فصل: جَامِعُ الْعُيُوبِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)



.(في الرَّجُلَيْنِ يَبْتَاعَانِ الْعَبْدَ فيجِدَانِ بِهِ عَيْبًا فيرِيدُ أَحَدُهُمَا أَنْ يَرُدَّ):

في الرَّجُلَيْنِ يَبْتَاعَانِ الْعَبْدَ فيجِدَانِ بِهِ عَيْبًا فيرِيدُ أَحَدُهُمَا أَنْ يَرُدَّ وَيَأْبَى الْآخَرُ إلَّا أَنْ يَتَمَسَّكَ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ بِعْتُ عَبْدِي مِنْ رَجُلَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَأَصَابَا بِالْعَبْدِ عَيْبًا فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَحْبِسَ وَقَالَ الْآخَرُ: أَنَا أَرُدَّ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَرُدُّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَرُدَّ وَيَحْبِسُ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَحْبِسَ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّ لِلْبَائِعِ هَاهُنَا لَمَقَالًا؛ قَالَ: وَسَأَلْنَا عَنْهُ مَالِكًا بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ لِي: مِثْلُ مَا قُلْت لَكَ إنَّهُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَمْسِكَ أَمْسَكَ وَمِنْ أَحَبَّ أَنْ يَرُدَّ رَدَّ شَاءَ ذَلِكَ الْبَائِعُ أَوْ أَبَى، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ فُلِّسَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَتْبَعْهُ إلَّا بِنِصْفِ حَقِّهِ وَإِنَّمَا بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَهُ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ بِعْتُ جَارِيَةً مِنْ رَجُلَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَأَصَابَا بِهَا عَيْبًا فَقَالَ أَحَدُهُمَا: قَدْ رَضِيت بِالْعَيْبِ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَنَا أَرُدَّهَا؛ قَالَ: سَأَلْنَا مَالِكًا عَنْهَا.
فَقَالَ مَالِكٌ: لَهُ أَنْ يَرُدَّ مَنْ شَاءَ وَيَحْبِسَ مَنْ شَاءَ مِنْ الْمُشْتَرِينَ وَمَا أَحْرَى أَنْ يَكُونَ لِلْبَائِعِ مَقَالٌ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقَدْ سَمِعْتُ مَنْ أَثِقُ بِهِ يُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ غَيْرُ ذَلِكَ وَهُوَ أَمْرٌ بَيِّنٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ فُلِّسَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَتْبَعْ الْبَائِعَ الْآخَرَ إلَّا بِاَلَّذِي يُصِيبُهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنَّمَا بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَهَا.

.جَامِعُ الْعُيُوبِ:

قَالَ سَحْنُونٌ: قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت أَمَةً مُسْتَحَاضَةً أَتَرَاهُ عَيْبًا في قَوْلِ مَالِكٍ أَرُدُّهَا بِهِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ عَيْبٌ تُرَدُّ مِنْهُ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَاهَا وَهِيَ حَدِيثَةُ السِّنِّ مِمَّنْ تَحِيضُ فَارْتَفَعَ حَيْضُهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي في الِاسْتِبْرَاءِ شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً أَيَكُونُ هَذَا عَيْبًا في قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ عَيْبٌ إنْ أَحَبَّ أَنْ يَرُدَّهَا رَدَّهَا.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إذَا مَضَى شَهْرَانِ مَنْ حِينَ اشْتَرَاهَا فَلَمْ تَحِضْ أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا مَكَانَهُ وَيَكُونُ هَذَا عَيْبًا؟
قَالَ: لَمْ يَحُدَّ لِي مَالِكٌ في ذَلِكَ حَدًّا إلَّا أَنِّي أَرَى إنْ جَاءَ لِيَرُدَّهَا وَيَدَّعِي أَنَّ ذَلِكَ عَيْبٌ وَذَلِكَ بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ حَيْضَتِهَا بِالْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ لَمْ أَرَ ذَلِكَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ قَدْ يَتَقَدَّمُ وَيَتَأَخَّرُ الْأَيَّامَ الْيَسِيرَةَ إلَّا أَنْ يَطُولَ ذَلِكَ فَلَا يَقْدِرُ الْمُشْتَرِي عَلَى وَطْئِهَا وَلَا الْخُرُوجِ بِهَا فيكُونُ هَذَا ضَرَرًا عَلَى الْمُشْتَرِي، فَإِذَا كَانَ ضَرَرًا عَلَى الْمُشْتَرِي صَارَ عَيْبًا يَرُدُّهَا بِهِ عَلَى الْبَائِعِ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ الْبَائِعُ: أَنَّهَا إنْ لَمْ تَحِضْ عِنْدَك هَذَا الشَّهْرَ يُوشَكُ أَنْ تَحِيضَ عِنْدَك الشَّهْرَ الدَّاخِلَ، أَتَرَى أَنْ يُؤْمَرَ الْمُشْتَرِي بِحَبْسِهَا وَالصَّبْرِ عَلَيْهَا لَعَلَّهَا تَحِيضُ في الشَّهْرِ الثَّانِي وَلَا يَفْسَخُ الْبَيْعَ أَمْ يَفْسَخُ الْبَيْعَ؟
قَالَ: لَا أَحْفَظُ عَنْ مَالِكٍ في هَذَا شَيْئًا وَلَكِنْ يَنْظُرُ السُّلْطَانُ في ذَلِكَ، فَإِنْ رَأَى ضَرَرًا فَسَخَ الْبَيْعَ، وَإِنْ رَأَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِضَرَرٍ أَخَّرَهُ مَا لَمْ يَكُنْ يَقَعُ الضَّرَرُ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ الْبَائِعُ: أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا قَدْ حَاضَتْ عِنْدِي قَبْلَ أَنْ أَبِيعَكهَا بِيَوْمٍ أَوْ بِيَوْمَيْنِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ أَوْ قَالَ لِلْمُشْتَرِي: إنَّمَا حَدَثَ بِهَا هَذَا الدَّاءُ عِنْدَكَ فَلَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَرُدَّهَا عَلَيَّ.
قَالَ مَالِكٌ: إذَا لَمْ تَحِضْ فَذَلِكَ عَيْبٌ يَرُدُّهَا بِهِ الْمُشْتَرِي فَقَوْلُ الْبَائِعِ هَاهُنَا لَا يَنْفَعُهُ؛ لِأَنَّهَا في ضَمَانِ الْبَائِعِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ إنَّمَا تَصِيرُ لِلْمُشْتَرِي إذَا تَمَّ الِاسْتِبْرَاءُ فَهِيَ، وَإِنْ حَدَثَ بِهَا هَذَا الدَّاءُ في الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنَّمَا حَدَثَ وَهِيَ في ضَمَانِ الْبَائِعِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ مَا حَدَثَ مِنْ الْعُيُوبِ في الِاسْتِبْرَاءِ إذَا كَانَتْ مِمَّا يَتَوَاضَعُ مِثْلُهَا أَنَّهُ مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ الْحَيْضَةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ الْجَوَارِي اللَّاتِي يَجُوزُ بَيْعُهُنَّ عَلَى غَيْرِ الِاسْتِبْرَاءِ، وَتُبَاعُ عَلَى ذَلِكَ فيكُونُ مِنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَحْدُثُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَصَابَهَا عَيْبٌ كَانَ ذَلِكَ مِنْ الْمُشْتَرِي؛ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ مَاتَتْ بَعْدَ اسْتِبْرَائِهِ إيَّاهَا كَانَتْ مُصِيبَتُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي فَكَذَلِكَ مَا حَدَثَ مِنْ الْعُيُوبِ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت ثَوْبًا فَقَطَعْتُهُ ثُمَّ اطَّلَعْت عَلَى عَيْبٍ يُرَدُّ بِهِ؟
قَالَ: الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ أَحَبَّ أَنْ يَرُدَّهُ وَمَا نَقَصَ التَّقْطِيعَ رَدَّهُ، وَإِنْ أَحَبَّ أَمْسَكَهُ وَأَخَذَ قِيمَةَ الْعَيْبِ.
قُلْت: فَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي الَّذِي قَطَعَ الثَّوْبَ أَنَّ الْبَائِعَ حِينَ بَاعَهُ عَلِمَ بِالْعَيْبِ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ ذَلِكَ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَهُ عَلَى الْبَائِعِ الْيَمِينُ.
قَالَ: فَقِيلَ لِمَالِكٍ: فَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ قَدْ رَآهُ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ فَأُنْسِيَهُ حِينَ بَاعَهُ حَتَّى قَطَعَهُ الْمُبْتَاعُ ثُمَّ أَتَاهُ بِهِ فَقَالَ: مَا عَلِمْتُ بِهِ أَوْ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ نَسِيتُ الْعَيْبَ أَنْ أُخْبِرَكَ بِهِ حِين بِعْتُكَ أَتَرَاهُ مِثْلَ الْمُدَلِّسِ أَوْ مِثْلَ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَرَى أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ لَقَدْ أُنْسِيَ الْعَيْبُ حِينَ بَاعَهُ وَيَكُونُ مِثْلَ الَّذِي لَمْ يُدَلِّسْ لَا يَرُدُّهُ إلَّا وَمِثْلَ مَا نَقَصَ الْقَطْعُ مِنْهُ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ بَاعَ جَارِيَةً فَفَطِنَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَحْلِفَ الْبَائِعَ أَنَّ الْعَيْبَ لَمْ يَكُنْ بِهَا يَوْمَ بَاعَهَا وَلَا يَعْلَمُ أَنَّ بِهَا الْعَيْبَ الَّذِي يَدَّعِيهِ الْمُشْتَرِي إلَّا بِقَوْلِهِ؟
قَالَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهَا عَيْبٌ يَوْمَ بَاعَهُ إيَّاهَا بَتًّا وَلَا عَلَى عِلْمِهِ حَتَّى يَكُونَ الْعَيْبُ الَّذِي يَدَّعِيهِ بِالْجَارِيَةِ عَيْبًا مَعْرُوفًا يُرَى فيهَا فيلْزَمُهُ إنْ كَانَ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي يَحْدُثُ مِثْلُهَا عِنْدَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَكَانَ مِنْ الْعُيُوبِ الظَّاهِرَةِ حَلَفَ الْبَائِعُ عَلَى الْبَتَاتِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُخْفَى وَيُرَى أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْهُ حَلَفَ الْبَائِعُ عَلَى الْعِلْمِ.
قَالَ وَكِيعٌ، عَنْ سُفيانَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: يَحْلِفُ في الْعَيْبِ إذَا كَانَ بَاطِنًا عَلَى الْعِلْمِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فَعَلَى الْبَتَاتِ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ بِعْتُ عَبْدًا فَأَصَابَ بِهِ الْمُشْتَرِي عَيْبًا فَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْعَيْبَ كَانَ بِهِ عِنْدِي وَأَنْكَرْت أَنَا الْعَيْبَ وَمِثْلُهُ يَحْدُثُ كَيْفَ يُسْتَحْلَفُ الْبَائِعُ أَعَلَى عِلْمِهِ أَمْ عَلَى الْبَتَاتِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ مِنْ الْعُيُوبِ الظَّاهِرَةِ الَّتِي لَا يَخْفَى مِثْلُهَا أُحْلِفَ عَلَى الْبَتَاتِ قَالَ: وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي تَخْفَى أُحْلِفَ عَلَى عِلْمِهِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ.
قُلْت: وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: إنْ أَحْلِفَهُ عَلَى الْعَيْبِ فَحَلَفَ الْبَائِعُ أَنَّ الْعَيْبَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ ثُمَّ أَصَابَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْيَمِينِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ أَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بَعْدَ الْيَمِينِ؟
قَالَ: كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَرَى إنْ اسْتَحْلَفَهُ وَلَا عِلْمَ لَهُ بِالْبَيِّنَةِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً وَجَدَهَا رَدَّهُ وَلَمْ يُبْطِلْ حَقَّهُ الْيَمِينُ.
قَالَ: وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ بِبَيِّنَتِهِ فَاسْتَحْلَفَهُ وَرَضِيَ بِالْيَمِينِ وَتَرَكَ الْبَيِّنَةَ فَلَا حَقَّ لَهُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ في هَذَا وَفي جَمِيعِ الْحُقُوقِ.
قُلْت: فَإِنْ طَعَنَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ بَاعَهُ الْعَبْدَ آبِقًا أَوْ مَجْنُونًا أَيَحْلِفُ الْبَائِعُ عَلَى عِلْمِهِ أَمْ عَلَى الْبَتَاتِ؟
قَالَ: لَا يَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ وَلَا عَلَى الْبَتَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَكَ آبِقًا أَوْ مَجْنُونًا وَلَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ لَرَدَّهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْفَعْهُ يَمِينُهُ، وَلَوْ أُمْكِنَ مِنْ هَذَا النَّاسِ لَدَخَلَ عَلَيْهِمْ الضَّرَرُ الشَّدِيدُ يَأْتِي الْمُشْتَرِي إلَى الرَّجُلِ فيقُولُ لَهُ: احْلِفْ لِي أَنَّ عَبْدَكَ هَذَا مَا زَنَى عِنْدَكَ وَلَا سَرَقَ عِنْدَكَ وَلَا عِلْمَ لِلنَّاسِ بِمَا يَكُونُ مِنْ رَقِيقِهِمْ وَهَذَا يَدْخُلُ مِنْهُ عَلَى النَّاسِ ضَرَرٌ شَدِيدٌ وَلَوْ جَازَ هَذَا لَاسْتَحْلَفَهُ الْيَوْمَ عَلَى الْإِبَاقِ ثُمَّ غَدًا عَلَى السَّرِقَةِ ثُمَّ أَيْضًا عَلَى الزِّنَا ثُمَّ أَيْضًا عَلَى الْجُنُونِ.
وَلَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى مَنْ رَجُلٍ عَبْدًا فَلَمْ يُقِمْ عِنْدَهُ إلَّا أَيَّامًا حَتَّى أَبِقَ فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ: أَنِّي أَخَافُ أَنْ لَا يَكُونَ أَبِقَ عِنْدِي في قُرْبِ هَذَا إلَّا وَقَدْ كَانَ عِنْدَك آبِقًا فَاحْلِفْ لِي فَقَالَ مَالِكٌ: مَا أَرَى عَلَيْهِ يَمِينًا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنَّمَا بَيْعُ النَّاسِ عَلَى الصِّحَّةِ، فَمَنْ دَلَّسَ رُدَّ عَلَيْهِ مَا دَلَّسَ، وَمَا جَهِلَ الْبَائِعُ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى بَيْعِ الصِّحَّةِ إلَّا أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ لِلْمُشْتَرِي أَنَّ ذَلِكَ الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ فيرُدَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْبَائِعُ بِذَلِكَ الْعَيْبِ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت عَبْدًا فَأَصَبْتُ بِهِ عَيْبًا كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ دَلَّسَهُ لِي فَأَرَدْتُ رَدَّهُ فَقَالَ الْبَائِعُ: احْلِفْ بِاَللَّهِ أَنَّك لَمْ تَرْضَ الْعَبْدَ بَعْدَ مَا رَأَيْت الْعَيْبَ وَلَا تَسَوَّقْتَ بِهِ أَعَلَيَّ يَمِينٌ أَمْ لَا؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَمِينَ لَهُ عَلَيْكَ إذَا لَمْ يَدَّعِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهُ رَضِيَهُ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ بِالْعَيْبِ أَوْ يَقُولُ: قَدْ بَيَّنْتُ لَهُ الْعَيْبَ فَرَضِيَهُ أَوْ ادَّعَى أَنَّ مُخْبِرًا أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ تَسَوَّقَ بِهِ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ أَوْ رَضِيَهُ لِأَنِّي سَمِعْتُ مَالِكًا وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ بَاعَ دَابَّةً أَوْ جَارِيَةً مِنْ رَجُلٍ فَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَأَتَى بِهَا الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ لِيَرُدَّهَا فَقَالَ: احْلِفْ لِي أَنَّك مَا رَأَيْت الْعَيْبَ حِينَ مَا اشْتَرَيْتهَا وَلَمْ يَدَّعِ الْبَائِعُ أَنَّهُ أَرَاهُ إيَّاهُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: احْلِفْ أَنَّك لَمْ تَرَهُ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَا ذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا رَآهُ وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لِلْبَائِعِ لَجَازَ في غَيْرِ هَذَا، وَلَكِنِّي أَرَى أَنْ يَرُدَّ الْجَارِيَةَ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ قَدْ رَآهُ أَوْ يَدَّعِي أَنَّهُ قَدْ أَرَاهُ إيَّاهُ فيحْلِفُ لَهُ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت عَبْدًا فَأَصَبْتُهُ مُخَنَّثًا أَتَرَاهُ عَيْبًا؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْت: تَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا.
قُلْت: فَالْأَمَةُ الْمُذَكَّرَةُ؟
قَالَ: إنْ كَانَتْ تُوصَفُ بِذَلِكَ وَاشْتُهِرَتْ بِهِ رَأَيْتُهُ عَيْبًا تُرَدُّ مِنْهُ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ.

.الرَّجُلُ يَشْتَرِي الْعَبْدَ أَوْ الْجَارِيَةَ فيجِدُهُمَا أَوْلَادَ زِنَا:

قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت غُلَامًا أَوْ جَارِيَةً فَأَصَبْتُهُمَا أَوْلَادَ زِنًا أَيَكُونُ هَذَا عَيْبًا أَرُدُّهُمَا بِهِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ في الْجَارِيَةِ تُوجِدُ وَلَدَ زِنًا: أَنَّهَا تُرَدُّ.
وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ في الْعَبْدِ يَكُونُ لَغِيَّةً أَنَّهُ قَالَ: هُوَ عَيْبٌ يُرَدُّ مِنْهُ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ الْحَبَلُ في الْجَارِيَةِ إذَا بَاعَ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَتَرَاهُ عَيْبًا أَمْ لَا في قَوْلِ مَالِكٍ في وَخْشِ الرَّقِيقِ وَعِلِّيَّتِهِمْ؟
قَالَ: نَعَمْ وَلَقَدْ خَالَفَنِي ابْنُ كِنَانَةَ في وَخْشِ الرَّقِيقِ أَنَّ الْحَبَلَ لَيْسَ بِعَيْبٍ فيهِنَّ فَسَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَنَا: هُوَ عَيْبٌ نَرَى أَنْ تُرَدَّ مِنْهُ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَتْ لَهُ أَمَةٌ رَائِعَةٌ كَبِيرَةٌ تَبُولُ في الْفِرَاشِ فَانْقَطَعَ ذَلِكَ عَنْهَا ثُمَّ بَاعَهَا وَلَمْ يُبَيِّنْهُ أَتَرَاهُ عَيْبًا في قَوْلِ مَالِكٍ لَازِمًا أَبَدًا؟
قَالَ: أَرَى أَنَّهُ عَيْبٌ لَازِمٌ أَبَدًا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يُبَيِّنَ؛ لِأَنَّهُ لَا تُؤْمَنُ عَوْدَتُهُ مِثْلُ الْجُنُونِ، وَلِأَنَّهُ إذَا هُوَ بَيَّنَ وَضَعَ مِنْ ثَمَنِهَا لِمَا يُخَافُ مِنْ عَوْدَةِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْجُنُونُ.
قَالَ سَحْنُونٌ: أَخْبَرَنِي أَشْهَبُ في الْبَوْلِ إنْ كَانَ انْقِطَاعُهُ عَنْهَا انْقِطَاعًا طَوِيلًا وَقَدْ مَضَى لَهُ سُنُونَ كَثِيرَةٌ فَإِنِّي لَا أَرَى عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا انْقَطَعَ عَنْهَا انْقِطَاعًا طَوِيلًا لَا يُؤْمَنُ مِنْ أَنْ يَعُودَ إلَيْهَا فَإِنِّي أَرَى لَكَ أَنْ تَرُدَّهَا إنْ شِئْتَ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت جَارِيَةً فَأَصَبْتُهَا صُهْبَةَ الشَّعْرِ وَلَمْ أَكْشِفْ شَعْرَهَا عِنْدَ عُقْدَةِ الْبَيْعِ أَتَرَاهُ عَيْبًا؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ في الصُّهُوبَةِ في الشَّعْرِ شَيْئًا، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ في الرَّجُلِ: يَشْتَرِي الْجَارِيَةَ وَقَدْ جَعُدَ شَعْرُهَا أَوْ اسْوَدَّ فَإِنَّهُ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَ بِهَا شَيْبٌ وَكَانَتْ جَارِيَةٌ رَائِعَةً رَدَّهَا بِذَلِكَ الشَّيْبِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ مَالِكٌ: وَالْبَخَرُ في الْفَمِ عَيْبٌ تُرَدُّ مِنْهُ.
قُلْت: فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ رَائِعَةٍ فَظَهَرَ عَلَى الشَّيْبِ أَيَرُدُّهَا أَمْ لَا؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مَالِكًا يَقُولُ في الشَّيْبِ: إلَّا في الرَّائِعَةِ وَلَيْسَ هُوَ في غَيْرِ الرَّائِعَةِ عَيْبًا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا أَرَى أَنْ يَرُدَّهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ رَائِعَةً أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ عَيْبًا يَضَعُ مِنْ ثَمَنِهَا.
قُلْت: أَرَأَيْتَ الْخَيَلَانَ في الْوَجْهِ وَالْجَسَدِ أَيَكُونُ عَيْبًا أَمْ لَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: أَمَّا مَا كَانَ عَيْبًا عِنْدَ النَّاسِ فَهُوَ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ عَيْبًا يَنْقُصُ الثَّمَنَ؟
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَقَدْ يَكُونُ الْعَيْبُ الْخَفيفُ بِالْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ يَشْتَرِيهِمَا الرَّجُلُ مِثْلُ الْكَيِّ الْخَفيفِ لَا يَنْقُصُ ثَمَنَهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا، وَلَا أَرَى أَنْ يُرَدَّ بِهَذَا الْعَيْبِ الْعَبْدُ.
قَالَ مَالِكٌ: وَهُوَ عِنْدَ النَّخَّاسِينَ عَيْبٌ فَلَا أَرَى أَنْ يُرَدَّ بِهِ، وَإِنْ كَانَ هَذَا عِنْدَهُمْ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا وَسُئِلَ عَنْ الْعَبْدِ يُتَّهَمُ بِالسَّرِقَةِ فَأَخَذَهُ السُّلْطَانُ فَحَبَسَهُ ثُمَّ كُشِفَ أَمْرُهُ فَوُجِدَ بَرِيئًا أَتَرَاهُ عَيْبًا إنْ لَمْ يُبَيِّنْهُ؟
قَالَ: لَا.
قَالَ مَالِكٌ: وَقَدْ يُتَّهَمُ الرَّجُلُ الْحُرُّ بِالسَّرِقَةِ وَبِالتُّهْمَةِ فيلْقَى سَلِيمًا مِنْ ذَلِكَ فَلَا تُدْفَعُ شَهَادَتُهُ بِذَلِكَ.

.(في الرَّجُلِ يَبْتَاعُ السِّلْعَةَ وَبِهَا الْعَيْبُ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ):

في الرَّجُلِ يَبْتَاعُ السِّلْعَةَ وَبِهَا الْعَيْبُ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ وَلَا يَعْلَمُ بِهِ حَتَّى يَذْهَبَ الْعَيْبُ ثُمَّ يُرِيدُ رَدَّهَا.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت عَبْدًا عَلَيْهِ دَيْنٌ فَعَلِمْتُ بِدَيْنِهِ فَأَرَدْتُ رَدَّهُ فَقَالَ: سَيِّدُهُ الْبَائِعُ: أَنَا أُؤَدِّي عَنْهُ دَيْنَهُ، أَوْ قَالَ الَّذِي لَهُ الدَّيْنُ: قَدْ وَهَبْت لَهُ دَيْنِي الَّذِي لِي عَلَيْهِ، أَتَرَى لِلسَّيِّدِ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا يَكُونُ لِلسَّيِّدِ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ أَمَةٌ في عِدَّةٍ مِنْ طَلَاقٍ فَاشْتَرَاهَا رَجُلٌ فَعَلِمَ بِذَلِكَ الْمُشْتَرِي فَلَمْ يَرُدَّهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ قَدْ ذَهَبَ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بِعَيْبٍ قَدْ ذَهَبَ.
قُلْت: وَكَذَلِكَ لَوْ أَنِّي اشْتَرَيْت جَارِيَةً فَرَأَيْتُ بِعَيْنِهَا بَيَاضًا فَأَرَدْتُ رَدَّهَا فَذَهَبَ الْبَيَاضُ قَبْلَ أَنْ أَرُدَّهَا لَمْ يَكُنْ لِي أَنْ أَرُدَّهَا؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: إذَا ذَهَبَ الْعَيْبُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَصَابَتْهُ الْحُمَّى في الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ أَوْ ابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ في الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ ثُمَّ ذَهَبَتْ الْحُمَّى وَذَهَبَ الْبَيَاضُ مِنْ عَيْنَيْهِ فَجَاءَ بِهِ الْمُشْتَرِي في الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ يُرِيدُ رَدَّهُ؟
قَالَ: أَمَّا إذَا ذَهَبَ الْعَيْبُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ.
قَالَ: لِأَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا ابْتَاعَ عَبْدًا وَبِهِ عَيْبٌ فَلَمْ يَعْلَمْ الْمُبْتَاعُ بِالْعَيْبِ حَتَّى بَرَأَ الْعَبْدُ مِنْ ذَلِكَ الْعَيْبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ في الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْعَبْدَ وَلَهُ وَلَدٌ كَبِيرٌ أَوْ صَغِيرٌ لَمْ يَعْلَمْ بِوَلَدِهِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَرَآهُ عَيْبًا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِهِ السَّيِّدُ ذَهَبَ الْعَيْبُ، وَلَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ حِينَ عَلِمَ بِهِ فَتَرَكَهُ حَتَّى بَرَأَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى بَرَأَ بِمَنْزِلَةِ هَذَا.

.في الرَّجُلِ يَبِيعُ السِّلْعَةَ بِمِائَةِ دِينَارٍ فيأْخُذُ بِالْمِائَةِ سِلْعَةً أُخْرَى فيجِدُ بِهَا عَيْبًا:

قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ بِعْتُ سِلْعَةً بِمِائَةِ دِينَارٍ فَأَخَذْتُ بِالْمِائَةِ سِلْعَةً أُخْرَى فَوَجَدْتُ بِالسِّلْعَةِ الثَّانِيَةِ عَيْبًا؟
قَالَ: يَرُدُّهَا وَيَرْجِعُ بِالْمِائَةِ الدِّينَارِ وَهَذَا مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فيهِ.
قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يُبِيعُ الرَّجُلَ الطَّعَامَ بِثَمَنٍ ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ فيلْقَاهُ فيأْخُذُ في ثَمَنِهِ طَعَامًا آخَرَ مُخَالِفًا لَهُ أَيُنْتَقَضُ الْبَيْعُ كُلُّهُ أَمْ يَرُدُّ الْبَيْعَ الْآخَرَ وَيَثْبُتُ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ؟
قَالَ: بَلْ يَرُدُّ الْبَيْعَ الْآخَرَ وَيَثْبُتُ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ بِحَالِ مَا كَانَ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ فيأْخُذُ وَرِقَهُ، وَكَذَلِكَ السِّلْعَةَ الْأَخِيرَةَ إذَا وَجَدَ فيهَا عَيْبًا فَإِنَّمَا تَنْتَقِضُ الصَّفْقَةُ الثَّانِيَةُ وَهُوَ مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فيهِ، وَتَبْقَى الصَّفْقَةُ الْأُولَى عَلَى حَالِهَا صَحِيحَةً وَإِنَّمَا اخْتِلَافُ النَّاسِ في السِّلْعَةِ الْأُولَى، وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ قَالُوا فيهَا قَوْلًا فَسَأَلْنَا مَالِكًا عَنْهَا فَقَالَ: الَّذِي أَخْبَرْتُكَ.

.في الرَّجُلِ يَبْتَاعُ السِّلَعَ الْكَثِيرَةَ ثُمَّ يَجِدُ بِبَعْضِهَا عَيْبًا:

قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت سِلَعًا كَثِيرَةً صَفْقَةً وَاحِدَةً فَأَصَبْتُ بِإِحْدَاهَا عَيْبًا وَلَيْسَ هُوَ وَجْهُ تِلْكَ السِّلَعِ وَقَدْ قَبَضْتُ جَمِيعَ تِلْكَ السِّلَعِ أَيَكُونُ لِي أَنْ أَرُدَّهَا جَمِيعًا في قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَرُدَّ في قَوْلِ مَالِكٍ إلَّا تِلْكَ السِّلْعَةَ وَحْدَهَا الَّتِي أَصَبْتَ بِهَا الْعَيْبَ.
قُلْت: فَإِنْ كُنْتُ لَمْ أَقْبِضْ تِلْكَ السِّلَعَ مِنْ الْبَائِعِ فَأَصَبْتُ بِسِلْعَةٍ مِنْهَا عَيْبًا قَبْلَ أَنْ أَقْبِضَهَا مِنْ الْبَائِعِ وَلَيْسَ تِلْكَ السِّلْعَةُ وَجْهَ ذَلِكَ الشِّرَاءِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَرُدَّ جَمِيعَ تِلْكَ السِّلَعِ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لَكَ أَنْ تَرُدَّ إلَّا تِلْكَ السِّلْعَةَ وَحْدَهَا.
قُلْت: وَسَوَاءٌ إنْ كُنْتُ قَبَضْتُ أَوْ لَمْ أَقْبِضْ في قَوْلِ مَالِكٍ إنَّمَا لِي أَنْ أَرُدَّ تِلْكَ السِّلْعَةَ الَّتِي وَجَدْتُ فيهَا الْعَيْبَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ إذَا لَمْ تَكُنْ تِلْكَ السِّلْعَةُ الَّتِي وَجَدْتُ بِهَا الْعَيْبَ وَجْهَ تِلْكَ السِّلَعِ؟
قَالَ: نَعَمْ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت عَشْرَةَ أَثْوَابٍ كُلُّ ثَوْبٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَأَصَبْتُ بِأَحَدِهَا عَيْبًا أَيَنْظُرُ مَالِكٌ في هَذَا؟ فَإِنْ كَانَ الَّذِي وَجَدْتَ بِهِ الْعَيْبَ هُوَ وَجْهُ تِلْكَ الثِّيَابِ رُدَّ جَمِيعُهَا أَمْ لَا يَنْظُرُ؛ لِأَنَّا قَدْ سَمَّيْنَا لِكُلِّ سِلْعَةٍ ثَمَنًا.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الثِّيَابِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَا سَمَّى لِكُلِّ ثَوْبٍ مِنْ الثَّمَنِ.
قلت: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فيمَنْ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ حَيَوَانًا وَرَقِيقًا وَثِيَابًا وَعُرُوضًا كُلَّ ذَلِكَ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَأَصَابَ بِبَعْضِ ذَلِكَ عَيْبًا.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ أَصَابَ بِأَرْفَعَ تِلْكَ السِّلَعِ عَيْبًا وَيَعْلَمُ أَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَى تِلْكَ السِّلَعَ لِمَكَانِ تِلْكَ السِّلْعَةِ وَفيهَا كَانَ يَرْجُو الْفَضْلَ وَمَنْ أَجَلِهَا اشْتَرَى تِلْكَ السِّلَعَ رَدَّ ذَلِكَ الْبَيْعَ كُلَّهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَحْبِسَ ذَلِكَ كُلَّهُ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنَّ اشْتَرَيْت عَبِيدًا وَثِيَابًا وَدَوَابَّ فَأَصَبْتُ بِعَبْدٍ مِنْهَا عَيْبًا وَقِيمَةُ الْعَبِيدِ كُلِّهِمْ كُلُّ عَبْدٍ مِنْهُمْ ثَلَاثُونَ دِينَارًا وَقِيمَةُ الثِّيَابِ كَذَلِكَ أَيْضًا ثَلَاثُونَ دِينَارًا لِكُلِّ ثَوْبٍ، وَقِيمَةُ الدَّوَابِّ كَذَلِكَ أَيْضًا قِيمَةُ كُلِّ دَابَّةٍ ثَلَاثُونَ دِينَارًا وَقِيمَةُ الْعَبْدِ الَّذِي أَصَبْت بِهِ الْعَيْبَ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ دِينَارًا أَوْ أَرْبَعُونَ دِينَارًا أَيَرُدُّ جَمِيعَ هَذَا الْبَيْعِ وَيَجْعَلُهُ إنَّمَا اشْتَرَى هَذَا الْبَيْعَ مِنْ أَجَلِ هَذَا الْعَبْدِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي أَصَابَ بِهِ الْعَيْبَ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ دِينَارًا وَهَاهُنَا عُبَيْدٌ وَثِيَابٌ وَدَوَابُّ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ قَرِيبٌ مِنْ هَذَا الَّذِي أَصَابَ بِهِ الْعَيْبَ فَلَيْسَ لِهَذَا الْعَبْدِ الَّذِي أَصَابَ بِهِ الْعَيْبَ اشْتِرَاءٌ وَلَا هَذَا الْعَبْدُ وَجْهُ هَذَا الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ جَمِيعَهُمْ قَدْ بَلَغُوا مِائَتَيْنِ مِنْ دَنَانِيرَ وَإِنَّمَا قِيمَةُ هَذَا الْعَبْدِ خَمْسُونَ أَوْ أَرْبَعُونَ دِينَارًا فَهُوَ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ ثَمَنًا مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إذَا انْفَرَدَ بِثَمَنِهِ فَلَيْسَ هُوَ وَجْهَ جَمِيعِ هَذَا الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ وَجْهَ جَمِيعِ هَذَا الْبَيْعِ إذَا كَانَ الْعَبْدُ الَّذِي يُصَابُ بِهِ الْعَيْبُ أَوْ السِّلْعَةُ الَّتِي يُصَابُ بِهَا الْعَيْبُ هِيَ أَكْثَرُ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ ثَمَنًا إذَا جُمِعَتْ تِلْكَ الْأَشْيَاءُ يَكُونُ جَمِيعُ الثَّمَنِ أَلْفَ دِينَارٍ وَهِيَ سِلَعٌ كَثِيرَةٌ فيكُونُ ثَمَنُ الْعَبْدِ سَبْعَمِائَةٍ دِينَارٍ أَوْ ثَمَانَمِائَةٍ دِينَارٍ فَهَذَا الَّذِي وَجْهُ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ، وَمَنْ أَجَلِهِ اشْتَرَيْتَ، وَإِنْ أَصَبْتَ بِهِ عَيْبًا رَدَدْتَ هَذِهِ السِّلَعَ كُلَّهَا.

.في الرَّجُلِ يَبْتَاعُ النَّخْلَ فيأْكُلُ ثَمَرَتَهَا ثُمَّ يَجِدُ بِهَا عَيْبًا:

قُلْت: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَبِيعُ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ فيأْكُلُ الْمُشْتَرِي ثَمَرَتَهَا ثُمَّ يَجِدُ بِالنَّخْلِ عَيْبًا أَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا في قَوْلِ مَالِكٍ وَلَا يَغْرَمُ مَا أَكَلَ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: في الدُّورِ وَالْعَبِيدِ إذَا أَصَابَ بِهِمْ عَيْبًا وَقَدْ اغْتَلَّهُمْ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُمْ وَلَهُ غَلَّتُهُمْ فَكَذَلِكَ غَلَّةُ النَّخْلِ عِنْدِي.
قَالَ سَحْنُونٌ: لِأَنَّ الْغَلَّةَ بِالضَّمَانِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ».
قُلْت: فَإِنْ كَانَتْ غَنَمًا جَزَّ أَصْوَافَهَا فَأَكَلَ أَلْبَانَهَا وَجَمِيعَ سُمُونِهَا ثُمَّ أَصَابَ بِهَا عَيْبًا أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ أَمْ لَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: هُوَ عِنْدِي أَيْضًا بِمَنْزِلَةِ الْغَلَّةِ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ مَا جَزَّ مِنْ أَصْوَافِهَا وَالصُّوفُ قَائِمٌ بِعَيْنِهِ أَيَرُدُّهُ؟
قَالَ: لَا أَرَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ حِينَ اشْتَرَاهَا كَانَ عَلَيْهَا صُوفٌ قَدْ تَمَّ فَجَزَّهُ، فَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ ذَلِكَ مَعَهَا، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا هُوَ نَبَاتٌ فَلَا أَرَى ذَلِكَ.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَأَخْبَرَنِي أَشْهَبُ أَنَّهُ قَالَ: النَّبَاتُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ تَبَعٌ وَلَغْوٌ مَعَ مَا ابْتَعْتَ مِنْ الضَّأْنِ، وَكَذَلِكَ ثَمَرُ النَّخْلِ الْمَأْبُورَةِ؛ لِأَنَّهُ غَلَّةٌ وَالْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ.
قُلْت: وَلِمَ جَعَلْتَ الصُّوفَ وَاللَّبَنَ بِمَنْزِلَةِ الْغَلَّةِ؟
قَالَ: لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ في الْغَنَمِ: يَشْتَرِيهَا الرَّجُلُ لِلتِّجَارَةِ فيجُزُّهَا قَالَ: أَرَى أَصْوَافَهَا بِمَنْزِلَةِ غَلَّةِ الدُّورِ وَلَيْسَ فيهَا زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ يَقْبِضُ الثَّمَنَ إنْ بَاعَ الصُّوفَ.
قلت: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَتْ أَمَةً فَوَلَدَتْ أَوْلَادًا ثُمَّ أَصَابَ بِهَا الْمُشْتَرِي عَيْبًا؟
قَالَ: يَرُدُّهَا وَوَلَدَهَا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ في قَوْلِ مَالِكٍ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ في هَذَا، وَالصَّحِيحَ سَوَاءً إذَا أَصَابَ عَيْبًا وَقَدْ اغْتَلَّ غَلَّةً مَنْ الدُّورِ وَالنَّخْلِ وَالْغَنَمِ أَوْ وَلَدَتْ الْغَنَمُ أَوْ الْجَوَارِي؟
قَالَ: نَعَمْ هُوَ سَوَاءٌ مَا كَانَ مِنْ غَلَّةٍ فَهِيَ لَهُ بِالضَّمَانِ وَمَا كَانَ لَهُ مِنْ وِلَادَةٍ رَدَّهَا مَعَ الْأُمَّهَاتِ إلَّا أَنْ تَفُوتَ في الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالْوَلَدُ فَوْتٌ، فيكُونُ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ قَبَضَهَا وَلَا يَرُدُّ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَرُدَّ بِالْعَيْبِ فَذَلِكَ لَهُ، وَالْعُيُوبُ لَيْسَ فيهَا فَوْتٌ إلَّا أَنْ تَمُوتَ أَوْ يَدْخُلَهَا نَقْصٌ فيرُدُّهَا وَمَا نَقَصَ الْعَيْبُ مِنْهَا.
قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.

.في الرَّجُلِ يَبِيعُ السِّلْعَةَ وَيُدَلِّسُ فيهَا بِالْعَيْبِ وَقَدْ عَلِمَهُ:

قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ بِعْتُ ثَوْبًا مِنْ رَجُلٍ دَلَّسْت لَهُ بِعَيْبٍ وَأَنَا أَعْلَمُ أَوْ كَانَ بِهِ عَيْبٌ لَمْ أَعْلَمْ بِهِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا دَلَّسَ بِالْعَيْبِ وَهُوَ يَعْلَمُ ثُمَّ أَحْدَثَ الْمُشْتَرِي في الثَّوْبِ صِبْغًا يُنْقِصُ الثَّوْبَ أَوْ قَطَعَهُ قَمِيصًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ حَبَسَ الثَّوْبَ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالدَّاءِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الثَّوْبَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الصَّبْغُ قَدْ زَادَ في الثَّوْبِ، فَإِنْ شَاءَ حَبَسَ الثَّوْبَ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالدَّاءِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الثَّوْبَ وَكَانَ شَرِيكًا لِلْبَائِعِ بِمَا زَادَ الصَّبْغُ في الثَّوْبِ، وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: إذَا ابْتَاعَ الرَّجُلُ ثَوْبًا فَقَطَعَهُ قَمِيصًا ثُمَّ وَجَدَ فيهِ عَيْبًا قَالَ: فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ دَلَّسَ رَدَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُدَلِّسْ طَرَحَ عَنْ الْمُبْتَاعِ قَدْرَ عَيْبِهِ.
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: وَلِمَ لَا يَجْعَلُ مَالِكٌ عَلَيْهِ مَا نَقَصَهُ الْقَطْعُ وَالصَّبْغُ عِنْدَهُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ دَلَّسَهُ لَهُ؟
قَالَ: لِأَنَّ الْبَائِعَ هَاهُنَا كَأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ في ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ ذَلِكَ.
قُلْت: فَلَوْ لَبِسَهُ الْمُشْتَرِي فَانْتَقَضَ الثَّوْبُ لِلُبْسِهِ؟
قَالَ: هَذَا يَضْمَنُ مَا نَقَصَ الثَّوْبُ لِلُبْسِهِ إنْ أَرَادَ رَدَّهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا لَمْ يُدَلِّسْ بِالْعَيْبِ فَقَطَعَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ قَمِيصًا أَوْ صَبَغَهُ صَبْغًا يُنْقِصُهُ، فَإِنْ أَدْرَكَ الثَّوْبَ رَدَّهُ وَمَا نَقَصَ الْعَيْبُ عِنْدَهُ، وَإِنْ شَاءَ حَبَسَهُ وَرَجَعَ بِمَا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالدَّاءِ، وَإِنْ زَادَ الصَّبْغُ، فَإِنْ أَدْرَكَ الصَّبْغَ في الثَّوْبِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ حَبَسَهُ وَرَجَعَ بِمَا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالدَّاءِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ وَكَانَ شَرِيكًا بِالزِّيَادَةِ وَهَذَا في الْمَصْبُوغِ في الزِّيَادَةِ.
قُلْت: فَمَنْ دَلَّسَ بِالْعَيْبِ وَمَنْ لَمْ يُدَلِّسْ، فَإِنَّمَا الْقَوْلُ فيهِ قَوْلٌ وَاحِدٌ وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُ الْقَوْلُ فيهِمَا في هَذَا الَّذِي دَلَّسَ إذَا قَطَعَ الْمُشْتَرِي ثَوْبَهُ أَوْ صَبَغَهُ صَبْغًا يُنْقِصُهُ رَدَّهُ وَلَمْ يَرُدَّ مَعَهُ مَا نَقَصَ وَاَلَّذِي لَمْ يُدَلِّسْ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي إذَا صَبَغَ صَبْغًا يُنْقِصُهُ أَوْ قَطَعَ الثَّوْبَ فَنَقَصَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ إلَّا أَنْ يَرُدَّ النُّقْصَانَ مَعَهُ؟
قَالَ: نَعَمْ إنَّمَا افْتَرَقَا في هَذَا فَقَطْ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ مَا سَمِعْتُكَ تَذْكُرُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ مَنْ بَاعَ فَدَلَّسَ أَنَّهُ إنْ حَدَثَ عِنْدَهُ بِهِ عَيْبٌ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ أَهَذَا في جَمِيعِ السِّلَعِ في قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَيْسَ هَكَذَا.
قُلْت لَكَ: إنَّمَا قُلْت لَكَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ: مَنْ بَاعَ ثَوْبًا فَدَلَّسَ بِعَيْبٍ عَلِمَهُ فَقَطَعَهُ الْمُشْتَرِي إنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ مِمَّا نَقَصَهُ التَّقْطِيعُ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ بَاعَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ وَلَمْ يُدَلِّسْ لَهُ بِالْعَيْبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ إلَّا أَنْ يَرُدَّ مَعَهُ مَا نَقَصَ التَّقْطِيعُ.
قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ: فَإِنْ كَانَ قَدْ عَلِمَ الْبَائِعُ بِالْعَيْبِ ثُمَّ بَاعَهُ فَزَعَمَ أَنَّهُ نَسِيَ الْعَيْبَ حِينَ بَاعَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِتَدْلِيسِهِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَحْلِفُ بِاَللَّهِ إنَّهُ نَسِيَ الْعَيْبَ حِينَ بَاعَهُ وَمَا ذَكَرَهُ، وَيَكُونُ سَبِيلُهُ سَبِيلَ مَنْ لَمْ يُدَلِّسْ.
قُلْت: فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ قَدْ دَلَّسَ لَهُ بِالْعَيْبِ فَحَدَثَ بِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ مِنْ غَيْرِ الْقَطْعِ أَوْ في الْحَيَوَانِ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ؟
قَالَ: إنَّمَا قَالَ مَالِكٌ: في الرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ إذَا حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ مُفْسِدٌ مِثْلُ الْعَوَرِ وَمَا أَشْبَهَهُ وَالْقَطْعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ إلَّا أَنْ يَرُدَّ مَعَهُ مَا نَقَصَ وَلَيْسَ يَتْرُكُ مَا نَقَصَ دَلَّسَ أَوْ لَمْ يُدَلِّسْ.
قَالَ: لِأَنَّ الرَّقِيقَ وَالْحَيَوَانَ كُلَّهُ دَلَّسَ أَوْ لَمْ يُدَلِّسْ مَا حَدَثَ بِهَا مِنْ عَيْبٍ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مُفْسِدٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ إلَّا أَنْ يَرُدَّ مَعَهُ مَا نَقَصَ وَمَا كَانَ مِنْ عَيْبٍ لَيْسَ بِمُفْسِدٍ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَلَا يَرُدُّ مَعَهُ مَا نَقَصَ وَالتَّدْلِيسُ في الْحَيَوَانِ وَالرَّقِيقِ وَغَيْرُ التَّدْلِيسِ سَوَاءٌ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَمَّا في الثِّيَابِ فَإِنَّهُ إذَا دَلَّسَ فَحَدَثَ في الثِّيَابِ عَيْبٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مُفْسِدٌ مِنْ غَيْرِ التَّقْطِيعِ أَوْ فَعَلَ بِمَا لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفْعَلَ بِالثَّوْبِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْحَيَوَانِ لَا يَرُدُّهُ إلَّا أَنْ يَرُدَّ مَعَهُ مَا نَقَصَ الْعَيْبُ وَإِنَّمَا أَجَازَهُ مَالِكٌ في التَّقْطِيعِ وَحْدَهُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَلَا يَرُدَّ مَعَهُ مَا نَقَصَ إذَا دَلَّسَ لَهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْقَصَّارَةُ وَالصَّبَّاغُ مِثْلُهُ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ مَا اشْتَرَى مِنْ الثِّيَابِ وَقَدْ دَلَّسَ فيهِ بِعَيْبٍ فَصَبَغَهَا أَوْ أَحْدَثَ فيهَا مَا هُوَ زِيَادَةٌ فيهَا، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ وَيَكُونُ مَعَهُ شَرِيكًا بِمَا زَادَ الصَّبْغُ في الثَّوْبِ أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ؟
قَالَ: نَعَمْ ذَلِكَ لَهُ في قَوْلِ مَالِكٍ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ نَقَصَهَا الصَّبْغُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ التَّقْطِيعِ إنْ أَحَبَّ أَنْ يَرُدَّهُ رَدَّهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُمْسِكَهُ أَمْسَكَهُ وَأَخَذَ قِيمَةَ الْعَيْبِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَ لَمْ يُدَلِّسْ لَهُ وَقَدْ صَبَغَهُ الْمُشْتَرِي صَبْغًا يُنْقِصُهُ رَدَّهُ وَرَدَّ مَعَهُ مَا نَقَصَ الصَّبْغُ مِنْهُ، وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُمْسِكَهُ وَيَأْخُذُ مَا نَقَصَ الْعَيْبُ مِنْ السِّلْعَةِ مِنْ الْبَائِعِ فَذَلِكَ لَهُ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت ثِيَابًا كَانَ بِهَا عَيْبٌ عِنْدَ الْبَائِعِ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ ثُمَّ اطَّلَعْنَا عَلَى الْعَيْبِ وَقَدْ حَدَثَ بِهَا عِنْدِي عَيْبٌ غَيْرُ مُفْسِدٍ أَيَكُونُ لِي أَنْ أَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ وَلَا أَرُدُّ مَعَهَا شَيْئًا؟
قَالَ: إنْ كَانَ الشَّيْءُ الْخَفيفُ الَّذِي لَا خَطْبَ لَهُ رَأَيْتُ أَنْ يَرُدَّهُ، وَالْعُيُوبُ في الثِّيَابِ لَيْسَتْ كَالْعُيُوبِ في الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ في الثَّوْبِ يَكُونُ الْخَرْقُ في وَسَطِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ كَبِيرٍ فَإِنَّهُ يَضَعُ مِنْ ثَمَنِهِ، وَالْكَيَّةُ وَمَا أَشْبَهَهَا يَكُونُ في الْحَيَوَانِ فَلَا يَكَادُ يَضَعُ مِنْ ثَمَنِهَا كَبِيرُ شَيْءٍ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ الْحَيَوَانَ إذَا اشْتَرَاهَا وَقَدْ دَلَّسَ فيهَا صَاحِبُهَا؟
قَالَ: التَّدْلِيسُ وَغَيْرُ التَّدْلِيسِ في الْحَيَوَانِ سَوَاءٌ في قَوْلِ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ لَمْ يَبِعْهَا عَلَى أَنْ يُقَطِّعَهَا، وَالثِّيَابَ إنَّمَا تُشْتَرَى لِلْقَطْعِ وَمَا أَشْبَهَهُ.
قُلْت: فَالدَّارُ إذَا بَاعَهَا وَقَدْ دُلِّسَ فيهَا بِعَيْبٍ قَدْ عَلِمَ بِهِ الْبَائِعُ؟
قَالَ: أَرَاهَا بِمَنْزِلَةِ الْحَيَوَانِ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فيهَا شَيْئًا.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت ثَوْبًا بِهِ عَيْبٌ دَلَّسَهُ لِي الْبَائِعُ بَاعَنِيهِ وَقَدْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ فَقَطَعْتُهُ قَبَاءً أَوْ قَمِيصًا أَوْ سَرَاوِيلَ ثُمَّ عَلِمْتُ بِالْعَيْبِ الَّذِي دَلَّسَهُ لِي الْبَائِعُ أَيَكُونُ لِي أَنْ أَرُدَّهُ في قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ وَلَا يُرَدُّ مَعَهُ مَا نَقَصَ التَّقْطِيعُ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت ثَوْبًا فَقَطَعْتُهُ تَبَابِين وَمِثْلُ هَذَا الثَّوْبِ لَا يُقْطَعُ تَبَابِين وَهُوَ وَشْيٌ وَبِهِ عَيْبٌ دَلَّسَهُ لِي الْبَائِعُ أَيَكُونُ لِي أَنْ أَرُدَّهُ أَمْ لَا؟
قَالَ: هَذَا فَوْتٌ إذَا قَطَعَهُ خَرْقًا أَوْ مَا لَا يَقْطَعُ مِنْ ذَلِكَ الثَّوْبِ مِثْلَهُ فَهُوَ فَوْتٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَلَكِنْ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالْعَيْبِ الَّذِي دَلَّسَهُ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت ثَوْبًا بِهِ عَيْبٌ دَلَّسَهُ لِي الْبَائِعُ فَبِعْتُهُ؟
قَالَ: لَا تَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّكَ قَدْ بِعْتَ الثَّوْبَ وَقَدْ فَسَّرْتُ لَكَ قَوْلَ مَالِكٍ في هَذَا قَبْلَ هَذَا الْمَوْضِعِ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت ثَوْبًا فَصَبَغْتُهُ بِعُصْفُرٍ أَوْ بِسَوَادٍ أَوْ بِزَعْفَرَانٍ أَوْ بِوَرْسٍ أَوْ بِمَشْقٍ أَوْ بِخُضْرَةٍ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الصَّبْغِ فَزَادَ الثَّوْبَ الصَّبْغُ خَيْرًا أَوْ نَقَصَ فَأَصَبْتُ بِهِ عَيْبًا دَلَّسَهُ لِي الْبَائِعُ بَاعَنِي الثَّوْبَ وَبِهِ عَيْبٌ قَدْ عَلِمَ بِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ قَدْ دَلَّسَ لَهُ وَقَدْ صَبَغَهُ صَبْغًا يُنْقِصُ الثَّوْبَ رَدَّهُ وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْهِ فيمَا فَعَلَ بِالثَّوْبِ، وَإِنْ كَانَ زَادَ الصَّبْغُ بِالثَّوْبِ خَيْرًا فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ أَحَبَّ أَنْ يُمْسِكَهُ وَيَأْخُذَ قِيمَةَ الْعَيْبِ فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْبِسَهُ رَدَّهُ وَأَخَذَ الثَّمَنَ وَكَانَ شَرِيكًا في الثَّوْبِ بِقَدْرِ مَا زَادَ الصَّبْغُ في الثَّوْبِ يُقَوَّمُ الثَّوْبُ وَبِهِ الْعَيْبُ غَيْرَ مَصْبُوغٍ، فينْظَرُ مَا قِيمَتُهُ ثُمَّ يُقَوَّمُ وَبِهِ الْعَيْبُ وَهُوَ مَصْبُوغٌ فينْظَرُ مَا قِيمَتُهُ، فَاَلَّذِي زَادَ الصَّبْغُ في الثَّوْبِ يَكُونُ بِذَلِكَ الْمُشْتَرِي شَرِيكًا لِلْبَائِعِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَ لَمْ يُدَلِّسْ الْبَائِعُ وَقَدْ صَبَغَهُ الْمُشْتَرِي صَبْغًا يُنْقِصُ الثَّوْبَ كَانَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَنْ يُمْسِكَهُ أَمْسَكَهُ وَأَخَذَ قِيمَةَ الْعَيْبِ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَرُدَّهُ رَدَّهُ وَمَا نَقَصَ الصَّبْغُ مِنْهُ فَذَلِكَ لَهُ وَالْمُشْتَرِي في ذَلِكَ بِالْخِيَارِ، وَإِنْ كَانَ الصَّبْغُ قَدْ زَادَهُ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ أَحَبَّ أَنْ يُمْسِكَهُ وَيَأْخُذَ قِيمَةَ الْعَيْبِ فَعَلَ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَرُدَّهُ وَكَانَ شَرِيكًا.
قلت: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت ثَوْبًا فَلَبِسْتُهُ حَتَّى غَسَلْتُهُ غَسَلَاتٍ ثُمَّ ظَهَرْتُ عَلَى عَيْبٍ قَدْ كَانَ دَلَّسَهُ لِي الْبَائِعُ وَعَلِمَ بِهِ أَوْ بَاعَنِي وَبِهِ عَيْبٌ لَمْ يَعْلَمْ الْبَائِعُ بِالْعَيْبِ؟
قَالَ: إذَا لَبِسَهُ لُبْسًا خَفيفًا لَمْ يَنْقُصْهُ رَدَّهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ لَبِسَهُ لُبْسًا كَثِيرًا قَدْ نَقَصَهُ رَدَّهُ وَرَدَّ مَعَهُ مَا نَقَصَهُ دَلَّسَ لَهُ أَوْ لَمْ يُدَلِّسْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يَحْبِسَهُ وَيَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا دَلَّسَهُ.
قلت: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت حِنْطَةً قَدْ مَسَّهَا الْمَاءُ وَجَفَّتْ وَلَمْ يُبَيِّنْ لِي أَوْ عَسَلًا أَوْ لَبَنًا مَغْشُوشًا فَأَكَلْتُهُ ثُمَّ ظَهَرْتُ عَلَى مَا صَنَعَ الْبَائِعُ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا، وَأَرَى أَنْ يُوضَعَ عَنْهُ مَا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالدَّاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُوزَنُ أَوْ يُكَالُ لَا يُوجَدُ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَغْشُوشٌ، فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُوجَدُ مِثْلُهُ في غِشِّهِ يُحَاطُ بِذَلِكَ مَعْرِفَةً رَأَيْنَا أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهُ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت جَارِيَةً بِكْرًا لَهَا زَوْجٌ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَقَدْ عَلِمَتْ أَنَّ لَهَا زَوْجًا فَقَبَضْتُهَا ثُمَّ افْتَضَّهَا زَوْجُهَا عِنْدِي فَنَقَصَهَا ذَلِكَ فَظَهَرْتُ عَلَى عَيْبٍ دَلَّسَهُ لِي الْبَائِعُ أَيَكُونُ لِي أَنْ أَرُدَّهَا وَلَا يَكُونُ عَلَيَّ شَيْءٌ مَنْ نُقْصَانِ وَطْءِ الزَّوْجِ لَهَا؟
قَالَ: لَكَ أَنْ تَرُدَّهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ؛ لِأَنَّهُ بَاعَكَ جَارِيَةً ذَاتَ زَوْجٍ وَدَلَّسَ فيهَا بِعَيْبٍ، فَلَيْسَ عَلَيْكَ لِوَطْءِ الزَّوْجِ إذَا جَاءَ مِنْ وَطْءِ الزَّوْجِ نُقْصَانٌ عَلَيْكَ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يَبِيعُ الثَّوْبَ مِنْ الرَّجُلِ وَبِهِ الْعَيْبُ قَدْ دَلَّسَهُ لَهُ عَلِمَ بِهِ الْبَائِعُ فَقَطَعَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى عَيْبِهِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الثَّوْبَ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ لِلْقَطْعِ شَيْءٌ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: في الثِّيَابِ وَهَذَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ، فَالْجَارِيَةُ دَلَّسَ أَوْ لَمْ يُدَلِّسْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ في افْتِضَاضِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ هُوَ الَّذِي زَوَّجَهَا، وَإِنَّمَا كَانَ يَكُونُ عَلَيْهِ أَنْ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الَّذِي زَوَّجَهَا.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت عَبْدًا مَنْ رَجُلٍ وَبِهِ عَيْبٌ لَمْ أَعْلَمْ بِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنِّي بَائِعُهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا اشْتَرَيْته أَوْ بِأَقَلَّ؟
قَالَ: إنْ كَانَ الْبَائِعُ دَلَّسَ بِالْعَيْبِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْكَ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ وَهُوَ يَعْلَمُهُ، وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ رَدَّ عَلَيْكَ تَمَامَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّكَ كَانَ لَكَ أَنْ تَرُدَّهُ عَلَيْهِ وَهَا هُوَ ذَا في يَدَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ حِينَ بَاعَهُ مِنْكَ حَتَّى اشْتَرَاهُ مِنْكَ بِأَكْثَرَ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْكَ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ وَلَكَ أَنْ تَرُدَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَكَأَنَّهُ رَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ رَدَّ عَلَيْكَ تَمَامَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّكَ كَانَ لَكَ أَنْ تَرُدَّهُ عَلَيْهِ وَهَا هُوَ ذَا في يَدَيْهِ.