فصل: الصَّلَاةُ عَلَى بَعْضِ الْجَسَدِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)



.فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْأَعْجَمِي وَالصَّغِيرِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الصَّغِيرَ إذَا صَارَ فِي سُهْمَانِ رَجُلٍ مَنْ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ اشْتَرَاهُ فَمَاتَ أَيُصَلِّي عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ أَجَابَ إلَى الْإِسْلَامِ أَوْ عَلِمَ فَتَشَهَّدَ صَلَّى عَلَيْهِ وَإِلَّا لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ.
قَالَ: فَقِيلَ لِمَالِكٍ: إنَّ الَّذِي اشْتَرَاهُ صَغِيرًا إنَّمَا اشْتَرَاهُ لِيَجْعَلَهُ عَلَى دِينِهِ يُدْخِلُهُ فِي الْإِسْلَامِ؟
قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ أَجَابَ إلَى الْإِسْلَامِ بِشَيْءٍ يُعْرَفُ وَإِلَّا لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَذَلِكَ إنْ كَانَ كَبِيرًا يَعْقِلُ الْإِسْلَامَ وَيَعْرِفُ مَا أَجَابَ إلَيْهِ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُصَلَّى عَلَى الصَّغِيرِ فَالصَّغِيرُ الَّذِي يُشْتَرَى وَمِنْ نِيَّةِ صَاحِبِهِ أَنْ يُدْخِلَهُ فِي الْإِسْلَامِ فَمَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يُسْأَلُ عَنْ الْعَبْدَيْنِ النَّصْرَانِيِّينَ يُزَوِّجُ أَحَدَهُمَا مَنْ صَاحِبِهِ سَيِّدُهُمَا فَيُولَدُ لَهُمَا وَلَدٌ فَأَرَادَ سَيِّدُهُمَا أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ؟
قَالَ مَالِكٌ: مَا عَلِمْتُ بِذَلِكَ أَيْ لَا يُجْبِرْهُ قُلْتُ: كَيْفَ الْإِسْلَامُ الَّذِي إذَا أَجَابَتْ إلَيْهِ الْجَارِيَةُ حَلَّ وَطْؤُهَا وَالصَّلَاةُ عَلَيْهَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا شَهِدَتْ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَصَلَّتْ، فَقَدْ أَجَابَتْ أَوْ أَجَابَتْ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ أَنَّهَا قَدْ دَخَلَتْ فِي الْإِسْلَامِ.
قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الْمُسْلِمِينَ يُصِيبُونَ السَّبْيَ مِنْ الْعَدُوِّ فَيُبَايِعُونَ، فَيَشْتَرِي الرَّجُلُ مِنْهُمْ الصَّبِيَّ وَنِيَّتُهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْإِسْلَامَ وَهُوَ صَغِيرٌ فَيَمُوتُ، أَتَرَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ قَالَ: لَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ مَعْنُ بْنُ عِيسَى يُصَلِّي عَلَيْهِ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ مَنْ نَزَلَ بِهِمْ أَهْلُ الشِّرْكِ بِسَاحِلِنَا فَبَاعُوهُمْ مِنَّا وَهُمْ صِبْيَانٌ.
فَمَاتُوا قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِالْإِسْلَامِ بَعْدَمَا اشْتَرَيْنَاهُمْ، هَلْ تَحْفَظُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا؟
قَالَ: نَعَمْ، لَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ حَتَّى يُجِيبُوا إلَى الْإِسْلَامِ.
وَقَالَ فِيمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً مِنْ السَّبْيِ: إنَّهَا لَا تُجَامَعُ حَتَّى تُجِيبَ إلَى الْإِسْلَامِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَيُجَامِعُهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ أَحَبَّ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّهُ سَمِعَ بِالْمَدِينَةِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ إلَى بَنِي النَّجَّارِ فَرَأَى جِنَازَةً عَلَى خَشَبَةٍ، فَقَالَ: مَا بَالُ هَذَا؟ فَقِيلَ: عَبْدٌ لَنَا كَانَ عَبْدَ سُوءٍ مَسْخُوطًا جَافِيًا.
قَالَ: أَكَانَ يُصَلِّي قَالُوا: نَعَمْ.
قَالَ: أَكَانَ يَقُولُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: نَعَمْ.
قَالَ: لَقَدْ كَادَتْ الْمَلَائِكَةُ تَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ ارْجِعُوا فَأَحْسِنُوا غُسْلَهُ وَكَفَنَهُ وَدَفْنَهُ»
.

.الصَّلَاةُ عَلَى السَّقْطِ وَدَفْنُهُ:

وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُصَلَّى عَلَى الصَّبِيِّ وَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ، وَلَا يُسَمَّى وَلَا يُغَسَّلُ وَلَا يُحَنَّطُ حَتَّى يَسْتَهِلَّ صَارِخًا وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ خَرَجَ مَيِّتًا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ السَّقْطِ أَيُدْفَنُ فِي الدَّارِ؟ فَكَرِهَ ذَلِكَ مَالِكٌ.
قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ لَا يُصَلَّى عَلَى الْمَنْفُوسِ حَتَّى يَسْتَهِلَّ صَارِخًا حِينَ يُولَدُ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ يُونُسُ وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: لَا يُصَلَّى عَلَى السَّقْطِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ أُمِّهِ.

.فِي الصَّلَاةِ عَلَى وَلَدِ الزِّنَا:

قُلْتُ: هَلْ يُصْنَعُ بِأَوْلَادِ الزِّنَا إذَا مَاتُوا صِغَارًا أَوْ كِبَارًا مَا يُصْنَعُ بِأَوْلَادِ الرِّشْدَةِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: أَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ عَنْ سُفْيَانَ يَرْفَعُ الْحَدِيثَ إلَى النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ قَالَ: «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ هَلَكَتْ مِنْ نِفَاسِ وَلَدِهَا»، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُهُ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَرَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِثْلَهُ.

.فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْغُلَامِ الْمُرْتَدِّ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْغُلَامَ إذَا ارْتَدَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَبْلُغَ الْحُلُمَ، أَتُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ إنْ مَاتَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ.

.الصَّلَاةُ عَلَى بَعْضِ الْجَسَدِ:

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُصَلَّى عَلَى يَدٍ وَلَا رَأْسٍ وَلَا عَلَى رِجْلٍ وَيُصَلَّى عَلَى الْبَدَنِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَرَأَيْتُ قَوْلَهُ أَنَّهُ يُصَلَّى عَلَى الْبَدَنِ إذَا كَانَ الَّذِي بَقِيَ أَكْثَرَ الْبَدَنِ بَعْدَ أَنْ يُغَسَّلَ.
قُلْتُ: مَا يَقُولُ مَالِكٌ إذَا اجْتَمَعَ الرَّأْسُ وَالرِّجْلَانِ بِغَيْرِ بَدَنٍ؟
قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يُصَلَّى إلَّا عَلَى جُلِّ الْجَسَدِ وَهَذَا عِنْدِي قَلِيلٌ.

.فِي اتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ بِالنَّارِ وَفِي تَقْلِيمِ أَظْفَارِهِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ:

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: أَكْرَهُ أَنْ يُتْبَعَ الْمَيِّتُ بِمِجْمَرَةٍ أَوْ تُقَلَّمَ أَظْفَارُهُ أَوْ تُحْلَقَ عَانَتُهُ، وَلَكِنْ يُتْرَكُ عَلَى حَالِهِ.
قَالَ: وَأَرَى ذَلِكَ بِدْعَةً مِمَّنْ فَعَلَهُ.
قَالَ مَالِكٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ نَهَى أَنْ تُتْبَعَ جِنَازَةٌ بِنَارٍ تُحْمَلُ مَعَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ رِجَالِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ عَائِشَةَ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَغَيْرِهِمْ مِثْلَهُ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَا يَكُونُ آخِرُ زَادِهِ أَنْ يَتْبَعُوهُ بِنَارٍ.

.فِي الَّذِي يَفُوتَهُ بَعْضُ التَّكْبِيرِ:

قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَأْتِي الْجِنَازَةَ وَقَدْ فَاتَهُ الْإِمَامُ بِبَعْضِ التَّكْبِيرِ أَيُكَبِّرُ حِينَ يَدْخُلُ أَمْ يَنْتَظِرُ حَتَّى يَفْرُغَ الْإِمَامُ فَيُكَبِّرُ؟
قَالَ: بَلْ يَنْتَظِرُ حَتَّى يَفْرُغَ الْإِمَامُ، وَيَدْخُلُ بِتَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ يَقْضِي مَا فَاتَهُ إذَا فَرَغَ الْإِمَامُ.
قُلْتُ: كَيْفَ يَقْضِي فِي قَوْلِهِ أَيُتْبِعُ بَعْضَ ذَلِكَ بَعْضًا؟
قَالَ: نَعَمْ يُتْبِعُ بَعْضَ ذَلِكَ بَعْضًا، كَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ الْعُكْلِيِّ قَالَ: إذَا انْتَهَيْتَ إلَى الْإِمَامِ وَقَدْ كَبَّرَ تَكْبِيرَةً عَلَى الْجِنَازَةِ فَلَا تُكَبِّرْ، وَأَقِمْ حَتَّى يُكَبِّرَ الثَّانِيَةَ فَكَبِّرْ إنَّمَا يُنْزِلُونَهُ بِمَنْزِلَةِ الرَّكْعَةِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ قَارِظِ بْنِ شَيْبَةَ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: يَبْنِي عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ التَّكْبِيرِ عَلَى الْجِنَازَةِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ شِهَابٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَابْنِ أَبِي سَلَمَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِثْلَهُ.

.فِي الْجِنَازَةِ تُوضَعُ ثُمَّ يُؤْتَى بِأُخْرَى بَعْدَمَا يُكَبَّرُ عَلَى الْأُولَى:

قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أُتِيَ بِجَنَائِزَ فَوُضِعَ بَعْضُهَا وَقُدِّمَ بَعْضُهَا لِيُصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ قُدِّمَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا وُضِعَ؟
قَالَ: لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ وَلَيْسَ بِحَسَنٍ.
قُلْتُ: فَلَوْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا أُتِيَ بِجِنَازَةٍ أُخْرَى فَنُحِّيَتْ الْجِنَازَةُ الْأُولَى فَوُضِعَتْ، ثُمَّ صَلَّى النَّاسُ عَلَى هَذِهِ الَّتِي جَاءُوا بِهَا؟
قَالَ: هَذَا خَفِيفٌ وَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهَا بَأْسٌ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْجِنَازَةِ إذَا صَلَّى عَلَيْهَا فَإِذَا كَبَّرُوا بَعْضَ التَّكْبِيرِ أُتِيَ بِجِنَازَةٍ أُخْرَى فَوُضِعَتْ؟
قَالَ: يَسْتَكْمِلُونَ التَّكْبِيرَ عَلَى الْأُولَى ثُمَّ يَبْتَدِئُونَ التَّكْبِيرَ عَلَى الثَّانِيَةِ، وَلَا يُدْخِلُونَ الْجِنَازَةَ الثَّانِيَةَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ الْأُولَى.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ إذَا صَلَّوْا عَلَيْهَا ثُمَّ جَاءَ قَوْمٌ بَعْدَمَا صَلَّوْا عَلَيْهَا؟
قَالَ: لَا تُعَادُ الصَّلَاةُ وَلَا يُصَلِّي عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَحَدٌ، قَالَ فَقُلْنَا لِمَالِكٍ: وَالْحَدِيثُ الَّذِي جَاءَ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى عَلَيْهَا وَهِيَ فِي قَبْرِهَا؟
قَالَ قَالَ مَالِكٌ: قَدْ جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ.
قَالَ مَالِكٌ: إذَا اجْتَمَعَتْ جَنَائِزُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، جُعِلَ الرَّجُلُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ وَالنِّسَاءُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ.
قَالَ فَقُلْتُ لَهُ: فَإِنْ كَانُوا رِجَالًا كُلَّهُمْ؟
فَقَالَ: فِي أَوَّلِ مَا لَقِيتُهُ يَجْعَلُونَ وَاحِدًا خَلْفَ وَاحِدٍ يُبْدَأُ بِأَهْلِ السِّنِّ وَالْفَضْلِ، فَيُجْعَلُونَ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ، ثُمَّ سَمِعْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ: أَرَى ذَلِكَ وَاسِعًا إنْ جُعِلَ بَعْضُهُمْ خَلْفَ بَعْضٍ أَوْ جُعِلُوا صَفًّا وَاحِدًا، وَيَقُومُ الْإِمَامُ وَسَطَ ذَلِكَ وَيُصَلِّي عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانُوا غِلْمَانًا ذُكُورًا وَنِسَاءً جُعِلَ الْغِلْمَانُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ وَالنِّسَاءُ مِنْ خَلْفِهِمْ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ، وَإِنْ كُنَّ نِسَاءً صُنِعَ بِهِنَّ كَمَا يُصْنَعُ بِالرِّجَالِ، كُلُّ ذَلِكَ وَاسِعٌ بَعْضَهُمْ خَلْفَ بَعْضٍ أَوْ صَفًّا وَاحِدًا.
قَالَ مَالِكٌ: بَلَغَنِي أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَأَبَا هُرَيْرَةَ كَانُوا يُصَلُّونَ عَلَى الْجَنَائِزِ بِالْمَدِينَةِ إذَا اجْتَمَعَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، فَيَجْعَلُونَ الرِّجَالَ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ وَالنِّسَاءَ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَوَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَهُ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ قَالَ: وُضِعَتْ جِنَازَةُ أُمِّ كُلْثُومَ بِنْتِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ امْرَأَةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَابْنٌ لَهَا يُقَالُ لَهُ زَيْدٌ فَصُفَّا جَمِيعًا وَالْإِمَامُ يَوْمئِذٍ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ، فَوُضِعَ الْغُلَامَ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ وَفِي النَّاسِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَأَبُو قَتَادَةَ فَقَالُوا هِيَ السُّنَّةُ.

.فِي الصَّلَاةِ عَلَى قَتْلَى الْخَوَارِجِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَالْإِبَاضِيَّةِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ قَتْلَى الْخَوَارِجِ أَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ أَمْ لَا؟
فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فِي الْقَدَرِيَّةِ وَالْإِبَاضِيَّةِ لَا يُصَلَّى عَلَى مَوْتَاهُمْ وَلَا يُتْبَعُ جَنَائِزُهُمْ وَلَا تُعَادُ مَرَضَاهُمْ، فَإِذَا قُتِلُوا فَذَلِكَ أَحْرَى عِنْدِي أَنْ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ.

.فِي الشَّهِيدِ وَكَفَنِهِ وَدَفْنِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ:

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ مَاتَ فِي الْمَعْرَكَةِ فَلَا يُغَسَّلُ وَلَا يُكَفَّنُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُدْفَنُ بِثِيَابِهِ قَالَ: وَرَأَيْتُهُ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُتْرَكَ عَلَيْهِ خُفَّاهُ وَقَلَنْسُوَتُهُ.
قَالَ: وَمَنْ عَاشَ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوْ عَاشَ حَيَاةً بَيِّنَةً لَيْسَ كَحَالِ مَنْ بِهِ رَمَقٌ وَهُوَ فِي غَمْرَةِ الْمَوْتِ، فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ تُصِيبُهُ الْجِرَاحُ فَيَعِيشُ أَيَّامًا وَيَقْضِي حَوَائِجَهُ وَيَشْتَرِي وَيَبِيعُ ثُمَّ يَمُوتُ فَهُوَ وَذَلِكَ سَوَاءٌ.
قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ: مَا عَلِمْتُ أَنَّهُ يُزَادُ فِي كَفَنِ الشَّهِيدِ أَكْثَرُ مِمَّا عَلَيْهِ شَيْئًا.
قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُنْزَعُ مِنْ الشَّهِيدِ الْفَرْوُ، وَقَالَ وَمَا عَلِمْتُ أَنَّهُ يُنْزَعُ مِمَّا عَلَيْهِ شَيْءٌ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: تَفْسِيرُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُدْفَنُ مَعَهُ السِّلَاحُ لَا سَيْفُهُ وَلَا رُمْحُهُ وَلَا دِرْعُهُ، وَلَا شَيْءٌ مِنْ السِّلَاحِ وَإِنْ كَانَ لِلدِّرْعِ لَابِسًا.
قُلْتُ: فَهَلْ يُحَنَّطُ الشَّهِيدُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَوْلُ مَالِكٍ مَنْ لَا يُغَسَّلُ لَا يُحَنَّطُ أَلَا تَسْمَعُ الْحَدِيثَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «زَمِّلُوهُمْ بِثِيَابِهِمْ».
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ قَتَلَهُ الْعَدُوُّ بِحَجَرٍ أَوْ بِعَصًا أَوْ خَنَقُوهُ خَنْقًا حَتَّى مَاتَ، أَيُصْنَعُ بِهِ مَا يُصْنَعُ بِالشَّهِيدِ مِنْ تَرْكِ الْغُسْلِ وَغَيْرِهِ؟ قَالَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ: أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَقَدْ تُقْتَلُ النَّاسُ بِالْأَلْوَانِ مِنْ الْقَتْلِ، فَكُلُّهُمْ شَهِيدٌ فَكُلُّ مَنْ قَتَلَهُ الْعَدُوُّ أَيُّ قِتْلَةٍ كَانَتْ صَبْرًا أَوْ غَيْرَهُ فِي مَعْرَكَةٍ أَوْ غَيْرِ مَعْرَكَةٍ فَأَرَاهُ مِثْلَ الشَّهِيدِ فِي الْمَعْرَكَةِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ أَغَارُوا عَلَى قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَدَفَعَ أَهْلُ الْإِسْلَامِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ فَقُتِلُوا، أَيُصْنَعُ بِهِمْ مَا يُصْنَعُ بِالشَّهِيدِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يَقُولُ: أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ؟ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ وَقَالَ: أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُغَسَّلُوا».
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ.
قَالَ: صَلَّى عَلَى ثَابِتِ بْنِ شِمَاسِ بْنِ عُثْمَانَ يَوْم أُحُدٌ بَعْدَ أَنْ عَاشَ يَوْمًا وَلَيْلَةً.

.شَهِيدُ اللُّصُوصِ:

قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا أَوْ قَتَلَهُ اللُّصُوصُ فِي الْمَعْرَكَةِ فَلَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الشَّهِيدِ، يُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ وَيُحَنَّطُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَقْتُولٍ أَوْ غَرِيقٍ أَوْ مَهْدُومٍ عَلَيْهِ إلَّا الشَّهِيدَ وَحْدَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يُصْنَعُ بِهَذَا وَحْدَهُ مَا يُصْنَعُ بِالشُّهَدَاءِ، لَا يُغَسَّلُونَ وَلَا يُكَفَّنُونَ إلَّا بِثِيَابِهِمْ وَلَا يُحَنَّطُونَ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَلَكِنْ يُدْفَنُونَ.
قُلْتُ: وَيُصْنَعُ بِقُبُورِهِمْ مَا يُصْنَعُ بِقُبُورِ الْمَوْتَى مِنْ الْحَفْرِ وَاللَّحْدِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، وَهُوَ رَأْيِي.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهَذِهِ قُبُورُ الشُّهَدَاءِ بِالْمَدِينَةِ قَدْ حُفِرَ لَهُمْ وَدُفِنُوا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ بَغَى قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ عَلَى أَهْلِ قَرْيَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَأَرَادُوا حَرِيمَهُمْ فَدَافَعُوهُمْ أَهْلُ الْقَرْيَةِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ فَقُتِلَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ، أَتَرَى فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَنْ يُصْنَعَ بِهِمْ مَا يُصْنَعُ بِالشَّهِيدِ؟
قَالَ: لَا أَحْفَظُ عَنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَلَا أَرَاهُمْ بِمَنْزِلَةِ الشَّهِيدِ وَهُمْ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَتَلَهُ اللُّصُوصُ.

.فِي الصَّلَاةِ عَلَى اللِّصِّ الْقَتِيلِ:

قُلْتُ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَابَرُوا إذَا قُتِلُوا، أَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ أَمْ لَا؟
قَالَ: نَعَمْ يُصَلَّى عَلَيْهِمْ.
قُلْتُ: أَفَيُصَلِّي عَلَيْهِمْ الْإِمَامُ؟
قَالَ: لَا.
قُلْتُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا، وَلَكِنَّهُ رَأْيِي؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ حَقًّا عَلَى الْإِمَامِ إذَا أُتِيَ بِهِمْ إلَيْهِمْ قَتَلَهُمْ أَوْ جَاهَدَهُمْ حَتَّى يَنْبَغِيَ لَهُ أَنْ يَبْعَثَ مَنْ يَقْتُلُهُمْ حِين خَرَّبُوا الطَّرِيقَ وَقَطَعُوا السَّبِيلَ وَقَتَلُوا، فَمَنْ قَتَلَهُمْ مِنْ النَّاسِ فَلَا أَرَى لِلْوَالِي أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ قَتَلُوهُمْ عَلَى حَدٍّ مِنْ الْحُدُودِ فَرَضَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَلْيُصَلِّ عَلَيْهِمْ أَوْلِيَاؤُهُمْ.
قَالَ سَحْنُونٌ وَقَدْ ثَبَتْنَا آثَارَ هَذَا فِي رَجْمِ الْمَرْجُومِ.

.فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ:

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ حَدٌّ يُغْسَلُونَ وَيُنَقَّوْنَ.
وَقَالَ مَالِكٌ: وَيُجْعَلُ عَلَى عَوْرَةِ الْمَيِّتِ خِرْقَةٌ إذَا أَرَادُوا غَسْلَهُ وَيُفْضِي بِيَدِهِ إلَى فَرْجِهِ الَّذِي يُغَسِّلُهُ إنْ احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ، وَيَجْعَلُ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً إذَا أَفْضَى بِهَا إلَى فَرْجِهِ وَإِنْ احْتَاجَ إلَى تَرْكِ الْخِرْقَةِ وَمُبَاشَرَةِ الْفَرْجِ بِيَدِهِ كَانَ ذَلِكَ وَاسِعًا.
قُلْتُ: هَلْ يُوَضَّأُ الْمَيِّتُ وُضُوءَ الصَّلَاةِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ إذَا أَرَادُوا غَسْلَهُ؟
قَالَ: لَمْ يَحُدَّ لَنَا مَالِكٌ فِي ذَلِكَ حَدًّا، وَإِنْ وُضِّئَ فَحَسَنٌ وَإِنْ غُسِّلَ فَحَسَنٌ.
قُلْتُ: هَلْ تَحْفَظُ مِنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُغْسَلُ رَأْسُ الْمَيِّتِ بِالْكَافُورِ؟ وَقَالَ: لَا إلَّا مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: يُعْصَرُ بَطْنُ الْمَيِّتِ عَصْرًا خَفِيفًا.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: إذَا غُسِلَ الْمَيِّتُ فَطَهُرَ فَذَلِكَ لَهُ غُسْلٌ وَطُهُورٌ.
قَالَ: وَالنَّاسُ يَغْسِلُونَ الْمَيِّتَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كُلُّ ذَلِكَ يُجْزِئُ عِنْدَ الْغَسْلَةِ الْوَاحِدَةِ، وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ مِمَّا تَيَسَّرَ مِنْ غُسْلٍ فَهُوَ يَكْفِي وَيُجْزِئُ.
قَالَ مَالِكٌ: وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُغَسَّلَ ثَلَاثًا كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثًا وَخَمْسًا بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَيُجْعَلُ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا إنْ تَيَسَّرَ ذَلِكَ».
هَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ.

.غُسْلُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَالْمَرْأَةِ زَوْجَهَا:

قَالَ: وَسَأَلْتُهُ عَنْ الرَّجُلِ يُغَسِّلُ امْرَأَتَهُ فِي الْحَضَرِ وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ يَغْسِلْنَهَا؟
فَقَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَالْمَرْأَةُ تُغَسِّلُ زَوْجَهَا وَعِنْدَهَا رِجَالٌ؟
فَقَالَ: نَعَمْ، فَقُلْت لَهُ: أَيَسْتُرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَوْرَةَ صَاحِبِهِ؟
قَالَ: نَعَمْ، وَلْيَفْعَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ كَمَا يَفْعَلُ بِالْمَوْتَى يَسْتُرُ عَلَيْهِمْ عَوْرَتَهُمْ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَوْ مَاتَ الرَّجُلُ عَنْ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَامِلٌ، فَوَضَعَتْ قَبْلَ أَنْ يُغَسَّلَ؟ لَمْ يَكُنْ بَأْسٌ أَنْ تُغَسِّلَهُ وَإِنْ كَانَتْ عِدَّتُهَا قَدْ انْقَضَتْ وَلَيْسَ يُعْتَبَرُ فِي هَذَا الْعِدَّةُ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهَا، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ لِلْعِدَّةِ مَا غَسَّلَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي عِدَّةٍ مِنْهَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأُمُّ الْوَلَدِ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْحُرَّةِ تُغَسِّلُ سَيِّدَهَا وَيُغَسِّلُهَا سَيِّدُهَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ بِطَلْقَةٍ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ فَمَاتَ أَتُغَسِّلُهُ؟
قَالَ: لَا.
وَقَالَ: وَلَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْمَرْأَةِ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا وَاحِدَةً وَاثْنَتَيْنِ وَهُوَ يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا فَتَسْتَأْذِنُ زَوْجَهَا أَنْ تَبِيتَ فِي أَهْلِهَا وَلَمْ يُرَاجِعْهَا؟
فَقَالَ: لَيْسَ إذْنُهُ بِإِذْنٍ وَمَا لَهُ وَلَهَا لَا قَضَاءَ لَهُ عَلَيْهَا حَتَّى يُرَاجِعَهَا فَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الَّذِي مَاتَ عَنْهَا وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ وَاحِدَةً أَنَّهَا لَا تُغَسِّلُهُ، وَقَدْ غَسَّلَتْ أَسْمَاء بِنْت عُمَيْسٍ امْرَأَة أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، وَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ: أَنَّ أُمَّ عَطِيَّةَ غَسَّلَتْ أَبَا عَطِيَّةَ حِين تُوُفِّيَ.
قَالَ سَحْنُونٌ، وَذَكَرَ ابْنُ نَافِعٍ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ غَسَّلَ فَاطِمَةَ بِنْتَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

.الرَّجُلُ يَمُوتُ فِي السَّفَرِ وَلَيْسَ مَعَهُ إلَّا نِسَاءٌ وَالْمَرْأَةُ كَذَلِكَ:

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَمُوتُ فِي السَّفَرِ وَلَيْسَ مَعَهُ إلَّا نِسَاءٌ أُمُّهُ أَوْ أُخْتُهُ أَوْ عَمَّتُهُ أَوْ خَالَتَهُ، وَذَاتَ رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ فَإِنَّهُنَّ يُغَسِّلْنَهُ وَيَسْتُرْنَهُ.
قَالَ: وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ تَمُوتُ فِي السَّفَرِ مَعَ الرِّجَالِ وَمَعَهَا ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا يُغَسِّلُهَا مِنْ فَوْقِ الثَّوْبِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ نِسَاءٌ وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إذَا لَمْ يَكُنْ رِجَالٌ.
قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ إذَا مَاتَ الرَّجُلُ مَعَ النِّسَاءِ وَلَيْسَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ وَلَا مِنْهُنَّ ذَاتُ مَحْرَمٍ مِنْهُ تُغَسِّلُهُ، يَمَّمْنَهُ بِالصَّعِيدِ فَيَمْسَحْنَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ يَضْرِبْنَ بِأَكُفِّهِنَّ الْأَرْضَ ثُمَّ يَمْسَحْنَ بِأَكُفِّهِنَّ عَلَى وَجْهِ الْمَيِّتِ، ثُمَّ يَضْرِبْنَ بِأَكُفِّهِنَّ الْأَرْضَ ثُمَّ يَمْسَحْنَ بِأَكُفِّهِنَّ عَلَى يَدَيْ الْمَيِّتِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ.
قَالَ: وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ تَمُوتُ مَعَ الرِّجَالِ إلَّا أَنَّ الرِّجَالَ لَا يُيَمِّمُونَ الْمَرْأَةَ إلَّا عَلَى الْكُوعَيْنِ فَقَطْ، وَلَا يَبْلُغُوا بِهَا إلَى الْمِرْفَقَيْنِ.

.فِي غُسْلِ الْمَرْأَةِ الصَّبِيَّ:

وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ أَنْ تُغَسِّلَ الْمَرْأَةُ الصَّبِيَّ إذَا كَانَ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ وَمَا أَشْبَهَ.

.فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ الْمَجْرُوحِ:

قَالَ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الَّذِي تُصِيبُهُ الْقُرُوحُ فَيَمُوتُ وَقَدْ غَمَرَتْ الْقُرُوحُ جَسَدَهُ، وَهُمْ يَخَافُونَ غُسْلَهُ أَنْ يَتَزَلَّعَ.
قَالَ: يُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ صَبًّا عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِمْ.
قُلْتُ: أَلَيْسَ قَوْلُ مَالِكٍ لَا يُيَمَّمُ بِالصَّعِيدِ مَيِّتٌ إلَّا رَجُلٌ مَعَ نِسَاءٍ أَوْ امْرَأَةٌ مَعَ رَجُلٍ؟ فَأَمَّا مَجْرُوحٌ أَوْ أَجْرَبُ أَوْ مَجْدُورٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّنْ بِهِمْ الدَّاءُ، فَلَا يُيَمَّمُونَ وَيُغَسَّلُونَ وَيُحَنَّطُونَ عَلَى قَدْرِ مَا لَا يَتَزَلَّعُونَ مِنْهُ وَلَا يَتَفَسَّخُونَ؟
قَالَ: نَعَمْ.

.الْمُسْلِمُ يُغَسِّلُ الْكَافِرَ:

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُغَسِّلُ الْمُسْلِمُ وَالِدَهُ إذَا مَاتَ الْوَالِدُ كَافِرًا، وَلَا يَتْبَعُهُ وَلَا يُدْخِلُهُ قَبْرَهُ إلَّا أَنْ يَخْشَى أَنْ يَضِيعَ فَيُوَارِيهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ فِي كَافِرٍ مَاتَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ كُفَّارٌ.
قَالَ: يَلُفُّونَهُ فِي شَيْءٍ وَيُوَارُونَهُ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ اللَّيْثُ قَالَ رَبِيعَةُ: عَلَيْهِمْ أَنْ يُوَارُوهُ وَلَا يَسْتَقْبِلُوا بِهِ الْقِبْلَةَ وَلَا قِبْلَتَهُمْ.
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ مِثْلَهُ.

.فِي الْحَنُوطِ عَلَى الْمَيِّتِ:

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ لِلْمَيِّتِ؟
فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُجْعَلُ الْحَنُوطُ عَلَى جَسَدِ الْمَيِّتِ فِيمَا بَيْنَ أَكْفَانِ الْمَيِّتِ وَلَا يُجْعَلُ مِنْ فَوْقِهِ.
قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ الْمُحْرِمِ: لَا بَأْسَ أَنْ يُحَنَّطَ إذَا كَانَ الَّذِي يُحَنِّطُهُ غَيْرَ مُحْرِمٍ، وَلَا تُحَنِّطْهُ امْرَأَتُهُ بِالطَّيِّبِ.
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ: إنَّ السُّنَّةَ إذَا حُنِّطَ الْمَيِّتُ يُذَرُّ حَنُوطُهُ عَلَى مَوَاضِعِ السُّجُودِ مِنْهُ السَّبْعَةِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: أَحَبُّ الْحُنُوطِ إلَيَّ الْكَافُورَ، وَيُجْعَلُ مِنْهُ فِي مَرَاقِّهِ وَإِبْطَيْهِ وَمَرَاجِعِ رِجْلَيْهِ مَعَ بَطْنِهِ وَرَفْغَيْهِ وَمَا هُنَالِكَ، وَفِي أَنْفِهِ وَفَمِهِ وَعَيْنَيْهِ وَأُذُنَيْهِ وَيُجْعَلُ الْكَافُورُ يَابِسًا.
وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ حَنَّطَ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ فَقَالُوا: يَأْتُوكَ بِمِسْكٍ؟
فَقَالَ: نَعَمْ، وَأَيُّ شَيْءٍ أَطْيَبُ مِنْ الْمِسْكِ.
وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مِثْلَهُ.

.فِي وُلَاةِ الْمَيِّتِ إذَا اجْتَمَعُوا فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ:

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَيُّهُمْ أَوْلَى بِالصَّلَاةِ الْجَدُّ أَمْ الْأَخُ؟
قَالَ: الْأَخُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: إنَّمَا يُنْظَرُ فِي هَذَا إلَى مَنْ هُوَ أَقْعُدُ بِالْمَيِّتِ فَهُوَ أَوْلَى بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: الْعَصَبَةُ أَوْلَى بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتَةِ مَنْ زَوْجِهَا، وَزَوْجُهَا أَوْلَى بِالدُّخُولِ بِهَا فِي قَبْرِهَا مِنْ عَصَبَتِهَا.
وَقَالَ مَالِكٌ: الْوَالِي وَالِي الْمِصْرِ أَوْ صَاحِبُ الشُّرَطِ إذَا كَانَتْ الصَّلَاةُ إلَيْهِ أَوْلَى بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتَةِ مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْقَاضِي إذَا كَانَ هُوَ يَلِي الصَّلَاةَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ صَاحِبَ الشُّرَطِ إذَا وَلَّاهُ الْوَالِي الشُّرَطَ وَهُوَ مُسْتَخْلَفٌ عَلَى الصَّلَاةِ حِينَ وَلَّاهُ الشُّرَطَ؟
قَالَ: نَعَمْ هُوَ عِنْدِي كَذَلِكَ، وَكَذَلِكَ كُلُّ بَلْدَةٍ كَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ، وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنَ شِهَابٍ وَرَبِيعَةَ وَعَطَاءً وَبُكَيْرَ بْنَ الْأَشَجِّ وَيَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ: كَانُوا لَا يَرَوْنَ لِزَوْجِ الْمَرْأَةِ إذَا تُوُفِّيَتْ حَقًّا أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهَا وَثَمَّ أَحَدُ مِنْ أَقَارِبِهَا.
خُرُوجُ النِّسَاءِ وَصَلَاتُهُنَّ عَلَى الْجَنَائِزِ قُلْتُ: هَلْ يُصَلِّينَ النِّسَاءُ عَلَى الْجَنَائِزِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: هَلْ كَانَ مَالِكٌ يُوَسِّعُ لِلنِّسَاءِ أَنْ يَخْرُجْنَ مَعَ الْجَنَائِزِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ أَنْ تُشَيِّعَ الْمَرْأَةُ جِنَازَةَ وَلَدِهَا وَوَالِدِهَا وَمِثْلَ زَوْجِهَا وَأَخِيهَا وَأُخْتِهَا، إذَا كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يُعْرَفُ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِثْلُهَا عَلَى مِثْلِهِ، قَالَ فَقُلْتُ: وَإِنْ كَانَتْ شَابَّةً؟
قَالَ: نَعَمْ وَإِنْ كَانَتْ شَابَّةً.
قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: فَنَكْرَهُ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ عَلَى غَيْرِ هَؤُلَاءِ مِمَّنْ لَا يُنْكِرُهَا الْخُرُوجَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَرَابَتِهَا؟
قَالَ: نَعَمْ، قُلْت لَهُ: تُصَلِّي النِّسَاءُ عَلَى الرَّجُلِ إذَا مَاتَ مَعَهُنَّ وَلَيْسَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ؟
قَالَ: نَعَمْ، وَلَا تَؤُمَّهُنَّ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ وَلْيُصَلِّينَ وَاحِدَةً وَاحِدَةً أَفْذَاذًا وَلْيَكُنْ صُفُوفًا.

.فِي السَّلَامِ عَلَى الْجِنَازَةِ:

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي السَّلَامِ عَلَى الْجَنَائِزِ: يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَكَذَلِكَ مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَهُوَ دُونَ سَلَامِ الْإِمَامِ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ.
وَقَالَ مَالِكٌ فِي السَّلَامِ عَلَى الْجِنَازَةِ: يُسَلِّمُ الْإِمَامُ وَاحِدَةً قَدْرَ مَا يُسْمِعُ مَنْ يَلِيهِ، وَيُسَلِّمُ مَنْ وَرَاءَهُ وَاحِدَةً فِي أَنْفُسِهِمْ وَإِنْ أَسْمَعُوا مَنْ يَلِيهِمْ لَمْ أَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا خَفِيفًا حِينَ يَنْصَرِفُ، وَالسُّنَّةُ أَنْ يَفْعَلَ مَنْ وَرَاءَهُ مِثْلَ مَا فَعَلَ أَمَامَهُ.
وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: سَلِّمْ إذَا فَرَغْتَ مِنْ الصَّلَاةِ رُوَيْدًا، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ خَفِيًّا سَحْنُونٌ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً خَفِيَّةً، مَنْصُورٌ عَنْ إبْرَاهِيمَ مِثْلَ ذَلِكَ عَنْ يَمِينِهِ.

.فِي تَجْصِيصِ الْقُبُورِ:

وَقَالَ مَالِكٌ: أَكْرَهُ تَجْصِيصَ الْقُبُورِ وَالْبِنَاءَ عَلَيْهَا وَهَذِهِ الْحِجَارَةَ الَّتِي يُبْنَى عَلَيْهَا.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ قَالَ: إنْ كَانَتْ الْقُبُورُ لَتُسَوَّى بِالْأَرْضِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي زَمْعَةَ الْبَلَوِيِّ صَاحِبِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنَّهُ أَمَرَ أَنْ يُصْنَعَ ذَلِكَ بِقَبْرِهِ إذَا مَاتَ.
قال سَحْنُونٌ: فَهَذِهِ آثَارٌ فِي تَسْوِيَتِهَا فَكَيْفَ بِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهَا.

.فِي إمَامِ الْجِنَازَةِ يُحْدِثُ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَلَمَّا كَبَّرَ بَعْضَ التَّكْبِيرِ أَحْدَثَ؟
قَالَ: يَأْخُذُ بِيَدِ رَجُلٍ فَيُقَدِّمُهُ فَيُكَبِّرُ مَا بَقِيَ عَلَى هَذَا الَّذِي قَدَّمَهُ قُلْتُ: يَجِبُ عَلَيْهِ إنْ هُوَ تَوَضَّأَ وَقَدْ بَقِيَ بَعْضُ التَّكْبِيرِ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى هَذِهِ الْجِنَازَةِ أَنْ يَرْجِعَ فَيُصَلِّيَ؟
قَالَ: إنْ شَاءَ رَجَعَ فَصَلَّى مَا أَدْرَكَ، وَقَضَى مَا فَاتَهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ ذَلِكَ.

.(الصلاة على الجنازة بعد الصبح وبعد العصر):

وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ، فَإِذَا اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ فَلَا يُصَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ إلَّا أَنْ يَكُونُوا يَخَافُونَ عَلَيْهِ فَيُصَلَّى عَلَيْهَا.
قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إنْ غَابَتْ الشَّمْسُ بِأَيِّ ذَلِكَ يَبْدَءُونَ أَبِالْمَكْتُوبَةِ أَمْ بِالْجِنَازَةِ؟
قَالَ: أَيُّ ذَلِكَ فَعَلُوا فَحَسَنٌ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ بَعْدَ الصُّبْحِ مَا لَمْ يُسْفِرْ، فَإِذَا أَسْفَرَ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يَخَافُوا عَلَيْهَا، فَلَا بَأْسَ إنْ خَافُوا عَلَيْهَا أَنْ يُصَلُّوا عَلَيْهَا بَعْدَ الْإِسْفَارِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ إذَا صُلِّيَتَا لِوَقْتِهِمَا.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ عُمَرَ أَنْ سُلَيْمَانَ بْنَ حُمَيْدٍ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ كَانَ مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِخَنَاصِرَةَ قَالَ: فَشَهِدْنَا جِنَازَةَ الْعَصْرِ فَنَظَرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَرَأَى الشَّمْسَ قَدْ اصْفَرَّتْ فَجَلَسَ حَتَّى إذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ أَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ ثُمَّ رَكِبَ وَانْصَرَفَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ صَلَّوْا عَلَيْهَا بَعْدَ الْمَغْرِبِ فَهُوَ أَصْوَبُ، وَإِنْ صَلَّوْا عَلَيْهَا قَبْلَ الْمَغْرِبِ لَمْ أَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا، وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ مِثْلَهُ.
قُلْتُ: أَيُبْقَرُ بَطْنُ الْمَيْتَةِ إذَا كَانَ جَنِينُهَا يَضْطَرِبُ فِي بَطْنِهَا؟
قَالَ: لَا.
قال سَحْنُونٌ: وَسَمِعْتُ أَنَّ الْجَنِينَ إذَا اسْتُوقِنَ بِحَيَاتِهِ وَكَانَ مَعْقُولًا مَعْرُوفَ الْحَيَاةِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُبْقَرَ بَطْنُهَا وَيُسْتَخْرَجَ الْوَلَدُ.

.كِتَابُ الصِّيَامِ:

.بَابٌ فِي السُّحُورِ وَمَنْ أَكَلَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ:

قال سَحْنُونٌ: قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ: مَا الْفَجْرُ عِنْدَ مَالِكٍ؟
فَقَالَ: سَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ الشَّفَقِ مَا هُوَ فَقَالَ: الْحُمْرَةُ.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّهُ لَيَقَعُ فِي قَلْبِي وَمَا هُوَ إلَّا شَيْءٌ فَكَّرْتُ فِيهِ مُنْذُ قَرِيبٍ، أَنَّ الْفَجْرَ وَيَكُونُ قَبْلَهُ بَيَاضٌ سَاطِعٌ فَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الصَّائِمَ مِنْ الْأَكْلِ، فَكَمَا لَا يَمْنَعُ الصَّائِمَ ذَلِكَ الْبَيَاضُ مِنْ الْأَكْلِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْفَجْرَ الْمُعْتَرِضَ فِي الْأُفُقِ، فَكَذَلِكَ الْبَيَاضُ الَّذِي يَبْقَى بَعْدَ الْحُمْرَةِ لَا يَمْنَعُ مُصَلِّيًا أَنْ يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا تَسَحَّرَ وَقَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ ثُمَّ نَظَرَ فَإِذَا الْفَجْرُ طَالِعٌ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ صَوْمُهُ ذَلِكَ تَطَوُّعًا مَضَى فِي صِيَامِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ، فَإِنْ أَفْطَرَهُ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ.
قَالَ: وَإِنْ كَانَ صَوْمُهُ هَذَا مِنْ نَذْرٍ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ مِثْلُ قَوْلِهِ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ كَانَ نَوَاهَا مُتَتَابِعَاتٍ وَلَيْسَتْ أَيَّامًا بِأَعْيَانِهَا فَصَامَ بَعْضَ هَذِهِ الْأَيَّامِ ثُمَّ تَسَحَّرَ فِي يَوْمٍ مِنْهَا فِي الْفَجْرِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَإِنَّهُ يَمْضِي عَلَى صِيَامِهِ وَيَقْضِي ذَلِكَ الْيَوْمَ وَيَصِلُهُ بِالْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ، فَإِنْ لَمْ يَصِلْ هَذَا الْيَوْمَ بِالْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ قَضَاهَا كُلَّهَا مُتَتَابِعَاتٍ وَلَمْ يُجْزِهِ مَا صَامَ مِنْهَا.
قَالَ: وَإِنْ أَفْطَرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ الَّذِي تَسَحَّرَ فِيهِ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ مُتَعَمِّدًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ الصَّوْمَ.
قَالَ: فَإِنْ تَسَحَّرَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهَا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ وَهِيَ هَذِهِ الْأَيَّامُ الَّتِي لَيْسَتْ بِأَعْيَانِهَا وَقَدْ نَوَاهَا مُتَتَابِعَاتٍ، فَإِنَّهُ إنْ شَاءَ أَفْطَرَ وَاسْتَأْنَفَ صِيَامَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مِنْ ذِي قَبْلٍ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَيَّامًا بِأَعْيَانِهَا، وَلَا أُحِبُّ لَهُ أَنْ يُفْطِرَهُ فَإِنْ أَفْطَرَهُ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ يَفْعَلُ ذَلِكَ الْيَوْمَ فِي هَذِهِ الْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ أَحَدُهَا قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ أَيَّامًا بِأَعْيَانِهَا نَذَرَهَا فَقَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ هَذِهِ الْعَشَرَةَ الْأَيَّامَ بِعَيْنِهَا، أَوْ شَهْرًا بِعَيْنِهِ، أَوْ سَنَةً بِعَيْنِهَا، فَصَامَ بَعْضَهَا ثُمَّ تَسَحَّرَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَوْ أَكَلَ نَاسِيًا؟
فَقَالَ: يَمْضِي عَلَى صَوْمِهِ ذَلِكَ وَيَقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمَنْ أَكَلَ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْفَجْرِ أَوْ نَاسِيًا لِصَوْمِهِ وَقَدْ عَلِمَ بِالْفَجْرِ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمٍ مَكَانَهُ.
قَالَ: وَإِنْ كَانَ أَكَلَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ نَاسِيًا فَأَحَبَّ أَنْ يُفْطِرَ يَوْمَهُ ذَلِكَ، أَفْطَرَهُ وَقَضَى يَوْمًا مَكَانَهُ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُتِمَّهُ وَيَقْضِيَ يَوْمًا مَكَانَهُ.
قَالَ: وَمَنْ أَكَلَ فِي صِيَامِ ظِهَارٍ أَوْ قَتْلِ نَفْسٍ بَعْدَمَا طَلَعَ الْفَجْرُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَوْ نَاسِيًا لِصَوْمِهِ، مَضَى وَقَضَى ذَلِكَ الْيَوْمَ وَوَصَلَهُ بِصِيَامِهِ فَإِنْ تَرَكَ أَنْ يَصِلَهُ بِصِيَامِهِ اسْتَأْنَفَ الصِّيَامَ.
قُلْتُ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ شَكَّ فِي الْفَجْرِ فِي رَمَضَانَ فَلَمْ يَدْرِ أَكَلَ فِيهِ أَوْ لَمْ يَأْكُلْ؟
قَالَ قَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمٍ مَكَانَهُ.
قُلْتُ: وَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْكُلَ إذَا شَكَّ فِي الْفَجْرِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قال سَحْنُونٌ: وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ فِي التَّطَوُّعِ؛ لِأَنَّ ابْنَ وَهْبٍ حَدَّثَنِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ: إنْ كَانَ فِي فَرِيضَةٍ فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَلِيَقْضِهِ يَوْمًا مَكَانَهُ وَإِنْ كَانَ فِي تَطَوُّعٍ فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَلَا يَقْضِيهِ.
قَالَ: وَإِنَّ رَبِيعَةَ قَالَ فِيمَنْ أَكَلَ فِي رَمَضَانَ نَاسِيًا: أَنَّهُ يُتِمُّ صَوْمَهُ وَيَقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَحَدَّثَنِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ عَنْ بِشْرِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَأَتَى بِسَوِيقٍ فَأَصَبْنَا مِنْهُ وَحَسَبْنَا أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ غَابَتْ، فَقَالَ الْمُؤَذِّنُ: قَدْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ، فَقَالَ عُمَرُ: فَاقْضُوا يَوْمًا مَكَانَهُ.
قَالَ: وَإِنَّ مَالِكًا حَدَّثَ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ حَدَّثَهُ أَنَّ خَالِدَ بْنَ أَسْلَمَ حَدَّثَهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّهُ أَفْطَرَ يَوْمًا فِي رَمَضَانَ فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ وَرَأَى أَنَّهُ قَدْ أَمْسَى وَقَدْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ، ثُمَّ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ، فَقَالَ عُمَرُ: الْخَطْبُ يَسِيرٌ وَقَدْ اجْتَهَدْنَا.
قَالَ مَالِكٌ: يُرِيدُ بِالْخَطْبِ الْقَضَاءَ.
قال سَحْنُونٌ: وَإِنَّمَا رَأَيْتُ أَنْ يَقْضِيَ الْوَاجِبَ لِمَا حُدِّثْنَا بِهِ، قَالَ وَإِنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ قَالَ فِي رَمَضَانَ مِثْلَهُ.
وَقَالَ فِيمَنْ أَكَلَ وَوَطِئَ نَاسِيًا أَنَّهُ يُتِمُّ صَوْمَهُ وَيَقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ.