فصل: فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ أَنْ لَا يَدْخُلَ الدَّارَ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)



.(فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِحُرِّيَّةِ شِقْصٍ لَهُ فِي عَبْدٍ):

فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِحُرِّيَّةِ شِقْصٍ لَهُ فِي عَبْدٍ أَنْ لَا يَدْخُلَ الدَّارَ فَيَبِيعُ ذَلِكَ الشِّقْصَ وَيَشْتَرِي الشِّقْصَ الْآخَرَ ثُمَّ يَدْخُلُ الدَّارَ:
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ حَلَفْتُ بِحُرِّيَّةِ شِقْصٍ لِي فِي عَبْدٍ إنْ دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ، فَاشْتَرَيْتُ الشِّقْصَ الْآخَرَ ثُمَّ دَخَلْتُ الدَّارَ؟
قَالَ: يُعْتَقُ جَمِيعُ الْعَبْدِ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّهُ حِينَ دَخَلَ الدَّارَ حَنِثَ فِي الشِّقْصِ الَّذِي حَلَفَ بِهِ، فَإِذَا أَعْتَقَ ذَلِكَ الشِّقْصَ عَتَقَ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ مِنْ الْعَبِيدِ إذَا كَانَ يَمْلِكُهُ، فَإِنْ كَانَ لَا يَمْلِكُهُ فَحَنِثَ فِي شِقْصِهِ ذَلِكَ نَظَرَ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ عَتَقَ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الْجَمِيعُ لَهُ أَنْ يُعْتَقَ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ بَاعَ شِقْصَهُ مِنْ رَجُلٍ غَيْرِ شَرِيكِهِ وَاشْتَرَى بَعْدَ ذَلِكَ الشِّقْصَ الْآخَرَ مِنْ الْعَبِيدِ مِنْ شَرِيكِهِ، فَدَخَلَ الدَّارَ الَّتِي حَلَفَ بِحُرِّيَّةِ شِقْصِهِ الَّذِي بَاعَ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا؟
قَالَ: لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: مَنْ حَلَفَ بِعِتْقِ عَبْدٍ لَهُ إنْ دَخَلَ هَذِهِ الدَّارَ فَبَاعَ الْعَبْدَ وَاشْتَرَى عَبْدًا غَيْرَهُ ثُمَّ دَخَلَ الدَّارَ وَلَمْ يَحْنَثْ، فَإِنْ عَادَ فَاشْتَرَى عَبْدَهُ الَّذِي حَلَفَ بِحُرِّيَّتِهِ إنْ دَخَلَ الدَّارَ ثُمَّ دَخَلَ الدَّارَ بَعْدَ دَخْلَتِهِ الْأُولَى وَالْعَبْدُ فِي مِلْكِهِ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ عِنْدَ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ بِدُخُولِهِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ فِي دُخُولِهِ الْأَوَّلِ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ فِي مِلْكِهِ قَالَ: وَإِنَّمَا يَحْنَثُ فِي هَذَا الْعَبْدِ إذَا عَادَ إلَيْهِ فَدَخَلَ الدَّارَ بَعْدَ أَنْ عَادَ إلَيْهِ الْعَبْدُ إذَا كَانَ إنَّمَا عَادَ بِاشْتِرَاءٍ أَوْ بِهِبَةٍ أَوْ بِصَدَقَةٍ أَوْ بِوَصِيَّةٍ أَوْ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمِلْكِ، إلَّا أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ بِالْمِيرَاثِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ إنْ دَخَلَ الدَّارَ وَالْعَبْدُ فِي مِلْكِهِ إذَا كَانَ إنَّمَا عَادَ إلَيْهِ بِمِيرَاثٍ.
قُلْتُ: مَا فَرْقُ بَيْنَ الْوِرَاثَةِ وَبَيْنَ مَا سِوَى ذَلِكَ؟
قَالَ: لِأَنَّهُ لَا يَتَّهِمُ فِي الْوِرَاثَةِ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا بَاعَهُ لِيَرِثَهُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ هُوَ جَرَّهُ إلَى نَفْسِهِ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يَتْرُكَهُ لَتَرَكَهُ وَالْوِرَاثَةُ لَيْسَ يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهَا عَنْهُ.
قَالَ سَحْنُونٌ وَقَالَ أَشْهَبُ مِثْلَ جَمِيعِ مَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ.

.(فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِعِتْقِ كُلِّ مَمْلُوكٍ لَهُ أَنْ لَا يُكَلِّمَ فُلَانًا):

فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِعِتْقِ كُلِّ مَمْلُوكٍ لَهُ أَنْ لَا يُكَلِّمَ فُلَانًا وَلَهُ يَوْمَ حَلَفَ مَمَالِيكُ ثُمَّ أَفَادَ مَمَالِيكَ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ كَلَّمَهُ:
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ يَوْمَ أُكَلِّمُ فُلَانًا وَلَهُ يَوْمَ حَلَفَ مَمَالِيكُ ثُمَّ أَفَادَ مَمَالِيكَ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ كَلَّمَهُ وَكَيْفَ إنْ كَانَ يَوْمَ حَلَفَ لَا مَمَالِيكَ لَهُ ثُمَّ أَفَادَ مَمَالِيكَ ثُمَّ كَلَّمَ فُلَانًا؟
قَالَ: لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ إلَّا مَا كَانَ فِي مِلْكِهِ يَوْمَ حَلَفَ.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ: إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ أَوْ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ بِالطَّلَاقِ، ثُمَّ كَلَّمَ فُلَانًا فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ مَا كَانَ فِي مِلْكِهِ يَوْمَ حَلَفَ وَتَطْلُقُ عَلَيْهِ كُلُّ امْرَأَةٍ كَانَتْ عِنْدَهُ يَوْمَ حَلَفَ إذَا كَلَّمَ فُلَانًا.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ يَوْمَ حَلَفَ عَبْدٌ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ يَوْمَ حَلَفَ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا يَتَزَوَّجُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا فِيمَا يَشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ، فَاشْتَرَى رَقِيقًا بَعْدَ الْيَمِينِ فَكَلَّمَ فُلَانًا أَيَحْنَثُ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَحْنَثُ إلَّا فِيمَا كَانَ عِنْدَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ.
قَالَ مَالِكٌ: وَفِي الطَّلَاقِ كَذَلِكَ لَا يَحْنَثُ إلَّا فِي كُلِّ امْرَأَةٍ كَانَتْ فِي مِلْكِهِ ذَلِكَ الْيَوْمَ.
قَالَ مَالِكٌ: وَالصَّدَقَةُ كَذَلِكَ.

.فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ أَنْ لَا يَدْخُلَ الدَّارَ:

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَقُولُ لِأَمَتِهِ: إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ فَأَنْتِ حُرَّةٌ؟
قَالَ: هَذَا يَمْنَعُ مِنْ بَيْعِهَا وَلَا يَطَؤُهَا، لِأَنَّهُ عَلَى حِنْثٍ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا قَالَ: إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الدَّارَ عَتَقَتْ الْجَارِيَةُ فِي الثُّلُثِ بِالْكَلَامِ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ، فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي حِنْثٍ، وَإِذَا قَالَ: إنْ دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتِ حُرَّةٌ، فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ بَيْعِهَا وَلَا مِنْ وَطْئِهَا، لِأَنَّهُ عَلَى بَرٍّ فَلَا تَقَعُ الْحُرِّيَّةُ هَاهُنَا إلَّا بِالْفِعْلِ.
قَالَ: وَمَنْ قَالَ لِأَمَتِهِ: إنْ لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ فَأَنْتِ حُرَّةٌ؟
قَالَ: أَرَى إنْ كَانَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ عَلَى وَجْهٍ أَنَّهُ يُرِيدُ بِذَلِكَ يُكْرِهُهَا فَذَلِكَ لَهُ يُدْخِلُهَا مُكْرَهَةً وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلُهُ وَيَبَرُّ فِي يَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا قَالَ: أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ مَا ذَكَرْتُ لَكَ مِنْ الْإِكْرَاهِ إنَّمَا فَوَّضَ لَهَا، رَأَيْتَ أَنْ تُوقَفَ الْجَارِيَةُ وَيُمْنَعَ مِنْ وَطْئِهَا ثُمَّ يَتَلَوَّمَ لَهُ السُّلْطَانُ بِقَدْرِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ أَرَادَ بِيَمِينِهِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ، فَإِنْ أَبَتْ الْجَارِيَةُ الدُّخُولَ وَقَالَتْ: لَا أَدْخُلُهَا، أَعْتَقَهَا عَلَيْهِ السُّلْطَانُ وَلَمْ يَنْتَظِرْ مَوْتَهُ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِرَجُلٍ: إنْ لَمْ تَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ امْرَأَتِي طَالِقٌ.
قَالَ مَالِكٌ: يَتَلَوَّمُ لَهُ السُّلْطَانُ بِقَدْرِ مَا يَرَى أَنَّهُ أَرَادَ بِيَمِينِهِ وَلَا يَضْرِبُ لَهُ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ إلَّا بِقَدْرِ مَا يَرَى السُّلْطَانُ، وَيَتَلَوَّمُ لَهُ وَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَطْءِ أَمَتِهِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ وَطْءِ امْرَأَتِهِ إنْ كَانَ حَلَفَ فِي هَذَا بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ، ثُمَّ يَقُولُ السُّلْطَانُ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ: افْعَلْ هَذَا الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ هَذَا الرَّجُلُ،
فَإِنْ قَالَ: لَا أَفْعَلُهُ، طَلَّقَ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ امْرَأَتَهُ وَأَعْتَقَ عَلَيْهِ أَمَتَهُ وَلَا يُنْتَظَرُ فِي هَذَا فِي يَمِينِهِ بِالْحُرِّيَّةِ مَوْتُهُ وَلَا يُضْرَبُ لَهُ فِي يَمِينِهِ هَذِهِ بِالطَّلَاقِ أَجَلُ الْمَوْلَى.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا يَتَلَوَّمُ لَهُ السُّلْطَانُ فِي هَذَا عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى أَنَّهُ أَرَادَ بِيَمِينِهِ إلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَجَلِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا الَّذِي يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَدْخُلْ هَذِهِ الدَّارَ وَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا، فَهَذَا الَّذِي يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ بَعْدَ أَنْ تَرْفَعَهُ إلَى السُّلْطَانِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَأَمَّا إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تَدْخُلِي هَذِهِ الدَّارَ، وَقَالَ لِرَجُلٍ آخَرَ: امْرَأَتِي طَالِقٌ إنْ لَمْ تَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّهُ لَا يُضْرَبُ لَهُ فِي هَذَا فِي امْرَأَتِهِ أَجَلُ الْإِيلَاءِ، وَلَكِنْ يَتَلَوَّمُ لَهُ السُّلْطَانُ عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ، فَإِنْ دَخَلَتْ الدَّارَ أَوْ دَخَلَ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا أَوْقَفَهُمَا فَإِنْ قَالَا: لَا نَدْخُلُ، طَلَّقَهَا عَلَيْهِ السُّلْطَانُ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ بِحُرِّيَّةِ رَقِيقِهِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ فُلَانٌ هَذِهِ الدَّارَ فَهُوَ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ يَتَلَوَّمُ بِهِ السُّلْطَانُ وَلَا يَكُونُ فِي هَذَا مُوَلِّيًا إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ، وَلَكِنْ يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَفِي يَمِينِهِ بِالْحُرِّيَّةِ فِي هَذَا يُوقَفُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ لِلْحَالِفِ.
فَإِنْ قَالَ: لَا أَفْعَلُ ذَلِكَ أَعْتَقَ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ وَطَلَّقَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ حَلَفَ بِعِتْقِ عَبْدِهِ لَيَضْرِبَنَّهُ، أَيُحَالُ بَيْنَ السَّيِّدِ وَبَيْنَ ضَرْبِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا، إلَّا أَنْ تَكُونَ يَمِينُهُ وَقَعَتْ عَلَى ضَرَرٍ يُحَالُ بَيْنَ السَّيِّدِ وَبَيْنَ ذَلِكَ الضَّرْبِ مِنْ عَبْدِهِ فَيَحْنَثُ مَكَانُهُ وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ عَبْدُهُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْتُ: فَلَوْ كَانَ ضَرْبًا بِالْإِيحَالِ بَيْنَ السَّيِّدِ وَبَيْنَ ذَلِكَ الضَّرْبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ حَتَّى يَضْرِبَهُ؟
قُلْت: نَعَمْ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ حَلَفَ بِعِتْقِ عَبْدِهِ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا وَكَذَا، فَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَبْدِ حَتَّى يُنْظَرَ أَيَبَرُّ أَمْ يَحْنَثُ، أَيَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَمَلِ الْعَبْدِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا، إلَّا الْوَطْءُ فَإِنَّهُ لَا يَطَأُ فِيهِ إنْ كَانَتْ أَمَةً.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ قَالَ: إنْ لَمْ أَنْكِحْ فُلَانَةَ فَغُلَامِي حُرٌّ، وَقَالَ: أُعْتِقُ مَا أَمْلِكُ مِنْ عَبْدٍ إنْ لَمْ أُخَاصِمْ فُلَانًا أَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أَجْلِدْ فُلَانًا غُلَامِي مِائَةَ سَوْطٍ فَغُلَامِي حُرٌّ؟
قَالَ: رَبِيعَةُ: لَا يُتْرَكُ أَنْ يَبِيعَهُ وَيُنْتَظَرُ بِهِ وَيُوقَفُ الْعَبْدُ لِذَلِكَ.
قَالَ رَبِيعَةُ: وَإِنْ لَمْ يُخَاصِمْهُ حَتَّى يَمُوتَ الْحَالِفُ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ فِي الثُّلُثِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ الْحِنْثُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ، وَقَالَ فِي الَّذِي يَحْلِفُ لَيَجْلِدَنَّهُ مِائَةَ سَوْطٍ يُوقَفُ الْعَبْدُ فَلَا يَبِيعُهُ حَتَّى يَنْتَظِرَ أَيَجْلِدُهُ أَمْ لَا؟
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي اللَّيْثُ قَالَ: كَتَبْتُ إلَى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فِي رَجُلٍ قَالَ لِغُلَامِهِ: إنْ لَمْ أَضْرِبْكَ أَلْفَ سَوْطٍ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَقَالَ لِجَارِيَةٍ لَهُ يَطَؤُهَا مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ يَحْيَى: عِتْقُهُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ ضَرْبِهِ، وَمَنْ خَلَا بِغُلَامِهِ أَوْ بِجَارِيَتِهِ وَحَلَفَ بِذَلِكَ كَانَ مُتَعَدِّيًا ظَالِمًا وَأَدَّبَهُ السُّلْطَانُ وَرَأَيْتُ أَنْ لَوْ اُبْتُلِيَ بِذَلِكَ أَنْ يَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَيُعْتِقُهُ.
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ اللَّيْثُ وَقَالَ رَبِيعَةُ: كُنْتُ مُعْتِقُهُمَا لَا أَنْتَظِرُ بِهِمَا أَنْ يَضْرِبَهُمَا أَلْفَ سَوْطٍ وَذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ وَظُلْمٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَبَ ذَلِكَ.
وَقَالَ مَالِكٌ مِثْلَهُ.
وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ حَلَفَ عَلَى مَا يَجُوزُ لَهُ مِنْ الضَّرْبِ وَقَفَ عَنْهَا وَلَمْ يُضْرَبْ لَهُ أَجَلٌ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ بَيْعُهَا وَلَا وَطْؤُهَا، فَإِنْ بَاعَهَا فُسِخَ الْبَيْعُ وَرُدَّتْ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَضْرِبْهَا حَتَّى يَمُوتَ فَهِيَ فِي ثُلُثِهِ.
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَطَأَ جَارِيَةً إلَّا جَارِيَةً يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهَا أَوْ هِبَتُهَا.
وَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ: يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا وَيُوقَفُ، فَإِنْ بَاعَهَا رَدَدْتُ الْبَيْعَ وَأَعْتَقْتُهَا عَلَى سَيِّدِهَا لِأَنِّي لَا أَنْقُضُ صَفْقَةَ مُسْلِمٍ إلَّا إلَى عِتْقٍ.

.فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ إنْ لَمْ يَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا إلَى أَجَلٍ سَمَّاهُ:

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ عَلَى رَجُلٍ إنْ لَمْ يَقْضِنِي حَقِّي إلَى أَجَلِ كَذَا وَكَذَا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ.
قَالَ مَالِكٌ: فَلَا أَرَى أَنْ يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ إلَى الْأَجَلِ وَهُوَ مِثْلُ مَا يَحْلِفُ هُوَ لَيَقْضِيَنَّهُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْعِتْقُ عِنْدِي مِثْلُهُ، إذَا حَلَفَ إنْ لَمْ يَقْضِ فُلَانًا حَقَّهُ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فُلَانٌ كَذَا وَكَذَا إلَى أَجَلٍ سَمَّاهُ لَمْ يَحِلَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَقِيقِهِ فِي وَطْئِهِنَّ وَلَا بَيْعِهِنَّ، فَإِنْ بَرَّ فُلَانٌ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ فِي الْقَضَاءِ أَوْ فِي الْفِعْلِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ كَانُوا رَقِيقًا وَإِنْ لَمْ يَبَرَّ عَتَقُوا عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ حَلَفَ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا وَفَاءَ لَهُ فَيَفْعَلُ فِيهِ بِمِثْلِ مَا يَفْعَلُ بِمَنْ أَعْتَقَ رَقِيقًا لَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَدْخُلْ هَذِهِ الدَّارَ هَذِهِ السَّنَةَ، أَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ هَذِهِ السَّنَةَ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَطَؤُهَا وَلَيْسَ لَهُ إلَى بَيْعِ الْجَارِيَةِ سَبِيلٌ حَتَّى تَمْضِيَ السَّنَةُ، فَإِنْ دَخَلَ فِي السَّنَةِ بَرَّ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي السَّنَةِ حَتَّى مَضَتْ حَنِثَ، وَإِنْ كَانَ قَدْ بَاعَهَا قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ رُدَّ الْبَيْعُ.
وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الطَّلَاقِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ الدَّارَ حَتَّى تَمْضِيَ السَّنَةُ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ فِيهِ وَلَكِنْ لَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَطْئِهَا إلَى السَّنَةِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ السَّنَةِ أَوْ صَالَحَهَا فَحَلَّتْ السَّنَةُ وَلَيْسَتْ لَهُ بِامْرَأَةٍ فَحَنِثَ وَلَيْسَتْ تَحْتَهُ فَإِنَّهُ إنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي رَجُلٍ قَالَ: إنْ لَمْ أَقْضِكَ حَقَّكَ إلَى سَنَةٍ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَرَقِيقُهُ أَحْرَارٌ: إنَّهُ يَطَأُ امْرَأَتَهُ وَجَوَارِيَهُ فِي السَّنَةِ، فَإِنْ مَضَتْ السَّنَةُ وَلَمْ يَقْضِهِ حَنِثَ، وَإِنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ السَّنَةُ تَطْلِيقَةً فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ السَّنَةِ أَوْ صَالَحَهَا فَمَضَتْ السَّنَةُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: إنْ لَمْ أَقْضِكَ حَقَّكَ إلَى سَنَةٍ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَرَقِيقُهُ أَحْرَارٌ لِمَ قَالَ مَالِكٌ: لَا يُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ وَيَمْنَعُهُ مِنْ الْبَيْعِ إلَّا إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى بَرٍّ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَيْعِ أَمَتِهِ وَإِنْ كَانَ عَلَى حِنْثٍ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَطَأَ جَارِيَتَهُ وَلَا امْرَأَتَهُ حَتَّى يَبَرَّ أَوْ يَحْنَثَ فَلِمَ قَالَ مَالِكٌ مَا قَالَ؟
قَالَ: لِأَنَّ الرَّجُلَ الْحَالِفَ عَلَى بَرٍّ فَلِذَلِكَ وَطِئَ الْأَمَةَ فِي هَذَا وَهِيَ فِي الْبَيْعِ مُرْتَهِنَةً بِيَمِينٍ وَهُوَ حَقٌّ لَهَا، فَلَا يَقْدِرُ عَلَى بَيْعِهَا لِلْحَقِّ الَّذِي لَهَا فِي يَمِينِهِ لِقَوْلِ الْجَارِيَةِ: لَا تَبِعْنِي حَتَّى تَبَرَّ أَوْ تَحْنَثَ، وَهُوَ عَلَى بَرٍّ بِالْوَطْءِ وَهِيَ بِالْبَيْعِ مُرْتَهِنَةً بِيَمِينِهِ فِيهَا.
قُلْتُ: فَإِنْ قَالَتْ الْأَمَةُ يَعْنِي لَا أُرِيدُ أَنْ أُطَالِبَك فِي يَمِينِك بِشَيْءٍ؟
قَالَ: لَا يُنْظَرُ إلَى قَوْلِهَا وَلَا تُبَاعُ حَتَّى يَبَرَّ أَوْ يَحْنَثَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَعْتَقَ إلَى أَجَلٍ مِنْ الْآجَالِ، أَلَهُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ مِمَّنْ أَعْتَقَ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ؟
قَالَ: نَعَمْ، مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ.
قَالَ سَحْنُونٌ وَقَالَ بَعْضُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ: لَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا كَمَا لَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا وَقَدْ قَالَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَطَأَ جَارِيَةً إلَّا جَارِيَةً إنْ شَاءَ بَاعَهَا وَإِنْ شَاءَ وَهَبَهَا، وَذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ.

.(فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ إنْ لَمْ يَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا فَيَمُوتُ):

فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ إنْ لَمْ يَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا فَيَمُوتُ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَدْخُلْ هَذِهِ الدَّارَ هَذِهِ السَّنَةَ، أَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ لَمْ أَدْخُلْ هَذِهِ الدَّارَ هَذِهِ السَّنَةَ، فَمَاتَ فِي السَّنَةِ؟
قَالَ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّهُ مَاتَ عَلَى بَرٍّ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لِرَجُلٍ: أَمَتِي حُرَّةٌ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا، وَقَالَ لِرَجُلٍ: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ لَمْ تَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا، فَتَلَوَّمَ السُّلْطَانُ فَمَاتَ الرَّجُلُ الْحَالِفُ فِي أَيَّامِ التَّلَوُّمِ؟
قَالَ: هُوَ حَانِثٌ فِي الْجَارِيَةِ، وَتُعْتَقُ فِي ثُلُثِ مَالِهِ وَتَرِثُهُ امْرَأَتُهُ؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ وَقَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَطَأَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا فِي تَلَوُّمِهِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى بَرٍّ لَوَطِئَ، فَإِذَا مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ فَقَدْ حَنِثَ وَعَتَقَتْ الْجَارِيَةُ فِي الثُّلُثِ وَتَرِثُهُ امْرَأَتُهُ.
قَالَ سَحْنُونٌ وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يُعْتَقُ إذَا مَاتَ الرَّجُلُ فِي التَّلَوُّمِ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْكِ، أَوْ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَدْخُلْ هَذِهِ الدَّارَ، أَهُوَ عَلَى حِنْثٍ حَتَّى يَفْعَلَ مَا قَالَ؟
قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَإِنْ مَاتَ الْحَالِفُ أَوْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ الَّتِي حَلَفَ عَلَيْهَا هَلْ يَتَوَارَثَانِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ يَتَوَارَثَانِ.
قُلْتُ: فَهَلْ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ حِينَ مَاتَ أَوْ مَاتَتْ؟
قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: لَا حِنْثَ بَعْدَ الْمَوْتِ.
قُلْتُ: فَكَيْفَ كَانَ هَذَا عَلَى حِنْثٍ وَحُلْتَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ وَضَرَبْتَ لَهُ أَجَلَ الْإِيلَاءِ لِأَنَّهُ عِنْدَكَ عَلَى حِنْثٍ، وَهُوَ إذَا مَاتَ أَوْ مَاتَتْ امْرَأَتُهُ قُلْتَ لَا يَحْنَثُ فَلِمَ كَانَ هَذَا هَكَذَا؟
قَالَ: لِأَنَّهُ لَا حِنْثَ عِنْدَنَا بَعْدَ الْمَوْتِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ حَلَفَ فِي الصِّحَّةِ عَلَى شَيْءٍ لَيَفْعَلَنَّهُ بِعِتْقِ رَقِيقِهِ، فَمَاتَ وَلَمْ يَضْرِبْ لِذَلِكَ أَجَلًا قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَهُ، أَيَعْتِقُ رَقِيقُهُ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَعْتِقُونَ مِنْ الثُّلُثِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَبِيعَهُمْ قَبْلَ مَوْتِهِ وَإِنْ كَانَتْ فِيهِمْ جَارِيَةٌ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يَطَأَهَا حَتَّى يَبَرَّ، أَوْ يَحْنَثَ فَتَخْرُجَ حُرَّةً.
قُلْتُ: فَلِمَ جَعَلَهُمْ مَالِكٌ مِنْ الثُّلُثِ وَأَصْلُ يَمِينِهِ إنَّمَا كَانَتْ فِي الصِّحَّةِ؟
قَالَ: لِأَنَّ الْحِنْثَ نَزَلَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَكُلُّ عِتْقٍ بَعْدَ الْمَوْتِ فَهُوَ فِي الثُّلُثِ لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عَلَى الْحِنْثِ حَتَّى مَاتَ، فَلَمَّا ثَبَتَ عَلَى الْحِنْثِ حَتَّى مَاتَ عَلِمْنَا أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُعْتِقَهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ فِي الْمَرَضِ أَنَّهُ مِنْ الثُّلُثِ، فَاَلَّذِي بَعْدَ مَوْتٍ أَحْرَى أَنْ يَكُونَ مِنْ الثُّلُثِ.
سَحْنُونٌ، لِأَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُوصِيَ بِأَنْ يُعْتَقَ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوصِيَ رَجُلٌ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ.

.(فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا وَكَذَا فَيَبِيعُ عَبْدَهُ):

فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا وَكَذَا فَيَبِيعُ عَبْدَهُ ذَلِكَ ثُمَّ يَشْتَرِيهِ:
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ إنْ دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ فَبَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ؟
قَالَ: يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ عِنْدَ مَالِكٍ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُ الْمَمَالِيكَ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ سِوَاهُمْ وَقَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ فِي صِحَّتِهِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ عِتْقُهُ لِأَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا يَغْتَرِقُ قِيمَتَهُمْ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لَا يَغْتَرِقُ قِيمَتَهُمْ؟
قَالَ: يُبَاعُ مِنْهُمْ جَمِيعًا بِقَدْرِ الدَّيْنِ بِالسَّوِيَّةِ ثُمَّ يُعْتَقُ مَا سِوَى ذَلِكَ؟
قُلْت: أَبِالْقُرْعَةِ أَمْ بِغَيْرِ الْقُرْعَةِ؟
قَالَ: يُعْتَقُ مِنْهُمْ بِالْحِصَصِ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ وَلَيْسَتْ الْقُرْعَةُ عِنْدَ مَالِكٍ إلَّا فِي الَّذِي يُعْتَقُ فِي وَصِيَّتِهِ.
سَحْنُونٌ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَتَاقَةُ الرَّجُلِ عَلَيْهِ الدَّيْنُ يُحِيطُ بِمَالِهِ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا صَدَقَتُهُ، وَإِنْ كَانَتْ الدُّيُونُ الَّتِي عَلَيْهِ إلَى أَجَلٍ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي ذَلِكَ الْغُرَمَاءُ، وَأَمَّا بَيْعُهُ وَابْتِيَاعُهُ وَرَهْنُهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَإِنَّمَا الرَّهْنُ مِثْلُ الْبَيْعِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَطَأَ شَيْئًا مِنْ وَلَائِدِهِ اللَّائِي رَدَّ الْغُرَمَاءُ عِتْقَهُنَّ عَلَيْهِ إنْ أَجَازَ الْغُرَمَاءُ عِتْقَهُنَّ مَضَى عَلَيْهِ وَإِنْ أَيْسَرَ قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ فِيهِنَّ بَيْعًا أَعْتَقَهُنَّ.

.فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِحُرِّيَّةِ أَحَدِ عَبِيدِهِ ثُمَّ يَحْنَثُ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ حَلَفَ بِطَلَاقِ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ هَاتَيْنِ فَحَنِثَ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَتْ لَهُ نِيَّةٌ حِينَ قَالَ إحْدَى امْرَأَتَيَّ هَاتَيْنِ طَالِقٌ طَلُقَتْ تِلْكَ بِعَيْنِهَا وَهُوَ مُصَدَّقٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فِي وَاحِدَةٍ طَلُقَتَا عَلَيْهِ جَمِيعًا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِذَا جَحَدَ وَشُهِدَ عَلَيْهِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَ نَوَى وَاحِدَةً فَأُنْسِيَهَا طَلُقَتَا عَلَيْهِ جَمِيعًا.
قُلْتُ: فَإِنْ قَالَ: رَأْسٌ مِنْ رَقِيقِي حُرٌّ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَلَا وَاحِدًا بِعَيْنِهِ؟
قَالَ: فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي أَنْ يُعْتِقَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَالَ رَأْسٌ مِنْ رَقِيقِي صَدَقَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِيمَنْ شَاءَ مِنْهُمْ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ رَجُلٌ لِعَبْدَيْنِ لَهُ أَحَدُكُمَا حُرٌّ؟
قَالَ: إنْ كَانَتْ لَهُ نِيَّةٌ فِي أَحَدِهِمَا قُبِلَتْ نِيَّتُهُ وَصُدِّقَ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَعْتَقَ أَيَّهمَا شَاءَ، وَالطَّلَاقُ مُخَالِفٌ لِهَذَا طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ إنْ نَوَى وَاحِدَةً وَإِلَّا طَلُقَتَا عَلَيْهِ جَمِيعًا.
قُلْتُ: فَإِنْ قَالَ: ذَلِكَ فِي صِحَّتِهِ فِي الْعَبْدَيْنِ، ثُمَّ مَرِضَ فَقَالَ فِي مَرَضِهِ نَوَيْتُ هَذَا الْعَبْدَ، أَيَكُونُ مُصَدَّقًا وَيُخْرَجُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ؟
قَالَ: نَعَمْ، أَرَاهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قِيمَةُ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ نَوَاهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْآخَرِ، فَأَجْعَلُ الْفَضْلَ الَّذِي اتَّهَمْتُهُ فِيهِ فِي الثُّلُثِ.
قَالَ سَحْنُونٌ وَقَالَ غَيْرُهُ يُخْرَجُ فَارِعًا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.

.(فِي الْعَبْدِ يَحْلِفُ بِحُرِّيَّةِ كُلِّ مَمْلُوكٍ يَمْلِكُهُ إلَى أَجَلٍ، ثُمَّ يُعْتَقُ):

فِي الْعَبْدِ يَحْلِفُ بِحُرِّيَّةِ كُلِّ مَمْلُوكٍ يَمْلِكُهُ إلَى أَجَلٍ، ثُمَّ يُعْتَقُ وَيَمْلِكُ مَمَالِيكَ:
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ عَبْدًا حَلَفَ فَقَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ إلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً فَهُوَ حُرٌّ، فَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ فَاشْتَرَى رَقِيقًا فِي الثَّلَاثِينَ سَنَةً، أَيُعْتَقُونَ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنِّي كُنْتُ عِنْدَ مَالِكٍ فَأَتَاهُ عَبْدٌ فَقَالَ: إنِّي سَمِعْتُ الْيَوْمَ لِجَارِيَةٍ فَعَاسَرُونِي فِي ثَمَنِهَا.
قَالَ فَقُلْتُ: هِيَ حُرَّةٌ إنْ اشْتَرَيْتَهَا ثُمَّ بَدَا لِي أَنْ أَشْتَرِيَهَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى أَنْ تَشْتَرِيَهَا وَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ وَعَظَّمَ الْكَرَاهِيَةَ فِيهَا.
قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: أَسَيِّدُهُ أَمَرَهُ أَنْ يَحْلِفَ بِذَلِكَ؟ فَقَالَ لِي مَالِكٌ: لَمْ يُخْبِرْنِي أَنَّ سَيِّدَهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ، وَقَدْ نَهَيْتُهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا.
فَمَسْأَلَتُكَ أَبْيَنُ مِنْ هَذَا عِنْدِي أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ مَا يَمْلِكُهُ فِي الثَّلَاثِينَ سَنَةً إذَا هُوَ عَتَقَ وَالْيَمِينُ لَازِمَةٌ حِينَ حَلَفَ بِهَا، وَلَكِنْ مَا مَلَكَ مِنْ الْعَبِيدِ وَهُوَ عَبْدٌ فِي مِلْكِ سَيِّدِهِ إنَّمَا مَنَعَنَا مِنْ أَنْ نُعْتِقَهُمْ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ يَجُوزُ عِتْقُهُ عَبْدًا لَهُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَهُوَ رَأْيِي إلَّا أَنْ يُعْتَقَ وَهُمْ فِي مِلْكِهِ فَيُعْتَقُوا عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ مَا أَعْتَقَ وَلَمْ يُرِدْ ذَلِكَ السَّيِّدُ، فَكَذَلِكَ هُوَ فِيمَا حَنِثَ إذَا لَمْ يُرِدْهُ السَّيِّدُ بِمَنْزِلَةِ مَا أَعْتَقَ يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَيْهِ بَعْدَ عِتْقِهِ إذَا كَانُوا فِي يَدَيْهِ، وَلَقَدْ سَمِعْتُ مَالِكًا وَأَرْسَلْتُ إلَيْهِ أَمَةً مَمْلُوكَةً حَلَفَتْ بِصَدَقَةِ مَالِهَا أَنْ لَا تُكَلِّمَ أُخْتَهَا، فَأَرَادَتْ أَنْ تُكَلِّمَهَا فَقَالَ: إنْ كَلَّمَتْهَا رَأَيْتُ ذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهَا فِي ثُلُثِ مَالِهَا بَعْدَ عِتْقِهَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَذَلِكَ عِنْدِي فِيمَا قَالَ مَالِكٌ: إذَا لَمْ يُرِدْ السَّيِّدُ حَتَّى يُعْتَقَ، فَالصَّدَقَةُ وَالْعِتْقُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ يَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُرِدْ ذَلِكَ السَّيِّدُ بَعْدَ حِنْثِهِ وَقَبْلَ عِتْقِهِ، فَلَا يَلْزَمُهُ فِيهِمْ وَيَلْزَمُهُ فِيمَا أَفَادَ بَعْدَ عِتْقِهِ إلَى الْأَجَلِ الَّذِي حَلَفَ إلَيْهِ وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ.

.(فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ دَخَلْت هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ):

فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ دَخَلْت هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ فَتَدْخُلُ إحْدَاهُمَا:
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لِأَمَتِهِ: إنْ دَخَلْتِ هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ، فَدَخَلَتْ إحْدَى الدَّارَيْنِ؟
قَالَ: هِيَ حُرَّةٌ عِنْدَ مَالِكٍ.
وَقَالَ: إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتَيْهِ: إنْ دَخَلْتُمَا الدَّارَ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ أَوْ لِعَبِيدِهِ، أَنْتُمَا حُرَّانِ فَدَخَلَتْهَا وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا أَوْ وَاحِدٌ مِنْ الْعَبِيدِ.
قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى يَدْخُلَا جَمِيعًا.
قَالَ سَحْنُونٌ.
وَقَالَ أَشْهَبُ يُعْتَقُ الَّذِي دَخَلَ وَلَا يُعْتَقُ الْآخَرُ، وَلَيْسَ لِمَنْ قَالَ: لَا يُعْتَقَانِ إلَّا بِدُخُولِهِمَا جَمِيعًا قَوْلٌ، وَلَا لِمَنْ قَالَ: يُعْتَقَانِ جَمِيعًا إذَا دَخَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا قَوْلٌ.

.(فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ إنْ دَخَلْتَ هَذِهِ الدَّارَ):

فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ إنْ دَخَلْتَ هَذِهِ الدَّارَ، فَيَقُولُ الْعَبْدُ: قَدْ دَخَلْتُهَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَقُولُ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ، أَوْ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ، فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ بَعْدَ ذَلِكَ قَدْ دَخَلْنَاهَا قَالَ: أَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ فَيُؤْمَرُ بِفِرَاقِ امْرَأَتِهِ وَبِعِتْقِ غُلَامِهِ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ فِي حَالِ الشَّكِّ فِي الْحِنْثِ وَالْبَرِّ، وَأَمَّا فِي الْقَضَاءِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى طَلَاقِهَا وَلَا عَلَى عِتْقِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ لَهُمَا: إنْ كُنْتُمَا دَخَلْتُمَا هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ وَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَا: إنَّا قَدْ دَخَلْنَاهَا أَنَّهُمَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءٌ أَقَرَّا أَوْ لَمْ يُقِرَّا أَلَّا يُعْتَقَ الْعَبْدُ وَلَا تَطْلُقَ الْمَرْأَةُ بِقَضَاءٍ، لِأَنَّ الزَّوْجَ وَالسَّيِّدَ لَا يَعْلَمَانِ تَصْدِيقَ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِمَا فَلِذَلِكَ يُؤْمَرُ بِأَنْ يُطَلِّقَ وَيُعْتِقَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَلَا يُجْبَرُ فِي الْقَضَاءِ عَلَى ذَلِكَ.

.(فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ كُنْتِ تُبْغِضِينِي):

فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ كُنْتِ تُبْغِضِينِي، فَتَقُولُ: أَنَا أُحِبُّك:
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ كُنْتِ تُبْغِضِينِي، فَقَالَتْ: أَنَا أُحِبُّكَ وَلَسْتُ أُبْغِضُكَ، أَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ كُنْتُ تُحِبِّينَنِي، فَقَالَتْ أَنَا أُبْغِضُك، أَتُعْتَقُ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟
قَالَ: هَذَا عِنْدِي حَانِثٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَصَدَقَتْ فِي قَوْلِهَا أَمْ كَذَبَتْ، فَهُوَ عَلَى حِنْثٍ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَحْبِسَهَا بَعْدَ يَمِينِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ وَلَكِنْ يُعْتِقُهَا وَيُخَلِّيهَا.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ: إنْ كَانَ فُلَانٌ يُبْغِضُنِي فَعَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ، فَقَالَ فُلَانٌ: أَنَا أُحِبُّكَ؟
قَالَ: عَلَيْهِ أَنْ يَمْشِيَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَصَدَقَ فُلَانٌ فِي مَقَالَتِهِ أَوْ كَذَبَ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ لِأَنِّي سَأَلْتُ مَالِكًا وَاللَّيْثَ عَنْ الرَّجُلِ يَسْأَلُ امْرَأَتَهُ عَنْ الْخَبَرِ فَيَقُولُ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَتَمْتِينَنِي وَإِنْ لَمْ تَصْدُقِينَنِي، فَتُخْبِرُهُ الْخَبَرَ فَلَا يَدْرِي أَكَتَمَتْهُ ذَلِكَ أَمْ صَدَّقَتْهُ إلَّا أَنَّهَا تَقُولُ لِلزَّوْجِ: قَدْ صَدَقْتُكَ وَلَمْ أَكْتُمْكَ فَقَالَا جَمِيعًا: نَرَى أَنْ يُفَارِقَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَصَدَقَتْهُ أَمْ كَذَبَتْهُ، فَكَذَلِكَ مَسَائِلُكَ هَذِهِ كُلُّهَا وَمَا كَانَ مِمَّا يُشْبِهُ هَذَا الْوَجْهَ فَهُوَ عَلَى مِثْلِ هَذَا.
قُلْتُ: وَيُقْضَى عَلَيْهِ فِي هَذَا بِالْحِنْثِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالطَّلَاقِ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا يُقْضَى عَلَيْهِ وَلَكِنْ يُؤْمَرُ بِذَلِكَ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ.

.فِي الرَّجُلِ يَجْعَلُ عِتْقَ عَبْدِهِ فِي يَدِهِ فِي مَجْلِسِهِمَا:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَعْتِقْ نَفْسَكَ فِي مَجْلِسِكَ هَذَا، فُوِّضَ ذَلِكَ إلَيْهِ.
فَقَالَ الْعَبْدُ: قَدْ اخْتَرْت نَفْسِي يَنْوِي الْعَبْدُ بِذَلِكَ الْعِتْقَ، أَيَكُونُ حُرًّا أَمْ لَا؟
قَالَ: إذَا نَوَى الْعَبْدُ بِذَلِكَ الْحُرِّيَّةَ عَتَقَ لِأَنَّ قَوْلَهُ هَذَا: قَدْ اخْتَرْتُ نَفْسِي، هُوَ مِنْ حُرُوفِ الْعِتْقِ.
فَقُلْتُ: وَيُجْعَلُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ إنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ الْعِتْقَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْعَبْدُ بِذَلِكَ الْحُرِّيَّةَ فَلَا حُرِّيَّةَ لَهُ؟
قَالَ: نَعَمْ لَا حُرِّيَّةَ لَهُ إذَا لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الْحُرِّيَّةَ.
قُلْتُ: فَإِنْ قَالَ: أَنَا أَدْخُلُ الدَّارَ يَنْوِي بِذَلِكَ الْعِتْقَ؟
قَالَ: هَذَا لَا يَكُونُ بِقَوْلِهِ: أَنَا أَدْخُلُ الدَّارَ حُرًّا؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ حُرُوفِ الْعِتْقِ.
قُلْتُ: فَلَوْ أَنَّ السَّيِّدَ قَالَ لِعَبْدِهِ: اُدْخُلْ الدَّارَ، وَهُوَ يُرِيدُ بِلَفْظِهِ ذَلِكَ حُرِّيَّةَ الْعَبْدِ؟
قَالَ: هُوَ حُرٌّ عِنْدَ مَالِكٍ إذَا أَرَادَ بِذَلِكَ اللَّفْظِ عِتْقَ الْعَبْدِ.
قُلْتُ: مَا فَرْقُ مَا بَيْنَ قَوْلِ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ: اُدْخُلْ، يَنْوِي بِذَلِكَ اللَّفْظِ حُرِّيَّةَ الْعَبْدِ، وَبَيْنَ قَوْلِ الْعَبْدِ: أَنَا أَدْخُلُ الدَّارَ، يَنْوِي بِذَلِكَ اللَّفْظِ حُرِّيَّةَ نَفْسِهِ فِي هَذَا الَّذِي فَرَضَ سَيِّدُهُ إلَيْهِ الْعِتْقَ؟
قَالَ: لِأَنَّ الْعَبْدَ مُدَّعٍ فِي ذَلِكَ فَلَا يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِالْعِتْقِ وَلَا بِحُرُوفِ الْعِتْقِ، فَالسَّيِّدُ هَهُنَا مُصَدِّقٌ عَلَى نَفْسِهِ وَالْعَبْدُ لَا يُصَدَّقُ فِي هَذَا عَلَى سَيِّدِهِ وَإِنَّمَا مِثْلُ ذَلِكَ مِثْلُ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَمْرُكِ بِيَدِكِ، فَقَالَتْ: أَنَا أَدْخُلُ بَيْتِي، ثُمَّ جَاءَتْ بَعْدَ ذَلِكَ تَدَّعِي أَنَّهَا أَرَادَتْ الطَّلَاقَ لَمْ يَقْبَلْ قَوْلَهَا.
قُلْتُ: فَإِنْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ قَالَ الْعَبْدُ أَمَّا إذَا لَمْ تُجِزْ وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ قَوْلِنَا ذَلِكَ فَنَحْنُ نُطَلِّقُ وَنُعْتِقُ الْآنَ مِنْ ذِي قَبْلِ؟
قَالَ:
لَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَيْهِمَا، قُلْتُ: وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَجْلِسُ الَّذِي فَوَّضَ فِيهِ الزَّوْجُ وَالسَّيِّدُ إلَيْهِمَا؟
قَالَ: نَعَمْ، لَا يَكُونُ إلَيْهِمَا مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ لِأَنَّهُمَا قَدْ تَرَكَا ذَلِكَ حِينَ أَجَابَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَلَا عَتَاقٍ.
قُلْتُ: فَإِنْ سَكَتَا حَتَّى تَفَرَّقَا، أَلَيْسَ ذَلِكَ فِي أَيْدِيهِمَا فِي يَدِ الْمَرْأَةِ وَفِي يَدِ الْعَبْدِ؟
قَالَ: لَا، إلَّا فِي قَوْلِ مَالِكٍ الْآخَرَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ جَمَاعَةُ النَّاسِ وَلَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ رَأْيِي.
قُلْتُ: فَلِمَ لَا يَكُونُ عِنْدَ مَالِكٍ هَذَا الْعَبْدُ وَالْمَرْأَةُ أَنْ تَطْلُقَ وَأَنْ يُعْتَقَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ إذَا أَبْطَلْتَ قَوْلَهُمَا الْأَوَّلَ؟
قَالَ: لِأَنَّهُمَا بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ تَارِكَانِ لِمَا جُعِلَ إلَيْهِمَا حِينَ أَجَابَتْ وَأَجَابَ الْعَبْدُ بِجَوَابٍ لَمْ يَلْزَمْ السَّيِّدَ، فَلَيْسَ لَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ قَضَاءٌ لَا فِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَلَا فِي الْآخَرِ عِنْدَ مَالِكٍ وَفِي السُّكُوتِ هُمَا عَلَى أَمْرِهِمَا عِنْدَ مَالِكٍ حَتَّى يَجِيءَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُمَا قَدْ تَرَكَا مَا كَانَ جُعِلَ إلَيْهِمَا، لِأَنَّ مَالِكًا سُئِلَ إذَا كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ لَهُمَا مَا كَانَا فِي مَجْلِسِهِمَا، فَإِنْ تَفَرَّقَا فَلَا شَيْءَ لَهُمَا فَقِيلَ لِمَالِكٍ: فَإِنْ طَالَ الْمَجْلِسُ بِهِمَا فَقَالَ: إذَا طَالَ ذَلِكَ حَتَّى يَرَى أَنَّهُمَا قَدْ تَرَكَا ذَلِكَ أَوْ يَخْرُجَانِ مِنْ الَّذِي كَانَا فِيهِ إلَى كَلَامِ غَيْرِهِ، يُسْتَدَلُّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمَا تَرَكَا لِمَا كَانَا فِيهِ بَطَلَ مَا جُعِلَ فِي أَيْدِيهِمَا مِنْ ذَلِكَ، فَهِيَ إذَا جَاءَتْ بِجَوَابٍ لَا يَلْزَمُ الزَّوْجُ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَرَكَ مَا كَانَ لَهَا مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهَا قَدْ قَضَتْ بِقَضَاءٍ لَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَقْضِيَ بِذَلِكَ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ الْآخَرِ أَنَّ ذَلِكَ لَهَا وَإِنْ قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا إلَّا أَنْ تُوقِفَهُ أَوْ تَتْرُكَهُ يَطَؤُهَا أَوْ يُبَاشِرُهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَيَكُونُ ذَلِكَ تَرْكًا لِمَا فِي يَدَيْهَا مِنْ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ إذَا قَضَتْ بِمَا لَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ فِي الَّذِي جُعِلَ إلَيْهَا فَلَيْسَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْأَمْرِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَرَأْيِي عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ النَّاسِ: أَنَّهُمَا إذَا تَفَرَّقَا وَلَمْ يَقْضِ بِشَيْءٍ فَلَيْسَ لَهَا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ قَضَاءٌ.
قَالَ سَحْنُونٌ وَقَالَ غَيْرُهُ: إذَا قَالَ لِعَبْدٍ: عِتْقُكَ فِي يَدَيْكَ.
فَقَالَ: فَقَدْ اخْتَرْتُ نَفْسِي أَوْ قَالَ لَهُ: أَمْرُكَ فِي يَدَيْكَ فِي الْعِتْقِ.
فَقَالَ لَهُ: قَدْ اخْتَرْتُ نَفْسِي: إنَّهُ حُرٌّ وَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الْعِتْقَ بِمَنْزِلَةِ الْمَرْأَةِ تَقُولُ: قَدْ اخْتَرْتُ نَفْسِي، فَهِيَ طَالِقٌ، وَإِنْ قَالَتْ: لَمْ أُرِدْ الطَّلَاقَ.
وَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ: أَنَا أَدْخُلُ الدَّارَ أَوْ أَنَا أَذْهَبُ أَوْ أَخْرُجُ لَا يَكُونُ هَذَا عِتْقًا إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ بِذَلِكَ الْعِتْقَ، فَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِذَلِكَ الْعِتْقَ فَهُوَ عِتْقٌ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ كَلَامٍ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ يُرِيدُ بِهِ الْعِتْقَ.