فصل: فِي الْوَصِيَّةِ لِرَجُلٍ بِمُكَاتَبٍ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)



.فِي اشْتِرَاءِ الْمُكَاتَبِ ابْنَهُ أَوْ أَبَوَيْهِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبَ يَشْتَرِي ابْنَهُ قَالَ: لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ سَيِّدُهُ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ جَازَ ذَلِكَ وَكَانَ هُوَ وَالْمُكَاتَبُ فِي الْكِتَابَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَا يَدْخُلُ فِي كِتَابَةِ الْأَبِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ وَكَذَلِكَ بَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ مَنْ أَرْضَاهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبَ يَشْتَرِي أَبَوَيْهِ أَيَدْخُلَانِ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ؟
قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنِّي أَرَاهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبَ إنْ اشْتَرَى وَلَدَ وَلَدِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَيَدْخُلُونَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ؟
قَالَ: نَعَمْ أَرَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا الَّذِي بَلَغَنِي فِي وَلَدِهِ.
قُلْتُ: فَإِنْ اشْتَرَى ابْنَهُ بِإِذْنٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ؟
قَالَ: لَمْ يَبْلُغْنِي عَنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْءٌ، وَلَكِنْ لَا أَرَى أَنْ يَدْخُلَ فِي كِتَابَتِهِ وَلَا أَرَى أَنْ يُفْسَخَ الْبَيْعُ إذَا كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُدْخِلَ فِي كِتَابَتِهِ أَحَدًا إلَّا بِرِضَا سَيِّدِهِ، وَلَا يُشْبِهُ هَذَا مَا وُلِدَ لَهُ فِي الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ سَيِّدَهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ وَطْءِ جَارِيَتِهِ، وَمَا حَدَثَ مِنْ وَلَدٍ فِي كِتَابَتِهِ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ مِنْهُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَبْدَ الْمُعْتَقَ إلَى سِنِينَ أَوْ الْمُدَبَّرَ إنَّمَا وَلَدُهُ مِنْ أَمَتِهِ الَّذِينَ وُلِدُوا لَهُ بَعْدَمَا عُقِدَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ بِمَنْزِلَتِهِ، وَأَمَّا مَا اشْتَرَى مِنْ وَلَدِهِ الَّذِينَ وُلِدُوا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَيْسُوا بِمَنْزِلَتِهِ إلَّا أَنَّ السَّيِّدَ إذَا مَاتَ وَلَمْ يَنْتَزِعْ مَالَهُ أَوْ مَضَتْ سِنُو الْمُعْتَقِ وَلَمْ يَنْتَزِعْ سَيِّدُهُ مَالَهُ تَبِعَهُ مَا اشْتَرَى مِنْ وَلَدِهِ وَكَانُوا أَحْرَارًا عَلَيْهِمْ إذَا عَتَقُوا، وَكَذَلِكَ وَلَدُ الْمُكَاتَبِ إذَا اشْتَرَاهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَإِنَّهُ حُرٌّ إذَا أَدَّى جَمِيعَ كِتَابَتِهِ، وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَبِيعَ مَا اشْتَرَى مِنْ وَلَدِهِ إلَّا أَنْ يَخَافَ الْعَجْزَ، فَإِنْ خَافَ الْعَجْزَ جَازَ لَهُ بَيْعُهُمْ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ وَلَدِهِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ بَيْعِهَا إلَّا أَنْ يَخَافَ الْعَجْزَ، وَأَمَّا الْمُدَبَّرُ وَالْمُعْتَقُ إلَى سِنِينَ فَلَهُمْ أَنْ يَبِيعُوا مَا اشْتَرَوْا مِنْ أَوْلَادِهِمْ إذَا أَذِنَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ سَادَاتُهُمْ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَوَلَدُ الْمُعْتَقِ وَالْمُدَبَّرِ مِنْ أَمَتَيْهِمَا بِمَنْزِلَتِهِمَا وَمَا اشْتَرَيَا مِنْ أَوْلَادِهِمَا مِمَّا لَمْ يُولَدْ فِي مِلْكِهِمَا فَقَدْ أَعْلَمْتُكَ أَنَّ السَّيِّدَ إذَا أَذِنَ فِي ذَلِكَ جَازَ بَيْعُهُمْ إيَّاهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَذِنَ السَّيِّدُ عِنْدَ تَقَارُبِ عِتْقِ الْمُعْتَقِ إلَى سِنِينَ أَوْ يَأْذَنُ فِي مَرَضِهِ لِلْمُدَبَّرِ فِي بَيْعِ مَا اشْتَرَى مِنْ وَلَدِهِ فِي مَرَضِهِ فَلَا يَجُوزُ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ لَهُمْ بِإِذْنِ سَادَاتِهِمْ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَوْ شَاءَ سَادَاتُهُمْ أَنْ يَنْتَزِعُوهُمْ انْتَزَعُوهُمْ.
قُلْتُ: فَإِنْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ أَبَوَيْهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَيَدْخُلَانِ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ؟
قَالَ: نَعَمْ، وَكُلُّ مَنْ اشْتَرَى مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَى الرَّجُلِ إذَا مَلَكَهُ، فَإِنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا اشْتَرَاهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ دَخَلَ مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ وَيَصِيرُ إذَا اشْتَرَاهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ كَأَنَّهُ كَاتَبَ عَلَيْهِ وَكَأَنَّ السَّيِّدَ كَاتَبَهُمْ جَمِيعًا كِتَابَةً وَاحِدَةً، وَهُوَ رَأْيِي وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ غَيْرِي وَاسْتَحْسَنْتُهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبَ إذَا اشْتَرَى ابْنَهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا أَيَجُوزُ شِرَاؤُهُ وَبَيْعُهُ إيَّاهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ قَالَ: لَا يَشْتَرِي وَلَدَهُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ دَخَلَ مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ وَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُكَاتَبِ دَيْنٌ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَجُزْ شِرَاؤُهُ إلَّا بِإِذْنِ أَهْلِ الدَّيْنِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَنَا أَرَى: أَنَّ كُلَّ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى الرَّجُلِ، فَإِنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا اشْتَرَى أَحَدًا مِنْهُمْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ دَخَلَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَى وَلَدَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ قَالَ: لَا يُبَاعُونَ وَلَا يَدْخُلُونَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَإِنْ احْتَاجَ إلَى بَيْعِهِمْ وَخَافَ الْعَجْزَ بَاعَهُمْ فِي كِتَابَتِهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ وَلَدَ الْوَلَدِ إذَا اشْتَرَاهُمْ الْمُكَاتَبُ بِإِذْنِ السَّيِّدِ أَيَكُونُونَ فِي كِتَابَتِهِ؟
قَالَ: نَعَمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ يَكُونُونَ فِي كِتَابَتِهِ إذَا اشْتَرَاهُمْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُمْ.
قُلْتُ: فَإِنْ اشْتَرَى وَلَدَ وَلَدِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ قَالَ: لَا أَرَى لَهُ أَنْ يَبِيعَهُمْ وَلَا يَدْخُلُونَ مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ وَيُوقَفُونَ، فَإِنْ احْتَاجَ إلَى بَيْعِهِمْ فِي الْأَدَاءِ عَنْ نَفْسِهِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَصْلُ هَذَا أَنْ تَنْظُرَ إلَى كُلِّ مَنْ إذَا اشْتَرَاهُ الرَّجُلُ الْحُرُّ مِنْ قَرَابَتِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ فَإِذَا اشْتَرَاهُمْ الْمُكَاتَبُ بِإِذْنِ السَّيِّدِ دَخَلُوا مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَإِنْ اشْتَرَاهُمْ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُمْ وَيَحْبِسَهُمْ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَتَقَ عَتَقُوا بِعِتْقِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَحْتَاجُ إلَى بَيْعِهِمْ فِي الْأَدَاءِ عَنْ نَفْسِهِ إذَا خَافَ الْعَجْزَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَبِيعَهُمْ.

.الْمُكَاتَبُ يَشْتَرِي عَمَّتَهُ أَوْ خَالَتَهُ:

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فِي الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ إذَا اشْتَرَاهُنَّ الرَّجُلُ الْحُرُّ بَاعَهُنَّ، وَكَذَلِكَ الْأَعْمَامُ، فَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبُ وَقَالَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ: يَدْخُلُ الْوَلَدُ وَالْوَالِدُ إذَا اشْتَرَاهُمْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَلَا يَدْخُلُ الْأَخُ.
قَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَغَيْرُهُ: لَا يَدْخُلُ فِي الْكِتَابَةِ إلَّا الْوَلَدُ فَقَطْ إذَا اشْتَرَاهُمْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْدِثَ الْوَلَدَ فِي الْكِتَابَةِ فَإِذَا اشْتَرَاهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَكَأَنَّهُ اسْتَحْدَثَهُ، وَلَا يَدْخُلُ الْوَالِدُ وَلَا غَيْرُهُ فِي كِتَابَتِهِ وَإِنْ اشْتَرَاهُمْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ.

.سِعَايَةُ مَنْ دَخَلَ مَعَ الْمُكَاتَبِ إذَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ دَخَلَ فِي كِتَابَةِ الْمُكَاتَبِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَعْقِدْ الْكِتَابَةَ عَلَيْهِ فَمَاتَ الَّذِي عَقَدَ الْكِتَابَةَ أَيَكُونُ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ دَخَلُوا فِي الْكِتَابَةِ أَنْ يَسْعَوْا عَلَى النُّجُومِ بِحَالِ مَا كَانَتْ أَمْ يُؤَدُّونَ الْكِتَابَةَ حَالَّةً فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: يَسْعَوْنَ فِي الْكِتَابَةِ عَلَى نُجُومِهَا.

.فِي وَلَدِ الْمُكَاتَبِ يَسْعَوْنَ مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَاتَبْتُ أَمَةً لِي فَوَلَدَتْ فِي كِتَابَتِهَا وَلَدًا أَلِي سَبِيلٌ عَلَى وَلَدِهَا فِي السِّعَايَةِ؟
قَالَ: أَمَّا مَا دَامَتْ الْأُمُّ عَلَى نُجُومِهَا فَلَا سَبِيلَ لَكَ إلَى وَلَدِهَا وَلِلْأُمِّ أَنْ تُسْعِيَهُمْ مَعَهَا، فَإِنْ أَبَوْا وَآجَرَتْهُمْ فَإِنْ كَانَ فِي إجَارَتِهِمْ مِثْلُ جَمِيعِ الْكِتَابَةِ وَالْأُمُّ قَوِيَّةٌ عَلَى السَّعْيِ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ مِنْ عَمَلِ الْأَوْلَادِ مِمَّا فِي أَيْدِيهِمْ إلَّا مَا تَقْوَى بِهِ عَلَى أَدَاءِ نُجُومِهَا وَتَسْتَعِينُ بِهِمْ عَلَى نُجُومِهَا، فَإِنْ وُلِدَ لَهَا وَلَدَانِ فِي كِتَابَتِهَا ثُمَّ مَاتَتْ سَعَى الْوَلَدَانِ فَإِنْ زَمِنَ أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ فَإِنَّ الْآخَرَ الصَّحِيحَ يَسْعَى فِي جَمِيعِ الْكِتَابَةِ وَلَا يُوضَعُ عَنْهُ لِمَوْتِ أُمِّهِ وَلَا لِزَمَانَةِ أَخِيهِ شَيْءٌ عِنْدَ مَالِكٍ.

.بَابٌ فِي سِعَايَةِ أُمِّ الْوَلَدِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مُكَاتَبًا وُلِدَ لَهُ وَلَدَانِ فِي كِتَابَتِهِ ثُمَّ كَبِرَا فَاِتَّخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُمَّ وَلَدٍ إلَّا أَنَّ أَوْلَادَ الْوَلَدَيْنِ هَلَكُوا جَمِيعًا ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ مَا حَالُ أُمِّ وَلَدِ الْأَبِ؟
قَالَ: تَسْعَى عِنْدَ مَالِكٍ مَعَ الْوَلَدَيْنِ، فَإِذَا أَدَّوْا عَتَقَتْ مَعَهُمْ.
قُلْتُ: فَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَتَرَكَ أُمَّ وَلَدِهِ قَطُّ وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا وَقَدْ هَلَكَ وَالِدُهُ قَبْلَ ذَلِكَ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَأَرَاهَا أَمَةً تُعْتَقُ فِي ثَمَنِهَا هَذَا الْبَاقِي الْآخَرُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا السَّيِّدُ بِشَيْءٍ.
قال سَحْنُونٌ: لِأَنَّ حُرْمَتَهَا لِسَيِّدِهَا وَلِوَلَدِهِ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا فَإِذَا ذَهَبَ الَّذِي بِهِ ثَبَتَتْ حُرْمَتُهَا قَبْلَ أَنْ تَتِمَّ لَهُ حُرْمَةٌ صَارَتْ أَمَةً يُسْتَعَانُ بِهَا فِي الْكِتَابَةِ.

.فِي الْمُكَاتَبِ يُولَدُ لَهُ وَلَدٌ مِنْ أَمَتِهِ فَيُعْتِقُهُ سَيِّدُهُ هُوَ بِعَيْنِهِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبَ إذَا وُلِدَ لَهُ مِنْ أَمَتِهِ بَعْدَ الْكِتَابَةِ ثُمَّ أَعْتَقَ السَّيِّدُ الْأَبَ.
قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ عِتْقُهُ إنْ كَانَ قَوِيًّا عَلَى السَّعْيِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَقْوَى عَلَى السَّعْيِ جَازَ عِتْقُهُ، فَإِنْ كَانَ لِلْأَبِ مَا يُؤَدِّي عَنْهُمْ أُخِذَ مِنْ مَالِهِ وَعَتَقُوا.
وَقَالَ غَيْرُهُ: إذَا رَضِيَ الْعَبْدُ بِالْعِتْقِ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ يُعْتَقُ فِيهِ الْوَلَدُ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَرَادَ تَعْجِيلَ النُّجُومِ قَبْلَ وَقْتِهَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ الْمَالِ مَا يُعْتَقُونَ بِهِ وَفِيهِ مَا يُؤَدِّي عَنْهُمْ إلَى أَنْ يَبْلُغُوا السَّعْيَ أُخِذَ ذَلِكَ وَأَدَّى عَنْهُمْ إلَى أَنْ يَبْلُغُوا السَّعْيَ وَيَسْعَوْنَ، فَإِنْ أَدَّوْا عَتَقُوا وَإِنْ عَجَزُوا رُقُّوا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ الْمَالِ مَا يُؤَدِّي عَنْهُمْ إلَى أَنْ يَبْلُغُوا السَّعْيَ فَيَسْعَوْنَ جَازَ عِتْقُ أَبِيهِمْ وَرَجَعُوا رَقِيقًا لِسَيِّدِهِمْ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ الْمَالِ مَا يُؤَدِّي عَنْهُمْ إلَى أَنْ يَبْلُغُوا السَّعْيَ أَيُؤَدِّي حَالَّا أَمْ عَلَى النُّجُومِ؟
قَالَ: لَا، بَلْ عَلَى نُجُومِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ مَاتُوا قَبْلَ أَنْ يَبْلُغُوا السَّعْيَ كَانَ الْمَالُ لِأَبِيهِمْ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانُوا أَقْوِيَاءَ عَلَى السَّعْيِ يَوْمَ أُعْتِقَ أَبُوهُمْ وَلَهُ مَالٌ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ يُولَدُ لَهُ وَلَدَانِ فِي كِتَابَتِهِ فَيُعْتِقُ السَّيِّدُ أَحَدَهُمَا: إنَّهُ إنْ كَانَ الِابْنُ الَّذِي أَعْتَقَ السَّيِّدُ مِمَّنْ يَقْوَى بِهِ الْآخَرُ عَلَى سِعَايَتِهِ كَانَ عِتْقُ السَّيِّدِ إيَّاهُ بَاطِلًا وَكَانَا جَمِيعًا عَلَى السِّعَايَةِ وَلَا يُهْضَمُ عَنْهُمَا مِنْ الْكِتَابَةِ شَيْءٌ.
قَالَ: وَإِنْ كَانَ الَّذِي أُعْتِقَ مِنْهُمَا صَغِيرًا لَا سِعَايَةَ عِنْدَهُ أَوْ كَبِيرًا فَانِيًا أَوْ بِهِ ضَرَرٌ لَا يَقْوَى عَلَى السِّعَايَةِ جَازَ عِتْقُهُ فِيهِ، وَلَا يُوضَعُ عَنْهُ مِنْ الْكِتَابَةِ شَيْءٌ عِنْدَ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ الَّذِي أَعْتَقَ السَّيِّدُ لَا سِعَايَةَ عِنْدَهُ.
قَالَ: وَلَا يَرْجِعُ هَذَا الَّذِي أَدَّى جَمِيعَ الْكِتَابَةِ عَلَى هَذَا الزَّمِنِ الَّذِي أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: إذَا كَانَ الْأَبُ لَهُ مَالٌ وَإِنْ كَانَ زَمِنًا وَأَوْلَادُهُ أَقْوِيَاءَ عَلَى السَّعْيِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَبْدَانَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ مَعُونَةٌ مِنْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ.

.فِي الرَّجُلِ يُكَاتِبُ عَبْدَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثِ.
قَالَ: يُقَالُ لَهُمْ: امْضُوا الْكِتَابَةَ، فَإِنْ أَبَوْا أَعْتَقُوا مِنْ الْعَبْدِ مَبْلَغَ ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ بَتْلًا وَذَلِكَ إذَا لَمْ يَبْلُغْ الثُّلُثُ قِيمَةَ الْعَبْدِ قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: مَا بَاعَ الْمَرِيضُ أَوْ اشْتَرَى فَهُوَ جَائِزٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَابَى، فَإِنْ حَابَى كَانَ ذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ قُلْتُ: فَإِنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ وَلَمْ يُحَابِهِ فَأَدَّى كِتَابَتَهُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ أَيُعْتَقُ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ شَيْءٌ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِ الْمَرِيضِ وَشِرَائِهِ فِي مَرَضِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ مَاذَا يَكُونُ عَلَى الْمُكَاتَبِ؟
قَالَ: مَا أَرَاهُ إلَّا مِثْلَ الْبَيْعِ إنَّهُ حُرٌّ وَلَا سَبِيلَ لِلْوَرَثَةِ عَلَيْهِ وَلَا كَلَامَ لَهُمْ فِيهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الْكِتَابَةُ فِي الْمَرَضِ بِمُحَابَاةٍ أَوْ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ مِنْ نَاحِيَةِ الْعِتْقِ وَلَيْسَ مِنْ وَجْهِ الْبَيْعِ، وَكَذَلِكَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ: إنَّهُ لَا يُكَاتَبُ؛ لِأَنَّ كِتَابَتَهُ عَلَى وَجْهِ الْعِتْقِ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ وَقَالَ غَيْرُهُ: وَالْمُكَاتَبُ فِي الْمَرَضِ يَكُونُ مَوْقُوفًا بِنُجُومِهِ، فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ جَازَتْ كِتَابَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ فِي أَنْ يُجِيزُوا لَهُ الْكِتَابَةَ أَوْ يَعْتِقُوا مِنْهُ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ بِمَا فِي يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابَةِ وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ ثُمَّ مَرِضَ السَّيِّدُ فَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ قَبَضَ جَمِيعَ الْكِتَابَةِ؟
قَالَ: إنْ كَانَ لِلسَّيِّدِ أَوْلَادٌ فَلَا يُتَّهَمُ السَّيِّدُ أَنْ يَكُونَ مَالَ بِالْكِتَابَةِ عَنْ وَلَدِهِ إلَى مُكَاتَبِهِ بِقَوْلِهِ: قَدْ قَبَضْتُ جَمِيعَ الْكِتَابَةِ، فَذَلِكَ جَائِزٌ وَهُوَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ مُصَدَّقٌ وَهُوَ حُرٌّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَكَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُهُ قُبِلَ قَوْلُهُ وَلَا يُتَّهَمُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ جَازَ عِتْقُهُ وَإِنْ كَانَ يُورَثُ كَلَالَةً وَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: إذَا اُتُّهِمَ بِالْمَيْلِ مَعَهُ وَالْمُحَابَاةِ لَهُ حَمَلَهُ الثُّلُثُ أَوْ لَمْ يَحْمِلْهُ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي إقْرَارِهِ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْوَصِيَّةَ فَيَكُونُ فِي الثُّلُثِ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُسْقِطَهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَلَمَّا لَمْ يَسْقُطْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لَمْ يَكُنْ فِي الثُّلُثِ وَلَا يَكُونُ فِي الثُّلُثِ إلَّا مَا أُرِيدَ بِهِ الثُّلُثُ، وَقَدْ قَالَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَيْضًا غَيْرَ مَرَّةٍ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ إنَّمَا كَاتَبَهُ فِي مَرَضِهِ وَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ قَدْ قَبَضَ مِنْهُ جَمِيعَ الْكِتَابَةِ؟
قَالَ: أَرَى إنْ كَانَ ثُلُثُ الْمَيِّتِ يَحْمِلُهُ عَتَقَ كَانَ لَهُ وَلَدٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ ابْتَدَأَ الْعِتْقَ فِي مَرَضِهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ، فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ يَمْضُوا كِتَابَتَهُ فَذَلِكَ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ فَلَمْ يُجِيزُوا عِتْقَ ثُلُثِهِ وَإِنْ أَبَوْا عَتَقَ ثُلُثُهُ وَكَانَ ثُلُثَاهُ رَقِيقًا لَهُمْ.
وَقَدْ قَالَ غَيْرُهُ: إنَّ الْكِتَابَةَ فِي الْمَرَضِ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهَا عَتَاقَةٌ، وَالْعَتَاقَةُ مَوْقُوفَةٌ وَالْمُكَاتَبُ مَوْقُوفٌ بِالنُّجُومِ.
قال سَحْنُونٌ: وَقَدْ أَنْبَأْتُكَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ مَا يُؤَدِّي الْمُكَاتَبُ إنَّمَا هُوَ جِنْسٌ مِنْ الْغَلَّةِ.

.فِيمَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ وَيُوصِي بِكِتَابَتِهِ لِرَجُلٍ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ فِي مَرَضِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَأَوْصَى بِكِتَابَتِهِ لِرَجُلٍ، وَالثُّلُثُ لَا يَحْمِلُ الْكِتَابَةَ وَهُوَ يَحْمِلُ الرَّقَبَةَ؟
قَالَ: أَرَى أَنَّ الرَّقَبَةَ تُقَوَّمُ، فَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ جَازَتْ كِتَابَتُهُ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ إنَّمَا كَاتَبَهُ فِي مَرَضِهِ، وَجَازَتْ وَصِيَّةُ الْمُوصَى لَهُ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي يُوصِي بِعِتْقِ عَبْدِهِ إلَى عَشْرِ سِنِينَ وَبِخِدْمَتِهِ لِآخَرَ، فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ جَازَتْ وَصِيَّةُ الْعِتْقِ وَالْخِدْمَةِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّتَيْنِ وَاحِدَةٌ دَخَلَتْ وَصِيَّةُ الْخِدْمَةِ فِي الرَّقَبَةِ قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ رَقَبَةُ الْعَبْدِ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ فَأَبَتْ الْوَرَثَةُ أَنْ يُجِيزُوا الْكِتَابَةَ؟
قَالَ: يُقَالُ لِلْوَرَثَةِ: أَعْتِقُوا مِنْ الْعَبْدِ مَبْلَغَ ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ حَيْثُمَا كَانَ.
قُلْتُ: فَإِنْ أَعْتَقُوا مِنْ الْعَبْدِ مَبْلَغَ الثُّلُثِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ حَيْثُمَا كَانَ أَتَسْقُطُ وَصِيَّةُ الْمُوصَى لَهُ بِالْكِتَابَةِ؟
قَالَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ مُبَدَّأٌ عَلَى الْوَصَايَا، وَقَدْ كَانَ فِي وَصِيَّةِ هَذَا عِتْقٌ وَوَصِيَّةٌ بِمَالٍ فَلَمَّا صَارَتْ عِتْقًا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْمَالِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا كَاتَبَ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِهِ وَوَرَثَةُ الْمَيِّتِ كِبَارٌ كُلُّهُمْ فَأَجَازُوا فِي مَرَضِ الْمَيِّتِ قَبْلَ مَوْتِهِ مَا صَنَعَ مِنْ كِتَابَةِ عَبْدِهِ ذَلِكَ، فَلَمَّا مَاتَ الْمَيِّتُ قَالَتْ الْوَرَثَةُ: لَا نُجِيزُ.
قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُمْ عِنْدَ مَالِكٍ وَكِتَابَتُهُ جَائِزَةٌ عَلَيْهِمْ.

.فِي الْوَصِيَّةِ لِرَجُلٍ بِمُكَاتَبٍ:

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِكِتَابَةِ مُكَاتَبِهِ وَقِيمَةُ مُكَاتَبِهِ نَفْسِهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ مِنْ الْكِتَابَةِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَتَرَكَ مِنْ الْمَالِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ قَالَ: إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ كَانَتْ الْكِتَابَةُ لِلْمُوصَى لَهُ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ؟
قَالَ: وَقَدْ حَمَلَ الثُّلُثُ الْوَصِيَّةَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِعِتْقِ مُكَاتَبِهِ أَوْ بِوَضْعِ كِتَابَتِهِ فَإِنَّمَا يُنْظَرُ إلَى الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ أَوْ قِيمَةِ الْكِتَابَةِ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَابْنُ نَافِعٍ: قِيمَةُ الْكِتَابَةِ، وَقَالَ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ: لَيْسَ قِيمَةَ الْكِتَابَةِ وَلَكِنْ الْكِتَابَةُ، قَالُوا كُلُّهُمْ: فَأَيُّ ذَلِكَ حَمَلَ الثُّلُثُ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْعِتْقِ، فَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِرَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ أَوْ بِمَا عَلَيْهِ فَكَمَا وَصَفْتُ لَكَ.
وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا أَوْصَى رَجُلٌ لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ كَانَ الْمُوصَى لَهُ شَرِيكًا لِلْوَرَثَةِ فِي كُلِّ مَا تَرَكَ الْمَيِّتُ مِنْ دَارٍ أَوْ عَرَضٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ وَهُوَ كَأَحَدِ الْوَرَثَةِ بِوَصِيَّتِهِ الَّتِي أَوْصَى لَهُ بِهَا، فَالْمُكَاتَبُ بِمَنْزِلَةِ مَا سِوَاهُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ يَكُونُ الْمُوصَى لَهُ شَرِيكًا فِيمَا عَلَى الْمُكَاتَبِ.

.فِي الرَّجُلِ يُوصِي بِأَنْ يُكَاتَبَ عَبْدُهُ:

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا أَوْصَى رَجُلٌ أَنْ يُكَاتَبَ عَبْدُهُ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَيُكَاتَبُ كِتَابَةُ مِثْلِهِ فِي قُوَّتِهِ وَأَدَائِهِ.
وَلَيْسَ كُلُّ الْعَبِيدِ سَوَاءً أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ عِنْدَهُ الصَّنْعَةُ وَالرِّفْقُ فِي الْعَمَلِ وَالْحِرْفَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ لَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَهُ، وَإِنَّمَا يُكَاتَبُ عَلَى قَدْرِ قُوَّتِهِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ رَقَبَتَهُ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ أَنْ يُمْضُوا مَا قَالَ فِي الْمُكَاتَبِ، أَوْ يُعْتِقُوا مَا حَمَلَ الثُّلُثُ مِنْهُ بَتْلًا.
قَالَ: وَإِنَّمَا يُقَوَّمُ فِي الثُّلُثِ رَقَبَتَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُكَاتَبٍ لِلْمَيِّتِ إنَّمَا أَوْصَى فَقَالَ: كَاتِبُوهُ.

.فِي الْوَصِيَّةِ لِلْمُكَاتَبِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وَهَبَ لَهُ سَيِّدُهُ نَجْمًا مِنْ أَوَّلِ نُجُومِهِ أَوْ مِنْ آخِرِهَا أَوْ مِنْ وَسَطِهَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُقَوَّمُ ذَلِكَ النَّجْمُ، فَيُنْظَرُ كَمْ قِيمَتُهُ مِنْ جَمِيعِ الْكِتَابَةِ ثُمَّ يُعْتَقُ مِنْ الْعَبْدِ بِقَدْرِ ذَلِكَ النَّجْمِ وَيَسْقُطُ ذَلِكَ النَّجْمُ بِعَيْنِهِ إنْ وَسِعَهُ الثُّلُثُ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ، فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ يَضَعُوا ذَلِكَ النَّجْمَ بِعَيْنِهِ عَنْ الْمُكَاتَبِ وَيُعْتِقُوا قَدْرَهُ مِنْ الْمُكَاتَبِ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْ الْمُكَاتَبِ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَوُضِعَ عَنْهُ مِنْ الْكِتَابَةِ كُلِّهَا مَا حَمَلَ الثُّلُثُ وَيُوضَعُ عَنْهُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ قَدْرُ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ مَا وُضِعَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ النَّجْمِ بِعَيْنِهِ إنْ لَمْ يَسَعْهُ الثُّلُثُ إذَا لَمْ يُجِيزُوا؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ لَمَّا لَمْ يُجِيزُوا الْوَصِيَّةَ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فِي ذَلِكَ النَّجْمِ بِعَيْنِهِ وَعَادَتْ الْوَصِيَّةُ إلَى الثُّلُثِ، فَلَمَّا عَادَتْ إلَى الثُّلُثِ عَتَقَ مِنْ رَقَبَةِ الْعَبْدِ مَبْلَغُ ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ وَقَسَّمَ مَا عَتَقَ مِنْ الْمُكَاتَبِ عَلَى جَمِيعِ النُّجُومِ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَتَقَ مِنْ الْمُكَاتَبِ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ الثُّلُثَيْنِ وُضِعَ عَنْهُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ ثُلُثَاهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ فَعَلَى هَذَا يُحْسَبُ قُلْتُ: فَكَيْفَ يُقَوَّمُ هَذَا النَّجْمُ؟
قَالَ: يُقَالُ: مَا يَسْوَى نَجْمُ كَذَا وَكَذَا مِنْ كِتَابَةِ هَذَا الْمُكَاتَبِ يُسَمَّى الْمُكَاتَبُ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَمَحِلُّهُ إلَى كَذَا وَكَذَا بِالنَّقْدِ، وَمَا يَسْوَى جَمِيعُ النُّجُومِ بِالنَّقْدِ وَمَحِلُّ كُلِّ نَجْمٍ إلَى كَذَا وَكَذَا وَهِيَ كَذَا وَكَذَا بِالنَّقْدِ فَيُنْظَرُ مَا ذَلِكَ النَّجْمُ مِنْ هَذِهِ النُّجُومِ كُلِّهَا، فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ عَتَقَ مِنْ الْمُكَاتَبِ بِقَدْرِهِ مِنْ النُّجُومِ وَوُضِعَ عَنْهُ ذَلِكَ النَّجْمُ بِعَيْنِهِ عَنْ الْمُكَاتَبِ وَسَعَى فِيمَا بَقِيَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبُ إذَا أَوْصَى لَهُ سَيِّدُهُ بِعِتْقِهِ كَيْفَ يُقَوَّمُ؟
قَالَ: يُنْظَرُ إلَى الْأَوَّلِ مِنْ قِيمَةِ كِتَابَتِهِ أَوْ قِيمَةِ رَقَبَتِهِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ كِتَابَتِهِ أَقَلَّ قُوِّمَتْ كِتَابَتُهُ فَجُعِلَتْ تِلْكَ الْقِيمَةُ فِي الثُّلُثِ وَإِنْ كَانَتْ رَقَبَتُهُ أَقَلَّ قُوِّمَ عَلَى حَالِهِ عَبْدًا مُكَاتَبًا، وَقُوَّتُهُ عَلَى الْأَدَاءِ كَذَا وَكَذَا يُقَوَّمُ عَلَى حَالِ قُوَّتِهِ عَلَى الْأَدَاءِ وَجَزَائِهِ فِيهَا كَمَا لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَتَلَهُ قُوِّمَتْ رَقَبَتُهُ بِحَالِ قُوَّتِهِ عَلَى كِتَابَتِهِ.

.الْمُكَاتَبُ يُوصِي بِدَفْعِ الْكِتَابَةِ:

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ كِتَابَتَهُ فِي مَرَضِهِ جَازَتْ وَصِيَّتُهُ فِي ثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ كِتَابَتَهُ لَمْ يَجُزْ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ أَوْصَى فَقَالَ: ادْفَعُوا الْكِتَابَةَ إلَى سَيِّدِي السَّاعَةَ فَلَمْ تَصِلْ إلَى السَّيِّدِ حَتَّى مَاتَ وَأَوْصَى بِوَصَايَا فَإِنَّ وَصِيَّتَهُ بَاطِلٌ إذَا لَمْ يُؤَدِّ كِتَابَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ.

.فِي بَيْعِ الْمُكَاتَبِ أُمَّ وَلَدِهِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبَ إذَا وَلَدَتْ مِنْهُ أَمَتُهُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ أَوْ قَبْلَهَا وَكَانَتْ حِينَ كَاتَبَ عِنْدَهُ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ أَيْضًا أُخْرَى أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا؟
قَالَ: أَمَّا الَّتِي وَلَدَتْ قَبْلَ الْكِتَابَةِ فَلَيْسَتْ بِأُمِّ وَلَدٍ لَهُ؛ لِأَنَّهَا وَلَدَتْ قَبْلَ الْكِتَابَةِ فَلَيْسَتْ بِأُمِّ وَلَدِهِ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا.
أَلَا تَرَى أَنَّ وَلَدَهَا لِغَيْرِ الْمُكَاتَبِ وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ وَلَدِ الْعَبْدِ يُعْتِقُهُ سَيِّدُهُ فَلَا تَكُونُ بِذَلِكَ الْوَلَدِ أُمَّ وَلَدٍ وَالْعِتْقُ أَوْكَدُ مِنْ الْكِتَابَةِ، وَأَحْرَى أَنْ تَكُونَ أُمَّ وَلَدٍ، فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهَا فِي الْعِتْقِ فَكَيْفَ فِي الْكِتَابَةِ؟ وَأَمَّا الَّتِي وَلَدَتْ مِنْهُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ: إذَا وَلَدَتْ بَعْدَ الْكِتَابَةِ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ وَلَا يَسْتَطِيعُ بَيْعَهَا إلَّا أَنْ يَخَافَ الْعَجْزَ وَهُوَ رَأْيِي، وَمِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْقُوَّةِ فِي هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ قَدْ أَعْتَقَهَا مَالِكٌ بَعْدَ مَوْتِ الْمُكَاتَبِ إذَا تَرَكَ الْمُكَاتَبُ مَالًا فِيهِ وَفَاءٌ بِالْكِتَابَةِ وَتَرَكَ وَلَدًا تُعْتَقُ بِعِتْقِهِمْ، وَإِنْ هُوَ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا سَعَتْ أُمُّ الْوَلَدِ عَلَى وَلَدِ الْمُكَاتَبِ مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا إذَا كَانَتْ تَقْوَى عَلَى السَّعْيِ مَأْمُونَةً عَلَيْهِ وَهُمْ لَا يَقْوُونَ، فَإِنَّهَا تَسْعَى فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا مَعَهُمْ وَعَلَيْهِمْ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ هَلَكَ الْمُكَاتَبُ وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَتَرَكَ مَالًا فِيهِ وَفَاءٌ لِكِتَابَتِهِ وَتَرَكَ أُمَّ وَلَدِهِ كَانَتْ رَقِيقًا لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ وَكَانَ جَمِيعُ الْمَالِ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ وَلَا عِتْقَ لِأُمِّ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا يُعْتَقُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَتُعْتَقُ أُمُّ الْوَلَدِ بِعِتْقِ وَلَدِهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبَ إذَا اشْتَرَى أَمَةً فَوَلَدَتْ مِنْهُ أَوْ اشْتَرَى أَمَةً قَدْ كَانَ تَزَوَّجَهَا فَاشْتَرَاهَا وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ فَوَضَعَتْ فِي مِلْكِهِ أَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْمُكَاتَبُ لَا يَبِيعُ أُمَّ وَلَدِهِ إلَّا أَنْ يَخَافَ الْعَجْزَ، فَإِنْ خَافَ الْعَجْزَ كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا.
قُلْتُ: فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْمُكَاتَبُ أَمَةً قَدْ كَانَ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ أَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ شِرَائِهَا؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ يَقُولُ: لَا أَدَعُك أَنْ تَشْتَرِيَ جَارِيَةً لَا تَقْدِرُ عَلَى بَيْعِهَا؟
قَالَ: لَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ وَلِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَدْخُلُ فِي كِتَابَتِهِ إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ شِرَائِهَا، وَلَوْ اشْتَرَاهَا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَوَلَدَتْ ذَلِكَ الْوَلَدَ فِي كِتَابَتِهِ كَانَتْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي كِتَابَتِهِ.
يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ رَبِيعَةَ فِي مُكَاتَبٍ قَدْ قَضَى أَكْثَرَ الَّذِي عَلَيْهِ أَوْ بَعْضَهُ أَوْ دُونَ ذَلِكَ اسْتَسْرَرَ وَلِيدَةً فَوَلَدَتْ لَهُ كَيْفَ يُفْعَلُ بِهَا وَبِوَلَدِهَا إنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ، وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ تَرَكَ دَيْنًا عَلَيْهِ لِلنَّاسِ أَوْ تَرَكَ مَالًا أَوْ لَمْ يَتْرُكْ؟
قَالَ رَبِيعَةُ: إنْ تَرَكَ الْمُكَاتَبُ مَالًا يَعْتِقُ فِيهِ وَلَدًا وَيَكُونُ فِيهِ وَفَاءٌ مِنْ الَّذِي عَلَيْهِ، عَتَقَ وَلَدُهُ وَعَتَقَتْ أُمُّهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِوَلَدِهَا أَنْ يَمْلِكُوهَا إذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِمْ فَضْلًا فِي مَالِهِ، وَإِنْ تُوُفِّيَ أَبُوهُمْ مُعْدَمًا كَانَ وَلَدُهُ أَرِقَّاءَ لِسَيِّدِهِ وَكَانَتْ أُمُّ وَلَدِهِ فِي دَيْنِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ أُمَّ وَلَدِهِ مِنْ مَالِهِ وَأَنَّ وَلَدَهُ لَيْسَ بِمَالٍ لَهُ.

.(فِي الْمُكَاتَبِ يَمُوتُ وَيَتْرُكُ وَلَدًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ):

فِي الْمُكَاتَبِ يَمُوتُ وَيَتْرُكُ وَلَدًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ فَخَشِيَ الْوَلَدُ الْعَجْزَ أَيَبِيعُ أُمَّ وَلَدِ أَبِيهِ أَمَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا:
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبَ إذَا مَاتَ وَتَرَكَ ابْنًا حَدَثَ فِي الْكِتَابَةِ وَأُمُّ الْوَلَدِ حَيَّةٌ وَهِيَ أُمُّ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ فَخَشِيَ الِابْنُ الْعَجْزَ أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ أُمَّهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ مَعَ أُمِّهِ أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ لِلْمُكَاتَبِ فَأَرَادَ الِابْنُ أَنْ يَبِيعَ بَعْضَهُمْ إذَا خَشِيَ الْعَجْزَ أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ أَيَّتَهُنَّ شَاءَ أُمَّهُ كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا وَهَلْ لَهُ أَنْ يَبِيعَ جَمِيعَهُنَّ وَفِي ثَمَنِهِنَّ فَضْلٌ عَنْ الْكِتَابَةِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا خِيفَ عَلَيْهِ الْعَجْزُ بِيعَتْ أُمَّهُمْ كَانَتْ أَوْ غَيْرَ أُمِّهِمْ إنَّمَا يُنْظَرُ إلَى الَّذِي فِيهِ نَجَاتُهُمْ فَتُبَاعُ كَانَتْ أُمَّهُمْ أَوْ غَيْرَهَا، وَأَرَى أَنْ لَا يَبِيعَ أُمَّهُ إذَا كَانَ فِي سِوَاهَا مِنْ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِ أَبِيهِ كَفَافٌ بِمَا يُعْتَقُ بِهِ إلَّا أَنْ يَخَافَ الْعَجْزَ فَيَبِيعَ أُمَّهُ وَغَيْرَهَا.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ أَنَّهُ قَالَ: تُبَاعُ مَعَهُمْ أُمُّ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ فِي دَيْنِهِ، فَأَمَّا وَلَدُهُ فَإِنَّهُمْ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّ أُمَّ وَلَدِهِ مِنْ مَالِهِ وَلَيْسَ مَنْ وَلَدَهُ مِنْ مَالِهِ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ: فِي مُكَاتَبٍ اشْتَرَى أَمَةً بَعْدَ كِتَابَتِهِ فَوَلَدَتْ لَهُ أَوْلَادًا فَأُعْدِمَ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ أَوْ عَجَزَ عَنْ كِتَابَتِهِ أَوْ كَانَتْ لَهُ يَوْمَ كَاتَبَ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ مَالِهِ تَصِيرُ إلَى مَا يَصِيرُ إلَيْهِ مَالُهُ مِنْ غَرِيمٍ أَوْ سَيِّدٍ إنْ بَاعَهَا وَإِنْ كَانَتْ قَدْ وَلَدَتْ لَهُ، وَإِنَّمَا تَكُونُ عَتَاقَةُ أُمِّ الْوَلَدِ لِمَنْ ثَبَتَتْ حُرْمَتُهُ وَكَانَ حُرًّا يَجُوزُ لَهُ مَا يَجُوزُ لِلْحُرِّ فِي مَالِهِ؟ وَإِنْ كَاتَبَ عَلَى نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ ثُمَّ تُوُفِّيَ وَكَانَ فِيمَنْ كَاتَبَ قُوَّةٌ عَلَى الِاسْتِسْعَاءِ سَعَوْا وَسَعَى الْكَبِيرُ عَلَى الصَّغِيرِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ دَخَلُوا مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَعْجَزُوا حَتَّى لَا يُرْجَى عِنْدَهُمْ شَيْءٌ.
قَالَ: وَإِنْ كَانَ أَبُوهُمْ تَرَكَ مَالًا فَقَدْ كَانَتْ لَهُمْ مَعُونَةُ مَالِهِ وَلَيْسَ لَهُمْ أَصْلُهُ إنْ أَفْلَسُوا أَوْ أَجْرَمُوا جَرِيمَةً، فَالْمَالُ يُدْفَعُ إلَى سَيِّدِهِ فَيُقَاضُونَ بِهِ مِنْ آخِرِ كِتَابَتِهِمْ، فَإِنْ أَدَّوْا كُلَّ مَا عَلَيْهِ بَعْدَهُ فَلَا يُدْفَعُ إلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ أَصْلُهُ وَهُوَ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ التَّلَفُ إذَا كَانَ بِأَيْدِيهِمْ، فَإِنْ كَانُوا صِغَارًا لَا يَقْوُونَ فَهُمْ أَرِقَّاءُ وَلِسَيِّدِهِمْ ذَلِكَ الْمَالُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَقْوَى اسْتَسْعَى بِقُوَّتِهِ وَبِذَاتِ يَدِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى مَنْ دَخَلَ فِي الْكِتَابَةِ مَعَهُ وَكَانَتْ مَعُونَةُ مَا تَرَكَ أَبُوهُمْ قِصَاصًا لَهُمْ مِنْ آخِرِ كِتَابَتِهِ.
قَالَ: وَإِنْ تَرَكَ مَالًا وَسَرِيَّةً قَدْ وَلَدَتْ وَلَدًا فَمَاتُوا فَهِيَ وَالْمَالُ لِسَيِّدِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ سَيِّدَهَا تُوُفِّيَ وَهُمْ عَلَى حَالٍ مِنْ الْحُرْمَةِ لَا يَجُوزُ لَهُمْ عَتَاقَةٌ، فَلِذَلِكَ لَا تُعْتَقُ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ وَلَدِهَا الْهَالِكِ وَسَيِّدِهَا لَمْ تَبْلُغْ أَنْ يُعْتَقَ بِمَنْزِلَتِهِمْ أَحَدٌ لَا وَلَدٌ وَلَا أُمُّ وَلَدٍ.

.(الْمُكَاتَبُ يَمُوتُ وَيَتْرُكُ وَلَدًا حَدَثُوا فِي الْكِتَابَةِ وَمَالًا):

الْمُكَاتَبُ يَمُوتُ وَيَتْرُكُ وَلَدًا حَدَثُوا فِي الْكِتَابَةِ وَمَالًا وَفَاءً بِالْكِتَابَةِ وَفَضْلًا.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ فَحَدَثَ لَهُ أَوْلَادٌ فِي الْكِتَابَةِ مِنْ أَمَةٍ لَهُ فَهُمْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ لَا يَعْتِقُ مِنْهُمْ أَحَدٌ إلَّا بِأَدَاءِ جَمِيعِ الْكِتَابَةِ، فَإِذَا أَدَّوْا جَمِيعَ الْكِتَابَةِ عَتَقُوا كُلُّهُمْ، وَإِنْ عَجَزُوا عَنْ الْكِتَابَةِ فَذَلِكَ لَهُمْ كُلُّهُمْ رِقٌّ، فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ عَنْ مَالٍ فِيهِ وَفَاءٌ بِالْكِتَابَةِ وَفَضْلٌ أَدَّى إلَى السَّيِّدِ الْكِتَابَةَ وَكَانَ مَا بَقِيَ لِلْوَلَدِ الَّذِينَ حَدَثُوا فِي الْكِتَابَةِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ لَا يَرِثُ فِي ذَلِكَ وَلَدُ الْمُكَاتَبِ الْأَحْرَارُ وَلَا زَوْجَتُهُ وَلَا لِسَيِّدِهِ فِي تِلْكَ الْفَضْلَةِ شَيْءٌ إذَا كَانَ الْوَلَدُ الَّذِي حَدَثَ فِي الْكِتَابَةِ ذَكَرًا؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ جَمِيعُ الْمِيرَاثِ بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ، فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ ذُكُورًا وَإِنَاثًا فَإِنَّ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَإِنْ كُنَّ إنَاثًا كُلَّهُنَّ أَخَذْنَ مَوَارِيثَهُنَّ وَكَانَ مَا بَقِيَ لِلسَّيِّدِ بِالْوَلَاءِ، وَأَصْلُ قَوْلِهِمْ حِينَ مَنَعُوا السَّيِّدَ فَضْلَةَ الْمَالِ بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: لَمْ يَمُتْ الْمُكَاتَبُ عَاجِزًا فَلَا يَكُونُ لِلسَّيِّدِ بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَعُودَ إلَى السَّيِّدِ عَاجِزًا، فَهُوَ لَمَّا مَاتَ وَتَرَكَ مَنْ يَقُومُ بِالْأَدَاءِ لَمْ يَمُتْ عَاجِزًا فَلَا يَكُونُ لِلسَّيِّدِ فِي هَذَا الْمَالِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ إلَّا كِتَابَتُهُ وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِمَنْ قَامَ بِأَدَاءِ الْكِتَابَةِ إذَا كَانَ وَارِثًا، وَلَا يَكُونُ لِلْأَحْرَارِ مِنْ وَرَثَتِهِ الَّذِينَ لَمْ يَكُونُوا مَعَهُ فِي هَذِهِ الْكِتَابَةِ مِنْ هَذَا الْمِيرَاثِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تَتِمَّ حُرْمَتُهُ وَلَمْ يَمُتْ عَاجِزًا، فَلَمْ يُجْعَلْ لِلْوَرَثَةِ الْأَحْرَارِ مِنْ الْمِيرَاثِ الَّذِي تَرَكَ بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ شَيْءٌ، وَلَا يَكُونُ لِلسَّيِّدِ مِنْ الَّذِي تَرَكَ بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ عَاجِزًا فَصَارَ بَقِيَّةُ مَالِ الْمَيِّتِ بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ لِوَلَدِهِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ أَوْ لِوَلَدٍ إنْ كَانَ عَقْدُ الْكِتَابَةِ مَعَهُ أَوْ لِوَارِثٍ إنْ كَانَ عَقْدُ الْكِتَابَةِ مَعَهُ دُونَ وَرَثَتِهِ الْأَحْرَارِ وَدُونَ السَّيِّدِ الَّذِي عَقَدَ لَهُ الْكِتَابَةَ؛ لِأَنَّ لَهُمْ مَالَهُ مِنْ عَقْدِ الْحُرِّيَّةِ مِثْلُ مَا كَانَ فِي الْمُكَاتَبِ.
وَفِيهِمْ مِنْ الرِّقِّ مِثْلُ مَا كَانَ فِي الْمُكَاتَبِ وَقَدْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَعَقْدُ الْحُرِّيَّةِ الَّتِي عَقَدَ السَّيِّدُ هِيَ فِيهِ لَمْ يُبْطِلْ ذَلِكَ الْعَقْدَ وَلَا يُبْطِلُهُ إلَّا الْعَجْزُ وَالْمُكَاتَبُ مَاتَ غَيْرَ عَاجِزٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا عَجَزَ رَجَعَ رَقِيقًا، وَهُوَ لَمَّا مَاتَ وَتَرَكَ مَنْ يَقُومُ بِأَدَاءِ الْكِتَابَةُ لَمْ يَمُتْ عَاجِزًا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَنْحَلَّ وَلَا يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ الْأَحْرَارُ؛ لِأَنَّ فِي الْمُكَاتَبِ الْمَيِّتِ بَقِيَّةً مِنْ الرِّقِّ لَمْ تَتِمَّ حُرْمَتُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَلَا يَرِثُ الْأَحْرَارُ مَنْ مَاتَ وَفِيهِ مِنْ الرِّقِّ شَيْءٌ، وَقَدْ بَيَّنْتُ لَكَ مِنْ أَيْنَ مَنَعَ مَالِكٌ وَرَثَتَهُ لِلرِّقِّ الَّذِي بَقِيَ فِيهِ، وَمِنْ أَيْنَ مَنَعَ السَّيِّدُ مِنْ بَقِيَّةِ الْمَالِ بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ عَاجِزًا وَلَمْ تَنْحَلَّ الْعُقْدَةُ الَّتِي جَعَلَ فِيهِ سَيِّدُهُ مِنْ الْحُرِّيَّةِ فَوَرِثَهُ وَرَثَتُهُ الَّذِينَ هُمْ بِمَنْزِلَتِهِ وَفِيهِمْ مِنْ الرِّقِّ مِثْلُ الَّذِي فِي الْمَيِّتِ وَفِيهِمْ مِنْ عَقْدِ الْحُرِّيَّةِ مِثْلُ الَّذِي فِي الْمَيِّتِ، وَإِنْ كَانَ الْمُكَاتَبُ الْمَيِّتُ لَمْ يَتْرُكْ إلَّا بِنْتًا وَاحِدَةً كَانَتْ فِي الْكِتَابَةِ وَتَرَكَ مَالًا فِيهِ وَفَاءٌ بِالْكِتَابَةِ وَفَضْلٌ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى رَبِّ الْكِتَابَةِ كِتَابَتَهُ وَيَكُونُ لِلْبِنْتِ نِصْفُ مَا بَقِيَ وَلِلسَّيِّدِ مَا بَقِيَ، وَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ أَحْرَارٌ لَيْسُوا فِي الْكِتَابَةِ لَمْ يَرِثُوا مَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ بَعْدَ الَّذِي أَخَذَتْ الِابْنَةُ أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ الْبِنْتَ لَمْ تَكُنْ فَمَاتَ الْمُكَاتَبُ وَلَهُ وَلَدٌ أَحْرَارٌ كَانَ جَمِيعُ الْمَالِ لِلسَّيِّدِ دُونَ وَلَدِهِ الْأَحْرَارِ، فَالسَّيِّدُ يَحْجُبُ وَلَدَهُ الْأَحْرَارَ وَلَمْ يَحْجُبْ الْبِنْتَ عَنْ نِصْفِ جَمِيعِ مَا تَرَكَ الْمُكَاتَبُ فَنَحْنُ إنْ جَعَلْنَا لِوَلَدِهِ الْأَحْرَارِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ بَعْدَ الَّذِي أَخَذَ السَّيِّدُ مِنْ كِتَابَتِهِ وَأَخَذَتْ الْبِنْتُ مِنْ مِيرَاثِهَا رَجَعَ السَّيِّدُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: أَنَا أَوْلَى بِهَذَا الْمَالِ مِنْكُمْ؛ لِأَنِّي لَوْ انْفَرَدْتُ أَنَا وَأَنْتُمْ بِمَالِ هَذَا الْمُكَاتَبِ بَعْدَ مَوْتِهِ كُنْتُ أَنَا أَوْلَى بِالْمَالِ مِنْكُمْ فَلِي أَنَا فَضْلَةُ الْمَالِ بَعْدَ مِيرَاثِ الِابْنَةِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ وَلِي فِيهِ بَقِيَّةٌ مِنْ الرِّقِّ.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ مَالٍ فِيهِ وَفَاءٌ وَفَضْلٌ وَلَمْ يَتْرُكْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ مِنْ وَرَثَتِهِ أَحَدًا وَلَهُ وَرَثَةٌ أَحْرَارٌ فَالْمَالُ لِلسَّيِّدِ دُونَ وَرَثَتِهِ الْأَحْرَارِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ مَاتَ وَلَمْ يُفْضِ إلَى الْحُرِّيَّةِ وَلَمْ يَتْرُكْ مَنْ يَقُومُ بِأَدَاءِ الْكِتَابَةِ فَمَاتَ عَاجِزًا فَلِذَلِكَ جَعَلْنَا الْمَالَ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّهُ قَدْ عَجَزَ حِينَ لَمْ يَتْرُكْ فِي كِتَابَتِهِ مَنْ يَقُومُ بِدَفْعِ الْكِتَابَةِ وَلَا تَرِثُهُ وَرَثَتُهُ الْأَحْرَارُ لِلرِّقِّ الَّذِي كَانَ فِيهِ، فَإِنْ مَاتَ هَذَا الْمُكَاتَبُ عَنْ وَفَاءٍ وَفَضْلٍ وَمَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ أَجْنَبِيُّونَ لَيْسُوا لَهُ بِوَرَثَةٍ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى السَّيِّدِ الْكِتَابَةَ كُلَّهَا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَيُعْتِقُ جَمِيعَهُمْ وَتَكُونُ فَضْلَةُ الْمَالِ إذَا أَدَّى الْكِتَابَةَ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّهُمْ لَا رَحِمَ بَيْنَهُمْ يَتَوَارَثُونَ بِهَا، وَلَا يَكُونُ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ الْأَحْرَارِ مِنْ الْمَالِ الَّذِي بَقِيَ بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الَّذِينَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ إنْ كَانُوا قَدْ قَامُوا بِأَدَاءِ الْكِتَابَةِ فَلَمْ يَمُتْ عَاجِزًا بَعْدُ، وَمَاتَ وَفِيهِ مِنْ الرِّقِّ بَقِيَّةُ وَرَثَةِ مَنْ لَهُ فِيهِ بَقِيَّةُ ذَلِكَ الرِّقِّ وَيَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَى الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ بِقَدْرِ حِصَصِهِمْ الَّذِي أَدَّوْا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: إذَا تُوُفِّيَ الْمُكَاتَبُ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ وَلَهُ وَلَدٌ مِنْ أَمَةٍ لَهُ كَانَ وَلَدُهُ بِمَنْزِلَتِهِ يَسْعَوْنَ فِي كِتَابَتِهِ حَتَّى يُوفُوهَا عَلَى ذَلِكَ أَدْرَكْنَا أَمْرَ النَّاسِ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: إنْ كَانُوا وُلِدُوا بَعْدَ كِتَابَتِهِ اسْتَسْعَوْا فِي الَّذِي عَلَى أَبِيهِمْ فَإِنْ قَضَوْا فَقَدْ عَتَقُوا وَهُمْ بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِمْ لَهُمْ مَالُهُ وَعَلَيْهِمْ كِتَابَتُهُ، وَإِنْ كَانُوا وُلِدُوا وَهُوَ مَمْلُوكٌ ثُمَّ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ فَقَدْ دَخَلُوا فِي كِتَابَتِهِ وَهُمْ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي كِتَابَتِهِ فَهُمْ عَبِيدٌ لِسَيِّدِهِمْ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ مِثْلُهُ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: الْمُكَاتَبُ لَا يُشْتَرَطُ أَنَّ مَا وُلِدَ لَهُ مِنْ وَلَدٍ فَإِنَّهُ فِي كِتَابَتِهِ ثُمَّ يُولَدُ لَهُ وَلَدٌ قَالَ: هُمْ فِي كِتَابَتِهِ، وَقَالَهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ.
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَنَّ أَمَةً كُوتِبَتْ ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ ثُمَّ مَاتَتْ فَسُئِلَ عَنْهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَقَالَ: إنْ قَامَا بِكِتَابَةِ أُمِّهِمَا فَذَلِكَ لَهُمَا فَإِنْ قَضَيَاهَا عَتَقَا، وَقَالَهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَبَلَغَنِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ أَنَّ مُكَاتَبًا هَلَكَ وَتَرَكَ مَالًا وَوَلَدًا أَحْرَارًا وَعَلَيْهِ بَقِيَّةٌ مِنْ كِتَابَتِهِ فَجَاءَ وَلَدُهُ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَذَكَرُوا أَنَّ أَبَاهُمْ هَلَكَ وَتَرَكَ مَالًا وَعَلَيْهِ بَقِيَّةُ مِنْ كِتَابَتِهِ أَفَنُؤَدِّي دَيْنَهُ وَنَأْخُذُ مَا بَقِيَ؟ فَقَالَ لَهُمْ عُمَرُ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ مَاتَ أَبُوكُمْ وَلَمْ يَتْرُكُ وَفَاءً أَكُنْتُمْ تَسْعُونَ فِي أَدَائِهِ؟ فَقَالُوا: لَا.
فَقَالَ عُمَرُ: فَلَا إذًا.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مُوسَى، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: إذَا تُوُفِّيَ الْمُكَاتَبُ وَعَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ كِتَابَتِهِ وَلَهُ أَوْلَادٌ مِنْ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ وَتَرَكَ مَالًا يَكُونُ فِيهِ وَفَاءٌ وَفَضْلٌ فَكُلُّ مَا تَرَكَ مِنْ الْمَالِ لِسَيِّدِهِ الَّذِي كَاتَبَهُ لَا يَحْمِلُ وَلَدُ الْأَحْرَارِ شَيْئًا مِنْ غُرْمِهِ وَلَا يَكُونُ لَهُمْ فَضْلُ مَالِهِ، وَإِنْ تُوُفِّيَ وَلَهُ وَلَدٌ مِنْ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَتَرَكَ مِنْ الْمَالِ مَا فِيهِ وَفَاءٌ لِكِتَابَتِهِ وَفَضْلٌ، فَالْفَضْلُ عَنْ الْكِتَابَةِ لِوَلَدِهِ الَّذِينَ مِنْ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً لِكِتَابَتِهِ سَعَى الْوَلَدُ فِي الَّذِي كَانَ عَلَى أَبِيهِمْ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ رَبِيعَةَ، أَنَّهُ قَالَ: فِي الْمُكَاتَبَةِ تَقْضِي بَعْضَ كِتَابَتِهَا ثُمَّ تَهْلَكُ وَتَتْرُكُ أَوْلَادًا فَقَالَ: إنْ تَرَكَتْ شَيْئًا فَهُوَ لِوَلَدِهَا وَيَسْعَوْنَ فِي بَقِيَّةِ كِتَابَتِهَا.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فِي رَجُلٍ حُرٍّ تَزَوَّجَ أَمَةً وَقَدْ كَاتَبَهَا أَهْلُهَا فَأَدَّتْ بَعْضَ كِتَابَتِهَا وَبَقِيَ بَعْضٌ فَتُوُفِّيَتْ عَنْ مَالٍ هُوَ أَكْثَرُ مِمَّا عَلَيْهَا وَلَهَا أَوْلَادٌ أَحْرَارٌ، قَالَ يَحْيَى: إنْ كَانَ لَهَا أَوْلَادٌ أَحْرَارٌ كَانَ مَا تَرَكَتْ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ لِأَهْلِهَا الَّذِينَ كَاتَبُوهَا وَلَا يَرِثُ الْحُرُّ الْعَبْدَ، وَإِنْ كَانُوا مَمْلُوكِينَ قَدْ دَخَلُوا فِي كِتَابَتِهَا أَخَذَ أَهْلُهَا بَقِيَّةَ كِتَابَتِهَا وَكَانَ مَا بَقِيَ لِوَلَدِهَا مَنْ كَانَ مَمْلُوكًا مِنْهُمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يُعْتَقُونَ بِعِتْقِهَا وَيُرَقُّونَ بِرِقِّهَا.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ وَفَاءً بِجَمِيعِ الْكِتَابَةِ فَقَدْ حَلَّتْ كِتَابَتُهُ كُلُّهَا وَإِنْ قَالَ وَلَدُ الْمُكَاتَبِ الَّذِي وُلِدَ بَعْدَ الْكِتَابَةِ: أَنَا آخُذُ الْمَالَ وَأَقُومُ بِالْكِتَابَةِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْمَالِ وَفَاءٌ وَكَانَ الِابْنُ مَأْمُونًا دَفَعَ إلَيْهِ مَا تَرَكَ الْمُكَاتَبُ وَقِيلَ لَهُ: اسْعَ وَأَدِّ النُّجُومَ عَلَى مَحِلِّهَا.
قَالَ: وَلَا تَحِلُّ الْكِتَابَةُ إذَا كَانَ الْمَالُ الَّذِي تَرَكَ الْمُكَاتَبُ لَيْسَ فِيهِ وَفَاءٌ بِجَمِيعِ الْكِتَابَةِ وَيَسْعَى فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْكِتَابَةِ عَلَى مَالِ الْمَيِّتِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِذَا تَرَكَ وَفَاءَهُ مِنْ الْكِتَابَةِ لَمْ يَتْرُكْ الْمَالَ فِي يَدَيْهِ وَيَكُونُ عَلَى نُجُومِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ تَغْرِيرٌ إذَا دُفِعَ إلَى الِابْنِ لِأَنَّا لَا نَدْرِي مَا يَحْدُثُ فِي الْمَالِ فِي يَدِ الِابْنِ، فَإِذَا أَخَذَهُ السَّيِّدُ عَتَقَ الِابْنُ مَكَانَهُ وَسَلِمُوا مِنْ التَّغْرِيرِ لِأَنَّ هَذَا عِتْقٌ مُعَجَّلٌ.
يُونُسُ، عَنْ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: يَكُونُ وَلَدُ الْمُكَاتَبِ مِنْ سَرِيَّتِهِ، وَسَرِيَّتُهُ جَمِيعًا بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ يَقْتَضُونَ مَالَهُ وَيُؤَدُّونَ عَنْهُمْ وَعَنْهُ نُجُومَهُ سَنَةً بِسَنَةٍ قَدْ مَضَتْ بِهَذَا السُّنَّةُ فِي بَلَدِنَا قَدِيمًا، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا كَانَ وَلَدُهُ مِنْ سَرِيَّتِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ بِمَنْزِلَتِهِ وَعَلَى مُكَاتَبِهِ يُرِقُّهُمْ مَا أَرَقَّهُ وَيُعْتِقُهُمْ مَا أَعْتَقَهُ وَيُؤَدُّونَ نُجُومَهُ.