فصل: (فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِهَدْيِ الشَّيْءِ مِنْ مَالِهِ بِعَيْنِهِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)



.فِي الَّذِي يَحْلِفُ بِالْمَشْيِ فَيَعْجِزُ عَنْ الْمَشْيِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ مَشَى هَذَا الَّذِي حَلَفَ بِالْمَشْيِ فَحَنِثَ فَعَجَزَ عَنْ الْمَشْيِ كَيْفَ يَصْنَعُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: يَرْكَبُ إذَا عَجَزَ فَإِذَا اسْتَرَاحَ نَزَلَ فَمَشَى، فَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْمَشْيِ رَكِبَ أَيْضًا، حَتَّى إذَا اسْتَرَاحَ نَزَلَ وَيَحْفَظُ الْمَوَاضِعَ الَّتِي مَشَى فِيهَا وَالْمَوَاضِعَ الَّتِي رَكِبَ فِيهَا، فَإِذَا كَانَ قَابِلًا خَرَجَ أَيْضًا فَمَشَى مَا رَكِبَ وَرَكِبَ مَا مَشَى وَأَهْرَاقَ لِمَا رَكِبَ دَمًا.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ قَدْ قَضَى مَا رَكِبَ مِنْ الطَّرِيقِ مَاشِيًا، أَيَكُونُ عَلَيْهِ الدَّمُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ عَلَيْهِ الدَّمُ لِأَنَّهُ فَرَّقَ مَشْيَهُ.
قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يُتِمَّ الْمَشْيَ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ، أَعَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ فِي الثَّالِثَةِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ وَلْيُهْرِقْ دَمًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ حِينَ مَضَى فِي مَرَّتِهِ الْأُولَى إلَى مَكَّةَ مَشَى وَرَكِبَ، فَعَلِمَ أَنَّهُ إنْ عَادَ فِي الثَّانِيَةِ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يُتِمَّ مَا رَكِبَ مَاشِيًا؟
قَالَ: إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَمْشِيَ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي رَكِبَ فِيهَا فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ وَيُجْزِئُهُ الذَّهَابُ فِي الْأُولَى إنْ كَانَتْ حَجَّةً، فَحَجَّةً وَإِنْ كَانَتْ عُمْرَةً، فَعُمْرَةً، وَيُهْرِقُ لِمَا رَكِبَ دَمًا وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ حِينَ حَلَفَ بِالْمَشْيِ فَحَنِثَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَمْشِيَ الطَّرِيقَ كُلَّهُ إلَى مَكَّةَ، فِي تَرْدَادِهِ إلَى مَكَّةَ مَرَّتَيْنِ، أَيَرْكَبُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ وَيُهْدِي وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ شَيْءٌ غَيْرُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: يَمْشِي مَا أَطَاقَ، وَلَوْ شَيْئًا، ثُمَّ يَرْكَبُ وَيُهْدِي وَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الضَّعِيفَةِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ حَلَفَ بِالْمَشْيِ فَحَنِثَ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ يَئِسَ مِنْ الْمَشْيِ مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَمْشِي مَا أَطَاقَ وَلَوْ نِصْفَ مِيلٍ، ثُمَّ يَرْكَبُ وَيُهْدِي، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ هَذَا الْحَالِفُ مَرِيضًا فَحَنِثَ كَيْفَ يَصْنَعُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: أَرَى إنْ كَانَ مَرِيضًا قَدْ يَئِسَ مِنْ الْبُرْءِ، فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ، وَإِنْ كَانَ مَرَضُهُ مَرَضًا يَطْمَعُ بِالْبُرْءِ مِنْهُ، وَهُوَ مِمَّنْ لَوْ صَحَّ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَشْيُ لَيْسَ بِشَيْخٍ كَبِيرٍ وَلَا امْرَأَةٍ ضَعِيفَةٍ فَلْيَنْتَظِرْ حَتَّى إذَا صَحَّ وَبَرِئَ مَشَى إلَّا أَنْ يَكُونَ يَعْلَمُ أَنَّهُ إنْ بَرِئَ وَصَحَّ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَمْشِيَ أَصْلًا الطَّرِيقَ كُلَّهُ، فَلْيَمْشِ مَا أَطَاقَ ثُمَّ يَرْكَبُ وَيُهْدِي وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهَذَا رَأْيِي.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ عَجَزَ عَنْ الْمَشْيِ فَرَكِبَ، كَيْفَ يُحْصِي مَا رَكِبَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ أَعَدَدُ الْأَيَّامِ أَمْ يُحْصِي ذَلِكَ فِي سَاعَاتِ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ أَمْ يَحْفَظُ الْمَوَاضِعَ الَّتِي يَرْكَبُ فِيهَا مِنْ الْأَرْضِ، فَإِذَا رَجَعَ ثَانِيَةً مَشَى مَا رَكِبَ وَرَكِبَ مَا مَشَى؟
قَالَ: إنَّمَا يَأْمُرُهُ مَالِكٌ بِأَنْ يَحْفَظَ الْمَوَاضِعَ الَّتِي رَكِبَ فِيهَا مِنْ الْأَرْضِ وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي، فَإِنْ عَادَ الثَّانِيَةَ مَشَى تِلْكَ الْمَوَاضِعَ الَّتِي يَرْكَبُ فِيهَا مِنْ الْأَرْضِ.
قُلْتُ: وَلَا يُجْزِئُهُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يَرْكَبَ يَوْمًا وَيَمْشِيَ يَوْمًا أَوْ يَمْشِيَ أَيَّامًا وَيَرْكَبَ أَيَّامًا، فَإِذَا أَعَادَ الثَّانِيَةَ قَضَى عَدَدَ الْأَيَّامِ الَّتِي رَكِبَ فِيهَا؟
قَالَ: لَا يُجْزِئُهُ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّ هَذَا إذَا كَانَ هَكَذَا يُوشِكُ أَنْ يَمْشِيَ فِي الْمَكَانِ الْوَاحِدِ الْمَرَّتَيْنِ جَمِيعًا وَيَرْكَبُ فِي الْمَكَانِ الْوَاحِدِ مَرَّتَيْنِ جَمِيعًا، فَلَا يُتِمُّ الْمَشْيَ إلَى مَكَّةَ فَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ عَلَى عَدَدِ الْأَيَّامِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى عَدَدِ الْمَوَاضِعِ مِنْ الْأَرْضِ.
قُلْتُ: وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فِي الْمَشْيِ سَوَاءٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ هُوَ مَشَى حِينَ حَنِثَ فَعَجَزَ عَنْ الْمَشْيِ فَرَكِبَ، ثُمَّ رَجَعَ مِنْ قَابِلٍ لِيَقْضِيَ مَا رَكِبَ فِيهِ مَاشِيًا.
فَقَوِيَ عَلَى مَشْيِ الطَّرِيقِ كُلِّهِ، أَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَمْشِيَ الطَّرِيقَ كُلَّهُ أَمْ يَمْشِيَ مَا رَكِبَ وَيَرْكَبُ مَا مَشَى؟
قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَمْشِيَ الطَّرِيقَ كُلَّهُ، وَلَكِنْ عَلَيْهِ أَنْ يَمْشِيَ مَا رَكِبَ وَيَرْكَبَ مَا مَشَى.
قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ حَنِثَ فَلَزِمَهُ الْمَشْيُ فَخَرَجَ فَمَشَى فَعَجَزَ، ثُمَّ رَكِبَ وَجَعَلَهَا عُمْرَةً، ثُمَّ خَرَجَ قَابِلًا لِيَمْشِيَ مَا رَكِبَ وَيَرْكَبُ مَا مَشَى، فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهَا قَابِلًا حَجَّةً، أَلَهُ ذَلِكَ أَمْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهَا إلَّا عُمْرَةً أَيْضًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْمَشْيَ الْأَوَّلَ فِي عُمْرَةٍ؟
قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ، نَعَمْ يَجْعَلُ الْمَشْيَ الثَّانِيَ إنْ شَاءَ حَجَّةً وَإِنْ شَاءَ عُمْرَةً وَلَا يُبَالِي وَإِنْ خَالَفَ الْمَشْيَ الْأَوَّلَ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَذَرَ الْمَشْيَ الْأَوَّلَ فِي حَجٍّ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْمَشْيَ الثَّانِيَ فِي عُمْرَةٍ، وَإِنْ كَانَ نَذَرَ الْأَوَّلَ فِي عُمْرَةٍ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْمَشْيَ الثَّانِيَ فِي حَجٍّ، وَهَذَا الَّذِي قَالَ لِي مَالِكٌ.
قُلْتُ: وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ الْمَشْيَ الثَّانِيَ وَلَا الْمَشْيَ الْأَوَّلَ فِي فَرِيضَةٍ؟
قَالَ: نَعَمْ. لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أُذَيْنَةَ قَالَ: خَرَجْت مَعَ جَدَّةٍ لِي كَانَ عَلَيْهَا مَشْيٌ، حَتَّى إذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَجَزَتْ، فَأَرْسَلَتْ مَوْلًى لَهَا إلَى ابْنِ عُمَرَ يَسْأَلُهُ وَخَرَجْت مَعَهُ.
فَسَأَلَ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ: مُرْهَا فَلْتَرْكَبْ كَذَا ثُمَّ لِتَمْشِ مِنْ حَيْثُ عَجَزَتْ.
قَالَ مَالِكٌ وَقَالَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَتَنْحَرُ بَدَنَةً.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
قَالَ: وَلْتُهْدِ قَالَ سُفْيَانُ وَاللَّيْثُ: وَلْتُهْدِ مَكَانَ مَا رَكِبَتْ.
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: يَمْشِي فَإِذَا عَجَزَ رَكِبَ فَإِذَا كَانَ عَامٌ قَابِلٌ حَجَّ فَمَشَى مَا رَكِبَ وَرَكِبَ مَا مَشَى، قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَ ذَلِكَ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ عَنْ إسْمَاعِيلَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْهَدْيُ بَدَنَةٌ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ فِي رَجُلٍ نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ فَمَشَى ثُمَّ أَعْيَا.
قَالَ: لِيَرْكَبْ وَلْيُهْدِ لِذَلِكَ هَدْيًا، حَتَّى إذَا كَانَ قَابِلًا فَلْيَرْكَبْ مَا مَشَى وَلْيَمْشِ مَا رَكِبَ، فَإِنْ أَعْيَا فِي عَامِهِ الثَّانِي رَكِبَ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَرْكَبُ مَا مَشَى وَيَمْشِي مَا رَكِبَ.
فَبَلَغَ الشَّعْبِيُّ قَوْلَ سَعِيدٍ فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَمْشِي مَا رَكِبَ فَإِذَا عَجَزَ رَكِبَ وَأَهْدَى بَدَنَةً.
وَقَالَ الْحَسَنُ وَعَطَاءٌ مِثْلَ قَوْلِ عَلِيٍّ، وَإِنَّمَا ذَكَرْت قَوْلَ عَلِيٍّ وَالْحَسَنِ وَعَطَاءٍ حُجَّةً لِقَوْلِ مَالِكٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يَرَ إنْ عَجَزَ فِي الثَّانِيَةِ أَنْ يَعُودَ فِي الثَّالِثَةِ مَعَ قَوْلِ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُ إنْ عَجَزَ فِي الثَّانِيَةِ رَكِبَ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ يَعُودُ فِي الثَّالِثَةِ، وَقَدْ قَالَ يَعُودُ فِي الثَّانِيَةِ بِقَوْلِ مَالِكٍ الَّذِي ذَكَرْتُ لَك وَلَمْ يَقُولُوا إنْ عَجَزَ فِي الثَّانِيَةِ أَنْ يَمْشِيَ فِي الثَّالِثَةِ.

.فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِالْمَشْيِ حَافِيًا فَيَحْنَثُ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ حَافِيًا رَاجِلًا أَعَلَيْهِ أَنْ يَمْشِيَ وَكَيْفَ إنْ انْتَعَلَ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَنْتَعِلُ، وَإِنْ أَهْدَى فَحَسَنٌ وَإِنْ لَمْ يُهْدِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ خَفِيفٌ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَسْلَمَ نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ حَافِيَةً نَاشِرَةً شَعْرَ رَأْسِهَا، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَتَرَ بِيَدِهِ مِنْهَا.
وَقَالَ: مَا شَأْنُهَا.
قَالُوا: نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ حَافِيَةً نَاشِرَةً رَأْسَهَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مُرُوهَا فَلْتَخْتَمِرْ وَلْتَنْتَعِلْ وَلْتَمْشِ».
قَالَ: «وَنَظَرَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ إلَى رَجُلَيْنِ نَذَرَا أَنْ يَمْشِيَا فِي قِرَانٍ، فَقَالَ لَهُمَا: حِلَّا قِرَانَكُمَا وَامْشِيَا إلَى الْكَعْبَةِ وَأَوْفِيَا نَذْرَكُمَا». قَالَ: «وَنَظَرَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إلَى رَجُلٍ يَمْشِي الْقَهْقَرَى إلَى الْكَعْبَةِ فَقَالَ: مُرُوهُ فَلْيَمْشِ لِوَجْهِهِ».
وَقَالَ رَبِيعَةُ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى الْكَعْبَةِ حَافِيًا لَقِيلَ لَهُ الْبَسْ نَعْلَيْنِ وَامْشِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ بِحَفَائِك، وَإِذَا مَشَيْت مُنْتَعِلًا فَقَدْ وَفَّيْتَ نَذْرَكَ وَقَالَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ.

.فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِالْمَشْيِ فَيَحْنَثُ فَيَمْشِي لِيَحُجَّ فَيَفُوتُهُ الْحَجُّ:

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ فَحَنِثَ فَمَشَى فِي حَجٍّ فَفَاتَهُ الْحَجُّ قَالَ مَالِكٌ: يُجْزِئُهُ الْمَشْيُ الَّذِي مَشَى وَيَجْعَلُهَا عُمْرَةً وَيَمْشِي حَتَّى يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْحَجِّ عَامًا قَابِلًا رَاكِبًا وَالْهَدْيُ لِفَوَاتِ الْحَجِّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ.

.(فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِالْمَشْيِ فَيَحْنَثُ فَمَشَى فَجَعَلَهَا عُمْرَةً):

فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِالْمَشْيِ فَيَحْنَثُ فَمَشَى فَجَعَلَهَا عُمْرَةً هَلْ يَجُوز أَنْ يَحُجَّ مِنْ مَكَّةَ؟
قُلْتُ: هَلْ يَجُوزُ لِهَذَا الَّذِي حَلَفَ بِالْمَشْيِ فَحَنِثَ فَمَشَى فَجَعَلَهَا عُمْرَةً أَنْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ مِنْ مَكَّةَ؟
قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ يَحُجُّ مِنْ مَكَّةَ وَيُجْزِئُهُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ.
قُلْتُ: وَيَكُونُ مُتَمَتِّعًا إنْ كَانَ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَرَنَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ يُرِيدُ بِالْعُمْرَةِ عَنْ الْمَشْيِ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ وَبِالْحَجِّ حَجَّةَ الْفَرِيضَةِ أَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ عَنْهُمَا جَمِيعًا؟
قَالَ: لَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ.
قُلْتُ: وَيَكُونُ عَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَلِمَ لَا يُجْزِئُهُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ؟
قَالَ: لِأَنَّ عَمَلَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ فِي هَذَا وَاحِدٌ فَلَا يُجْزِئُهُ مِنْ فَرِيضَةٍ وَلَا مِنْ مَشْيٍ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ.
قَالَ: وَلَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ كَانَ عَلَيْهِ مَشْيٌ، فَمَشَى فِي حَجَّةٍ وَهُوَ صَرُورَةٌ يُرِيدُ بِذَلِكَ وَفَاءَ نَذْرِ يَمِينِهِ وَأَدَاءَ الْفَرِيضَةِ عَنْهُ، فَقَالَ لَنَا مَالِكٌ: لَا يُجْزِئُهُ مِنْ الْفَرِيضَةِ وَهُوَ لِلنَّذْرِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَشْيِ وَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْفَرِيضَةِ قَابِلًا، وَقَالَهَا غَيْرَ مَرَّةٍ.
قَالَ سَحْنُونٌ قَالَ الْمَخْزُومِيُّ: يُجْزِئُهُ مِنْ الْفَرِيضَةِ وَعَلَيْهِ النَّذْرُ.

.(فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِالْمَشْيِ فَيَحْنَثُ فَمَشَى فَجَعَلَهَا عُمْرَةً):

إنْ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا فَحَنِثَ قُلْتُ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ أَنَا أَحُجُّ بِفُلَانٍ إلَى بَيْتِ اللَّهِ إنْ فَعَلْت كَذَا وَكَذَا فَحَنِثَ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا قَالَ الرَّجُلُ أَنَا أَحْمِلُ فُلَانًا إلَى بَيْتِ اللَّهِ فَإِنِّي أَرَى أَنْ يَنْوِيَ، فَإِنْ كَانَ أَرَادَ تَعَبَ نَفْسِهِ وَحَمَلَهُ عَلَى عُنُقِهِ، فَأَرَى أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا وَيُهْدِيَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الرَّجُلِ، وَلَا يُحِجُّهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ فَلْيَحُجَّ رَاكِبًا وَلْيَحُجَّ بِالرَّجُلِ مَعَهُ وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ.
فَإِنْ أَبَى الرَّجُلُ أَنْ يَحُجَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الرَّجُلِ وَلْيَحُجَّ هُوَ رَاكِبًا.
قال سَحْنُونٌ: وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ وَإِنْ كَانَ نَوَى أَنْ يَحْمِلَهُ إلَى مَكَّةَ يُحِجُّهُ مِنْ مَالِهِ، فَهُوَ مَا نَوَى وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ هُوَ إلَّا إحْجَاجَ الرَّجُلِ إلَّا أَنْ يَأْبَى.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقَوْلُهُ: أَنَا أَحُجُّ بِفُلَانٍ إلَى بَيْتِ اللَّهِ.
عِنْدِي أَوْجَبُ عَلَيْهِ مِنْ الَّذِي يَقُولُ: أَنَا أَحْمِلُ فُلَانًا إلَى بَيْتِ اللَّهِ، لَا يُرِيدُ بِذَلِكَ عَلَى عُنُقِهِ؛ لِأَنَّ إحْجَاجَهُ الرَّجُلَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ، فَأَرَى ذَلِكَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَأْبَى الرَّجُلُ فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ فِي الرَّجُلِ شَيْءٌ قَالَ: قَالَ لَنَا مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ: أَنَا أَحْمِلُ هَذَا الْعَمُودَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ، أَوْ هَذِهِ الطُّنْفُسَةَ أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا مِنْ الْأَشْيَاءِ، إنَّهُ يَحُجُّ مَاشِيًا وَيُهْدِي لِمَوْضِعِ مَا جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ حِمْلَانِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ، وَطَلَبِ مَشَقَّةِ نَفْسِهِ، فَلْيَضَعْ الْمَشَقَّةَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يَحْمِلُ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ وَلْيَهْدِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ فِي امْرَأَةٍ قَالَتْ فِي جَارِيَةِ ابْنِهَا إنْ وَطِئَهَا فَأَنَا أَحْمِلُهَا إلَى بَيْتِ اللَّهِ، فَوَطِئَهَا ابْنُهَا.
قَالَ: تَحُجُّ وَتَحُجُّ بِهَا وَتَذْبَحُ ذَبْحًا لِأَنَّهَا لَا تَسْتَطِيعُ حَمْلَهَا.
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ خِلَافَ قَوْلِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: إذَا قَالَ أَنَا أُهْدِي فُلَانًا عَلَى أَشْفَارِ عَيْنِي.
قَالَ: يُحِجُّهُ وَيُهْدِي بَدَنَةً.

.الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْت مَنْ قَالَ: عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ، إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي، أَوْ إلَّا أَنْ أَرَى خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ مَا عَلَيْهِ؟
قَالَ: عَلَيْهِ الْمَشْيُ، وَلَيْسَ اسْتِثْنَاؤُهُ هَذَا بِشَيْءٍ، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لَا اسْتِثْنَاءَ فِي الْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْت إنْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ إنْ شَاءَ فُلَانٌ؟
قَالَ: هَذَا لَا يَكُونُ عَلَيْهِ الْمَشْيُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلَانٌ.
وَلَيْسَ هَذَا بِاسْتِثْنَاءٍ، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ الطَّلَاقِ، أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ امْرَأَتِي طَالِقٌ إنْ شَاءَ فُلَانٌ، أَوْ غُلَامِي حُرٌّ إنْ شَاءَ فُلَانٌ، فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ شَيْءٌ حَتَّى يَشَاءَ فُلَانٌ، وَلَا اسْتِثْنَاءَ فِي طَلَاقٍ وَلَا فِي عَتَاقٍ وَلَا فِي مَشْيٍ وَلَا صَدَقَةٍ فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِالْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ وَيَنْوِي مَسْجِدًا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ، وَنَوَى مَسْجِدًا مَنْ الْمَسَاجِدِ، أَتَكُونُ لَهُ نِيَّتُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ، وَلَيْسَتْ لَهُ نِيَّةٌ مَا عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: عَلَيْهِ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ وَلَمْ يَقُلْ إلَى بَيْتِ اللَّهِ قَالَ: إنْ كَانَ نَوَى مَكَّةَ مَشَى، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ، وَنَوَى مَسْجِدًا مَنْ الْمَسَاجِدِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ يَزِيدَ وَقَالَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي الَّذِي يَحْلِفُ بِالْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ وَيَنْوِي مَسْجِدًا مِنْ الْمَسَاجِدِ أَنَّ لَهُ نِيَّتَهُ.
وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ مِثْلَ قَوْلِ رَبِيعَةَ وَقَالَ اللَّيْثُ مِثْلَهُ.

.فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِالْمَشْيِ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَوْ الْمَدِينَةِ أَوْ عَسْقَلَانَ:

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَسْجِدِ الرَّسُولِ أَوْ مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ: فَلْيَأْتِهِمَا رَاكِبًا، وَلَا مَشْيَ عَلَيْهِ: وَمَنْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ فَهَذَا الَّذِي يَمْشِي.
قَالَ: وَمَنْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى غَيْرِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مَسَاجِدَ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهُ مِثْلُ قَوْلِهِ: عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَسْجِدِ الْبَصْرَةِ أَوْ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ فَأُصَلِّي فِيهَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ.
قَالَ: فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهُمَا وَلْيُصَلِّ فِي مَوْضِعِهِ حَيْثُ هُوَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: فِيمَنْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ مَسْجِدَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ رَاكِبًا فَلْيُصَلِّ فِيهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمَنْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَوْ إلَى الْمَدِينَةِ فَلَا يَأْتِيهِمَا أَصْلًا إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدَيْهِمَا فَيَأْتِيَهُمَا رَاكِبًا.
وَمَنْ قَالَ مَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَوْ مَنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَمِنْ أَهْلِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ بِعَسْقَلَانَ أَوْ الْإِسْكَنْدَرِيَّة شَهْرًا.
فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ عَسْقَلَانَ أَوْ الْإِسْكَنْدَرِيَّة فَيَصُومَ بِهَا شَهْرًا كَمَا نَذَرَ.
قَالَ: وَكُلُّ مَوْضِعٍ يُتَقَرَّبُ فِيهِ إلَى اللَّهِ بِالصِّيَامِ فَإِنِّي أَرَى أَنْ يَأْتِيَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَوْ مَكَّةَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يُرَابِطَ فَذَلِكَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ.
قَالَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ آتِيَ الْمَدِينَةَ أَوْ بَيْتَ الْمَقْدِسِ.
أَوْ الْمَشْيُ إلَى الْمَدِينَةِ أَوْ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ.
فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى بِقَوْلِهِ ذَلِكَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَوْ مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ.
فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ نِيَّتَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الذَّهَابُ إلَى الْمَدِينَةِ أَوْ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ رَاكِبًا، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَمْشِيَ وَإِنْ كَانَ حَلَفَ بِالْمَشْيِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَوْ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ الذَّهَابُ إلَيْهِمَا وَأَنْ يُصَلِّيَ فِيهِمَا.
قَالَ: وَإِذَا قَالَ: عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَمَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَهَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ: عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى الْمَدِينَةِ، أَوْ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، هَذَا إذَا قَالَ: عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الذَّهَابُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الصَّلَاةَ فِيهِ.
وَإِذَا قَالَ: عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَوْ إلَى مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَجَبَ عَلَيْهِ الذَّهَابُ رَاكِبًا وَالصَّلَاةُ فِيهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الصَّلَاةَ وَهُوَ إذَا قَالَ: عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى هَذَيْنِ الْمَسْجِدَيْنِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ فِي هَذَيْنِ الْمَسْجِدَيْنِ.

.(الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِالْمَشْيِ إلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَة):

الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِالْمَشْيِ إلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَة أَوْ مِنًى أَوْ عَرَفَةَ أَوْ شَيْءٍ مِنْ الْحَرَمِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؟
قَالَ: لَا أَحْفَظُ عَنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مِنًى أَوْ إلَى عَرَفَاتٍ، أَوْ إلَى ذِي طُوًى؟
قَالَ: إنْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى ذِي طُوًى وَإِلَى مِنًى أَوْ إلَى عَرَفَاتٍ أَوْ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَوَاضِعِ مَكَّةَ رَأَيْتُ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ شَيْءٌ.
قُلْتُ: أَرَأَيْت الرَّجُلُ يَقُولُ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ، أَوْ إلَى الْكَعْبَةِ أَوْ إلَى الْحَرَمِ أَوْ إلَى الصَّفَا أَوْ إلَى الْمَرْوَةِ أَوْ إلَى الْحَطِيمِ أَوْ إلَى الْحِجْرِ أَوْ إلَى الْمَسْجِدِ أَوْ إلَى قُعَيْقِعَان أَوْ إلَى جِبَالِ الْحَرَمِ أَوْ إلَى بَعْضِ مَوَاضِعِ مَكَّةَ، فَحَنِثَ أَيَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا أَدْرِي مَا هَذَا كُلَّهُ، إنَّمَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ يَقُولُ: مَنْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ أَوْ الْمَشْيُ إلَى الْكَعْبَةِ، إنَّ هَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ.
وَأَنَا أَرَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِالْمَشْيِ إلَى غَيْرِ مَكَّةَ أَوْ الْكَعْبَةِ أَوْ الْمَسْجِدِ أَوْ الْبَيْتِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ مِثْلُ قَوْلِهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى الصَّفَا أَوْ إلَى الْمَرْوَةِ أَوْ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ جِبَالِ مَكَّةَ أَوْ إلَى الْحَرَمِ وَنَحْوِ هَذَا أَوْ إلَى مِنًى أَوْ إلَى الْمُزْدَلِفَةِ أَوْ إلَى عَرَفَاتٍ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى الْحَرَمِ؟
قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا، وَلَا أَرَى فِيهِ عَلَيْهِ شَيْئًا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا يَكُونُ الْمَشْيُ إلَّا عَلَى مَنْ قَالَ: مَكَّةَ أَوْ بَيْتِ اللَّهِ أَوْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ الْكَعْبَةِ فَمَا عَدَا أَنْ يَقُولَ: الْكَعْبَةِ أَوْ الْبَيْتِ أَوْ الْمَسْجِدِ أَوْ مَكَّةَ أَوْ الْحِجْرِ أَوْ الرُّكْنِ أَوْ الْحِجْرِ، فَذَلِكَ كُلُّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
فَإِنْ سَمَّى بَعْضَ مَا سَمَّيْتُ لَك مِنْ هَذَا، لَزِمَهُ الْمَشْيُ.

.(فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ إنْ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا فَعَلَيَّ أَنْ أَسِيرَ إلَى مَكَّةَ):

فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ إنْ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا فَعَلَيَّ أَنْ أَسِيرَ أَوْ أَذْهَبَ أَوْ أَنْطَلِقَ إلَى مَكَّةَ:
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: إنْ كَلَّمْتُك فَعَلَيَّ أَنْ أَسِيرَ إلَى مَكَّةَ، أَوْ قَالَ عَلَيَّ الذَّهَابُ إلَى مَكَّةَ أَوْ عَلَيَّ الِانْطِلَاقُ إلَى مَكَّةَ أَوْ عَلَيَّ أَنْ آتِيَ مَكَّةَ أَوْ عَلَيَّ الرُّكُوبُ إلَى مَكَّةَ؟
قَالَ: أَرَى أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنْ يَأْتِيَهَا حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا فَيَأْتِيَهَا رَاكِبًا إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى أَنْ يَأْتِيَهَا مَاشِيًا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَصْلًا.
قَالَ: وَقَدْ كَانَ ابْنُ شِهَابٍ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ بِغَيْرِ حَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ وَيَذْكُرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَهَا غَيْرَ مُحْرِمٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ عَلَيَّ الرُّكُوبُ إلَى مَكَّةَ؟
قَالَ: أَرَى ذَلِكَ عَلَيْهِ.
قَالَ سَحْنُونٌ وَقَدْ اخْتَلَفَ فِي هَذَا الْقَوْلِ وَكَانَ أَشْهَبُ يَرَى عَلَيْهِ فِي هَذَا كُلِّهِ إتْيَانَ مَكَّةَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ فِي الَّذِي قَالَ عَلَيَّ الرُّكُوبُ إلَى مَكَّةَ خِلَافَ هَذَا.
إنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ ذَلِكَ.

.فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ أَنَا أُهْدِيك إلَى بَيْتِ اللَّهِ:

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ أَنَا أُهْدِيك إلَى بَيْتِ اللَّهِ إنْ فَعَلْت كَذَا وَكَذَا فَحَنِثَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُهْدِيَ عَنْهُ هَدْيًا.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ قَالَ لِرَجُلٍ: أَنَا أُهْدِيك إلَى بَيْتِ اللَّهِ إنْ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا فَحَنِثَ فَإِنَّهُ يُهْدِي عَنْهُ هَدْيًا وَلَمْ يَجْعَلْهُ مَالِكٌ مِثْلَ يَمِينِهِ إذَا حَلَفَ بِالْهَدْيِ فِي مَالِ غَيْرِهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَأَخْبَرَنِي بَعْضُ مَنْ أَثِقُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ فِيهَا مِثْلَ قَوْلِ مَالِكٍ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ فِي رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلٍ: أَنَا أُهْدِيك إلَى بَيْتِ اللَّهِ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: يُهْدِي.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ يُهْدِي شَاةً.

.فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِهَدْيِ مَالِ غَيْرِهِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْت الرَّجُلَ يَحْلِفُ بِمَالِ غَيْرِهِ فَيَقُولُ: دَارُ فُلَانٍ هَذِهِ هَدْيٌ أَوْ عَبْدُ فُلَانٍ هَدْيٌ أَوْ يَحْلِفُ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ مَنْ الْأَشْيَاءِ أَنَّهُ هَدْيٌ فَيَحْنَثُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ أَوْ لِأَمَتِهِ أَوْ دَارِهِ أَنْتَ هَدْيٌ ثُمَّ حَنِثَ أَنَّهُ يَشْتَرِي بِثَمَنِهِ هَدْيًا ثُمَّ يُهْدِيه وَلَا يَرَاهُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ بَيْعَهُ وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَقُولَ فِيهِ ذَلِكَ الْقَوْلَ.
قَالَ: ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ بِشْرِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: «سُرِقَتْ إبِلٌ لِلنَّبِيِّ: وَطُرِدَتْ وَفِيهَا امْرَأَةٌ، فَنَجَتْ عَلَى نَاقَةٍ مِنْهَا حَتَّى أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي جَعَلْتُ عَلَى نَفْسِي نَذْرًا؛ إنْ اللَّهُ أَنْجَانِي، عَلَى نَاقَةٍ مِنْهَا حَتَّى آتِيَك أَنْ أَنْحَرَهَا. قَالَ: بِئْسَ مَا جَزَيْتِهَا لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ».
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةٍ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ».

.فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِالْهَدْيِ أَوْ يَقُولُ عَلَيَّ بَدَنَةٌ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ عَلَيَّ الْهَدْيُ إنْ فَعَلْت كَذَا وَكَذَا فَحَنِثَ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِ الْهَدْيُ.
قُلْتُ: أَمِنَ الْإِبِلِ أَمْ مِنْ الْبَقَرِ أَمْ مِنْ الْغَنَمِ؟
قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: إنْ نَوَى شَيْئًا فَهُوَ مَا نَوَى وَإِلَّا فَبَدَنَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ بَدَنَةً فَبَقَرَةٌ.
فَإِنْ لَمْ يَجِدْ وَقَصُرَتْ نَفَقَتُهُ فَأَرْجُو أَنْ يُجْزِئَهُ شَاةٌ.
قُلْتُ: لِمَ أَوَلَيْسَ الشَّاةُ بِهَدْيٍ؟
قَالَ: كَانَ مَالِكٌ يَزْحَفُ بِالشَّاةِ كَرْهًا.
قَالَ مَالِكٌ: وَالْبَقَرُ أَقْرَبُ شَيْءٍ إلَى الْإِبِلِ.
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ حُلَاسِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ أَوْ كَبْشٌ.
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَا أَقَلَّ مِنْ شَاةٍ.
قَالَ: وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ مِنْ الْهَدْيِ قُلْتُ: أَرَأَيْت إنْ حَلَفَ فَقَالَ عَلَيَّ بَدَنَةٌ فَحَنِثَ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْبُدْنُ مِنْ الْإِبِلِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبَقَرَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَسَبْعٌ مِنْ الْغَنَمِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ بَدَنَةً فَعَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ بَعِيرًا فَيَنْحَرَهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ بَعِيرًا فَبَقَرَةً فَإِنْ لَمْ يَجِدْ بَقَرَةً فَسَبْعًا مِنْ الْغَنَمِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ يَجِدُ الْإِبِلَ فَاشْتَرَى بَقَرَةً فَنَحَرَهَا وَقَدْ كَانَتْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ أَيُجْزِئُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ لَنَا مَالِكٌ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْإِبِلَ اشْتَرَى الْبَقَرَ.
قَالَ مَالِكٌ: وَالْبَقَرُ أَقْرَبُ شَيْءٍ إلَى الْإِبِلِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنَّمَا ذَلِكَ عِنْدِي إنْ لَمْ يَجِدْ بَدَنَةً أَيْ إذَا قَصُرَتْ النَّفَقَةُ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ نَفَقَتُهُ بَدَنَةً وَسِعَ لَهُ أَنْ يُهْدِيَ مِنْ الْبَقَرِ، فَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ نَفَقَتُهُ الْبَقَرَ اشْتَرَى الْغَنَمَ.
قَالَ: وَلَا يُجْزِئُهُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يَشْتَرِيَ الْبَقَرَ إذَا كَانَتْ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ، إلَّا أَنْ لَا تَبْلُغَ نَفَقَتُهُ بَدَنَةً لِأَنَّهُ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَهُوَ إذَا بَلَغَتْ نَفَقَتُهُ فَهُوَ يَجِدُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ وَقَطِيعٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ.
مِنْهُمْ أَيْضًا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: وَقَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ بَدَنَةً فَبَقَرَةً.
قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْغَنَمَ أَيُجْزِئُهُ الصِّيَامُ قَالَ: لَا أَعْرِفُ الصِّيَامَ فِيمَا نَذَرَ عَلَى نَفْسِهِ إلَّا أَنْ يَجِبَ أَنْ يَصُومَ فَإِنْ أَيْسَرَ يَوْمًا مَا كَانَ عَلَيْهِ مَا نَذَرَ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنْ أَحَبَّ الصِّيَامَ فَعَشْرَةُ أَيَّامٍ قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْت مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَنْذِرُ عِتْقَ رَقَبَةٍ إنْ فَعَلَ اللَّهُ بِهِ كَذَا وَكَذَا، فَأَرَادَ أَنْ يَصُومَ إنْ لَمْ يَجِدْ رَقَبَةً قَالَ لِي مَالِكٌ: مَا الصِّيَامُ عِنْدِي بِمُجْزِئٍ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يَصُومَ فَإِنْ أَيْسَرَ يَوْمًا مَا أَعْتَقَ فَهَذَا عِنْدِي مِثْلُهُ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: لَيْسَتْ الْبُدْنُ إلَّا مِنْ الْإِبِلِ.
وَقَالَ طَاوُسٌ وَالشَّعْبِيُّ وَعَطَاءٌ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَدَنَةُ تَعْدِلُ سَبْعًا مِنْ الْغَنَمِ.

.فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِالْهَدْيِ أَوْ يَنْحَرُ بَدَنَةً أَوْ جَزُورًا:

قُلْتُ: أَرَأَيْت مَنْ قَالَ عَلَيَّ أَنْ أَنْحَرَ بَدَنَةً أَيْنَ يَنْحَرُهَا؟
قَالَ: بِمَكَّةَ.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ هَدْيٌ؟
قَالَ: يَنْحَرُهُ أَيْضًا بِمَكَّةَ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ قُلْتُ: فَإِنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَنْحَرَ جَزُورًا أَيْنَ يَنْحَرُهَا؟ أَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ جَزُورٌ أَيْنَ يَنْحَرُهَا؟
قَالَ: يَنْحَرُهَا فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ نَوَى مَوْضِعًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَهَا إلَيْهِ وَلْيَنْحَرْهَا بِمَوْضِعِهِ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: كَانَتْ الْجَزُورُ بِعَيْنِهَا أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهَا فَذَلِكَ سَوَاءٌ.
قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ: وَإِنْ نَذَرَهَا لِمَسَاكِينِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ أَوْ أَهْلِ مِصْرَ فَلْيَنْحَرْهَا بِمَوْضِعِهِ وَلْيَتَصَدَّقْ بِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ مِنْ عِنْدِهِ إذَا كَانَتْ بِعَيْنِهَا أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهَا أَوْ نَذَرَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْ مَوْضِعِهِ فَيَسُوقَهَا إلَى مِصْرَ قَالَ: وَسَوْقُ الْبُدْنِ إلَى غَيْرِ مَكَّةَ مِنْ الضَّلَالِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ نَذَرَ بَدَنَةً فَلْيُقَلِّدْهَا وَلْيُشْعِرْهَا وَلَا مَحَلَّ لَهُ دُونَ مَكَّةَ.
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رَجُلٍ جَعَلَ عَلَيْهِ بَدَنَةً قَالَ: لَا أَعْلَمُ مُهْرَاقَ الدِّمَاءِ إلَّا بِمَكَّةَ أَوْ مِنًى قَالَ: وَقَالَ الْحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ وَعَطَاءٌ مَكَّةَ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: الْبُدْنُ مِنْ الْإِبِلِ وَمَحِلُّهَا إلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ.

.(فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِهَدْيِ الشَّيْءِ مِنْ مَالِهِ بِعَيْنِهِ):

فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِهَدْيِ الشَّيْءِ مِنْ مَالِهِ بِعَيْنِهِ وَهُوَ مِمَّا يُهْدَى أَوْ لَا يُهْدَى.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ حَلَفَ فَقَالَ: دَارِي هَذِهِ هَدْيٌ أَوْ بَعِيرِي هَذَا أَوْ دَابَّتِي هَذِهِ هَدْيٌ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ مِمَّا يُهْدَى أَهْدَاهُ بِعَيْنِهِ إنْ كَانَ يَبْلُغُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُهْدَى بَاعَهُ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ هَدْيًا.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ قَالَ: لِإِبِلٍ لَهُ هِيَ هَدْيٌ إنْ فَعَلْت كَذَا وَكَذَا فَحَنِثَ أَهْدَاهَا كُلَّهَا وَإِنْ كَانَتْ مَالَهُ كُلَّهُ.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ قَالَ لِشَيْءٍ مِمَّا يَمْلِكُ مِنْ عَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ فَرَسٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ عَرَضٍ مِنْ الْعُرُوضِ هُوَ يُهْدِيه فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ وَيَشْتَرِي بِثَمَنِهِ هَدْيًا فَيُهْدِيهِ وَإِنْ قَالَ لِمَا لَا يَمْلِكُ مِنْ عَبْدِ غَيْرِهِ أَوْ مَالِ غَيْرِهِ أَوْ دَارِ غَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ فِيهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِثْلَ قَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءً قُلْتُ: أَرَأَيْت مَنْ قَالَ: عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ هَذَا الثَّوْبَ.
أَيُّ شَيْءٍ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: يَبِيعُهُ وَيَشْتَرِي بِثَمَنِهِ هَدْيًا يُهْدِيهِ.
قُلْتُ لَهُ: فَمَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذَا الثَّوْبِ إذَا كَانَ لَا يَبْلُغُ أَنْ يَكُونَ فِي ثَمَنِهِ هَدْيٌ؟
قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ أَنَّهُ قَالَ: يَبْعَثُ بِثَمَنِهِ فَيُدْفَعُ إلَى خُزَّانِ مَكَّةَ يَلْفِقُونَهُ عَلَى الْكَعْبَةِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ وَيَتَصَدَّقَ بِهِ حَيْثُ شَاءَ.
أَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَكْسُو بِجَلَالِ بَدَنِهِ الْكَعْبَةَ فَلَمَّا كُسِيَتْ الْكَعْبَةُ هَذِهِ الْكِسْوَةَ تَصَدَّقَ بِهَا.
قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَبِيعُوهُ وَبَعَثُوا بِالثَّوْبِ بِعَيْنِهِ؟
قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ لَهُمْ وَيُبَاعُ هُنَاكَ، وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ هَدْيٌ قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّ مَالِكًا قَالَ: يُبَاعُ الثَّوْبُ وَالْحِمَارُ وَالْعَبْدُ وَالْفَرَسُ وَكُلُّ مَا جُعِلَ مِنْ الْعُرُوضِ هَكَذَا؟
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا قَالَ: ثَوْبِي هَذَا هَدْيٌ فَبَاعَهُ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ هَدْيًا وَبَعَثَهُ فَفَضَلَ مَنْ ثَمَنِهِ شَيْءٌ بَعَثَ بِالْفَضْلِ إلَى خُزَّانِ مَكَّةَ إذَا لَمْ يَبْلُغْ الْفَضْلُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ هَدْيٌ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ قُلْتُ: أَرَأَيْت مَا بَعَثَ بِهِ إلَى الْبَيْتِ مِنْ الْهَدَايَا مَنْ الثِّيَابِ وَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْعُرُوضِ أَيُدْفَعُ إلَى الْحَجَبَةِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ قَالَ لِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ هُوَ هَدْيٌ قَالَ: يَبِيعُهُ وَيَشْتَرِي بِثَمَنِهِ هَدْيًا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ لَا يَكُونُ فِي مِثْلِهِ هَدْيٌ وَلَا شَاةٌ رَأَيْت أَنْ يُدْفَعَ إلَى خُزَّانِ الْكَعْبَةِ يَجْعَلُونَهُ فِيمَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الْكَعْبَةُ.
قَالَ وَلَقَدْ سَمِعْت مَالِكًا وَذَكَرُوا لَهُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا أَنْ يُشْرِكُوا مَعَ الْحَجَبَةِ فِي الْخِزَانَةِ فَأَعْظَمَ ذَلِكَ قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي دَفَعَ الْمَفَاتِيحَ إلَى عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، فَكَأَنَّهُ رَأَى هَذِهِ وِلَايَةً مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْظَمَ أَنْ يُشْرَكَ مَعَهُمْ قُلْتُ: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا وَكَذَا فَعَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ دُورِي أَوْ رَقِيقِي أَوْ دَوَابِّي أَوْ غَنَمِي أَوْ أَرْضِي أَوْ بَقَرِي أَوْ إبِلِي أَوْ دَرَاهِمِي أَوْ دَنَانِيرِي أَوْ ثِيَابِي أَوْ عُرُوضِي لِعُرُوضٍ عِنْدَهُ أَوْ قَمْحِي أَوْ شَعِيرِي.
فَحَنِثَ كَيْفَ يَصْنَعُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ وَهَلْ هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ كُلُّهُ سَوَاءٌ إذَا حَلَفَ أَمْ لَا؟
قَالَ: هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ كُلُّهُ سَوَاءٌ إذَا حَلَفَ فَحَنِثَ أَخْرَجَ ثَمَنَ ذَلِكَ كُلَّهُ فَبَعَثَ بِهِ فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ هَدْيًا إلَّا الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ فَإِنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الثَّمَنِ بِيعَتْ بِذَلِكَ فَيُشْتَرَى بِهِ بُدْنٌ كَمَا وَصَفْت لَك وَالْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ إنْ كَانَتْ مِنْ مَوْضِعٍ تَبْلُغُ، وَإِلَّا فَهِيَ عِنْدِي تُبَاعُ قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سَلَّامِ بْنِ مِسْكِينٍ قَالَ: سَأَلْت جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ عَنْ امْرَأَةٍ عَمْيَاءَ كَانَتْ تَعُولُهَا امْرَأَةٌ تُحْسِنُ إلَيْهَا فَآذَتْهَا بِلِسَانِهَا فَجَعَلَتْ عَلَى نَفْسِهَا هَدْيًا وَنَذْرًا أَنْ لَا تَنْفَعَهَا بِخَيْرٍ مَا عَاشَتْ فَنَدِمَتْ الْمَرْأَةُ فَقَالَ: مُرْهَا فَلْتُهْدِ مَكَانَ الْهَدْيِ بَقَرَةً وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُعْسِرَةً فَلْتُهْدِ ثَمَنَ شَاةٍ وَمُرْهَا فَلْتَصُمْ مَكَانَ النَّذْرِ.
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ فِي رَجُلٍ نَذَرَ أَنْ يُهْدِيَ دَارِهِ قَالَ: يُهْدِي بِثَمَنِهَا بُدْنًا، وَقَالَ عَطَاءٌ يَشْتَرِي بِهِ ذَبَائِحَ فَيَذْبَحُهَا بِمَكَّةَ فَيَتَصَدَّقُ بِهَا.
وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ يُهْدِي بُدْنًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، وَقَالَ ابْنُ الْعَبَّاسِ فِي امْرَأَةٍ جَعَلَتْ دَارَهَا هَدْيًا تُهْدِي ثَمَنَهَا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ ابْنِ هُبَيْرَةَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ أَوْ لِأَمَتِهِ أَوْ دَارِهِ: أَنْتَ هَدْيٌ.
ثُمَّ حَنِثَ أَنَّهُ يَشْتَرِي بِثَمَنِهِ هَدْيًا ثُمَّ يُهْدِيهِ وَلَا يَرَاهُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ فِيمَا يَمْلِكُ بَيْعَهُ وَلَا يَصِحُّ فِيهِ ذَلِكَ الْقَوْلُ قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: أَنَا أُهْدِي هَذِهِ الشَّاةَ إنْ فَعَلْت كَذَا وَكَذَا فَحَنِثَ أَيَكُونُ عَلَيْهِ أَنْ يُهْدِيَهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، عَلَيْهِ أَنْ يُهْدِيَهَا عِنْدَ مَالِكٍ، إذَا حَنِثَ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِمَوْضِعٍ بَعِيدٍ فَيَبِيعَهَا وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا بِمَكَّةَ شَاةً يُخْرِجُهَا إلَى الْحِلِّ ثُمَّ يَسُوقُهَا إلَى الْحَرَمِ عِنْدَ مَالِكٍ إذَا حَنِثَ.
قُلْتُ: فَإِنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ بَعِيرِي هَذَا وَهُوَ بِإِفْرِيقِيَّةَ أَيَبِيعُهُ وَيَبْعَثُ بِثَمَنِهِ يَشْتَرِي بِهِ هَدْيًا مَنْ الْمَدِينَةِ أَوْ مِنْ مَكَّةَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْإِبِلُ يَبْعَثُ بِهَا إذَا جَعَلَهَا الرَّجُلُ هَدْيًا يُقَلِّدُهَا وَيُشْعِرُهَا وَلَمْ يَقُلْ لَنَا مِنْ بَلَدٍ مِنْ الْبُلْدَانِ بَعُدَ وَلَا قَرُبَ وَلَكِنَّهُ إذَا قَالَ بَعِيرِي أَوْ إبِلِي هَدْيٌ أَشْعَرَهَا وَقَلَّدَهَا وَبَعَثَ بِهَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَأَنَا أَرَى ذَلِكَ لَهُ لَازِمًا مِنْ كُلِّ بَلَدٍ إلَّا مِنْ بَلَدٍ يَخَافُ بُعْدَهُ وَطُولَ السَّفَرِ وَالتَّلَفَ فِي ذَلِكَ، فَإِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا رَجَوْت أَنْ يُجْزِئَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَبْعَثَ بِأَثْمَانِهَا فَيُشْتَرَى لَهُ بِهَا هَدْيٌ مِنْ الْمَدِينَةِ أَوْ مِنْ مَكَّةَ أَوْ مِنْ حَيْثُ أَحَبَّ قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى إبِلٍ بِأَعْيَانِهَا، وَلَكِنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ بَدَنَةً إنْ فَعَلْت كَذَا وَكَذَا.
فَحَنِثَ؟
قَالَ: يُجْزِئُهُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يَبْعَثَ بِالثَّمَنِ فَيَشْتَرِيَ لَهُ الْبَدَنَةَ مِنْ الْمَدِينَةِ أَوْ مِنْ مَكَّةَ فَتُوقَفُ بِعَرَفَةَ ثُمَّ يَنْحَرُهَا بِمِنًى وَإِنْ لَمْ تُوقَفْ بِعَرَفَةَ أُخْرِجَتْ إلَى الْحِلِّ إنْ كَانَتْ اُشْتُرِيَتْ بِمَكَّةَ وَنُحِرَتْ بِمَكَّةَ إذَا أَرَدْت مِنْ الْحِلِّ إلَى الْحَرَمِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ دَيْنٌ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَمْلِكُ ثَمَنَهَا قُلْتُ: فَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ بَقَرِي هَذِهِ فَحَنِثَ وَهُوَ بِمِصْرَ أَوْ بِإِفْرِيقِيَةَ مَا عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: الْبَقَرُ لَا تَبْلُغُ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ بَقَرَهُ هَذِهِ وَيَبْعَثَ بِالثَّمَنِ فَيُشْتَرَى بِثَمَنِهَا هَدْيٌ مِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ وَيُجْزِئُهُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ مِنْ الْمَدِينَةِ أَوْ مِنْ مَكَّةَ أَوْ مِنْ حَيْثُ أَحَبَّ مِنْ الْبُلْدَانِ إذَا كَانَ الْهَدْيُ الَّذِي يَشْتَرِي يَبْلُغُ مِنْ حَيْثُ اشْتَرَى قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ بَقَرِي هَذِهِ.
وَهُوَ بِإِفْرِيقِيَّةَ فَبَاعَهَا وَبَعَثَ بِثَمَنِهَا أَيُجْزِئُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا بَعِيرًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، يُجْزِئُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا إبِلًا فَيُهْدِيَهَا، قَالَ لِأَنِّي لَمَّا أَجَزْت لَهُ الْبَيْعَ لِبُعْدِ الْبَلَدِ صَارَتْ الْبَقَرُ كَأَنَّهَا دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ، فَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ بَعِيرًا وَإِنْ قَصُرَ عَنْ الْبَعِيرِ فَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَشْتَرِيَ بَقَرَةً.
قَالَ: وَلَا أُحِبُّ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ غَنَمًا إلَّا أَنْ يُقَصِّرَ الثَّمَنُ عَنْ الْبَعِيرِ وَالْبَقَرَةِ.
قُلْتُ: فَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ غَنَمِي هَذِهِ أَوْ بَقَرِي هَذِهِ.
فَحَنِثَ وَذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ يَبْلُغُ الْغَنَمُ وَالْبَقَرُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَبْعَثَهَا بِأَعْيَانِهَا هَدْيًا وَلَا يَبِيعُهَا وَيَشْتَرِي فِي مَكَانِهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِهَدْيِ جَمِيعِ مَالِهِ أَوْ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ وَهُوَ جَمِيعُ مَالِهِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا قَالَ الرَّجُلُ: إنْ فَعَلْت كَذَا وَكَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ مَالِي.
فَحَنِثَ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُهْدِيَ ثُلُثَ مَالِهِ وَيُجْزِئُهُ وَلَا يُهْدِي جَمِيعَ مَالِهِ.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ جَمِيعَ مَالِي أَجْزَأَهُ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.