فصل: في جِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ، وَلَهُ مَالٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)



.في جِنَايَةِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ:

قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى فَقَالَ: هُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ.
فَمَاتَ السَّيِّدُ وَالثُّلُثُ لَا يَحْمِلُهُ؟
قَالَ: يُقَالُ لِلْوَرَثَةِ: أَجِيزُوا الْوَصِيَّةَ وَإِلَّا فَأَعْتِقُوا مَا حَمَلَ الثُّلُثُ بَتْلًا.
قُلْت: فَإِنْ أَجَازُوا الْوَصِيَّةَ؟
قَالَ: إذَا خَدَمَهُمْ تَمَامَ الشَّهْرِ خَرَجَ جَمِيعُهُ حُرًّا، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْت: وَإِنْ قَالَ السَّيِّدُ: هُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ.
فَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ.
ثُمَّ جَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ الشَّهْرُ؟
قَالَ: يُقَالُ لِلْوَرَثَةِ: افْتَكُّوا خِدْمَتَهُ أَوْ أَسْلِمُوهَا.
قُلْت: فَإِنْ افْتَكُّوهَا أَوْ أَسْلَمُوهَا.
أَيُعْتَقُ الْعَبْدُ بِجَمِيعِهِ إذَا مَضَى الشَّهْرُ؟
قَالَ: نَعَمْ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْت: فَإِنْ عَتَقَ الْعَبْدُ بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ وَقَدْ كَانُوا أَنْفَذُوا مَا أَوْصَى بِهِ الْمَيِّتُ وَأَسْلَمُوهُ؟
قَالَ: يَكُونُ مَا بَقِيَ مِنْ الْجِنَايَةِ في ذِمَّةِ الْعَبْدِ يُتْبَعُ بِهَا.
قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْت: فَإِنْ كَانَ الْوَرَثَةُ افْتَكُّوهُ فَخَدَمَهُمْ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ ثُمَّ عَتَقَ، هَلْ يُتْبَعُ بِشَيْءٍ؟
قَالَ: لَا، وَقَدْ بَلَغَنِي ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ مِمَّنْ أَرْضَاهُ.
قُلْت: فَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ - حِينَ مَاتَ الْمَيِّتُ - لَمْ يُجِيزُوا الْوَصِيَّةَ فَأَعْتَقَتْ عَلَيْهِمْ الثُّلُثَ بَتْلًا ثُمَّ جَنَى جِنَايَةً؟
قَالَ: تُقْسَمُ الْجِنَايَةُ أَثْلَاثًا، فيكُونُ ثُلُثُ الْجِنَايَةِ عَلَى الثُّلُثِ الْمُعْتَقِ.
وَيُقَالُ لِلْوَرَثَةِ: افْتَكُّوا ثُلُثَيْكُمْ بِثُلُثَيْ الْجِنَايَةِ أَوْ أَسْلِمُوهُ، فيكُونُ ثُلُثَاهُ رَقِيقًا لِأَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَعْتَقَ رَجُلٌ عَبْدًا لَهُ في مَرَضِهِ فَجَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً، أَيَدْفَعُ بِهَا أَمْ لَا؟
قَالَ: إذَا أَوْصَى بِعِتْقِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ أَوْ يَفْتَدِيَهُ إذَا اعْتَدَلَتْ قِيمَتُهُ وَجِنَايَتُهُ، فَإِنْ فَدَاهُ كَانَ عَلَى الْوَصِيَّةِ.
فَأَمَّا إذَا أَبَتَّ عِتْقَهُ في مَرَضِهِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مِثْلَ الْمُدَبَّرِ، تَكُونُ الْجِنَايَةُ في ذِمَّتِهِ إذَا حَمَّلَهُ الثُّلُثَ - وَكَذَلِكَ بَلَغَنِي عَمَّنْ أَرْضَى بِهِ - وَلَا تَكُونُ في رَقَبَتِهِ.
وَإِنْ كَانَ لِسَيِّدِهِ أَمْوَالٌ مَأْمُونَةٌ مِنْ دُورٍ أَوْ أَرَضِينَ فَهُوَ حُرٌّ حِينَ أَعْتَقَهُ، وَالْجِنَايَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ إنْ كَانَتْ خَطَأً، وَإِنْ كَانَتْ عَمْدًا اُقْتُصَّ مِنْهُ.
قُلْت: أَرَأَيْت إنْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ إلَى شَهْرٍ وَلَا يَحْمِلُهُ الثُّلُثَ، فَجَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا إلَّا أَنِّي أَرَى أَنْ يُقَالَ لِلْوَرَثَةِ: اخْتَارُوا، إمَّا أَنْ أَعْطَيْتُمْ أَرْشَ الْجِنَايَةِ كُلِّهَا وَتَكُونُ لَكُمْ خِدْمَةُ الْعَبْدِ فَتَكُونُونَ قَدْ أَجَزْتُمْ وَصِيَّةَ صَاحِبِكُمْ وَيَخْدُمكُمْ إلَى الْأَجَلِ فَذَلِكَ لَكُمْ، وَإِذَا انْقَضَتْ الْخِدْمَةُ خَرَجَ الْعَبْدُ حُرًّا بِجَمِيعِهِ وَلَمْ تَتْبَعُوهُ بِشَيْءٍ، وَإِنَّ أَبَيْتُمْ عَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ ثُلُثُهُ وَقِيلَ لَكُمْ: افْتَدَوْا الثُّلُثَيْنِ اللَّذَيْنِ صَارَا لَكُمْ بِثُلُثَيْ الدِّيَةِ، وَإِلَّا فَأَسْلِمُوهُمَا لِأَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ وَيَكُونُ ثُلُثُ الْجِنَايَةِ عَلَى الثُّلُثِ الَّذِي عَتَقَ مِنْهُ.

.في جِنَايَةِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ يَجْنِي قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ:

قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ فَجَنَى قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ السَّيِّدُ، أَتُنْتَقَضُ الْوَصِيَّةُ فيهِ أَمْ لَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا، وَلَكِنْ يُخَيَّرُ السَّيِّدُ، فَإِنْ دَفَعَهُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَإِنْ فَدَاهُ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ كَمَا هِيَ.
وَقَالَ مَالِكٌ: هُوَ عَبْدٌ بَعْدُ، فَلَهُ تَغْيِيرُ وَصِيَّتِهِ وَيَبِيعُهُ وَيَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ.
فَلَمَّا قَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ، عَلِمْنَا أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسْلِمَهُ، فَإِنْ لَمْ يُسْلِمْهُ وَفْدَاهُ فَالْوَصِيَّةُ لَهُ ثَابِتَةٌ، لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَقَعُ بَعْدَ الْمَوْتِ إذَا لَمْ يُغَيِّرْهَا قَبْلَ مَوْتِهِ، وَكَذَلِكَ بَلَغَنِي عَمَّنْ أَثِقُ بِهِ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى فَقَالَ: إذَا مِتُّ فَهُوَ حُرٌّ.
فَجَنَى الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يُقَوَّمَ في الثُّلُثِ، وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ؟
قَالَ: يُعْتَقُ وَتَكُونُ الْجِنَايَةُ دَيْنًا عَلَيْهِ يُتْبَعُ بِهَا.
قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: هُوَ مِثْلُ مَا قَالَ مَالِكٌ في الْمُدَبَّرِ، لِأَنَّهُ عِنْدَ مَالِكٍ عَبْدٌ مَا لَمْ يُقَوَّمْ إنْ كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُهُ، إلَّا أَنْ تَكُونَ أَمْوَالُهُ مَأْمُونَةً مِنْ دُورٍ أَوْ أَرَضِينَ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ، فيكُونُ ذَلِكَ عَلَى الْعَاقِلَةِ.
وَذَلِكَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ: حُدُودُهُ وَحُرْمَتُهُ وَقَذْفُهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ حَتَّى يُقَوَّمَ في الثُّلُثِ وَيَخْرُجَ مِنْ الثُّلُثِ، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَوْ أُصِيبَ بِشَيْءٍ قَبْلَ أَنْ يُقَوَّمَ في الثُّلُثِ حَتَّى يَنْقُصَ ذَلِكَ مِنْ عِتْقِهِ.
نَقَصَ مِنْ عِتْقِهِ وَرُقَّ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا يُرَقُّ، فَذَلِكَ يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهُ عَبْدٌ، وَأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ عَنْ عَبْدٍ، وَأَنَّ مَا جَنَى بِمَنْزِلَةِ مَا جَنَى عَلَيْهِ.
وَإِنَّمَا قَالَ لَنَا مَالِكٌ هَذَا في الْمُدَبَّرِ، فَإِذَا أَوْصَى بِعِتْقِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ ثُمَّ مَاتَ فَجَنَى بَعْدَ الْمَوْتِ فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ الْمُدَبَّرِ سَوَاءٌ، لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَهُ مَا ثَبَتَ لِلْمُدَبَّرِ، وَكَذَلِكَ بَلَغَنِي عَمَّنْ أَثِقُ بِهِ.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ أَعْلَمْتُكَ بِاخْتِلَافِهِمْ في الْمَالِ الْمَأْمُونِ.
قَالَ سَحْنُونٌ: مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَقُولُ: وَإِنْ كَانَ الْمَالُ مَأْمُونًا فَهُوَ عَلَى حَالِهِ حَتَّى يُقَوَّمَ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ، ثُمَّ جَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً فَلَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ حَتَّى مَاتَ السَّيِّدُ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ، أَوْ لَمْ يَدَعْ مَالًا سِوَاهُ.
أَتَرَى لِلْوَرَثَةِ مَا كَانَ لِأَبِيهِمْ مِنْ الْخِيَارِ في أَنْ يُسْلِمَ الْعَبْدَ أَوْ يَفْتَكَّهُ، أَمْ تَرَى الْحُرِّيَّةَ قَدْ جَرَتْ فيهِ لَمَّا مَاتَ السَّيِّدُ، وَتُجْعَلُ سَبِيلُهُ سَبِيلَ مَنْ جَنَى بَعْدَ الْمَوْتِ؟
قَالَ: الْمَجْرُوحُ أَوْلَى بِهِ وَهُوَ في رَقَبَتِهِ، فَإِنْ أُسْلِمَ كَانَ عَبْدًا لِلْمَجْرُوحِ، وَإِنْ افْتَكُّوهُ رَجَعَ الْعَبْدُ في الْوَصِيَّةِ إلَى مَالِ سَيِّدِهِ فَأُعْتِقَ في ثُلُثِهِ، بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ افْتَكَّهُ سَيِّدُهُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ وَتَكُونَ الْوَرَثَةُ فيهِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِمَنْزِلَةِ السَّيِّدِ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ، لِأَنَّ الْجُرْحَ كَانَ في رَقَبَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ سَيِّدُهُ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَعْتَقَهُ بَتْلًا في الْمَرَضِ وَلَا مَالَ لَهُ، فَجَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً، ثُمَّ أَفَادَ أَمْوَالًا مَأْمُونَةً في مَرَضِهِ كَثِيرَةً؟
قَالَ: يُعْتَقُ الْعَبْدُ حِينَ أَفَادَهَا وَتَكُونُ الْجَرِيرَةُ في ذِمَّتِهِ يُتْبَعُ بِهَا وَلَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ، لِأَنَّهُ يَوْمَ جَنَى كَانَ مِمَّنْ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ جَرِيرَتَهُ.
قُلْت: أَسْمَعْتَ هَذَا مِنْ مَالِكٍ؟
قَالَ: الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ في هَذَا قَدْ أَخْبَرْتُكَ بِهِ في الْمَسَائِلِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لَنَا: إذَا كَانَتْ لَهُ أَمْوَالٌ مَأْمُونَةٌ - مَا قَدْ أَخْبَرْتُكَ بِهِ، فَهُوَ إذَا أَفَادَهَا في مَرَضِهِ - صَنَعْتُ بِهِ حِينَ أَفَادَهَا في الْعِتْقِ مِثْلَ مَا كُنْتُ أَصْنَعُ بِهِ إذَا أَعْتَقَهُ، وَلَهُ أَمْوَالٌ مَأْمُونَةٌ.

.في رَجُلٍ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ في مَرَضِهِ وَبَتَلَ عِتْقَهُ فَجُرِحَ الْعَبْدُ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ:

قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَعْتَقَ رَجُلٌ عَبْدَهُ في مَرَضِهِ فَبَتَلَ عِتْقَهُ فَجُرِحَ الْعَبْدُ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ؟
قَالَ: عَقْلُهُ عَقْلُ عَبْدٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ لِلسَّيِّدِ أَمْوَالٌ مَأْمُونَةٌ لَا يَخَافُ عَلَيْهَا، مِثْلُ الْأَرَضِينَ وَالدُّورِ وَالنَّخْلِ، فَتَكُونُ جِرَاحُهُ جِرَاحَ حُرٍّ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ قَدْ تَمَّتْ هَهُنَا، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ: إنَّهُ لَا يَكُونُ حُرًّا، وَلَا تَكُونُ حُرْمَتُهُ حُرْمَةَ حُرٍّ حَتَّى تَكُونَ هَذِهِ الْأَمْوَالُ مَأْمُونَةً لَا يُخَافُ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً.
قَالَ: وَاَلَّذِي قَالَ لَنَا مَالِكٌ في الْمَالِ الْمَأْمُونِ: إنَّهُ الْأَرَضُونَ وَالنَّخْلُ وَالدُّورُ.
قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنِّي أَعْتَقْت عَبْدًا لِي في مَرَضِي بَتْلًا، ثُمَّ جَنَى جِنَايَةً وَبَرِئْت مِنْ مَرَضِيّ ذَلِكَ أَوْ مِتُّ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا إلَّا مَا أَخْبَرْتُكَ بِهِ في الْمَسَائِلِ الْأُوَلِ.
فَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ مِمَّنْ يُوقَفُ إذَا كَانَ السَّيِّدُ مِمَّنْ لَيْسَتْ لَهُ أَمْوَالٌ مَأْمُونَةٌ مِنْ الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ، إنَّ مَنْ قَتَلَ هَذَا الْمُعْتَقَ في الْمَرَضِ، فَإِنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَةُ عَبْدٍ، وَجِرَاحُهُ جِرَاحَاتُ عَبْدٍ، وَحُدُودُهُ حُدُودُ عَبْدٍ، فَإِذَا كَانَ بِهَذِهِ الْحَالَةِ، فَإِنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ مَا جَنَى مِنْ جِنَايَتِهِ، لِأَنَّ جِنَايَتَهُ جِنَايَةُ عَبْدٍ، لِأَنَّهُ لَا تُحْمَلُ لَهُ جَرِيرَةً حَتَّى يَحْمِلَ هُوَ مَعَ الْعَاقِلَةِ مَا لَزِمَ الْعَاقِلَةَ مِنْ الْجَرَائِرِ، فَقِسْ عَلَى هَذَا مَا يَرِدُ عَلَيْكَ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إذَا أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ في مَرَضِهِ بَتْلًا فَجَرَّ جَرِيرَةً، ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُ؟
قَالَ: يُعْتَقُ ثُلُثُهُ وَيُرَقُّ ثُلُثَاهُ، وَيَكُونُ ثُلُثُ الْجِنَايَةِ عَلَى الثُّلُثِ الْعَتِيقِ، وَيُقَالُ لِلْوَرَثَةِ: ادْفَعُوا الثُّلُثَيْنِ أَوْ افْتَكُّوهُ بِثُلُثَيْ الْجِنَايَةِ لِأَنَّ سَبِيلَهُ هَهُنَا سَبِيلُ الْمُدَبَّر.
قَالَ مَالِكٌ: وَالْمُدَبَّرُ في مِثْلِ مَا وَصَفْتُ لَكَ في هَذَا سَوَاءٌ.
قُلْت: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ عَبْدَهُ في مَرَضِهِ بَتْلًا وَلَا مَالَ لِلسَّيِّدِ غَيْرَهُ، فَجَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً بَعْدَ مَا أَعْتَقَهُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ سَيِّدُهُ؟
قَالَ: يُوقَفُ الْعَبْدُ حَتَّى يُنْظَرَ إلَى مَا يَصِيرُ إلَيْهِ السَّيِّدُ، فَإِنْ بَرِأَ السَّيِّدُ مِنْ مَرَضِهِ وَصَحَّ كَانَتْ الْجِنَايَةُ في ذِمَّةِ الْعَبْدِ، وَيَخْرُجُ الْعَبْدُ حُرًّا بِجَمِيعِهِ، وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ مِنْ مَرَضِهِ رُقَّ ثُلُثَاهُ وَعَتَقَ ثُلُثَهُ وَكَانَتْ حَالُهُ في الْجِنَايَةِ مِثْلَ مَا وَصَفْتُ لَكَ في الْمُدَبَّرِ.
قُلْت: فَهَلْ يُقَالُ لِلسَّيِّدِ: إذَا أَوْقَفْتَ الْعَبْدَ في الْعِتْقِ الْمُبْتَلِّ: أَسْلِمْهُ أَوْ افْتَدِهِ؟
قَالَ: لَا.
قُلْت: لِمَ؟
قَالَ: لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فيهِ خِدْمَةٌ وَلَا رِقٌّ، وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ في الْمُدَبَّرِ أَسْلِمْهُ أَوْ افْدِهِ لِلْخِدْمَةِ الَّتِي لَهُ فيهِ؛ لِأَنَّ لَهُ في الْمُدَبَّرِ الْخِدْمَةَ إلَى الْمَوْتِ.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِنَا مِثْلَ مَا قَالَ: إنَّهُ مَوْقُوفٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ فيهِ خِدْمَةٌ فيسْلِمُهَا.
فَكُلُّ قَوْلٍ تَجِدُهُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ عَلَى خِلَافِ هَذَا فَأَصْلُهُ عَلَى هَذَا، فَإِنَّ هَذَا أَصْلُ قَوْلِهِمْ وَأَحْسَنُهُ.
وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ رُبَّمَا قَالَ غَيْرَ هَذَا ثُمَّ قَالَ هَذَا وَتَبَيَّنَ لَهُ وَثَبَتَ عَلَيْهِ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَهَذِهِ الْمَسَائِلِ الَّتِي سَأَلْتُكَ عَنْهَا في الْعِتْقِ، الْبَتْلِ في الْمَرَضِ، أَسْمَعْتَهَا مِنْ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا، وَهَذَا رَأْيِي.
قُلْت: أَرَأَيْت إنْ أَعْتَقْت عَبْدِي في مَرَضِي بَتْلًا وَلَا مَالَ لِي سِوَاهُ، وَلِلْعَبْدِ مَالٌ كَثِيرٌ، أَيُؤْخَذُ مَالُ الْعَبْدِ أَمْ يُوقَفُ مَالُهُ مَعَهُ؟
قَالَ: يُوقَفُ مَالُهُ مَعَهُ.
قُلْت: فَإِنْ أُوقِفَ مَعَهُ مَالُهُ فَجَنَى جِنَايَةً مَا حَالُ مَالِهِ؟
قَالَ: يُوقَفُ مَالُهُ مَعَهُ وَلَا يَدْفَعُ إلَى أَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةَ.
قُلْت: وَلِمَ أَوْقَفْتَ مَالُهُ مَعَهُ؟
قَالَ: لِأَنَّهُ إنْ مَاتَ السَّيِّدُ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُ عَتَقَ ثُلُثُهُ وَكَانَ عَلَيْهِ ثُلُثُ الْجِنَايَةِ وَرُقَّ ثُلُثَاهُ، فَإِنْ اخْتَارَتْ الْوَرَثَةُ أَنْ يَفْتَكُّوا الثُّلُثَيْنِ بِثُلُثَيْ الدِّيَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ في مَالِ الْعَبْدِ شَيْءٌ، وَكَانَ الْمَالُ مَوْقُوفًا مَعَ الْعَبْدِ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَأْخُذُوهُ أَيْضًا، لِأَنَّهُمْ إنْ أَسْلَمُوا الثُّلُثَيْنِ إلَى أَهْلِ الْجِنَايَةِ لَمْ يَكُنْ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ مَالِهِ شَيْئًا، وَكَانَ الْمَالُ مَوْقُوفًا مَعَهُ، لِأَنَّ مَنْ دَخَلَهُ شَيْءٌ مِنْ الْعِتْقِ وُقِفَ مَالُهُ مَعَهُ، وَلَمْ يَكُنْ لِسَادَاتِهِ الَّذِينَ لَهُمْ بَقِيَّةُ الرِّقِّ فيهِ أَنْ يَأْخُذُوا الْمَالَ مِنْهُ وَلَا شَيْئًا مِنْ الْمَالِ في قَوْلِ مَالِكٍ.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَصْلُ مَذْهَبِهِمْ فَلَا تَعَدُّوهَا إلَى غَيْرِهَا.
قُلْت: لِمَ أَوْقَفَ مَالِكٌ جَمِيعَ مَالِ الْعَبْدِ مَعَهُ إذَا أَعْتَقَ مِنْهُ شِقْصًا؟ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ في نَفْسِهِ، فَكُلُّ عَبْدٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ إلَّا أَنْ يَرْضَيَا جَمِيعًا فيأْخُذَا الْمَالَ.
قُلْت: فَإِنْ كَانَ عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ لَهُ مَالٌ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَنَا آخُذُ حِصَّتِي مِنْ الْمَالِ.
وَأَذِنَ لَهُ صَاحِبُهُ وَأَوْقَفَ صَاحِبُهُ مَالَهُ في يَدِ الْعَبْدِ، أَيَجُوزُ ذَلِكَ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا وَأَرَاهُ جَائِزًا لَهُ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ هِبَةً مِنْهُ فَهِيَ جَائِزَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ مُقَاسَمَةً فَهِيَ جَائِزَةٌ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إذَا بَاعَاهُ، كَيْفَ يَصْنَعُ هَذَا الَّذِي تَرَكَ نَصِيبَهُ في يَدِ الْعَبْدِ، وَقَدْ اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي الْمَالَ.
أَيَضْرِبُ بِنِصْفِ الْعَبْدِ في الثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ الْمَالِ الَّذِي تَرَكَ في يَدِ عَبْدِهِ وَيَضْرِبُ الْآخَرُ بِنِصْفِ الْعَبْدِ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا، وَأَرَاهُ بَيْنَهُمَا نِصْفينِ، لِأَنَّ الْمَالَ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ وَالْمَالُ مُلْغًى.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ في مَرَضِهِ بَتْلًا، وَلَهُ مَالٌ غَيْرُ مَأْمُونٍ وَلِلْعَبْدِ مَالٌ؟
قَالَ: سَبِيلُ هَذَا الْعَبْدِ سَبِيلُ مَنْ لَا مَالَ لَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ مَالٌ مَأْمُونٌ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: أَعْتِقُوا عَبْدِي فُلَانًا بَعْدَ مَوْتِي، فَجَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً بَعْدَ مَوْتِهِ، وَقَبْلَ أَنْ يُعْتِقُوهُ.
أَيُدْفَعُ بِالْجِنَايَةِ أَمْ تَكُونُ الْجِنَايَةُ في ذِمَّتِهِ؟
قَالَ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُدَبَّرِ.
مَا جَنَى بَعْدَ مَا مَاتَ سَيِّدُهُ فَإِنَّمَا الْجِنَايَةُ فيمَا لَمْ يُحَمَّلْ الثُّلُثَ مِنْ رَقَبَتِهِ في رَقَبَتِهِ، وَفيمَا حُمِّلَ الثُّلُثَ في ذِمَّتِهِ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ لَمْ يُحَمِّلْهُ الثُّلُثَ قِيلَ لِلْوَرَثَةِ: ادْفَعُوا مَا بَقِيَ لَكُمْ في الْعَبْدِ بِمَا بَقِيَ مِنْ الْجِنَايَةِ، أَوْ افْدُوهُ بِأَرْشِ مَا بَقِيَ مِنْ الْجِنَايَةِ.
قُلْت: فَإِنْ قَالَ: اشْتَرُوا عَبْدَ فُلَانٍ - يُسَمِّيهِ - فَأَعْتِقُوهُ عَنِّي - لِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ - فَاشْتَرَوْهُ فَجَنَى جِنَايَةً قَبْلَ أَنْ يُعْتِقُوهُ بَعْدَمَا اشْتَرَوْهُ؟
قَالَ: هَذَا وَاَلَّذِي أَوْصَى بِعِتْقِهِ سَوَاءٌ، يَكُونُ دَيْنًا في ذِمَّتِهِ.
قُلْت: فَإِنْ قَالَ: اشْتَرُوا نَسَمَةً فَأَعْتِقُوهَا عَنِّي.
وَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدًا بِعَيْنِهِ.
فَاشْتَرَوْا نَسَمَةً عَنْ الْمَيِّتِ فَجَنَى جِنَايَةً قَبْلَ أَنْ يُعْتِقُوهُ؟
قَالَ: هَذَا لَا يُشْبِهُ عِنْدِي مَا ذَكَرْتَ مِنْ الرَّقَبَةِ بِعَيْنِهَا، لِأَنَّ هَذَا، أَنْ لَوْ أَرَادَ الْوَرَثَةُ بَعْدَمَا اشْتَرَوْهُ أَنْ لَا يُعْتِقُوهُ وَيَسْتَبْدِلُوا بِهِ غَيْرَهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لِلْمَيِّتِ كَانَ ذَلِكَ لَهُمْ.
قُلْت: أَتَحْفَظُ هَذِهِ الْمَسَائِلَ كُلَّهَا عَنْ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، مِنْهَا مَا سَمِعْتُ وَمِنْهَا مَا بَلَغَنِي عَنْهُ.

.في الرَّجُلِ يُوصِي بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ لِرَجُلٍ حَيَاتَهُ فيجْنِي الْعَبْدُ جِنَايَةً:

قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَوْصَى لَهُ بِخِدْمَةِ عَبْدٍ حَيَاتَهُ، فَجَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً.
لِمَنْ يُقَالُ: ادْفَعْ أَوْ افْدِ؟ لِلَّذِينَ لَهُمْ الرَّقَبَةُ أَمْ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ؟
قَالَ: سَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَخْدُمُ الرَّجُلَ عَبْدَهُ سِنِينَ مَعْلُومَةً فَجَرَحَ الْعَبْدُ رَجُلًا جُرْحًا قَالَ: قَالَ مَالِكٌ يُخَيَّرُ سَيِّدُهُ الَّذِي لَهُ الرَّقَبَةُ، فَإِنْ اخْتَارَ أَنْ يَفْتَدِيَهُ كَانَ ذَلِكَ لَهُ، وَيَسْتَكْمِلُ هَذَا الْمُخْدَمِ خِدْمَتَهُ، فَإِذَا قَضَى الْخِدْمَةَ رَجَعَ إلَى سَيِّدِهِ.
وَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلْمُخْدَمِ: إنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَفْتَكَّهُ فَافْتَكَّهُ، فَإِنْ افْتَكَّهُ خَدَمَهُ، فَإِنْ انْقَضَتْ سُنُوهُ لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ إلَيْهِ سَبِيلٌ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ مَا افْتَكَّهُ بِهِ الْمُخْدَمُ، وَإِلَّا كَانَ لِلْمُخْدَمِ بَتْلًا، فَمَسْأَلَتُكَ مِثْلُ هَذَا.
قُلْت: وَلِمَ قَالَ مَالِكٌ: يُبْدَأُ بِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ أَوَّلًا فيقَالُ لَهُ: افْتَكَّهُ؟
قَالَ: لِأَنَّ مَرْجِعَهُ إلَيْهِ.
قُلْت: أَرَأَيْت إنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرِ، وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ إنْ جَنَى جِنَايَةً، مَا يُقَالُ لَهُمَا؟
قَالَ: يُقَالُ لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ: افْتَكَّهُ، فَإِنْ افْتَكَّهُ خَدَمَهُ إلَى الْأَجَلِ ثُمَّ أَسْلَمَهُ إلَى الَّذِي بُتِلَ لَهُ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ.
فَإِنْ أَبَى قِيلَ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ: افْتَكَّ أَوْ أَسْلِمْ.
فَإِنْ افْتَكَّهُ كَانَ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُخْدَمِ فيهِ شَيْءٌ، وَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُ وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ.
قَالَ سَحْنُونٌ: قَدْ كَانَ مِنْهُ في هَذَا الْأَصْلِ اخْتِلَافٌ، وَأَحْسَنُ قَوْلِهِ مِمَّا جَامَعَهُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ مَالِكٍ: أَنَّهُ إذَا أَخْدَمَ رَجُلٌ عَبْدًا لَهُ رَجُلًا سِنِينَ، أَوْ أَوْصَى بِأَنْ يَخْدُمَ فُلَانًا سِنِينَ وَرَقَبَتُهُ لِآخَرَ، وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ، فَجَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً في يَدِ الْمُخْدِمِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ، أَوْ في الْعَطِيَّةِ في صَاحِبِ الرَّقَبَةِ، إنَّ الْعَبْدَ جَنَى يَوْمَ جَنَى، وَالْجِنَايَةُ في رَقَبَتِهِ لَيْسَ في خِدْمَتِهِ، فَالْمُقَدَّمُ الَّذِي هُوَ بِيَدِهِ لِلْحَقِّ الَّذِي لَهُ في الْخِدْمَةِ عَلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ، وَإِنَّهُ لَا سَبِيلَ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْخِدْمَةِ، فيقَالُ لَهُ: أَتَفْتَكُّ أَوْ تُسْلِمُ مَا كَانَ لَكَ فيهِ مِمَّا أَنْتَ الْمُقَدَّمُ فيهِ.
فَإِنْ أَسْلَمَ سَقَطَ حَقُّهُ وَقِيلَ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ: أَسْلِمْ أَوْ افْتَكَّ، فَإِنْ أَسْلَمَهُ صَارَ لِصَاحِبِ الْجِنَايَةِ.
وَإِنْ افْتَكَّهُ صَارَ لَهُ وَبَطَلَ حَقُّ الْمُخْدَمِ لِتَرْكِهِ إيَّاهُ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ افْتَكَّهُ بِالْجِنَايَةِ اخْتَدَمَهُ، فَإِذَا تَمَّتْ خِدْمَتُهُ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ إلَيْهِ سَبِيلٌ حَتَّى يُعْطِيَهُ مَا افْتَكَّهُ بِهِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا افْتَكَّ الرَّقَبَةَ، وَالْجِنَايَةُ في الرَّقَبَةِ.
فَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مَا افْتَكَّهُ بِهِ صَارَ مَمْلُوكًا لِلَّذِي افْتَكَّهُ وَصَارَ مَوْقِفُهُ مَوْقِفَ الْمَجْنِيّ عَلَيْهِ.
فَكُلُّ مَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْأَصْلِ فَرُدَّهُ إلَى مَا أَعْلَمْتُكَ فَإِنَّهُ أَصَحُّ مَذْهَبِهِمْ، وَقَدْ أَعْلَمْتُكَ بِمُجَامَعَةِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ لَهُ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى رَجُلٌ لِرَجُلٍ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ، فَمَاتَ السَّيِّدُ وَقَبَضَهُ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ فَقَتَلَهُ رَجُلٌ خَطَأً فَأَخْرَجَ قِيمَتَهُ، لِمَنْ تَكُونُ الْقِيمَةُ؟
قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: قِيمَتُهُ لِلَّذِي أَوْصَى لَهُ بِرَقَبَتِهِ بَتْلًا وَهُوَ رَأْيِي.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمُخْدَمِ تُؤْخَذُ مِنْ الْقَاتِلِ وَيُشْتَرَى بِهَا رَقَبَةٌ فَتُدْفَعُ إلَى الْمُخْدِمِ تَخْتَدِمُهُ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْأَمَدُ الَّذِي إلَيْهِ أُخْدِمَ الْعَبْدُ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْعَبْدُ إلَى الَّذِي أَوْصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ يُؤَاجَرُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ لِلْمُخْدَمِ عَبْدٌ يَخْدُمُهُ إلَى انْقِضَاءِ السِّنِينَ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْ الْقِيمَةِ شَيْءٌ بَعْدَ انْقِضَاءِ السِّنِينَ دُفِعَ إلَى الْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَبِهِ يَقُولُ سَحْنُونٌ.

.فيمَنْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سِنِينَ فَقُتِلَ الْعَبْدُ أَوْ جُرِحَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا:

قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سِنِينَ مَعْلُومَةً، فَقُتِلَ الْعَبْدُ قَبْلَ انْقِضَاءِ السِّنِينَ فَأَخَذَ قِيمَتَهُ، كَيْفَ يَصْنَعُ بِالْقِيمَةِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْقِيمَةُ لِلَّذِي لَهُ الرَّقَبَةُ وَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ شَيْءٌ.
وَكَذَلِكَ لَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ فَأَخَذَ لَهَا دِيَةً، فَإِنَّمَا ذَلِكَ لِلَّذِي لَهُ الرَّقَبَةُ وَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ شَيْءٌ.
قَالَ سَحْنُونٌ: أَمَّا مَالِكٌ فَهَذَا قَوْلُهُ لَمْ يَزَلْ، وَاخْتَلَفَ فيهِ أَصْحَابُهُ.
فَكُلُّ مَا سَمِعْتَ خِلَافَ هَذَا فَرُدَّهُ إلَى هَذَا فَهُوَ أَصْلُ مَذْهَبِهِمْ مَعَ ثُبُوتِ مَالِكٍ عَلَيْهِ.

.في جِنَايَةِ الْمُعْتَقِ إلَى أَجَلٍ:

قُلْت: أَرَأَيْتَ الْمُعْتَقَ إلَى سِنِينَ إذَا جَنَى جِنَايَةً.
مَا يُقَالُ لِسَيِّدِهِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: يُقَالُ لِسَيِّدِهِ: ادْفَعْ خِدْمَتَهُ أَوْ افْتَدِ الْخِدْمَةَ.
فَإِنْ دَفَعَ الْخِدْمَةَ خَدَمَ، حَتَّى إذَا حَلَّ الْأَجَلُ عَتَقَ الْعَبْدُ، وَنَظَرَ إلَى مَا بَقِيَ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فيكُونُ ذَلِكَ عَلَى الْعَبْدِ إذَا عَتَقَ.
وَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَوْفَى قِيمَةَ جِنَايَتِهِ مِنْ الْخِدْمَةِ قَبْلَ أَجَلِ الْعِتْقِ، رَجَعَ الْعَبْدُ إلَى سَيِّدِهِ.
فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ عَتَقَ الْعَبْدُ، وَإِنْ افْتَكَّهُ سَيِّدُهُ خَدَمَهُ بَقِيَّةَ الْأَجَلِ ثُمَّ عَتَقَ، وَلَمْ يَتْبَعْهُ السَّيِّدُ بِشَيْءٍ مِمَّا افْتَكَّهُ بِهِ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ.

.في الْمُدَبَّرِ يَجْنِي عَلَى رَجُلٍ فيدْفَعُ إلَيْهِ يَخْتَدِمُهُ ثُمَّ يَجْنِي عَلَى آخَرِ:

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: في الْمُدَبَّرِ إذَا جَنَى فَأَسْلَمَهُ سَيِّدُهُ إلَى الَّذِي جَرَحَهُ يَخْتَدِمُهُ، ثُمَّ جَرَحَ آخَرَ، وَهُوَ عِنْدَ الَّذِي أَخَذَهُ يَخْتَدِمُهُ دَخَلَ مَعَهُ بِقَدْرِ جِنَايَتِهِ يَتَحَاصُّونَ في خِدْمَتِهِ، هَذَا بِقَدْرِ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ جِنَايَتِهِ، وَهَذَا بِجَمِيعِ جِنَايَتِهِ، وَلَيْسَ يُخَيَّرُ صَاحِبُ الْمُدَبَّرِ، وَلَا مَنْ أُسْلِمَ إلَيْهِ الْمُدَبَّرُ يَخْتَدِمُهُ في جِنَايَتِهِ كَمَا كَانَ يُخَيَّرُ في الْعَبْدِ.
مَنْ أَخَذَهُ بِجَرِيرَتِهِ لَيْسَ إسْلَامُهُ خِدْمَةَ الْمُدَبَّرِ في جِنَايَتِهِ بِمَنْزِلَةِ إسْلَامِ رَقَبَةِ الْعَبْدِ الْمُدَبَّرِ، كُلَّمَا جَنَى يَدْخُلُونَ جَمِيعُهُمْ في خِدْمَتِهِ، وَالْعَبْدُ كُلَّمَا جَنَى يُدْفَعُ بِجِنَايَتِهِ، ثُمَّ مَا جَنَى بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُدْفَعُ بِجِنَايَتِهِ أَيْضًا، لِأَنَّ الْعَبْدَ إذَا أُسْلِمَ إلَى الْمَجْرُوحِ كَانَ مَالًا مِنْ مَالِهِ إنْ شَاءَ بَاعَ وَإِنْ شَاءَ وَهَبَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ نَافِعٍ: وَقَالَ مَالِكٌ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ في الْمُدَبَّرَةِ: إنَّهَا إذَا جَنَتْ فَإِنَّ سَيِّدَهَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَنْ يُخْرِجَ مَا جَنَتْ فيفْتَدِيَ بِذَلِكَ خِدْمَتَهَا فَعَلَ، وَإِنْ هُوَ لَمْ يَفْعَلْ أُسْلِمَتْ بِجِنَايَتِهَا فَخَدَمَتْ وَحَسَبَ ذَلِكَ.
فَإِنْ أَدَّتْ جِنَايَتَهَا رَجَعَتْ إلَى سَيِّدِهَا الَّذِي دَبَّرَهَا، فَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهَا فَعَتَقَتْ مِنْ ثُلُثِهِ كَانَ مَا بَقِيَ مِنْ جِنَايَتِهَا دَيْنًا عَلَيْهَا.
قَالَ مَالِكٌ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ: قَضَى بِذَلِكَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ.
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ مَالِكٌ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ: وَإِنْ أَدْرَكَهَا دَيْنٌ يُرِقُّهَا إذَا مَاتَ سَيِّدُهَا.
فَاَلَّذِي جَرَحَتْ أَحَقُّ بِهَا إلَّا أَنْ يَفْتَدُوهَا بِمَا بَقِيَ مِنْ جِرَاحِهِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ وَالْجُرْحُ يَغْتَرِقُ الْقِيمَةَ، فَإِنْ لَمْ يَغْتَرِقْ الْقِيمَةَ بِيعَ مِنْهَا لِلْجِنَايَةِ وَلِلدَّيْنِ، ثُمَّ عَتَقَ ثُلُثُ مَا بَقِيَ.

.في جِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ، وَلَهُ مَالٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ:

قُلْت: أَرَأَيْتَ الْمُدَبَّرَ إذَا جَنَى جِنَايَةً وَلَهُ مَالٌ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُبْدَأُ بِمَالِهِ فيعْطَاهُ أَهْلُ الْجِنَايَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فيهِ وَفَاءٌ قِيلَ لِلسَّيِّدِ: أَسْلِمْ خِدْمَتَهُ أَوْ افْتَدِ الْخِدْمَةَ بِمَا بَقِيَ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ.
قُلْت: فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ مَعَ هَذَا دَيْنٌ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ في الْعَبْدِ يَجْنِي جِنَايَةً وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، إنَّ دَيْنَهُ أَوْلَى بِمَالِهِ وَجِنَايَتُهُ في رَقَبَتِهِ يُقَالُ لِلسَّيِّدِ: ادْفَعْ أَوْ افْدِ.
فَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرُ دَيْنُهُ أَوْلَى بِمَالِهِ وَجِنَايَتُهُ أَوْلَى بِخَدْمَتِهِ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ مُدَبَّرًا جَنَى جِنَايَةً وَعَلَيْهِ دَيْنٌ قَالَ: فَالْجِنَايَةُ يُدْفَعُ بِهَا في خِدْمَتِهِ - في قَوْلِ مَالِكٍ - وَالدَّيْنُ يَتْبَعُهُ في ذِمَّتِهِ.
قُلْت: فَلَوْ أَنَّ مُدَبَّرًا مَاتَ سَيِّدُهُ وَعَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ قِيمَةَ الْمُدَبَّرِ وَعَلَى الْمُدَبَّرِ دَيْنٌ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُبَاعُ في دَيْنِ سَيِّدِهِ، وَيَكُونُ دَيْنُهُ في ذِمَّتِهِ أَوْ في مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، أَوْ يُتْبَعُ بِهِ في ذِمَّتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ.

.في الْمُدَبَّرِ يَجْنِي جِنَايَةً وَعَلَى سَيِّدِهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ قِيمَةَ الْمُدَبَّرِ أَوْ لَا يَسْتَغْرِقْهَا:

قُلْت: أَرَأَيْتَ مُدَبَّرًا جَنَى جِنَايَةً وَسَيِّدُهُ حَيٌّ لَمْ يَمُتْ وَعَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ قِيمَةَ الْمُدَبَّرِ أَوْ لَا يَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهُ؟
قَالَ: يَدْفَعُ إلَى صَاحِبِ الْجِنَايَةِ فيخْتَدِمُهُ بِقَدْرِ جِنَايَتِهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْغُرَمَاءُ أَنْ يَدْفَعُوا إلَيْهِ قَدْرَ الْجِنَايَةِ، وَيَأْخُذُوا الْعَبْدَ الْمُدَبَّرَ فيؤَاجِرُوهُ لِأَنْفُسِهِمْ حَتَّى يُوَفي دَيْنَهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ الْغُرَمَاءُ، وَأُسْلِمَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ، فَإِنَّهُ يُصْنَعُ في أَمْرِهِ كَمَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ، وَفي رَقَبَتِهِ مِنْ الْجِنَايَةِ مَا يَسْتَغْرِقُ رَقَبَةَ الْمُدَبَّرِ، فَقَدْ تَسَلَّطَ الْبَيْعُ عَلَى الْمُدَبَّرِ بَعْدَ الْمَوْتِ، لِأَنَّ التَّدْبِيرَ وَصِيَّةٌ وَلَا تَكُونُ الْوَصِيَّةُ مَعَ الدَّيْنِ.
فَالدَّيْنُ يَرُدُّ التَّدْبِيرَ، وَالْجِنَايَةُ أَوْلَى مِنْ الدَّيْنِ، لِأَنَّهَا في رَقَبَةِ الْمُدَبَّرِ إلَّا أَنْ يَزِيدَ أَهْلُ الدَّيْنِ عَلَى أَرْشِ الْجِنَايَةِ فيحُطَّ ذَلِكَ عَنْ الْمَيِّتِ فيكُونُونَ أَوْلَى بِالْعَبْدِ، لِأَنَّ أَهْلَ الْجِنَايَةِ إذَا اسْتَوْفَوْا جِنَايَتَهُمْ فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ.
قَالَ سَحْنُونٌ: فيكُونُ لَهُمْ نَمَاؤُهُ وَعَلَيْهِمْ نُقْصَانُهُ، وَلَيْسَ لِلْمَيِّتِ مِنْ نَمَائِهِ وَلَا نُقْصَانِهِ شَيْءٌ.
وَالْعَبْدُ رَقِيقٌ لِلْغُرَمَاءِ إذَا زَادَ عَلَى الْجِنَايَةِ زِيَادَةً يَحُطُّ بِهَا عَنْ دَيْنِ الْمَيِّتِ.
قُلْت: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا لَا مَالَ لَهُ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَهُ مُدَبَّرٌ، فَأَرَادَ الْغُرَمَاءُ أَنْ يَأْخُذُوا الْمُدَبَّرَ فيؤَاجِرُوهُ حَتَّى يَسْتَوْفُوا دَيْنَهُمْ؟
قَالَ: ذَلِكَ لَهُمْ في قَوْلِ مَالِكٍ.
قُلْت: أَرَأَيْت عَبْدًا دَبَّرَهُ سَيِّدُهُ، ثُمَّ لَحِقَ السَّيِّدَ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ قِيمَةَ الْمُدَبَّرِ فَجَنَى الْمُدَبَّرُ جِنَايَةً ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ الدَّيْنُ يَسْتَغْرِقُ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمُدَبَّرِ فَإِنَّهُ يُقَالُ لِلْغُرَمَاءِ: أَهْلُ الْجِنَايَةِ أَوْلَى مِنْكُمْ، لِأَنَّ الْجِنَايَةَ في رَقَبَةِ الْعَبْدِ إلَّا أَنْ تَزِيدُوا عَلَى قِيمَةِ الْجِنَايَةِ فَتَأْخُذُوهُ، وَيُحَطُّ عَنْ الْمَيِّتِ بِقَدْرِ الَّذِي زِدْتُمْ فَذَلِكَ لَكُمْ.
وَإِنْ أَبَوْا فَالْجِنَايَةُ أَوْلَى، يُبْدَأُ بِهَا في الْعَبْدِ.
وَإِنْ كَانَ إذَا بِيعَ مِنْ الْمُدَبَّرِ قَدْرَ جِنَايَتِهِ وَقَدْرَ الدَّيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَفَضْلَ مِنْهُ فَضْلٌ، بِيعَ مِنْهُ قَدْرُ الْجِنَايَةِ، وَيُبْدَأُ بِهَا فيعْطَى صَاحِبُ الْجِنَايَةِ حَقَّهُ، ثُمَّ يُبَاعُ لِأَهْلِ الدَّيْنِ فيعْطَوْنَ حُقُوقَهُمْ، ثُمَّ يُعْتَقُ مِنْ الْمُدَبَّرِ ثُلُثُ مَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَيَكُونُ ثُلُثَا مَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ رَقِيقًا.
لِلْوَرَثَةِ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ الْعَبْدُ إذَا بِيعَ مِنْهُ مِقْدَارُ الْجِنَايَةِ، ثُمَّ بِيعَ مِنْهُ مِقْدَارُ الدَّيْنِ أَتَى ذَلِكَ عَلَى جَمِيعِ قِيمَتِهِ وَلَمْ يَفْضُلْ مِنْهُ فَضْلَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ؟
قَالَ: فَأَصْحَابُ الْجِنَايَةِ أَوْلَى بِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فيهِ فَضْلٌ إلَّا أَنْ يَزِيدَ أَهْلُ الدَّيْنِ عَلَى حَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ، وَإِنَّمَا يُبَاعُ مِنْهُ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ ثُمَّ لِأَهْلِ الدَّيْنِ إذَا كَانَ فيهِ فَضْلٌ يُعْتَقُ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ وَحْدَهَا وَلَا دَيْنَ عَلَى سَيِّدِهِ عَتَقَ ثُلُثَهُ وَكَانَ ثُلُثَاهُ لِلْوَرَثَةِ رَقِيقًا، ثُمَّ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ في ثُلُثَيْهِمْ بَيْنَ أَنْ يُسْلِمُوهُ أَوْ يَفْتَدُوهُ بِثُلُثَيْ الدِّيَةِ.
وَلَوْ كَانَ عَلَى سَيِّدِهِ دَيْنٌ أَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ رَقَبَتِهِ، وَلَمْ يَكُنْ في رَقَبَتِهِ جِنَايَةٌ، بِيعَ مِنْهُ قَدْرُ الدَّيْنِ ثُمَّ عَتَقَ مِنْهُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ الدَّيْنِ، وَكَانَ الثُّلُثَانِ رَقِيقًا لِلْوَرَثَةِ.
فَلَمَّا اجْتَمَعَتْ الْجِنَايَةُ وَالدَّيْنُ جَمِيعًا وَكَانَ فيهِمَا مَا يَغْتَرِقُ قِيمَتَهُ، كَانَ صَاحِبُ الْجِنَايَةِ أَوْلَى.
فَأَمَّا إذَا كَانَ في قِيمَتِهِ فَضْلٌ عَمَّا يَجِبُ لَهُمْ جَمِيعًا فُعِلَ بِهِ الَّذِي فَسَّرْتُ لَكَ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لَوْ حَلَّتْ بِهِ كَانَ فيهِ الْعِتْقُ.

.في الْمُدَبَّرِ يَجْنِي عَلَى سَيِّدِهِ:

قُلْت: أَرَأَيْتَ مُدَبَّرًا جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ فَقَطَعَ يَدَ سَيِّدِهِ؟
قَالَ: يَخْتَدِمُهُ سَيِّدُهُ في الْجِنَايَةِ.
قُلْت: أَوَلَيْسَ قَدْ كَانَ يَخْتَدِمُهُ قَبْلَ الْجِنَايَةِ؟
قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْحَكَمِ بْنُ أَعْيَنَ أَنَّهُ سَأَلَ مَالِكًا عَنْهَا فَقَالَ مَالِكٌ: يَخْتَدِمُهُ وَيَقْضِي لَهُ في ذَلِكَ مِنْ الْجِنَايَةِ وَبَطَلَتْ خِدْمَةُ التَّدْبِيرِ، لِأَنَّهُ قَدْ حَدَثَتْ خِدْمَةٌ هِيَ أَوْلَى مِنْ الْخِدْمَةِ الْأَوْلَى، لِأَنَّهُ يَخْتَدِمُهُ في الْجِنَايَةِ حَتَّى يَسْتَوْفي جِنَايَتَهُ.
فَإِنْ مَاتَ وَبَقِيَ عَلَى الْمُدَبَّرِ مِنْ الْجِنَايَةِ شَيْءٌ، فَإِنَّهُ يُعْتَقُ مِنْهُ مَبْلَغُ ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ، فَإِنْ حَمَلَ ثُلُثَ مَالِ الْمَيِّتِ جَمِيعَهُ كَانَ مَا بَقِيَ مِنْ الْجِنَايَةِ في ذِمَّتِهِ.
وَإِنْ أُعْتِقَ ثُلُثَاهُ أُتْبِعَ ثُلُثَيْ الْجِنَايَةِ وَتَسْقُطُ بِقِيمَتِهَا لِأَنَّهُ رَقِيقٌ لَهُمْ.
قُلْت: فَمَا لَهُ حِينَ جَنَى عَلَى السَّيِّدِ لَمْ تَبْطُلْ جِنَايَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ وَهُوَ عَبْدٌ لِسَيِّدِهِ، وَحِينَ وَرِثَ وَرَثَتُهُ الَّذِي صَارَ لَهُمْ مِنْ الْعَبْدِ بَطَلَتْ الْجِنَايَةُ عَنْ الَّذِي صَارَ لَهُمْ مِنْ الْعَبْدِ؟
قَالَ: لِأَنَّ السَّيِّدَ حِينَ جَنَى عَلَيْهِ مُدَبَّرُهُ كَانَ فيهِ عِتْقٌ، وَحِينَ صَارَ لِلْوَرَثَةِ نِصْفُهُ رَجَعَ الَّذِي وَرِثُوا مِنْهُ رَقِيقًا لَا عِتْقَ فيهِ وَسَقَطَتْ الْجِنَايَةُ عَنْ الَّذِي وَرِثَ مِنْهُ، وَمَا عَتَقَ مِنْهُ كَانَ فيهِ مِنْ الْجِنَايَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ يُتْبَعُ بِهِ.
أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ عَبْدًا جَنَى جِنَايَةً عَلَى سَيِّدِهِ لَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِهِ عَلَيْهِ شَيْءٌ، لِأَنَّهُ لَا عِتْقَ فيهِ.
وَإِنَّمَا جُعِلَ ذَلِكَ في الْمُدَبَّرِ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ أَوْلَى مِنْ الْخِدْمَةِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَدِمَهُ سَيِّدُهُ بِالْجِنَايَةِ ثُمَّ يُعْتَقُ وَيَتْبَعُونَهُ بِجَمِيعِ الْجِنَايَةِ وَهُوَ رَأْيِي.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا يَخْتَدِمُهُ السَّيِّدُ بِجِنَايَتِهِ لِأَنَّ لَهُ عَظْمَ رَقَبَتِهِ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا جَنَى جِنَايَةً عَلَى أَجْنَبِيٍّ ثُمَّ افْتَكَّهُ سَيِّدُهُ، أَنَّهُ لَا يَخْتَدِمُهُ بِمَا افْتَكَّهُ بِهِ وَلَا يُحَاسِبُهُ بِهِ.
فَالْجِنَايَةُ عَلَى السَّيِّدِ أَوْلَى أَنْ لَا يُحَاسَبَ بِهَا الَّذِي لَمْ يُجْرَحْ فيهَا شَيْءٌ، وَقَدْ كَانَ الْمَجْرُوحُ لَوْ لَمْ يَفْتَكَّهُ مِنْهُ اخْتَدَمَهُ.
فَإِنْ لَمْ يَسْتَوْفِ حَتَّى مَاتَ السَّيِّدُ وَعَتَقَ الْمُدَبَّرُ في الثُّلُثِ، فَإِنَّهُ يُتْبَعُ الْمُدَبَّرُ في ذِمَّتِهِ بِمَا بَقِيَ مِنْهُ فَلَمْ يَحُلَّ السَّيِّدُ حِينَ افْتَكَّ الْمُدَبَّرَ مَحِلَّ الْمَجْرُوحِ وَلَمْ يَنْزِلْ مَنْزِلَتَهُ، فَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ مَا جَرْحَ السَّيِّدُ مِثْلَ مَا جَرْحَ الْأَجْنَبِيُّ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ الْمُدَبَّرَ إذَا جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ وَعَلَى أَجْنَبِيٍّ؟
قَالَ: يَخْتَدِمَانِهِ بِقَدْرِ جِنَايَتِهِمَا.
وَذَلِكَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ: إنْ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ فَذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ، وَإِنْ جَنَى عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ.
فَلَمَّا أَلْزَمَهُ مَالِكٌ الْجِنَايَتَيْنِ أَلْزَمْتُهُ إيَّاهُمَا إذَا اجْتَمَعَتَا عَلَيْهِ.
قُلْت فَلِمَ لَا يَلْزَمُ عَبْدِي مَا جَنَى عَلَيَّ؟
قَالَ: لِأَنَّ عَبْدَكَ لَيْسَ فيهِ عِتْقٌ، وَالْمُدَبَّرُ فيهِ عِتْقٌ.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَهَذِهِ مِثْلُ الْأُولَى.

.في الْمُدَبَّرِ وَرَجُلٍ حُرٍّ يَجْنِيَانِ جِنَايَةً خَطَأً:

قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ مُدَبَّرًا وَرَجُلًا حُرًّا قَتَلَا قَتِيلًا خَطَأً؟
قَالَ: يَلْزَمُ الْمُدَبَّرَ نِصْفُ الدِّيَةِ في خِدْمَتِهِ وَنِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّجُلِ الْحُرِّ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَخَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ بْنِ ثَابِتٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مَعَ مَشْيَخَةٍ سِوَاهُمْ مِنْ نُظَرَائِهِمْ أَهْلِ فِقْهٍ وَفَضْلٍ، وَرُبَّمَا اخْتَلَفُوا في الشَّيْءِ فَآخُذُ بِقَوْلِ أَكْثَرِهِمْ وَأَفْضَلِهِمْ رَأْيًا، فَكَانَ الَّذِي وَعَيْتُ عَنْهُمْ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ في الْمُدَبَّرِ يَجْرَحُ: إنَّهُ يُخَيَّرُ سَيِّدُهُ بَيْنَ أَنْ يُسْلِمَ مَا يَمْلِكُ مِنْهُ مِنْ الْخِدْمَةِ وَبَيْنَ أَنْ يَفْتَكَّهُ بِدِيَةِ الْجُرْحِ.
فَإِنْ أَسْلَمَهُ اخْتَدَمَهُ الْمَجْرُوحُ وَقَاصَّهُ بِجِرَاحِهِ في خِدْمَتِهِ، فَإِنْ أَدَّى إلَيْهِ دِيَةَ جُرْحِهِ في خِدْمَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ سَيِّدُهُ رَجَعَ إلَى سَيِّدِهِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفي الْمَجْرُوحُ دِيَةَ جُرْحِهِ عَتَقَ الْمُدَبَّرُ، وَكَانَ مَا بَقِيَ مِنْ دِيَةِ الْجُرْحِ دَيْنًا عَلَيْهِ يَتْبَعُهُ بِهِ الْمَجْرُوحُ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَضَى في الْمُدَبَّرِ إذَا جَرَحَ، أَنَّ سَيِّدَهُ يُسْلِمُ مَا يَمْلِكُ مِنْهُ إلَى الْمَجْرُوحِ فيخْتَدِمُهُ الْمَجْرُوحُ وَيُقَاصُّهُ بِجِرَاحِهِ مِنْ دِيَةِ جُرْحِهِ، فَإِنْ أَدَّى قَبْلَ أَنْ يُتَوَفَّى سَيِّدُهُ وَرَجَعَ إلَى سَيِّدِهِ.
أَشْهَبُ عَنْ الْمُنْذِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَامِيِّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ قَالَ: إذَا جَرَحَ الْمُدَبَّرُ جُرْحًا أَوْ قَتَلَ خَطَأً أُخِذَ مِنْ سَيِّدِهِ فَآجَرَهُ الَّذِي لَهُ الْعَقْلُ حَتَّى يَسْتَوْفي عَقْلَهُ، فَإِنْ مَاتَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ وَعَتَقَ وَلَمْ يَسْتَوْفِ صَاحِبُ الْعَقْلِ عَقْلَهُ، كَتَبَ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ مِنْ الْعَقْلِ دَيْنًا، وَإِنْ اسْتَوْفَى صَاحِبُ الْعَقْلِ عَقْلَهُ - وَالسَّيِّدُ حَيٌّ - رَجَعَ الْمُدَبَّرُ إلَى سَيِّدِهِ فَكَانَتْ لَهُ خِدْمَتُهُ حَتَّى يَمُوتَ.
قَالَ الْمُنْذِرُ: قُلْت لِعَبْدِ الْعَزِيزِ: مِنْ أَيْنَ رَأَى هَذَا عُمَرُ؟
فَقَالَ: رَآهُ لِأَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ السَّيِّدِ إلَّا مَالُهُ فيهِ إذْ لَوْ كَانَ عَبْدًا مَا كَانَ عَلَى السَّيِّدِ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ إلَّا هُوَ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ غَيْرُهَا.