فصل: الدَّعْوَى فِي الصَّدَاقِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)



.(فِي صَدَاقِ النَّصْرَانِيَّةِ وَالْيَهُودِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ يُسْلِمْنَ):

فِي صَدَاقِ النَّصْرَانِيَّةِ وَالْيَهُودِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ يُسْلِمْنَ وَيَأْبَى أَزْوَاجُهُنَّ الْإِسْلَامَ:
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فِي الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّة وَالْمَجُوسِيَّةِ تُسْلِمُ وَيَأْبَى زَوْجُهَا الْإِسْلَامَ وَقَدْ أَصْدَقَهَا صَدَاقًا بَعْضُهُ مُقَدَّمٌ وَبَعْضُهُ مُؤَخَّرٌ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا إنَّ صَدَاقَهَا يُدْفَعُ إلَيْهَا جَمِيعُهُ مُقَدَّمُهُ وَمُؤَخَّرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَلَا صَدَاقَ لَهَا لَا مُقَدَّمَ وَلَا مُؤَخَّرَ، وَإِنْ كَانَتْ أَخَذَتْهُ مِنْهُ رَدَّتْهُ إلَيْهِ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهَا.
قَالَ مَالِكٌ: وَهُوَ فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ قَالَ: وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ تُعْتَقُ تَحْتَ الْعَبْدِ وَقَدْ أَصْدَقَهَا صَدَاقًا مُقَدَّمًا وَمُؤَخَّرًا فَتَخْتَارُ نَفْسَهَا: إنَّهَا إنْ كَانَتْ قَدْ دَخَلَ بِهَا دَفَعَ إلَيْهَا جَمِيعَ الصَّدَاقِ مُقَدَّمَهُ وَمُؤَخَّرَهُ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الصَّدَاقِ، وَإِنْ كَانَتْ أَخَذَتْ شَيْئًا رَدَّتْهُ إلَيْهِ وَفُرْقَتُهُ هَذِهِ تَطْلِيقَةٌ قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ أَمَةً مَمْلُوكَةً، ثُمَّ ابْتَاعَهَا مِنْ سَيِّدِهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا لِمَنْ تَرَى الصَّدَاقَ؟
قَالَ: لَا أَرَى لِسَيِّدِهَا الَّذِي بَاعَهَا مِنْ صَدَاقِهَا الَّذِي سُمِّيَ لَهَا قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا إذَا لَمْ يَكُنْ دُخِلَ بِهَا، وَهِيَ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ فَسَخَ نِكَاحَهَا بِبَيْعِهِ إيَّاهَا، فَلَا صَدَاقَ لِلْبَائِعِ عَلَى زَوْجِهَا الْمُبْتَاعِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ هُوَ الَّذِي رَضِيَ بِفَسْخِ النِّكَاحِ حِينَ رَضِيَ بِالْبَيْعِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ زَوْجُهَا قَدْ دَخَلَ بِهَا فِي مِلْكِ الْبَائِعِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الصَّدَاقُ لِسَيِّدِهَا الَّذِي بَاعَهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ بِمَنْزِلَةِ مَالِهَا.
قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَلَوْ أَنَّ جَارِيَةً نِصْفُهَا حُرٌّ وَنِصْفُهَا مَمْلُوكٌ زَوَّجَهَا مَنْ لَهُ الرِّقُّ فِيهَا بِإِذْنِهَا كَيْفَ تَرَى فِي صَدَاقِهَا؟
قَالَ: يُوقَفُ بِيَدِهَا وَلَيْسَ لِسَيِّدِهَا أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهَا وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَالِهَا.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ الْأَمَةِ تُعْتَقَ تَحْتَ الْعَبْدِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا وَقَدْ فَرَضَ لَهَا فَتَخْتَارُ نَفْسَهَا.
قَالَ: لَا نَرَى لَهَا صَدَاقًا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا تَرَكَتْهُ وَلَمْ يَتْرُكْهَا، وَإِنَّمَا قَالَ اللَّهُ: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} فَلَيْسَ هُوَ فَارَقَهَا وَلَكِنْ هِيَ فَارَقَتْهُ بِحَقٍّ لَحِقٍّ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ فَلَا أَرَى لَهَا مِنْ الصَّدَاقِ شَيْئًا وَلَا نَرَى لَهَا مَتَاعًا وَكَانَ الْأَمْرُ إلَيْهَا فِي السُّنَّةِ.
ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ رَبِيعَةَ مِثْلَهُ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مِثْلَهُ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ النَّصْرَانِيَّةِ تُسْلِمُ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا زَوْجُهَا وَقَدْ فَرَضَ لَهَا قَالَ: نَرَى - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ الْإِيمَانَ بَرَّأَهَا مِنْهُ، وَلَا نَرَى لَهَا صَدَاقًا، وَلَهَا أَشْبَاهٌ فِي سُنَنِ الدِّينِ لَا يَكُونُ لِلْمَرْأَةِ فِيهِ صَدَاقٌ: مِنْهُنَّ الْأُخْتُ مِنْ الرَّضَاعَةِ، وَنِكَاحُ الْمَرْأَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ لَا يَحِلُّ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ يُونُسُ: وَقَالَ رَبِيعَةُ: لَا صَدَاقَ لَهَا فِي الْأَمَةِ وَالنَّصْرَانِيَّة.

.صَدَاقُ الْأَمَةِ وَالْمُرْتَدَّةِ وَالْغَارَّةِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ يَتَزَوَّجُ الْأَمَةَ بِإِذْنِ سَيِّدِهَا، ثُمَّ يُعْتِقُهَا سَيِّدُهَا قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَقَدْ فَرَضَ لَهَا الزَّوْجُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا أَعْتَقَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَمَهْرُهَا لِلْأَمَةِ مِثْلُ مَالِهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ السَّيِّدُ فَيَكُونُ لَهُ، وَإِنْ أَعْتَقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا فَهُوَ كَذَلِكَ أَيْضًا، إلَّا أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا فَلَا يَكُونُ لَهَا مِنْ الصَّدَاقِ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ قَدْ كَانَ قَدْ أَخَذَ مِنْ مَهْرِهَا شَيْئًا رَدَّهُ؛ لِأَنَّ فَسْخَ النِّكَاحِ جَاءَ مِنْ قِبَلِ السَّيِّدِ حِينَ أَعْتَقَهَا فَلَا شَيْءَ لِلسَّيِّدِ مِمَّا قَبَضَ مِنْ الصَّدَاقِ إذَا اخْتَارَتْ هِيَ الْفُرْقَةَ وَعَلَى السَّيِّدِ أَنْ يَرُدَّهُ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ تَزَوَّجَهَا حُرٌّ فَبَاعَهَا مِنْهُ سَيِّدُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ الَّذِي بَاعَهَا مِنْ الصَّدَاقِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ فَسَخَ النِّكَاحَ، فَأَرَى إنْ كَانَ قَدْ قَبَضَ مِنْ صَدَاقِهَا شَيْئًا رَدَّهُ.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَ بَاعَهَا مِنْ غَيْرِ زَوْجِهَا فَمَهْرُهَا لِسَيِّدِهَا بَنَى بِهَا زَوْجُهَا أَوْ لَمْ يَبْنِ بِهَا، بِمَنْزِلَةِ مَالِهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْعَبْدِ يَتَزَوَّجُ الْأَمَةَ فَيُسَمِّي لَهَا صَدَاقًا ثُمَّ يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَيَمَسُّهَا ثُمَّ تُعْتَقُ فَتَخْتَارُ نَفْسَهَا فَلَهَا مَا بَقِيَ مِنْ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَلَيْسَ لَهَا الْمَتَاعُ وَلَهَا صَدَاقُهَا كَامِلًا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْأَمَةَ إذَا زَوَّجَهَا سَيِّدُهَا وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا زَوْجُهَا مَهْرًا فَأَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا، أَهِيَ فِي مَهْرِهَا وَاَلَّتِي قَدْ فُرِضَ لَهَا قَبْلَ الْعِتْقِ سَوَاءٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا؛ لِأَنَّ الَّتِي فُرِضَ لَهَا قَبْلَ الْعِتْقِ لَوْ أَنَّ السَّيِّدَ أَخَذَ ذَلِكَ قَبْلَ الْعِتْقِ كَانَ لَهُ وَإِنْ اشْتَرَطَهُ كَانَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ فَهُوَ مَالٌ مِنْ مَالِهَا يَتْبَعُهَا إذَا أُعْتِقَتْ، وَأَمَّا الَّتِي لَمْ يُفْرَضْ لَهَا حَتَّى أُعْتِقَتْ فَهَذِهِ كُلُّ شَيْءٍ يُفْرَضُ لَهَا فَإِنَّمَا هُوَ لَا سَبِيلَ لِلسَّيِّدِ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ دَيْنًا لِلسَّيِّدِ عَلَى الزَّوْجِ، لَوْ هَلَكَ أَوْ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَلَمْ يَكُنْ مَالًا لِلْجَارِيَةِ عَلَى أَحَدٍ لَوْ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا، وَإِنَّمَا يَجِبُ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ وَالدُّخُولِ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ تَطَوَّعَ بِهِ الزَّوْجُ لَمْ يَكُنْ يَلْزَمُهُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَوْ مَاتَ كَذَلِكَ أَيْضًا، فَلَمَّا رَضِيَ بِالدُّخُولِ وَبِالْفَرِيضَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ كَانَ هَذَا شَيْئًا تَطَوَّعَ بِهِ الزَّوْجُ لَمْ يَكُنْ وَجَبَ عَلَيْهِ فِي أَصْلِ النِّكَاحِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ وَهِيَ تَحْتَ عَبْدٍ وَقَدْ كَانَ السَّيِّدُ قَبَضَ صَدَاقَهَا أَوْ اشْتَرَطَهُ فَاخْتَارَتْ الْأَمَةُ نَفْسَهَا؟
قَالَ: يَرُدُّ السَّيِّدُ مَا قَبَضَ مِنْ الْمَهْرِ، وَإِنْ كَانَ اشْتَرَطَهُ بَطَلَ شَرْطُهُ فِي رَأْيِي؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ إذَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ إذَا هِيَ عَتَقَتْ وَهِيَ تَحْتَ عَبْدٍ فَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الصَّدَاقِ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ؛ لِأَنَّ فَسْخَ هَذَا النِّكَاحِ جَاءَ مِنْ قِبَلِ السَّيِّدِ حِينَ أَعْتَقَهَا فَأَرَى أَنْ يَرُدَّ السَّيِّدُ إلَى زَوْجِهَا مَا قَبَضَ مِنْهُ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَخْرَمَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: يُقَالُ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَنْكَحَ وَلِيدَتَهُ ثُمَّ أُصْدِقَتْ صَدَاقًا كَانَ لَهُ صَدَاقُهَا إلَّا مَا يُسْتَحَلُّ بِهِ فَرْجُهَا، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَضَعَ لِزَوْجِهَا بِغَيْرِ أَمْرِهَا مِنْ صَدَاقِهَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ جَائِزًا.
يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ لَيْسَ بِذَلِكَ بَأْسٌ.
مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: نَرَى - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ مَهْرُهَا وَأَنَّهَا أَحَقُّ بِهِ إلَّا أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ سَادَاتُهَا، فَمَنْ احْتَاجَ إلَى مَالِ مَمْلُوكِهِ فَلَا نَرَى عَلَيْهِ حَرَجًا فِي أَخْذِهِ بِالْمَعْرُوفِ وَفِي غَيْرِ ظُلْمٍ، وَلَيْسَ أَحَدٌ بِقَائِلٍ إنَّ مَالَ الْمَمْلُوكِ حَرَامٌ عَلَى سَيِّدِهِ بَعْدَ الَّذِي بَلَغْنَا فِي ذَلِكَ مِنْ قَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ بَلَغْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ».
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ السَّيِّدَ أَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ الزَّوْجَ أَنْ يَبْنِيَ بِأَمَتِهِ حَتَّى يَقْبِضَ صَدَاقَهَا؟
قَالَ: نَعَمْ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُرْتَدَّةَ عَنْ الْإِسْلَامِ إذَا كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تُسْتَتَابَ أَيَكُونُ لَهَا الصَّدَاقُ الَّذِي سَمَّى كَامِلًا؟
قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الْمَجُوسِيِّ إذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا، أَوْ النَّصْرَانِيِّ إذَا أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ وَلَمْ يُسْلِمْ الزَّوْجُ وَقَدْ كَانَ دَخَلَ الْمَجُوسِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ بِامْرَأَتِهِ: إنَّ لَهَا الصَّدَاقَ الَّذِي سَمَّى لَهَا كَامِلًا، وَكَذَلِكَ الْمُرْتَدَّةُ.
قَالَ مَالِكٌ: وَالْمَرْأَةُ تَتَزَوَّجُ فِي عِدَّتِهَا وَالْأَمَةُ تَغُرُّ مِنْ نَفْسِهَا فَتَتَزَوَّجُ وَالرَّجُلُ يُزَوِّجُ أَمَتَهُ بِشَرْطِ أَنَّ مَا وَلَدَتْ فَهُوَ حُرٌّ.
قَالَ مَالِكٌ: فَهَذَا النِّكَاحُ لَا يُقَرُّ عَلَى حَالٍ وَإِنْ دَخَلَ الزَّوْجُ بِالْمَرْأَةِ، وَيَكُونُ لَهَا الْمَهْرُ الَّذِي سَمَّى لَهَا، إلَّا فِي الْأَمَةِ الَّتِي غَرَّتْ مِنْ نَفْسِهَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَأَرَى أَنْ يَكُونَ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا وَتَرُدُّ مَا فَضَلَ وَيُؤْخَذُ مِنْهَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْحُجَّةُ فِي الْأَمَةِ الَّتِي تَغُرُّ مِنْ نَفْسِهَا أَنَّ لَهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَالَ لِسَيِّدِهَا، فَلَيْسَ الَّذِي صَنَعَتْ بِاَلَّذِي يُبْطِلُ مَا وَجَبَ عَلَى الزَّوْجِ لِلسَّيِّدِ - سَيِّدِ الْأَمَةِ - مِنْ حَقِّهِ فِي وَطْئِهَا وَأَنَّ الْحُرَّةَ الَّتِي تَغُرُّ مِنْ نَفْسِهَا إنَّمَا قُلْنَا إنَّ لَهَا قَدْرَ مَا يُسْتَحَلُّ بِهِ فَرْجُهَا؛ لِأَنَّهَا غَرَّتْ مِنْ نَفْسِهَا فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَجُرَّ إلَى نَفْسِهَا هَذَا الصَّدَاقَ لِمَا غَرَّتْ مِنْ نَفْسِهَا، وَكَذَلِكَ سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ.

.فِي التَّفْوِيضِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا وَدَخَلَ بِهَا فَأَرَادَتْ أَنْ يُفْرَضَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا مِنْ مِثْلِهَا مِنْ النِّسَاءِ أُمَّهَاتِهَا وَأَخَوَاتِهَا أَوْ عَمَّاتِهَا أَوْ خَالَاتِهَا أَوْ جَدَّاتِهَا؟
قَالَ: رُبَّمَا كَانَتْ الْأُخْتَانِ مُخْتَلِفَتَيْ الصَّدَاقِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُنْظَرُ فِي هَذَا إلَى نِسَاءِ قَوْمِهَا وَلَكِنْ يُنْظَرُ فِي هَذَا إلَى نِسَائِهَا فِي قَدْرِهَا وَجَمَالِهَا وَمَوْضِعِهَا وَغِنَاهَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْأُخْتَانِ تَفْتَرِقَانِ هَهُنَا فِي الصَّدَاقِ قَدْ تَكُونُ الْأُخْتُ لَهَا الْمَالُ وَالْجَمَالُ وَالشَّطَاطُ وَالْأُخْرَى لَا غِنَى لَهَا وَلَا جَمَالَ فَلَيْسَ هُمَا عِنْدَ النَّاسِ فِي صَدَاقِهِمَا وَتَشَاحِّ النَّاسِ فِيهِمَا سَوَاءٌ.
قَالَ مَالِكٌ: وَقَدْ يُنْظَرُ فِي هَذَا إلَى الرِّجَالِ أَيْضًا، أَلَيْسَ الرَّجُلُ يُزَوِّجُ لِقَرَابَتِهِ وَيَغْتَفِرُ قِلَّةَ ذَاتِ يَدِهِ وَالْآخَرُ أَجْنَبِيٌّ مُيْسِرٌ يَعْلَمُ أَنَّهُ إنَّمَا رَغِبَ فِيهِ لِمَالِهِ فَلَا يَكُونُ صَدَاقُهَا عِنْدَ هَذَيْنِ سَوَاءً قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا فَأَرَادَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ يُفْرَضَ لَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَقَالَ الزَّوْجُ لَا أَفْرِضُ لَكَ إلَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا حَتَّى يَفْرِضَ لَهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا إلَّا أَنْ تَرْضَى مِنْهُ بِدُونِ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ تَرْضَ إلَّا بِصَدَاقِ مِثْلِهَا كَانَ ذَلِكَ لَهَا عَلَيْهِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ فَرَضَ لَهَا بَعْدَ الْعُقْدَةِ فَرِيضَةً تَرَاضَيَا عَلَيْهَا فَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا وَتِلْكَ الْفَرِيضَةُ أَقَلُّ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا أَوْ أَكْثَرُ أَيَكُونُ لَهَا نِصْفُ ذَلِكَ أَوْ نِصْفُ صَدَاقِ مِثْلِهَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا رَضِيَتْ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا نِصْفُ مَا سَمَّى إذَا كَانَتْ قَدْ رَضِيَتْ بِهِ، وَإِنْ مَاتَ كَانَ الَّذِي سَمَّى لَهَا مِنْ الصَّدَاقِ جَمِيعَهُ لَهَا، وَإِنْ مَاتَتْ كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ.
قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ فَالرَّجُلُ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ يَمْرَضُ فَيَفْرِضُ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَقَالَ: لَا فَرِيضَةَ لَهَا إنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ يُصِيبَهَا فِي مَرَضِهِ فَإِنْ أَصَابَهَا فِي مَرَضِهِ فَلَهَا صَدَاقُهَا الَّذِي سَمَّى لَهَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا فَتُرَدُّ إلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا.
قُلْتُ: وَأَبَى مَالِكٌ أَنْ يُجِيزَ فَرِيضَةَ الزَّوْجَ فِي الْمَرَضِ إذَا كَانَ قَدْ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ فَرِيضَةٍ؟
قَالَ: نَعَمْ أَبَى أَنْ يُجِيزَهُ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ بِهَا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الثَّيِّبَ الَّذِي زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا إنْ رَضِيَتْ بِأَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا أَيَجُوزُ هَذَا وَالْوَلِيُّ لَا يَرْضَى؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْوَلِيُّ.
قُلْتُ: وَالْبِكْرُ إذَا زَوَّجَهَا أَبُوهَا أَوْ وَلِيُّهَا فَرَضِيَتْ بِأَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ لَهَا إلَّا أَنْ يَرْضَى الْأَبُ بِذَلِكَ، فَإِنْ رَضِيَ بِذَلِكَ جَازَ عَلَيْهَا وَلَا يُنْظَرُ إلَى رِضَاهَا مَعَ الْأَبِ وَإِنْ كَانَ زَوَّجَهَا غَيْرُ الْأَبِ فَرَضِيَتْ بِأَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا فَلَا أَرَى ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهَا وَلَا لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ لَا قَضَاءَ لَهَا فِي مَالِهَا حَتَّى تَدْخُلَ بَيْتَهَا وَيُعْرَفَ مِنْ حَالِهَا أَنَّهَا مُصْلِحَةٌ فِي مَالِهَا وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ صَدَاقِهَا إلَّا الْأَبُ وَحْدَهُ لَا وَصِيٌّ وَلَا غَيْرُهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لَهَا وَيَكُونُ ذَلِكَ خَيْرًا لَهَا فَيَجُوزُ إذَا رَضِيَتْ مِثْلَ مَا يَعْسُرُ بِالْمَهْرِ وَيَسْأَلُ التَّخْفِيفَ وَيَخَافُ الْوَلِيُّ الْفِرَاقَ وَيَرَى أَنَّ مِثْلَهُ رَغْبَةٌ لَهَا، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ جَازَ، وَأَمَّا مَا كَانَ عَلَى غَيْرِ هَذَا وَلَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لَهَا فَلَا يَجُوزُ وَإِنْ أَجَازَهُ الْوَلِيُّ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا عُقِدَ النِّكَاحُ وَلَمْ يُفْرَضْ لَهَا هَلْ وَجَبَ لَهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ حِينَ عُقِدَ النِّكَاحُ صَدَاقُ مِثْلِهَا أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنَّمَا يَجِبُ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا إذَا بَنَى بِهَا فَأَمَّا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَمْ يَجِبْ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّهَا لَوْ مَاتَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ لَهَا وَقَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ صَدَاقٌ، وَكَذَلِكَ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا أَوْ مَاتَ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ مِنْ الصَّدَاقِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، فَهَذَا يَدُلُّكَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا إلَّا بَعْدَ الْمَسِيسِ إذَا هُوَ لَمْ يُفْرَضْ لَهَا.
قُلْتُ: فَإِنْ تَرَاضَيَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا أَوْ بَعْدَمَا بَنَى بِهَا عَلَى صَدَاقٍ مُسَمًّى؟
قَالَ: إذَا كَانَ الْوَلِيُّ مِمَّنْ يَجُوزُ أَمْرُهُ أَوْ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ يَجُوزُ أَمْرُهَا بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ فَتَرَاضَيَا عَلَى صَدَاقٍ بَعْدَ عُقْدَةِ النِّكَاحِ قَبْلَ الْمَسِيسِ أَوْ بَعْدَ الْمَسِيسِ، فَذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَيَكُونُ صَدَاقُهَا هَذَا الَّذِي تَرَاضَيَا عَلَيْهِ، وَلَا يَكُونُ صَدَاقُهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَلَا تَنْقُصُ الْمُوَلَّى عَلَيْهَا بِأَبٍ أَوْ وَصِيٍّ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا؟
قَالَ: النِّكَاحُ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَيُفْرَضُ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا إنْ دَخَلَ بِهَا وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى صَدَاقٍ، فَلَهَا الْمُتْعَةُ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى صَدَاقٍ، فَلَا مُتْعَةَ لَهَا وَلَا صَدَاقَ وَلَهَا الْمِيرَاثُ.
قُلْتُ: وَلِمَ جَوَّزَتْ هَذَا وَلَمْ تُجَوِّزْ الْهِبَةَ إذَا لَمْ يَكُونُوا سَمَّوْا الْهِبَةَ صَدَاقًا؟
قَالَ: أَمَّا الْهِبَةُ عِنْدَنَا كَأَنَّهُ قَالَ قَدْ زَوَّجْتُكهَا فَلَا صَدَاقَ وَلَهَا الْمِيرَاثُ، فَهَذَا لَا يَصْلُحُ وَلَا يُقَرُّ هَذَا النِّكَاحُ مَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا وَيَثْبُتُ النِّكَاحَ.
سَحْنُونٌ وَقَدْ كَانَ قَالَ: يُفْسَخُ، وَإِنْ دَخَلَ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ امْرَأَةٍ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِرَجُلٍ.
قَالَ: لَا تَحِلُّ هَذِهِ الْهِبَةُ فَإِنَّ اللَّهَ خَصَّ بِهَا نَبِيَّهُ دُونَ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنْ أَصَابَهَا فَعَلَيْهَا الْعُقُوبَةُ وَأَرَاهُمَا قَدْ أَصَابَا مَا لَا يَحِلُّ لَهُمَا، فَنَرَى لَهَا الصَّدَاقَ مِنْ أَجْل مَا يُرَى بِهِمَا مِنْ الْجَهَالَةِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا.
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ يُونُسُ وَقَالَ رَبِيعَةُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَتُعَاضُ وَهَبَتْ نَفْسَهَا أَوْ وَهَبَهَا أَهْلُهَا فَمَسَّهَا.
قُلْتُ: فَإِنْ قَالُوا قَدْ أَنْكَحْنَاكَ فُلَانَة بِغَيْرِ صَدَاقٍ فَدَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا؟
قَالَ: إنْ دَخَلَ بِهَا ثَبَتَ النِّكَاحُ وَكَانَ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَهَذَا رَأْيِي وَاَلَّذِي اسْتَحْسَنْتُ، وَقَدْ بَلَغَنِي ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ وَقَدْ قِيلَ إنَّهُ مَفْسُوخٌ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ الدُّخُولِ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُمْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُمَا قَالَا فِي الَّذِي يَمُوتُ وَلَمْ يَفْرِضْ لِامْرَأَتِهِ أَنَّ لَهَا الْمِيرَاثَ مِنْ زَوْجِهَا وَلَا صَدَاقَ لَهَا،
وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْقَاسِمِ وَسَالِمٍ وَابْنِ شِهَابٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَيَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ وَرَبِيعَةَ وَعَطَاءٍ بِمِثْلِ ذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ شِهَابٍ وَرَبِيعَةَ وَغَيْرِهِمْ: وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا.
ابْنُ وَهْبٍ ذَكَر حَدِيثَ الْقَاسِمِ وَسَالِمٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ بْنِ وَهْبٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ وَاسْتُفْتِيَ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَفُوِّضَ إلَيْهِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ شَيْئًا فَمَاتَ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا وَمَسَّهَا.
قَالَ: لَهَا الصَّدَاقُ مِثْلَ الْمَرْأَةِ مِنْ نِسَائِهَا.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ رَبِيعَةَ قَالَ: إنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا مِثْلُ صَدَاقِ بَعْضِ نِسَائِهَا وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَهَا الْمِيرَاثُ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ: إذَا دَخَلَ بِهَا فَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْفَرِيضَةُ.
قَالَ: فَإِنْ طَلَّقَهَا وَقَدْ بَنَى بِهَا؟
قَالَ: يَجْتَهِدُ عَلَيْهِ الْإِمَامُ بِقَدْرِ مَنْزِلَتِهِ وَحَالَتِهِ فِيمَا فُوِّضَ إلَيْهِ.

.الدَّعْوَى فِي الصَّدَاقِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا، وَاخْتَلَفَا فِي الصَّدَاقِ، فَقَالَ الزَّوْجُ تَزَوَّجْتُكِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ بَلْ تَزَوَّجْتَنِي بِعَشْرَةِ آلَافٍ؟
قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ وَيَحْلِفُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ الْمَرْأَةَ وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا؛ لِأَنَّ مَالِكًا سُئِلَ عَنْ الزَّوْجِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ، فَهَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَجَاءَ أَوْلِيَاؤُهَا يَطْلُبُونَ الزَّوْجَ بِالصَّدَاقِ وَقَالَ الزَّوْجُ لَمْ أُصْدِقْهَا شَيْئًا وَلَمْ تُثْبِتْ الْبَيِّنَةُ مَا تَزَوَّجَهَا عَلَيْهِ لَا يَدْرُونَ تَزَوَّجَهَا بِصَدَاقٍ أَوْ بِتَفْوِيضٍ.
قَالَ: يَحْلِفُ الزَّوْجُ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَلَهُ الْمِيرَاثُ وَعَلَى أَهْلِ الْمَرْأَةِ الْبَيِّنَةُ عَلَى مَا ادَّعَوْا مِنْ الصَّدَاقِ، فَأَرَى فِي مَسْأَلَتِكَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ فِيمَا ادَّعَى وَيُحَلِّفُهُ فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَتْ وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْت إنْ اخْتَلَفَا وَلَمْ يُطَلِّقْهَا وَذَلِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا، فَقَالَتْ تَزَوَّجْتَنِي عَلَى أَلْفَيْنِ وَقَالَ الزَّوْجُ تَزَوَّجْتُكِ عَلَى أَلْفٍ؟
قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ وَالزَّوْجُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَنْ يُعْطِيَ مَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ وَإِلَّا تَحَالَفَا وَفُسِخَ النِّكَاحُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ مِنْ الصَّدَاقِ.
قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْتُ: فَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَمَا دَخَلَ عَلَيْهَا وَلَمْ يُطَلِّقْهَا فَادَّعَتْ أَلْفَيْنِ وَقَالَ الزَّوْجُ تَزَوَّجْتُكِ عَلَى أَلْفٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لِأَنَّهَا قَدْ أَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فَدَخَلَ بِهَا فَادَّعَتْ أَنَّهَا لَمْ تَقْبِضْ مِنْ الْمَهْرِ شَيْئًا، وَقَالَ الزَّوْجُ قَدْ دَفَعْت إلَيْكِ جَمِيعَ الصَّدَاقِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَيْسَ يَكْتُبُ النَّاسُ فِي الصَّدَاقِ الْبَرَاوَاتِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانُوا شَرَطُوا عَلَى الزَّوْجِ فِي الصَّدَاقِ بَعْضَهُ مُعَجَّلًا وَبَعْضَهُ مُؤَجَّلًا، فَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ فَادَّعَى أَنَّهُ قَدْ دَفَعَ إلَيْهَا الْمُعَجَّلَ وَالْمُؤَجَّلَ، وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ قَبَضْتُ الْمُعَجَّلَ وَلَمْ أَقْبِضْ الْمُؤَجَّلَ.
قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِنَقْدِ مِائَةِ دِينَارٍ وَخَادِمٍ إلَى سَنَةٍ، فَنَقَدَهَا الْمِائَةَ فَشَغَلَتْ فِي جِهَازِهَا وَأَبْطَأَ الزَّوْجُ عَنْ دُخُولِهَا فَدَخَلَ بِهَا بَعْد السَّنَةِ مِنْ يَوْمِ تَزَوَّجَهَا، ثُمَّ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يُعْطِهَا خَادِمًا وَقَالَ الزَّوْجُ قَدْ أَعْطَيْتهَا الْخَادِمَ؟
قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ فِي الصَّدَاقِ الْمُعَجَّلِ وَالْمُؤَجَّلِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ مَاتَ الزَّوْجُ فَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنَّهَا لَمْ تَقْبِضْ الصَّدَاقَ؟
قَالَ مَالِكٌ: لَا شَيْءَ لَهَا إذَا كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا؟
قَالَ: فَالصَّدَاقُ لَهَا وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ مَاتَا جَمِيعًا الزَّوْجُ وَالْمَرْأَةُ وَلَمْ يَدْخُلْ الزَّوْجُ بِالْمَرْأَةِ، فَادَّعَى وَرَثَةُ الزَّوْجِ أَنَّ الزَّوْجَ قَدْ دَفَعَ الصَّدَاقَ، وَقَالَ وَرَثَةُ الْمَرْأَةِ إنَّ أُمَّنَا لَمْ تَقْبِضْ شَيْئًا؟
قَالَ: أَرَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ وَرَثَةِ الْمَرْأَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الزَّوْجِ؟
قُلْت: فَإِنْ قَالَ وَرَثَةُ الزَّوْجِ قَدْ دَفَعَ صَدَاقَهَا أَوْ قَالُوا: لَا عِلْمَ لَنَا، وَقَدْ كَانَ الزَّوْجُ دَخَلَ بِالْمَرْأَةِ وَقَالَ وَرَثَةُ الْمَرْأَةِ لَمْ تَقْبِضْ صَدَاقَهَا؟
قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَى وَرَثَةِ الزَّوْجِ، فَإِنْ ادَّعَى وَرَثَةُ الْمَرْأَةِ أَنَّ وَرَثَةَ الزَّوْجِ قَدْ عَلِمُوا أَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَدْفَعْ الصَّدَاقَ أُحْلِفُوا عَلَى أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَدْفَعْ الصَّدَاقَ، وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ الْيَمِينُ إلَّا فِي هَذَا الْوَجْهِ الَّذِي أَخْبَرْتُكَ، وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ غَائِبٌ أَوْ أَحَدٌ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ يَمِينٌ وَهَذَا رَأْيِي.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا فَاخْتَلَفَا فِي الصَّدَاقِ فَقَالَ الزَّوْجُ فَرَضْتُ لَكِ أَلْفًا وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ بَلْ فَرَضْتَ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ؟
قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَالْمَرْأَةُ فِي الصَّدَاقِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا وَنَسِيَ الشُّهُودُ تَسْمِيَةَ الصَّدَاقِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَرْأَةِ، فَإِنْ أَحَبَّ الزَّوْجُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهَا مَا قَالَتْ وَإِلَّا حَلَفَ وَسَقَطَ عَنْهُ مَا قَالَتْ وَفُسِخَ النِّكَاحُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ بَنَى فَاخْتَلَفَا بَعْدَ الْبِنَاءِ لَمْ يَكُنْ لَهَا إلَّا مَا أَقَرَّ بِهِ الزَّوْجُ وَيَحْلِفُ الزَّوْجُ عَلَى مَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَمَّا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَ الْبِنَاءِ إذَا اخْتَلَفَا فِي الصَّدَاقِ فَقَوْلُ مَالِكٍ هُوَ الَّذِي فَسَّرْتُ لَكَ.
سَحْنُونٌ وَأَصْلُ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إذَا اخْتَلَفَ الْبَيِّعَانِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ» وَقَالَ أَيْضًا: «إذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُبْتَاعُ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ وَيَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ» فَهَكَذَا الْمَرْأَةُ وَزَوْجُهَا إذَا اخْتَلَفَا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهَا بَائِعَةٌ لِنَفْسِهَا وَالزَّوْجُ الْمُبْتَاعُ، وَإِنْ فَاتَ أَمْرُهَا بِالدُّخُولِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ لِأَنَّهُ فَاتَ أَمْرُهَا بِقَبْضِهِ لَهَا فَهِيَ مُدَّعِيَةٌ وَهُوَ مُقِرٌّ لَهَا بِدَيْنٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَاخْتَلَفَا، فَهِيَ الطَّالِبَةُ لَهُ فَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا يُقِرُّ بِهِ وَيَحْلِفُ.

.فِي النِّكَاحِ الَّذِي لَا يَجُوزُ صَدَاقُهُ وَطَلَاقُهُ وَمِيرَاثُهُ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ لَهَا دَارَ فُلَانٍ أَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى دَارِ فُلَانٍ؟
قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي هَذَا النِّكَاحُ وَلَا أَرَاهُ جَائِزًا وَأَرَى أَنْ يُفْسَخَ النِّكَاحُ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَرَضَ لَهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا وَجَازَ النِّكَاحُ، وَذَلِكَ أَنِّي سَمِعْتُ مَالِكًا وَسُئِلَ عَنْ الْمَرْأَةِ تَتَزَوَّجُ بِالدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ الْغَائِبَةِ أَوْ الْعَبْدِ الْغَائِبِ.
قَالَ: إنْ كَانَ وُصِفَ لَهَا ذَلِكَ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُوصَفْ لَهَا ذَلِكَ فُسِخَ النِّكَاحُ إنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا أُعْطِيت صَدَاقَ مِثْلِهَا وَلَمْ يُفْسَخْ النِّكَاحُ، فَمَسْأَلَتُكَ عِنْدِي مِثْلُ هَذَا وَأَرَى أَيْضًا هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَزَوَّجَ عَلَى بَعِيرٍ شَارِدٍ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْبَعِيرِ الشَّارِدِ أَوْ الثَّمَرَةِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا إنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ، وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا، فَالدَّارُ الَّتِي سَأَلْتَ عَنْهَا مِنْ الْغَرَرِ لَا يَدْرِي مَا يَبْلُغُ ثَمَنُهَا وَلَا يَدْرِي إمَّا تُبَاعُ مِنْهُ أَمْ لَا فَقَدْ وَقَعَتْ الْعُقْدَةُ عَلَى الْغَرَرِ فَتُحْمَلُ مَحْمَلَ مَا وَصَفْتُ لَكَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْبَعِيرِ وَالثَّمَرَةِ، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَعَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وَهْب رَجُلٌ ابْنَتَهُ لِرَجُلٍ وَهِيَ صَغِيرَةٌ أَتَجْعَلُهُ نِكَاحًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْهِبَةُ لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَتْ هِبَتُهُ إيَّاهَا لَيْسَ عَلَى نِكَاحٍ إنَّمَا وَهَبَهَا لَهُ لِيَحْضُنَهَا أَوْ لِيَكْفُلَهَا فَلَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَا أَرَى لِأُمِّهَا فِي ذَلِكَ قَوْلًا إذَا كَانَ إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ، مِثْلُ الرَّجُلِ الْفَقِيرِ الْمُحْتَاجِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وَهْب ابْنَتَهُ لِرَجُلٍ بِصَدَاقِ كَذَا وَكَذَا أَتُبْطِلُ هَذَا أَمْ تَجْعَلُهُ نِكَاحًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا وَلَكِنَّهُ إذَا كَانَ بِصَدَاقٍ فَهَذَا نِكَاحٌ إذَا كَانَ إنَّمَا أَرَادَ بِالْهِبَةِ وَجْهَ النِّكَاحِ وَسَمَّوْا الصَّدَاقَ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ الْمُسَيِّبِ عَنْ رَجُلٍ بُشِّرَ بِجَارِيَةٍ فَكَرِهَهَا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ هَبْهَا لِي فَوَهَبَهَا لَهُ، قَالَ سَعِيدٌ لَمْ تَحِلَّ الْهِبَةُ لِأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَوْ أَصْدَقَهَا حَلَّتْ لَهُ، قَالَ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يَهَبُ السِّلْعَةَ لِلرَّجُلِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ كَذَا وَكَذَا.
قَالَ مَالِكٌ: فَهَذَا بَيْعٌ، فَأَرَى الْهِبَةَ بِالصَّدَاقِ مِثْلَ الْبَيْعِ وَإِنَّمَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ الْهِبَةُ بِلَا صَدَاقٍ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى حُكْمِهِ أَوْ عَلَى حُكْمِهَا أَوْ عَلَى حُكْمِ فُلَانٍ؟
قَالَ: أَرَى أَنْ يَثْبُتَ النِّكَاحُ فَإِنْ رَضِيَ بِمَا حَكَمَتْ أَوْ رَضِيَتْ بِمَا حَكَمَ أَوْ رَضِيَا جَمِيعًا بِمَا حَكَمَ فُلَانٌ جَازَ النِّكَاحُ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ شَيْءٌ، بِمَنْزِلَةِ التَّفْوِيضِ إذَا لَمْ يُفْرَضْ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا وَأَبَتْ أَنْ تَقْبَلَهُ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ شَيْءٌ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَدْ كُنْتُ أَكْرَهُهُ حَتَّى سَمِعْتُ مَنْ أَثِقُ بِهِ يَذْكُرُهُ عَنْ مَالِكٍ، فَأَخَذْتُ بِهِ وَتَرَكْتُ رَأْيِي فِيهِ.
قُلْتُ: أَيُّ شَيْءٍ التَّفْوِيضُ أَوْ أَيُّ شَيْءٍ الْحُكْمُ؟
قَالَ: التَّفْوِيضُ مَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} فَهَذَا نِكَاحٌ بِغَيْرِ صَدَاقٍ وَهَذَا التَّفْوِيضُ فِيمَا قَالَ لَنَا مَالِكٌ.
قُلْتُ: وَإِذَا تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ صَدَاقٍ، أَيَكُونُ لِلزَّوْجِ أَنْ يُقْرِضَ لَهَا أَدْنَى مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا؟
قَالَ: لَا.
قُلْتُ: فَلَا أَرَى هَذَا إذًا تَفْوِيضًا.
قَالَ: إنَّمَا التَّفْوِيضُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يَقُولُوا قَدْ أَنْكَحْنَاكَ وَلَا يُسَمُّوا الصَّدَاقَ فَيَكُونُ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا إنْ بَنَى بِهَا إلَّا أَنْ يَتَرَاضَوْا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَيَكُونُ صَدَاقُهَا مَا تَرْضَوْا عَلَيْهِ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ، وَأَمَّا عَلَى حُكْمِهِ أَوْ عَلَى حُكْمِهَا أَوْ حُكْمِ فُلَانٍ فَقَدْ أَخْبَرْتُكَ فِيهِ بِرَأْيِي وَمَا بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ وَلَسْتُ أَرَى بِهِ بَأْسًا.
قَالَ سَحْنُونٌ وَقَالَ غَيْرُهُ مَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَوَّلَ قَوْلِهِ لَا يَجُوزُ وَيُفْسَخُ مَا لَمْ يَفُتْ بِدُخُولٍ؛ لِأَنَّهُمَا خَرَجَا مِنْ حَدِّ التَّفْوِيضِ وَالرِّضَا مِنْ الْمَرْأَةِ بِمَا فَوَّضَتْ إلَى الزَّوْجِ، وَهُوَ الَّذِي جَوَّزَهُ الْقُرْآنُ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ هُوَ النَّاكِحُ الْمُفْرِضُ، فَإِذَا زَالَ عَنْ الْوَجْهِ الَّذِي أُجِيزَ بِهِ صَارَ إلَى أَنَّهُ عَقَدَ النِّكَاحَ بِالصَّدَاقِ الْغَرَرِ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَإِنْ فَاتَتْ بِالدُّخُولِ أُعْطِيت صَدَاقَ مِثْلِهَا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى حُكْمِهَا فَدَخَلَ بِهَا أَتُقِرُّهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا وَتَجْعَلُ لَهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ أُقِرُّهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا وَيَكُونُ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا إذَا بَنَى بِهَا وَإِنْ كَانَ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَقَدْ أَخْبَرْتُكَ فِيهَا بِرَأْيِي وَمَا بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى حُكْمِ فُلَانٍ أَوْ عَلَى حُكْمِهِ أَوْ بِمَنْ رَضِيَ حُكْمَهُ أَوْ عَلَى حُكْمِ أَبِيهَا؟
قَالَ: مَا سَمِعْتُ فِيهِ مِنْ مَالِكٍ شَيْئًا وَأَرَى هَذَا يَجُوزُ وَيَثْبُتُ النِّكَاحُ وَتُوقَفُ الْمَرْأَةُ فِيمَا حَكَمَتْ أَوْ بِمِنْ رَضِيَ حُكْمَهُ، فَإِنْ رَضِيَ بِذَلِكَ الزَّوْجُ جَازَ النِّكَاحُ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ مِنْ الصَّدَاقِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُفَوَّضَ إلَيْهِ إنْ لَمْ يُعْطِ صَدَاقَ مِثْلِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ النِّكَاحُ، فَهُوَ مَرَّةً يَلْزَمُهَا إنْ أَعْطَاهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا وَمَرَّةً لَا يَلْزَمُهَا إنْ قَصَّرَ عَنْهُ وَهَذَا مِثْلُهُ عِنْدِي، وَقَدْ سَمِعْتُ بَعْضَ مَنْ أَثِقُ بِهِ يَأْثُرُهُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ أَجَازَهُ عَلَى مَا فَسَّرْتُ لَكَ.
قَالَ سَحْنُونٌ وَهَذَا مِمَّا وَصَفْتُ لَكَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ كُلَّ نِكَاحٍ كَانَ الْمَهْرُ فِيهِ غَرَرًا لَا يُصْلَحُ إنْ أُدْرِكَ قَبْلَ أَنْ يَبْتَنِيَ بِهَا فَرَّقْتَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الزَّوْجِ مِنْ الصَّدَاقِ الَّذِي سَمَّى وَلَا مِنْ الْمُتْعَةِ شَيْءٌ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا جَعَلْتَ النِّكَاحَ ثَابِتًا وَجَعَلْتَ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا؟
قَالَ: نَعَمْ، إذَا كَانَ إنَّمَا جَاءَ الْفَسَادُ مِنْ قِبَلِ الصَّدَاقِ الَّذِي سَمَّوْا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى مَا لَا يَحِلُّ مِثْلَ الْبَعِيرِ الشَّارِدِ وَنَحْوُهُ فَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا أَيَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا أُدْرِكَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فُسِخَ النِّكَاحُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَرَى أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ قَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ النَّاسُ.
قَالَ سَحْنُونٌ وَهَذَا قَدْ بَيَّنْته فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ، إنَّ كُلَّ نِكَاحٍ يُفْسَخُ بِالْغَلَبَةِ فَهُوَ فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ فَلَا مِيرَاثَ فِيهِ.
قُلْتُ: فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا أَتَكُونُ عَلَيْهِ الْمُتْعَةُ؟
قَالَ: لَا مُتْعَةَ عَلَيْهِ فِي رَأْيِي لِأَنَّهُ نِكَاحٌ يُفْسَخُ قُلْتُ: أَرَأَيْت أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ الْوَلِيُّ بِذَلِكَ النِّكَاحِ أَيَتَوَارَثَانِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِهِ السَّاعَةَ إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَدْ كَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ لَا يُقَامَ عَلَيْهِ حَتَّى يَبْتَدِئَا نِكَاحًا جَدِيدًا، وَلَمْ يَكُنْ يُحَقِّقُ فَسَادَهُ فَأَرَى الْمِيرَاثَ بَيْنَهُمَا.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ الَّذِي تَزَوَّجَ بِثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ إنْ مَاتَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا أَيَتَوَارَثَانِ؟
قَالَ: نَعَمْ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ لِأَنَّهُ إذَا دَخَلَ بِهَا ثَبَتَ نِكَاحُهَا بِعُقْدَةِ النِّكَاحِ الَّتِي تَزَوَّجَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ حَتَّى يُفْسَخَ إنْ أُدْرِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَكَذَلِكَ بَلَغَنِي عَمَّنْ أَثِقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يُفْسَخَ نِكَاحُهُ لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ وَبَلَغَنِي عَنْهُ مِمَّنْ أَثِقُ: أَنْ أَنْظُرَ إلَى كُلِّ نِكَاحٍ إذَا دَخَلَ بِهَا فِيهِ لَمْ يُفْسَخْ، فَإِنَّ الْمِيرَاثَ وَالطَّلَاقَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا، وَكُلُّ نِكَاحٍ لَا يُقَرُّ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا لِتَحْرِيمِهِ فَإِنَّهُ لَا طَلَاقَ فِيهِ وَلَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَكَذَلِكَ سَمِعْتُ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فِي الَّتِي تَتَزَوَّجُ بِثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا إنْ دَخَلَ بِهَا أُعْطِيت صَدَاقَ مِثْلِهَا وَإِنْ لَمْ يُفْسَخْ النِّكَاحُ وَاَلَّتِي تَتَزَوَّجُ بِغَيْرِ وَلِيٍّ كَانَ مَالِكٌ يَغْمِزُهُ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا وَيُحِبُّ أَنْ يَبْتَدِئَا فِيهِ النِّكَاحُ، فَإِذَا قِيلَ لَهُ أَتَرَى أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا إذَا رَضِيَ الْوَلِيُّ فَيَقِفُ عَنْ ذَلِكَ وَيَجْبُنُ عَنْهُ وَلَا يَمْضِي فِي فِرَاقِهِ فَمِنْ هُنَالِكَ رَأَيْتُ لَهَا الْمِيرَاثَ، أَلَا تَرَى أَنَّ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا إنْ أَجَازَهُ الْوَلِيُّ جَازَ النِّكَاحُ، وَأَنَّ الَّتِي تَزَوَّجَتْ بِثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا إنَّمَا رَأَيْتُ لَهَا الْمِيرَاثَ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ نِكَاحٌ إنْ دَخَلَ بِهَا ثَبَتَ، وَهُوَ أَمْرٌ قَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْفَسْخِ وَالثَّبَاتِ، فَأَرَاهُ نِكَاحًا أَبَدًا يَتَوَارَثَانِ حَتَّى يُفْسَخَ لِمَا جَاءَ فِيهِ مِنْ الِاخْتِلَافِ، وَكُلُّ مَا كَانَ فِيهِ اخْتِلَافٌ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ مِمَّا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ، فَإِنَّ الْمِيرَاثَ فِيهِ حَتَّى يَفْسَخَهُ مَنْ رَأَى فَسْخَهُ، أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ قَاضِيًا مِمَّنْ يَرَى رَأْيَ أَهْلِ الشَّرْقِ أَجَازَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا وَفُرِضَ عَلَيْهِ صَدَاقُ مِثْلِهَا، ثُمَّ جَاءَ قَاضٍ مِمَّنْ يَرَى فَسْخَهُ وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا لَمْ يَفْسَخْهُ لِمَا حَكَمَ فِيهِ مَنْ رَأَى خِلَافَهُ، فَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَجَازَ لِمَنْ جَاءَ بَعْدَهُ فَسْخُهُ، فَمِنْ هُنَالِكَ رَأَيْتُ الْمِيرَاثَ بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الَّتِي تَزَوَّجَتْ بِثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ إنْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ عَلَى مَالٍ، أَيَجُوزُ لِلزَّوْجِ مَا أَخَذَ مِنْهَا أَمْ يَكُونُ مَرْدُودًا؟
قَالَ: أَرَى ذَلِكَ جَائِزًا لَهُ، وَلَا أَرَى أَنْ يَرُدَّ مَا أَخَذَ، وَقَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّ كُلَّ مَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ إذَا كَانَ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا فِيهِ وَالطَّلَاقُ يَلْزَمُهُ فِيهِ، فَأَرَى فِيهِ الْخُلْعَ جَائِزًا وَلَوْ رَأَيْتُ الْخُلْعَ فِيهِ جَائِزًا مَا أَجَزْتُ الطَّلَاقَ فِيهِ، قَالَ سَحْنُونٌ وَقَدْ كَانَ قَالَ لِي ابْنُ الْقَاسِمِ: كُلُّ نِكَاحٍ كَانَا مَغْلُوبَيْنِ عَلَى فَسْخِهِ فَالْخُلْعُ فِيهِ مَرْدُودٌ، وَيَرُدُّ عَلَيْهَا مَا أَخَذَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْخُذُ مَالَهَا إلَّا بِمَا يَجُوزُ لَهُ إرْسَالُهُ مِنْ يَدِهِ وَهُوَ لَمْ يُرْسِلْ مِنْ يَدِهِ إلَّا مَا هِيَ أَمْلَكُ بِهِ مِنْهُ.