب الدماء، إنه إله أناني متحيز يعمل لمصلحتهم وحدهم، والإضرار بغيرهم من الشعوب، وهم شعبه المختار، وحتى بقية البشر لم يخلقهم (يهوه) على صورتهم التي هم عليها إلا لخدمة شعبه المختار.
إنه إله جشع طماع، يحب الذهب والمال، ويأمر شعبه المختار بجمعه واقتنائـه بـأية وســيلة.
لقد ندم- رب التوراة- حين سمح بتشتيت شعبه، وتدمير هيكله، فبكى وصاح ولطم خديه، لقد وعد (يهوه) من زعموا أنهم أجدادهم (إبراهيم وإسحاق ويعقوب) بملك فلسطين، ملكا لهم ولأبنائهم وأحفادهم من بعدهم، ليس أرض فلسطين وحدها، بل وما بين النهر الكبير (الفرات) ونهر مصر (النيل)، وليس هذا فحسب بل وكل أرض تدوسها بطون أقدامهم.!!
هذا بعض ما جاء في توراة اليهود عن إلههم (يهوه) إنه عبد ذليل لهم، ليس له عمل إلا خدمتهم وتنفيذ أغراضهم، إنه يسكت عن جرائمهم، بل يحثهم عليها، إنه يخشاهم ولا يخشونه، ولا يتراجع لهم وهم ثبت في جرائمهم وسخائمهم ومخاذيهم.!!
ولهذا حرصت أسفار العهد القديم منذ البداية على تميز الكهنة على سائر الناس حتى يحملوا (التلمود) ما ناءت (التوراة) بحمله، فأعفوهم من القتال ودفع الضرائب، ومنحوهم من الامتيازات والحقوق ما لم يمنحه الله لنبي من أنبيائه، وذلك كي يكون عندهم الوقت والجهد للخلط والتزييف والتضليل.
إن قارئ التوراة يفجع أيضا وهو يراها تتكلم عن الأنبياء، وكأنها تتكلم عن مجرمين سفاحين، وزناة قوادين، يشربون الخمر، ويعبدون الأصنام، ويحبون الدسائس والمؤامرات. ولو شئنا أن نعد المخازي والجرائم التي ألصقها الأحبار في توراتهم بالأنبياء والرسل وبغيرهم من الناس لضاق بنا المجال.
فمدونوا التوراة كان لهم ولع خاص بالحض على سفك الدماء وهتك الأعراض واغتصاب الأموال، والحديث عن الزنا، خاصة بالمحارم، وكذا اللواط والمساحقة ومواقعة البهائم، حتى خلطوا الملاذ بالطقوس الدينية، وغدت ضروب البغاء لونا من التكريم، وغدا السكر نوعا من العبادة.!!
وإن من يقرأ التوراة يفجع كذلك وهو يراها تتطاول على الشعوب وتطالب بالانتقام منهم، بينما تزهو بشعب الله المختار!!
يفجع وهو يراها تزيف التاريخ، فتقلب الحقائق أو تزورها، وتتغاضى عن أبسط قواعد العقل والمنطق، فتسطر التوراة الآتي: حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها للصلح، فإن أجابتك فكل الشعب الموجود فيها يكون للتسخير، وإن لم تسالمك وعملت معك حربا فحاصرها، وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف، أما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة فتغنمها لنفسك، هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة عنك، وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك إلهك الرب نصيبا فلا تستبق منهم أحدا، بل تحرمها تحريما: الحيثيين، والعموريين، والكنعانيين، والفرزيين، والحوريين، واليبوسيين... كما أمرك الرب إلهك.
[العهد القديم، سفر التثنية، الإصحاح (20)].
وكذلك: وإذا أدخلك الرب إلهك الأرض التي أنت سائر إليها لترثها، واستأصل أمما كثيرة من أمام وجهك وضربتهم، فأبسلهم إبسالا، لا تقطع معهم عهدا، ولا تأخذك بهم رأفة، ولا تصاهرهم، بل كذا تصنعون بهم: تنقضون مذابحهم، وتكسرون أنصابهم، وتقطعون غاباتهم، وتحرقون بالنار تماثيلهم.
[سفر التثنية، الإصحاح 7 (1- 6) بتصرف].
وتقول: وأهلكوا جميع ما في المدينة (أريحا) من رجل وامرأة وطفل وشيخ حتى البقر والحمير بحد السيف، وأحرقوا المدينة وجميع ما فيها بالنار إلا الذهب والفضة وآنية النحاس والحديد، فاجعلوها في خزانة الرب.
[سفر يشوع: الإصحاح 6 (21، 22)].
وقال يشوع لقواد رجال الحرب الذين ساروا إلى مصر: تقدموا، وضعوا أقدامكم على رقاب هؤلاء الملوك.
[سفر يشوع: الإصحاح (6)].
وكلم الرب موسى قائلا: وإن لم تطردوا سكان الأرض من أمامكم يكون الذين تستبقون منهم أشواكا في أعينكم، ومناخس في جنوبكم.
[سفر العدد، الإصحاح (33)].
فأين هذا من النصائح الغالية التي أوصى بها (أبو بكر الصديق رضي الله عنه) الجيوش التي سيرها لتحرير العراق وبلاد الشام من الفرس والروم، بألا يقتلوا النساء والشيوخ والأطفال، وألا يبقروا البطون ويقطعوا الأشجار، ويقتلوا الحيوان.. وأن يعاملوا شعوب البلاد المفتوحة بالحسنى؟!!
إن ما زعموه في التوراة يذكرنا بمذابح اليهود في دير ياسين، وناصر الدين، والجورة، والطنطورة، وكفر قاسم، وصبرا وشاتيلا... وأخيرا- وليس آخرا- جينين..!!
هذا... ولقد بُدئ بتدوين التوراة بصورة متصلة جادة في الأسر البابلي في القرن السادس قبل الميلاد وما بعده، حين كان اليهود يعيشون عيشة أسر ونفي وذل، فأراد أحبارهم وحاخاماتهم بذلك إذكاء روح المقاومة والحمية فيهم، وبعث الأمل بالخلاص والعودة في نفوسهم، فخلعوا عليهم من الصفات ما ليس فيهم، ووعدوهم بما ليس لهم، وصبوا جام غضبهم على أعدائهم، واستمطروا اللعنات على مضطهديهم ومبغضيهم... وهكذا كتبت التوراة بأقلام حاقدة، وحبر مسموم، وصدور تغلي بالكراهية والحقد، فبعدوا بذلك كثيرا عن جادة الصواب، وحلت رقاعات الأحبار محل رسالات الأنبياء، وهكذا كان.
عندما بدأ أحبار اليهود يدونون التوراة كانوا أمام ثلاثة حوافز نفسية:
الحافز الأول: أنهم كانوا في الأسر جماعة مضطهدة معزولة، بحاجة إلى تعبئة روحية عالية تمسح عن جباههم ذل العبودية، وترفعهم إلى مصاف الشعوب الحضارية.
الحافز الثاني: إرجاع انتمائهم إلى شخصية محترمة في المنطقة، هي شخصية (إبراهيم الخليل) يغطون بها سخائمهم وسخافاتهم، مع أن (إبراهيم الخليل) سليل إحدى القبائل الآرامية العربية، ولا علاقة له بأخلاط هؤلاء (الخبيرو) فهو جد بني إسرائيل، وليس جد كل هذه الأخلاط من (الخبيرو) وغيرهم ممن تمسحوا بنبله وأصالته.
أما الحافز الثالث: فهو إعطاء أنفسهم صفة الشجاعة والرجولة بانتمائهم إلى موسى، مع أن قوم موسى كانوا أخلاطا من بقايا بني إسرائيل، الذين قدم بهم (يعقوب) عند أخيهم (يوسف) ومن الهكسوس والمصريين الذين فروا مع (موسى) أيضا، هربا من ظلم فرعون واضطهاده، ناجين بكرامتهم وأرواحهم... كل ذلك ليحقق كتبة التوراة لليهود قوة الإله ومكانة النبوة، ورفعة الأصل والجاه، والعودة إلى أرض الميعاد... وهكذا اتخذوا من (يهوه) إلها، ومن (إبراهيم) أبا، ومن (موسى) قائدا وزعيما.!!
لقد اتخذت التوراة من بني إسرائيل الموضوع الرئيس لها، وكأن الكون فعلا ما خلق إلا لهم، وكأن التاريخ لا يعرف أحدا غيرهم!!
لقد حرمت التوراة على اليهودي أن يستعبد يهوديا، أو أن يستغله..
فاليهودي مثلا إذا زنى بغير يهودية فلا يعد زانيا لأنها من الأغيار، والأغيار في عرفهم نوع من الحيوان الأعجم.!!
واليهودي إذا سرق شيئا من يهودي يعد سارقا، أما إذا سرق من غير يهودي فلا يعد كذلك، لأنه من الأغيار، ومال الأغيار في عرفهم هو مال يهودي نهبه الأغيار منهم، ويجب استرداده وإرجاعه لأصحابه بأية وسيلة، لأن الأرض ومن عليها وما عليها إنما خلقت لهم لتخدمهم، وتسبح بحمدهم!! وهكذا.. فإسحاق حين بارك يعقوب، باركه بقوله: (يستعبد لك شعوب).
[سفر التثنية، الإصحاح (17)].
وداود يقول في ترنيمة له من مزاميره: (على أدوم أطرح نعلي) أي كل نفيس وغالى إنما هو تحت قدميه!!
ومن ثم فإن اليهود يستحلون ذبح الأغيار في عيدي (كيبور، والبوريم)، واستخدام دمائهم في صنع الخبز المقدس، مع أن أكل الدم حرام على اليهود؟!!
ويعدون كل عقود زواج الأغيار لاغية، وأن كل أولادهم أولاد سفاح وزنا، لأن هذه العقود أبرمت بين حيوان وحيوان؟
إنهم يعتبرون أن الله هو إلههم فقط، إله إسرائيل، وشعب إسرائيل، وأن الأغيار لا إله لهم؟!! وتقول التوراة: (للأجنبي تقرض بربا، ولكن لأخيك لا تقرض بربا).
[سفر التثنية: الإصحاح (23)].
(وتستملكونهم لأبنائكم من بعدكم ميراث رجل، تستعبدونهم أبد الدهر، وأما أخوتكم بنو إسرائيل، فلا يتسلط إنسان على أخيه بعنف).
[سفر اللاويين، الإصحاح (25)].
وهكذا استطاعت تلك التوراة المحرفة أن توجد هذا الشعب اليهودي بتلك النفسيات المعقدة، والمنظمات الحاقدة، والأفكار المعاندة، والسلوكيات المتطرفة المتعصبة، مع كل شعوب الأرض، وخاصة أصحاب الرسالات التي جاءت بعدهم من أتباع عيسى عليه السلام، وأتباع (محمد) صلى الله عليه وسلم.
وإذا كان هذا بعض ما جاء في التوراة- فيما يخص التعامل مع الناس- فما بالك بغيرها؟!!
[جذور الفكر اليهودي، صـ 57- 81، بتصرف].
لقد حفلت التوراة- ولا شك أنها المحرفة- بنماذج من التعصب، بصورة فاقت كل حد الوحشية والشراسة، وتشعرك أنك أمام (تركيبة) بشرية مزعجة غاية الإزعاج. وفائقة القدرة على الالتواء والتحريف، والافتراء الفاحش على كل شيء، حتى الله عز وجل وملائكته، ورسله، والناس أجمعين!!
فقد زعمت التوراة أن إسرائيل سأله إلهه: لم خلقت خلقا سوى شعبك المختار؟ فقال له: (لتركبوا ظهورهم، وتمتصوا دماءهم، وتحرقوا أخضرهم، وتلوثوا طاهرهم، وتهدموا عامرهم).
[سفر المكابيين الثاني، 15 (24)].
والوحي الإلهي- بداهة- يبرأ كل البراءة من هذه الأساطير، ولكنها الطبيعة اليهودية المتوحشة تتبدى وتتجدد في هذه النصوص فتقول: (وأخرج الشعب الذي فيها ووضعهم تحت مناشير ونوارج حديد، وفؤوس حديد، وأمرهم في أتون الآجر).
[وهكذا نرى أن إحراق الشعوب في الأفران هو اختراع يهودي قديم، وهم يشنعون به على النازية زورا!!].
وهكذا صنع بجميع مدن بني عمون، ثم رجع داود وجميع الشعب إلى أورشليم.
[سفر صموئيل الثاني، 12 (31)].
وجل شأن ربنا عن هذا البهتان المستطير، وتنزهت كتبه ورسله عن هذا الإفك المبين.!!
إنه أمر بعيد عن كل معالم الرحمة والإنسانية، وتعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
وهكذا، فقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك أن التوراة التي بين يدي اليهود تختلف اختلافا بينا عن التوراة المنزلة التي ذكرها القرآن، وأن التوراة الموجودة الآن ضمن الكتاب المقدس!! ليست المذكورة في القرآن بحال، وإن كانت تحتوي على نبذ منها مع الخطأ والتحريف والتبديل أيضا. وفي الأرض أكثر من توراة بينها فروق واختلافات، وقد علم أيضا، أن التوراة التي أنزلت على موسى قد فقدت منذ حرق (بختنصر) الهيكل، بعد حرق أورشليم، وسبي اليهود إلى بابل.
ويؤيد الدكتور (هربري لوي) اليهودي- صاحب كتاب (أديان العالم الكبرى) أن هناك عقائد دخيلة انسابت إلى اليهودية عن فارس وبابل والإغريق لا سند لها في اليهودية بالذات، وأبرز تجاوزاتها أنها لا تتكلم عن الآخرة والبعث والحساب، حيث لا يشير اليهود إلى حياة أخرى بعد الموت ولم يرد فيها شيء عن الخلود، ويعتقدون أن الجنة على الأرض وأن كل ثواب وعقاب هو في الدنيا، وأن الجنة الأرضية خاصة بهم دون شعوب الأرض..
ويلاحظ الباحثون أن رائحة الوثنية الخالصة واضحة في العقيدة الجديدة (الهيكل- التابوت- الطقوس) ومن ذلك كله يتبين أن التوراة الحالية زائفة، وأنها كتبت وفق أهواء اليهود ومطامعهم، ورسمت طريقتهم في الحياة إلى آخر الدهر؛ وأبرز أهدافهم من حيث امتيازهم الخاص الذي يتميزون به عن غيرهم من سائر الأمم، وتبريرهم جرائمهم على أنها أخلاق فاضلة.
[المخططات التلمودية الصهيونية للأستاذ أنور الجندي، صـ 20- 24، بتصرف، ط/ دار الاعتصام، بدون ذكر الطبعة والتاريخ].